رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
مبارك عليك الشهر [20] أ. محمود توفيق حسين عندما يهلُّ شهر رمضان المبارك، وقد دخلتِ زمنه بقلبك المَمرور وتستغلين رفع كل آذانٍ للدعاء على آخر من خاصمتِ من الأهل وتطلبين من الله كذلك أن يحرقَ قلب امرأةٍ على ابنها لأنه تراجع عن خطبة ابنتك، وخطب بنت جارةٍ أخرى، وهي أمه التي رحبت بالتبديل وأن يقعد للجارة ما فعلتْ في ابنتها، فيتركها العريس وتعنس بجانب أُمِّها لأنها سألت عن ابنتك من أهل هذا العريس، فقالت عنها: إنها بنتُ حلال، ولكن تغور من وجه أمها الصعبةِ الحقود.. حتى خطب ابنتها بدلاً من ابنتك ويأتيك خبرُ قريبتك التي تشاجرت معها منذ سنواتٍ في البلدة بأن السكَّر قد تسبب في بَترِ رجلها فتستبشرين.. وتهزين رأسك مسرورة وتقولين: أنا طيبة، وقد استجاب الله لي وترسلين لها في رمضان مع امرأةٍ ذاهبةٍ إلى البلد: أنَّ هذا ذنبها فيكِ وقد خلص!! لا تفكِّري بأنه يحل للناس الدعاء على من يظلمونهم، وهذه أيام (مُفترجة) يجب أن تُستغل في ذلك بل فكِّري في أنها الأيام المناسبة لنرتاح قليلاً من أحقاد المرارة وسوادِ القلوب ونبدأ في مراجعة أنفسنا، فلعلَّ طبعك المعروف هو الذي ذهب بالعريس وليس كيد النساء ولعل قريبتك تجزى خيراً بالصبر، وتُجزين شرًّا بالشماتة فكِّري بأنه لا يجوز أن ننشغل بالدعاء على الآخرين عن الدعاء لأنفسنا ولعامة المسلمين فكري في أنه (لاَ يَزَالُ يُستَجَابُ لِلعَبدِ مَا لَم يَدعُ بإثمٍ أو قَطِيعَةِ رَحِم). مبارك عليك الشهر وقد خرجتِ منه سموحاً |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
لحظات إذا فاتت فلا وجه لاستدراكها وصال تقة منذ أيام فقط كنا نتحدث عن كيفية استقبال الشهر الفضيل، وعن خطوات عملية لتثبيت العرش قبل النقش، ولتخلية القلوبِ من الشوائب قبل تحليتها بما يُحييها. وذاك الشوق والحنين قد عانَق فضاءات الرجاء وشساعة الأمل في موسم الخيرات، ونفحة من النفحات الإلهية التي جاد بها على عباده. ها قد مرت أيام وأيام على دخول الشهر الكريم، وها هي ذي قلوبٌ تتوجَّع لقرب رحيل بات وشيكًا، إنما ينتظر أن تلفه الأيام وتطويه الليالي ولا يبقى من الحدَثِ سوى الذِّكرى، ومن الورد سوى العبق، ومن الشجرة السامقة سوى أوراقها المتساقطة قهرًا بتعاقُب الليل والنهار. ترانا أحسنا الصيام والقيام وعبودية مولانا؟ أم أنها كانت أمانيَّ وأحلامًا وتسويفًا وإرجاءً؟ ترى ما حال قلوبنا مع القرآن؟ وما حال أخلاقنا التي وعدنا قبيل رمضان بإصلاحها وتزكيتها وأن نريَ اللهَ منها ما يحب؟ هل كنا ممن كان كل همهم أن يسددوا ويقاربوا وأن يشكروا الله على التوفيق وأن يعتذروا منه سبحانه عن التقصير؟ أم كنا ممن غرَّهم عملهم وانشغلوا بالتباهي بكثرة الختمات وبعدد الركعات عن مجاهدة سرائرهم وتجريد نيَّتاهم لله؟ هل كنا ممن علم بقصر المَوْسم وسرعة انقضاء الفرصة وعدم تعويضها، فشحَّ بوقته وكل لحظة من يومه فلم يضيِّعْها في المباحات فضلاً عن صرفها في المحرَّمات؟ إن كان كل حظنا مما مضى تقصيرًا وتسويفًا وانشغالاً بالسفاسف، فالبَدارَ البَدارَ للإحسان فيما بقي؛ "فالموفَّق من تلمَّح قِصَرَ الموسم المعمول فيه، وامتداد زمان الجزاء الذي لا آخر له، فانتهبَ حتى اللحظةَ، وزاحم كل فضيلة، فإنها إذا فاتت، فلا وجهَ لاستدراكها"؛ اهـ (صيد الخاطر، ابن الجوزي رحمه الله). |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
ليلك في رمضان وصال تقة قال الحافظ ابن رجب: (واعلم أن المؤمنَ يجتمع له في شهر رمضان جهادانِ لنفسه: جهاد بالنِّهار على الصيام، وجهاد بالليل على القيام، فمن جمَع بين هذين الجهادين وُفِّي أجرَه بغير حساب). ليلك.. ذاك البهيم الذي اعتاد جسدك أن يبحرَ في أعماق حلكتِه، ويتجرد من عقل قد كان طول اليوم سابحًا سبحًا طويلاً بين ركام الطمع والحرمان، يركض ركض الخائفين خلف قصاصات الأحلام، ويقف طويلاً على أطلال خلَّفتها الخيبات..، ها قد جاءك شهر الأنوار يُسَرِّجه، يملأ جنباته مسكًا فواحًا يعطره القرآن، ولؤلؤًا نداحًا تُثوِّره الأجفان.. دخن كثيف ذاك الذي يحجب قلبك عن زخات النور.. وطين لازب ذاك الذي يثقل جسدك المتهاوي على حافَات المتعة والانهماك وبراثن الوجع العميق.. آسِن قد صار من طول المكث في مستنقعات الحياة.. فانفُضْ عن عينيك الوسن، وقُمْ عانق الصفاء والنقاء، وامتزج مع السكون كي يغرد قلبك الحزين دعوة صادقة موشاة بدمع بريء.. دعوة يسجد فيها قلبُك سجود الشاكرين الطامعين في خزائن رحمة وجُودِ ربِّ رحيم كريم جَوَاد.. يغتسل فيها القلب قبل العين من أدران سوء الظن، ومن شُحِّ المجبولة على التقتير.. وتسرح الرُّوح الظَّمأى في ملكوت مجيب الدعوات، جاعل تواتر الفرج والشدة سنَّة كونية تقلبها بين الصبر والشكر، وتشحذها بالرجاء واليقين وحسن الظن بالله وبما عند الله.. ومضة: إن عافت نفسك الدنيا وتلظَّت بجحيم الحياة، فاعرج بها إلى أبواب القائل سبحانه: ((من يدعوني فأستجيبَ له، من يسألني فأُعطيَه، من يستغفرني فأغفرَ له))، واسرِ بها بقِطع من الليل تعانق النقاء، ولا تلتفت إلا وأنت على الحوض تغرف غرفة لا تظمأ بعدها أبدًا.. أو على باب الريَّان بفضل كريم منان.. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
وسائل الإعلام الرائي (التلفزيون) د. فهمي قطب الدين النجار الجريمة: لذلك هاجَم كثير من العلماء (التلفزيون)، أو بالأصح البرامج التلفزيونيَّة المملوءة بالعنف واللصوصيَّة، وتمجيد المُجرِمين وتلميع وجوههم وسلوكهم، ومنهم (ستيفن بانا) الطبيب النفسي والأستاذ بجامعة كولومبيا؛ إذ يقول: "إذا كان السجن هو جامعة الجريمة، فإن التلفزيون هو المدرَسة الإعدادية لانحِراف الأحداث". ويؤكِّد (جير هارد كلوسترمان) ذلك، فيقول: "إن تأثير التلفزيون وما ينشأ عنه من إيحاءات للطفل أمر خطير جدًّا في حالة الطفل المعوَّق، وهو عادة طفل عُدواني قوي، شرس، يَشعُر بالإحباط، ويتأثَّر بأفلام العنف تأثُّرًا مُباشِرًا، وعندما يُصاب الطفلُ بالإحباطِ ويشعُر بخيبة الأمل لعجزِه عن الحصول على ما يَعرِضه عليه التلفزيون، أو يفعل ما يفعله الآخرون، فإنه يُصاب بالتوتُّر والقلق؛ مما يؤدي مِن ثَمَّ إلى الانحراف. وتوضِّح دراسات العالم الفرنسي (جان حيرو) أسباب سوء التكيُّف بين المُنحرِفين في باريس، ويرجع هذه الانحرافات إلى مُشاهَدة أفلام العُنف. ويرى علماء الاجتماع أن التلفزيون يُشيع في النشء حبَّ المغامرة والتحرُّر مِن القيود، والاتصال بعالم الكبار، كما يقوِّي ميولَهم بأن يُصبِح لهم كِيان، ولكنهم يرون أيضًا أن التطرُّف بالمشاهدة قد يؤدِّي إلى الانحِراف[7]. وقد ثبَت مِن دراسات العلماء (أن أفلام العنْف والمغامرة والأفلام البوليسيَّة) تُخيف الأطفالَ وتُروِّعهم، حتى إن بعضهم يُحاول مغادرة المكان، والبعض الآخر يُصاب بالغثَيان، والبعض يُصاب بأمراض نفسيَّة كالتبول (اللاإرادي)، أو حالات الذُّعر والكابوس في أثناء النَّوم. وتدلُّ الإحصاءات الأخيرة التي أُجريَت في إسبانيا أن 39% من الأحداث المُنحرِفين قد اقتبَسوا أفكار العنف من مشاهدة الأفلام والمسلسلات والبرامج العدوانيَّة، التي تدور أحداثها حول ارتكاب الجرائم، وطُرُق الاعتداء على الناس. ويُدلِّل العلماء على آرائهم هذه بأمثلة كثيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر: • في مدينة (بوسطن) الأمريكية رسَب طفل عمره 9 سنوات في مُعظَم مواد الدراسة، فاقترح على والده أن يُرسِل صندوقًا من الحلوى المسمومة إلى المدرسة، وعندما استوضحَه والده ذلك، قال: إنه أخَذَ الفِكرة من برنامج تلفزيوني. • في مدينة بون الألمانية قامت فتاتان في الثانية عشرة من عُمرهما بقتل صبي غريب عنهما، اتضح للمحقِّق في هذه الجريمة أنهما شاهدتا في اليوم السابق لارتكاب الجريمة فيلمًا تلفزيونيًّا، انتهى بجريمة قتل ضد نجم الفيلم. • ومِن أحدث ما ذُكِر في هذا المجال أن طفلاً فرنسيًّا عمره خمس سنوات أطلق رصاصة على جار له عمره سبع سنوات وأصابه إصابة خطيرة، بعد رفض الأخير أن يُعطيه قطعة من اللبان، وقد ذكَر الطفل في أقواله للشرطة أنه تعلم كيف يَحشو بندقية والده عن طريق مُشاهَدة الأفلام في التلفزيون[8]. ونسأل: ما التفسير النفسي لتأثير التلفزيون على الأطفال في مجال أعمال العنف أو غير ذلك من التأثيرات السلوكية؟ وقد توصَّل العلماء إلى أن للتقليد والمُحاكاة تأثيرها على الطفل أو الناشئة؛ فعندما يَعرِض التلفزيون شخصيات مُعيَّنة، ويُبيِّن مشاعرَهم، ويُقدِّم قيمَهم بشكل درامي، فإن الأطفال مُستعدُّون لاستيعاب الأفكار والقيم عاطفيًّا، ففي المسلسلات التلفزيونية نُلاحِظ أن الشرير أو الوغد يَحصُل على كافَّة المزايا؛ الأرض والمال والمنازل والحدائق والنساء، وكل هذا نتيجة لاعتداءاته وغلظته، فالنمط السلوكي البراق هو النمط المُعادي للجميع. ويذهب بعض علماء النفس أيضًا إلى أن المسلسلات العنيفة والبرامج (البوليسيَّة)، تَخلق في النشء شُعورًا بالبلادة وعدم المبالاة، ويَنجُم عن ذلك نوع مِن الشلل في الإحساس، والقيام بردود أفعال غليظة بعيدة عن أي شفقَة أو تَعاطُف[9]. وهكذا، فإن التلفزيون أصبحَ في مُعظم الدول مجرد جهاز ناقل لإنتاج فني ضَعيف هابط تتخلَّله إعلانات جذابة ومُثيرة للغرائز، ويذهَب بعضُهم إلى القول بأن الناس لا يأخُذون هذه البرامِج وهذه الإعلانات مأخَذَ الجِدِّ؛ وإنما يَنظُرون إليها على أنها مجرَّد تسلية، غير أن علماء النفس يؤكِّدون مِن ناحية أخرى أن ما لا يأخُذُه الناس مأخذ الجِد هو الذي يؤثِّر أبلغ الأثر، فليس الترفيه التلفزيوني بأمر ثانوي يُمكن أن نُهمِله أو نهوِّن من شأنه، فمثل التلفزيون كمثل الماء والنار، له جاذبية وسحر؛ لأنه يتحرك ويؤثِّر ويسحر ويَخلب الألباب، ويجعل الناس يُشاهِدون ما يُعرَض على شاشاته، وهنا تَكمُن الخطورة[10]. وفي دراسة لسلبيات التلفزيون في البلاد العربية، كان نتيجة الاستبيان الذي توصَّل إليه الباحث كما يلي[11]: يؤدي التلفزيون إلى انتشار الجريمة والعنف 41% يؤدي التلفزيون إلى انتشار ضعْف الإبصار 64% يؤدي التلفزيون إلى انتِشار شيوع الرذيلة 41% يشغل المُشاهِدين عن المطالَعة والقراءة 64% يشغل التلاميذ عن الاستِذكار 63% يؤدي إلى شيوع أساليب النصْب والاحتيال 47% يؤدي إلى تقييد حركة الجسم وحِرمانه من الرياضة 44% يؤدي إلى السلبيَّة والكسَلِ والتراخي 46% بالنسبة لأفراد المجتمع يضرُّ أكثر مما ينفَع 72% ونتيجة لهذه الدراسات العلمية؛ فإن كثيرًا من العائلات الغربية لا تَملِك جهاز تلفزيون في البيت رغم أن اقتناء هذا الجهاز أصبح اليوم في متناول الجميع، أما الذين لا يستطيعون الاستغناء عنه، فإنهم في الوقت نفسه يتعاملون معه بكثير من الصرامة، فيَختارون برامجَهم، ويُعلِّمون أطفالهم أن يتعاملوا معه بنفس الطريقة، بل تجري العادة اليوم أن يأوي الطفل الغربي إلى فراشه في ساعة مُبكِّرة، بغضِّ النظر عن وجود جهاز تلفزيون أو عدم وجودِه. • وفي عام 1977م ظهر كتاب ذو أهمية في الأسواق الأمريكية من تأليف (ماري وين) وقد أسمته (المُخدِّر الكهربي)، وكان سببًا لضجة كبيرة عند الآباء وعلماء النفس والمربين؛ لقد أكَّد الكِتاب أن مشاهدة الأطفال للتلفزيون تُسبِّب عندهم نوعًا من الإدمان، وأنها تُحوِّل جيلاً كاملاً منهم إلى أشخاص من (الزومبي) - أي الذي دخلت أجسامهم قوة خارقةً فصارَت تتحرَّك من خلالهم - يتميَّزون بالسلبية وعدم التجاوب، ولا يَستطيعون اللعب والابتِكار، ولا يستطيعون حتى التفكير بوضوح[12]. • وفي دراسة حديثة لتأثير التلفزيون للمُؤلِّفة السابقة وآخرين، تقول بأن الأطفال الذين يُشاهِدون كثيرًا التلفزيون يُبدون تدهورًا واضحًا في الذاكرة والقُدرة على التعليم بطريقة صحيحة لاستيعاب اللفظ والكلام المكتوب، وربما دخلْنا في العصر الذي تُحشى فيه المعلومات مباشرة إلى العقل الباطن عند الجَميع[13]. يتبع |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
هل صمت حقًّا؟! د. خاطر الشافعي الليلة الرابعة والعشرون من ليالي شهر رمضان المبارك، وقد أوشك الشهر على الانقضاء، وأحاديث شتى تضرب رأس الرجل بلا هوادة، وما بين اللحظة الحاضرة وما سبقها أيقن الرجل أنه في موضع حساب، ولا بد له من الإجابة قبل أن تتسرب بقية الليالي المباركة! داهمه السؤال الأكبر: هل أنا صائمٌ حقًّا؟! ومن رَحِمِ السؤال الأكبر سالت شلالات الأسئلة، وسال دمعه وعرقه؛ فهو يدرك أن حكمة الحق سبحانه وتعالى من فريضة الصوم، ليست فقط الامتناع عن الأكل والشرب، بل تتعداها إلى الصوم عن الحرام بكل أشكاله وألوانه، وليس هذا فقط، بل ترويض النفس والجسد، ومعايشة حالة الفقير والمحتاج، وبذل الخير بكل صوره وبشتى الوسائل، فجاءت الأسئلة الملتهبة تنتظر منه الإجابة: 1- هل صمت عن الشراب، وشربت من عرق غيرك فلم تعطه حقه؟! 2- هل صمت عن الطعام، وأكلت لحوم الناس بالغِيبة والنميمة؟! 3- هل صمت عن الوطء، واختلست النظر لما لا يحل لك؟! 4- هل صمت عن حب المال حبًّا جمًّا، ولم تتصدق؟! 5- هل صمت عن قول الزور، ولم تشهد شهادة حق فكنت شيطانًا أخرس؟! 6- هل صمت عن اللغو، ولم تقرأ القرآن؟! 7- هل قرأت القرآن، ولم تعمل به؟! 8- هل صمت عن الغرور، ولم تغرك الدنيا؟! 9- هل صمت عن الكِبْر، ولم تتواضع مع الخلق؟! 10- هل صمت عن الكبيرة، ولم تؤرقك الصغيرة؟! 11- هل صمت عن قطع الرحم، ولم تصل رحمك؟! 12- هل صمت عن البخل، ولم تنفق من مالك الحلال؟! 13- هل صمت عن الرياء، ولم تتوقف عن المداهنة؟! 14- هل صمت عن التسويف، ولم تتوقف عن إضاعة الفرص؟! 15- هل صمت عن الكذب، ولم تتحدث صدقًا وعدلاً؟! 16- هل صمت عن الظلم، ولم تنصر من استنصرك؟! 17- هل صمت عن إيذاء جارك، ولم تحسن إليه؟! 18- هل صمت عن الخصام، ولم تصالح من خاصمت؟! 19- هل صمت عن الجلوس في الطرقات، ولم تزل تؤذي الناس؟! 20- هل صمت عن القسوة، ولم تضحك في وجه يتيم؟! 21- هل صمت عن الخيانة، ولم ترد الأمانة؟! 22- هل صمت عن نقض العهود، ولم تفِ بالوعود؟! 23- ..... 24- ..... 25- وكثيرة هي الأسئلة، والرجل يكاد يذهل من ضعف بعض إجاباته، ولم يزل كذلك حتى داهمه الوقت، وحان سحور الليلة الحادية والعشرين، فتناوله وعلى عاتقه كشف حساب الليالي السابقة، وأدرك أنه لا بد من المبادرة في تقوية إجاباته في العشر الأواخر من الشهر المبارك، عساه يكون من الفائزين. |
اقتراب الأجل وانقضاء العمر
اقتراب الأجل وانقضاء العمر فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فالموت نهاية كل حي, قال الله عز وجل: ( كل نفس ذائقة الموت ) [آل عمران:185] والإنسان لا يعلم متي يموت, وأين يموت, قال الله: (وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت) [لقمان:34] ويخصُّ الله عز وجل من شاء من عباده, فينبهم إلى دنو أجلهم, وقُربِ موتهم, كما حصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم, قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: أول ما أُعلم النبي صلى الله عليه وسلم من انقضاء عُمُره باقتراب أجله بنزول سورة: ( إذا جاء نصر الله والفتح ) [النصر:1] فإن المراد من هذه السورة أنك يا محمد إذا فتح الله عليك البلاد ودخل الناس في دينك الذي دعوتهم إليه أفواجاً, فقد اقترب أجلك فتهيأ للقائنا بالتحميد والاستغفار فإنه قد حصل منك مقصود ما أُمرت به من أداء الرسالة والتبليغ وما عندنا خير لك من الدنيا فاستعد للنقلة إلينا" وعن مسروق عن عائشة عن فاطمة رضي الله عنهم أجمعين, قالت: أسرَّ إليّ النبي صلى الله عليه وسلم أن جبريل كان يعارضني بالقران كلّ سنةٍ, وإنه عارضني العام مرتين, ولا أراه إلا حضر أجلي.[متفق عليه] قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: قوله عليه الصلاة والسلام: (ولا أراه إلا حضر أجلي ) وذلك لأنه لما عارضه مرتين خلاف العادة, فكأنه علية الصلاة والسلام فهم أن هذه آخر سنة كالمُودِّع له, ومن فوائد الحديث: فراسة النبي صلى الله عليه وسلم لقوله: ( إن جبريل كان يعارضني بالقران كلّ سنةٍ مرة, وإنه عارضني العام مرتين, ولا أُراهُ إلا حضر أجلي) وكان الأمر كذلك, فإن الرسول صلى الله عليه وسلم تُوفي قبل تمام السنة. وقد حج صلى الله عليه وسلم, وقال للناس: (خذوا عنِّي مناسككم, فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا ) [أخرجه مسلم] فقال الصحابة رضي الله عنهم: هذه حجة الوداع, ثم رجع إلى المدينة وقبل وصولها إليها وقال:( أيها الناس إنما أنا بشر يُوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيبُ ) [أخرجه مسلم] وبعد وصوله إلى المدينة لبت قليلاً ثم توفي صلى الله عليه وسلم. وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى قتلى أحد, فصلى عليهم بعد ثمان سنين كالمودع للأحياء والأموات.[متفق عليه] وبعض الناس قد يشعر بدنو أجله, ومن النذر على اقتراب الأجل وانقضاء العمر, ما يلي: * الإصابة بالأمراض الفتاكة, كالطواعين, ولو كان الإنسان شاباً, فقد ذكر في سيرة الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه, أنه أُصيب بالطاعون الذي وقع في الشام, وهو ابن ثلاث وثلاثون سنة, وشعر بقرب موته, فأخبر بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم, فعن أنس بن مالك رضي الله عنه, أن نبي الله صلى الله عليه وسلم, ومعاذ بن جبل رديفه على الرحل, قال: ( يا معاذ!) قال: لبيك رسول الله وسعديك! قال: لبيك رسول الله وسعديك! قال: ( يا معاذ) قال: لبيك رسول الله وسعديك, قال: ( ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله, وأن محمداً عبده ورسوله إلا حرمه الله على النار ) قال: يا رسول الله! أفلا أخبر بها الناس فيستبشروا ؟ قال: (إذا يتكلوا ) فأخبر بها معاذ عند موته تأثماً.[متفق عليه]قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: وفي الحديث من الفوائد: فهم الصحابة: فإن معاذ بن جبل رضي الله عنه, لما خاف الموت, ورأى أن أجله قد قرُب أخبر به. * التقدم في العمر, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أعمار أُمَّتي ما بين الستين والسبعين، وأقلُّهم من يجوز ذلك) [ أخرجه الترمذي, وقال: هذا حديث غريب حسن] وقال عليه الصلاة والسلام: (أعذر الله إلى امرئ أخَّر أجله حتى بلَّغه ستين سنة) [أخرجه البخاري]، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: والمعنى أنه لم يَبْقَ له اعتذار, وفي الحديث إشارة إلى أن استكمال الستين مظنَّة لانقضاء الأجل. * ضعف البدن والقوى, قال عمرو بن عبسة رضي الله عنه: لقد كبرت سنِّي, ورقَّ عظمي, واقترب أجلي [أخرجه مسلم] وقال الإمام الذهبي في كتابه الجيد النافع "سير أعلام النبلاء" في ترجمة عبدالله بن أحمد بن حنبل رحمهم الله جميعاً عن مسند الإمام أحمد: لم يحرر ترتيب المسند,...فلعل الله يقيض لهذا الديوان العظيم من يرتبه ويهذبه ويحذف ما كرر فيه...ولولا أني قد عجزت عن ذلك لضعف البصر, وعدم النية, وقرب الرحيل لعملت في ذلك والحافظ أحمد بن علي بن محمد ابن حجر العسقلاني المتوفى سنة ( 852هـ) أُصيب بمرض وعمره ( 79) سنة, وأصبح ضعيف الحركة, وكان إذا أُخبر بما يدلُّ على صحته, يقول: أما أنا فلا أراني إلا في تناقص, وما أظنّ الأجل إلا قد قرب, ثم ينشد ثاء الثلاثين مني أوهنت بدني فكيف حالي بعد ثاء الثمانيا توفي رحمه في عامه الذي مرض فيه, تغمده الله بواسع رحمته. * موت الأقران وظهور الشيب, قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في كتابه الجيد النافع: "لطائف المعارف": من لم يُنذره باقتراب أجله وحي, أنذره الشيب, وأنذره سلبُ الموت لأقرانه. كفى مُؤذناً باقتراب الأجل شباب تـولى وشـيب نـزل وموت اللذات وهل بعدهُ بقاء يُــؤمـلــهُ مـن عـقـل * الرؤيا, فقد خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوم الجمعة, فذكر النبي صلى الله عليه وسلم, وذكر أبا بكر, وقال : رأيت رؤيا لا أراها إلا حضور أجلي, رأيت كأن ديكاً نقرني ثلاث نقرات, وإني لأراه إلا حضور أجلي.[أخرجه مسلم] وعند أحمد في المسند, فقصصتها على أسماء بنت عُميس, امرأة أبي بكر رضي الله عنهما, فقالت : يقتلك رجل من العجم. وعند أبي شيبة في المصنف, فلم يلبث إلا ثلاثاً حتى قتله عبدالمغيرة أبو لؤلؤة. وعن جابر رضي الله عنه, قال: لما حضر أُحد دعاني أبي من الليل, فقال: ما أُراني إلا مقتولاً في أول من يُقتلُ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم, وإني لا أتركُ بعدي أعزَّ عليَّ منك غير نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم, فإن عليَّ ديناً فاقضِ, واستوصِ بأخواتكَ خيراً, فأصبحنا, فكان أول قتيل.[الحديث أخرجه البخاري] قال سماحة العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله: علم عبدالله بن عمرو بن حزام رضي الله عنه أنه سيُقتل, لأنه رأى رؤيا دلَّته على أنه مقتول مع من يقتل, ولهذا أوصى ابنه جابراً بما أوصى, رضي الله عنه وأرضاه. وقال الشيخ محمد بن ناصر بن عبدالعزيز الشثري عن جده الشيخ عبدالعزيز (أبو حبيب) رحمه الله : نجد من المناسب قبل الحديث عن وفاته التعرض لما حدث قبلها مما رآه رحمه الله...فقد رأى رحمه الله في المنام أن أناساً من أصحابه الذين توفوا قبله قد أعطوه أوراقاً خضراء فأول ذلك بوفاته. ثم تكررت الرؤيا عليه بأن أناساً ممن توفوا قبله من أصحابه يدعونهم إليهم. وكان رحمه الله قد أحسّ باقتراب أجله, فقد اشترى بيتاً...وقال : لن أسكن فيه, يشير بذلك إلى دنو أجله. وكان رحمه الله قبل ذلك قد اشترى أغطية ولحفاً لأهله, وقال لأهله ممازحاً : حتى لا تقولوا مات ولم يشتر لنا أغطية ولحفاً. وبعد حلول شهر رمضان سافر إلى مكة لأداء مناسك العمرة, وقد أحس بالمرض...ثم عاد إلى الرياض...وتوفي بتاريخ 17 رمضان عام 1387هـ وعلم الإنسان بقرب أجله, قد يكون منحة له, وقد يكون محنة عليه, قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: فإن قال قائل: وهل علم الإنسان بالعلامات على قرب أجله تدلُّ على فضله ؟ نقول: إن انتفع بذلك فهو منحة, وإن لم ينتفع فهو محنة, لأنه ليس كل من علم بقرب أجله تصلح حاله, بل ربما يعتريه من الجزع والتسخط ما يجعله يرتدُّ والعياذ بالله...لكن إذا وفق الإنسان وانتفع بهذا فهو من نعمة الله عليه" ولذا فينبغي على الإنسان عندما يُحسُّ بدنو أجله, وقُرب موته, أن يتهيأ للرحيل, وذلك بالتوبة إلى الله, والاجتهاد في الطاعة, وكثرة الاستغفار, قال ابن عباس رضي الله عنه : لما نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا جاء نصر الله والفتح ) [النصر:1] نُعيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم نفسهُ, فأخذ في أشد ما كان اجتهاداً في أمر الآخرة. قال الشيخ محمد بن موسى الموسى مدير مكتب سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله: لقد لحظت على سماحة الشيخ في أيامه الأخيرة, ملحوظات عجيبة غريبة منها: 1-أنه منذ شهر رمضان كان كأنه يستعد لفراق الدنيا, حيث كان يكثر من ترداد كلمات معينة كقوله: الله يحسن لنا الختام, الله يتوب علينا, ويميتنا على الإسلام 2- أنه قد أوفى كل ما يتعلق بذمته. 3- أنه قد سامح كل من لديه حق لسماحته, من ديوان أو غير ذلك. وختاماً فلا تغفل عن الموت, قال الحافظ ابن رجب رحمه الله:فعجباً لمن يغفل عنه, مع أنه لا بدَّ له منه, والموجب للغفلة طول الأمل. كلُّنا في غفـلة والمـوتُ يـغـدو ويـروحُ لبني الدنيا من الموت غبوق وصـبوحُ سيصير المـرءُ يوماً جسداً ما فيـه روحُ بين عيني كُـلِّ حيّ علـمُ المـوتِ يلـوحُ نُح على نفسك يا مسكينُ إن كنت تنوحُ لتموتن ولو عمـــرت ما عُـــمر نـوحُ اللهم أحسن خاتمتنا, وتوفنا وأنت راضي عنا. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
رمضان المبادرة .. الدعاء الدعاء وصال تقة انكسِرِ انكسار الضعيف الخاضعةِ رقبتُه لمولاه.. لا تعجِزْ عن طرق بابه، واستكثر من إعادة القرع، وأنِخْ مطاياك بباب الحَيِيِّ الذي يستحيي أن يرد صفرًا من يمد إليه يديه.. ولقوة الرجاء وانتظار الفرج وتأميل كشف الضر: حلاوة وخفة ونشاط وطمأنينة تعقب الدعاء المُلحَّ الصادق، المبلل بدموع الطمع في عطايا الكريم الجَوَاد.. وذاك الذي أضناك التعبير عنه، وأنهكك بيانه، وتمنَّعت عنك فصاحتك في إظهاره.. يكفيك أن العليم بالخبء والسر وأخفى، أعلم به وبحالك منك.. فماذا لوكان هذا الدعاء قد عطره طيب خُلوفك وأنت صائم، أو أضاءته قناديل قلبك الساجد بين يدي الكريم الجَوَاد الودود في الثلث الأخير من الليل وهو يتودَّدُ لعباده ليستغفروه؟! لم لا نستغل كرم الكريم، وننكسر بين يديه، ونقبل على عطائه وقد فتح لنا أبوابه وهيأ لنا خزائنَ جوده في كل آنٍ وحين، ولم يجعل للدعاء تاريخ صلاحية ولا وقتًا معينًا للوفود عليه؟! وتصوَّر لو أن الدعاء كان محددًا بساعة معينة من ليل أو نهار، وأكثر من ذلك لو كان محددًا بيوم معيَّن من الأسبوع أو من الشهر أو من مواسم الخيرات، كيف سيكون حالنا؟ نجمع الهموم والحاجات والأحزان في قلوبنا، أو لربما فرغنا شحنتها بالبوح لغيرنا، ونحن موقنون أنه لن يعدو أن يكون بوحًا وبوحًا فقط..، ثم ننتظر ساعة الدعاء المحددة..، فإذا ما غفَلْنا أو انشغلنا عنها، فاتتنا الفرصة، فاضطررنا إلى انتظار اليوم الموالي أو الشهر أو النفحة الموعودة، بنفس الحمل القديم، مع إضافة هموم جديدة: همُّ الأسى على إضاعة فرصة اللجوء إلى الله.. وهمُّ الخوف من إضاعة ما يستقبل من فرص.. لك الحمد يا قريب يا ودود، يا مجيب الدعوات، لك الحمد أن جعلت أبوابَ الدعاء مفتوحة آناء الليل وأطراف النهار، وهدَيْتَ إليها من تعلَّق قلبه بك وبالرجاء فيك.. لك الحمد من إلهٍ رحيم، علمتَ حاجة عبيدك لك، وفاقَتَهم لقُربك ومعيتك، واضطرارهم لكلئك وولايتك، فكنت أقربَ إليهم من حبل الوريد: قريبًا بإحاطتك، وبإجابتك وإثابتك.. فلك الحمد ولك المنَّة، ولك الثَّناء الحسَن.. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
استعراض الصحف الإيطالية لشهر رمضان 2014 في إيطاليا المصدر: leoNews رحمة سراج الدين ومع حلول شهر رمضان، قامت بعض الصحف الإيطالية باستعراض مفهوم شهر رمضان لدى المسلمين، مع إرفاق بعض المرئيات لمسلمي إيطاليا في شهر رمضان، فعلى سبيل المثال نشرت صحيفة "ليونيوز" الإلكترونية على موقعها مقالًا تحت اسم: "رمضان 2014: قواعد ومعاني دينية". وبدءًا من ليلة السبت ويوم الأحد الماضيين، بدأ شهر رمضان، ذلك الشهر الذي يقوم فيه المسلمون بالصيام وأداء الصلاة والتوبة إلى الله. وفي الأصل، شهر رمضان - ذلك الشهر الساخن - هو شهر صيفي - كما هو واضح من اسمه - ولكن عندما اعتمد نظام التقويم القمري ذو الاثني عشر شهرًا، أصبح موعد شهر رمضان يختلف من سنة لسنة؛ حيث إن البداية الفعلية لذلك الشهر تعتمد على حسابات فلكية معقدة، ولكن ببساطة نستطيع أن نقول: إنه يعتمد على رؤية بداية الهلال، ومدته: شهر واحد فقط؛ لذا سينتهي رمضان ذلك العام في يوم السابع والعشرين من يوليو عند بداية ظهور هلال القمر الجديد. ثم واصلت صحيفة: "ليونيوز" على موقعها الإلكتروني شرحها مفهوم شهر رمضان لدى المسلمين، قائلة: ويُعد شهر رمضان وقتًا مهمًّا للغاية بالنسبة للمسلمين، سواء في داخل بلادهم وخارجها؛ فهو الوقت الذي يكرسون فيه أنفسهم للقيام بالمزيد من الأعمال الخيرية، والتعبد، والتواصل مع بعضهم البعض. وفي رمضان، يحتفل المسلمون بذكرى نزول الآيات الأولى من القرآن الكريم على "محمد" بواسطة الملاك "جبرائيل"، وإرسال جبريل لإبلاغ النبي بالسور القرآنية الجديدة. وطوال شهر رمضان، من طلوع الفجر حتى غروب الشمس، يمتنع المسلمون عن تناول الطعام؛ حيث إن الصوم يمثل لهم واحدًا من أركان الإسلام الخمسة؛ كالشهادة والحج إلى مكة والصلاة اليومية، والجدير بالذكر أيضًا أنهم لا يمتنعون عن الطعام فقط - خلال فترة الصيام - ولكنهم يمتنعون أيضًا عن أي سلوك به شهوة؛ مثل تعاطي التبغ، أو الاتصال الجنسي. تقرير مصور لعدد من مسلمي إيطاليا، وهم يجتمعون للإفطار، ثم الصلاة، ثم مشاهدة مباراة كأس العالم وتشجيع اللاعبين والفرق المسلمة، وأورد التقرير أن عدد مسلمي إيطاليا الملتزمين بأداء فرائض دينهم يقرب من مليون وسبعة آلاف مسلم. ثم استأنفت صحيفة "ليونيوز" الإلكترونية على صفحتها شرح مفهوم شهر رمضان لدى المسلمين، قائلة: وقبل الفجر يتناول المسلمون وجبة خفيفة تسمى: "السحور"، وبعد غروب الشمس ينهي المسلمون صيامهم بتناول وجبة تسمى: "الإفطار"، ثم بعد ذلك يقومون بصلاة تسمى: "التراويح" - وهي صلاة يقومون بها في رمضان فقط - ويُعفى من صيام شهر رمضان النساء الحوامل والمرضعات والأطفال والمصابون بالأمراض المزمنة, ويقومون بدلًا من ذلك بإعطاء صداقات للمحتاجين، بغض النظر عن دين أو معتقد هؤلاء المحتاجين. وينتهي شهر رمضان - عند المسلمين - بالاحتفال بعيد يُسمى: "بعيد الفطر"، وهو عيد قصير المدة للاحتفال بانتهاء شهر رمضان. وأهمية شهر رمضان للمسلم الملتزم بأداء فرائض دينه مثل أهمية فترة "الصوم الكبير" بالنسبة للمسيحين الملتزمين، حيث إنه شهر من التضحية بالشهوات الجسدية والسمو الروحي المتمثلة في التعبد والصلاة، وقد تم تفسير الأهمية الروحية للصوم من قبل العديد من علماء الدين، والتفسير الأكثر شيوعًا يرى أن الصوم يُعلِّم المرء الانضباط الذاتي, والانتماء للمجتمع, والصبر، ومحبة الله. وتقول التفسيرات المختلفة أيضًا: إن الصوم وعدم ممارسة الجنس هو نوع من التذكرة باحتياجات الفقراء، وتشجيع المسلمين - الملتزمين بأداء فرائض دينهم - بدفع الزكاة: ضريبة قرآنية تُدفع للفقراء. وفي إيطاليا، يبلغ عدد المسلمين الذين يقومون بصيام شهر رمضان ما يقارب مليونًا وسبعة آلاف مسلم، ومعظمهم من المهاجرين وأبنائهم، الذين يكون وجودهم - في بعض المدن - واضحًا جدًّا؛ لاجتماعهم كل ليلة لتناول وجبة الإفطار معًا. النص الإيطالي: Ramadan 2014: le origini ed il significato religioso della pratica Tra sabato e domenica è cominciato il Ramadan, il “mese caldo“, ossia il periodo che i musulmani dedicano al digiuno, alla preghiera e alla purificazione. In origine, il mese di Ramadan si svolgeva, come suggerisce suo nome, in un mese estivo, ma quando lo stesso Maometto adottò un calendario puramente lunare di dodici mesi, la sua cadenza varia di anno in anno. L’inizio vero e proprio dipende da complessi calhttp://www.forsanhaq.com/images/smil...lapse_tcat.gifi astronomici, anche se ci si può più semplicemente affidare all’avvistamento del primo spicchio di luna. La sua durata è di circa un mese, quindi il digiuno si protrarrà quest’anno fino al prossimo 27 luglio, quando ci sarà la nuova luna. E’ questo un momento incredibilmente speciale per i musulmani, in patria e all’estero, un periodo in cui dedicarsi alla carità, alla contemplazione e alla comunità. Quello che si celebra con il Ramadan è lacommemorazione del momento in cui Allah rivelò a Maometto i primi versi del Corano attraverso l’arcangelo Gabriele, inviato sulla terra per dettare le sure al profeta. Per l’intero mese del Ramadan, dall’alba al tramonto, i musulmani si astengono dal consumo di cibo: il digiuno rappresenta infatti uno dei cinque pilastri dell’Islam come la professione di fede, l’elemosina, il pellegrinaggio alla Mecca e la preghiera quotidiana, ma oltre che dal cibo, durante il giorno regola vuole che ci si astenga anche da qualsiasi comportamento considerato impuro, come l’uso del tabacco o i rapporti sessuali. Prima dell’alba si consuma un pasto frugale detto suhur, mentre dopo il tramonto si rompe il digiuno (iftar) e si prega, recitando anche la tarawih, una preghiera che viene celebrata solo in occasione del Ramadan. Sono esonerati dal digiuno le donne in gravidanza o che allattano, i bambini e i malati cronici, che vengono invece chiamati ad atti di carità verso i bisognosi, indipendentemente dalla loro religione o entnia. Al termine del Ramadan, si celebra infine l’Id al-Fitr, la festa di rottura del digiuno detta anche la “pichttp://www.forsanhaq.com/images/smil...lapse_tcat.gifa festa”. Il significato del Ramadan per il musulmano praticante è assimilabile a quello che la Quaresima simboleggia per i cristiani praticanti: un mese di sacrifici per il corpo e di elevazione spirituale nella meditazione e nella preghiera. Il significato spirituale del digiuno è stato analizzato da molti teologi e la teoria più apprezzata sostiene che il digiuno insegni all’uomo il dono di autodisciplina, l’appartenenza a una comunità, la pazienza e l’amore per Dio. Una diversa interpretazione sostiene invece che l’astinenza sessuale e il digiuno ricordi i disagi dei poveri, invogliando i praticanti a pagare la zakat, l’imposta coranica verso i bisognosi. In Italia i musulmani che aderiranno al Ramadan saranno circa un milione e 700mila, soprattutto immigrati e i loro figli. In alcune città, dove più accentuata è la loro presenza, si riuniscono ogni sera per l’iftar. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
مبارك عليك الشهر (21) أ. محمود توفيق حسين عندما يقتربُ رمضان من نهايته وتكون قد تعبَّدتَ فيه على نحوٍ أرضاك على نفسك ويجتمع معك أصحابك للاتفاقِ على قضاء يومَين في الشاليه وهم يتغامزون ويتضاحكون وقد انتووا فعلَ ما اعتادوا عليه من مجونٍ وشرب وأنت تبتسم متحفظًا مراعاةً للشهر وقد نويت في نفسك أن تلهو معهم في لهوهم؛ لا تفكِّر في أن ساعةَ قلبك قد حانت، وساعةَ ربك أوشكَت على الانتهاء بل فكِّر في أن ساعةَ القلب في المرح البريء، لا فيما حرَّم اللهُ لا تفكِّر بأنك لا تخوض معَهم تعظيماً للشهر بل فكِّر في أن مَن أحبَّ الشهرَ وعظَّمهُ لا يتحرَّق في وداعهِ للمعاصي. عيدُكَ كماءِ السماءِ طاهر |
رمضان وتربية النفس
رمضان وتربية النفس د. ياسر حسين محمود الله -تعالى- أرحم الراحمين، شرع للناس أكمل الشرائع التي تهذب نفوسهم وتصلح قلوبهم، وتجعلهم يتذكرون حقيقة رغباتهم، وأنها جُعلت فيهم لكي تكون مُعِيْنة لهم على الوصول إلى الغايات المطلوبة، وشرع لهم الله -تعالى- ترك الفضول مِن كل هذه الشهوات؛ حتى لا يَشغل الإنسان نفسه بغير حاجته وقدر كفايته، ولو أن الناس رغبوا في ذلك لما شقوا في دنياهم، ولما تنافسوا عليها، واهتموا باكتنازها؛ وهل يأكل الغني الذي جمع الملايين أكثر مِن ملء معدته؟! ولو زاد لكان ذلك تخمة مضرة عليه، وكذلك في الملابس، وفي الأموال، وفي كل الشهوات. أكمل الشرائع ولذلك نقول: إن الله -تعالى- شرع لنا أكمل الشرائع التي تجعلنا نتحكم في شهواتنا، ونوجهها وليس هي التي توجهنا، فكان صيام شهر رمضان جامعًا لكل خصال الخير في تهذيب النفس، وقد ذكر أهل العلم في مسالك التهذيب أنه لابد أن يتخلص الإنسان مِن فضول الطعام والشراب، وفضول الكلام، والخلطة، ومِن فضول المال، ومِن فضول الشهوة الجنسية، ومِن فضول المنام؛ فهذه ستة أشياء، انشغال الإنسان بها يجعله يضيع عمره فيما لا فائدة فيه. التحكم في الشهوات وفي رمضان شرع الله لنا أن نتحكم في كل هذه الشهوات؛ فأنتَ لستَ تأكل حين تجوع، بل لكَ وقت محدد تمنع نفسك فيه، وتهذبها وتحكمها، وهذا يجعلها طيعة منقادة لأمر الله-تعالى-؛ ولهذا يسهل على الإنسان في رمضان -وعمومًا أثناء الصيام- مِن العبادات والطاعات ما لا يقدر عليه في غيره؛ فييسر الله له غض بصره، وكف أذنه، وحبس لسانه، والقيام كما يسَّر له الصيام. شأن عجيب شأن عجيب حقـًّا! لأن النفس تريد أن تنال رغباتها، والعاقل يريد أن يحكمها ويكون هو الملِك عليها، فإن الناس مع نفوسهم على مراتب، وأحوال القلوب مع النفوس الأمارة بالسوء، الراغبة في الشهوات على درجات متفاوتة، فمِن الناس مَن ملَك قلبُه نفسَه فصار هو الذي يتحكم فيها ويقهرها، وبعد حين مِن الحبس والتحكم فيها أزال ما بها مِن ضرر، وصار الحبس لها إصلاحًا، وصار منعها مِن رغباتها تهذيبًا، فصارت وزير صدق لذلك الملِك، ولابد أن يبدأ الأمر بذلك، ولا يمكن أن تكون النفس الإنسانية مِن البداية مطيعة منقادة، محبة للطاعة، كارهة للمعصية، بل بدايتها أمارة بالسوء، متكاسلة عن الطاعة، مائلة إلى المعصية والشهوة؛ فذلك القلب الذي غلب النفس يستطيع بعد حين أن يعلمها ويهذبها حتى تمتلئ إيمانًا، بدلاً مِن أنه يرغم نفسه على قيام الليل، وصيام النهار، والإنفاق. فبعد تهذيبها يجدها هي السباقة إلى هذه الأعمال الصالحات، وعندما يأتيها الوسواس الخناس، ويقول لها: «انظري إلى هذه الصورة المحرمة، أو اسمعي إلى هذه الأغنية والموسيقى»، فتقول: «أعوذ بالله!»؛ فصارت هذه النفس مطمئنة إلى ذكر الله، وأسعد شيء عندها هو الشوق إلى الله، والتعبد والتقرب إليه -سبحانه-، كما سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه بقوله: «وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ، فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ» (رواه النسائي، وصححه الألباني). صراع مع النفس وهناك مِن الناس مَن هو مع نفسه في صراع وفي معركة، قلبه الذي هو محل العلم والإيمان يغلب أحيانًا وينتصر، ويصبح هو صاحب الكلمة، وأحياناً تغلبه النفس؛ فمرة يطيع ومرة يعصي، فهو مع نفسه في صراع دائم، يغلبها مرة وتغلبه مرة. من غلبته نفسه وهناك مِن الناس مَن غلبتهم نفوسهم، فغلبت القلب وأسرَته وألقته في السجن، فيظل متحسرًا على ما يرى ويعلم، ولا يستطيع إنفاذ هذا الأمر في أرجاء المملكة، القلب الذي هو محل العلم والإيمان أصبح أسيرًا في السجن، ولذلك قالوا: «المأسور مَن أسره هواه، وحبس قلبه عن الله»، وإذا تمكَّنت الدنيا مِن قلبه سجنت الإيمان، فصار مجرد شيء في القلب، لا يستطيع أن يخرج، ولا أن يسيطر على الجوارح، يعلم أن هذه الأشياء محرمات، وينهى الجوارح عنها، ولكن الجوارح لا تطيعه، فالنفس الأمارة بالسوء تأمر وتنهى وتتحكم في المملكة، فتستجيب لها الجوارح، وهذا العبد يرى نفسه ويعلم أنه مقصِّر، ويرتكب منكرًا ومعصية، ومع ذلك هو عاجز قد أدمن المعاصي، فهو إذا قلتَ له: اتقِ الله، يقول لك: لا أستطيع أن أترك هذه المعصية، ونفسه تغلبه دائمًا! انتكاس القلب ثم مع طول الحبس ينقلب الحال مِن أنه كان يقاوم ويعرف الحق مِن الباطل، وكان -رغم أسره- رافضًا للهزيمة، يصبح بعد ذلك عنده المعروف منكرًا والمنكر معروفًا، انتكس القلب، فصار كما وصف النبي - صلى الله عليه وسلم - قلبَ المنافق «أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ، مُجَخِّيًا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ» (رواه مسلم)، صار لا يرى الحق حقـًّا ولا الباطل باطلاً، بل انقلب الأمر إلى أن صار ما تأمر به النفس هو الحق، وهذا هو الخطر الحقيقي؛ لأن الانتكاس ليس بأن يرى الحق حقـًّا ولو عجز عنه، فإنه يوشك أن تنهض همته إليه يومًا، ولكن إذا رآه باطلاً، إذا رأى أن الالتزام بالدين هو منكر مِن المنكرات، وأن القراءة في المصحف وكتب العلم كل ذلك ضرر، فماذا عساه أن يفعل؟! هذا هو الضلال المبين حقـًّا، هذه قلوب قد انتكست؛ فصارت ترى الحق باطلاً والباطل حقـًّا. فرصة عظيمة فهذه فرصة عظيمة شرعها الله في رمضان لكي نتحكم في نفوسنا، ولو سأل كل واحد نفسه: أين أنتَ مِن هذه الطبقات؟ هل أنت ممن تحكم في نفسه الأمارة بالسوء؟ هل وجدت لذة العبادة؟ أم ما زلت تُكره نفسك عليها؟ أم أنك في الحقيقة إذا قمتَ ليلة لم تقم عشرًا؟! وإذا صمتَ يومًا لم تصم شهرًا؟! فهكذا تغلبك نفسك دائمًا على ذلك، فلا تنفق شيئًا في مرضاة الله، ولا تتعب بدنك في العمل لله تعلمًا وتعليمًا ودعوة وعبادة لله، وهكذا كل واحد منا بالتأكيد عرف نفسه في أي المراتب هو؟ ومَن الغالب في المعركة؟ فرصة للانتصار على النفس وأنتَ مقبل على فرصة عظيمة حتى تنتصر على نفسك، وتتحكم في هذه الشهوات كلها، شرع الله لنا الصيام الذي هو أنفع أنواع التهذيب، أن تمتنع مِن طلوع الفجر إلى غروب الشمس مِن الطعام والشراب والشهوة، وأحل الله لنا ذلك فيما بيْن المغرب إلى طلوع الفجر الصادق، وهذه هي الوسطية المطلوبة التي فقدها الرهبان الذين كانوا على الرهبانية المبتدعة، كما وصف لله -تعالى-: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} (الحديد:27)، حرَّموا على أنفسهم ما أحلَّ الله؛ ولذا قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (المائدة:87). والحقيقة أن الوسطية أمر مطلوب، أما أن يأكل الإنسان كلما جاع، ويشرب كلما عطش، ولا يتحكم في نفسه طول السَّنة؛ فهذا أمر مذموم، ولا شك أنه سوف تغلبه نفسه. وقد شرع الله لنا القيام لترك فضول المنام، فلم يكن مِن عادته - صلى الله عليه وسلم - أن يحيي الليل كله دون أن ينام جزءًا منه طول السَّنة إلا في العشر الأواخر مِن رمضان، وذلك السهر خير أنواع السهر وأوسطه؛ إذ لا يغلب على الإنسان فلا ينام بالكلية فيحصل له الخلل في فكره وشعوره؛ ولذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم -: «لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» (متفق عليه). ولم يحرم الجماع بالكلية، ولكن حدد له وقتًا معينًا، وجعل الإنسان هو الذي يتحكم فيه، وفرض كفارة غليظة مشددة على مَن جامع عمدًا في نهار رمضان، بأن يعتق رقبة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينًا؛ فهذا التشديد حتى يستطيع التحكم في نفسه. ترك فضول الكلام وشرع لنا ترك فضول الكلام الذي لا حاجة إليه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ» (رواه البخاري ومسلم)، وقال -صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا، فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ، فَإِنِ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ، إِنِّي صَائِمٌ» (رواه مسلم). (يَرْفُثْ): لا يقول الرفث، وهو الفاحش مِن القول. (يَصْخَبْ): لا يصيح. (وَلَا يَجْهَلْ): لا يقول الكلام السفيه الجاهل. التحفظ مِن الغيبة والنميمة وشرع لنا مزيد التحفظ مِن الغيبة والنميمة، والزور، قال النبي -صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» (رواه البخاري)؛ ولذا فارتكاب الكبائر أثناء نهار رمضان يذهب بأجر الصيام، ويجعل الصوم غير مقبول؛ لأن الصوم شرع لتحقيق التقوى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ} (البقرة:183)، فإذا ارتكب الكبائر أثناء صومه كان ذلك دلالة على أن صومه ليس هو الصوم المشروع؛ ولذا كان بلا ثواب وكان غير مقبول، ولم يكن لله حاجة في أن يَدع طعامه وشرابه. إفطار القلب ومَن يترك الصلاة مثلاً أو مَن تخرج متبرجة في نهار رمضان، أو مَن يسب ويلعن؛ فهذا مفطر بقلبه وإن لم يكن مفطرًا بفمه وبطنه، ولا ثواب له، وصومه غير مقبول، وإن كان يسقط عنه الفريضة ولا يؤمر بالإعادة؛ إلا أنه لا ثواب فيه، وإن جاع وعطش «رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ» (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني)، فعليك أن تكون منتبهًا لصومك، قال - صلى الله عليه وسلم -: «لَيْسَ الصِّيَامُ مِنَ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ، إِنَّمَا الصِّيَامُ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ» (رواه الحاكم والبيهقي، وصححه الألباني)، فإذا كنتَ تحفظ لسانك في سائر الأوقات؛ فليكن حفظك له في رمضان أشد. ترك فضول المخالطة وكذلك ترك فضول المخالطة: فالغرض مِن خلطة الناس تحصيل ما ينفع الخلق، فالخلطة مع أصحاب اللعب واللهو مِن أعظم الضرر، فهؤلاء يجر بعضهم بعضًا إلى المنكرات والفواحش مِن الإدمان والسرقة، والزنا، والتدخين، وخلطة الصالحين خير خلطة، وهي تقلل مِن الاختلاط بأهل الفساد، وقد أصبح الاختلاط في زماننا له مفهوم أوسع منه في الزمن الماضي، فقد صارت الخلطة مِن خلال وسائل الإعلام ولو كان في حجرة مغلقة «مِن المذياع والتلفزيون، وغيرهما»؛ فحاول أن تكون على مقاطعة تامة لوسائل الإفساد في رمضان، لتكون مهتمًّا بشغل نفسك بطاعة الله وبصحبة الصالحين، فهم القوم لا يشقى بهم جليسهم، كما قال ربنا في العبد الخطاء الذي جلس مع الصالحين لحاجةٍ وهو ليس منهم، قال الله -تعالى-: «وَلَهُ غَفَرْتُ، هُمُ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ»، فمجرد وجودك في المساجد مع أهل البر والتقوى والصلاح يعد مِن أسباب السعادة والمغفرة، وحذار أن تجعل المساجد سبيلاً إلى الخلطة المحرمة مِن الرياء والسمعة، وطلب الوجاهة والمنزلة بيْن الناس، فهذا هو الخطر على إخواننا، وإنما تخالِط مَن يذكرك بالله، وتذكره بالله. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
الجهد المشتَّت لا يصنع تقدمًا وصال تقة في رمضان تعلو الهمة وتسمو إلى الاستكثار من المشاريع.. اجمَعْ شملَ مشروع واحد، وابذُلْ كل جهدك في تطويره، وأعطِه نفَسًا عميقًا من أنفاسك، ستجد ثماره أكثر مما لو فرقت جهدك على مشاريعَ أخرى صغيرة.. مشروع رمضان الأكبر هو "مصاحبة القرآن". • ((مَثَلُ الجليس الصَّالِح والجَليس السَّوْءِ كَمَثَلِ صَاحِبِ المِسْكِ، وَكِيرِ الحَدَّادِ، لاَ يَعْدَمُكَ مِنْ صَاحِبِ المِسْكِ إِمَّا تَشْتَرِيهِ، أَوْ تَجِدُ رِيحَهُ، وَكِيرُ الحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ أَوْ ثَوْبَكَ أَوْ تَجِدُ مِنْهُ رِيحًا خَبِيثَةً))؛ متفق عليه. • "الصديق في وقت الضيق". • "قل لي من تصاحب أقُلْ لك من أنت". نِعْم الجليس، ونِعْم الصاحب، وكفى به مشروعًا.. ومن كان جليسه القرآن، فقد كُفِي الهم والضيق، وتبرأ من الوحل، وعطر الأنفاس بالمسك وعانق ستائر النور.. فهنيئًا لمن عرف بالقرآن أهلاً وصاحبًا.. التِماعة: وكم تألف هذه النفس ما حولها، وكم تضيع حقائق الأشياء وعمقها، وتغور المعاني في لجج التكرار والإلف والعادة..، فلا الصبح يبعث في الرُّوح بخيوط نوره مشاهد الجمال، ولا الليل يرسل فيها مشاهد الخوف والسكينة، ولا الجبال تحرك في النفوس مشهد العظمة، ولا ألوان الفراش ولا شذى الزهور ولا شدى الطيور ولا ترنيمة الرياح وعزف الرعود يحرِّك الوجدان طربًا لمعاني الجمال والكمال ودقة الصُّنع.. نعتادها من كثرة ما نراها، ونألفها لكثرة ما نحياها، ولا محرك لتأمُّلها وتحريك الوجدان لها إلا بتأمُّل عميقٍ في الملكوت وآيات الله الكونية، وتدبر دقيق وإعمال للفكر في كتابه الحكيم.. فهل جربتَ أن تسموَ بهمتك من قراءة الحرف واحتساب الحسنات العشر عليه إلى أجر التفهُّم والتأمُّل والتدبُّر؟ هل جرَّبتَ أن تشرع مراكبك وتهيِّئ حقائبك وأن تسافر في أنداح السكينة والرحمة ومنَّة المنان؟ أن تحلق بأجنحة من نور إلى عوالم النور وكواكب الغفران وقناديل الذكر وكلام الرحمن؟ أن تصنع من كتاب الله بوصلة تحدِّدُ لك معالم السبيل، ونبراسًا يضيء لك عتمة الحياة المجبولة على الكدر، يقوِّم ما حاد من الأفكار، وما حنف من السلوكيات عن الطريق الواحد الممتد الطويل، ويهذِّبُ شعثَ الأخلاق ومارقَها.. وتستنصر به على الأمَّارة والهوى، وتستغيث بالحياة الكامنة في آيِهِ من موت الأرواح على مقصلة الغفلة والتسويف والعادة.. أن تجعله الدستور الذي لا يحيد عنه إلا هالك، تستشعر خطابه لك وبأنك المعنيُّ في كل أمر وفي كل نهي.. تستجيب لنداء ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾، وترعوي من الزجر والنهي والوعيد، وتشرق نفسك مع كل وعد جميل بالغد الجميل في رحاب الجِنان.. تمنِّي النفس وتأمل فيمن وعد وصدق عباده وعده.. يقشعرُّ منك الجلد لذِكره سبحانه، وتذرف المآقي لآلئها، ثم ما تلبث أن تلين وتتنفس السكينة والطمأنينة.. تتجوَّلُ في أفانين اليقين ومروج الثقة وبساتين الرجاء.. تمرض فتهرع إلى آيِهِ وإلى قصة أيوب تتلمَّسُ من بين الحروف الرجاءَ والطمأنينة والثقة في قدرة الطبيب الشافي، وتضيق بك وتظلم في عينك وقد قاربت من الإياس، فتُهرَع إلى قصة يونس تتربص بخيوط النور المتسللة من بين الظلمات الثلاث، وتتوالى عليك الملمَّات والمصائب، فتسارع إلى قصة يوسف تصعد مع خطاطتها، وتنزل بين فرَجٍ تتبعه شدة، وبين شدة ليس لها من عاقب إلا الفرج.. تنظر إلى الدنيا ومتاعها الذي لا يعدو أن يكون حطامًا تَذْروه الرياح فتتخيل الصورة فتسارع إلى الرضوان، وتختار الباقية على الآفلة الفانية.. وتنظر إلى مآلات صراع الخير والشر والكفر والإيمان والاستجابة والعصيان، فتدرب النفس على موازين الحق، وتمرِّسها على العمل وعلى حُسن الاختيار.. هل جربت أن يؤذَّن في رُوحك أن أقبلي، فهذا كتاب الله، فماذا أنت صانعة فيه ومعه؟ فقُمْ أيها الشارد السادر في الغفلة، وامسح عنك الوسن، واغتسل بدمعك وبعطر كلام الله، واستجب لداعي الشرف وباعث إقامة حكم الآي وأمره قبل إقامة حرفه.. استفتح من الله واسأله المدد.. رتِّبْ حقائبك، واحجز مكانًا لرحلة آمنة بفضل الكريم المنان إلى تدبُّر كلامه.. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
رمضان وتربية الإنسان الكامل هل نستطيع جني ثماره؛ لتكون زادًا لأعمارنا كلها؟ سيد أحمد فتح الله الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. وبعد: فنَحن على مشارف الوَداع، تلاقينا مع الشهر الكريم، وعانقنا فيه الهدى، ورَجَونا من الله العفو، وأخذتْنا حرارةُ الدُّعاء وتلاوة الذِّكر، راقبْنا فيه رَبَّنا، فتحققتْ في أنفسنا - كلٌّ على قدر إخلاصه - تقوى الله - عزَّ وجلَّ - ومَحَّصتنا بفضل الله مدرسةُ الصيام، التي هي بحقٍّ مدرسة صناعة الإنسان الكامل، وتربية الأخلاق الشاملة، التي سعى إلى تَحقيقها في النفس البشرية علماءُ النفس، وعلماء التربية، وفلاسفة كل العصور. هل يُمكن أن تستمر معنا حالةُ رمضان إلى ما بعد رمضان، الذي أوشك على الرحيل، هل نَحفظ مقامه وهو المعلم الفذ، والأستاذ الأعز، الذي لو فقهنا، لكان منا تلامذة له في مدرسة الإنسان الكامل. أولاً: من الإنسان الكامل؟ هو عند فيلسوف مثل "كانت": الشخصُ الذي يكون سلوكه قابلاً لأن يُؤخَذ مبدأ إنسانِيًّا عامًّا، وعند (نيتشه): الإنسانُ الخارق الذي يعمل على تطوير ذاتِه؛ حَتَّى يصيرَ بالعقل والقوة قادرًا على التحكُّم في الأشياء. لَم تتمكن - لعَمْر الحق - أيَّةُ مدرسة من مدارس التربية، ولا علم النفس، ولا الفلسفات المختلفة - من أن تخرج لنا الإنسانَ الكامل المزعوم، ولا أزعم أنَّ المسلمين استطاعوا في عصورهم الأخيرة أنْ يُخرجوا نموذجًا يقترب من الإنسان الكامل، الذي أرى مدرسة الصيام رافدًا من أهم روافد انطلاقه وشُموخه، وروعة أخلاقه. ذلك لأنَّنا نؤدي العباداتِ في مُجملها طقوسًا حركية، لا ندرك معها بُعْدَها الرُّوحي، وأثرَها الأخلاقي، لكن تأمل معي - رعاك الله - رَوْعَة الأخلاق التي يُمكن أن يربيها فينا الصيام، وتأمَّل الثمار التي يُمكن أن نجنيها من رمضان؛ بل إنِّي لأجزم أنَّ مَن تأمَّلها، وتَمثلها، وعاش وفقًا لها، فهو الإنسان الأقرب إلى الكمال بحول الله، ولا غروَ أن يكونَ إمامُنا وحبيبنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - أكملَ شخص عرفه تاريخُ البشرية؛ لأَنَّه - عليه الصلاة والسلام - لَم يعرف الفصام الذي نعيشه بين العبادة وأثرها، وعاش الصيام روحًا ووجدانًا قبل أن يكون صيام البطن والشهوة، فكان أسرعَ بالخير من الريح المرسلة. ما الذي تبثه فينا مدرسة الصيام؟ أول ما يتبادر: إشعارُ العبد برقابة الله - جل وعلا - هبْ أنَّ مُسلمًا في نَهار رمضان يجلس وحْدَه في غرفة، أو في قصر، أو يسير في فلاة، لا يراه أحد، ولا يراقبه مُراقب، لماذا لا يُقدِم على تناوُل الطعام الشهي على جوعه، ولماذا لا يَمد يده؛ ليروِيَ ظمأه بالماء القراح؟ ما الذي يَمنعه من ذلك؟ إنَّه الشعور بأنَّ الله يراه، أليس هذا هو الإحسانَ الذي هو أعلى من درجة الإيمان؟ وعبر القرآن عن هذا الأثر للصيام قائلاً: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]، كلٌّ مِنَّا ينال قسطًا ما من رقابة الله في رمضان فعلاً لا قولاً، قسطًا من التقوى، من الإحسان، يَجب أن ينميه وينفخ فيه لرمضان وما بعد رمضان؛ كي يكون خُلقًا ملازمًا تكتمل به شخصية المسلم. لقد رَبَّى الصيامُ فينا رقابةَ الله، حتى لو كُنَّا في مأمن من أنظارِ الخلائق جميعًا، فنحن نسلك سلوك المراقب لمولاه، بالله علينا لو أخذنا هذا الخُلق بعيدًا واستثمرْنا آثاره، أيكذب الكاذب، أو يسرق السارق، أو يرتشي المرتشي، أو يُرابي المرابي، أو يعق العاقُّ، أو يفسد المفسِد بين الناس، في رمضان أو في غير رمضان؟ هذا الخلق الجليل يمكن أن يحل وحْدَه مآسِيَ تعيشها اليومَ الأمةُ الإسلامية؛ من خيانة، وسرقة، ولُصوصِيَّة، وكذب، حتى إنَّ الكذب صار خلقًا يكذب معه الكثيرون بلا مُبرر، رمضان - لو فقهنا - يُعلمنا رقابةَ الله، وعندئذٍ نسلك مع أخلاقِ رمضان سلوكًا يصح مبدأ عامًّا على ما يرى "كانت" وغيره، وليسوا حجةً لنا، لكننا نعرض أشواقهم التي يلبِّيها الإسلام الفذ. وثانيًا: هناك الإرادة الصلبة التي يُربيها فينا الصيام، فلا نَخضع للشهوات، ولا نسقط أمامَ سُلطان العادات؛ بل ننتصر على أنفسنا، وعلى شَهواتنا، ونقمع رغائبنا؛ ابتغاءَ مَرضاة ربِّنا، أمَّة تَمتنع عن الطعام والشراب والشهوات من مَطلع الفجر إلى مَغيب الشمس، هي أمة مُريدة لا تضعُف، عزيمتها ماضية لا تلين، معدنها نقي متين، قدراتها الذاتية هائلة؛ لأنَّها لا تضعف أمامَ أحد، فلو أنَّنا نَمَّيْنا في أنفسنا هذا الخُلق الكريم من أخلاق مدرسة الصيام، لكنَّا سادةَ الدنيا، كما كنا ذات يوم؛ لذلك حكى أحدُ الدُّعاة عن شاب إسباني لا يعرف الإسلامَ، سأله مرة عن معنى الصيام الإسلامي، فشرحه له، فما كان منه إلاَّ أنْ علق قائلاً: "إن كنتم تصومون بهذه الحال، فلماذا أنتم متخلفون؟"، فَهِمَ الشاب بالمنطق الإنساني العام أنَّ أمةً تربَّت فيها الإرادة في مدرسة الصيام، لا يُمكن إلا أن تكون صاحبة الباع الأكبر في التقدُّم، فما التقدمُ إلا وضع الهدف، والتخطيط له، وبذْل الجهد لتحقيقه، وكل ذلك لا يكون إنْ لَم تكن الإرادة التي يربِّيها فينا الصيام أفضل تربية. ويرتبط برمضان أيضًا الصبر، وما أجمله من خُلق يرفع صاحبه، ويُحقِّق له النصر! كما جاء في الحديث الشريف من تعاليم النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "واعلم أنَّ النصرَ مع الصبر، وأنَّ الفرجَ مع الكرب، وأنَّ مع العُسر يسرًا"، أمَّةُ الصبر تستطيع إنْ شاءت أن تنتصرَ على أمراضها الداخلية، وكيْد الأعداء لها؛ ليتبدل الضعف قوة، والذلُّ رفعةً، والتخلف تقدمًا، أليس الطيش والرعونة شيئًا كريهًا يعالجه الصيام بتعويد الصبر، لماذا كثرت المشكلات، وكثرت حالات الطلاق في بلادنا، وصراع الأقرباء والغرباء على فُتَاتِ الدنيا؟ لماذا كثر القتل والكيد؟ لأَنَّ الصبرَ لَم يعُد خلقًا، كم يعالج الصبر الرمضاني من أدوائنا؟ كم تكتمل الشخصية الإنسانية بالصوم؟ وانظر إلى عِفَّة اللسان، كما علمنا الحبيب - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الحديث الشريف الصحيح: ((الصوم جُنَّة، فإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث، ولا يصخب، ولا يفسق، فإن سابَّه أحد، فليقل: إنِّي صائم))، بالله، كم يقدح في الإنسان البذاء والسباب واللسان السليط! الصيام يحل لنا هذا بجملة واحدة، ثم كم تحل لنا عِفَّة اللسان من مُشكلاتٍ طوقتْنا بالإيذاء في مُؤسساتنا وشوارعنا وأسواقنا، وكم تكتمل الشخصية الإنسانية بعفة اللسان، لو طبِّقت في مناحي الحياة المختلفة؟ وانظر إلى انتصارِ النَّفس على هوى الشح؛ ((من فطَّر صائمًا، فله مثل أجره، غَيْرَ أنَّه لا ينقص من أجر الصائم شيء))، ما هذه الروعة الناصعة في حمل الأنفس حملاً على تعود الكرم؟! إنَّها المدرسة الإلهية الرمضانية، انتصر على شحك، أرفد إخوانك بكرمك، لن تَخسر شيئًا؛ ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ﴾ [سبأ: 39]، لا ينقص المال، بل يزداد الثواب، وتكمل الشخصية الإسلامية الفذة ببركات رمضان، انظر إلى الفارق الهائل بين شخصية البخيل واحتقار الناس لها، وبين احترام الكريم بين من يعرفه ومن لا يعرفه، صحيح أنَّنا لا نصدر في أعمالنا من أجل البشر، ولكن من بركات العمل لله أنَّك تعلو في أعين عبادِه أيضًا، وإن لم تسعَ إلى ذلك، هل هناك مدرسة أزالتْ معايبَ النفس، وغرست في أعماقها الفضائل مثل مدرسة رمضان؟ قِسْ على ذلك التكافُلَ الاجتماعي من إخراج زكاة المال، أو على الأقل زكاة الفطر، وما تغرسه من تعوُّد على الإنفاق، حتى الفقير الذي لا يَملك إلاَّ قوتَ يومٍ وليلة يُخرج صدقةَ الفطر، في منظومةٍ تربوية وسلوكية هائلة الأثر، لو أنَّ المسلمين كانوا يفقهون، هذا التكافل الفريد يبيد الأحقادَ، ويقتل الإحن، ويصنع أمة الخير في تكافُلها، ورعاية القوي للضَّعيف، وحدب الغني على الفقير، يا لَهَا من روعة. ولا تنسَ الإشراقَ الوجداني بتلاوة الذِّكر، وصلاة القيام، والدعاء، وليلة القَدْر، وتَهافُت الأرواح إلى نفحات الفَتَّاح وبركاته وإتحافاته، أمة اكتملتْ خصالها الوجدانية والبَدنِيَّة والسلوكية عبادةً، وإنفاقًا، وتكافلاً، ومَحبة، وخضوعًا لله الواحد الأحد، هذا الكمال، فهل يُمكن أن نتخذَ خصالَ رمضان دستورًا لحياة الأمة، هي أمة الاصطفاء، ومع ذلك لا تدرك معاني الاصطفاء، هي أمة الكمال ويَجب أن تكتملَ الدائرة في الحال والمآل - إن شاء الله تعالى. إنسان اكتملت خصاله وسلوكياته لاكتمالِ مُعتقداته، وجَمال عباداته، تَحقَّق برَغْم أنف (كانت، ونيتشه)، وبرغم أنف أهل الضلال ممن قالوا ولم يبلغوا شيئًا، تَحقق بالصوم الإنسانُ الكامل، أو سَمِّه الخارقَ، أو (السوبر مان)، سَمِّه ما شئت، إنَّه ابنُ الإسلام، إنه أنت أيها المسلم. تحقق الكمال في شخصك - أيها المسلم - فافرح بما عند ربك؛ ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58]، عليك أن تعي دروسَ الصيام في مدرسة رمضان، وخُذ أخلاق رمضان بشدة وعَضَّ عليها، لا تفرِّط فيها بعد ذلك أبدًا، أنت مراقب لربك، تعزم على الخير، وتُحققه بإرادتك بحول الله، تصبر على الضرِّ من أيِّ لون؛ ابتغاءَ وجه الله، تَعفُّ لسانَك عمَّا يُسيء، تنفق بكرم في سبيل الله، تتكافل مع الفقير والمسكين، أنت الإنسان الكامل، أنت حبيبي في الله، أنت المسلم، شكرًا لخالقنا أن جعل لنا رمضان. اللهم أعدْه على أُمَّةِ حبيبك محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - أعوامًا عديدة، وآجالاً سعيدة، وفَقِّهنا في دروسه، وورثنا أخلاقَه، واجعلنا من عتقائه من النار، وارزقنا بركةَ ليلة القَدْر، وتقبل طاعات المسلمين أجمعين، والحمدُ لله أولاً وآخرًا. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
مبارك عليك الشهر (22) أ. محمود توفيق حسين عندما يقتربُ رمضان من نهايته وتجهزين أقراص العَجوة وترصينها في قفصٍ وقد بانَ على وجهكِ الحزن استعداداً الزيارة قبرِ أبيك كعادتك السنوية في زيارته أول أيام العيد حيث توزعين الأقراص هناك لجيرةِ المقابر الفُقراء لا تفكِّري بأنها صلةُ رحم بل فكِّري في أن صلة الأرحام تتسعُ لها الأرض في غير المقابر ويتسع لها العالم كله لا تفكِّري بأنه قد جرَت العادة بزيارة الموتى يومَ العيد بل فكِّري في أنه تخصيصٌ لم يأتِ به الشرع لا تفكِّري في أن الأمر من افتكار الموتى والوفاء لهم بل فكري في أنه لن يصِلَ الميت دموعُ العائلة بل يصلهُ دعاءُ الصالحين من أولاده. عيدك كماء السماء مُفرح |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
أخلِصْ وأحسن فيما بقي ليغفر اللهُ ما مضى وصال تقة والتوبة تجُبُّ ما قبلها.. وأتبعِ السيئةَ الحسنةَ تمحُها.. قد كان التقصير - ولا محالة - فيما مضى من أيام، لكن ترانا سنقف على الأطلال نبكيها، وعلى الميت نسقي قبره حسرة ودموعًا؟ ترانا سنقف عند بداية الطريق ونعتذر لأنفسنا ونعذرها على الضعف وقلَّة الحيلة وتلبُّسها بالتفريط؟ ترانا سنقف عند محاسبة النفس على التقصير، وعلى إخلاف الوعد، ونشتغل بتقريعها وفقط بتقريعها، فنجمع على التسويف بطالة واستغراقًا في اللحظة الحاضرة؟ أم أننا سنحاول الاستفادةَ من "اللحظة الماضية" واستغلال "اللحظة الحاضرة" من أجل نظرة متَّزنة للتخطيط للمستقبل؟ وسنعد ربَّنا - على ما نحن عليه من تسويف وغفلة - بالعمل الدَّؤوب وعدم تفويت فرصة العتق والنجاة؟ فنصدق الدعاء له سبحانه أن يأخذ بأيدينا وألا يؤاخذنا بضعفِنا وتقصيرنا.. ونستمد ممَّن عبادُه سوانا كثيرٌ ولا ربَّ لنا إلا هو سبحانه، توفيقه وهدايته وإعانته على النفس المتمنعة الجموح؟! لم يبقَ الكثير، إنما هي أيام وليالٍ لنعانق ليلة العتق والعفو؛ فاللهم لا تحرِمْنا عفوك وفضلك وشهود مِنَّتك.. |
سلاحك في العشر: اللهم إنك عفو
سلاحك في العشر: اللهم إنك عفو أبو الهيثم محمد درويش مع اقتراب العشر الأخير من رمضان ما أحوج العبد المسلم إلى الهدي النبوي الكريم في الدعاء في هذه الساعات المحدودة من العمر. هاهي أحب الناس إلى قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله عن أفضل دعاء في العشر وخاصة ليلة القدر, فيهديها هذه الزهرة الفواحة من عبير السنة المطهرة. تقول عائشة رضي الله عنها : قلتُ : « يا رسولَ اللهِ أرأيتَ إن علمتُ أيَّ ليلةِ القدرِ ما أقولُ فيها ؟ قال : قولي : اللهمَّ إنك عفوٌّ تُحبُّ العفوَ فاعفُ عنِّي.» [ أخرجه الترمذي (3513)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (7712)، وابن ماجه (3850)] و(العفو): اسم من أسماء الله الحسنى، ومعنى العفو الذي يمحو السيئات، ويتجاوز عن المعاصي، وهو قريب من اسم الغفور ولكنه أبلغ منه، لأن الغفران ينبئ عن الستر، والعفو ينبئ عن المحو، والمحو أبلغ من الستر. والعفْوُ هو التَّجاوُزُ عن السَّيِّئاتِ، "تُحِبُّ العفْوَ"، أي: تُحِبُّ ظُهورَ هذه الصِّفةِ، "فاعْفُ عنِّي"، أي: تجاوَزْ عنِّي واصفَحْ عن زَلَلي؛ فإنِّي كثيرُ التَّقصيرِ، وأنت أَولى بالعفْوِ الكثيرِ، وعفْوُ اللهِ تعالى يكونُ في الدُّنيا والآخرةِ، وهذا مِن آدابِ الدُّعاءِ؛ أنْ يُثنِيَ العبدُ على ربِّه سُبحانَه بصِفةٍ تُناسِبُ طَلبَه، وهذا الدُّعاءُ مِن جوامعِ الكلِمِ، ومَن دَعا به حاز خَيريِ الدُّنيا والآخرةِ. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
مبارك عليك الشهر (23) أ. محمود توفيق حسين عندما يقتربُ رمضان من نهايته وتبدأُ في الإعداد لموعد إجازة العيد للموظفينَ في شركتك وأنت ترغب في جعل الإجازةِ بدءاً من يوم الوقفة رغم عدم وجود ضغطٍ في العمل ويصلُك طلب من أحدهم للذهاب إلى عُمرةٍ وطلبٌ من آخر بيومٍ مبكر لأن أهله بعيدو الديار وهو يودُّ أن يسافر إليهم لقضاء العيد من أوَّلهِ بينهم لا تفكِّر بأن ما بينك وبين مَن يعملون عندك العقودُ بل فكِّر في أن تقديرك للمناسبةِ، وتفهُّمك لحاجاتِ الناس.. يوثِّق لك عند الآخرينَ ما لا توثقهُ العقود. عيدُكَ كماءِ السَّماء |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
ماذا بعد رمضان؟ د. عقيل المقطري الحمد لله القائل: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا ﴾ [النحل: 92]. والصلاة والسَّلام الأتمَّان الأكملان على المبعوث رحمة للعالمين، القائل: ((أحبُّ الأعمال إلى الله ما دُووِم عليه، وإن قل)). وبعد: فها هو رمضان ارتحل، وانقضت لياليه الزاهية، ومضَتْ أيامه العامرة، وتولَّت أجواؤه العاطرة، ذلك الشهر الذي آوى ظمَأ العطشى، وشفَى جراحات المرْضَى، وأعاد الحياة إلى الأرواح، والصِّحةَ إلى الأبدان، وعادت به النُّفوس إلى باريها، وسجَدَت الجِباه لخالقها، نَشط الكثير في العبادات المتنوِّعة، فاهتمُّوا بأداء الفرائض، وتقرَّبوا إلى الله بالنَّوافل، قَرؤُوا كلام الله، وابتهلوا إليه بالدُّعاء، وتصدَّقوا على الفقراء والمساكين، واعتمر منهم من اعتمر، واعتكف منهم في بيوت الله مَن اعتكف، هيَّأ الله الأجواء في شهر رمضان؛ ليكون مدْرسَة متكامِلة يأخذ فيه المسْلِمون لبقية الشهور. غير أنَّ بعضًا من المسلمين إذا انقضى رمضان عادوا إلى ما كانوا عليه من التَّهاوُن، أو التقصير في العبادات، وما هكذا يكون حال المؤمنين. إن من علامات القَبُول والتوفيق أن يُتْبِع المرءُ الحسَنةَ بالحسنة، فذلك هو الفائز المفْلِح الذي سلك طريق السائرين إلى ربِّهم، وإن من علامات الخسران والخذلان أنْ يُتْبِع المرء الحسنة بالسيِّئة، فذلك هو المغبون المفتون. لقد كان دأب السَّابقين الأوَّلين تأسِّيًا بنبيِّهم - صلَّى الله عليه وسلم - الاستمرار والمداومة على الطَّاعة بعد رمضان، ولم يكونوا مَوْسميِّين فقط، نعم، كانوا يستغلُّون المواسم فينشطون أكثر للعبادات، ويتعرَّضون لنفحات الله، قال القاسم بن محمد: "كانت عائشة - رضي الله عنها - إذا عَمِلت عملاً لزمته"؛ رواه مسلم. سُئِلت أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - كيف كان عمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هل كان يخص شيئًا من الأيام؟ فقالت: "كان عمَلُه ديمة، وأيُّكم يستطيع ما كان يعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم"؛ رواه مسلم. ومن هنا كَرِه العلماء الانقطاع عن العمل؛ أخذًا من حديث: ((لا تكن مثل فلان؛ كان يقوم اللَّيل، فترَك قيام الليل)). أيها الأخ الحبيب، لا تكن موسميًّا في عباداتك، بل كن من المداوِمين على الطاعات، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أيُّها الناس، اكْلفوا من العمل ما تطيقون؛ فإنَّ الله لا يمَلُّ حتى تملُّوا، وإن أحبَّ الأعمال إلى الله ما دووِم عليه وإن قل))؛ متَّفق عليه. ولئن كان شهر رمضان قد انتهى وولَّى بما فيه من بحار الفضائل، فإن فضائل الطاعة لا تَنقطع ولا تنتهي، ومن كان يَعبد رمضان فإنَّ رمضان قد ولَّى، ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌّ لا يموت. وإنه من المؤسف أن تَرى مظاهر التَّكاسل والتراجع، والعودة إلى ما كان عليه الكثير قبل رمضان، وكأنَّ الدِّين والتديُّن قد حُصِر في شهر رمضان، نعم، في شهر رمضان ميزات على سائر الشهور، لكن الله - جلَّ وعلا - قد حثَّ ورغَّب في الطاعات في غير رمضان، فصحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((من صام رمضان وأتبعه بسِتٍّ من شوال، فكأنَّما صام الدَّهر)). وكان - صلى الله عليه وسلَّم - يصوم الاثنين والخميس، فلما سُئِل عن ذلك قال: ((أمَّا الاثنين فذاك يوم وُلِدت فيه، وأما الخميس فتُرفع فيه الأعمال، وأحبُّ أن يُرفع عملي وأنا صائم)). وكان يحث على صيام الأيام البيض (13، 14، 15) من كلِّ شهر قمري، وكان يقول عن صوم يوم عاشوراء: إنه يكفِّر ذنوب سنة مضَتْ، ويقول عن صيام يوم عرَفة: ((إنِّي أحتَسِب على الله أن يكفِّر به صيام سنة ماضية وسنة آتِيَة)). وكان يقول عن العمل في العشر من ذي الحجة: ((ما من أيَّام العمل فيهن أفضل من هذه العشر))، قيل: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ((ولا الجهاد في سبيل الله، إلاَّ رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء)). وصحَّ عنه - عليه الصلاة والسلام -: أنه كان يحثُّ على ذِكْر الله - تعالى - ويرتِّب على ذلك العملِ من الأجر مثْلَ أجر قيام ليلة القدْر، فقال - عليه الصلاة والسلام - من قال: ((سبحان الله وبحمده مائة مرَّة، حُطَّت خطاياه ولو كانت مثل زَبَد البحر))؛ متَّفَق عليه. وكان يحثُّ على الوضوء كوضوئه - صلى الله عليه وسلم - ويرتِّب على ذلك مثل أجْر ليلة القدر أيضًا، فقال - كما عند الشَّيخين -: ((من توضَّأ مثل وضوئي هذا، ثم صلَّى ركعتين لا يحدِّث فيهما نفْسَه، غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه)). ومَن وقع في التقصير بعد التَّمام، وارتكب الذُّنوب بعد الإقلاع عنها، فذلك الذي باعد نفْسَه عن الفوز بالطاعات. أما أولئك الذين داوَموا على طاعة الله - عز وجل - فالعام كلُّه عندهم شبه رمضان، وإن فَتروا في بعض الأوقات، فالتقرُّب إلى الله عندهم لا ينقطع إلاَّ بالموت؛ ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 99]. وليس العبرة في الأعمال بالكَمِّ، ولكن بالكيف؛ قال - سبحانه وتعالى -: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الملك: 1 - 2] أحسَنَه؛ أيْ: أخْلَصه وأصْوَبه. فأسأل الله - تعالى - أن يجعَلَنا وإيَّاكم ممن يداوم على الطاعات، ونعوذ بالله أن نكون كالتي نقَضَت غزْلَها من بعد قوَّة أنكاثًا، وصلَّى الله على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
الضيف بين إكرام الوفادة وإحسان الوداع وصال تقة الضيفُ إذا أقبل فحقُّه أن تُكرِم وفادتَه، وإن أزمع الرحيل فأحسن له الوداع.. قد كان منك العزمُ على استقبال رمضان بمزيد طاعة وكثير احتساب وسباق للخير وللإحسان، فلا تجعَلْ وداعَه في الكسل والدَّعَة، ولا تجعل آخر أيامه نهاية عهدك بالجد والاجتهاد، فرَبُّ رمضان الذي أعانك على ذِكره وشكره وعبادته، مجيب قريب يجيب دعوةَ مَن دعاه آناء الليل وأطراف النهار، فتملَّقْ له سبحانه أن يجعل على الطاعة والبر والإحسان وداعه، وأن يُبقيَك على ما أنت عليه إلى حين استقباله فيما يلي من أعوامٍ. قد كنت تجتهد في قراءة القرآن وخَتْمه وتدبره، فابقَ على ذلك ما استطعت، وقد كنت تحافظ على الصلاة في وقتها وعلى القيام، فاجعل لباقي ليالي السَّنة من ذلك أيضًا نصيبًا، وقد كان منك الصوم شهرًا كاملاً، فاحرِصْ على صيام الاثنين والخميس والأيام البيض، وتحرَّ نفحاتِ ذي الحجة وعاشوراء وغيرها، وقد كان منك كثيرُ ذِكر وتوبة، فاجعل بقية أيام السنة عامرةً بالذِّكر والاستغفار، ولا تنسَ أن تتفقَّدَ توبتك، وألا تجعلها في جراب مخروم.. وقد جاهدت نفسَك وراقبت قلبك وحاولت صيانة سَمعك وبصرك عن المسلسلات والأغاني والمُلهِيات، حاول الاستمرار على ذلك، واسألِ اللهَ العون والثَّبات.. فرَبُّ رمضانَ هو ربُّ سائر الأيام.. والضيف إن رحل، فما أدراك إن كنت ستلقاه بعد الرحيل؟ ها أنت يا رمضان قد حزمت حقائبك، وشرعت مراكبك، وعزمت الرحيل، وها نحن بقينا مصلوبين على مرافئ الانتظار نودِّعك ونُمنِّي النفس بلقاءٍ قريب، ونحتار أنبكيك أم نبكي أيام عمرنا المتصرِّمة إلى غيرِ لقاءٍ في الدنيا.. لن نبكيَك يا رمضان، فأنت إذا ما رحلت اليوم فما لأُفولك إلا إشراقةٌ زاهية بُعيد شهور تمر كما الساعات، تحث بها خطى الإياب لتنيرَ دروب الغافلين وتأخذ بيد التائهين.. تُستقبل استقبال الملوك، وتتلقاك القلوب الظمأى لأنوارك ومعينك تلقِّيَ العظماء الشامخين.. إنما سنبكي تقصيرَنا وسويعات عمرنا الآفلة التي إذا ما رحلت فما من لقاءٍ بها إلا والكتابُ باليمين برحمة مَن جاد وعفا وهو أهل للرحمة والكرم على ما نحن عليه من غفلةٍ وتقصير، أو بالشِّمال ومن عاقب وأخذ بالذَّنْب، فبِعَدْله وقد سبق منه لنا الإنذارُ والتَّحذيرُ.. سنبكي أعمالنا التي لَمَّا نعلم أرفعت وتقبَّلها ربها بقَبول حسن، وازددنا معها قربًا منه سبحانه؟ أم هوت بنا في العذاب والسخط والغضب والعياذ بالله؟ "يا ليت شعري! مَن هذا المقبول منَّا فنُهنِّيه، ومن هذا المحروم فنعزيه، أيها المقبول، هنيئًا لك، أيها المردود، جبَر الله مصيبتك". يقول الشاعر: صالح بن علي العمري: ومضى الحبيبُ فهل لنا مِن ملتقًى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif يُسلينِ أم تجني المَنونُ غراسَا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif واهًا لقلبي في غروبك بعد أنْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ألِفَ الطريقَ وعاشرَ الأكياسَا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif أستودعُ اللهَ الكريمَ مآثرًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif تعِظُ القلوبَ وتطرُدُ الوَسواسَا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ولسوف تبقى ذكرياتُك حيَّةً https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif الواعظاتُ وإنْ بدَيْنَ خِراسَا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
مبارك عليك الشهر (24) أ. محمود توفيق حسين عندما يقتربُ رمضان من نهايته وتبدأُ في الأعداد لخطة الترويحِ عن أطفالك حسبَ تفضيلاتهم وهم مجتمعون حولك.. يشعرون بالدلال، ويتمسَّحون بك ضع في حسبانك أيضاً فسحةً وهديةً لطفلٍ يتيم أو خُذ أطفالك معكَ مرةً لدار الأيتام لتعلِّمهم الإحسان لا تفكِّر بأن وجوهَ البائسين تذهب بالفرح بل فكِّر في أن إسعادهم يضع في القلب فرحاً من نوعٍ آخر.. لا يَعلمهُ إلا مَن ذاقه لا تفكِّر بأن أولادك سيسعَدون باللعب مع أطفالٍ من مستواهم بل فكِّر في أن زيارةً كهذه ستُشعرهم بما هُم فيه من نِعمَة. عيدك كماءِ السماء.. مِعطاء |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
وسائل الإعلام الرائي (التلفزيون) د. فهمي قطب الدين النجار جامعة الجريمة: لذلك هاجَم كثير من العلماء (التلفزيون)، أو بالأصح البرامج التلفزيونيَّة المملوءة بالعنف واللصوصيَّة، وتمجيد المُجرِمين وتلميع وجوههم وسلوكهم، ومنهم (ستيفن بانا) الطبيب النفسي والأستاذ بجامعة كولومبيا؛ إذ يقول: "إذا كان السجن هو جامعة الجريمة، فإن التلفزيون هو المدرَسة الإعدادية لانحِراف الأحداث". ويؤكِّد (جير هارد كلوسترمان) ذلك، فيقول: "إن تأثير التلفزيون وما ينشأ عنه من إيحاءات للطفل أمر خطير جدًّا في حالة الطفل المعوَّق، وهو عادة طفل عُدواني قوي، شرس، يَشعُر بالإحباط، ويتأثَّر بأفلام العنف تأثُّرًا مُباشِرًا، وعندما يُصاب الطفلُ بالإحباطِ ويشعُر بخيبة الأمل لعجزِه عن الحصول على ما يَعرِضه عليه التلفزيون، أو يفعل ما يفعله الآخرون، فإنه يُصاب بالتوتُّر والقلق؛ مما يؤدي مِن ثَمَّ إلى الانحراف. وتوضِّح دراسات العالم الفرنسي (جان حيرو) أسباب سوء التكيُّف بين المُنحرِفين في باريس، ويرجع هذه الانحرافات إلى مُشاهَدة أفلام العُنف. ويرى علماء الاجتماع أن التلفزيون يُشيع في النشء حبَّ المغامرة والتحرُّر مِن القيود، والاتصال بعالم الكبار، كما يقوِّي ميولَهم بأن يُصبِح لهم كِيان، ولكنهم يرون أيضًا أن التطرُّف بالمشاهدة قد يؤدِّي إلى الانحِراف[7]. وقد ثبَت مِن دراسات العلماء (أن أفلام العنْف والمغامرة والأفلام البوليسيَّة) تُخيف الأطفالَ وتُروِّعهم، حتى إن بعضهم يُحاول مغادرة المكان، والبعض الآخر يُصاب بالغثَيان، والبعض يُصاب بأمراض نفسيَّة كالتبول (اللاإرادي)، أو حالات الذُّعر والكابوس في أثناء النَّوم. وتدلُّ الإحصاءات الأخيرة التي أُجريَت في إسبانيا أن 39% من الأحداث المُنحرِفين قد اقتبَسوا أفكار العنف من مشاهدة الأفلام والمسلسلات والبرامج العدوانيَّة، التي تدور أحداثها حول ارتكاب الجرائم، وطُرُق الاعتداء على الناس. ويُدلِّل العلماء على آرائهم هذه بأمثلة كثيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر: • في مدينة (بوسطن) الأمريكية رسَب طفل عمره 9 سنوات في مُعظَم مواد الدراسة، فاقترح على والده أن يُرسِل صندوقًا من الحلوى المسمومة إلى المدرسة، وعندما استوضحَه والده ذلك، قال: إنه أخَذَ الفِكرة من برنامج تلفزيوني. • في مدينة بون الألمانية قامت فتاتان في الثانية عشرة من عُمرهما بقتل صبي غريب عنهما، اتضح للمحقِّق في هذه الجريمة أنهما شاهدتا في اليوم السابق لارتكاب الجريمة فيلمًا تلفزيونيًّا، انتهى بجريمة قتل ضد نجم الفيلم. • ومِن أحدث ما ذُكِر في هذا المجال أن طفلاً فرنسيًّا عمره خمس سنوات أطلق رصاصة على جار له عمره سبع سنوات وأصابه إصابة خطيرة، بعد رفض الأخير أن يُعطيه قطعة من اللبان، وقد ذكَر الطفل في أقواله للشرطة أنه تعلم كيف يَحشو بندقية والده عن طريق مُشاهَدة الأفلام في التلفزيون[8]. ونسأل: ما التفسير النفسي لتأثير التلفزيون على الأطفال في مجال أعمال العنف أو غير ذلك من التأثيرات السلوكية؟ وقد توصَّل العلماء إلى أن للتقليد والمُحاكاة تأثيرها على الطفل أو الناشئة؛ فعندما يَعرِض التلفزيون شخصيات مُعيَّنة، ويُبيِّن مشاعرَهم، ويُقدِّم قيمَهم بشكل درامي، فإن الأطفال مُستعدُّون لاستيعاب الأفكار والقيم عاطفيًّا، ففي المسلسلات التلفزيونية نُلاحِظ أن الشرير أو الوغد يَحصُل على كافَّة المزايا؛ الأرض والمال والمنازل والحدائق والنساء، وكل هذا نتيجة لاعتداءاته وغلظته، فالنمط السلوكي البراق هو النمط المُعادي للجميع. ويذهب بعض علماء النفس أيضًا إلى أن المسلسلات العنيفة والبرامج (البوليسيَّة)، تَخلق في النشء شُعورًا بالبلادة وعدم المبالاة، ويَنجُم عن ذلك نوع مِن الشلل في الإحساس، والقيام بردود أفعال غليظة بعيدة عن أي شفقَة أو تَعاطُف[9]. وهكذا، فإن التلفزيون أصبحَ في مُعظم الدول مجرد جهاز ناقل لإنتاج فني ضَعيف هابط تتخلَّله إعلانات جذابة ومُثيرة للغرائز، ويذهَب بعضُهم إلى القول بأن الناس لا يأخُذون هذه البرامِج وهذه الإعلانات مأخَذَ الجِدِّ؛ وإنما يَنظُرون إليها على أنها مجرَّد تسلية، غير أن علماء النفس يؤكِّدون مِن ناحية أخرى أن ما لا يأخُذُه الناس مأخذ الجِد هو الذي يؤثِّر أبلغ الأثر، فليس الترفيه التلفزيوني بأمر ثانوي يُمكن أن نُهمِله أو نهوِّن من شأنه، فمثل التلفزيون كمثل الماء والنار، له جاذبية وسحر؛ لأنه يتحرك ويؤثِّر ويسحر ويَخلب الألباب، ويجعل الناس يُشاهِدون ما يُعرَض على شاشاته، وهنا تَكمُن الخطورة[10]. وفي دراسة لسلبيات التلفزيون في البلاد العربية، كان نتيجة الاستبيان الذي توصَّل إليه الباحث كما يلي[11]: يؤدي التلفزيون إلى انتشار الجريمة والعنف 41% يؤدي التلفزيون إلى انتشار ضعْف الإبصار 64% يؤدي التلفزيون إلى انتِشار شيوع الرذيلة 41% يشغل المُشاهِدين عن المطالَعة والقراءة 64% يشغل التلاميذ عن الاستِذكار 63% يؤدي إلى شيوع أساليب النصْب والاحتيال 47% يؤدي إلى تقييد حركة الجسم وحِرمانه من الرياضة 44% يؤدي إلى السلبيَّة والكسَلِ والتراخي 46% بالنسبة لأفراد المجتمع يضرُّ أكثر مما ينفَع 72% ونتيجة لهذه الدراسات العلمية؛ فإن كثيرًا من العائلات الغربية لا تَملِك جهاز تلفزيون في البيت رغم أن اقتناء هذا الجهاز أصبح اليوم في متناول الجميع، أما الذين لا يستطيعون الاستغناء عنه، فإنهم في الوقت نفسه يتعاملون معه بكثير من الصرامة، فيَختارون برامجَهم، ويُعلِّمون أطفالهم أن يتعاملوا معه بنفس الطريقة، بل تجري العادة اليوم أن يأوي الطفل الغربي إلى فراشه في ساعة مُبكِّرة، بغضِّ النظر عن وجود جهاز تلفزيون أو عدم وجودِه. • وفي عام 1977م ظهر كتاب ذو أهمية في الأسواق الأمريكية من تأليف (ماري وين) وقد أسمته (المُخدِّر الكهربي)، وكان سببًا لضجة كبيرة عند الآباء وعلماء النفس والمربين؛ لقد أكَّد الكِتاب أن مشاهدة الأطفال للتلفزيون تُسبِّب عندهم نوعًا من الإدمان، وأنها تُحوِّل جيلاً كاملاً منهم إلى أشخاص من (الزومبي) - أي الذي دخلت أجسامهم قوة خارقةً فصارَت تتحرَّك من خلالهم - يتميَّزون بالسلبية وعدم التجاوب، ولا يَستطيعون اللعب والابتِكار، ولا يستطيعون حتى التفكير بوضوح[12]. • وفي دراسة حديثة لتأثير التلفزيون للمُؤلِّفة السابقة وآخرين، تقول بأن الأطفال الذين يُشاهِدون كثيرًا التلفزيون يُبدون تدهورًا واضحًا في الذاكرة والقُدرة على التعليم بطريقة صحيحة لاستيعاب اللفظ والكلام المكتوب، وربما دخلْنا في العصر الذي تُحشى فيه المعلومات مباشرة إلى العقل الباطن عند الجَميع[13]. يتبع |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
قطوف د. عبدالحكيم الأنيس راقب الله "كان بعضُ السلف يقول: إذا تكلمتَ فاذكر مَنْ يسمع، وإذا نظرتَ فاذكرْ مَنْ يرى، وإذا تفكرتَ فاذكر مَنْ يعلم". (كشف المشكل لابن الجوزي 1/131) •••• اعمل بعلمك قال الزمخشري في تفسير قوله تعالى: ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9]: "... وأراد بالذين يعلمون: العاملين من علماء الديانة، كأنه جعل مَنْ لا يعمل غير عالم، وفيه ازدراءٌ عظيم بالذين يقتنون العلم ثم لا يقنتون، ويَفْتَنّون ثم يُفْتَنُون بالدنيا، فهم عند الله جهلة، حيث جعل القانتين هم العلماء...". (الكشاف 3/390) •••• بث العلم "عوتب ابنُ المبارك فيما يفرّق من المال في البلدان دون بلده، فقال: إني أعرفُ مكان قوم لهم فضلٌ وصدق، طلبوا الحديث فأحسنوا طلبه، لحاجة الناس إليهم احتاجوا، فإنْ تركناهم ضاع علمهم، وإنْ أعنّاهم بثُّوا العلم لأمة محمد صلى الله عليه وسلم. لا أعلمُ بعد النبوة أفضلَ من بث العلم". (سير أعلام النبلاء 8/387) •••• ذم التقليد قال الإمام أبو الفرج ابن الجوزي البغدادي: "إن نفع العلم بدرايته لا بوراثته. وبمعرفة أغواره لا بروايته. وأصل الفساد الداخل على عموم العلماء بتقليد سابقيهم، وتسليم الأمر إلى معظميهم، من غير بحثٍ عما صنَّفوه، ولا طلبٍ للدليل عما ألّفوه". (نواسخ القرآن ص11) •••• أخلاق النبلاء قال القاضي محارب بن دثار: صحبنا القاسم بن عبد الرحمن إلى بيت المقدس، فغلبنا على ثلاث: على قيام الليل. والبسط في النفقة. والكف عن الناس. (الأنس الجليل للعليمي 1/187) •••• الرجل الكامل قال الإمام الشافعي: لا يكمل الرجل في الدنيا إلا بأربع: بالديانة. والأمانة. والصيانة. والرزانة. (مناقب الإمام الشافعي للبيهقي 2/189) •••• لا تصر على الظلم قال الرازي في تفسير قوله تعالى: ﴿ فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 14]: "فيه إشارة إلى لطيفة وهي: أن الله لا يعذِّب على مجرد وجود الظلم، وإلا لعذّب مَنْ ظلم وتاب، فإنَّ الظلم وُجد منه، وإنما يعذِّب على الإصرار على الظلم، فقوله ﴿ وَهُمْ ظَالِمُونَ ﴾ يعني: أهلكهم وهم على ظلمهم، ولو كانوا تركوه لما أهلكهم". (مفاتيح الغيب 9/37) •••• خوف المتيقظين قال الزاهد العابد الخائف رياح بن عمرو القيسي: لي نيف وأربعون ذنباً، قد استغفرت لكل ذنب مئة ألف مرة. (حلية الأولياء 6/194) •••• درجات المرؤة قال ميمون بن مهران: أول المرؤة: طلاقة الوجه. والثاني: التودد إلى الناس. والثالث: قضاء الحوائج. (شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 18/129) •••• احذر الفجار قال مالك بن دينار: إنك إن تنقل الأحجار مع الأبرار، خير لك من أن تأكل الخبيص مع الفجار. وأنشد: وصاحِبْ خيارَ الناس تنجُ مسلّماً https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وصاحِبْ شرَارَ الناس يوماً فتندما https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif (تفسير القرطبي 7/27) •••• طعم العبادة قيل للإمام العابد الزاهد المحدث طبيب القلوب وهيب بن الورد القرشي المكي مولى بني مخزوم (المتوفى سنة 153هـ): هل يجد طعم العبادة مَنْ يعصي الله تعالى؟ قال: لا، ولا مَنْ هَمَّ بمعصية. (تهذيب التهذيب 11/170 -171) •••• ما خفي أعظم قال الإمام سفيان الثوري: ما بحثنا أحداً يتناول أبا بكر وعمر إلا وجدنا ذلك أيسر عمله! (ربيع الأبرار 1/407) •••• الناس! قال الصحابي الجليل حكيم الأمة أبو الدرداء في (الناس): إنْ قارضتَهم قارضوك، وإنْ تركتَهم لم يتركوك. ومعناه: إنْ طعنتَ فيهم وعبتَهم فعلوا بك مثله، وإنْ تركتَهم منه لم يتركوك. (تفسير الطوسي 7/20) •••• لا تتكبر "قال بعضُ السلف: إذا كان ذنب المرء من قِبل الشهوة فارجه، وإذا كان من قبل الكبر فلا ترجه، لأن إبليس كان ذنبه من قبل الكبر فلم تُقبل توبته، وكان ذنب آدم من قبل الشهوة فتاب الله عليه، وقد أشار بعضُ الشعراء إلى هذا المعنى فقال: إذا ما الفتى طاح في غيِّه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فَرجِّ الفتى للتقى رَجِّهِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فقد يغلط الركبُ نهجَ الطري https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ق ثم يعودُ إلى نهجِهِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif (تفسير الماوردي 3/316) •••• أصل الشر قال النسفي في تفسير قوله تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ﴾ [الجاثية: 23]: فأصل الشر: متابعة الهوى، والخير كله في مخالفته، فنعم ما قال: إذا طلبتك النفسُ يوماً بشهوةٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وكان إليها للخلافِ طريقُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فدعها وخالف ما هويتَ فإنما https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif هواك عدوٌّ والخلاف صديقُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif (تفسير النسفي 3/303) •••• لاتهن نفسك قال الحكيم الأديب أبو الفرج علي بن الحسين بن هندو (المتوفى بجرجان سنة 420هـ): إنما المرءُ حيث يجعل نفسه. (تاريخ حكماء الإسلام للبيهقي ص 109) •••• الاستعداد للرحيل قال الإمام الزاهد الكبير بشر بن الحارث الحافي البغدادي رحمه الله: ينبغي لمن يعلمُ أنه يموت أنْ يكون بمنـزلة مَنْ قد جمع زاده فوضعه على رحله، لم يدع شيئاً مما يَحتاج إليه إلا وضعه عليه. وقال: ما كره الموتَ إلا مريبٌ، وأنا أكره الموت. (تهذيب تاريخ دمشق الكبير لبدران 3/241) •••• حرِّرْ عقلك قال رياح بن عمرو القيسي: لا تجعل لبطنك على عقلك سبيلاً، إنما الدنيا أيام قلائل. (لواقح الأنوار للشعراني 1/117) •••• أخس طبع قال الحسنُ بن الفضل: ذكر الله تعالى الشر في هذه السورة (الفلق)، ثم ختمها بالحسد ليظهر أنه أخس طبع. (المحرر الوجيز 16/387) |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
قبل الرحيل شريفة الغامدي ها هي أيَّام الشهر الفضيل تُسارِع بالرحيل. حقًّا والله كانتْ أيامًا معدودات، مضَتْ سريعًا وكأنها سُوَيعات! فلله الحمدُ أنْ بلَّغَنا هذه الأيام الفاضلة، ونسأَلُه - تعالى - القبولَ. أَزِفَ الرحيلُ، فهل لنا من وقفةٍ مع أنفسنا، نُسائِلها: ما الذي انسلَخنا به من رمضان؟ ما الذي كسبناه؟ وما الذي أضَفناه لنا ولصحائِفنا فيه؟ ماذا غيَّرنا في داخلنا؟ وماذا أصلَحنا في أنفسنا؟ وما رقعنا من شقوقنا؟ مَن منَّا نالَ الرحمة؟ ومَن غُفِر له؟ ومَن عُتِقَ من النِّيران؟ مَن ابيَضَّتْ صحيفة أعماله؟ ومَن تلطَّخت بالسواد؟ مَن أفلَحَ؟ ومَن تزكَّى؟ ومَن خاب؟ ومَن تردَّى؟ مَن نهى النفس عن الهوى؟ ومَن انساقَ وراء أهوائها؟ مَن منَّا شمَّر وشدَّ المئزر وقام إيمانًا واحتسابًا؟ ومَن منَّا شغلَتْه زحمة الأسواق عن ليلةٍ خير من ألف شهر؟ وما أدراك ما ليلة القدر؟ ليلة العمر، ليلة الرحمة والعتق. مَن منَّا رُفِعَ له فيها عملٌ صالح؟ ومَن منَّا لم يصدَّه فضلُها عن عمله الطالح؟ مَن منَّا أطال السجود والتعبُّد والدعاء والرَّجاء، مَن منَّا أحسَنَ؟ ومَن منَّا أساء؟ ها هي الرحلة الرمضانيَّة قاربَتْ على الانتهاء، فأين حطَّتْ بك رحالك؟ وما هي وجهتك الأخيرة؟ وما كان زادُك في هذه الرحلة؟ اسأل نفسَك وأجِبْها بصدقِ الصدوق: هل كانتْ رحلة موفَّقة هذا العام أم أنها ككلِّ عام؟! يا شهر الصيام ترفَّق: "يا شهر رمضان ترفَّق، دموع المحبين تدفَّق، قلوبهم من ألم الفِراق تشقَّق، عسى وقفة للوداع تُطفِئ من نار الشَّوق ما أحرَق، عسى ساعة توبةٍ وإقلاعٍ ترقع من الصيام ما تخرَّق، عسى مُنقَطِع من ركْب المقبولين يلحَق، عسى أسير الأوزار يُطلَق، عسى مَن استَوجَب النار يُعتق، عسى رحمةُ المولى لها العاصي يُوفَّق"[1]. مَن منَّا أقبَلَ؟ ومَن منَّا أقصَرَ؟ مَن منَّا أتَمَّ؟ ومَن منَّا قصر؟ ومَن أقلَّ ومَن أكثَر، ومَن منَّا تعثَّر ومَن منَّا استغفر؟ مَن عاد كيوم ولدته أمُّه؟ ومَن عاد وعلى جسده جبالٌ من الذنوب تحملها؟ مَن منَّا المقبول فنُهنِّيه كما قال ابن مسعود - رضِي الله عنه؟ ومَن المردود فنعزِّيه؟ مَن منَّا أَذهَبتْ سيِّئاتُه حسناتِه؟ ومَن مِنَّا أذهبتْ حَسناتُه سيِّئاتِه؟ ومَن منَّا أذهَبَ طيِّباته في الحياة الدنيا وشغَلَه الاستكثارُ من الطعام والشراب والملذَّات والملهيات والمسليات؟ مَن لم يزدد في شهر الطاعة إلا غفلة؟ اسأل نفسك وحاسِبْها وعاتِبْها وتَلافِ ما ضيَّعتْ وفرَّطت فيه في هذا الشهر الكريم، فوالله ما بقي منه شيءٌ يُذكَر، اختمْ بالخير شهر الخير؛ فإنما الأعمال بالخواتيم. واحذر أنْ تكون ﴿ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا ﴾ [النحل: 92] بالعودة إلى المعاصي والآثام بعد شهر الصيام، فالطاعة والعبادة والتوبة ليسَتْ في هذا الشهر فقط وتنتَهِي بانتهاء أيَّامه، إنما هو البداية لتَجدِيد العهد والنَّدَم على ما فات والإحسان فيما بقي، فمَن أحسن فيما بقي غُفِر له ما مضى، ومَن أساء فيما بقي أُخِذَ بما مضى وما بقي. سَلاَمٌ مِنَ الرَّحْمَنِ كُلَّ أَوَانِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif عَلَى خَيْرِ شَهْرٍ قَدْ مَضَى وَزَمَانِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif سَلاَمٌ عَلَى شَهْرِ الصِّيَامِ فَإِنَّهُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif أَمَانٌ مِنَ الرَّحْمَنِ كُلَّ أَمَانِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif لَئِنْ فَنِيَتْ أَيَّامُكَ الغُرُّ بَغْتَةً https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فَمَا الْحُزْنُ مِنْ قَلْبِي عَلَيْكَ بِفَانِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ما فاتَ فاتَ أحبَّتي، وهيْهات أنْ تعود الأيَّام والساعات، فتَدارَكوا الليالي الباقيات. اللهم اجعَلْنا من المقبولين، ولا تجعلنا من المحرومين. [1] "لطائف المعارف"؛ ابن رجب الحنبلي. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
همسة في ختام رمضان أ. عبدالله بن محمد بادابود يا أهل رمضان .. يا من صمتم إيمانًا واحتسابًا، نحسبكم، والله حسيبكم.. يا من قضيتم أروع اللحظات في خير الشهور، وأروع الأيام في خير الشهور.. يا من صمتم لله عز وجل طاعةً لأمره، وطلبًا لرضاه، وشوقًا للقياه.. يا من حافظتم على الصيام من المفسدات، ظاهرات وباطنات.. ابتعدتم عن الغِيبة، والنميمة، والكذب، وقول الزور، والحلف الكاذب... وغيرها من الآفات. ابتعدتم عن صرف البصر للمحرمات، من صور الكاسيات، وبرامج الفضائيات من المحرمات. يا من صرفتم الجوارح لله؛ فاللسان شغل بذكر الله، والقلب شغل بالتفكر في آيات الله، والعين نظرت لكل ما يرضي الله.. تذوقتم طعم السعادة، والراحة، والطمأنينة.. هل من سعادةٍ بالبعد عن الله وأوامر الله؟! لا، والله، كل خير تجده بالقرب من الله، وكل خير تريده تجده ببث الشكوى لله. شهر رمضان.. شهر التوبة.. فكم من تائب عاد، وكم من مذنب استغفر! شهر رمضان.. شهر القرآن.. فكم من هاجر عاد لكتاب ربه، وكم من لاهٍ تأمل وتدبر! شهر رمضان.. شهر القيام.. فكم من مؤمن تهجد لربه مولاه، وتقرب ساجدًا لربه فما عصاه! شهر رمضان.. شهر الصدقة.. فكم من متصدق سعِد بصدقته، وعاش الطمأنينة والراحة بعد العطاء! شهر رمضان.. شهر الصلة والإحسان والبر.. فكم من قاطع وصل رحمه، وعاش سعيدًا بوصله! شهر رمضان.. شهر الفرص.. ومن لا يغتنم الفرص يندم، وها نحن على أعتاب الوداع.. وداع رمضان.. وداع روحانيته.. وداع صيامه.. وداع قيامه.. وداع التراويح.. وداع الأرواح المحلقة بالإيمان.. نسأل الله أن تدوم تلك الأعمال، نسأله الثبات على الخيرات، نسأله البُعد عن المحرمات! مشروع: ليكن لنا وقف في الخير.. وقف مصحف شريف، أو مساهمة في بناء مسجد، ولو بالقليل.. المساعدة في كماليات المسجد من المناديل، وسلة المهملات، وأدوات التنظيف.. المساهمة في كفالة الأيتام، ولو بالقليل.. المساهمة في حلقات القرآن.. المساهمة في كفالة داعية أو طالب علم.. المساهمة في شراء حجاب شرعي لبعض المسلمات في الخارج.. وكل ذلك عن طريق الجمعيات الرسمية الموثوقة، مثل: الندوة العالمية للشباب الإسلامي، أو هيئة الإغاثة الإسلامية، وغيرها. دعوة لـ: لتكن البسمة شعارك من الآن، للجميع.. الغني والفقير، والصغير والكبير، والقريب والبعيد. لتعود نفسك إفشاء السلام على من تعرف، ومن لا تعرف. لتعود نفسك تقديم المساعدة والعون لكل شخص تستطيع أن تقدم له ولو القليل، لتعود نفسك الدعاء في كل ما تريد، وكل ما ترجو.. فالله قريب مجيب يحب السائلين الملحين، لتعود نفسك الصدقة، ولو بريال يوميًّا.. فهي تدفع السوء، وتبارك في الرزق، وتطهر المال. لتعود نفسك إماطة الأذى عن الطريق، حتى لا يؤذى أخوك المسلم. لتعود نفسك التلطف مع الحيوانات وإطعامها.. وتذكر أن بغيًّا سقت كلبًا، فدخلت الجنة. لتعود نفسك القرب من القرآن، تلاوة، وتدبرًا، وتأملاً، وحفظًا، ومراجعة. لتعود نفسك حضور مجالس العلم، وسماع دروس العلم، وقراءة الكتب النافعة. لتعود لسانك الذكر، والاستغفار. لتكن حياتك كلها رمضان. وقفة وفاء: لتكن لك وقفة وفاء مع المرضى بالزيارة، والدعاء، والتخفيف عليهم بطيب الكلام. لتكن لك وقفة وفاء مع الموت ممن غادروا الدنيا، بالدعاء، والصدقة. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
فرحة وبهجة محمد إياد العكاري ها قد انتهى رمضان وقلوبنا تتحسر على وداعه، وأرواحنا تئنُّ حزناً على فراقه، أتى ومضى سريعاً، فما أكرمه على قلوبنا من ضيف حلَّ علينا بالخيرات والبركات، وما أعظمه في أرواحنا من شهر نتوق فيه للرحمات والنفحات، مرت أيامه ولياليه، وذهب أثر صيامه وأماسيه . كأنها البرق لمحةً، والريح سرعةً فما استقبلناه حتى ودعناه، ومضت معه صحائفنا وأعمالنا وما سطرنا فيه فهل يا تُرى فزنا بآماله ومراميه؟ وهل نلنا ما أعد الله سبحانه لنا فيه؟ نرجو المولى سبحانه وهو ذو المنِّ والعطاء صاحب الفضل والجود أن يعفو عن الزَّلل، ويرزقنا الإخلاص لنخرج منه، بحلل العفو والغفران، والعتق من النيران، وهذا هو الفوز وهذا هو العيد، أجل هو الفرحة بعد الطاعات، والقبول بعد القربات، فليس العيد لمن لبس الجديد، إنما العيد لمن صام وأناب، وقام وتاب وهذا هو السعيد بالعيد، وللشاعر علي الزبيدي أبياتٌ يقول فيها: قف أيها الشهرُ لو يستوقف العجلُ ***أهكذا" أجمل الأيام تُختزلُ قف لم يزل للمشوق الصبِّ ظامئةٌ*** ترنو إليك وفي أحداقها وجلُ رحلت لا لوم إذ يبكيك ذ و شجنٍ***فربما حال د ون الملتقى الأجلُ وأقبل العيد هل يلقاهُ من حُرموا ***هيهات ليس لهم، بل عند من قُبلوا أجل هو العيد لمن يتقبل الله منه، وهو الكريم المنان ذو الجود والإحسان، هذا هو العيد فرحةٌ بالصيام، وبهجةٌ بالقبول، ومتعةٌ بالوصول، ثم لينهي المسلمون صيامهم بصدقةٍ الفطر طهرةٌ للصائم وطعمةٌ للفقراء، وغنى وكفٌ لهم عن السؤال، ليبدأ المسلمون عيدهم بالتكبير والتهليل، وما أنداه والله وما أبهى موسيقاه. الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله وبحمده بكرةً وأصيلاً. لا إله إلا الله ولا نعبدوا إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. ليتواصلوا بعدها وترى العناق والتقبيل، وتشهد الفرحة تسكن الوجوه، والبهجة تغمر القلوب، وتلقى فيه البر والصلة، والخير والحب، والصفاء والود العيد فرحةٌ وبهجة أجل والله فطوبى وطوبى للجميع وكل عام وأنتم بخير. |
أحكام الصيام
أحكام الصيام (1) تركي بن إبراهيم الخنيزان حديثنا اليوم عن الركن الرابع من أركان الإسلام، وهو صوم رمضان: - والصيام هو: التعبد لله تعالى بالإمساك عن الأكل والشرب وسائر المفطرات، من طلوع الفجر[1] (وهو وقت أذان الفجر) إلى غروب الشمس (وهو وقت أذان المغرب)؛ قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]. ولشهر رمضان فضائل عظيمة، منها: ♦ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ»؛ [متفق عليه]. ♦ وقال صلى الله عليه وسلم: «مَن صامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ، ومَن قامَ ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ»؛ [متفق عليه]. ♦ وقال صلى الله عليه وسلم في فضل الصوم: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قال اللهُ تعالى: إِلا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أجْلِي، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ، وَلَخُلُوفُ فِيهِ أطْيَبُ عِنْدَ الله مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ»؛ [رواه البخاري]. ♦ ويجب صيام رمضان على المسلم البالغ العاقل المُستطيع، ومن كان مريضًا يشقُّ عليه الصوم، أو خاف زيادةَ المَرَض بصيامِه، أو مسافرًا، فيجوز لهما الفطر، ويقضيانه إذا زال عُذرُهما، ومن كان مرضه مُزمِنًا لا يُرجى شفاؤه يُفطِر ويُطعم عن كل يوم مسكينًا، وكذلك من لا يُطيقُ الصومَ لكِبَرِ سِنِّهِ[2]. ♦ ويَحرُم الصيامُ على الحائض والنُّفساء، ويجب عليهما قضاؤه بعد طُهرِهما. ♦ ويُستحبُّ للصائم: أن يتسحَّر ويؤخرَ السُّحور، كما يُستحبُّ له تعجيلُ الفِطرِ، ويجبُ عليه اجتناب المعاصي القولية والفعلية باختلافها، وإن سابَّهُ أحدٌ أو قاتله فليقُل: إنِّي صائم. اللهم بلِّغنا شهر رمضان، واجعَلنا ممن يصومه ويقومه إيمانًا واحتسابًا، نكتفي بهذا القدر، ونلتقي في اللقاء القادم - بمشيئة الله - لنتحدث عن مُفطِّراتِ الصوم ومُبطِلاتِه. "المصدر: كتاب عطر المجالس" [1] مَن طلَع عليه الفَجرُ وفي فَمِه طعامٌ، فعليه أن يَلفِظَه، ويُتِمَّ صومَه، فإنِ ابتلَعَه بطَلَ صومُه. [2] ويُباحُ للحامِلِ والمرضِعِ الفِطرُ في رَمَضانَ، إذا خافتا على نَفْسَيهِما أو على وَلَدَيْهما، وعليهما القضاء. |
رد: أحكام الصيام
أحكام الصيام (2) تركي بن إبراهيم الخنيزان تحدثنا في اللقاء الماضي عن شهر رمضان وفضله وبعض أحكامه، ونواصل حديثنا اليوم عن مُفطّراتِ الصوم ومُبطِلاتِه، فمن المُفطرات التي يَبْطُلُ بها الصوم: ♦ الجماع، والاستمناء. ♦ والأكل والشرب عمدًا، وكل ما كان بمعنى الأكل والشرب كالإبر المغذية وحُقن الدم. ♦ إخراج الدمِ بالحجامة. ♦ والتقيؤ عمدًا. ♦ خروج دم الحيض والنفاس من المرأة. ♦ ولا تُفسدُ المفطراتُ السابقةُ الصومَ إلا بشروط ثلاثة: أن يكون عالِمًا بالحكم، ذاكرًا، مُختارًا، (إلا الحيض والنفاس). ومن الأمور التي يَكثُر السؤال عنها وليست من المُفطرات، ما يلي: ♦ تحليل الدم، وخلع الضرس، والإبر غير المُغذِّية، وبخاخ الربو والأكسجين، والتَّحامِيل (اللَّبُوس) في الدُّبُر[1]، وقطرة الأنف إذا لم تصل للحلق، وقطرة العين والأُذُن. ♦ والسَّواك، ومعجون الأسنان (مع التحرز من بلعه)، والبُخور (ولا يستنشقه). ♦ والاحتلام، والرُّعاف، وبلع النُّخامة. ♦ والاستحاضة للنساء، والصُّفرة والكُدرة في غير وقت العادة للنساء. اللهُمَّ عَلِّمْنَا مَا يَنْفَعُنَا وانْفَعْنَا بِمَا عَلَّمْتَنَا وَزِدْنَا عِلْمًا، نكتفي بهذا القدر. "المصدر: كتاب عطر المجالس" [1] وكذلك التقطيرُ في فَرجِ المرأةِ والتَّحاميل المهبليَّة والغَسُول. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
رمضان ولى.. فماذا بعد؟! أبو أنس عبدالوهاب عمارة الحمد لله جلت حكمته فيما شرع، وعظمت رحمته فيما قضى وقدر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ملكه، ولا معقب له في حكمه، ولا راد لقضائه، يفعل ما يشاء بحكمته، ويحكم ما يريد بعزته، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وعظيمنا ومعلمنا وقائدنا وقدوتنا وقرة أعيننا محمدا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ما ترك من شيء يقربنا من الله والجنة إلا ووضحه لنا وفصله تفصيلاً، وما ترك من شيء يقربنا من النار ويبعدنا عن الله إلا ونهانا عنه، وحذرنا تحذيرا. فهو البشير النذير وهو السراج المنير، اللهم صل وسلم وزد وبارك على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليما، عدد ما أحاط به علمك، وخط به قلمك، وأحصاه كتابك، وارض اللهم عن سادتنا: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وارض اللهم عنا معهم أجمعين. وبعد: معاشر المسلمين، انتهى رمضان. أتصدقون؟! أم أنكم مثلي تتعجبون؟! ولكن هذه طبيعة الأيام، وسنة الله في كونه. يقول الشاعر أبو البقاء الرندي: لِكُلِّ شَيءٍ إِذا ما تَمّ نُقصانُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فَلا يُغَرَّ بِطيبِ العَيشِ إِنسانُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif هِيَ الأُمُورُ كَما شاهَدتُها دُوَلٌ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif مَن سَرّهُ زَمَن ساءَتهُ أَزمانُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وَهَذِهِ الدارُ لا تُبقي عَلى أَحَدٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وَلا يَدُومُ عَلى حالٍ لَها شانُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif يُمَزِّقُ الدَهرُ حَتماً كُلَّ سابِغَةٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif إِذا نَبَت مَشرَفِيّات وَخرصانُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif لِمثلِ هَذا يَبكِي القَلبُ مِن كَمَدٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif إِن كانَ في القَلبِ إِسلامٌ وَإِيمانُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif بالأمس القريب استقبلنا شهر رمضان وها نحن نودعه وقلوبنا مملوءة بالشوق والحنين وعيوننا مملوءة بالدموع ولا ندري هل لنا معه عودة. قلوب المتقين إلى هذا الشهر تحن ومن ألم فراقه تئن. وكيف لا تجري للمؤمن على فراقه دموع وهو لا يدري هل بقي له في عمره إليه رجوع!! رمضان مسابقة في سوق الرحمة والغفران والعتق من النيران سوق انتصب ثم انفض ربح فيه الرابحون الصائمون القائمون الذاكرون السابقون بالخيرات، وخسر فيه الغافلون والساهون اللاهون. فهنيئاً لمن صابر وصبر وصلى لله وشكر، هنيئاً لمن تلا كتاب الله آناء الليل وأطراف النهار، وناجاه واستغفره بالأسحار، هنيئاً لمن رجاه ودعاه مستحضراً قوله سبحانه وتعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186]، معاشر الصائمين القائمين الشاكرين الذاكرين المكبرين، إخوتاه يا من صمتم وقمتم، وخشعتم ودعوتم، هنيئا لكم، هنيئا لمن صام رمضان إيمانا واحتسابا فغفر له ما تقدم من ذنبه، هنيئا لمن قام رمضان إيمانا واحتسابا فغفر له ما تقدم من ذنبه، هنيئا لمن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا فغفر له ما تقدم من ذنبه، هنيئاً لمن فطَّر فيه صائماً وأطعم جائعاً وأعطى سائلاً، هنيئاً لمن أحسن إلى يتيم وأدخل الفرحة إلى قلب أسير وأحيى كبد مسكين، هنيئاً لمن أتم فريضته وختم عبادته، هنيئاً لمن تقبله الله في رمضان. روى أن عليا ابن أبي طالب رضي الله عنه كان ينادي في آخر ليلة من رمضان: يا ليت شعري من هذا المقبول فنهنيه ومن هذا المحروم فنعزيه ماذا فات من فاته الخير في رمضان وأي شيء أدرك من أدركه فيه الحرمان. أحبابي: ها قد عدنا إلى حياتنا كما كانت قبل رمضان، فكيف سيكون حالنا بعد رمضان؟ هل سنواظب على عبادتنا الرمضانية أم على بعضٍ منها؟ أم سنحيل أيامنا صحراء مجدبة وأرضاً قاحلة من العبادة والصلة الوثيقة بالله تعالى؟ وهل سنجعل ليالينا وقلوبنا وأرواحنا مظلمة تفتقر إلى نور الطاعة والعبادة. يتبع |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
وسائل الإعلام الرائي (التلفزيون) د. فهمي قطب الدين النجار رأي آخر عن تأثير الرائي (التلفزيون): يرى بعضُ الباحثين المُحدَثين أن الطفل السويَّ لا يتأثَّر ببرامج العنف وغيرها من البرامج السيئة في التلفزيون، وليس هو الذي يتسبَّب في انحراف الأطفال، إلا أنه يساعد المُنحرِِف بطبيعته بأن يُقدِّم له الوسيلة التي تُساعِده في تنفيذ السلوك السيئ. أما الأطفال الأسوياء الذين تربوا في بيئة نظيفة خيِّرة، وعندهم أساس من السلوك الخير، بالإضافة إلى التوجيه المستمر من الأسرة لأبنائها، فإن هؤلاء لا يؤثِّر فيهم التلفزيون إلا تأثيرًا طفيفًا، وتربية الأسرة هي الغالبة على تأثيره. ويَرُدُّ على هذا الرأي الدكتور إبراهيم إمام بقوله: "تأخُذ الدول الغربية في معظمها بنتائج البحوث الأخيرة التي تُهوِّن من التأثير الضار للتلفزيون على جميع الأطفال باعتبار أن الطفل العادي الطبيعي السوي هو المعيار الذي ينبغي القياس عليه، ولكن الحقيقة أن وسائل الإعلام - وخاصة التلفزيون - أصبحَت جماهيريَّة بحكم طبيعتِها، ومِن ثَمَّ فإن تأثيرها وبائيٌّ عام، ولا يُمكن القول بأن الوباء غير ضارٍّ إذا نجا منه بعض الأفراد، وحتى المريض الذي يشفى من آثار الوباء ويظلُّ مُعتدلاً أو مصابًا بمضاعفات أخرى، لا يمكن إهماله أو التهوين من شأنه. ولا شكَّ أن إصلاحيات الأحداثِ تُعطي لنا أمثلةً حيَّةً وواقعية لضحايا المُجتمَع من التلوث الإعلامي بوجه عام، والتلفزيون بوجه خاص، صحيح أن التلفزيون ليس هو السبب الوحيد للانحِراف وجنوح الأحداث، كما أنه ليس مسؤولاً وحده عن الأمراض النفسية والعُضوية التي قد تُصيب الأطفال، ولكن لا يُمكن في الوقت نفسه إنكار أثر التليفزيون في تلوث بيئة الطفل"[14]. القيم الإسلامية للرائي: إن برامجَ الرائي بوضعها الحالي خطرة على كلِّ قيمة إسلامية، أخلاقية وتاريخية ولُغوية، وبنظرة واحدة نُلقيها على البرامج التلفزيونية العربية، سنَجِد رُكامًا هائلاً ورهيبًا من المسلسلات والأغاني المائعة والخليعة والتمثيليات، والصور الرخيصة، والمناظر الداعرة، وحتى أفلام الكرتون المخصَّصة للأطفال وأصبَح الكبار يُشاهِدونها، لا تخلو من المناظر الفاسِدة. ماذا نَنتظِر من هذه البرامج، سوى فِقدان القدرة على التمييز بين الخير والشر، وبين النافع والضار، بين الأخلاق القويمة والأخلاق الزائفة؟ وننظُر مرة أخرى إلى واقع التليفزيون في أكثر البلاد العربية، فماذا نجد؟ 1- إن التلفزيون لا يُقدِّر رجالَ الأمة من العلماء والمُهندِسين والأطباء وأساتذة الجامعات بقدر تقديره (للفنانات) والراقصين والراقصات، ونجوم الكرة والمُطرِبين والمُطرِبات، الذين يَحتفِل بهم دائمًا، ويُهيِّئ لهم المقابلات التلفزيونية في أجواء جذَّابة براقة تَخلب الألباب، بشكل يجعلهم قدوةً للجيل التليفزيوني. 2- إن البطل في تصوُّر جيل التليفزيون ليس هو الرجل المؤمن المُجاهِد، الذي لا يَخاف الموت، الجريء في الحق، مِن أمثال الصحابة والتابعين وأبطال الإسلام على مرِّ الزمان، بل هو من أبطال الأفلام والمسلسلات كما يُطلِق عليهم مُخرِجو الأفلام، الذين يقومون بأدوار خليعة، فاسدة، أو بأدوار مُجرمين يَقتلون الناس. 3- المسلسلات التليفزيونية، في معظمها تُظهِر المُمثلات الفاسِدات بأبهى صورة وكذلك المُمثلون، بينما تُظهِر رجال الإسلام من العلماء إن اضطروا لإظهاره - أو هم قاصِدون إظهاره - بأسوأ منظَر، وأسوأ سلوك، وكأنهم يقولون للمُشاهد: هؤلاء قدوتُنا ونماذجنا للحياة، لا أولئك! 4- أكثر المسلسلات تدور حول الحب والعِشق، بين الشباب والشابات مِن طلبة الجامِعات، وتُظهِر الاختلاط في النوادي والمُنتزهات؛ لتُعوِّد المشاهِدين على هذه المناظر، ويتقبَّلها على أنها لا بدَّ منها، وإن كانت حرامًا. 5- كثير من العادات السيئة، والأمور المُحرَّمة، يُبرِزها التلفزيون أثناء التمثيليات؛ مثل: (شرب الخمر والتدخين، وإطالة الشعر على هيئة الهيبيين)، وثبَتَ أن الشباب يُقلِّد فسقةَ المُسلسَلات في هذا. 6- تَشيع في التلفزيون القيمُ السلوكية الفاسدة؛ مثل (الكذب، والخداع، والتآمُر على الآخرين، والغيبة والنميمة بين النساء)، عن طريق الإعلانات والمُسلسلات التمثيليَّة، فيعيش عليها الأطفال والشباب، ونجد الصعوبة بعد ذلك في غرْس القيم الإسلامية الأصيلة في نفوسِهم. 7- اللغة العامية والسوقية التي يَستخدِمها التلفزيون في التمثيليات والمسلسلات يُقلِّدها الأطفال، وخاصة ما يُرافِقها من حركات مائعة وسلوك شائن، ويُردِّدها الأطفال في البيت والشارع والمدرسة، ولا تُجدي نصائح الأبوَين والمُعلِّمين في ترْك هذه الألفاظ؛ لأن التأثير التراكمي للتلفزيون أقوى أثرًا وأبعد مدى. 8- تزوير التاريخ الإسلامي في كثير من المسلسلات التاريخية، ويَصدُر هذا إما عن نيَّة خبيثة، وهذا هو الأرجح ما دام القائمون على التلفزيون بعيدين عن الإسلام وتصوراته، وإما لتلميع بعض المواقف - بنظرهم - حيث يجب ألا يَخلو الموقف التاريخيُّ أو المسلسل من مواقف الحب والغرام، والأمثلة على هذا كثيرة جدًّا؛ إذ إن كل المسلسلات التاريخية لا تخلو من هذا الأمر. 9- بعض المسلسلات تَخدم العدو اليهودي أكثر مما يُراد من إظهار قسوة العدو وتعذيبه وسجنِه بطريق غير مباشر، وخاصة تلك المسلسلات التي يظهَر فيها العدو وهو يُقدِّم أعداءه الفلسطينيِّين إلى المحاكم القضائية، مع حرية الدفاع عن أنفسهم، ونصْب المحامين لذلك، وتبرئة البعض وسجن البعض الآخر، وهذا تلميعٌ لوجه العدو. 10- وحتى البرامج المخصَّصة أصلاً للأطفال، مثل أفلام (الكرتون) أو القصص الأجنبية المُترجَمة، نجدها لم تُنتَج للأطفال المسلمين، وإنما لأطفال الغرب، بل إن المجتمع الغربي ذاته نبذ أنواعًا كثيرة منها، مثل أفلام الخيال العِلمي المثيرة، بل أفلام الفضاء، والقتال الدائر في الفضاء... إلخ، وتبيَّن للعلماء ضررُها في تخريب نفسية الأطفال؛ إذ تُسوِّغ أعمال العنف في نفوسهم، وتجعلهم يتعوَّدون عليها، فضلاً عن الاستغراق في الخيال وضرره على الأطفال، بالإضافة إلى كثير من أفلام الرسوم المتحرِّكة (الكرتون) تتضمَّن قصص الحب والغَرام، حتى بين الكلاب والحَيوانات الأخرى، والقتال مِن أجْل الأنثى، واللصوصيَّة والاحتيال والكذب وغيرها من الصفات غير الأخلاقية، فهل يدعونا هذا إلى إعادة النظَر فيها؟ يتبع |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
رمضان ولى.. فماذا بعد؟! أبو أنس عبدالوهاب عمارة أيها الأحباب... كثيرا ما يشعر الناس بكسل وفتور بعد انقضاء الطاعات ولاسيما بعد شهر رمضان المبارك وما إن لملم رمضان رحاله إلا وأغلقت المصاحف، وجفت العيون، وطويت سجاجيد الصلاة، وسكتت الألسن التي طالما لهجت بذكر الله، وبَشمت البطون التي طالما جاعت حسبة لله، وابتلت العروق التي طالما تشققت تطلعا لما عند الله. فهُجر القرآن، وترك الصيام، واستبدل الناس بذكر ربهم نجوى لا خير فيها. وهذا ربما يكون من النفس التي تميل إلى الراحة والدعة أو من الشيطان. فعندما نحدث الناس عن صيام ستة أيام من شوال عَنْ أَبِى أَيُّوبَ الأَنْصَارِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ".رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه. فبعض الناس يقول وهو يمن في عبادته كفاية أننا صمنا رمضان وتسمع كلاما يدل على أنهم يمتنون على الله بصيامهم ويظن الواحد منهم وكأنة كان في غزوة غزاها مع رسول الله وخالد بن الوليد وكأن كل واحد منهم قد حصل على صك الغفران، أو كأنه سمع بكلتا أذنيه هاتفا يقول: اعمل ما شئت فقد غفر لك، ولا تضرك بعد اليوم معصية. فلقد صام ثلاثين يوما وقام ثلاثين ليلة وتصدق وعبد، وفعل، وفعل. إلى هؤلاء، وإلى من صام وقام ودعا وخشع وبكي وتذلل وتصدق وفعل الخير إيمانا واحتسابا إلى هؤلاء جمعا هذه الكلمات. أصناف الناس بعد رمضان: الصنف الأول: قوم كانوا على خير وطاعة قبل رمضان فلما جاء رمضان كانوا على نشاط واجتهاد في العبادة: قراءة قرآن،صيام، قيام، ذكر، صلة الأرحام، صلاة في المسجد، صلاة الفجر، تحري للحلال ولكل ما يرضي الله عز وجل. فإذا ذهب رمضان يتألمون على فراقه لأنهم ذاقوا حلاوة العافية فهانت عليهم مرارة الصبر، لأنهم عرفوا حقيقة ذواتهم وضعفها وفقرها إلى مولاها وطاعته، لأنهم صاموا حقاً وقاموا شوقاً، فلوداع رمضان دموعهم تتدفق، وقلوبهم تشفق، وهؤلاء القوم علموا ألا مستراح لهم إلا تحت شجرة الخلد وملك لا يبلى في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وتأكدوا أن الصالحات ليست حكرا على شهر من الشهور أو وقت من الأوقات. فعيشتهم بين الخوف وبين الرجاء حالهم كما قال الله عز وجل ﴿ إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ [المؤمنون: 57-1). أي: هم مع إحسانهم وإيمانهم وعملهم الصالح، مشفقون من الله خائفون منه، وجلون من مكره بهم. كما قال الحسن البصري: إن المؤمن جمع إحسانا وشفقة، وإن المنافق جمع إساءة وأمنًا. أي: يعطون العطاء وهم خائفون ألا يتقبل منهم، لخوفهم أن يكونوا قد قصروا في القيام بشروط الإعطاء. وهذا من باب الإشفاق والاحتياط، تفسير ابن كثير رضي الله عنه. والمعنى الذين هم من خشية ربهم دائمون في طاعته، جادون في طلب مرضاته. والتحقيق أن من بلغ في الخشية إلى حد الإشفاق وهو كمال الخشية، كان في نهاية الخوف من سخط الله عاجلاً، ومن عقابه آجلاً، فكان في نهاية الاحتراز عن المعاصي. ﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا ءاتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ أن يؤدي ذلك على وجل من تقصيره، فيكون مبالغاً في توفيته حقه، فأما إذا قرىء ﴿ والذين يَأْتُونَ مَا أتَواْ ﴾ فالقول فيه أظهر، إذ المراد بذلك أي شيء أتوه وفعلوه من تحرز عن معصية وإقدام على إيمان وعمل، فإنهم يقدمون عليه مع الوجل، ثم إنه سبحانه بين علة ذلك الوجل وهي علمهم بأنهم إلى ربهم راجعون، أي للمجازاة والمساءلة ونشر الصحف وتتبع الأعمال، وأن هناك لا تنفع الندامة، فليس إلا الحكم القاطع من جهة مالك الملك. ثم إنه سبحانه لما ذكر هذه الصفات للمؤمنين المخلصين قال بعده: ﴿ أُوْلَئِكَ يسارعون فِى الخيرات ﴾ وفيه وجهان: أحدهما: أن المراد يرغبون في الطاعات أشد الرغبة فيبادرونها لئلا تفوت عن وقتها ولكيلا تفوتهم دون الاحترام. والثاني: أنهم يتعجلون في الدنيا أنواع النفع ووجوه الإكرام، كما قال: ﴿ فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 148]. ﴿ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [العنكبوت: 27] لأنهم إذا سورع لهم بها فقد سارعوا في نيلها وتعجلوها، وهذا الوجه أحسن طباقاً للآية المتقدمة، لأن فيه إثبات ما نفي عن الكفار للمؤمنين. تفسير الرازي. ويقول صاحب الظلال في ظلاله هذا الدرس في السورة يبدأ بتصوير حال الناس بعد أمة الرسل تلك الحال التي جاء الرسول الأخير فوجدهم عليها. مختلفين متنازعين حول الحقيقة الواحدة التي جاءهم بها الرسل من قبل جميعاً. ويصور غفلتهم عن الحق الذي جاءهم به خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم والغمرة التي تذهلهم عن عاقبة ما هم فيه. بينما المؤمنون يعبدون الله، ويعملون الصالحات، وهم مع هذا خائفون من العاقبة، وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون.. فتتقابل صورة اليقظة والحذر في النفس المؤمنة، وصورة الغمرة والغفلة في النفس الكافرة. ومن هنا يبدو أثر الإيمان في القلب، من الحساسية والإرهاف والتحرج، والتطلع إلى الكمال. وحساب العواقب. مهما ينهض بالواجبات والتكاليف. فهؤلاء المؤمنون يشفقون من ربهم خشية وتقوى؛ وهم يؤمنون بآياته، ولا يشركون به. وهم ينهضون بتكاليفهم وواجباتهم. وهم يأتون من الطاعات ما استطاعوا.. ولكنهم بعد هذا كله: ﴿ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ﴾ لإحساسهم بالتقصير في جانب الله، بعد أن بذلوا ما في طوقهم، وهو في نظرهم قليل. إن قلب المؤمن يستشعر يد الله عليه. ويحس آلاءه في كل نفس وكل نبضة.. ومن ثم يستصغر كل عباداته، ويستقل كل طاعاته، إلى جانب آلاء الله ونعمائه. كذلك هو يستشعر بكل ذرة فيه جلال الله وعظمته؛ ويرقب بكل مشاعره يد الله في كل شيء من حوله.. ومن ثم يشعر بالهيبة، ويشعر بالوجل، ويشفق أن يلقى الله وهو مقصر في حقه، لم يوفه حقه عبادة وطاعة ولم يقارب أياديه عليه معرفة وشكراً. وهؤلاء هم الذين يسارعون في الخيرات، وهم الذين يسبقون لها فينالونها في الطليعة، بهذه اليقظة، وبهذا التطلع، وبهذا العمل، وبهذه الطاعة. لا أولئك الذين يعيشون في غمرة ويحسبون لغفلتهم أنهم مقصودون بالنعمة، مرادون بالخير، كالصيد الغافل يستدرج إلى مصرعه بالطعم المغري. ومثل هذا الطير في الناس كثير، يغمرهم الرخاء، وتشغلهم النعمة، ويطغيهم الغنى، ويلهيهم الغرور، حتى يلاقوا المصير! يتبع |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
وسائل الإعلام الرائي (التلفزيون) د. فهمي قطب الدين النجار وبعد، ما العمل؟ ها نحن قد عرفْنا هذه الوسيلة الخَطيرة، واطَّلعنا على آراء علماء النفس والاجتِماع والإعلام فيها، وقد ازدادت هذه الوسيلة خطورةً وشرًّا عندما انتقل البثُّ عن طريق الأقمار الصناعيَّة، ودخل الحدود بدون رقابة ولا حِراسة. وإن تَسارُع ازدياد القنوات الفضائية ذو وتيرة مُقلِقة لكل الخيِّرين والمُصلِحين في العالم الإسلامي، فقبل سنتَين لم يكن هناك في أي بلد عربي سوى قناة أو قناتين محليتَين. أما الآن، ماذا نجد؟ عشرات القنوات الفضائية الموجَّهة نحو المنطقة العربية، ويُخطَّط لتأسيس قنوات فضائية جديدة، فضلاً عن تلفزيون العرب الذي بدأ بثَّه التجريبيَّ من إيطاليا، الذي سيُنافس القناة المصرية وتلفزيون الشرق الأوسط، وكذلك (التلفزيون البريطاني) (بي.بي.سي) الذي بدأ ببثِّ برامجه العربية، وهذا (سيَزيد الطين بِلَّة)؛ كما يقول المثل بأخباره (المُقَولبَة) المُغرِضة كما رأينا عند حديثِنا عن الإذاعة البريطانية. ونسأل بعد ذلك كلِّه: ما العمل؟ مع العلم أن هذه الوسيلة قد دخلَت بيوتَ جميع المسلمين إلا ما نَدَر، إن شئنا أم أبَينا. للإجابة عن هذا السؤال، نحتاج إلى وقفة طويلة نُقدِّم بها بعض الحلول التي يُمكن أن تكون حاضرةً في أذهانِنا جميعًا. • أول هذه الحلول: التقدُّم إلى جهاز الرائي وركله بأقدامنا وكسْره، والخلاص منه، أو عدم إدخاله إلى المنزل منذ البداية. • وثاني الحلول: ترْكه وشأنه، غير مُبالين بما يُقدِّم من خير أو شر كما هو حال كثير من مُسلمي اليوم! • وثالث الحلول: التعامل معه بأسلوب صارم وبحزْم للوقاية - ولو قليلاً - من شرِّه، والاستفادة مِن خيرِه. • ورابع الحلول: أسلمَة هذا الجِهاز وتحويله إلى وسيلة خير، بعد أن كان وسيلة شرٍّ. وإن الحلَّ الرابع، هو الحل الأمثل والواقعي؛ حيث يمكن الاستِفادة من الرائي، باعتباره وسيلة تقنية مهمَّة، لها أثرُها في جميع المجالات الإعلامية والعِلمية، وحتى الصناعية والتجارية، وضرره ليس بذاته ومادته؛ وإنما بما يُقدَّم فيه من شرٍّ، أما إذا قدَّم الخير، فوجوده أفضل من عدمه، وأقصد بأسلمة الجهاز - إن صحَّ التعبير - أن يكون القائمون عليه مِن المُسلمين المُخلِصين، فيُعبِّر عن تصوُّر دولة مُسلمة وأمة مُسلِمة، وتكون قضيته الأولى الدعوة إلى الله، وزيادة الوعي العِلمي والثقافي والتاريخي لدى جماهير المُسلِمين. والدعوة إلى الله، لا تَقتصِر على وسيلة واحدة، بل يَجب استِخدام كل وسيلة؛ مثل القصَّة والحوار، والمشاهِد الجميلة لآيات الله في الأرض والسماء والبِحار؛ قال تعالى: ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ﴾ [فصلت: 53]. وكثير مِن الدعوات الهدامة الآن يُلبِسونها الثوبَ الجَميل، والألوان البراقة؛ فيَنخدِع بها الناس، ويؤمنون بها، فمِن الأحرى أن يُقدَّم الإسلام بأسلوب جذاب وبكلمة طيبة لا مُنفِّرة؛ ﴿ وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ ﴾ [الحج: 24]. هذا هو الحل الذي تتطلَّع إليه جماهير الصحوة الإسلامية الفتيَّة في كل البلاد العربية والإسلامية - بلهفة وشوق - طالبة الإسراع فيه لإنقاذ أجيال المسلمين مِن الضياع والبُعد عن طريقِ الله. وحتى يتحقَّق هذا الأمل - بإذن الله - لا بدَّ مِن قَبُول الحل الثالث الذي يتضمَّن التعامل مع هذا الجهاز بصرامة وحزْم، حاثًّا الآباء والأمهات وجميع الرعاة في المجتمع على الاهتمام بالأبناء والبنات الصِّغار منهم والشباب، وأذكِّرهم بقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ﴾ [التحريم: 6]، وبقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته))؛ متفق عليه. يتبع |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
رمضان ولى.. فماذا بعد؟! أبو أنس عبدالوهاب عمارة تلك اليقظة التي يفرضها الإسلام على قلب المسلم. والتي يستجيشها الإيمان بمجرد استقراره في القلوب.. ليست أمراً فوق الطاقة، وليست تكليفاً فوق الاستطاعة. إنما هي الحساسية الناشئة من الشعور بالله والاتصال به؛ ومراقبته في السر والعلن؛ وهي في حدود الطاقة الإنسانية، حين يشرق فيها ذلك النور الوضيء: ﴿ وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [المؤمنون: 62]. ولقد شرع الله التكاليف وفق ما يعلم من استعداد النفوس؛ وهو محاسبهم وفق ما يعملونه في حدود الطاقة، لا يظلمون بتحميلهم ما لا يطيقون؛ ولا ببخسهم شيئاً مما يعملون، وكل ما يعملونه محسوب في سجل ﴿ يَنطِقُ بِالْحَقِّ ﴾ ويبرزه ظاهراً غير منقوص. والله خير الحاسبين. إنما يغفُل الغافلون لأن قلوبهم في غمرة عن الحق، لم يمسسها نوره المحيي، لانشغالها عنه، واندفاعها في التيه؛ حتى تفيق على الهول، لتلقى العذاب الأليم، وتلقى معه التوبيخ والتحقير: ﴿ بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِّنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِن دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ * حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِم بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ * لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُم مِّنَّا لَا تُنصَرُونَ * قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ * مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ ﴾ [المؤمنون: 63-67]. فعلة اندفاعهم فيما هم فيه ليست هي تكليفهم بما هو فوق الطاقة؛ إنما العلة أن قلوبهم في غمرة، لا ترى الحق الذي جاء به القرآن، وأنهم مندفعون في طريق آخر غير النهج الذي جاء به: ﴿ وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِن دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ ﴾.. في ظلال القرآن. وقال صاحب الوسيط قرأ القراء السبعة ﴿ يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ ﴾ بالمد، على أنه من الإتيان بمعنى الإعطاء، والوجل: استشعار الخوف. يقال: وَجِل فلان وَجَلاً فهو واجل، إذا خاف، أى: يعطون ما يعطون من الصدقات وغيرها من ألوان البر، ومع ذلك فإن قلوبهم خائفة أن لا يقبل منهم هذا العطاء، لأي سبب من الأسباب فهم كما قال بعض الصالحين: لقد أدركنا أقواماً كانوا من حسناتهم أن ترد عليهم، أشفق منكم على سيئاتكم أن تعذبوا عليها. وقد قرأ آخرون:﴿ والذين يُؤْتُونَ مَآ أتَواْ.. ﴾ من الإتيان. أي: يفعلون ما فعلوا وهم خائفون ثم ختم - سبحانه - هذه الآيات الكريمة المشتملة على صفات المؤمنين الصادقين، ببيان أن هذه الصفات الجليلة لم تكلف أصحابها فوق طاقتهم، لأن الإيمان الحق إذا خالطت بشاشته القلوب يجعلها لا تحس بالمشقة عند فعل الطاعات، وإنما يجعلها تحس بالرضا والسعادة والإقدام على فعل الخير بدون تردد، فقال - تعالى - ﴿ وَلاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا.. ﴾. أى: وقد جرت سنتنا فيما شرعناه لعبادنا من تشريعات، أننا لا نكلف نفساً من النفوس إلا فى حدود طاقتها وقدرتها. الوسيط لسيد طنطاوي. روى الترمذي وابن ماجة وأحمد وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في نعت الخائفين وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان وصححه الألباني أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ هَذِهِ الآيَةِ ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ قَالَتْ عَائِشَةُ أَهُمُ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ قَالَ "لاَ يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لاَ يُقْبَلَ مِنْهُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِى الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ". وحالهم حال إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام: فقد أمر بترك رضيعه الوحيد مع أمه في صحراء وأمر ببناء البيت فبناه على أكمل وجه حتى أتي بحجر فصعد عليه ليعلو البناء ويكون أليق في تقديمه لله شكرا وعرفانا. بعد كل هذا لم يخطر في خلده أنه فعل عظيما أو كبيرا من الأمور فيَمُنّ به فيقول أنا فعلت وفعلت بل بعد الفراغ من بناء البيت على أكمل وجه وأتمه يتمنى على الله القبول ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 127-128] هما في عمل صالح، وهما يسألان الله تعالى أن يتقبل منهما. كما روى ابن أبي حاتم من حديث مُحَمَّدٍ بْنِ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ الْمَكِيِّ، عَنْ وُهَيْبِ بْنِ الْوَرْدِ، قَالَ: قَرَأَ ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ﴾ زَادَ ابْنُ خُنَيْسٍ فِي حَدِيثِهِ، ثُمَّ يَبْكِي، فَقَالَ وُهَيْبٌ: يَا خَلِيلَ الرَّحْمَنِ تَرْفَعُ قَوَائِمَ بَيْتِ الرَّحْمَنِ وَأَنْتَ مُشْفِقٌ أَنْ لا يَقْبَلَ مِنْكَ". تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة و التابعين لابن أبي حاتم.وهو في عند البخاري. (قال بعض أصحب الخواطر: وجل العارف من طاعته أكثر من وجِلِه من مخالفته لأن المخالفة تمحوها التوبة، والطاعة يطالب بصحتها والإخلاص والصدق فيها) تفسير السلمي وهو حقائق التفسير. ويقول الرازي: وقال العارفون:فرق بين القبول والتقبل فإن التقبل أن يتكلف الإنسان في قبوله وذلك إنما يكون حيث يكون العمل ناقصاً لا يستحق أن يقبل فهذا اعتراف منهما بالتقصير في العمل، واعتراف بالعجز والانكسار. إنهم بعد أن أتوا بتلك العبادة مخلصين تضرعوا إلى الله تعالى في قبولها وطلبوا الثواب عليها وأيضاً فلم يكن المقصود إعطاء الثواب عليه، لأن كون الفعل واقعاً موقع القبول من المخدوم ألذ عند الخادم العاقل من إعطاء الثواب عليه ﴿ إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ كأنه يقول: تسمع دعاءنا وتضرعنا، وتعلم ما في قلبنا من الإخلاص وترك الالتفات إلى أحد سواك. تفسير الرازي. يتبع |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
وسائل الإعلام الرائي (التلفزيون) د. فهمي قطب الدين النجار • ومن الرعاية للأبناء والأجيال القادمة الاهتمام الجِدِّي بهذه الوسيلة الخطيرة - إن وُجِدت - في بيوتهم، والتعامل معها بحزم لا هوادة فيه، وبالأسلوب الحكيم والتربوي، الذي لا ينقلب إلى ضده، فيُنفِّر الأبناء مِن آبائهم وأمهاتهم، مع مراعاة النقاط التالية: 1- تعويد الأطفال منذ الصِّغر على النوم المُبكِّر ليلاً، وهذا يَستدعي قفل الجهاز في ساعة معيَّنة مهما كانت البرامج التي تُقدَّم فيه. 2- تعويد الأطفال على عدم الجُلوس الطويل أمام الشاشة الصغيرة، وانتِقاء البرامج لهم. 3- تعريف الأبناء بأن الواجبات الدينيَّة، أهم مِن أي أمر آخَر، فلا يَشغَلهم الرائي عن الصلاة مثلاً، وكذلك الواجبات التعليميَّة، فلا يشغلهم عن أداء واجباتهم المدرسية. 4- تعليم الأبناء منذ صغرهم بالحلال والحرام، والخير والشر؛ حتى يستطيعوا أن يُميِّزوا ما يُعرَض عليهم في وسائل الإعلام جميعًا - ومنها الرائي - من خير أو شرٍّ، ويَزِنوا جميع الأمور بميزان الإسلام. 5- يَحرِص الأب أن يكون موجودًا - بقدر الإمكان - مع أبنائه، وإلا حلَّت الأم محله، وخاصة أثناء عرض بعض البرامج التي ظاهرها جيِّد، إلا أنها تَدُسُّ السمَّ في الدسم، فيَعترِض الأب أو الأم على كل موقف أو مشهد يَتعارَض مع الإسلام، ويُبيِّن موقف الإسلام منه، مثل: (سفور المرأة، والاختلاط، أو لَعِب الميسر، أو شرب الخمر)، مما يتخلَّل المسلسل أو الفيلم السينمائي، وموقف الأبوَين هذا يُرسخ في ذهن الطفل هذه المفاهيم، فيبدأ بعد ذلك الحكم بنفسه على ما يراه، ويُخفِّف كثيرًا من مضارِّ ما يُشاهِد. 6- يُعوِّد الأبوان أبناءهما على عدم سماع الأغاني الرخيصة للرجال والنساء والموسيقا، وذلك منذ الصغر، ويُكلِّفونهم بقفل الجهاز إن عرض ذلك، وحتى الموسيقا التصويرية التي تتخلَّل بعض المشاهد، فيَنخفِض صوتها، وخاصة أن هذا الأمر مُتيسِّر بواسطة الجهاز المرافق للرائي، والذي يُستعَمل عن بعد لاسلكيًّا، فإن تعوَّد الأبناء على هذا، فإنهم سيتصرَّفون بهذه الطريقة ولو غاب الأبوان عنهم. 7- يُنمِّي الأبوان في أبنائهما وبناتهما الهوايات المُفيدة؛ بحيث يشغلون فراغهم، فيَنصِرفون عن التليفزيون في أثناء ذلك، مِثل المطالعة للقَصص الدينيَّة المفيدة، أو إشراكهم في المراكز الثقافية، أو الاجتماعية، أو مراكز تحفيظ القرآن الكريم. 8- يُروِّح الأبوان عن أبنائهما أثناء الإجازات الأسبوعيَّة، فيَخرُجون معهم إلى النزهات؛ بحيث يَقضي الجميع وقتًا ما خارج المنزل، مع عدم إخراج جهاز الرائي معهم، كما هي عادة بعض الآباء الجَهَلة. 9- يعرف الآباء أبناءهم بأن أكثر البرامج في الرائي، وخاصةً المُسلسَلات والأفلام وحتى أفلام الرسوم المُتحرِّكة (الكارتون)، مصدرها الدول الأجنبية والتي أكثرها معادية للإسلام وللمسلمين، ولا تُريد خيرَهم أبدًا، وهدفها إفساد المسلمين في أخلاقهم، وإبعادهم عن دينِهم؛ حتى يبقوا تحت سيطرتهم وطغيانهم، مع إعلامهم أن اليهودية العالمية هي التي تُسيطر على جميع وسائل الإعلام والوكالات في الغرب؛ لذلك لا تُقدِّم لنا إلا الشر، ولكن بلباس برَّاق جميل. هذه بعض النقاط التي أرى أن يُراعيَها رعاة المسلمين اليوم، وأقصد الآباء منهم، ولا شك أن الآباء الواعين عندهم أكثر من وسيلة لفائدة أبنائهم، وما هذه إلا ذكرى لعلها تنفَع المؤمنين. [1] ارجع إلى كتاب "أربع مناقشات لإلغاء التلفزيون"؛ تأليف: جيري ماندر، ترجمة سعيد منيمنة، نشر دار الكلمة الطيبة، ط 1 1410هـ - 1990م (ص: 340)، وجيري ماندر إعلامي أمريكي قضى خمسة عشر عامًا مدير دعاية وعلاقات عامة، وقد عرَف بخبرته الطويلة خطر التلفزيون على الجنس البشري، وألف كتابه هذا لبيان هذا الخطر. [2] المرجع السابق (ص: 210). [3] المرجع السابق. [4] المرجع السابق. (ص: 97) و(ص: 341). [5] كتاب التلفزيون والطفل لمجموعة من المواطنين الغربيين (2: 8) مؤسَّسة سجل العرب 1967م. [6] الإعلام الإذاعي والتلفزيوني؛ الدكتور إبراهيم إمام، من صفحة 241. [7] المرجع السابق (ص: 245). [8] المرجع السابق (ص: 247 - 248). [9] المرجع السابق (ص: 238). [10] المرجع السابق (ص: 233). [11] الآثار النفسيَّة والاجتماعيَّة للتلفزيون العربي؛ د. عبدالرحمن عيسوي (ص: 114). [12] ارجع إلى كتاب "أربع مناقشات لإلغاء التلفزيون"؛ (مرجع سابق) (ص: 169). [13] المرجع السابق (ص: 208). [14] الإعلام الإذاعي والتلفزيوني؛ الدكتور إبراهيم إمام (ص: 241 - 242). |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
رمضان .. موسم التوبة إلى الله هناء محمد قال - تعالى -: ( يا أيُّها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلَّكم تتقون) . والتقوى كما قال الإمام علي - رضي الله عنه - هي "الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والاستعداد ليوم الرحيل". ولعلّ كلّ منا يسأل نفسه هل حقاً تاب وأناب إلى ربه في هذا الشهر الكريم، هل قطف ثمرة الصوم وأصبح من المتقين، هل استعد ليوم الرحيل؟ وبالمثال يتضح المقال: ذكر أحد الدعاة ذلك فقال: "إنَّ أحدنا إذا كانت له قضية، وجاءه إعلان من المحكمة بموعد الجلسة، فإنَّه يشتغل بأمر هذه القضية، فلا يغيب لحظة عن باله، يستشير أهل العقول الناضجة، ويشرع في إعداد المستندات وتوكيل المحامي واختيار الشهود، فإذا كان يوم الجلسة، مضى إليها وهو منفعل بشتَّى الأحاسيس، كل هذا وقد يحكم عليه ـ إذا حكم عليه ـ بغرامة مالية، أو سجن شهور، أو سنوات، فإذا حكم عليه كان أمامه فرصة يرفع فيها أمره إلى محكمة أعلى، ثمَّ التي تليها، مع هذه الفرصة تراه يوم الجلسة كثير الوساوس والمخاوف، ثم يقول: "يا أخي إذا كان حالك في هذه القضية التافهة على ما نرى، فكيف وأنت مدعو إلى قضية كبرى، إعلان الدعوة فيها القرآن الكريم، والذي يعلنك بالمحاكمة هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وموعد الجلسة يوم الفصل، ومكانها الساهرة ( فإنَّما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة ) والقاضي ليس بشراً من البشر، بل هو رب العزة والجبروت، قهار السموات والأراضين، وشهودك منك وعليك، وهم لسانك ويداك ورجلاك وجلدك، والحكم أخير لا نقض فيه ولا إبرام؛ لأنَّه حكم القاضي الذي لا يضل ولا ينسى، ولا غرامة هنا ولا إيقاف تنفيذ، وإنَّما نار وقودها النَّاس والحجارة، أو جنَّة عرضها السموات والأرض". وإذا كانت كلّ الأيام والشهور تصلح أن تكون بداية للتوبة وبداية الطريق القويم فإنَّ رمضان يقدم زاداً خاصاً للتائبين، فهو يأتي حاملاً الخير والبركة والطاعة، يأتي رمضان ليغيِّر النفوس والقلوب فيجعلها في طاعة الله تدور في فلكه، مسبحة ومستغفرة ومهللة، راجية من الله أن يتقبَّل صيامها وقيامها. فالصيام عبادة تربوية يصل بها الإنسان إلى مرتبة التقوى ويخلص نفسه من علائق الدنيا، ومع قدوم رمضان تحدث تغيرات في الكون لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وأغلقت أبواب النَّار، وصفدت الشياطين، ونادى مناد من قبل الحق يا باغي الحق أقبل، ويا باغي الشر أقصر". هذه التغيرات الكونية يجب أن يقابلها تغيرات في النفس البشرية، فتصبح أصفى وأقوم وأتقى وأنقى وأقرب إلى الله ليكون رمضان شهر ارتحال إلى الطاعة والعبادة، شهراً نبحر فيه في رحلة إلى الله، لعلَّها تكون رحلة ذهاب بلا عودة إلى أرض المعاصي والذنوب. كيف يكون رمضان هذه الرحلة العلوية الرائعة رحلة التوبة إلى الله؟ يجيب الدكتور محمد أحمد المسير ـ أستاذ العقيدة الإسلامية ـ: شهر رمضان هو شهر القرآن، ولذلك فإنَّ المسلمين فرادى وجماعات مطالبون باغتنام الفرصة لتأكيد العهد مع الله - سبحانه وتعالى - وتجديد التوبة والاستقامة على منهج الحق. أمَّا إذا ضاع علينا الشهر الكريم في المأكل والمشرب، واللهو الرخيص، والإعلام الهابط فقط خسرنا وفرَّطنا في المصالحة مع الله، وأوجدنا للشيطان سبيلاً للسيطرة علينا، وبذلك نكون قد اتبعنا خطوات الشيطان وأغلقنا عيوننا دون النور. ويُشير د. المسير إلى أنَّ هذا الشهر فرصة للوقوف مع النفس، فهذا من شأن العاقل الذي يجعل من رمضان محطة يقف فيها مع نفسه يحاسبها ويقوِّمها. فالعبادة ليست في رمضان فقط، بل إنَّ العبادات هي عمل المسلم مدى الحياة لقوله - تعالى -: ]قُل إنَّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين[. وعن تقويم الإنسان نفسه بعد رمضان يقول د. المسير: إنَّ من بركة الحسنة الحسنة بعدها، ومن شؤم المعصية المعصية بعدها، فإذا استمرت طاعتنا وعبادتنا بذات المستوى بعد رمضان فهذا دليل على أننا استفدنا ونجحنا في هذا الشهر، أمَّا إذا كانت عبادتنا في رمضان وقتية وموسمية أو عبادة عابر سبيل ثمَّ انقطعت بعده فهذا دليل على أنَّ الطاعة لن تطول. دليل للتقويم ويؤكد هذه المعاني د. عبدالحي الفرماوي ـ الأستاذ بكلية أصول الدين ـ فيقول: إنَّ هذا الشهر الكريم يمكن أن يجعله المسلم شهر تقويم وتقييم، تقويم للسلوكيات والعبادات، وتقييم لها بعد تقويم الاعوجاج والالتواء في النفس. إنَّ رسالة الصوم حينما جاء بها محمَّد - صلى الله عليه وسلم - كان معها دليل التقييم والتقويم للنَّاس كافة أفراداً وجماعات وشعوباً وحكومات. إنَّ شهر رمضان عودة لتقوية النفس، وتدريبها على الصبر في أداء الطاعات، وتجنب المخالفات والصدق في التوكل على الله والاستعانة به ومراقبته في السر والعلن، ودعوة للحرية عن طريق التخلص من الشهوات والعبودية لها، واكتساب القوة وامتلاك أدواتها عن طريق التخلص من صور الضعف. مسؤولية جماعية ويشير د. يحيى إسماعيل ـ أستاذ الحديث ـ إلى أنَّ تربية النفس في هذا الشهر تتطلَّب عزيمة قوية ونية خالصة، والعزيمة القوية هي مناط التكليف، يقول الله - تعالى -: ]لله ما في السموات وما في الأرض، وإن تبدو ما في أنفسكم أو تخفوه يُحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذِّب من يشاء[. فعلى المسلم أن يستجمع عزيمته ويخلص نيته على أن يكون في شهر هذا العام أفضل ممَّا كان عليه في العام الماضي، وفي الحديث الشريف: "إنَّ الله كتب الحسنات والسيئات فمن همَّ بحسنة ولم يفعلها كُتبت له حسنة كاملة" إذن فمجرَّد الهم بالخير يثيب الله عليه. ويؤكد د. اليحيى أنَّ الطاعة في رمضان وتربية النفوس مسؤولية منوطة بالجميع، بالأفراد والدولة والأنظمة. ويشير د. عبدالستار فتح الله أستاذ التفسير إلى أنَّه ينبغي أن تكون العودة إلى الله في رمضان فردية وجماعية، فالعبادات في الإسلام تكليف فردي وتطبيق جماعي كالصلاة والصوم والزكاة وغيرها من العبادات، فهي فرض عين على كلّ مسلم بشروطها لكن أداءها يتم غالباً في نطاق الجماعة، فهي ليست عودة فردية، والإنسان الذي يعتزل فيه للعبادة لا يكون تصرفه صحيحاً أبداً. تجارب عملية بين الأزقة وفي شوارع القدس العتيقة، ينتهي بنا المطاف في (حارة السعدية) في البلدة القديمة التي تبعد مئات الأمتار عن المسجد الأقصى حيث منزل (محمَّد الاسطة الحلواني42 عاماً) وقد وضع على رأسه عمامة ولبس ثوباً أبيض. الشيخ محمَّد كما يسميه جيرانه، سعيد جداً أن هداه الله للإيمان وأصبح يصلي ويصوم ولا يضيع فرضاً.. بل يلتزم الصلوات جميعها في الأقصى المبارك، ونسى عشرين عاماً قضاها تاجراً للمخدرات والأفيون، يبيعها للشباب المراهق بين أزقة هذه المدينة المقدَّسة وحاراتها ومقاماتها التاريخية، بعد أن يشتريها من التجار اليهود فيصبح الشبان أسرى لنزوات هذا الداء الخبيث، باع بعضهم ملابسه ليشتري قطعة أفيون كما قال لنا "الشيخ محمَّد". كيف أصبح "محمد الاسطة الحلواني" شيخاً يصلي بعد أن هداه الله للإيمان، سألناه في ذلك فبكى وسالت دموعه ثمَّ قال: إنَّها قصة طويلة بدأت في إحدى ليالي رمضان المبارك، وبالتحديد في ليلة السابع والعشرين من رمضان عام 1407هـ كنت على موعد مع أحد تجار المخدرات، أنتظره في أحد أزقة مدينة القدس بالقرب من المسجد الأقصى، الناس يتقاطرون نساء ورجالاً شيوخاً وأطفالاً كلهم يلبسون الملابس البيضاء متوجهين إلى المسجد الأقصى لإحياء ليلة القدر، أنظر إليهم وأنا في حيرة، نفسي تحدثني أن أدخل معهم وأغسل ذنوبي، لكن الشيطان يصارعني من الداخل ويوسوس لي: الآن تصل (الصفقة) وتربح (5000) دولار، نفسي تحدثني بالدخول إلى المسجد والشيطان يقول لي وهل سيغفر الله لـ(حشَّاش) ومفسد في الأرض، فجأة توقف (محمد الأسطة) وتنفس الصعداء، قلت: أكمل، قال: انطلقت مهرولاً نحو المنزل بعد أن اتخذت قراري، أمي ليست في البيت لا يوجد أحد، دخلت الحمام فاغتسلت وأنا أبكي، (وبدأ يبكي فعلاً) ولبست ملابس نظيفة وارتديت عباءة كانت لوالدي وذهبت إلى المسجد الأقصى، الحلقات العلمية، الدروس، حلقات القرآن كخلايا النحل، حالة غير طبيعية في المسجد، نعم إنَّها ليلة السابع والعشرين من رمضان، بدأت أصلي مع المصلين، وأنا لا أستطيع ضبط ما يقرأ في الصلاة، لكنني لا أعتقد بتاتاً أنني كنت أسعد في حياتي من تلك الليلة المباركة، وأنهيت الصلاة وحملت مصحفاً من أحد الرفوف، وبدأت أقرأ في القرآن بصعوبة بالغة وأنا أضغط على نفسي، نسيت كلّ الصفقات المحرَّمة، وانتهت ليلتي تلك، وفي الصباح اتصل التاجر الذي يبيعني تلك السموم فقلت له أنت مخطئ في رقم الهاتف، عندها حضر إلى المنزل، فلم يجدني وقالوا له إنَّ (محمَّد) في المسجد فذهب هذا التاجر ولم يعد. "محمد الأسطة الحلواني" يعمل الآن في صناعة العطور التي لا يدخلها كحول، ويصنع تحفاً إسلامية يحملها في صندوق ويبيعها للمصلين قرب باب المسجد، قلت له: هل يدرّ عليك هذا النوع من التجارة دخلاً كبيراً؟ قال: لا ولكنه رغم قلَّته فيه بركة وأنا أستمتع بهذه الدريهمات أكثر من آلاف الدولارات التي كانت تأتيني من الحرام وتذهب أدراج الرياح. وأصبح محمد من رجال الدعوة يطوف المدن والقرى ويذهب مع جماعة (التبليغ والدعوة) إلى باكستان وشمالي إفريقيا وغيرها من البلدان، يدعو إلى الله ويحدِّث النَّاس عن قصَّة هدايته. أمَّا "إبراهيم فرج الله" (38عاماً)، فقد كان أحد أفراد الحزب الشيوعي الفلسطيني عندما كان عمره آنذاك (23 عاماً). في أحد أيام شهر رمضان من عام 1405هـ للهجرة كان ابراهيم يراقب احتفالاً في قريته (إذنا) قضاء الخليل جنوبي فلسطين، أقامه أنصار الصحوة الإسلامية احتفالاً برمضان، وقد كان من ضمن فقرات الاحتفال مسرحية إسلامية هادفة، تروي قصة شاب شيوعي عاد إلى الإسلام. بدأ إبراهيم يراقب المسرحية باهتمام أكثر، حتى وصل إلى فقرة حساسة وهامة وقف فيها الممثل يؤدي دور الشيوعي التائب إلى الله وهو يدعو الله بحرقة أن يغفر له وأن يحرم جسده على النار، وأن يتقبله في هذا الشهر، وبدأ هذا الممثل من حرارة المشهد يبكي فعلاً. "إبراهيم فرج الله" الشاب الشيوعي الذي يراقب المشهد، والذي يعرفه أبناء بلدته بأنَّه شيوعي فعلاً، وقف في وسط جمهور المشاهدين يصرخ ويقول: تبت إلى الله، تبت إلى الله، فأحاطه الجمهور واحتضنوه وهدؤوا من روعه، وبدأ أحد الشباب المسلم يحدثه عن عظمة الإسلام ورحمة الله وأنَّ الله سيقبله تائباً، وأصبح إبراهيم واحداً من الشباب المسلم المواظب على مسجد البلدة، وعندما انطلقت الانتفاضة ساهم إبراهيم مع إخوانه المجاهدين في مقارعة الاحتلال، ونهاية عام 1992م أُبعد "إبراهيم" مع إخوانه المبعدين إلى مرج الزهور في الجنوب اللبناني. وعند سؤالنا لإبراهيم عن هذا الانقلاب في حياته قال: لقد ولدت فعلاً يوم أن هداني الله للإيمان في شهر رمضان المبارك من عام 1405هـ للهجرة، عندها وجدت نفسي وأدركت أني إنسان حقيقي. الناس في ضلالتهم هائمون وسنأثم إن لم نقم بهدايتهم، نعم لقد اقتنعت بعد هدايتي إلى الله أنَّ هناك أناساً كثيرين من الدعاة سيُسألون أمام الله عن تقصيرهم تجاهي وتجاه غيري لو لم يقوموا بدعوتهم وهدايتهم. وهكذا أصبح "إبراهيم فرج" الشيوعي السابق داعية مسلماً، فلقد كان يقف خطيباً ومدرِّساً في سجن النقب ومجدو الإسرائيلي أيام اعتقالاته في الانتفاضة، يخطب النَّاس ويعظهم. ولعلّ عبدالله نمر درويش أحد القيادات البارزة في الحركة الإسلامية في فلسطين في المنطقة المحتلة عام 1948م مثال حقيقي آخر على قوافل إيمانية كتب لها الهداية في شهر رمضان. الشيخ عبدالله نمر درويش كان عضواً فعالاً في الحزب الشيوعي الإسرائيلي (راكاح) في منتصف السبعينات وكان قيادياً بارزاً ينكر أنَّ هناك ديناً وعبادة وجنة وناراً، في أحد أيام شهر رمضان المبارك دخل عبدالله البيت فوجد أمَّه تتناول طعام الإفطار في رمضان فقال لها: ماذا تفعلين؟ فقالت له: أفطر، فقال لها: أما زلت حتى هذه اللحظة تخرفين وتؤمنين بأنَّ هناك جنة ونار؟! وضرب صحن الطعام الذي تأكل منه أمه بقدمه، فانكفأ على وجهه، فقالت له الأم الحزينة: (شلّ الله يدك) ونام عبدالله في ليلته تلك حتى استيقظ مشلول اليد!! كما يروي هو. وكان هذا الحادث نقطة تحول في هذا حياة هذا الرجل الذي أعلن التوبة إلى الله في شهر رمضان وأصبح يقارع الشيوعيين ويقدم الحجة على بطلان دعوتهم. وبرز الشيخ عبدالله نمر درويش، داعية مشهوراً في فلسطين وبخاصة في المنطقة المحتلة عام 1948م. فرصة لا تعوض. إن رمضان شهرٌ عظيم، ترق فيه القلوب، وتسكن الأنفس فشياطين الجن مصفدة، وقد ثابت الأرواح وهدأت من وساوسها، فلعلها فرصة عظيمة نغتنمها نراجع أعمالنا ونزداد في عبادتنا. إن النفس إذا أرغمتها على ما تكره، لم يكن إلا أن توافقك عليه إذا رأت عزماً وشدة منك لا رجعة فيها، تلك هي النفوس، تشب على حب الفطام وإن تفطمها تنفطم.. ومن فاته أن يبلغ من رمضان ما كان يأمله فحري به أن يجتهد في عشره الأواخر فقد كان النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - يشد مئزره في هذه العشر ويعتكف ويجتهد في عبادته.. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
رمضان .. هل تغير ؟! موقع لها أون لاين أطلَّ علينا هذا الشهر الكريم، وبدأ الناس بالاستعداد له منذ فترة ليست بالقصيرة، الكل يجري ويستبق الزمن ليعد لهذا الشهر الكريم عدته.. ولكن تختلف همم الناس وطموحاتهم في استغلال أوقات هذا الشهر الكريم.. القنوات الفضائية.. أسواق المواد الغذائية.. الأسواق العامة، فالقنوات الفضائية قد نذرت نفسها طوال العام لتنتقي لهذا الشهر المسلسلات والبرامج، وأصبح رمضان ـ للأسف ـ موسماً مهماً لها لعرض الجديد والترويج له، وأسواق المواد الغذائية تتفنن في إغراء الناس بما لذَّ وطاب من المآكل والمشارب، والأسواق العامة لبست أحلى حللها ورصدت الجوائز للمتسوقين ليقضوا ليلهم في تلك الأسواق استعداداً للعيد. وغالب المجتمع يدور في فلك هذا الثلاثي خلال رمضان، ولا يعرف من رمضان إلا موسم الأكلات والمسلسلات ليلاً، والعمل أو الدراسة ثم النوم نهاراً.. ما الذي تغير؟ هل رمضان هو الذي تغيِّر أم نحن؟!! الجواب الأكيد أن الزمان لم يتغير، ولكن الناس هم الذين تغيروا. إنَّ الله - عز وجل - فرض هذا الصيام وجعله أحد أركان الإسلام لحكم عظيمة أجلَّها التقوى.. (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون). فهل من التقوى متابعة القنوات؟ أم التفنن في المأكولات؟ أم التجول في الأسواق والمحلات؟ إنَّ كل يوم يمر لا يرجع، ورمضان إذا مضى لا يعود، وما من أحد إلا سيندم على ما فات إن كان فعل خيراً فيندم إن لم يكن استزاد من الخير، وإن فعل شراً فيندم لم فعله؟ ولمَ لمْ يتب؟ لنحاول أن نجعل من رمضان هذا العام رمضاناً مختلفاً ليكن همنا الأكبر فيه زيادة التقوى لنشعر أبناءنا عظمة الشهر وفضله، ليلمس الجميع فيه معاني الصيام الحقيقية.. إنه فرصة للتغيير... لنغير من واقعنا.. إنَّ رمضان هذا العام هو رمضان في زمن المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، لم يتغير، ولكن نحن الذين تغيرنا "إنَّ الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".. فهل نبدأ رحلة التغيير في حياتنا نحو الأفضل؟! أم يمر علينا رمضان هذا العام كما مرَّ علينا رمضان في الأعوام السابقة؟!! |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
استعد.. لتنطلق.. فتفوز في رمضان هبة بنت أحمد أبو شوشة بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله. إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد: فمع اقتراب رمضان ينتشر في النت ووسائل الاتصال الاجتماعي منشورات أو مقالات أو تغريدات، حول استقبال شهر الخيرات وكيفية الاستعداد له، ومع هذا الانتشار تبدأ حملات النسخ واللصق، وإعادة التوجيه والمشاركة. وهذا أمر محمود وطيب؛ من باب ﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الذاريات: 55]، وأيضًا: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ [المائدة: 2]، ولكن المشكلة أن حظ أغلبنا - إلا من رحم ربي - من تلك المنشورات لا يتعدَّى مرحلة القراءة السريعة، ثم المشاركة وإعادة الإرسال، ولا أبالغ إذا قلت: إن البعض يكسل عن القراءة إذا كانت الرسالة أو المقالة طويلة بعض الشيء. والحصيلة من كل هذا وقتٌ ضائع بلا فائدة! فلا أنت حصَّلت الاستفادة المرجوة، ولا أنت عملتَ بما تقرأ، وتمر أيام شعبان سريعًا ونحن مُلتَهون بتلك المشاركات وإعادة التوجيه، حتى نستيقظ على جملة " كل عام وأنت بخير.. غدًا رمضان"! ونتفاجأ بأن رمضان قد دخل علينا وهلَّ هلالُه ونحن لم نبدأ بعدُ في الاستعداد له كما ينبغي! فتمر علينا أيامُه ولياليه ونحن نحاول أن ننجز ونُجاهد، ولكن نستشعر صعوبة كبيرة ونتساءل: لماذا؟! مشهد (1) هل رأيتَ يومًا فلاحًا يحصد ثماره قبل أن يَحرث الأرض ويبذر البذور في التربة ويسقي أرضه ويُراعيها؟ هذا أمر منافٍ للعقل وللطبيعة.. هكذا رجب وشعبان بالنسبة لرمضان؛ فكما قيل: إن رجب شهر البَذْر، وشعبان شهر السَّقي، ورمضان هو شهر الحصاد. ففيه أحصد ثمرة تعبي وجهدي في شهرين سبَقا. يقول القائل: أتى رمضانُ مزرعةُ العبادِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif لتطهير القلوب من الفسادِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فأدِّ حقوقَه قولاً وفعلاً https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وزادَك فاتخِذْهُ للمَعادِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فمَن زرع الحبوبَ وما سَقاها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif تأوَّه نادمًا يوم الحصادِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif انتبه: شهر رمضان ليس شهر البذر والسقي؛ بل هو شهر حصاد الثمار! مشهد (2) ماذا يحدث للاعب كرة القدم الذي ينزل الملعب بدون تسخين؟ ينزل الملعب بهمَّة وحماس وهو يُمنِّي نفسه بعدة أهداف، فلا يلبث إلا أن يُصاب بشدٍّ عضلي يؤذيه ويجعله يتوقف عن اللعب، ويتم استبدال لاعبٍ آخرَ به. هكذا الحال بالضبط مع من لا يستعد لشهر الخيرات؛ فالبعض يظلُّ يؤجل الاستعداد، ويؤجل، حتى يدخل الشهر، فيبدأ الشهر بهمة عالية؛ صيام، صلاة نوافل، تراويح، قيام ليل... و.. و.. و ثم.. مع مرور أيام الشهر الفضيل يُصاب بالتعب والإرهاق، ويبدأ الإقلال من الطاعات شيئًا فشيئًا، حتى يتوقف تمامًا إلا عن الفرائض، وهذا الأمر مُلاحَظ، ومساجدنا خير دليل على ذلك. فنجد في أول أيام رمضان المساجد تعجُّ بالمصلين، حتى لا يجد المرء مكانًا لقدمه، ثم يبدأ هذا العدد بالتناقص رويدًا رويدًا، ثم إذا كانت الليلة الأخيرة من الشهرلم نجد إلا بعض الصفوف القليلة، ولا حول ولا قوة إلا باللهَ انتبه: شهر رمضان ليس شهر التمرين والتسخين! بل هو شهر الفوز بالأهداف. مشهد (3) حُدد موعد زفافها بعد شهرين، واكتفَت هي بالنظر في المجلاَّت والكاتالوجات؛ تُبدي إعجابها بهذه القطعة، أو تلك، وتَعزم على اقتنائها بدون أن تَقوم بعمل حقيقي لتحقيق رغبتها! وتمر أيامها ولياليها في التمني والتأجيل، حتى يأتي يوم زفافها ولم تستعدَّ بعد! ولمَ العجب؟ هذا ما نفعله نحن تمامًا مع الشهر الفضيل. انتبهي: شهر رمضان ليس شهر التجهيز والاستعداد! بل هو شهر الإنجاز ورؤية النتائج. فكما لا ثمار بدون بذور وسقي، ولا أهداف بدون تسخين وتمرين، ولا عرس بدون تجهيزات - فهكذا رمضان.. فيا مَن يرغب بالفوز في رمضان استعد! قال ابن القيم رحمه الله: حذار حذار من أمرين لهما عواقب سوء: أحدهما: رد الحق لمخالفته هواك؛ فإنك تُعاقَب بتقليب القلب، وردِّ ما يَرد عليك من الحق رأسًا، ولا تقبله إلا إذا برَز في قالب هواك؛ قال الله تعالى: ﴿ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ... ﴾ [الأنعام: 110] الآية. والثاني: التهاون بالأمر إذا حضَر وقته؛ فإنك إن تهاونتَ به ثبَّطَك الله وأقعدك عن مَراضيه وأوامره؛ عقوبةً لك، قال تعالى: ﴿ فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ ﴾ [التوبة: 83]. فمن سَلِم من هاتين الآفتين والبليتين العظيمتين فلْتَهْنِه السلامة"؛ انتهى كلامه رحمه الله تعالى[1]. ومن هنا عُلم أنه لا بد من الاستعداد لشهر رمضان قبل دخوله؛ حتى لا تُعاقَب بالتثبيط عن أفعال الخير، والتخذيل عن زيادة الطاعات في رمضان، وافهم الآية في ضوء هذا الكلام أنَّ كراهية الله انبعاثهم وتثبيطهم كانت نتيجةَ عدم استعدادهم أصلاً، وعدم صدق رغبتهم في ذلك، أما إذا استعد الإنسان للعمل وتجهز لأدائه وأقبل على الله راغبًا إليه؛ فإن الله سبحانه أكرمُ من أن يرد عبدًا أقبل عليه"[2]. وقد يرد سؤال: هل فات الأوان لاستدراك ما فاتني؟ والجواب: لا، إن شاء الله؛ فما زال على رمضان عدة أيام، ولم يفُت الأوان بعد، والفرصة ما زالت سانحة للاستعداد بقوة؛ لجني ثمرات هذا الشهر العظيم؛ بل وربما سبقتَ بصِدق عزيمتك وإخلاصك لله عز وجل مَن استعد قبلَك بشهور! فأبشِر، وابدأ من الآن بقوة وعزيمة وإصرار. كيف أستعد؟ الذكي من يستغلُّ شهر رمضان وغيرَه من المواسم الفاضلة، والشقيُّ من تفوت عليه ولا يَدري أنها حلَّت أو ارتحلت، وإن لله سبحانه في أيام الدهر نفحات فمن تعرَّض لها يوشك أن تصيبه نفحة؛ فلا يَشقى بعدها أبدًا، وشهر رمضان ضيف يحتاج إلى استعداد، وموسمٌ كبير يحتاج إلى ملء الأوقات بذكر ربِّ البريات[3]. 1- التوبة النصوح: أول ما نستعد له هو تجديد التوبة لله عز وجل؛ قال تعالى: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31]. وكان من هَدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه يستغفر ويتوب إلى الله عز وجل في اليوم ما يَقرب من مائة مرة. فإذا سأل سائل: من ماذا أتوب؟ نقول: كل إنسان منَّا يَعلم له ذنبًا يبعده عن الله عز وجل؛ فقد يكون مشاهدة المسلسلات والأفلام هي ما يحول بينك وبين الله عز وجل، وقد يكون النظر للمتبرجات، أو قد تكون أمراضٌ قلبية في نفسك من عُجب أو رياء أو حبٍّ للظهور، وقد يكون تضييع الأوقات على مواقع التواصل الاجتماعي؛ كالفيس بوك والتويتر والواتس وغيرها... بل ولعله يكون التوسع في المباحات من فُضول الكلام والنظر والنوم وغيرها؛ فإنه من أوسعِ مداخل الشيطان. ففتِّش في نفسك وابحث ما الذي يحول بينك وبين الطاعات، فأقلِع عنها فورًا وتب إلى الله عز وجل توبة نصوحا، وادخل رمضان بقلب نقي، ليس فيه تعلق بمعصية قد تحول بينك وبين الفوز في رمضان. 2- الدعاء: كم من أناس كانوا معنا في العام الماضي وقد رحَلوا هذا العام، وقد كانوا يظنون أنهم سيستقبلون رمضان معنا؟ لم يتبقَّ على رمضان إلا أيامٌ معدودات، ولكن هل يستطيع أحدنا أن يجزم أنه سيبلغ رمضان؟ إن بلوغ شهر الصيام نعمة عظيمة تحتاج منا لدعاء أن يبلغنا الله إياه؛ قال معلَّى بن الفضل: "كانوا (السلف) يدعون الله تعالى ستَّة أشهر أن يبلغهم رمضان، ويدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم". وقال يحيى بن أبي كثير: "كان مِن دعائهم: اللهم سلِّمني إلى رمضان، وسلم لي رمضان، وتسلمه مني متقبلاً". فيدعو المسلم ربَّه تعالى أن يبلِّغه شهر رمضان على خيرٍ في دينه، في بدنه، ويدعوه أن يُعينه على طاعته فيه، ويدعوه أن يتقبل منه عمله. 3- ترك الكسل والدَّعةِ والتسويف: وهذه والله آفةٌ عظيمة؛ فكم من مرات قلنا: سنفعل، وسوف نفعل، فنكون لقمة سائغة للشيطان! يُمنِّينا ويجعلنا نسوف حتى يَضيع العمر بلا عمل، فتكون خسارة الدنيا والدين؛ فقد روى ابن أبي شيبة في مصنَّفه عن ابن بجاد السلمي أنه قال: "أنذرتُكم: سوف أقوم، سوف أصلي، سوف أصوم"[4]. فالكل يعلم فضائل هذا الشهر العظيم، ونعلم أننا لا بد لنا من الاستعداد، ومع ذلك لا يستعد بالفعل إلا القليل، والكثير يسوِّف ويؤجل حتى يَدخل الشهر وهو لم يعمل شيئًا، وقد استعاذ نبيُّنا من هذه الآفة العظيمة لما فيها من خراب لحياة المسلم وآخرته، فعلَّمنا النبي صلى الله عليه وسلم ذكرًا نقوله قبل طلوع الشمس وقبل غروبها: ((اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال))[5]. وكم من شابٍّ أو فتاة يرتعون في الكسل، فلا يعمَلون ولا يتحركون، ثم يشتَكون من الفتور وعدم الخشوع وقسوة القلب! ولا يعلم أن دواءه في يده؛ قال تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110]. فالحل بيدك؛ استعذ بالله، واستعن به سبحانه، وقم للعمل الآن، بلا تسويف أو كسل. ولا تنسَ الإكثار من "لا حول ولا قوة إلا بالله"؛ فإن فيها قوةً عجيبة تعين؛ لأنك بقولها تظهر فقرك وضعفك إلى الله، والتمسك بقوة الله وحده، وهنا يُعينك الله، وتَسهُل عليك العبادة. 4- الاستعداد بالطاعات: فإذا أردت أن تدخل رمضان بهمة عالية فلا بد من تمارين العزيمة والهمة، وهذه التمارين تعتبر استعدادًا حقيقيًّا عمليًّا قبل رمضان؛ تروَّض فيها النفس، فتتعود على الطاعة وتألَفُها، حتى إذا دخل رمضان كانت نفسك لينة منقادة لك، فلا تخالفك فيما تُطالبها به من طاعات. ومن هذه الطاعات: ♦ الصيام: وهو أول ما يجب أن يتدرب عليه العبدُ قبل دخول رمضان، خاصة في هذا الزمن الذي طال فيه النهار، وقصر فيه الليل، وزاد فيه عدد ساعات الصيام، مع شدة الحر، فيصبح الصيام شاقًّا على النفس متعبًا لها. فلا بد من تمرين النفس على هذه الطاعة، وقد كان هذا من هديِ النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من أفضل الصيام عند الله عز وجل؛ فعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، لم أرَك تصوم شهرًا مِن الشهور ما تصوم من شعبان؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((ذاك شهر يَغفُل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفَع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يُرفَع عملي وأنا صائم))؛ رواه النَّسائي. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرًا أكثر من شعبان، وكان يصوم شعبان كلَّه))؛ رواه البخاري. ولا ننسَأن نذكِّر أخَواتنا وبناتنا بإبراء ذمَّتهم لله عز وجل من الصيام الواجب عليهم. فإذا كان عليها أيامٌ من رمضان السابق فلتُسرع بصيامها قبل دخول رمضان التالي؛ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: سمِعت عَائشَة رضي الله عنها تقول: "كان يكون عليَّ الصوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان". قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "ويؤخذَ مِن حِرصها على ذلك في شعبان أنه لا يَجوز تأخيرُ القضاء حتى يدخل رمضان آخر". فما زالت الفرصة سانحة أمامك، إذا لم تكوني بدأت فابدئي من الغد واحتسبي. فالحمد لله الذي هيَّأ لنا سُنَّة صيام شعبان لنتعلَّم صيانة الصيام وتدريبَ النفس عليه؛ لنكون على استعداد للفوز ببركات رمضان وأجره. ♦ قراءة القرآن: يقول أنس بن مالك صاحبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان المسلمون إذا دخَل شعبان انكبُّوا على المصاحف فقرَؤوها، وأخرجوا زكاة أموالهم؛ تقويةً للضعيف والمسكين على صيام رمضان. وقال أحد السلف: شعبان شهر القُرَّاء، فالذي تعوَّد على المحافظة على وِرده القرآني قبل رمضان سيُحافظ عليه إن شاء الله في رمضان. وإني لأَعجَب من أناسٍ يَهجرون كتاب الله عز وجل بالشهور، ثم يُريدون أن يختموا في رمضان مرتين وثلاثة وأربعة! كيف هذا وأنت لم تتعود ولم تُصاحب كتاب الله عز وجل لشهور؟! اجعل بينك وبين القرآن علاقة وثيقة، واعلم أن كثرة البعد عنه تُصيب القلب بالصدأ، ولن يزول إلا بالعودة إليه وتلاوته؛ فالقرآن في حدِّ ذاته شفاءٌ للصدور؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 57]. ولا شك أن البداية ستكون صعبة، ولكن إذا قاومت وصممت وعزمت، فسيَفتح الله عليك وتستشعر لذة وحلاوة آيات الله عز وجل؛ فقراءة القرآن في شعبان تزيل صدأ الشهور الماضية، حتى يَستنير القلب، ويصبح محلاًّ طيبًا لتأثير القرآن بالهدى والتقى والنور في رمضان. ♦ قيام الليل ولو ركعتين: إذا لم تستطع الاستيقاظ قبل الفجر فليَكن قيام ليلك بعد صلاة العشاء، وقد أوصى النبيُّ عليه الصلاة والسلام أبا الدرداء وأبا هريرة أن يوتِرا أول الليل؛ قال بعض أهل العلم: إنما أوصاهما بذلك لأنهما يَشتغلان بالعلم في أول الليل، ويَصعُب عليهما القيام في آخر الليل. فلا تغفل عنه ولو بما تيسَّر لك، حتى إذا دخل رمضان كانت صلاة التراويح هينة وميسَّرة لك. 5- احفظ سمعك وبصرك ولسانك: الاستعداد لرمضان فرصة رائعة للتعود على عادات جيدة، وترك معاصٍ لم نكن نتخيل أننا قد نستطيع الابتعاد عنها. فجاهِد نفسك واحفظ سمعك وبصرك ولسانك، فلا تسمع إلا طيبًا، ولا تشاهد إلا حسنًا، ولا تتكلم إلا بخير. والنفس البشرية تحتاج لبذل مجهود، وقد تجد منها في البداية ممانعة وتفلُّتًا، فلا تيئس واعلم أن الحلم بالتحلُّم والصبر بالتصبر، حتى إذا جاء رمضان ستجدها قد انصاعَت لك وانقادت لرغباتك، ووقتَها تخرج من رمضان وقد حقَّقتَ ثمرة عظيمة من ثمراته وهي التغيير، فتخرج من رمضان غيرَ ما دخَلت، فهنيئًا لك! 6- تحديد الأهداف: وأقصد بتحديد الأهداف: ما الذي تريد تحقيقه في رمضان؟ وكيف تريد الخروج منه؟ فإذا أراد شخصٌ ما القيامَ بمشروع من مشاريع الدنيا فإنه يقوم بعمل دراسة مستفيضة لهذا المشروع من جميع جوانبه، وعمل خطة مرتبة ومنظمة؛ لتحصيل أقصى قدر من الربح فيه. هذا في أمور الدنيا؛ فكيف بنا ونحن أمام مشروع ضخم، قد يكون فيه فوزك بجنة عرضها السماوات والأرض؟! ومن أعظم هذه الأهداف: ♦ التقوى: وهي الثمرة العظيمة والغاية الأسمى من الصيام؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]. ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ في التفسير الميسَّر: أي لعلكم تتقون ربكم، فتجعلون بينكم وبين المعاصي وقاية؛ بطاعته وعبادته وحده، تتقي الله تراقبه وتستشعر نظرَه إليك في يوم صومك، يكون أمامك الطعام والشراب وأنت وحدك وجائع، ومع ذلك لا تقترب منه.. لماذا؟ لأنك تراقب الله عز وجل وتَعلم أن الله يراك. فشهر رمضان هو دورة تأهيليَّة مكثَّفة، تعيش ثلاثين يومًا صيامًا، ثلاثين يومًا صلاة في المسجد بنوافلها، ثلاثين يومًا تراويح بعد العشاء، ثلاثين يومًا صلاةَ تهجُّد وقيامَ ليل، ثلاثين يومًا تُراقب الله عز وجل في أفعالك وأقوالك، ثلاثين يومًا لا تقترب من المعاصي؛ خشية لله وخوفًا على صيامك أن يضيع... تدريب على تقوية النفس في مواجهة شهواتها؛ فبصيامك في رمضان تَمتنع عن المباحات التي أحلَّها الله لك، وتجاهد نفسك وتروِّضها على الصمود بكل قوة، فهل بعد رمضان تضعف أمام المحرمات؟! سيكون رمضان بالنسبة لك قفزة نوعية في علاقتك بالله عز وجل، تغييرًا كاملاً في عباداتك وطاعتك له سبحانه، تَظهر آثارها في ثباتك على الاستقامة بعد رمضان، فإذا فعلتَ ذلك فقد فُزتَ وأفلَحت. ♦ العتق من النار: من أول الأهداف وأعظمِها والتي لا بد أن تضعها نُصب عينيك في رمضان هي "العتق من النار" فو الله مَن يَناله نال فوزًا عظيمًا، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من عتقائه من النار. العتق من النار يَعني النجاة من النار والفوز بالجنة؛ قال تعالى: ﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ﴾ [آل عمران: 185]. قال صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ لله تعالى عتقاء في كل يوم و ليلة - يعني: في رمضان - وإنَّ لكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة مستجابة))[6]. وقال صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ لله عز وجل عند كل فطرٍ عُتقاء))[7]. فوالله إنها لفرصة عظيمة منَّ الله عز وجل بها علينا في هذا الشهر الجليل؛ شهر تتنزل فيه الرحمات، وتسجر فيه النار، وتفتح فيه أبواب الجنة، وتصفَّد فيه الشياطين كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحريٌّ بمن دخل شهر رمضان ألا يخرج منه إلا وهو من عتقاء الله من النار. ♦ غفران الذنوب: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))[8]. قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري: "المراد بالإيمان: الاعتقاد بفرضية صومه، وبالاحتساب: طلب الثواب من الله تعالى، وقال الخطابي: احتسابًا؛ أي: عزيمة، وهو أن يصومه على معنى الرغبة في ثوابه، طيِّبةً نفسه بذلك، غير مستثقل لصيامه، ولا مستطيل لأيامه". اهـ. وقال المناوي في "فيض القدير": مَن صام رمضان إيمانًا: تصديقًا بثواب الله أو أنه حق، واحتسابًا لأمر الله به، طالبًا الأجر أو إرادة وجه الله، لا لنحو رياء، فقد يفعل المكلَّف الشيءَ معتقدًا أنه صادق، لكنه لا يفعله مخلصًا؛ بل لنحو خوف أو رياء. وقال الإمام النووي: معنى إيمانًا: تصديقًا بأنه حقٌّ مقتصد فضيلته، ومعنى احتسابًا: أنه يريد الله تعالى، لا يقصد رؤية الناس، ولا غير ذلك مما يخالف الإخلاص. ولكن لا بد من التنبيه أن تلك الذنوب التي يغفرها الصيامُ وغيرُها من الطاعات هي الذنوب التي بينك وبين الله عز وجل، أما ما كان بينك وبين الخلق فلا تغفر إلا بالأداء أو المسامحة. ♦ قيام ليلة القدر: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)). اجعل تلك الليلة نُصبَ عينك، وضَعْها هدفًا عظيمًا لك في هذا الشهر، فإذا فزتَ بها فُزتَ بخير عظيم؛ قال تعالى في سورة القدر: ﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ [القدر: 3]. فكم سنة تعدل ليلة القدر؟ أكثر من ثلاث وثمانين سنة! فلو حرَصتَ كل الحرص على هذه الليلة فلا تَفُتك؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((تحرَّوْا ليلة القدر في الوتر من العَشر الأواخر من رمضان))[9]. فكن صاحبَ همَّة عالية ولا تكتفِ بقيام الأيام الوترية فقط من العَشر الأواخر، وإنما اعزِم على الفوز، ولا تدَع مَجالاً للصُّدف، وقُمِ اللياليَ العشر كاملة؛ فربما كان هناك اختلافٌ في الرُّؤى بين الدول الإسلامية، فما يكون عندنا ليلة وِترية تكون ليلة زوجية في دولة أخرى، فادفع عنك الكسل وتذكَّر أنها ليالٍ معدودة؛ فقط عشر ليال، وبعدها هنيئًا لك الفوز بالقبول إن شاء الله. ختامًا.. رمضان فرصة لا تعوض، هو نفحة من نفحات الله عز وجل، والسعيد من استغلَّها وفاز بها، فاستعدَّ له جيدًا؛ فإن لم تفعل وقعتَ في الأسبوع الأول، وخسرتَ تلك الفرصة العظيمة.. فانتبه! بلَّغَنا الله وإياكم رمضان، وأعاننا على عبادته فيه على الوجه الذي يُرضيه عنَّا. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم. [1] بدائع الفوائد ص 1128. [2] أسرار المحبين في رمضان. [3] من كتاب استقبال شهر رمضان د/ سفر الحوالي. [4] مصنف ابن أبي شيبة (8/ 261). [5] رواه البخاري (1849)، ومسلم (1146). [6] رواه الإمام أحمد وصححه الألباني (2169) في صحيح الجامع. [7] رواه الإمام أحمد وحسنه الألباني (2170) في صحيح الجامع. [8] رواه البخاري (38)، ومسلم (760). [9] رواه البخاري. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
|
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
رسائل واتس أب (2) خيرية الحارثي (1) إن الساهي عن عبادة ربه عاجزٌ لا يصل إلى أغراضِه، ولا يحقق رغائبَه، أما أولئك الواصلون إلى مراميهم بالأماني والأحلام، وهم لا يتقرَّبون إلى خالقِهم بالصلاة، فلا بد أن تُدمي أقدامَهم وعورةُ الطريق، كلما اجتاز عقبة وقع في أخرى، هذا في الدنيا، ثم في الآخرة سيكتوون بنار الخِذلان، عياذًا بالله، فلم نرَ أو نسمع عن مسلم قعَد عن الصلاة إلا داسته الحياةُ، ونبذَتْه وألقته على هامشها. يا مسلم، يا من تشهَد أن لا إلهَ إلا الله، لقد خُلق الإنسانُ ليسعى، لا ليكونَ نائمًا هائمًا يقودُه هواه كما يقادُ البعير، إن الحياةَ والعافيةَ والنعمة الرغيدة التي تعيشها وتستمتع بها دون أن تلتفت إليها، وأعني بها نعمةَ الإسلام، التي هي أكبرُ من كل نعمة - هي إحسانٌ من الله عليك، وتفضُّل منه لك، فذلك يتطلب منك أن تكون شاكرًا للمُنعِم، ولا تستطيع أن تحصي ثناءً عليه. (2) لماذا تقطع حبل الوصال بينك وبين ربك؟ إلى متى ستظل تائهًا عن الطريق؟! ألستَ تبحث عن السكون والراحة؟! إلى متى ستظل تملِكُ نفسًا مختلّة تسيطرُ عليها الوساوس، وتنهكها العِلَل؟ إلى متى؟ إلى أن تكتشفَ خَسارتَك؟! عندما تجد ما عملته من سوء ماثلاً أمامك؛ يقول الله تعالى: ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 30]، كم أتمنى أن أتجوَّلَ في داخل مسلم لا يصلي، كيف يعيش! لا بد أنه يعيشُ بداخل مظلم، مُعوَج، مضطرب، ما الذي يضيء داخلك وخارجك وجوارحك؟ كيف تعيش بدون وصل خالقِك الكريم الذي يستحق الحبَّ والوصل، لقد أوصاك بوصلِ قريبك ووالديك وأحبابك، فكيف بوَصْلِه؟! قرة عين المُحبِّين، ونعيمهم، ولذة حياتِهم في مناجاته. (3) بمَ شُغلتَ عن ربك؟ وبماذا تشتغل الآن؟ هل الصلاةُ مشقَّة وعذاب؟ هل الصلاةُ تعَبٌ وعناء؟ إن كثيرًا من أعمالِ الدنيا أشدُّ مشقةً وأكثرُ عناءً وجهدًا، بالله عليك "كم تأخذُ الصلاةُ من وقتنا في اليوم والليلة، ساعة، أو أقل، أو أكثر قليلاً، مقابل ماذا؟ مقابل أن يعطيك اللهُ من الثواب ما لا عينٌ رأَتْ، ولا أُذُن سمِعت، ولا خطَر على قلبِ بشَرٍ. أنت ترى ظُلمَك لنفسك في تخلِّيك عن الصلاة، وتُدرِك خطَرَها، ويسوءُكَ مَن يتهاون بها من أقرانِك، أو ممن هم دونك، فإلى متى؟ إلى متى تخبِط في الدنيا خَبْطَ عشواء؟! إلى متى تسير كما يحلو لك دون حسابٍ للرقيب، غافلاً عن معرفة الحقِّ؟! إن من حقِّ الله عليك أن تتوجَّهَ إليه بعبادتِه، وأعظَمُها الصلاة، إنك تعرِفُ وتُدرِك! ومن حقِّه - جل شأنه - أن يغضَبَ على من يقطع صلته به إذا عرَف وانحرف، وأدرَك واقترَف. (4) سأطرَح عليك سؤالاً قد تتعجَّبُ منه: هل تريد الجنةَ؟ ستقول: نعم، وبتعجُّب: كيف؟! وأين الثمن؟! انظر إلى الرزق، هل يمطر عليك من السماء إن لم تسعَ له وتتعاهَدْه؟ كذلك الجنة، تحتاجُ إلى بذلٍ وسعي، فعندما طلب ربيعة بن كعب رضي الله عنه مرافقتَه صلى الله عليه وسلم في الجنة، قال له : ((أعنِّي على نفسِكَ بكثرةِ السجود))، والله - جل شأنُه - يقول : ﴿ وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الزخرف: 72]، إن الله يدعوك إلى دارِ السلام؛ يقول سبحانه: ﴿ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ ﴾ [يونس: 25]، ثم رضوان الله عليك أكبرُ من الجنة؛ ﴿ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾ [التوبة: 72]، ثم النظر إلى وجهه العظيم، نسأله سبحانه ألا يحرمنا فَضْلَه؛ ففي الحديث الصحيح، حديث الرؤية ((فوالله ما أعطاهم اللهُ شيئًا أحبَّ إليهم من النَّظرِ إلى وجهِه)) فإذا رأَوْا وجهَ الله نسُوا ما هم فيه من النَّعيم،. ألا تريدُ رؤيةَ ربِّك العظيم الواحد الأحد؟! ألا تريد أن تنعَمَ بالقُربِ وتُحشَر في زمرةِ المتَّقين والصَّالحين؟! (5) أتخشى اللهَ وتخافُه؟ كأني بك ستقول: نَعَم! بماذا؟ فإن للخوفِ ثمراتٍ، تهون بها اللذاتُ، وتقود القلبَ إلى ربِّ البريات، وأنت تعلَمُ أن الله لو أراد أن يهلكَ العالَمين لم يُبالِ، وما أهونَ العبادَ عليه إذا هم عصَوْه، ومن يخاف يحذر، يحذر من بطشِه وعقابه؛ يقول عليه الصلاة والسلام: ((أنا أعرَفُكم باللهِ، وأشدُّكم له خشيةً))، إن الاستخفافَ بفريضةِ الله عليك وتفريطك فيها، وضَعْف إرادتك، هو لأنك أسقَطْتَ خوفَك وتعظيمك له سبحانه، وبهذا سُلِبْتَ محبته ورضاه، تعرَّف إلى الله، فمتى عرفتَه عظَّمتَه، ومتى عظَّمته خشِيته، وإذا خشيتَه عبَدْتَه وأحببتَه، أترجو الرحمةَ والمغفرة؟ إن هذا جهلٌ مركَّب، وليس بسيطًا؛ فاللهُ تعالى يقول: ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ﴾ [الأعراف: 156]، ويقول تعالى: ﴿ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: 56]، لماذا لا تريدُ أن تدخلَ تحت ظِلالِ رحمتِه؟ |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
رسائل واتس أب (3) خيرية الحارثي (1) قال ابن تيمية - رحمه الله -: "الدعاء والتوكُّل من أعظم الأسباب التي تنَال بها سعادة الدنيا والآخرة". قال ابن القيم - رحمه الله -: "ومَن صدَق توكُّله على الله في حصول شيء ناله"، وقال أيضًا: "فالتوكل من أعظم الأسباب التي يَحصُل بها المطلوب، ويَندفِع بها المكروه". (2) والمتوكِّل على الله يُفَوِّض أمره إلى الله؛ قال الله تعالى عن مؤمن آل فرعون: ﴿ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [غافر: 44]. وقد ذكر ابن القيم - رحمه الله - توضيحًا للتفويض بالمثال - ولله المثل الأعلى - وهو أن المفوِّض مَثلُه مَثَل الطفل الصغيرِ العاجزِ الذي فَوَّض أمرَه إلى والدِه الذي يقوم بشأنه، فهو يحمله ويذهب به والطفل مطمئنٌّ لذلك، ويعلم أن أباه أعلم منه بمصلحته، وربما حملَه والده والطفلُ لا يعلم لماذا حمله، ولا أين هو ذاهب؟ لكنه مطمئن أنه ما فعل ذلك إلا لمصلحته. (3) المتوكِّل على الله يَثِق بالله ويُحسِن الظن به، فهو يوقن أن الله تعالى يراه ويسمع صوته ويعلم حاله وحاجته، وهو أرحم به من نفسِه؛ فالله تعالى هو العليمُ الحكيمُ الخبير اللطيف البصير بالعباد، فما قدَّرهُ اللهُ تعالى فهو الخير، فيكون المتوكِّل على الله صابرًا ثابتًا مطمئنًّا راضيًا بما قدره الله تعالى؛ فقد يُقدِّرُ اللهُ تعالى ما لا يريده العبد فيكون ظاهره الشر، لكنْ في باطنه وعاقبته الخير العظيم، ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216]، فلا يَضطرب قلبه ولا ييئس من رحمة الله تعالى. (4) عن سعيد بن المسيب قال: التقى عبدالله بن سلام وسلمان، فقال أحدهما لصاحبه: إن متَّ قبلي فالقَني، فأخبِرْني ما لقيتَ مِن ربك، وإن متُّ قبلك لقيتُك فأخبرتك، فقال أحدهما للآخر: أوَتلقى الأموات الأحياء؟ قال: نعم، أرواحهم تذهب في الجنة حيث شاءت، قال: فمات فلان فلقيه في المنام فقال: "توكَّل وأَبشِر، فلم أر مثل التوكل قطُّ، توكَّل وأَبشِر فلم أر مثل التوكل قطُّ". (5) من أجمل ما قيل في التوكل: قال الحسن: "إنَّ مِن توكُّل العبد أن يكون الله هو ثقته". عن المغيرة بن عباد قال: قيل لبعض الرهبان: "مَن المُتوكِّل؟" قال: "مَن لم يَسخط حكم الله - عز وجل - على كره أو محبة". وعن سفيان الثوري في قوله تعالى: ﴿ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [النحل: 99] قال: أن يَحملهم على ذنب لا يُغفَر. عن صالح بن شعيب، قال: أوحى الله - عز وجل - إلى عيسى ابن مريم - عليه السلام -: "أَنزِلني من نفسك كهمِّك، واجعلني ذخرًا لك في معادك، وتقرَّب إليَّ بالنوافل أُدنِكَ، وتوكَّل عليَّ أَكفِكَ، ولا تولَّ غَيري فأَخذُلك". |
المختصر في أحكام زكاة الفطر
المختصر في أحكام زكاة الفطر عبد الله بن راضي المعيدي الشمري الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه : هذه بعض المسائل المهمة في زكاة الفطر وقد اختصرتها من كتاب أحكام زكاة الفطر للدكتور سعيد بن وهف القحطاني وفقه الله اقتصرت على المسائل المهمة حتى تعم الفائدة للإخوة جميعاً . أولاً : المقصود بزكاة الفطر : زكاة الفطر في الاصطلاح: ((هي الصدقة تجب بالفطر من رمضان، طهرة للصائم: من اللغو، والرفث)). ثانياُ : والأصل في وجوب زكاة الفطر: عموم الكتاب وصريح السنة والإجماع: أما عموم الكتاب، فقيل: قول الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى* وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} . وأما السنة؛ فلأحاديث كثيرة، ومنها حديث عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما، وفيه: (( «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على كل نفس من المسلمين» ...)). [متفق عليه] وأما الإجماع، فأجمع أهل العلم: أن صدقة الفطر فرض، قال الإمام ابن المنذر رحمه الله: ((وأجمعوا على أن صدقة الفطر فرض، وأجمعوا على أن صدقة الفطر تجب على المرء، إذا أمكنه أداؤها عن نفسه، وأولاده الأطفال، الذين لا أموال لهم، وأجمعوا على أن على المرء أداء زكاة الفطر عن مملوكه الحاضر)). ثالثاً : الحكمة من وجوب زكاة الفطر: لا شك أن مشروعية زكاة الفطر لها حِكم كثيرة من أبرزها وأهمها الحكم الآتية: 1 – طُهرةٌ للصائم، من اللغو والرفث، فترفع خلل الصوم، فيكون بذلك تمام السرور. 2 – طعمةٌ للمساكين، وإغناء لهم عن السؤال في يوم العيد، وإدخال السرور عليهم؛ ليكون العيد يوم فرح وسرور لجميع فئات المجتمع. 3 – مواساةٌ للمسلمين: أغنيائهم، وفقرائهم ذلك اليوم، فيتفرغ الجميع لعبادة الله تعالى، والسرور والاغتباط بنعمه ، وهذه الأمور تدخل في حديث ابن عباس رضي الله عنهما (( «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين» ...)). 4 – حصول الثواب والأجر العظيم بدفعها لمستحقيها في وقتها المحدد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس المشار إليه آنفاً: ((فمن أدَّاها قبل الصلاة فهي صدقة مقبولة، ومن أدَّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات)). 5 – زكاة للبدن حيث أبقاه الله تعالى عاماً من الأعوام، وأنعم عليه سبحانه بالبقاء؛ ولأجله استوى فيه الكبير والصغير، والذكر والأنثى، والغني والفقير، والحر والعبد، والكامل والناقص في مقدار الواجب: وهو الصاع. 6 – شكر نعم الله تعالى على الصائمين بإتمام الصيام، ولله حكم، وأسرار لا تصل إليها عقول العالمين. رابعاً : زكاة الفطر فرض على كل مسلم فَضُل عنده يوم العيد وليلته صاع من طعام، عن قوته وقوت أهل بيته الذين تجب نفقتهم عليه؛ لحديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر في رمضان على كل نفسٍ من المسلمين: حرٍّ أو عبدٍ، أو رجلٍ، أو امرأةٍ، صغيرٍ، أو كبيرٍ، صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير» وهذا لفظ مسلم في رواية, ولفظ البخاري: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر: صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على العبد، والحر، والذكر، والأنثى، والصغير، والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة» . وفي لفظٍ للبخاري عن نافع عن ابن عمر: ((فرض النبي صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر – أو قال: رمضان – على الذكر، والأنثى، والحر، والمملوك: صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، فعدل الناس به نصف صاع من برٍّ، فكان ابن عمر يعطي التمر, فأعوز أهل المدينة من التمر فأعطى شعيراً، فكان ابن عمر يعطي عن الصغير والكبير، حتى إن كان يعطي بنيَّ، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يعطيها للذين يقبلونها، وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين)). ويستحب إخراج زكاة الفطر عن الحمل؛ لفعل عثمان رضي الله عنه . وتخرج عن المملوك يخرجها سيده عنه؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ليس على المسلم في فرسه، ولا في عبده صدقة إلا صدقة الفطر» . خامساً : وقت إخراج زكاة الفطر: درجات إخراج زكاة الفطر على النحو الآتي: الدرجة الأولى: جواز تقديم زكاة الفطر قبل العيد بيوم أو يومين؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما، وفيه: ((... وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين))، وفي لفظ للإمام مالك: ((أن ابن عمر كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي تجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاثة)). قالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الإمام عبدالعزيز بن عبدالله ابن باز رحمه الله: ((ووقتها ليلة عيد الفطر إلى ما قبل صلاة العيد؛ ويجوز تقديمها يومين أو ثلاثة)). الدرجة الثانية: وقت الوجوب: هو غروب الشمس من آخر يوم من رمضان؛ فإنها تجب بغروب الشمس من آخر شهر رمضان، فمن تزوج، أو ملك عبداً، أو وُلِد له ولد، أو أسلم قبل غروب الشمس، فعليه الفطرة، وإن كان ذلك بعد الغروب لم تلزمه، ومن مات بعد غروب الشمس ليلة الفطر فعليه صدقة الفطر. وقالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في أول وقت الوجوب لزكاة الفطر: ((إنما يبدأ من غروب شمس آخر يوم من رمضان، وهو أول ليلة من شهر شوال، وينتهي بصلاة العيد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإخراجها قبل الصلاة)). الدرجة الثالثة: المستحب إخراج زكاة الفطر يوم الفطر قبل صلاة العيد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها أن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى صلاة العيد، كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وكما قال ابن عباس رضي الله عنهما ((فمن أداها قبل الصلاة فهي صدقة مقبولة، ومن أدَّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات)). الدرجة الرابعة: لا يجوز تأخيرها بعد صلاة العيد على القول الصحيح، فمن أخَّرها بعد الصلاة بدون عذر، فعليه التوبة، وعليه أن يخرجها على الفور، وقال الإمام عبدالعزيز ابن عبدالله ابن باز رحمه الله: ((الواجب... إخراجها قبل صلاة العيد، ولا يجوز تأخيرها إلى ما بعد صلاة العيد)). وقال العلامة محمد بن صالح العثيمين، رحمه الله، في تعمد إخراجها بعد صلاة العيد: ((والصحيح أن إخراجها في هذا الوقت محرم، وأنها لا تجزئ \" سابعاً: مقدار زكاة الفطر وأنواعها: هو صاع من قوت البلد الذي يأكله الناس، وقد ثبت في حديث ابن عمر رضي الله عنهما الذي ذكرته آنفاً أنه قال: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير» .... ثامناً ً: مقدار الصاع الذي تؤدى به زكاة الفطر هو صاع النبي صلى الله عليه وسلم . وقالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: «المقدار الواجب في زكاة الفطر عن كل فرد صاع واحد بصاع النبي صلى الله عليه وسلم ، ومقداره بالكيلو ثلاثة كيلو تقريباً» . تاسعاًً: أهل زكاة الفطر الذين تدفع لهم: الفقراء والمساكين وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ذكر القولين: ((هناك قولان لأهل العلم: الأول أنها تصرف مصرف بقية الزكوات، حتى المؤلفة قلوبهم والغارمين... والثاني أن زكاة الفطر مصرفها للفقراء فقط، وهو الصحيح)). عاشراً: حكم دفع القيمة في زكاة الفطر: قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: ((ولا تجزئ القيمة؛ لأنه عدول عن المنصوص)). وقال الإمام عبدالعزيز ابن عبدالله ابن باز رحمه الله: ((ولا يجوز إخراج القيمة عند جمهور أهل العلم، وهو أصح دليلاً، بل الواجب إخراجها من الطعام، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم )). وقال رحمه الله: ((... زكاة الفطر عبادة بإجماع المسلمين، والعبادات الأصل فيها التوقيف، فلا يجوز لأحد أن يتعبد بأي عبادة إلا بما ثبت عن المشرِّع الحكيم عليه صلوات الله وسلامه)). وقالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: ((ولا يجوز إخراج زكاة الفطر نقوداً؛ لأن الأدلة الشرعية قد دلت على وجوب إخراجها طعاماً، ولا يجوز العدول عن الأدلة الشرعية؛ لقول أحد من الناس)). قال صلى الله عليه وسلم : ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)). وفي رواية لمسلم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» . الحادي عشر: الفطرة تلزم المسلم عن نفسه وعن من يعول ممن تلزمه نفقته: قالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: ((زكاة الفطر تلزم الإنسان عن نفسه، وعن كلِّ من تجب عليه نفقته، ومنهم الزوجة؛ لوجوب نفقتها عليه)). أختصرها : عبد الله بن راضي المعيدي المدرس بالمعهد العلمي بحائل المشرف العام على شبكة همة المسلم |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
الضيف قادم هنيئًا لمن أكرمه سارة الشمري ها هو شهر رمضان يلُوح في الأُفق.. أيامٌ قلائل ويحلُّ علينا ضيفٌ لطالما انتظرناه.. ضيفٌ يحمل معه من الطمأنينة والروحانيَّة الشيءَ الكثير.. ضيف يقرِّبنا إلى الله أكثر، يقرِّبنا من الجنَّة أكثر.. فكم يشتاق له القلب، وتحنُّ له الروح! ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185].. شهر الخير والغفران.. اختصَّه الله عزَّ وجلَّ بفضل أيامه ولياليه؛ ففيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر.. فيه ((تُفتح أبوابُ الجِنان، وتُغلق أبوابُ النِّيران، وتصفَّد الشياطين)).. ترى المصلِّين في المساجد ركَّعًا وسجَّدًا.. يدعون ربَّهم خوفًا وطمعًا. تلهَج ألسنتُهم ما بين تلاوةٍ ودعاء.. يسألون ربَّهم العِتق من النار.. الكلُّ يريد أن يستغلَّ الدَّقائق المباركة من هذا الضَّيف قبل رحيله.. فـ((الكَيِّس من دَان نفسَه وعمِل لما بعد الموت)). فـهنيئًا لمن استعدَّ لهذا الشَّهر المبارك؛ فتزوَّد من الطَّاعات، وتخفَّف من المحرَّمات، وقال: لن يسبِقني إلى الله أحدٌ. هنيئًا لمن روَّض نفسَه؛ فصبرَت وتصبَّرَت، وخضعَت لربِّها وخشعَت، وتلمَّسَت حالَ الفقراء فمدَّت لهم يدَ العون! هنيئًا لمن اغتنمَ كلَّ دقيقةٍ مرَّت ولم يُهمِلها! هنيئًا لمن حصدَ الجوائز العِظام بالفوز بالجنَّة، والعتق من النَّار، واستلم جائزتَه يومَ عِيده! يا رَب، بلِّغنا رمضان ونحن بأفضل حال. |
الساعة الآن : 04:30 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour