رد: القصة الشعرية في العصر الجاهلي
القصة الشعرية في العصر الجاهلي
د. إبراهيم عوض
ونظل مع امرئ القيس في لهوه، ولكن في غير ميدان القنص، أو قل: إنه في ميدان القنص أيضًا، إلا أنه قنص من نوع آخر، قنص المرأة لا قنص الحيوان، وفي الأبيات التي سنوردها من فورنا يروي لنا الشاعر، صدقًا أو كذبًا، بعض مغامراته في دنيا النساء، حيث يتبدى شخصًا عابثًا فاجرًا لا يرعوي عن فاحشة، بل يباهي بما يجترحه من عدوان على الحرمات والأعراض حين يتسلل في جنح الليل البهيم إلى حيث اتَّعَد مع إحدى صواحبه في الخلاء، أو إلى حيث يقتحم على أخرى خباءها، وهي تناشده أن يتركها ولا يفضحها، إلا أنها مناشدة غير صادقة فيما يبدو، وإلا ما استجابت له رغم ذلك وتمادت معه فيما أراده منها... إلخ، وهو في كل ذلك يصف حبيباته وصفًا حيًّا عجيبًا، ويحكي ما وقع منهن ومنه غير متحرج من شيء، موردًا كثيرًا من التفصيلات الدالة، التي تعيد لنا المنظر والحدث كأنهما ابنا اللحظة، مشهرًا بهن لما مرد عليه من استهتار؛ إذ كان ابن ملك لا يبالي بما يأتي أو يدع، وعجيب أنه، حين يصور ما يقع من النساء من تصرفات أو ما يصدر عنهن من كلام، قادر على تقمصهن، فكأن امرأة هي التي تتكلم أمامنا أو تتصرف، لا أننا نقرأ شِعرًا:
ويومَ دخلتُ الخِدرَ خِدر عنيزة 
فقالت: لك الويلاتُ إنك مُرْجلي 
تقول وقد مال الغبيطُ بنا معًا: 
عقرتَ بعيري يا امرأَ القيس فانزِل 
فقلتُ لها: سيري وأرخي زمامه 
ولا تُبْعديني مِن جَناك المعلَّل 
فمثلِك حُبلى قد طرقتُ ومرضعٍ 
فألهيتُها عن ذي تمائمَ محوَلِ 
إذا ما بكى مِن خلفها انصرفَتْ له 
بشِقٍّ، وتحتي شِقُّها لم يُحوَّل 
ويومًا على ظهرِ الكثيبِ تعذَّرَتْ 
عليَّ وآلَتْ حَلفةً لم تحَلَّلِ 
أفاطمُ، مهلًا بعضَ هذا التدلُّلِ 
وإن كنتِ قد أزمعتِ صرمي فأجمِلي 
وإن تكُ قد ساءَتْك مني خليقةٌ 
فسُلِّي ثيابي مِن ثيابِك تنسُلِ 
أغرَّكِ مني أن حُبَّكِ قاتلي 
وأنكِ مهما تأمُرِي القلبَ يفعَلِ؟ 
وما ذرفَتْ عيناكِ إلا لتضرِبي 
بسهمَيْك في أعشارِ قلبٍ مُقتَّلِ 
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 22-11-2022 الساعة 11:22 PM.
|