الضابط في الصفات السلبية (المنفية) عن الله تبارك وتعالى
الضابط في الصفات السلبية (المنفية) عن الله تبارك وتعالى الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي إن المتأمل في الصِّفاتِ السلبية يجدها تدُلُّ على نفيِها عن الله تعالى؛ كما أنها تدُلُّ - في الوقت نفسه - على ثُبوتِ كَمالِ ضِدِّها من الأوصاف على وجه يليق بذات الله تعالى. وفي نحو ذلك يقول الحسين بن الحسن الحليميُّ (ت 403هـ) رحمه الله: "نَفْيُ المذَامِّ إثباتٌ للمَدائِحِ، كقَولِنا: لا شَريكَ له ولا شَبيهَ له: إثباتٌ أنَّه واحِدٌ أحَدٌ، وكقَولِنا: لا يُعجِزُه شَيءٌ: إثباتٌ أنَّه قادِرٌ قَوِيٌّ، وكقَولِنا: إنَّه لا يَظلِمُ أحدًا: إثباتٌ أنَّه عَدلٌ في حُكمِه، وإثباتُ المدائِحِ له نفيٌ للمَذَامِّ عنه، كقَولِنا: إنَّه عالمٌ: نَفيٌ للجَهلِ عنه، وقَوِلنا: إنَّه قادِرٌ: نَفيٌ للعَجزِ عنه"[1]. وقال شيخ الإسلام ابنُ تَيميَّة َ(ت 728هـ) رحمه الله مجليًا وموكدًا لقول الحليمي:"المدحُ إنَّما يكونُ بالأُمورِ الثُّبوتيَّةِ لا بالأمورِ العدَميَّةِ، وإنَّما يحصُلُ المدحُ بالعَدَمِ إذا تضَمَّنَ ثُبوتًا؛ كقَولِه تعالى: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ﴾[البقرة: 255]، فنَزَّه نَفْسَه عن السِّنةِ والنَّومِ؛ لأنَّ ذلك يتضَمَّنُ كَمالَ حياتِه وقيُّوميَّتِه"[2]. وقال العلامة الشِّنقيطيُّ: (ت 1393هـ) رحمه الله: "من نفى عن اللهِ وَصفًا أثبَتَه لنَفْسِه في كتابِه العزيزِ، أو أثبَتَه له رَسولُه - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - زاعِمًا أنَّ ذلك الوَصفَ يَلزَمُه ما لا يليقُ باللهِ جَلَّ وعلا، فقد جعل نَفْسَه أعلَمَ مِن اللهِ ورَسولِه بما يليقُ باللهِ جَلَّ وعلا! سُبحانَك هذا بهتانٌ عظيمٌ!"[3]. وقال العلامة الفقيه شيخنا ابنُ عُثَيمين (ت: 1420هـ) رحمه الله: "الضَّابِطُ في الصِّفاتِ التي نفاها اللهُ تعالى عن نَفْسِه أنَّها تدُلُّ على نفيِ تلك الصِّفةِ، وعلى ثُبوتِ كَمالِ ضِدِّها"[4]. [1] المنهاج في شعب الإيمان: (1/ 197)، المنهاج في شعب الإيمان؛ المؤلف: الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم البخاري الجرجاني، أبو عبد الله الحَلِيمي (ت 403 هـ)، المحقق: حلمي محمد فودة، الناشر: دار الفكر، الطبعة: الأولى، 1399هـ - 1979 م، عدد الأجزاء: 3. [2] جامع المسائل لابن تيمية - المجموعة الثالثة-: (ص: 207). [3] أضواء البيان، للشنقيطي: (2/ 18)؛ تفسير الشنقيطي، أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، المؤلف: محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (المتوفى 1393هـ)، الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع بيروت - لبنان، عام النشر: 1415هـ - 1995مـ. [4] تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة: (1/ 279). |
الساعة الآن : 05:46 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour