آداب استعمال أجهزة الاتصالات الحديثة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         هل من خصائص النبي محمد عليه الصلاة والسلام أنه لا يورث دون غيره من الأنبياء؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          بيان اتصاف النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          نقض شبهة "البخاري بشر يخطئ فلم تجعلون صحيحه فوق النقد؟!" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          تفسير قوله تعالى: {ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا ...} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 475 - عددالزوار : 160104 )           »          مفهوم الشرك في القرآن الكريم: قراءة تفسيرية موضوعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 8 )           »          نصائح ومواعظ للاسرة المسلمة فى رمضان______ يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 29 - عددالزوار : 39 )           »          تحريم الحلف بالطواغيت والأنداد كاللات والعزى وغيرها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          كان صلى الله عليه وسلم يتداوى بالقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          التسبيح في سورة (ق) تفسيره ووصية النبي صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم اليوم, 12:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,308
الدولة : Egypt
افتراضي آداب استعمال أجهزة الاتصالات الحديثة

آداب استعمال أجهزة الاتصالات الحديثة

الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري

الحمدُ للهِ الذي رَضِيَ الإسلامَ للمؤمنينَ دينًا، وأعانَهُم على طاعتهِ هدايةً منهُ وكَفَى بربِّكَ هاديًا ومُعينًا، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له في رُبوييَّته وإِلَهيَّتهِ، تعالَى عن ذلكَ﴿ عُلُوًّا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 43]، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، أرسلَهُ بالحقِّ ﴿ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا ﴾ [الأحزاب: 45-46]، صلَّى اللهُ عليهِ وعلى آله وأصحابهِ وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا.


أما بعد: فيا أيها الناسُ اتقوا اللهَ تعالى كما أَمَرَ، واشكروا نِعَمَهُ الظاهرة والباطنة، ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ [النحل: 53]، ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الجاثية: 13]، ومِمَّا سَخَّرَهُ لكم أنْ علَّمَكُم ما لَم تكونوا تعلمون، قال تعالى: ﴿ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 151]، ومِمَّا سَخَّرَه لكم الهواتف الجوَّالة الآلية والذي تم صنع أول جهاز سنة 1393 للهجرة، وأجهزة الحواسب الالكترونية والشبكة المعلوماتية الدولية -وهو ما يُسمَّى بالانترنت- والذي تَمَّ إنشاء أول شبكة سنة 1389، وفي 1414 تَمَّ اختراع وتأسيس الشبكة العنكبوتية حتى أَطلق جمهور أهل الإعلام لقب القرية الواحدة على الكرة الأرضية، وأيضًا تَمَّ صنع الذكاء الاصطناعي وهو من فروع علم الحاسوب، وأصبحت هذه الأجهزة تُكوِّنُ دورًا مُهمًَّا في الحياةِ، فهي أهمُّ وسائل الاتصالات حديثًا، وأسرَعِها، وتُعطي فُرصة الإيضاحِ بلا عَنَاء، فكم فيها مِن توفير الْجُهدِ والوقتِ والْمَالِ، وتلبيةِ المطلُوبِ بأقصرِ وَقْتٍ، ورفعِ مَشَقَّةِ الذهابِ والإيابِ، بل والسَّفَرِ مِن مدينةٍ لأُخرى، بلْ ومِن دولةٍ لأُخرى، بلْ ومِن شرقِ الأرضِ إلى غربها، ومِن شَمَالِها إلى جنوبها، لأُمورٍ ومَصالِح تُقضى بهذه البرامج، وتسهيلِ صلةِ الرَّحِمِ، لا سِيَّمَا مَعَ مَن قَطَعَكَ، وتُسْقِي بها شَجَرةَ الإخاءِ بينَكَ وبينَ مَن شاء اللهُ مِمَّن تَعْرِفُه مِن المسلمين وأنتَ في بيتِكَ، وقضاءِ حوائِجِ أهلِكَ وإخوانِك، والتسهيلِ عليكَ في بيعِكَ وشِرائِكَ، وأنتَ في بيتِكَ، فللهِ الْحَمْدُ والشُّكْرُ على نِعَمِه، لذا صارَت هذه الأجهزة حقيقةً ببيانِ آدابِ استعمالِها شرْعًا:
فمنها: البداءةُ عندَ استخدامِ أو تشغيلِ هذهِ الأجهزةِ بذكرِ اسمِ الله، قال صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ كَلامٍ أَوْ أَمْرٍ ذِي ‌بَالٍ ‌لا ‌يُفْتَحُ بذِكْرِ اللهِ، فَهُوَ أَبْتَرُ-أَوْ قَالَ: أَقْطَعُ) رواه أحمد وصحَّحه شاكر.


ومنها: الحذر من استعمالها فيما حرَّمته الشريعةُ ونهت عنه من الكذب والبهتان والافتراء والتزوير، ومن ذلك: تزييف الصور والمقاطع الصوتية والمرئية، وانتحال الشخصيات، وذلك بهدف قلب الحقائق، ونشر المعلومات الْمُضلِّلة، والْمَساس بالسُّمعةِ والأعراض، والإضرارِ بالأبرياءِ، وتلفيق الفتاوى المكذوبةِ على العلُماءِ، والله يقول: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18].


ومنها: التثبُّتُ مِن الأخبار المنشورة عبر هذه الوسائل، وعدم الانسياق والتصديق لكلِّ ما يُنشر، قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ [الحجرات: 6]، وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (كَفَى بالْمَرْءِ كَذِبًا ‌أنْ ‌يُحَدِّثَ ‌بكُلِّ ‌ما ‌سَمِعَ) رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم في حجَّة الوَدَاعِ: (فإنَّ دِمَاءَكُمْ ‌وأَمْوَالَكُمْ ‌وأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، في بَلَدِكُمْ هَذا، في شَهْرِكُمْ هذا) متفقٌ عليهِ، والحذر من نشر الكذب والبهتان على مجتمعات المسلمين وأفرادهم، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (‌مَنْ رَمَى مُسْلِمًَا بشَيْءٍ يُرِيدُ شَيْنَهُ بهِ، حَبَسَهُ اللهُ على جِسْرِ جَهَنَّمَ حتى يَخْرُجَ مِمَّا قالَ) رواه أبو داود وحسَّنه الألباني، وقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَالَ في مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ، ‌أَسْكَنَهُ ‌اللهُ ‌رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ) رواه الإمام أحمد وصححه محققو المسند.

ومنها: عدمُ إيذاءِ المسلمينَ بهذهِ الأجهزةِ وغيرِها، فأَذِيَّةُ الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، وتَخَوُّنُهُ حَرَامٌ، وهَتْكُ حُرُماتِهِ حَرَامٌ، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 58]، وقال صلى الله عليه وسلم: (‌الْمُسْلِمُ ‌مَنْ ‌سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ) رواه البخاري ومسلم.


ومِن هذه الأذايا: تصويرُ الْمُسْلِمِ وتسجيلُ كلامِه ونشرُه عبرَ هذه الوسائلِ بدون إذنه، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ الحَدِيثَ ثُمَّ التَفَتَ ‌فَهِيَ ‌أَمَانَةٌ) رواه الترمذي وحسَّنه، قال الْمَاوَرْدِيُّ: (إِظْهَارُ ‌الرَّجُلِ ‌سِرَّ ‌غَيْرِهِ أَقْبَحُ مِنْ إظْهَارِهِ سِرَّ نَفْسِهِ؛ لأَنَّهُ يَبُوءُ بِإِحْدَى وَصْمَتَيْنِ: الْخِيَانَةُ إنْ كَانَ مُؤْتَمَنًا، أَوْ النَّمِيمَةُ إنْ كَانَ مُسْتَوْدَعًا) انتهى.


وبعضُ الناس يزيدُ في الْخِيانةِ فَيَتَصَرَّفُ في نص التسجيل والتصوير بتقطيع وتقديمٍ وتأخيرٍ وإدخالٍ وإخراجٍ وهو ما يُسمّى بالدَّبْلَجة، فتتضاعفُ خيانتُه وفُجُورُه، ويَدْخُلُ فيه: تصويرُ مقاطعَ لِمَواقفَ حَصَلَت لبعضِ الناسِ مِن حادثٍ أو كلامٍ ونشرها بدون إذنهِم مَعَ الكَذَبِ في التعليقِ على هذهِ المقاطعَ لإضحاكِ الناسِ عليهم، وقال صلى الله عليه وسلم: (وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ بِالْحَدِيثِ لِيُضْحِكَ بِهِ القَوْمَ فَيَكْذِبُ، ‌وَيْلٌ ‌لَهُ ‌وَيْلٌ ‌لَهُ) رواه الترمذيُّ وحسَّنه، ويَحْرُم مُشاهدةُ ونشرِ هذه المقاطع: قال صلى الله عليه وسلم: (مَنِ اسْتَمَعَ إِلَى حَدِيثِ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ أَوْ يَفِرُّونَ مِنْهُ، صُبَّ في أُذُنِهِ الآنُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) رواه البخاري.


ومنها: عدم مُشاهدةِ ونشرِ المقاطعِ الخبيثة، والله تعالى يقول: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النور: 19]، ويقولُ سبحانه: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء: 32]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36]، وقال تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ﴾ [النور: 30-31]، قال أبو حيَّان: (قَدَّمَ غَضَّ الْبَصَرِ عَلَى حِفْظِ الْفَرْجِ لأَنَّ النَّظَرَ بَرِيدُ الزِّنَا وَرَائِدُ الْفُجُورِ، وَالْبَلْوَى فِيهِ أَشَدُّ وَأَكْثَرُ) انتهى، وقال صلى الله عليه وسلم: (العَيْنَان زِنَاهُمَا النَّظَرُ) رواه مسلم، وقال ابنُ مُفلح الحنبلي: (ويَحرُمُ النَّظَرُ بِشهوةٍ، ومَنِ استحلَّه كَفَرَ إجماعًا، قاله شيخنا) انتهى، والحذرَ الحذرَ مِن فتنةِ النظر وعُقُوبَتِهِ، فَأَمَّا فِتْنَتُهُ فَكَمْ مِنْ شَابٍ مُستقيمٍ انحرَفَ بِسَبَبِ نَظْرَةٍ، وكَمِ اسْتَغَاثَ مَنْ وَقَعَ في تِلْكَ الْفِتْنَةِ، فعَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ: (نَظَرْتُ إِلَى امْرَأَةٍ فَأَعْجَبَتْنِي، فَكُفَّ بَصَرِي، فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَفَّارَةً) رواه أبو نُعيم في الحِلية، وقال ابنُ رجبٍ: (سُئِلَ الْجُنَيدُ رحمه الله:‌‌ بِمَ ‌يُستَعَانُ ‌عَلَى ‌غَضِّ ‌البَصَرِ؟ قَالَ: بِعِلمِكَ أَنَّ نَظَرَ اللهِ إِلَيكَ أَسبَقُ مِنْ نَظَرِكَ إِلى مَا تَنظُرُه) انتهى، قال تعالى: ﴿ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [يونس: 61].


ومنها: الحذرُ من استغلالِ هذه الأجهزةِ في البحث عن النساءِ ومُعاكستِهِنَّ وإفسادِهِنَّ، يَتَتبَّعُون مَحارِمَ المسلمين، وهذا وأيمُ اللهِ حَرامٌ حَرامٌ وإثمٌ وجُناحٌ، وفاعلُه حَرِيٌّ بالعقوبةِ العاجلةِ، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 58]، نعوذُ باللهِ مِن العارِ، ومِن خِزيِ الدُّنيا وعذابِ الآخرة، آمين.


ومنها: عدمُ إمضاءِ الوقتِ الطويلِ على هذه الأجهزة، فكَمْ مِن مُصابٍ بها، فمن حينَ يرفَعُ رأسهُ مِن نومتهِ يُبادرُ بالنظر في أجهزته، كالطفلِ يَلْتَقِمُ ثَدْيَ أُمِّه، تاركًا أذكارَ الاستيقاظِ من نومه، وليسَ مع مثل هؤلاءِ حديثٌ إلا بأن تسألَ الله العافية، والنبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ: (إنَّ اللهَ كَرِهَ لَكُمْ ثلاثًا: ‌قِيلَ ‌وقَالَ، وإضاعةَ الْمَالِ، وكَثْرَةَ السُّؤَالِ) رواه البخاري، وقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (لا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ ‌يَوْمَ ‌القِيَامَةِ ‌حَتَّى ‌يُسْأَلَ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلاهُ) رواه الترمذيُّ وصحَّحه.


ومنها: الحذرُ من استغلالِ هذه الأجهزة في ترويع المسلمِ وإخافتهِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ ‌أَنْ ‌يُرَوِّعَ ‌مُسْلِمًا) رواه الإمامُ أحمد وصححه محققو المسند.


ومنها: الحذرُ مِن الدخول على مواقعِ نشرِ الإلحادِ والتشكيكِ في الدِّين والاستهزاءِ به، قال تعالى: ﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ﴾ [النساء: 140]، وأتى عُمَرُ رضي الله عنه إلى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم (بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ الْكُتُبِ قَالَ: فَغَضِبَ، وقالَ: «أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ‌لَقَدْ ‌جِئْتُكُمْ ‌بِهَا ‌بَيْضَاءَ نَقِيَّةً») رواه ابن أبي عاصمٍ وحسَّنه الألباني.


ومنها: الحرصُ على استغلالِ هذهِ الأجهزةِ في نشر الإسلامِ والدعوةِ إلى التوحيدِ والسُّنةِ، ومحاسنِ الأخلاق، ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [يوسف: 108].

الخطبة الثانية
أما بعد: فمن الآداب في استخدام هذه الأجهزة والشبكة المعلوماتية: مراقبة الأبناءِ والبناتِ وتحذيرُهم مِن مخاطرِها، ودِلالتِهم إلى كيفيةِ الاستفادةِ منها، وإلزامُهم بوقتٍ مُحدَّدٍ وتكونُ أنت القدوة في ذلك، وتنميةُ الوازعِ الدِّينيِّ لديهم بمراقبةِ الله وخشيتهِ والاستحياءِ مِن نظَرِه سبحانه، وتفعيل البرامج التي تحجُبُ المواقع الْمُحرَّمة، قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6]، وقال صلى الله عليه وسلم: (أَلا ‌كُلُّكُمْ ‌رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) رواه البخاري ومسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ عَبْدٍ يسترعيه اللهُ رَعِيَّةً ‌فَلَمْ ‌يَحُطْهَا ‌بِنُصْحِهِ، إِلا لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ) رواه البخاري، وفي روايةٍ لمسلمٍ: (مَا مِنْ عَبْدٍ ‌يَسْتَرْعِيهِ ‌اللهُ ‌رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ)، وقالت هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية في المملكة عبر موقعها: (لحماية أطفالك: تأكد من الحديث معهم حولَ فوائدِ ومخاطر العالم الرقمي، بالإضافة إلى اتباع الإجراءاتِ التي تُسهم في حِمايتهم، ومِن بينها: تفعيل خاصية التحكُّم الأَبَوي في أجهزتهم الْمُتنقِّلة، وتحديدِ أوقاتٍ لاستخدامها، ومساعدتهِم عند تأسيس البريد الإلكتروني وحساباتِ التواصل الاجتماعي) انتهى، وعليكَ أخي المسلم بتبليغ الجهاتِ المسؤولةِ عن أيِّ جريمةٍ في هذه الأجهزةِ تَمُسُّ الدِّينَ أو الأمنَ أو الأموالِ أو الأعراضِ أو العُقول.


وبعد يا عبدَ الله: فهذه الأجهزةُ سلاحٌ ذو حدَّينِ، فهي تنطوي على مخاطرَ ومحاذير، وتنطوي على محاسن وفوائد، وما مضى ذكرُه هو جملةُ آداب استعمال هذه الأجهزة والشبكة المعلوماتية الدولية والذكاء الاصطناعي، عليكَ أخي المسلم التحلِّي بها، ومجموعةٌ مِن المناهي والمحاذير التي يَجبُ اجتنابُها، وهيَ تَدُلُّ على غيرِها مما لم يُذكر، وأمَّا الأحكامُ الفقهيةِ الأخرى كإجراءِ العقودِ في أجهزة الاتصالاتِ الحديثة، فلها أحكامٌ مفصَّلةٌ لدى عَدَدٍ مِن فُقهاءِ العصرِ، وقد قامَ مَجْمعُ الفقهِ الإسلاميُّ الدَّوْلِيُّ بدراسةِ عددٍ منها، وأصدرَ فيها القراراتِ اللازمةِ.


رَزَقَنَا اللهُ خيرَ هذهِ الأجهزةِ وخيرَ ما فيها، وأعاذنا من شرِّها وشرِّ ما فيها.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 59.96 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 58.29 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.79%)]