الخطابية
أصحاب ابي الخطاب محمد بن أبي زينب الأسدي الأجدع مولى بني أسد وهو الذي عزا نفسه إلى أبي عبد الله جعفر ابم محمد الصادق رضي الله عنهن فلما وقف الصادق على غلوه الباطل في حقه: تبرأ منه ولعنه وأمر أصحابه بالبراءة منه وشدد القول في ذلكن وبالغ في التبري منهن واللعن إليه فلما اعتزل عنه ادعى الإمامة لنفسه. زعم أبو الخطاب: أنهم الأئمة أنبياء ثم آلهةن وقال بإلهية جعفر بن محمد وإلهية ىبائه رضي اللع عنهم أبناء الله وأحباؤه. والإلهية نور في النبوة والنبوة نور في الإمانة ولا يخلو العالم من هذه الآثار والأنوارز وزعم أن جعفراً هو الإله في زمانه وليس هو المحسوس الذي يرونه ولكن لما نزل إلى هذا العالم: لبس تلك الصورة فرآه الناس فيها. ولما توقف عيسى بن موسى صاحب المنصور عى خبث دعوته: قتله بسبخة الكوفة. وافترقت الخطابية بعدة فرقاً: فزعمت فرقة: أن الإمام بعد أبي الخطاب رجل يقال له: معمر ودانوا به كما دانوا بأبي الخطاب. وزعموا أن الدنيا لا تفنى وأن الجنة هي التي تصيب الناس من خير ونعمة وعافية وأن النار: هي التي تصيب الناس من شر ومشقة وبلية. واستحلوا: الخمر والزنا وسائر المحرمات. ودانوا بترك الصلاة والفرئض وتسمى هذه الفرقة المعمرية. وزعمت طائفة: أن الإمام بعد أبي الخطاب: بزيغ. وكان يزعم: أن جعفراً هو الإله أي ظهر الإله بصورته للخلق. وزعم: أن كل مؤمن يوحى إليه من الله و تأول قول الله تعالى: " وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله " أي: بوحي إليه من الله وكذلك قوله تعالى: " وأوحى ربك إلى النحل ". وزعم: أن من أصحابه من هو أقضل من جبريل وميكائيل. و زعم: أن الإنسان إذل بلغ الكمال لا يقال له: إنه قد مات: ولكن الواحد منهم إذا بلغ النهاية قيل: رجع إلى الملكوت. وادعوا كلهم معاينة أمواتهم وزعموا أنهم يرونهم: بكرة ةوعشياً. وتسمى هذه الطائفة: البزيغية. وزعمت طائفة: أن الإمام بعد أبي الخطاب: عمير بن بيان العجلي وقالوا: كما قالت الطائفة الأولى إلا أنهم اعترفوا بأنهم يموتون وكانوا قد نصبوا خيمة بكناسة الكوفة يجتمعون فيها على عبادة الصادق رضي الله عنهح فرفع خبرهم إلى يزيد بن عمر بن هبيرة فأخذ عميراً فصلبه في كناسة الكوفة. |
الغالية
هؤلاء هم الذين غالوا في حق أئمتهم حتى أخرجوهم من حدود الخليقية وحكموا فيهم بأحكام الإلهية فربما شبهوا واحداً من الأئمة بالإله و ربما شبهوا الإله بالخلق. وهم على طرفي الغلو والتقصير. وإنما نشأت شبهاتهم من مذاهب الحلولية ومذاهب التناسخية ومذاهب اليهود والنصارى إذ اليهود شبهت الخالق بالخلق والنصارى شبهت الخلق بالخالق. فسرت هذه الشبهات في أذهان الشيعة الغلاة حتى حكمت بأحكام الإلهية في حق بعض الأئمة. وكان التشبيه بالأصل والوضع في الشيعة، وإنما عادت إلى بعض أهل الشنة بعد ذلك وتمكن الإعتزال فيهم لما رأوا أن ذلك أقرب إلى المعقول وأبعد من التشبيه والحلول. وبدع الغلاة محصورة في أربع: التشبيه والبداء والرجعة والتناسخ. ولهم ألقاب وبكل بلد لقب: فيقال لهم بأصبهان: الخرمية والكوذية وبالري: المزدكية والسنباذية وبأذربيجان: الدقولية وبموضع: المحمرة وبما وراء النهر: المبيضة. وهم أحد عشر صنفاً: السبائية أصحاب عبد الله بن سبأ الذي قال لعلي كرم الله وجهه: أنت أنت يعني: أنت الإله فنفاه إلى المدائن. زعموا: أنه كان يهودياً فأسلم وكان في اليهودية يقول في يوشع بن نون وصي موسى عليهما السلام مثل ما قال في علي رضي الله عنه. وهو أول من أظهر القول بالنص بإمامة علي رضي الله عنه. ومنه انشعبت أصناف الغلاة. زعم ان علياً حي لم يمت ففيه الجزء الإلهي ولا يجوز أن يستولي عليه وهو الذي يجيء في السحاب والرعد صوته والبرق تبسمه: وأنه سينزل إلى الأرض بعد ذلك فيملأ الرض عدلاً كما ملئت جوراً. وإنما أظهر ابن سبا هذه المقالة بعد انتقال علي رضي الله عنه واجتمعت عليع جماعة وهو أول فرقة قالت بالتوقف والغيبة والرجعة وقالت بتناسخ الجزء الإلهي في الأئمة بعد علي رضي الله عنه. قال: وهذا المعنى مما كان يعرفه فيه حين فقأ عين واحد بالحد في الحرم ورفعت القصة إليه: ماذا أقول في يد الله فقأت عينا في حرم الله فأطلق عمر اسم الإلهية عليه لما عرف منه ذلك. الكاملية أصحاب أبي كاملز أكفر جميع الصحابة بتركها بيعة علي رضي الله عنه. وطعن في علي أيضاً بتركه طلب حقه ولم يعذره في القعود قال: وكان عليه أن يخرج ويظهر الحق على أنه غلا في حقه. وكان يقول: الإمامة نور يتناسخ من شخص لى شخص وذلك النور: في شخص يكون نبوة وفي شخص يكون إمامة وربما تتناسخ الإمامة فتصير نبوةز وقال بتناسخ الأرواح وقت الموت. والغلاة على أصنافها كلهم متفقون على: التناسخن والحلول. ولقد كان التناسخ مقالة لفرقة في كل ملة تلقوها من: المجوس المزدكية والهند البرهمية ومن الفلاسفة والصائبة. ومذهبهم: أن الله تعالى قائم بكل زمان ناطق بكل لسان ظاهر في كل شخص من أشخاص البشر وذلك بمعنى الحلول. وقد يكون الحلول بجزء وقد يكون بكل: أما الحلول بجزء فهو كإشراق الشمس في كوة أو كغشراقها على البللور أما الحلول بكل فهو كظهور ملك بشخص أو شيطان بحيوان. ومراتب التناسخ أربع: النسخ والمسخ والفسخ والرسخ. وسيأتي شرح ذلك عند ذكر فرقهم من المجوس على التفصيل. وأعلى المراتب: مرتبة الملكية أو النبوة وأسفل الوراتب: الشيطانية أو الجنية. وهذا أبو كامل كان يقول بالتناسخ ظاهراً من غير تفصيل مذهبهم. العلبائية أصحاب: العلباء بن ذراع الدوسي وقال قوم: هو الأسدي. وكان يفضل علياً على النبي صلى الله عليه وسلم وزعم أنه الذي بعث محمداً يعني علياً وسماه إلهاً. وكان يقول بذم محمد صلى الله عليه وسلم وزعم أنه بعث ليدعو إلى علي فدعا إلى نفسه. ويسمون هذه الفرقة: الذمية. ومنهم من قال بإلهيتهما جميعاً ويقدمون علياً في أحكام إلهية ويسمونهم: العينية. ومنهم من قال: بإلهيتهما جميعاً ويفضلون محمداً في الإلهية ويسمونهم: الميمية. ومنههم من قال بالإلهية لجملة أشخاص أصحاب الكساء: محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين. وقالوا خمستهم شيءواحد والروح حالة فيهم بالسوية لا فضل لواحد منهم على الآخر وكرهوا أن يقولوا: فاطمة بالتأنيث بل قالوا: فاطم بلا هاء وفي ذلك يقول بعض شعرائهم: توليت بعد الله في الدين خمسة: نبياً وسبطية وشيخلً وفاطماً. المغيرية أصحاب: المغيرة بن سعيد العجلي. ادعى أن الإمامة بعد محمد بن علي بن الحسين في: محمد النفس الزكية بن عبد الله ابن الحسن بن الحسن الخارج بالمدينة وزعم أنه حي لم يمت. وكان المغيرة مولى لخالد بن عبد الله القسري وادعى الإمامة لنفسه بعد الإمام محمد وبعد ذلك ادعى النبوة لنفسه واستحل المحارم وغلا في حق علي رضي الله عنه غلواً لا يعتقده عاقل. وزاد على ذلك قوله بالتشبيه فقال: إن الله تعالى صورة وجسم ذو أعضاء على مثال حروف الهجاء وصورته صورة رجل من نور على رأسه تاج من نور وله قلب تنبع منه الحكمة. وزعم أن الله تعالى لما أراد خلق العالم تكلم بالأسم الأعظم فطار فوقع على رأسه تاجاً قال: وذلك قوله: سبح اسم ربك الأعلى الذي خلق فسوى. ثم اطلع على أعمال العباد وقد كتبها على كفه فغضب من المعاصي فعرق فاجتمع من عرقه بحران: أحدهما مالح والآخر عذب والمالح مظلم والعذب نير. ثم اطلع في البحر النير فأبصر ظله فانتزع عين ظله فخلق منها الشمس والقمر كله من البحرين فخلق المؤمنون من البحر النير وخلقالكفار من البحر المظلم وخلق ظلال الناس أول ما خلق وأول ما خلق هو ظل محمدج عليه السلام وظل علي قبل خلق ظلال الكل. ثم عرض على السموات والأرض والجبال أن يحملن الأمانة وهي أن يمنعن علي بن أبي طالب من الإمامةن فأبين ذلك ثم عرض ذلك على الناس فأمر عمر بن الخطاب أبا بكر أن يتحمل منعه من ذلك وضمن له أن يعينه على الغدر به على شرط أن يجعل الخلافة له من بعده فقبل منه وأقدما على المنع متظاهرين فذلك قوله تعالى: " وحملها الإنسان إنه طكان ظلوماً جهولاً:. وزعم أنه نزل في حق عمر قولع تعالى: " كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك ". ولما أن قتل المغيرة اختلف أصحابه: فمنهم من قال بانتظاره ورجعته ومنهم من قال بانتظار إمامة: محمد كما كان يقول بانتظاره. وقد قال المغيرة بإمامة أي جعفر محمد بن علي رضي اللع عنهما ثم غلا فيه وقال بإلهيته فتبرأ منه الباقر ولعنه. وقد قال المغيرة لأصحابه: انتظروه فإنه يرجع وجبريل وميكائيل يبايعانه بين الركن والمقام وزعم: أنه يحيي الموتى |
الأزارقة
أصحاب أبي رشد نافع بن الأزرق الذين خرجوا مع نافع من الصرة إلى الأهواز فغلبوا عليها وعلى كورها وما وراءها من بلدان: فارس وكرمان في أيام عبد الله بن الزبير وقتلوا عماله فيها بهذه النواحي. وكان مع نافع من أمراء الخوارج: عطية بن الأسود الحنفي وعبد الله بن ماخون وأخواه عثمان والزبير وعمر ابن عمير العنبري وقطري بن الفجاءة المازني وعبيدة بن هلال اليشكري وأخوه محرز بن هلال وصخر بن حبيب التيمي وصالح بن مخراق العبدي وعبد ربه الكبير وعبد ربه الصغير.في زهاء ثلاثين ألف فارس ممن يرى رأيهم وينخرط في سلكهم. فأنفذ إليهم عبد الله بن الحرث بن نوفل النوفلي بصاحب جيشه: مسلم بن عبيس بن كريز ابن حبيب فقتله الخوارج وهزموا أصحابه. فأخرج إليهم أيضاً عثمان بن عبد الله ابن معمر التميميح فهزموه. فأخرج إليهم حارثة بن بدر العتابي في جيش كثيف فهزموه وخشي أهل البصرة على أنفسهم وبلدهم من الخوارج. فأخرج إليهم المهلب بن أبي صفرة فبقي في حرب الأزارقة تسع عشرة سنة إلى أن فرغ من أمرهم في أيام الحجاج ومات نافع قبل وقائع المهلب مع الأزارقة وبايعوا بعده قطري بن الفجاءة المازنين وسموه: أمير المؤمنين. وبدع الأزارقة ثمانية: إحداها: أنه أكفر علياً رضي الله عنه وقال: إن الله أنزل في شأنه: " ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام " وصوب: عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله وقال: إن الله تعالى أنزل في شأنه: " ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضاة الله ". وزادوا عليه تكفير: عثمان وطلحة والزبير وعائشة وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم وسائر المسلمين معهم وتخليدهم في النار جميعاً. والثانية: أنه أكفر القعدة وهو أول من أظهر البراءة من القعدة عن القتال وإن كان موافقاً له على دينه وأكفر من لم يهاجر غليه. والثالثة: إباحته قتل الأطفال المخالفين والنسوان منهم. والرابعة: إسقاطه الرجم عن الزاني إذ ليس في القرآن ذكره وإسقاطه حد القذف عمن قذف المحصنين من الرجال مع وجوب الحد على قاذف المحصنات من النساء. والخامسة: حكمه بأن أطفال المشركين في النار مع آبائهم. والسادسة: أن التقية غير جائزة في قول ولا عمل. والسابعة: تجويزه أن يبعث الله تعالى نبياً يعلم أنه يكفر بعد نبوته أو كان كافراً قبل البعثة.والكبائر والصغائر: إذا كانت بمثابة عنده فهي كفر. والثامنة: اجتمعت الأزارقة على أن من ارتكب كبيرة من الكبائر خرج به عن الإسلام جملة ويكون مخلداً في النار مع سائر الكفار واستدلوا بكفر إبليس وقالوا: ما ارتكب إلا كبيرة حيث أمر بالسجود لآدم عليه السلام فامتنع وإلا فهو عارف بوحدانية الله تعالى. |
الجاحظية
أصحاب عمرو بن بحر أبي عثمان الجاحظ. كان من فضلاء المعتزلة والمصنفين لهم وقد طالع كثيراً من كتب الفلاسفة وخلط وروج كثير أمن مقالاتهم بعباراته البليغة وحسن براعته اللطيفة. وكان في أيام المعتصم والمتوكل. وانفرد عن أصحابه بمسائل: منها: قوله: إن المعارف كلها ضرورية طباع وليس شيء من ذلك من أفعال العباد وليس للعبد كسب سوى الإرادة وتحصل أفعاله منه طباعاً كما قال ثمامة. ونقل عنه أيضاً: أنه أنكر أصل الإرادة وكونها جنساً من الأعراض فقال: إذا انتهى السهو عن الفاعل وكان عالماً بما يفعله فهو المريد على التحقيق وأما الإرادة المتعلقة بفعل الغير فهو ميل النفس إليه. وزاد على ذلك بإثبات الطبائع للأجسام كما قال الطبيعيون من الفلاسفة وأثبت لها أفعالاً مخصوصة بها. وقال باستحالة عدم الجواهر فالأعراض تتبدل والجواهر لا يجوز أن تفنى ومنها: قوله في أهل النار: إنهم لا يخلدون فيها عذاباً بل يصيرون إلى طبيعة النار. وكان يقول: البار تجذب أهلها إلى نفسها من غير أن يدخل أحد فيها. ومذهبه: مذهب الفلاسفة في نفي الصفات وفي إثبات القدر خيره وشره من العبد: مذهب المعتزلة. وحكى الكعبي عنه أنه قال: يوصف الباري تعالى بأنه مريد بمعنى أنه لا يصح عليه السهو في أفعاله ولا الجهل ولا يجوز أن يغلب ويقهر. وقال: إن الخلق كلهم من العقلاء عالمون بأن الله تعالى خالقهم وعارفون بأنهم محتاجون إلى النبي وهم محجوجون بمعرفتهم. ثم هم صنفان: عالم بالتوحيد وجاهل به فالجاهل معذور والعالم محجوج. ومن انتحل دين الإسلام فإن اعتقد أن الله تعالى ليس بجسم ولا صورة ولا يرى بالأبصار وهو عدل لا يجوز ولا يريد المعاصي وبعد الاعتقاد واليقين أقر بذلك كله فهو مسلم حقاً. وإن لم ينظر في شيء من ذلك كله واعتقد أن الله تعالى ربه وان محمداً رسول الله فهو مؤمن لا لوم عليه ولا تكليف عليه غير ذلك. وحكى ابن الرواندي عنه أنه قال: إن للقرآن جسداً يجوز أن يقلب مرة رجلاً ومرة حيواناً وهذا مثل ما يحكى عن أبي بكر الأصم أنه زعم: أن القرآن جسم مخلوق. وأنكر الأعراض أصلاً وأنكر صفات الباري تعالى. ومذهب الجاحظ هو بعينه مذهب الفلاسفة إلا أن الميل منه ومن أصحابه إلى الطبيعيين منهم أكثر من الإلهيين. |
الخابطية والحدثية
الخابطية: أصحاب احمد بن خابط وكذلك الحثية أصحاب الفضل الحدثي: كانا من أصحاب النظام وطالعا كتب الفلاسفة أيضاً وضما إلى مذهب النظام ثلاث بدع: البدعة الأولى: إثبات حكم من أحكام الإلهية في المسيح عليه السلام موافقة النصارى على اعتقادهم: أن المسيح هو الذي يحاسب الخلق في الآخرة وهو المراد بقوله تعالى: " وجاء ربك والملك صفاً صفاً ". وهو الذي يأتي ظلل من الغمام وهو المعني بقوله تعالى: " أو يأتي ربك ". وهو المراد بقول النبي عليه السلام: " إن الله تعالى خلق آدم على صورة الرحمن ". وبقوله: " يضع الجبار قدمه في النار ". وزعم أحمد بن خابط: أن المسيح تدرع بالجسد الجسماني وهو الكلمة القديمة المتجسدة كما قالت النصارى. البدعة الثانية: القول بالتناسخ: زعما أن الله تعالى أبدع خلقه: أصحاء سالمين عقلاء بالغين في دار سوى هذه الدار التي هم فيها اليوم وخلق فيهم معرفته والعلم به وأسبغ عليهم نعمته ولا يجوز أن يكون أول ما يخلقه إلا: عاقلاً ناظراً معتبراً وابتدأ هو بتكليف شكره فأطاعه بعضهم في جميع ما أمرهم به وعصاه بعضهم في جميع ذلك وأطاعه بعضهم في البعض دون البعض فمن أطاعه في الكل أقره في دار النعيم التي أبدأهم فيها ومن أطاعه في البعض وعصاه في البعض أخرجه إلى دار الدنيا فألبسه هذه الأجسام الكثيفة وابتلاه: بالبأساء والضراء والشدة والرخاء والآلام واللذات. على صور مختلفة من صمر الناس وسائر الحيوانات على قدر ذنوبهم فمن كانت معصيته أقل وطاعته أكثر كانت صورته أحسن وآلامه أقل ومن كانت ذنوبه أكثر كانت صورته أقبح وآلامه أكثر. ثم لا يزال يكون الحيوان في الدنيا: كرة بعد كرة وصورة بعد أخرى مادامت في زمانهما شيخ المعتزلة أحمد بن أيوب بن مانوس وهو أيضاً من تلامذة النظام وقال أيضاً مثل ما قال أحمد بن خابط في التناسخ وخلق البرية دفعة واحدة إلا أنه قال: متى صارت النوبة إلى البهيمية ارتفعت التكاليف ومتى صارت النوبة إلى رتبة النبوة والملك ارتفعت التكاليف أيضاً وصارت النوبتان عالم الجزاء. ومن مذهبهما أن الديار خمس داران للثواب إحداهما: فيها أكل وشرب وبعال وجنات وأنهار. والثانية: دار فوق هذه الدار ليس فيها أكل ولا شرب ولا بعال بل ملاذ روحانية وروح وريحان غير جسمانية. والثالثة: دار العقاب المحض وهي نار جهنم ليس فيها ترتيب بل هي على نمط التساوي. والرابعة: دار الابتداء التي خلق الخلق فيها قبل أن يهبطوا إلى دار الدنيا وهي الجنة الأولى. والخامسة: دار الابتلاء وهي التي كلف الخلق فيها بعد أن اجترحوا في الأولى. وهذا التكوير والتكرير لا يزال في الدنيا حتى يمتلئ المكيالان: مكيال الخير ومكيال الشر فإذا امتلأ مكيال لخير صار العمل كله طاعة والمطيع خيرا خالصاً فينقل إلى الجنة ولم يلبث طرفة عين فإن مطل الغنى ظلم وفي الحديث: " أعطوا الأجير أجره قبل إن يجف عرقه ". وإذا امتلأ مكيال الشر صار العمل كله معصية والعاصي شريراً محضاً فينقل إلى النار ولم يلبث طرفة عين وذلك قوله تعالى: فإذا جاء أجلهم لايستأخرون ساعة ولا يستفيدون. البدعة الثالثة: حملهما كل ما ورد في الخبر: من رؤية الباري تعالى مثل قوله عليه السلام: " إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته " على رؤية العقل الأول الذي هو أول مبدع وهو العقل الفعال الذي منه تفيض الصور على الموجودات وإياه على النبي عليه السلام بقوله: " أول ما خلق الله تعالى العقل فقال له: أقبل فأقبل ثم قال له أدبر فأدبر فقال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أحسن منك! بك أعز وبك أذل وبك أعطي وبك أمنع فهو الذي يظهر يوم القيامة وترتفع الحجب بينه وبين الصور التي فاضت منه فيرونه كمثل القمر ليلة البدر فأما واهب العقل فلا يرى البتة. ولا يشبه إلا مبدع بمبدع. وقال ابن خابط إن كل نوع من أنواع الحيوانات أمة على حيالها لقوله تعالى: وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم وفي كل أمة رسول من نوعه لقوله تعالى: " وإن من أمة إلا خلا فيها نذير. ولهما طريقة أخرى في التناسخ وكأنهما مزجا كلام التناسخية والفلاسفة والمعتزلة ببعضها البعض. |
العنانية
نسبوا إلى رجل يقال له: عثمان بن داود راس الجالوت. يخالفون سائر اليهود في السبت والأعياد وينهون عن أكل الطير والظباء والسمك والجراد ويذبحون الحيوان على القفا ويصدقون عيسى عليه السلام في مواعظه وإشاراته ويقولون: إنه لم يخالف التوراة البتة بل قررها ودعا الناس إليها وهو من بني إسرائيل المتعبدين بالتوراة ومن المستجيبين لمسى عليه السلام إلا أنهم لا يقولون بنبوته ورسالته. ومن هؤلاء من يقول: إن عيسى عليه السلام لم يدع: أنه نبي مرسل وليس من بني إسرائيل وليس هو صاحب شريعة ناسخة لشريعة موسى عليه السلام بل هو أولياء الله المخلصين العارفين بأحكام التوراة. وليس الإنجيل كتاباً منزل عليه وحياً من الله تعالى بل هو: جمع أحواله من مبدئه إلى كماله وإنما جمعه من أصحابه الحواريين فكيف يكون كتاباً منزلاً. قالوا: و اليهود ظلموه حيث: كذبوه أولاً ولم يعرفوا بعد دعواه وقتلوه آخراً ولم يعلموا بعد محله ومغزاه. وقد ورد في التوراة ذكر المشيحا في مواضع كثيرة وذلك هو: المسيح ولكن لم ترد النبوة ولا الشريعة الناسخة. وورد فارقليط وهو الرجل العالم وكذلك ورد ذكره في الإنجيل فوجب حمله على ما وجد. وعلى من ادعى غير ذلك تحقيقه وحده. العيسوية نسبوا إلى أبي عيسى: إسحاق بن يعقوب الأصفهاني وقيل: إن اسمه: عوفيد ألوهيم أي: عابد الله. كان في زمن المنصور وابتدأ دعوته في زمن ىخر ملوك بني أمية: مروان بن محمد الحمار فأتبعه بشر كثير من اليهود وادعوا له آيات ومعجزات وزعموا: أنه لما حورب خط على أصحابه خطاً بعود آس وقال: أقيموا في هذا الخطن فليس ينالكم عدو بسلاح فكان العدو يحملون عليهم حتى إذا بلغوا الخط رجعوا عنهم خوفاً من طلسم أو عزيمة ربما وضعها ثم إن أبا عيسى خرج من الخط وحده على فرسه فقاتل وقتل من المسلمين كثيراً وذهب إلى أصحاب موسى بن عمران الذين هم وراء النهر الرمل ليسمعهم كلام الله. وقيل: إنه لما حارب أصحاب المنصور بالري: قتل وقتل أصحابه. زعم أبو عيسى: أنه نبي وأنه: رسول المسيح المنتظر. وزعم: أن للمسيح خمسة من الرسل يأتون قبله واحداً بعد واحد. وزعم: أن الله تعالى كلمه وكلفه أن يخلص بني إسرائيل من أيدي الأمم العاصين والملوك الظالمين. و زعم: أن المسيح افضل ولد آدم وأنه أعلى منزلة من الأنبياء الماضين وإذ هو رسوله فهو أفضل الكل أيضاً. وكان يوجب تصديق المسيح ويعظم دعوة الداعي ويزعم أيضاً: أن الداعي هو المسيح. وحرم في كتابه: الذبائح كلها ونهى عن أكل كل ذي روح على الإطلاق: طيراًكان أو بهيمة. وأوجب عشر صلوات وأمر أصحابه بإقامتها وذكر أوقاتها. وخالف اليهود في كثير من أحكام الشريعة الكثيرة المذكورة في التوراة. وتوراة الناس: هي التي جمعها ثلاثون حبراً لبعض ملوك الروم حتى لا يتصرف فيها كل جاهل المقاربة واليوذعانية نسبوا إلى: يوذعان منن همذان: وقيل: كان اسمه: يهوذا. كان يحث على الزهد وتكثير الصلاة وينهى عن اللحوم والأنبذة وفيما نقل عنه: تعظيم أمر الداعي. وكان يزعم أن للتوراة: ظاهراً وباطناً وتنزيلاً وتأويلاً. وخالف بتأويلاته عامة اليهود وخالفهم في التشبيه ومال إلى القدر وأثبت الفعل حقيقة للعبد وقدر الثواب والعقاب عليه وشدد في ذلك. ومنهم: الموشكانية أصحاب: موشكان. كان على مذهب يوذعان غير أنه كان يوجب الخروج على مخالفيه ونصب القتال معهم فخرج في تسعة عشر رجلاً فقتل بناحية: قم. وذكر عن جماعة من الموشكانية: أنهم أثبتوا نبوة المصطفى محمد عليه السلام إلى العرب وسائر الناس سوى اليهود لأنهم أهل ملة وكتاب. وزعمت فرقة من المقاربة: أن الله تعالى خاطب الأنبياء عليهم السلام بواسطة ملك اختاره وقدمه على جميع الخلائق واستخلفه عليهم وقالوا: كل ما في التوراة وسائر الكتب من وصف الله تعالى فهو خبر عن ذلك الملك وإلا فلا يجوز أن يوصف الله تعالى بوصف. قالوا: وإن الذي كلم موسى عليه السلام تكليماً: هو ذلك الملك والشجرة المذكورة في التوراة: هو ذلك الملك. ويتعالى الرب تعالى عن أن يكلم بشراً تكليماً. وحمل جميع ما ورد في التوراة: من طلب الرؤية وشافهت الله وجاء الله و طلع الله في السحاب وكتب التوراة بيده واستوى على العرشس قراراً وله صورة آدم وشعر قطط و وفرة سوداء و انه بكى على طوفان نوح حتى رمدت عيناه وأنه ضحك الجبار حتى بدت نواجذه. إلى غير ذلك على ذلك الملك . قال: ويجوز في العادة أن يبعث ملكاً روحانياً من جملة خواصه ويلقي عليه اسمه ويقول: هذا هو رسولي ومكانه فيكم مكاني وقوله قولي وأمره أمري وظهوره عليكم ظهوري كذلك يكون حال ذلك الملك. وقيل إن أرنوس حيث قال في المسيح إنه هو الله وإنه صفوة العالم أخذ قوله من هؤلاء وكانوا قبل أرنوس بأربعمائة سنة وهم أصحاب زهد وتقشف. وقيل صاحب هذه المقالة هو: بنيامين النهاوندي: قرر لهم هذا المذهب وأعلمهم أن الآيات المتشابهات في التوراة كلها مؤولة وأنه تعالى لا يوصف بأوصاف البشر ولا يشبه شيئاً من المخلوقات ولا يبهه شيء منها وأن المراد بهذه الكلمات الواردة في التوراة: ذلك الملك المعظم. وهذا كما يحمل في القرآن: المجيء والإتيان على إتيان ملك من الملائكة وهو كما قال تعالى في حق مريم عليها السلام: " فنفخنا فيها من روحنا " وفي موضع آخر: " فنفخنا فيه روحنا " وإنما النافخ جبريل عليه السلام حين تمثل لها بشراً سوياً ليهب لها غلاماً زكياً. السامرة هؤلاء قوم يسكنون: جبال بيت المقدس وقرى من اعمال مصر ويتقشفون في الطهارة أكثر من تقشف سائر اليهود. أثبتوا نبوة: موسى وهارون ويوشع بن نون عليهم السلام وأنكروا نبوة من بعدهم من الأنبياء إلا نبياً واحداً وقالوا: التوراة ما بشرت إلا بنبي واحد يأتي من بعد موسى يصدق ما بين يديه من التوراة ويحكم بحكمها ولا يخالفها البتة. وظهر في السامرة رجل يقال له: الألفان ادعى النبوة وزعم أنه هو الذي بشر به موسى عليه السلام وأنه هو الكوكب الدري الذي ورد في التوراة: أنه يضيء ضوء القمر وكان ظهوره قبل المسيح عليه السلام بقريب من مائة سنة. وافترقت السامرة: إلى دوستانية وهم: الألفانية وإلى كوستانية. والوستانية معناها: الفرقة المتفرقة الكاذبة. والكوستانية معناها: الجماعة الصادقة وهم يقرون بالآخرة والثواب والعقاب فيها. والدوستانية تزهم أن الثواب والعقاب في الدنيا. وبين الفريقين اختلاف في الأحكام والشرائع. وقبلة السامرة جبل يقال له غريزيم بين بيت المقدس ونابلس. قالوا: إن الله تعالى أمر داود أن يبني بيت المقدس بجبل نابلس وهو الطور الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام فتحول داود إلى إيلياء وبنى البيت ثمة وخالف الأمر فظلم والسامرة توجهوا إلى تلك القبلة دون سائر اليهود. ولغتهم غير لغة اليهود. وزعموا: أن التوراة كان بلسانهم وهي قريبة من العبرانية فهذه أربع فرق: هم الكبار وانشعبت منهم الفرق إلى إحدى وسبعين فرقة. وهم بأسرهم أجمعوا على: أن في التوراة بشارة بواحد بعد موسى وأ نما افتراقهم: إما في تعيين ذلك الواحد أو في الزيادة على ذلك الواحد وذكر المشيحا وآثره ظاهر في الأسفار وخرج واحد من آخر الزمان هو: الكوكب المضيء الذي تشرق الأرض بنوره أيضاً: متفق عليه. واليهود على انتظاره والسبت يوم ذلك الرجل وهو يوم الاستواء بعد الخلق. وقد اجتمعت اليهود عن آخرهم على أن الله تعالى لما فرغ من خلق السموات والأرض استوى على عرشه مستلقياً على قفاه واضعاً إحدى رجليه على الأخرى. وقالت فرقة منهم: إن ستة الأيام التي خلق الله تعالى فيها السموات والأرض: هي ستة آلاف سنة فإن يوماً عند الله كألف سنة مما تعدون بالسير القمري وذلك هو ما مضى من لدن آدم عليه السلام إلى يومنا هذا وبه يتم الخلق. ثم إذا بلغ الخلق إلى النهاية: ابتدأ الأمر ومن ابتداء الأمر يكون الاستواء على العرش والفراغ من الخلق وليس ذلك أمراً: كان و مضى بل هو في المستقبل إذا عددنا الأيام بالألوف. |
التـيجـانـية
التيجانية طريقة صوفية يؤمن أصحابها بجملة الأفكار والمعتقدات الصوفية ويزيدون عليها الاعتقاد بإمكانية مقابلة النبي مقابلة مادية واللقاء به لقاءً حسيّاً في هذه الدنيا، وأن النبي قد خصهم بصلاة "الفاتح لما اغلق" التي تحتل لديهم مكانة عظيمة. مؤسس التيجانية هو أبو العباس أحمد بن محمد بن المختار بن أحمد بن محمد سالم التيجاني. عاش ما بين 1737-1815م وكان مولده في قرية عين ماضي من قرى الصحراء بالجزائر حالياً. درس العلوم الشرعية وارتحل متنقلاّ بين فاس وتلمسان وتونس والقاهرة ومكة المكرمة والمدينة المنورة ووهران. أنشأ طريقته في قرية أبي سمغون، وصارت فاس المغربية المركز الأول لهذه الطريقة، ومنها خرجت الدعوة لتنتشر في أفريقيا. أبرز أثاره التي خلّفها كتابه "جواهر المعاني وبلوغ الأماني في فيض سيدي أبي العباس التيجاني" الذي قام بجمعه تلميذه علي حرازم. من مشاهير التيجانية: علي حرازم أبو الحسن بن العربي برادة المغربي الفاسي؛ ومحمد بن المشري الحسني السابحي السباعي صاحب كتاب "الجامع لما افترق من العلوم" وكتاب "نصرة الشرفاء في الرد على أهل الجفاء"؛ وأحمد سكيرج العياشي (1295-1363هـ). ولد بفاس ودرس في مسجد القرويين وتولى القضاء وله كتاب "الكوكب الوهاج" وكتاب "كشف الحجاب عمن تلاقى مع سيدي أحمد التيجاني من الأصحاب"؛ وعمر بن سعيد بن عثمان الفوتي السنغالي المولود سنة 1797م في قرية الفار من بلاد ديمار بالسنغال حالياً. تلقى علومه في الأزهر بمصر وخلفه من بعده اثنان من أتباعه؛ ومحمد الحافظ بن عبد اللطيف بن سالم الشريف الحسني التيجاني المصري (1315-1398هـ) وهو رائد التيجانية في مصر، وقد خلف مكتبة موجودة الآن في الزاوية التيجانية بالقاهرة وله كتاب "الحق في الحق والخلق"، وله "الحد الأوسط بين من أفرط ومن فرّط" و"شروط الطريقة التيجانية". كما أسس مجلة طريق الحق سنة 1950م. من أفكارهم ومعتقداتهم: التمسك بمعتقدات المتصوفية وفكرهم وفلسفتهم ومن ذلك إيمانهم بوحدة الوجود، وإيمانهم بالفناء الذي يطلقون عليه اسم "وحدة الشهود". وهم يقسمون الغيب إلى قسمين: غيب مطلق استأثر الله بعلمه، وغيب مقيد وهو ما غاب عن بعض المخلوقين دون بعض. ويدعي زعيمهم أحمد التيجاني بأنه قد التقى بالنبي لقاءً حسياً مادياً وأنه قد كلمه مشافهة، وأنه قد تعلم من النبي صلاة "الفاتح لما اغلق". وادعى أن الرسول قد أخبره بأن المرة الواحدة من هذه الصلاة تعدل قراءة القرآن ست مرات. يقول أصحاب هذه الطريقة بأن لهم خصوصيات ترفعهم من مقام الناس الآخرين يوم القيامة ومن ذلك: - أن تخفف عنهم سكرات الموت. - أن يظلهم الله في ظل عرشه. - أن لهم برزخاً يستظلون به وحدهم. - أنهم يكونون مع الآمنين عند باب الجنة حتى يدخلوها في الزمرة الأولى مع المصطفى وأصحابه المقربين. وهم كباقي الطرق الصوفية يجيزون التوسل بذات النبي وعباد الله الصالحين. ويدّعون بأن أحمد التيجاني هو خاتم الأولياء مثلما أن النبي خاتم الأنبياء. ويقول التيجاني "من رآني دخل الجنة". ويؤكد على أتباعه بأن النبي ذاته قد ضمن له ولهم الجنة يدخلونها بغير حساب ولا عقاب. أما الجذور الفكرية والعقائدية لهذه الطريقة فتعود إلى الفكر الصوفي نفسه بعد أن أضاف أحمد التيجاني أفكاره. كما نهل هذا الأخير من كتب عبد القادر الجيلاني وابن عربي والحلاج وغيرهم من أعلام المتصوفية. بدأت هذه الحركة من فاس بالمغرب وما زالت تنتشر حتى صار لها أتباع كثيرون في بلاد المغرب والسنغال ونيجيريا وشمالي أفريقيا ومصر والسودان وغيرها من أفريقيا. ويقدر صاحب كتاب التيجانية على بن محمد الدخيل الله أن عدد التيجانيين في نيجيريا وحدها بما يزيد على عشرة ملايين. |
البيهسية
أصحاب أبي بيهس الهيصم بن جابر وهو أحد بني سعد بن ضبيعة وقد كان الحجاج طلبه أيام الوليد فهرب إلى المدينة فطلبه فيها عثمان بن حيان المزني فظفر به وحبسه وكان يسامره إلى أن ورد كتاب الوليد بأن يقطع يديه ورجليه ثم يقتله ففعل به ذلك. وكفر أبو بهس: إبراهيم وميمون في اختلافهما في بيع الأمة وكذلك كفر الواقفية. وزعم: أنه لا يسلم أحد حتى يقر بمعرفة الله تعالى ومعرفة رسله ومعرفة ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم والولاية لأولياء الله تعالى والبراءة من أعداء الله. فمن جملة ما ورد به الشرع وحكم به: ما حرم الله وجاء به الوعيد فلا يسعه إلا: معرفته بعينه وتفسيره والاحتراز عنه. ومنه ما ينبغي أن يعرف باسمه ولا يضره ألا يعرفه بتفسيره حتى يبتلي ويجب أن يقف عندما لا يعلم ولا يأتي بشيء إلا بعلم. وبرئ أبو بهس عن الواقفية لقولهم: إنا نقف فيمن واقف الحرام وهو لا يعلم أحلالاً واقع أم حراماً قال: كان من حقه أن يعلم ذلك والإيمان: هو أن يعلم كل حق وباطل وإن الإيمان هو العلم بالقلب دون القول والعمل. ويحكى عنه أنه قال: الإيمان: هو الإقرار والعلم وليس هو أحد الأمرين دون الآخر. وعامة البيهسية على أن العلم والإقرار والعمل كله إيمان وذهب قوم منهم إلى أنه لا يحرم سوى ما ورد في قوله تعالى: " قل لا أجد فيما أوحى إلى محرماً على طاعم يطعمه. الآية " وما سوى ذلك ومن البيهسية قوم يقال لهم: العونية وهم فرقتان: فرقة تقول: من رجع من دار الهجرة إلى القعود برئنا منه وفرقة تقول: بل نتولاهم لأنهم رجعوا إلى أمر كان حلالاً لهم. والفرقتان اجتمعتا على أن الإمام إذا كفر كفرت الرعية: الغائب منهم والشاهد. ومن البيهسية صنف يقال لهم: أصحاب التفسير زعموا: أن من شهد من المسلمين شهادة أخذ: بتفسيرها وكيفيتها. وصنف يقال لهم: أصحاب السؤال: قالوا: إن الرجل يكون مسلماً: إذا شهد الشهادتين وتبرأ وتولى وآمن بما جاء من عند الله جملة وإن لم يعم فيسأل ما افترض الله عليه ولا يضره أن لا يعلم حتى يبتلي به فيسأل وإن واقع حراماً لم يعلم تحريمه فقد كفر وقالوا في الأطفال بقول الثعلبية: إن أطفال المؤمنين مؤمنون وأطفال الكافرين كافرون. ووافقوا القدرية في القدر وقالوا: إن الله تعالى فوض إلى العباد فليس لله في أعمال العباد مشيئة. فبرئت منهم عامة البيهسية. وقال بعض البيهسية: إن واقع الرجل حراما لم يحكم بكفره حتى يرفع أمره إلى الإمام الوالي ويحده وكل ما ليس فيه حد فهو مغفور. وقال بعضهم: إن السكر إذا كان من شراب حلال فلا يؤاخذ صاحبه بما قال فيه وفعل. وقالت العونية: السكر كفر ولا يشهدون أنه كفر ما لم ينضم إليه كبيرة أخرى: من ترك الصلاة أو قذف المحصن. |
النظامية
أصحاب إبراهيم بن سيار بن هانئ النظام قد طالع كثيراً من كتب الفلاسفة وخلط كلامهم بكلام المعتزلة وانفرد عن أصحابه بمسائل: الأولى مها: أنه زاد على القول بالقدر خيره وشره منا قوله: إن الله تعالى لا يوصف بالقدرة على الشرور والمعاصي وليست هي مقدورة للباري تعالى خلافاً لأصحابه فإنهم قضوا بأنه غير قادر عليها لكنه لا يفعلها لأنها قبيحة. ومذهب النظام: أن القبح إذا كان صفة للقبيح وهو المانع من الإضافة إليه فعلاً ففي تجويزك وقوع القبيح منه قبح أيضاً فيجب أن يكون مانعاً ففاعل العدل لا يوصف بالقدرة على الظلم. وزاد أيضاً على هذا الإختباط فقال: إنما يقدر على فعل ما يعلم أن فيه صلاحا لعباده ولا يقدر على أن يفعل بعباده في الدنيا ما ليس في صلاحهم هذا في تعلق قدرته بما يتعلق بأمور الدنيا وأما أمور الآخرة فقال: لا يوصف الباري تعالى بالقدرة على أن يزيد في عذاب أهل الجنة ولا أن يخرج أحداً من أهل الجنة وليس ذلك مقدوراً له. وقد ألزم عليه: إن يكون الباري تعالى مطبوعاً مجبوراً على ما يفعله فإن القادر على الحقيقة: من يتخير بين الفعل والترك فأجاب: إن الذي ألزمتموني في القدرة يلزمكم في الفعل فإن عندكم يستحيل إن يفعله وإن يفعله وإن كان مقدوراً فلا فرق. وإنما أخذ هذه المقالة من قدماء الفلاسفة حيث قضوا بأن الجواد لا يجوز أن يدخر شيئا لا يفعله فما أبدعه وأوجده هو المقدور ولو كان في علمه تعالى ومقدوره ما هو أحسن وأكمل مما أبدعه: نظاماً وترتيباً وصلاحاً لفعله. الثانية: قوله في الإرادة: إن الباري تعالى ليس موصوفاً بها على الحقيقة فإذا وصف بها شرعاً في أفعاله فالمراد بذلك: أنه خالقها ومنشئها على حسب ما علم وإذا وصف بكونه مريداً لأفعال العباد فالمعنى به أنه آمر بها وناه عنها. وعنه أخذ الكعبي مذهبه في الإرادة. الثالثة: قوله: إن أفعال العباد كلها حركات فحسب والسكون حركة اعتماد والعلوم والإرادات حركات النفس ز لم يرد بهذه الحركة حركة النقلة وإنما الحركة عنده مبدأ تغير ما كما قالت الفلاسفة: من إثبات حركات في الكيف والكم والوضع والأين والمتى إلى أخواتها. الرابعة: وافقهم أيضاً في قولهم: إن الإنسان في الحقيقة هو النفس والروح والبدن آلتها وقالبها. غير أنه تقاصر عن إدراك مذهبهم فمال إلى قول الطبيعيين منهم: إن الروح جسم لطيف مشابك للبدن مداخل للقالب بأجزائه مداخلة المائية في الورد والهنية في السمسم والمينة في اللبن وقال: إن الروح هي التي لها: قوة واستطاعة وحياة ومشيئة وهي مستطيعة بنفسها والاستطاعة قبل الفعل. الخامسة: حكى الكعبي عنه أنه قال: إن كل ما جاوز حد القدرة من الفعل فهو من فعل الله تعالى بإيجاب الخلقة أي إن الله تعالى طبع الحجر طبعاً وخلقه خلقة إذا دفعته اندفع وإذا بلغت قوة الدفع مبلغها عاد الحجر إلى مكانه طبعاً. وله في الجواهر وأحكامها خبط ومذهب يخالف. السادسة: وافق الفلاسفة في نفي الجزء الذي لا يتجزأ. وأحدث القول بالطفرة لما ألزم مشى نملة على صخرة من طرف إلى طرف أنها قطعت ما لا يتناهى فكيف يقطع ما يتناهى ما لا يتناهى قال: تقطع بعضها بالمشي وبعضها بالطفرة وشبه ذلك بحبل شد على خشبة معترضة وسط البئر طوله خمسون ذراعاً علق عليه معلاق فيجر به الحبل المتوسط فإن الدلو يصل إلى رأس البئر وقد قطع مائة ذراع بحبل طوله خمسون ذراعاً في زمان واحد وليس ذلك إلا أن بعض القطع بالطفرة ولم يعلم أن الطفرة قطع مسافة أيضاً موازية لمسافة فالإلزام لا يندفع عنه وإنما الرق بين المشي والطفرة يرجع إلى سرعة الزمان وبطئه. السابعة: قال: إن الجواهر مؤلفة من أعراض اجتمعت ووافق هشام بن الحكم في قوله: أن الألوان والطعوم والروائح أجسام فتارة يقضي بكون الأجسام أعراضاً وتارة يقضي بكون الأعراض أجساماً لا غير. الثامنة: من مذهبه: أن الله تعالى خلق الموجودات دفعة واحدة على ما هي عليه الآن: معادن ونباتاً وحيواناً وإنساناً ولم يتقدم خلق آدم عليه السلام خلق أولاده غير أن الله تعالى أكمن بعضها في بعض فالتقدم والتأخر إنما يقع في ظهورها من مكامنها دون حدوثها ووجودها. وإنما أخذ هذه المقالة من أصحاب الكمون والظهور من الفلاسفة. وأكثر ميله - أبداً - إلى تقرير. التاسعة: قوله في إعجاز القرآن: إنه من حيث الإخبار عن الأمور الماضية والآتية ومن جهة صرف الدواعي عن المعارضة ومنع العرب عن الاهتمام به جبراً وتعجيزاً حتى لو خلاهم لكانوا قادرين على أن يأتوا بسورة من مثله: بلاغة وفصاحة ونظماً. العاشرة: قوله في الإجماع: إنه ليس بحجة في الشرع وكذلك القياس في الأحكام الشرعية لا يجوز أن يكون حجة وإنما الحجة في قول الإمام المعصوم. الحادية عشرة: ميله إلى الرفض ووقيعته في كبار الصحابة قال: أولاً: لا إمامة إلا بالنص والتعيين ظاهراً أو مكشوفاً وقد نص النبي صلى الله عليه وسلم على علي رضي الله عنه في مواضع وأظهره إظهاراً لم يشتبه على الجماعة إلا أن عمر كتم ذلك وهو الذي تولى بيعة أبي بكر يوم السقيفة. ونسبه إلى الشك يوم الحديبية في سؤاله الرسول عليه السلام حين قال: ألسنا على الحق أليسوا على الباطل قال: نعم قال عمر: فلم نعطي الدنية في ديننا قال: هذا شك وتردد في الدين ووجدان حرج في النفس مما قضى وحكم. وزاد في الفرية فقال: إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتى ألقت الجنين من بطنها وكان يصيح: أحرقوا دارها بمن فيها وما كان في الدار غير علي وفاطمة والحسن والحسين. وقال: تغريبه نصر بن لحجاج من المدينة إلى البصرة وإبداعه التراويح ونهيه عن متعة الحج ومصادرته العمال. كل ذلك أحداث. ثم وقع في أمير المؤمنين عثمان وذكر أحداثه: من رده الحكيم بن أمية إلى المدينة وهو طريد رسول الله عليه السلام ونفيه أبا ذر إلى الربذة وهو صديق رسول الله وتقليده الوليد بن عقبه الكوفة وهو من أفسد الناس ومعاوية الشام وعبد الله بن عامر البصرة وتزويجه مروان بن الحكم ابنته وهم أفسدوا عليه أمره وضربه عبد الله بن مسعود على إحضار المصحف وعلى القول الذي شاقه به. كل ذلك أحداثه. ثم زاد على خزيه ذلك بأن عاب علياً وعبد الله بن مسعود لقولهما: أقول فيها برأيي وكذب ابن مسعود في روايته: السعيد من سعد في بطن أمه والشقي من شقي في بطن أمه وفي روايته: انشقاق القمر وفي تشبيهه الجن بالزط وقد أنكر الجن رأساً. إلى غير ذلك من الوقيعة الفاحشة في لصحابة رضي الله عنهم أجمعين. الثانية عشرة: قوله في المفكر قبل ورود السمع: أنه إذا كان عاقلاً متمكناً من النظر يجب عليه تحصيل معرفة الباري تعالى بالنظر والاستدلال. وقال بتحسين العقل وتقبيحه في جميع ما يتصرف فيه من أفعاله. وقال: لا بد من خاطرين أحدهما يأمر بالإقدام والآخر بالكف ليصح الاختيار. الثالثة عشرة: قد تكلم في مسائل العد والوعيد. وزعم أن من خان في مائة وتسعين درهماً بالسرقة أو الظلم لم يفسق بذلك حتى تبلغ خيانته نصاب الزكاة وهو مائتا درهم فصاعداً فحينئذ يفسق وكذلك في سائر نصب الزكاة وقال في المعاد: إن الفضل على الأطفال كالفضل على البهائم. ووافقه الأسواري في جميع ما ذهب إليه وزاد عليه بأن قال: إن الله تعالى لا يوصف بالقدرة على ما علم أنه لا يفعله ولا على ما أخبر أنه لا يفعله: مع أن الإنسان قادر على ذلك لأن قدرة العبد صالحة للضد ين ومن المعلوم أن أحد الضد ين واقع في المعلوم أنه سيوجد دون الثاني. والخطاب لا ينقطع عن أبي لهب وإن أخبر الرب تعالى بأنه: سيصلى ناراً ذات لهب. ووافقه أبو جعفر الإسكافي وأصحابه من المعتزلة. وزاد عليه بأن قال: إن الله تعالى لا يقدر على ظلم العقلاء وإنما يوصف بالقدرة على ظلم الأطفال والمجانين. وكذلك الجعفران: جعفر بن مبشر وجعفر بن حرب وافقاه وما زادا عليه إلا أن جعفر بن مبشر قال: في فساق الأمة من هو شر من الزنادقة والمجوس وزعم أن إجماع الصحابة على حد شارب الخمر كان خطأ إذ المعتبر في الحدود: النص والتوقيف. وزعم أن سارق الحبة الواحدة فاسق منخلع عن الإيمان. وكان محمد بن شبيب وأبو شمر وموسى بن عمران: من أصحاب النظام إلا أنهم خالفوه في الوعيد وفي المنزلة بين المنزلتين: وقالوا: صاحب الكبيرة لا يخرج من الإيمان بمجرد ارتكاب الكبيرة. وكان ابن مبشر يقول في الوعيد: إن استحقاق العقاب والخلود في النار بالفكر يعرف قبل ورود السمع. وسائر أصحابه يقولون: التخليد لا يعرف إلا بالسمع. ومن أصحاب النظام: الفضل الحدثي وأحمد بن خابط. قال الرواندي: إنهما كانا يزعمان أن للخلق خالقين: أحدهما قديم وهو الباري تعالى والثاني محدث وهو المسيح عليه السلام لقوله إذ تخلق من الطين كهيئة الطير ". |
الوهابية .. لقب أطلقه المعادون لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - .. وذلك بقصد التنفير منها وتشويهها وبزعم أنها مذهب مبتدع في الإسلام أو مذهب خامس.ولم يكن استعمال (الوهابية) مرضياً ولا شائعاً عند أصحاب هذه الحركة وأتباعهم، ولا عند سائر أهل السنة والجماعة، وكان كثير من المنصفين من غيرهم والمحايدين يتفادى إطلاق هذه التسمية عليهم، لأنهم يعلمون أن وصفهم بالوهابية كان في ابتدائه وصفا عدوانيا إنما يقصد به التشويه والتنفير وحجب الحقيقة عن الآخرين، والحيلولة بين هذه الدعوة المباركة وبين بقية المسلمين من العوام والجهلة وأتباع الفرق والطرق، بل وتضليل العلماء والمفكرين الذين لم يعرفوا حقيقة هذه الدعوة وواقعها. ولقد صار لقب (الوهابية) وتسمية الحركة الإصلاحية السلفية الحديثة به هو السائد لدى الآخرين من الخصوم وبعض الأتباع والمؤيدين المحايدين (تنزلاً). وهو الوصف الرائج عند الكثيرين من الكتَّاب والمفكرين والمؤرخين والساسة، والمؤسسات العلمية، ووسائل الإعلام إلى يومنا هذا، بل تعدى الأمر إلى التوسع في إطلاق الوهابية على أشخاص وحركات منحرفة عن المنهج السليم، وتخالف ما عليه السلف الصالح وما قامت عليه هذه الدعوة المباركة، وهذا بسبب تراكمات الأكاذيب والأساطير التي نسجت حول الدعوة وأهلها بالباطل والبهتان. أما أتباع هذه الحركة فهم لا يرون صواب هذه التسمية (الوهابية) ولا ما انطوت عليه من مغالطات وأوهام، لاعتبارات مقنعة كثيرة؛ شرعية وعلمية ومنهجية وموضوعية وواقعية، تتلخص فيما أشرت إليه في التعريف من أنها تمثل تماماً الإسلام الحق الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلمومنهج السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن سلك سبيل الهدى، وإذن فحصره تحت مسمى غير الإسلام والسنة خطأ فادح وبدعة محدثة ومردودة. فالدارس لهذه الدعوة المباركة بإنصاف وموضوعية سيتوصل -حتماً- إلى أنها إنما تنادي بالرجوع إلى الإسلام الصافي، وأنها امتداد للدين الحق (عقيدة وشريعة ومنهاج حياة) والمتمثل -بعد حدوث الافتراق في الأمة الإسلامية- بالتزام نهج النبي محمد وصحابته الكرام والتابعين ومن سلك سبيلهم وهم السلف الصالح أهل السنة والجماعة. وإذا كان الأمر كذلك؛ أعني أن الدعوة هي الإسلام والسنة التي جاء بها النبي وما عليه سلف الأمة... فلا معنى لإفرادها باسم أو وصف (كالوهابية) أو غيره، لكن قد ترد على ألسنة علماء الدعوة ومؤيديها أو غيرهم بعض الأوصاف الشرعية الصحيحة لها أو لأتباعها والتي لا تتنافى مع رسالتها مثل: دعوة الشيخ: الدعوة، الدعوة الإصلاحية، دعوة التوحيد، السلفية، وقد يوصف أهلها بالسلفيين والموحدين، وأهل التوحيد، وأهل السنة، والحنابلة، والنجديين. ونحو ذلك من الأوصاف الشرعية الحسنة، أو المقبولة. ومن فضل الله على أتباع هذه الدعوة المباركة أن لقب (الوهابية) من الخصوم في كثير من الأحيان يحمل معانٍ إيجابية ويعتز بها أتباعها وعموم أهل السنة، وإن قصد به خصومهم اللمز والسبَّ. وذاك -على سبيل المثال: حين يطلقونها على من يقيم شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو أصل من أصول الإسلام وشعائره العظيمة ، وحين يطلقون (الوهابية) كذلك على الأخذ بالكتاب والسنة والتمسك بالدين وتوحيد الله تعالى، ونبذ الشركيات والبدع، وهذه صفة مدح وتزكية يفرح بها المؤمنون. وحين يطلقون (الوهابية) على اقتفاء منهج السلف الصالح الذي هو سبيل المؤمنين، وسنة سيد المرسلين وهذه تزكية لا تقدر بثمن. والناظر في مفاهيم الناس حول ما يسمونه (الوهابية) يجد الكثير من الغبش والخلط والتناقض والاضطراب. فالوصف السائد للوهابية عند أغلب الخصوم ومن سار في ركابهم يقصد به: كل من لا يعمل بالبدع ولا يرضاها، وينكرها ولا يقرها. وقد يقصد بـ (الوهابية) كل مذهب غريب وشاذ. وآخرون يطلقون (الوهابية) على كل من كان على مذهب أهل السنة والجماعة، مقابل الشيعة أو مقابل الفرق الأخرى. وقد يخصصه بعضهم بالاتجاهات السلفية، وأهل الحديث، وأنصار السنة ونحوهم. وقد توسعت بعض وسائل الإعلام والاتجاهات الغربية ومن دار في فلكها بإطلاق (الوهابية) على كل مسلم ينزع إلى التمسك بشعائر الدين وأحكامه وربما ترادف عندهم عبارة (أصولي) أو متزمت أو متشدد، والمتمسك بالدين عندهم: متشدد. وبعض المؤسسات والدوائر الغربية ومن تأثر بها صارت عندهم (الوهابية) ترادف: التطرف، والإرهاب والعنف، والعدوانية. ونحو ذلك، وهذا تصور خاطيء وحكم جائر . |
الساعة الآن : 10:43 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour