|
|||||||
| ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
بين المحكم والمتشابه: تأصيل قرآني لاجتهاد الراسخين وتحذير من زيغ المتأولين د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ * رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ * رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [آل عمران: 7 - 9]. قال ابن كثير: يخبر تعالى أن في القرآن آيات محكمات، هن أم الكتاب، أي بيِّنات واضحات الدلالة لا التباس فيها على أحدٍ، ومنه آيات أُخر فيها اشتباه في الدلالة على كثير من الناس أو بعضهم، فمن ردَّ ما اشتبه عليه إلى الواضح منه، وحكم مُحكمه على متشابهه عنده، فقد اهتدى، ومن عكس انعكس، ولهذا قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾؛ أي: أصله الذي يرجع إليه عند الاشتباه، ﴿ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ﴾؛ أي: تحتمل دلالتها موافقة المحكم، وقد تحتمل شيئًا آخر؛ من حيث اللفظ والتركيب لا من حيث المراد، وقد اختلفوا في المحكم والمتشابه، فرُوي عن السلف عبارات كثيرة، فقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: المحكمات ناسخه وحلاله وحرامه وأحكامه، وحدوده وفرائضه، وما يؤمر به ويعمل به، وكذا رُوي عن عكرمة ومجاهد وقتادة والضحاك ومقاتل بن حيان والربيع بن أنس والسدي - أنهم قالوا: المحكم الذي يعمل به. وعن ابن عباس أيضًا أنه قال: المحكمات قوله تعالى: ﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ﴾ [الأنعام: 151]، والآيتان بعدها، وقوله تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ﴾ [الإسراء: 23] إلى ثلاث آيات بعدها، ورواه ابن أبي حاتم وحكاه عن سعيد بن جبير، ثم قال: حدثنا أبي، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن إسحاق بن سويد، أن يحيى بن يَعمر وأبا فاختة تراجَعا في هذه الآية، وهي ﴿ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ﴾، فقال أبو فاختة: فواتح السور، وقال يحيى بن يَعمر: الفرائض والأمر والنهي والحلال والحرام. وقال ابن لهيعة عن عطاء بن دينار، عن سعيد بن جبير: ﴿ هُنَّ أُمُّ الكِتابِ ﴾؛ يقول: أصل الكتاب، وإنما سَمَّاهنَّ أم الكتاب؛ لأنهنَّ مكتوبات في جميع الكتب. وقال مقاتل بن حيان: لأنه ليس من أهل دين إلا يرضى بهنَّ. وقيل في المتشابهات: إنهن المنسوخة، والمقدَّم والمؤخر، والأمثال فيه، والأقسام، وما يؤمن به ولا يعمل به، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. وقيل: هي الحروف المقطعة في أوائل السور؛ قاله مقاتل بن حيان. وعن مجاهد: المتشابهات يصدق بعضها بعضًا. وهذا إنما هو في تفسير قوله: ﴿ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ ﴾ [الزمر: 23]، هناك ذكروا أن المتشابه هو الكلام الذي يكون في سياق واحدٍ، والمثاني هو الكلام في شيئين متقابلين؛ كصفة الجنة وصفة النار، وذكر حال الأبرار، ثم حال الفجار، ونحو ذلك، وأما ها هنا فالمتشابه هو الذي يقابل المحكم، وأحسَن ما قيل فيه هو الذي قدَّمناه، وهو الذي نصَّ عليه محمد بن إسحاق بن يسار رحمه الله؛ حيث قال: منه آيات محكمات فهنَّ حجَّة الربِّ، وعصمة العباد، ودفع الخصوم والباطل، ليس لهنَّ تصريف ولا تحريف عما وضَعن عليه، قال: والمتشابهات في الصدق لهنَّ تصريف وتحريف وتأويل، ابتلى الله فيهنَّ العباد، كما ابتلاهم في الحلال والحرام ألا يصرفن إلى الباطل ويحرفن عن الحق. ولهذا قال تعالى: ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ ﴾؛ أي: ضلال وخروج عن الحق إلى الباطل، ﴿ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ﴾؛ أي: إنما يأخذون منه بالمتشابه الذي يُمكنهم أن يُحرِّفوه إلى مقاصدهم الفاسدة، ويُنزلوه عليها لاحتمال لفظه لما يَصرفونه، فأما المحكم فلا نصيب لهم فيه؛ لأنه دامغ لهم وحجة عليهم، ولهذا قال الله تعالى: ﴿ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ ﴾؛ أي: الإضلال لأتباعهم؛ إيهامًا لهم أنهم يحتجون على بدعتهم بالقرآن، وهو حجة عليهم لا لهم، كما لو احتج النصارى بأن القرآن قد نطق بأن عيسى روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم وتركوا الاحتجاج بقوله: ﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ ﴾ [الزخرف: 59]، وبقوله: ﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [آل عمران: 59]، وغير ذلك من الآيات المحكمة المصرَّحة بأنه خلق من مخلوقات الله، وعبد ورسول من رُسل الله. وقوله تعالى: ﴿ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ﴾؛ أي: تحريفه على ما يريدون، وقال مقاتل بن حيان والسدي: يبتغون أن يعلموا ما يكون وما عواقب الأشياء من القرآن. وقد قال أحمد: حدثنا إسماعيل، حدثنا أيوب، عن عبد الله بن أبي مُليكة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ﴾ إلى قوله: ﴿ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾، فقال: "فإذا رأيتم الذين يجادلون فيه، فهم الذين عنى الله فاحذَروهم"، هكذا وقع هذا الحديث في مسند الإمام أحمد من رواية ابن أبي مُليكة، عن عائشة رضي الله عنها، ليس بينهما أحدٌ؛ اهـ[1]. [1] «تفسير القرآن العظيم» لابن كثير (2/ 310-313).
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |