|
|||||||
| ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
العفو والتسامح شِيمة الأتقياء الأنقياء يحيى سليمان العقيلي العفو والتسامح خُلُق رفيع، وخَصلة سامية، وفعل كريم امتدح الله فاعله وعدَّه من المحسنين؛ فقال سبحانه: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران: 134]، وقال تعالى ترغيبًا في ثواب العفو والتسامح: ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ [الشورى: 40]، وقال سبحانه مستحثًّا عبادَه على فضيلة العفو: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النور: 22]. سمِعها أبو بكر الصديق رضي الله عنه بعد أن أقسم ألَّا يُنفق على مِسطحٍ، حين خاض في عِرض عائشة رضي الله عنها، فقال رضي الله عنه: "بلى والله، إني أحب أن يغفر الله لي"، فأرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفقها عليه. ويكفي المتسامح شرفًا وفضلًا أن الله جل وعلا وصف خُلُقَه هذا بأنه حظٌّ عظيم لا يناله أي أحدٍ؛ قال تعالى: ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ [فصلت: 35]. عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل: أي الناس أفضل؟ فقال عليه الصلاة والسلام: كل مخموم القلب، صدوق اللسان، قالوا: يا رسول الله، صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: هو التقي، النقي، لا إثم فيه، ولا بغيَ، ولا غلَّ، ولا حسد))؛ [صحيح ابن ماجه]. صاحب القلب المتسامح تراه لينًا سهلًا، قريبًا من الناس، غير فظٍّ ولا غليظ، وهذه من صفات أهل الجنة؛ روى مسلم عن عياض المجاشعي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((وأهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسِط متصدِّق موفَّق، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قُربى ومسلم، وعفيف متعفف ذو عيال)). وفي الصحيحين عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حُوسب رجلٌ ممن كان قبلكم، فلم يوجد له من الخير شيء، إلا أنه كان يخالط الناس، وكان موسِرًا، فكان يأمر غلمانه أن يُيسروا على الموسر، وأن يتجاوزوا عن المعسر، فقال الله: نحن أحق بذلك منك، تجاوزوا عن عبدي)). وقال صلى الله عليه وسلم: ((رحِم الله رجلًا سمحًا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى))؛ [البخاري]. معاشر المؤمنين، بالعفو والتسامح يسود الوئام، وتتمكن المحبة والمودة بين المسلمين، وتوصَد أبواب الشِّقاق والفرقة؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تَقاطعوا، ولا تَدابروا، ولا تَباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عبادَ الله إخوانًا، ولا يحِل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثٍ)). ولأجل ذلك سعى الإسلامُ لمنع أسباب التباغض والتدابر؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ((ولا يَبِعْ بعضكم على بيع بعض، ولا يسُم على سومه))؛ [مسلم]، وعن ابن عمر رضي الله عنهما: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكِح أو يتركَ))؛ [متفق عليه]. وقال الفضيل بن عياض: "لم يدرك عندنا من أدرك بكثرة صيام ولا صلاة، إنما أدرك بسخاء الأنفس، وسلامة الصدور، والنصح للأمة". نسأل الله أن يؤلِّف على الخير قلوبنا، وأن يصلح ذات بيننا، وأن يهدينا بهديِ كتابِه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم؛ فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية معاشر المؤمنين:يستكبر بعض الناس عن العفو والتسامح؛ ظنًّا منه أن فيه منقصةً أو مذلةً؛ ولذلك صحَّح رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الفَهم؛ ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًّا، وما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه الله)). تلك هي الموازين الربانية التي ينبغي للمؤمنين أن يبنوا حياتهم، ويؤسسوا علاقاتهم عليها؛ ليعيشوا الحياة الطيبة في الدنيا، ويسعدوا السعادة الأبدية في الآخرة. فإن النفوس قد جُبلت على الشحِّ في أخذ الحقوق؛ كما قال ربنا سبحانه: ﴿وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ﴾ [النساء: 128]. ولكن عندما يعوِّد الإنسان نفسَه على التسامح، والغضِّ عن الهفوات، وعدم تتبُّع الزَّلَّات، فلا يُحاسِب على كل كلمة، ولا يهجر لمجرد هفوة، ولا يقطع رحِمًا لأجل لُعاعة من الدنيا؛ فإنه سيكون متسامحًا، وينال الراحة والطمأنينة والسعادة في الدنيا، والأجر والثواب من الله تعالى. ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [القصص: 83].
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |