رد: نظرات نفسية في الصيام
نظرات نفسية في الصيام (4) الدكتور محمد كمال الشريف " فَلْيَقُلْ: إنــي صائـــم " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال الله عز وجل كل عمل ابن آدم له إلاّ الصيام فإنه لي وأنا أجْزي به، والصيام جُنَّة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يَرفُثْ، ولا يَصْخَبْ، فإن سابَّه أحد أو قاتله فليقل: إنــي صائــم .." (متفق عليه). لقد كتب الله علينا الصيام في رمضان ليدربنا على التقوى ويجعلنا نجربها ونتذوقها، فننطلق من رمضان في رحلة تقوى تستمر طيلة العمر عاماً بعد عام، وفي كل عام نزداد تقوى لله من خلال صيامنا رمضان آخر.. ولا تكتمل تقوى المؤمن إلاّ بكظم الغيظ، إذ به يتجلى التحكم بالنفس وضبطها في جانب آخر غير الطعام والشراب والشهوة الجنسية، إنها شهوة الانتقام للنفس عند تعرضها لجهل الجاهلين واعتداء المعتدين، وهي شهوة مشروعة طالما بقي المؤمن عادلاً يعاقب بمثل ما عوقب به، فلا ينتقم ممن اعتدى عليه انتقاماً يفوق الإساءة التي تعرض لها فيصبح هو ظالماً لمن بدأه بالعدوان.. ولكننا في الصيام نمتنع عما أحل الله لنا من طعام وشراب وشهوة، ونمتنع معها عما أحل الله لنا من انتقام عادل لأنفسنا، وهو وإن كان امتناعاً مؤقتاً من الفجر إلى الغروب، لكنه يزيدنا قدرة على الامتناع الدائم عما حرم الله علينا من شهوات فيها الإثم والضرر. وفي رمضان يزداد المتقون حسن خلق، ويكظمون غيظهم فيكون صومهم أقرب ما يكون إلى الكمال، إذ لا قيمة للامتناع عن الطعام والشراب ما لم يرافقه حسن الخلق والامتناع عما يغضب الله من قول أو عمل، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" (رواه البخاري). لكن المؤسف أن البعض يزداد سوء خلق إذا صام في رمضان، ويقل صبره على أهله أو الناس الذين يتعامل معهم في عمله، ويحتج بأنه صائم وليس مستعداً لأن يتحمل أحداً.. إنه لا يصبر على مسبة أو مقاتلة، بل يثور في وجه من قد يلح عليه إلحاحاً بسيطاً طالباً منه حاجته، وصاحب الحاجة أرعن كما يقولون بحكم حرصه على حاجته.. ولو صح أن الصوم عن الطعام والشراب يؤدي إلى سوء الخلق لما كتبه الله علينا ليعلمنا التقوى من خلاله، ولو صح أن الجوع والعطش يجعلان الإنسان سيئ الخلق، لكنا قبلنا ذلك آخر النهار لا أوله، فالموظف الذي يسيء معاملة مراجعيه منذ الصباح الباكر متعللاً بأنه صائم، لا يمكن أن يكون الجوع والعطش سبباً لسوء خلقه وبخاصة إن كان قد تسحر كما يفعل أكثر الصائمين . قد يكون لدى البعض أسباب للعصبية في الصيام، لكن البعض الآخر يستفيد من رمضان كي يعطي نفسه هواها ويظهر غضبه وسوء خلقه مطمئناً إلى أن الصيام عذر مقبول، حيث يتسامح الناس معه على سوء خلقه أولاً لأنهم خير منه، فقد صـاموا عن الغضب وسوء الخلق مثلما صاموا عن الطعام والشراب، وثانياً لأنهم يحسنون الظن به ويصدقون أنه معذور حقاً في أن يكون سيئ الخلق بسبب الصيام، وهو لسوء خلقه المتأصل فيه يستغل هذه الفرصة ويظهر قلة أدبه.. ومثل هذا المؤمن الذي لم يكتمل إيمانه بعد مدعو لمراجعة نفسه والتذكر أن من الخير له أن يرضي ربه ويحسن خلقه ليدخل في عداد المتقين الذين تنتظرهم جنة عرضها السماوات والأرض . |
رد: نظرات نفسية في الصيام
نظرات نفسية في الصيام (5) الدكتور محمد كمال الشريف "الصيــام لا يسبب العصبيــة" بعض الصائمين يجدون صعوبة في السيطرة على انفعالاتهم الغضبية، فيثورون لأبسط الأمور، وبعد ثورتهم هذه يدركون أن رد فعلهم كان مبالغاً فيه، ويشعرون بالأسف والندم لأنهم عجزوا عن أن يكونوا على المستوى الراقي المتوقع من المؤمن الصائم. وليست العصبية وسرعة الاستثارة دليلاً على سوء الخلق دائماً، بل كثيراً ما تنتج عن خلل كيميائي أو كهربائي في المخ يجعل الإنسان على حافة الغضب دائماً، فيغضب ثم يندم لكنه ما يلبث أن يغضب في موقف أخر ويتكرر منه الندم.. ومن الحالات التي تتأثر فيها قدرة الإنسان على الحلم وتحمل الآخرين وكظم الغيظ حالات القلق النفسي والاكتئاب وغيرهما من الحالات النفسية المزعجة، ومنها تأثره بمواد مؤثرة على المخ تناولها إما بقصد العلاج أو بقصد المتعة المحرمة كالخمور والمخدرات والمنبهات، إذ تزيد هذه الأخيرة العدائية عند الإنسان وتجعل الواقع تحت تأثيرها سريع الغضب حتى لو كان في الأصل طيب القلب حسن الخلق.. وكذلك الحالات التي يحرم فيها الدماغ من مادة كيماوية كانت ترفع المزاج فيه فانقطع صاحبه عن تناولها فجأة، فيضطرب عمل خلايا المخ التي تعودت على وجود تلك المادة الكيماوية فيها وبرمجت نفسها على ذلك، ومن المواد التي يتعاطاها الكثيرون ويضطرون للامتناع عنها في نهار رمضان التبغ والكافئين . لقد شاع التدخين لدى الكثيرين وصار لدى البعض دليلاً على رجولة زائفة، وأكثر المدخنين لا يدرون أنهم مدمنون.. فالمدخن الذي يواظب على التدخين يومياً لمدة طويلة هو مدمن على مادة النيكوتين التي يحتوي عليها دخان السجائر الذي يستنشقه المدخنون، وعند انقطاع المدخن الصائم عن السجائر بضع ساعات يبدأ بالمعاناة من أعراض الحرمان من النيكوتين، وهذه الأعراض تشمل العصبية وسرعة الغضب والتململ والصداع وضعف التركيز وانخفاض المزاج والقلق وضعف الذاكرة واضطراب النوم.. وهي أعراض لا تدوم أكثر من أسبوع عادة إن استمر الإنسـان في الامتناع عن التدخين، لكنها في الأيام الأولى مزعجة وتجعل كثيراً من الصائمين يفطرون على سيجارة قبل أي طعام أو شراب.. وهذا يرينا أن الصيام بحد ذاته لا يسبب العصبية إذ الأصل أن لا يدمن المؤمن على ما ضرّه أكبر من نفعه . كما أن هناك إدماناً آخر شائعاً بين الناس يتسبب في عصبية بعض الصائمين وهو الإدمان على مادة الكافئين الموجودة في القهوة والشاي والكاكاو والكولا، والانقطاع المفاجئ عن الكافئين يتسبب بعد عدة ساعات بشعور المدمن عليه بالكسل والنعاس وفقد الرغبة في العمل، ويتسبب كذلك بالعصبية وانخفاض المزاج. وإذا طـال الامتناع المفاجئ عن الكافئين وبلغ ثماني عشرة ساعة أو أكثر فقد يصاب الإنسان بصداع يشمل كامل رأسه يكون الألم فيه نابضاً يشتد مع كل ضربة من ضربات قلبه، وفي أغلب بلاد المسلمين قلما يبلغ صيامنا هذه المدة الطويلة لذا فإنه مـن المفيد لمن تعود على القهوة أو الشاي أو الكولا أو الكاكاو إما أن يخفف مقاديرهـا بالتدريج قبل رمضان أو أن يتناول جرعة جيدة منها عند السحور حتى لا يعاني من أعراض الحرمان منها أثناء الصيام. ومرة أخرى نجد أن الصيام لا دخل له في العصبية وسرعة الغضب إنما هي عادات صار الكثيرون منا أسرى لها يأتي الصيام ليذكرنا ويلفت انتباهنا إلى هذا الأسـر والخضوع الذي وقعنا فيه. |
رد: نظرات نفسية في الصيام
نظرات نفسية في الصيام (6) الدكتور محمد كمال الشريف لا حرج إن من نعم الله علينا أن جعل لنا الليل نسكن فيه وننام، ذلك أن النوم حاجة لا يستغني عنها الإنسان، وهو ضروري ليستعيد الجسد حيويته وطاقته وليستعيد العقل نشاطه بعد التعرض للضغوط النفسية والإجهاد طيلة النهار، وإذا ما حُرم الإنسان النوم مدة تزيد عن يوم كامل بدأ يعاني من الإرهاق النفسي، وإذا زادت الأيام دون أي نوم فإن البعض يضطرب عقلياً وتظهر لديه الأهلاس والتوهمات . وفي رمضان يضطرب نظام نوم بعض الصائمين إذ ينفقون الليل في السمر والأكل والشرب، حتى إذا اقترب الفجر تسحروا وناموا، وبعضهم يحرص على صلاة الفجر فينام بعد أن يؤديها.. ومع أن الحكومات في معظم البلدان الإسلامية تؤخر بداية الدوام الرسمي في رمضان فإن الساعات الباقية بين الفجر وبداية الدوام لا تكفي ليستعيد هذا الصائم نشاطه العقلي والبدني وقد حرم نفسه من ساعات النوم التي اعتاد عليها، فيذهب إلى عمله والإرهاق ظاهر على وجهه والكسل مسيطر عليه ولا رغبة له في العمل، فتمر ساعات العمل شاقة عليه ومزعجة له. إنها عادة لا تتمشى مع نمط الحياة المعاصرة حيث الواجبات الكثيرة والمواعيد المنتظمة، وحتى أيام النبي صلى الله عليه وسلم حيث لم يكن شعور الناس بالزمن زائداً كما هو حالنا اليوم، مع ذلك لم تكن عادته صلى الله عليه وسلم أن يسهر الساعات الطويلة ينتظر السحور إلاّ إن سهر لقيام الليل وتلاوة القرآن. إن لأبداننا علينا حقاً، ويكفيها في رمضان مشقة الصيام عن الطعام والشراب والشهوة، ومن الخطأ أن نضيف إلى تلك المشقة اضطراب نظام النوم لدينا حيث ننام في النهار بعد العودة من أعمالنا أكثر بكثير مما ننام في الليل. ومن ناحية أخرى فإن بعض الصائمين الميالين بطبعهم إلى القلق النفسي قد يعانون في رمضان من انخفاض معنوياتهم في النهار، ويبدأ ذلك لديهم منذ الصباح مع أنهم لم يجوعوا بعد ولم يعطشوا وبخاصة إن كانوا قد تسحروا قبيل الفجر، وانخفاض معنوياتهم هذا يعود إلى إحساسهم بقلق غامض مرتبط بخوفهم من المعاناة نتيجة عدم قدرتهم على الأكل والشرب إلى غروب الشمس، وهذا قلق وتخوف لا داعي له، إذ ديننا دين رفع الحرج، وديننا دين الرحمة ولا مكان فيه لتعذيب النفس، فالذي صام إن بلغ به الجهد حد الألم والمعاناة فالرخصة له في أن يفطر ويصوم بعد رمضان بدلاً عما أفطر، هذه الرخصة قائمة، وكل مؤمن أدرى بنفسه وبقدرته على إتمام صومه، ولن يخدع اللهَ أحدٌ، فهو العالم بالسر وما أخفى من السر، وهو الذي يعلم ما في نفوسنا ولا نعلم ما في نفسه سبحانه وتعالى، لكن الذي لا شك فيه ولا خلاف عليه أن الله لا يرضى لنا العذاب والمشقة والحرج، وأننا مطالبون أن نتقيه ما استطعنا، وأنه لا يطالبنـا بما لا طاقة لنا به، والمؤمن الصائم إن كان من الذين يميلون إلى القلق النفسي سيخف قلقه إن أدرك أن الرخصة بالفطر إن بلغ به الجهد حداً يؤلمه قائمة ومتاحة له، وعلى الغالب فإنه لن يفطر، إذ قلما يبلغ الجهد بالإنسان حد العجز عن الاستمرار في الصوم دون معاناة إلاّ في حالات خاصة يتعرض فيها الصائم لحر شديد مثلاً أو لا يصحو للسحور ويجهده الجوع أو غير ذلك . أما إن أصابه المرض وهو صائم حتى لو كان صداعاً فله أن يفطر ويتداوى، هذا وإن كان الصيام ضاراً بصحته فليس له الخيار، بل عليه المحافظة على صحته وهو معذور في ذلك من الخالق الرحيم الذي كتب علينا الصيام كما كتبه على الذين من قبلنا لعلنا نتقيه لا ليعذبنا به.. إن الظن أن تعذيب الجسد يؤدي إلى سمو الروح، والظن أن تعذيب الجسد عبادة يتقرب بها الإنسان إلى الله ليس من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم. لقد نزَّه الله دينه عن الحرج، والحرج دون العذاب والمعاناة الصريحة: "مـا يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون" (المائدة 6)، "هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج، ملة أبيكم إبراهيم، هو سماكم المسلمين من قبل.. " (الحج 78). فلنقبل على صيامنا منشرحين بالطمأنينة إلى رحمة الله بنا، فهو الرؤوف الرحيم سبحانه وتعالى . |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
(30) رسالة قصيرة في شهر رمضان فيصل بن سعود الحليبي بسم الله الرحمن الرحيم (1) نتعلم في رمضان: أن نحافظ على صلواتنا في أوقاتها كما نحافظ على صومنا في وقته، تأمَّل اقتران شأن الخشوع في الصلاة مع الصوم في صفات المؤمن، {وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ} [الأحزاب:35]. (2) نتعلم في رمضان: كيف ندير أوقاتنا بكل دقة؛ فشربة ماء واحدة بعد دخول وقت الفجر تفسد الصوم، {وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ} [البقرة:187]. (3) نتعلم في رمضان: أن نسمو بأهدافنا، فليس الهدف من الصيام الجوع والعطش؛ وإنما ليكون المؤمن تقيًا يفعل ما يأمره الله وينتهي عما نهاه عنه، وتلكم التقوى، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} [البقرة:183]. (4) نتعلم في رمضان: أننا نستطيع أن نمسك جوارحنا عن الحرام تعبَّدًا لله تعالى، كما استطعنا أن نمسك أفواهنا عن الشراب والطعام تعبَّدًا له سبحانه، قال ﷺ: «مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به، فليسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ في أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ» (رواه البخاري). (5) نتعلم في رمضان: ألا نغش، بل نتذكر أن الله مطلع علينا دائمًا، ولولا هذا الإحسان لأكلنا وشربنا في حال اختفائنا عن أعين من حولنا، والإحسان هو: «أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأنَّكَ تَرَاهُ، فإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّه يَرَاكَ» (رواه البخاري). (6) نتعلم في رمضان: تعظيم النعمة، فانظر توقان النفس إليها حال الصيام، والاحتفاء بها عند الإفطار؛ لشدة الحاجة إليها، وإن من تعظيمها: الحفاظ عليها، وعدم امتهانها، وشكر الله عليها، {يَابَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِين} [الأعراف:31]. (7) نتعلم في رمضان: الفرح، فنفرح بكل نعمة أنعم بها الله علينا، فرح الشاكرين لنعمه، ومن أعظمها: نعمة الهداية، فهي تفرحك فرحتين: في الدنيا مِرَارَاً، وحين تلقى الله تعالى أبدًا، قال صلى الله عليه وسلم: «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ» (رواه البخاري). (8) نتعلم في رمضان: الصبر على تحقيق الأمنيات الجميلة، فلا مانع أن يترك المرء بعض ملذاته ليحقق ملذات أبقى وأكمل، فيصوم فيغفر الله له، ويترك الملهيات ليحقق النجاح والفلاح، تأمَّل ما جعل الله من أثر على صوم يوم واحد فقط، قال صلى الله عليه وسلم: «من صامَ يومًا في سبيلِ اللهِ زحزحَ اللَّهُ وجْهَهُ عنِ النَّارِ بذلِكَ اليومِ سبعينَ خريفًا» (رواه النسائي وصححه الألباني). (9) نتعلم في رمضان: كيف نضبط انفعالاتنا تجاه كل شيء يثيرها، فالمرء بوقاره أكثر حكمة وهيبة وسلامة، قال النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «وإذا كان يومُ صَومِ أحَدِكم فلا يَرفُثْ ولا يصخَبْ، فإن سابَّهَ أحدٌ أو قاتَلَه فلْيقُلْ: إنِّي امرؤٌ صائِمٌ» (متفق عليه). (10) نتعلم في رمضان: أن ننمي شعورنا بالآخرين، فنفرح معهم في لحظات الفرح كما يحصل ذلك لحظة تفطير الصائمين ولو كانوا أهلك وذريتك، ونواسيهم لحظات الشدة، كما تشعرنا به لحظات العطش والجوع، فنمد لهم يد العون والمساعدة، فإن ذاتك ترتقي حينما تنضم بمشاعرك إلى مشاعر الآخرين، «تَرَى المُؤْمِنِينَ في تَراحُمِهِمْ وتَوادِّهِمْ وتَعاطُفِهِمْ، كَمَثَلِ الجَسَدِ، إذا اشْتَكَى عُضْوًا تَداعَى له سائِرُ جَسَدِهِ بالسَّهَرِ والحُمَّى» (رواه البخاري). (11) نتعلم في رمضان: التيسير والتخفيف ما لم يكن فيهما تجاوز على حدود الله، ألا ترى أن في وسط آيات الصيام قال سبحانه: {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة:185]، وفي الحديث: (ما خُيِّرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْنَ أمْرَيْنِ قَطُّ إلَّا أخَذَ أيْسَرَهُمَا، ما لَمْ يَكُنْ إثْمًا، فإنْ كانَ إثْمًا كانَ أبْعَدَ النَّاسِ منه) (رواه البخاري). (12) نتعلم في رمضان: أن نوثِّق الصلة بالقرآن الكريم، كيف وقد أنزله الله فيه فقال سبحانه: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}، فماذا لو كنَّا طيلة السنة مع القرآن كما نكون معه في رمضان!! [البقرة:185]. (13) نتعلم في رمضان: أن نتدرب على قيام الليل؛ ليكون لنا منه نصيب في كل ليلة، فما أجمل التهجد بين يدي الرحمن؛ ابتغاء المغفرة والرضوان، قال صلى الله عليه وسلم:( {مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ} ) (متفق عليه). (14) نتعلم في رمضان: كيف تُبْسطُ الأيدي بالعطاء، فلأنَّ الله يضاعف فيه الحسنات، نضاعف نحن بذلنا وإحساننا، (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجوَدُ ما يَكونُ في رَمَضَانَ) (رواه البخاري). (15) نتعلم في رمضان: أن نؤمل في الله آمالنا التي تليق بعظمته وكرمه، فهو يعطي على القليلِ الكثيرَ الذي لا يحصيه إلا هو سبحانه، قال صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي وأنا أجْزِي به» (رواه البخاري)، فاعملوا وأخلصوا واتبعوا وأملوا وأبشروا. (16) نتعلم في رمضان: أن الله قريب يجيب دعواتنا الصالحة مهما كانت حاجاتنا، فمن بين آيات الصيام قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة:186]. (17) نتعلم في رمضان: أن نفوسنا إلى الخير أقرب، فقط تحتاج منا إلى مجاهدة على المعروف، فتُهدى بهدى الله تعالى، {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِين} [العنكبوت:69]. (18) نتعلم في رمضان: أن نبادر إلى الفرص فلا نفوّتها؛ فإنها قد لا تعود، تأمَّل كيف وصف الله فرصة رمضان فقال سبحانه: {أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ} [البقرة:184]. (19) نتعلم في رمضان: أن نحب لأحبابنا ما نحبه لأنفسنا، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخلت العشر الأواخر يوقظ أهله للعبادة، (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ...أَيْقَظَ أَهْلَهُ) (رواه البخاري ومسلم). (20) نتعلم في رمضان: أن القيام بين يدي الله حياة للقلوب، تأمل قول عائشة رضي الله عنها: كَانَ رسُول اللَّهِ ﷺ: (إِذا دَخَلَ العَشْرُ الأَوَاخِرُ مِنْ رمَضَانَ أَحْيا اللَّيْلَ) (متفقٌ عَلَيهِ). (21) نتعلم في رمضان: أن بعض الأعمال ولو كانت قليلة، إلا أن نفعها عظيم، تأمل ليلة القدر، فهي مع كونها ليلة واحدة إلا إنها خير من ألف شهر، {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر} [القدر:3]. (22) نتعلم في رمضان: أن لدينا قوة هائلة من الصبر على طاعة الله تعالى حينما تتوكل النفوس على الله، وترجو ما عنده، وينضم بعضها إلى بعض لتشكل حزمة قوية من التعاون على المصابرة على العبادة، حتى لا يشعر أحدنا بالغربة فيتعب، تأمل كيف تصوم شهرًا كاملاً، وتقوم عددًا من الركعات، حينما كنت لا تفعل ذلك قبل رمضان! (23) نتعلم في رمضان: أن نقضي ما في ذممنا من حقوق لله ولخلقه متى ما قدرنا على ذلك، تدبرها في قوله سبحانه: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184]. (24) نتعلم في رمضان: أنه لا مانع أن يزيد المؤمن من إقباله على الطاعات في مواسم مضاعفة الحسنات، وهذا لا يدل على ضعفه في غيرها، بل يدل على فطنته وعلمه، (فلقد كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَجْتَهِدُ فِي رَمضانَ مَالا يَجْتَهِدُ في غَيْرِهِ، وَفِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ منْه مَالا يَجْتَهدُ في غَيْرِهِ) (رواه مسلم). (25) نتعلم في رمضان: ألا نيأس من روح الله أن نفوز بجنته، فنجدد التوبة إليه سبحانه، قال صلى الله عليه وسلم: «إنَّ لله عتقاءَ في كلِّ يوم وليلة، لكلِّ عبد منهم دعوةٌ مستجابة»، أي: في رمضان، رواه أحمد وهو صحيح، اللهم اجعلنا منهم. (26) نتعلم في رمضان: أن اجتماع الكلمة نعمة، وأن فرقتها فتنة، تأمَّل كيف تجتمع الصفوف في القيام في رمضان، وكيف تأتلف النفوس على موائد الإفطار والسحور، قال صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الرَّجلَ إذا صلَّى معَ الإمامِ حتَّى ينصرفَ حسبَ لَه قيامُ ليلةٍ» (رواه النسائي وصححه الألباني). (27) نتعلم في رمضان: العفو عن الناس، ففي دعاء ليلة القدر: (اللهمَّ إنك عفوٌّ تُحبُّ العفوَ فاعفُ عنِّي) رواه الترمذي وحسّنه، وكما نحب أن يعفو الله عنا، فلنعف عن خلقه، قال سبحانه: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [النور:22]، اللهم إني عفوت عن خلقك فاغفر لي واعف عني. (28) نتعلم في رمضان: أن المؤمن إذا وفَّقه الله للطاعة تجده بين رجاء قبولها، وخوف ردها، فلا يعجب بعمله، ولا يقنط من رحمة ربه، تأملها في قوله سبحانه: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} [الزمر:9]. (29) نتعلم في رمضان: أن النفس بحاجة إلى تزكية دورية، تتطهر فيها من اللغو والرفث، تأمَّله في حكمة زكاة الفطر، (فَرَضَ رسولُ اللهِ صدقةَ الفطرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ والرَّفثِ، طُعْمَةً لِلْمَساكِينِ) رواه أبو داود بإسناد حسن. (30) نتعلم في رمضان: أن المؤمن إذا وفقه الله لإتمام الصيام، فإن عليه أن يذكر الله بالتكبير والشكر، ويفرح بعيده فرح الطيبين بفضل الله، قال سبحانه: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة:185]. تقبل الله مني ومنكم صالح الأعمال، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
رمضان فرصة العمر: كيف نفوز فيه؟ لو يعلم الناس ما في رمضان مِن مِنَح وعَطايا ربَّانية، لتمنوا أن تكون السنةُ كلها رمضان. كثير من الناس وافاهم الأجل خلال هذه السنة، بل في شعبان، بل في الأسبوع الأخير منه، بل في اليوم الأخير منه، ماتوا ولم يُدركوا رمضان، ولكم تمنوا وهم أحياء أن يُدركوا رمضان ليفعلوا ويفعلوا من أنواع الطاعات والعبادات، ولكنهم أفضوا إلى ما قدموا {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} [النحل: 61]، وأنتَ منَّ الله عليك في عُمرك، وها أنت تُدرك رمضان فإيَّاك من التفريط، واغتنم فرصة إدراكك لرمضان، واستفد من أمنِيَات الأموات التي لن تتحقق أبدًا، وكُن نبيهًا فَطنًا فربَّما أتممت رمضان وربَّما لا يُكتب لك إتمامه، وربَّما أدركت رمضان الموالي، وربَّما تُصبح في عِداد الأموات. عباد الله، جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم،فقال له: "يا رَسُولَ اللهِ، مَتَى السَّاعَةُ؟ قالَ: «وَما أَعْدَدْتَ لَهَا» ؟ فَلَمْ يَذْكُرْ كَبِيرًا، قالَ: وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قالَ: «فأنْتَ مع مَن أَحْبَبْتَ»[1]. المشكلة ليست في الحرص على وقت قيام الساعة، فهذا أمر لا يطَّلِع عليه إلا الله، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [لقمان: 34]، فالساعة كائنة لا محالة في ذلك، وإذا مات الإنسان قامت قيامته، لكن السؤال الكبير الذي نغفل عنه هو: ماذا أعددنا لقيام الساعة؟ ماذا أعددنا للآخرة؟ ماذا أعددنا لساعة رحيلنا وموتنا؟ هذا هو السؤال الأهم من الساعة نفسها، ولكن مشكلة الإنسان في ترك ما يهمه، والسؤال عمَّا لا يهمه. وقياس هذا الأمر برمضان فإنه يختلف معه في أمر، ويتفق في أمرِ آخر، يختلف في معرفة توقيت كل منهما، فالساعة توقيتها مجهول، ورمضان وقت دخوله وتكراره كل سنة معلوم، ويتفقان في ضرورة الإعداد لكلٍّ منهما، بل الإعداد لرمضان جزء من الإعداد للسَّاعة ولساعة رحيل الإنسان، لماذا؟ لأنَّ: • صيام رمضان طريق لمغفرة ذنوبك: قال صلى الله عليه وسلم: «مَن صَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ»[2] ، أليس يجدر به أن تعدَّ له إذا كان سببًا في مغفرة ذنوبك؟! • الصيام والقرآن يشفعان لي ولك: قال صلى الله عليه وسلم: «الصِّيامُ والقرآنُ يَشفعانِ لِلعبدِ يومَ القيامةِ، يقولُ الصِّيامُ: أَيْ ربِّ، منَعْتُه الطَّعامَ والشَّهواتِ بالنَّهارِ، فشفِّعْني فيه، ويقولُ القرآنُ: منَعْتُه النَّومَ باللَّيلِ، فشفِّعْني فيه، قال: فيَشفَعانِ»[3]، أليس يجدر بك أن تصومه وتكثر من قراءة القرآن فيه إذا كان سببًا في أن يشفعهما الله فيك ويدخلك الجنة؟! رمضان فيه خصوصيات لا توجد في غيره من الشهور، إنه شهر: •فيه تفتح أبواب الجنة، وتغلق أبواب النار، وتسلسل فيه الشياطين، كما أخبرصلى الله عليه وسلم. تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار؛ لكثرة إقبال الناس على الطاعات وإدبارهم عن المعاصي، وهذا معلوم مشاهد، وتسلسل مردة الشياطين؛ عونًا من الله لعباده لتحقيق مقاصد الصيام. • وفيه التراويح والقيام جماعة في المسجد: فتجد على الخير أعوانًا فاجتهد واستعد للقيام؛ قالصلى الله عليه وسلم: «إنَّهُ من قام مع الإمامِ حتى ينصرفَ هو، كُتِبَ لهُ قيامُ ليلةٍ»[4]. • وفيه ليلة القدر والاعتكاف: قال أبو سعيد الخُدْري رضي الله عنه: "اعْتَكَفَ رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ الأُوَلِ مِن رَمَضَانَ واعْتَكَفْنَا معهُ، فأتَاهُ جِبْرِيلُ، فَقالَ: إنَّ الذي تَطْلُبُ أمَامَكَ، فَاعْتَكَفَ العَشْرَ الأوْسَطَ، فَاعْتَكَفْنَا معهُ فأتَاهُ جِبْرِيلُ فَقالَ: إنَّ الذي تَطْلُبُ أمَامَكَ، فَقَامَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم خَطِيبًا صَبِيحَةَ عِشْرِينَ مِن رَمَضَانَ فَقالَ: «مَن كانَ اعْتَكَفَ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلْيَرْجِعْ، فإنِّي أُرِيتُ لَيْلَةَ القَدْرِ، وإنِّي نُسِّيتُهَا، وإنَّهَا في العَشْرِ الأوَاخِرِ، في وِتْرٍ...»[5]. إلى غير ذلك من خصوصيات الشهر الفضيل، والمحروم حقيقة من ضيَّع فرصة عمره، روى ابن حبان في صحيحه: صعِد رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم المنبرَ فلمَّا رقِي عَتبةً قال: «آمينَ» ثمَّ رقي عتبةً أخرى فقال: «آمينَ» ثمَّ رقي عتبةً ثالثةً فقال: «آمينَ» ثمَّ قال: «أتاني جبريلُ فقال: يا محمَّدُ، مَن أدرَك رمضانَ فلم يُغفَرْ له فأبعَده اللهُ، قُلْتُ: آمينَ، قال: ومَن أدرَك والديه أو أحدَهما فدخَل النَّارَ فأبعَده اللهُ، قُلْتُ: آمينَ، فقال: ومَن ذُكِرْتَ عندَه فلم يُصَلِّ عليكَ فأبعَده اللهُ، قُلْ: آمينَ، فقُلْتُ: آمينَ»[6] . عبادَ الله، كيف نستغل فرصة إدراكنا لرمضان حتى يتحقق لنا الفوز الذي وُعدنا به في رمضان؟ هذا ما سأختصره- لي ولك- في النقط الآتية، فأعرني سَمعك وقلبك؛ لأن المَقام يقتضي الفهم ثم العمل بعد ذلك: أدرك أولًا المغزى والفائدة والمقصد من الصيام: وهي سبعة مقاصد نستفيدها كلها من الآيات 183 إلى 186 من سورة البقرة: الأولى: تحقيق التقوى؛ لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]. والثانية: اليسر؛ قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]، فإياك أن تبحث عن التعسير فيزداد إنفاقك على بطنك، وإياك من الشبع غير المعتاد فتضيع حكمة الصيام. والثالثة: إكمال العدَّة؛ قال تعالى: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ} [البقرة: 185]، فرمضان دورة متكاملة وإياك من الحماسة الأولى ثم بعدها تتراخى. والرابعة: تعظيم الله؛ قال تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185]. والخامسة: الوصول إلى مرتبة الشكر؛ قال تعالى: {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185]، وقال في سورة آل عمران: {فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [آل عمران: 123]. والسادسة: أن تشعر بقرب الله منك؛ قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} [البقرة: 186]. والسابعة: تحقيق الرشد؛ قال تعالى: {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186]. ثانيًا: ضع برنامجًا مناسبًا لتحقيق المقاصد السبعة السابقة في رمضان، وأقترح عليك مثلًا أن يتضمن البرنامج الآتي: • عدد مرات ختمك القرآن خلال الشهر. • برنامج للمحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها، وصلاة التراويح مع الجماعة وبرنامج لقيام خاص بك. • برنامج صدقات خاصة بك. • برنامج لتفطير الصائمين. • برنامج للأسرة يتضمن صوم الأطفال وجلسات للذكر وقراءة القرآن، وتفسير آية أو شرح حديث بصورة يومية منتظمة. • حدِّد أدعية بالأمور التي تريد من الله أن يحقِّقها لك لتكررها عند الإفطار وفي السحر يوميًّا، وتعرَّف على جوامع الأدعية مثل: «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنِّي...». • حدِّد خلقًا سيّئًا تريد التخلصَ منه؛ فرمضان خير مُعين لك؛ كالتدخين وظاهرة السب والشتم أو الغضب... • حدِّد خلقًا حسنًا تُريد تنميته كالمحافظة على الصلاة والالتزام بالحجاب الشرعي... وكل منَّا أدرى بما سيضيفه في برنامجه، واحرص أن يكون مكتوبًا؛ لأنك في مدرسة الصيام التي يُرجى منها تحقيق النتائج إن صدقت عزيمتك، وصحَّ توكُّلك على الله. فاللهم بارك لنا في رمضان، واهدنا فيه لأحسن الأخلاق فإنَّه لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنَّا سيِّئها فإنه لا يصرف سيئها إلا أنت. (تتمة الدعاء). [1] رواه مسلم برقم: 2639. [2] رواه البخاري برقم:38. [3] صحيح الترغيب والترهيب برقم:984. [4] رواه الترمذي برقم:806، وقال: حديث حسن صحيح. [5] رواه البخاري برقم:813. [6] رواه ابن حبان برقم:409. وصححه شعيب الأرناؤوط في تخريجه لصحيح ابن حبان. __________________________________________________ __________ الكاتب:عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
اكتشف نفسك في شهر رمضان الكريم مسعود صبري هل حاولت أن تكتشف نفسك في رمضان؟ حيث يعتبر شهر رمضان الكريم من الشهور الكاشفة لمن يريد أن يعرف نفسه، ذلك أن كثيرا من الناس يصاب بداء ” التيه”، فهو لا يقف عند حقيقة نفسه، وإن عرف منها شيئا، فقد غابت عنه أشياء، فيأتي رمضان كاشفا عن تلك النفس بعد أن تصفد الشياطين ومردة الجان، فتظهر النفس على حقيقتها، فأيما ذنب أحبته نفسك ورأيتها تحبه حتى في رمضان، فهذا ليس وسوسة من الشيطان، إنما هو من خبيث النفس.فاكتشف نفسك في شهر رمضان. من العلامات الفارقة بين وساوس الشيطان وغلبة الهوى والنفس أن الشيطان يجعلك تحب كل معصية، فيوسوس لك غالب المعاصي حتى تقع فيها، وأما النفس، فهي تريد المعصية التي تحبها وتديم عليها، فهي تميل إلى نوع أو أنواع بعينها من المعاصي فتلك النفس الأمارة بالسوء، فغالب الناس نفسه تأمره بالسوء لحبها له، كما قال تعالى: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ } [يوسف: 53]، فكثير من النفوس البشرية تأمر أصحابها بالمعصية دائما، وهناك نفوس حفظها الله تعالى بحفظه، ووفقها لطاعته، فهي لا تأمر صاحبها إلا بالخير والطاعة، ولكنها مقارنة بالأمارة أقل. كثير من النفوس البشرية تأمر أصحابها بالمعصية دائما، وهناك نفوس حفظها الله تعالى بحفظه، ووفقها لطاعته، فهي لا تأمر صاحبها إلا بالخير والطاعة، ولكنها مقارنة بالأمارة أقلوالوقوف على استمرار المسلم في ارتكاب المعاصي في رمضان الكريم يُفهمه نفسَه، وأنه يجب أن يجاهدها بالخوف من عذاب الله تعالى، والحرص عليها والحب لها من أن ينالها العذاب الشديد، وأن يطمعها في جنة الله تعالى، كما قال سبحانه: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى . فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: 40، 41]، فإذا جاهدها هداها الله تعالى الصراط المستقيم، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69]، فحينئذ تصل نفسه إلى أن تكون في رتبة النفس المطمئنة التي يخاطبها الله تعالى بقوله: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ .ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً . فَادْخُلِي فِي عِبَادِي . وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر: 27 – 30]. فارقب قلبك عند القرآن، فإن وجدت فيه نشاطا في رمضان وإقبالا عليه، فقلبك تجاه القرآن سليم، وإن رأيته معرضا عنه؛ فأنت بحاجة إلى مداواة قلبك. وارقب قلبك عند الصلاة وقيام الليل، فإن سهل عليك قيام الليل والصلاة؛ فقلبك سليم، ونفسك صالحة، وإن ثقل عليك؛ فاعلم أن نفسك مريضة أمارة بالسوء تحتاج إلى مداواة. و حتى نلم بفرضية اكتشف نفسك في شهر رمضان، نجدأن شهر رمضان الكريم شهر كاشف لضعف النفس البشرية، فإنه – في ذات الوقت- كاشف للطاقات الكامنة في تلك النفس، وقدرتها على الإنجاز والعمل الصالح، فكثير من الناس لم يكن يقدر على الصيام في غير رمضان، وإن سألته: لم لا تصوم النوافل؟ كانت إجابته: أنا لا أستطيع، لكنه في رمضان وجد الصيام سهلا يسيرا، استطاعته ثلاثين يوما متتاليا، وهي نتيجة يصعب أن يجربها في غير رمضان، وهذا يعني أن رمضان كشف له عن قدرة نفسه في الصيام. وكثير من الناس لم يكن يستطيع أن يقرأ جزءا من القرآن كل يوم، فإذا به في رمضان يختم القرآن مرة أو مرتين أو أكثر، وهذا اكتشاف للطاقات الكامنة في النفس البشرية. وإن كثيرا من الناس لم يركع ركعتين في جوف الليل في غير رمضان، فإذا به يصلي التراويح والتهجد، مما يكشف له مكنون نفسه القادرة على إنجاز الأعمال. إن من أعظم ما في رمضان هو أنه يبين لك حقيقة نفسك قوة وضعفا، قدرة وتكاسلا، ليعالج كثيرا من الأوهام التي تصيب نفوسنا، بأننا غير قادرين، فنقبل على نفوسنا ونحن عالمون بحالها، قادرين على قيادتها لما فيه فلاح الدنيا والآخرة، من تحقيق الأهداف، والوصول إلى ما نصبو إليه، بتلك القيادة الحكيمة للنفس البشرية، وسر المعرفة لتلك النفس هو رمضان، تلك المعرفة التي تجعل المرء عابدا لله تعالى لا عابدا لرمضان، فيتدرب فيه على الصيام والقيام والمحافظة على الصلوات في جماعة، وعلى البر والإحسان، وعلى مراقبة الله تعالى، فيتزود منه طيلة العام بعد أن وقف على مكنون نفسه وجوهرها، فتستقيم النفس كما أمرها الله تعالى، حتى تكون نفسا مطمئنة بذكر الله تعالى وطاعته، لا أن تكون نفسا أمارة بالسوء لصاحبها فتورده المهالك. أعظم ما في رمضان هو أنه يبين لك حقيقة نفسك قوة وضعفا، قدرة وتكاسلا، ليعالج كثيرا من الأوهام التي تصيب نفوسنا، بأننا غير قادرينإن رمضان دورة تدريبية لاستكشاف النفس وطاقاته الهائلة التي لا نستخدم منها إلا النذر اليسير، فرمضان يبين أسرار الله تعالى في النفس البشرية، وكم هي قادرة على العطاء والبذل، وليجتهد المسلم أن يكون هذا العطاء والبذل إما في واجب من الواجبات، أو في أمور مستحبة، أو على أقل تقدير أن يكون في أمور مباحة شرعا، فيكون المسلم منشغلا بما ينفع نفسه في دين أو دنياه.. كما يعلمنا رمضان الابتعاد عن سفاسف الأمور، فإن من ترك الطعام والشراب والجماع الذي هو في أصله مباح، هو قادر على أن يترك كل صنوف الحرام، وهو من أهم دروس رمضان أنه يعلم المسلم التقوى، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]، والتقوى هي فعل ما أمر الله واجتناب ما نهى عنه، ولكن المسلم في رمضان يصل إلى درجة أعلى وهو ترك ما أصله مباح في النهار، فيسهل عليه ترك الحرام… لماذا نقول: اكتشف نفسك في شهر رمضان، لأن رمضان – ببساطة – مدرسة لاستكشاف طاقات الإنسان التي لا تنتهي، وعلى المسلم أن يستفيد من هذا الشهر في معرفة نفسه، فإن من عرف نفسه؛ كان قادرا على أن يسوسها نحو خيرها في الدنيا والآخرة. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
من دروس رمضان الحمدُ لله الحليمِ الشكور، العزيز الغفور، أحْمَد ربِّي وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريك له، العليم بذات الصُّدور، وأشهد أنَّ نبيَّنا وسيِّدنا محمَّدًا عبده ورسوله الدَّاعي إلى كلِّ عملٍ مبرور، اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الحديد: 28]. أيُّها المصلون، تخرج المسلمون في مدرسة الصيام بنسبٍ مُتفاوتة، ونتائج مُتباينة، وإن في ذهاب الأيام والليالي لعبرةً، عشية تمضي، وبكرة تأتي، ألاَ وإنَّ سُرعة مُضِيِّ الليل والنهار لتؤكِّد تقارُب الزمان الذي هو من أشراط الساعة التي أخبرنا بها المصطفى - عليه الصلاة والسلام - كما ثبت في الصحيحين، وفي محكم التنزيل: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان: 62]. إخوة الإيمان، لقد ظل المسلمون شهرًا كاملاً ينالون من نفحات ربهم، متقلِّبين بين دعاء وصلاة، وذكر وصدقة وتلاوةٍ للقرآن. وصدق الله إذ يقول: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 184]، فسرعان ما انقضت. حقًّا لقد كان رمضانُ مدرسةً تعلمنا منها دروسًا عديدة، فمن أبرز ذلك ما يلي: أولاً: تحقيق العبودية لله - سبحانه - بفعل ما أمر، فالمسلم يُمسك في وقت محدد، ويأكل في وقت معلوم؛ امتثالاً لأمر الله، مراقبًا مولاه. والثاني من دروس رمضان: زيادة الارتباط بالقرآن سماعًا وتلاوة، فكم من الأجر في قراءته! وكم من الأثر عند تدبره! فحَرِيٌّ بالمسلم بعد رمضان أنْ يكونَ له ورد منه يقرؤه يوميًّا، وفي "صحيح البخاري" قال - عليه الصلاة والسلام - لعبدالله بن عمرو: «اقرأ القرآنَ في شهر»، قلت: إنِّي أجد قوة، حتى قال: «فاقرأه في سبع، ولا تزد على ذلك»، إنك - رعاك الله - حين تقرأ ورقتين مع كل صلاة مفروضة تَختم القرآن كُلَّ شهر. وإنَّ من دروس الصيام التربوية تربيةَ النفس على الصبر، ففي رمضان تَجتمع أنواعُ الصبر الثلاثة: صبر على الطاعة، وعن المعصية، وعلى أقدار الله. ومن الآثار الطيبة التي تركها رمضان: إِلْف المُكث في المسجد والبقاء فيه، والمساجد بيوت الله، فكم من الخيرات يُحصِّلها من طال بقاؤه في المسجد. ومن دروس رمضان المهمة: تعوُّد المسلم على صلاة الليل، وعلى المسلم أن يتدرج بنفسه، فيا مَن كان لا يُصلي الوتر، حافظ على ركعة، ويا من كان يوتر بواحدة قبل رمضان، حافظ الآن على ثلاث، ويا من كان يوتر بثلاث، حافظ الآن على خمس وهكذا، والمصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يوتر بإحدى عشرة ركعة. وفي الصحيحين عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: "كان الرجلُ في حياة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا رأى رؤيا، قصَّها على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: وكنت غلامًا شابًّا عَزَبًا، وكنت أنام في المسجد على عهد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فرأيتُ في النوم كأنَّ مَلكين أخذاني فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطَيِّ البئر، وإذا لها قرنان كقرني البئر، وإذا فيها ناس قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، قال: فلقيهما ملك، فقال لي: لَمْ تُرَعْ، فقصصتها على حفصة، فقصتها على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «نِعْمَ الرجل عبدالله، لو كان يصلي من الليل»، قال سالم: فكان عبدالله بعد ذلك لا ينام من الليل إلاَّ قليلاً. إخوة الإسلام، حَقًّا لقد كان الصيامُ مدرسةً إيمانية تربوية، فانظر كيف يربِّي المسلمَ على تنزيه لسانه عن الفُحش والحرام من سبٍّ وغيبة وكذب وغير ذلك. بل كم قَوَّى رمضان، وأظهر وحدة المسلمين في أصقاع المعمورة! فالناس تُمسك في وقت واحد، ثم تفطر في وقت واحد. كم تعود المسلم في هذا الشهر على البذل والصدقة! وكم هو جميل أن يُخصص المسلم جزءًا من ماله يتصدق به كل شهر؛ {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: 39]. كم يرفع المسلم كفيه إلى السماء يتضرع إلى مولاه الكريم، ويَسأله العفو والصفح، ويطلب منه من خيري الدُّنيا والآخرة! نعم أيُّها الفضلاء، هذه دروس يسيرة من آثار شهر الصيام الكبيرة الكثيرة، نفعني الله وإيَّاكم بالقرآن والسنة، وبما صرَّف فيهما من الآيات والحكمة، واستغفروا الله إنه كان غفارًا. أيُّها الفضلاء، إذا كان للصوم هذه الفوائد المتنوعة وغيرها، فحريٌّ بالمسلم أن يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، كما وصى بذلك الحبيب - صلَّى الله عليه وسلَّم - أصحابه، فالصيام قوة في الإيمان، وعافية في الأبدان، فاستعنْ بالله واعقد العزم على ذلك. إخوة الإسلام، إنَّ الشارع الحكيم قد سنَّ صيام الست من شوال، وجعل ذلك من مُتابعة الإحسان بالإحسان، فقد قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «مَن صام رمضان وأتبعه بسِتٍّ من شوال كان كصيام الدهر كله»؛ (رواه مسلم). وقد قال بعض أهل العلم: إنَّ وجه كون صيام الست بعد رمضان كصيام الدهر، هو أنَّ الله - جلَّ وعلا - جعل الحسنة بعشر أمثالها، كما في قوله: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160]، فصيام رمضان يُعدُّ مُضاعفًا بعشرة شهور، وصيام الست بستين يومًا، فيتحصَّل من ذلك أجرُ صيام سنة كاملة، والله أعلم. __________________________________________________ _____ الكاتب: حسام بن عبدالعزيز الجبرين |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
دعوة رمضانية محمد أكرم الندوي قالوا: كيف تقضي ليلك ونهارك في رمضان؟ قلت: سؤال جَلَل وذو شأن جسيم، وينبغي أن يوجَّه إلى غيري من عباد الله الصالحين والعلماء العاملين الذين يغتنمون أيامهم ويقدِّرونها فوق ما يقدِّر الناس الدر الثمين أو الجوهر المتألق الغالي، ولا يفرقونها بددا ولا يبذرونها تبذيرا، عابدين ربهم، مدبرين كتابه، تالين لآياته، وزائدي أنفسهم إيمانا وعلما، فإذا بلغوا رمضان شمروا عن ساق الجد، وبالغوا في السعي، وضاعفوا الخير، فارتفعوا إلى ربهم قربى وزلفى. قالوا: قد حكيت لنا عن بعضهم ما ملأ قلوبنا طموحا إلى المعالي وحنينا وشوقا، ونشكرك على نصحك لنا وسعيك في نفعنا وإسداء المعروف إلينا، وقد دفعنا هوانا لك أن نطلع على بواطنك وخباياك فأنت شيخنا وأستاذنا ومعلمنا. قلت: لا يغرينكم حب الفضول باستكشاف معايبي وتتبع عثراتي وملاحقة نقائصي، وإني على إحسانكم الظن بي لكم لمن الشاكرين، وعلى ستر عيوبي لربي لمن الحامدين. قالوا: رغبنا في استبيان ما أنت ناكف عن بيانه، وهوينا استجلاء ما أنت متقبض عنه ومشمئز منه اشمئزازا. قلت: أعفوني، فحياتي كتاب مفتوح أمامكم في صفحات فيها سواد وبياض، وفي ليال وأيام فيها أنوار وظلمات، وفي تقلبات من الدهر فيها أحزان ومسرات، لا خفي فيها ولا سر مكنون، لن تجدوا فيها ما تستطيبونه أو تستحلون، ولن تظفروا فيها بما يهدي إلى قلوبكم جمالا وحسنا، ولن تسكنوا فيها إلى ما يشفي أفئدتكم بعد كلالها وأساتها، وليس فيها طلول تمتع نظراتكم أو تستوقفكم استيقافا، وإنها لو عرضت للشرى لما كان لها شار، ولو شراها شار لتقطع قلبه حسرات على غبن. قالوا: ألق إلينا حياتك اليومية في هذا الشهر المبارك على هيئتها الرثة ومنحاها المهمل ومجافاتها الاستطراف والاستحسان، لعلنا نقف في طي المألوف من شأنك والمعتاد من أمرك على حكمة ضالة هى أغلى لنا من الزلال للعطشى الحيارى، وأحلى لنا من قبلة الأبكار العذارى، بمثابة مصباح ينير ظاهرنا وباطننا وجلايانا وخفايانا، أو بمنزلة عظة نتعلم منها درسا أو نستلهم منها استلهاما، أو تعطينا دافعا وأملا لنسير على درب ذوي العقول والألباب. قلت: أما إذ ألححتم هذا الإلحاح فاسمعوا: أستيقظ قبل طلوع الفجر بنصف ساعة أو أكثر، فأتوضأ، وأصلي ما تيسر لي، ثم أتسحر بشراب معتصر من ثمار وفواكه يغذيني ولا يثقلني إثقالا، وأتلو جزءا من كتاب الله تعالى يصلني به في رقة قلب وحنان، وأصلي ركعتي السنة، وأخرج إلى المسجد، وأصلي الفجر جماعة، وأسلم على بعض الشيوخ ممن أعتقد فيه الصلاح، حرصا مني على أن أسمع منه السلام علي فيمضي يومي كله في أمن وبركة، وأنقلب إلى بيتي وأنام ثلاث ساعات أو أكثر. أقوم في الساعة السابعة أو بعدها فأقبل على شرحي لصحيح مسلم، وغيره من الأعمال، وأخرج في الساعة الحادية عشر والنصف للرياضة البدنية، وأرتد منها قبل الساعة الواحدة، فأتلو جزءا من القرآن المجيد، ثم أصلي الظهر في المسجد جماعة، وأفيئ إلى مسكني وأعكف على بعض كتاباتي إلى الساعة الثالثة والنصف، ثم أستريح قليلا، وأستيقظ وأشتغل بالمطالعة والتأليف إلى الساعة السابعة قريبا، وأصلي العصر في المسجد جماعة، وأثوب من المسجد وأتدبر كتاب الله تعالى تدبرا، وقد أصرف شيئا من وقتي في التذكير والوعظ للمسلمين في أوكسفورد. وأفطر في المسجد على تمرات وماء، وأصلي المغرب، ثم أنكفئ إلى منزلي وأتناول عشاءا خفيفا، وأراجع مقالاتي يمليها الخاطر إملاء، وقد أبذل نصف ساعة أتحدث مع أهلي وبناتي، ثم أخرج لصلاة العشاء والتراويح، وقد تستلفتني بعض الآيات فأغرق فيها إغراقا، وقد تغلبني أحوال أستدر منها معاني جديدة وغذاء لقلبي وعقلي، وأرجع بعد الساعة الثانية عشرة، وأنام إلى الساعة الثانية والنصف. هذا دأبي في عامة أيام الأسبوع، وأقضي يومي السبت والأحد في إلقاء الدروس والمحاضرات، فيذهب فيها جل النهار أو كله. قالوا: لقد ساءنا ما ذكرت مستقلين عملك، فليس يومك مختلفا عن أيامنا. قلت: صدقتم، فلم أعهد في حياتي جديدًا ولا طريفًا، وإنها ذكريات أخْلِق بها أن تكتب على سطور النسيان، بيد أني أحمد الله ربي على أنه صانني من إهدار أوقاتي في زيارة الأصدقاء تضمنا أوقات الرزانة أوساحات اللعب، أو مطارحة الحديث مع الآنسين الذين عطفهم نبع الحنان كدجلة وفرات، ترن في أذني كلماتهم في الجد والهزل كنغمات عذبة، أو التسكع في الشوارع في مرح وعبث، أو مشاهدة البرامج الترفيهية، أو الوقوع في أعراض المسلمين، والحمد لله حمدا كثيرا على أني أحاول أن أصبح وأمسي غرثان من لحوم الغافلين والغافلات وشحومهم. قالوا: ذلك أمر ينبغي أن تحمد ربك عليه، ويا لها من سعادة حرمها كثير من الناس، ويا لها من بركة من أوتيها فقد أوتي حظا كثيرا. قلت: الحمد لله رب العالمين، ولا حول ولا قوة إلا به، وما أجمل الأيام وأصفاها تمضي في غير غفلة، وزمن المدمن في اللهو والباطل يمضي في عجلة، وساعات الخلي الفارغ ليست بمحسود عليها. قالوا: كيف ذكرك الله تعالى؟ قلت: أذكره وأنا أمشي إلى المسجد أو إلى حاجة من حوائجي، وأذكره وأنا في مضجعي وأوان استجمامي. قالوا: هل تشعر بحلاوة في الذكر؟ قلت: قد أجدها، فأحمد ربي عليها، وليس ذكره المجرد عن لذة ظاهرة عندي بدون ذكره الحافل بالحلاوة، فذكره رأس كل مقصود مستقل عما يضيف إليه فضلا أو يزيده معنى. قالوا: كيف تدبرك للقرآن؟ قلت: أقرأ آيات ثم أسعى لفقهها واستيعاب معانيها، مستعينا بتعليقات الإمام الفراهي وبعض تفاسيره، وقلما أراجع تفسير الكشاف أو الطبري وغيرهما. قالوا: كيف دعواتك في رمضان؟ قلت: أدعوه بدعوات، قالوا: ما أفضل دعوة دعوت بها في رمضانك هذا؟ قلت: دعوته أن يرزقني تدبر كتابه فأفقهه وأتبعه وأزداد بركة. قال تعالى: "كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب"، ومن بركة القرآن أنه كتاب هدى وشفاء ورحمة للمؤمنين، قال تعالى: "إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبير"، وقال: "وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين، ولا يزيد الظالمين إلا خسارا". وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لله تعالى أهلين من الناس، قالوا: يا رسول الله من هم؟ قال: هم أهل القران أهل الله وخاصته، وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خيركم من تعلم القرآن وعلمه، وأخرج مسلم عن عقبة بن عامر الجهني قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة فقال: أيكم يحب أن يغدو إلى بطحان والعقيق فيأخذ ناقتين كوماوين زهراوين بغير إثم بالله ولاقطع رحم؟ قالوا: كلنا يا رسول الله، قال: فلأن يغدو أحدكم كل يوم إلى المسجد فيتعلم آيتين من كتاب الله خيرا له من ناقتين وإن ثلاث فثلاث مثل أعدادهن من الإبل. قالوا: ما أحسن دعوتك! قلت: نعم هي السعادة لا أطلب غيرها، وهي تساوي الخلود في ربا الجنات، أنسى معها الأحزان والكدرات، ولا أبغي عنها بدلا مهما اشتدّ الزمان أو كان رفيقا، ومهما وفى الخليل أو كان ناكرا، ومهما داهمني حزن أو لاقيت ألمًا قاهرًا، قالوا: سنجعلها دعوتنا منذ اليوم سائلين ربنا الاستقامة لك والثبات. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
الصدقة في رمضان وفضلها (١) صدقتك سنابل خير في رمضان فاطمة الأمير يا معشر التجار وزراع الخير، ها هو الشهر أقبل عليكم، وبفيض الله ونفحاته حلَّت البركة علينا وعليكم، فالخير سيكون لنا إذا اغتنمنا من كل العبادات، وطرقنا أبواب ربِّ الرحمات نبتغي القبول والجزاء من حسن ما وفَّقنا الله لأداء العبادات. فشهر رمضان شهر الجود والإنفاق، شهر النفوس السخية، والأكُف الندية؛ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وأجود ما يكون في رمضان"(رواه البخاري). فإذا كنت زارعًا لسنابل الخير في رمضان؛ فهنيئًا لك بما سُجل لك من الحسنات؛ يقول الله سبحانه وتعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 261]. هل علمت ما هي العبادة التي يتضاعف أجرها وثوابها؟ إنها الصدقة، فإذا كان الدعاء والصيام متلازمين، فإن رمضان والصدقة لا يفترقان؛ فهي عبادة مضاعفة إلى ما شاء الله، والصدقة أداؤها عظيم في سائر الشهور والأيام، فكيف بها إذا أُخرجت في رمضان، وتحلَّت بشرف الزمان، ومضاعفة الثواب بها، فإذا كانت الأعمال تتباهى بصاحبها، فالصدقة من أعظم العبادات، فتتباهى بصاحبها وتفخر على غيرها من الأعمال والعبادات؛ يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إن الأعمال تتباهى فتقول الصدقة: أنا أفضلكم". ولنعلم أخي الصائم أن في إخراج الصدقة ترقيقًا للقلوب، وسعادة للنفس، فإن أخرجنا الصدقة، فلتكن ابتغاءً لوجه الله تعالى، ولا تجعلها مفاخرة بين الناس؛ يقول الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 264]. فلنحرص على إخفاء الصدقة؛ لكيلا يكون في إخراجها رياء أو مفاخرة، أو أن يكون في إخراجها أذى قد يقع في نفس المتصدق عليه، بل جمِّل صدقتك بابتسامة رقيقة عذبة مع تغليفها بأجمل العبارات التي تقع في نفس آخذها، فتكون قد جمعت بين عبادة الصدقة، وعبادة صلة الرحم، والتودد إلى القلوب، ولننظر إلى عِظَم أجر الصدقة وكيف أن عطاءها فيه الخير لكل معطى لها، ومن الأحاديث الدالة على عِظَم أجر الصدقة قوله صلى الله عليه وسلم: "ما تصدق أحدٌ بصدقة من طيب - ولا يقبل الله إلا الطيب - إلا أخذها الرحمن بيمينه - وإن كان تمرة - فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل؛ كما يربي أحدكم فُلُوَّه أو فصيله". فلا يجوز للمسلم أن يتصدق إلا من طيب ما كسب، فهذه تمرة نتصدق بها، فإذا بها تكون في كف الرحمن أعظم من الجبل، والصدقة تزيل الخطايا وتدفع عنا البلاء والوباء والمرض؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «والصدقة تطفئ الخطيئة كما يذهب الجليد على الصفا» (صحيح ابن حبان وحسنه الألباني). إن الله جعل الصدقة بابًا يمحو به الخطايا والذنوب، وسدًّا وحصنًا منيعًا ضد هفوات النفس ومداخل الشيطان، حتى وإن كان صاحبها ظالِمًا، فإنها تدفع عنه ما تكاتل عليه من الهموم والبلاء والأمراض، وفي منعها مضرة للعبد، وتكاثر للمحن، والشدائد عليه؛ قال الإمام ابن القيم رحمه الله: (الصدقة تفدي العبدَ مِن عذاب الله، فإنَّ ذنوبه وخطاياه تقتضي هلاكه، فتجيء الصدقة تفديه من العذاب، وتفكُّه منه)؛ الوابل الصيب (٧٣). فادفع أخي الصائم عن نفسك وأهل بيتك بالصدقة، وحارب الابتلاء إذا اشتد عليك بالصدقة، وداووا مرضاكم بالصدقة، وأنفق من مال الله بسخاء، تكثُر عليك نفحات الله، واعلم أننا أحوج إلى إخراج الصدقة من آخذها، ولا تنسَ أن تتصدَّق بأجمل ما لديك؛ {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ } [سبأ: 39]، فكلما أنفقت أُنفِقَ عليك من خزائن رحمته، وواسع كرمه وجودة، فإنه الكريم الذي إذا أعطى، أعطى بسخاء، وهذا في قوله عز وجل في الحديث القدسي: " «يا بن آدم، أَنفقْ أُنفقْ عليك» "، وقوله صلى الله عليه وسلم: " «ما فتح رجل باب عطية بصدقة أو صلة، إلا زاده الله بها كثرةً» "، وقوله صلى الله عليه وسلم: «ما مِن يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا» ( متفق عليه). |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
الصدقة في رمضان وفضلها (2) صدقتك سنابل خير في رمضان فاطمة الأمير وأعمال الصدقة كثيرة في رمضان؛ منها: إطعام الطعام؛ قال تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا} [الإنسان: 8 - 12]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما مؤمن أطعم مؤمنًا على جوع، أطعمه الله من ثمار الجنة، ومن سقى مؤمنًا على ظمأ، سقاه الله من الرحيق المختوم» (صحَّحه الألباني). أتريد الجنة؟ أتريد أن يطعمك الله من ثمارها؟ هيَّا إخوتي في الله، فلنتصدق من مال الله، هيا لنكفل أسرة، فهناك الكثير من المسلمين والمحتاجين والفقراء، جوعى وعطشى، فكن يد الخير والأمل التي تمتد إليهم، وتزيل عن أطفالهم آهات الجوع، كن لهم سنبلة خيرٍ، فيتضاعف لك الأجر والثواب مما أنفقت. وأما تفطير الصائمين فقد قال فيه صلى الله عليه وسلم: «مَن فطَّر صائمًا كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء» (رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح). ولا تحقرن من المعروف شيئًا: تعين الرجل على دابته فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وتبسُّمك في وجه أخيك صدقة، وهذه أوجه كثيرة من سنابل الخير وإخراج الصدقة، وشربة ماء تضعها لطائر أو حيوان في رمد الحر تبتغي بها وجه الله تكون في ميزانك صدقة. المهم أن تُخرج صدقتك مما تحب، فهذا عبدالله بن عمر رضي الله عنهما كان يتصدق على من يقابله بالسكر، فكان يحمل قطعة سكر في جيبه ويتصدق بها، فسُئِلَ عن ذلك، فقال: قال الله عز وجل: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92]، وأنا أحب السكر. ومن فوائد الصدقة وإكثارك من إخراج سنابل الخير في شهر رمضان: • أنها وقاية من عذاب النار؛ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " «يا معشر النساء، تصدقنَ ولو مِن حُليكنَّ؛ فإني رأيتكنَّ أكثر حطب جهنم، فقامت امرأة منهن سفعاء الخدين، فقالت: لِمَ يا رسول الله؟ قال: لأنكن تُكثرنَ الشكاة، وتكفرن العشير، لو أحسنت إلى إحداهنَّ الدهر كله، ثم رأت منك شيئًا، قالت: ما رأيت منك خيرًا قط» "، ففي هذا الحديث أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمات بالصدقة، والمرء في ظل صدقته يوم القيامة تدفع عنه بها حرَّ النار، سواء كان ذكرًا أو أنثى. • أنها تدفع عنا البلاء والوباء والمرض بإذن الله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «داووا مرضاكم بالصدقة» (حسنه الألباني في صحيح الجامع). وأيضًا لها أثر طيب في قبول الدعوات، وقد أكد ابن القيم أن للصدقة أثرًا عجيبًا في قبول الدعاء، وفي فعل المعروف أيًّا كان، (فصنائع المعروف تقي مصارع السوء). • زيادة في الرزق؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: " «ما نقص مالٌ من صدقة، بل تزده، بل تزده، بل تزده» "، فإذا أردت زيادةً ومضاعفة لسنابلك في رمضان، فلتُكثر من إخراج الصدقات. • الصدقة سبب لدخول الجنة: عن حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن قال: لا إله إلا الله، خُتِم له بها دخل الجنة، ومن صام يومًا ابتغاءَ وجه الله خُتِم له به دخلَ الجنة، ومَن تصدَّق بصدقةٍ ابتغاءَ وجه الله، خُتِم له بها دخل الجنة» (صححه الألباني). • واحتساب النفقة على أهل بيتك صدقة؛ عن عقبة بن عمرو رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أنفق الرجلُ على أهلِه نفقةً وهو يحتَسِبُها، كانت له صدقةً» (صححه الألباني). • ويوم يضم عليك القبر لا يوسعه عليك إلا الصدقة، يوم تدنو الشمس من الرؤوس، ويبلغ الكرب النفوس، فتكون يوم القيامة في ظل صدقتك تُزيل بها عنك أهوال هذا اليوم. • ويقول النبي أيضًا في فضل الصدقة: «الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم اثنتان: صدقة، وصلة الرحم» فلنجمع إخوتي في الله بين العبادتين، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح» أي: الذي يُضمر لك الكره والعداوة، فلنُكثِر من الصدقة إخوتي في الله، فالجنة سلعة غالية، وما أعده الله للصائم فيها يجعلنا ننفق بسخاء؛ روِي عن النبي أنه قال: «إن في الجنة غرفًا يُرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها، قالوا: لمن هي يا رسول الله؟ قال: لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام، وصلى والناس نيامٌ» . هيَّا لنكن من أصحاب الهِمم العالية والغايات السامية، لنكن يد العون التي تمتد إلى كل نفس تعففت في طلب السؤال، وكتمتْ آهات الذل والفقر والجوع، ابحثوا عمن لا يسألون الناس إلحافًا، قدموا الخير لأنفسكم، ورققوا القلوب، وخفِّفوا من معالم البؤس والحزن في النفوس؛ {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ} [البقرة: 272]. |
نحو رمضان مختلف
نحو رمضان مختلف (1) لذة الحرمان سعد الكبيسي وسط عالم مادي يعج بالمتع والشهوات ونيل الحظوظ الدنيوية التي ترهق النفس والجسد معا، قبل وأثناء وبعد تحصيلها، يتراكم السيء من الآثار على العقل والقلب والروح والجسد على مدى شهور طويلة، لتأتي هنا محطة الاستراحة الربانية التي عنوانها الحرمان من خلال الصيام. نعم، يكون الحرمان تربية وتهذيبا حيث تتزكى النفس بتقوية الإرادة لأخذ قرار الامتناع عن المألوف والمحبوب، وحيث يتزكى الجسد من خلال منح ماكنته قليلا من العطالة، ومنح القلب صفاء وتخففا ورقة مميزة. في غير رمضان كان النهي النبوي عن أن نصوم الدهر بالتتابع، على عكس رمضان حيث نصومه كل يوم بالتتابع فهو هزة عنيفة تخرجك من مألوف العادات إلى شعائر جديدة ليلية ونهارية، تنقلك من حالة التراخي إلى حالة التحفز والسعي لتنال أعظم العطاء الروحي والنفسي والجسدي بالحرمان!!! لقد ألفنا التعبد في العطاء بأن نصلي ونزكي ونحج ونذكر ونتحرك للعمل الصالح، لكن ان يكون التعبد هنا بالحرمان فهو أمر على عكس المألوف. إنه حرمان لا يعلم صدقه وحقيته ودرجته الا الله، لذلك جعل ثوابه عنده. إنه حرمان شامل عنوانه الحرمان من الطعام والشراب ومضمونه الحرمان من كل قول أوفعل مستنكر والا فلا حاجة لحرمان الجسد من حاجته، ما دامت النفس تقضى حاجتها بأن تنال ما تريد من محرم القول والفعل. إنه حرمان مكروه لكنه ممزوج بلذة الظفر بنتائجه في تزكية الروح والجسد ليعلن الفرحة وشارة النصر مع أول تمرة تذهب الظمأ وتبل العروق. إنه حرمان مؤقت لا أبدي من فجر الى مغرب ومن بداية شهر لآخره، فالمنع فيه وسيلة لا غاية، وأفضل الوسائل ما حقق الغايات بيسر وكمال، حيث التعسير غير مقصود ولا فضيلة فيه في تعاليم ديننا. إنه حرمان يصاحبه التأمل في حر الأيام وعطش النهار بباب الريان المنتظر الذي أعلن احتكار دخوله لهم فحسب. الناس في الحرمان مذاهب، فهو حرمان إجباري عند قوم يعقبه عطاء مقبول ومرضي عندهم. لكنه حرمان محبوب عند آخرين يعقبه عطاء جزيل وشكر عميق لهذا التوفيق. إنه حرمان ليس من اختياراتنا وبطولاتنا فحسب، بل لأن الشياطين قد صدر الأمر بأن تصفد ودوافع الخير بأن تنتشر وتعين. إنه حرمان كالنار تسري في الجسد تكويه لكنها تحرق كل ذنب مضى وكل كبيرة سلفت لتجعلها رمادا منثورا. إنه حرمان وفي فهو يشفع لمن اختاره عند مالك الشفاعة والآمر بهذا الحرمان رب العالمين. إن ذلك من عجائب التعبد أن يكون للحرمان لذة .... |
رد: نحو رمضان مختلف
نحو رمضان مختلف (2) علاقة جديدة سعد الكبيسي لقد تشرّف رمضان بإنزال القرآن فيه، وتشرفت ليلة التنزيل ليلة القدر منه بأن كانت خير الليالي، فالأزمنة والأمكنة المقدسة مهما بلغت قداستها فلن تكون بقداسة صفة من صفات الله تعالى، وكلامه سبحانه صفة من صفاته. للقرآن في رمضان طعم آخر، لمن تلا وتدبر وعمل، فالشياطين مصفدة ومحبوسة، وملكات الفهم منطلقة ومتوقدة، وأدوات التفاعل والاستقبال في القلب جاهزة وراغبة، ودوافع العمل بالقرآن حاضرة وفاعلة، فلا تحرم نفسك من تلاوة تتدبر فيها، وتستقبل معاني القرآن لتعمل بها، وتتعلق بتلاوة سريعة سطحية لا تتيح فيها للسانك أن يتمهل، ولا لعقلك أن يتدبر، ولا لقبلك أن يتأثر، ولا لجسدك أن يعمل. رمضان فرصة لبدء علاقة جديدة مع القرآن، فانكماش الشواغل المادية وتوافر المحفزات المعنوية يجعلنا نقرأ القرآن بنمط جديد، فلا نقصد التلاوة على حساب التدبر، ولا نقف عند التدبر إن تسنى لنا العمل بما تدبرناه، فالتلاوة والتدبر والعمل هي أركان الانتفاع التام بالقرآن، وإلا كانت الانتفاع قاصرا ومحدودا، فالله تعالى يعطيك الأجر على مقدار تحقيق هذه الثلاثة، وإن كان يعطي الأجر بكرمه سبحانه على التلاوة فقط بكل حرف عشر حسنات. اقرأ معي قوله سبحانه: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ"، فاجعل تلاوتك على نية تحصيل الهدى والبينات والفرقان فهو المقصود النهائي والأكمل للانتفاع بالقرآن، فمن لم يحصل على الهدى والبينات والفرقان كان حظه من القرآن تلاوة حروفه دون تدبر معانيه والعمل بمقاصده ومراميه وفي كل ذلك خير. لقد كان جبريل يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن مرة كل عام في رمضان ويعرض أي يختم، وما ذلك إلا لكون رمضان شهر القرآن، فاقترب منه أكثر تلاوة وتدبرا وعملا، واجعل للقرآن أولوية ومزيد عناية. ارفع شعار النوع لا الكم في رمضان هذا وأنت تتلو القرآن، وراجع ما حفظته من القرآن لتستعين به في قيام ليلك. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر بآية فيها تسبيح سبَّح وإذا مر بسؤال سأل وإذا مر بتعوذ تعوذ، ولا يتسنى ذلك إلا للمتدبرين العاملين بما تدبروا، أما الذين يتلونه دون تدبر فقد حرموا أنفسهم من هذا الخير وإن أثيبوا على التلاوة فقط. "كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ". وقد جاء رجل لابن مسعود رضي الله عنه، فقال له: إني أقرأ المفصل في ركعة واحدة، فقال ابن مسعود: "أهذّاً كهذِّ الشِّعر؟! إن أقواماً يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع". وقال الحسن البصري: "أنزل القرآن ليُعمل به، فاتخذ الناس تلاوته عملاً". إنه القرآن نور، وموعظة، وهدى، وبينات، ورحمة، وشفاء، وروح، وذكرى، وبشرى، وبشارة، ونذارة، ورحمة، وفرقان، ومحكم، وبصائر، وبينات، ومبارك، وميسر، ومعجز، وفيه تبيان وتفصيل كل شيء، فاتل كتاب ربك ناويا أخذ حظك من كل هذا فيه، ولا يكن حظك قصد التعبد والتلاوة فقط. فمعاً نحو انتفاع مختلف بالقرآن ... |
رد: نظرات نفسية في الصيام
|
رد: نظرات نفسية في الصيام
نظرات نفسية في الصيام (8) الدكتور محمد كمال الشريف "وبالأسحــار هم يستغفــرون" في بداية الدعوة الإسلامية كان قيام الليل فريضة على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وبعد أن حقق القيام والقرآن الذي يتلى فيه الغرض الذي فرض من أجله، وقام بغسل قلوب الكوكبة الأولى من الصحابة من أدران الجاهلية لتكون النـواة التي يقوم عليها المجتمع الإسلامي فيما بعد، بعد هذا خفف الله عن المؤمنين وصار قيام الليل سنة، ورمضان موسم من مواسم هذه السنة الرائعة.. قال صلى الله عليه وسلـم: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" (متفق عليه). ولكن في عصرنا الحالي كثرت الدراسات الطبية والنفسية على نوم الإنسان وأهمية الهجوع والسكن كل ليلة لصحة الإنسان العقلية والجسدية، فلو حرم إنسان ما من النوم حرماناً تاماً عدة أيام لأصابه إرهاق ذهني شديد جداً وقد يبلغ به الأمر حد الهلوسة والتوهم . أما من الناحية الجسدية فإنه أثناء النوم يتم ترميم ما اهترأ من جسم الإنسان خلال النهار، وأثناء النوم وبخاصة نوم الليل يتم النمو، إذ تزداد في الليل الهرمونات التي تحرض النمو والترميم في الجسد، وتزداد في النهار الهرمونات التي تنشط الجسم من أجل العمل والحركة واليقظة، وفي النهار يغلب معدل الاهتراء في الجسم معدل الترميم والبناء ليكون تعويض ذلك أثناء النوم في الليل.. قال تعالى: "ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون" (القصص 73) . هل يعني هذا أن قيام الليل يكون على حساب صحة الإنسان العقليـة والجسديــة ؟ والجواب المتوقع هو: لا بالطبع، إذ لم يشرع الله لنا إلاّ الطيبات وما فيه صلاحنا ولم يحرم علينا إلاّ الخبائث وما فيه الضرر لنا.. ولكن أين تكمن المنفعة العاجلة في قيام الليل ؟ لقد كشفت دراسات الأطباء النفسيين في السنوات الأخيرة أن حرمان المريض المصاب بالاكتئاب النفسي من النوم ليلة كاملة وعدم السماح له أن ينام في النهار الذي يليها حتى يأتي الليل من جديد، هذا الحرمان من النوم له فعل عجيب في تخفيف الاكتئاب النفسي عند الإنسان وفي تحسين مزاجه حتى لو كان من الذين لم تنفع فيهم الأدوية المضادة للاكتئاب. ثم تلا ذلك دراسات أخرى بينت أنه لا داعي لحرمان المريض من النوم ليلة كاملة كي يتحسن مزاجه، إنما يكفي حرمانه من النوم النصف الثاني من الليل ليحصـل على القدر نفسه من التحسن، والنصف الثاني من الليل هو الذي يكون فيه السحر الذي أثنى الله على من ينفقه في الاستغفار والقيام.. قال تعالى: "إن المتقين في جنات وعيون، آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين، كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون، وبالأسحار هم يستغفرون" (الذاريات 15- 18) . فسبحان الذي جعل لنا في قيام الليل والتهجد في الأسحار جائزة فورية قبل الثواب الأخروي، وهي اعتدال المزاج وتحسنه لدى القائمين والمتهجدين، وعافية نفسية تجعلهم أكثر سعادة في الدنيــا قبل الآخــرة. |
رد: نظرات نفسية في الصيام
نظرات نفسية في الصيام (9) الدكتور محمد كمال الشريف "الصــوم التــــزام" لا يكون البقاء بلا طعام أو شراب أو شهوة من الفجر إلى الغروب، لا يكون صوماً ما لم ترافقه نية الصيام، وفي صوم الفريضة اشترط الفقهاء أن تسبق النية بداية الصوم، أي أن تكون قبل طلوع الفجر، إذ الأعمال بالنيات، ثم إن النية تجعل الصيام التزاماً يلتزم به المؤمن فيمتنع عن الطعام والشراب والشهوة من تلقاء نفسه ولا يحتـاج إلى رقيب عليه يتأكد من صيامه. والقدرة على الالتزام والمحافظة على هذا الالتزام من علامات نضج الشخصية لدى الإنسان، كما إن الالتزام المتمثل بنية الصيام يجعل الامتناع عن الطعام والشراب والشهوة ابتغاء مرضاة الله أهون على النفس مما لو كان البقاء دون أكل وشرب ناتجاً عن مانع من خارج النفس، كأن يمنعك شخص من الوصول إلى الطعام والشراب مثلاً، إذ في هذه الحالة يكون الجوع والعطش أشد، وهذا ما بينته الاختبارات النفسية حيث وجدت أن "الالتزام يغير الدافــع"، وهي عبارة من علم النفس تعبر عن نتيجة لدراسات عديدة، في إحداها حضر الأشخاص الذين ستتم عليهم التجربة دون أن يأكلوا أو يشربوا لعدة ساعات قبل مجيئهم وذلك بناء على ما طلبه الباحثون منهم، ثم بعد وصولهم طلب الباحثون من بعضهم أن يبقى دون طعام أو شراب فترة أخرى -دون أي مقابل مالي أو غير مالي- وقبل هؤلاء أن يلتزموا بذلك، فكان صومهم عن الطعام والشراب لساعات أخرى التزاماً منهم وقراراً اتخذوه بحرية وإن كان استجابة لطلب من الباحثين، لكن كان لهم الحرية في أن يرفضوا ولا يلزموا أنفسهم بذلك.. أما بـاقي الأشخاص المجرب عليهم فلم يطلب منهم الالتزام بالبقاء دون طعام وشراب إنما تركهم الباحثون دون طعام وشراب وجعلوا الأمر يبدو لهم وكأنه غير مقصود. وفي نهاية التجربة أجريت على الجميع اختبارات نفسية لمعرفة شدة الجوع والعطش لديهم، فوجد أن الذين التزموا بالامتناع عن الطعام والشارب التزاماً كـانوا أقل جوعاً وأقل عطشاً من الذين تمت مماطلتهم بحيث صاموا الساعات نفسها لكن دون التزام منهم بذلك، كما تمت معايرة "الحموض الدسمة الحرة" في دمائهم جميعاً، وهي مواد تزداد في الدم كلما اشتد الجوع عند الإنسان، فوجد أنها كانت أقل ازدياداً عند الذين التزموا بالصيام التزاماً.. وهكذا كان للالتزام بالصوم أثـر حتى على رد فعل أجسامهم الفيزيولوجي نتيجة بقائهم دون طعام أو شراب الساعات الطويلة. وفي دراسة أخرى: درس العلماء أثر الالتزام على العطش، فوجدوا أن العطش عند من التزم من تلقاء نفسه بالامتناع عن الماء كان أقل حتى في الاختبارات النفسية التي تكشف مدى انشغال النفس اللاشعوري بالعطش وبالرغبة في الماء. إن الصوم صبر، والصبر في جوهره التزام ورضا بالحال التي يضعنا الله فيها، وبالصبر تهون المعاناة وتقل، لأن الرضا حتى بالمصائب يشبه الالتزام بها، كالذي منع نفسه من الطعام والشراب لأنه يريد الصيام لله تعالى، والذي ابتلاه الله بالفقر والمرض أو بفقد عزيز فصبر، فإنه امتنع عما حرمه الله منه امتناعاً عن رضاً وتسليم، وهو امتناع يشبه امتناع الصائم وإن كان الفرق بينهما في أن رفض المصاب وسخطه لا يغير من الواقع شيئاً بينما للصائم الحرية في أن يتم صومه احتساباً أو أن يقع في معصية الله فيفطر دون عذر، والامتناع الراضي يكون أقل إيلاماً للنفس مما لو تلقى المصيبة بتذمـر وسخط وغضب. وهكذا يكون في صيامنـا كل عام في رمضان تدريباً لنا على الالتزام وزيادة لنا في النضج النفسي. |
رد: نحو رمضان مختلف
نحو رمضان مختلف (3) سعد الكبيسي ريح مرسلة لماذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون في رمضان فهو كالريح المرسلة؟ كما وصفه ابن عباس رضي الله عنه فقال: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ" رواه البخاري ومسلم. والريح المرسلة هي الريح السريعة المنطلقة التي لا يوقفها شيء، ويعني التشبيه أن جوده صلى الله عليه وسلم كان سريعا مستمرا غير محدود، فيعطي قبل السؤال، ولا يتأخر عنه بعد السؤال، سواء كان هذا العطاء كميا أو نوعيا. ما علاقة الجود برمضان؟ ولماذا كان الجود الأكبر فيه؟ لعل السبب في جملة أمور: أولا: إن رمضان شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، والصدقة والجود والإنفاق سبب لنيل ذلك. ثانيا: إن رمضان تعظم فيه الأجور والمثوبة، فهذا يدفع لمزيد من الجود. ثالثا: إن القرب من القرآن في رمضان يحرك لتحقيق معاني القرآن وأوامره في الجود ورعاية المحتاجين. رابعا: إن الجود في رمضان يجبر النقص المتوقع من الصيام، فقد يبتلى المسلم ببعض القول أو الفعل المنافي لمقاصد الصيام، فيأتي الجود هنا ليكمل النقص ويجبر المنكسر، كما تجبر صلاة النافلة صلاة الفريضة. خامسا: إن رمضان مظنة وقت الحاجة والجوع المحتمل للصائمين من الفقراء، خصوصا أن هناك عيدا يعقب رمضان، والعيد فرحة وتوسعة، فسد حاجتهم في هذا الشهر أولى وأكثر طلبا. سادسا: إن النفس في رمضان تتخفف من ذنوبها ومن كثرة طعامها وشرابها، فتزكو هذه النفس وتشف وترق وتصبح أكثر استعدادا للبذل والعطاء والجود. سابعا: لأن الشياطين مصفدة في رمضان فإن نوازع الخير والجود تكون أسهل وأكثر فاعلية، فتنكمش خصال الأثرة والشح والبخل والخوف من الفقر وحب المال. ثامنا: لا يقتصر الجود في رمضان على المال، بل الجود بالوقت والجهد والمعونة والشفاعة ورفع المعاناة والحاجة عن الناس، فالجود صور متعددة. تاسعا: إن كرم الله على العبد بأن أتاح له أن يبلغ الشهر الكريم وأن يصومه ويقومه قويا صحيحا، يناسب مقابلة هذا الجود والكرم الرباني بجود العبد وكرمه وشكره. عاشرا: إن رمضان شهر مميز في كل شيء في قرآنه وصلاته وصيامه وذكره ودعاءه، فناسب أن يكون مميزا في جوده وإنفاقه وكرمه. تلك عشرة كاملة، فيا من أكرمك الله ببلوغ رمضان لا تحبس عطائك عن مستحقيه، ودع الناس تستقبل جودك كالريح المرسلة بصادق الدعاء والثناء ... |
رد: نحو رمضان مختلف
نحو رمضان مختلف (4) سعد الكبيسي صلوات خاشعة الخشوع لبُّ الصلاة ومن أهم مقاصدها العظيمة {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}. ويتحقق هذا المقصد في رمضان بشكل أكبر وبمعينات أكبر من خلال التنبه للآتي: أولا: في ليل رمضان صلاة وقيام، والليل موطن السكون والخلوة والتأمل، وكل هذه توفر إمكانا أكبر لخشوع أكثر كمالا وجمالا وعمقا. ثانيا: في نهار رمضان صلاة وصيام حيث يتخفف الجسد مما يثقله ويصرفه عن كمال الخشوع، ففي النفس إقبال وفي الجسد انكسار وفي القلب راحة، توجه الملكات للاستغراق في خشوع أفضل وأتم. ثالثا: رمضان شهر القرآن وطعم القرآن المختلف في الصلاة يخلق طعما مختلفا للخشوع فيها، فعلى قدر التدبر في القرآن في الصلاة سيكون قدر الخشوع المتحصل منها. رابعا: ثمة هدية عظيمة من رب العزة والجلال أن تزاح الشياطين من طريق التعبد والصلاة والخشوع في رمضان، لتفسح المجال أمام الملائكة بأن ينفردوا بالتأثير على ملكات ونوازع الخير في النفس وسد منافذ الوسوسة. خامسا: إن طمع المسلم أن يكون ممن يشمله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" سيكون حافزا عظيما نحو توجيه البال وحصر الهم وتكثيف الانشغال بالتوجه والإنابة والخشوع في هذا القيام، ليكون القيام أكمل والمغفرة أتم وأعظم. سادسا: إن الخشوع لذة من لذات الصلاة ولذة من لذات النفس، حيث تلقي النفس أثقالها وهمومها وغمومها بين يدي ربها، فتكون الصلاة حينئذ محط راحة لا أداء واجب فحسب. سابعا: قد نسقط الفريضة بأداء صلاة من حركات رتيبة، لا إقبال فيها ولا توجه، لكننا لن نقطف ثمراتها بدون وجود خشوع يحقق مقاصدها وآثارها، وهذا خطأ يقع فيه بعض العابدين فيغلبون الكم على النوع، ويحرصون على كثرة من الركعات دون أن يحرصوا على الخشوع فيها وتحقيق أهدافها ومقاصدها. لنقرأ سوية قول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : ((إنَّ الرجل لينصرف وما كُتِب له إلاَّ عُشر صلاته، تُسعها، ثُمنها، سُبعها، سُدسها، خُمسها، رُبُعها، ثُلُثها، نِصفها)). لنجعل رمضان هذا شهر الصلوات الخاشعة ما استطعنا الى ذلك سبيلا |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
فرحة الصائم فاطمة الأمير كنتُ أَوَدُّ أن أُطيل بي وبكم في رحاب هذا الشهر المبارك، ولكنه أزمع على الرحيل، ومع رحيله بكيت وفرِحت معًا، شعور لا يعرِفه غير مَن ذاق السعادة الحقيقية في شهر رمضان، وعاش فيه أجمل ثلاثين يومًا. قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: "قلوب المتقين إلى هذا الشهر تَحِن ومن ألَمِ الفراق تئنُّ"، وإنما فرحتي كانت بما خرجت به من شهر العطايا متطيبة متعطرة بنفحاته، خرجت بقلب جديد نقي أبدلَته العبادة من حال إلى حال. ها هو الشهر قد مضى بكل ما فيه من خير وعطايا، وها هي الفرحة أتتك لتتوِّج قلوب الطائعين، وتقر أعين الدامعين الذين صاموا وقاموا وركعوا، وعددوا الختمات، وأخرجوا الصدقات، واجتهدوا في التقرب من ربِّ البريات، فصاموا وتعبدوا ثلاثين يومًا، وكوفِئوا بفرحة الصائم. إخوتي في الله، يا مَن صامت جميع جوارحهم قبل صيام البطون، ها هي الفرحة أتت لتعانق أرواحنا وتملأها سكينةً وتزيدها طهرًا ونقاءً، سنشعر بعد آخر إفطار لنا بفرحة وسعادة تروي أنفسنا، وسنشعر أن أجسادنا كريشة خفيفة تُحلق عاليًا تريد أن تلامس أبواب السماء. ومن شدة هذه الفرحة سنجد أنفسنا تسجد شكرًا لله أن أعاننا على الانتصار على أنفسنا، وأنه أنعم علينا بحسن العبادة هذا العام. سنتساءل جميعًا عن هذا الشعور الذي لا تستطيع الكلمات وصفه، أهذه فرحة الصائم التي حدثنا عنها رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه؟ صِدقًا إنها فرحة الصائم بفطره، فلم أتخيَّلها بهذه الصورة، ولم أعهدها بهذا الجمال. روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " «وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه تبارك وتعالى فرح بصومه» "؛ (رواه البخاري ومسلم). قال ابن رجب رحمه الله: أما فرحة الصائم عند فطره، فإن النفوس مجبولة على الميل إلى ما يلائمها من مطعم ومشربٍ ومنكح، فإذا منعت من ذلك في وقت من الأوقات، ثم أُبيح لها في وقت آخر، فرِحت بإباحة ما منعت منه؛ فإن النفوس تفرح بذلك، وأما فرحه عند لقاء ربه، فيما يجده عند الله من ثواب الصيام مدخرًا، فيجده أحوج ما كان إليه؛ كما قال تعالى: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا } [المزمل: 20] على عكس مَن فارقة رمضان وهو ما زال داخل غيبوبة جسدية وعقلية، ففي صبيحة يوم العيد سترى أناسًا وقد حفرت الغفلة والخزي خارطة طريق على وجوههم، معلنة عن شدة الندم، والأسف على ما فرطوا من أداء العبادات، فلقد مرَّ بهم الشهر بسرعة البرق، وكأن صبيحة يوم العيد هي أول أيام رمضان الذي كان بالأمس، فكان ما كان بينهما من تضييع العبادات. أخي الصائم، أختي الصائمة، لن تنتهي العبادة بانتهاء شهر رمضان، ولن نودِّعه، بل سنجعل منه بداية حياة جديدة لنا. انظروا إلى أحوال القلوب كيف تبدَّلت عند ابتداء شهر رمضان، وكيف استمرَّت على العبادة طيلة ثلاثين يومًا، أرأيتَ كيف كانت مجاهدة النفس فيها؟! وكم تركنا من أشياء كنا نفعلها، فجاء شهر رمضان؛ ليبدِّد ظلام القلوب ويمحو الشهوات، ويجذبنا نحو خالقنا أكثر. أيعقل أن يكون الجسد الذي عبد ربه، وانقلب حاله فيه من الأسوأ إلى الأفضل في ثلاثين يومًا لا يقدر على أن يستمر في التذلل والخشوع والقُرب مِن الله إلى ما بعد رمضان! لنستمر في صلاتنا فرائض ونوافلَ، ولنحافظ على جميع صلواتنا في المسجد، ولنعدد من الختمات، فلا نجعل من أنفسنا هاجرين للقرآن، ونحذر من أن نجعل مصحفنا يزين جزءًا من المنزل بوضعه وكأنه كقطعة ديكور، بل لنزين به قلوبنا وأرواحنا، ونجعله دائمًا من أولويات بداية يومنا، فخير ما نستفتح به يومنا هو وِردنا من القرآن، ولنحافظ على قيام الليل، فكلما افتقدنا وقوفنا لصلاة التراويح والتهجد، وكم كنا نطيل في السجدات - أسرعنا للوقوف بين يدي الله في قيام الليل، ولنكثر من إخراج الصدقات؛ فنحن أشد احتياجًا في إخراجها من آخذها، ولنجعل اللسان لا يتكلم إلا بالذكر، والتسبيح، والاستغفار، ولنصم آذاننا، ونُغلق أعيُننا، ولنُلجم ألسنتنا عن القيل والقال، ولنترك التجمعات التي تكثُر بها الغيبة والنميمة، فكلما سحبتنا رياح الفتن، ركبنا سفينة رمضان، واسترجعنا نفحاته الربانية، وكيف كنا فيه صائمين قولًا وفعلًا، ولنذكر أنفسنا أننا كنا من المجاهدين في شهر العطايا، فلا ننصاع لهواجس النفس والشيطان. هيَّا نجعل رمضان هذا العام هو بداية حياة، وسبيلًا لتغيير أنفسنا، وتطهيرها من الأحقاد، والشهوات والأهواء. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
ميتة رمضان ما من حي إلا وسوف يُدركه الموت، وما من عاقلٍ إلا ويحلم بحُسن خاتمته، فتلك الخاتمة هي التي سيجني منها سعادة الأبد، وما أحلى أن يختمَ الله لنا الحياة في رمضان ونحن نطيع الله، وما أجمل أن يختم عملك وأنت صائمٌ، وما أعظم الأجر الذي يناله صاحبُ تلك الخاتمة الجميلة، ففي الحديث الصحيح عن حذيفة رضي الله عنه قال: أسندت النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدري، فقال: «من قال: لا إله إلا الله ختم له بها، دخل الجنة، ومن صام يومًا ابتغاء وجه الله ختم له به، دخل الجنة، ومن تصدَّق بصدقة ابتغاء وجه الله، ختم له بها، دخل الجنة»؛ (رواه أحمد). فأي فضلٍ ذلك الذي يحصل عليه من فاز بميتة رمضان؟ أعلمُ وتعلم أنه ليس كل أحد يُمكنه أن يحصل على تلك الهبة العظيمة وتلك الميتة الكريمة، فلتكن من عباد الله الصالحين المحافظين على تقوى الله في رمضان وخارج رمضان؛ لتكون أهلًا للفوز بتلك الأعطيات العظيمة. واحذَر فقد مات عابثون ولاهون كُثر في رمضان وهم يعصون الله في أعظم أوقات الطاعة في العام، فمن تارك للصلاة، ومن مفطر، ومن زان، ومن سارق، ومن مدمن، ومن مشاهد للخبائث والفواحش، ومن لاهٍ وغافل، لم يراعوا لذلك الشهر العظيم حُرمته، فقبَضهم الله على شر أعمالهم، بينما الناس في خَلوتهم مع الله يبكون ويتضرعون طلبًا لعتق رقابهم، كان هؤلاء الغاوون يعبثون مع شياطين الإنس والجان، فاحذَر أن تكون واحدًا من هؤلاء؛ فتشقى شقاء الأبد. _____________________________________________ الكاتب: هيام محمود |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
أنت جميل حين ترمي كل ألمٍ وراء ظهرك، ناظرًا إلى الأمام، واثقًا بالله أنه لن يخذلك؛ فأنت جميل. حين تدعو الله بأن يخلصك من الذنوب، ويردك إليه ردًّا جميلًا؛ فأنت جميل. حين تبتسم للناس بوجه طلق بشوش، فيه الرفق واللين؛ فأنت جميل. حين تُسعد من حولك بالكلمة الطيبة، ولا ترد الإساءة بالإساءة؛ فأنت جميل. حين تبادر بالتسامح والعفو؛ فأنت جميل. حين تتفقد جارك المسكين باتصال أو زيارة، تتفقد حاله وأحواله؛ فأنت جميل. حين تعمل بجدٍّ واجتهاد، ولا تغشُّ؛ فأنت جميل. حين تقع عينك في الطريق على امرأة لا تحل لك، فتغض طرفك؛ فأنت جميل. حين تكون قويًّا، ولا تعلق قلبك بغير الله؛ فأنت جميل. حين يقع حب فتاة في قلبك، فتتقي الله فيها، وتأتي البيوت من أبوابها؛ فأنت جميل. حين يوليك الله أمرَ قوم، فترفق بهم؛ فأنت جميل. حين تقود سيارتك، وتجد أُناسًا في شمس حارة، لا يجدون ما يوصلهم إلا أنت؛ فأنت جميل. حين يظلمك أحد، فتعفو وتُوكِل أمرك لله؛ فأنت جميل. حين تود الزواج، وتبحث عن ذات الدين والخلق؛ فأنت جميل. حين تكون زوجًا صالحًا تخاف الله في زوجتك؛ فأنت جميل. حين تقرأ القرآن فتدمع عيناك من خشية الله؛ فأنت جميل. حين تبادر تُدْخِل السرور على مسلم؛ فأنت جميل. حين تنشر الود والخير؛ فأنت جميل. حين تصلح بين الناس ناشرًا المودة؛ فأنت جميل. حين ترى امرأة كبيرة في السن، أو رجلًا كبيرًا في السن واقفًا في إحدى المركبات العامة وأنت جالس في مقعد، ثم تقوم له لتجلسه في مكانك احترامًا وتقديرًا وأخلاقًا؛ فأنت جميل. نعم، أنت جميل بالأخلاق؛ فكل الجمال في هذا الدين الإسلامي الحنيف، فجمال القلب وتمسكه بالفضائل والقيم الجميلة نابع من تمسكك بهذا الدين القيم. أوَلَا تود أن تكون جميلًا؟! إنك جميل بقيم الإسلام؛ فأحيوا القيم الفاضلة، فإن الإسلام قد جعلنا بهذا الدين أجمل الأمم؛ لأن قيم الإسلام أجمل قيم، فكن ذا قيم جميلة يا جميل. أسأل الله أن يردنا إليه ردًّا جميلًا، وأن يحسن أخلاقنا. __________________________________________________ _ الكاتب: أمل محمد |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
صيام رمضان سبب للعتق من النار عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا كانت أول ليلة من رمضان، صُفدت الشياطين، ومردة الجن، وغُلِّقت أبواب النار، فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة، فلم يُغلق منها باب، ونادى مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك في كل ليلة»، (رواه بن ماجه (1642)، والحاكم (1532)[1]. وعن أنس رضي الله عنه قال: دخل رمضان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا رمضان قد جاءكم، شهر مبارك، فَرَضَ الله عز وجل عليكم صيامه، إذا كانت أول ليلة من رمضان صُفِّدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار، فلم يُفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة، فلم يُغلق منها باب، ونادى مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك في كل ليلة حتى ينقضي رمضان، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرمها فقد حُرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم»، (رواه ابن ماجهبرقم (1644)، وغيرُه[2]. وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان، فقال: «أيها الناس، قد أظلَّكم شهر عظيم، شهر مبارك، شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار»، (رواه ابن خزيمة برقم (1887)[3]. [1] صحيحٌ: قال الحاكم رحمه الله في "المستدرك" (1/ 582): حديث صحيح على شرط الشيخين.اهـ وراجع: "صحيح وضعيف ابن ماجه" ـ عقب الرقم السابق ـ، والله أعلم. [2] حسنٌ بشواهده: راجع: "الترغيب والترهيب" (2/ 99)، و"تحقيق المسند" (12/ 59). [3] حسنٌ بشواهده: قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "التلخيص الحبير" (3/ 118): أخرجه بن خزيمة في "صحيحه"، وعلَّق القول بصحته، واعتُرض على استدلال الإمام به، والظاهر: أن ذلك من خصائص رمضان، ولهذا قال النووي استأنسوا به، والله أعلم.اهـ قلت: وقد حسَّنه بعض العلماء؛ بكثرة شواهده، وعمل السلف بمدلوله، وتناقلهم له، والله أعلم. __________________________________________________ _ الكاتب: فواز بن علي بن عباس السليماني |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك هبة حلمي الجابري دعوات كثيرًا ما كانَتْ تردِّدُها جدتي رحمة الله عليها بفطرتها النقية، أسمعها وأنا صغيرة ويقف عقلي الصغير عاجزًا عن فهمها وتفسيرها: (يكفيك شر المتداري والمستخبي)، وكبرت قليلًا فإذا بي أجد معناها في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم؛ فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كانَ مِن دُعَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِن زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ»؛ (رواه مسلم). ومع مرور الأيام ومطالعة الدروس في مدرسة الحياة عرَفْتُ عِظَمَ هذه الكلمات وما وراءها من معانٍ نحن عنها غافلون رغم أننا بها محاطون، نراها ونسمعها فلا نعيها، ونمر عليها مرور الكرام وكأنها لا تعنينا. نَعم نعيش في نِعَم الله، ووعدنا الله سبحانه وتعالى بالزيادة مع الشكر والطاعة؛ يقول ربنا عز وجل في كتابه الكريم: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7]، نتقلب ليلَ نهارَ في أنواع من النعم، وقد نغمض أعيننا عن كل ذلك ولا نرى إلا ما نظن أنه شر، رغم أنه قد يكون عين الخير، وبين طيات المحن نجد المنح. ولكن تظل الدنيا دار ابتلاء، فيا ترى هل كتب الله علينا الابتلاء بالخير أم الشر؟ قال تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: 35]، وكل ذلك قد يأتي فجأة دون سابق إنذار. أما نذكر ذلك الذي خرج من بيته يحمل آمالًا تبلغ الآفاق فإذا به يعود إليه محمولًا على الأعناق مريضًا عاجزًا عن الحركة كما كان، وتضيع تلك الآمال؟ فإذا خرجنا وعدنا سالمين فلنتذكر تلك النعمة، ولنستعذ بالله من زوال نعمته وتحوُّل عافيته. ألا نتذكَّر ذلك العامل الذي طرد من عمله دون سبب، وذاك الذي أقعده المرض عن العمل وأنفق كل ما يدخره من الأموال فأصبح بعد الثراء لا يجد ما يسد به رمق جوع الصغار ويقترض من هذا وذاك؟! فحين نذهب للعمل، أو ونحن نشتري ما لذ وطاب فلنحمد الله على نعمه ونستعيذ بالله من زوال نعمته وتحوُّل عافيته. أما رأينا بيتًا كان يعيش عيشة هانئة مطمئنة فإذا بحدث واحد يُبدِّل الأمن خوفًا، وقد يتفرَّق الأحباب؟ فحين يجلس الزوجان في ودٍّ ورحمة يغمر بيتهما التفاهم والمودة والرحمة والسكينة، فليستعيذا بالله من زوال نعمته وتحوُّل عافيته، فكم فرَّق الشيطان بين الأحباب لأتفه الأسباب! وإذا كنا بين أبنائنا وهم يلعبون ويضحكون في صحة وعافية، فلندعو لهم ونستعيذ بالله من زوال نعمته وتحوُّل عافيته، فكم من مكلوم فقد ابنًا أو ابنة فغابت الفرحة عن قلبه، أو سقط أمامه صريع المرض يذبل أمامه وهو عاجز لا يدري كيف يخفف ألمه. أما سمِعْنا عن بلد كان يعيش في أمن واستقرار فإذا بالحرب تدخل بلا استئذان، وتقضي على الأخضر واليابس، ويتبدَّل الحال وتضيع الأموال، يفر البعض ويقتل غيرهم، والباقي يعيش في خوف ولا يعرف ما تأتي به الأيام؟! فكل يوم حين نستيقظ فنجد أنفسنا آمنين في بيوتنا، معافين في أجسادنا، نملك قوت يومنا لا ننسى حينها أن يفيض قلبنا شكرًا وحمدًا لله، وأن نستعيذ بالله من زوال نعمته وتحوُّل عافيته. بل أما رأينا طائعًا عابدًا تبدَّل حاله؟ تلك التي خلعت الحجاب وبدَّلت الجلباب بالضيق والقصير من الثياب، ونرى عجب العجاب من التي غطَّتْ وجهها بالمساحيق بعد أن كانت تستره بالنقاب! هذا الذي أصبح يتكاسل عن الصلاة وبدَّل الأصدقاء الأتقياء الأنقياء بأصحاب المعاصي الأشقياء. فإذا رأيناهم ورأينا أنفسنا على الطاعة فلا نغتر، ولنستعذ بالله من زوال نعمته وتحوُّل عافيته. وهكذا في كل نعمة أسبغها الله علينا باطنة وظاهرة نتذكَّرها فنحمد الله عليها ونلهج بهذا الدعاء، سائلين المولى ألا تزول. ثم ما يدرينا ما تصنعه بنا معاصينا؟ قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30]، وقال سبحانه: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام: 44]؛ أي: آيسون من كل خير. فإلى متى سيمهلنا ربنا ويحلم علينا؟ هل سيعاقبنا بما كسبت أيدينا؟ قد يأتي العقاب بغتة ونحن على غفلة؛ فكان جديرًا بنا أن نعوذ بالله من فجاءة نقمته وجميع سخطه. هذا وهذه وتلك وذاك صفحات من كتاب الحياة نجد فيها حالات من زوال النعم وحلول النقم أو تحول الحال من العافية في الدين والدنيا إلى البلاء ولكننا نتخطاها ولا نقف لنقرأها بإمعان، فيأتي هذا الدعاء ليذكرنا أن نتعلق بالله فالأمر كله بيديه، وعلينا أن نتوجه بقلوبنا إليه، ندعوه ليكفينا شر ما قد يكون في المقبل من الأيام من نقم وأسقام، ندرك يقينًا أن من كان مع الله فاز، فبيده وحده الأسباب وكم رد الدعاء من بلاء ونجَّى من شقاء، وحفظ الله به الأبدان والأموال، فلنكثر من هذا الدعاء: ((اللَّهُمَّ إنَّا نَعُوذُ بكَ مِن زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ)). |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
فضل السحور وبركته الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد: فلقد حث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أمته على السحور، وتناول شيء من المأكولات والمطعومات قبل الشروع في عبادة الصوم؛ وما ذاك إلا تقوية لأبدانهم، وإعانة على عباداتهم، مما يؤكد ويدل على أهمية وبركة السحور للصائم في شهر رمضان، وفي غير من الأيام والشهور؛ فعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تسحَّروا؛ فإن في السَّحور بركةً»؛ (أخرجه البخاري (١٩٢٣)، ومسلم (١٠٩٥)). ومعنى قوله عليه الصلاة والسلام: ((تسحروا))؛ أي: تناولوا الطعام قبل وقت السحر، وهو قبيل طلوع الفجر الصادق. وقوله عليه الصلاة والسلام: «فإن في السحور بركةً»؛ أي: زيادة في النماء والخير والاستقواء على صيام نهار رمضان، وفيه مزيد من الأجر والثواب؛ نظرًا لاتباع هديِ النبي صلى الله عليه وسلم، فالسحور يجمع بين البركة المادية والبركة المعنوية. مفهوم السحور: والسُّحور (بضم السين): هو الفعل نفسه من تناول أكل وطعام السحر. والسَّحور (بفتح السين): هو اسم لما يتسحر به من طعام السحر وشرابه. حكم السحور: يستحب السحور للصائم، سواء كان الصوم صوم فرض أو صوم تطوع؛ لحديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تسحروا؛ فإن في السحور بركةً»؛ (أخرجه البخاري (١٩٢٣)، ومسلم (١٠٩٥)). وعن زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه: ((أنهم تسحروا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قاموا إلى الصلاة، قلت: كم بينهما؟ قال: قدر خمسين أو ستين؛ يعني: آيةً))؛ (صحيح البخاري/ ٥٧٥)؛ أي: بمعنى بقدر ما يقرأ الرجل خمسين آيةً؛ ما يدل على القرب الزمني بين تناول السحور، وصلاة الفجر؛ ومما يؤكد هذا المعنى كذلك حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: ((أن نبي الله صلى الله عليه وسلم وزيد بن ثابت تسحرا، فلما فرغا من سحورهما، قام نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة، فصلى، قلنا لأنس: كم كان بين فراغهما من سحورهما ودخولهما في الصلاة؟ قال: قدر ما يقرأ الرجل خمسين آيةً))؛ (أخرجه البخاري/ ٥٧٥). وفي الحديث إشارة إلى حسن عشرة النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضي الله تعالى عنهم جميعًا، وتواضعه لهم؛ حيث كان يأكل ويتسحر معهم صلى الله تعالى عليه وسلم. • ومشروعية السحور محل إجماع بين العلماء، ولا خلاف بينهم فيه، ونقل الإجماع غير واحد من أهل العلم؛ ومنهم ابن المنذر، وابن قدامة، والنووي، وغيرهم. وقت السحور: يستحب تأخير السحور إلى آخر الليل وقريب الفجر؛ لحديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: ((أن نبي الله صلى الله عليه وسلم وزيد بن ثابت تسحرا، فلما فرغا من سحورهما، قام نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة، فصلى، قلنا لأنس: كم كان بين فراغهما من سحورهما ودخولهما في الصلاة؟ قال: قدر ما يقرأ الرجل خمسين آيةً))؛ (أخرجه البخاري/ ٥٧٥). وكان الفرق بين الصلاة والسحور قدر خمسين آيةً؛ أي: بقدر قراءة خمسين آيةً على قراءتهم المعتادة. ويستحب التسحر على تمر؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نعم سحور المؤمن التمر»؛ (رواه ابن حبان بإسناد صحيح). الحكمة والغاية من السحور: إن للسحور حكمًا كثيرة، ومقاصدَ جليلة، وغايات عظيمة؛ ومنها: 1- الاقتداء بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وسنته القولية والفعلية. 2- في السحور مخالفة لأهل الكتاب، بكونهم لا يتسحرون؛ والدليل على ذلك حديث عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب، أكلة السحر»؛ (رواه مسلم/ ١٠٩٦). 3- في السحور النماء والخير والبركة بأنواعها المادية والمعنوية، وتحصيل الأجر والثواب عند القيام به. 4- في السحور تقوية للبدن على صيام النهار، لا سيما في الأوقات الحارة من الأيام. 5- السحور سبب في إعانة العبد المؤمن على أداء الطاعات والعبادات لله عز وجل في نهار رمضان. 6- في السحور فوائد صحية عظيمة يعود نفعها على الصائم وهي كثيرة؛ ومنها: تنشيط الجهاز الهضمي، والمحافظة على مستوى السكر في الدم فترة الصيام، والحماية للجسد من الجفاف في نهار رمضان، وغيرها من الفوائد الصحية الكثيرة التي يذكرها أهل الاختصاص. • ويحصل ويتحقق السحور بقليل الطعام والشراب وكثيره، ولو بجرعة من ماء؛ لحديث عبدالله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال: «تسحروا، ولو بجرعة ماء»؛ [الأرنؤوط/ تخريج المسند (١٧/ ١٥١)، إسناده حسن]، ولحديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «السحور كله بركة؛ فلا تدعوه، ولو أن يجرع أحدكم جرعةً من ماء، فإن الله عز وجل وملائكته يصلون على المتسحرين»؛ (الألباني/ صحيح الترغيب (١٠٧٠)، حسن لغيره)، ومعنى "صلاة الله عز وجل على عباده": أي: الثناء عليهم، و"صلاة الملائكة على العباد": أي: الدعاء والاستغفار لهم. هذا ما تيسر إيراده، نسأل الله تعالى أن يجعله من العلم النافع والعمل الصالح، وأن يجعله لوجهه الكريم خالصًا، ونسأل الله العلي الأعلى من فضله العظيم. والحمد لله رب العالمين. __________________________________________________ الكاتب: د. كامل صبحي صلاح |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
الإسراف في رمضان قال تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا} [الأعراف: 31]. وقال سبحانه: {وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأنعام: 141]. قال سفيان بن عُينية في قوله تعالى: {وَلَا تُسْرِفُوا}: ما أُنفِق في غير طاعة الله يعتبر سرفًا وإن كان قليلًا". وقال ابن كثير رحمه الله في قوله سبحانه: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا} [الفرقان: 67]: "أي ليسوا بمبذِّرين في إنفاقهم، فيَصرِفون فوق الحاجة، ولا بخلاء على أهليهم، فيقصِّرون في حقِّهم فلا يَكْفُونهم؛ بل عدلًا خيارًا، وخير الأمور أوسطها، لا هذا ولا هذا"[1]. وقال ابن عباس في قوله تعالى: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِي} نِ ﴾ [الإسراء: 27]: هم الذين يُنفِقون المال في غير حقه. وقال مجاهد: "لو أنفق إنسان ماله كلَّه في الحق، لم يكن مبذِّرًا، ولو أنفَق مُدًّا في غير حق، كان مبذِّرًا"[2]. وفي حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كُلوا وتَصدَّقوا والبَسوا في غير إسرافٍ ولا مخيلة»[3]. والإسراف ظاهرة لقومٍ لا يرجون لله وقارًا، ولا يحترمون نِعَمَ الله عز وجل، وبدلًا من أن يكون شهر رمضان شهرَ الاقتصاد، والمحافظة على الأوقات، واغتنام اللحظات، نجد أن كثيرًا من المسلمين أسرَفوا في رمضان. صور الإسراف: 1- الإسراف في الطعام والشراب: من الناس من يستعد لاستقبال رمضان بالطعام والشراب والخزين من السكر والزيت والأرز، وتُضيع المرأة وقتها الثمين في رمضان في إعداد الطعام الذي يبدأ من الظُّهر حتى أذان المغرب، وعند المدفع تجد المائدة مملوءةً بما لذَّ وطاب، وما زاد عن الحاجة، فيكون عُرضةً للإتلاف والرمي، وسبحان الله! استهلاك المسلمين يزيد في رمضان، وأوزان المسلمين تزيد في رمضان، فنخرج من الصيام وما حقَّقْنا معنى الصوم، ولا حصَّلنا التقوى.. يحدث هذا وملايين المسلمين في القارة الإفريقية جوعى، والمسلمون في فلسطين وقطاع غزة لا يجدون الكفاف. وقد حذَّر النبيُّ صلى الله عليه وسلم من الشِّبع والتخمة، فقال: «ما ملأ آدميٌّ وعاء شرًّا من بطنه، بحسْبِ ابن آدم أُكُلاتٌ يُقِمنَ صُلبَه، فإن كان لا محالة فثُلُثٌ لطعامه، وثلُث لشرابه، وثلُث لنفَسِه»[4] ، وقال بعض السلف: (جمع الله الطبَّ كلَّه في نصف آية، هي {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا} [الأعراف: 31]. والتخمة في رمضان عند الإفطار تُفقِد المسلمَ حلاوة المناجاة، ولذَّةَ العبادة والذِّكر. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «من كثر أكلُه، لم يجد لذِكرِ الله لذةً». وقال إبراهيم بن أدهم: "مَن ضبَط بطنَه ضبَط دينَه، وإن معصية الله بعيدة من الجائع، قريبةٌ من الشبعان". وقال لقمان: "يا بُنيَّ، إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة، وخَرِسَتِ الحكمة، وقعَدت الأعضاء". فيا عجبًا أن يتحوَّل شهر الصيام إلى شهر الطعام، وإذا أردتَ أن تعرف هل صُمتَ حقًّا، فعليك بأن تزن نفسك لتعرف وزنك الليله الأولى من رمضان، ثم انظر في ليلة العيد هل زاد وزنُك أو نقص؛ فهذا معيار لا يخطئ. 2- الإسراف في النوم: خاصة في النهار، والعجيب أن هؤلاء يسرفون في سهرٍ لا طائل من ورائه.. سهر ضائع في القيل والقال، وعلى المقاهي والسهرات الرمضانية وأمام التلفاز، ثم يأتي أحدهم بعد السهر الطويل ليتسحَّر، ثم ينام قبل الفجر، ولا يستيقظ إلا قرب العصر أو على مدفع الإفطار، فيحلم أنه صام رمضان، وهذا من عدم فقه المرء بلحظاتِ ودقائق رمضان الغالية، التي قال عنها القرآن: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 184]، تمرُّ كالبرق الخاطف أو كلمح البصر، ولا تُعوَّض أيامه ولياليه، ولله در القائل: ألقاهُ شهرًا لكن في نهايتِه *** يمضي كطَيفِ خيالٍ قد لَمَحْناهُ 3- الإسراف في تضييع الأوقات: المسلمون اليومَ يتفنَّنون في ضياع أوقاتهم، وتسلية صيامهم فيما لا طائل من ورائه، أين نحن من السلف الصالح الذين كانوا يحرصون على أوقاتهم كحرصِنا على أموالنا، فلا يضيعون لحظة في غير طاعة؟! قال الحسن: (أدركتُ أقوامًا كان أحدهم أشحَّ على عمره منه على درهمه). وحثَّ الرسول على استثمار الوقت، فقال: «اغتنم خمسًا قبل خمس، وعدَّ منها: فراغَك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك». ابدأ يومك باسم الله، وحدِّد لنفسك أعمالك الأهمَّ فالمهم، وقسِّم الوقت المتاح على هذه الأعمال، ولا تؤجِّل عمل اليوم إلى الغد؛ فيتراكم عليك عملُ اليومين، وكن مثالًا في الحفاظ على الوقت، والاهتمام بالمواعيد، واعلم أن الواجبات أكثر من الأوقات، فعاوِن غيرَك على الانتفاع بوقته، وإن كان لك مهمة فأَوجِز في قضائها، وتَذكَّر أن الوقت هو الحياة. فالوقتُ أثمَنُ ما عُنيتَ بحفظِه *** وأراه أسهلَ ما عليك يضيعُ 4- الإسراف في الكلام: هناك من الناس من يطلق لسانه في رمضان، ولا يحفظ للشهر حرمة، وغالبًا من تكلَّم كثيرًا أخطَأ كثيرًا، وقد حذَّر النبي من ذلك؛ فقد صح عنه أنه قال: «إن الرجل لَيتكلَّمُ بالكلمة لا يُلقي لها بالًا من سخط الله، فيزلُّ بها في النار سبعين خريفًا»[5]. وقال عطاء بن أبي رباح: (إن من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام، وكانوا يعدون فضولَه ما عدا كتاب الله أن تقرأه، وتأمر بمعروف، وتنهى عن منكر، وتنطلق بحاجتك في معيشتك التي لا بد منها.. أتُنكِرون أن عليكم كرامًا كاتبين؟!)[6]. وكتب عمر بن العزيز إلى بعض أصحابه: "أما بعدُ، فإن من أكثر ذِكرَ الموت رضي من الدنيا باليسير، ومَن عَدَّ كلامه من عمله، قلَّ كلامه إلا فيما ينفع، والسلام"[7]. واجب عملي: عليك بالاقتصاد في الطعام والشراب والنوم، وكن معتدلًا في كل شيء، وحافِظْ على وقتك. [1] تفسير ابن كثير 6 /110. [2] تفسير ابن كثير 5 /63. [3] رواه النسائي في الصغرى (2560) وغيره بسند صحيح. [4] رواه النسائي في الكبرى (6711). [5] رواه البخاري (6478). [6] إحياء علوم الدين 3 /96. [7] سير أعلام النبلاء. __________________________________________________ _ الكاتب: عصام محمد فهيم جمعة |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
عزيمة من حديد هبة حلمي الجابري شهر رمضان بالنسبة لنا فرصة عظيمة لاختبار قوة العزيمة والإصرار، لكن بشرط أن يكون عندنا عزم على الإصلاح، والبعد عن كل سبب يمنعنا من التغيير، والابتعاد عن كل صاحب سوء أو أداة فساد، والحرص على مرافقة كل شخص يمكن أن يعيننا، ويساعدنا على الوصول إلى طريق السعادة والنجاة. كثير منا يتمنى أن يتوب وأن يرجع عن المعاصي، يتمنى أن يعود للإقبال على الطاعة كما كان في الماضي، يتمنى أمورًا كثيرة، لكنَّ العزيمةَ صفرٌ! كلها أمانيُّ لن تنتقل للواقع بدون إرادة وعزيمة صادقة؛ قال تعالى: { فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [محمد: 21]، وإن كانت هذه الأماني أول خطوة في طريق التغيير، لكن لا بد أن نكمل طريقنا ولا نقف عندها، فما كان التغيير يومًا بالأماني، وما دامت العزيمة من ورق، فليس هناك أمل، وحتى إذا كان لدينا عزيمة صادقة دون ترجمتها لفعلٍ، فما الفائدة؟! إن الأمر لَتَحَدٍّ مع النفس، معركة بيننا وبين أنفسنا والشيطان، ونستطيع أن نربحها بكل بساطة لو كان عندنا إرادة، فلنغلق أعيننا ونتخيل فرحة الشيطان بهزيمتنا وانتصاره علينا، هذا وحده يكفينا حتى نحاول بكل قوتنا أن ننتصر عليه. فماذا نفعل لتقْوَى عزيمتنا؟ حتى تقوى عزيمتنا لا بد أن نقوي صلتنا بالله سواء بالعبادات القلبية أو الفعلية؛ مثلًا: 1- تقوية عناصر الإيمان بالله وبصفاته العظيمة، وبقضائه وقدره، وصدق التوكل عليه، وحسن الظن به، والقراءة عن أسماء الله وصفاته ونشعر بمعناها. 2- تغيير نظرتنا للعبادات من مجرد تأديتها بشكل روتيني إلى الشعور بمعانيها؛ مثلًا نؤدي الصلاة ليس لمجرد التأدية، بل بانتظام وخشوع وخضوع لله، وهذه وسيلة تقوِّي إرادتك على مخالفة كثير من أهواء النفس، والصيام بالتزام تام واحتساب لله وسيلة لتقوية الإرادة، وهكذا في كل العبادات. 3- التزام الطاعة في كل ما أمر الله به، والبعد عن كل ما نهى الله عنه، وندرب أنفسنا عمليًّا على مقاومة أهواء النفس ومخالفة شهواتها، مع المسارعة إلى فعل الخير قبل وجود الموانع، أو قبل أن نشعر بالكسل بسبب الشيطان أو النفس. 4- كثرة الذكر، وتلاوة القرآن، والاستغفار، والدعاء. 5- الجد والحزم والانتظام والنظام، عن طريق تنظيم الوقت وعمل جدول مناسب، مع البدء بالأهم والتركيز عليه؛ حتى يصبح عادة نقوم بيها بشكل تلقائي وبكل سهولة. 6- عدم الحزن على ما فات، والنظر إلى الأمام دائمًا، مع جعل الأحلام مناسبة للقدرات، والبعد عما هو بعيد المنال مستحيل التنفيذ. 7- التفاؤل بالخير، والبعد عن التشاؤم، مع تمام حسن الظن في الله، واليقين بأننا نستطيع أن نتغير إذا استعنَّا بالله. 8- نضع دائمًا ابتغاء مرضاة الله عز وجل هدفًا أمامنا، مع التفكير في الجائزة العظمى؛ وهي الجنة وما أعده الله فيها للمتقين؛ ونتذكر دائمًا قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى } [النازعات: 40]. ليس هذا فقط، بل نحتاج إلى بعض المحفزات: 1- الاستعانة بالله، والتضرع، والانكسار، والافتقار الدائم المستمر بين يديه، وسؤال الله أن يعيننا على "ذكره وشكره وحسن عبادته"، وغيره من الأدعية. 2- الإكثار من الاستغفار، فمن لزمه، جعل الله له من كل همٍّ فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب، وبُورك في وقته وعمره. 3- التقوى، وذلك بامتثال أوامر الله وتجنب نواهيه، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾ [الطلاق: 4]. 4- القراءة عن الجنة وجمالها، وما أعده الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين فيها. 5- القراءة عن الصحابة والسلف الصالح، وعن عبادتهم لله، وأخلاقهم، وزهدهم في الدنيا، وتعلقهم بالله. 6- مصاحبة أصحاب الهمم العالية، فصحبتهم لها تأثير عجيب في التغيير من واقع الإنسان وأخلاقه وسلوكه. 7- القراءة في كتب فضائل الأعمال وما أعده الله لكل عمل من ثواب؛ حتى يكون لك حافزًا للمسارعة في الأعمال الصالحة؛ مثلًا: فضل قراءة القرآن، فضل قيام الليل، فضل الذكر ... 8- كثرة الشكر والحمد لله عند حصول نعمة دينية؛ فالله هو من وفَّقنا لها وسهَّلها علينا، وحبَّبها إلى قلوبنا؛ قال تعالى: { لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ } [إبراهيم: 7]. لو عملنا بهذه الوصية في حياتنا، لحلَّت عندنا عقدًا كثيرة كنا نعاني منها، سواء أكانت تكاسلًا عن بعض الطاعات، أو حبًّا لبعض المعاصي، ثم نبدأ بعدها في أن نرتقي من حال لحال، باتباع هذا المنهج، وهو "التعود على المجاهدة". التطبيق العملي: جدد في قلبك الإيمان والتوبة دائمًا، واجعل لسانك رطبًا بذكر الله، مع البحث عن صديق يعينك على طاعة الله، وأداء العبادات في أوقاتها مع تخصيص وقت يوميًّا لـ: • القراءة عن أسماء الله وصفاته. • القراءة في وصف الجنة، وأنصحك بكتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح لـ"ابن قيم الجوزية". • القراءة عن فضائل الأعمال، وأنصحك بكتاب الترغيب في فضائل الأعمال وثواب ذلك لـ"ابن شاهين". |
رد: نحو رمضان مختلف
نحو رمضان مختلف (5) صلوات خاشعة سعد الكبيسي الخشوع لبُّ الصلاة ومن أهم مقاصدها العظيمة {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}. ويتحقق هذا المقصد في رمضان بشكل أكبر وبمعينات أكبر من خلال التنبه للآتي: أولا: في ليل رمضان صلاة وقيام، والليل موطن السكون والخلوة والتأمل، وكل هذه توفر إمكانا أكبر لخشوع أكثر كمالا وجمالا وعمقا. ثانيا: في نهار رمضان صلاة وصيام حيث يتخفف الجسد مما يثقله ويصرفه عن كمال الخشوع، ففي النفس إقبال وفي الجسد انكسار وفي القلب راحة، توجه الملكات للاستغراق في خشوع أفضل وأتم. ثالثا: رمضان شهر القرآن وطعم القرآن المختلف في الصلاة يخلق طعما مختلفا للخشوع فيها، فعلى قدر التدبر في القرآن في الصلاة سيكون قدر الخشوع المتحصل منها. رابعا: ثمة هدية عظيمة من رب العزة والجلال أن تزاح الشياطين من طريق التعبد والصلاة والخشوع في رمضان، لتفسح المجال أمام الملائكة بأن ينفردوا بالتأثير على ملكات ونوازع الخير في النفس وسد منافذ الوسوسة. خامسا: إن طمع المسلم أن يكون ممن يشمله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" سيكون حافزا عظيما نحو توجيه البال وحصر الهم وتكثيف الانشغال بالتوجه والإنابة والخشوع في هذا القيام، ليكون القيام أكمل والمغفرة أتم وأعظم. سادسا: إن الخشوع لذة من لذات الصلاة ولذة من لذات النفس، حيث تلقي النفس أثقالها وهمومها وغمومها بين يدي ربها، فتكون الصلاة حينئذ محط راحة لا أداء واجب فحسب. سابعا: قد نسقط الفريضة بأداء صلاة من حركات رتيبة، لا إقبال فيها ولا توجه، لكننا لن نقطف ثمراتها بدون وجود خشوع يحقق مقاصدها وآثارها، وهذا خطأ يقع فيه بعض العابدين فيغلبون الكم على النوع، ويحرصون على كثرة من الركعات دون أن يحرصوا على الخشوع فيها وتحقيق أهدافها ومقاصدها. لنقرأ سوية قول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : ((إنَّ الرجل لينصرف وما كُتِب له إلاَّ عُشر صلاته، تُسعها، ثُمنها، سُبعها، سُدسها، خُمسها، رُبُعها، ثُلُثها، نِصفها)). لنجعل رمضان هذا شهر الصلوات الخاشعة ما استطعنا الى ذلك سبيلا ... |
رد: نحو رمضان مختلف
نحو رمضان مختلف (6) شياطين غير مصفدة سعد الكبيسي وعدنا الله تعالى بتصفيد شياطين الجنّ في رمضان، حيث الوسوسة في أضعف حالاتها ودافع الخير داخل المسلم في أعلى درجاته، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَاب جَهَنَّمَ ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ" رواه البخاري ومسلم، وفي رواية مسلم: "وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ". والتصفيد إما حبسهم وتقييدهم حقيقة، وإما تعبير مجازي عن ضعف وسوستهم بسبب كثرة الذكر والصيام والقيام وأعمال الخير. لكن الله تعالى لم يعدنا بتصفيد شياطين الإنس، حيث تبقى شياطين الإنس تمارس وظيفتها بكل كفاءة واقتدار، بل ربما كان من خطتها أن تفسد عليك رمضان بكل ما تستطيع. شياطين الإنس نجدهم في العمل والشارع والسوق وفي كل مكان، لكن وجودهم الحقيقي في زماننا أصبح في الفن الهابط والإعلام الفاسد الذي لا يحتاج إلى كثير كلام في بيان حقيقته ومظاهر الفساد الذي فيه. لسنا ضد الفن والإعلام الهادف أو على الأقل الفن والإعلام في الممتع المباح، ولكننا ضد الفن والإعلام المحمل بكمّ هائل من الأفكار والسلوكيات والرسائل التي أصبح العاقل موقنا أنها ليست رسائل عبثية، تهدف لأغراض إنتاجية ربحية فقط بل تهدف لخلق متلق جديد ذي قيم جديدة. لماذا أصبحت المتعة في ليل رمضان ونهاره هدفا كأنَّ المسلم في رمضان يحمل من العبء النفسي والبدني من صيامه وقيامه ما يحتاج معه إلى مزيد من المتعة والترفيه، في الوقت الذي الذي يريد الإسلام منه من خلال الصيام والقيام والقرآن والصدقة في رمضان أن يتطهر ويرتاح وتصفو نفسه وتتمتع بذلك وتسر. أيها المسلم: تكفل الله لك بنصف الشياطين في رمضان فكن على حذر من النصف الآخر، وإن كيد الشيطان كان ضعيفا. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
صور منحرفة في شهر رمضان المبارك يجب تصحيحها بسام الحمزاوي أولاً. صورة الابن الذي يترك مائدة الطعام عند المغرب والأهل يجتمعون حولها لينزل لصلاة المغرب في المسجد معتبرًا أن هذا هو الدين، وبسب ذلك تنشأ يوميًا عند الإفطار خصومة وشحناء ويصير جو البيت متوترًا عند كل مغرب من رمضان مع أبويه، ثم يسأل: أليس هذا هو الدين؟ والجواب: لو أنَّ أبويك راضيان فلا حرج، ولكن المشكلة الخصومة المتكررة معهما مع أنّ البخاري أخرج [671] عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا وُضِعَ العَشَاءُ وَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَابْدَءُوا بِالعَشَاءِ»، وفي البخاري [5464] عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ تَعَشَّى مَرَّةً، وَهُوَ يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الإِمَامِ»، فكيف بهذا الشاب الطعام حاضر وغضب الوالدين حاضر إن ذهب، فما له يوتر جوَّ بيته وله رخصة في دين الله تعالى. ثانيًا. صورة الأب الذي يحذر أهل بيته قبل حلول رمضان بأنه صائم ولا داعي أن يغضبه أحد حتى لا يبطش به، وكأنَّ الصوم مرحلة زمنية تفسد فيها الأخلاق؟!! مع أنَّ نبينا الكريم علمنا أنَّ رمضان شهر الحِلم، ومن صور الحلم كما في البخاري [1894] أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الصِّيَامُ جُنَّةٌ..، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ" المقصود كن حليمًا فإن استفزك إنسان وشتمك قابله بالحلم، فكيف بمن يتوعد؟!! ثالثًا. صورة الزوجة التي إذا جاء رمضان استقبلت القبلة في قيام الليل وقصَّرت بحق الفراش مع زوجها لأنَّ معلمتها علمتها أن رمضان شهر القيام والقرآن، وهذا صحيح، ولكن نسيت معلمتها أن تفهمها أن قيام رمضان سنة مهمة وطاعة الزوج واجب، والواجب مقدم على السنة، ونسيت أن تحدثها ما أخرجه البخاري [5194] عن النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا بَاتَتِ المَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا، لَعَنَتْهَا المَلاَئِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ» يعني إذا كان للزوج حاجة منها وهي معرضة ومشغولة عنه ولو بقيام وقرآن. رابعًا. صورة الزوج الذي لا تتتغير طلباته في رمضان، فإذا هو يرهق زوجته بعزايم رمضان الكثيرة، أو بمائدة طعام يومية مرهقة، أو بضيوف يأتون وضيوف يذهبون...إلخ، وكأن المرأة مطلوب منها في شهر رمضان أن تكون حبيسة المطبخ، ومشغولة بأمر البيت فقط دون أن يترك لها مجالاً لركعات القيام، وقراءة القرآن، ومناجاة في السحر...إلخ مع أن البخاري أخرج [37] عن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» وهذا للذكور والإناث، وبالمقابل لا بأس بدعوة الأهل والمعارف بالمعقول فمن فطر صائمًا فله مثل أجره. خامسًا. صورة الموظف الذي يتأخر عن عمله ويعطل المراجعين، وإذا جاء كان مقطبًا لجبهته ينهر الناس ويعاملهم معاملة سيئة كل ذلك تحت اسم أنه صائم، وتغافل هذا المسكين عما أخرجه البخاري [1904] عن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ"، والرفث: الكلام الفاحش، وفي رواية للبخاري: "ولا يجهل" أي: لا يفعل شيئًا من أعمال الجهال، فالصوم في رمضان هو خلق فاضل، وسوء الأخلاق من أفعال الجهال والسفهاء. سادسًا. صورة من يفهم أن شهر رمضان شهر بطالة نوم في النهار، وأكل وشرب بالليل، وهل كانت كبرى مواقع الإسلام كفتح مكة إلا في رمضان، وفي البخاري [6] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ»، واعتكافه عليه الصلاة والسلام في رمضان كما في البخاري [813]، فرمضان صيام وقيام وقرآن واعتكاف وعمرة فيه تعدل حجة...إلخ. سابعًا. صورة من يظن أن الصوم يقتضي صرف الوقت في التسالي وتضييعه في الترهات: ولا أظن أني أحتاج لسرد أدلة تدل على خطأ هذا، مع أن الترفيه عن النفس والراحة والمزاح المعتدل كله لا حرج ولا إشكال فيه، ولكن الحذر من أن يكون هو الغالب. اللهم أعنا على الصيام والقيام وغض البصر وحفظ اللسان وأدخلنا الجنة بسلام. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
معاشر العباد ها قد انتصف رمضان معاشر العباد: قَالَ صلى الله عليه وسلم: ««وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ..»[1] (رواه الترمذي وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ) . ها قد انتَصَفَ رَمَضَانُ.. فما أجملَكم حينما استقبلتم المَوسِمَ العَظِيمَ، جَعَلَنَا الله جَمِيعًا فِيمَا نَستَقبِلُ مِن شَهرِنَا خَيرًا مِمَّا وَدَّعنَا.. أحسنتم والله حينما تسابقتم على أبواب الخير في هذا الشهر المبارك، من صَلاةٍ وَصَومٍ وَقِيَامِ لَيلٍ، وَصَدَقَةٍ وَإِحسَانٍ وَحُبٍّ لِلمَسَاكِينِ، وَرِفقٍ بِالنَّاسِ وَتَجَاوُزٍ عَنِ المُعسِرِينَ، وَصِلَةٍ لِلرَّحِمِ وَرَحمَةٍ، وَكَفٍّ لِلِّسَانِ عَنِ الشَّرِّ وَإِشغَالٍ لَهُ بِالتَّلاوَةِ وَالذِّكرِ.. ما أروع اصطحاب أبنائكم للطاعة ولن يخيب الله أملكم فيهم حين أكثرتم لهم من الدعاء: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ}[2]. حرصُكم على الأَمرٍ بِالمَعرُوفِ وَالنَهيِ عَنِ المُنكَر لن يضيع سدى بإذن الله في أمنكم واستقرار مجتمعكم {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[3]. معاشر اللاحقين بالعباد: ها هي أيام الشهر قد تتابعت، ولياليه الغر قد تلاحقت، هذه أيام رمضان، ها نحن على أبواب العشر الأواخر، وقفنا على الليالي العشر ونحن فقراء إلى رحمة الله، وقفنا نشكو تقصيرنا إلى الله، وقفنا وكلنا أمل وطمع في رحمة الله ألا يخيب رجاءنا، وأن يستجيب دعاءنا، وقفنا على أبواب عشر ما دخلت على رسول الله إلا شد مئزره وأيقظ أهله وأحيا ليله، صلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين. بينها ليلة خير من ألف شهر، من قامها إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، عشر إذا دخلت على الأخيار والصالحين فروا إلى بيوت الله معتكفين ركعًا سجدًا، يبتغون فضلاً من الله ورضوانًا، سيماهم في وجوههم من أثر السجود.. معاشر العُباد: وصية لكم من كتاب الله وسنة رسول الله: اعلموا أن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، لا يقبل الله من العبادة إلا ما كان خالصًا لوجهه، يراد به ما عنده: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}[4]. أخلصوا لله النيات، وأخلصوا لله العبادات والطاعات، فلا يزال العبد بخير إذا تكلم تكلم لله، وإذا عمل عمل لله. معاشر العباد: كم من قائم على أم حنون يسقيها دواءها، ويعالج جراحها وداءها، بلَّغه الله أجر المعتكفين، كم من قائم على أب ضعيف، شيخ كبير، يقضي حوائجه، ويرحم ضعفه، ويحسن إليه، ويجبر بإذن الله كسره، بلَّغه الله مقام المعتكفين، كم من قائم على زوجة سقيمة مريضة، يقوم عليها، بلَّغه الله أجر الاعتكاف بما كان من إحسانه إليها. تخلف عثمان - رضي الله عنه وأرضاه - عن غزوة بدر _ والتي انتصر فيها المسلمون في السابع عشر من رمضان يوم الفرقان يوم التقى الجمعان _ تخلف رضي الله عنه بسبب زوجه التي كان يمرضها، رقية - رضي الله عنها وأرضاها - فعن عثمان بن عبد الله بن موهب قال: جاء رجل من مصر حج البيت فقال: يا ابن عمر إني سائلك عن شيء فحدثني أنشدك الله بحرمة هذا البيت، هل تعلم أن عثمان تغيب عن بدر فلم يشهدها؟ فقال: نعم، ولكن أما تغيبه عن بدر فإنه كانت تحته بنت رسول الله فمرضت، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمَهُ»[5]. فما جزاء الإحسان إلا الإحسان. معاشر العباد: إياكم وحرق أعمالكم بألسنتكم من غيبة وسب وأذية.. ألزموها البر كما عُهد عنكم بالذكر والدعاء والقرآن والتسبيح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ترتفع درجاتكم وتعلو منازلكم.. معاشر العباد: تنوع العبادات في هذا الشهر دليل على التوفيق، وثمة قضية تؤرق الكثير من الصالحين وهي قطع الرحم.. فكونوا سابقين في وصلها قدوات صالحة في ذلك قالَ تَعَالَى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ}[6]. وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنَ الرِّفْقِ، فَقَدْ أُعْطِيَ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ حُرِمَ حَظَّهُ مِنَ الرِّفْقِ، فَقَدْ حُرِمَ حَظُّهُ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَحُسْنُ الْخُلُقِ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ، وَحُسْنُ الْجِوَارِ يَزِدْنَ فِي الْأَعْمَار، وَيُعَمِّرْنَ الدِّيَارَ»[7] رَوَاهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ»[8] (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ). عِبَادَ اللهِ: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [9]، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد. [1] صحيح؛ أخرجه الترمذي (3545)، وصححه الألباني في المشكاة (927). [2] [إبراهيم: 40]. [3] [آل عمران: 110] [4] [الكهف: 110] [5] أخرجه البخاري(3130). [6] [محمد: 22] [7] صحيح؛ أخرجه أحمد (25259)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (117). [8] أخرجه البخاري (2067)، ومسلم (2557)، من حديث أنس. [9] [الأحزاب: 56]. __________________________________________________ ________ الكاتب: د. صغير بن محمد الصغير |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
ونحن في أواخره...هل تغير شهر رمضان أم نحن تغيرنا؟! عبد الكريم علي الخلف بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه: فضائل رمضان: رمضان شهر الرحمة والغفران؛ لذلك فإن المؤمنين في هذا الشهر مدعوون ليكونوا ضيوف الرحمن يطهروا أنفسهم وقلوبهم ويحرروها من حب الدنيا والتعلق بها؛ ليكونوا لائقين لهذه الضيافة الكريمة... رمضان شهر القرآن: قال تعالى: [شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان]. والصوم فضله كبير وثوابه عظيم، ففي الحديث القدسي الذي رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: قال اللَّه عز وجل: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به). وأخرج الإمام أحمد في مسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أعطيت أمتي خمس خصال في رمضان لم تعطها أمة قبلهم: • خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك • وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا • ويزين الله عز وجل جنته كل يوم ثم يقول: يوشك عبادي الصائمون أن يلقوا عنهم المؤنة والأذى ويصيروا إليك • ويصفد فيه مردة الشياطين فلا يخلصوا إلى ما كان يخلصون إليه في غيره • ويغفر لهم في آخر ليلة. قيل يا رسول الله: أهي ليلة القدر؟ قال: لا، ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله. ماذا يعني شهر رمضان المبارك؟ يرتبط رمضان في العديد من الدول الإسلامية بالعديد من الشعائر الدينية، مثل صلاة التراويح والاعتكاف في العشر الأخير من رمضان، وقيام ليلة القدر والتي هي خير من ألف شهر، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (التمسوها في الليالي الوترية) فيحتمل أن تكون ليلة السابع والعشرين أو التاسع والعشرين، وقيام هذه الليلة سبب لمغفرة الذنوب، ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه). ورمضان تضاعف فيه الأعمال: روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عمرة في رمضان تعدل حجة) وفي رواية: (تعدل حجة معي) أي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. هل تغير رمضان أم نحن تغيرنا؟ بالتأكيد إن الزمان لم يتغير، وإن نفحات رمضان هي هي، ولكن نحن الذين تغيرنا، فالغاية من الصيام هي تحصيل التقوى كما ورد في الآية [لعلكم تتقون] ولكن همم الناس في تحصيل معاني التقوى مختلفة ومراتبهم في ذلك متفاوتة، فمنهم من جعله موسماً للازدياد من الطاعة والقربات، ومنهم من جعله موسماً لارتياد الأسواق ومتابعة المسلسلات...! والقنوات الفضائية قد نذرت نفسها طوال العام لهذا الشهر، وأصبح رمضان وللأسف موسماً مهماً لعرض المسلسلات وبرامج المسابقات والجوائز... وكذلك أصبحت الأسواق تتفنن في إغراء الناس بما لذ وطاب من المآكل والمشارب، وبهذا أفرغ هذا الشهر من مضمونه ألا وهو التقرب إلى الله بالطاعات والعبادات. إن رمضان هذا العام هو ذاته رمضان في زمن المصطفى صلى الله عليه وسلم لم يتغير، ولكن نحن الذين تغيرنا... رمضان فرصة للتغيير: لنغير من واقعنا ومن بعض عاداتنا في هذا الشهر، قال تعالى: [إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم...] فهل نبدأ رحلة التغيير في حياتنا نحو الأفضل، أم يمر علينا رمضان كما مر في الأعوام السابقة... إن اليوم الذي يمضي لا يرجع، ورمضان إذا مضى لا يعود، وما من أحد إلا سيندم على ما فات، إن كان فعل خيراً سيندم إن لم يكن قد استزاد، وإن فعل شراً سيندم لـمَ لـمْ يتب، قال تعالى: [حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت...]. لنحاول أن نجعل رمضان في هذا العام مختلفاً، وليكن همنا الأكبر فيه زيادة التقوى لنشعر أبناءنا بعظمة هذا الشهر وفضله، ولنلمس فيه معاني الصيام الحقيقية... هل نشأ أطفالنا اليوم النشأة الرمضانية السليمة؟ إن أطفالنا هم ثروتنا القادمة وهم الذين سيحملوا راية العلم والإيمان في المستقبل إن شاء الله، وإن التحديات التي تواجهنا في تربية أطفالنا تحديات كبيرة في ظل هذه الهجمة الشرسة من وسائل الإعلام المرئية وغير المرئية كالأنترنت وغيره؛ لذلك ينبغي علينا قبل منعهم من متابعة البرامج في التلفاز وغيره أن نؤمن لهم البديل الإسلامي من البرامج الهادفة والمفيدة. وإن تنشئة الولد التنشئة السليمة تبدأ منذ الصغر بتعويده على الصيام في سن السابعة وضربه عليه في سن العاشرة، واصطحاب الطفل المميز إلى المسجد في صلاة التراويح حتى يتعرض لنفحات رمضان الإيمانية. هل نعيش اليوم فوضى فكرية وإيمانية؟ إن الفوضى الفكرية والأمية الإيمانية والخواء الروحي هي الأمراض التي قصمت ظهر الأمة فوقعت في براثن التخبط والخداع والانحراف، ولذلك يقول الإمام الغزالي رحمه الله: (الضمير المعتل والفكر المختل ليسا من الإسلام في شيء). ونتيجة لهذه الفوضى تبلدت القلوب والمشاعر، وأصبح القلب لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً، قال تعالى: [كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون] نحن الآن بحاجة إلى صحوة إيمانية وروحية في هذا الشهر الكريم؛ لتكون نقطة الانطلاق في هذا الشهر بداية لانطلاقة جديدة في بداية العام، اسأل الله سبحانه أن يجعلنا من عتقاء هذا الشهر الكريم من النار، إنه سميع مجيب، والحمد لله رب العالمين. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
من خواطر رمضان: الصوم الصحيح عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين كثير من عامة الناس يحافظون على العبادات في أيام رمضان، وكأنهم يستنكرون أن يتركوا العبادتين: الصوم والصلاة، أو يفعلوا عبادة دون عبادة. فتراهم يستنكرون أن يتركوا الصوم والصلاة، ويستنكرون أن يؤدوا الصوم دون الصلاة، أو يفعلوا شيئاً من المحرمات. تجدهم في رمضان يتوبون ولكن توبة مؤقتة، فهم في أنفسهم عازمون على العودة إلى المعاصي. ففي رمضان يحافظون على الصلاة، ويتوبون عن الخمر أو عن الدخان مثلاً، أو عن الاستماع إلى الأغاني والملهيات ونحو ذلك، أو عن بعض الشعارات الباطلة أو عن الصور الخليعة، أو ما أشبه ذلك، ولكن يحدثون أنفسهم أنهم بعد شهر رمضان سيعودون إلى ما كانوا عليه ولهذا يتمنون انقضاء هذه الأيام وإذا أقبل رمضان حثوا أنفسهم، وتناولوا ما قدروا عليه من الخمر ومن غيرها حتى قال بعضهم: دعاني شهر الصوم لا كان من شهر ولا صمت شهراً بعده آخر الدهر و العياذ بالله... فهؤلاء ربما يفرقون بين رمضان وما بعد رمضان؛ فيستكثرون من تناول الحرام وفعله قبل أن يأتي شهر رمضان؛ لأنهم سيتركونه مدة هذا الشهر فقط، ثم يعودون إليه، حتى قال بعضهم: إذا العشرون من شعبان ولّت *** فبادر بالشراب إلى النهــــــارِ ولا تشرب بأقداحٍ صغــــــارٍ *** فإن الوقتَ ضاق على الصغارِ فمثل هؤلاء لم يتأثروا بصومهم، فالإنسان يستعيذ بالله أن يكون من هؤلاء الذين ما نفعهم صومهم ولا زجرهم عن المحرمات، وإذا فعلوا شيئاً من العبادات فعلوها بنية الترك وإذا تركوا شيئاً من المعاصي تركوها بنية الفعل بعد أن ينفصل الشهر، كما قال شاعرهم وأميرهم: رمضان ولّى هاتها يا ساقي *** مشتاقة تسعى إلى مشتاقِ فهو ينادي ساقي الخمر بأن يأتي إليه بالشراب مسرعاً؛ لأن رمضان قد انقضى وولَّى وكأن الخمر حرام في رمضان حلال في غيره. فالصوم الصحيح هو الذي يحفظ فيه الصائم صيامه؛ فيحفظ البطن وما حوى، والرأس وما وعى، ويذكر الموت والبلى، ويستعد للآخرة بترك زينة الحياة الدنيا، ويترك الشهوات التي أساسها شهوة البطن والفرج، ويذكر بعد ذلك ما نهاه الله عنه من الشهوات المحرمة في كل وقت. ويذكر أيضاً أن الصوم هو في ترك هذه الشهوات، فما شرع الله الصوم إلا لتقويم النفوس وتأديبها. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
لماذا في رمضان تزداد مصروفات الأسر ؟ اليوم، أصبح الطعام والشراب في حياة أغلب الناس نهماً وشرهاً، واتسمت حياة الكثيرين بالتكلف والإسراف في ولائمهم وأعيادهم وحياتهم. حتى أصبحت أعيادنا مظاهر باهظة الثمن ورمضاناتنا في كل عام موسماً للسرف والترف، بدلاً من أن يكون عبادة وتهجداً. فتحول الغذاء إلى خطر رهيب، وارتفعت صيحات التحذير من مستقبل ينذر بالأخطار وباتت الحاجة ماسّة للأمن الاجتماعي والاقتصادي والغذائي وترشيد الإنفاق والاستهلاك. إنّ الإنسان كائن حيّ، يقوم بوظائف مهمة عبادة الله ثم إعمار الأرض وإقامة مبادئ العدل والخير. وهذا يجعله بحاجة إلى الطعام، كي ينمو ويعيش ويتحرك ويعمل ويحتاج إلى الماء، إذ لا يستطيع الإنسان البقاء حياً لمدة طويلة بلا ماء. فاستجابة الكائن البشري لغريزة الطعام والشراب أمر فطري. كما أنّ المحافظة على القوام الغذائي المتنوع والمتوازن مع التوسط والاعتدال يمنح الإنسان في مراحل عمره جسماً قوياً وصحة دائمة وعمراً مباركاً ومديداً. إذ لا يكفي الإنسان في طعامه وشرابه أن يتناول نوعاً واحداً، فلابد من توافر الاحتياجات الأساسية من مثل: الماء، والسكريات، والبروتينات والشحوم والدهون، والفيتامينات، وبعض العناصر المعدنية. إنّ الإنسان إذا أكل ما يسُّد به جوعه، وشرب ما يُسكن به ظمأه، فإن هذا مطلوب عقلاً، ومندوب إليه شرعاً، لما فيه من حفظ النفس وصيانة الحواس. يقول محي الدين مستو في كتابه ((الطعام والشراب بين الاعتدال والإسراف)): إذا كانت التخمة تمرض وتميت، فإن الحرمان يُمرض النفس ويُفتر عن العبادة، أما الوسطية فإنها تنشط النفس وتظهر روحانيتها. فالاعتدال توسط بين التقتير والإسراف، وبين البخل والإنفاق الزائد عن الحلال في المأكل والمشرب. وقد حث رسول الهدى عليه الصلاة والسلام على الاعتدال وحضّ على التقلل من الطعام والشراب، فقال عليه الصلاة والسلام: «الكافر يأكل في سبعة أمعاء والمؤمن يأكل في معىً واحد» (رواه مسلم) . قال حاتم الطائي ذاماً كثرة الأكل: فإنك إن أعطيت بطنك سُؤله *** وفرجك نالا مُنتهى الذم أجمعا إنّ الاعتدال، إذن، هو التوسط بين الجوع والتخمة، بالتقليل من كمية الطعام والشراب، دون أن ينقص عن حاجة البدن والعمل. وفي ذلك فوائد جمّة منها: صحة الجسم، وجودة الفهم، وقوة الحفظ وقلة النوم، وخفة النفس. قال بعض الحكماء: أكبر الدواء تقدير الغذاء. وفي المقابل، فإن الإقبال على الطعام بشره زائد، يجعل الأغذية عند النهمين المسرفين هدفاً وغاية، يبذلون من أجلها الأموال الباهظة، ويمضون أوقاتاً طويلة في الأسواق، يشترون ألوان الأطعمة. وهؤلاء الذين جعلوا همهم بطونهم وأهدافهم ملذاتهم وشهواتهم، يضنون بأموالهم عن مساعدة بائس أو إعانة فقير، فنتج عن ذلك بطون جائعة وأموال ضائعة. فيا عجباً من مجتمع يُقيم الأفراح والولائم والمجتمعات المسلمة تعاني من الأحزان والمآتم، وقديماً قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه كلمته المشهورة: ما جاع فقير إلا بما تمتع غني. ورد عن القاضي عياض رحمه الله قوله: إنّ كثرة الأكل والشرب دليل على النهم والحرص والشره وغلبة الشهوة، وهي مسبّبٌ لمضار الدنيا والآخرة وجالبٌ لأدواء الجسد وخثار النفس أي فتورها. إنّ الإسراف في تناول الطعام والشراب يؤدي إلى اختزانها في الجسم، وتحولها إلى لحم وشحم وبدانة وبطنة، تقعد بالإنسان عن كثير من أعماله ونشاطاته. وقديماً قيل: البطنة تذهب الفطنة. وقد أجمعت الأطباء على أنّ رأس الداء إدخال الطعام على الطعام، وقالوا: أكثر العلل إنما يتولد من فضول وزوائد الطعام. إن مراتب الطعام والشراب (الغذاء) كما قسم ذلك ابن قيم الجوزية رحمه الله في كتابه ((الطب النبوي)) مراتب ثلاثة: مرتبة الحاجة، ثم مرتبة الكفاية، وأخيراً مرتبة الفضلة. في رمضان تزداد مصروفات الأسر لمجابهة الشراهة الاستهلاكية ونهم التسوق والإنفاق المرتفع، إذ يتحول النوم إلى النهار، والأكل والزيارات والتجوال في الشوارع وارتياد المنتزهات إلى الليل ويستهلك الفرد في وجبتي الإفطار والسحور أضعاف ما كان يستهلكه في ثلاث وجبات قبل حلول رمضان المبارك. حتى أصبح مألوفاً في أمسيات شهر رمضان كثرة حالات الإسعاف بسبب التخمة على موائد الإفطار. __________________________________________________ __ الكاتب: د. زيد بن محمد الرماني |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
هل أتى إلينا رمضان؟ محمود عاشور اهلا وسهلا بقدوم رمضان . سؤال طرحته على نفسي وعقلي وقلبي وروحي وسمعي وبصري ولساني على جوفي على يدي وقدماي على زوجتي واولادي على اهلي واحبتي على جيراني على اصدقائي واخواني هل اتى الينا رمضان ؟؟؟ سالت قلبي : هل اتى رمضان؟؟؟ ياقلب هل فتحت الباب لرمضان ؟؟؟ هل فرغته من الاغشاش؟ هل نظفته ؟ هل اخرجت الحقد والحسد والبغضاء والكبر والعجب والرياء ؟ رمضان لايأتيك وانت تضم هذه الاوساخ فيك ياقلبي نظفها ليأتي رمضان سألت بطني وجوفي : هل اتى اليكم رمضان ؟ رمضان لايأتي اليك وانت تأكل السحت من الربا والغش والسرقة واكل حقوق العباد واكل الارث وحقوق اخوتك واخواتك ؟ يابطن ابعد تلك الاشياء عنك حتى يأتيك رمضان . سألت عقلي هل اتى اليكم رمضان ؟؟؟ اريد انصحك ياعقل ان رمضان لايأتي اليك وانت تخطط وتمكر وتكيد لتلحق الضرر بالناس فتنة وضرر وتفريق بين المؤمنين رمضان يريد منك ياعقل ان تفكر كيف تنفع العباد والبلاد كيف تفكر بخالقك ومولاك رمضان يريد منك ان تكون مبدعا لتنفع الخلق بابداعك وتخفف عنهم الالام وتكبر عندهم الامال . سمعي واذناي هل وصل اليكم رمضان ؟؟؟ انصحك سمعي نصيحة نصح بها الامام الشافعي ونفسك صن عن سماع القبيح واقول لك ياسمع ان رمضان لا يحب الذين سمعون الغيبة والنميمة والافتراء واللعن والطعن والمجون والخوض بايات الله بغير حق رمضان لايأتي لمثل هؤلاء هل انت مستعد ياسمعْ لرمضان هل فتحت له الابواب . وانت يابصري وياعيناي هل رأيتم رمضان هل اتى اليكم ؟؟؟ واني لاعلم ان رمضان لايأتي الى الذين ييتبعون عورات المسلمين وينظرون الى المحرمات والذين يبصرون القذاة في غيرهم ولايبصرون الجذع معترضا في اعينهم انصحك يابصرْ ان تبتعد عن ذاك حتى ترى رمضان وخيراته وبركاته انظر في بديع صنع الله يحبك رمضان بل ترى خيرا كثيرا منه . وانت ايها اللسان هل اتى اليكم رمضان ؟؟؟ انت الذي يحذر منك الجميع ويخافك الكثير انت الذي قال عنك الحبيب صلى الله عليه وسلم ( وهل يكب الناس في النار على وجوههم الا حصائد السنتهم واعلم ايها اللسان ان رمضان لايحب اللذين يلعنون ويجرحون ويشتمون ويكفرون ويغتابون ويستهزؤون يحب منك رمضان يالسان الا تخوض في الاعراض ولاتخوض بما ليس لك به علم لاتفتي بغير علم ولاتكثر من اللغو للتتصدر المجالس يريد منك رمضان يالسان ان تأمر بالمعروف بمعروف وتنه عن المنكر ان تجبر خاطرا ويرف همة وتقوي عزيمة لاان تيئس عباد الله وتجعلهم يقنطون من رحمة الله واريد ان اقول لك في النهاية كلمة لاتلقي لها بالا ترفعك عند الله الترجات العلى فيرضى رمضان ويأتي اليك يالسان رحب برمضان حتى يأتي اليكم وسالت يدي هل اتى اليكم رمضان هل بادرت يايد بخدمة عباد الله هل ازلت الاذى عمن حولك هل ابتعدت القتل والتدمير وكل الشرور والضرب والاذى بغير حق يايد افرشي الطريق لرمضان بالورود والازهار والرياحين حتى يأتي سألت قدماي هي وصل اليكم رمضان هل انتما جاهزتين لاستقباله ؟؟؟ هل تنظفتم من الادران والاوساخ رمصان لايحب من يمشي بالنميمة والغيبة والفتنة ولايحب من يمشي الى المجون والفجور والفسوق رمضان لايحب منكم ان تذهبوا الى اهل المعاصي الا لامر بالمعروف او نهي عن المنكر رمضان يريد منكما ان تسيرا لخدمة عباد الله وقضاء حوائجهم ودفع الظلم عنهم يردكم رمضان ان تغبرا في سبيل الله وفي سبيل وعلاء كلمة الحق والعدل اعلمتم ماذا يريد منكم رمضان حتى يأتي اليكم فياقلب ويابطن وياعقل وياسمع ويابصر ويا لسان ويا يد وياقدم هل انتم مستعدون ليأتي اليكم رمضان واريد ان اقول لكم ان رمضان يحب القرآن واهل القرآن فقربوا القرآن اليكم حتى تكونوا من اهله فيأتيكم رمضان بل ويحبكم ويعطيكم الكثير والسؤال يطرح نفسه على كل البيوت والاسر والهيئات والمؤسسات والقادة والعلماء والرؤساء والمرؤوسين هل انتم مستعدون هل اعددتم العدة وعبدتم الطريق ونظفتم افنيتكم فالضيف لايأتي على القازورات والقمامة والاوساخ بل رمضان نظيف معطر يحب المنظفين الممسكين المعطرين اللهم اجعلنا منهم ومعهم نحن مع اهلينا واولادنا وذريتنا واخواننا والمسلمين اجمعين اللهم اجعلنا نغتنم منه الخير الكثير العتق والجنة والغفران وبلغنا فيه ليلة القدر ولاتحرمنا فيه من خير تنزله على عبادك في رمضان اللهم امين واشرك بذلك من يقول امين |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
شهر رمضان محمد أكرم الندوي قالوا: ما معنى شهر رمضان؟ قلت: هو شهر البركات والخيرات والسعادات والحسنيات، أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، ومصدر ما فيه من اليمن صيامه، ومن ثم أمر الله تعالى به: "فمن شهد منكم الشهر فليصمه". قالوا: اشرح لنا كون صيامه منبعا للهبات الربانية الجليلة والعطايا الرحمانية العظيمة. قلت: ذهب عامة العلماء إلى أن مرد بركات الصيام إلى الجوع وتقليل الطعام، قال الإمام الغزالي في إحياء علوم الدين:" فروح الصوم وسره تضعيف القوى التي هي وسائل الشيطان في العود إلى الشرور، ولن يحصل ذلك إلا بالتقليل وهو أن يأكل أكلته التي كان يأكلها كل ليلة لو لم يصم، فأما إذا جمع ما كان يأكل ضحوة إلى ما كان يأكل ليلاً فلا ينتفع بصومه، بل من الآداب أن لا يكثر النوم بالنهار حتى يحس بالجوع والعطش ويستشعر ضعف القوي فيصفو عند ذلك قلبه ويستديم في كل ليلة قدراً من الضعف حتى يخف عليه تهجده وأوراده، فعسى الشيطان أن لا يحوم على قلبه فينظر إلى ملكوت السماء. وليلة القدر عبارة عن الليلة التي ينكشف فيها شيء من الملكوت وهو المراد بقوله تعالى "إنا أنزلناه في ليلة القدر" ومن جعل في قلبه وبين صدره مخلاة من الطعام فهو عنه محجوب. ومن أخلى معدته فلا يكفيه ذلك لرفع الحجاب ما لم يخل همته عن غير الله عز وجل. ويؤكده ما ذكره ولي الله الدهلوي في حجة الله البالغة حيث يقول: اعلم أنه ربما يتفطن الإنسان من قبل إلهام الحق إياه أن سورة الطبيعة البهيمية تصده عما هو كماله من انقيادها للملكية، فيبغضها، ويطلب كسر سورتها، فلا يجد ما يغيثه في ذلك، كالجوع والعطش، وترك الجماع والأخذ على لسانه وقلبه وجوارحه، ويتمسك بذلك علاجا لمرضه النفساني. ويشبه ما ذكراه كلام ابن القيم في زاد المعاد. قالوا: فهل توافقهم فيما ذهبوا إليه؟ قلت: لا، قالوا: ففسر لنا ردك لقولهم، قلت: حاصل كلامهم أن الصوم عبارة عن الجوع وتقليل الطعام، ومن ثم نرى الإمام الغزالي يحث في شهر رمضان على المبالغة في تقليل الطعام والجوع ليعظم الانتفاع بالصوم وتتضاعف بركته. قالوا: فما الذي أنكرت من ذلك؟ قلت: إن تقليل الطعام سنة من سنن الأنبياء والمرسلين وسائر الصالحين والأذكياء، وهم من أشد الناس كراهية للشبع، أخرج أبو عيسى بإسناد حسن عن المقداد بن معديكرب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لابد فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه. وأخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً كان يأكل كثيراً فأسلم فكان يأكل أكلاً قليلاً، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن المؤمن يأكل في مِعيٍ واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء. فقلة الأكل من المستحسنات في عامة الأحوال، ولو لم يحقق الصيام إلا ما يستفاد من الجوع لما كان لشهر رمضان مزية، ولو كان صوم رمضان لا يقصد به إلا قلة الأكل لما قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر، أخرجه الشيخان عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه، وقال ابن عبدالبر: أحاديث تعجيل الإفطار وتأخير السحور، صحاح متواترة، وعند عبدالرزاق وغيره بإسناد صحيح عن عمرو بن ميمون الأودي قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أسرع الناس إفطارًا وأبطاهم سحورًا. ثم إن شهر رمضان شهر يزاد فيه رزق المؤمن، فلو زيد الرزق في رمضان لكان الغرض الانتفاع به في ذلك الشهر والتقوي به، ومن ثم ترى المسلمين حتى فقراءهم في جميع بقاع الأرض يستكثرون من المطاعم والمشارب في شهر رمضان، فإنهم يأكلون أكثر وأفضل مما يأكلون في غير رمضان. قالوا: فما ترى؟ قلت: كنت أميل أن سببه هو ترويض النفس وهو أقرب مما ذهب إليه الذين أنكرت كلامهم، ثم رأيت أن سبب ذلك هو حمل المسلمين على التمييز بين العبادة والعادة وعيا وإرادة. قالوا: فما ترى الآن؟ قلت: اعلموا أن الله أحد، ومعنى ذلك أنه كامل بنفسه لايحتاج إلى غيره، له الأسماء الحسنى والنعوت العليا منذ الأزل، ما زال بصفاته قديما قبل خلقه، لم يزدد بكونهم شيئا لم يكن قبلهم من صفته، وإنما خلق الخلق رحمة منه، وخلق الإنسان وجعل له إرادة، ومكَّنه من أن يخضع إرادته لمرضاته أو لمرضاة ربه، ومرضاة الإنسان قد تنشأ من فطرته وعقله وذلك مما ينفعه، وقد تنشأ من هواه وذلك مما قد يضره، فإذا خضع الإنسان لإرادته جر إلى نفسه نفعا وضررا، وإذا خضع لأوامر ربه ابتغاء مرضاته لم يعقب ذلك إلا ما ينفعه، فإطاعة الله خير محض لا شر فيه، ونفع صرف لا ضرر فيه، لأن أوامره لا تعود بنفع إليه تعالى، وإنما تنفع العباد وتدر عليهم بالخيرات. وقلت: إن إخضاع الإنسان نفسه لمرضاة الله (وهو الإسلام) ليس سهلا لما تنازعه الأهواء والشهوات وتشاده مشادة، فلا بد أن يلازم الإطاعة ويتشبث بها، وذلك بتنمية استشعار خوف الله فيه ومراقبته وإتيان أوامره واجتناب نواهيه، وهو المعبر عنه بالتقوى، فالتقوى طريق الإسلام الكامل لله رب العالمين، وفرض الله الصوم على عباده رحمة بهم لعلهم يتقون، فيأكل ويشرب ويأتي شهوته إذا أذن له الله ذلك، ويمتنع منه إذا نهاه الله عنه. قالوا: هل بين ما ذهبت إليه وما ذهب إليه غيرك من المعاني من تعارض؟ قلت: لا، ولكن هذه المعاني يختلف بعضها عن بعض اختلافا، قالوا: فما يمنعك أن تجعل المعنى الذي فسرته هو الأصل، وأن تجعل المعاني الأخرى تابعة له؟ قلت: لا مانع، ولكن أكره مثل هذا التخليط، لأني من أحرص الناس على أن يقدم المعنى القرآني صافيا غير ممزوج. |
رد: نظرات نفسية في الصيام
نظرات نفسية في الصيام (10) الدكتور محمد كمال الشريف 10- "الصيام تهذيب نفسي" يتفاوت الناس في فضل الله عليهم، ففيهم القوي وفيهم الضعيف، وفيهم الغني وفيهم الفقير، وفيهم صاحب الجاه والسلطان، وفيهم الشخص العادي الذي لا سلطان له؛ وعندما يعطي الله من فضله أحداً أكثر من غيره،قد ينسى هذا الإنسان أن قدرته وقوته، أو غناه أو سلطانه، إنما هو فضل من الله وامتحان واختبار له، أيشكر أم يكفر هذا الفضل، فإذا ما نسي ذلك غرته قدرته، وغره ماله، ودعاه ذلك إلى أن يتكبّر ويتجبّر على الآخرين، ناسياً قدرة الله عليه، وأن الله هو الجبار، وهو القاهر فوق عباده. وفي رمضان، يصوم المؤمن، ويمضي الساعات الطويلة بلا طعام ولا شراب، فيشعر بشيء من الضعف في قوته، ويشعر بالحاجة إلى الطعام والشراب، ويسره أن تغيب الشمس، حتى يتمكن من أن يأكل ويشرب من جديد.. إن الصائم يستشعر بهذا ضعفه البشري، فيقل اغتراره بقوّته، وتتطهر نفسه من نزعة التجبر والعلو في الأرض، إذ كيف يتجبر وهو لم يصبر دون طعام وشراب أكثر من ساعات؟ ولعل هذا من الفوائد النفسية الهامة للصيام، لأنه يُرجع المغرور إلى الواقع، ويخلصه من عقدة التفوق والعلو التي أفسدت عليه نفسه. كما أن الصوم، بما يترك في نفس الصائم من إحساس بالضعف، والحاجة إلى لقمة طعام، وإلى جرعة ماء، هذا الصوم يجعل للآيات الكريمة، التي وعدت المؤمنين في الجنة: الطعام والشراب، ضمن ما وعدتهم به من نعيم، يجعل لها أثراً كبيراً في النفس، أكبر مما يكون لو أن الإنسان الذي أنعم الله عليه، قد أمضى عمره كله دون أن يجوع أو يعطش، فكما أن الصحة تاج على رؤوس الأصحاء، لا يراه إلا المرضى، فإن الطعام والشراب نعمة من الله، لا يعرف قدرها إلا من جاع وعطش. |
رد: نظرات نفسية في الصيام
نظرات نفسية في الصيام (11) الدكتور محمد كمال الشريف 11 - الفطر على التمر روى أبو داود والترمذي والدارقطني والبيهقي والحاكم في مستدركه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: "كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يفطر على رُطَباتٍ قبل أن يصليَ، فإِن لم تكن رطباتٌ فعلى تمراتٍ، فإِن لم تكن حَسَا حَسَوَاتٍ من ماء." كما روى الترمذي والبيهقي والحاكم في مستدركه وقال: "هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه وله شاهد صحيح على شرط مسلم" عن سلمان بن عامر الضبي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور". والرطب هو التمر الناضج الطازج، والرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا صام في موسم الرطب في الصيف أفطر على رطبات وفي غير موسمه أفطر على تمرات، فإن لم يجد الرطب أو التمر أفطر على الماء. وفي حرصه صلى الله عليه وسلم على الفطر على التمر مع تفضيل الرطب، وإلا على الماء، ما يشير إلى أن في التمر خاصية لا توجد في غيره، وهي في التمر الناضج في موسمه أي الرطب أقوى وأنفع، وقد شاركت عندما كنت أدرس الطب البشري في جامعة دمشق عامي 1976 و1977 في بحث علمي أجراه أستاذنا الدكتور محمد هيثم الخياط لمعرفة أثر الفطر على التمر على سكر الدم عند الصائم، فوجدنا سكر الدم المنخفض عند الغروب بسبب الصوم يرتفع خلال دقائق معدودة من تناول تمرة واحدة وقبل أن يمر الوقت الكافي لهضمها وامتصاص ما فيها من سكر، وكان الارتفاع في سكر الدم حوالي خمسة وعشرين بالمائة، أما ما تعجبنا منه فهو أن بعض الصائمين الذين كان سكر دمهم مرتفعاً فوق الحد الأعلى الطبيعي رغم صومهم أي كانوا مرضى بالداء السكري، انخفض سكر دمهم بشكل واضح وخلال دقائق قليلة من تناولهم لتمرة واحدة عند أذان المغرب. وكان أن طلبنا من عدد من زملائنا أن يحضروا إلى القسم المخبري في الجامعة صائمين على الريق ذات صباح بعد رمضان، وأخذنا عدة عينات من دمائهم: واحدة قبل أن يتناولوا التمرة ثم عدة عينات بفواصل زمنية بعد أن تناول كل منهم تمرة واحدة، وقمنا بمعايرة السكر والإنسولين في دمائهم.. فوجدنا الإنسولين يتضاعف عدة مرات خلال دقائق من تناول التمرة وفي الوقت نفسه يرتفع سكر الدم عندهم بنفس السرعة، وهذا يعني أن تمرة واحدة رفعت سكر الدم المنخفض ورفعت معه الإنسولين ليستفيد الجسم من ارتفاع السكر، كما فسر ذلك انخفاض سكر دم السكريين الذين أفطروا على تمرة، لأن الإنسولين يدخل السكر إلى الخلايا لتنتفع به وبالتالي يخفض مستواه في الدم. وكان تفسير أستاذنا لارتفاع السكر الفوري عند تناول التمر بأنه ناتج عن فعل هرموني مثل فعل هرمون الغلوكاكون الذي يرفع سكر الدم من الجسم نفسه حتى دون تناول أي سكر، ولعل هذا يفسر لنا كيف كان يكتفي الجندي المسلم في جيش العسرة بتمرة يمصها قليلاً ثم يخبؤها ليمصها من جديد عندما يشعر بالجوع مرة أخرى لأن الطعام معهم كان قليلاً جداً. هذه دراسة تحتاج من الباحثين المسلمين أن يعيدوها وينشروها وربما أن يدرسوا أثر الرطب والتمر عموماً مع الماء على مزاج المرأة عند الولادة وبعدها، حيث تصاب الكثيرات بكآبة المزاج في الأيام التالية للولادة، وحوالي سدسهن يصبن بمرض الاكتئاب النفسي الذي يحتاج للعلاج الطبي الفعال، وقد أشارت الآيات الكريمة التي تحدثت عن ولادة مريم لعيسى عليه السلام إلى أكل الرطب وشرب الماء ساعة الولادة وأثره في المزاج حيث تقر عين الوالدة ولا تحزن، فقد قال تعالى:{فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً{23} فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً{24} وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً{25} فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً{26}} (مريم 23-26) والسري جدول ماء. ولعل الدراسات تجرى على الرطب أو التمر الجديد لأن حرص النبي صلى الله عليه وسلم على الفطر على الرطب إن وجد وكذلك تشجيع عيسى عليه السلام لأمه لتأكل رطباً جنياً مما يشير إلى أن التمر يفقد هذه الخواص إن كان قديماً. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
أخطاء في الصوم شرع الله الصوم لغاية عظيمة، هي تحصيل تقوى الله جل وعلا، وتزكية النفوس، وتهذيب الأخلاق، فليست الغاية من الصوم إدخال الضرر أو المشقة على العباد، وكلما كان الصوم موافقاً للأحكام الشرعية والآداب المرعية كلما كان أكثر ثمرة وأعظم أجراً، ومع الأسف الشديد فإن بعض الصائمين لا يلتزمون هذه الأحكام والآداب فتصدر منهم الأخطاء والمخالفات التي تؤثر على صومهم أو تنقص أجره وثوابه، وهناك بعض الأخطاء الشائعة التي ينبغي للصائم التنبه لها والحذر منها: أولاً: عدم إدراك البعض لفضائل هذا الشهر الكريم، فيستقبلونه كغيره من شهور العام، وقصارى اهتمام بعضهم أن يستقبله بشراء الأطعمة والمشروبات بدلاً من الاستعداد للطاعة والاقتصاد ومشاركة الفقراء والمحتاجين. ثانياً: التأفف من دخول شهر رمضان، وتمني ذهابه وسرعة زواله، وذلك لما يشعر به من ثقل الطاعة على نفسه والحدِّ من شهواتها، فلا يستشعر معنى التعبد وحلاوة الطاعة، وربما صام مجاراةً للناس وتقليداً وتبعية، فيكون بذلك قد حرم نفسه الاستفادة المثلى من هذا الشهر الكريم. ثالثاً: عدم التفقه في أحكام الصيام وعدم السؤال عنها، فإن صوم رمضان فريضة وعبادة يجب على المسلم أن يعرف كيف يؤديها على الوجه الصحيح المقبول، فيعرف الأركان والواجبات والسنن والمكروهات والمفطرات. رابعاً: عدم تجنب المعاصي أثناء صيامهم، فتجد الصائم يتحرز من المفطرات الحسية كالأكل والشرب والجماع لكنه لا يتحرز من الغيبة والنميمة واللعن والسباب والنظر إلى المحرمات، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» (رواه البخاري). خامساً: ترك بعض السنن ظنًّا بعدم شرعيتها حال الصيام، كترك المضمضة والاستنشاق؛ خوفاً من وصول الماء إلى الحلق، مع أن المنهيَّ عنه إنما هو المبالغة التي يخشى معها وصول الماء إلى الجوف، فعن لقيط بن صبرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: «أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً» (رواه الترمذي وغيره) ، ومثل ذلك ترك السواك بعد الزوال؛ تحرجاً من الإثم، مع أن الصحيح أن السواك مشروع للصائم قبل الزوال وبعده. سادساً: ومن هذا القبيل تحرج البعض من بلع الريق في نهار رمضان لظنه أنه إذا بلع بصاقه فقد فسد صومه، وهذا ليس بصحيح، إذ لم يثبت في الشرع أن بلع البصاق من المفطرات التي يبطل الصوم بها. سابعاً: عدم تبييت النية لصيام الفرض من الليل أو قبل طلوع الفجر، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له» (رواه النسائي) ، وفي رواية: «من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له». والمشروع من ذلك أن يبيت النية في نفسه من غير تلفظٍ بها. ثامناً: تعمد الأكل والشرب مع أذان الصبح أو بعده، والذي ينبغي على المسلم أن يحتاط لصومه، فيمسك بمجرد أن يسمع الأذان. تاسعاً: تخصيص هذا الشهر بالطاعة والاستقامة دون غيره، فما أن ينقضي الشهر حتى يعود بعض الناس إلى ما كانوا قد اعتادوه من المعصية والمخالفات، وهو خطأ عظيم يدل على عدم إدراكهم لحقيقة شهر رمضان، وضعف تأثيره في نفوسهم، فإن رب الشهور واحد، والله جل وعلا حذر من معصيته ومخالفة أوامره ونواهيه في كل وقت، ولا يزال المرء يتقلب في منازل العبودية ومدارجها حتى يأتيه اليقين من ربه. عاشراً: اتخاذ هذا الشهر فرصة للنوم والكسل في النهار وما يترتب عليه من إضاعة الصلوات أو تأخيرها عن وقتها، والسّهر في الليل على ما يسخط الله ويغضبه من لهو ولعب ومشاهدة القنوات، فتضيع بذلك على الإنسان أشرف الأوقات فيما لا فائدة فيه بل فيما يعود عليه بالضرر في العاجل والآجل. حادي عشر: تحرج بعض الصائمين من أن يصبح جنباً وهو صائم، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم. ثاني عشر: سوء الخلق وسرعة الغضب والطيش في نهار رمضان بسبب الجوع وخلاء البطن، مع أن المفترض أن يهذب الصوم أخلاق الصّائم، ويضبط مشاعره وانفعالاته متمثلاً قول المصطفى صلّى الله عليه وسلّم: «الصّوم جُنَّةٌ، فإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحدٌ، أو شاتمه، فليقل: إني صائم» (رواه البخاري ومسلم). ثالث عشر: ما يلاحظ في أول الشهر من كثرة المصلين والمقبلين على العبادة وقراءة القرآن، ثم لا يلبث أن يتسلل الفتور إليهم فيخبو هذا الحماس في آخر الشهر الذي يفترض أن يضاعف فيه الجهد لما للعشر الأواخر من مزية على غيرها، وقد كان صلى الله عليه وسلّم «إذا دخل العشر الأواخر من شهر رمضات شدَّ المئزر، وأحيا الليل، وأيقظ أهله» (رواه ابن خزيمة في صحيحه). منقول |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
من القربات في رمضان: الدعاء عبد العزيز بن حمود التويجري لقد أمرنا الله بالدعاء ووعدنا بالإجابة: قال تعالى في سورة غافر: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60]، والدعاء من أحب العبادات إلى الله جل جلاله، ففي الحديث الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس شيء أكرم على الله من الدعاء»؛ (رواه ابن ماجه). وقد دعانا الله لأن نطلب منه ما نحتاجه: ولو كان ذلك طعامنا وكسوتنا، فعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه عز وجل أنه قال: «يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعًا فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم، كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئًا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم، كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم، ما نقص ذلك من ملكي شيئًا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم، قاموا في صعيد واحد، فسألوني فأعطيت كل إنسان منهم مسألته، ما نقص ذلك مما عندي، إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أُوفيكم إياها، فمن وجد خيرا فليحمد الله عز وجل، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه»؛ قال سعيد: كان أبو إدريس الخولاني إذا حدث بهذا الحديث جثا على ركبتيه؛ (رواه مسلم). وقد حضنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإكثار من الدعاء: فالداعي رابح على كل حال؛ أجابه الله جل جلاله أم لم يجبه، فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة، إلا آتاه الله تعالى إياها، أو صرف عنه من السوء مثلها، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، فقال رجل من القوم إذا نكثر، قال: الله أكثر؛ رواه الترمذي، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم ينصب وجهه لله عز وجل في مسألة إلا أعطاها إياه، إما أن يعجلها له، وإما أن يدَّخرها له في الآخرة»؛ (رواه أحمد)، وكلما أكثرنا من الدعاء كانت الإجابة أرجى، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَن سره أن يستجيب الله له عند الشدائد، فليكثر من الدعاء في الرخاء»؛ (رواه الترمذي والحاكم). والدعاء هو الوسيلة التي يمكننا أن نغير بها حياتنا: فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء»؛ (رواه الترمذي)، وفي الحديث الصحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته، ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل»؛ (رواه أبو داود والترمذي). لذا فالدعاء هو الباب الوحيد الذي يُمكننا أن نغيِّر به قدرنا بإذن الله، وهو الذي نتصدى به للأزمات الصعبة والمشكلات المظلمة في حياتنا التي لا نجد منها مناصًا ولا مفرًّا أبدًا، ففي الحديث الحسن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر»؛ (رواه ابن حبان في صحيحه). وعلى من أراد أن يستجيب الله دعاءه أن يلتزم بآداب الدعاء: لكي ينال الإجابة، فكلما التزمنا بآداب الدعاء كلما اقتربنا من الحصول على الإجابة. فما آداب الدعاء؟ أولًا: صورة الدعاء: 1- حمد الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: ففي الحديث الصحيح عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد إذ دخل رجل فصلى، فقال: اللهم اغفر لي وارحمني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجلت أيها المصلي، إذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو أهله، وصل عليَّ، ثم ادعه»، قال: ثم صلى رجل آخر بعد ذلك فحمد الله وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أيها المصلي، «ادعُ تُجَبْ»؛ (رواه أحمد وأبو داود والترمذي). 2- رفع اليدين بالدعاء: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله حيي كريم، يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرًا خائبتين»؛ (رواه أبو داود). ثانيًا: حال القلب في الدعاء: • الإخلاص لله بالدعاء: قال تعالى في سورة الأعراف: {وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} [الأعراف: 29]، وقال تعالى في سورة غافر: {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [غافر: 65]. • الظن الحسن بالله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل يقول أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني»؛ (رواه البخاري ومسلم). • حضور القلب في الدعاء: قال تعالى في سورة النمل: ﴿ {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [النمل: 62]، وقال تعالى في سورة: {لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ} [الأعراف: 94]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {فإن الله لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل}؛ (رواه أحمد). فالدعاء الذي يخرج من القلب الحي اليقظ المتضرع هو الأرجى للإجابة. • اليقين بالإجابة: فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «القلوب أوعية، وبعضها أوعى من بعض، فإذا سألتم الله عز وجل يا أيها الناس فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة»؛ (رواه أحمد). ثالثًا: مراعاة أوقات الإجابة وأحوالها: فكلما راعينا الأحوال التي نجاب فيها أكثر من غيرها، والكلمات التي تكون أرجى في الإجابة، وكذلك الأماكن والأوقات، كلما فتح لنا باب الإجابة أكثر وأكثر، ومن ذلك: • الدعاء في السجود: ففي الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أقرب ما يكون العبد من ربه عز وجل وهو ساجد، فأكثروا الدعاء»؛ (رواه مسلم). • ثلث الليل الآخر: فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ينزل ربُّنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: «من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له» ؟؛ (رواه البخاري ومسلم)، وفي رواية لمسلم: إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه، ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيقول: «هل من سائل فيعطى؟ هل من داع فيستجاب له؟ هل من مستغفر يغفر له؟ حتى ينفجر الصبح»، وعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «أقرب ما يكون العبد من الرب في جوف الليل، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن»؛ (رواه أبو داود والترمذي). • دبر الصلوات المكتوبات: فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله، أي الدعاء أسمع؟ قال: «جوف الليل الأخير، ودبر الصلوات المكتوبات»؛ (رواه الترمذي). • الدعاء بين الأذان والإقامة: فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد»؛ (رواه أبو داود والترمذي)، وفي الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أن رجلًا قال: يا رسول الله إن المؤذنين يفضلوننا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قل كما يقولون، فإذا انتهيت فسل تعطه»؛ (رواه أبو داود والنسائي)، وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ساعتان تفتح فيهما أبواب السماء، وقلما ترد على داع دعوته عند حضور النداء والصف في سبيل الله»، وفي لفظ قال: «ثنتان لا تردان - أو قلما يردان - الدعاء عند النداء، وعند البأس حين يلحم بعض بعضًا»؛ (رواه أبو داود). • ساعة من يوم الجمعة: قد تكون هي ساعة الخطبة والصلاة، وقد تكون آخر ساعة من نهار الجمعة أي قبيل المغرب، وقد تكون فيما سوى ذلك، المهم أن فيها ساعة مجابة، علمها من علمها وجهلها من جهلها، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «وفيها ساعة لا يدعو أحد ربه فيها بخير هو له قسم إلا أعطاه، أو يتعوذ من شر إلا دفع عنه ما هو أعظم منه»؛ (رواه الطبراني في الأوسط بإسناد جيد). قال الألباني رحمه الله: ورأى بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أن الساعة التي ترجى بعد العصر إلى أن تغرب الشمس، وبه يقول أحمد وإسحاق وقال أحمد: أكثر الحديث في الساعة التي ترجى فيها إجابة الدعوة أنها بعد صلاة العصر، قال: وترجى بعد الزوال، ثم روى حديث عمرو بن عوف المتقدم، وقال الحافظ أبو بكر بن المنذر: اختلفوا في وقت الساعة التي يستجاب فيها الدعاء من يوم الجمعة، فروينا عن أبي هريرة قال: هي من بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ومن بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، وقال الحسن البصري وأبو العالية هي عند زوال الشمس، وفيه قول ثالث: وهو أنه إذا أذن المؤذن لصلاة الجمعة روي ذلك عن عائشة وروينا عن الحسن البصري أنه قال: هي إذا قعد الإمام على المنبر حتى يفرغ، وقال أبو بردة: هي الساعة التي اختار الله فيها الصلاة. رابعًا: تحري اسم الله الأعظم: ففي الحديث الصحيح عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، فقال: «لقد سألت الله بالاسم الأعظم الذي إذا سُئل به أعطى وإذا دُعي به أجاب»؛ (رواه أبو داود)، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بأبي عياش زيد بن الصامت الزرقي وهو يصلي وهو يقول: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت، يا حنان يا منان، يا بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد سألت الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى»؛ (رواه أحمد)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين: وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، وفاتحة سورة آل عمران الله لا إله إلا هو الحي القيوم»؛ (رواه أبو داود والترمذي)، وفي الحديث الصحيح: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعوة ذي النون إذ دعاه وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له»؛ (رواه الترمذي). خامسًا: تجنب أن تضع الحجارة بأفعالك فتسد الطريق أمام دعائك فلا يجاب: فهناك مجموعة من العقبات التي تقف حائلًا دون إجابة دعائك، ومن فضل الله علينا أن تلك العقبات تحت سيطرتنا ويمكننا تجنبها، ومنها: 1- المطعم الخبيث: فهو أكثر ما يمنعك إجابة دعواتك، فأطب طُعمتك لتكون مستجاب الدعوة؛ ففي الحديث الحسن: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51]، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172]، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام، وغُذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك» ؟؛ (رواه مسلم والترمذي). 2- العجلة: فالعجلة تمنعك الإجابة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي»؛ (رواه البخاري ومسلم)، وفي رواية لمسلم والترمذي: «لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله، ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجيب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء»، وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال العبد بخير ما لم يستعجل، قالوا: يا نبي الله وكيف يستعجل؟ قال: يقول قد دعوت ربي، فلم يستجب لي»؛ (رواه أحمد). 3- القلب المشغول: فالله لا يستجيب من القلب الذي يدعو وهو ساهٍ لاهٍ في شعاب الدنيا؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاهٍ»؛ (رواه الترمذي)، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «القلوب أوعية وبعضها أوعى من بعض، فإذا سألتم الله عز وجل يا أيها الناس فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة؛ فإن الله لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل»؛ (رواه أحمد). 4- رفع البصر عند الدعاء بالصلاة: ففي الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لينتهينَّ أقوام عن رفعهم أبصارهم عند الدعاء في الصلاة إلى السماء، أو ليخطفنَّ الله أبصارهم»؛ (رواه مسلم والنسائي). 5- الاعتداء في الدعاء، والدعاء بإثم أو قطيعة رحم: فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة، إلا آتاه الله تعالى إياها، أو صرف عنه من السوء مثلها، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، فقال رجل من القوم: إذا نُكثر، قال الله أكثر»؛ (رواه الترمذي). فلا تطلب من الله إلا خيرًا، ولا تسلك لهذا الطلب إلا طريق الخير؛ حتى لا تضع الحجارة الكثيفة أمام دعائك فلا يستجيب الله لك. وإن كان الدعاء هو عمل عظيم الأجر والأثر في كل وقت، فهو أعظم أجرًا وأثرًا في رمضان، فشهر رمضان هو الشهر الذي يرجى أكثر من غيره أن ترتفع فيه الدعوات، ويستجيب الله منا، فاستكثروا فيه من الدعاء، فلكل مسلم في كل يوم دعوة مجابة عند الفطر، غير ما في ليله من فضل عظيم. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
ليلك في رمضان قال الحافظ ابن رجب: (واعلم أن المؤمنَ يجتمع له في شهر رمضان جهادانِ لنفسه: جهاد بالنِّهار على الصيام، وجهاد بالليل على القيام، فمن جمَع بين هذين الجهادين وُفِّي أجرَه بغير حساب). ليلك.. ذاك البهيم الذي اعتاد جسدك أن يبحرَ في أعماق حلكتِه، ويتجرد من عقل قد كان طول اليوم سابحًا سبحًا طويلاً بين ركام الطمع والحرمان، يركض ركض الخائفين خلف قصاصات الأحلام، ويقف طويلاً على أطلال خلَّفتها الخيبات..، ها قد جاءك شهر الأنوار يُسَرِّجه، يملأ جنباته مسكًا فواحًا يعطره القرآن، ولؤلؤًا نداحًا تُثوِّره الأجفان.. دخن كثيف ذاك الذي يحجب قلبك عن زخات النور.. وطين لازب ذاك الذي يثقل جسدك المتهاوي على حافَات المتعة والانهماك وبراثن الوجع العميق.. آسِن قد صار من طول المكث في مستنقعات الحياة.. فانفُضْ عن عينيك الوسن، وقُمْ عانق الصفاء والنقاء، وامتزج مع السكون كي يغرد قلبك الحزين دعوة صادقة موشاة بدمع بريء.. دعوة يسجد فيها قلبُك سجود الشاكرين الطامعين في خزائن رحمة وجُودِ ربِّ رحيم كريم جَوَاد.. يغتسل فيها القلب قبل العين من أدران سوء الظن، ومن شُحِّ المجبولة على التقتير.. وتسرح الرُّوح الظَّمأى في ملكوت مجيب الدعوات، جاعل تواتر الفرج والشدة سنَّة كونية تقلبها بين الصبر والشكر، وتشحذها بالرجاء واليقين وحسن الظن بالله وبما عند الله.. ومضة: إن عافت نفسك الدنيا وتلظَّت بجحيم الحياة، فاعرج بها إلى أبواب القائل سبحانه: ((من يدعوني فأستجيبَ له، من يسألني فأُعطيَه، من يستغفرني فأغفرَ له))، واسرِ بها بقِطع من الليل تعانق النقاء، ولا تلتفت إلا وأنت على الحوض تغرف غرفة لا تظمأ بعدها أبدًا.. أو على باب الريَّان بفضل كريم منان.. __________________________________________________ ____ الكاتب: وصال تقة |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
مساجدنا حياة في رمضان الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد: فإنه يُسعدُني أن أتقدَّم بهذا التصوُّر لمساجدِنا في شهر رمضان، سمَّيْتُه: (مساجدنا حياة)؛ لأن المسجدَ العامرَ بالعلمِ والإيمان به حياة القلوب، وتُنار به الأفئدة، وتُرْوَى به الأعضاء والجوارح. ويأتي هذا التصوُّر لإحياء المساجد في رمضان، والأمة الإسلامية بها من المشاكلِ الكثيرُ، فالهدفُ أن يصبح المسجدُ - وخصوصًا في شهر رمضان؛ لقُرْب الناس من المساجد، واستعداد الناس للموعظة - وسيلةً ناجعة لأمراض الأمَّة، وما تعاني منه من مشاكل وأمراض. وقد ركَّزْتُ في هذا التصوُّر على الجانب العلمي والثقافيِّ، المَنُوط بالمسجد، وسلَّطْتُ الضوءَ على أهمِّ المشاكل التي تُعاني منها مجتمعاتُنا الإسلاميَّة، وقد صُغْتُ ذلك بطريقةٍ تربويَّة: صياغة الأهدافِ، وذكر الوسائلِ، والإشارة إلى المصادرِ. الهدف الأول: أن يصومَ المسلمون صيامًا صحيحًا، تتحقَّق فيه مقاصدُ الصيام الحقيقيَّة، بعيدًا عن التشدُّد والتكلُّف، ومُراعًى فيه المستجدَّات والنوازل التي ألمَّت بالمسلم في عصور الحَداثةِ والانفتاح. الوسيلةُ: هنا يأتي دورُ (فقه الصيام)، هذا الفقه الذي بذل فيه الفقهاءُ مجهودًا ضخمًا. ويتلخَّصُ دور الخطيب في الحديث عن فقه الصيام في الآتي: ♦ أن يعتمدَ على المصادر الموثوقة والأصليَّة، وأن يبتعد في بيانِ الحكم الشرعيِّ عن المصادر الجاهزة (وأغلبُها موجود على الإنترنت). ♦ أن يَذكرَ الحكمَ مرتبطًا بدليله، مبيِّنًا المقاصدَ الشرعية في كلِّ دليل. ♦ ألَّا يَغفلَ عن المستجدَّات المعاصرة، والنوازل التي ألمَّت بالمسلم في العصر الحديث. ♦ أن يركِّز على مقاصد الصيام، وأن يبتعدَ عن الآراء التي تعجز عن مخاطبةِ المسلم المعاصر. ♦ أن يعمِّق في الجمهور الاختيارَ على أساس الدليل، وأن يفتيَ بالأيسر إذا كان موافقًا للدليل، وأن يُوضِّح مسائلَ الخلاف. المصدر: ♦ فقه الصيام: يوسف القرضاوي - محمد إبراهيم الحفناوي. الهدف الثاني: تحديدُ المشكلات التي تعاني منها المجتمعاتُ الإسلامية، وصياغتها صياغةً دقيقة: محدَّدة الأهداف، واضحةَ المعالم. وتبدو أهمُّ المشكلات التي تعاني منها مجتمعاتُنا في الآتي: ♦ مشكلات الانحلالِ الخُلُقي، وتفشِّي الرذائل. ♦ مشكلات هَدْر الأوقات، وضياع العمر. ♦ مشكلات الأسرة (الزوجية - تربية الأولاد). ♦ مشكلات تتعلَّق بعدم مراعاة الأولويَّات، والإسراف والتبذير في قضاء الحاجات. ♦ مشكلات تتعلَّق بالتبعيَّة والتقليد الأعمى للعادات والأعراف. ♦ مشكلاتٌ تتعلَّق بالعَلاقات المجتمعيَّة، وكيفية تحقيق السِّلْم المجتمعيِّ. الوسيلة: هنا تأتي مجموعةٌ من الأخلاق التي حثَّنا عليها الإسلام، وأهمُّها: ♦ القَصْد والعفاف. ♦ الحياءُ. ♦ اختيارُ الأصدقاء. ♦ الرحمة. ♦ العلم والعقل. ♦ الإخاءُ. ♦ الانتفاعُ بالوقت، والاتِّعاظ بالزمن. المصدر: ♦ خلقُ المسلم: محمد الغزالي. ♦ تربية الأولاد في الإسلام: عبدالله ناصح علوان. الهدف الثالث: الارتقاء الإيماني. فرمضانُ هو شهر الارتقاءِ الإيماني، والقُرْب من الله تعالى. الوسيلة: الحديث عن هذه القيم: ♦ أهميَّة القرآن الكريم. ♦ أهميَّة التقوى. ♦ الشكر. ♦ محبَّة الله. ♦ وصفُ الجنة والنار. المصدر: ♦ مختصر منهاج القاصدين: ابن قدامة المقدسي. ♦ رياض الصالحين: الإمام النووي. هذه هي بعضُ القيم والسلوكيَّات والأخلاق القادرة على تحقيق: الفرد المسلمِ الصادق، والأسرة القويَّة، والمجتمع المُتماسِك. ولا أنسى في نهاية هذا التصوُّر إلا أن أذكرَ بعضَ الوصايا المهمَّة: ♦ أولى وسائل حلِّ المشكلة الإحساسُ بها، ولا يستطيعُ الإمام أن يغيِّر إلا أن يستحضرَ خطورةَ المشاكلِ التي يعاني منها المجتمعُ المسلم. ♦ لا يَملِكُ الخطيب إلا البلاغَ، وبمقدار جُهدِنا وتحضيرنا نستطيعُ أن نُحدِثَ التغيير المنشودَ. ♦ القُدْوة من أهمِّ عوامل النجاح، ففعلُ رجلٍ في ألف رجلٍ، خيرٌ من قول ألف رجلٍ في رجلٍ. ♦ الأملُ في التغيير، فبدونِ الأمل تصبح كلماتُنا ميِّتةً لا روح لها. ♦ الدعاءُ سلاحُنا، والتوكُّلُ على الله ميدانُنا. اللهَ أدعو أن يتقبَّل هذا العمل، وأن يجعلَه في ميزان حسناتِنا، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه. ___________________________________________ الكاتب: حسام العيسوي إبراهيم |
الساعة الآن : 12:27 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour