|
ملتقى حراس الفضيلة قسم يهتم ببناء القيم والفضيلة بمجتمعنا الاسلامي بين الشباب المسلم , معاً لإزالة الصدأ عن القلوب ولننعم بعيشة هنية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() حقوق العلماء (1) د. أمير بن محمد المدري الحمد لله المنعم على عباده بعظيم آلائه، أحمده سبحانه على تعاقُبِ نعمائه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله أفضل رسله وخاتم أنبيائه، اللهم صلِّ وسلّم عليه وعلى آله وصحبه. وبعد: لقاءنا معكم مع حقوق العلماء.. أي علماء؟ إنهم العلماء الذين يعملون على ما يرضي الله ورسوله. العلماء الذين يعملون لخدمة العلم وأهله. نتكلم عن العلماء الذين يُقدّسون مصلحة الأمة فوق كل مصلحة، ويضحون بأعز ما لديهم في سبيل إعلاء شأنها، ورفع مستواها بين الأمم الناهضة، والشعوب الراقية. أما أولئك الذين كل همهم من الحياة أن يملأوا بطونهم وجيوبهم، وإن باءوا بغضبٍ من الله، أولئك الذين يؤجرون على تعمية أمتهم وتجهليها وسوقها إلى حيث شقاؤها المؤبد، وتعاستها الدائمة. أما هؤلاء فسحقاً لهم وبعدا. الحديث عن العلماء العاملين الذين: همُ العدولُ لِحمل العلم كيف وهم ![]() أولو المكارم والأخلاق والشيَمِ ![]() هم الجهابذةُ الأعلام تعرفهم ![]() بيْن الأنام بسيماهم ووسْمِهمِ ![]() هم ناصرو الدين والْحامون حوزته ![]() من العدو بجيش غير منهزمِ ![]() لم يبق للشمس من نورٍ إذا أفلت ![]() ونورهم مشرقٌ من بعد موتِهمِ ![]() نتكلم عن حقوق العلماء ونحن في زمن يتقدم في المغنون والمغنيات والممثلين والممثلاث والساقطين والساقطات الأحياء منهم والأموات. فضل العلماء: إن الله أحب من عباده العلماء، واصطفاهم واجتباهم ورثة للأنبياء، وزادهم من الخير والبر فجعلهم من عباده الأتقياء السعداء، وشرفهم وكرمهم فكانوا من عداد الأولياء، وأثنى عليهم في كتابه بأنهم أهل خشيته فقال: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾ [فاطر: 28]. العلماء وما أدراك ما العلماء أئمة الهدى، ومصابيح الدجى أهل الرحمة والرضا، بهم يُحتذى ويُهتدى ويُقتدى. كم طالب علم علّموه، وتائه عن صراط الرشد أرشدوه وحائر عن سبيل الله بصّروه ودلوه بقاؤهم في العباد نعمة ورحمة، وقبضهم وموتهم عذاب ونقمة. فالعلماء العاملون أشهدهم الله تعالى على نفسه، وعطَفَهم على ملائكة قُدْسه، ونصبهم حجّة على جنه وإنسه، فقال تعالى: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [آل عمران: 18]. العلماء المخلصون من اقتدى بهم اهتدى، ومن ضل عنهم اعتلّ وزلّ. العلماء الأجلاء هم ورثة الأنبياء، ورثوا أعظم إرث من أعظم موروث، قال الصادق المصدوق: «العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورّثوا العلم فمن أخذه فقد أخذ بحظٍّ وافر»؛ [رواه أبو داود رقم (3641، 3642)، في العلم، باب الحث على طلب العلم، والترمذي رقم (2683، 2684)، في العلم، باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة، وهو في صحيح الجامع حديث رقم (6297)]. العلماء المعلمون، العلماء الدعاة إلى الله، العلماء الربانيون هم خير الناس، قال صلى الله عليه وسلم: »خيركم من تعلم القرآن وعلمه» [البخاري ومسلم]. إن الناس يشتركون في الموت على حدّ سواء، لكن بينهم في الذكر كما بين الأرض والسماء، وللعلماء الربانيين بعد وفاتهم أحسن الذكر وأطيبه، إننا نذكرهم أكثر من ذكر الآباء والأجداد، نذكرهم فنترحم عليهم وندعو لهم، وما ذلك إلا لما حملوه من الفضل وخلّفوه من العلم؛ قال المصطفى: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» [مسلم] هم في حياتهم عند أهل الجهل أموات، وبعد وفاتهم عند أهل العلم أحياء. العلماء هم أرفع الناس درجات قال الله جل وعلا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [المجادلة: 11] فلله درهم وعليه أجرهم ما أحسن أثرهم وأجمل ذكرهم، رفعهم الله بالعلم وزينهم بالحلم، بهم يعرف الحلال من الحرام والحق من الباطل، حياتهم غنيمة وموتهم مصيبة، يُذكرون الغافل، ويُعَّلمون الجاهل، جميع الخلق إلى علمهم محتاج، هم سراج العباد، ومنار البلاد، وقوام الأمة، وينابيع الحكمة، هم غيظ الشيطان، بهم تحيا قلوب أهل الحق وتموت قلوب أهل الزيغ، مثلهم في الأرض كمثل النجوم في السماء يُهتدى بها في ظلمات البر والبحر، إذا انطمست النجوم تحيروا، وإذا أسفر عنها الظلام أبصروا. دخل الخليفة عبد الملك بن مروان المسجد الحرام يطوف بالبيت هو وابنيه ثم جاء ليسأل عالم مكة وهو عطاء بن أبي رباح، فجلس بين يديه يسأله وهو يجيب. ثم لما انصرف الخليفة قال لولديه: «يَا بَنِيَّ تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ فَإِنْ كُنْتُمْ سَادَةً فُقْتُمْ، وَإِنْ كُنْتُمْ وَسَطًا سُدْتُمْ، وَإِنْ كُنْتُمْ سُوقَةً عِشْتُمْ» [ أدب الدنيا والدين:36]. وعطاء رحمه الله كان عبداً أسود أفطس مفلفل الشعر، كان أبوه عبداً من العبيد، ولكن رفع الله عطاء بهذا العلم حتى صار الخليفة يأتي إليه ويجلس بين يديه يستفتيه. وهكذا يرفع الله بالعلم أقواماً ويضع آخرين. إن من أمارات الساعة أن يُرفع العلم، ويفشو الجهل، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج، وما رفْعُ العلم بانتزاعه من صدور أهله، وإنما بموتهم، قال: «إن الله لا يقبض العلم ينتزعه انتزاعاً من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يترك عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا» [صحيح البخاري (100)، صحيح مسلم (2673) عن عبد الله بن عمرو ب]، وقال عبد الله بن كعب رضي الله عنه: «عليكم بالعلم قبل أن يقبض، وقبضه ذهاب أهله» [رواه ابن عبد البر في جامع العلم (1/ 596) [1024]. يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه «الناس ثلاثة: فعالمٌ رباني، ومتعلمٌ على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق، العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، العلم يزكو بالإنفاق والمال تنقصه النفقة، مات خزّان الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة» [إحياء علوم الدين للغزالي (1/ 17، 18)]. حقوق العلماء: إن الله تعالى قد فرض لأهل العلم الراسخين والأئمة المرضيين حقوقاً واجبة وفروضا لازمة من أهمها: أولاً: محبتهم وموالاتهم وذلك أنه يجب على المؤمن محبة المؤمنين وموالاتهم فالمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض، قال ابن تيمية رحمه الله: « يجب على المسلمين بعد موالاة الله ورسوله، موالاة المؤمنين كما نطق به القرآن خصوصاً العلماء الذين هم ورثة الأنبياء »[ رفع الملام عن الأئمة الأعلام، له: ص 3]. أي جمالٍ للدنيا إذا قل فيها علماؤها، وندر فيها عُبادها وبقي فيها طلابها ومحبوها وعاشقوها؟! فمن يُبصِّر الناس بدينهم؟ ومن يذكر الناس بربهم وخالقهم؟ ومن يدلهم إلى طريق ربهم ومعبودهم؟ الأرض تحيا إذا ما عاش عالمها ![]() متى يمت عالم منها يمت طرف ![]() كالأرض تحيا إذا ما الغيث حل ![]() بها وإن أبى عاد في أكنافها التلف ![]() إذا أحب الله عبدًا حبّب إلى قلبه أولياءه العلماء فأحبهم في الله ودعا لهم، واعتقد فضلهم، وكان خير معين لهم. حُب العلماء طاعة وقربة وإيمان بالله وحُسبة. نحبهم لكتاب الله الذي حفظوه، ولسنة رسول الله التي وعوها وعلموها ودعوا إليها. نحبهم للدين نحبهم لسمت الأخيار وشعار الصالحين. نحبهم لعظيم بلائهم على الأمة وما قدموا من خير لها، فاللهم عظم أجورهم وثقل في الآخرة موازينهم. إذا أحبّ الله عبدًا من عباده حبّب إلى قلبه العلماء، ومن أَحبَّ قومًا حُشر معهم. جاء رجل إلى رسول اللهصلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم ـ أي ليس عنده كثير صلاة ولا صلاح ولا صيام يحب الصالحين وليس عنده كثيرٌ من الصلاح ويحب العلماء وليس عنده العلم، يحب القوم ولما يلحق بهم فقال: «المرء مع من أحب» [ أخرجه البخاري، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب/ باب المرء مع من أحب (16/ 188) عن ابن مسعود]. من أحب العلماء حُشر مع الأتقياء السعداء: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾ [النساء: 69]. فحُب أهل العلم والدين قُربة وطاعة فإذا رأيتم الرجل يذكر أهل العلم بالجميل ويُحبهم ويقتدي بهم فأمَّلوا فيه الخير، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم. ومن حقوق أهل العلم ثانياً: احترامهم وتوقيرهم وإجلالهم لأنه من إجلال الله تعالى وتوقيره. واعملوا بمثل قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «إن من إجلال الله ـ تعالى ـ، إكرامَ ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن، غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط» [رواه أبو داود]. ومن حقوقهم ثالثاً: الذب عن أعراضهم وعدم الطعن فيهم فإن الطعن في العلماء العاملين والأئمة المهديين طعن في الدين وإيذاء لأولياء الله الصالحين، ومجلبة لغضب الله رب العاملين الذي قال كما في الحديث القدسي: «من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب» [رواه البخاري]. ولله در من قال: «من سل لسانه في العلماء بالسب ابتلاه الله في آخر عمره بموت القلب». كم شاهد الناس عِبَراً وقصصاً متواترة في من اعتدوا على العلماء والصالحين في أعراضهم أو آذوهم كيف انتقم الله لأوليائه. من أعظم وأشد علامة على الزيغ وسوء النية، وخبث الطوية تكفير الأئمة والطعن في العلماء حاضرهم وسالفهم، فإذا رأيت الرجل هذا حاله ففر منه كما تفر من المجذوم، فإن من هذا حاله فهو خبيث الطوية، سيئ النية والمقصد. تكذيب العلماء: ومِن المؤلم والمؤسف أن يُكذّب العلماء الربانيون، وتُنسف أقوالهم وتُترك فتاواهم، ويُصدق الجهَلة الصغار ما شموا رائحة العلم ولا ذاقوا حلاوته، يفتلون عضلاتهم أمام جهابذة من كبار علماء الشريعة ومفكريها، الذين أفنوا عشرات السنين في تعلُّم العلم وتعليمه، وتأليف الكتب فيه والدعوة إلى الله، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولله الأمر من قبل ومن بعد، لكنها سننٌ إلهية جارية، وأقدار ربانية محكمة، وفتن مميّزة ممحصة، ليتبين الصادق من الكاذب، ويتميز الخبيث من الطيب، ويذهب الزبد جفاء غير مأسوف عليه، ولا يبقى في الأرض إلا ما ينفع الناس: ﴿ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ ﴾ [الرعد: 17]. نَعَمْ يتدافع الحق والباطل، ويتصارع الصدق والكذب، ويتبارى الخير والشر، ويتكلم المؤمنون ويتشدق المنافقون، ويُدلي العلماء بالأدلة الناصعة والحجج الدامغة، ويُلقي السفهاء بالشبهات الفاسدة والتلبيسات الواهية، ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنعام: 125]. أسأل الله أن يوفقنا لطاعته، وأن يجنبنا معصيته، إنه خير مسؤول، وصلى الله وسلم على الرسول وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |