ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   رمضانيات (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=23)
-   -   فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=302262)

ابوالوليد المسلم 11-03-2024 01:17 AM

فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...7%D9%86-1r.gif
فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]
الكتاب : المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني
المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد
الناشر : دار الفكر - بيروت
من صــ3 الى صــ10

(1)
https://png.pngtree.com/png-clipart/...ge_4368186.png

بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الصيام
الصيام في اللغة الإمساك : صام النهار إذا وقف سير الشمس قال الله تعالى إخبارا عن مريم : { إني نذرت للرحمن صوما } أي صمتا لأنه إمسك عن الكلام وقال الشاعر :
( خيل صيام وخيل غير صائمة ... تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما )
يعني بالصائمة الممسكة عن الصهيل والصوم في الشرع عبارة عن الإمساك عن أشياء مخصوص في وقت مخصوص يأتي بيانه إن شاء الله تعالى وصوم رمضان واجب والأصل في وجوبه الكتاب والسنة والإجماع
أما الكتاب فقول الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم } إلى قوله { فمن شهد منكم الشهر فليصمه }
وأما السنة فقول النبي صلى الله عليه و سلم : [ بني الإسلام على خمس ] ذكر منكم صوم رمضان وعن طلحة بن عبيد الله [ أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم ثائر الرأس فقال : يا رسول الله أخبرني ماذا فرض الله علي من الصيام ؟ قال : شهر رمضان قال هل علي غيره ؟ قال : لا إلا أن تطوع شيئا قال : فأخبرني ماذا فرض الله علي من الزكاة ؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه و سلم بشرائع الإسلام قال والذي أكرمك لا أتطوع شيئا ولا أنقص مما فرض الله علي شيئا فقال النبي صلى الله عليه و سلم أفلح أن صدق أو دخل الجنة إن صدق ] متفق عليهما وأجمع على وجوب صيام شهر رمضان
https://upload.3dlat.com/uploads/13824300244.png
حكم صوم رمضان ومشروعيته
فصل [ روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة ] متفق عليه وروي عن أبي هريرة [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال لا تقولوا جاء رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله تعالى ] فيتعين حمل هذا على أنه لا يقال ذلك غير مقترن بما يدل على إرادة الشهر لئلا يخالف الأحاديث الصحيحة والمستحب مع ذلك أن يقول شهر رمضان كما قال الله تعالى { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن } واختلف في المعنى الذي لأجله سمي رمضان فروي أنس [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : إنما سمي رمضان لأنه يحرق الذنوب ] فيحتمل أنه أراد أنه شرع صومه دون غيره ليوافق اسمه معناه وقيل هذا اسم موضوع لغير معنى كسائر الشهور وقيل غير ذلك

https://upload.3dlat.com/uploads/13824300244.png
فصل : والصوم المشروع هو الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس وروي معنى ذلك عن عمر وابن عباس وبه قال عطاء وعوام أهل العلم وروي عن علي رضي الله عنه أنه لما صلى الفجر قال : الآن حين تبين الخيط البيض من الخيط الأسود وعن ابن مسعود نحوه وقال مسروق لم يعدون الفجر فجركم إنما كانوا يعدون الفجر الذي يملأ البيوت والطرق وهذا قول الأعمش
ولنا قول الله تعالى : { حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر } يعني بياض النهار من سواد الليل وهذا يحصل بطلوع الفجر قال ابن عبد البر في قول النبي صلى الله عليه و سلم [ إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ] دليل على أن الخيط الأبيض هو الصباح وأن السحور لا يكون إلا قبل الفجر وهذا إجماع لم يخالف فيه الأعمش وحده فشذ ولم يعرج أحد على قوله والنهار الذي يجب صيامه من طلوع الفجر إلى غروب الشمس قال : هذا قول جماعة علماء المسلمين
https://upload.3dlat.com/uploads/13824300244.png
يوم الشك
مسألة : قال أبو القاسم رحمه الله وإذا مضى من شعبان تسعة وعشرون يوما طلبوا الهلال فإن كانت السماء مصحية لم يصوموا ذلك اليوم
وجملة ذلك أنه يستحب للناس ترائي الهلال ليلة الثلاثين من شعبان وتطلبه ليحتاطوا بذلك لصيامهم ويسلموا من الاختلاف وقد روي الترمذي عن أبي هريرة [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : احصوا الهلال شعبان لرمضان ] فإذا رأوه وجب عليهم الصيام اجماعا وإن لم يروه وكانت السماء مصحية لم يكن لهم صيام ذلك اليوم إلا أن يوافق صوما كانوا يصومونه مثل من عادته صوم يوم وإفطار يوم أو صوم يوم الخميس أو صوم آخر يوم من الشهر وشبه ذلك إذا وافق صومه أو من صيام قبل ذلك بأيام فلا بأس بصومه لما روى أبو هريرة [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : لا يتقدمن أحدكم رمضان بصيام يوم أو يومين إلا أن يكون رجل كان يصوم صياما فليصمه ] متفق عليه وقال عمار : من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه و سلم هذا حديث حسن صحيح وكره أهل العلم صوم يوم الشك واستقبال رمضان باليوم واليومين لنهي النبي صلى الله عليه و سلم عنه وحكي عن القاسم بن محمد أنه سئل صيام آخر يوم من شعبان هل يكره ؟ قال : لا إلا أن يغمى الهلال واتباع قول رسول الله صلى الله عليه و سلم أولى فأما استقبال الشهر بأكثر من يومين فغير مكروه فإن مفهوم حديث أبي هريرة أنه غير مكروه لتخصيصه النهي باليوم واليومين وقد روى العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال إذا كان النصف من شعبان فامسكوا عن الصيام حتى يكون رمضان ] قال الترمذي هذا حديث حسن الصحيح إلا أن أحمد قال :

https://upload.3dlat.com/uploads/13824300244.png
ليس هو بمحفوظ قال وسألنا عنه عبد الرحمن بن مهدي فلم يصححه ولم يحدثني به وكان يتوقاه قال أحمد و العلاء ثقة لا ينكر من حديثه إلا هذا لأنه خلاف ما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه كان يصل شعبان برمضان ويحمل هذا الحديث على نفي استحباب الصيام في حق من لم يصم قبل نصف الشهر وحديث عائشة في صلة شعبان برمضان في حق من صيام الشهر كله فإنه قد جاء ذلك في سياق الخبر فلا تعارض بين الخبرين إذا وهذا أولى من حملهما على التعارض ورد أحمدهما بصاحبه والله أعلم وفي كلام الخرقي فيه اختصار وتقديره طلبوا الهلال فإن رأوه صاموا وإن لم يروه وكانت السماء مصحية لم يصوموا فحذف بعض الكلام للعلم به اختصارا

ما يقول من رأى الهلال
فصل ويستحب لمن رأى الهلال أن يقول ما روى ابن عمر قال : [ كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا رأى الهلال قال الله أكبر اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة الإسلام والتوفيق لما تحب وترضى ربي وربك الله ] رواه الاثرم

https://upload.3dlat.com/uploads/3dlat.net_11_14ww.gif



ابوالوليد المسلم 12-03-2024 03:24 AM

رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
 
https://i.imgur.com/icDwY92.gif
فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]
المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ10 الى صــ13
(2)

https://png.pngtree.com/png-clipart/...ge_4368186.png
وإذا رأى الهلال أهل البلد لزم جميع البلاد الصوم
فصل : وإذا رأى الهلال أهل بلد لزم جميع البلاد الصوم قول الليث وبعض أصحاب الشافعي وقال بعضهم : إن كان بين البلدين مسافة قريبة لا تختلف المطالع لأجلها كبغداد والبصرة لزم أهلهما الصوم برؤية الهلال في إحداهما وإن كان بينهما بعد كالعراق والحجاز والشام فلكل أهل بلد رؤيتهم وروي عن عكرمة أنه قال لكل أهل بلد رؤيتهم وهو مذهب القاسم وسالم وإسحاق لما روى كريب قال : قدمت الشام واستهل علي هلال رمضان وأنا بالشام فرأينا الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني ابن عباس ثم ذكر الهلال فقال : متى رأيتم الهلال ؟ قلت رأيناه ليلة الجمعة فقال : أنت رأيته ليلة الجمعة ؟ قلت : نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية فقال لكم رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه فقلت ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه ؟ فقال : لا هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح غريب ورواه مسلم أيضا

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ولنا قول الله تعالى : { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } وقول النبي صلى الله عليه و سلم للأعرابي لما قال له : [ الله أمرك أن تصوم هذا الشهر من السنة ؟ قال : نعم ] وقوله للآخر لما قال له [ ماذا فرض الله علي من الصوم ؟ قال : شهر رمضان ] وأجمع المسلمون على وجوب شهر رمضان وقد ثبت أن هذا اليوم من شهر رمضان بشهادة الثقات فوجب صومه على جميع المسلمين ولأن شهر رمضان ما بين الهلالين وقد ثبت أن هذا اليوم منه في سائر الأحكام من حلول الدين ووقوع الطلاق والعتاق ووجوب النذور وغير ذلك من الأحكام فيجب صيامه بالنص والإجماع ولأن البينة العادلة شهدت رؤية الهلال فيجب الصوم كما قو تقاربت البلدان فأما حديث كريب فإنما دل على أنهم لا يفطرون بقول كريب وحده ونحن نقول به وإنما محل الخلاف وجوب قضاء اليوم والأول وليس هو في حديث فإن قيل فقد قلتم إن الناس إذا صاموا بشهادة واحد ثلاثين يوما ولم يروا الهلال أفطروا في أحد الوجهين قلنا الجواب عن هذا من وجهين : أحدهما أننا إنما قلنا يفطرون إذا صاموا بشهادة فيكون فطرهم مبنيا على صومهم بشهادته وههنا لم يصوموا بقوله فلم يوجد ما يجوز بناء الفطر عليه الثاني أن الحديث دل على صحة الوجه الآخر
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
مسألة وإذا حال دون رؤيته حائل ففي صيام يوم الثلاثين من شعبان اختلاف
مسألة : قال : وإن حال دون منظره غيم أو قتر وجب صيامه وقد أجزأ إذا كان من شهر رمضان
اختلف الرواية عن أحمد رحمه الله في هذا المسألة فروي عنه مثل ما نقل الخرقي اختارها أكثر الشيوخ أصحابنا وهو مذهب عمر وابنه وعمرو بن العاص وأبي هريرة وأنس ومعاوية وعائشة وأسماء ابنتي أبي بكر وبه قال بكر بن عبد الله وأبو عثمان النهدي وابن أبي مريم ومطرف وميمون بن مهران وطاوس ومجاهد وروي عنه أن الناس تبع للإمام فإن صام صاموا وإن أفطر أفطروا وهذا قول الحسن وابن سيرين لقول النبي صلى الله عليه و سلم : [ الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون ] قيل معناه أن الصوم والفطر مع الجماعة ومعظم الناس قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب وعن أحمد رواية ثالثة لا يجب صومه ولا يجزئه عن رمضان إن صامه وهو قول أكثر أهل العلم منهم أبو حنيفة و مالك و الشافعي ومن تبعهم لما روى أبو هريرة قال : [ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غمي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين ] رواه مسلم وقد صح أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن صوم يوم الشك متفق عليه وهذا يوم شك ولأن الأصل بقاء شعبان فلا ينتقل عنه بالشك
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ولنا ما روي نافع عن ابن عمر قال : [ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إنما الشهر تسع وعشرون فلا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فاقدروا له ] قال نافع : كان ابن عمر إذا مضى من شعبان تسعة وعشرون يوما بعث من ينظر له الهلال فإن رأى فذاك وإن لم ير ولم يحل دون منظره سحاب ولا قتر أصبح مفطرا وإن حال دون منظره سحاب أو قتر أصحب صائما رواه أبو داود ومعنى اقدروا له أي ضيقوا له العدد من قوله تعالى : { ومن قدر عليه رزقه } أي ضيق عليه قوله { يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر } والتضييق له أن يجعل شعبان تسعة وعشرين يوما وقد فسره ابن عمر بفعله وهو رواية وأعلم بمعناه فتجب الرجوع إلى تفسيره كما رجع إليه في تفسيره التفرق في خيرا المتابعين وروي عن عمر رضي الله عنه [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لرجل : هل صمت من سرر شعبان شيئا ؟ قال : لا ] وفي لفظ : [ أصمت من سرر هذا الشهر شيئا قال : لا قال فإذا أفطرت فصم يومين ] متفق عليه وسرر الشهر آخره ليال يستسر الهلال فلا ينظر ولأنه شك في أحد طرفي الشره لم يظهر فيه أنه من غير رمضان فوجب الصوم كالطرف الآخر قال علي وأبو هريرة وعائشة :
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أفطر يوما من رمضان ولأن الصوم يحتاج له ولذلك وجب الصوم بخبر واحد ولم يفطر إلا بشهادة اثنين فأما خبر أبي هريرة الذي احتجوا به فإنه يرويه محمد بن زياد وقد خالفه سعيد بن المسيب فرواه عن أبي هريرة : فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين وروايته أولى بالتقديم لامامته وإشهار عدالته وثقته وموافقته لرأي أبي هريرة ومذهبه ولخبر ابن عمر الذي رويناه ورواية ابن عمر فاقدروا له ثلاثين مخالفة للرواية الصحيحة المتفق عليها ولمذهب ابن عمر ورأيه والنهي عن صوم الشك محمول على حال الصحو بدليل ما ذكرناه وفي الجملة لا يجب الصوم إلا برؤية الهلال أو كمال شعبان ثلاثين يوما أو يحول دون منظر الهلال غيم أو قتر على ما ذكرنا من الخلاف فيه
https://i.imgur.com/YM3gnOw.gif





ابوالوليد المسلم 13-03-2024 12:09 AM

رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
 
https://i.imgur.com/icDwY92.gif
فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]

المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد
من صــ17 الى صــ23
(3)
https://png.pngtree.com/png-clipart/...ge_4368186.png
نية الصيام وجوب النية في الصيام
مسألة : ولا يجزئه صيام فرض حتى ينويه أي وقت كان من الليل
وجملته أنه لا يصح صوم إلا بنية إجماعا فرضا كان أو تطوعا لأنه عبادة محضة فافتقر إلى النية كالصلاة ثم إن كان فرضا كصيام رمضان في أدائه أو قضائه والنذر والكفارة اشترط أن ينويه من الليل عند إمامنا و مالك و الشافعي وقال أبو حنيفة يجزئ صيام رمضان وكل صوم متعين بينة من النهار [ لأن النبي صلى الله عليه و سلم أرسل غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة : من كان أصبح صائما فليتم صومه ومن كان أصبح مفطرا فليصم بقية يومه ومن لم يكن أكل فليصم ] متفق عليه وكان صوما واجبا متعينا ولأنه غير ثابت في الذمة فهو كالتطوع

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ولنا ما روى ابن جريج و عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن الزهري عن سالم عن أبيه عن حفصة [ عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له ] وفي لفظ ابن حزم [ من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له ] أخرجه النسائي و أبو داود و الترمذي وروي الدارقطني بإسناده عن عمرة عن عائشة [ عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : من لم يبيت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له ] وقال إسناده كلهم ثقات وقال في حديث حفصة رفعة عبد الله بن أبي بكر عن الزهري وهو من الثقات الرفعاء ولأنه صوم فرض فافتقر إلى النية من الليل كالقضاء فأما صوم عاشوراء فلم يثبت وجوبه فإن معاوية قال : [ سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : هذا يوم عاشوراء ولم يكتب الله عليكم صيامه وأنا صائم فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر ] متفق عليه فلو كان واجبا لم يبح فطره فإنما سمي الإمساك صياما تجوزا بدليل قوله : ومن كان أصبح مفطرا فيصم بقية يومه ولم يفرق بين المفطر بالأكل وغيره وقد روى البخاري [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أمر رجلا أن أذن في الناس : إن من كان أكل فليصم بقية يومه ]
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
وإمساك بقية اليوم بعد الأكل ليس بصيام شرعي وإنما سماه صياما تجوزا ثم لو ثبت أنه صام فالفرق بين ذلك وبين رمضان أن وجوب الصيام فإنه تجزئه نيته أثناء النهار فأجزأته النية حين تجدد الوجوب كمن كان صائما تطوعا فنذر إتمام صوم بقية يومه فإنه تجزئه نيته عند نذره بخلاف ما إذا كان النذر متقدما والفرق بين التطوع والفرض من وجهين : أحدهما أن التطوع يمكن الإتيان به في بعض النهار بشرط عدم المفطرات في أوله بدليل قوله عليه السلام في حديث عاشوراء فليصم بقية يومه فإذا نوى صوم التطوع من النهار كان صائما بقية النهار دون أوله والفرض يكون واجبا في جميع النهار ولا يكون صائما بغير النية والثاني أن التطوع سومح في نيته من الليل تكثيرا له إنه قد يبدوا له الصوم في النهار فاشتراط النية في الليل يمنع ذلك فسامح الشرع فيها كمسامحته في ترك القيام في صلاة التطوع وترك الاستقبال فيه في السفر تكثيرا له بخلاف الفرض إذا ثبت هذا ففي أي جزء من الليل نوى أجزأه وسواء فعل بعد النية ما ينافي الصوم من الأكل والشرب والجماع أم لم يفعل واشترط بعض أصحاب الشافعي أن لا يأتي بعد النية بمناف للصوم واشترط بعضهم وجود النية في النصف الأخير من الليل كما اختص أذان الصبح والدفع من مزدلفة به

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ولنا مفهوم قوله عليه السلام : [ لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل ] من غير تفصيل ولأنه نوى من الليل فصح صومه كما لو نوى النصف الأخير ولم يفعل ما ينافي الصوم ولأن تخصيص النية بالنصف الأخير يفضي إلى تفويت الصوم لأنه وقت النوم وكثير من الناس لا ينتبه فيه ولا يذكر الصوم والشارع إنما رخص في تقديم النية على ابتدائه لحرج اعتبارها عند فلا يختصها بمحل لا تندفع المشقة بتخصيصها به ولأن تخصيصها بالنصف الأخير لحكم من غير دليل ولا يصح اعتبار الصوم بالأذان والدفع من مزدلفة لأنهما يجوزان بعد الفجر تجويزها فيه واشتراط النية بمعنى الإيجاب والتحتم وفوات الصوم بفواتها فيه وهذا فيه مشقة ومضرة بخلاف التجويز ولأن منعهما في النصف الأول لا يفضي إلى اختصاصهما بالنصف الأخير لجوازهما بعد الفجر والنية بخلافه فأما أن فسخ النية مثل أن نوى الفطر بعد نية الصيام لم تجزئه تلك النية المفسوخة لأنها زالت حكما وحقيقة
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
وإن نوى في النهار صوم الغد لم تجزئه تلك النية
فصل : وإن نوى من النهار صوم الغد لم تجزئه تلك النية إلا أن يستصحبها إلى جزء من الليل وقد روى ابن منصور عن أحمد من نوى الصوم عن قضاء رمضان بالنهار ولم ينو من الليل فلا بأس إلا أن يكون فسخ النية بعد ذلك فظاهر هذا حصول الأجزاء بنيته من النهار إلا أن القاضي قال : هذا محمول على أنه استصحب النية إلى جزء من الليل وهذا صحيح لظاهر قوله عليه السلام : [ لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل ] ولأنه لم ينو عند ابتداء العبادة ولا قريبا منها فلم يصح كما لو نوى من الليل صوم بعد غد

https://i.imgur.com/YM3gnOw.gif


ابوالوليد المسلم 14-03-2024 01:08 AM

رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
 
https://i.imgur.com/tCwaM1a.gif
فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]
المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ23 الى صــ26
(4)
https://png.pngtree.com/png-clipart/...ge_4368186.png

وتجب النية لكل يوم وفي رواية نية واحدة لجميع الشهر

فصل : وتعتبر النية لكل يوم وبهذا قال أبو حنيفة و الشافعي و ابن المنذر وعن أحمد أنه تجزئه نية واحدة لجميع الشهر إذا نوى صوم جميعه وهذا مذهب مالك و إسحاق لأنه نوي في زمن يصلح جنسه لنية الصوم فجاز كما لو نوى كل يوم في ليلته
ولنا أنه صوم واجب فوجب أن ينوي كل يوم من ليلته كالقضاء ولأن هذه الأيام عبادات لا يفسد بعضها بفساد بعض ويتخللها ما ينافيها فأشبهت القضاء وبهذا فارقت اليوم الأول وعلى قياس رمضان إذا نذر صوم شهر بعينه فيخرج فيه مثل ما ذكرناه في رمضان
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
معنى النية
فصل : ومعنى النية القصد وهو اعتقاد القلب فعل شيء وعزمه عليه من غير تردد فمتى خطر بقلبه في الليل أن غدا من رمضان وأنه صائم فيه فقد نوى وإن شك في أنه من رمضان ولم يكمن له أصل يبني عليه مصل أن يكون ليلة الثلاثين من شعبان ولم يحل دون مطلع الهلال غيم ولا قتير فعزم أن يصوم غدا من رمضان لم تصح النية ولا يجزئه صيام ذلك اليوم لأن النية قصد تتبع العلم وما لا يعلمه ولا دليل على وجوده ولا هو على ثقة من اعتقاده لا يصح قصده وبهذا قال حماد و ربيعة و مالك و ابن أبي ليلى و الحسن بن صالح و ابن المنذر وقال الثوري و الأوزاعي يصح إذا نواه من الليل لأنه نوى الصيام من الليل فصح كاليوم الثاني وعن الشافعي كالمذهبين

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ولنا أنه لم يجز النية بصومه من رمضان فلم يصح كما لو لم يعلم إلا بعد خروجه وكذلك لو بنى على قول المنجمين وأهل المعرفة بالحساب فوافق الصواب لم يصح صومه وإن كثرت إصابتهم لأنه ليس بدليل شرعي يجوز البناء عليه ولا العمل به فكان وجوده كعدمه [ قال النبي صلى الله عليه و سلم صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ] وفي رواية : [ لا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه ] فأما ليلة الثلاثين من رمضان فتصح نيته وإن احتمل أن يكون من شوال لأن الأصل بقاء رمضان وقد أمر النبي صلى الله عليه و سلم بصومه بقوله : [ ولا تفطروا حتى تروه ] لكن إن قال : إن كان غدا من رمضان فأنا صائم وإن كان من شوال فأنا مفطر قال ابن عقيل : لا يصح صومه لأنه لم يجزم بنية الصيام والنية اعتقاد جازم ويحتمل أن يصح لأن هذا شرط واقع والأصل بقاء رمضان
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
يجب تعيين النية في كل صوم واجب
فصل : ويجب تعيين النية في كل صوم واجب وهو أن يعتقد أنه يصوم غدا من رمضان أو من قضائه أو من كفارته أو نذره نص عليه أحمد في رواية الاثرم فإنه قال : قلت لأبي عبد الله أسير صام شهر رمضان في أرض الروم ولا يعلم أنه رمضان ينوي التطوع ؟ قال : لا يجزئه إلا بعزيمة أنه من رمضان ولا يجزئه في يوم الشك إذا أصبح صائما وإن كان من رمضان إلا بعزيمة من الليل أنه من رمضان وبهذا قال مالك و الشافعي وعن أحمد رواية أخرى أنه لا يجب تعيين النية لرمضان فإن المروذي روى عن أحمد أنه قال يكون يوم الشك يوم غيم إذا اجتمعنا على أننا نصبح صياما يجزئنا من رمضان وإن لم نعتقد أنه من رمضان ؟ قال :

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
نعم قلت فقول النبي صلى الله عليه و سلم [ إنما الأعمال بالنيات ] أليس يريد أن ينوي أنه من رمضان ؟ قال : لا إذا نوى من الليل أنه صائم أجزأه وحكى أبو حفص العكبري عن بعض أصحابنا أنه قال : ولو نوى نفلا وقع عنه رمضان وصح صومه وهذا قول أبي حنيفة وقال بعض أصحابنا : ولو نوى أن يصوم تطوعا ليلة الثلاثين من رمضان فوافق رمضان أجزأه قال القاضي : وجدت هذا الكلام اختيارا لأبي القاسم ذكره في شرحه وقال أبو حفص لا يجزئه إلا أن يعتقد من الليل بلا شك ولا تلوم فعلى القول الثاني لو نوى في رمضان الصوم مطلقا أو نوى نفلا وقع عن رمضان وصح صومه وهذا قول أبي حنيفة إذا كان مقيما لأنه فرض مستحق في زمن يبينه فلا يجب تعيين النية له كطواف الزيارة
ولنا أنه صوم واجب فوجب تعيين النية له كالقضاء وطواف الزيارة كمسألتنا في افتقاره إلى التعيين فلو طاف ينوي به الوداع أ طاف بنية الطواف مطلقا لم يجزئه عن طواف الزيارة ثم الحج مخالف للصوم ولهذا ينعقد مطلقا وينصرف إلى الفرض ولو حج عن غيره ولم يكن حج عن نفسه وقع عن نفسه ولو نوى الإحرام بمثل ما أحر
م به فلان صح وينعقد فاسدا بخلاف الصوم

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
فصل : ولو نوى ليلة الشك إن كان غدا من رمضان فأنا صائم فرضا وإلا فهو نفل لم يجزئه على الرواية الأولى : لأنه لم يعين الصوم من رمضان جزما ويجزيه على الأخرى قد نوى الصوم ولو كان عليه صوم من سنة خمس فنوى أنه يصوم عن سنة ست أو نوى الصوم عن يوم الأحد وكان الاثنين أو ظن أن غدا الأحد فنواه وكان الاثنين صح صومه لأن نية الصوم لم تختل وإنما أخطأ في الوقت
فصل : وإذا عين النية عن صوم رمضان أو قضائه كفارة أو نذر لم يحتج أن ينوي كونه فرضا وقال ابن حامد يجب ذلك وقد مر بيان ذلك في الصلاة


https://i.imgur.com/YM3gnOw.gif


ابوالوليد المسلم 15-03-2024 12:44 AM

رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
 
https://i.imgur.com/tCwaM1a.gif
فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]

المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ26 الى صــ32
(5)
https://png.pngtree.com/png-clipart/...ge_4368186.png

صحبة نية التطوع في كل وقت بالنهار
مسألة : قال : ومن نوى صيام التطوع من النهار ولم يكن طعم أجزأه
وجملة ذلك أن صوم التطوع يجوز بنية من النهار عند إمامنا أبي حنيفة والشافعي وروي ذلك عن أبي الدرداء و أبي مسعود و حذيفة و سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير و النخعي وأصحاب الرأي وقال مالك و داود : لا يجوز إلا بنية من الليل لقوله عليه السلام : [ لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل ] ولأن الصلاة يتفق وقت النية لفرضها ونفلها وكذلك الصوم
ولنا ما روت [ عائشة رضي الله عنها قالت : دخل علي النبي صلى الله عليه وسلام ذات يوم فقال : هل عندكم من شيء ؟ قلنا : لا قال : فإني إذا صائم ] أخرجه مسلم و أبو داود و النسائي ويدل عليه أيضا حديث عاشوراء لأن الصلاة يخفف نفلها عن فرضها بدليل أنه يشترط القيام لنفلها ويجوز في السفر على الراحلة إلى غير القبلة فكذا الصيام وحديثهم نخصه بحديثنا أصح من حديثهم فإنه من رواية ابن لهيعة
ويحيى بن أيوب قال الميموني : سألت أحمد عنه فقال :
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
أخبرك ما له عندي ذلك الإسناد إلا أنه ابن عمر و حفصة اسنادان جيدان والصلاة يتفق وقت النية لنفلها وفرضها لأن اشتراط النية في أول الصلاة لا يفضي إلى تقليلها بخلاف الصوم فإنه يعين له الصوم من النهار فعفى عنه كما لو جوزنا التنفل قاعدا وعلى الراحلة لهذه العلة
فصل : وأي وقت من النهار نوى أجزأه سواء في ذلك ما قبل الزوال وبعده هذا الظاهر كلام أحمد والخرقي وهو ظاهر ابن مسعود فإنه قال أحدكم بأخير النظرين ما لم يأكل أو يشرب وقال رجل لسعيد بن المسيب : إني لم آكل إلى الظهر أو إلى العصر أفأصوم بقية يومي ؟ قال : نعم واختار القاضي في المحرر أنه لا تجزئه النية بعد الزوال وهذا مذهب أبي حنيفة والمشهور من قولي الشافعي لأن معظم النهار مضى من غير نية بخلاف الناوي قبل الزوال فإنه قد أدرك معظم العبادة ولهذا تأثير في الأصول بدليل أن من أدرك الإمام قبل الرفع من الركوع أدرك الركعة لإدراكه معظمها ولو أدركه بعد الرفع لم يكن مدركا لها ولو أدرك مع الإمام من الجمعة ركعة كان مدركا لها لأنها تزيد بالتشهد ولو أدرك أقل من ركعة لم يكن مدركا لها

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ولنا أنه نوى في جزء من النهار فأشبه ما لو نوى في أوله ولأن جميع الليل وقت لنية الفرض فكذا جميع النهار وقت النية النفل إذا ثبت هذا فإنه يحكم له بالصوم الشرعي المثاب عليه من وقت النية في المنصوص عن أحمد فإنه قال : من نوى في التطوع من النهار كتب له بقية يومه وإذا أجمع من الليل كان له يومه وهذا قول بعض أصحاب الشافعي وقال أبو الخطاب في الهداية : يحكم له بذلك من أول النهار وهو قول بعض أصحاب الشافعي لأن الصوم لا يتبعض في اليوم بدليل ما لو أكل في بعضه لم يجز له صيام باقية فإذا وجد في بعض اليوم دل على أنه صائم من أوله ولا يمنع الحكم بالصوم من غير نية حقيقية كما لو نسي الصوم بعد نيته أو غفل عنه لأنه لو أدرك بعض الركعة أو بعض الجماعة كان مدركا لجميعها
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ولنا أن ما قبل النية لم ينو صيامه فلا يكون صائما فيه لقوله عليه السلام : [ إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ] ولأن الصوم عبادة محضة فلا توجد بغير نية كسائر العبادات المحضة ودعوى أن الصوم لا يتبعض دعوى محل النزاع وإنما يشترط لصوم البعض أن لا توجد المفطرات في شيء من اليوم ولهذا قال النبي صلى الله عليه و سلم في حديث عاشوراء : [ فيصم بقية يومه ] وأما إذا نسي النية بعد وجودها فإنه يكون مستصحبا لحكمها بخلاف ما قبلها فإنها لم توجد حكما و
لا حقيقة ولهذا لو نوى الفرض من الليل ونسيه في النهار صح صومه ولو لم ينو من الليل لم يصح صومه وأما إدراك الركعة والجماعة فإنما معناه أنه لا يحتاج إلى قضاء ركعة وينوي أنه مأموم وليس هذا مستحيلا أما أن يكون ما صلى الإمام قبله من الركعات محسوبا له بحيث يجزئه عن فعله فكلا ولأن مدرك الركوع مدرك لجميع أركان الركعة لأن القيام وجد حين كبر وفعل سائر الأركان مع الإمام وأما الصوم فإن النية شرط له أو ركن فيه فلا يتصور وجوده بدون شرطه وركنه إذا ثبت هذا فإن من شرطه أن لا يكون طعم قبل النية ولا فعل ما يفطره فإن فعل شيئا من ذلك يجزئه الصيام بغير خلاف نعلمه
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
صيام المغمى عليه
مسألة : قال : ومن نوى من الليل فأغمي عليه قبل طلوع الفجر فلم يفق حتى غربت الشمس لم يجزه صيام ذلك اليوم
وجملة ذلك أنه متى أغمي عليه جميع النهار فلم يفق في شيء منه لم يصح صومه في قول إمامنا و الشافعي وقال أبو حنيفة : يصح لأن النية قد صحت وزوال
الاستشعار بعد ذلك لا يمنع صحة الصوم كالنوم
ولنا أن الصوم هو الإمساك مع النية [ قال النبي صلى الله عليه و سلم : يقول الله تعالى كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به يدع طعامه وشرابه من أجلي ] متفق عليه فأضاف ترك الطعام والشراب إليه فإذا كان مغمى عليه فلا يضاف الإمساك إليه فلم يجزئه ولأن النية أحد ركني الصوم فلا تجزئ وحدها كالإمساك وحده أما النوم عادة ولا يزيل الإحساس بالكلية ومتى نبه انتبه والإغماء عارض يزيل العقل فأشبه الجنون إذا ثبت هذا فزوال العقل يحصل بثلاثة أشياء : أحدهما الإغماء وقد ذكرناه ومتى فسد الصوم به فعلى المغمى عليه القضاء بغير خلاف علمناه لأن مدته لا تتطاول غالبا ولا تثبت الولاية على صاحبه فلم يزل التكليف به وقضاء العبادات كالنوم ومتى أفاق المغمى عليه في جزء من النهار صح صومه سواء كان في أوله في آخره وقال الشافعي في أحد قوليه : تعتبر الأفاقة في أول النهار ليحصل حكم النية في أوله

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ولنا أن الإفاقة حصلت في جزء من النهار فأجزأ كما لو وجدت في أوله وما ذكروه لا يصح فإن النية قد حصلت من الليل فيستغني عن ذكرها في النهار كما لو نام أو غفل عن الصوم ولو كانت النية إنما تحصل بالإفاقة في النهار لما صح منه صوم الفرض بالإفاقة لأنه لا يجزئ بنية من النهار
الثاني : النوم فلا يؤثر في الصوم سواء وجد في بعض النهار أو جميعه
الثالث : الجنون فحكمه حكم الإغماء إلا أنه إذا وجد في جميع النهار لم يجب قضاؤه وقال أبو حنيفة : متى أفاق المجنون في جزء من رمضان لزمه قضاء ما مضى منه لأنه أدرك جزءا من رمضان وهو عاقل فلزمه صيامه كما لو أفاق في جزء من اليوم وقال الشافعي :
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
إذا وجد الجنون في جزء من النهار أفسد الصوم لأنه معنى يمنع وجوب الصوم فأفسده وجوده في بعضه كالحيض
ولنا أنه معنى يمنع الوجوب إذا وجد في جميع الشهر فمنع إذا وجد في جميع النهار كالصبأ والكفر وأما إن أفاق في بعض اليوم فلنا منع من وجوبه وإن سلمناه فإنه قد أدرك بعض وقت العبادة فلزمه كالصبي إذا بلغ والكافر إذا أسلم في بعض الن
هار وكما لو أدرك بعض وقت الصلاة
ولنا على الشافعي أنه زوال عقل في بعض النهار فلم يمنع صحة الصوم كالإغماء والنوم ويفارق الحيض فإن الحيض لا يمنع الوجوب وإنما تأخير الصوم ويحرم فعله ويوجب الغسل ويحرم الصلاة والقراءة واللبث في المسجد والوطء فلا يصح قياس الجنون عليه

https://i.imgur.com/YM3gnOw.gif





ابوالوليد المسلم 15-03-2024 11:43 PM

رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
 
https://i.imgur.com/tCwaM1a.gif
فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]

المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ32 الى صــ33
(6)
https://png.pngtree.com/png-clipart/...ge_4368186.png

الصيام في السفر
مسألة : قال : وإذا سافر ما يقصر فيه الصلاة فلا يفطر حتى يترك البيوت وراء ظهره
وجملة ذلك أن للمسافر أن يفطر في رمضان وغيره بدلالة الكتاب والسنة والإجماع أما الكتاب فقول الله تعالى : { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } وأما السنة ف [ قول النبي صلى الله عليه و سلم إن الله وضع عن المسافر الصوم ] رواه النسائي و الترمذي وقال حديث حسن في أخبار كثيرة سواه وأجمع المسلمون على إباحة الفطر للمسافر في الجملة وإنما يباح الفطر في السفر الطويل الذي يبيح القصر وقد ذكرنا قدره في الصلاة ثم لا يخلو المسافر من ثلاثة أ
حوال
أحدها : أن يدخل عليه شهر رمضان في السفر فلا نعلم بين أهل خلافا في إباحة الفطر له

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
الثاني : أن يسافر في أثناء الشهر ليلا فله الفطر في صبيحة الليلة التي يخرج فيها وما بعدها في قول عامة أهل العلم وقال عبيدة السلماني وأبو مجلز وسويد بن غفلة : لا يفطر من سافر بعد دخول الشهر لقول الله تعالى { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } وهذا قد شهده
ولنا قول الله تعالى { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } وروى ابن عباس قال : [ خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم عام الفتح في شهر رمضان فصام حتى بلغ الكديد ثم أفطر وأفطر الناس ] متفق عليه ولأنه مسافر فأبي
ع له الفطر كما لو سافر قبل الشهر والآية تناولت الأمر بالصوم لمن شهد الشهر كله وهذا لم يشهده كله

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
الثالث : أن يسافر في أثناء يوم من رمضان فحكمه في اليوم الثاني كمن سافر ليلا وفي إباحة فطر اليوم الذي سافر فيه عن أحمد روايتان : أحدهما له أن يفطر وهو قول عمرو بن شرحبيل والشعبي وإسحاق وداود وابن المنذر لما روى عبيد بن جبير قال : ركبت مع أبي بصرة الغفاري سفينة من الفسطاط في شهر رمضان فدفع ثم قرب غداءه فلم يجاوز البيوت حتى دعا بالسفرة ثم قال اقترب فقلت ألست ترى البيوت ؟ قال أبو بصرة : أترغب عن سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ فأكل رواه أبو داود ولأن السفر معنى لو جد ليلا واستمر في النهار لأباح الفطر فإذا وجد في أثنائه أباحه كالمرض ولأنه أحد الأمرين المنصوص عليهما في إباحة الفطر بهما فأباحه في أثناء النهار كالآخر والرواية الثانية لا يباح له فطر ذلك اليوم وهو قول مكحول والزهري ويحيى الأنصاري ومالك والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي لأن الصوم عبادة تختلف بالسفر والحضر فإذا اجتمعا فيه غلب حكم الحضر كالصلاة والأول أصح للخبر ولأن الصوم يفارق الصلاة فإن الصلاة يلزم إتمامها بنيته بخلاف الصوم
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif

إذا ثبت هذا فإنه لا يباح له الفطر حتى يختلف البيوت وراء ظهره يعني أنه يجاوزها ويخرج من بين بنيانها وقال الحسن يفطر في بيته إن شاء يوم يريد أن يخرج وروي نحوه عن عطاء قال ابن عبد البر : قول الحسن قول شاذ وليس الفطر لأحد في الحضر في نظر ولا أثر وقد روي عن الحسن خلافه وقد روى محمد بن كعب قال : أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد السفر وقد رحلت له راحلته ولبس ثياب
السفر فدعا بطعام فأكل فقلت له سنة ؟ فقال سنة ؟ فقال سنة ثم ركب قال الترمذي : هذا حديث حسن
ولنا قول الله تعالى : { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } وهذا شاهد ولا يوصف بكونه مسافرا حتى يخرج من البلد ومهما كان في البلد فله أحكام الحاضرين ولذلك لا يقصر الصلاة فأما أنس فيحتمل أنه قد كان برز من البلد خارجا منه فأتاه محمد بن كعب في منزله ذلك

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
فصل : وإن نوى المسافر الصوم في سفره ثم بدا له أن يفطر فله ذلك واختلف قول الشافعي فيه فقال مرة لا يجوز له الفطر وقال مرة أخرى إن صح حديث الكديد لم أر به بأسا أن يفطر وقال مالك : إن أفطر فعليه والكفارة لأنه أفطر في صوم رمضان فلزمه ذلك كما لو كان حاضرا
ولنا حديث ابن عباس وهو حديث صحيح متفق عليه وروى جابر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم خرج عام الفتح فصام حتى بلغ كراع الغميم فصام الناس معه فقيل له إن الناس قد شق عليهم الصيام وإن الناس ينظرون ما فعلت فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشرب والناس ينظرون فأمطر بعضهم وصام بعضهم فبلغ أن ناسا صاموا فقال : أولئك العصاة رواه مسلم وهذا نص صريح لا يعرج على من خالفه إذا ثبت هذا فإن له أن يفطر بما شاء من أكل وشرب وغيرهما إلا الجماع هل له أن يفطر به أم لا ؟ فإن أفطر بالجماع ففي الكفارة روايتان : الصحيح منهما أنه لا كفارة عل
يه وهو مذهب الشافعي

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
والثانية : يلزمه كفارة لأنه أفطر بجماع فلزمته كفارة كالحاضر
ولنا أنه صوم لا يجب المضي فيه فلم تجب الكفارة بالجماع فيه كالتطوع وفارق الحاضر الصحيح فإنه يجب عليه المضي في الصوم وإن كان مريضا يباح له الفطر فهو كالمسافر ولأنه يفطر بنية الفطر فيقع الجماع بعد حصول
الفطر فأشبه ما لو أكل ثم جامع ومتى أفطر المسافر فله فعل جميع ما ينافي الصوم من الأكل والشرب والجماع وغيره لأن حرمتها بالصوم فتزول بزواله كما لو زال بمجيء الليل
فصل : وليس للمسافر أن يصوم في رمضان عن غيره كالنذر والقضاء لأن الفطر أبيح رخصة وتخفيفا عنه فإذا لم يرد التخفيف عن نفسه لزمه أن يأتي بالأصل فإن نوى صوما غير رمضان لم يصح صومه لا عن رمضان ولا عما نواه ه
ذا الصحيح في المذهب وهو قول أكثر العلماء وقال أبو حنيفة : يقع ما نواه إذا كان واجبا لأنه زمن أبيح له فطره فكان له صومه عن واجب عليه كغيره شهر رمضان
ولنا أنه أبيح له الفطر للعذر فلم يجز له أن يصومه عن غير رمضان كالمريض وبهذا ينتقض ما ذكروه وينقض أيضا بصوم التطوع فإنهم سلموه قال صالح : قيل لأبي من صام شهر رمضان وه ينوي به تطوعا يجزئه ؟ قال : أو يفعل هذا مسلم ؟

https://i.imgur.com/YM3gnOw.gif




ابوالوليد المسلم 17-03-2024 01:16 AM

رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
 

https://i.imgur.com/tCwaM1a.gif
فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]
المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ33 الى صــ58
(7)
https://png.pngtree.com/png-clipart/...ge_4368186.png

ما يفطر دون كفارة وما لا يفطر وما لا يفسد الصيام
مسألة : قال : ومن أكل أو شرب أو احتجم أو استعط أو أدخل إلى جوفه شيئا من أي موضع كان أو قبل فأمنى أو أمذى أو كرر النظر فأنزل أي ذلك فعل عامدا وهو ذاكر لصومه فعليه القضاء بلا كفارة إذا كان صوما واجبا
في هذه المسألة فصول : فصل الأول إنه يفطر بالأكل والشرب بالإجماع وبدلالة الكتاب والسنة أما الكتاب فقول الله تعالى { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل } مد
الأكل والشرب إلى تبين الفجر ثم أمر بالصيام عنهما وأما السنة فـ [ قول النبي صلى الله عليه و سلم والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي ]

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
واجمع العلماء على الفطر بالأكل والشرب بما يتغذى به فأما مالا يتغذى به فعامة أهل العلم على أن الفطر يحصل به وقال الحسن بن صالح : لا يفطر بما ليس بطعام ولا شراب وحكي عن أبي طلحة الأنصاري أنه كان يأكل البرد في الصوم ويقول ليس بطعام ولا شراب ولعل من يذهب إلى ذلك يحتج بأن الكتاب والسنة إنما حرما الأكل والشرب فما عداهما يبقى على أصل الإباحة ولنا دلالة الكتاب والسنة على تحريم الأكل والشرب على العموم فيدخل فيه محل النزاع ولم يثبت عندنا ما نقل عن أبي طلحة فلا يعد خلافا
الفصل الثاني : إن الحجامة يفطر بها الحاجم والمحجوم وبه قال إسحاق و ابن المنذر و محمد بن إسحاق بن خزيمة وهو قول عطاء و عبد الرحمن بن مهدي وكان الحسن ومسروق و ابن سيرين لا يرون للصائم أن يحتجم وكان ج
ماعة من الصحابة يحتجمون ليلا في الصوم منهم ابن عمر وابن عباس وأبو موسى وأنس ورخص فيها أبو سعيد الخدري وابن مسعود وأم سلمة وحسين بن علي وعروة و سعيد بن جبير وقال مالك و الثوري و أبو حنيفة و الشافعي يجوز للصائم أن يحتجم ولا يفطر لما روى البخاري عن ابن عباس [ أن النبي صلى الله عليه و سلم احتجم وهو صائم ] ولأنه دم خارج من البدن أشبه الفصد

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ولنا قول النبي صلى الله عليه و سلم [ أفطر الحاجم والمحجوم ] رواه عن النبي صلى الله عليه و سلم أحد عشر نفسا قال أحمد حديث شداد بن أوس من أصح حديث يروى في هذا الباب وإسناد حديث رافع إسناد جيد وقال : حديث ثوبان وشداد صحيحان وعن علي بن المديني أنه قال أصح شيء في هذا الباب حديث شداد وثوبان وحديثهم منسوخ بحديثنا بدليل ما روى ابن عباس أنه قال : [ احتجم رسول الله صلى الله عليه و سلم بالقاحة بقرن وناب وهو محرم صائم فوجد لذلك ضعيفا شديدا فنهى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يحتجم الصائم ] رواه إسحاق الجوزجاني في المترجم وعن الحكم قال : [ احتجم رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو صائم فضعف ثم كرهت الحجامة للصائم ] وكان ابن عباس وهو راوي حديثهم يعد الحجام والمحاجم فإذا غابت الشمس احتجم بالليل كذلك رواه الجوزجاني وهذا يدل على أنه علم نسخ الحديث الذي رواه ويحتمل [ أن النبي صلى الله عليه و سلم احتجم فأفطر ]
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
كما [ روي عنه عليه السلام أنه قاء فأفطر ] فإن قيل فقد روي [ أن النبي صلى الله عليه و سلم رأي الحاجم والمحتجم يغتابان ] فقال ذلك : قلنا لم تثبت حصة هذه الرواية مع أن اللفظ أعم من السبب فيجب العمل بعموم اللفظ لا بخصوص السبب على أننا قد ذكرناه الحديث الذي فيه بيان علة النهي عن الحجامة وهي الخوف من الضعف فيبطل التعليل بما سواه أو يكون كل واحد منهما علة مستقلة على أن الغيبة لا تفطر الصائم إجماعا فلا يصح حمل الحديث على ما يخالف الإجماع قال أحمد : لأن يكون الحديث كما جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم [ أفطر الحاجم والمحجوم ] أحب إلينا من أن يكون من الغيبة لأن من أراد أن يمتنع من الحجامة امتنع وهذا أشد من الناس أن يسلم من الغيبة ؟ فإن قيل : فإذا كانت علة النهي ضعف الصائم بها فلن يقتضي ذلك الفطر وإنما يقتضي الكراهة ومعنى قوله : [ أفطر الحاجم والمحجوم ] أي قربا من الفطر قلنا هذا تأويل يحتاج إلى دليل على أنه لا يصح ذلك في حق الحاجم فإنه لا ضعف فيه
الفصل الثالث : أنه يفطر بكل ما أدخله إلى جوفه أو مجوف في جسده كدماغه وحلقه ونحو ذلك مما ينفذ إلى معدته إذا وصل باختياره وكان مم
ا يمكن التحرز منه سواء وصل من الفم على العادة أو غير العادة كالوجور واللدود أو من الأنف كالسعوط أو ما يدخل من الأذن إلى الدماغ أو ما يدخل من العين إلى الحلق كالكحل أو ما يدخل إلى الجوف من الدبر بالحقنة أو ما يصل من مداواة الجائفة إلى جوفه أو من دواء المأمومة إلى دماغه فهذا كله يفطره لأنه واصل إلى جوفه باختياره فأشبه الأكل وكذلك لو جرح نفسه أو جرحه غيره باختياره فوصل إلى جوفه سواء استقر في جوفه أو عاد فخرج منه وبهذا كله قال الشافعي :
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
وقال مالك : لا يفطر بالسعوط إلا أن ينزل إلى حلقة ولا يفطر إذا داوى المأمومة والجائفة واختلف عنه في الحقنة واحتج له بأنه لم يصل إلى الحلق منه شيء أشبه ما لم يصل إلى الدماغ ولا الجوف ولنا أنه واصل إلى جوف الصائم باختياره فيفطره كالواصل إلى الحلق والدماغ جوف والواصل إليه يغذيه فيفطره كجوف البدن
فصل : فأما الكحل فما وجد طعمه في حلقه أو علم وصوله إليه فطره وإلا لم يفطره نص عليه أحمد وقال ابن أبي موسى ما يجد طعمه كالذرور والصبر والفطور أفطر إن اكتحل باليسير من الاثمد غير المطيب كالميل ونحوه لم يفطر نص عليه أحمد وقال ابن عقيل : إن كان الكحل حادا فطره وإلا فلا ونحو ما ذكرناه قال أصحاب مالك وعن ابن أبي ليلى وابن شبرمة أن الكحل يفطر الصائم وقال أبو حنيفة والشافعي لا يفطره لما [ روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه اكتحل في رمضان وهو صائم ] ولأن العين ليست منفذا فلم يفطر بالداخل منها كما لو دهن رأسه

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ولنا أنه أوصل إلى حلقة ما هو ممنوع من تناوله بفيه فأمطر به كما لو أوصله من أنفه وما رووه لم يصح قال الترمذي لم يصح عن النبي صلى الله عليه و سلم في باب الكحل للصائم شيء ثم نحمله على أنه اكتحل بما لا يصل وقولهم ليست العين منفذا لا يصح فإنه يوجد طعمه في الحلق ويكتحل بالاثمد فيتنخعه قال أحمد : حدثني إنسان أنه اكتحل بالليل فتنخعه بالنهار ثم لا يعتبر في الواصل أن يكون من منفذ بدليل ما لو جرح نفسه جائفة فإنه يفطر
فصل : وما لا يمكن التحرز منه كابتلاع الريق لا يفطره لأن اتقاء ذلك يشق فأشبه غبار الطريق وغربلة الدقيق فإن جمعه ثم ابتلعه قصدا لم يفطره لأنه يفطره لأنه يصل إلى جوفه من معدته أشبه إذا لم يجمعه وفيه وجه آخر أنه يفطر لأ
نه أمكنه من التحرز منه أشبه ما لو قصد ابتلاع غبار الطريق والأول أصح فإن الريق لا يفطر إذا لم يجمعه وإن قصد ابتلاعه فكذلك إذا جمعه بخلاف غبار الطريق فإن خرج ريقه إلى ثوبه أو بين شفتيه ثم عاد فابتلعه أو بلع ريق غيره أفطر لأنه ابتلعه من غير فمه فأشبه ما لو بلغ غيره فإن قيل فقد [ روت عائشة أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقبلها وهو صائم ويمص لسانها ]
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
رواه أبو داود قلنا قد روي أنه قال هذا إسناد ليس بصحيح ويجوز أن يكون يقبل في الصوم ويمص لسانها في غيره ويجوز أن يمصه ثم ابتلعه ولأنه لم يتحقق انفصال ما على لسانها في البلل إلى فمه فأشبه ما لو ترك حصاه مبلولة في فيه أو لو تمضمض بماء ثم مجه ولو ترك في فمه حصاة أو ردهما فأخرجه وعليه بلة من الريق ثم أعاده في فيه نظرت فإن كان ما عليه من الريق كثيرا فابتلعه أفطر وإن كان يسيرا لم يفطر بابتلاع ريقه وقال بعض أصحابنا يفطر لابتلاعه ذلك البلل الذي كان على الجسم
ولنا أنه لا يتحقق انفصال ذلك البلل ودخوله إلى حلقه فلا يفطره كالمضمضة والتسوك بالسواك الرطب والمبلول ويقوي ذلك حديث عائشة في مص لسانها ولو أخرج لسانه وعليه بلة ثم عاد فأدخله وابتلع ريقه لم يفطر
يتبع

https://i.imgur.com/YM3gnOw.gif




ابوالوليد المسلم 18-03-2024 01:52 AM

رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
 

https://i.imgur.com/tCwaM1a.gif
فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]
المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ33 الى صــ58
(8)
https://png.pngtree.com/png-clipart/...ge_4368186.png
فصل : وإن ابتلع النخامة ففيها روايتان : إحداهما يفطر قال حنبل سمعت أبا عبد الله يقول إذا تنخم ثم ازدرده فقد أفطر لأن النخامة من الرأس تنزل والريق من الفم ولو تنخع من جوفه ثم ازدراه أفطر وهذا مذهب الشافعي لأنه أمكن التحرز منها أشبه الدم ولأنها من غير الفم أشبه القيء والرواية الثانية لا يفطر قال في رواية المروذي ليس عليك إذا ابتلعت النخاعة وأنت صائم لأنه معتاد في الفم غير واصل من خارج أشبه الريق
فصل : فإن سال فمه دما أو خرج إليه قلس أو قيء فازدرده أفطر وإن كان يسيرا لأن الفم في حكم الظاهر والأصل حصول الفطر بكل واصل منه لك
ن عفي عن الريق لعدم إمكان التحرز منه فما عداه من يبقى على الأصل وإن ألقاه من فيه وبقي فمه نجسا أو تنجس فمه بشيء من خارج فابتلع ريقه فإن كان معه جزء من المنجس أفطر بذلك الجزء وإلا فلا

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
فصل : ولا يفطر بالمضمضة بغير خلاف سواء كان في الطهارة أو غيرها وقد روي [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أن عمر سأله عن القبلة للصائم فقال النبي صلى الله عليه و سلم أرأيت لو تمضمضت من إناء وأنت صائم قلت : لا بأس قال فمه ] ولأن الفم في حكم الظاهر لا يبطل الصوم بالواصل إليه كالأنف والعين وإن تمضمض أو استنشق في الطهارة فسبق الماء إلى حلقه من غير قصد ولا إسراف فلا شيء عله وبه قال الأوزاعي و إسحاق و الشافعي في أحد قوليه وروي ذلك عن ابن عباس وقال مالك و أبو حنيفة يفطر لأنه أوصل الماء إلى جوفه ذاكرا لصومه فأفطر كما لو تعمد شربه
ولنا أنه وصل إلى حلقه من غير إسراف ولا قصد ما لو طارت ذبابة إلى حلقه وبهذا فارق المتعمد فأما إن أسرف فزاد أو بالغ في الاستنشاق فقد فعل مكروها لقول النبي صلى الله عليه و سلم للقيط بن صبرة : وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما حديث صحيح ولأنه يتعرض بذلك لإيصال الماء إلى حلقه فإن وص
ل إلى حلقه فقال أحمد : يعجبني أن يعيد الصوم وهل يفطر بذلك ؟ على وجهين :
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
أحدهما يفطر لأن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن المبالغة حفظا للصوم فدل ذلك على أنه يفطر به ولأنه وصل بفعل منهي عنه فأشبه التعمد والثاني لا يفطر به لأنه وصل من غير قصد فأشبه غبار الدقيق إذا نخله فأما المضمضة لغير الطهارة فإن كانت لحاجة كغسل فمه عند الحاجة إليه ونحوه فحكمه حكم المضمضة للطهارة وإن كان عابثا أو تمضمض من أجل العطش كره وسئل أحمد عن الصائم يعطش فيتمضمض ثم يمجه قال : يرش على صدره أحب إلي فإن فعل فوصل الماء إلى حلقه أو ترك الماء فيه عابثا أو للتبرد فالحكم فيه كالحكم في الزائد على الثلاث لأنه مكروه ولا بأس أن يصب الماء على رأسه من الحر والعطش لما روي عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم أن ه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم بالعرج يصب الماء على رأسه وهو صائم من العطش أو من الحر رواه أبو داود

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
فصل : ولا بأس أن يغتسل الصائم فإن عائشة وأم سلمة قالتا : نشهد على رسول الله إن كان ليصبح جنبا من غير احتلام ثم يغتسل ثم يصوم متفق عليه وروى أبو بكر بإسناده أن ابن عباس دخل الحمام وهو صائم هو وأصحاب له في شهر رمضان فأما الغوص في الماء فقال أحمد في الصائم يغتمس في الماء إذا لم يخف أن يدخل في مسامعه وكره الحسن و الشعبي أن ينغمس في الماء خوفا من أن يدخل في مسامعه فإن دخل في مسامعه فوصل إلى دماغه من الغسل المشروع من غير إسراف ولا قصد فلا شيء عليه كما لو دخل إلى حلقة من المضمضة والاستنشاق والزائد على الثلاث والله أعلم

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
فصل : قال إسحاق بن منصور قلت لأحمد : الصائم يمضغ العلك قال : لا قال أصحابنا : العلك ضربان : أحدهما ما يتحلل منه أجزاء وهو الرديء الذي إذا مضغه يتحلل فلا يجوز مضغه إلا إن لا يبلغ ريقه فإن فعل فنزل إلى حلقه منه شيء أفطر به كما لو تعمد أكله والثاني العلك القوي الذي كلما مضغه صلب وقوي فهذا يكره مضغه ولا يحرم وممن كرهه الشعبي و النخعي و محمد بن علي و قتادة و الشافعي وأصحاب الرأي وذلك لأنه يحلب الفم ويجمع الريق ويورث العطش ورخصت عائشة عن مضغه وبه قال عطاء لأنه لا يصل إلى الجوف فهو كالحصاة يضعها في فيه ومتى مضغه ولم يجد طعمه في حلقه لم يفطر وإن وجد طعمه في حلقه ففيه وجهان : أحدهما يفطره كالكحل إذا وجد طعمه في حلقه فالثاني لا يفطره لأنه لم ينزل منه شيء ومجرد الطعم لا يفطر بدليل أنه قد قيل من لطخ باطن قدمه بالحنطل وجد طعمه ولا يفطر بخلاف الكحل فإن أجزاءه تصل إلى الحلق ويشاهد إذا تنخع قال أحمد : من وضع في فيه درهما أو دينارا وهو صائم ما لم يجد طعمه في حلقه فلا بأس به وما يجد طعمه فلا يعجبني وقال عبد الله سألت أبي عن الصائم يفتل الخيوط قال يعجبني أن يبزق
فصل : قال أحمد أحب إلي أن تجتنب ذوق الطعام فإن فعل لم يضره ولا بأس به قال ابن عباس : لا بأس أن يذوق الطعام والخل والشيء يريد شراء
ه والحسن كان يمضغ الجوز لأبن ابنه وهو صائم ورخص فيه إبراهيم قال ابن عقيل : يكره ن غير حاجة ولا بأس به من الحاجة فإن فعل فوجد طعمه في حلقه أفطر وإلا لم يفطر
فصل : قال أحمد : لا بأس بالسواك للصائم

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
[ قال عامر بن ربيعة : رأيت النبي صلى الله عليه و سلم ما لا أحصي يتسوك وهو صائم ] قال الترمذي هذا حديث حسن وقال زياد بن حدير ما رأيت أحدا كان أدوم لسواك رطب وهو صائم من عمر بن الخطاب ولكنه عودا ذاوبا ولم ير أهل العلم بالسواك أول النهار بأسا إذا كان العود يابسا واستحب أحمد وإسحاق السواك بالعشي قال أحمد : [ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك الاذفر ] لتلك الرائحة لا يعجبني للصائم أن يستاك بالعشي واختلفت الرواية عنه في التسوك بالعود الرطب فرويت عنه الكراهة وهو قول قتادة و الشعبي والحكم وإسحق ومالك في رواية لأنه مغرر بصومه لاحتمال أن يتحلل منه أجزاء إلى حلقه فيفطره وروي عنه لا يكره وبه قال الثوري و الأوزاعي و أبو حنيفة وروي ذلك عن علي وابن عمر وعروة ومجاهد لما رويناه من حديث عمر وغيره من الصحابة
يتبع

https://i.imgur.com/YM3gnOw.gif


ابوالوليد المسلم 19-03-2024 12:32 AM

رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
 
https://i.imgur.com/icDwY92.gif
فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]
المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ33 الى صــ58
(9)
https://png.pngtree.com/png-clipart/...ge_4368186.png
فصل : ومن أصبح بين أسنانه طعام لم يخل من حالين : أحدهما أن يكون يسيرا لا يمكنه لفظه فازدرده فإنه لا يفطر به لأنه لا يمكن التحرز منه فأشبه الريق قال ابن المنذر : أجمع على ذلك أهل العلم : الثاني أن يكون كثيرا يمكن لفظه فإن لفظه فلا شيء عليه وإن ازدرده عامدا فسد صومه في قول أكثر أهل العلم وقال حنيفة : لا يفطر لأنه لا بد أن يبقى بين أسنانه شيء مما يأكله فلا يمكن التحرز منه فأشبه ما يجري به الريق
ولنا أنه بلغ طعاما يمكنه لفظه باختياره ذاكرا لصومه فأمطر به كما لو ابتدأ الأكل ويخالف ما يجري به الريق فإنه لا يمكن لفظه فإن قيل يمكنه قلنا لا يخرج جميع الريق ببصاقه وإن منع من ابتلاع ريقه كله لم يمكنه

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
فصل : فإن قطر في احليله دهنا لم يفطر به سواء وصل إلى المثانة أو لم يصل وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي : يفطر لأنه أوصل الدهن إلى جوف في جسده فأفطر كما لو داوى الجائفة ولأن المني يخرج من الذكر فيفطره ومن أفطر بالخارج منه جاز أن يفطر بالداخل منه كالفم
ولنا أنه ليس بين باطن الذكر والجوف منفذ وإنما يخرج البول رشحا فالذي يتر
كه فيه لا يصل إلى الجوف فلا يفطره كالذي يتركه في فيه ولم يبتلعه
الفصل الرابع : إذا قيل فأمني أو أمذي ولا يخلو القبل من ثلاثة أحوال : أحدها أن لا ينزل فلا يفسد صومه بذلك لا نعلم فيه خلافا لما [ روت عائشة : أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقبل وهو صائم وكان أملككم لأربه ] رواه البخاري و مسلم ويروي بتحريك الراء وسكونها قال الخطابي : معناها واحد وهو حاجة النفس ووطرها وقيل بالتسكين العضو وبالفتح الحاجة وروي [ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال هششت فقبلت وأنا صائم فقلت يا رسول الله : صنعت اليوم أمرا عظيما قبلت وأنا صائم فقال : أرأيت لو تمضمضت من إناء وأنت صائم قلت : لا بأس به قال فمه ] رواه أبو داود شبه كان بالمضمضة من حيث أنها من مقدمات الشه
وة وإن المضمضة إذا لم يكن معها نزول الماء لم يفطر وإن كان معها نزوله أفطر إلا أن أحمد ضعف هذا الحديث وقال هذا ريح ليس من هذا شيء

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
الحال الثاني : أن يمني فيفطر بغير خلاف نعلمه لما ذكرناه من إيماء الخبرين ولأنه إنزال بمباشرة فأشبه الإنزال بالجماع دون الفرج
الحال الثالث : أن يمذي فيفطر عند إمامنا مالك وقال أبو حنيفة والشافعي لا يفطر وروي ذلك عن الحسن و الشعبي و الأوزاعي لأنه خارج لا يوجب الغسل أشبه البول
ولنا أنه خارج تخلله الشهوة خرج بالمباشرة فأفسد الصوم كالمني وفارق البول بهذا واللمس لشهوة كالقبلة في هذا : إذا ثبت هذا فإن المقبل إذ كان ذا شهوة مفرطة بحيث يغلب على ظنه أنه إذا قبل أنزل لم تحل له القبلة لأنها مفسدة لصومه فحرمت كالأكل وإن كان ذا شهوة لكنه لا يغلب على ظنه ذلك كره له التقبيل لأنه يعرضه صومه
للفطر ولا يأمن عليه الفساد وقد روي عن عمر أنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم في المنام فأعرض عني فقلت له مالي ؟ فقالت : إنك تقبل وأنت صائم ولأن العبادة إذا منعت في الوطء منعت القبلة كالإحرام ولا تحرم القبلة في هذه الحال لما [ روي أن رجلا قبل وهو صائم فأرسل امرأته فسألت النبي صلى الله عليه و سلم فأخبرها النبي صلى الله عليه و سلم أنه يقبل وهو صائم فقال الرجل إن رسول الله صلى الله عليه و سلم ليس مثلنا قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فغضب النبي صلى الله عليه و سلم وقال : إني لأخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي ]
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
رواه مسلم بمعناه ولأن افضاءه إلى إفساد الصوم مشكوك فيه ولا يثبت التحريم بالشك فأما إن كان ممن لا تحرك القبلة شهوته كالشيخ الهرم ففيه روايتان : إحداهما لا يكره له ذلك وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي لأن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقبل وهو صائم لما كان مالكا لأربه وغير ذي الشهوة في معناه
وقد روي أبو هريرة [ أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه و سلم عن المباشرة للصائم فرخص له فأتاه آخر فسأله فنهاه فإذا الذي رخص له شيخ وإذا الذي نهاه شاب ] أخرجه أبو داود ولأنها مباشرة لغير شهوة فأشبهت لمس اليد لحاجة
والثانية : يكره لأنه لا يأمن حدوث الشهوة ولأن الصوم عبادة تمنع الوطء فاستوى في القبلة فيها من تحرك شهوته وغيره كالإحرام فأما اللمس لغير شهوة كلمس يدها ليعرف مرضها فليس بمكروه بحال لأن ذلك لا يكره في الإحرام فلا يكره في الصيام كلمس ثوبها
فصل : ولو استمنى بيده فقد فعل محرما ولا يفسد صومه به إلا أن ينزل فإن
أنزل فسد صومه لأنه في معنى القبلة في إثارة الشهوة فأما إن انزل لغير شهوة كالذي يخرج منه المني أو المذي لمرض فلا شيء عليه لم يفسد صومه لأنه عن غير اختيار منه فأشبه ما لو دخل حلقه شيء وهو نائم ولو جامع في الليل فأنزل بعدما أصبح لم يفطر لأنه لم يتسبب إليه في النهار فأشبه ما لو أكل شيئا في الليل فذرعه القيء في النهار
الفصل الخامس : إذا كرر النظر فأنزل ولتكرار النظر أيضا ثلاثة أحوال أحدها أن لا يقترن به إنزال فال يفسد الصوم بغير اختلاف

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
الثاني : أن يقترن به إنزال المني فيفسد الصوم في قول إمامنا وعطاء والحسن البصري ومالك والحسن بن صالح وقال جابر بن زيد والثوري وأبو حنيفة والشافعي وابن المنذر لا يفسد لأنه إنزال عن غيره مباشرة أشبه الإنزال بالفكر ولنا أنه إنزال بفعل يتلذذ به ويمكن التحرز منه فأفسد الصوم كالإنزال باللمس والفكر لا يمكن التحرز منه بخلاف تكرار النظر الثالث مذي بتكرار النظر فظاهر كلام أحمد أه لا يفطر به لأنه لا نص في الفطر به ولا يمكن قياسه على إنزال المني لمخالفته إياه في الإحكام فيبقى على الأصل فأما إن نظر فصرف بصره لم يفسد صومه
سواء أنزل وقال مالك إن أنزل فسد صومه لأنه أنزل بالنظر أشبه ما لو كرره
ولنا أن النظرة الأولى لا يمكن التحرز منها فلا يفسد الصوم ما أفضت إليه كالفكرة وعليه يخرج التكرار فإذا ثبت هذا فإن تكرار النظر مكروه لمن يحرك شهوته غير مكروه لمن لا يحرك شهوته كالقبلة ويحتمل أن لا يكره بحال لأن قضاءه إلى الإنزال المفطر بعيد جدا بخلاف القبلة فإن حصول المذي لها ليس ببعيد

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
فصل : فإن فكر فأنزل لم يفسد صومه وحكي عن أبي حفص البرمكي أنه يفسد واختاره ابن عقيل لأن الفكرة تستحضر فتدخل تحت الاختيار بدليل تأثيم صاحبها في مساكنها في بدعة وكفر ومدح الله سبحانه الذين يتفكرون في خلق السماوات والأرض ونهى النبي صلى الله عليه و سلم عن التفكر في ذات الله وأمر بالتفكر في الآية ولو كانت غير مقدور عليها لم يتعلق ذلك بها كالاحتلام فأما أن خطر بقلبه صورة الفعل فأنزل لم يفسد صومه لأن الخاطر لا يمكن دفعه
ولنا قول النبي صلى الله عليه و سلم : [ عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم ] ولأنه لا نص في الفطر به ولا إجماع ولا يمكن قياسه على المباشرة ولا تكرار النظر لأنه دونها في استدعاء الشهوة وإفضائه إلى الإنزال ويخالفهما في التحريم إذا تعلق ذلك بأجنبية أو الكراهة إن كان في زوجة فيبقى على الأصل
يتبع

https://i.imgur.com/YM3gnOw.gif


ابوالوليد المسلم 19-03-2024 11:46 PM

رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
 
https://i.imgur.com/tCwaM1a.gif
فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]

المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ33 الى صــ58
(10)
https://png.pngtree.com/png-clipart/...ge_4368186.png
الفصل السادس : أن المفسد للصوم من هذا كله ما كان عن عمد وقصد فأما ما حصل منه عن غير قصد كالغبار الذي يدخل حلقه من الطريق ونخل الدقيق والذبابة التي تدخل حلقه أو يرش عليه الماء فيدخل مسامعه أو أنفه أو حلقه أو يلقي في ماء فيصل إلى جوفه أو يسبق إلى حلقه من ماء المضمضة أو يصب في حلقه أو أنفه شيء كرها أو تداوى مأمومته أو جائفته بغي اختياره أو يحجم كرها أو تقبله امرأة بغير اختياره فينزل أو ما أشبه هذا فلا يفسد صومه لا نعلم فيه خلافا لأنه لا فعل له فلا يفطر كالاحتلام وأما إن اكره على شيء من ذلك بالوعيد ففعله فقال ابن عقيل : قال أصحابنا لا يفطر به أيضا لقول النبي صلى الله عليه و سلم [ عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ] ويحتمل عند أن يفطر لأنه فعل المفطر لدفع الضرر عن نفسه فأشبه المريض إليه لدفع المرض ومن يشرب لدفع العطش ويفارق الملجأ لأنه خرج بذلك عن حيز الفعل ولذلك لا يضاف إليه ولذلك افترقا فيما لو أكره على قتل آدمي والقي عليه

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
الفصل السابع : أنه متى أفطر بشيء من ذلك فعليه القضاء لا نعلم في ذلك خلافا لأن الصوم كان ثابتا في الذمة فلا تبرأ منه إلا بأدائه ولم يؤده فبقي على ما كان عليه ولا كفارة في شيء مما ذكرناه في ظاهر المذهب وهو قول سعيد بن جبير و النخعي و ابن سيرين و حماد و الشافعي وعن أحمد أن الكفارة تجب على من أنزل بلمس أو قبله أو تكرار نظر لأنه إنزال عن مباشرة أشبه الإنزال بالجماع وعنه في المحتجم إن كان عالما بالنهي فعليه الكفارة وقال عطاء في المحتجم عليه الكفارة وقال مالك تجب الكفارة بكل ما كان هتكا للصوم إلا الردة لأنه إفطار في رمضان أشبه الجماع وحكي عن عطاء و الحسن و الزهري و الثوري و الأوزاعي و إسحاق أن الفطر بالأكل والشرب يوجب ما يوجبه الجماع وبه قال أبو حنيفة : إلا أنه اعتبر ما يتغذى به أو يتداوى به فلو ابتلع حصاة أو نواة أو فستقة بقشرها فلا كفارة عليه واحتجوا بأنه أفطر بأعلى ما في الباب من جنسه فوجب عليه الكفارة كالجامع

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ولنا أنه أفطر بغير جماع فلت توجب الكفارة كبلع الحصاة أو التراب أو كالردة عند مالك ولأنه لا نص في إيجاب الكفارة بهذا ولا إجماع ولا يصح قياسه على الجماع لأن الحاجة إلى الزجر عنه أمس والحكم في التعدي به آكد ولهذا يجب به الحد إذا كان محرما ويختص بإفساد الحج دون سائر محظوراته ووجوب البدنة ولأنه في الغالب يفسد صومه اثنين بخلاف غيره
فصل : والواجب في القضاء عن كل يوم يوم في قول عامة الفقهاء وقال أحمد : قال إبراهيم و وكيع بصوم ثلاثة آلاف يوم وعجب أحمد من قولهما وقال سعيد بن المسيب : من أفطر يوما متعمدا يصوم شهرا وحكي عن ربيعة أنه قال : يحل مكان كل يوم اثنا عشر يوما لأن رمضان يجزئ عن جميع السنة هي اثنا عشر شهرا
ولنا قول الله تعالى : { فعدة من أيام أخر } و [ قال النبي صلى
الله عليه و سلم في قصة المجامع صم يوما مكانه ] رواه د أبو داود ولأن القضاء يكون على حسب الأداء بدليل سائر العبادات ولأن القضاء لا يختلف بالعذر وعدمه بدليل الصلاة والحج وما ذكروه تحكم لا دليل عليه والتقدير لا يصار إليه إلا بنص أو إجماع وليس معهم واحد منهما وقول ربيعة يبطل بالمعذور وذكر لأحمد حديث أبي هريرة من أفطر يوما من رمضان متعمدا لم يقضه ولو صام الدهر فقال ليس يصح هذا الحديث
مسألة : قال : وإن فعل ذلك ناسيا فهو على صومه ولا قضاء عليه


https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
وجملته أن جميع ما ذكره الخرقي في هذه المسألة لا يفطر الصائم بفعله ناسيا وروي عن علي رضي الله عنه لا شيء على من أكل ناسيا وهو قول أبي هريرة وابن عمر و عطاء و طاوس وابن أبي ذئب و الأوزاعي و الثوري و الشافعي و أبي حنيفة و إسحق وقال ربيعة و مالك : يفطر لأن ما لا يصح الصوم مع شيء من جنسه عمدا لا يجوز مع سهوه كالجماع وترك النية
ولنا ما روى أبو هريرة قال : [ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا أكل أحدكم أو شرب ناسيا فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه ] متفق عليه وفي لفظ [ من أكل أو شرب ناسيا فلا يفطر فإنما هو رزق رزقه الله ] ولأنها عبادات ذات تحليل وتحريم فكان في محظوراتها ما يختلف عمده وسهوه كالصلاة والحج وأما النية فليس تركها فعلا ولأنها شرط والشروط لا تسقط بالسهو بخلاف المبطلات والجماع حكمه أغلظ
ويمكن التحرز عنه
فصل : فإن فعل شيئا من ذلك وهو نائم لم يفسد صومه لأنه لا قصد له ولا علم بالصوم فهو أعذر من الناسي وذكر أبو الخطاب أن من فعل من هذا شيئا جاهلا بتحريمه لم يفطر ولم أره عن غيره

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
وقول النبي صلى الله عليه و سلم [ أفطر الحاجم والمحجوم ] في حق الرجلين اللذين رآهما يحك أحدهما صاحبه مع جهلهما بتحريمه يدل على أن الجهل لا يعذر به ولأنه نوع جهل فلم يمنع الفطر كالجهل بالوقت في حق من يأكل يظن أن الفجر لم يطلع وقد كان طلع
مسألة : قال : ومن استقاء فعليه القضاء ومن ذرعه القيء فلا شيء عليه
معنى تقيأ مستدعيا للقيء خروج من غير اختيار منه فمن استقاء فعليه القضاء لأن صومه يفسد به ومن ذرعه فلا شيء عليه وهذا قول عامة أهل العل
م قال الخطابي : لا أعلم بين أهل العلم فيه اختلافا وقال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على إبطال صوم من استقاء عامدا وحكي عن ابن مسعود وابن عباس أن القيء لا يفطر وروي [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال ثلاث لا يفطرن الصائم : الحجامة والقيء والاحتلام ] ولأن الفطر بما يدخل لا بما يخرج
ولنا ما روى أبو هريرة [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال من ذرعه القيء فليس عليه قضاء ومن استقاء عامدا فليقض ] قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب ورواه أبو داود وحديثهم غير محفوظ يرويه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف في الحديث قال الترمذي والمعنى الذي ذكر لهم يبطل بالحيض والمني

فصل : وقليل القيء وكثيره سواء في ظاهر قول الخرقي وهو إحدى الروايات عن أحمد


https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
والرواية الثانية لا يفطر إلا بملء الفم لأنه روى [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال ولكن دسعة تملأ الفم ] ولأن اليسير لا ينقض الوضوء فلا يفطر كالبلغم والثالثة نصف الفم لأنه ينقض الوضوء فأفطر به كالكثير والأولى أولى لظاهر الحديث الذي رويناه ولأن سائر المفطرات لا فرق بين قليلها وكثيرها وحديث الرواية الثانية لا نعرف له أصلا ولا فرق بين كون القيء طعاما أو مرارا أو بلغما أو دما أو غيره لأن الجميع داخل تحت عموم الحديث والمعنى والله تعالى أعلم بالصواب
مسألة : قال : ومن ارتد عن الإسلام فقد أفطر
لا نعلم بين أهل العلم خلافا في أن من ارتد عن الإسلام في أثناء الصوم أنه يفسد صومه وعليه قضاء ذلك اليوم إذا عاد الإسلام سواء أسلم في أثناء اليوم أو بعد انقضائه وسواء كانت ردته باعتقاد ما يكفر به أو شكه فيما يكفر بالشك فيه
أو بالنطق بكلمة الكفر مستهزئا أو غير مستهزئ قال الله تعالى { ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم } وذلك لأن الصوم عبادة من شرطها النية فأبطها الردة كالصلاة والحج ولأنه عبادة محضة فنافاها الكفر كالصلاة

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
مسألة : قال : ومن نوى الإفطار فقد أفطر
هذا الظاهر من المذهب وهو قول الشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي إلا أن أصحاب الرأي قالوا : إن عاد فنوى قبل أن ينتصف النهار أجزأه بناء على أصلهم أن
الصوم يجزئ بينه من النهار وحكي عن ابن حامد أن الصوم لا يفسد بذلك لأنها عبادة يلزم المضي في فاسدها فلم تفسد بنية الخروج منه كالحج
ولنا أنها عبادة من شرطها النية ففسدت بنية الخروج منها كالصلاة ولأن الأصل اعتبار النية في جميع أجزاء العبادة ولكن لما شق اعتبار حقيقتها اعتبر بقاء حكمها وهو أن لا ينوي قطعها فإذا نواه زالت حقيقة وحكما ففسد الصوم لزوال شرطه وما ذكره ابن حامد لا يطرد في غير رمضان ولا يصح القياس على الحج فإنه يصح بالنية المطلقة والمبهمة وبالنية عن غيره إذا لم يكن حج عن نفسه فافترقا
فصل : فأما صوم النافلة فإن نوى الفطر ثم لو ينو الصوم بعد ذلك لم يصح صومه لأن النية انقطعت ولم توجد نية غيرها فأشبه من لم ينو أصلا وإن عاد فنوى الصوم صح صومه كما لو أصبح غير ناو للصوم لأن نية الفطر إنما أبطلت الفرض لما فيه من قطع النية المشترطة في جميع النهار حكما وخلو بعض
أجزاء النهار عنها والنفل مخالف للفرض في ذلك فلم تمنع صحته نية الفطر في زمن لا يشترط وجود نية الصوم فيه ولأن نية الفطر لا تزيد على عدم النية في ذلك الوقت وعدمها لا يمنع صحة الصوم إذا نوى بعد ذلك فكذلك إذا نوى الفطر ثم نوى الصوم بعده بخلاف الواجب فإنه لا يصح بنية من النهار وقد روي عن أحمد أنه قال إذا أصبح صائما ثم عزم على الفطر فلم يفطر حتى بدا له ثم قال :
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
لا بل أثم صومي من الواجب لم يجزئه حتى يكون عازما على الصوم يومه كله ولو كان تطوعا كان أسهل وظاهر هذا موافق لما ذكرناه وقد دل على صحته [ أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يسأل أهله : هل من غداء ؟ فإن قالوا : لا قال : إني إذا صائم ]
فصل : وإن نوى أنه سيفطر ساعة أخرى فقال ابن عقيل : هو كنية الفطر في وقته وإن تردد في الفطر فعلى وجهين كما ذكرنا في الصلاة وإن نوى أنني إن وجدت طعاما أفطرت وإن لم أجد أتممت صومي خرج فيه وجها : أحدهما يفطر لأنه لم يبق جازما بنية الصوم وكذلك لا يصح ابتداء النية بمثل هذا : والثاني لا يفطر لأنه لم ينو الفطر بنية صحيحة فإن النية لا يصح تعليقها على شرط ولذلك لا ينعقد الصوم بمثل هذا النية

https://i.imgur.com/YM3gnOw.gif



ابوالوليد المسلم 20-03-2024 11:05 PM

رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
 
https://i.imgur.com/icDwY92.gif
فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]
المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ58 الى صــ61
(11)
https://png.pngtree.com/png-clipart/...ge_4368186.png

وجوب القضاء والكفارة في جماع صائم رمضان
مسألة : قال : ومن جامع في الفرج فأنزل أو لم ينزل أو دون الفرج عامدا أو ساهيا فعليه القضاء والكفارة إذا كان في شهر رمضان
لا نعلم بين أهل العلم خلافا في أن من جامع في الفرج فأنزل أو لم ينزل أو دنه الفرج فأنزل أنه يفسد صومه إذا كان عامدا وقد دلت الأخبار ال
صحيحة على ذلك وهذه المسألة فيها مسائل أربع :

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
إحداها : أن من أفسد صوما واجبا بجماع فعليه القضاء سواء كان في رمضان أو غيره وهذا قول أكثر الفقهاء وقال الشافعي في أحد قوليه : من لزمته الكفارة لا قضاء عليه لأن النبي صلى الله عليه و سلم لم يأمر الأعرابي بالقضاء وحكي عن الأوزاعي أنه قال : إن كفر بالصيام فلا قضاء عليه لأنه صام شهرين متتابعين
ولنا [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال للمجامع وصم يوما مكانه ] رواه أبو داود بإسناده و ابن ماجة و الاثرم ولأنه أفسد يوما من رمضان فلزمه قضاؤه كما لو أفسده بالأكل أو أفسد صومه الواجب بالجماع فلزمه قضاؤ
ه كغير رمضان
المسألة الثانية : إن الكفارة تلزم من جامع في الفرج في رمضان عامدا أنزل أو لم ينزل في قول عامة أهل العلم وحكي عن الشعبي و النخعي و سعيد بن جبير لا كفارة عليه لأن الصوم عبادة لا تجب الكفارة بإفساد قضائها فلا تجب في أدائها كالصلاة
ولنا ما روى الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال : [ بينا نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه و سلم إذ جاء رجل فقال يا رسول الله هلكت قال مالك ؟ قال وقعت على امرأتي وأنا صائم فقال رسول الله
صلى الله عليه و سلم هل تجد رقبة تعتقها ؟ قال : لا قال فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال : لا قال فهل تجد إطعام ستين مسكينا ؟ قال : لا قال فمكث النبي صلى الله عليه و سلم فبينا نحن على ذلك أتى النبي صلى الله عليه و سلم بعرق فيه تمر - والعرق المكتل - فقال : أين السائل ؟ فقال أنا قال : خذ هذا فتصدق به فقال الرجل : على أفقر مني يا رسول الله ؟ فوالله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر من أهل بيتي فضحك النبي صلى الله عليه و سلم حتى بدت أنيابه ثم قال : أطعمه أهلك ] متفق عليه ولا يجوز اعتبار الأداء في ذلك بالقضاء لأن الأداء يتعلق بزمن مخصوص يتعين به والقضاء محلة الذمة والصلاة لا يدخل في جبرانها المال بخلاف مسألتنا
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
المسألة الثالثة : أن الجماع دون الفرج إذا اقترن به الإنزال فيه عن أحمد روايتان : إحداهما عليه الكفارة وهذا قول مالك و عطاء و الحسن و ابن المبارك و اسحق لأنه فطر بجماع فأوجب الكفارة كالجماع في الفرج : والثانية لا كفارة فيه وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة لأنه فطر بغير جماع تام فأشبه القبلة ولأن الأصل عدم وجوب الكفارة ولا نص في وجوبها ولا إجماع ولا قياس ولا يصح القياس على الجماع في الفرج لأنه أبلغ بدليل أنه يوجبها من غير إنزال ويجب به الحد إذا كان محرما ويتعلق به اثنا عشر حكما ولأن العلة في الأصل الجماع بدون الإنزال والجماع ههنا غير موجب فلم يصح اعتباره به
المسألة الرابعة : أنه إذا جامع ناسيا فظاهر المذهب أنه كالعامد نص عليه أحمد وهو قول عطاء و ابن الماجشون وروى أبو داود عن أحمد أنه توقف عن الجواب وقال أجبن أن أقول فيه شيئا وإن أقول ليس عليه شيء قال سمعته غير مرة لا ينفذ له فيه قول ونقل أحمد بن القاسم عنه : كل أمر غلب عليه الصائم ليس عليه قضاء ولا غيره قال أبو الخطاب : هذا يدل على إسقاط القضاء والكفارة مع الإكراه والنسيان وهو قول الحسن ومجاهد والثوري والشافعي وأصحاب الرأي لأنه معنى حرمه ال
صوم فإذا وجد منه مكرها أو ناسيا لم يفسده كالأكل وكان مالك و الأوزاعي و الليث يوجبون القضاء دون الكفارة لأن الكفارة لرفع الإثم وهو محطوط عن الناسي

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ولنا أن النبي صلى الله عليه و سلم أمر الذي قال وقعت على امرأتي بالكفارة ولم يسأله عن العمد ولو افترق الحال لسأل واستفصل ولأنه يجب التعليل بما تناوله لفظ السائل وهو الوقوع على المرأة في الصوم ولأن السؤال كالمعاد في الجواب فكأن النبي صلى الله عليه و سلم قال : من وقع على أهله في رمضان فليعتق رقبة فإن قيل ففي الحديث ما يدل على العمد وهو قوله : هلكت وروي احترقت قلنا يجوز أن يخبر عن هلكته لما يعتقده في الجماع ما النسيان من إفساد الصوم وخوفه من غير ذلك ولأن الصوم عبادة تحرم الوطء فاستوى فيها عمده وسهوه كالحج ولأن إفساد الصوم ووجوب الكفارة حكمان يتعلقان بالجماع لا تسقطها الشبهة فيها العمد والسهو كسائر أحكامه
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
وطء البهيمة وفيه وجهان
فصل : ولا فرق بين كون الفرج قبلا أو دبرا من ذكر أو أنثى وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة في أشهر الروايتين عنه لا كفارة في الوطء في الدبر لأنه لا يحصل به الإحلال ولا الإحصان فلا يوجب الكفرة كالوطء جون الفرج
ولنا أنه أفسد الصوم بجماع في الفرج فأوجب الكفارة كالوطء وأما الوطء دون الفرج فلنا فيه منع وإن سلمنا فلأن الجماع دون الفرج لا يفسد الصوم بمجرده بخلاف الوطء في الدبر
فصل : فأما الوطء في فرج البهيمة فذكر القاضي أنه موجب للكفارة لأنه
وطء في فرج موجب للغسل مفسد للصوم فأشبه وطء الآدمية وفي وجه آخر لا تجب به الكفارة وذكره أبو الخطاب لأنه لا نص فيه ولا هو في معنى المنصوص عليه فإنه مخالف لوطء الآدمية في إيجاب الحد على إحدى الروايتين وفي كثير من أحكامه ولا فرق بين كون الموطوءة زوجة أو أجنبية أو كبيرة أو صغيرة لأنه إذا وجب بوطء الزوجة فبوطء الأجنبية أولى

https://i.imgur.com/YM3gnOw.gif




ابوالوليد المسلم 22-03-2024 12:38 AM

رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
 
https://i.imgur.com/tCwaM1a.gif
فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]

المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ61 الى صــ63
(12)
https://png.pngtree.com/png-clipart/...ge_4368186.png

صوم المرأة بالجماع أو السحاق ولو كرهة أو ناسية

فصل : ويفسد صوم المرأة بالجماع بغير خلاف نعلمه في المذهب لأنه نوع من المفطرات فاستوى فيه الرجل والمرأة كالأكل وهل يلزمه الكفارة ؟ على روايتين : إحداهما يلزمها وهو اختيار أبي بكر وقول مالك و أبي حنيفة و أبي ثور و ابن المنذر ولأنها هتكت صوم رمضان بالجماع فوجبت عليها الكفارة كالرجل الث
انية لا كفارة عليها قال أبو داود : سئل أحمد من أتى أهله في رمضان أعليها كفارة ؟ قال : ما سمعنا أن على امرأة كفارة وهذا قول الحسن ول الشافعي قولان كالروايتين ووجه ذلك أن النبي صلى الله عليه و سلم أمر الواطئ في رمضان أن يعتق رقبة ولم يأمر في المرأة بشيء مع علمه بوجود ذلك منها ولأنه حق مال يتعلق بالوطء من بين جنسه فكان على الرجل كالمهر

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
فصل : وإن أكرهت المرأة على الجماع فلا كفارة عليها رواية واحدة وعليها القضاء قال مهنا : سألت أحمد عن امرأة غصبها رجل نفسها فجامعها أعليها القضاء ؟ قال : نعم قلت وعليها الكفارة ؟ قال : لا وهذا قول الحسن ونحو ذلك قول الثوري و الأوزاعي وأصحاب الرأي وعلى قياس ذلك إذا وطئها نائمة وقال مالك في النائمة عليها القضاء بلا كفارة والمكرهة عليها القضاء والكفارة وقال الشافعي و أبو ثور و ابن المنذر : إن كان الإكراه بوعيد حتى فعلت كقولنا وإن كان إلجاء لم تفطر وكذلك عن وطئها وهي نائمة

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ويخرج من قول أحمد في رواية ابن القاسم : كل أمر غلب عليه الصائم ليس عليه قضاء ولا غيره أنه لا قضاء عليها إذا كانت ملجأة أو نائمة لأنها لم يوجد منها فعل فلم تفطر كما لو صب في حلقها ماء بغير اختيارها ووجه الأول أنه جماع من الفرج فأفسد الصوم كما لو أكرهت بالوعيد ولأن الصوم عبادة يفسدها الوطء ففسدت به على كل حال كالصلاة والحج ويفارق الأكل فإنه يعذر فيه بالنسيان بخلاف الجماع
فصل : فإن تساحقت امرأتان فلم ينزلا فلا شيء عليهما وإن أنزلتا
فسد صومهما وهل يكون حكمهما حكم المجامع دون الفرج إذا أنزل أو لا يلزمهما كفارة بحال ؟ فيه وجهان مبنيان على أن الجماع من المرأة هل يوجب الكفارة ؟ على روايتين وأصح الوجهين إنهما لا كفارة عليهما لأن ذلك ليس بمنصوص عليه ولا في معنى المنصوص عليه فيبقى على الأصل وإن ساحق المجبوب فأنزل فحكمه حكم من جامع دون الفرج فأنزل
فصل : وإن جامعت المرأة ناسية للصوم فقال أبو الخطاب حكم النسيان حكم الإكراه لا كفارة عليها فيهما وعليها القضاء لأن الجماع يحصل به الفطر في حق الرجل مع النسيان فكذلك في حق المرأة ويحتمل أن لا يلزمها القضاء لأنه مفسد لا يوجب الكفارة فأشبه الأكل

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
حكم الجامع مكرها أو نائما
فصل : وإن أكره الرجل على الجماع فسد صومه لأنه إذا أفسد صوم المرأة فصم الرجل أولى وأما الكفارة فقال القاضي : عليه الكفارة لأن الإكراه على الوطء لا يمكن لأنه لا يطأ حتى ينتشر ولا ينتشر إلا عن شهوة فكان كغير المكره وقال أبو الخطاب فيه روايتان : إحداهما لا كفارة عليه وهو مذهب الشافعي إلا عن شهوة فكان كغير المكره وقال أبو الخطاب فيه روايتان : إحداهما لا كفارة عليه وهو مذهب الشافعي لأن الكفارة إما أن تكون عقوبة أو ماحية للذنب ولا حاجة إليها مع الإكراه لعدم الإثم فيه لقول النبي صلى الله عليه و سلم [ عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ] ولأن الشرع لم يرد بوجوب الكفارة فيه ولا يصح قياسه على ما و
رد الشرع فيه لاختلافها في وجود العذر وعدمه فأما أن كان نائما مثل إن كان عضوه منتشرا في حال نومه فاستدخلته امرأته فقال ابن عقيل : لا قضاء عليه ولا كفارة وكذلك إن كان إلجاء مثل أن غلبته في حال يقظته على نفسه وهذا مذهب الشافعي لأنه معنى حرمه الصوم حصل بغير اختياره فلم يفطر به كما لو أطارت الريح إلى حلقه ذبابة وظاهر كلام أحمد أن عليه القضاء لأنه قال في المرأة إذا غصبها رجل نفسها فجامعها عليها القضاء فالرجل أولى ولأن الصوم عبادة يفسدها الجماع فاستوى في ذلك حالة الاختيار والإكراه كالحج ولا يصح قياس الجماع على غيره في عدم الإفساد لتأكده بإيجاب الكفارة وإفساده للحج من بين سائر محظوراته وإيجاب الحد به إذا كان زنا

https://i.imgur.com/YM3gnOw.gif



ابوالوليد المسلم 22-03-2024 10:30 PM

رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
 

https://i.imgur.com/tCwaM1a.gif
فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]
المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ64 الى صــ65
(13)
https://png.pngtree.com/png-clipart/...ge_4368186.png

فصل لا تجب الكفارة بالفطر في غير رمضان

فصل : ولا تجب الكفارة بالفطر في غير رمضان في قول أهل العلم وجمهور الفقهاء وقال قتادة تجب على من وطئ في قضاء رمضان لأنه عبادة تجب الكفارة في أدائها فوجبت في قضائها كالحج

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ولنا أنه جامع في غير رمضان فلم تلزمه كفارة كما لو جامع في صيام الكفارة ويفارق القضاء الأداء لأنه متعين بزمان محترم فالجماع فيه هتك له بخلاف القضاء
فصل : وإذا جامع في أول النهار ثم مرض أو جن أو كانت امرأة فحاضت أو نفست في أثناء النهار لم تسقط الكفارة وبه قال مالك و الليث و ابن الماجشون و إسحاق وقال أصحاب الرأي لا كفارة عليهم وللشافعي قولان كالمذهبين واحتجوا بأن صوم هذا اليوم خرج عن كونه مستحقا فلم يجب بالوطء فيه كفارة كصوم المسافر أو كما لو قامت البينة أنه من شوال
ولنا أنه معنى طرأ بعد وجوب الكفارة فلم يسقطها ولأنه أفسد صوما واجبا في رمضان بجماع تام فاستقرت الكفارة عليه كما لو لم يطرأ عذر والوطء في صو
م المسافر ممنوع وإن سلم فالوطء ثم لم يوجب أصلا لأنه وطء مباح في سفر أبيح الفطر فيه بخلاف مسألتنا وكذا إذا تبين أنه من شوال فإن الوطء غير موجب لأنا تبينا أن الوطء لم يصادف رمضان والموجب إنما هو الوطء المفسد لصوم رمضان
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
إذا طلع الفجر أو ظن أن الفجر لم يطلع وهو مجامع
فصل : إذا طلع الفجر وهو مجامع فاستدام الجماع فعليه القضاء والكفارة وبه قال مالك و الشافعي وقال أبو حنيفة يجب القضاء دون الكفارة لأن وطأه لم يصادف صوما صحيحا فلم يوجب الكفارة كما لو ترك النية وجامع ولنا أنه ترك صوم رمضان بجامع أثم به لحرمة الصوم فوجبت به الكفارة كما لو وطئ بعد طلوع الفجر وع
كسه إذا لم ينو فإنه يتركه لترك النية لا الجماع
ولنا فيه منع أيضا وأما إن نزع في الحال مع أول طلوع الفجر فقال ابن حامد والقاضي عليه الكفارة أيضا لأن النزع جماع يلتذ به فتعلق به ما يتعلق بالاستدامة كالإيلاج وقال أبو حفص لا قضاء عليه ولا كفارة وهو قول أبي حنيفة و الشافعي لأنه ترك للجماع فلا يتعلق به ما يتعلق بالجماع كما لو حلف لا يدخل دارا وهو فيها فخرج منها كذلك ههنا وقال مالك يبطل صومه ولا كفارة عليه لأنه لا يقدر على أكثر مما فعله في ترك الجماع فأشبه المكره وهذه المسألة تقرب من الاستحالة إذ لا يكاد يعلم أول طلو
ع الفجر على وجه يتعقبه النزع من غير أن يكون قبله شيء من الجماع فلا حاجة إلى فرضها والكلام فيها

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
فصل : ومن جامع يظن أن الفجر لم يطلع فتبين أنه كان قد طلع فعليه القضاء والكفارة وقال أصحاب الشافعي لا كفارة عليه ولو علم في أثناء الوطء فاستدام فلا كفارة عليه أيضا لأنه إذا لم يعلم لم يأثم فلا يجب به كفارة كوطء الناسي وإن علم فاستدام فقد حصل الوطء الذي يأثم به في غير صوم
ولنا حديثا المجامع إذ أمره النبي صلى الله عليه و سلم بالتكفير من غير تفريق ولا تفصيل ولأنه أفسد صوم رمضان بجماع تام فوجبت عليه الكفارة كما لو علم ووطء الناسي ممنوع ثم لا يحصل به الفطر على الرواية الأخرى بخلاف مسألتنا

https://i.imgur.com/YM3gnOw.gif


ابوالوليد المسلم 23-03-2024 11:46 PM

رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
 
https://i.imgur.com/tCwaM1a.gif
فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]
المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ65 الى صــ66
(14)
https://png.pngtree.com/png-clipart/...ge_4368186.png

كفارة الوطء في رمضان
مسألة : قال : والكفارة عتق رقبة فإن لم يمكنه فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا
المشهور من مذهب أبي عبد الله أن كفارة الوطء في رمضان ككفارة الظهار في الترتيب يلزمه العتق إن أمكنه فإن عجز عنه انتقل إلى الصيام فإن عجز انتقل إلى إطعام ستين مسكينا وهذا قول جمهور العلماء وبه يقول الثوري و الأوزاعي و الشافعي وأصحاب الرأي وعن أحمد رواية أخرى أنها على التخيير بين العتق وا
لصيام والإطعام وبأيها كفر أجزأه وهو رواية عن مالك لما روى و ابن جريج عن الزهري عن حمدي بن عبد الرحمن عن أبي هريرة

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
[ أن رجلا أفطر في رمضان فأمره رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا ] رواه مسلم وأو حرف تخيير ولأنها تجب بالمخالفة فكانت على التخيير ككفارة اليمين وروي عن مالك أنه قال : الذي نأخذ به في الذي يصيب أهله في شهر رمضان إطعام ستين مسكينا أو ذلك اليوم وليس التحرير والصيام من كفارة رمضان في شيء وهذا القول ليس بشيء لمخالفته الحديث الصحيح مع أنه ليس له أصل يعتمد عليه ولا شيء يستند إليه وسنة رسوله صلى الله عليه و سلم أحق أن تتبع وأما الدليل على وجوب الترتيب فالحديث الصحيح ورواه معمر ويونس والأوزاعي والليث وموسى بن عقبة وعبيد الله بن عمر وعراك بن مالك وإسماعيل بن أمية ومحمد بن أبي عتيق وغيرهم عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال للواقع على أهله : هل تجد رقبة تعتقها ؟ قال : لا قال : فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال : لا قال : فهل تجد إطعام ستين مسكينا ؟ قال : لا ]
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
وذكر سائر الحديث وهذا لفظ الترتيب والأخذ بهذا أولى من رواية مالك لأن أصحاب الزهري اتفقوا على روايته هكذا سوى مالك و ابن جريج فيما علمنا واحتمال الغلط فيهما أكثر من احتماله في سائر أصحابه ولأن الترتيب زيادة والأخذ بالزيادة متعين ولأن حديثنا لفظ النبي صلى الله عليه و سلم وحديثهم لفظ الراوي ويحتمل أنه رواه بأو لاعتقاده أن معنى اللفظين سواء ولأنها كفارة فيها صوم شهرين متتابعين فكانت على الترتيب ككفارة الظهار والقتل
فصل : فإذا عدم الرقبة انتقل إلى صيام شهرين متتابعين ولا نعلم خلافا في دخول الصيام في كفارة الوطء إلا شذوذ لا يعرج عليه المخالفة السنة الثابتة ولا خلاف بين من أوجبه أنه شرهان متتابعان للخبر أيضا فإن لم يشرع في الصيام حتى وجد الرقبة لزمه العتق لأن النبي صلى الله عليه و سلم سأل المواقع عما يقدر عليه حين أخبره بالعتق ولم يسأله عن ما كان يقدر عليه حال المواقعة هي حالة الوجوب و
لأنه وجد المبدل قبل التلبس بالبدل فلزمه كما لو كان واجدا له حال الوجوب وإن شرع في الصوم قبل القدرة على الإعتاق ثم قدر عليه لم يلزمه الخروج إليه إلا أن يشاء العتق فيجزئه ويكون قد فعل الأولى وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة يلزمه الخروج لأنه قدر على الأصل قبل أداء فرضه بالبدل فبطل حكم البدل كالتيمم يرى المال

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ولنا أنه شرع في الكفارة الواجبة عليه فأجزأته كما لو استمر العجز إلى فراغها وفارق العتق التيمم لوجهين أحدهما أن التيمم لا يرفع الحدث وإنما يستره فإذا وجد الماء ظهر حكمه بخلاف الصوم فإنه يرفع الحكم الجماع بالكلية الثاني أن الصيام تطول مدته فيشتق إلزامه الجمع بينه وبين العتق بخلاف الوضوء والتيمم
مسألة : قال : فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا لكل مسكين مد من بر أو نصف صاع من تمر أو شعير
لا نعلم بين أهل العلم خلافا في دخول الإطعام في كفارة الوطء في رمضان في الجملة وهو مذكور في الخبر والواجب فيه إطعام ستين مسكينا في قول عامتهم وهو في الخبر أيضا ولأنه إطعام في كفارة فيها صوم شهرين متتابعين فكان إطعام ستين مسكينا ككفارة الظهار واختلفوا في قدر ما يطعم كل مسكين فذهب أحمد إل
ى أن لكل مسكين مد بر وذلك خمسة عشر صاعا أو نصف صاع من تمر أو شعير فيكون الجميع ثلاثين صاعا وقال أبو حنيفة من البر لكل مسكين نصف صاع ومن غيره صاع لقول النبي صلى الله عليه و سلم في حديث سلمة بن صخر [ فأطعم وسقا من تمر ] رواه أبو داود وقال أبو هريرة يطعم مدا من أي الأنواع شاء وبهذا قال عطاء و الأوزاعي و الشافعي لما روى أبو هريرة في حديث المجامع [ أن النبي صلى الله عليه و سلم أتي بمكتل من تمر قدره خمسة عشر صاعا فقال : خذ هذا فأطعمه عنك ] رواه أبو داود
ولنا ما روى أحمد حدثنا إسماعيل حدثنا أيوب عن أبي زيد المدني قال :

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
[ جاءت امرأة من بني بياضة بنصف وسق شعير فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم للمظاهر أطعم هذا فإن مدي شعير مكان مد بر ] ولأن فدية الأذى نصف صاع من التمر والشعير بلا خلاف فكذا هذا والمد من البر يقوم مقام نصف صاع من غيره بدليل حديثنا ولأن الأجزاء بمد منه قول ابن عمر وابن عباس وأبي هريرة وزيد ولا مخالف لهم في الصحابة وأما حديث سلمة بن صخر فقد اختلف فيه وحديث أصحاب الشافعي يجوز أن يكون الذي أتى به النبي صلى الله عليه و سلم قاصرا عن الواجب فاجتزئ به لعجز المكفر عما سواه
فصل : فإن أخرج من الدقيق أو السويق أجزأ لما ذكرناه فيما تقدم وإن غدى المساكين أو عشاهم لم يجزئه في أظهر الروايتين وهو ظاهر كلام الخرقي لأنه قدر ما يجزئ في الدفع بمد أو نصف صاع وإذا أطعمهم لا يعلم أن كل واحد منهم استوفى الواجب له ووجه ذلك أن النبي صلى الله عليه و سلم بين قدر ما يطعمه كل مسكين بما ذكرنا من الأحاديث وهي مقيدة لمطلق الإطعام المذكور والمطلق يحمل على المقيد ولا يعلم أن كل مسكين استوفى ما يجب له ولأن الواجب تمليك المسكين طعامه والإطعام
إباحة وليس بتمليك فعلى هذه الرواية أن افرد لكل مسكين قدر الواجب له فأطعمه إياه نظرت فإن قال له : هذا لك تتصرف فيه كيف شئت اجزأه لأنه قد ملكه إياه وإن لم يقل له شيئا احتمل أن يجزئه لأنه قد أطعمه ما يجب له فأشبه ما لو ملكه واحتمل أن لا يجزئه لأنه لم يملكه إياه والرواية الثانية يجزئه أن يجمع ستين مسكينا فيطعمهم قال أبو داود : سمعت أحمد يسأل عن امرأة أفطرت رمضانا ثم أدركها رمضان آخر ثم ماتت قال كم أفطرت ؟ قال : ثلاثين يوما قال فاجمع ثلاثين مسكينا وأطعهم وقال الله تعالى
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
{ فإطعام ستين مسكينا } وقال في كفارة اليمين { إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم } وهذا قد أطعمهم وروي عن أنس أنه أفطر في رمضان فجمع المساكين ووضع جفانا فأطعمهم ولأنه أطعم ستين مسكينا فاجزأه كما لو ملكه إياه فعلى هذه الرواية أن أطعمهم قدر الواجب لهم اجزأه وإن أطعمهم دون ذلك فأشبعهم فظاهر كلام أحمد أنه يجزئه لأنه قد أطعمهم ويحتمل أن لا يجزئه لأنه لم يطعمهم ما وجب لهم
فصل : ويجزئ في الكفارة ما يجزئ في الفطرة من البر والشعير ودقيقها والتمر والزبيب وفي الاقط وجهان في الخبز روايتان وكذلك يخرج في السويق فإن كان قوته غير ذلك من الحبوب كالدخن والذرة والأرز ففيه وجهان : أحدهما لا يجزئ ذكره القاضي لأنه لا يجزئ في الفطرة والثاني يجزئ اختياره أبو الخطاب قول الله تعالى { من أوسط ما تطعمون أهليكم } ولأن النبي صلى الله عليه و سلم أمر بالإطعام مطلقا ولم يرد تقييده بشيء من الأجناس فوجب ابقاؤه على إطلاقه ولأنه أطعم المسك
ين من طعامه فأجزأه كما لو كان طعامه برا فأطعمه منه وهذا أظهر

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
فصل : وإن عجز عن العتق والصيام والإطعام سقطت الكفارة عنه في إحدى الروايتين بدليل أن الإعرابي لما دفع إليه النبي صلى الله عليه و سلم التمر وأخبره بحاجته إليه قال : [ أطعمه أهلك ] ولم يأمره بكفارة أخرى وهذا قول [ الأوزاعي ] وقال الزهري : لا بد من التكفير وهذا خاص لذلك الإعرابي لا يتعداه بدليل أنه أخبر النبي صلى الله عليه و سلم بإعساره قبل أن يدفع إليه العرق ولم يسقطها عنه ولأنها واجبة فلم تسقط بالعجز عنها كسائر الكفارات وهذا رواية ثانية عن أحمد وهو قياس قول أبي حنيفة و الثوري و أبي ثور وعن الشافعي كالمذهبين
ولنا الحديث المذكور ودعوى التخصيص لا تسمع بغير دليل وقولهم إنه أخبر النبي صلى الله عليه و سلم بعجزه فلم يسقطها قلنا قد اسقطها عنه بعد ذلك وهذا
آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا يصح القياس على سائر الكفارات لأنه أطرح للنص بالقياس والنص أولى والاعتبار بالعجز في حالة الوجوب وهي حالة الوطء
مسألة : قال : وإن جامع فلم يكفر حتى جامع ثانية فكفارة واحدة
وجملة ذلك أنه إذا جامع ثانيا قبل التكفير عن الأول لم يخل من أن يكون في يوم واحد أو في يومين فإن كان في يوم واحد فكفارة واحدة تجزئه بغير خلاف بين أهل العلم وإن كان في يومين من رمضان ففيه وجهان : أحدهما تجزئه كفارة واحدة وهو ظاهر إطلاق الخرقي واختيار أبي بكر ومذهب الزهري و الأزواعي وأصحاب الرأي لأنها جزاء عن جناية تكرر سببها قبل استيفائها فيجب أن تتداخل كالحد والثاني لا تجزئ واحدة ويلزمه كفارتان اختاره القاضي وبعض أصحابنا وهو قول مالك و اللي
ث و الشافعي وابن المنذر وروي ذلك عن عطاء ومكحول لأن كل يوم عبادة منفردة فإذا وجبت الكفارة بإفساده لم تتداخل كرمضانين وكالحجتين
مسألة : قال : وإن كفر ثم جامع ثانية فكفارة ثانية
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
وجملته أنه إذا كفر ثم جامع ثانية لم يخل من أن يكون في يوم واحد أو في يومين فإن كان في يومين فعليه كفارة ثانية بغير خلاف نعلمه وإن كان في يوم واحد فعليه كفارة ثانية نص عليه أحمد وكذلك يخرج في كل من لزمه الإمساك وحرم عليه الجماع في نهار رمضان وإن لم يكن صائما مثل من لم يعلم برؤية الهلال إلا بعد طلوع الفجر أو نسي النية أو أكل عامدا ثم جامع فإنه يلزمه كفارة وقال أبو حنيفة و مالك و الشافعي لا شيء عليه بذلك الجماع لأنه لم يصادف الصوم ولم يمنع صحته فلم يوجب شيئا كالجماع في الليل
ولنا أن الصوم في رمضان عبادة تجب الكفارة بالجماع فيه فتكررت بتكرر الوطء إذا كان بعد التكفير كالحج ولأنه وطء محرم لحرمه رمضان فأوجب الك
فارة كالأول وفاق الوطء في الليل فإنه غير محرم فإن قيل الوطء الأول تضمن هتك الصوم وهو مؤثر في الإيجاب فلا يصح إلحاق غيره به قلنا : هو ملغى بمن طلع عليه الفجر وهو مجامع فاستدام فإنه يلزمه الكفارة مع أنه لم يهتك الصوم
https://i.imgur.com/YM3gnOw.gif


ابوالوليد المسلم 24-03-2024 10:03 PM

رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
 
https://i.imgur.com/tCwaM1a.gif
فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]

المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ66 الى صــ76
(15)
https://png.pngtree.com/png-clipart/...ge_4368186.png

إمساك المفطر في رمضان بقية اليوم بلا عذر

فصل : إذا أصحب مفطرا يعتقد أه من شعبان فقامت البينة بالرؤية لزمه الإمساك والقضاء في قول عامة الفقهاء إلا ما روي عن عطاء أنه قال يأكل بقية يومه قال بان عبد البر : لا نعلم أحدا قاله غير عطاء قول وذكر أبو الخطاب ذلك رواية عن أحمد ولا أعلم أحدا ذكرها غيره وأظن هذا غلط فإن أحمد قد نص على إيجاب الكفارة على من وطئ ثم كفر ثم عاد فوطئ في يومه لأن حرمة اليوم لم تذهب فإذا أوجب الكفارة على غير الصائم لحرمة اليوم فكيف يبيح الأكل ؟ ولا يصح قياس هذا على المسافر إذا قدم وهو مفطر وأشباهه لأن المسافر كان له الفطر ظاهرا وباطنا و
هذا لم يكن له الفطر في الباطن مباحا فأشبه من أكل يظن أن الفجر لم يطلع وقد كان طلع فإذا تقرر هذا فإن جامع فيه فعليه القضاء والكفارة كالذي أصبح لا ينوي الصيام أو أكل ثم جامع وإن كان جماعة قبل قيام البينة فحكمه حكم من جامع يظن أن الفجر لم يطلع وقد كان طلع على ما مضى فيه

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
فصل : وكل من أفطر والصوم لازم له كالمفطر يظن أن الفجر لم يطلع وقد كان طلع أو يظن أن الشمس قد غابت ولم تغب أو الناسي لنية الصوم ونحوهم يلزمهم الإمساك لا نعلم بينهم فيه اختلافا إلا أنه يخرج على قول عطاء في المعذور في الفطر إباحة فطر بقية يومه قياسا على قوله فيما إذا قامت البينة بالرؤية وهو قول شاذ لم يعرج عليه أهل العلم
فصل : فأما من يباح له الفطر في أول النهار ظاهرا كالحائض والن
فساء والمسافر والصبي والمجنون والكافر والمريض إذا زالت أعذارهم في أثناء النهار فطهرت الحائض والنفساء وأقام وبلع الصبي وأفاق المجنون وأسلم الكافر وصح المريض المفطر ففيهم روايتان
إحداهما : يلزمهم الإمساك في بقية اليوم وهو قول أبي حنيفة و الثوري و الأوزاعي و الحسن بن صالح و العنبري لأنه معنى لو وجد قبل الفجر أوجب الصيام فإذا طرأ بعد الفجر أوجب الإمساك كقيام البينة بالرؤية

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
والثانية : لا يلزمهم الإمساك وهو قول مالك والشافعي وروي ذلك عن جابر بن زيد وروي عن ابن مسعود أنه قال : من أكل أول النهار فليأكل آخره ولأنه أبيح له فر أول النهار ظاهرا وباطنا فإذا أفطر كان له أن يستديمه إلى آخر النهار كما لو دام العذر فإذا جامع أحد هؤلاء بعد زوال عذره انبني على الروايتين في وجوب الإمساك فإن قلنا يلزمه الإمساك فحكمه حكم من قامت البينة بالرؤية في حقه إذا جامع وإن قلنا لا يلزمه الإمساك فلا شيء عليه فإن كان أحد الزوجين من أحد هؤلاء والآخر لا عذر له فلكل واحد حكم نفسه على ما مضى وإن كانا جميعا معذورين فحكمهما ما ذكرناه سواء اتفق عذرهما مثل أن يقدم من سفر أو يصحا من مرض أو اختلف مثل أن يقدم الزوج من سفر وتطهر المرأة من الحيض فيصيبها وقد روي عن جابر بن يزيد أنه قدم من سفر فوجد امرأته قد طهرت من حيض فأصابها فأما إن نوى الصوم في سفره أو مرضه أو صغره ثم زال عذره في أثناء النهار لم يجز له الفطر رواية واحدة وعليه الكفارة إن وطئ وقال بعض أصحاب الشافعي في المسافر خاصة وجهان :
أحدهما : له الفطر لأنه أبيح له افطر أول النهار ظاهرا وباطنا فكانت له استدامته كما لو قدم مفطرا وليس بصحيح فإن سبب الرخصة زال قبل الترخص فلم يكن له ذلك كما لو قدمت به السفينة قبل قصر الصلاة وكالمريض يبرأ والصبي يبلغ وهذا ينقض ما ذكروه ولو علم الصبي أنه يبلغ في أثناء النهار بالسن أو علم المسافر أنه يقدم لم يلزمها الصيام قبل زوال عذرهما لأن سبب الرخصة موجود فيثبت حكمها كما لو لم يعلما ذلك
وجوب القضاء على من أفطر برخصة ومن ظن أن الفجر لم يطلع أو الشمس لم تغب
فصل : ويلزم المسافر والحائض والمريض القضاء إذا أفطروا بغير خلاف لقول الله تعالى : { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } و
التقدير فأفطر وقالت عائشة كما نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فنؤمر بقضاء الصوم وإن أفاق المجون أو بلغ الصبي أو أسلم الكافر في أثناء النهار والصبي مفطر ففي وجوب القضاء روايتان

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
إحداهما : لا يلزمهم ذلك لأنهم لم يدركوا وقتا يمكنهم التلبيس بالعبادة فيه فأشبه ما لو زال عذرهم بعد خروج الوقت والثانية يلزمهم القضاء لأنهم أدركوا بعض وقت العبادة فلزمهم القضاء كما لو أدركوا بعض وقت الصلاة ز
مسألة : قال : وإن أكل يظن أن الفجر لم يطلع وقد كان طلع أو أفطر يظن أن الشمس قد غابت ولم تغب فعليه القضاء
هذا قول أكثر أهل العلم من الفقهاء وغيرهم وحكي عن عروة ومجاه
د والحسن وإسحاق لا قضاء عليهم لما روى ويد بن وهب قال : كنت جالسا في مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم في رمضان في زمن عمر بن الخطاب فأتينا بعساس فيها شراب من بيت حفصة فشربنا ونحن نرى أنه من الليل ثم انكشف السحاب فإذا الشمس طالعة قال : فجعل الناس يقولون نقضي يوما مكانه فقال عمر والله لا نقضيه ما تجانفنا لإثم لم يقصد الأكل في الصوم فلم يلزمه القضاء كالناسي
ولنا أنه أكل مختارا ذاكرا للصوم فأفطر كما لو أكل يوم الشك ولأنه جهل بوقت الصيام فلم يعذر به كالجهل بأول رمضان ولأنه يمكن التحرز منه فأشبه أكل ا
لعامد وفارق الناسي فإنه لا يمكن التحرز منه وأما الخبر فرواه الاثرم أن عمر قال من أكل فيقض يوما مكانه ورواه مالك في الموطأ أن عمر قال : الخطيب يسير يعني خفة القضاء وروى هشام بن عروة عن فاطمة امرأته [ عن اسماء قالت : أفطرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم في يوم غيم ثم طلعت الشمس ] قيل لهشام امروا بالقضاء قال : لا بد من قضاءأخرجه البخاري

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
فصل : وإن أكل شاكا في طلوع الفجر ولم يتبين الأمر فليس عليه قضاء وله الأكل حتى يتيقن طلوع الفجر نص عليه أحمد وهذا قول ابن عباس و عطاء و الأوزاعي و الشافعي وأصحاب الرأي وروي معنى ذلك عن أبي بكر الصديق وابن عمر رضي الله عنهم وقال مالك يجب القضاء لأن الوصل بقاء الصوم في ذمته فلا يسقط بالشك ولأنه أكل شاكا في النهار والليل فلزمه القضاء كما لو أكل شاكا في غروب الشمس
ولنا قول الله تعالى { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبي
ض من الخيط الأسود } مد الأكل إلى غاية التبين وقد كان شاكا قبل التبين فلو لزمه القضاء لحرم عليه الأكل و [ قال النبي صلى الله عليه و سلم : فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم كلثوم ] وكان رجلا أعمى لا يؤذن حتى يقال له أصبحت أصبحت
ولأن الأصل بقاء الليل فيكون زمان الشك من ما لم يعلم يقين زواله بخلاف غروب الشمس فإن الأصل بقاء النهار فبني عليه
فصل : وإن أكل شاكا في غروب الشمس ولم يتبين فعليه الق
ضاء لأن الأصل بقاء النهار وأن كان حين الأكل ظانا أن الشمس قد غربت أو أن الفجر لم يطلع ثم شك بعد الأكل ولم يتبين فلا قضاء عليه لأنه لم يوجد يقين أزال ذلك الظن الذي بنى عليه فأشبه ما لو صلى بالاجتهاد ثم شك في الإصابة بعد صلاته
https://i.imgur.com/YM3gnOw.gif


ابوالوليد المسلم 25-03-2024 10:56 PM

رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
 

https://i.imgur.com/tCwaM1a.gif
فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]

المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ66 الى صــ80
(16)
https://png.pngtree.com/png-clipart/...ge_4368186.png

صيام الجنب والحائض التي ظهرت ليلا

مسألة : قال : ومباح لمن جامع بالليل أن لا يغتسل حتى يطلع الفجر وهو على صومه
وجملته أن الجنب له أن يؤخر الغسل حتى يصبح ثم يغتسل ويتم صومه في قول عامة أهل العلم منهم علي و ابن مسعود و زيد و أبو الدرداء و أبو ذر و ابن عمر و ابن عباس وعائشة وأم سلمة رضي الله عنهم وبه قال مالك والشافعي في أهل الحجاز وأبو حنيفة والثوري في أهل العراق والأوزاعي في أهل الشام والليث في أهل مصر وإسحاق وأبو عبيد في أهل الحديث وداد في أهل الظاهر وكان أبو هري
رة يقول لا صوم له ويروي ذلك عن النبي صلى الله عليه و سلم ثم رجع عنه قال سعيد بن المسيب : رجع أبو هريرة عن فتياه وحكي عن الحسن وسالم بن عبد الله قالا : يتم صومه ويقضي وعن النخعي في رواية يقضي في الفرض دون التطوع وعن عروة و طاوس أن علم بجنابته في رمضان فلم يغتسل حتى أصبح فهو مفطر وإن لم يعلم فهو صائم وحجتهم حديث أبي هريرة الذي رجع عنه

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ولنا ما [ روى أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال ذهبت أنا وأبي حتى دخلنا على عائشة فقالت : اشهد على رسول الله صلى الله عليه و سلم إن كان ليصبح جنبا من جماع من غير احتلام ثم يصومه ثم دخلنا على أم سلمة فقالت مثل ذلك ثم أتينا أبا هريرة فأخبرناه بذلك فقال هما أعلم بذلك إنما حدثنيه الفضل بن عباس ] متفق عليه قال الخطابي أحسن ما سمعت في خبر أبي هريرة أنه منسوخ لأن الجماع كان محرما على الصائم بعد النوم فلما أباح الله الجماع إلى طلوع الفجر جاز للجنب إذا أصبح قبل أن يغتسل أن يصوم وروت عائشة [ أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه و سلم إني أصبح جنبا وأنا أريد الصيام فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم وأنا أصبح جنبا وأنا أريد الصيام فقال له الرجل يا رسول الله إنك لست مثلنا قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فغضب رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال : إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي ] رواه مالك في موطأه و مسلم في صحيحه
مسألة : قال : وكذلك المرأة إذا انقطع حيضها من الليل فهي صائمة إذا نوت الصوم قبل طلوع الفجر وتغتسل إذا أصبحت

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
وجملة ذلك إن الحكم في المرأة إذا انقطع حيضها من الليل كالحكم في الجنب سواء ويشترط أن ينقطع حيضها قبل طلوع الفجر لأنه إن وجد جزء منه في النهار أفسد الصوم ويشترط أن تنوي الصوم أيضا من الليل بعد انقطاعه لأنه لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل وقال الأوزاعي و الحسن بن حي وعبد الملك ابن الماجشون والعنبري تقضي فرطت في الاغتسال أو لم تفرط لأن حدث الحيض يمنع الصوم بخلاف الجنابة
ولنا أنه حدث يوجب الغسل فتأخير الغسل منه إلى أن يصبح لا يمنع صحة الصوم كالجنابة وما ذكروه لا يصح فإن من طهرت من الحيض ليست حائضا وإنما عليها حدث موجب للغسل فهي كالجنب فإن الجماع الموجب للغسل لو وجد في ال
صوم أفسده كالحيض وبقاء وجوب الغسل منه كبقاء وجوب الغسل من الحيض وقد استدل بعض أهل العلم بقول الله تعالى { فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر } فلما أباح المباشرة إلى تبين الفجر علم أن الغسل إنما يكون بعده
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
من يباح لهم الفطر الحامل والمرضع إذا خافتا
مسألة : قال : والحامل إذا خافت على جنينها والمرضع على ولدها أفطرتا وفقتا وأطعمتا عن كل يوم مسكينا
وجملة ذلك أن الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما فلهما الفطر وعليهما القضاء فحسب لا نعلم فيه بين أهل العلم اختلافا لأنهما بمنزلة المريض الخائف
على نفسه وإن خافتا على ولديهما أفطرتا وعليهما القضاء وإطعام مسكين عن كل يوم وهذا يروي عن ابن عمر وهو المشهور من مذهب الشافعي وقال الليث الكفارة على المرضع دون الحامل وهو إحدى الروايتين عن مالك لأن المرضع يمكنها أن تسترضع لولدها بخلاف الحامل ولأن الحامل متصل بالحامل فالخوف عليه كالخوف على بعض أعضائها وقال عطاء والزهري والحسن و سعيد بن جبير و النخعي و أبو حنيفة لا كفارة عليهما لما روى أنس بن مالك رجل من بني كعب [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة وعن الحامل والمرضع الصوم - أو الصيام - ] والله لقد قالهما رسول صلى الله عليه و سلم أحدهما أو كليهما رواه النسائي و الترمذي وقال هذا حديث حسن ولم يأمره بكفارة ولأنه فطر أبيح لعذر فلم يجب به كفارة كالفطر للمرض

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ولنا قول الله تعالى { وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين } وهما داخلتان في عموم الآية قال ابن عباس : كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة وهما يطيقان الصيام أن يفطروا ويطعما مكان كان يوم مسكينا والحبلى والمرضع إذا خافتا على أولادهما أفطرنا وأطعهما رواه أبو داود وروي ذلك عن ابن عمر ولا مخالف لهما في الصحابة ولأنه فطر بسبب نفس عاجزة من طريق الخلقة فوجبت به الكفارة كالشيخ الهرم وخبرهم لم يتعرض للكفارة فكانت موقوفة على الدليل كالقضاء فإن الحديث لم يتعرض له والمريض أخف حالا من هاتين لأنه يفطر بسبب نفسه إذا ثبت هذا فإن الواجب في إطعام المسكين مد بر أو نصف صاع من تمر أو شعير والخلاف فيه كالخلاف في إطعام المساكين في كارة الجماع إذا ثبت هذا فإن القضاء لازم لهما وقال ابن عمر وابن عباس لا قضاء عليهما لأن الآية تناولتهما وليس فيها إلا الإطعام ولأن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ إن الله وضع عن الحامل والمرضع الصوم ]
ولنا إنما يطيقان القضاء فلزمهما كالحائض والنفساء الآية أوجبت الإطعام ولم تتعرض للقضاء فأخذناه من دليل آخر والمراد بوضع الصوم وضعه في مدة عذرهما كما جاء في حديث عمر بن أمية [ عن النبي صلى الله عليه و سلم : إن الله وضع عن المسافر الصوم ] ولا يشبهان الشيخ الهرم لأنه عاجز عن القضاء وهما يقدران عليه قال أحمد أذهب إلى حديث أبي هريرة يعني ولا أقول بقول ابن عباس وابن عمر منع القضاء

https://i.imgur.com/YM3gnOw.gif




ابوالوليد المسلم 26-03-2024 11:10 PM

رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
 
https://i.imgur.com/icDwY92.gif
فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]
المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ80 الى صــ84
(17)
https://png.pngtree.com/png-clipart/...ge_4368186.png

الشيخ الكبير والعجوز
مسألة : قال : إذا عجز عن الصوم لكبر أفطر وأطعم لكل يوم مسكينا
وجملة ذلك أن الشيخ الكبير والعجوز إذا كان يجدهما الصوم ويضق عليهما مشقة شديدة فلهما أن يفطرا ويطعما لكل يوم مسكينا وهذا قول علي ابن عباس وأبي هريرة وأنس وسعيد بن جبير و طاوس و أبي حنيفة و الثوري و الأوزاعي وقال م
الك لا يجب عليه شيء لأنه ترك الصوم لعجزه فلم تجب فدية كما لو تركه لمرض اتصل به الموت وللشافعي قولان كالمذهبين
ولنا الآية قول ابن عباس في تفسيرها نزلت رخصة للشيخ الكبير ولأن الأداء صوم واجب فجاز أن يسقط إلى الكفارة كالقضاء وأما المريض إذا مات فلا يجب الإطعام لأن ذلك يؤدي إلى أن يجب على الميت ابتداء بخلاف ما إذا أمكنه الصوم فلم يفعل حتى مات لأن وجوب الإطعام يستند إلى حال الحياة والشيخ الهرم له ذمة صحيحة فإن كان عاجزا عن الإطعام أيضا فلا شيء عليه و { لا يكلف الله نفسا إل
ا وسعها }
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
المريض الذي لا يرجى برؤه
فصل : والمريض الذي لا يرجى برؤه يفطر ويطعم لكل يوم مسكينا لأنه في معنى الشيخ قال أحمد رحمه الله فيمن به شهوة الجماع غالبة لا يملك نفسه ويخاف أن تنشق أنثياه أطعم أباح له الفطر لأنه يخاف على نفسه فهو كالمريض ومن يخاف على نفسه الهلاك لعطش أو نحوه وأوجب الإطعام بدلا عن الصيام وهذا محمول على من لا يرجوا إمكان القضاء فإن رجا ذلك فلا فدية عليه والواجب انتظار القضاء وفعله إذا قدر عليه لقوله تعالى { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } وإنما يصار إلى الفدية عند اليأس من القضاء فإن أطعم مع يأسه ثم قدر على الصيام احتمل أن لا يلزمه لأن ذمته قد برئت بأداء الفدية التي كانت هي الواجبة عل
يه فلم يعد إلى الشغل بما برئت منه ولهذا قال الخرقي : فمن كان مريضا لا يرجى برؤه أو شيخا لا يستمسك على الراحلة أقام من يحج عنه ويعتمر وقد أجزأ عنه وإن عوفي واحتمل أن يلزمه القضاء لأن الطعام بدل بأس وقد تبينا ذهاب اليأس فأشبه من اعتدت بالشهور عند اليأس من الحيض ثم حاضت
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
الحائض والنفساء
مسألة : قال : وإذا حاضت المرأة أو نفست أفطرت وقضت فإن صامت لم يجزئها
أجمع أهل العلم على أن الحائض والنفساء لا يحل لهما الصوم وإنهما يفطران رمضان ويقضيان وإنهما إذا صامتا لم يجزئهما الصوم وقد قالت عائشة : كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء
الصلاة متفق عليه والأمر إنما هو للنبي صلى الله عليه و سلم وقال أبو سعيد : [ قال النبي صلى الله عليه و سلم : أليس إحداكن إذا حاضت لم تصل ولم تصم فذلك من نقصان دينها ] رواه البخاري والحائض والنفساء سواء لان دم النفاس هو دم الحيض وحكمه حكمه ومتى وجد الحيض في جزء فسد صوم ذلك اليوم سواء وجد في أوله أو في آخره ومتى نوت الحائض الصوم وأمسكت مع علمها بتحريم ذلك أتمت ولم يجزئها
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
من عليه صوم رمضان فله تأخيره ما لم يدخل رمضان آخر
مسألة : قال : فإن أمكنها القضاء فلم تقض حتى ماتت أطعم عنها لكل يوم مسكين
وجملة ذلك أن من مات وعليه صيام من رمضان لم يخل من حالين : أحدهما أن يموت قبل إمكان الصيام أما لضيق الوقت أو لعذر من مرض أو سفر أو عجز عن الصوم فهذا لا شيء عليه في قول أكثر من أهل العلم وحكي عن طاوس و قتادة إنهما قالا : يجب الإطعام عنه لأنه صوم واجب سقط بالعجز عنه فوجب الإطعام عنه كالشيخ الهرم إذا ترك الصيام لعجزه عنه

ولنا أنه حق لله تعالى وجب بالشرع مات من يجب عليه قبل إمكان فعله فسقط إلى غير بدل كالحج ويفارق الشيخ الهرم فإنه يجوز ابتداء الوجوب عليه بخلاف الميت
الحال الثاني : أن يموت بعد إمكان القضاء فالواجب أن يطعم عنه لكل يوم مسكين وهذا قول أكثر أهل العلم روي ذلك عن عائشة و ابن عباس وبه قال مالك و الليث و الأوزاعي و الثوري و الشافعي و الخزرجي و ابن علية و أبو عبيد في الصحيح عنهم وقال أبو ثور : يصام عنه وهو قول الشافعي لما روت عائشة [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : من مات وعليه صيام صام عنه وليه ] متفق عليه وروي عن ابن عباس نحوه

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ولنا ما روي ابن ماجة عن ابن عمر [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال من مات وعليه صيام شهر فليطعم عنه مكان كل يوم مسكينا ] قال الترمذي الصحيح عن ابن عمر موقوف وعن عائشة أيضا قالت : يطعم عنه في قضاء رمضان ولا يصام عنه وعن ابن عباس أنه سئل عن رجل مات وعليه نذر يصوم شهرا وعليه صوم رمضان قال : أما رمضان فليطعم عنه وأما النذر فيصام عنه رواه الأثرم في السنن ولأن الصوم لا تدخله النيابة حال الحياة فكذلك بعد الوفاة كالصلاة فأما حديثهم فهو في النذر لأنه قد جاء مصرحا به في بعض ألفاظه كذلك رواه البخاري عن ابن عباس قال : [ قالت امرأة يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذرا فأقضيه عنها ؟ قال : أرأيت لو كان على أمك دين فقضيتيه أكان يؤدي عنها ؟ قالت : نعم قال : فصومي عن أمك ] وقالت عائشة وابن عباس كقولنا وهما راويا حديثهم فدل على ما ذكرناه

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
فصل : فأما صوم النذر فيفعله الولي عنه وهذا قول ابن عباس والليث وأبي عبيد وأبي ثور وقال سائر من ذكرنا من الفقهاء يطعم عنه لما ذكرنا في صوم رمضان
ولنا الأحاديث الصحيحة التي رويناها قبل هذا وسنة رسول الله صلى الله عليه و سلم أحق بالإتباع وفيها غنية عن كل قول والقول بين النذر وغيره أن النيابة تدخل العبادة بحسب خفتها والنذر أخف حكما لكونه لم يجب بأصل الشرع وإنما أوجبه الناذر على نفسه إذا ثبت هذا فإن الصوم ليس بواجب على الولي لأن النبي صلى الله عليه و سلم شبهه بالدين ولا يجب على الولي قضاء دين الميت وإنما يتعلق بتركته إن كانت له تركة فإن لم يكن له تركه فلا شيء على وارثه لكن يستحب أن يقضي عنه لتفريغ ذمته وفك رهانه كذلك ههنا ولا يختص ذلك بالولي بل كل من صام عنه قضى ذلك عنه وأجزأ لأنه تبرع فأشبه قضاء الدين عنه

https://i.imgur.com/YM3gnOw.gif




ابوالوليد المسلم 27-03-2024 11:19 PM

رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
 

https://i.imgur.com/icDwY92.gif
فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]

المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ85 الى صــ87
(18)
https://png.pngtree.com/png-clipart/...ge_4368186.png

وإن أخره لغير عذر
مسألة : قال : فإن لم تمت المفرطة حتى أظلها شهر رمضان آخر صامته ثم قضت ما كان عليها ثم أطعمت لكل يوم مسكينا وكذلك حكم المريض والمسافر في الموت والحياة إذا فرطا في القضاء
وجملة ذلك أن من عليه صوم من رمضان فله تأخيره ما لم يدخل رمضان آخر لما روت عائشة قالت كان يكون علي الصيام من شهر رمضان فما أقضيه حتى يجيء شعبان متفق عليه ولا يجوز له تأخير القضاء إلى رمضان آخر من غير عذر لأن عائشة رضي الله عنها لم تؤخره إلى ذلك ولو أمكنها لأخرته ولأن الصوم عبادة متكررة فلم يجز تأخير الأولى عن الثانية كالصلوات المفروضة فإن
أخره عن رمضان آخر نظرنا فإن كان لعذر فليس عليه إلا القضاء إطعام مسكين لكل يوم وبهذا قال ابن عباس و ابن عمر وأبو هريرة ومجاهد و سعيد بن جبير و مالك و الثوري و الأوزاعي و الشافعي و إسحاق وقال الحسن و النخعي وأبو حنيفة لا فدية عليه لأنه صوم واجب فلم يجب عليه في تأخيره كفارة كما لو أخر الأداء والنذر

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ولنا ما روي عن ابن عمر و ابن عباس وأبي هريرة أنهم قالوا أطعم عن كل يوم مسكينا ولم يرو عن غيرهم من الصحابة خلافهم وروي مسندا من طريق ضعيف ولأن تأخير صوم رمضان عن وقته إذا لم يوجب القضاء أوجب الفدية كالشيخ الهرم
فصل : فإن أخره لغير عذر حتى أدركه رمضانان أو أكثر لم يكن عليه أكثر من فدية مع القضاء لأن كثرة التأخير لا يزداد بها والواجب كما لو أخر الحج
والواجب سنين لم يكن عليه أكثر من فعله

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
فصل : فإن مات المفرط بعد أن أدركه رمضان آخر أطعم عنه لكل يوم مسكين واحد نص عليه أحمد فيما روى عنه أبو داود أن رجلا سأله عن امرأة أفطرت رمضان ثم أدركها رمضان آخر ثم ماتت قال : يطعم عنها قال له السائل كم أطعم ؟ قال : كم أفطرت ؟ قال ثلاثين يوما قال : اجمع ثلاثين مسكينا وأطعمهم مرة واحدة وأشبعهم قال : ما أطعمهم ؟ قال خبزا ولحما إن قدرت من أوسط طعامكم وذلك لأنه بإخراج كفارة واحدة أزال تفريطه بالتأخير فصار كما لو مات من غير تفريط وقال أبو الخطاب يطعم عنه لكل يوم فقيران لأن الموت بعد التفريط بالتأخير فصار كما لو مات من غير تفريط وقال أبو الخطاب يطعم عنه لكل يوم فقيران لأن الموت بعد التفريط بدون التأخير عن رمضان آخر يوجب كفارة والتأخير بدون الموت يوجب كفارة فإذا اجتمعا وجبت كفارتان كما لو فرط في يومين
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
التطوع بالصوم لمن عليه فرض
فصل : واختلفت الرواية عن أحمد في جواز التطوع بالصوم ممن لعيه صوم فرض فنقل عنه حنبل أنه قال : لا يجوز له أن يتطوع بالصوم وعليه صوم من الفرض حتى يقضيه يبدأ بالفرض وإن كان عليه نذر صامته يعني بعد الفرض وروى حنبل عن أحمد بإسناده عن أبي هريرة [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : من صام تطوعا وعليه من رمضان شيء لم يقضه فإنه لا يتقبل منه حتى يصومه ] ولأنه
عبادة يدخل في جبرانها المال فلم يصح التطوع بها قبل أداء فرضها كالحج وروي عن أحمد أنه يجوز له التطوع لأنها عبادة تتعلق بوقت موسع فجاز التطوع في وقتها قبل فعلها كالصلاة يتطوع في أول وقتها وعليه يخرج الحج ولأن التطوع بالحج يمنع فعل واجبة المعين فأشبه صوم التطوع في رمضان بخلاف مسألتنا والحديث يرويه ابن لهيعة وفيه ضعيف وفي سياقه ما هو متروك فإنه قال في آخره ومن أدركه رمضان وعليه من رمضان شيء لم يتقبل منه ويخرج في التطوع بالصلاة في حق من عليه القضاء مثل ما ذكرناه في الصوم
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
كراهة قضاء الصوم أيام عشر ذي الحجة
فصل : واختلفت الرواية في كراهة القضاء في عشر ذي الحجة فوري أنه لا يكره وهو قول سعيد بن المسيب و الشافعي و إسحاق لما روي عن عمر بن الخط
اب رضي الله عنه أنه كان يستحب قضاء رمضان في العشر ولأنه أيام عبادة فلم يكره القضاء فيه كعشر المحرم
والثانية يكره القضاء فيه روي ذلك عن الحسن والزهري لأنه يروى عن علي رضي الله عنه أنه كرهه و لـ [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز و جل من هذا الأيام يعني أيام العشر قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع بشيء ] فاستحب إخلاءها للتطوع لينال فضيلتها ويجعل القض
اء في غيرها وقال بعض أصحابنا هاتان الروايتان مبنيتان على الروايتين في إباحة التطوع قبل صوم الفرض وتحريمه فمن أباحه كره القضاء فيها ليوفرها على التطوع لينال فضيلته فيها مع القضاء ومن حرمه لم يكرهه فيه بل استحب فعليه فيها لئلا يخلو من العبادة بالكلية ويقوي عندي أن هاتين الروايتين فرع على إباحة التطوع قبل الفرض أما على رواية التحريم فيكون صومها تطوعا قبل الفرض محرما وذلك أبلغ من الكراهة والله أعلم

https://i.imgur.com/YM3gnOw.gif


ابوالوليد المسلم 28-03-2024 10:07 PM

رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
 
https://i.imgur.com/icDwY92.gif
فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]

المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ88 الى صــ90
(19)

https://png.pngtree.com/png-clipart/...ge_4368186.png
يباح الفطر للمريض مرضا شديدا ومن يخاف على نفسه المرض وشدة السبق
مسألة : قال : وللمريض أن يفطر إذا كان الصوم يزيد في مرضه فإن تحمل وصام كره له ذلك وأجزأه
أجمع أهل العلم على إباحة الفطر للمريض في الجملة والأصل فيه تعالى : { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } المرض المبيح للفطر هو الشديد الذي يزيد بالصوم أو يخشى تباطؤ برئه قيل لأحمد متى يفطر المريض ؟ قال : إذا لم يستطع قيل مثل الحمى قال وأي مرض أشد من الحمى ؟ وحكي عن بعض السلف أنه أباح الفطر بكل مرض حتى م وجع الاصبع والضرس لعموم
الآية فيه ولان المسافر يباح له الفطر وإن لم يحتج إليه فكذلك المريض

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ولنا أنه شاهد للشهر لا يؤذيه الصوم فلزمه كالصحيح والآية مخصوصة في المسافر والمريض جميعا بدليل أن المسافر لا يباح له الفطر في السفر القصير والفرق بين المسافر والمريض أن السفر اعتبرت فيه المظنة وهو السفر الطويل حيث لم يمكن اعتبار الحكمة بنفسها فإن قليل المشقة لا يبيح وكثيرها لا ضابط له في نفسه فاعتبرت بمظنتها وهو السفر الطويل فدار الحكم مع المظنة وجودا وعدما والمرض لا ضابط هل فإن الأمراض تختلف منها ما يضر صاحبه الصوم ومنها ما لا أثر للصوم فيه كوجع الضرس وجرح في الإصبع والدمل والقرحة اليسيرة والجرب وأشباه ذلك فلم يصلح المرض ضابطا وأمكن اعتبار الحكمة وهو ما يخاف منه الضرر فوجب اعتباره فإذا ثبت هذا فإن تحمل المريض وصام مع هذا فقد فعل مكروها لما يتضمنه من الأضرار بنفسه وتركه تخفيف الله تعالى وقبول رخصته ويصح صومه ويجزئه لأنه عزيمة أبيح تركها رخصة فإذا تحمله أجزأه كالمريض الذي يباح له ترك الجمعة إذا حضرها والذي يباح له ترك القيام في الصلاة فإذا قام فيها

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
فصل : والصحيح أن الذي يخشى المرض بالصيام كالمريض الذي يخاف زيادته في إباحة الفطر لأن المريض إنما أبيح له الفطر خوفا مما يتجدد بصيامه من زيادة المرض وتطاوله فالخوف من تجدد المرض في معناه قال أحمد فيمن به شهوة غالبة للجماع يخاف أن تنشق أنثياه فله الفطر وقال الجارية تصوم إذا حاضت فإن جهدها الصوم فلتفطر ولتقض - يعني إذا حاضت وهي صغيرة لم تبلغ خمس عشرة سنة قال القاضي هذا إذا كانت تخاف المرض بالصيام أبيح لها الفطر وإلا فلا

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
فصل : ومن أبيح له الفطر لشدة شبقة أن أمكنه استدفاع الشهوة بغير جماع كالاستمناء بيده أو يد امرأته أو جارته لم يجز له الجماع لأنه فطر للضرورة فلم تبح له الزيادة على ما تندفع به الضرورة كأكل الميتة عند الضرورة وإن جامع فعليه الكفارة وكذلك إن أمكنه دفعها بما لا يفسد صوم غيره كوطء زوجته أو أمته الصغيرة أو الكتابية أو مباشرة الكبيرة المسلمة دون الفرج أو الاستمناء بيدها أو بيده لم يبح له إفساد صوم غيره لأن الضرورة إذا اندفعت لم يبح ما رواءها كالشبع من الميتة إذا اندفعت الضرورة بسد الرمق وإن لم تندفع الضرورة إلا بإفساد صوم غيره أبيح ذلك لأنه مما تدعو الضرورة إليه فأبيح كفطره وكالحامل والمرضع يفطران خوفا على ولديهما فإن كان له امرأتان حائض وطاهر شائمة ودعته الضرورة إلى وطء إحداهما احتمل وجهين : أحدهما وطء الصائمة أولى لأن الله تعالى نص على النهي عن وطء الحائض في كتابه ولأن وطأها فيه أذى لا يزول بالحاجة إلى وطء
والثاني : يتخير لأن وطء الصائمة يفسد صيامها فتتعارض المفسدتان فيتساويان
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ويباح للمسافر
مسألة : قال : وكذلك المسافر

يعني أن المسافر يباح له الفطر فإن صام كره له ذلك وأجزأه وجواز للمسافر ثابت بالنص والإجماع وأكثر أهل العلم على أنه إن صام أجزأه ويروى عن أبي هريرة أنه لا يصح صوم المسافر قال أحمد : كان عمر وأبو هريرة يأمرانه بالإعادة وروى الزهري عن أبي سلمة عن أبيه عبد الرحمن بن عوف أنه قال : الصائم في السفر كا
لمفطر في الحضر وقال بهذا قوم من أهل الظاهر لقول النبي صلى الله عليه و سلم [ ليس من البر الصوم في السفر ] متفق عليه ول [ أنه عليه السلام أفطر في السفر فلما بلغه أن قوما صاموا قال : أولئك هم العصاة ] وروى ابن ماجة بإسناده [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال الصائم في رمضان في السفر كالمفطر في الحضر ] وعامة أهل العلم على خلاف هذا القول قال ابن عبد البر هذا قول يروى عن عبد الرحمن بن عوف هجره الفقهاء كلهم والسنة ترده وحجتهم ما روي [ عن حمزة بن عمرو الأسلمي أنه قال للنبي صلى الله عليه و سلم : أصوم في السفر ؟ - وكان كثير الصيام - قال : إن شئت فصم وإن شئت فأفطر ] وفي لفظ رواه النسائي [ أنه قال لرسول الله صلى الله عليه و سلم أجد قوة على الصيام في السفر فهل علي جناح ؟ قال : هي رخصة الله فمن أخذ بها فحسن ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه ] و [ قال أنس : كنا نسافر مع النبي صلى الله عليه و سلم فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم ] متفق عليه وكذلك روى أبو سعيد وأحاديثهم محمولة على تفصيل الفطر على الصيام
فصل :

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
والأفضل عند إمامنا رحمه الله الفطر في السفر وهو مذهب ابن عمر وابن عباس و سعيد بن المسيب و الشعبي و الأوزاعي و إسحاق وقال أبو حنيفة و مالك الشافعي : الصوم أفضل لمن قوي عليه ويروى ذلك عن أنس وعثمان بن أبي العاص واحتجوا بما روي عن مسلمة بن المحبق [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : من كانت له حمولة يأوي إلى شبع فليصم رمضان حيث أدركه ] رواه أبو داود ولأن من خير بين الصوم والفطر كان الصوم أفضل كالتطوع وقال عمر بن عبد العزيز ومجاهد وقتادة أفضل الأمرين أيسرهما لقول الله تعالى { يريد الله بكم اليسر } ولما روى أبو داود [ عن حمزة بن عمرو قال : قلت يا رسول الله إني صاحب ظهر أعالجه وأسافر عليه وأكريه وإنه ربما صادفني هذا الشهر - يعني رمضان - وأنا أجد القوة وأنا شاب وأجدني أن أصوم يا رسول الله أهون علي من أن أؤخر فيكون دينا علي أفأصوم يا رسول الله أعظم لأجري أم أفطر ؟ قال : أي ذلك شئت يا حمزة ]
ولنا ما تقدم من الإخبار في الفصل الذي قبله وروي [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال خيركم الذي يفطر في السفر ويقصر ] ولأن الفطر خروجا من الخلاف فكان أفضل كالقصر وقياسهم ينتقض بالمريض ويصوم الأيام المكروه صومها

https://i.imgur.com/YM3gnOw.gif


ابوالوليد المسلم 29-03-2024 10:51 PM

رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
 
https://i.imgur.com/icDwY92.gif
فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]

المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ91 الى صــ94
(20)
https://png.pngtree.com/png-clipart/...ge_4368186.png

ومن أفطر في رمضان وأراد قضاءه متفرقا جاز
مسألة : قال : وقضاء شهر رمضان متفرقا يجزئ والمتتابع أحسن
هذا قول ابن عباس وأنس بن مالك وأبي هريرة و ابن محريز و أبي قلابة ومجاهد وأهل المدينة والحسن و سعيد بن المسيب و عبيد الله بن عبد الله بن عتبة وإليه ذهب مالك وأبو حنيفة و الثوري و الأوزاعي و الشافعي و إسحاق وحكي
وجوب التتابع عن علي و ابن عمر و النخعي والشعبي وقال داود : يجب ولا يشترط لما روى ابن المنذر بإسناده عن أبي هريرة [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : من كان عليه صوم رمضان فليسرده ولا يقطعه ]

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ولنا إطلاق قول الله تعالى { فعدة من أيام أخر } غير مقيد بالتتابع فإن قيل فقد روي عن عائشة سقطت اللفظة المحتج بها وأيضا قول الصحابة قال ابن عمر : إن سافر فإن شاء فرق وإن شاء تابع وروي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه و سلم وقال أبو عبيدة بن الجراح في قضاء رمضان : إن الله لم يرخص لكم في فطره وهو يريد أن يشق عليكم في قضائه وروى الأثرم بإسناده عن محمد بن المنكدر أنه قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سئل عن تقطيع قضاء رمضان [ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لو كان على أحدكم دين فقضاه من الدرهم والدرهمين حتى يقضي ما عليه من الدين هل كان ذلك قاضيا دينه ؟ قالوا : نعم يا رسول الله قال : فالله أحق بالعفو والتجاوز منكم ] ولأنه صوم لا يتعلق بزمان بعينه فلم يجب فيه التتابع كالنذر المطلق وخبرهم لم يثبت صحته قال أهل السنن لم يذكروه ولو صح حملناه على الاستحباب فإن المتتابع أحسن لما فيه من موافقة الخبر والخروج من الخلاف وشبهه بالأداء والله أعلم
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ومن دخل في صيام تطوع ثم قطعه فلا قضاء عليه
مسألة : قال : ومن دخل في صيام تطوع فخرج مه فلا قضاء عليه فإن قضاه فحسن
وجملة ذلك أن من دخل في صيام تطوع استحب له إتمامه ولم يجب فإن خرج منه فلا قضاء عليه روي عن ابن عمر وابن عباس أنهما أصبحا صائمين ثم أفطرا وقال ابن عمر : لا بأس به ما لم يكن نذرا أو قضاء رمضان وقال ابن عباس إذا صام الرجل تطوعا ثم شاء أن يقطعه وإذا دخل في صلاة تطوعا ثم شاء أن يقطعها ق
طعها وقال ابن مسعود متى أصبحت تريد الصوم فأنت على آخر النظرين إن شئت صمت وإن شئت أفطرت فهذا مذهب أحمد و الثوري و الشافعي و إسحاق وقد روى حنبل عن أحمد أجمع على صيام فأوجبه على نفسه فأفطر من غير عذر أعاد يوما مكان ذلك اليوم وهذا محمول على أنه استحب ذلك أو نذره ليكون موافقا لسائر الروايات عنه وقال النخعي وأبو حنيفة ومالك يلزم في الشروع فيه ولا يخرج منه إلا بعذر فإن خرج قضي وعن مالك لا قضاء عليه واحتج من أوجب القضاء بما [ روي عن عائشة أنها قالت أصبحت أنا وحفصة صائمتين متطوعتين فأهدي لنا حبس فأفطرنا ثم سألنا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : اقضيا يوما مكانه ] ولأنه عبادة تلزم بالنذر فلزمت بالشروع فيها كالحج والعمرة

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ولنا ما روى مسلم و أبو داود و النسائي [ عن عائشة قالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه و سلم يوما فقال هل عندكم شيء فقلت : لا قال : فإني صائم ثم مر بعد ذلك بعد ذلك اليوم وقد أهدي إلي حيس فخبأت له منه وكان يجب الحيس قلت يا رسول الله إنه أهدي لنا حيس فخبأت له منه قال أدنيه أما أني قد أصبحت وأنا صائم فأكل منه ثم قال لنا إنما مثل صوم التطوع مثل الرجل يخرج منه ماله الصدقة فإن شاء أمضاها وإن شاء حبسها ] هذا لفظ رواية النسائي وهو أتم من غيره و [ روت أم هاني قالت دخلت علي رسول الله صلى الله عليه و سلم فأتي بشراب فناولنيه فشربت ثم قلت يا رسول الله لقد أفطرت وكنت صائمة فقال لها : أكنت تقضين شيئا قال : لا قال : فلا يضرك إن كان تطوعا ] رواه سعيد وأبو داود والأثرم في لفظ [ قالت : قلت إني صائمة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن المتطوع أمير نفسه فإن شئت فصومي وإن شئت فأفطري ] ولأن كل صوم لو أتمه كان متطوعا إذا خرج منه لم يجب قضاءه كما لو اعتقد أنه من رمضان فبان من شعبا أو من شوال فأما خبرهم فقال أبو داود : لا يثبت وقال الترمذي فيه مقال وضعفه الجوزجاني وغيره ثم هو محمول على الاستحباب إذا ثبت هذا فإنه يستحب له إمامه وإن خرج منه استحب قضاؤه للخروج من الخلاف وعملا بالخبر الذي رووه

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
فصل : وسائر النوافل من الأعمال حكمها حكم الصيام في أنها لا تلزم بالشروع ولا يجب قضاؤها إذا خرج منها إلا الحج والعمرة فإنهما يخالفان سائر العبادات في هذا لتأكد إحرامهما ولا يخرج منها بإفسادهما ولو اعتقد أنهما واجبان ولم يكونا واجبين لم يكن له الخروج منها وقد روي عن أحمد في الصلاة ما يدل على أنها تلزم بالشروع فإن الأثرم قال : قلت لأبي عبد الله الرجل يصبح صائما متطوعا أيكون بالخيار والرجل يدخل في الصلاة له أن يقطعها ؟ فقال الصلاة أشد أما الصلاة فلا يقطعها قيل له فإن قطعها قضاها ؟ قال إن قضاها فليس فيه اختلاف ومال أبو إسحاق الجوزجاني إلى هذا القول وقال الصلاة ذات إحرام وإحلال فلزمت بالشروع فيها كالحج وأكثر أصحابنا على أنها لا تلزم أيضا وهو قول ابن عباس لأن ما جاز ترك جميعه جاز ترك بعضه كالصدقة والحج والعمرة يخالفان غيرهما
من دخل في واجب لم يجز له الخروج منه
فصل : ومن دخل في واجب كقضاء رمضان أو نذر معين أو مطلق أو صيام كفارة لم يجز له الخروج منه لأن المتعين وجب عليه الدخول فيه وغير المتعين تعين بدخوله فيه فصار بمنزلة الفرض المتعين وليس في هذا خلاف بحمد الله

https://i.imgur.com/YM3gnOw.gif




ابوالوليد المسلم 31-03-2024 01:54 AM

رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
 
https://i.imgur.com/icDwY92.gif

فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]
المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد
من صــ94 الى صــ95
(21)
https://png.pngtree.com/png-clipart/...ge_4368186.png

صيام الصغير والكافر إذا اسلم
مسألة : قال : وإذا كان للغلام عشر سنين وأطاق الصيام أخذ به
يعني أنه يلزم الصيام يؤمر به ويضرب على تركه ليتمرن عليه ويتعود كما يلزم الصلاة ويؤمر بها وممن ذهب إلى أنه يؤمر بالصيام إذا أطاقه عطاء والحسن وابن سيرين والزهري و قتادة و الشافعي وقال الأوزاعي إذا أطاق صوم ثلاثة أيام تباعا لا يخور فيهن ولا يضعف حمل صوم شهر رمضان وقال إسحاق :

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
إذا بلغ اثنتي عشرة أحب أن يكلف الصوم للعادة واعتباره بالعشرة أولى لأن النبي صلى الله عليه و سلم أمر بالضرب على الصلاة عندها واعتبار الصوم بالصلاة أحسن لقرب إحداهما من الأخرى واجتماعهما في أنهما عباداتان بدنيتان من أركان الإسلام إلا أن الصوم أشق فاعتبرت له الطاقة لأنه قد يطيق الصلاة من لا يطيقه
فصل : ولا يجب عليه الصوم حتى يبلغ قال أحمد في غلام احتلم صام ولم يترك والجارية إذا حاضت وهذا قول أكثر أهل العلم وذهب بعض أصحابنا إلى إيجابه على الغلام المطيق له إذا بلغ عشرا لما روى ابن جريج عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة عن أبيه قال : [ قال رسول الله صلى عليه وسلم إذا أطاق الغلام
صيام ثلاثة أيام وجب عليه صيام شهر رمضان ] ولأنه عبادة بدنية أشبه الصلاة وقد أمر النبي صلى الله عليه و سلم بان يضرب على الصلاة من بلغ عشرا والمذهب الأول قال القاضي :
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
المذهب عندي رواية واحدة أن الصلاة والصوم لا تجب حتى يبلغ وما قاله أحمد فيمن ترك الصلاة يقضيها نحمله على الاستحباب وذلك لقول النبي صلى الله عليه و سلم [ رفع القلم عن ثلاث عن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ ] ولأنه عبادة بدنية فلم تجب على الصبي كالحج وحديثهم مرسل ثم نحمله على الاستحباب وسماه واجبا تأكيدا لاستحبابه كقوله عليه السلام : [ غسل الجمعة واجب على كل محتلم ]
فصل : إذا نوى الصبي الصوم من الليل فبلغ في أثناء النهار بالاحتلام أو السن فقال القاضي يتم صومه ولا قضاء عليه لأن نية صوم رمضان حصلت ليلا فيجزئه كالبالغ ولا يمتنع أن يكون أول الصوم نفلا وباقيه فرضا كما لو شرع في صوم يوم تطوعا ثم نذر إتمامه واختار أبو الخطاب أنه يلزمه القضاء لأنه عبادة بدنية بل
غ في أثنائها بعد مضي بعض أركانها فلزمته إعادتها كالصلاة والحج إذا بلغ بعد الوقوف وهذا لأنه ببلوغه يلزمه صوم جميعه والماضي قبل بلوغه نفل فلم يجز عن الفرض ولهذا لو نذر صوم يوم يقدم فلان فقدم والناذر صائم لزمه القضاء فأما ما مضى من الشهر قبل بلوغه فلا قضاء عليه وسواء كان قد صامه أو أفطره هذا قول عامة أهل العلم وقال الأوزاعي يقضيه إن كان افطره وهو مطيق لصيامه

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ولنا أنه زمن مضى في حال صباه فلم يلزمه قضاء الصوم فيه كما لو بلغ بعد انسلاخ رمضان وإن بلغ الصبي وهو مفطر فهل يلزمه امساك ذلك اليوم وقضاؤه ؟ على روايتين
مسألة : قال : وإذا أسلم الكافر في شهر رمضان صام ما يستقبل من بقية شهره
أما صوم ما يستقبله من بقية شهره فلا خلاف فيه وأما قضاء ما مضى من الشهر قبل إسلامه فلا يجب وبهذا قال الشعبي و قتادة و مالك
و الأوزاعي و الشافعي و أبو ثور وأصحاب الرأي وقال عطاء عليه قضاؤه وعن الحسن كالمذهبين
ولنا أن ما مضى عبادة خرجت في حال كفره فلم يلزمه قضاؤه كالرمضان الماضي
فصل : فأما اليوم الذي أسلم فيه فإنه يلزمه امساكه ويقضيه هذا المنصوص عن أحمد وبه قال الماجشون و إسحاق وقال مالك و أبو ثور و ابن المنذر لا قضاء عليه لأنه لم يدرك من زمن العبادة ما يمكنه التلبس بها فيه فأشبه ما لو أسلم بعد خروج اليوم وقد روي ذلك عن أحمد
ولنا أنه أدرك جزءا من وقت العبادة فلزمته كما لو أدرك جز
ءا من وقت الصلاة
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
صيام المجنون عندما يفيق
فصل : فأما المجنون إذا أفاق في اثناء فعيه صم ما بقي من الأيام بغير خلاف وفي قضاء اليوم الذي أفاق فيه وإمساكه روايتان ولا يلزمه قضاء ما مضى وبهذا قال أبو ثور و الشافعي في الجديد وقال مالك : يقضي وإن مضى عليه سنون وعن أحمد مثله وهو قول الشافعي القديم لأنه معنى يزيل العقل فلم يمنع
وجوب الصوم كالإغماء وقال أبو حنيفة أن جن جميع الشهر فلا قضاء عليه وإن أفاق في اثنائه قضي ما مضى لأن المجنون لا ينافي الصوم بدليل ما لو جن في اثناء الصوم لم يفسد فإذا وجد في بعض الشهر وجب القضاء كالإغماء
ولنا أنه معنى يزيل التكليف فلم يجب القضاء في زمانه كالصغر والكفر ويخص أبا حنيفة بأنه معنى لو وجد في جميع الشهر اسقط القضاء فإذ
ا وجد في بعضه اسقطه كالصغر والكفر يفارق الإغماء في ذلك

https://i.imgur.com/YM3gnOw.gif






ابوالوليد المسلم 01-04-2024 12:08 AM

رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
 
https://i.imgur.com/tCwaM1a.gif
فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]
المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد
من صــ95 الى صــ96
(22)
https://png.pngtree.com/png-clipart/...ge_4368186.png

إثبات الهلال
مسألة : قال : وإذا رأى هلال شهر رمضان وحده صام
المشهور في المذهب أنه متى رأى الهلال واحد لزمه الصيام عدلا كان أو غير عدل شهد عند الحاكم أو لم يشهد قبلت شهادته أو ردت وهذا قول مالك و الليث و الشافعي وأصحاب الرأي و ابن المنذر وقال عطاء و إسحاق لا يصوم وقد روى حنبل عن أحمد لا يصوم إلى في جماعة الناس وروي نحوه عن الحسن و ابن سيرين لأنه يوم محكوم به من شعبان فأشبه التاسع والعشرين
ولنا أنه تيقن أنه من رمضان فلزمه صومه كما لو حكم به الحاكم وكونه محكوما به من شعبان ظاهر في حق غيره وأما في الباطن فهو يعلم أنه من رمضان فلزمه صيامه كالعدل

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
فصل : فإن أفطر ذلك اليوم بجماع فعليه الكفارة وقال أبو حنيفة لا تجب لأنها عقوبة فلا تجب بفعل مختلف فيه كالحد
ولنا أنه أفطر يوما من رمضان بجماع فوجبت به عليه الكفارة كما لو قبلت شهادته ولا نسلم أن الكفارة عقوبة ثم قياسهم ينتقض بوجوب الكفارة في السفر القصير مع وقوع الخلاف فيه
مسألة : قال : وإن كان عدلا صام الناس بقوله
المشهور عن أحمد أنه يقبل في هلال رمضان قول واحد عدل ويلزم الناس الصيام بقوله وهو قول عمر وعلي وابن عمر و ابن مبارك و الشافعي في الصحيح عنه وروي عن أحمد أنه قال : اثنين اعجب إلي قال أبو بكر : إن رآه وحده ثم قدم المصر صام الناس بقوله على ما روى في الحديث وإن كان الواحد في جماعة الناس فذكر أنه رآه دونهم لم يقبل إلا قول اثنين لأنهم يعاينون ما عاين وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه لا يقبل إلا شهادة اثنين وهو قول مالك و الليث و الأوزاعي و إسحق لما
روى عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أنه خطب الناس في اليوم الذي يشك فيه فقال إني جالست أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم وسألتهم وانهم حدثوني [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته وانسكوا فإن غم عليكم فأتموا ثلاثين وإن شهد شاهدان ذوا عدل فصوموا وأفطروا ] رواه النسائي ولأن هذه شهادة على رؤية الهلال فأشبهت الشهادة على هلال شوال وقال أبو حنيفة في الغيم كقولنا وفي الصحو لا يقبل إلا الاستفاضة لأنه لا يجوز أن تنظر الجماعة إلى مطلع الهلال وأبصارهم صحيحة والموانع مرتفعة فيراه واحد دون الباقين ولنا ما روى ابن عباس قال [ جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال رأيت الهلال قال أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ؟ قال : نعم قال :

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
يا بلال أذن في الناس فليصوموا غدا ] رواه أبو داود و النسائي و الترمذي و [ روى ابن عمر قال : تراءى الناس الهلال فأخبرت رسول الله صلى الله عليه و سلم أني رأيته فصام وأمر الناس بصيامه ] رواه أبو داود ولأنه خبر عن وقت الفريضة فيما طريقة المشاهدة فقبل من واحد كالخبر بدخول وقت الصلاة ولأنه خبر ديني يشترك فيه المخبر والمخبر فقبل من واحد عدل كالرواية وخبرهم إنما يدل بمفهومه وخبرنا اشهر منه وهو بدل بمنطوقه فيجب تقديمه ويفارق الخبر عن هلال شوال فإنه خروج من العبادة وهذا دخول فيها وحديثهم في هلال شوال يخالف مسألتنا وما ذكره أبو بكر وأبو حنيفة لا يصح لأن يجوز انفراد الواحد به ما لطافة المرئي وبعده ويجوز أن تختلف معرفتهم بالمطلع ومواضع قصدهم وحدة نظرهم ولهذا لو حكم برؤيته حاكم بشهادة واحد جاز ولو شهد شاهدان وجب قبول شهادتهما ولو كان ممتنعا على ما قالوه لم يصح فيه حكم حاكم ولا يثبت بشهادة اثنين ومن منع ثبوته بشهادة اثنين رد عليه الخبر الأول وقياسه على سائر الحقوق وسائر الشهور ولو أن جماعة في محفل فشهد اثنان منهم على رجل منهم أنه طلق زوجته أو أعتق عبده قبلت شهادتهما دون من أنكر ولو أن اثنين من أهل الجمعة شهدا على الخطيب أه قال على المنبر في الخطبة شيئا لم يشهد به غيرهما لقبلت شهادتهما وكذلك لو شهدا عليه لفعل وإن كان غيرهما يشاركهما في سلامة السمع وصحة البصر كذا ههنا

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
فصل : وإن أخبره مخبز برؤية الهلال يثق بقوله لزمه الصوم وإن لم يثبت ذلك عند الحاكم لأنه خبر بوقت العبادة يشترك فيه المخبر والمخبر أشبه الخبر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم والخبر عن دخول وقت الصلاة ذكر ذلك ابن عقيل ومقتضى هذا أنه يلزمه قبول الخبر وإن رده الحاكم عدالة من يعلم غيره عدالته
فصل : فإن كان المخبر امرأة فقياس المذهب قبول قولها وهو قول أبي حنيفة واحد الوجهين ولأصحاب الشافعي لأنه خبر ديني فأشبه الرواية والخبر عن القبلة ودخول وقت الصلاة ويحتمل أن لا تقبل لأنه شهادة برؤية الهلال فلم يقبل فيه قول امرأة كهلال شوال
مسألة : قال : ولا يفطر إلا بشهادة اثنين
وجملة ذلك أنه لا يقبل في هلال شوال إلا بشهادة اثنين عدلين في قول الفقهاء جميعهم إلا أبا ثور فإنه قال يقبل قول واحد لأنه طرفي شهر رمضان أشبه الأول ولأنه خبر يستوي فيه المخبر والمخبر أشبه الرواية واخبار الديانات
ولنا خبر عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وعن ابن عمر [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه أجاز شهادة رجل واحد على رؤية الهلال وكان لا يجيز على شهادة الإفطار إلا شهادة رجلين ] ولأنها شهادة على هلال لا يدخل بها في العبادة فلم تقبل فيه إلا شهادة اثنين كسائر الشهور وهذا يفارق الخبر لأن الخبر يقبل فيه قول المخبر مع وجود المخبر عنه وفلان عن فلان وهذا لا يقبل فيه ذلك فافترقا

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
فصل : ولا يقبل فيه شهادة رجل وامرأتين ولا شهادة النساء المنفردات وإن كثرن وكذلك سائر الشهور لأنه مما يطلع عليه الرجال وليس بمال ولا يقصد به المال فأشبه القصاص وكان القياس يقتضي مثل ذلك في رمضان ولكن تركناه احتياطا للعبادة
فصل : وإذا صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يوما ولم يروا هلال شوال أفطروا وجها واحدا وإن صاموا بشهادة واحد فلم يروا الهلال ففيه وجهان

أحدهما : لا يفطرون لقول عليه السلام : [ وإن شهد اثنان فصوموا وأفطروا ] ولأنه فطر فلم يجز أن يستند إلى شهادة واحد كما لو شهد بهلال شوال
والثاني : يفطرون وهو منصوص الشافعي ويحكى عن أبي حنيفة لأن الصوم إذا وجب وجب الفطر لاستكمال العدة لا بالشهادة وقد يثبت تبعا ما لا يثبت أصلا بدليل أن النسب لا يثبت بشهادة النساء وتثبت بها الولادة فإذا ثبت الولادة ثبت النسب على وجه التبع للولادة كذا ههنا وإن صاموا لأجل الغيم لم يفطروا وجها واحدا لان الصوم إنما كان على وجه الاحتياط فلا يجوز الخروج منه بمثل ذلك والله أعلم
مسألة : قال : ولا يفطر إذا رآه وحده
روي هذا عن مالك و الليث و الشافعي يحل له أن يأكل حيث لا يراه أحد لأنه يتيقنه من شوال فجاز له الأكل كما لو قامت به بينة

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ولنا ما روى أبو رجاء عن أبي قلابة أن رجلين قدما المدينة وقد رأيا الهلال وقد أصبح الناس صياما فأتيا عمر فذكرا ذلك له فقال لأحدهما أصائم أنت ؟ قال : بل مفطر قال ما حملك على هذا ؟ قال : لم أكن لأصوم وقد رأيت الهلال وقال للآخر قال أنا صائم قال ما حملك على هذا ؟ قال : لم أكن لأفطر والناس صيام فقال للذي أفطر لولا مكان هذا لأوجعت رأسك ثم نودي في الناس أن خرجوا أخرجه سعيد عن ابن عليه عن أيوب عن أبي رجاء وإنما أراد ضربه لإفطاره برؤيته ودفع عنه الضرب لكمال الشهادة به وبصاحبه ولو جاز له الفطر لما أنكر عليه ولا تواعده وقالت عائشة :
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
إنما يفطر يوم الفطر الإمام وجماعة المسلمين ولم يعرف لهما مخالف في عصرهما فكان إجماعا ولأنه يوم محكوم به من شوال بخلاف مسألتنا وقولهم إنه يتيقن أنه من شوال قلنا لا يثبت اليقين لأنه يحتمل أن يكون الرائي خيل إليه كما روي أن رجلا في زمن عمر قال : لقد رأيت الهلال فقال له امسح عينك فمسحها ثم قال له تراه ؟ قال : لا قال لعل شعرة من حاجبك تقوست على عينك فظننتها هلالا أو ما هذا معناه
فصل : فإن رآه اثنان ولم يشهد عند الحاكم جاز لمن سمع شهادتهما الفطر إذا عرف عدالتهما ولكل واحد منهما الفطر بقولهما لقول النبي صلى الله عليه و سلم [ وإذا شهد اثنان فصوموا وأفطروا ] وإن شهدوا عند الحاكم فرد شهادتهما لجهله بحالهما فلمن علم عدالتهما الفطر بقولهما لأن رد الحاكم ههنا ليس بحكم منه وإنما هو توقف لعدم علمه فهو كالوقوف عن الحكم انتظارا للبينة ولهذا لو تثبت عدالتهما بعد ذلك حكم بها وإن لم يعرف أحدهما عدالة صاحبه لم يجز له الفطر إلا أن يحكم بذلك الحاكم لئلا يفطر برؤيته وحده

https://i.imgur.com/YM3gnOw.gif




ابوالوليد المسلم 02-04-2024 12:36 AM

رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
 
https://i.imgur.com/tCwaM1a.gif

فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]
المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد
من صــ96 الى صــ103
(23)


https://png.pngtree.com/png-clipart/...ge_4368186.png
صيام العاجز عن معرفة شهر رمضان
مسألة : قال : وإذا اشتبهت الأشهر على الأسير فإن صام شهرا يريد به شهر رمضان فوافقه أو ما بعده أجزأه وإن وافق ما قبله لم يجزه
وجملته أن من كان محبوسا أو مطمورا أو في بعض النواحي النائية عن الأمصار لا يمكنه تعرف الأشهر بالخبر فاشتبهت عليه الأشهر فإنه يتحرى ويجتهد فإذا غلب على ظنه عن أمارة تقوم في نفسه دخول شهر رمضان صامه ولا يخلو من أربعة أحوال
أحدها : أن لا ينكشف له الحال فإن صومه
صحيح ويجزئه لأنه أدى فرضه باجتهاده فأجزأه كما لو صلى في يوم الغيم بالاجتهاد

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
الثاني : أن ينكشف له أنه وافق الشهر أو ما بعده فإنه يجزئه في قول عامة الفقهاء وحكي عن الحسن بن صالح أنه لا يجزئه في هاتين الحالتين لأنه صامه على الشك فلم يجزئه كما لو صام يوم الشك فبان من رمضان وليس بصحيح لأنه أدى فرضه بالاجتهاد في محله فإذا أصاب أو لم يعلم الحال اجزأه كالقبلة إذا اشتبهت أو الصلاة في يوم الغيم إذا اشتبه وقتها وفارق يوم الشك فإنه ليس بمحل الاجتهاد فإن الشرع أمر بالصوم عند أمارة عينها فما لم توجد لم يجز الصوم
الحال الثالث : وافق قبل الشهر فلا يجزئه في قول عامة الفقهاء وقال بعض الشافعية يجزئه في أحد الوجهين كما لو اشتبه يوم عرفة فوقفوا قبله
ولنا أنه أتى بالعبادة قبل وقتها فلم يجزئه كالصلاة في يوم الغيم وأما الحج فلا نسلمه إلا فيما إذا أخطأ الناس كلهم لعظم المشقة عليهم وإن وقع ذلك لنفر منهم لم يجزئهم ولأن ذلك لا يؤمن مثله في القضاء بخلاف الصوم
الحال الرابع : أن يوافق بعضه رمضان دون
بعض فما وافق رمضان أو بعده اجزأه وما وافق قبله لم يجزئه
فصل : وإذا وافق صومه بعد الشهر اعتبر أن يكون ما صامه بعدة أيام شهره الذي فاته سواء وافق ما بين هلالين أو لم يوافق وسواء كان الشهران تامين أو ناقصين ولا يجزئه أقل من ذلك وقال القاضي : ظاهر كلام الخرقي أنه إذا وافق شهرا بين هلالين اجزأه سواء كان الشهران تامين أو ناقصين أو أحدهما تاما والآخر ناقصا وليس بصحيح فإن الله تعالى قال :

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
{ فعدة من أيام أخر } ولأنه فاته شهر رمضان فوجب أن يكون صيامه بعدة ما فاته كالمريض والمسافر وليس في كلام الخرقي تعرض لهذا التفصيل فلا يجوز حمل كلامه على ما يخالف الكتاب والصواب فإن قيل أليس إذا نذر صوم شهر يجزئه ما بين هلالين قلنا الإطلاق يحمل على ما تناوله الاسم والاسم يتناول ما بين الهلالين وههنا يجب قضاء ما ترك فيجب أن يراعي فيه عدة المتروك كما أن من الأيام سواء كان ما صامه بين هلالين أو من شهرين فإن دخل في صيامه يوم عيد لم يعتد به وإن وافق أيام التشريق فهل يعتد بها ؟ على روايتين بناء على صحة صومها عن الفرض
فصل : وأن لم يغلب على ظن الاسير دخو
ل رمضان فصام لم يجزئه وإن وافق الشهر لأنه صامه على الشك فلم يجزئه كما لو نوى ليلة الشك إن كان غدا من رمضان فهو فرضي وإن غلب على ظنه من غير امارة فقال القاضي عليه الصيام ويقضي إذا عرف الشهر كالذي خفيت عليه دلائل القلة ويصلي على حسب حالة ويعيد وذكر أبو بكر فيمن خفيت عليه دلائل القبلة هل يعيد ؟ على وجهين كذلك يخرج على قوله ههنا وظاهر كلام الخرقي أنه يتحرى فمتى غلب على ظنه دخول الشهر صح صومه وإن لم يبن على دليل لأنه ليس في وسعه معرفة الدليل ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها وقد ذكرنا مثل هذا في القبلة
فصل : وإذا صام تطوعا فوافق شهر رمضان لم يجزئه نص عليه أحمد وبه قال الشافعي وقال أصحاب الرأي يجزئه وهذا ينبني على تعيين النية لرمضان وقد مضى القول فيه
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
الأيام المحرم صيامها
مسألة : قال : ولا يصام يوما العيدين ولا أيام التشريق لا عن فرض ولا عن تطوع فإن قصد لصيامها كان عاصيا ولم يجزئه عن الفرض
أجمع أهل العلم على أن صوم يومي العيدين منهي عنه محرم في التطوع والنذر المطلق والقضاء والكفارة وذلك لما روى أبو عبيد مولى ابن أزهر قال : شهدت العيد مع عمر بن الخطاب فجاء فصلى ثم انصرف فخط
ب الناس فقال : إن هذين يومين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن صيامهم يوم فطركم من صيامكم والآخر يوم تأكلون فيه من نسككم وعن أبي هريرة [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن صيام يومين يوم فطر ويوم أضحى ] وعن أبي مثله متفق عليهما والنهي يقتضي فساد النهي عنه وتحريمه وأما صومهما ن النذر المعين ففيه خلاف نذكره فيما بعد إن شاء الله تعالى
مسألة : قال : وفي أيام التشريق عن أبي عبد الله رحمه الله رواية أخرى أنه يصومها عن الفرض

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
وجملة ذلك أن أيام التشريق منهي عن صيامهم أيضا لما روى نبيشة الهذلي قال : [ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز و جل ] متفق عليه وروي [ عن عبد الله بن حذافة قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه و سلم أيام منى أنادي : أيها الناس إنها أيام أكل وشرب وبعال ] إلا أنه من رواية الواقدي وهو ضعيف وعن عمرو بن العاص أنه قال : هذا الأيام التي كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يأمر بإفطارها وينهى عن صيامها قال مالك وهي أيام التشريق رواه أبو داود ولا يحل صيامها تطوعا في قول أكثر أهل العلم وعن ابن الزبير أنه كان يصومها وروي نحو ذلك عن ابن عمر والأسود بن يزيد وعن أبي طلحة أنه كان لا يفطر إلا يومي العيدين
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
والظاهر أن هؤلاء لم يبلغهم نهي رسول الله صلى الله عليه و سلم عن صيامها ولو بلغهم لم يعدوه إلى غيره وقد روى أبو مرة مولى أم هانئ أنه دخل مع عبد الله بن عمرو على أبيه عمرو بن العاص فقرب إليهما طعاما فقال كل فقال إني صائم فقال عمرو : كل فهذه الأيام التي كان رسول الله يأمر بإفطارها وينهى عن صيامها والظاهر أن عبد الله بن عمرو أفطر لما بلغه نهي رسول الله صلى الله عليه و سلم وأما صومها للفرض روي عن ابن عمر وعائشة أنهما قالا لم يرخص في أيام التشريق أن يضمن إلا لمن لم يجد الهد أي المتمتع إذا عدم الهدي وهو حديث صحيح رواه البخاري ويقاس عليه كل مفروض

https://i.imgur.com/YM3gnOw.gif


ابوالوليد المسلم 03-04-2024 12:09 AM

رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
 
https://i.imgur.com/tCwaM1a.gif

فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]
المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد
من صــ103 الى صــ108
(24)


المكروه صيامها
فصل : ويكره إفراد يوم الجمعة بالصوم إلا أن يوافق ذلك صوما مثل من يصوم يوما ويفطر يوما فيوافق صومه يوم الجمعة ومن عادته صوم أول يوم من الشهر أو آخره أو يوم نصفه ونحو ذلك نص عليه أحمد في رواية الأثرم قال قيل لأبي عبد الله صيام يوم الجمعة فذكر حديث النهي أن يفرد ثم قال إلا أن يكون في صيام كان يصومه وأما أن يفرد فلا قال : قلت رجل كان يصوم يوما ويفطر يوما فوقع فطره يوم الخميس وصومه يوم الجمعة وفطره يوم السبت فصام الجمعة مفردا فقال هذا الآن لم يتعمد صومه خاصة إنما كره أن يتعمد الجمعة وقال أبو حنيفة ومالك لا يكره افراد الجمعة لأنه يوم فأشبه سائر الأيام

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ولنا ما روى أبو هريرة قال : [ سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : لا يصومن أحكم يوم الجمعة إلا يوما قبله أو بعده ] و [ قال محمد بن عباد سألت جابرا أنهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن صوم يوم الجمعة ؟ قال : نعم ] متفق عليهما و [ عن جويرية بنت الحارث أن النبي صلى الله عليه و سلم دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة فقال : اصمت أمس قالت : لا قال : اتريدين أن تصومي غدا ؟ قالت : لا قال : فأفطري ] رواه البخاري وفيه أحاديث سوى هذه وسنة رسول الله صلى الله عليه و سلم أحق أن تتبع وهذا الحديث يدل على أن المكروه أفراده لأن نهيه معلل بكونها لم تصم أمس ولا غدا
فصل : قال أصحابنا يكره افراد يوم السبت بالصوم لما روى عبد الله بن بسر عن النبي صلى الله عليه و سلم [ لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ] أخرجه الترمذي وقال حديث حسن وروي أيضا عن عبد الله بن بسر عن أخته الصماء [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنب أو عود شجرة فليمضغه ] أخرجه أبو داود وقال اسم اخت عبد الله ابن بسر هجيمة أو جهيمة قال الاثرم : قال أبو عبد الله أما صيام يوم السبت يفترد به فقد جاء فيه حديث الصماء وكان يحيى بن سعيد يتقيه أي أن يحدثني به وسمعته من أبي عاصم والمكروه إفراده فإن صام معه غيره لم يكره لحديث أبي هريرة وجويرية وإن وافق صوما لإنسان لم يكره لما قدمناه وقال أصحابنا بالصيام دون غيرهما افراد يوم النيروز ويوم المهرجان بالصوم لأنهما يومان يعظمهما الكفارة فيكون تخصيهما بالصيام دون غيرهما موافقة لهم في تعظيمها فكره كيوم السبت وعلى قياس هذا كل عبد للكفار أو يوم يفردونه بالتعظيم

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
فصل : ويكره إفراد رجب بالصوم قال أحمد وإن صامه رجل أفطر فيه يوما أو أياما بقدر ما لا يصومه كله ووجه ذلك ما روى أحمد بإسناده عن خرشة بن الحر قال : رأيت عمر يضرب أكف المترجبين حتى يضعوها في الطعام ويقول كلوا فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية وبإسناده عن ابن عمر أنه كان إذا رأى الناس وما يعدون لرجب كرهه وقال : صوموا منه وأفطروا وعن ابن عباس نحوه وبإسناده عن أبي بكرة أنه دخل على أهله وعندهم سلال جدد وكيزان فقال ما هذا فقالوا رجب نصومه قال أجعلتم رجب رمضان فأكفأ السلال وكسر الكيزان قال أحمد : من كان يصوم السنة صامه وإلا فلا يصومه متواليا يفطر فيه ولا يشبه برمضان

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
فصل : وروى أبو قتادة قال : [ قيل يا رسول الله فكيف بمن صام الدهر ؟ قال : لا صام ولا أفطر أو لم يصم ولم يفطر ] قال الترمذي هذا حديث حسن وعن أبي موسى [ عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : من صام الدهر ضيقت عليه جهنم ] قال الأثرم قيل لأبي عبد الله فسر مسدد قول أبي موسى من صام الدهر ضيقت عليه جهنم فلا يدخلها فضحك وقال من قال هذا ؟ فأين حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه و سلم كره ذلك وما فيه من الأحاديث ؟ قال أبو الخطاب إنما يكره إذا أدخل فيه يومي العيدين وأيام التشريق لأن أحمد قال إذا أفطر يومي العيدين وأيام التشريق رجوت أن لا يكون بذلك بأس وروي نحو هذا عن مالك وهو الشافعي لأن جماعة من الصحابة كانوا يسردون الصوم منهم أبو طلحة قيل أنه صام بعد موت النبي صلى الله عليه و سلم أربعين سنة والذي يقوى عندي أن صوم الدهر مكروه وإن لم يصم هذه الأيام فإن صامها فقد فعل محرما وإنما كره صوم الدهر لما فيه من المشقة والضعف وشبه التبتل المنهي عنه بدليل [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لعبد الله بن عمرو : إنك لتصوم الدهر تقوم الليل فقلت نعم قال إنك إذا فعلت ذلك هجمت له عينك ونقهت له النفس لا صام من صام الدهر صوم ثلاثة أيام صوم الدهر كله قلت فإني أطيق أكثر من ذلك قال : فصم صوم داود كان يصوم يوما ويفطر يوما ولا يفرإذا لاقى ] وفي رواية [ وهو أفضل الصيام فقلت إني أطيق أفضل من ذلك قال : لا أفضل من ذلك ] رواه البخاري
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
إذا رؤي الهلال نهارا قبل الزوال
مسألة : قال : وإذا رؤي الهلال نهارا قبل الزوال أو بعده فهو لليلة المقبلة
وجملة ذلك أن المشهور عن أحمد أن الهلال إذا رؤي نهارا قبل الزوال أو بعده وكان ذلك في آخر رمضان لم يفطروا برؤيته وهذا قول عمر وابن مسعود و ابن عمر
و أنس و الأوزاعي و مالك و الليث و الشافعي و إسحاق و أبي حنيفة وقال الثوري وأبو يوسف أن رؤي قبل الزوال فهو لليلة الماضية وإن كان بعده فهو لليلة المقبلة وروي ذلك عن عمر رضي الله عنه رواه سعيد لأن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ] وقد رأوه فيجب الصوم والفطر ولأن ما قبل الزوال أقرب إلى الماضية وحكي هذا رواية عن أحمد
ولنا ما روى أبو وائل قال جاءنا كتاب عمر ونحن بخانقين أن لأهلة بعضها أكبر من بعض فإذا رأيتم الهلال نهارا فلا تفطروا حتى تمسوا إلا أن يشهد رجلان أنهما رأياه بالأمس عشية ولأنه قول ابن مسعود وابن عباس ومن سمينا من الصحابة وخبرهم محمول على ما إذا رؤي عشية بدليل ما لو رؤي بعد الزوال ثم أن الخبر إنما يقضي الصوم والفطر من الغد بدليل ما لو رآه عشية فأما إن كانت الرؤية في أول رمضان فالصحيح أيضا أنه لليلة المقبلة وهو قول مالك و أبي حنيفة و الشافعي وعن أحمد رواية أخرى انه للماضية فيلزم قضاء ذلك اليوم وامساك ب
قيته احتياطا للعبادة والأول أصح لأن ما كان لليلة المقبلة في آخره فهو لها في أولها كما لو رؤي بعد العصر

https://i.imgur.com/YM3gnOw.gif




ابوالوليد المسلم 03-04-2024 11:53 PM

رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
 
https://i.imgur.com/icDwY92.gif

فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]
المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد
من صــ109 الى صــ112
(25)


السحور وصيام وما يستحب للصائم
مسألة : قال : والاختيار تأخير السحور وتعجيل الفطر
الكلام في هذه المسألة في فصلين
أحدهما في السحور : والكلام فيه في ثلاثة أشياء
أحدها : في استحبابه ولا نعلم فيه بين العلماء خلافا وقد روى أنس [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال تسحروا فإن في السحور بركة ] متفق عليه وعن عمرو بن العاص قال : [ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكله السحر ] أخرجه مسلم و أبي داود و الترمذي وقال حديث حسن صحيح ورو الإمام أحمد بإسناده عن أبي سعيد قال : [ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم السحور بركة فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين ]
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
الثاني في وقته : قال أحمد يعجبني تأخير السحور لما [ روى زيد بن ثابت قال تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم قمنا إلى الصلاة قلت كم كان قدر ذلك ؟ قال خمسين آية ] متفق عليه و [ روى العرباض بن سارية قال دعاني رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى السحور فقال : هلم إلى الغداء المبارك ] رواه أبو داود و النسائي سماه غداء لقرب وقته منه ولأن المقصود بالسحور التقوي على الصوم وما كان أقرب إلى الفجر كان أعون على الصوم قال أبو داود قال أبو عبد الله إذا شك في الفجر يأكل حتى يستيقن طلوعه وهذا قول ابن عباس و عطاء و الأوزاعي قال أحمد : يقول الله تعالى { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر } [ قال النبي صلى الله عليه و سلم : لا يمنعكم من سحوركم آذان بلال ولا الفجر المستطيل ولكن الفجر المستطير في الأفق ]
وقال الترمذي : هذا حديث حسن وروى أبو قلابة قال : قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه وهو يستحر يا غلام أخف الباب لا يفجأنا الصبح وقال رجل لابن عباس إني اتسحر فإذا شككت امسكت فقال ابن عباس كل ما شككت حتى لا تشك فأما الجماع فلا يستحب تأخيره لأنه ليس مما يتقوى به وفيه خطر وجوب الكفارة وحصول الفطر به
الثالث : فيما يستحر به وكل ما حصل من أكل أو شرب حصل به فضيلة السحور [ لقوله عليه السلام : ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء ] وروى أبو هريرة [ عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : نعم سحور المؤمن التمر ] رواه أبو داود
الفصل الثاني : في تعجيل الفطر وفيه أمور ثلاثة
احدها : في استحبابه وهو قول اكثر أهل العلم لما روى سهل بن سعد الساعدي [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر ] متفق عليه وعن أبي عطية قال دخلت أنا ومسروق على عائشة فقال مسروق رجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم احدهما يعجل الإفطاء ويعجل المغرب والآخر يؤخر الإفطار ويؤخر المغرب قالت : من الذي يعجل الإفطار ويعجل المغرب ؟ قال عبد الله قالت : هكذا كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصنع رواه مسلم وعن أبي هريرة قال : [ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يقول الله تعالى : أحب عبادي إلي أسرعهم فطرا ] قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب و [ قال أنس ما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي حتى يفطر ولو على شربة من ماء ] رواه ابن عبد البر
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
الثاني فيما يفطر عليه : يستحب أن يفطر على رطبات فإن لم يكن فعلى تمرات فإن لم يكن فعلى الماء لما روى أنس قال : [ كان رسول يفطر على رطبات قبل أن يصلي فإن لم يكن فعلى تمرات فإن لم يكن تمرات حسا حسوات من ماء ] رواه أبو داود و الاثرم و الترمذي وقال حديث حسن غريب وعن سليما بن عامر قال : [ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإن لم يجد فليفطر على الماء فإنه طهور ] أخرجه أبو داود و الترمذي وقال حديث حسن صحيح
الثالث في الوصال : وهو أن لا يفطر بين اليومين بأكل ولا شرب وهو مكروه في قول أكثر أهل العلم وروي عن ابن الزبير أنه كان يواصل اقتداء برسول الله صلى الله عليه و سلم
ولنا ما روى ابن عمر قال : [ واصل رسول الله صلى الله عليه و سلم في رمضان فواصل الناس فنهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الوصال فقالوا إنك تواصل قال : إني لست مثلكم إني أطعم وأسقى ] متفق عليه وهذا يقتضي اختصاصه بذلك ومنع إلحاق غيره به وقوله : [ إني أطعم وأسقى ] يحتمل أنه يريد أنه يعان على الصيام ويغنيه الله تعالى عن الشراب والطعام بمنزلة من طعم وشرب ويحتمل أنه أراد إني أطعم حقيقة وأسقى حملا للفظ على حقيقته والأول أظهر لوجهين
أحدهما : أنه لو طعم وشرب حقيقة لم يكن مواصلا وقد أقرهم على قولهم إنك تواصل
والثاني : أنه قد روي أنه قال : [ إني أظل يطعمني ربي ويسقيني ] وهذا يقتضي أنه في النهار ولا يجوز الأكل في النهار له ولا لغيره إذا ثبت هذا فإن الوصال غير محرم وظاهر قول الشافعي أنه محرم تقريرا لظاهر النهي في التحريم
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ولنا أنه ترك الأكل والشرب المباح فلم يكن محرما كما لو تركه في حال الفطر فإن قيل فصوم يوم العيد محرم مع كونه تركا للأكل والشرب المباح قلنا ما حرم ترك الأكل والشرب بنفسه وإنما حرم بنية الصوم ولهذا لو تركه من غير نية الصوم لم يكن محرما وأما النهي فإنما أتى به رحمة لهم ورفقا بهم لما فيه من المشقة عليهم كما نهى عبد الله بن عمرو عن صيام النهار وقيام الليل وعن قراءة القرآن في أقل من ثلاث قال عائشة : نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الوصال رحمة لهم وهذا لا يقتضي التحريم ولهذا لم يفهم منه أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم التحريم بدليل أنهم واصلوا بعده ولو فهموا منه التحريم لما استجازوا فعله قال أبو هريرة : [ نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الوصال فلما أبوا أن ينتهوا واصل بهم يوما ويوما ثم رأوا الهلال فقال : لو تأخر لزدتكم ] كالمنكل لهم حين أبوا أن ينتهوا متفق عليه فإن واصل من سحر إلى سحر جاز لما روى أبو سعيد أنه [ سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر ] أخرجه البخاري وتعجيل الفطر أفضل لما قدمناه
فصل : ويستحب تفطير الصائم لما روى زيد بن خال الجهني [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : من فطر صائما كان له أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء ] قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح
فصل : روى ابن عباس قال : [ كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا أفطر قال : اللهم لك صمنا وعلى رزقك أفطرنا فتقبل منا إنك أنت السميع العليم ] وعن ابن عمر قال : [ كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا أفطر يقول : ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله ] وإسناده حسن ذكرهما الدارقطني
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ما يستحب صومه من الأيام
مسألة : قال : ومن صام شهر رمضان وأتبعه بست من شوال وإن فرقها فكأنما صام الدهر
وجملة ذلك أن صوم ستة أيام من شوال مستحب عند كثير من أهل العلم روي ذلك عن كعب الأحبار والشعبي بن مهران وبه قال الشافعي وكرهه مالك وقال ما رأيت أحدا من أهل الفقه يصومها ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف وإن أهل العلم يكرهون ذلك ويخافون بدعته وإن يلحق برمضان ما ليس منه
ولنا ما روى أبو أيوب قال : [ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال فكأنما صام الدهر ] رواه أبو داود و الترمذي وقال حديث حسن وقال أحمد : هو من ثلاثة أوجه عن النبي صلى الله عليه و سلم وروي سعيد بإسناده عن ثوبان قال : [ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من صام رمضان شهر بعشرة أشهر وصام ستة أيام بعد الفطر وذلك تمام سنة ] يعني أن الحسنة بعشر أمثالها فالشهر بعشرة والستة بستين يوما فذلك اثنا عشر شهرا وهو سنة كاملة ولا يجري هذا مجرى التقديم لرمضان لأن يوم الفطر فاصل فإن قيل فلا دليل في هذا الضعف والتشبيه بالتبتل لولا ذلك لكان ذلك فضلا عظيما لاستغراقه الزمان بالعبادة والطاعة والمراد بالخبر التشبيه به في حصول العبادة به على وجه عري عن المشقة كما قال عليه السلام : [ من صام ثلاثة أيام من كل شهر كان كمن صام الدهر ] ذكر ذلك حثا على صيامها وبيان فضلها ولا خلاف في استحبابها ونهى عبد الله ابن عمرو عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث وقال : من قرأ { قل هو الله أحد } فكأنما قرأ ثلث القرآن أراد التشبيه بثلث القرآن في الفضل لا في كراهة الزيادة عليه إذا ثبت هذا فلا فرق بين كونها متتابعة أو مفرقة في أول الشهر أو في آخره لأن الحديث ورد بها مطلقا من غير تقييد فضيلتها لكونها تصير مع الشهر ستة وثلاثين يوما والحسنة بعشر أمثالها فيكون ذلك كثلاثمائة وستين يوما وهو السنة كلها فإذا وجد ذلك في كل سنة صار كصيام الدهر كله وهذا المعنى يحصل مع التفريق والله أعلم
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
مسألة : قال : وصيام عاشوراء كفارة سنة ويوم عرفة كفارة سنتين
وجملته أن صيام هذين اليومين مستحب لما روى أبو قتادة [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : صيام عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده ] وقال في صيام عاشوراء : [ إني احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله ] أخرجه مسلم إذا ثبت هذا فإن عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرم وهذا قول سعيد ابن المسيب والحسن لما روى ابن عباس قال : [ أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بصوم يوم عاشوراء العاشر من المحرم ] رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وروي عن ابن عباس أنه قال : التاسع وروي [ أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يصوم التاسع ] أخرجه مسلم بمعناه وروى عنه عطاء أنه قال صوموا التاسع والعاشر ولا تشبهوا باليهود إذا ثبت هذا فإنه يستحب صوم التاسع والعاشر لذلك نص عليه أحمد وهو قول إسحاق قال أحمد : فإن اشتبه عليه أول الشهر صام ثلاثة أيام وإنما يفعل ذلك ليتيقن صوم التاسع والعاشر
فصل : واختلف في صوم عاشوراء هل كان واجبا فذهب القاضي إلى أنه لم يكن واجبا وقال هذا قياس المذهب واستدل بشيئين
أحدهما : أن النبي صلى الله عليه و سلم أمر من لم يأكل بالصوم والنية في الليل شرط في الواجب
والثاني : أنه لم يأمر من أكل بالقضاء ويشهد لهذا ما روى معاوية قال [ سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : إن هذا يوم عاشوراء لم يكتب الله عليكم صيامه فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر ] وهو حديث صحيح وروي عن أحمد أنه كان مفروضا لما [ روت عائشة أن النبي صلى الله عليه و سلم صامه وأمر بصيامه فلما افترض رمضان كان هو الفريضة وترك عاشوراء فمن شاء صامه ومن شاء تركه ] وهو حديث صحيح وحديث معاوية محمول على أنه أراد ليس هو مكتوبا عليكم الآن وأما تصحيحه بنية من النهار وترك الأمر بقضائه فيحتمل أن نقول من لم يدرك اليوم بكماله لم يلزمه قضاؤه كما قلنا فيمن أسلم وبلغ في أثناء يوم من رمضان على أنه قد روى أبو داود [ أن أسلم أتت النبي صلى الله عليه و سلم فقال : صمتم يومكم هذا ؟ قالوا : لا قال : فأتموا بقية يومكم واقضوه ]
فصل : فأما يوم عرفة فهو اليوم التاسع من ذي الحجة سمي بذلك لأن الوقوف بعرفة فيه وقيل سمي يوم عرفة لأن إبراهيم عليه السلام أري في المنام ليلة التروية أنه يؤمر بذبح ابنه فأصبح يومه يتروى هل هذا من الله أو حلم فسمي يوم التروية فلما كانت الليلة الثانية رآه أيضا فأصبح يوم عرفة فعرف أنه من الله فسمي يوم عرفة وهو يوم شريف عظيم وعيد كريم وفضلة كبير وقد صح عن النبي صلى الله عليه و سلم أن صيامه يكفر سنتين
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
فصل : وأيام عشر ذي الحجة كلها شريفة مفضلة يضاعف العمل فيها ويستحب الاجتهاد في العبادة فيها لما روى ابن عباس قال : [ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلا خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء ] وهو حديث حسن صحيح وعن أبي هريرة [ عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ما من أيام أحب إلى الله عز و جل أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر ] وهذا حديث غريب أخرجه الترمذي وروى أبو داود بإسناده عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه و سلم قالت : [ كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء ]
مسألة : قال : ولا يستحب لمن كان بعرفة أن يصوم ليتقوى على الدعاء
أكثر أهل العلم يستحبون الفطر يوم عرفة بعرفة وكانت عائشة وابن الزبير يصومانه وقال قتادة : لا بأس به إذا لم يضعف عن الدعاء وقال عطاء أصوم في الشتاء ولا أصوم في الصيف لأن كراهة صومه إنما هي معللة بالضعف عن الدعاء فإذا قوي عليه أو كان في الشتاء لم يضعف فتزول الكراهة
ولنا ما روى [ عن أم الفضل بنت الحارث أن ناسا تماروا بين يديها يوم عرفة في رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال بعضهم صائم وقال بعضهم ليس بصائم فأرسلت إليه بقدح من لبن وهو واقف على بعيره بعرفات فشربه النبي صلى الله عليه و سلم ] متفق عليه و [ قال ابن عمر حججت مع النبي صلى الله عليه و سلم فلم يصمه يعني يوم عرفة ومع أبي بكر فلم يصمه ومع عمر فلم يصمه ومع عثمان فلم يصمه وأنا لا أصومه ولا آمر به ولا أنهى عنه ] أخرجه الترمذي وقال حديث حسن وروى أبو داود بإسناده عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن صيام يوم عرفة بعرفة ولأن الصوم يضعفه ويمنعه الدعاء في هذا اليوم المعظم الذي يستجاب فيه الدعاء في ذلك الموقف الشريف الذي يقصد من كل فج عميق رجاء فضل الله فيه وإجابة دعائه به فكان تركه أفضل
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
فصل : روي عن أبي هريرة قال : [ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم ] رواه أبو داود و الترمذي وقال حديث حسن
وأفضل الصيام أن تصوم يوما وتفطر يوما لما [ روى عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه و سلم قال له : صم يوما وأفطر يوما فذلك صيام داود وهو أفضل الصيام فقلت إني أطيق أفضل من ذلك فقال النبي صلى الله عليه و سلم : لا أفضل من ذلك ] متفق عليه
فصل : وروى أبو داود بإسناده [ عن اسامة بن زيد أن نبي الله صلى الله عليه و سلم كان يصوم يوم الاثنين والخميس فسئل عن ذلك فقال : إن أعمال الناس تعرض يوم الاثنين والخميس ]
https://i.imgur.com/YM3gnOw.gif




ابوالوليد المسلم 04-04-2024 11:56 PM

رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
 
https://i.imgur.com/icDwY92.gif

فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]

المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ113 الى صــ117
(26)

https://png.pngtree.com/png-clipart/...ge_4368186.png

أيام البيض
مسألة : قال : وأيام البيض التي حض رسول الله صلى الله عليه و سلم على صيامها هي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر
وجملة ذلك أن صيام ثلاثة أيام من كل شهر مستحب لا نعلم فيه خلافا وقد روى أبو هريرة قال : أوصاني خليلي بثلاث صيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وإن أوتر قبل أن أنام و [ عن عبد الله بن عمرو أن النبي ص
لى الله عليه و سلم قال له صم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها وذلك مثل صيام الدهر ] متفق عليهما ويستحب أن يجعل هذه الثلاثة أيام البيض لما [ روى أبو ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يا أبا ذر إذا صمت من الشهر فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة ] أخرجه الترمذي وقال حديث حسن
وروى النسائي [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لأعرابي : كل قال إني صائم قال : صوم ماذا ؟ قال : صوم ثلاثة أيام من الشهر قال : إن كنت صائما فعليك بالغر البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة ] وعن ملحان القيسي قال : [ كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يأمرنا أن نصوم البيض ثلاث عشرة و
أربع عشرة وخمس وعشرة وقال هو كهيئة الدهر ] أخرجه أبو داود وسميت أيام البيض لابيضاض ليلها كله بالقمر والتقدير أيام الليالي البيض وقيل إن الله تاب على آدم فيه وبيض صحفيته ذكره أبو الحسن التميمي
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
على الصائم حفظ لسانه وتنزيه صومه عن الكذب والغيبة
فصل : ويجب على الصائم أن ينزه صومه عن الكذ
ب والغيبة والشتم قال أحمد : ينبغي للصائم أن يتعاهد صومه من لسانه ولا يماري ويصون صومه كانوا إذا صاموا قعدوا في المساجد وقالوا نحفظ صومنا ولا يغتاب أحدا ولا يعمل عملا يجرح به صومه و [ قال رسول الله صلى عليه وسلم من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ] وقال أبو هريرة [ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : قال الله تعالى كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به الصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه فرح بصومه ] متفق عليهما
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ليلة القدر وفضلها وقتها وما كان يفعله رسول الله في العشر الأخير
فصل : ليلة القدر وهي ليلة شريفة مباركة معظمة مفضلة قال الله تعالى { ليلة القدر خير من ألف شهر } قيل معناه العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها القدر و [ قال النبي صلى الله عليه و سلم : من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ] متفق عليه وقيل إنما سميت ليلة القدر لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة من خير ومصيبة وزرق وبركة يروى ذلك عن ابن عباس قال الله تعالى : { فيها يفرق كل أمر حكيم } وسماها مباركة فقال تعالى
{ إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين } وهي ليلة القدر بدليل قوله سبحانه : إنا أنزلناه في ليلة القدر وقال تعالى : { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن } يروى أن جبريل نزل به من بيت العزة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر ثم نزل به على النبي صلى الله عليه و سلم نجوما في ثلاث وعشرين سنة وهي باقية لم ترفع لما [ روى أبو ذر قال : قلت يا رسول الله ليلة القدر رفعت مع الأنبياء أو هي باقية إلى يوم القيامة ؟ قال : باقية إلى يوم القيامة قلت في رمضان أو في غيره ؟ قال : في رمضان فقلت في العشر الأول أو الثاني أو الآخر ؟ فقال : في العشر الآخر ] واكثر أهل العلم على أنها في رمضان وكان ابن مسعود يقول من يقم الحول يصبها يشير إلى أنها في السنة كلها وفي كتاب الله تعالى ما يبين أنها في رمضان لأن الله أخبر أنه أنزل القرآن في ليلة القدر وأنه أنزله في رمضان فيجب أن تكون ليلة القدر في رمضان لئلا يتناقض الخبران ولأن النبي صلى الله عليه و سلم ذكر أنها في رمضان في حديث أبي ذر وقال [ التمسوها في العشر الأواخر في كل وتر ] متفق عليه وقال أبو كعب : والله لقد علم ابن مسعود أنها في رمضان ولكنه كره أن يخبركم فتتكلوا إذا ثبت هذا فإنه يستحب طلبها في جميع ليالي رمضان وفي العشر الأواخر آكد وفي ليالي الوتر منه آكد وقال أحمد هي في العشر الأواخر في وتر من الليالي لا يخطئ إن شاء الله كذا روي [ عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
اطلبوها في العشر الأواخر في ثلاث بقين أو سبع بقين أو تسع بقين ] وروى سالم عن أبيه قال : [ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أرى رؤياكم قد تواطأت على أنها في العشر الأواخر فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر ] متفق عليه وقالت عائشة : [ كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا دخل العشر الأواخر من رمضان أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر ] متفق عليه وقالت كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها وقال علي رضي الله عنه [ أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يوقظ أهله في العشر الأواخر ] وقالت عائشة : [ كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يجاوز في العشر الأواخر من رمضان ] وفي لفظ للبخاري : [ تحروا ليلة القدر في الوتر في العشر الأواخر من رمضان ] وكل هذه الأحاديث صحيحة
فصل : واختلف أهل العلم في ارجى هذه الليالي فقال أبي بن كعب وعبد الله بن عباس هي ليلة سبع وعشرين قال زر بن حبيش قلت لأبي بن كعب : أما علمت أبا المنذر أنها ليلة سبع وعشرين ؟ قال : بلى أخبرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم أنها ليلة صبيحتها تطلع الشمس ليس لها شعاع فعددنا وحفظنا والله لقد علم ابن مسعو
د أنها في رمضان وأنها ليلة سبع وعشرين ولكنه كره أن يخبركم فتتكلوا قال الترمذي : هذا حديث صحيح وروى أبو ذر في حديث فيه طول [ أن النبي صلى الله عليه و سلم لم يقم في رمضان حتى بقي سبع فقام بهم حتى مضى نحو من ثلث الليل ثم قام بهم في ليلة خمس وعشرين حتى مضى من شطر الليل حتى كانت ليلة سبع وعشرين فجمع نساءه وأهله واجتمع الناس قال فقام بهم حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح يعني السحور ]
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
متفق عليه وحكي عن ابن عباس أنه قال سورة القدر ثلاثون كلمة السابعة والعشرون منها : هي وروى أبو داود بإسناده عن معاوية عن النبي صلى الله عليه و سلم في ليلة القدر قال ليلة سبع وعشرين وقيل آكدها ليلة ثلاث وعشرين لأنه روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أن عبد الله بن أنس سأله فقال [ يا رسول الله إني أكون ببادية يقال لها الوطاة وإني بحمد الله أصلي بهم فمرني بليلة من هذا الشهر أنزلها في المسجد فأصليها فيه فقال : انزل ليلة ثلاثة وعشرين فصليها فيه وإن أحببت أن تستتم آخر هذا الشره فافعل وإن أحببت فكف ] فكان إذا صلى العصر دخل المسجد فلم يخرج إلا في حاجة حتى يصلي الصبح فإذا صلى الصبح كانت دابته ببات المسجد رواه أبو داود مختصرا وقيل آكدها ليلة أربع وعشرين لأنه روي [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : ليلة القدر أول ليلة من السبع الأواخر ] وروي عن بعض الصحابة أنه قال لم نكن نعد عددكم هذا وإنما كما نعد من آخر الشهر يعني أن السابعة والعشرين هي أول ليلة من السبع الأواخر وروى أبو ذر قال : [ صمنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم شهر رمضان فلم يقم بنا حتى كانت ليلة سبع بقيت فقام بنا نحوا من ثلث الليل ثم لم يقم ليلة ست فلما كانت ليلة خمس قام بنا النبي صلى الله عليه و سلم نحوا من نصف الليل فقلنا يا رسول الله لو نفلتنا قيام هذه الليلة فقال : الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة فلما كانت ليلة ثلاث قام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح فقلت وما الفلاح ؟ قال السحور وأيقظ في تلك الليلة أهله ونساءه وبناته ] رواه سعيد وقيل آكدا ليلة إحدى وعشرين لما روى أبو سعيد [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : أريت ليلة القدر ثم انسيتها فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر وإني رأيت أني أسجد في صبيحتها في ماء وطين قال : فجاءت سحابة فمطرت حتى سال سقف المسجد وكان من جريد النخل فأقيمت الصلاة فرأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يسجد في الماء والطين حتى رأيت أثر الماء والطين على جبهته ] وفي حديث في صبيحة إحدى
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
وعشرين متفق عليه قال الترمذي : قد روي أنها ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين ليلة خمس وعشرين وليلة سبعة وعشرين وليلة تسع وعشرين وآخر ليلة وقال أبو قلابة إنها تنتقل في ليالي العشر قال الشافعي : كان هذا عندي والله أعلم أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يجب على نحو ما يسأل فعلى هذا كانت في السنة التي رأى أبو سعيد النبي صلى الله عليه و سلم يسجد في الماء والطين إحدى وعشرين وفي السنة التي أمر عبد الله بن أنيس ليلة ثلاث وعشرين وفي السنة التي رأى أبي ابن كعب علامتها ليلة سبع وعشرين وقد ترى علامتها في غير هذه الليالي قال بعض أهل العلم أبهم الله تعالى هذه الليلة على الأمة ليجتهدوا في طلبها ويجدوا في العبادة في الشهر كله طمعا في إدراكها كما أخفى ساعة الإجابة في ويم الجمعة ليكثروا من الدعاء في اليوم كله واخفى اسمه الأعظم في الأسماء ورضاه في الطاعات ليجتهدوا في جميعها وأخفى الأجل وقيام الساعة ليجد الناس في العمل حذرا منها
فصل : فأما علامتها فالمشهور فيها ما ذكره أبي كعب [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أن الشمس تطلع من صبيحتها بيضاء لا شعاع لها ] وفي بعض الأحاديث بيضاء مثل الطست وروي [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : بلجة سمحة لا حارة ولا باردة تطلع الشمس صبيحتها لا شعاع لها ]
فصل : ويستحب أن يجتهد فيها في الدعاء فيها بما روي [ عن عائشة أنها قالت يا رسول إن وافقتها بم أدعو قال : قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ]

تم كتاب الصيام

https://i.imgur.com/YM3gnOw.gif




ابوالوليد المسلم 05-04-2024 11:44 PM

رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
 

https://i.imgur.com/icDwY92.gif

فقه الاعتكاف
[ المغني - ابن قدامة ]

المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد
من صــ122 الى صــ125
(27)
https://png.pngtree.com/png-clipart/...ge_4368186.png

كتاب الاعتكاف
الاعتكاف في اللغة لزوم الشيء وحبس النفس عليه برا كان أو غيره ومنه قوله تعالى { ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون } وقال : { يعكفون على أصنام لهم } قال الخليل : عكف يعكف ويعكف وهو في الشرع الإقامة في المسجد على صفة نذكرها وهو قربة وطاعة قال الله تعالى { وطهر بيتي للطائفين والقائمين } وقال : { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } وقالت عائشة كان النبي صلى الله عليه و سلم يعتكف العشر الأواخر متفق عليه وروى ابن ماجه في سننه ع
ن ابن عباس [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال في المعتكف : هو يعكف الذنوب ويجري له من الحسنات كعامل الحسنات كلها ] وهذا الحديث ضعيف وفي إسناده فرقد السنجي قال أبو داود قلت لأحمد رحمه الله تعرف في فضل الاعتكاف شيئا ؟ قال : لا إلا شيئا ضعيفا ولا نعلم العلماء خلافا في أنه مسنون
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
حكم الاعتكاف
مسألة : قال أبو القاسم رحمه الله : والاعتكاف سنة إلا أن يكون نذرا فيلزم الوفاء به
لا خلاف في هذه الجملة بحمد الله قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على أن الاعتكاف سنة لا يجب على الناس فرضا إلا أن يوجب المرء على نفسه الاع
تكاف نذرا فيجب عليه ومما يدل على أنه سنة فعل النبي صلى الله عليه و سلم ومداومته عليه تقريبا إلى الله تعالى وطلبا لثوابه واعتكاف أزواجه معه وبعده ويدل على أنه غير واجب أن أصحابه لم يعتكفوا ولا أمرهم النبي صلى الله عليه و سلم به إلا من أراده و [ قال عليه السلام : من أراد أن يعتكف فليعتكف العشر الأواخر ] ولو كان واجبا لما علقه بالإرادة وأما إذا نذره فيلزمه لقول النبي صلى الله عليه و سلم : [ من نذر أن يطيع الله فليطعه ] رواه البخاري و [ عن عمر أنه قال يا رسول الله إني نذرت أن اعتكف ليلة في المسجد الحرام فقال النبي صلى الله عليه و سلم أوف بنذرك ] رواه البخاري و مسلم
فصل : وإن نوى اعتكاف مدة لم تلزمه فإن شرع فيها فله اتمامها وله الخروج منها متى شاء وبهذا قال الشافعي وقال مالك تلزمه بالنية مع الدخول فيه فإن قطعه لزمه قضاؤه وقال ابن عبد البر لا يختلف في ذلك الفقهاء ويلزمه القضاء عند جميع العلماء قال وإن لم يدخل فيه فالقضاء مستحب ومن العلماء من أوجبه وأن لم يدخل فيه واحتج بما روي [ عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان فاستأذنته عائشة فأذن لها فأمرت ببنائها فضرب وسألت حفصة أن يستأذن لها رسول الله صلى الله عليه و سلم ففعلت فأمرت ببنائها فضرب فلما رأت ذلك زينب بنت جحش أمرت ببنائها فضرب قالت وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا صلى الصبح دخل معتكفه فلما صلى الصبح انصرف فبصر بالأبنية فقال :

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ما هذا ؟ فقالوا بناء عائشة وحفصة وزينب فقال رسول صلى الله عليه و سلم : البرأردتن ؟ ما أنا بمعتكف فرجع فلما أفطر اعتكف عشرا من شوال ] متفق عليه معناه ولأنه عبادة تتعلق بالمسجد فلزمت بالدخول فيها كالحج ولم يصنع ابن عبد البر شيئا وهذا ليس بإجماع ولا نعرف هذا القول عن أحد سواه وقد قال الشافعي : كل عمل لك أن لا تدخل فيه فإذا دخلت فيه فخرجت منه فليس عليك أن تقضي إلا الحج والعمرة ولم يقع بالإجماع لزوم نافلة بالشروع فيها سوى الحج والعمرة ولم يقع الإجماع على لزوم نافلة بالشروع فيها سوى الحج والعمرة وإذا كانت العبادات التي لها أصل في الوجوب أولى وقد انعقد الإجماع على أن الانسان لو نوى الصدقة بمال مقدر وشرع في الصدقة به فأخرج بعضه لم تلزمه الصدقة بباقية وهو نظير الاعتكاف لأنه غير مقدر بالشرع فأشبه الصدقة وما ذكره حجة عليه فإن النبي صلى الله عليه و سلم ترك الاعتكاف ولو كان واجبا لما تركه وأزواجه تركن الاعتكاف بعد نيته وضرب أبنيتهن له ولم يوجد عذر يمنع فعل الواجب ولا أمرن بالقضاء وقضاء النبي صلى الله عليه و سلم هل لم يكن واجبا عليه وإنما فعله تطوعا لأنه كان إذا عمل عملا أثبته وكان فعله لقضائه كفعله لأدائه على سبيل التطوع به لا على سبيل الإيجاب كما قضى السنة التي فاتته بعد الظهر وقبل الفجر فتركه له دليل على عدم الوجوب لتحريم ترك الواجب وفعله للقضاء لا يدل على الوجوب لأن قضاء السنن مشروع فإن قيل إنما جاز تركه ولم يؤمر تاركه من النساء بقضائه لتركهن إياه قبل الشروع قلنا فقد سقط الاحتجاج لاتفاقنا على أنه لا يلزم قبل شروعه فيه فلم يكن القضاء دليلا على الوجوب مع الاتفاق على انتفائه ولا يصح قياسه على الحج والعمرة لأن الوصول إليهما لا يحصل في الغالب إلا بعد كلفة عظمى ومشقة شديدة وإنفاق مال كثير ففي إبطالهما تضييع لما له وإبطال لأعماله الكثيرة وقد نهينا عن إضاعة المال وإبطال الأعمال وليس في ترك الاعتكاف بعد الشروع فيه مال يضيع ولا عمل يبطل فإن ما مضى من اعتكافه لا يبطل بترك اعتكاف المستقبل ولأن النسك يتعلق بالمسجد الحرام على الخصوص والاعتكاف بخلافه
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
الصوم في الاعتكاف
مسألة : قال : ويجوز بلا صوم إلا أن يقول في نذره بصوم
المشهور في المذهب أن الاعتكاف يصح بغير صوم روي ذلك عن علي وابن مسعود و سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز و الحسن و عطاء و طاوس و الشافعي و إسحاق وعن أحمد رواية أخرى أن الصوم شرط في الاعتكاف قال إذا اعتكف يجب عليه الصوم وروي عن عائشة [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : لا اعتكاف إلا بصوم ] رواه الدارقطني وعن ابن عمر [ أن عمر جعل عليه أن يعتكف في الجاهلية فسأل النبي صلى الله عليه و سلم فقال : اعتكف وصم ] روا
ه أبو داود ولأنه لبث في مكان مخصوص فلم يكن بمجرده قربة كالوقوف ولنا ما روى ابن عمر [ عن عمر أنه قال يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن اعتكف ليلة في المسجد الحرام فقال النبي صلى الله عليه و سلم : أوف بنذرك ] رواه البخاري ولو كان الصوم شرطا لما صح اعتكاف الليل لأنه لا صيام فيه ولأنه عبادة تصح في الليل فلم يشترط له الصيام كالصلاة ولأنه عبادة تصح في الليل فأشبه سائر العبادات ولأن إيجاب الصوم حكم لا يثبت إلا بالشرع ولم يصح فيه نص ولا إجماع قال سعيد : حدثنا عبد العزيز بن محمد بن أبي سهل قال كان على امرأة من أهلي اعتكاف فسألت عمر بن عبد العزيز فقال ليس عليها صيام إلا أن تجعله على نفسها فقال الزهري : لا اعتكاف إلا بصوم فقال له عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم ؟ قال : لا قال فعن أبي بكر ؟ قال : لا قال فعن عمر ؟ قال : لا قال وأظنه قال فعن عثمان ؟ قال : لا خرجت من عنده فلقيت عطاء وطاوسا فسألتهما فقال طاوس : كان فلان لا يرى عليها صياما إلا أن تجعله على نفسها وأحاديثهم لا تصح أما حديثهم عن عمر فتفرد به ابن بديل وهو

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ضعيف قال أبو بكر النيسابوري هذا حديث منكر والصحيح ما رويناه أخرجه البخاري والنسائي وغيرهما وحديث عائشة موقوف عليها ومن رفعه فقد وهم ولو صح فالمراد به الاستحباب فإن الصوم فيه أفضل وقياسهم ينقلب عليهم فإنه لبث في مكان مخصوص فلم يشترط له الصوم كالوقوف ثم نقول بموجبه فإنه لا يكون قربة بمجرده بل بالنية إذا ثبت هذا فإنه يستحب أن يصوم لأن النبي صلى الله عليه و سلم كان يعتكف وهو صائم ولأن المعتكف يستحب له التشاغل بالعبادات والقرب والصوم من أفضلها ويتفرغ به مما يشغله عن العبادات ويخرج به من الخلاف
فصل : إذا قلنا إن الصوم شرط لم يصح اعتكاف ليلة مفردة ولا بعض يوم ولا ليلة وبعض يوم لأن الصوم المشترط لا يصح في أقل من يوم يحتمل أن يصح في بعض اليوم إذا صام اليوم كله لأن الصوم المشروط وجد في زمن الاعتكاف ولا يعتبر وجود المشروط في زمن الشرط كله

https://i.imgur.com/YM3gnOw.gif




ابوالوليد المسلم 07-04-2024 12:14 AM

رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
 
https://i.imgur.com/icDwY92.gif

فقه الاعتكاف
[ المغني - ابن قدامة ]

المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ125 الى صــ131
(28)

https://png.pngtree.com/png-clipart/...ge_4368186.png

مكان الاعتكاف
مسألة : قال : ولا يجوز الاعتكاف إلا في مسجد يجمع فيه
يعني تقام الجماعة فيه وإنما اشترط ذلك لأن الجماعة واجبة واعتكاف الرجل في مسجد لا تقام فيه الجماعة يفضي إلى أحد أمرين إما ترك الجماعة الواجبة وإما خروجه إليها فيتكرر ذلك منه كثيرا مع إمكان التحرز منه وذلك مناف للاعتكاف إذ هو لزوم المعتكف والإقامة على طاعة الله فيه ولا يصح ال
اعتكاف في غير مسجد إذا كان المعتكف رجلا لا نعلم في هذا بين أهل العلم خلافا والأصل في ذلك قول الله تعالى : { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } فخصها بذلك فلو صح الاعتكاف في غيرها لم يختص تحريم المباشرة فيها فإن المباشرة محرمة في الاعتكاف مطلقا وفي حديث عائشة قالت : [ إن كان رسول الله صلى الله عليه و سلم ليدخل علي رأسه وهو في المسجد فأرجله وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفا ] وروى الدارقطني بإسناده عن الزهري عن عروة وسعيد بن المسيب عن عائشة في حديث وإن السنة للمعتكف أن لا يخرج إلا لحاجة الانسان ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة فذهب أبو عبد الله إلى أن كل مسجد تقام فيه الجماعة يجوز الاعتكاف فيه ولا يجوزه في غيره وروي عن حذيفة وعائشة والزهري ما يدل على هذا واعتكف أبو قلابة وسعيد بن جبير في مسجد حيهما وروي عائشة والزهري أنه لا يصح إلا في مساجد الجماعات وهو قول الشافعي إذا كان اعتكافه يتخلله جمعة لئلا يلتزم الخروج من معتكه لما يمكنه التحرز من الخروج إليه وروي عن حذيفة وسعيد بن المسيب لا يجوز الاعتكاف إلا في مسجد نبي وحكي عن حذيفة أن الاعتكاف لا يصح إلا في أحد المساجد الثلاثة قال سعيد : حدثنا مغيرة عن إبراهيم قال : دخل حذيفة مسجد الكوفة فإذا هو بأبنية مضروبة

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
فسأل عنه فقيل قوم معتكفون فانطلق إلى ابن مسعود فقال : ألا تعجب من قوم يزعمون أنهم معتكفون بين دارك ودار الأشعري ؟ فقال عبد الله : فلعلهم أصابوا وأخطأت وحفظوا ونسيت فقال حذيفة : لقد علمت ما الاعتكاف إلا في ثلاثة مساجد : المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال مالك : يصح الاعتكاف في كل مسجد لعموم قوله تعالى : وأنتم عاكفون في المسجد وهو قول الشافعي : إذا لم يكن اعتكافه يتخلله جخعة
ولنا قول عائشة : من السنة للمعتكف أن لا يخرج إلا لحاجة الإنسان ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة وقد قيل ن هذا من قول الزهري ينصرف إلى سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم كيفما كان وروى سعيد حدثنا هشيم أنبأنا جرير عن الضحاك عن حذيفة قال : [ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : كل مسجد له إمام ومؤذن فالاعتكاف فيه يصلح ] ولأن قوله تعالى : { وأنتم عاكفون في
المساجد } يقتضي إباحة الاعتكاف في كل مسجد إلا أنه يقيد بما تقام فيه الجماعة بالأخبار والمعنى الذي ذكرناه ففيما عداه يبقى على العموم وقول الشافعي في اشتراطه موضعا تقام فيه الجمعة لا يصح للأخبار ولأن الجمعة لا تكرر فلا يضر وجوب الخروج إليها كما لو اعتكفت المرأة مدة يتخللها أيام حيضها ولو كان الجامع تقام فيه الجمعة وحدها ولا يصلى فيه غيرها لم يجز الاعتكاف فيه ويصح عند مالك والشافعي ومبنى الخلاف على أن الجماعة واجبة عندنا فيلتزم الخروج من معتكفه إلهيا فيفسد اعتكافه وعندهم ليست واجبة
فصل : وإن كان اعتكافه مدة غير وقت الصلاة كليلة أو بعض يوم جا
ز في كل مسجد لعدم المانع وإن كانت تقام فيه بعض الزمان جاز الاعتكاف فيه في ذلك الزمان دون غيره وإن كان المعتكف ممن لا تلزمه الجماعة كالمريض والمعذور ومن هو في قرية لا يصلي فيها سواه جاز اعتكافه في كل مسجد لأنه لا تلزمه الجماعة فأشبه المرأة وإن اعتكف اثنان في مسجد لا تقام فيه جماعة فأقاما الجماعة فيه صح اعتكافهما لأنهما أقاما الجماعة فأشبه ما لو أقامها فيه غيرهما
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
اعتكاف المرأة والمريض
فصل : وللمرأة أن تعتكف في كل مسجد ولا يشترط إقامة الجماعة فيه لأنها غير واجبة عليها وبهذا قال الشافعي : وليس لها الاعتكاف في بيتها وقال أبو حنيفة و الثوري : لها الاعتكاف في مسجد بيتها وهو المكان الذي جعلته للصلاة منه واعتكافها فيه أفضل لأن صلاتها فيه أفضل وحكي عن أبي حنيفة أنها لا يصح اعتكافها في مسجد الجماعة [ لأن النبي صلى الله عليه و سلم ترك الاعتكاف في المسجد لما رأى أبنية زواجه فيه وقال : البر تردن ؟ ] ولأن مسجد بيتها موضع فضيلة صلاتها فكن موضع اعتكافها كالمسجد في حق الرجل
ولنا قوله تعالى : { وأنتم عاكفون في المساجد } والمراد به الم
واضع التي بنيت للصلاة فيها وموضع صلاتها في بيتها ليس بمسجد لأنه لم يبن للصلاة فيه وإن سمي مسجدا كان مجازا فلا يثبت له أحكام المساجد الحقيقية كقول النبي صلى الله عليه و سلم : [ جعلت لي الأرض مسجدا ] ولأن أزواج النبي صلى الله عليه و سلم استأذنه في الاعتكاف في المسجد فإذن لهن ولو لم يكن موضعا لاعتكافهن لما أذن فيه ولو كان الاعتكاف فلي غيره أفضل لدهن عليه ونبههن عليه ولأن الاعتكاف قربة يشترط لها المسجد في حق الرجل فيشترط في حق المرأة كالطواف وحديث عائشة حجة لنا لما ذكرنا وإنما كره اعتكافهن في تلك الحال حيث كثرت ابنيتهن لما رأى من منافستهن فكرهه منهن خشية عليهن من فساد نيتهن وسوء المقصد به ولذلك قال : [ البر تردن ] منكرا لذلك أي لم تفعلن ذلك تبررا ولذلك ترك الاعتكاف لظنه أنه تتنافس في الكون معه ولو كان للمعنى الذي ذكروه لأمرهن بالاعتكاف في بيوتهن ولم يأذن لهن في المسجد وأما الصلاة فلا يصح اعتبار الاعتكاف بها فإن صلاة الرجل في بيته أفضل ولا يصح اعتكافه فيه
فصل : ومن سقطت عنه الجماعة من الرجال كالمريض إذا أحب أن يعتكف في مسجد لا تقام فيه الجماعة ينبغي أن يجوز له ذلك لأن الجماعة ساقطة عن
ه فأشبه المرأة ويحتمل أن لا يجوز له ذلك لأنه من أهل الجماعة فأشبه من تجب عليه ولأنه إذا التزم الاعتكاف وكلفه نفسه فينبغي أن يجعله في مكان تصلى فيه الجماعة ولأن من التزم ما لا يلزمه لا يصح بدون شروطه كالمتطوع بالصوم والصلاة
فصل : وإذا اعتكفت المرأة في المسجد لها أن تستتر بشيء لأن أزواج النبي صلى الله عليه و سلم لما أردن الاعتكاف أمرن بأبنيتهن فضربن في المسجد ولأن المسجد يحضره الرجال وخير لهم وللنساء أن لا يرونهن ولا يرينهم وإذا ضربت بناء جعلته في مكان لا يصلي فيه الرجال لئلا تقطع صفوفهم ويضيق عليهم ولا بأس أن يستتر الرجل أيضا فإن النبي صلى الله عليه و سلم أمر ببنائه فضرب ولأنه أستر له وأخفى لعمله وروى ابن ماجة عن أبي سعيد [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم اعتكف في قبة تركية على سدتها قطعة حصير قال فأخذ الحصير بيده فنحاها في ناحية القبة ثم أطلع رأسه فكلم الناس ] والله أ
علم
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
خروج المعتكف وما يحرم وفساد الاعتكاف وما يمتنع على المعتكف
مسألة : قال : ولا يخرج منه إلا لحاجة الإنسان أو صلاة الجمعة
وجملة ذلك أن المعتكف ليس له الخروج من معتكفه إلا لما لا بد له منه قالت عائشة رضي الله عنها : السنة للمعتكف أن لا يخرج إلا لما لا بد له منه رواه أبو داود وقالت أيضا : [ كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا اعتكف يدني إلي رأسه فأرجله وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان ] متفق عليه ولا خلاف في أن له ا
لخروج لما لا بد له منه قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على أن للمعتكف أن يخرج من معتكفه للغائط والبول ولأن هذا مما لا بد منه ولا يمكن فعله في المسجد فلو بطل الاعتكاف بخروجه إليه لم يصح لأحد الاعتكاف ولأن النبي صلى الله عليه و سلم كان يعتكف وقد علمنا أنه كان يخرج لقضاء حاجته والمراد بحاجة الإنسان البول والغائط وكنى بذلك عنهما لأن كل إنسان يحتاج إلى فعلهما وفي معناه الحاجة إلى المأكول والمشروب إذا لم يكن له من يأتيه به فله الخروج إليه إذا احتاج إليه وإن بغته القيء أن يخرج ليتقيأ خارج المسجد وكل ما لا بد له منه ولا يمكن فعله في المسجد فله الخروج إليه ولا يفسد اعتكافه وهو عليه ما لم يبطل وكذلك له الخروج إلى ما أوجبه الله تعالى عليه مثل من يعتكف في مسجد لا جمعة فيه فيحتاج إلى خروجه ليصلي الجمعة ويلزمه السعي إليها فله الخروج إليها ولا يبطل اعتكافه وبهذا قال أبو حنيفة وقال الشافعي : لا يعتكف في غير الجامع إذا كان اعتكافه يتخلله جمعة فإن نذر اعتكافا متتابعا فخرج منه لصلاة الجمعة بطل اعتكافه وعليه الاستئناف لأنه أمكنه فرضه بحيث لا يخرج منه فبطل بالخروج كالمكفر إذا ابتدأ صوم الشهرين المتتابعين في شعبان أو ذي الحجة
ولنا أنه خرج لواجب فلم يبطل كالمعتدة تخرج لقضاء العدة وكالخارج لانقاذ غريق أو إطفاء حريق أو أداء شهادة تعينت عليه ولأنه إذا نذر أياما فيها جمعة فكأنه استثنى الجمعة بلفظه ثم تبطل بما إذا نذرت المرأة أياما فيها عادة حيضها فإنه يصح مع إمكان فرضها في غيرها والأصل غير مسلم إذا ثبت هذا فإنه إذا خرج لواجب فهو على اعتكافه ما لم يطل لأنه خروج لما لا بد له منه أشبه الخروج
لحاجة الإنسان فإن كان خروجه لصلاة الجمعة فله أن يتعجل قال أحمد : أرجو أن له ذلك لأنه خروج جائز فجاز تعجيله كالخروج لحاجة الإنسان وإذا صلى الجمعة فإن أحب أن يعتكف في الجامع فله ذلك لأنه محل للاعتكاف والمكان لا يتعين للاعتكاف بنذره وتعيينه فمع عدم ذلك أولى وكذلك إن دخل في طريقه مسجدا فأتم اعتكافه فيه جاز لذلك وإن أحب الرجوع إلى معتكفه فله ذلك لأنه خرج من معتكفه فكان له الرجوع إليه كما لو خرج إلى غير الجمعة قال بعض أصحابنا : يستحب له الإسراع إلى معتكفه وقال أبو داود : قلت لأحمد يركع أعني المعتكف يوم الجمعة بعد الصلاة في المسجد ؟ قال : نعم بقدر ما كان يركع ويحتمل أن يكون الخيرة إليه في تعجيل الرجوع وتأخيره لأنه في مكان يصلح للاعتكاف فأشبه ما لو نوى الاعتكاف فيه فأما إن خرج ابتداء إلى مسجد آخر أول إلى الجامع من غير حاجة أو كان المسجد أبعد من موضع حاجته فمضى إليه لم يجز له ذلك لأنه خروج لغير حاجة أشبه ما لو خرج إلى غير المسجد فإن كان المسجدان متلاصقين يخرج من أحدهما فيصير في الآخر فله الانتقال من أحدهما إلى الآخر لأنهما واحد ينتقل من إحدى زاويته إلى الأخرى وإن كان يمشي بينهما في غيرهما لم يجز له الخروج وإن قرب لأنه خروج من المسجد لغير حاجة واجبة
فصل : وإذا خرج لما لا بد منه فليس عليه أن يستعجل في مشيه بل يمشي على عادته لأن عليه مشقة في إلزامه غير ذلك وليس له الإقامة بعد قضاء حاجته لأكل ولا لغيره وقال أبو عبد الله بن حامد : يجوز أن يأكل اليسير في بيته كاللقمة واللقمتين فأما جميع أكله فلا وقال القاضي : يتوجه أن له الأكل في بيته والخروج إليه ابتداء لأن الأكل في المسجد دناءة وترك للمروءة وقد يخفي جنس قوته عن الناس وقد يكون في المسجد غيره فيستحي أن الأكل دونه وإن أطعمه معه لم يكفهما

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ولنا أن النبي صلى الله عليه و سلم كان لا يدخل البيت إلى لحاجة الإنسان وهذا كناية عن الحدث ولأنه خروج لما له منه بد أو لبث في غير معتكفه لما له منه بد فأبطل الاعتكاف كمحادثة أهله وما ذكره القاضي ليس بعذر يبيح الإقامة ولا الخروج ولو ساغ ذلك ساغ الخروج للنوم وأشباهه
فصل : وإن خرج لحاجة الإنسان وبقرب المسجد سقاية أقرب من
منزله لا يحتشم من دخولها ويمكنه التنظيف فيها لم يكن له المضي إلى منزله لأن له من ذلك بد وإن كان يحتشم من دخولها أو فيه نقيصة عليه أو مخالفة لعادته أو لا يمكنه التنظيف فيها فله من الآخر يمكنه الوضوء في الأقرب بلا ضرر فليس له المضي إلى الأبعد وإن بذل له صديقه أو غيره الوضوء في منزله القريب لم يلزمه لما عليه من المشقة بترك المروءة والاحتشام من صاحبه قال المروذي : سألت أبا عبد اله عن الاعتكاف في المسجد الكبير أعجبت إليك أو مسجد الحي قال : المسجد الكبير وأرخص لي أن أعتكف في غيره قلت : فأين ترى أن أعتكف في هذا الجانب أو في ذاك الجانب ؟ قال : في ذاك الجانب هو أصلح من أجل السقاية قلت : فمن اعتكف في هذا الجانب ترى أن يخرج إلى الشط يتهيأ ؟ قال : إذا كان له حاجة لا بد له من ذلك قلت : يتوضأ الرجل في المسجد ؟ قال : لا يعجبني أن يتوضأ في المسجد
فصل : إذا خرج لما له منه بد بطل اعتكافه وإن قل وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن : لا يفسد حتى يكون أكثر من نصف يوم لأن اليسير معفو عنه بدليل أن صفية أتت النبي صلى الله عليه و سلم تزوره في معتكفه فلما قامت لتنقلب خرج معها ليقلها ولأن اليسير معفو عنه بدليل ما لو تأنى في مشيه
ولنا أنه خروج من معتكفه لغير حاجة فأبطله كما لو أقام أكثر من ن
صف يوم أما خروج النبي صلى الله عليه و سلم فيحتمل أنه لم يكن له بد لأنه كان ليلا فلم يأمن عليها ويحتمل أنه فعل ذلك لكون اعتكافه تطوعا له ترك جميعه فكان له ترك بعضه ولذلك تركه لما أراد نساؤه الاعتكاف معه وأما المشي فتختلف فيه طباع الناس وعليه في تغيير مشيه مشقة ولا كذلك هاهنا فإنه لا حاجة به إلى الخروج
مسألة : قال : ولا يعود مريضا ولا يشهد جنازة إلا أن يشترط ذلك
الكلام في هذه المسألة في فصلين :

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
أحدهما : في الخروج لعيادة المريض وشهود الجنازة مع عدم الاشتراط واختلفت الرواية عن أحمد في ذلك فروي عنه ليس له فعله وهو قول عطاء و عروة و مجاهد و الزهري و مالك و الشافعي وأصحاب الرأي وروى عنه الاثرم و محمد بن الحكم أن له أن يعود المريض ويشهد الجنازة ويعود إلى معتكفه وهو قول علي رضي الله عنه به قال سعيد بن جبير و النخعي و الحسن لما روى عاصم بن ضمرة عن علي قال : إذا اعتكف الرجل فليشهد الجمعة وليعد المريض وليحضر الجنازة وليأت أهله وليأمرهم بالحاجة وهو قائم رواه الإمام أحمد و الاثرم وقال أحمد : عاصم بن ضمرة عندي حجة قال أحمد : يشهد الجنازة ويعود المريض ولا يجلس ويقضي الحاجة ويعود إلى معتكفه وجه الأول ما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت : [ كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا اعتكف لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان ] متفق عليه وعنها رضي الله عنها أنها قالت : السنة على المعتكف أن لا يعود مريضا ولا يشهد جنازة ولا يمس امرأة ولا يباشرها ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه وعنها قالت : [ كان النبي صلى الله عليه و سلم يمر بالمريض وهو معتكف فيمر كما هو فلا يعرج يسأل عنه ] رواهما أبو داود ولأن هذا ليس بواجب فلا يجوز ترك الاعتكاف الواجب من أجله كالمشي مع أخيه في حاجة ليقضيها له وإن تعينت عليه صلاة الجنازة وأمكنه فعلها في المسجد لم يجز الخروج إليها فإن لم يمكنه ذلك فله الخروج إليها وإن تعين عليه دفن الميت أو تغسيله جاز أن يخرج له لأن هذا واجب متعين فيقدم على الاعتكاف كصلاة الجمعة فأما إن كان الاعتكاف تطوعا وأحب الخروج منه لعيادة مريض أو شهود جنازة جاز لأن كل واحد منهما تطوع فلا يتحتم واحد منهما لكن الأفضل المقام على اعتكافه لأن النبي صلى الله عليه و سلم لم يكن يعرج على المريض ولم يكن واجبا عليه فأما إن خرج لما لا بد منه فسأل عن المريض في طريقه ولم يعرج جاز لأن النبي صلى الله عليه و سلم فعل ذلك
الفصل الثاني : إذا اشتراط فعل ذلك في اعتكافه فله فعله واجبا كان الاعتكاف أو غير واجب وكذلك ما كان قربة كزيارة أهله أو رجل صالح أو عالم أو شهود جنازة وكذلك ما كان مباحا مما يحتاج إليه كالعشاء في منزله والمبيت فيه فله فعله قال الاثرم : سمعت أبا عبد الله يسأل عن المعتكف يشترط أن يأكل في أهله فقال : إذا اشترط فنعم قيل له : وتجيز الشرط في الاعتكاف ؟ قال : نعم قلت له : فيبيت في أهله ؟ قال : إذا كان تطوعا جاز وممن أجاز أن يشترط العشاء في أهله الحسن و العلاء بن زياد و النخعي و قتادة ومنع منه أبو مجلز و مالك و الأوزاعي قال ما
لك : لا يكون في الاعتكاف شرط
ولنا أنه يجب بعقده فكان الشرط إليه فيه كالوقف ولأن الاعتكاف لا يختص بقدر فإذا شرط الخروج فكأنه نذر القدر الذي أقامه وإن قال : متى مرضت أو عرض لي عارض خرجت جاز شرطه

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
فصل : وإن شرط الوطء في اعتكافه أو الفرجة أو النزهة أو البيع للتجارة أو التكسب بالصناعة في المسجد لم يجز لأن الله تعالى قال : { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } فاشتراط ذلك اشتراط لمعصية الله تعالى والصناعة في المسجد منهي عنها في غير الاعتكاف ففي الاعتكاف أولى وسائر ما ذكرناه يشبه ذلك ولا حاجة إليه فإن احتاج إليه فلا يعتكف لأن ترك الاعتكاف أولى من فعل المنهي عنه قال أبو طالب : سألت أحمد عن المعتكف يعمل عمله من الخياط وغيره قال : ما يعجبني أن يعمل قلت : إن كن يحتاج قال : إن كان يحتاج لا يعتكف
فصل : إذا خرج لما له منه بد عامدا بطل اعتكافه إلا أ
ن يكون اشترط وإن خرج ناسيا فقال القاضي : لا يفسد اعتكافه لأنه فعل المنهي عنه ناسيا فلم تفسد العبادة كالأكل في الصوم وقال ابن عقيل : يفسد لأنه ترك للاعتكاف وهو لزوم للمسجد وترك الشيء عمده وسهوه سواء كترك النية في الصوم فإن أخرج بعض جسده لم يفسد إعتكافه عمدا كان أو سهوا ل [ أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يخرج رأسه من المسجد وهو معتكف إلى عائشة فتغسله وهي حائض ] متفق عليه
فصل : ويجوز للمعتكف صعود سطح المسجد لأنه من جملته ولهذا يمنع الجنب من البث فيه وهذا قول أبي حنيفة ومالك والشافعي ولا نعلم فيه مخالفا ويجوز أن يبيت فيه وظاهر كلام الخرقي أن رحبة المسجد ليست منه وليس للمعتكف الخروج
إليها لقوله في الحائض : يضرب لها خباء في الرحبة والحائض ممنوعة من المسجد وقد روي عن أحمد ما يدل على هذا وروى عنه المروذي أن المعتكف يخرج إلى رحبة المسجد هي من المسجد قال القاضي : إن كان عليها حائط وباب فهي كالمسجد لأنها معه وتابعة له وإن لم تكن محوطة لم يثبت لها حكم المسجد فكأنه جميع بين الروايتين وحملهما على اختلاف الحالين فإن خرج إلى منارة خارج المسجد للأذان بطل اعتكافه قال أبو الخطاب : ويحتمل أن لا يبطل لأن منارة المسجد كالمتصلة به
مسألة : قال : ومن وطئ فقد أفسد اعتكافه ولا قضاء عليه إلا أن يكون واجبا
وجملة ذلك أن الوطء في الاعتكاف محرم بالإجماع والأص
ل فيه قول الله تعالى { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها } فإن وطئ في الفرج متعمدا أفسد اعتكافه بإجماع أهل العلم حكاه ابن المنذر عنهم ولأن الوطء إذا حرم في العبادة أفسدها كالحج والصوم وإن كان ناسيا فكذلك عند إمامنا و أبي حنيفة و مالك وقال الشافعي : لا يفسد اعتكافه لأنها مباشرة لا تفسد الصوم فلم تفسد الاعتكاف كالمباشرة فيما دون الفرج

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ولنا ما حرم في الاعتكاف استوى عمده وسهوه في إفساده كالخروج من المسجد ولا يسلم أنها لا تفسد الصوم ولأن المباشرة دون الفرج لا تفسد الاعتكاف إلا إذا اقترن بها الإنزال إذا ثبت هذا فلا كفارة بالوطء في ظاهر المذهب وهو ظاهر كلام الخرقي وقول عطاء و النخعي وأهل المدينة ومالك وأهل العراق والثوري وأهل الشام والأوزاعي ونقل حنبل عن أحمد أن عليه كفارة وهو قول الحسن والزهري واختيار القاضي لأنه عبادة يفسدها الوطء لعينه فوجبت الكفارة بالوطء فيها كالحج وصوم رمضان
ولنا أنها عبادة لا تجب بأصل الشرع فلم تجب بإفسادها كفارة كالنوافل ولأنها عبادة لا تدخل المال في جيرانها فلم تجب الكفارة بإفسادها كالصلاة ولأن وجوب الكفارة إنما يثبت بالشرع ولم يرد الشرع بإيجابها فتبقى على الأصل وما ذكروه ينتقض بالصلاة وصوم غير رمضان والقياس على الحج لا يصح لأ
نه مباين لسائر العبادات ولهذا يمضي في فاسدة ويلزم بالشروع فيه ويجب بالوطء فيه بدونه بخلاف غيره ولأنه لو وجبت الكفارة ههنا بالقياس عليه للزم أن يكون بدنة لأن الحكم في الفرع يثبت على صفة الحكم في الأصل بعينه وأما القياس على الصوم فهو دال على نفي الكفارة لأن الصوم واردا في الفرع فيثبت فيه الحكم الثابت في الأصل بعينه وأما القياس على الصوم فهو دال على نفي الكفارة لأن الصوم كله لا يجب بالوطء فيه كفارة سوى رمضان والاعتكاف أشبه بغير رمضان لأنه نافلة لا يجب إلا بالنذر ثم لا يصح قياسه على رمضان أيضا لأن الوطء فيه إنما أوجب الكفارة لحرمة الزمان ولذلك يجب على كل من لزمه الإمساك وإن لم يفسد به صوما
واختلف موجبوا الكفارة فيها فقال القاضي : يجب كفارة الظهار وهو قول السحن والزهري وظاهر كلام أحمد في رواية حنبل فإنه روى عن الزهري أنه قال : من أصاب في اعتكافه فهو كهيئة المظاهر ثم قال عبد الله : إذا كان نهارا وجبت عليه الكفارة ويحتمل أن أبا عبد الله إنما أوجب عليه الكفارة إذا فعل ذلك في رمضان لأنه اعتبر ذلك في النهار لأجل الصوم ولو كان لمجرد الاعتكاف لما اختص الوجوب

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
بالنهار كما لم يختص الفساد به وحكي عن أبي بكر عليه كفارة يمين ولم أر هذا عن أبي بكر في كتاب الشافعي ولعل أبا بكر إنما أوجب عليه كفارة في موضع تضمن الإفساد الاخلال بالنذر فوجبت لمخالفة نذره وهي كفارة يمين فأما في غير ذلك فلا لأن الكفارة إنما تجب بنص أو إجماع أو قياس وليس هاهنا نص ولا إجماع ولا قياس فإن نظير الاعتكاف الصوم ولا يجب بإفساده كفارة إذا كان تطوعا ولا منذورا ما لم يتضمن الإخلال بنذره فيجب به كفارة يمين كذلك هذا
فصل : فأما المباشرة دون الفرج فإن كانت لغيره شهوة فلا بأس بها مث
ل أن تغسل رأسه أو تفيه أو تناوله شيئا [ لأن النبي صلى الله عليه و سلم كان يدني رأسه إلى عائشة وهو معتكف فترجله ] وإن كانت على شهوة فهي محرمة لقول الله تعالى { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } ولقول عائشة : السنة للمعتكف أن لا يعود مريضا ولا يشهد جنازة ولا يمس امرأة ولا يباشرها رواه أبو داود ولأنه لا يأمن افضاءها إلى إفساد الاعتكاف وما أفضى إلى الحرام كان محراما فإن فعل فأنزل فسد اعتكافه وإن لم ينزل لم يفسد وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه وقال في الآخر : يفسد في الحالين وهو قول مالك لأنها مباشرة محرمة فأفسدت الاعتكاف كما لو أنزل
ولنا أنها مباشرة لا تفسد صوما ولا حجا فلم تفس
د الاعتكاف كالمباشرة لغير شهوة وفارق التي أنزل بها لأنها تفسد الصوم ولا كفارة عليه إلا على رواية حنبل
فصل : وإن ارتد فسد اعتكافه لقوله تعالى : { لئن أشركت ليحبطن عملك } ولأنه خرج بالردة عن كونه م أهل الاعتكاف وإن شرب ما أسكره فسد اعتكافه لخروجه عن كونه من الله المسجد
فصل : وكل موضع فسد اعتكافه فإن كان تطوعا فلا قضاء عليه لأن التطوع لا يلزم بالشروع فيه في غير الحج والعمرة وإن كان نذرا نظرنا فإن كان نذ
ر أياما متتابعة فسد ما مضى من اعتكافه واستأنف لأن التتابع وصف في الاعتكاف وقد أمكنه الوفاء به فلزمه وإن كان نذر أياما معينه كالعشر الأواخر من شهر رمضان ففيه وجهان أحدهما يبطل ما مضى ويستأنفه لأنه نذر اعتكافه متتابعا فبطل بالخروج منه كما لو قيده بالتتابع بلفظه والثاني لا يبطل لأن ما مضى منه قد أدى العبادة فيه أداء صحيحا فلم يبطل بتركها في غيره كما لو أفطر في أثناء شهر رمضان والتتابع ههنا ضرورة التعيين والتعيين مصرح به وإذا كان لم يكن بد من الإخلال بأحدهما ففيما حصل ضرورة أولى ولأن وجوب التتابع من حيث الوقت لا من حيث النذر فالخروج في بعضه لا يبطل ما مضى منه كصوم رمضان إذا أفطر فيه فعلى هذا يقضي ما أفسد فيه فحسب وعليه الكفارة على الوجهين جميعا لأنه تارك لبعض ما نذره وأصل الوجهين فيمن نذر صوما معينا فأفطر في بعضه فإن فيه روايتين كالمذهبين اللذين ذكرناهما
فصل : إذا نذر اعتكاف أيام متتابعة بصوم فأفطر يوما أفسد تتابعه ووجب استئناف الاعتكاف لإخلاله بالاتيان بما نذره على صفته

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
مسألة : قال : وإذا وقعت فتنة خاف منها ترك اعتكافه فإذا أمن بنى على ما مضى إذا كان نذر أياما معلومة وقضى ما ترك وكفر كفارة يمين وكذلك في النفير إذا احتيج إليه
وجملته أنه إذا وقعت فتنة خاف منها على نفسه إن قعد في الم
سجد أو على ماله نهبا أو حريقا فله ترك الاعتكاف والخروج لأن هذا مما أباح الله تعالى لأجله ترك الواجب بأصل الشرع وهو الجمعة والجماعة فأولى أن يباح لأجله ترك ما أوجبه على نفسه وكذلك إن تعذر عليه المقام في المسجد لمرض لا يمكنه المقام معه فيه كالقيام المتدارك أو سلس البول أو الإغماء أو لا يمكنه المقام إلا بمشقة شديدة مثل أن يحتاج إلى خدمة فراش فله الخروج وإن كان المرض خفيفا كالصدع ووجع الضرس ونحوه فليس له الخروج فإن خرج بطل اعتكافه وله الخروج إلى ما يتعين عليه الواجب مثل الخروج في النفير إذا عم أو حضر عدو يخافون كلبه واحتيج إلى خروج المعتكف لزمه الخروج لأنه واجب متعين فلزم الخروج إليه كالخروج إلى الجمعة إذا خرج ثم زال عذره نظرنا فإن كان تطوعا فهو مخير إن شاء رجع إلى معتكفه وإن شاء لم يرجع وإن كان واجبا رجع إلى معتكفه فبنى على ما مضى من اعتكافه ثم لا يخلو النذر من ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يكون نذر اعتكافا في أيام غير متتابعة ولا معينة فهذا لا يلزمه قضاء بل يتم ما بقي عليه لكنه يبتدئ اليوم الذي خرج فيه من أوله ليكون متتابعا ولا كفارة عليه لأنه أتى بما نذر على وجهه فلا يلزمه كفارة كما لو لم يخرج
الثاني : نذر أياما معينة كشهر رمضان فعليه قضاء ما ترك وكفارة يمين بمنزلة تركه المنذور في وقته ويحتمل أن لا يلزمه كفارة على ما سنذكره إن
شاء الله
الثالث : نذر أياما متتابعة فهو مخير بين اللبناء والقضاء والتكفير وبين الابتداء ولا كفارة عليه لأنه يأتي بالمنذور على وجهه فلم يلزمه كفارة كما لو أتى به من غير أن يسبقه الاعتكاف الذي قطعه وذكر الخرقي مثل هذا في الصيام فقال : ومن نذر أن يصوم شهرا متتابعا ولم يسمه فمرض في بعضه فإذا عوفي بنى على ما مضى من صيامه وقضى ما ترك وكفر كفارة يمين وإن أحب أتى بشهر متتابع ولا كفارة عليه وقال أبو الخطاب فيمن ترك الصيام المنذور لعذر فعن أحمد فيه رواية أخرى أنه لا كفارة عليه وهو قول مالك و الشافعي وأبي عبيد : لأن المنذور كالمشروع ابتداء ولو أفطر في رمضان لعذر لم يلزمه شيء فكذلك ال
منذور وقال القاضي : إن خرج لواجب الجهاد تعين أو أداء شهادة واجبة فلا كفارة عليه لأنه خروج واجب لحق الله تعالى فلم يجب به شيء كالمرأة تخرج لحيضها أو نفاسها وحمل كلام الخرقي على أنه يبني على ما مضى دون إيجاب الكفارة وظاهر كلام الخرقي أن عليه الكفارة لأن النذر كاليمين ومن حلف على فعل شيء فحنث لزمته الكفارة سواء كان لعذر أو غيره وسواء كانت المخالفة واجبة أم لم يكن ويفارق صوم رمضان فإن الإخلال به والفطر فيه لغير عذر لا يوجب الكفارة ويفارق الحيض فإنه يتكرر ويظن وجوده في زمن النذر فيصير كالخروج لحاجة الإنسان وكالمستثنى بلفظه
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
مسألة : قال : والمعتكف لا يتجر ولا يتكسب بالصنعة
وجملته أن المعتكف لا يجوز له أن يبيع ولا يشتري إلا ما لا بد له منه قال حنبل : سمعت أبا عبد الله يقول : المعتكف لا يبيع ولا يشتري إلا ما لا بد له منه طعام أو نحو ذلك فأما التجارة والأخذ والعطاء فلا يجوز شيء من ذلك وقال الشافعي : لا بأس أن يبيع ويشتري ويخيط ويتحدث ما لم يكن مأثما
ولنا ما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده [ أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن البيع والشراء في المسجد ] رواه الترمذي وقال : حديث حسن ورأى عمران القصير رجلا يبيع في المسجد فقال : يا هذا إن هذا سوق الآخرة فإن أردت البيع فأخرج إلى سوف الدنيا وإذا منع من البيع والشراء في غير حال الاعتكاف ففيه أولى فأما الصنعة فظاهر كلام الخرقي أنه لا يجوز منها ما يكتسب له لأنه بمنزلة التجارة بالبيع والشراء ويجوز ما يعمله لنفسه كخياطة قميصه ونحوه وقد روى المروذي قال : سألت أبا عبد الله عن المعتكف : ترى له أن الخيط ؟ قال : لا ينبغي له أن يعتكف إذا كان يريد أن يفعل وقال القاضي : لا تجوز الخياطة في المسجد سواء كان محتاجا إليها أو لم يكن قل أو كثر لأن ذلك معيشة أو تشغل عن الاعتكاف فأشبه البيع والشراء فيه والأولى أن يباح له ما يحتاج إليه من ذلك إذا كان يسيرا مثل أن ينشق قميصه فيخيطه أو ينحل شيء يحتاج إلى ربط فيربطه لأن هذا يسير تدعو الحاجة إليه فجرى مجرى لبس قميصه وعمامته وخلعهما

https://i.imgur.com/YM3gnOw.gif


ابوالوليد المسلم 08-04-2024 12:03 AM

رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
 
https://i.imgur.com/icDwY92.gif

فقه الاعتكاف
[ المغني - ابن قدامة ]
المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ132 الى صــ149
(29)

https://png.pngtree.com/png-clipart/...ge_4368186.png

ويباح أو لا يباح للمعتكف
فصل : يستحب للمعتكف التشاغل بالصلاة وتلاوة القرآن وذكر الله تعالى ونحو ذلك من الطاعات المحضة ويجتنب ما لا يعينه من الأقوال والأفعال ولا يكثر الكلام لأن من كثر كلامه كثر سقطه وفي الحديث : [ من حسن إسلام
المرء تركه ما لا يعنيه ] ويجتنب الجدال والمراء والسباب والفحش فإن ذلك مكروه في غير الاعتكاف ففيه أولى ولا يبطل الاعتكاف بشيء من ذلك لأنه لما لم يبطل بمباح الكلام لم يبطل بمحظوره وعكسه الوطء ولا بأس بالكلام لحاجته ومحادثة غيره فإن [ صفية زوج النبي صلى الله عليه و سلم قالت : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم معتكفا فأتيته أزوره ليلا فحدثته ثم قمت فانقلبت فقام معي ليقلبني وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد فمر رجلان من الأنصار فلما رأيا النبي صلى الله عليه و سلم أسرعا فقال النبي صلى الله عليه و سلم :
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
على رسلكما إنها صفية بنت حيي فقالا : سبحان الله يا رسول الله فقال : إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرا ] أو قال : [ شيئا ] متفق عليه وقال علي رضي الله عنه : أيما رجل اعتكف فلا يساب ولا يرفث في الحديث ويأمر أهله بالحاجة أي وهو يمشي ولا يجلس عندهم رواه الإمام أحمد
فصل : فأما إقراء القرآن وتدريس العلم ودرسه ومناظرة الفقهاء ومجالستهم وكتابة الحديث ونحو ذلك مما يتعدى نفعه فأكثر أصحابنا على أنه لا يستحب وهو ظاهر كلام أحمد وقال أبو الحسن الآمدي : في استحباب ذلك روايتان واختار أبو الخطاب أنه مستحب إذا قصد به طاعة الله تعالى لا المباهاة و
هذا مذهب الشافعي لأن ذلك أفضل العبادات ونفعه يتعادى فكان أولى من تركه كالصلاة واحتج أصحابنا بأن النبي صلى الله عليه و سلم كان يعتكف فلم ينقل عنه الاشتغال بغير العبادات المختصة به ولأن الاعتكاف عبادة من شرطها المسجد فلم يستحب فيها ذلك كالطواف وما ذكروه يبطل بعيادة المرضى وشهود الجنازة فعلى هذا القول فعله لهذه الأفعال أفضل من الاعتكاف قال المروذي : قلت لأبي عبد الله أن رجلا يقرئ في المسجد كان له ولغيره يقرئ أحب إلي وسئل أيما أحب إليك : الاعتكاف أو الخروج إلى عبادان ؟ قال : ليس يعدل الجهاد عندي شيء يعني أن الخروج إلى عبادان أفضل من الاعتكاف
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
الصيام عن الكلام
فصل : وليس من شريعة الإسلام الصمت عن الكلام وظاهر الأخبار تحريمه قال قيس بن مسلم : دخل أبو بكر الصديق رضي الله عنه على امرأة من أحمس يقال لها زينب فرآها لا تتكلم فقال : ما لها لا تتكلم ؟ قالوا : حجت مصمتة فقال لها : تكلمني فإن هذا لا يحل هذا من أعمال الجاهلية فتكلمت رواه البخاري وروى أبو داود بإسناده [ عن علي رضي الله عنه قال : حفظت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : لا صمات يوم إلى الليل ] وروي [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه نهى عن صوم الصمت ] فإن نذر ذلك في اعتكافه أو غيره
لم يلزمه الوفاء به وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر ولا نعلم فيه مخالفا لما روى ابن عباس قال : [ بينا النبي صلى الله عليه و سلم يخطب إذا هو برجل قائم فسأل عنه فقالوا : أبو اسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم فقال النبي صلى الله عليه و سلم : مره فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه ] رواه البخاري ولأنه نذر فعل منهي عنه فلم يلزمه كنذر المباشرة في المسجد وإن أراد فعله لم يكن له ذلك سواء نذره أو لم ينذره وقال أبو ثور وابن المنذر : له فعله إذا كان أسلم ولنا النهي عنه وظاهره التحريم والأمر بالكلام ومقتضاه الوجوب وقول أبي بكر الصديق رضي الله عنه : إن هذا لا يحل هذا من عمل الجاهلية وهذا صريح ولم يخالفه أحد من الصحابة فيما علمناه واتباع ذلك أولى
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
ولا يجوز أن يجعل القرآن بدلا من الكلام
فصل : ولا يجوز أن يجعل القرآن بدلا من الكلام لأنه استعمال له في غير ما هو له أشبه استعمال المصحف في التوسد ونحوه وقد جاء لا تناظروا بكتاب الله قيل : معناه لا تتكلم به عنه الشيء تراه كأن ترى رجلا قد جاء وقته فتقول : { ثم جئت على قدر يا موسى } أو نحوه ذكر أبو عبيد نحو هذا المعنى
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
في المباح اثناء الاعتكاف
مسألة : قال : ولا بأس أن يتزوج في المسجد ويشهد النكاح
وإنما كان كذلك لأن الاعتكاف عبادة لا تحرم الطيب فلم تحرم النكاح كالصوم ولأن النكاح طاعة وحضوره قربة ومدته لا تتطاول فيتشاغل به عن الاعتكاف فلم يكره فيه كتشميت العاطس
ورد السلام
فصل : ولا بأس أن يتنظف بأنواع التنظيف لأن النبي صلى الله عليه و سلم كان يرجل رأسه وهو معتكف وله أن يتطيب ويلبس الرفيع من الثياب وليس ذلك بمستحب قال أحمد : لا يعجبني أن يتطيب وذلك لأن الاعتكاف عبادة تختص مكانا فكان ترك الطيب فيها مشروعا كالحج وليس ذلك بمحرم لأنه لا يحرم اللباس ولا النكاح فأشبه الصوم
فصل : ولا بأس أن يأكل المعتكف في المسجد ويضع سفرة يسقط عليها ما يقع منه كيلا يلوث المسجد ويغسل يده في الطست ليفرغ خارج المسجد ولا يجوز أن يخرج لغسل يده لأن من ذلك بدا وهل يكره تجديد الطهارة في المسجد ؟ فيه روايتان إحداهما لا يكره لأن أبا العالية قال : حدثني من كان يخدم النبي صلى الله عليه و سلم قال :
أما ما حفظت لكم منه أنه كان يتوضأ في المسجد وعن ابن عمر أنه قال : كان يتوضأ في المسجد الحرام على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم الرجال والنساء وعن ابن سيرين قال : كان أبو بكر وعمر والخلفاء يتوضأون في المسجد وروي ذلك عن ابن عمر وابن عباس و عطاء و طاوس و ابن جريج والأخرى يكره لأنه لا يسلم من أن يبصق في المسجد أو يتمخط والبصاق في المسجد خطيئة ويبل من المسجد مكانا يمنع المصلين من الصلاة فيه وإن خرج من المسجد للوضوء وكان تجديدا بطل لأنه خروج لما له منه بد وإن كان وضوءا من حدث لم يبطل لأن الحاجة داعية إليه سواء كان وقت الصلاة أو قبلها لأنه لا بد من الوضوء للمحدث وإنما يتقدم عن وقت الحاجة إليه لمصلحة وهو كونه على وضوء وربما يحتاج إلى صلاة النافلة به

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
فصل : إذا أراد أن يبول في المسجد في طست لم يبح له ذلك لأن المساجد لم تبن لهذا وهو مما يقبح ويفحش ويستخفى به فوجب صيانة المسجد عنه كما لو أراد أن يبول في أرضه ثم يغسله وإن أراد الفصد أو الحجامة فيه فكذلك ذكره القاضي لأنه اراقة نجاسة في المسجد فأشبه البول فيه وإن دعت إليه حاجة كبيرة خرج من المسجد ففعله وان استغنى عنه لم يكن له الخروج إليه كالمرض الذي يمكن احتماله ويكون تحتها شيء يقع فيه الدم [ قالت عائشة : اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم امرأة من أزواجه مستحاضة فكانت ترى الحمرة والصفرة وربما وضعت الطست تحتها وهي تصلي ] رواه البخاري والفرق بينهما أن المستحاضة لا يمكنها التحرز من ذلك إلا بترك الاعتكاف بخلاف الفصد
مسألة : قال : والمتوفى عنها زوجها وهي معتكفة تخرج لقضاء العدة وتفعل كما فعل الذي خرج لفتنة
وجملته أن المعتكفة إذا توفي زوجها لزمها الخروج لقضاء العدة وبهذا قال الشافعي وقال ربيعة ومالك وابن المنذر : تمضي في اعتكافها حتى تفرغ منه ثم ترجع إلى بيت زوجها فتعتد فيه لأن الاعتكاف المنذور واجب والاعتداد في البيت واجب فقد تعارض واجبان فيقدم أسبقهما
ولنا أن الاعتداد في بيت زوجها واجب فلزمها الخروج إليه كالجمعة في ح
ق الرجل ودليلهم ينتقض بالخروج إلى الجمعة وسائر الواجبات وظاهر كلام الخرقي أنها كالذي خرج لفتنة وأنها كالذي تبني وتقضي وتكفر وقال القاضي : لا كفارة عليها لأن خروجها واجب وقد مضى لقول فيه
https://i.imgur.com/YM3gnOw.gif





ابوالوليد المسلم 08-04-2024 11:41 PM

رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
 
https://i.imgur.com/icDwY92.gif
فقه الاعتكاف
[ المغني - ابن قدامة ]
المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد
من صــ149 الى صــ155
(30)

https://png.pngtree.com/png-clipart/...ge_4368186.png

في اعتكاف المرأة
فصل : وليس للزوجة أن تعتكف إلا بإذن زوجها ولا للمملوك أن يعتكف إلا بإذن سيده لأن منافعها مملوكة لغيرهما والاعتكاف يفوتها ويمنع استيفاءها وليس بواجب عليهما بالشرع فكان لها المنع منه وأم الولد والمدبر كالقن في هذا لأن الملك باق فيهما فإن أذن السيد والزوج لهما ثم أراد إخراجهما منه بعد شروعهما فيه فلهما ذلك في التطوع وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة في العبد كقولنا : وفي الزوجة ليس لزوجها إخراجها لأنها تملك بالتمليك فالإذن أسقط حقه من منافعها وأذن لها في
استيفائها فلم يكن له الرجوع فيها كما لو أذن لها في الحج فأحرمت به بخلاف العبد فإنه لا يملك بالتمليك وقال مالك : ليس له تحليلهما لأنهما عقدا على أنفسهما تمليك منافع كانا يملكانها لحق الله تعالى فلم يجز الرجوع فيهما كما لو أحرما بالحج بإذنهما
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
https://forum.ashefaa.com//upload.3d...bc0c2d8ac2.gif
ولنا أن لهما المنع منه ابتداء فكان لهما المنع منه دواما كالعارية ويخالف الحج لأنه يلزم بالمشروع فيه بخلاف الاعتكاف على ما مضى من الخلاف فيه فإذا كان ما أذنا فيه منذورا لم يكن لهما تحليهما منه لأنه يتعين بالشروع فيه ويجب إتمامه فيصير كالحج إذا أحرما به فأما ان نذرا الاعتكاف فأراد السيد والزوج منعهما الدخول فيه نظرات فإن كان النذر بإذنهما وكان معينا لم يملكا منعهما منه لأنه وجب بإذنهما وإن كان بغير إذنهما فلهما منعهما منه لأن نذرهما تضمن تفويت حق غيرهما بغير إذنه فكان لصاحب الحق المنع منه وإن كان النذر المأذون فيه غير معين فهل لهما منعهما ؟ على وجهين أحدهما لهما ذلك منعهما لأن حقهما ثابت في كل زمن فكان تعيين زمن سقوطه إليهما كالدين والثاني ليس لهما ذلك لأنه وجب التزمه بإذنهما فأشبه المعين وأما المعتق بعضه فإن كان بينه وبين سيده مهايأة فله أن يعتكف في يومه بغير إذن سيده لأن منافعه غير مملوكة لسيده في هذا اليوم وحكمه في يوم سيده حكم القن فإن لم يكن بينهما مهايأة فلسيده منعه لأن له ملكا في منافعه في كل وقت
فصل : وأما المكاتب فليس لسيده منعه من واجب ولا تطوع لأنه لا يستحق منافعه وليس له إجباره على الكسل وإنما له دين في ذمته فهو كالحر المدين
مسألة : قال : وإذا حاضت المرأة خرجت من المسجد وضربت خباء في الرحبة

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif

أما خروجها من المسجد فلا خلاف فيه لأن الحيض حدث يمنع اللبث في المسجد فهو كالجنابة وآكد منه وقد [ قال النبي صلى الله عليه و سلم : لا أحل المسجد لحائض ولا جنب ] رواه أبو داود وإذا ثبت هذا فإن المسجد إن لم يكن له رحبة رجعت إلى بيتها فإذا طهرت رجعت فأتمت اعتكافها وقضت ما فاتها ولا كفارة عليها نص عليه أحمد لأنه خروج معتاد واجب أشبه الخروج للجمعة أو لما لا بد منه وإن كانت له رحبة خارجة من المسجد يمكن أن تضرب فيها خباءها فقال الخرقي :
https://forum.ashefaa.com//upload.3d...bc0c2d8ac2.gif
تضرب خباءها فيها مدة حيضها وهو قول أبي قلابة وقال النخعي : تضرب فسطاطها في دارها فإذا طهرت قضت تلك الأيام وإن دخلت بيتا أو سقفا استأنفت وقال الزهري و عمرو بن دينار و ربيعة و مالك و الشافعي : ترجع إلى منزلها فإذا طهرت فلترجع لأنه وجب عليها الخروج من المسجد فلم يلزمها الإقامة في رحبته كالخارجة لعدة أو خوف فتنة

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif

ووجه قول الخرقي ما روى المقدام بن شريح [ عن عائشة قالت : كن معتكفات إذا حضن أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بإخراجهن من المسجد وأن يضربن الأخبية في رحبة المسجد حتى يطهرن ] رواه أبو حفص بإسناده وفارق المعتدة فإن خروجها لتقيم في بيتها وتعتد فيه ولا يحصل ذلك مع الكون في الرحبة وكذلك الخائفة من الفتنة خروجها لتسلم من الفتنة فلا تقيم في موضع لا تحصل السلامة بالإقامة فيه والظاهر إن إقامتها في الرحبة مستحب وليس بواجب وإن لم يقيم في الرحبة ورجعت إلى منزلها أو غيره فلا شيء عليها لأنها خرجت بإذن الشرع ومتى طهرت رجعت إلى المسجد فقضت وبنت ولا كفارة عليها لا نعلم فه خلافا لأنه خروج لعذر معتاد أشبه الخروج لقضاء الحاجة وقول إبراهيم تحكم لا دليل عليه
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
https://forum.ashefaa.com//upload.3d...bc0c2d8ac2.gif
فصل : فأما الاستحاضة فلا تمنع الاعتكاف لأنها لا تمنع الصلاة ولا الطواف وقد [ قالت عائشة : اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم امرأة مستحاضة فكانت ترى الحمرة والصفرة وربما وضعنا الطست تحتها وهي تصلي ] أخرجه البخاري إذا ثبت هذا فإنها تتحفظ وتتلجم لئلا تلوث المسجد فإن لم يمكن صيانته منها خرجت من المسجد لأنه عذر وخروج لحفظ المسجد من نجاستها فأشبه الخروج لقضاء حاجة الإنسان
الخروج المباح في الاعتكاف ينقسم إلى أربعة أقسام
فصل : الخروج المباح في الاعتكاف والواجب ينقسم أربعة أقسام :
أحدها : ما لا يوجب قضاء ولا كفارة وهو الخروج لحاجة الإنسان وشبه مما لا بد منه
والثاني : ما يوجب قضاء بلا كفارة وهو الخروج للحيض
الثالث : ما يوجب قضاء وكفارة وهو الخروج لفتنة وشبهة مما يخرج لحاجة نفسه
الرابع : ما يوجب قضاء وفي الكفارة وجهان وهو الخروج الواجب كالخروج في النفير أو العدة ففي قول القاضي : لا كفارة عليه لأنه واجب لحق الله تعالى أشبه الخروج للحيض وظاهر كلام الخرقي وجوبها لأنه خروج غير معتاد فأوجب الكفارة كالخروج لفتنة
https://forum.ashefaa.com//upload.3d...bc0c2d8ac2.gif
حساب المدة في الاعتكاف المنذور لمدة
مسألة : قال : ومن نذر أن يعتكف شهرا بعينه دخل المسجد قبل غروب الشمس
وهذا قول مالك والشافعي وحكى ابن أبي موسى عن أحمد رواية أحرى أنه يدخل معتكفه قبل طلوع الفجر من أوله وهو قول الليث بن زفر ل [ أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا أراد أن يعتكف صلى الصبح ثم دخل معتكفه ] متفق عليه ولأن الله تعالى قال : { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } ولا يلزم الصوم إلا من قبل طلوع الفجر ولأن الصوم شرط في الاعتكاف فلم يجز ابتداؤه قبل شرطه
ولنا أنه أنذر الشهر وأوله غروب الشمس ولها تحل الديون المعلقة به ويقع الطلاق والعتاق المعلقان به ووجب أن يدخل قبل الغروب ليستوفي جميع الشهر فإنه لا يمكن إلا بذلك وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب كإمساك جزء من الليل مع النهار في الصوم وأما الصوم فإن محله النهار فلا يدخل فيه شيء من الليل في أثنائه ولا ابتدائه إلا ما حصل ضرورة بخلاف الاعتكاف وأما الصوم فإن محله النهار فلا يدخل فيه شيء من الليل في أثنائه ولا ابتدائه إلا ما حصل ضرورة بخلاف الاعتكاف وأما الحديث فقال ابن عبد البر : لا أعلم أحدا من الفقهاء قال به على أن الخبر إنما هو في التطوع فمتى شاء دخل وفي مسألتنا نذر شهرا فيلزمه اعتكاف شهر كامل ولا يحصل إلا أن يدخل فيه قبل غروب الشمس من أوله ويخرج بعد غروبها من آخره فأشبه ما لو نذر اعتكاف يوم فإنه يلزمه فيه قبل طلوع فجره ويخرج بعد غروب شمسه
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
https://forum.ashefaa.com//upload.3d...bc0c2d8ac2.gif
فصل : وإن أحب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان تطوعا ففيه روايتان :
إحداهما : يدخل قبل غروب الشمس من ليلة إحدى وعشرين لما روي عن أبي سعيد [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يعتكف العشر الأواسط من رمضان حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي يخرج في صبيحتها من اعتكافه قال : من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر ] متفق عليه ولأن العشر بغر هاء عدد الليالي فإنها عدد المؤنث قال الله تعالى { وليال عشر } وأول الليالي العشر ليلة إحدى وعشرين
والرواية الثانية : يدخل بعد صلاة الصبح قال حنبل : قال أحمد أحب إل
ي أن يدخل قبل الليل ولكن حديث عائشة [ أن النبي كان يصلي الفجر ثم يدخل معتكفه ] وبهذا قال الأوزاعي و إسحاق : ووجهه ما روت عمرة عن عائشة [ أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا صلى الصبح دخل معتكفه ] متفق عليه وإن نذر اعتكاف العشر ففي وقت دخوله الروايتان جميعا
فصل : ومن اعتكف العشر الأواخر من رمضان استحب أن يبيت ليلة العيد في معتكفه نص عليه أحمد وروي عن النخعي و أبي مجلز و أبي بكر بن عبد الرحمن و المطلب بن حنطب و أبي قلابة أنهم كانوا يستحبون ذلك وروى الأثرم بإسناده عن أيوب عن أبي قلابة أنه كان يبيت في المسجد ليلة الفطر ثم يغدو كما هو إلى العيد وكان في اعتكافه لا يلقى له حصير ولا مصلي يجلس عليه كان يجلس كأنه بعض القوم قال : فأتيته في يوم الفطر فإذا في حجرة جويرية مزينة ما ظننتها إلا بعض بناته فإذا هي أمة له فأعتقها وغدا كما هو إلى العيد وقال إبراهيم : كانوا يحبون لمن اعتكف العشر الأواخر من رمضان أن يبيت ليلة الفطر في المسجد ثم يغدوا إلى المصلى من المسجد
فصل : وإذا نذر اعتكاف شهر لزمه شهر بالأهلة أو ثلاثون يوما وهل يلزمه التتابع على وجهين بناء على الروايتين في نذر الصوم
أحدهما : لا يلزمه وهو مذهب الشافعي لأنه معنى يصح ف
يه الفريق فلا يجب فيه التتابع بمطلق النذر كالصيام
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
https://forum.ashefaa.com//upload.3d...bc0c2d8ac2.gif
والثاني : يلزمه التتابع وهو قول أبي حنيفة ومالك وقال القاضي : يلزمه التتابع قولا واحدا لأنه معنى يحصل في الليل والنهار فإذا أطلقه اقتضى التتابع كما لو حلف لا يكلم زيدا شهرا وكمدة الإيلاء والعنة والعدة وبهذا فارق الصيام فإن أتى بشهر بين هلالين أجزأه ذلك وإن كان ناقصا وإن اعتكف ثلاثين يوما من شهرين جاز وتدخل فيه الليالي لأن الشهر عبادة عنهما ولا يجزئه أقل من ذلك وإن قال : لله علي أن اعتكف أيام هذا الشهر أو ليالي هذا الشهر لزمه ما نذر ولم يدخل فيه غيره وكذلك إن قال شهرا في النهار أو في الليل
فصل : وإن قال لله علي أن أعتكف ثلاثين يوما فعلى قول القاضي يلزمه التتابع وقال أبو الخطاب : لا يلزمه لأن اللفظ يقتضي ما تناوله والأيام المطلقة توجد بدون التتابع فلا يلزمه كما لو قال لله علي أن أصوم ثلاثين يوما فعلى قول القاضي : يدخل فيه الليالي الداخلة في الأيام المنذورة كما لو نذر شهرا ومن لم يوجب التتابع لا يقتضي أن تدخل الليالي فيه إلا أن ينويه فإن نوى التتابع أو شرطه لزمه ودخل الليل فيه ويلزمه ما بين الأيام من الليالي وبه قال مالك والشافعي وقال أبو حنيفة : يلزمه من الليالي بعدد الأيام إذا كان على وجه الجمع والتثنية يدخل فيه م
ثله من الليالي والليالي تدخل معها الأيام بدليل قوله تعالى { آيتك أن لا تكلم الناس ثلاث ليال سويا } وقال في موضع آخر : { ثلاثة أيام إلا رمزا }
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
https://forum.ashefaa.com//upload.3d...bc0c2d8ac2.gif
ولنا أن اليوم اسم لبياض النهار والتثنية والجمع تكرار للواحد وإنما تدخل الليالي تبعا لوجوب التتابع ضمنا وهذا يحصل بما بين الأيام خاصة فاكتفى به وأما الآية فإن الله تعالى نص على الليل في موضع النهار في موضع فصارا منصوصا عليهما فإن نذر اعتكاف يومين وليلة بينهما وإن نذر اعتكاف يومين مطلقا فعلى قول القاضي : هو كما لو نذرهما متتابعين لزمه يومان ليلتين لزمه اليوم الذي بينهما وعلى قول أبي الخطاب : لا يلزمه التتابع ولا ما بينهما إلا بلفظه أو نيته
فصل : وإن نذر اعتكاف يوم لم يجز تفريقه ويلزمه أن يدخل معتكفه قبل طلوع الفجر ويخرج منه بعد غروب الشمس وقال مالك : يدخل معتكفه قبل غروب الشمس من ليلة ذلك اليوم كقولنا في الشهر لأن الليل يتبع النهار بدليل ما لو كان متتابعا
ولنا أن الليلة ليست من اليوم وهي من الشهر قال الخليل : اليوم اسم لما بين طلوع الفجر وغروب الشمس وإنما دخل الليل في المتتابع ضمنا ولهذا خصصناه بما بين الأيام وإن نذر اعتكاف ليلة لزمه دخول معتكفه قبل غروب الشمس ويخرج منه بعد طلوع الفجر وليس له تفريق الاعتكاف وقال الشافعي : له تفريقه هذا ظاهر كلامه قياسا على تعريف الشهر

https://forum.ashefaa.com//upload.3d...bc0c2d8ac2.gif
ولنا أن إطلاق اليوم يفهم منه التتابع فيلزمه كما لو قال متتابعا : وفارق الشهر كأنه اسم لما بين الهلالين واسم لثلاثين يوما واسم لغير ذلك واليوم لا يقع في الظاهر إلا على ما ذكرناه وإن قال في وسط النهار : لله علي أن أعتكف يوما من وقتي هذا لزمه الاعتكاف من ذلك الوقت إلى مثله ويدخل في الليل لأنه في خلال نذره فصار كما لو نذر يومين متتابعين وإنما لزمه بعض يومين لتعيينه ذلك بنذره فلعمنا أنه أراد ذلك ولم يرد يوما صحيحا
فصل : وإن نذر اعتكافا مطلقا لزمه ما يسمى به معتكفا ولو ساعة من ل
يل أو نهار إلا على قولنا بوجوب الصوم في الاعتكاف فيلزمه يوم كامل فأما اللحظة وما لا يسمى به معتكفا فلا يجزئه على الروايتين جميعا
https://forum.ashefaa.com//upload.3d...bc0c2d8ac2.gif
فصل : ولا يتعين شيء من المساجد بنذره الاعتكاف فيه إلا المساجد الثلاثة وهي : المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه و سلم والمسجد الأقصى لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم [ لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا ] متفق عليه ولو تعين لزمه المضي إليه واحتج إلى شد الرحال لقضاء نذره فيه ولأن الله تعالى لم يتعين لعبادته مكانا فلم يتعين غيره وإنما تعينت هذه المساجد الثلاثة للخبر الوارد فيها ولأن العبادة فيها أفضل فإذا عين ما فيه فضيلة لزمته كأنواع العبادة وبهذا قال الشافعي في صحيح قوليه وقال في الآخر : لا يتعين المسجد الأقصى ل [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ] رواه مسلم وهذا يدل على التسوية فيما عدا هذين المسجدين لأن المسجد الأقصى لو فضلت الصلاة فيه على غيره للزم أحد أمرين : إما خروجه من عموم هذا الحديث وإما كون فضيلته بألف مختصا بالمسجد الأقصى

https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif

ولنا أنه من المساجد التي تشد الرحال إليها فتعين بالتعيين في النذر كمسجد النبي صلى الله عليه و سلم وما ذكروه لا يلزم فإنه إذا فضل الفاضل بألف فقد فضل بها أيضا
فصل : وإن نذر الاعتكاف في المسجد الحرام لم يكن له الاعتكاف فيما سواه لأنه أفضلها ول [ أن عمر نذر أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام في الجاهلية فسأل النبي صلى الله عليه و سلم فقال : أوف بنذرك ] متفق عليه وإن نذر أن يعتكف في مسجد النبي صلى الله عليه و سلم جاز له أن يعتكف في المسجد الحرام لأنه أفضل منه ولم يجز أن يعتكف في المسجد الأقصى لأن مسجد النبي صلى الله عليه و سلم أفضل منه وقال قوم : مسجد النبي صلى الله عليه و سلم أفضل من الحرام لأن النبي صلى الله عليه و سلم إنما دفن في خير البقاع وقد نقله الله تعالى
من مكة إلى المدينة فدل على أنها أفضل
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
https://forum.ashefaa.com//upload.3d...bc0c2d8ac2.gif
ولنا قول رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ] وروي في خبر [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة فيما سواه ] رواه ابن ماجة فيدخل في عمومه مسجد النبي صلى الله عليه و سلم فتكون الصلاة فيه أفضل من مائة ألف صلاة فيما سوى مسجد النبي صلى الله عليه و سلم فأما إن نذر الاعتكاف في المسجد الأقصى جاز له أن يعتكف في المسجدين الآخرين لأنهما أفضل منه وقد روى الإمام أحمد في مسنده عن رجال من الأنصار من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم : [ أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم يوم الفتح والنبي صلى الله عليه و سلم في مجلس قريبا من المقام فسلم على النبي صلى الله عليه و سلم وقال : يا نبي الله إني نذرت لئن فتح الله للنبي صلى الله عليه و سلم والمؤمنين مكة لأصلين في بيت المقدس وإني وجدت رجلا من أهل الشام ههنا في قريش مقبلا معي ومدبرا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ههنا فصل فقال الرجل قوله هذا ثلاث مرات كل ذلك يقول النبي صلى الله عليه و سلم ههنا فصل ثم قال الرابعة مقالته هذه فقال النبي صلى الله عليه و سلم اذهب فصل فيه فوالذي بعث محمدا بالحق لو صليت هاهنا لقضي عنك ذلك كل صلاة في بيت المقدس ] ومتى نذر الاعتكاف في غير هذه المساجد فانهدام معتكفه ولم يمكن المقام فيه لزم اتمام الاعتكاف في غيره ولم يبطل اعتكافه
https://i.imgur.com/rZXMMfV.gif
https://forum.ashefaa.com//upload.3d...bc0c2d8ac2.gif
فصل : إذا نذر اعتكاف يوم يقدم فلان صح نذره فإن ذلك ممكن فإن قدم في بعض النهار لزمه اعتكاف الباقي منه ولم يلزمه قضاء ما فات قبل شرط الوجوب فلم يجب كما لو نذر اعتكاف زمن ماض لكن إذا قلنا شرط الإعتكاف الصوم لزمه قضاء يوم كامل لأنه لا يمكنه أن يأتي بالإعتكاف في الصوم فيما بقي من النار ولا قضاؤه متميزا مما قبله فلزمه يوم كامل ضرورة كما لو نذر صوم يوم يقدم فلان ويحتمل أن يجزئه اعتكاف ما بقي منه إذا كان صائما لأنه قد وجد اعتكاف مع الصوم وإن قدم ليلا لم يلزمه شيء لأن ما التزمه بالنذر لم يوجد فإن كان للناذر عذر يمنعه الإعتكاف عند قدوم فلان من حبس أو مرض قضى وكفر لفوات النذر في وقته ويقضي بقية اليوم فقط على حسب ما كان يلزم في الأداء في الرواية المنصورة وفي الأخرى يقضي يوما كاملا بناء على اشتراط الصوم في الإعتكاف

https://i.imgur.com/tCwaM1a.gif



الساعة الآن : 03:04 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 298.07 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 296.76 كيلو بايت... تم توفير 1.31 كيلو بايت...بمعدل (0.44%)]