عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 27-02-2023, 11:37 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,341
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد

تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء السابع

سورة الزمر
الحلقة (470)
صــ 151 إلى صــ 160





قوله تعالى: وآخر قرأ أبو عمرو، والمفضل: "وأخر" بضم الهمزة من غير مد، فجمعا لأجل نعته بالأزواج، وهي جمع . وقرأ الباقون بفتح الألف ومده على التوحيد، واحتجوا بأن العرب تنعت الاسم إذا كان فعلا بالقليل [ ص: 151 ] والكثير; قال الفراء: تقول: عذاب فلان ضروب شتى، وضربان مختلفان; وإن شئت جعلت الأزواج نعتا للحميم والغساق والآخر، فهن ثلاثة، والأشبه أن تجعله صفة لواحد، وقال الزجاج : من قرأ "وآخر" بالمد، فالمعنى: وعذاب آخر من شكله أي: مثل الأول . ومن قرأ: "وأخر"، فالمعنى: وأنواع أخر، لأن قوله: أزواج بمعنى أنواع . وقال ابن قتيبة : "من شكله" أي: من نحوه، "أزواج" أي: أصناف . وقال ابن جرير: "من شكله" أي: من نحو الحميم . قال ابن مسعود في قوله: "وآخر من شكله": هو الزمهرير . وقال الحسن: لما ذكر الله تعالى العذاب الذي يكون في الدنيا، قال: "وآخر من شكله" أي: وآخر لم ير في الدنيا .

قوله تعالى: هذا فوج هذا قول الزبانية للقادة المتقدمين في الكفر إذا جاؤوهم بالأتباع . وقيل: بل هو قول الملائكة لأهل النار كلما جاؤوهم بأمة بعد أمة . والفوج: الجماعة من الناس، وجمعه: أفواج . والمقتحم: الداخل في الشيء رميا بنفسه . قال ابن السائب: إنهم يضربون بالمقامع، فيلقون أنفسهم في النار ويثبون فيها خوفا من تلك المقامع . فلما قالت [ ص: 152 ] الملائكة ذلك لأهل النار، قالوا: لا مرحبا بهم، فاتصل الكلام كأنه قول واحد، وإنما الأول من قول الملائكة، والثاني من قول أهل النار; وقد بينا مثل هذا في قوله: ليعلم أني لم أخنه بالغيب [يوسف: 52] . والرحب والرحب: السعة . والمعنى: لا اتسعت بهم مساكنهم . قال أبو عبيدة: تقول العرب للرجل: لا مرحبا [بك] أي: لا رحبت عليك الأرض . وقال ابن قتيبة : معنى قولهم: "مرحبا وأهلا" أي: أتيت رحبا، أي: سعة، وأهلا، أي: أتيت أهلا لا غرباء، فائنس ولا تستوحش، وسهلا، أي: أتيت سهلا لا حزنا، وهو في مذهب الدعاء، كما تقول، لقيت خيرا . قال الزجاج : و "مرحبا" منصوب بقوله: رحبت بلادك مرحبا، وصادفت مرحبا، فأدخلت "لا" على ذلك المعنى .

قوله تعالى" إنهم صالو النار أي: داخلوها كما دخلناها، ومقاسون حرها . فأجابهم القوم، فـ قالوا بل أنتم لا مرحبا بكم أنتم قدمتموه لنا . إن قلنا: إن هذا قول الأتباع للرؤساء، فالمعنى: أنتم زينتم لنا الكفر; [وإن قلنا: إنه قول الأمة المتأخرة للأمة المتقدمة، فالمعنى: أنتم شرعتم لنا الكفر] وبدأتم به قبلنا، فدخلتم النار قبلنا فبئس القرار أي: بئس المستقر والمنزل .

قالوا ربنا من قدم لنا هذا أي: من سنه وشرعه فزده عذابا ضعفا في النار وقد شرحناه في [الأعراف: 38] . وفي القائلين لهذا قولان . أحدهما: أنه قول جميع أهل النار، قاله ابن السائب . والثاني: قول الأتباع . قاله مقاتل .

قوله تعالى: وقالوا يعني أهل النار ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار قال المفسرون: إذا دخلوا النار، نظروا فلم يروا من كان [ ص: 153 ] يخالفهم من المؤمنين، فيقولون ذلك . قال مجاهد: يقول أبو جهل في النار: أين صهيب، أين عمار، أين خباب، أين بلال؟!

قوله تعالى: أتخذناهم سخريا قرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي: "من الأشرار اتخذناهم" بالوصل على الخبر; أي: [إنا] اتخذناهم، وهؤلاء يبتدئون بكسر الهمزة . وقرأ الباقون بقطع الألف وفتحها على معنى الاستفهام، وهؤلاء يبتدئون بفتح الهمزة . وقال الفراء: وهذا استفهام بمعنى التعجب والتوبيخ، والمعنى أنهم يوبخون أنفسهم على ما صنعوا بالمؤمنين . و "سخريا" يقرأ بضم السين وكسرها . وقد شرحناها في آخر سورة [المؤمنين: 110] أم زاغت عنهم الأبصار أي: وهم معنا في النار ولا نراهم؟! وقال أبو عبيدة: "أم" هاهنا بمعنى "بل" .

قوله تعالى: إن ذلك لحق قال الزجاج : [أي]: إن الذي وصفناه عنهم لحق . ثم بين ما هو، فقال: هو تخاصم أهل النار وقرأ أبو الجوزاء، وأبو الشعثاء، وأبو عمران، وابن أبي عبلة: "تخاصم" برفع الصاد وفتح الميم، وكسر اللام من "أهل" وقرأ أبو مجلز، وأبو العالية، وأبو المتوكل، وابن السميفع: "تخاصم أهل" بفتح الصاد والميم ورفع اللام .
قل هو نبأ عظيم . أنتم عنه معرضون . ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون . إن يوحى إلي إلا أنما أنا نذير مبين . إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين . [ ص: 154 ] فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين . فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين . قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين . قال فاخرج منها فإنك رجيم . وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين . قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون . قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم . قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين . إلا عبادك منهم المخلصين . قال فالحق والحق أقول . لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين . قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين . إن هو إلا ذكر للعالمين . ولتعلمن نبأه بعد حين .

قوله تعالى: قل هو نبأ عظيم النبأ: الخبر . وفي المشار إليه قولان . أحدهما: أنه القرآن، قاله ابن عباس، ومجاهد، والجمهور . والثاني: أنه البعث بعد الموت، قاله قتادة . أنتم عنه معرضون أي: لا تتفكرون فيه فتعلمون صدقي في نبوتي، وأن ما جئت به من الأخبار عن قصص الماضين لم أعلمه إلا بوحي من الله . ويدل على هذا المعنى قوله: ما كان لي من علم بالملإ الأعلى يعني الملائكة إذ يختصمون في شأن آدم حين قال الله تعالى: إني جاعل في الأرض خليفة [البقرة:30]; والمعنى: إني [ ص: 155 ] ما علمت هذا إلا بوحي، إن يوحى إلي أي: ما يوحى إلي إلا أنما أنا نذير [أي]: إلا أني نبي أنذركم وأبين لكم ما تأتونه وتجتنبونه .

إذ قال ربك هذا متصل بقوله: "يختصمون"، وإنما اعترضت تلك الآية بينهما . قال ابن عباس: اختصموا حين شووروا في خلق آدم، فقال الله لهم: إني جاعل في الأرض خليفة ، وهذه الخصومة منهم إنما كانت مناظرة بينهم . وفي مناظرتهم قولان .

أحدهما: أنه قولهم: أتجعل فيها من يفسد فيها [البقرة: 30]، قاله ابن عباس، ومقاتل .

والثاني: أنهم قالوا: لن يخلق الله خلقا إلا كنا أكرم منه وأعلم، قاله الحسن; هذا قول الأكثر من المفسرين . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: رأيت ربي عز وجل، فقال لي: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: أنت أعلم يا رب، قال: في الكفارات والدرجات، فأما الكفارات، فإسباغ الوضوء في السبرات، ونقل الأقدام إلى الجماعات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة . وأما الدرجات، فإفشاء السلام، وإطعام الطعام، والصلاة بالليل والناس نيام" .

[ ص: 156 ] [ ص: 157 ] قوله تعالى: أستكبرت أي: أستكبرت بنفسك حين أبيت السجود أم كنت من العالين أي: من قوم يتكبرون فتكبرت عن السجود لكونك من قوم يتكبرون؟!

قوله تعالى: فإنك رجيم أي: مرجوم بالذم واللعن .

قوله تعالى: إلى يوم الوقت المعلوم وهو وقت النفخة الأولى، وهو حين موت الخلائق .

وقوله: فبعزتك يمين بمعنى: فوعزتك . وما أخللنا به في هذه القصة فهو مذكور في [الأعراف: 12] و [الحجر: 34] وغيرهما مما تقدم .

قوله تعالى: قال فالحق والحق أقول قرأ عاصم إلا حسنون عن هبيرة، وحمزة، وخلف، وزيد عن يعقوب: "فالحق" بالرفع في الأول ونصب الثاني، وهذا مروي عن ابن عباس، ومجاهد; قال ابن عباس في معناه: [ ص: 158 ] فأنا الحق وأقول الحق; وقال غيره: خبر الحق محذوف، تقديره: الحق مني . وقرأ محبوب عن أبي عمرو بالرفع فيهما; قال الزجاج : من رفعهما جميعا، كان المعنى فأنا الحق والحق أقول وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو ، وابن عامر، والكسائي: بالنصب فيهما . قال الفراء: وهو على معنى قولك: حقا لآتينك، ووجود الألف واللام وطرحهما سواء، وهو بمنزلة قولك: حمدا لله . وقال مكي بن أبي طالب: انتصب الحق الأول على الإغراء، أي: اتبعوا الحق، واسمعوا والزموا الحق . وقيل: هو نصب على القسم، كما تقول: الله لأفعلن، فتنصب حين حذفت الجار، لأن تقديره: فبالحق; فأما الحق الثاني، فيجوز أن يكون الأول، وكرره توكيدا، ويجوز أن يكون منصوبا بـ "أقول"، كأنه قال: وأقول الحق . وقرأ ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وأبو رجاء، ومعاذ القارئ، [والأعمش]: "فالحق" بكسر القاف "والحق" بنصبها . وقرأ أبو عمران [الجوني] بكسر القافين جميعا . وقرأ أبو المتوكل، وأبو الجوزاء، وأبو نهيك: "فالحق" بالنصب "والحق" بالرفع .

قوله تعالى: لأملأن جهنم منك أي: من نفسك وذريتك .

قل ما أسألكم عليه من أجر أي: على تبليغ الوحي وما أنا من المتكلفين أي: لم أتكلف إتيانكم من قبل نفسي، إنما أمرت أن آتيكم، ولم أقل القرآن من تلقاء نفسي، إنما أوحي إلي .

[ ص: 159 ] إن هو أي: ما هو، يعني القرآن إلا ذكر أي: موعظة للعالمين .

ولتعلمن يا معاشر الكفار نبأه أي: خبر صدق القرآن بعد حين وفيه ثلاثة أقوال . أحدها: بعد الموت . والثاني: يوم القيامة، رويا عن ابن عباس، وبالأول يقول قتادة، وبالثاني يقول عكرمة . والثالث: يوم بدر، قاله السدي، ومقاتل . وقال ابن السائب: من بقي إلى أن ظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم علم ذلك، ومن مات علمه بعد الموت . وذهب بعض المفسرين إلى أن هذه الآية منسوخة بآية السيف، ولا وجه لذلك .
[ ص: 160 ] سورة الزمر

وتسمى سورة الغرف

فصل في نزولها

روى العوفي وابن أبي طلحة عن ابن عباس أنها مكية، وبه قال الحسن، ومجاهد، وعكرمة، وقتادة، وجابر بن زيد . وروي عن ابن عباس أنه قال: فيها آيتان نزلتا بالمدينة: قوله: الله نزل أحسن الحديث [الزمر: 23] وقوله: يا عبادي الذين أسرفوا [الزمر: 53] . وقال مقاتل: فيها من المدني قل يا عبادي الذين أسرفوا . . . الآية [الزمر: 53]، وقوله: للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة [الزمر: 10] . وفي رواية أخرى عنه قال: فيها آيتان مدنيتان يا عبادي الذين أسرفوا [الزمر: 53] وقوله: يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم [الزمر: 10] . وقال بعض السلف: فيها ثلاث آيات مدنيات قل يا عبادي الذين أسرفوا إلى قوله: وأنتم لا تشعرون [الزمر:53-55] .





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 42.49 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 41.86 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.48%)]