عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-02-2020, 02:34 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,240
الدولة : Egypt
افتراضي رد: زاد العقول شرح سلم الوصول

زاد العقول شرح سلم الوصول (11/ 17)
أبي أسامة الأثري جمال بن نصر عبدالسلام






النـسخ

49 - النَّسْخُ رَفْعُ حُكْمِ سَابِقِ الْخِطَابْ
بِلاَحِقٍ وَجَائِزٌ نَسْخُ الْكِتَابْ


50 - وَسُنَّةٍ، وَجَائِزٌ فِي الرَّسْمِ أَوْ
فِي الْحُكْمِ أَوْ كِلَيْهِمَا [وَقَدْ] رَوَوْا



معاني المفردات:
سابق: متقدِّم.

بلاحِق: متأخِّر.

الرسم: الكتابة.

المعنى الإجمالي:
قال الناظم: النسخ استِبدالُ حكمٍ مُتقدِّم بآخَر مُتأخِّر، ووقوع النَّسخ مُمكِنٌ في الكتاب وفي السنَّة، ويقَع النسخ على صُوَرٍ؛ منها: رفع الرسم؛ أي: رفع الآية من الكتاب مع بَقاء المعنى، ومنها: رفع الحكم مع بَقاء الآية، ومنها: رفع اللفظ والحكم جميعًا.

المباحث التي تشتَمِل عليها الأبيات:
تعريف النسخ.

أقسام النسخ.

المبحث الأول: تعريف النسخ:
عرَّف الناظم النسخ تبعًا لصاحب الأصل، وفاتَتْه أمورٌ لم يُورِدها من تعريف المصنِّف صاحب الأصل.

قال الجويني - رحمه الله - في "الورقات" ص 16: "وأمَّا النسخ فمعناه الإزالة، وقيل: معناه النقل، من قولهم: نسَختُ الكتابَ؛ أي: نقلته"، ا.هـ.

فهذا تعريف النَّسخ في اللغة، ولم يُورِده الناظم.

وقال الجويني - رحمه الله - في "الورقات" ص 16: "وحدُّه: هو الخِطاب الدالُّ على رفْع الحكم الثابت بالخِطاب المتقدِّم على وَجْهٍ لولاه لكان ثابتًا، مع تَراخِيه عنه"، ا.هـ.

ففات الناظم أنْ يذكر تَراخِي الناسخ عن المنسوخ، لذا قال الشرف العمريطي في "نظم الورقات":

وَحَدُّهُ رَفْعُ الخِطَابِ اللاَّحِقِ
ثُبُوتَ حُكْمٍ بِالخِطَابِ السَّابِقِ


رَفْعًا عَلَى وَجْهٍ أَتَى لَوْلاَهُ
لَكَانَ ذَاكَ ثَابِتًا كَمَا هُو


إِذَا تَرَاخَى عَنْهُ فِي الزَّمَانِ
مَا بَعْدَهُ مِنَ الخِطَابِ الثَّانِي


ويُستَفاد من اشتراط التَّراخي أنَّه لا يجوز سبْق الناسخ لمنسوخه، ولا يجوز أنْ يأتي معه في نفس النصِّ، وإنما يُشتَرط تَراخِيه عنه.

فقوله - تعالى -: ï´؟ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ï´¾ [آل عمران: 97]، فقوله - تعالى -: ï´؟ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ï´¾ ليس بناسخٍ لما قبله ï´؟ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ï´¾ [آل عمران: 97]؛ لأنَّه مُتَّصِل بنفس الخِطاب، وشرط النسخ التَّراخِي.

المبحث الثاني: أقسام النَّسخ:
النَّسخ له صُوَر:
1 - يجوز نسخ رسم الآية وبَقاء الحكم؛ نحو آية الرجم التي رُفِعت لفظًا وبقيَتْ حكمًا، ونصُّها: "والشيخ والشيخة إذا زَنَيا فارجموهما البتَّة".

2 - ويجوز نسخ الحكم وبقاء الرسم:

وهو كثيرٌ في كتاب الله، ويأتي على صورتين:
أ - نسخ كلي؛ كما في قوله - تعالى -: ï´؟ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ï´¾ [البقرة: 144].

حيث حُوِّلت القبلةُ إلى البيت الحرام من المسجد الأقصى، فارتَفَع الحكم الأوَّل بالكليَّة.

ب - رفع جزئي، وهو يَرفَع بعضَ الحكم، ويترُك بعضَه؛ قال - تعالى -: ï´؟ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ï´¾ [النور: 4].

وقد نُسِخ هذا الحكم عند الأحناف بالنسبة للأزواج إذا قذفوا زوجاتهم بقوله - تعالى -: ï´؟ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ï´¾ [النور: 6].

فصارَ حكمُ الزوج إذا قذَف زوجَتَه ولم يكن عنده بيِّنة أربع شهود أو يُلاعِن.

تتمَّات البحث:
التتمَّة الأولى:
فاتَ الناظم إيراد تعريف النَّسخ في اللغة؛ حيث إنَّ الجويني - رحمه الله - قد أورَدَه في الأصل، كما بيَّنَّاه آنفًا في مبحث تعريف النَّسخ.

وقد نظَمَه الشرف العمريطي في "نظم الورقات" فقال:

النَّسْخُ نَقْلٌ أَوْ إِزَالةٌ كَمَا
حَكَوْهُ عَنْ أَهْلِ اللِّسَانِ فِيهِمَا


التتمَّة الثانية:
فاتَ الناظم إيراد شرْط التراخي بين الناسخ ومنسوخه كشرطٍ للنسخ، فلا بُدَّ أنْ يَتراخَى الناسخ فلا يأتي مع المنسوخ في نصٍّ واحد أو يسبقه، راجع مبحث "تعريف النسخ".

وقد أجاد الشرف العمريطي بذكره، بل قد أجاد في تعريف النسخ، فأورد كلَّ ما قاله الجويني - رحمه الله - قال الشرف العمريطي في "نظم الورقات":

وَحَدُّهُ رَفْعُ الخِطَابِ اللاَّحِقِ
ثُبُوتَ حُكْمٍ بِالخِطَابِ السَّابِقِ


رَفْعًا عَلَى وَجْهٍ أَتَى لَوْلاَهُ
لَكَانَ ذَاكَ ثَابِتًا كَمَا هُو


إِذَا تَرَاخَى عَنْهُ فِي الزَّمَانِ
مَا بَعْدَهُ مِنَ الخِطَابِ الثَّانِي


التتمَّة الثالثة:
لفظ النسخ أتى في كتاب الله على ثلاث معانٍ:
1 - جاء بمعنى الرفع والإبطال من غير تَعوِيض شيءٍ عن المنسوخ؛ كما في قوله - تعالى -: ï´؟ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ï´¾ [الحج: 52].

2 - وجاء بالمعنى الاصطلاحي الذي ذكَرناه آنفًا؛ قال - تعالى -: ï´؟ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ï´¾ [البقرة: 106].

3 - وجاء بمعنى نسخ الكتاب ونقله؛ قال - تعالى -: ï´؟ هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ï´¾ [الجاثية: 29].

التتمة الرابعة:
الرد على مَن أنكر النسخ:
أنكَرَ قومٌ النسخَ، وإنكارهم مردودٌ شرعًا وعقلاً:
أمَّا من جهة الشرع:
قال - تعالى -: ï´؟ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ï´¾ [البقرة: 106].

وقال - تعالى -: ï´؟ وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ï´¾ [النحل: 101].

أمَّا عقلاً فهو جائزٌ؛ لأنَّ النسخ لا يلزمه البَداء الذي هو الرأي المتجدِّد؛ لأنَّ الله يشرع الحكم الأوَّل وهو يَعلَم أنَّه سينسخه في الوقت الذي تَزُول مصلحتُه فيه، وتَصِير المصلحة في النسخ، فإذا جاء الوقتُ نسخ الحكم الأوَّل وعوض منه الحكم على وفْق ما سبَق في علمه - تعالى - أنَّه سيَفعَله، كما أنَّ المرض بعد الصحَّة وعكسه، والموت بعد الحياة وعكسه، والفقر بعد الغنى وعكسه، ونحو ذلك؛ لذا قال - تعالى -: ï´؟ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ï´¾ [الرعد: 39].

التتمة الخامسة:
الفرق بين النسخ والتخصيص:
قد يُطلِق البعضُ اسمَ النَّسخ على التَّخصِيص والتقييد، أمَّا الأصوليُّون فلا يَفعَلون ذلك، ويُفرِّقون بين النَّسخ والتخصيص، وذلك من وجوه:

1 - أنَّ النَّسخ بيانٌ، أمَّا التخصيص فغير مُرادٍ باللفظ.

2 - أنَّ التخصيص قد يأتي متَّصلاً بالعام في نصٍّ واحد، أو يسبق العام، أمَّا النسخ فلا يكون إلاَّ في خطابَيْن منفصلَيْن متراخيَيْن، يسبق المنسوخ فيهما الناسخ.

3 - أنَّ النسخ يَدخُل في الشيء الواحد؛ كنسخ استِقبال بيت المقدِس بالصلاة إلى بيت الله الحرام بمكة، فالمنسوخ واحدٌ، بخلاف التخصيص؛ فلا يدخُل إلاَّ في عام له أفراد مُتعدِّدة يَخرُج بعضها بالتخصيص ويَبقَى البعض.

4 - أنَّ النَّسخ لا يَدخُل الأخبار، وإنما هو في الإنشاء فقط، بخِلاف التخصيص؛ فإنَّه يكون في الإنشاء وفي الأخبار.

قال الناظم:

51- وَجَازَ لِلْأَخَفِّ أَوْ لِلْأَثْقَلِ
وَبَدَلٍ كَذَا لِغَيْرِ بَدَلِ



معاني المفردات:
بدل: عوض.

المعنى الإجمالي:
قال الناظم: والنسخ يُمكِن أنْ يأتي بحكمٍ أخف من الحكم المرفوع، ويجوز أنْ يكون بحكمٍ أشد منه، وكذا قد يأتي ببدلٍ أو لغير بدلٍ.

المباحث التي يشتمل عليها البيت:
نسخ الأثقل بالأخف.

نسخ الأخف بالأثقل.

نسخ البدل.

المبحث الأول: نسخ الأثقل للأخف:
وهو الغالب في هذا الباب.

أمثلة:
1 - قال - تعالى -: ï´؟ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ ï´¾ [البقرة: 240].


نُسِخ بقوله - تعالى -: ï´؟ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ï´¾ [البقرة: 234].

2 - وقال - تعالى -: ï´؟ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ ï´¾ [الأنفال: 65].

نسخ بقوله - تعالى -: ï´؟ الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ï´¾ [الأنفال: 66].

المبحث الثاني: نسخ الأخف بالأثقل:
أمثلته:
1 - نسخ حبس الزواني في البيوت:
قال - تعالى -: ï´؟ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا ï´¾ [النساء: 15]، نُسِخ بقوله - تعالى -: ï´؟ فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ï´¾ [النور: 2].

والجلد أشدُّ من الحبس في البيوت.

2 - نسخ شرب الخمر:
قال - تعالى -: ï´؟ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا ï´¾ [النحل: 67].

نُسِخ بقوله - تعالى -: ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ï´¾ [المائدة: 90 - 91].
يتبع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 33.54 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 32.91 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.87%)]