الأدب: معناه ومأخذه
الأدب: معناه ومأخذه الشيخ طه محمد الساكت 1 - أَدَبَ الرجل من باب ضرَب؛ إذا أعدَّ طعام المأدُبَة. 2 - وأدَبَ صاحبَه إلى الطَّعام من باب ضرب أيضًا؛ إذا دعاه إليه. 3 - وأدَّبه: هذَّبه وعلَّمه، أو عاقبه على ما أساء. وبعض الباحثين لا يطمئنُّ إلى دلالة هذه الكلمة على التعليم والتهذيب في العصر الجاهلي، ويقول: إنَّما تدلُّ عليه في العصر الأموي وما بعده. ومن الثَّابت أنها استُعملَت في عصر بني أمية على: أ - التعليم، برواية الشعر والأخبار، والأنساب والأيام، وما إليها. ب - التهذيب، فقالوا: أدَّب المعلِّمُ فلانًا: علَّمه الشعرَ والأخبار، وأخذه بما يهذِّب نفسه حتى ترِقَّ حاشيته، ويلين طبعه. ولبثَتْ كلمة (الأدب) تطلق على الشعر وما يتصل به في العصر العباسي الأول، حتى إذا دوِّنَت علومُ اللغة في القرن الثاني الهجري دخلَت هذه العلوم في مدلول كلمة أدب، ثم استقلَّ كل علمٍ على حِدَة في مؤلفاته والعناية به، فانصرفَتْ كلمة (الأدب) إلى الشِّعر والنثر الجيدين إلى هذا العصر الذي نحن فيه. والأدب فنٌّ من الفنون الجميلة، ما أشبهَه بالموسيقا؛ ففي كليهما تعبيرٌ بالأصوات؛ هي في الشِّعر الأوزان، وفي الموسيقا الأنغام. والأدب علم حين تدرُسُه وتحصِّلُ قواعد علومه، وفنٌّ حين تنشِئ موضوعًا تنطبق عليه هذه القواعد والعلوم. الأدب بمعنييه الخاص والعام: كلُّ ما صيغ من جيد النَّثر، وبديعِ الشعر فاشتمل على المعنى الجيد واللفظ المنخول؛ فأثار العاطفةَ أو حرَّك الوجدان، أو أعان النَّفس على إدراك ما في الكون من جمال حسِّي أو معنوي هو الأدب بمعناه الخاص. والفرق جليٌّ بين الأدب والعلم؛ إذ الأول يستوحي العاطفة ويخاطِب الشُّعور، أمَّا الثاني فيستعين العقل في تقرير الحقائق بالحجَّة والدليل. وقد يقرِّر العالِم مسائلَ العلم في أسلوبٍ أدبي، فيجيء كلامه أدبًا في عبارته، علمًا فيما يقرِّره، والشيء الواحد قد يُنظر إليه نظرتين مختلفتين؛ فيكون علمًا في حال، وفنًّا في حال أخرى. ولا ريب أنَّ ملَكة الأديب تحتاج في تربيتها وصقلها إلى أن يأخذ من كلِّ علم طرفًا؛ إذ لا تكون معانيه صحيحة، وثقافته واسعةً، وأحكامُه صادقة، وتصوُّراته رائعة - إلَّا إذا كان ملمًّا بأسرار اللغة وعلومها، واقفًا على كثير من مسائل الرياضة والطبيعيات وعلمِ الاجتماع، إلى غير ذلك؛ هذا وما إليه هو الأدب بمعناه العام. وهذا ما عبَّر عنه أحد الأدباء إذ قال: "إن الأدب بمعناه العام يرادف التعبير الشائع الآن بكلمة ثقافة". لأمية بن الصلت: يا قليلَ العزاءِ في الأهوالِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وكثيرَ الهمومِ والأوجالِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif صبِّر النفسَ عند كل ملمٍّ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif إنَّ في الصبر حيلةَ المحتالِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif لا تَضِيقنَّ بالأمور فقد يك https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif شَفُ غَمَّاؤها بغيرِ احتيالِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ربَّما تكره النفوس من الأمْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif رِ له فرجةٌ كحلِّ العِقالِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif للمجنون: جُننَّا بلَيلى وهْي جنَّتْ بغيرِنا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وأخرى بنا مَجنونة لا نريدُها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وكنتَ إذا أرسلتَ طرفَكَ رائدًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif لقلبك يومًا أتعبتْكَ المناظرُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif رأيتَ الذي لا كلُّه أنت قادرٌ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif عليه، ولا عن بعضِه أنت صابرُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif عثمان:[1] أرِقتُ وأصحابي خليُّون نوُّمُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ولا أنا ذو شوقٍ ولا أنا مغرمُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ولكنَّ همًّا بين جنبيَّ شبَّهُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif عليَّ ذوو القربى عفا اللهُ عنهمُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif الرسالة: العدد (409)، 8 ربيع الآخر 1361هـ، 5 مايو 1941 [1] الشاعر هو الشيخ عثمان شقيق الشيخ أحمد؛ كما صوَّب ذلك الأستاذ أ.ع، العدد 410. |
الساعة الآن : 06:51 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour