|
ملتقى الإنشاء ملتقى يختص بتلخيص الكتب الاسلامية للحث على القراءة بصورة محببة سهلة ومختصرة بالإضافة الى عرض سير واحداث تاريخية عربية وعالمية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() أسلوب الإنشاء في البلاغة العربية (1) أبو أنس أشرف بن يوسف بن حسن للشيخ محمد بن صالح العثيمين تحقيق الأستاذ أشرف بن يوسف (14) الإنشاء إما طلبي، أو غير طلبي. فالطلبي: ما يستدعي مطلوبًا غير حاصل وقت الطلب. وغير الطلبي: ما ليس كذلك. والأول يكون بخمسة أشياء: الأمر، والنهي، والاستفهام، والتمني، والنداء (2). (أما الأمر): فهو طلب الفعل على وجه الاستعلاء، وله أربع صيغ (3): (١) الإنشاء ضد الخبر. (٢) يعني رحمه الله: أن الأول من قسمي الإنشاء، وهو الإنشاء الطلبي، يكون بخمسة أشياء: الأمر، والنهي، والاستفهام، والتمني، والنداء. (٣) هنا يحسن أن يقال: هو طلب الفعل على وجه الاستعلاء، بصيغة مخصوصة، ثم نذكر الصيغة. وخرج بقولنا: طلب، ما ليس بطلب. وبقولنا: طلب الفعل، طلب الترك. وبقولنا: على وجه الاستعلاء، الالتماس والدعاء؛ فما كان على غير وجه الاستعلاء - كـالالتماس والدعاء - فهذا طلب، لا على وجه الاستعلاء؛ فلا يكون أمرًا. فعل الأمر، نحو: ﴿ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ﴾ [مريم: 12]. والمضارع المقرون باللام. واسم فعل الأمر، نحو: حي على الفلاح. والمصدر النائب عن فعل الأمر، نحو: سعيًا في الخير (1). وقد تخرج صِيَغ الأمر عن معناها الأصلي إلى معانٍ أُخَرَ تفهم من سياق الكلام وقرائن الأحوال. (١) فالأمر له أربع صيغ: ١- فعل الأمر، نحو قوله تعالى: ﴿ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ﴾ [مريم: 12]. ٢- المضارع المقرون بلام الأمر، نحو قوله تعالى: ﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ ﴾ [الطلاق: 7]. ٣- اسم فعل الأمر: وهو ما دل على طلب، لكنه لا يقبل علامة الفعل الأمر[1]. ومثاله: حيَّ على الفلاح، بمعنى: أقبل على الفلاح، فلو أنك أردت أن تدخل علامات الفعل الأمر على "حيَّ" ما قلبت؛ فكل ما دل على الطلب، ولم يقبل علامة الأمر، فهو اسم فعل أمر. ٤- المصدر النائب عن فعل أمر، نحو: سعيًا في الخير، بمعنى: تسعى في الخير. ومنه قوله تعالى: ﴿ فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ ﴾ [محمد: 4] ، يعني: فاضربوا رقابهم. ١- كالدعاء، نحو: ﴿ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ﴾ [النمل: 19] (1). ٢- والالتماس، كقولك لمن يساويك: أعطني الكتاب (2). ٣- والتمني، نحو: ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي ♦♦♦ بصُبْح وما الإصباح منك بأمثل (3) ٤- والتهديد، نحو: ﴿ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ﴾ [فصلت: 40] (4). ٥- والتعجيز، نحو: يا لَبكر أنشروا لي كليبًا ♦♦♦ يا لبكرٍ أين أين الفرار(5) (١) الخطاب في الآية لله عز وجل، فلا يكون أمرًا؛ لأنك لا يمكن أن تأمر ربك عز وجل؛ فهو طلب، لا على وجه الاستعلاء. ومعنى ﴿ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ﴾؛ أي: ألهمني أن أشكر نعمتك. (2) وهذا أيضًا ليس أمرًا؛ لأن الذي يساويك لا يمكن أن تأمره، ولو فهم أنك تأمره، لقال لك: ليس لك عليَّ أمر، لكن إذا كان التماسًا - يعني: بتلطف وتحنن - فإنه يعطيك. (3) هذا مثال التمني في خطاب من لا يعقل. والشاهد في هذا البيت: قوله: انجلي[2]؛ إذ لا يمكن أن يقول لليل، وهو لا يعقل: انجلي[3]. وقوله: بصبح، وما الإصباح منك بأمثل، يعني: أن البلاء يجيء بالليل والنهار. (١) معلوم أن الله تعالى لا يقول للناس: ﴿ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ﴾ [فصلت: 40]. بل إن قوله: ﴿ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ﴾ [فصلت: 40] للتهديد؛ يعني: يهدد البشر. والدليل على ذلك قوله تعالى بعد ذلك: ﴿ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [فصلت: 40]، فسوف يعلم بكم ويحاسبكم. (٢) قوله: أنشروا لي كليبًا، يعني: أحيوه[4]. ومثل ذلك: قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ﴾ [البقرة: 23]، فهذا تعجيز وتحدٍّ. ومثله أيضًا: قوله تعالى في الصيغة الثانية[5]: ﴿ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ ﴾ [الطور: 34]. ومثله أيضًا: قوله تعالى: ﴿ أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ﴾ [الطور: 38]، والأمثلة كثيرة. ٦- والتسوية، نحو: ﴿ فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا ﴾ [الطور: 16](1). (وأما النهي) فهو طلب الكف عن الفعل على وجه الاستعلاء، وله صيغة واحدة، وهي المضارع مع "لا" الناهية؛ كقوله تعالى: ﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ﴾ [الأعراف: 56] (2). (١) والدليل على التسوية: قوله بعدها: ﴿ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ ﴾ [الطور: 16]. (٢) النهي هو: طلب الكف عن الفعل، على وجه الاستعلاء، بصيغة واحدة، فليس له إلا صيغة واحدة، وهي المضارع المقرون بـ (لا) الناهية. ولهذا كانت ألفاظ "اجتنب، دع، اترك، تجنب" ليست نهيًا، مع أنها طلب للكف عن الفعل؛ لأن النهي له صيغة واحدة معينة، وهي المضارع المقرون بـ: (لا) الناهية. ومثال ذلك: قوله تعالى: ﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ﴾ [الأعراف: 56]، والأمثلة كثيرة. وقد تخرج صيغته عن معناها الأصلي إلى معانٍ أُخَرَ، تفهم من المقام والسياق. ١- كالدعاء، نحو: ﴿ فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ ﴾ [الأعراف: 150]. ٢- والالتماس، كقولك لمن يساويك: لا تبرح من مكانك حتى أرجع إليك. (١) قوله: كالدعاء؛ نحو: ﴿ فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ ﴾ [الأعراف: 150]، هذا المثال لا يحسُنُ الإتيان به هنا؛ لأنه موجَّهٌ من هارون لموسى؛ فلا يكون دعاء. نعم، لو وجه لله عز وجل لكان صحيحًا، وكان دعاءً؛ لأنه جاء في الحديث التعوذُ من شماتة الأعداء[6]. لكن إذا وجه للمخلوق الذي هو أعلى منك - وإن كانوا يتساهلون ويقولون: إنه دعاء - فهذا مما لا ينبغي، بل ينبغي أن يقال: إنه تَرَجٍّ، أو نحو ذلك. ولذلك يحسن أن نمثل بدل هذه الآية بقوله سبحانه: ﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ [البقرة: 286]. ٣- والتمني، نحو: (لا تطلع) في قوله: يا ليلُ، طُلْ، يا نومُ، زُلْ ♦♦♦ يا صبحُ، قِفْ لا تطلع (1) ٤- والتهديد، كقولك لخادمك: لا تطع أمري (2). (وأما الاستفهام) فهو طلب العلم لشيء، وأدواته: الهمزة، وهل، وما، ومن، ومتى، وأيان، وكيف، وأين، وأنَّى، وكم، وأي (3). ١- فالهمزة لطلب التصور أو التصديق. والتصور هو إدراك المفرد؛ كقولك: أعلي مسافر أم خالد؟ تعتقد أن السفر حصل من أحدهما، ولكن تطلب تعيينه. ولذا يجاب بالتعيين، فيقال: علي مثلًا. (١) الأفعال "طُلْ، زُلْ، قِفْ" أفعال أمر لغرض التمني؛ لأنها خطاب لمن لا يعقل. (2) ومن ذلك أيضًا: قوله تعالى: ﴿ لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ ﴾ [آل عمران: 196]، فهذا تهديد، لا للرسول، ولكن لهؤلاء الذين يتقلبون في البلاد؛ ولهذا قال بعدها: ﴿ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ [آل عمران: 197]. (٣) الاستفهام أصله: طلب الفهم، أو طلب الإفهام؛ أي: الإعلام بالشيء. فإذا قلت: هل قام زيد؟ فالمعنى: أعلمني هل قام زيد؟ فهو طلب الإعلام بالشيء. وهذا تفسير أدق من تفسير المؤلف له بأنه طلب العلم؛ لأن من يطالع الكتب ليتعلم يقال: إنه طالب علم، وهو غير مستفهم. فالأحسن أن يقال: الاستفهام: طلب الإعلام بالشيء. وأدواته: الهمزة - وهي الأصل - وهل، وما، ومن، ومتى، وأيان، وكيف، وأين، وأنَّى، وكم، وأي. وهذه الأدوات تأتي استفهامية وغير استفهامية[7]، لكن هي من أدوات الاستفهام. ١- الهمزة: تقول: أقام زيد؟ ٢- هل: تقول: هل قام زيد؟ ٣- ما: تقول: ما هذا؟ ٤- مَن: تقول: من القائل؟ ٥- متى: تقول: متى تأتي؟ ٦- أيان: تقول: أيان تقوم؟ ٧- كيف: تقول: كيف جاء زيد؟ ٨- أين: تقول: أين تنزل؟ ٩- أنى: قال تعالى: ﴿ أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى ﴾ [الدخان: 13]. ١٠- كم: تقول: كم مالك؟ ١١- أي: تقول: أي الرجلين قاما؟ والتصديق: هو إدراك النسبة، نحو: أسافر علي؟ تستفهم عن حصول السفر وعدمه؛ ولذا يجاب بنعم، أو لا(1). (١) مسألة التصور والتصديق مسألة مهمة. فالتصوُّر: تصوير الشيء، والتصديق الحكم عليه؛ فالتصديق بمعنى الحكم، والتصور إدراك الشيء؛ فمجرد الإدراك تصوير، والحكم على الشيء تصديق. المؤلف رحمه الله يقول: التصور: هو إدراك المفرد؛ كقولك: أعلي مسافر، أم خالد؟ فالآن: هل أنت شاك في السفر، أو في المسافر؟ الجواب: في المسافر؛ فالحكم - وهو السفر - معلوم عندك، لكن: مَن المسافر؟ هو المجهول. فإذا كنت تطلب تعيين المسافر، وأنت عالم أن السفر حاصل، فهذا يقال: إنه استفهام تصور؛ يعني: لمعرفة من الفاعل؟ ويجاب بالتعيين، فيقال: إما زيد، وإما خالد. والتصديق: إدراك النسبة؛ يعني: معناه الحكم، فتستفهم عن الحكم؛ يعني: عن نسبة الشيء من الشيء، فأنت تعلم أنه لا يوجد في الساحة إلا زيد، لكن لا تدري: أسافَرَ أم هو مقيم؟ فتقول: أسافر زيد؟ فالشك الآن أو الجهل بالسفر: هل حصل أم لا؟ أما المسافر فمعلوم أنه لن يسافر إلا فلان. وتقول مثلًا: أقدم الأمير؟ فهذا تصديق؛ لأنك تطلب هل قدم، أم لم يقدم؟ ولهذا يكون الجواب بـ: "نعم، أو لا" بخلاف الأول، فإن الجواب فيه يكون بالتعيين، وهذا الثاني يكون الجواب فيه النفي أو الإثبات. والمسؤول عنه في التصور ما يلي الهمزة، ويكون له معادل يذكر بعد أم، وتسمى متصلًا. فتقول في الاستفهام عن المسند إليه: أأنت فعلت هذا أم يوسف؟ وعن المسند: أراغب أنت عن الأمر، أم راغب فيه؟ (1). (١) التصور - كما تقدم - المطلوب فيه التعيين، المسؤول عنه في التصور هو ما يلي الهمزة، ويكون له معادل. فتقول: أأنت فعلت هذا أم يوسف؟ الجواب: يوسف أو أنت. لكن لو قلت: أفعلت أنت هذا؟ فإنك لا تقول: أم يوسف؛ إذ لو قلت: أم يوسف؟ لكان هذا خطأ؛ أي: نقصًا في الفصاحة؛ لأنك الآن تطلب أن تستفهم عن التعيين، لا عن الحكم، فتقول: أأنت القائم أم يوسف؟ أأنت القادم أم يوسف؟ وما أشبه ذلك. ولهذا يذكر ما يعادلها، وتسمى هذه متصلة. أما إذا كان عن المسند، فأنت تذكر الحكم، فيكون الذي يلي الهمزة هو الحكم، فتقول: أمسافر أنت أم مقيم؟ وتقول: أراغب أنت أم غير راغب؟ وتقول: أراغب أنت عن الأمر أم راغب فيه؟ وعن المفعول: أإياي تقصد أم خالدًا؟ وعن الحال: أراكبًا جئت أم ماشيًا؟ وعن الظرف: أيوم الخميس قدمت، أم الجمعة؟ وهكذا. وقد لا يذكر المعادل، نحو: أأنت فعلت هذا؟ أراغب أنت عن الأمر؟ أإيأي تقصد؟ أراكب جئت؟ أيوم الخميس قدمت؟ (1). (١) يعني رحمه الله: أنه قد لا يذكر المعادل، لكن حذفه مشروط بأن يكون مفهومًا. فعلى سبيل المثال: إذا قلت: أراكب جئت؟ فهنا يجوز حذف المعادل؛ لأن ضده معروف، وهو "ماشيًا"، أو محمولًا. على كل حال: يشترط لحذف المعادل أن يكون معلومًا، فإن كان غير معلوم، فإنه[8] لا يجوز حذفه، وقد أشار ابن مالك إلى هذه القاعدة في قوله: *وحذف ما يعلم جائز... [9]* والمسؤول عنه في التصديق النسبة، ولا يكون لها معادل، فإن جاءت (أم) بعدها، قدرت منقطعة، وتكون بمعنى بل (1). (١) فالمسؤول عنه في التصديق نسبة. يعني: الحكم، ولا يذكر معه معادل، فإن ذكر معادل، فإنها تكون منقطعة تقديرًا، تبيض العنقاء وتفرخ؟ ونحو: هل اصفر النخل أو احمر؟ فـ: "هل" هنا مركبة؛ لأنها يستفهم بها عن وجود شيء لشيء. ٣- "وما" يطلب بها شرح الاسم، نحو: ما العسجد أو اللجين؟ أو حقيقة المسمى، نحو: ما الإنسان؟ أو حال المذكور معها، كقولك لقادم عليك: ما أنت؟ (1) (١) فـ: "ما" يطلب بها: ١- شرح الاسم، نحو: ما العسجد؟ والجواب: الذهب. وما اللُّجَين؟ الجواب: الفضة. ٢- أو شرح حقيقة المسمى، نحو: ما الإنسان؟ الجواب: حيوان ناطق، هذه حقيقة الإنسان: فـ: "حيوان" تشمل كل ما فيه حياة، من البهائم والإنسان. و"ناطق" تخرج البهائم؛ لأنها غير ناطقة، والمراد غير ناطقة نطقًا معنويًّا، وإلا فهي ناطقة؛ كما قال الله تعالى: ﴿ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ ﴾ [النمل: 16]. ٣- أو شرح حال المذكور معها؛ كقولك لقادم عليك: ما أنت؟ ووقتئذ يكون الجواب: صديق، ولا تقول: فلان بالتعيين، وإذا أراد أن يعرف اسمه، فإنه يقول: من أنت؟ لكن إذا قال: ما أنت؟ فإنه يستفهم عن حاله، لا عن عينه: هل هو صديق؟ هل هو عدو؟ وعليه: فإذا قال: ما أنت؟ فجوابه: صديق، وإذا كان بينه وبينه نسب، فإنه يقول: قريب. وإذا أراد أن يحدد النسب يقول: ابن عمك، أو ما أشبه ذلك. ٤- "ومن" يطلب بها تعيين العقلاء؛ كقولك: مَن فتح مصر؟ (1) ٥- "ومتى" يطلب بها تعيين الزمان، ماضيًا كان أو مستقبلًا، نحو: متى جئت؟ ومتى تذهب؟ ٦- "وأيان" يطلب بها تعيين الزمان المستقبل خاصة، وتكون في موضع التهويل؛ كقوله تعالى: ﴿ يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ﴾ [القيامة: 6]. ٧- "وكيف" يطلب بها تعيين الحال، نحو: كيف أنت؟ ٨- "وأين" يطلب به تعيين المكان، نحو: أين تذهب؟ ٩- "وأنى" تكون بمعنى "كيف"، نحو: ﴿ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ﴾ [البقرة: 259]، وبمعنى"من أين"، نحو: ﴿ يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا ﴾ [آل عمران: 37] (2)، وبمعنى متى، نحو: أين تكون زيادة النيل؟ ١٠- "وكم" يطلب بها تعيين عدد مبهم، نحو: ﴿ كَمْ لَبِثْتُمْ ﴾ [الكهف: 19]. ١١- "وأي" يطلب بها تمييز أحد المتشاركينِ في أمر يعمهما، نحو: ﴿ أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا ﴾ [مريم: 73]. ويسأل بها عن الزمان والمكان، والحال والعدد، والعاقل وغيره - حسب ما تضاف إليه (3). (1) يعني رحمه الله: أنَّ "من" يطلب بها تعيين العقلاء؛ كقولك: مَن فتح مصر؟ الجواب: عمرو بن العاص. (2) قوله: ﴿ أَنَّى لَكِ هَذَا ﴾ [آل عمران: 37] يعني: من أين لك هذا؟ (3) فتقول في الزمان: أي يوم تسافر؟ وتقول في المكان: أي بيت أسكن؟ وتقول في الحال: أي حال تأتي إليَّ فيها؟ وتقول في العدد: أي عدد تملكه من الإبل؟ وقد تخرج ألفاظ الاستفهام عن معناها الأصلي لمعان أخرى تفهم من سياق الكلام. 1- كالتسوية، نحو: ﴿ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ ﴾ [البقرة: 6] (1). ٢- والنفي، نحو: ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾ [الرحمن: 60] (2). ٣- والإنكار، نحو: ﴿ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ ﴾ [الأنعام: 40]، ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾ [الزمر: 36] (3). ٤- والأمر، نحو: ﴿ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ [المائدة: 91]، ونحو: ﴿ أَأَسْلَمْتُمْ ﴾ [آل عمران: 20]؛ أي: انتهوا وأسلِموا (4). (١) قال النحويون في إعراب قوله تعالى: ﴿ أَأَنْذَرْتَهُمْ ﴾، إن الهمزة الأولى همزة استفهام، ولكنها تسبك وما بعدها بمصدر، مع أنها ليست حرفًا مصدريًّا[10]، لكن هذا التركيب تسبك الهمزة فيه مع ما بعده بمصدر، ويكون التقدير إنذارك وعدمه سواء عليهم، وعلى هذا فتكون ﴿ سَوَاءٌ ﴾ خبرًا مقدمًا، و﴿ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ ﴾ مسبوكة بمصدر مبتدأ مؤخرًا[11]. (٢) والدليل على أن الاستفهام هنا للنفي أنه أتت (إلا). (٣) وقوله تعالى: ﴿ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ ﴾ هذا للإنكار، ولكنه إنكار بمعنى التوبيخ. أما قوله تعالى: ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾ ففي التمثيل به نظر؛ لأن هذا الاستفهام للتقرير، يعني: أن الله كافٍ عبده. لكن وجه كلام المؤلف: أن إنكار النفي إقرار. يعني: كأنه يقول: الهمزة هنا دخلت على النفي؛ فهي لإنكار النفي، وإنكار النفي إقرار، هذا وجه كلام المؤلف. لكن غيره من المعربين يقولون: إن الاستفهام هنا للتقرير، مثل قوله تعالى: ﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾ [الشرح: 1]. (4) أين جاء قوله تعالى: ﴿ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ [المائدة: 91]؟ الجواب: جاء في تحريم الخمر والميسر والأنصاب؛ فإن الله تعالى قال فيها: ﴿ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوه ﴾ [المائدة: 90].. إلى قوله سبحانه: ﴿ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ [المائدة: 91]؛ أي: فبعد هذا التقرير هل أنتم منتهون، أو لستم بمنتهين؟ فقال الصحابة: انتهينا، انتهينا[12]. المؤلف رحمه الله يرى أن الاستفهام هنا بمعنى الأمر؛ أي: فانتهوا[13]. ثم مثَّل رحمه الله بمثال آخر، وهو: قوله تعالى: ﴿ أَأَسْلَمْتُمْ ﴾ [آل عمران: 20] في قوله سبحانه: ﴿ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ ﴾ [آل عمران: 20]، والمؤلف هنا يقول: إنها بمعنى (أسلِموا). ولكن في هذا نظر؛ فالمعنى: أأسلمتم بعد هذا البيان أم لم تسلموا[14]؟ أما قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [الأنبياء: 108]، فهذه هي التي يصح أن تكون بمعنى "فأسلموا"[15]. ٥- والنهي، نحو: ﴿ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ ﴾ [التوبة: 13] (1). ٦- والتشويق، نحو: ﴿ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الصف: 10] (2). (١) قوله سبحانه: ﴿ أَتَخْشَوْنَهُمْ ﴾ [التوبة: 13] معناه: لا تخشَوْهم؛ كقوله تعالى: ﴿ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ ﴾ [المائدة: 44][16]. (٢) ومثل ذلك أيضًا: قوله تعالى: ﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ﴾ [الغاشية: 1]. مع أن هذه الآية الثانية يحتمل أن تكون للتعظيم؛ يعني أنه حديث عظيم[17]. ٧- والتعظيم، نحو: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾ [البقرة: 255] (1). ٨- والتحقير، نحو: أهذا الذي مدحته كثيرًا؟ (2). وأما (التمني) فهو طلب شيء محبوب لا يرجى حصوله؛ لكونه مستحيلًا، أو بعيدَ الوقوع؛ كقوله: يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |