|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الطي والنشر لفضائل العشر وضاح سيف الجبزي الحمد لله أرشد النفوس إلى هداها، وحذَّرَها من رَدَاها، ودعاها وحدَاها، وبيَّن أنه ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ [الشمس: 9-10]، أحمده سبحانه وأشكره على نِعَمٍ لا تُحْصَى، وآلاء لا تتناهى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، رضينا به ربًّا ومعبودًا وسيدًا وإلهًا. وأشهد أن سيدنا محمدًا عبد الله ورسوله، أعلى الخلق منزلة، وأعظمهم عنده جاها، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ما طلعت شمسٌ وضحاها، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ما أشرقتْ أرضٌ بضياها، وسلَّم تسليمًا كثيرًا ما تجلى في الخافقين رباها. حلَّ في القلب حبُّ طه فتاه ![]() إنَّما الفخرُ كلُّه حبُّ طه ![]() إنَّ مَنْ ذاق حبَّه لم تصِدهُ ![]() ذاتُ حسنٍ بحليها وحلاها ![]() حبُّ طه ينجي النفوس إذا ما ![]() عن قريب داعي المنونِ دعاها ![]() إنَّ أرضًا لم تحوِ طه لأرضٌ ![]() سَئِمَ القلبُ ماءها ونداها ![]() فاللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحابته، ومن سار على نهجه، واقتفى أثره، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، وبعـــد: إن شئتَ تبلغُ منتهى الأملِ ![]() ها قد تجلت فرصةُ الأزلِ ![]() فمواهبُ الرحمن أبحرُها ![]() حُشِدت بعشر الحجة الأُوَلِ ![]() هي خير أيام الزمان كما ![]() قال المُشفَّعُ خاتمُ الرُّسُلِ ![]() والأجر فيها ليس يعدِلُه ![]() أجرٌ سواه لصالح العمل ![]() ويفوق فضلَ(القدر) (تاسعُها) ![]() ببهائه من سائر السبُلِ ![]() فبها الملائك أُنزلت وبهِ ![]() يتنزَّل الرحمنُ خيرُ ولي ![]() وإذا ليالي القدرِ خافيةٌ ![]() (عرفاتُ) يومٌ واضحٌ وجلي ![]() عباد الله، المرءُ بحُسن عملِه لا بطُول عُمره، ولقد عوَّضَ اللهُ أمةَ الإسلام عن قِصَر أعمارِها بركَةَ أعمالِها، ومواسِمَ خيراتٍ مِن نفَحَاتِ دَهرِها، في نفَحَاتٍ ومُناسبَاتٍ لا تتناهَى. والمسلم يعيش مباركًا في العمل وفي الزمن، وأعظم البركة في العمل: الطاعةُ؛ إذ هي بركة على أهلها كما يقول تعالى: ﴿ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ﴾ [الأنعام: 160]. عباد الله، وأعظمُ الزمن بركةً (عشر ذي الحجة)؛ إذ لها مكانة عظيمة عند الله تعالى، وقد جعلها موسمًا للخيرات، تضاعف فيه الحسنات، وتتنزل الرحمات، وتجاب الدعوات، فالسعيد من تعرَّض لهذه النفحات، واغتنم فيها الأوقات، واشتغل فيها بالصالحات . فمن فضائلها: أن الله تعالى أقسم بها فقال: ﴿ وَلَيالٍ عَشْرٍ ﴾[الفجر: 2]. قال ابن عباس، وابن الزبير، ومجاهد، وغير واحد من السلف والخلف: هي عشر ذي الحجة, ولا يقسم تعالى إلا بعظيم، ومما يدل على ذلك أن الله لا يقسم إلا بأعظم المخلوقات كالسماوات والأرض والشمس والقمر والنجوم والرياح، ولا يقسم إلا بأعظم الأزمان: كالفجر والعصر والضحى والليل والنهار والعشر، ولا يقسم إلا بأعظم الأمكنة كالقسم بمكة، وله أن يقسم بما يشاء من خلقه، ولا يجوز لخلقه أن يقسموا إلا به، فالقسمُ بها يدل على عظمتها ورفعةِ مكانتها وتعظيمِ اللهِ لها[1]. ومن فضائلها أن الله تعالى قرَنها بأفضل الأوقات، والقرين بالمقارن يقتدي، فقد قرنها بالفجر، وبالشفع والوتر، وبالليل. أما اقترانها بالفجر، فلأنه الذي بحلوله تعود الحياة إلى الأبدان بعد الموت، وتعود الأنوار بعد الظلمة، والحركة بعد السكون، والقوة بعد الضعف، وتجتمع فيه الملائكة، وهو أقرب الأوقات إلى النزول الإلهي في الثلث الأخير من الليل، وبه يُعرف أهل الإيمان من أهل النفاق، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «بُورِكَ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا»[2]، فالفجر أشرف وأجل أوقات اليوم، ومبعث النشاط والحركة والانتشار، فأقسَم الله به. وقرَنها بالشفع والوتر؛ لأنهما العددان المكوِّنان للمخلوقات، فما من مخلوق إلا وهو شفع أو وتر، وحتى العشر فيها شفع وهو النحر، وفيها وتر وهو عرفة. وقرَنها بالليل لفضله، فقد قُدِّم على النهار، وذُكِرَ في القرآن أكثر من النهار؛ إذ ذُكر اثنتين وسبعين مرة، والنهار سبعًا وخمسين مرة، وهو أفضلُ وقت لنفل الصلاة، وهو أقربُ إلى الإخلاص؛ لأنه زمن خلوة وانفراد، وهو أقرب إلى مراقبة الرب تعالى؛ إذ لا يراه ولا يسمعه ولا يعلم بحاله إلا الله، وهو أقرب إلى إجابة الدعاء وإعطاء السؤال ومغفرة الذنوب؛ إذ يقول الرب في آخره: (مَنْ يَدْعُونِي، فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ)[3]. كما مُيِّز به أهلُ الجنة في قوله: ﴿ كَانُوا قَلِيلًا مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ﴾ [الذاريات: 17]، وفي قوله: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ ﴾ [السجدة: 16]، ومُيِّز به عبادُ الرحمن في قوله: ﴿ وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ﴾[الفرقان: 64]. ومن فضائلها أن العبادات تجتمع فيها ولا تجتمع في غيرها، فهي أيام الكمال، ففيها الصلوات كما في غيرها، وفيها الزكاة لمن حال عليه الحول فيها، وفيها الصوم لمن أراد التطوع، أو لم يجد الهدي، وفيها الحج إلى البيت الحرام ولا يكون في غيرها، وفيها الذكر والتلبية والدعاء الذي يدل على التوحيد، وغير ذلك من العبادات، واجتماع العبادات فيها شرفٌ لها لا يضاهيها فيه غيرُها، ولا يساويها سواها. يقول ابن حجر: والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يأتي ذلك في غيره[4]. وقد نصَّ بعض الأئمَّة على استحباب صيامِ هذه الأيام استحبابًا شديدًا.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |