ورزق ربك خير وأبقى - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5117 - عددالزوار : 2396895 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4705 - عددالزوار : 1702869 )           »          المبسوط فى الفقه الحنفى محمد بن أحمد السرخسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 469 - عددالزوار : 20827 )           »          جهاد الأم في ميادين الصبر والتربية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          السجائر الإلكترونية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          أكثر ما نحرص عليه أكثر ما نتركه خلفنا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 67 )           »          إذا ثَقُلَ صدرُك راجِع وِرْدَك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 90 )           »          الثمرات اليانعات من روائع الفقرات .. (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 27 - عددالزوار : 7994 )           »          فضل الصدقة سرًا وعلانية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          تداول النكت والطرائف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 10-12-2025, 10:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,421
الدولة : Egypt
افتراضي ورزق ربك خير وأبقى

ورِزْقُ ربِّك خير وأبقى

د. محمود بن أحمد الدوسري


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ نَهَى اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْإِعْجَابِ بِالدُّنْيَا وَزِينَتِهَا؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى * وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 131، 132] نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ تَعْزِيَةً لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الدُّنْيَا[1]. وَالْمَعْنَى: وَلَا تُطِلِ النَّظَرَ بِإِعْجَابٍ وَرَغْبَةٍ وَتَمَنٍّ إِلَى مَا أَعْطَيْنَاهُ لِلْأَغْنِيَاءِ الْمُتْرَفِينَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُعْرِضِينَ عَنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ مِنْ نِعَمٍ، وَمَبَاهِجَ زَائِلَةٍ، يَتَمَتَّعُونَ بِهَا مِنْ زِينَةِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ؛ فَإِنَّمَا جَعَلْنَاهُ لَهُمْ لِنَبْتَلِيَهُمْ وَنَخْتَبِرَهُمْ، وَلِيَكُونَ فِتْنَةً لَهُمْ، وَزِيَادَةً فِي طُغْيَانِهِمْ وَكُفْرِهِمْ[2]. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: (مَدُّ النَّظَرِ: تَطْوِيلُهُ، وَأَلَّا يَكَادَ يَرُدُّهُ؛ اسْتِحْسَانًا لِلْمَنْظُورِ إِلَيْهِ، وَإِعْجَابًا بِهِ، وَتَمَنِّيًا أَنْ يَكُونَ لَهُ)[3].

قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي هَذِهِ الْآيَةِ: «مَنْ لَمْ يَتَعَزَّ بِعَزَاءِ اللَّهِ؛ تَقَطَّعَتْ نَفْسُهُ حَسَرَاتٍ عَلَى الدُّنْيَا، وَمَنْ يُتْبِعْ بَصَرَهُ مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ؛ يَطُلْ حُزْنُهُ، وَلَا يَشْفِ غَيْظَهُ، وَمَنْ لَمْ يَرَ لِلَّهِ عَلَيْهِ نِعْمَةً إِلَّا فِي مَطْعَمِهِ وَمَشْرَبِهِ؛ نَقَصَ عِلْمُهُ، وَحَضَرَ عَذَابُهُ»[4]. وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: (‌كَانَ ‌عُرْوَةُ ‌إِذَا ‌رَأَى مَا عِنْدَ السَّلَاطِينِ دَخَلَ دَارَهُ، فَقَالَ: ﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 132] ثُمَّ يُنَادِي: الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ، يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ)[5].

وَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ أَنَّهُ قَالَ: ادْعُ اللَّهَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى أُمَّتِكَ؛ فَقَدْ وَسَّعَ عَلَى فَارِسَ وَالرُّومِ، وَهُمْ لَا يَعْبُدُونَ اللَّهَ. فَاسْتَوَى جَالِسًا، ثُمَّ قَالَ: «أَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟! أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ثُمَّ أَرْشَدَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا: ﴿ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ أَيْ: وَثَوَابُ اللَّهِ لَكَ – يَا مُحَمَّدُ – فِي الْآخِرَةِ خَيْرٌ مِنْ زِينَةِ الدُّنْيَا وَأَدْوَمُ؛ لِأَنَّهُ ثَوَابٌ لَا يَنْقَطِعُ. كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ ﴾ [النَّحْلِ: 95، 96]؛ وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [الْقَصَصِ: 60]؛ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [الْأَعْلَى: 17].

ثُمَّ أَرْشَدَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الِاهْتِمَامِ بِالصَّلَاةِ، فَقَالَ: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾ أَيْ: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ، وَحُثَّهُمْ عَلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا، وَاصْبِرْ عَلَى الْقِيَامِ بِهَا، وَأَدَائِهَا فِي أَوْقَاتِهَا، بِحُدُودِهَا وَأَرْكَانِهَا، وَآدَابِهَا وَخُشُوعِهَا[6]. كَمَا قَالَ تَعَالَى – عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ﴾ [مَرْيَمَ: 55]. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (هَذَا الْخِطَابُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَدْخُلُ فِي ‌عُمُومِهِ ‌جَمِيعُ ‌أُمَّتِهِ، وَأَهْلُ بَيْتِهِ عَلَى التَّخْصِيصِ)[7].

ثُمَّ ضَمِنَ لَهُ رِزْقَهُ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ ﴾ أَيْ: لَا نُكَلِّفُكَ رِزْقًا؛ بَلْ نُكَلِّفُكَ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَأَدَاءِ الْعِبَادَاتِ، وَقَدْ تَكَفَّلْنَا بِرِزْقِكَ، وَرِزْقِ جَمِيعِ الْخَلْقِ؛ فَلَا تَنْشَغِلْ بِطَلَبِ الرِّزْقِ عَنْ أَدَاءِ الْعِبَادَةِ. وَكَانَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ إِذَا أَصَابَ أَهْلَهُ خَصَاصَةٌ يَقُولُ: قُومُوا فَصَلُّوا، ثُمَّ يَقُولُ: بِهَذَا أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ، وَيَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ)[8].

وَيُصَدِّقُهُ: قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ [الذَّارِيَاتِ: 56-58]. وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ، تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي؛ أَمْلَأْ صَدْرَكَ غِنًى، وَأَسُدَّ فَقْرَكَ، وَإِلَّا تَفْعَلْ؛ مَلَأْتُ يَدَيْكَ شُغْلًا، وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ؛ فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ. وَمَنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ نِيَّتَهُ؛ جَمَعَ اللَّهُ لَهُ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

ثُمَّ جَاءَ التَّأْكِيدُ بِأَنَّ الْعَاقِبَةَ الْمَحْمُودَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لِأَهْلِ التَّقْوَى: ﴿ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 128]؛ وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [الْقَصَصِ: 83].

الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَمِنْ أَهَمِّ الْفَوَائِدِ وَالْعِبَرِ مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ الْكَرِيمَاتِ:
1- النَّهْيُ عَنِ التَّشَوُّفِ إِلَى مَا يَمْلِكُهُ النَّاسُ مِنْ زَهْرَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا[9].

2- يَنْبَغِي لِلْمُوَفَّقِ أَلَّا يَنْظُرَ إِلَى زِينَةِ الدُّنْيَا نَظْرَةَ الْمُعْجَبِ الْمَفْتُونِ، وَأَنْ يَقْنَعَ بِرِزْقِ رَبِّهِ، وَأَنْ يَتَعَوَّضَ مِمَّا مُنِعَ مِنْهُ مِنَ الدُّنْيَا بِزَادِ التَّقْوَى[10].

3- وُجُوبُ غَضِّ الْبَصَرِ عَنِ التَّشَوُّفِ لِأَبْنِيَةِ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَلِبَاسِهِمْ، وَمَرَاكِبِهِمْ، وَسَائِرِ مُمْتَلَكَاتِهِمُ الَّتِي يَتَبَاهَوْنَ بِهَا عَلَى النَّاسِ؛ ابْتِغَاءَ زَهْرَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا[11].

4-قَوْلُهُ: ﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ ﴾ أَقْوَى مِنْ (لَا تَنْظُرْ)؛ لِأَنَّ مَدَّ الْبَصَرِ يَقْتَضِي الْإِدَامَةَ وَالِاسْتِحْسَانَ، بِخِلَافِ النَّظَرِ، فَإِنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ ذَلِكَ مَعَهُ، وَالْعَيْنُ لَا تُمَدُّ[12].

5-مَدُّ الْعَيْنَيْنِ إِلَى النَّظَرِ فِي زَهْرَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا أَصْبَحَ أَكْثَرَ انْتِشَارًا مِمَّا قَدْ مَضَى، مَعَ تَطَوُّرِ التِّقْنِيَّاتِ الْحَدِيثَةِ، وَهَذَا مِمَّا فَتَنَ النَّاسَ، وَزَهَّدَهُمْ فِي رِزْقِ رَبِّهِمْ.

6- مَا مُتِّعَ بِهِ أَهْلُ النَّعِيمِ؛ مِنَ الْمَرَاكِبِ، وَالْمَلَابِسِ، وَالْمَسَاكِنِ، وَنَحْوِهَا؛ هُوَ زَهْرَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَالزَّهْرَةُ آخِرُ مَآلِهَا الذُّبُولُ وَالْيَبَسُ وَالزَّوَالُ، وَهِيَ أَسْرَعُ أَوْرَاقِ الشَّجَرَةِ ذُبُولًا وَزَوَالًا، وَهَكَذَا الدُّنْيَا؛ زَهْرَةٌ تَذْبُلُ سَرِيعًا، نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ لَنَا حَظًّا وَنَصِيبًا فِي الْآخِرَةِ[13].

7- شَتَّانَ بَيْنَ مُجَالَسَةِ الْمَسَاكِينِ وَمُجَالَسَةِ الْمُتْرَفِينَ؛ فَمُجَالَسَةُ الْمَسَاكِينِ تُوجِبُ رِضَا مَنْ يُجَالِسُهُمْ بِرِزْقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَتُعَظِّمُ عِنْدَهُ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ بِنَظَرِهِ فِي الدُّنْيَا إِلَى مَنْ دُونَهُ، وَمُجَالَسَةُ الْمُتْرَفِينَ تُوجِبُ التَّسَخُّطَ بِالرِّزْقِ، وَمَدَّ الْعَيْنِ إِلَى زِينَتِهِمْ وَمَا هُمْ فِيهِ، وَقَدْ نَهَى اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ الْكَرِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ[14].

8- فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا رَأَى مِنْ نَفْسِهِ طُمُوحًا إِلَى زِينَةِ الدُّنْيَا، وَإِقْبَالًا عَلَيْهَا؛ أَنْ يُذَكِّرَهَا مَا أَمَامَهَا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ، وَأَنْ يُوَازِنَ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا[15].

9-يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَأْمُرَ أَهْلَهُ؛ مِنْ زَوْجَةٍ وَوَلَدٍ بِالتَّقْوَى وَالطَّاعَةِ، خُصُوصًا الصَّلَاةَ[16].

10- رِزْقُ اللَّهِ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْأَمْوَالِ وَالْمَسَاكِنِ وَالْمَرَاكِبِ؛ بَلْ هُنَاكَ أَرْزَاقٌ كَثِيرَةٌ مَغْفُولٌ عَنْهَا فِي الدُّنْيَا، وَأَعْظَمُ الرِّزْقِ هُوَ دُخُولُ الْجَنَّةِ؛ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [غَافِرٍ: 40].

11- الصَّلَاةُ جَالِبَةٌ لِلرِّزْقِ؛ ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ ﴾ فَمَنْ أَقَامَ الصَّلَاةَ، وَاصْطَبَرَ عَلَيْهَا؛ أَتَاهُ الرِّزْقُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ[17].

12- يَنْبَغِي الِاهْتِمَامُ بِمَا يَجْلِبُ السَّعَادَةَ الْأَبَدِيَّةَ، وَهُوَ التَّقْوَى؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿ وَالْعَاقِبَةُ ﴾ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ﴿ لِلتَّقْوَى ﴾ الَّتِي هِيَ فِعْلُ الْمَأْمُورِ، وَتَرْكُ الْمَنْهِيِّ، فَمَنْ قَامَ بِهَا؛ كَانَ لَهُ الْعَاقِبَةُ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 128][18].

[1] انظر: زاد المسير، لابن الجوزي (3/ 183).

[2] انظر: تفسير الطبري، (16/ 213)؛ تفسير البغوي، (3/ 281)؛ تفسير السمرقندي، (2/ 417)؛ تفسير ابن كثير، (5/ 326)؛ تفسير الخازن، (3/ 218)؛ تفسير الشوكاني، (3/ 171)؛ تفسير السعدي، (ص516).

[3] تفسير الزمخشري، (3/ 97).

[4] التفسير الوسيط، للواحدي (3/ 227).

[5] تفسير الطبري، (18/ 405).

[6] انظر: تفسير الطبري، (13/ 216)؛ تفسير الخازن، (3/ 218).

[7] تفسير القرطبي، (11/ 263).

[8] انظر: تفسير الثعلبي، (6/ 267).

[9] انظر: الإكليل، للسيوطي (ص177).

[10] انظر: فتح الرحيم الملك العلام، للسعدي (ص211).

[11] انظر: تفسير الرازي، (22/ 144).

[12] انظر: تفسير أبي حيان، (7/ 399).

[13] انظر: شرح رياض الصالحين، لابن عثيمين، (3/ 45).

[14] انظر: مجموع رسائل ابن رجب، (4/ 63).

[15] انظر: تفسير السعدي، (ص516).

[16] انظر: الإكليل، للسيوطي (ص178).

[17] انظر: تفسير ابن كثير، (5/ 327).

[18] انظر: تفسير السعدي، (ص517).





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 81.87 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 80.15 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.10%)]