|
الملتقى العام ملتقى عام يهتم بكافة المواضيع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() فقه المواطنة بين الأصول التاريخية وهدي الإسلام في الستينيات من القرن الماضي سادت الثقافة والفكرالاشتراكي في مصر ومعظم المنطقة العربية وخرج علينا من يطبلون للنظام ويمهدون له بفرشة "إسلامية " ، فكتبوا عن "الاشتراكية في الإسلام – اشتراكية محمد صلى الله عليه وسلم –الزكاة مبدأ اشتراكي- الإسلام وتحالف قوى الشعب العاملة " ... وفسرواحديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( لا فرق لعربي على أعجمي إلا بالتقوى) ،: على أنهذا الفرق هو حبك وانتماؤك للوطن والدولة وإيمانك بالفكر الاشتراكي ،وتغنى المطربونوالمنشدون "الاشتراكيون أنت إمامهم " .... ذهبت هذه الفترة إلى غير رجعة ،وسقطت دولتها العظمى ( الاتحاد السوفيتي ) وسقط زعماؤها وأذنابها في عالمنا غيرمأسوف عليها ، ثم انفردت أمريكا بزعامةالعالم وطرحت فكرها ومبادئها أو قلفرضته تحت شعار من لم يكن معنا فهو ضدنافكانت ثقافة العولمة بكل ما تحمل منسمات الغرب العقائدية حيث اصطفت في منظومة واحدة لا ينفرط عقدها ، ثم جاءت "المواطنة" كأحد المفاهيم الأساسية في تلك السلسلة التي لا يمكن فهمها وتطبيقها إلامن خلال نسق متكامل تعمل من خلاله بدءا بمفهوم الديمقراطية والليبرالية ومرورا بمفهوم الدولة المدنية والتعددية الحزبية وإنتهاءً بالدولة القومية وغيرها من المصطلحات الدالة على النظام السياسي الغربي . في هذه الأيام يتردد لفظ "المواطنة" على ألسنة الساسة والمهتمين بالعمل السياسي ودعاة العلمانية والعولمةوأنصار النهج الغربي بوجه عام ؛ ولا غضاضة في هذا ولا عجب، حتى وإن ادعى هؤلاء أنه لا يتعارض مع الإسلام ، أو أن الإسلام قد عمل به وأسسه، بل العجب كل العجب أن ينبري بعض الشيوخ وعلماء الشريعة لإثبات أنه مبدأ إسلامي أصيل وأن مضمون هذا المفهوم مماثل لما جاء به الشرع الحنيف! والأدهى من ذلك أن السيناريو نفسه يتكرر كما حدث في الستينيات مع الاشتراكية؛هناك من كتب عن "المواطنة في الإسلام" ، و"المواطنةعند رسول الله"،و"المواطنة في الشريعة الإسلامية "، و"المواطنة مبدأ إسلامي أصيل" و" مبدأ المواطنة أهم دروس الهجرة"... وهناك من استدل بآيات قرآنية وتفسيرات حاولأن يلوي فيها أعناق الآيات لكي تعبر عن مفهوم المواطنة الغربي مؤكدا تطابقها مع تفسيرات القرآن! فهل عادت أيام الاشتراكية من جديد ؟ وهل عاد الذين يجيدوا تفصيلالإسلام على المقاسات والموديلات مهما اختلفت أنواع القماش وأحجام وأوزان الناس؟تعالوا معي نتفهم معنى المواطنة في دولة المنشأ لنعرف إن كانت تصلح كمبدأإسلامي أم لا.. يعرف قاموس المصطلحات السياسية "المواطنة"بأنها : مكانة أو علاقة اجتماعية تقوم بين شخص طبيعي ، وبين مجتمع سياسي (الدولة) ، ومن خلال هذه العلاقةيقدم الطرف الأول الولاء ، ويتولى الطرف الثاني الحماية ، وتتحدد هذه العلاقة بينالشخص والدولة بالمساواة أمام القانون "الوضعي" في ظل هيمنة الدولةالقومية. ويعبر مفهوم المواطنة بمعناه الحديث عن تطور شديد التعقيد صاغته أوروباالغربيةفي القرن التاسع عشر خلال عمليات تاريخية واجتماعية وسياسية تم فيهاالانتقال من الحق الإلهي المقدس إلى حق المواطن ، ومن هيمنة الكنيسة إلى هيمنةالدولة ، وتحولا لانتماء العرقي أو الديني إلى انتماء لمجتمع مدني سياسي يعتمدعلى الإدارة العقلانية". والمواطنة كمفردة من مفردات النظام السياسي الغربي – الذي إنتشر في أوروبا ومنها إلى أمريكا ثم بقية أنحاء العالم بعد ذلك – ترتكز على مجموعة عناصر أساسية أهمها : 1- إحلال مفهوم عبادة الدولة بديلا عن موضوع عبادةالإله. 2- إعلاء وتقديم الولاء للدولة على أي ولاء آخر حتى ولو كان الدين . 3- إحلال الرابطة القومية محل الرابطة الدينية كأساس لتجانس الجماعةالسياسية 4- تحويل الفرد من مقولة دينية إلى مقولة سياسية . 5- فصل العلاقةالسياسية عن العلاقة الدينية . 6- صبغ الوجود الديني بطابع النسبيةوالذاتية. 7- إخضاع التعامل السياسي للمنطق الفردي المطلق. 8- رفض القيم والأخلاق الكاثوليكية في ملية بناء الدولة أو رسم السياسة العامة . 9- رفض تدخل رجال الدين في كل ما له صلة بالسلطة الزمنية 10- إطلاق التسامح الديني، وحريةالاعتقاد طالما أنه لن يتدخل في شئون الحكم. 11- الحرية هي القيمة العليا التي تعلو على سائر القيم بما فيها حرية الارتداد عن الدين. 12- تأكيد الكيان المستقل للفرد. 13- إعلاء العقل على اللاهوت. هذه العناصر تظهر بوضوح الحل الذي وضعه الأوروبيون لإشكالية العلاقة بين الدين والدولة من خلال "المواطنة " وفكرة الدولةالقومية ، وهو الحل الذي شكل الأساس الذي قامت عليه ظاهرة الدولة القومية التي خلقها الأوروبيون أنفسهم كأداة للتخلص من طغيان السلطة الدينية وتجاوزات الكنيسةالكاثوليكية الغربية ، ولذلك فقد قامت الدولة القومية على مبدأ الفصل بين الدين والدولة بمعنى عدم توظيف الدين في خدمة السياسة وعدم توظيف السياسة في خدمة الدين ،ورفض تدخل المؤسسات الدينية في كل ماله صلة بالعلاقة بين المواطن والدولة، وجعل نشاط القوى الدينية قاصرا على الجوانب الروحية دون الحياة السياسية ، وتخليص النشاطالديني من الدوافع والمطالب السياسية . لقد آثرت أن أرجع إلى الأصول التاريخيةللمواطنة قبل أن أتعرض لتطبيقاتها في عصرنا الحالي حتى أوضح موقفها من الدين قديماثم أقارنه بما هى عليه حديثا لان هذا المعنى للمواطنة قد تغير فأصبح ظاهره عدمالتمييز الديني لكن باطنه التحيز الديني أو المذهبي للأغلبية الحاكمة، كما يحدث معالأحزاب الديمقراطية المسيحية في أمريكا وفي الحكومات الأوروبية. فعلى الرغم من هذا الفصل المعلن بين الدين والدولة في النظم العلمانية القائمة على المواطنة ، إلاأن الدين في وقتنا الحاضر يلعب دورا كبيرا في الأنظمة العلمانية المعاصرة وأكبرمثال على ذلك النظام العلماني في إسرائيل والنظام العلماني في الهند، فالإطارالعلماني - القائم على الديمقراطية والانتخاب الحر والأحزاب والمواطنة والقوميةوغيرها من مفاهيم النظام السياسي العلماني بشعاراته البراقة والمزيفة - هو السائدلكنه يحمل بين طياته التمييز الديني أو المذهبي ؛ فاليهود مواطنون من الدرجة الأولى في دولتهم يتميزون في الحقوق والواجبات والمخصصات عن غيرهم من المسلمين و النصارى وبقية الأديان ويظهر هذا بوضوح في القوانين الحاكمة للسياسة و المجتمع فضلا عن المكانة الطبقية لليهود التي تتجلى في الممارسات اليومية الحياتية داخل الدولة . اما الهند فهي تتباهى بأن نظامها علماني قائم على المساواة بين مواطنيهاوالحقيقة عكس ذلك ، فالهندوس أتباع الديانة الغالبة فيها لهم كل الامتيازات والمخصصات والسيادة على مقاليد الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية فضلا عن التشريعات والقوانين التي لا تعبر إلا عن عقيدتهم ولا تنتصر إلا لدينهم ولا تغلبإلا فكرهم .. فالمواطنة كمبدأ سياسي لا تعمل بعيدا عن النظرية السياسية الغربيةالتي صاغتها، ولايمكن أن تقطع من سياقها ليتم تفعيلها في نظام آخر مختلف عقائدياواجتماعيا وتاريخيا ، فالنظام السياسي الإسلامي يقوم على مجموعة مبادئ تعمل معالتحقيق مبادئ الإسلام وهديه من خلال منظومة من الآليات مثل : الإمامة – أهل الحل والعقد – الشورى – الخلافة –إلخ... والتميز فيها يكون للمسلم فلا يستوي المؤمنون والكافرون، وإذا كان معيار التفضيل هو التقوى كما في الحديث (لا فرق لعربي على أعجمي إلا بالتقوى ) فإن هذه التقوى معناها الإسلام والإيمان والإخلاص ، وهذا ليسمعناه ظلم المخالفين في العقيدة لكنهم في ظل الدولة الإسلامية يتعاملون من خلالالعهود والمواثيق التي تحفظ لهم حقوقهم وتحفظ للدولة الإسلامية ما تفرضه عليهم منواجبات . تحت عنوان ( فقه المواطنة ) ، يكتب أحد المحسوبين على العلم الشرعي– وكأن المواطنة بابا من أبواب الفقه- عن مصطلح "أهل الذمة " فيلبس على الناس ويزعم أن القصد كان" ذمة الله " أي أن أهل الكتاب هم في ذمة الله من ناحية الحكم عليهم وأن مسالة الجزية قد انتهت تاريخيا وليس المعني أن لهم في ذمة المسلمين عهدا ألايتحالفوا مع الأعداء ضد المسلمين وأن يدفعوا الجزية مقابل حمايتهم ورعايتهم والدفاع عنهم ؛ ثم يؤكد أنهم في الإيمان سواء بسواء مع المسلمين وأنهم في المواطنة كذلك في الحقوق والواجبات وان هذا هو تفسير ما جاء في خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم بعد دخوله المدينة المنورة. هكذا تأبى نفوس الذين تشربوا فكر الغرب ورضعوا من علمانيته إلا أن يستبعدوا الإسلام من طريق سياسة الدين ويستكثروا على أتباعه أن يحكموا بهديه ومبادئه فتحاول هذه الفئة أن تلوي أعناق الآيات وتغير في مضمون التفسير لتوافق هواهم وتوظف من منحتهم صفة ( المفكر الإسلامي ) كي يؤكدوا أنالإسلام لا يتعارض مع تلك المصطلحات بل يؤسس لها ويطبقها ، وتباركها شهادات لبعض الشيوخ والعلماء ، متصورة أنها بهذا التلبيس على الناس تكون قد ضمنت غسيل عقولهم وتحويل انتمائهم إلى هذا الفكر .. "ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم ،يوميقوم الناس لرب العالمين". |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |