عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 27-06-2022, 08:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,243
الدولة : Egypt
افتراضي رد: «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله

«عون الرحمن في تفسير القرآن»


الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم




تفسير قوله تعالى:

﴿ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ ﴾

قوله تعالى: ﴿ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾[البقرة: 134].

تضمنت الآيات السابقة الثناء على إبراهيم ويعقوب وبنيهما والتنويه بشأنهم والتعريض بمن لم يقتف آثارهم من ذريتهم، ثم أتبع ذلك بقوله: ﴿ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ﴾ الآية لإفادة أن الجزاء بالأعمال لا بالاتكال، فلا ينفع فقط مجرد الانتساب إلى هؤلاء دون عمل.

قوله:﴿ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ﴾ الإشارة إلى إبراهيم وإسحاق ويعقوب وبنيهم، والأمة: الجماعة والطائفة من الناس.

﴿ قَدْ خَلَتْ ﴾ أي: قد مضت، وخلى منها المكان.

﴿ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ ﴾ "ما": في الموضعين موصولة، أو مصدرية، أي: لها الذي كسبت، أولها كسبها، والكسب: العمل، أي: لها ما عملت وثوابه، وهذا أشبه بالتمهيد لقوله: ﴿ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ ﴾.

﴿ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ ﴾ أي: ولكم الذي كسبتم، أو ولكم كسبكم، أي: ولكم ما عملتم وجزاؤه.

وقدم الخبر في الجملتين وهو قوله: ﴿ لَهَا ﴾، ﴿ وَلَكُمْ ﴾ للقصر، أي: لها ما كسبت لا يتجاوزها إلى غيرها، ولكم ما كسبتم لا يتجاوزكم إلى غيركم، كما قيل: "كل شاة تناط برجليها".

والخطاب: للمخاطبين بقوله تعالى: ﴿ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ ﴾أي: لكل من يصلح له، أو لليهود الذين يجادلون النبي صلى الله عليه وسلم ويزعمون أنهم على الحق، وعلى ما أوصاهم به أبوهم يعقوب، أي: فلا ينفعكم صلاح من خلا ومضى من آبائكم وغيرهم، وانتسابكم إليهم، كما لا ينفعهم كسبكم.

وقد أحسن القائل:
كن ابن من شئت واكتسب أدبا
يغنيك محموده عن النسب
إن الفتى من يقول ها أنذا
ليس الفتى من يقول كان أبي[1]


﴿ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ "ما" في قوله: ﴿ عَمَّا ﴾ موصولة أو مصدرية، أي: ولا تسألون عن الذي كانوا يعلمون أو عن عملهم، أي: لا تسألون عما كان يعمل من مضى من الآباء والأجداد وغيرهم، وإنما تسألون عن أعمالكم؛ لأن لكل منكم كسبه وجزاء عمله، أي: لا تحاسبون بأعمال سلفكم وإنما تحاسبون بأعمالكم.

[1] البيتان لأبي العتاهية. انظر: "جمهرة الأمثال" (2/312).





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.66 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.03 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.04%)]