رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
عندما تكون معتكفاً في الجامع القريب من بيتك وتجارتِك الكبيرة ويدخل عليك عاملٌ من عمالك، ويقول: إن الجارة الأرملة الفقيرة تستند على باب المتجر باكيةً تفرك أصابعها وتعضُّ على طرحتها من الغم، فهي عرضةٌ للسجن بسبب ورقة دَينٍ كتبتها لا يرغب من أقرضها في إمهالها لا توبخه وتقل له: إنك في عبادةٍ جليلة، وإنك ستُنهي اعتكافك غداً وتنظرُ في أمرها لا تفكِّر بأنك فرَّغت قلبك للهِ وذكره، متجنباً صخبَ الناس وأحوالهم بل فكِّر في أن من فرَّغت قلبك لذكره.. ينفِّس عنك كربةً من كُرب يوم القيامة إن نفست عن تلك التي جفَّ حلقها من الخوف هذه الكربة من كُرَب الدنيا ويسترك في الدنيا والآخرة إن سترتها فكِّر في أن من تتَّكل عليه ولا تستغني عن فضله هو في عونُك ما كنت في عَونها فكر بأن خروجك مسرعاً إليها.. وأنت تبشِّرها من بعيدٍ قائلاً (لن تُراعي).. هو عبادة جليلة. مبارك عليك الشهر وقد خرجت منه محسناً |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
حاجتنا لرمضان عمر مكطوف تهفو النفوس إلى رمضان رغم المشاق، وتستريح الأرواح إلى شم عبيره، وتنسُّم رُوحانيته الصافية، والمسلمون اليوم في أشد الحاجة إلى رمضان؛ ليساعدهم في انتصارهم على عدوهم لداخلي (النفس)، والخارجي (الشيطان)، والشيطان له صولة وجولة في نفوسهم، لطالما صدَّها عن الصراط المستقيم، وحادَ بها عن النَّهج القويم، كثيرًا ما سوَّل لها المعاصي والذنوب والآثام، وزيَّن لها الشهواتِ والشبهات، فإذا كان هذا حالَهم، فما أحوجهم إلى مُعِين يعينهم على ما هم فيه، وأي معين، إنه رمضان، وما أدراك ما رمضان؟! إنه مبعوث العناية الإلهية، يُصفَّد فيه الشيطان، وتغلق فيه أبواب النيران، وتجتاح روحانيته مستعمرات الطغيان، نحتاج رمضان لنخلوَ بأنفسنا محاسبين، معاتبين، متأملين في سيرنا الحثيث إلى الله، ونسأل أنفسنا: هل نحن في طريق النجاة سائرون، أم عنه حائدون؟! نحتاج رمضان لنتقلل من أعمالنا الدنيوية، ونكون في سياحة ربانية؛ ذِكرًا وتسبيحًا وتهليلاً، نحتاج رمضان لنفتح فيه كتاب ربنا تالين له، ومتدبرين متأملين في معانيه وأسراره، واقفين عند مبانيه؛ لنحصل بكل حرف على عشر حسنات، إلى أضعاف كثيرة. نحتاج رمضان لنقرأ فيه القرآن؛ فهو شهر القرآن، ليذكِّرنا بسنن النصر، ويجيبنا على سؤالنا: متى تنتصر الأمة؟! متى تتحلل من قيود الذل؟! وتستيقظ من رقدتها التي طالت، نحتاج رمضان لنقرأ فيه النصر في بدر (يوم الفرقان)، والنصر في فتح مكة، وعين جالوت، وفتح الأندلس، ويعلمنا الدروس من موقعة: بواتييه (بلاط الشهداء)، ويذكرنا بانتصاراتنا، فنحن اليوم في أمسِّ الحاجة إلى شيء يعيد لنا الأملَ المفقود. نحتاج رمضان لكي يخرجنا من واقعنا في سياحة إيمانية إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، وصحابته الكرام، وكأننا نتأمَّلُ مسجدهم وصلاتهم وإفطارهم وهم يدعون: (ذهَب الظمأ، وابتلَّت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله)، نتعلم من خلال هذه الرحلة المباركة الصبرَ والطاعة المطلَقة والمراقبة والإيمان باليوم الآخر. نحتاج إلى شهر القرآن لنقرأ فيه سنن الله، وكيف يعامل الله الطواغيت؛ فالأمة اليوم تعاني من تسلُّط مجرميها، وقسوة ظلاَّميها، وطغيان أعدائها، وفجور أرباب الهوى فيها، تعاني أهلَ الغفلة والإعلام الماجن والفجور والسفور، تعاني شياطين الإنس، أما شياطينُ الجن فهي مسلسَلَة. نحتاج رمضان لمقاومة هوى النفس، والنزعات الشيطانية، لمقاومة العين التي طالما تطلَّعت إلى ما حرم الله، ومقاومة اليد التي كثيرًا ما بطشت بغير حق، وآذت واستولت وفعلت ما فعلت، لمقاومة الأذن وهي تتلذَّذ بسماع الغِيبة والنميمة والفحش وسوء القول، ï´؟ لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ ï´¾ [النساء: 148]، فأهلاً يا رمضان، الكل بانتظارك لتكون شاهدًا لنا لا علينا، وعونًا لنا على أنفسِنا، لنقاوم كلَّ ما نواجه في حياتنا؛ قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((رُبَّ صائِمٍ حَظُّهُ من صِيامِهِ الجوعُ والعَطَشُ، ورُبَّ قائِمٍ حَظُّهُ من قِيامِهِ السَّهَرُ)) صححه الألباني. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
مبارك عليك الشهر (11) أ. محمود توفيق حسين عندما تنفردين بزوجك الموظف البسيط وقد بانت عليك الجديَّة وتلحِّين عليه أن يعمل حسابَه على سلفة من العمل لشراء المجففات والمكسرات لرمضان، مثلما اعتاد خلقُ الله على شرائها ويطلب منكِ أن تسيري الأمور في حدود ما تيسَّر له حتى لا يستدين على الزبيب والجوز والتين المجفف والقراصيا وقمر الدين فترفضين وتحتجِّين عليه بأنه (موسم يا رجل).. لا تفكري بأنه من قدر رمضان أن نتبضَّع له بل فكري في أنه من قدر رمضان أن نتورَّع فيه لا تفكري بأن هذه عادة الناس بل فكري في أنه ليس من سنَّة خير الناس لا تفكري في أن مطاولة الناس في المخيلة والترف تبيض الوجه في الدنيا بل فكري في أن مطاولة الصالحين في مجاهدتهم وطاعاتهم تبيض الوجه في الآخرة. مبارك عليك الشهر وقد خرجتِ منه من أَسر الشكليات إلى الجوهر |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
مشاريع رمضان تولد كبيرة وصال تقة ما يولد كبيرًا لا نحتاج إلى كثير جهد لإنمائه؛ فقد كفاك بولادته كبيرًا ذلك، إنما نحتاج إلى جَلَد وقوة ومثابرة لكي نحافظ على حجمه.. مشاريع رمضان تولَد كبيرة، فلنحرص على أن تبقى كذلك، وألا تضيع منا في زحمة الساعات وتوالي الأيام وتقادمها.. ولنسأل الله أن يتسلمها منا متقبلة.. وإن لم نستطِعْ بناء محيطنا اللائق بنا، فلا أقل من التأقلم معه.. وإلا فحياة خنوع وذل ونكد وضيق وغمٍّ وهم.. رمضان يعلِّمنا أننا إن كنا قادرين - خلاله - على تكوين بيئتنا وبناء محيطنا النوراني بمنَّة الله وفضله وجوده، فإننا - من باب أولى، وعلى الأقل - قادرون على التأقلم مع أجوائه الإيمانية. فإن لم يكن لا بناء وتكوين، ولا تأقلم وتعوُّد، فلنتَّهم قلوبنا وضعفَ همتنا وقبلها نيَّاتنا.. فالزمان زمن نفحة ومنَّة وكرم وعفو وجُودٍ إلهي.. والمحروم من حرم نفسه العفوَ والجِنان والزاد والتجارة الرابحة وقد سالت بها السماء، واحتملتها السيول زبدًا رابيًا متبرجًا للطالبين، لا يحتاج إلى طول سبر، ولا إلى كثرة غوص: منةً من المنان الجَوَاد الذي أخذ على نفسه عهد عتق رقاب عباده كل ليلة، القائل على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم: ((إذا كانت أول ليلة من رمضان صُفِّدت الشياطين ومردةُ الجن، وغُلِّقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، ونادى منادٍ: يا باغيَ الخير، أقبل، ويا باغيَ الشر، أقصِرْ، ولله عتقاء من النار، وذلك في كل ليلة))؛ صححه الألباني. اللهم لا تحرمنا بذنوبنا الوقوفَ على باب عفوك، واجعلنا يا كريمُ يا رحيم من عتقائك في هذا الشهر الكريم. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
في رمضان كل الطمع منك في الباع والذراع والهرولة وصال تقة الجزاء من جنس العمل، وليس مقابلاً للعمل، فمهما حاولنا واجتهدنا فلا بد من التقصير.. ومن ذا الذي عبدَ اللهَ حقَّ عبادته؟؟ إنما هو تفضُّل من البَرِّ الشكور سبحانه، الذي يعطي على القليل الكثير، ويُكرم عباده بالأجر العظيم، ويغفر الزلَّة ويُقيل العثرة. ((لبيك وسعديك، والخيرُ كله في يديك، والشرُّ ليس إليك، أنا بك وإليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، تباركتَ وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك)). أتيتك يا ربي حبوًا، وظننتني أحثُّ الخطى، وكل الطمع منك في الباع والذراع والهرولة. وأجبت داعي الإيمان على ما بي من عيبٍ وكسر وغفلة، فاغفر يا غفورُ التقصير، واجبر كسر القلب الضعيف.. أتيتك أسألك من الخير الذي بين يديك، وأتعوَّذُ بك من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه، طمعًا في النجاة وولايتك، وشهود عظمة جلالك وصفات كمالك، وكل الزاد رجاء في رحمتك، وطمع في ملجئك.. وفي قُرب القلب وحضوره بين يديك، فأخرِجْني يا ربِّ من ضيق نفسي إلى رحابة كرمك ورحمتك، ومن شح نفسي المجبولة على التقتير، إلى رحابة جودك وعطائك.. ومُنَّ يا منانُ على قلبي بسجدة تقربه منك، وتتقرب بها منه، لا يرفع منها إلا وقد شهد قربك ومعيَّتَك، ووجهك الكريم يوم المزيد.. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
الميزان الحقُّ ما تعادلت كِفَّتاه.. رمضان فرصتنا حتى تتعادلَ كِفَّتا الميزان.. وصال تقة ï´؟ إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ï´¾ [المؤمنون: 59 - 61]. عن عائشة أنها قالت: يا رسول الله، ï´؟ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ï´¾ [المؤمنون: 60]، هو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر، وهو يخاف الله عز وجل؟ قال: ((لا، يا بنت أبي بكر، يا بنت الصِّدِّيق، ولكنه الذي يصلِّي ويصوم ويتصدَّق، وهو يخافُ الله عز وجل)). • ريح مرسلة.. • سبَّاقون بالخير.. • أولئك الذين يسارعون بالخيراتِ.. • ولا ضامن لهم من الديَّان الحسيب سريع الحساب إلا هو سبحانه.. صيام وقيام وبرٌّ وإحسان وصدقات وقربات.. طاعة وإخلاص، وجدٌّ واجتهاد.. تلك كِفَّة الميزان.. وكِفَّتها الأخرى: شفقة ووجَل وخشية من عدم القَبول، ومن توقُّع المكروه وسوء العاقبة، وما يطلع عليه عند لقاء الديان.. تلك الموازين الحق.. والمغرور من غرَّه عمله.. فيا ليت شعري، أخوفٌ من سيئات قد سوَّدت الصحائف، هي تحت مشيئة التوبة والأوبة والإنابة؟ أم من حسنات كالجبال، رد وهباء وعِهْن منفوش؟ إلا أن تتغمدَنا برحمتك وعفوِك وبِرِّك وإحسانك.. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
رمضان فرصة لتنويع العبادات وصال تقة ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ï´¾ [البقرة: 208]. 1- اعملوا بجميع الأعمال ووجوه البِرِّ: رمضان فرصتنا لنسدر بالرُّوح في رياض المحبة والخضوع والطاعة، ولنُحييَ السنن المهجورة، ولننوِّع العبادات، ولنجرِّب تلك التي لا نمنح أنفسنا فرصة النهل منها باقي أيام السنة.. 2- خُذوا بجميع عرى الإسلام وشرائعه وشعب الإيمان، واعملوا بجميع أوامره، واتركوا جميع زواجِرِه ما استطعتم من ذلك. 3- أقيموا شعائرَ الإسلام واشتغلوا بها عمَّا عداها. 4- ادخلوا بكل جوارحِكم في شرائع الدِّين، قلبًا وقالبًا، روحًا وجسدًا. رمضان فرصتنا لتحقيق الدخول في السِّلم كافة. اللهم مددَك وعونك وتوفيقك وقبولك.. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
إني صائم... إني صائم راشد عبدالرحمن العسيري الصيام مدرسةٌ جامعةٌ يتعلَّم فيها المسلم معاني عظيمةً تُعينه على تقوية النفْس وتهذيبها، والسمو بها إلى الأفْضل والأكمل. والمتمعِّن في الصيام يجد أنَّ غايته هي تقوى الله - عزَّ وجلَّ - وتعظيم حُرماته، وجِهاد النَّفْس على مخالفةِ الهوَى، والبُعد عمَّا حرَّم ونهى. فليس المقصود مِن الصيام مجرَّد الامتناع عنِ الطعام والشراب وسائرِ المفطِّرات الحسيَّة فقط، بل وجَب حفظُ الصوم وصونُه مِن كلِّ ما يدنسه أو ينقص أجْرَه، فوجَب الامتناع عن مفطِّرات أُخَر، لا يكمل صيام أحد إلا بالامتناعِ عنها؛ قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن لم يَدَعْ قولَ الزُّور والعملَ به، فليس لله حاجةٌ في أن يدَع طعامَه وشرابَه)). فكما يصوم المسلِم عن المفطِّرات الحسيَّة المباحة، وجَب عليه أن تصومَ جوارحُه عن كل ما يُذهِب أجْر صومِه من المفطِّرات المعنويَّة، وكما أنَّ للجسم صيامًا فإنَّ للجوارح صيامًا أيضًا: فصيام العينين غضُّهما عمَّا حرَّم الله، وصيام الأُذنين حفظُهما عن سماع ما حذرونهى، وصيام اللِّسان صونه عن قولِ ما منَع وزجَر، وهي أمورٌ قد غفل عنها كثير مِن الناس، فقدْ يصوم الصائِم عن الطعام والشَّراب، ويُفطِر على غيرِهما، قدْ ملأ يومَه بأقوالٍ وأفعال تنقص مِن أجْره صومه، أو قد تُبطل عملَه؛ يقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((رُبَّ صائمٍ حظُّه مِن صيامه الجوعُ والعطَش، ورُبَّ قائمٍ حظُّه من قيامه السَّهَرُ)). وقد أرْشدَنا نبيُّنا - عليه الصلاة والسلام - إلى طريقةِ حِفظ صيامنا ممَّا قد يخلُّ به، فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((إذَا أصْبَح أحدُكم يومًا صائمًا، فلا يرفُث ولا يَجْهَل، فإنِ امرؤٌ شاتَمه أو قاتَله، فليقلْ: إنِّي صائِمٌ إنِّي صائِم)). هذا التوجيهُ النبويُّ يترُك أثرًا في النفس المسلِمة لبيان عظمةِ هذا الأمْر، وتربية للأمَّة على الأخلاق الرفيعة، والسماحَة في القول والفِعل؛ لتكون درسًا تستفيد منه في رمضان وفي سائِر شهورِ العام. وقدِ اعتنى سلفُنا الصالح بصومِ الجوارح عن المحرَّمات اعتناءَهم بصومِ الجِسم عن المفطِّرات؛ رُوي عن جابرِ بن عبدالله - رضي الله عنهما - قوله: "إذا صُمتَ فليصُم سمعُك وبصرُك ولسانُك عن المحارِم، ودَعْ عنك أذَى الجار، وليكُن عليك سكينةٌ ووقارٌ يومَ صومِك، ولا تجعلْ يومَ صومِك ويومَ فِطرك سواءً". ويقول ابنُ القيِّم - رحمه الله تعالى -: "الصَّومُ هو صومُ الجوارح عنِ الآثام، وصوم البَطن عن الشَّراب والطعام، فكما أنَّ الطعام والشراب يقطعُه ويفسده، فهكذا الآثام تقْطَع ثوابَه وتُفسد ثمرتَه، فتصيِّره بمنزلة مَن لم يصُمْ". ورُوي عن أحدِ الصالحين قوله: "ليس الصومُ صومَ جماعةٍ عن الطعام، وإنَّما الصوم صومُ الجوارح عنِ الآثام، وصَمْت اللِّسان عن فُضول الكلام، وغضُّ العين عن النَّظَر إلى الحرام، وكفُّ الكفِّ عن أخذ الحُطام، ومنْع الأقدام عن قبيحِ الإقدام". فحريٌّ بالمسلِم أن يحفظ صيامَه عمَّا حرَّم الله مِن الأقوال والأفعال، وأن يحرِص على صونِه عن كل ما يجرحه، وينقص مِن أجْرِه، ويخرجه مِن هيئته، ولنأخذْ مِن مدرسة الصيام زادًا يُعيننا على الصالحات بعدَ رمضان. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
في رمضان اسأله أن يرحم فيك ضعف الإنسان وصال تقة ذنبك.. ذاك الذي جاهرت به، وذاك الذي تلبَّس عليك مع الطاعة، وذلك الذي خفي عن أعين الناس.. دمعة وزفرة وسجدة بين يدي القويِّ سبحانه معترفًا بضعفك وبغلبة شهوة نفسك المركبة جِبلَّة فيك، تسأله أن يرحم فيك ضعف الإنسان، وأن يغيثك من الأمَّارة بالسوء، وألا يكلك إلى نفسك طرفة عين.. والأوبة مِنَّة، والتوبة فضل، والدمع والاعتراف أول خطوة على طريق الهداية.. ومضة: فلسفة الذنب: ليست هذه دعوة إلى اقتراف الذنوب، ولا إلى تنحل الملائكية والقداسة والتنزيه، إنما هي دعوة إلى الإصاخة إلى صوت الفطرة داخلنا.. إلى إعمال الفكر في إنسانيتنا بعد الوقوع في الذنب.. تُعِين الشاردَ على الأوبة، والمتعاليَ على الرضوخ والإذعان. فرُبَّ ذنبٍ يقرِّبك من مولاك، يجعل قلبك يسجد بين يدي القوي سبحانه معترفًا بضعفك، وبغلبة شهوة نفسك المركبة جبلَّة فيك، تسأله أن يرحم فيك ضعف الإنسان، وأن يغيثك من الأمارة بالسوء، وألا يكلك إلى نفسك طرفة عين، ويجعل روحك تسجد لغافر الذنب الرحيم التواب، العليم بضعف عباده وبتلبُّس الشهوة بهم، وضعفهم أمامها، القابل لتوبتهم ولأوبتهم واستغفارهم.. وذنب يعرِّفك نفسك، ويجعلك تكيل لها الاتهامات.. يعلِّمك أنك مهما بلغت من مراتب العلم والتقوى إنسانٌ، وإن أردت محاكاة الملائكية والسير في دروب النور، فطبعك الآدمي غلاب.. يعلِّمك ألا تزكِّي نفسك، وألا تتعالى على الخَلْق بعلمك أو بأخلاقك، ويذكرك أنك مهما اجتهدت فأنت معرَّض للابتلاء والتمحيص والفتنة، فيجعلك لا تظن بنفسك خيرًا، وتبتعد عن العُجب والغرور.. يعلِّمك السير في دروب المجاهدة، وتكلُّف الإخلاص حتى يصير ديدنك، والتصبر إلى حين البلوغ للصبر، والتخوف حتى يصبح الخوف فيك جبلَّة، والتورع حتى يصبح الورع سجيتك، والتعفف حتى يصبح العفاف نهجك.. ونفسك المحبة للحق ابتداءً، المتجاذفة بين الطاعة والعصيان، يمدها النور تارة والظلام أخرى، هي نفس إنسان قبل كل شيء، نبتتها طيبة لكنها اجتيلت، وأوشك الهوى أن يستعبدها، تطلع إليها وانفُضْ عنها العتمة، جاهِدْها.. اجلدها.. علِّمها أن تسير على درب الوصول خاضعة خانعة منقادة.. وتبقى فلسفتك في التعامل مع الذنب بعد وقوعك فيه الفيصل بينك وبين من حادُوا وشردوا وقطعوا على التوبة سبل الإياب.. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
مبارك عليك الشهر [12] أ. محمود توفيق حسين عندما تكون جدتك قد جاءتكم زائرةً في الشهر الكريم وتجلس بينكم وعيناها ممتلئتان بالغبطة والتقدير بنسلها وهي سعيدة بأن صرت شابًّا وأخذَت تذكرك بطفولتك، ولثغتك القديمة وتعلُّقك بها، وسيرك خلفها وأنت ممسك بثوبها جيئة وذهاباً تذكرك وهي تأكل بطاقم أسنانها وتسحب الكلام منك سحباً، ولا زالت مبتسمة وأنت تردُّ بغير اهتمام.. تتعجل إنهاء إفطارك، لتذهب مع الصحبة إلى المقهى ومع ذلك فهي تحاول معك مرةً وراء مرة، كأنها لا تصدق أنك لا تعبأ بوجودها وأنه لم يعد فيك أيُّ شيء من ذاك الولاء الذي كان في الطفل المتمسك بثوبها ويناديك أصحابك من الشارع فتقوم رغم أنها طلبت أن تجلس إليك قليلاً.. يا حفيدها؛ تَراجَعْ، وابتسم في وجهها الطيب، وأشعرها بسعادتك بوجودها وقل لأصحابك من الشرفة أنك ستجلس مع جدتك وستقابلهم في وقت لاحق لا تفكِّر بأنها من عالم آخر، بل فكِّر بأنك منها لا تفكِّر بأن حديثها البسيط لم يعد يناسبك بل فكِّر في أن من يناسبك حديثهم لا يدعون لك وهي تدعو فكِّر بأنك لأقرانك طوال العام.. فاجعل لكبار السن والأهل نصيباً منك في رمضان. مبارك عليك الشهر وقد خرجت منه مكرماً للكبار |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
تعلمت في رمضان (1) عظمة الفرص د. مشعل عبدالعزيز الفلاحي الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على أشْرفِ الأنبياء والمرسَلين. وبعد: فإنَّ شهر الله تعالى رمضان مدرسةٌ بكامل فصولها، يتعلَّم الإنسان في شهرٍ واحد ما يُمكن أن تقدِّمه المدرسةُ النظامية وتعمِّقه في نفوسِ طلاَّبها في سنوات، وها أنا واحدٌ مِن أولئك الطلاَّب ما زلتُ مِن سَنوات أكتُب بعضًا مِن فصول ومهارات وآثار تلك المدرسة إلى اليوم ولم أنتهِ بعدُ! بل أجِدني في كلِّ عام أتيتُ على ما أُريد أن أكتُبَ فيه، وما أن تَفتحَ لي هذه المدرسة فصولَها مِن أوَّل يوم إلا وتتداخَل في فِكري كثيرٌ مِن الأفْكار والمهارات والآثار الجديدة التي أحْتاج إلى تعلُّمِها ودراستها والاستفادة منها، وهأنذا تحتَ هذا العنوان أكتُب بعضًا مما علَّمتنيه هذه المدرسة مِن مفاهيمَ كبرى في حياة الإنسان ليس في ذات الشَّهْر فحسبُ، وإنَّما في عالَم الحياة ورِحلتها الكُبرى في الأرْض. مِن هذه المفاهيم التي تعلَّمتُها مِن خلال هذه المدرسة: عظَمة الفُرصة في حياة الإنسان، وأنَّ الفُرَص تقدِّم للإنسان أرْقَى ما ينتظره مِن خير وأوسَع ما يُريده من برَكة في لحظة أو لحظات مِن الزمن، وأنَّ الإنسان حين يستعدُّ لاستقبال هذه الفُرَص ويدرك آثارها، ويُرتِّب حياته لاستثمارها سيكون في عدادِ الكبار في لحظةٍ مِن لحظات الزمن. ومدرسة رمضان تُثير فرصًا كبرى في حياة الإنسان وليستْ فرصة، وتجعله في خلالِ شهرٍ واحدٍ صفحةً بيضاء مِن الخطيئة، وورقة مثمِرة من الحسَنات، وتكتب على كلِّ خُطواته السابِقة مهما كانتْ أوزارها رحلةً جديدة وحياة كبيرة، ترَى هذا في قول النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن صام رَمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تَقدَّم مِن ذنبه))، وفي قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن قام رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تَقدَّم مِن ذنبه))، وفي قوله - عليه الصلاة والسلام -: ((مَن قام ليلةَ القدْر إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تَقدَّم من ذنْبه))، إنَّك حين تتأمَّل في مدرسةِ الحياة كلها قدْ لا تظْفَر فيها أحيانًا إلا ببِضع فُرَص مهما امتدتْ بك الحياة وطال بكَ الزَّمن، وترَى مفهوم الفُرصة في رَمضان يلبس أوسع صُورِه، ويخرج بهيجًا يتلقَّى الإنسان في كلِّ طريق ويهبه رُوحه ومعناه وأثَره، ولم أرَ مفهومًا يلبس ثوبًا فَضفاضًا كبيرًا في فترة وجيزة كما أَرَى هذا المفهوم في فترةٍ قصيرة مِن حياة الإنسان، لكن مشكلتنا الكُبْرى أنَّنا لا نُحسِن قِراءة هذا المفهوم في أحيانٍ كثيرة قراءة المتتبِّع للفُرَص، المستثمر لها، المشمِّر إليها، الناظِر لها برُوح الإعجاب والانتظار فتفوتنا لأجْلِ ذلك، وتذهب مِن حياتنا ونحن لم نحتفِ بها احتفاءَ المحبِّين، وتُغادِرنا دون أن نتلفَّت لها، أو حتى نستشعرَ رحيلَها مِن حياتنا. عَلَّمني رمضانُ أن أقرأ هذه الفُرص بعين عكَّاشة بن محصن، وبرُوحه ومبادرته حين دفَعه استثمارُ هذا المفهوم لعناق الجنَّة يومَ القيامة دون حِساب ولا عِقاب، وقام غيره يودُّ اللحاقَ ويلهث مِن أجل الوصول، فما وجد إلا عوارضَ الطريق! إنَّني أُدرك أنَّ مشكلة الفُرْصة أنها تأتي في لِحاف العمَل، وتحاول أن تقدم عليك وهي متدثِّرة به متعثِّرة في أعطافه، فتأتيك هنا في حديثِ نبيِّك - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن صام رَمضان إيمانًا واحتسابًا))، وتطلب منك دقَّةَ الإخلاص لله تعالى، ورَوائع تلذُّذه، ورُؤيته أثناءَ الجوع والعطَش، وكثيرًا ما يَغيب هذا المعنى ويكون تَذكُّره مكلفًا على أصحابه وهم يَذوقون ذاتَ الجوع وذات العطَش، وهذا هو لحافُها هنا، وتراه لحافًا يحتاج إلى جهاد وتعَب وتذكُّر في كلِّ وقت، حتى ينسلخَ مِن على الجسَد فتكون الفرصةُ في لحظته عاريةً ويحين وقتُ اللِّقاء، وتأتيك في ذاتِ الثوب في قول نبيِّك - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن قام رمضانَ إيمانًا واحتسابًا))، وثوب هذه الفُرْصة أن تقومَ مع الإمام كلَّ ليلة مِن حين ما يبدأ إلى أن ينصرِف، وفوات شيءٍ مِن صلاة الإمام محفوف بفواتِ الفُرصة كلها لعمومِ قوْل النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن قام مع الإمام حتى ينصرفَ كتب له قيام ليلة))، ومحصلة قيام هذه الليالي كلها هي الفُرصة التي أخبر بها نبيُّك - صلَّى الله عليه وسلَّم. لو لم أتعلَّم مِن رمضان سوى هذا المفهوم، لكان كبيرَ المعالِم في حياتي، عظيمَ الآثار فيها، فكيف إذا قلت لك: هو أوَّل ما تعلَّمْت، وفي حياتي غير ذلك ستأتيك تِباعًا - بإذن الله تعالى. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
وسائل الإعلام الرائي (التلفزيون) د. فهمي قطب الدين النجار ظهوره: كان في عام 1928م في الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة؛ لذلك تُعَدُّ أكبر دولة في تصدير البرامج في العالم؛ إذ يُقدَّر ما تُصدره في السنة الواحدة بـ (130) ألف ساعة برامجية، بتكلفة 1000 دولار للدقيقة الواحدة، ثم ظهَر بعد ذلك في باقي دول العالم. أما في البلاد العربية، فقد بدأ البثُّ في المغرب عام 1954م، وفي العراق عام 1956م، ثم توالى البثُّ في باقي البلاد العربية. وقد بلغ عدد محطات الإرسال للرائي في الدول العربية 190 محطةً عام 1977م. مميزاته: يتميَّز الرائي بمُميِّزات خاصة استطاع بها جذب جمهور المذياع، وخاصة الأطفال والشباب، هذه الميزات هي: 1- أنه يجمع بين الرؤية والصوت والحرَكة؛ مما يَجذِب الانتباه ويُثير الحواس أكثر من أي وسيلة أخرى. 2- يُقدِّم الأحداث كما هي في الواقع زمَن حُدوثِها. 3- يَنقُل الأحداث إلى الأسرة داخل المَنزل بالصورة والصوت والحركة، وهو بهذا يوفِّر الوقت ويُعمِّم المعرفة. وظيفته: تختلف النظرة إلى الرائي في المجتمعات حسب عقيدة هذه المجتمعات؛ فالمجتمعات الغربية ترى أن وظيفة الإعلام التلفزيوني الرئيسة هي (الترفيه، وملء أوقات الفَراغ)، وهذا الرأي ينطلِق من الأساس المادي للحياة الغربية، وأن على الإنسان أن ينتهِزَ فرصة الحياة الدنيا ليُمتِّع نفسه أقصى درجة التمتُّع، وهذه الحياة هي الغاية، وهي المصير، ولا حياة بعدها، أما المجتمعات الشيوعيَّة، فترى أن التلفزيون وسيلة ترفيه ودعاية بنفس الوقت؛ فالبرامج الترفيهية تُنسي الإنسان واقعه الاقتصادي المُتعب، وواقعه الاجتماعي المُتحلِّل، وتجعله يعيش في عالم خيالي، وتزيد من تَحلُّله الأخلاقي، وتَخلُق فيه رُوح اللامبالاة، أما الدعاية، فهي للفِكر الماركسي الذي عفا عليه الزمن، وثبَت أنه يُناقِض الحياة والفِطرة، ووظيفة الدعاية هذه هي وظيفة كل وسائل الإعلام في الدول الشيوعيَّة سابقًا. أما عن وظيفة التلفزيون في المُجتمَع الإسلامي، وكما هو في الواقع الآن، فلا أظن أنه يَنطلِق من مبادئ معيَّنة؛ فهو يجمع بين الترفيه والتوجيه، وإن كان الترفيه هو الغالب في التلفزيون العربي حاليًّا. وما أحوجَنا إلى تأصيل عقدي حقيقي لوظيفة التلفزيون في المجتمع الإسلامي الذي يسير وَفْق هدى الله، فهو لن يكون سوى وسيلة خير وهدى: 1- تَنشُر الدعوة الإسلامية في كل مكان. 2- تنشر التعليم، وتمحو الأمية. 3- تزيد في وعي أفراد المجتمع سياسيًّا وفكريًّا واقتصاديًّا. 4- تُحرِّر العقل الإسلامي مِن قيود الأوهام والخُرافات. 5- تُغيِّر المفاهيم الخاطئة التي تراكمَت بتأثير الإعلام المعادي. 6- تُروِّح وتُرفِّه عن النفس، مِن عناء التعب الجِسمي والعقلي، ولكن ليس بالأسلوب الغربي أو الشرقي غير الأخلاقي، بل بأسلوب نظيف، عن طريق المشاهِد الخلابة التي تُسبِّح الله، الناطقة بقدرة الله - عز وجل - وآياته في الكون والإنسان، وعن طريق القصص التاريخيَّة التي تُبرِز بطولات المسلمين، والقصص الاجتماعية التي تُظهِر السلوك الإسلامي المتميِّز في المعاملة والأخلاق الرفيعة. وليس ضروريًّا أن نُلزم الإعلام التلفزيوني بالأخبار وتلاوة القرآن فقط، فيملَّ الناس وينصرفوا إلى ما هو أشدُّ منه ضررًا، وهو الفيديو، أو أي وسيلة أخرى فاسدة. يتبع |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
مبارك عليك الشهر (13) ا. محمود توفيق حسين عندما تبدأ انطلاقتك في الحمْيَة من شهر رمضان بعزيمة جبارة ويصير فؤادك فارغاً إلاَّ من أمر الرشاقة المطلوبة ونزول الكرش وتذهل عن القرآن والقيام وتقضي وقتك في متابعة كم أصبح بنطالك واسعاً عليك؟! مسروراً بالثقبين الجديدين في الحزام، وبقراءة الميزان البيتي الآخذة في الانخفاض مؤكداً لنفسك على الصبر على لقيماتٍ قليلة في الفطور وأقل منها في السحور؛ لا تفكِّر بأنك منشغل بأمر غير محرَّم بل فكِّر في أنك منشغل عن شهر معظَّم لا تفكِّر بأنه الشهر الفرصة لتخفيف زِنَتك على الميزان بل فكِّر في أنه بالأساس "الشهرُ الفرصةُ" ليزيد وزنك عند الله. مبارك عليك الشهر وقد خرجت منه حاضرَ القلب في التعبد |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
تعلمت في رمضان (2) د. مشعل عبدالعزيز الفلاحي تعظيم شعائر الله تعالى الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين. وبعدُ: فإنَّ تعظيم شعائر الله تعالى في حياة كلِّ إنسان أثرٌ من آثار التقوى في قلبه، وهي بعض ما تعلمه هذه المدرسة الكبرى في حياة كل إنسان. إنَّ الأصل في شرعيَّة رمضان كله هو هذه الحقيقة "التقوى"؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]. فلأجْل التقوى شُرِع صيام هذا الشهر، وحين تجد صائمًا لَم تَعمر قلبَه التقوى، ولَم يجد لها أثرًا في حياته، ولَم تتربَّ نفسه على تعظيم شعائر الله تعالى وحُرماته، تُدرك حينها أنه لَم يكن له نصيبٌ من آثار هذه المدرسة، ولَم يُوَفَّق للنجاح فيها، ولَم يجد أثرًا حقيقيًّا لتَعبه وجُهده في رحلته كلها، ويكفي ذلك خسارة وضياعًا في حياة الإنسان. إن رمضان جاء يهذِّب النفوس، ويُرتِّبها، ويُعيد بناءها وترتيبها من جديد، وهذا أعظم درسٍ يتعلَّمه الإنسان في رمضان. إن حياة الإنسان خلال عام كاملٍ يُصيبها من الوهن والضَّعف، وتعتريها الأمراض، وتكدُّها المعاصي، فتَذهب ببعض معانيها، ويَشوبها ما يشوب كل رحلة من النقص والضَّعف، ومهمة هذه المدرسة أن تُعيد بناء هذه النفوس من جديد، وتحاول جاهِدة خلال ثلاثين يومًا أن تُعيد البريق الذاهب من حياة الإنسان. وعلينا أن نُدرك أنَّ هذا البناء "تحقيق التقوى" في حياة كل إنسان، لن يتعلَّمه الإنسان في هذه الفترة؛ حتى يكون مثالاً للعبودية الحَقَّة أمام كلِّ أمرٍ ونهي في شريعة الله تعالى، وما لَم يُعانق هذه الحقيقة ويَقف على النجاح فيها مرارًا خلال مدة هذه المدرسة، لن يَظفر بالحياة التي يُطلبها والمعاني التي يَركض في سبيل تحصيلها، ويكفي دليلاً على ذلك قول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من لَم يَدَع قولَ الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يَدَع طعامه وشرابه)). إنَّ هذه المدرسة لا تُعلِّم في فصولها - ومن خلال مناهجها - تحصيل التقوى، من خلال الجوع والعطش، وإنما تُعلِّمه من خلال تعظيم شعائر الله تعالى، والوقوف عند حدوده، وإجلال أمْر الله تعالى ونَهْيه، وتَرْك الطعام والشراب بعض ذلك وليس كله؛ ((مَن لَم يَدَع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدَع طعامه وشرابه)). وهذه حقيقة تَغيب عن كثيرٍ من الصائمين، وتفوت على مفاهيم كثيرٍ من العباد، ويعتقدون حين تُمسي بطونهم خماصًا، أنهم نالوا كلَّ شيء، وقد تكون النتيجة بخلاف ما يعتقدون. إنَّ شهر رمضان جاء ليُعيد بناء النفوس، ولَم يأتِ لتشويهها، وحَصْر غاية الصيام في ترْك الطعام والشراب فحسب، تشويهٌ لصورة الإنسان، وعناية بجسده على حساب قلبه ورُوحه، ومسألة بناء النفوس وإعادة ترتيبها وبنائها من جديد مسألة ضخمة من حقِّها لعَظَمتها أن تأخذ شهرًا كاملاً، تتعلَّم فيه إعادة بناء الإنسان كإنسان. إن علينا أن نُدرك أنه حين يتحقَّق في حياة كلِّ إنسان إجلال شعائر الله تعالى والقيام بحقِّه، والوقوف عند حدوده، فتلك اللحظة هي اللحظة التي من حقِّ ذلك الإنسان أن يأخُذ شهادة بتخرُّجه ناجحًا متميِّزًا من تلك المدرسة، وحين يَلتفت الإنسان إلى حياته كلها، فيجد ضَعفًا في نفسه أمام شعائر الله تعالى وحدوده؛ سواء كانت أوامرَ أو نواهيَ، فليَعلم يقينًا تلك اللحظة أنه من جملة الراسبين الذين لَم يكن لهم شرفُ النجاح في نهاية فصول هذه المدرسة. إنني لست متقوِّلاً على شرْع الله تعالى، لكنني لا أفهم سوى ذلك من قول نبي الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن لَم يدَع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدَع طعامه وشرابه))، والله المسؤول أن يتجاوَز وأن يغفرَ لكلِّ مُذنبٍ؛ إنه وَلِيُّ ذلك والقادر عليه. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
خاطرة في رمضان بكر البعداني ونحن نتفيَّأ ظلال هذا الشهر، يومًا ووراءه آخر، يلوح في البال ويغشاه، ويمر على طيف الخيال ويعترضه - معالم من سيرة المعلِّم الأول والرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم؛ فترسم بريشة تجر في طياتها صورًا، يعجز عنها كل أحد، فتنقش على صفحات القلوب، واحدة تِلْوَ أخرى؛ لتشكل بعد ذلك متحفًا فنيًّا رائعًا، ومكتبة نبوية ساحرة، يُستفاد منها ويُرجع إليها؛ ولذلك كانت سيرته صلى الله عليه وآله وسلم - ولا زالت - عند أهل الإسلام في كل عصر، وكل مصر، ووقت وآنٍ - محطة تبث إشارات، وترسل علامات، تنير الدروب للسالكين، وتضيء الطرقات للعابرين، وبين الحين والحين، والفَيْنة والأخرى، ترسل أشعة دافئة، وبسمات حانية، لكل سالك يقصد دروبَ الحق، ويسعى إلى ذلك الدرب الأول، والمعين الثري الصافي؛ لتُعينه على بلوغه والوصول إليه. فهي واللهِ صور جميلة لا يُعادِلها شيء، ولا يماثل روعتَها شيء؛ لكأني بها - دومًا - تمد يدها المِعطاءة - بسخاء - لتعطي من كنوزها الكريمة، وآثارها الجميلة، وهي كما علمتْنا دومًا لا تمد يدها لتأخذ، وإذا مدت يومًا ما إليك يدها؛ فاعلم أنها تريد أن تأخذ بيديك إلى منهج الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فلا تبخل عليها بيديك، ولا تبخل على نفسك يا من أردت مرافقة الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم أن تجعل لك في هذا الشهر الكريم محطات تتزود منها، وتنهَل فيها من سيرته الكريمة، وتتعلم من سنته العظيمة، وتحقق - عمليًّا - جانب التأسِّي والاتباع للرسول وطاعته صلى الله عليه وآله وسلم؛ فإنه جانب مهم لا بد منه في طريق سَيْرك إلى الله عز وجل، وهذه المحطات مهمة، وهي تشكل جزءًا كبيرًا، ولا تقل أهمية عن أي محطات أخرى، إن لم تكن تفُوقها، وهي توشك شيئًا فشيئًا أن تفارقنا إلى غير رجعة، فالسعيد من اعتبر، ومن انتهل منها، وعمل بها، فوَاهًا ثم واهًا. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
الصوم مساواة ومواساة خميس النقيب رمضان شهر المساواة، كيف؟ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته))، ويقول الله تعالى: ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾ [البقرة: 185]، ويقول ابن عمر رضي الله عنهما، قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: ((لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تُفطروا حتى تروه، وإن غمَّ عليكم فأتموا الثلاثين)). أي إن الناس جميعهم يُفطرون في وقت واحد، ويمسكون في وقت واحد؛ الفقير والغني، الضعيف والقوي، الأبيض والأسود، الحاكم والمحكوم، الرئيس والمرؤوس، طالما يدينون بالإسلام وينوون الصيام، فهم في وقت الإفطار والإمساك سواء، وفرض رسولُ الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر بنفس القدر على الفقير والغني، الضعيف والقوي، الخفير والوزير، الكبير والصغير، الأبيض والأسود، وفي ذلك أيضًا مساواة، إذًا فالصوم مساواة، والصوم أيضًا مواساة؛ والمواساة معناها الوقوف بجوار الفقير والمسكين، إطعام الطعام، وإفشاء السلام، ولين الكلام، فضلاً على إفطار الصائم، إكرام المسكين، إعطاء الفقير، فطوبى لمن واسى مكلومًا، ونصر مظلومًا، وأطعم أفواهًا، وكسا أجسادًا، ووصَل أرحامًا، وجعل يده ممرًّا لعطاء الله في هذا الشهر الكريم وذاك الموسم العظيم، شهر الطاعات، وموسم الحسنات، لقد بيَّن الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه فضائل خصها الله عزَّ وجل بالصائمين في رمضان، فقال: سمعت رسول الله يوم أهَلَّ رمضان يقول: لو يعلم العباد ما رمضان لتمنت أمتي أن تكون السنة كلها رمضان، وجعلت زكاة الفطر مواساة للفقير والمسكين، كيف؟ فرضت على كل مسلم ومسلمة؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: "فرَض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان"؛ رواه الجماعة، لماذا؟ لها حكمتان: الأولى: تطهير الصائم من اللغو والرفث الذي وقع منه في أثناء شهر رمضان. الثانية: إطعام المساكين ومواساتهم في العيد، ودليل ذلك حديثُ ابن عباس رضي الله عنهما قال: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طُهرةً للصائم من اللغو والرفث، وطُعمة للمساكين"؛ أبو داود. وكذلك لتغنيهم عن السؤال يوم العيد، بذلك يكون الصوم مساواة بين أفراد الأمة جميعًا في الإفطار والإمساك، ومواساة للفقير والمسكين، تقبَّل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال! |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
لا تضَعْ حسناتِك في صرَّةٍ مخرومة وصال تقة لا تجعل حسناتك في جراب مخروق.. رمضان شهر الجود والكرم والصدَقات.. بالمال، والكلمة الطيبة، وإماطة الأذى عن النفوس قبل الطُّرقات.. فاحرِصْ على ألا يكون نصيبك من الصدقة حسناتك الملمومة في جراب مخروق.. بالرياء والرَّفث، والصخب، والغِيبة، فرُبَّ صائم ليس له من صيامه سوى الجوع والعطش.. رمضان فرصتك لتعلُّم الخضوع والمحبة.. شيطانك مصفَّد، ونفسك يخفف وطأتها الصيام.. وكل حواسِّك وجوارحك مستكينة تنتظر فرحة الإفطار.. وقلبك قد أرهفه الجوع.. وصار يعلم معانيَ الحاجة والافتقار.. استغِلَّ ضعفه، وعوِّدْه على الخضوع والاستكانة، وحبِّ كل مَن حوله.. سيتعلَّمُ حينها أبجديات المحبة، وستسبح رُوحك في ملكوت العزيز، وستترقى في الافتقار لتصل إلى محبة خالقها وبارئها الودود سبحانه.. ومضة: كُن دائم القُرب من قلبك. مناجاة قلب: إلى هذا الذي قبع بين أضلعي... إلى هذا الذي جعله اللهُ بين أصبعيه يقلِّبه كيف يشاء.. إليك يا من اجتمع فيه الإيمان والشهوة (فأنت لما غلب عليك منهما). إليك يا من إن صلَح صلَحتُ معه، وإن فسد أفسدني وجرعني نغب المرارة والخسران. أأكتب إليك بدمائك، أم بدموعي الحرَّى التي قَلَتْ أجفاني؟ وماذا عساني أقول لك وأنت تعلم عني ما لا أعلمه؟ أأبوح لك بأنني طالما ظننت أنني سجنك، فإذا بك أنت سجني وأنت الجلاَّد؟ أم أهمس لك - والألم يعتصِرُني - أنني أمنتُ لك، فإذا بك تتقلَّب عليَّ وتجمح، فلا بزمامك أمسكت، ولا أحوالك فهمت؟ أم أبثك همومًا أثقلتني، وذنوبًا كبلتني؟ ذنوبًا كنتَ فيها أنت البطل.. فصُلْتَ وجُلْتَ وزيَّنت وأمرت.. وكنتُ في النهاية أنا الضحية وأنا الشاهد والجاني. لا بل سأدع هذا وذاك لأجلس إليك.. لأعترف بين يديك.. فما كنت لأصيرَ إلى ما صِرتُ إليه لولا تفريطي فيك وانشغالي عنك.. فاليوم قبل أي وقت مضى، أمدُّ يدي إليك وأعدك.. بيقين من هجر ركوب بحر التمني، وتعلق بمن نجا كلُّ من جاءه بقلب سليم أن أبحث لك - بعونه سبحانه - عن الدواءِ بعدما علِمتُ الداء. أسأل الله الذي يحول بين المرء وقلبه أن يجمَعَني بك على حبِّه وإخلاصه، وأن يثبِّتك على دِينه، وأن يجعلني ممن جاء إليه بقلب سليم.. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
مبارك عليك الشهر (14) ا. محمود توفيق حسين عندما تقابل أصدقاءك بعد الإفطار ويشعل كل منكم سيجارته ويفاجئكم أحدكم بأن لم يشعل مثلكم.. وعندما سألتموه قال: إنه سينتهز هذا الشهر المبارك في الإقلاع عن التدخين وتأخذ في الإلحاح عليه، وأنت تقول له: إنه سلوانٌ في صعوبة الأيام، وهو الداء والدواء، وشكوى نبثها على هيئة الدخان وتقدم له واحدة فيشعلها بعد أن غلبته وحرَّكت شوقه لا تفكِّر بأنك لم تعلِّمه التدخين وأنه عاد لما اعتاد عليه، وقد كان سيعود لا محالة بل فكِّر في أنك زينت له معصيةً كان قد وعد الله البارحة متضرعاً بأن يكف عنها لا تفكِّر بأن الأصدقاء يحرصون على الأشياء التي تجمعهم بل فكِّر في أن الأصدقاء حقًّا.. يحرصون على الأشياء التي تجمعهم في الجنة.. لا في مستشفى السرطان! مبارك عليك الشهر وقد خرجت منه ناصحاً للناس |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
غضبان في رمضان نانسي خلف إنه السيد غضبان، الذي أخَذ العهدَ على زيارة البيوت في رمضان؛ فإذا جلس السيد غضبان إلى مائدة رمضان، تعهَّد أن يُعكِّر على الجميع صفوَ الصيام، وطارت فرحةُ الصائمين في هذه الأيام. وعند الإفطار يترأس هو الطاولة، وأول ما يبدأ به هو هندسة الصحون: (ليه الصحن محطوط هيك.. مين حطو هيك.. كم مرة بدي قلكن ما هيك بحطو الصحون؟!). والطَّامَّة الكبرى إذا لم يعجبه الطعام بعد النهار الطويل في الصيام: (حاطه ملح كمان.. بدك تعليلي ضغطي)! فيشعر الحاضرون وكأنهم أبطال في مسلسل "مؤامرة في رمضان". وعوضًا عن أن يكون رمضان شهر الفرح، أصبح رمضان شهر الدِّراما، والقصف الكلامي، والهجوم العدواني؛ فلا يسلم أحد من السيد غضبان. ولكن يا ليته يتخلى عن اختصاص هندسة الصحون، ليُكلِّمنا عن هندسة القلوب في رمضان. قُرَّاءنا الكرام، رمضان هو هو ولو حاولنا تغييره، رمضان هو الراحة النفسية، والطمأنينة الداخلية، وبيدِنا القرار، وعلينا مسؤولية الاختيار: إما أن نستمتع برمضان منشط القلوب، وباعث الفرح في النفوس، أو نضيع الفرصة بكلمة من هنا وانتقاد من هناك. بينما رمضان هو الوقت المناسب لتحقيق المكاسب، ولو أنها معادلة صعبة عند السيد غضبان في رمضان؛ ولكنها ليست بالمستحيلة. وحتى لا تزيد ضربات القلب، ولا يغلي الدم في العروق؛ لا بد من إجراء عملية جراحية للجسم نستأصل فيها شرارة الغضب، ونُرمِّمُ الخلايا العصبية الزائدة في شهر الهدوء والطمأنينة والسكينة. والموعد المناسب لهذه العملية هو الآن، في شهر رمضان، وعلى يد كبار الأطباء، وهم: الصيام والقيام والتراويح وتلاوة القرآن. فهلموا إلى المهدئ الرباني "رمضان". وإلى أن ألقاكم، أترككم بعافيةٍ وسلامة من نوبات الغضب، إلا الغضب لله وفي الله. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
قيم رمضانية رياض العمري تختلف القيم التي تحكُم المجتمعات بحسب الأصول التي تحكم التصور الجمْعي؛ كالدِّين، والعادات والتقاليد، وغيرها من المدخلات التي تُغذِّي ذهنية المجتمعات. ويُعتبر شهر رمضان محطة تغذي الشعور الجمعي بالقيم التي ترسِّخ المعاني الساميَة في حياة الفرد والمجتمع، ومن أهم هذه القيم التي رسَّخها رمضان واحديَّةُ الشعور؛ فكل أحداث هذا الشهر ومعانيه تُرسِّخ معاني الوحدة الشعورية؛ فالجميع يسيرون في نمط واحد منذ طلوع الشمس إلى غروبها، لا فرق بين شخص وآخر، ولا بين كبير وصغير؛ فرمضان لِباس يتَّحد فيه الجميع، ويصبغ لونه الصافي على جميع أفراد المجتمع، مما يزيد من بذور التآلف والتراحم وشعور الجسد الواحد، كما أنَّ ترافق هذه المعاني مع الرُّوحانية التي يصبغها الشهر، والأحداث التاريخية التي توحِّد ذاكرة الجميع في تاريخ واحد - يرسم ملامح المجتمع عبر نوافذ الماضي. إن هذه القيم وغيرها من القيم المكوِّنة للشخصية المسلمة هي أداة للتحوُّل الحضاري والبِناء المجتمعي القائم على تناسي الفروق التي تؤسِّس للنِّزاعات، والنظر نحو المستقبل بمنظور واحد يتوحَّد فيه الجميع. نحن بحاجة - أكثر من أي وقت مضى - إلى مِثل هذه الثقافة التي تُوَحِّد النسيج المجتمعيَّ، وتزيد من عوامل التلاحم والاصطفاف المجتمعي؛ للخروج من الأزمات التي تلاحق المواطن وتعوق تقدُّمه، فالشيطان يدخل بين الصفوف ويستغل الثغرات ليوقف عملية البناء، ويُضعِف من التحرُّكات الجادَّة للبناء. إن جميع الشرائح اليوم على كافة المستويات يجمعها شهرٌ يمثل نوعًا من توحيد الأهداف والغايات ومراجعتها؛ بحيث تكون المصلحةُ المشتركةُ هي الخيار الذي يحكُم جميع الأطراف ويُزيل الشِّقاق الذي لا يأتي بخير. في الأخير، هي دعوة لنا لأن يكون رمضان محطة للتزَوُّد بإيجابية، ولا ننقل سلبيات الواقع إلى هذا الشهر، بل نصبغ الواقع بمعاني هذا الشهر المبارك. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
مبارك عليك الشهر (15) ا. محمود توفيق حسين عندما تقفين أمام المرآة قلقةً ناقمة وأنت تتأملين وجهك على طبيعته وفي نفسك شيءٌ من الشهر المعظم لأنه يجردك من الأصباغ وكريمات التبييض ومستحضر إخفاء الهالة السمراء التي اعتادت بشرتك عليها جميعاً فتخرجين فيه أقل جاذبية مما تعودتِ وعودتِ الأعين التي تراكِ وتنتظرين نهايته لتعودي لعطورك ولأحمر الشفاه فاقع اللون.. والرموش الصناعية الطويلة والعدسة الملونة؛ لا تفكِّري بأنه الشهر الذي تخجل فيه المرأة من انكشاف ملامحها البسيطة غير الملفتة بل فكِّري في أنه الشهر الذي يجب أن تخجل فيه المرأة من إفسادها صيام الآخرين بزينتها فكِّري بأنه الشهر الذي يجب أن تنشغلي فيه بقصور نفسك عن بثور وجهك فكري بأن وجهاً أعتقه الله من النار في رمضان خيرٌ من كل الوجوه الجميلة التي لم يُكتَب لها العِتق. مبارك عليك الشهر وقد خرجت منه غيرَ متبرجة |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
مبارك عليك الشهر (16) ا. محمود توفيق حسين عندما تتابعين مسلسلاً يتم عرضه في رمضان والناس من حولكِ في قيامٌ ويثير إعجابك وشغفك، وتنتظرين الحلقة منه بعد الحلقة بفارغ الصبر وتثيرين شهية صاحبتك له وتحكين لها ما فاتها من حبكَتهِ الجاذبة، والممثلة التي ارتدَّت فيه شابةً وما فعلت بها الحمْية وتكبير الشفاه.. فتخسر ذلك الوقت - الذي كانت تتعبد فيه - في متابعته؛ لا تفكِّري بأنك أردتِ إبهاجها بل فكِّري في أنك صرفتِها عن التعبد لا تفكِّري بأنك تدلين صاحبتك على متعةٍ مجانية بل فكري في أنك تشترين لها ولك لهوَ الحديث لا تفكِّري بأنه الشهر الذي تنزل فيه المسلسلات على خرائط القنوات بل فكري في أنه الشهرُ الذي أنزل الله فيه القرآن فكِّري في أنه الشهر الذي تفتح فيه أبواب الجنان، ومن الصدِّ عن سبيل الله أن فتحوا فيه أبواب الدراما. مبارك عليك الشهر وقد خرجت منه دالَّةً على الخير |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
رمضان تجارة المحتسبين وصال تقة قال ابن القيم رحمه الله تعالى في رسالته التبوكية: "فإن كل عمل لا بد له من مبدأ وغاية، فلا يكون العمل طاعةً وقربةً حتى يكون مصدره عن الإيمان، فيكون الباعث عليه هو الإيمان المحض، لا العادة والهوى، ولا طلب المحمدة والجاه وغير ذلك، بل لا بد أن يكون مبدؤه محض الإيمان، وغايته ثواب الله تعالى، وابتغاء مرضاته، وهو: الاحتساب"؛ الرسالة التبوكية ص٤٥. رمضان تجارة المحتسبين.. في صومك احتساب، وفي صلاتك وقيامك، وعند سَحورك وعند الإفطار.. وعند ذِكرك الذي يمنع عنك مباح الكلام قبل فاحشه.. وعند إيقاظ الزوجة والأبناء للسَّحور وللصلاة.. وعند زجر يديك عن تقليب القنوات.. وعينيك عن إطلاقها في المحرمات.. وغيرها وغيرها.. احتسبها لله الشكور، الذي يعطي على القليل الكثير.. تجارة والله لن تبور.. وأنت أيتها المرأة، الاحتساب: تجارتك الرابحة، رمضان فرصتك للتمرُّن على فن البدار إلى طلب الأجر على ما كبر وما دقَّ من الأعمال، بنفس مطمئنة راضية غير متبرمة ولا متسخطة: في المطبخ وأنت تهيئين لزوجِك وأبنائك الطعام، في صبرِك على إيقاظهم للسحور.. في حثهم على الصلاة وقراءة القرآن.. في فك نزاعات الأبناء وتذكيرهم بحديث: ((فإذا كان يومُ صوم أحدِكم، فلا يرفُثْ ولا يصخَبْ، فإن سابَّه أحدٌ أو قاتَلَه، فليقُلْ: إنِّي امرُؤٌ صائم))؛ مُتفَق عليه. وفي كل ما تقومين به من أعمال.. كوني لهم عونًا على الطاعة، واحتسبي الأجر من البَرِّ الشكور الذي يعطي على القليل الكثير.. عمرة امرأة حبيب العجمي: كانت توقظه بالليل، وتقول: قُمْ يا رجل، فقد ذهب الليل، وبين يديك طريق بعيد، وزاد قليل، وقوافل الصالحين قد سارت قدامنا، ونحن قد بقينا؛ (صفة الصفوة: 45/4). |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
وسائل الإعلام الرائي (التلفزيون) د. فهمي قطب الدين النجار أثر الرائي على المشاهدين: يتوقَّف تأثير الرائي على عوامل كثيرة؛ منها ما يتعلق بالبرامج التلفزيونية، ومنها ما يتعلق بالمُشاهِد ذاته. أما العوامل المتعلقة بالبرامج، فالعلماء ما زالوا يُطوِّرونها، ويتفنَّنون في أسلوب عرضِها، لزيادة تأثيرها على المُشاهِدين، والعلماء الغربيُّون لهم باع طويل في هذا المجال؛ إذ إن الرائي بعرفهم وسيلة مُهمَّة من وسائل الترويح والترفيه عن جماهيرِهم. أما العوامل التي تتعلَّق بالمُشاهِد، فترجِع أولاً إلى عقيدة المُشاهِد، ودرجة تعلُّمه، وسنِّه، وجنسه، ومن النتائج المهمَّة التي توصَّل إليها العلماء أن الرائي يزداد تأثيره على نوعين من أفراد المجتمع: الأطفال، وذوي التعليم المنخفِض والأميين. وبصفة أن نسبة الأمية في المجتمع العربي خاصة - والمجتمع الإسلامي عامة - مرتفعة جدًّا من 70 - 75%. وأن عدد الأطفال عام 1980م - وهم الذين بين الخامسة والرابعة عشر - بلغ 43 مليونًا. إذًا، فإن الرائي يؤثِّر على نسبة كبيرة من أفراد المجتمع العربي، وخاصة إذا بقي بصورته الحالية وبرامجه غير الهادِفة، التي تَخلِط الصالح بالطالح، وقد ازداد خطورة الآن عندما انتقل البثُّ عن طريق الأقمار الصناعية، وتستطيع أجهزة الاستقبال التِقاط أي محطة يُريدها المُشاهِد من الغرب أو الشرقِ. كل هذا يدفعُنا إلى الإسراع بتحويل الإعلام التلفزيوني إلى إعلام هادف ونظيف في الوقت نفسه، غايته الخير لا الشر، والأخلاق لا الانحِلال. يتبع |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
تعلمت في رمضان (3) تعظيم سنة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم د. مشعل عبدالعزيز الفلاحي الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على أشرف الأنبياء والمرسَلين. وبعدُ: ما زالتْ هذه المدرسة تكتب عليَّ بعض مِنَحِها، وتهبني بعضَ عَطاياها، وتدفَعُني للحديث عن بعض ما وجَدتُ في فُصولها أثناءَ دِراستي فيها وبَقائي في رحلة أيَّامها. ممَّا تعلمتُ في هذه المدرسة تعظيمُ سنَّة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو درسٌ تلقَّيته من فُصول هذه المدرسة في قول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما يَزال الناسُ بخيرٍ ما عجَّلوا الفطر))، وهو درسٌ مبثوثٌ في كتاب الله - تعالى - وفي سنَّة نبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - وحقيقٌ بالعِناية والإمعان. إنَّ الله - تعالى - أوقف حبَّه على مُتابَعة سنَّة نبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال - تعالى -: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 31]، فجعَل محبَّته وقفًا على مُتابَعة نبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - وإحياء سنَّته، وأثرًا من آثارها، ويَكفِيك هذا دليلاً على أهميَّة هذه السُّنَّة في حَياة كلِّ إنسان. إنَّ رمضان جاءَ يُعِيدُ هذه المسألة في حَياة الناس من جديدٍ، ويَدعوهم إلى تعظيم سُنَّةِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ((ما يَزال الناسُ بخيرٍ ما عجَّلوا الفِطرَ))، إنَّ التأخر في الإفطار كان يمكن أنْ يكون منقبةً لزِيادة دَقائق من الجُوع في حَياة إنسانٍ وتحمُّله من أجل الله - تعالى - لكنَّه لَمَّا كان مُخالِفًا للسُّنَّة كان المتأخِّر مُتنطِّعًا في دِين الله - تعالى. ولإجلال السُّنَّة وتعظيمها في النُّفوس ما تَزال الخيريَّة تحتفُّ بهم وتَمشِي في طريقهم وتسيرُ معهم ما كانوا معها وفي رِكابها، وتُهيِّج هذه المدرسة في نُفوس أصحابها إحياءَ سُنَّةِ نبيِّ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وإفشاءَها في نُفوسهم لحظةَ الإفطار، فتقول لهم "كان - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُفطِر على رطبات قبل أنْ يُصلِّي، فإنْ لم يكن رطبات فعلى تمراتٍ، فإنْ لم يكن حسَا حَسَواتٍ من ماء"، وتجعَلُ متابعة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ومُغالَبة طَبْعِ الإنسان في هذه اللحظات دعوةً لإحياء هذه السُّنَّة وتعظيمها في النُّفوس، وما تزال بي الفَرْحة وأنا أرَى في لحظات الإفطار تتابع الناس على الرُّطَبِ وتتبعهم له، لا لشهوة نفوسهم، كلا، وإنما إحياءً لسُنَّةِ نبيِّهم - صلَّى الله عليه وسلَّم. إنَّ مدرسةَ رمضان تُعلِّمنا هذه اللحظات ألاَّ نمدَّ أيدينا إلا على الرُّطَبِ والتمر من بين كلِّ أصناف المأكولات التي تُعرَض علينا لحظةَ الإفطار مهما كانت صُورتها شهيَّة رائعة، تعلَّمنا بذلك أنْ يكون هذا الخُلُقُ هو خلقنا ليس لحظة الإفطار من رمضان فحسب، وإنما في كلِّ لحظة من حياتنا بعدَ رمضان. إنَّنا في رمضان نعجل الإفطار رغبةً في تحقيق سُنَّةِ نبيِّنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - ونهرع لحظةَ الإفطار نبحَثُ عن الرُّطَبِ، فإنْ لم نجدْه بحَثْنا عن التمر، فإنْ لم نجد حسَوْنا حَسَواتٍ من ماء، مع توافُر كلِّ ما نريدُ بين أعيننا وفي مُتَناوَل أيدينا، تاركين بذلك شَهواتنا ورَغباتنا من أجل سُنَّةِ نبيِّنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - يا لها من لحظاتٍ تبعَثُها هذه المدرسة في نُفوسنا كل لحظة تعلمنا بها بعض حَياتنا التي نكبر بها مع الأيَّام! إنَّ آثار إحياء سُنَّةِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - على الإنسان أكبر ممَّا نتصوَّر، وأعظَمُ ممَّا نتخيَّل، ولو لم يكنْ فيها إلا إجلال أمر الله - تعالى - وتعظيم أمره لكان كافيًا، فكيف إذا كانت الأرباح حَياة أناس في الأرض؟! يُحدِّثني أحدُ الثقات أنَّ رجلاً كان في فِناء جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، وبينما هو يسيرُ إذ هو ببرادة ماء في الطريق فما كان منه إلا أنْ ملأ كوبه ثم جلَس يشرب مُتَّبِعًا لسُنَّة نبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - فإذا بأحد الأطباء يُمسِك به ويسأله لماذا جلست أثناء شربك؟ فقال: هكذا علَّمنا نبيُّنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - فما كان من السائل إلا أنْ قال: "أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنَّ محمدًا رسول الله"؛ إذ كان هذا الرجل طبيبًا لم يُسلِم بعد، ولديه أبحاثٌ عن فوائد الشرب جالسًا استَغرَق فيها سنوات من عُمره، وعثر على هذه النتيجة بعد أنِ استَغرَقتْ من حياته عمرًا طويلاً من البحث والتجريب، فلمَّا رَآها في سُنَّةِ هذا النبيِّ الكريم في أقل من سطرٍ أعلَنَ إسلامَه ودخَل في دِين الله – تعالى! وإنَّني ما رأيتُ مُعظِّمًا لشأن السنة محتفيًا بها مجلاًّ لصاحبها، إلا ورأيت حبَّه يتسلَّل قلوبَ الخلق، وهذا هو إمام أهل السُّنَّة والجماعة الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - وهذا الذِّكر الكبير في الأرض اليوم تُقدِّمه لنا حياته - صلَّى الله عليه وسلَّم - كلها، ومن ذلك تعظيمُه لسُنَّة نبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - وفي الخبر أنَّه احتجم وأعطى الحجَّام أجرًا، وقال في إثْر ذلك: "إنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - احتَجمَ وأعطى الحجَّام أجرًا. وهذا ابن باز العَلَمُ الكبير الذي وجَد كلُّ إنسان مؤمن حبَّه يتخلَّل قلبه كان يجلُّ السنة ويُعنَى بها، ومن ذلك أنَّه قَدِمَ مَرَّةً من سفر، وكانت من عادته ألاَّ يدخل بيته حتى يُصلِّي ركعتين في المسجد اقتداءً بنبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقدم مَرَّةً من المرات ووجد المسجد مقفلاً والمؤذِّن غير موجود، وفي البيت جمع من المنتظِرين لقدومه - رحمه الله تعالى - من بينهم أمراء ومسؤولون، لكنَّه آثَر ألاَّ يدخل بيته إلا بعدَ أنْ يُصلِّي، فانتظر طويلاً حتى جاء مفتاح المسجد وفتحوه، وصلى كما كان يُصلِّي نبيُّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - ثم دخَل بيته، ومثلُ هذا التعظيم حقيقٌ برفْع صاحبه وإجلاله في الأرض، والله المستعان! إنَّ تلمُّس السُّنَّة في رمضان أكثر ممَّا ذكَرتُ، وحسبي الإشارة فقط، ويمكن لكلِّ عاقلٍ أنْ تكون هذه المدرسة هي نقطة البداية في حَياته، وحينها يمكن أنْ يَعُودَ كبيرًا - بإذْن الله تعالى - في الأرض. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
مبارك عليك الشهر (17) ا. محمود توفيق حسين عندما تجتهدُ في العبادات في رمضان وتشعر بالطمأنينة والرضا عن الذات وتجتمع بالأصدقاء مسترخياً وتستفسر منهم عن نشاطهم في الطاعات، لتشعر بإنجازك في ضوء المقارنة ويقول أحدهم متحسراً: إنه قد غلب عليه ضعفُه ولا زال في الجزءِ الخامس من القرآن فتقول له: قد مرَّ نصف الشهر ولا زلتَ في الجزء الخامس، وهأنذا سأختم للمرة الرابعة؟!.. راح عليك الشهر، واطلبه إذاً في العام القادم! فيقول لك - وقد غلب عليه الحزن - إنه سيحاول فتقاطعه بأن من فاز فاز، وقد ذهب الرجال بالغنائم؛ لا تفكِّر بأنك بالتأكيد أفضل منه بل فكِّر في أنه قد يبكي الليلة لربه بكاء التائبين فيلحق بك لا تفكِّر بأنه قد فاتته الليالي الكريمة ورجاء الثلث الأخير بل فكِّر في أن للهِ في هذا الشهر عتقاء من النار، وذلك كل ليلة لا تفكِّر بأنك أحسنت وهو أساء بل فكِّر في أنه لو أساء بالليل والنهار.. فله ربٌّ يبسط يده بالليل ليتوب مُسيءُ النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل. مبارك عليك الشهر وقد خرجت منه مبشراً برحمة الله |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
تجارة السبَّاقين قصب السبق وصال تقة لربما كنت من ظالمي أنفسهم: تفريط في الطاعة، وتوريط للنفس في المعصية، (ومن منا غير ذلك؟). لربما قد اعتدت على تجارة المقتصدين: مجاهدة نفس على تأدية الواجبات، وترك المحرَّمات، من غير إتيان بمنتهى القربات الرافعة للدرجات.. في رمضان جرِّب تجارة السباقين بالخيرات.. الطموحين المحرزين للسبق في الطاعات وإسراع الخطى للمغفرة والفِرْدوس الأعلى.. وذلك هو الفضل الكبير.. ومضة:((سبَقك بها عُكَّاشةُ))[1]. بين طلب الأول وطلب الثاني بضعُ دقائق، ولربما أقل، لكن فاز بها الأسرع والسباق لطلب الخير.. في رمضان، كُنْ أنت عُكاشة. [1] مقتطف من الحديث المشهور: خرَج علينا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومًا فقال: ((عُرِضَتْ عليَّ الأمَمُ، فجعَل يمرُّ النبيُّ معَه الرجلُ، والنبيُّ معَه الرجلانِ، والنبيُّ معَه الرَّهطُ، والنبيُّ ليس معَه أحدٌ، ورأيتُ سَوادًا كثيرًا سدَّ الأُفُقَ، فرجَوتُ أن يكونَ أمتي، فقيل: هذا موسى وقومُه، ثم قيل لي: انظُرْ، فرأيتُ سَوادًا كثيرًا سدَّ الأُفُقَ، فقيل لي: انظُرْ هكذا وهكذا، فرأيتُ سَوادًا كثيرًا سدَّ الأُفُقَ، فقيل: هؤلاءِ أمتُك، ومعَ هؤلاءِ سبعونَ ألفًا يدخُلونَ الجنةَ بغيرِ حِسابٍ))، فتفرَّقَ الناسُ ولم يبَيِّنْ لهم، فتذاكَر أصحابُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقالوا: أما نحنُ فوُلِدْنا في الشِّركِ، ولكنا آمنا باللهِ ورسولِه، ولكن هؤلاءِ هم أبناؤُنا، فبلَغ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: ((همُ الذينَ لا يتطيَّرونَ، ولا يستَرْقونَ، ولا يكتَوُونَ، وعلى ربِّهم يتوكَّلونَ))، فقام عُكَّاشَةُ بنُ مِحصَنٍ فقال: أمِنْهم أنا يا رسولَ اللهِ؟ قال: ((نعَمْ))، فقام آخَرُ فقال: أمِنْهم أنا؟ فقال: ((سبَقَك بها عُكَّاشَةُ)). الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 5752. خلاصة حكم المحدِّث: [صحيح]. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
وسائل الإعلام الرائي (التلفزيون) د. فهمي قطب الدين النجار ولكن ما نوع هذه التأثيرات على المُشاهِد؟ لقد أكَّد العلماء والاختصاصيون في الإعلام أن للرائي مجموعة من التأثيرات، وليس تأثيرًا واحدًا، وكلها خطرة جدًّا على الكائن البشَري وعلى المُجتمَع، وهي تأثيرات فكرية وفسيولوجية واجتماعية واقتصادية وسياسيَّة[1]. أما تأثيره الفكري، فهو يُحدِّد ويَحصُر المعرفة الإنسانية، ويُغيِّر الطريقة التي يحصل بها الإنسان على معلوماته من العالم، وبدلاً من توفيرها لمعلومات طبيعيَّة متعدِّدة المصادر والأبعاد من مطالعة ودرس للكتاب، ومُشاهدة للطبيعة، وتَجرِبة واقعية، ومُحاوَرة مع أهل العلم والمعرفة، وغيرها من الوسائل، نجد الرائي يَحصُر العلم بناحية ضيقة داخل قنواته القاسيَة، وحسب ما يرغَب به معد البرنامج من عرض أنواع مُعيَّنة من المعلومات، وبسببه نعتقد أننا نعلم كثيرًا، ولكنَّنا بالعكس من ذلك لا نُحصِّل إلا معلومات أقل من أي وسيلة أخرى. والرائي أيضًا يُحوِّل العقل الواعي عند الإنسان إلى عقل يُقادُ وكأنه مُنوَّمٌ مغناطيسيًّا، فيَصُبُّ فيه الرائي ما يريد من معلومات، فهو إذًا آلة لغسيل الدماغ وملئه بالمعلومات التي ترغَب بها الهيئة أو السلطة المسيطِرة عليه. • ويَعقِد (جيري ماندر)، وهو أحد الاختصاصيِّين الإعلاميِّين ومؤلف كتاب "أربع مناقشات لإلغاء التلفزيون"، مقارنةً بين تلقي العلم من الكتاب وتلقي العلم من الرائي "التلفزيون"، فيقول: "وقراءة الكتب توفِّر نوعًا من التلقين الاسترجاعي أيضًا، إن الكلمات التي تقرؤها لا تُصَبُّ داخلك بعكس الصور والخيالات - الصادرة من الرائي - والسرعة يتحكَّم فيها القارئ وليس الكتاب، وعندما تقرأ فإنك تَقدِر على استرجاع ما قرأته، والتوقُّف للتفكير، وأخذ المهم، كل هذا يُوسِّع الوعي والانتباه للمادة المقروءة، ويبقى أمر اختيار المعلومات التي تبغي إبقاءها في عقلك الواعي راجعًا لك وحدك. ويُصادِف في كثير من الأحيان أن نقرأ فقرةً من كتاب، ثم نُدرك أنا لم نَستوعِب شيئًا منها، وهذا يتطلَّب الرجوع ثانيةً إلى قراءة هذه الفقرة بتركيز أكبَر، إن الكلمات لا تَعني شيئًا للقارئ ما لم يتمَّ هذا بمَجهود واعٍ، ومشاركة مُباشِرة، وسرعة شخصيَّة في القراءة. أما الصور التلفزيونيَّة، فلا تتطلَّب شيئًا مِن هذا القَبيل، ولا تتطلَّب سوى إبقاء عينَيك مفتوحتين وهي تدخل - أي الصور - لتُسجَّل في ذاكرتك - سواء فكرت فيها أم لا، إنها تُصَبُّ داخلك كما يُصَب سائل في وعاء، والوعاء هو أنت، والتلفزيون هو الذي يقوم بالصبِّ، وفي النهاية لا يكون المُشاهد سوى وعاء استِقبال، ولا يكون التلفزيون ذلك الوسط الثقافي والاجتماعي الذي كنا نودُّه، بل آلة تَزرع الصورَ في عالم اللاوعي من العقل، ونحن نُصبِح مُرتبطين بالصور المتغيِّرة، التي لا نفعَل شيئًا حيالَها؛ لأنَّنا لا نستطيع ذلك ألبتَّة"[2]. • وإذا لم يستطِع الرائي غسلَ دماغ المُشاهِدين، فهو يتركُهم في حالة ضياع وارتِباك، وأقل قدرة على تمييز الواقعي من الخيالي، ويُشتِّت إحساسَهم بالوقت والمكان والتاريخ والطبيعة. • وما يُقال هنا ليس خياليًّا أبدًا، وإنما هو أمر واقعيٌّ، شعَر به الكثير من مُشاهدي التلفزيون، في الولايات المتَّحدة الأمريكية، ونُدلِّل على ذلك بالرسائل التي وصلت لمؤلف كتاب "أربع مناقشات لإلغاء التلفزيون" جيري ماندر، وهو إعلامي متخصِّص قضى خمسة عشر عامًا مدير دعاية وعلاقات عامة؛ لنستعرِض بعض العبارات التي وردت في هذه الرسائل حول التلفزيون وتأثيره: (عند مُشاهَدة التلفزيون أشعر وكأنني مُنوَّم مغناطيسيًّا). (إنه يَمتصُّ طاقتي). (أشعر وكأنه يقوم بغسْل دماغي). (أَشعُر كأنني نَبْتة وأنا جالس تُجاه التلفزيون). (إن التلفزيون يُبعِدني عن واقعي كثيرًا). (التلفزيون يُسبِّب الإدمان). (إن أطفالي يبدون كالزومبيِّين عند مشاهدة التلفزيون (ويقصد بالزومبيِّين الذين في أجسامهم قوة خارقة تتحرَّك من خلالهم). (إنه يُدمِّر عقلي). (إن أولادي يَنتقِلون كأنهم في حُلْم بسبب التلفزيون). (إنه يجعل الناس سُخَفاء). (إنه يُحوِّل دماغي إلى شَتات). (أشعر وكأنني مفتون بسِحره). (إن التلفزيون يَستعمِر دماغي). (كيف أستطيع إبعاد أطفالي عنه وإعادتهم للحياة)[3]. • أما التأثيرات الفسيولوجيَّة، فتتلخَّص بما أثبتَه العلماء بما لا يدع مجالاً للشك أن الضوء الداخلَ للجسم خلال العيون يؤثِّر في الخلايا، وليس هناك أدنى شكٍّ بأن التنوُّع في طَيف الضوء - كما هو حاصل في الضوء الصادر مِن التلفزيون - يؤثِّر في الخلايا، وليس هناك أدنى شكٍّ بأن الجُلوس أما التلفزيون والتحديق المُستمر بضوئه يؤثِّر في الخلايا بنفس الطريقة، وهناك دراسة للأطياف الضيِّقة للضوء التلفزيوني ونشوء السرَطان في الجِسم [4]. يتبع |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
تعلمت في رمضان (4) بغض اليهود والنصارى د. مشعل عبدالعزيز الفلاحي ما زلتُ في فناء مدرسةِ رمضان، أتعلَّم منها بعضَ القِيَم التي يَسْمُو بها الإنسان في واقِع الحياة، ويَمضي يكتب حظَّه مِن رحلة الدارين، تعلمتُ هنا في رُبوع هذه المدرسة متانةَ العقيدة في حياةِ كلِّ إنسان، وأنَّ علينا أن نُعيدَ بناء هذه العقيدة في نفوسنا، وأن نُمكِّن لها في حياتنا، وأن نُعيد وهجَها في أرواحنا مِن جديد. إنَّ قضيةَ الولاء والبراء أصلٌ عظيم في دِيننا، والتنبيه على هذه القضية في كِتاب الله تعالى جاء كثيرًا؛ قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [المائدة: 51]، وقال - تعالى -: ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾ [البقرة: 120]. وقال نبيُّنا - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن تشبَّه بقومٍ فهو منهم))، ورمضان جاءَ يُعيد حياةَ هذا المعنى في نُفوسِنا مِن جديد في قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في صحيح مسلم: ((إنَّ فَصْل ما بيْن صِيامنا وصيام أهلِ الكتاب أكْلَة السَّحَر))، وأنت ترَى في الحديثِ الإغراءَ بأكلة السَّحَر لا أنَّها كفيلةٌ بعونك على صيام اليوم التالي فحسب، وإنَّما لأنَّها جاءتْ تحمل صورةَ ورُوحَ المخالفة لليهود والنصارى؛ ((إنَّ فَصْل ما بيْن صِيامنا وصيام أهلِ الكتاب أكْلَة السَّحَر))! إنَّ المتسحِّر الذي يتسحَّر لمجرَّد السحور قد يترُك أكلةَ السَّحَر حين يكون لا حاجةَ له بها، أو متعبًا لا يستطيع القِيام في لحظتها، أو مشغولاً بإدراك حاجتِه ونحو ذلك، أمَّا المتسحِّر بنيَّة المخالفة لأهلِ الكتاب فإنَّك تجده أحرصَ ما يكون على تحقيقِ هذه المخالفة مِن جهة، وأرغبَ ما يكون في طاعة نبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - بإغاظةِ هؤلاء في المخالَفة. إنَّ رمضان يُعلِّمنا أنَّ المسافة بيننا وبيْن أهل الكتاب مسافةٌ طويلةُ المدَى، شاسعة الأبعاد، وليس ثمة لِقاء في طريقٍ إلا على الإسلام رُوحًا ومعنًى! وإذا كان رسولنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُغرينا بالسحور؛ لأنَّه مخالفة لهؤلاء، ممَّا يدلك على شقَّة المسافة بيْن المسلمين وأهل الكتاب، وهذا درسٌ ينبغي أن تُعاد قراءته عندَ كلِّ أكلة سحَر في كلِّ ليلة مِن ليالي رمضان، فإذا ما انتهى رمضان وخرَج الشهر مِن حياتنا زادتْ متانةُ هذه العقيدة في نفوسنا، وتأصَّلت مسألةُ الولاء والبراء من جديد، وعادتْ رُوحها تبرق وهجًا في نفوسِ المسلمين؛ وإذا كان هذا مع أهلِ الكِتاب، فما بالك بغيرِهم مِن مِلل الكفر في عالَم الأرض؟! إنَّ المسألةَ دِين، ويجِب على كلِّ إنسان أن ينظُر لكلِّ كافِر من هذا المنظار، مهما كانتِ الدواعي في العَلاقة مع غير المسلمين، وأنْ نُدرِك أنَّ رمضان فرصةٌ لإحياء هذا المفهوم الذي باتتْ مساحته تَضيق في عقولِ وقلوبِ كثيرٍ من المسلمين، والدعوات تتسارَع إلى التقريب، وباتَ الإعلام يشكِّل تصوراتِ ومفاهيمَ كثيرٍ من الناس على غير هُدًى. والله المستعان ومنه الحَوْل والطَّول. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
وسائل الإعلام الرائي (التلفزيون) د. فهمي قطب الدين النجار أما تأثيراته الاجتماعيَّة والتربويَّة، فسيظهَر من خلال تأثيره على الأطفال في الفقرات التالية: تأثير الرائي على سُلوك الأطفال: اهتمَّ بهذا الموضوع كبارُ علماء النفس والإعلام والاجتماع، ودرَسوه وأجروا له التجارب الواقعية والعمَليَّة، وخرجوا بنتائج خطيرة، وعلى كل إنسان واعٍ أن يُدرِكها، ويحذر جيدًا من عواقبها، وقبل أن أُبيِّن نتائج دراسة العلماء لظاهرة التلفزيون وتأثيرها على الأطفال، أريد أن أهمِس بأُذُن ربِّ كل أسرة عاقل: إن هذا الجهاز الذي يضعُه في بيته، ليس أداةً مِن أدوات الزينة الجامدة، ولا هو باقة ورْد عَطِرة، لا يتعدَّى أثرها نَشْر الروائح الزكيَّة، إنه جهاز فعَّال ومؤثِّر في النفوس والقلوب والعقول خيرًا وشرًّا، وكما قُلنا عن المذياع، فإنه له حدَّين: حدٌّ للخير، وحدٌّ للشر، والغالب هو حد الشر والعياذ بالله، فعلينا جميعًا مُراقبة برامجِه - واختيار الأصلح منها لأبنائنا وبناتِنا وأزواجنا وإلا خَربت نفوسهم وقلوبهم وعقولهم - حتى لا نندمَ على (لا مُبالاتنا) تُجاهه، فيَكتسِِب أبناؤنا عادات أناس يُخالفوننا في العقيدة والأخلاق والعادات. وعلى المسؤولين أيضًا عن هذه الوسيلة الخطرة أن يُراعوا حقَّ الله، ويتَّقوا الله في أبناء هذه الأمة، فلا يَعرِضوا فيه إلا ما يعود بالخير والصلاح على مُجتمعِهم وأمَّتهم. وحتى يَطَّلِع الوالِدان المسلمان على مقدار تأثير التلفزيون على أطفالهم؛ نَعرِِض بعض نتائج بحوث العُلماء في هذا المجال. نبدأ ببعض المعايير المُستقاة من نتائج البحث، يُمكن بفضلِها التنبؤ بالأثر التراكُمي المُحتمَل للتلفزيون على نظرة الأطفال للحياة. يزداد تأثُّر الأطفال ببرامج التلفزيون كلما: 1- تَكرَّر عرض الصور. 2- عُرِضت الصور بشكل تَمثيلي. 3- ومال الطفل إلى اللون المعروض مِن المعرفة. 4- ونمَت استجابة الطفل للوسيلة الإعلاميَّة عمومًا[5]. وعندما نزِن بهذه المعايير واقعَ التلفزيون، نجد أن التأثيرَ حاصلٌ 100% من صفات برامج اليوم تَكرار عرْض الصور والمشاهِد وإعادتها، والمسلسلات التمثيليَّة أصبحَت تقليدًا يوميًّا لا يُستغنى عنه - بعرف المسؤولين - والجميع يَنتظرِها بشغف كبير. والشَّغف بالتلفزيون ليس عِندنا فقط، بل سبقَنا الغربيون بهذا؛ لأنه أول ما وجد عندَهم، فأطفال الولايات المتحدة الأمريكية يَضرِبون الرقم القياسي بالجلوس إليه؛ إذ يُقدَّر زمن جلوسهم أمام الشاشة الصغيرة بأكثر من 40 ساعة في الأسبوع، أما الأطفال الفرنسيُّون، فيقضُون (16) ساعة في الشتاء و12 في الربيع. ولا توجد إحصاءات دقيقة للمدة التي يَقضيها الطفل العربي أمام التلفزيون، ولكن يُمكن تقديرها، إذا كان المعدَّل اليومي من 2 - 3 ساعة في اليوم بالإضافة إلى يومي الخميس والجمُعة، في البلاد التي تُعطل يومين في الأسبوع؛ حيث يزداد البثُّ، وتزداد ساعات الجُلوس أمام التلفزيون - فتَصِل المدة إلى 24 - 36 ساعة أسبوعيًّا. هذا مع العلم أن كثيرًا من البيوت لا يُغلِقون التلفزيون بتاتًا منذ أول افتتاحه إلى إغلاق البثِّ فيه، حتى إن تعبير (من العَلَم إلى العَلَم) أصبح تعبيرًا شائعًا يُطلَق على مَن يقضي كلَّ وقته أمام التلفزيون من أول البثِّ وحتى آخرِه. فكان من نتائج الجلوس الطويل للأطفال أمام الشاشة الصغيرة: انخِفاض مستوى التعليم في السنوات الأخيرة في الغرب، وهذا ما قرَّره الباحثون الغربيون، وفي البلاد العربية أيضًا، وهذا ملحوظ في المدن؛ حيث يَكثُر وجود الأجهزة التلفزيونية؛ إذ يتفوَّق طلاب الريف على طلاب المدُن، وكيف يتفوَّق التلاميذ الذين سَهِروا الليالي أمام شاشات التلفزيون يتعاطُون برامج مُخدِّرة لعقولهم ونفوسِهم وقلوبهم جميعًا؟ إنهم يتعوَّدون على السهر، ويَذهبُون إلى مدارسِهم كُسالى، يَكادون أن ينامُوا في فصولِهم الدراسية، كما يُصابُون بأمراض مختلفة، أهمها السرَحان، وعدم التركيز، والاستِغراق في عالم الخَيال، وعندما يُقارِن التلميذُ بين الفصل الدراسي والمشهَد التليفزيوني، يجد أن المُدرِّس مملٌّ أشد الملل، وهو إذ يُطالبه بالترفيه يريد أن تكون المدرسة امتدادًا للتلفزيون وتَكرارًا لما يُشاهِده على شاشته، فإذا تَعذَّر ذلك - بطبيعة الحال - أصيب الطفل بالإحباط والمرض العصبي؛ مما يدفعه إلى القلق وتَشتُّت الانتِباه. وهكذا يؤكِّد علماء النَّفْس وعلماء الإعلام أن التلفزيون يقوم بمُهمَّة تربوية سلبيَّة، جوهَرها التخدير وصرْف انتباه الأطفال عن الحقائق الواقعيَّة، ودفعهم إلى عالم خيالي[6]. يتبع |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
رمضان الصبر والمصابرة وصال تقة ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200]. الصبر والمصابرة والمرابطة، وتقوى الله، متلازمة لا تنفع واحدة دون الأخرى.. حبس النفس عن المعصية، وإدامة مخالفتها في ذلك؛ فهي تدعو وهو ينزع، والعزم والعقد على ذلك.. والمصابرة مفاعلة: فلأكن صابرًا في وجه الصابر مثلي، وكلما كان صبرُ من أمامي شديدًا، خشيت التزعزع والتزلزل، واحتجتُ إلى مقاومة أشد.. ونتيجة الصبر لأطول الصابرين صبرًا.. ومن التقوى ترك الهمز واللَّمز والفُحش.. والبراءة من حولنا إلى حَوْل الله وقوته، ومن عدتي وعددي وخبرتي، إلى كلأِ وكنَفِ ربنا المنان.. المعزِّ المذل، الرافع الخافض، الولي النصير.. من التزموا حقًّا بذلك، فأولئك هم المفلحون. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
رمضان في البرازيل الشيخ خالد رزق تقي الدين يبلغ عددُ المسلمين في البرازيل مليون ونصف نسمة، وهُم خليط من أعراق مختلفة "أفارقة وعرب وبرازيليون" ويمثِّلون نسبة تقل عن 1% من مجموع عدد سكان دولة البرازيل البالغ 180 مليون نسمة، ويتوزعون في كلِّ الولايات البرازيلية، ويوجد حوالى 100 مسجد ومصلى موزعة على كل مناطق البرازيل، إضافةً لحوالي 47 شيخا وداعية حسب إحصاء المجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية في البرازيل. رمضانُ في البرازيل يحمل الكثيرَ من الشوق والحنين لبلاد الإسلام، فكلُّ من هاجر إلى هذا البلد حمل بين جنباته ذكريات وصور رمضان في بلاده الأصلية، لذلك نجد أن رمضان يتلوَّن بكافة الثقافات والتي توضح التمازج بين شعوب مختلفة استقرت في البرازيل وحافظت على ثقافتها خلال سنين مرت عليها في هذه البلاد البعيدة عن بلاد المسلمين . توضح الروايات التاريخية أن أول صلاة جماعية للتراويح أقامها الشيخ عبد الرحمن البغدادي في البرازيل كانت عام 1867 م في مدينة سلفادور بولاية باهيا حينما زارها؛ وأخبر في مخطوطته "مسلية الغريب بكل أمر عجيب" أنه أقامها عشر رعكات تخفيفا على المسلمين في ذلك الوقت. وبعد وصول الهجرات المتتالية من العالم الإسلامي، بدأ المسلمون يشيدون المساجد ويستقبلون الأئمة والمشايخ احتفاءا بهذا الشهر الكريم، حيث يعتبر رمضان موسم خاص لكثير من المسلمين وفرصة للتزود من الإيمانيات والعودة إلى الله وشحن النفوس بالكثير من الهمم التي تؤدي إلى متابعة السير إلى الله خلال عام بأكمله، ورمضان في البرازيل له عبق خاص ورائحة مميزة تتمثل في المظاهر الإسلامية المختلفة والتي نستطيع أن نرصد الكثير منها. أولا - الإفطارات الجماعية: تحرص الكثير من المؤسسات والمساجد على إقامة موائد الإفطار يوميا خلال شهر رمضان المبارك، ويكتفي بعضها بإقامتها مرة واحدة نهاية كل أسبوع وهذه الإفطارات تجمع كل أبناء الجالية غنيهم وفقيرهم وهي فرصة لكي يتبرع الميسورون من مالهم الخاص لإدخال الفرحة على نفوس المسلمين، والافطار لقاء اجتماعي يضم كافة طبقات الجالية المسلمة وفرصة للتعارف وأداء الصلوات داخل المسجد، وقد التفتت بعض المؤسسات الخيرية في العالم الإسلامي لأهمية هذه الإفطارات فبادرت بالمشاركة فيها عن طريق إرسال الدعم المالي لهذه المؤسسات. ثانيا - العناية بالقرآن الكريم: يعد هذا الشهر فرصة لاجتماع الناس في المساجد لصلاة التراويح وتحرص بعض المساجد على ختم القرآن الكريم كاملا، وبعضها يختمه خلال العشر الأواخر من رمضان وقد من الله تعالى على المسلمين بأن وزارة الأوقاف المصرية تتعهد سنويا بإرسال عدد كبير من قراء القرآن الكريم لتغطية هذه المساجد وتزيينها بالأصوات الندية وإقامة صلاة التراويح وقيام الليل. ثالثا - إحياء ليلة القدر: تتنافس المساجد في البرازيل لوضع برنامج لهذه الليلة المباركة وتكتظ المساجد بأبناء المسلمين حيث تحرص الكثير من العائلات على قضاء الليلة بكاملها داخل المسجد ويصطحبون النساء والأطفال الشيوخ والشباب للمشاركة في هذا الأجر، حيث يكون قيام الليل وقراءة القرآن والدعاء والسحور الذي يضم جميع أبناء الجالية ويمتد هذا النشاط إلى صلاة الفجر ويكون فرصة للكثيرين للتوبة والعودة إلى الله. رابعا - الأنشطة الاجتماعية: انتبهت المؤسسات الإسلامية في البرازيل لأهمية التواصل الاجتماعي مع المجتمع البرازيلي، وأهمية تعريف شعب البرازيل على أخلاق الإسلام وصفاته النبيلة، فقررت منذ عامين عمل أنشطة اجتماعية لخدمة الفقراء والمحتاجين من الطبقات الفقيرة والمتوسطة، ويقوم على هذا النشاط الاتحاد الوطني الإسلامي والذي يضم أغلب المؤسسات الإسلامية في مدينة ساو باولو، ويقام النشاط في الأحياء الفقيرة ولمدة يوم كامل نهاية كل أسبوع خلال شهر رمضان، حيث تقدم الرعاية الصحية والتي تشمل الفحوصات المجانية للنظر والدم والضغط والأسنان وكذلك أنشطة ترفيهية للأطفال وتقدم مصلحة الأحوال المدنية خدمات لأبناء هذه المناطق كاستخراج شهادات الميلاد والهوية، ويلبي هذا النشاط الآلاف من أبناء المنطقة الواحدة، إضافة للأنشطة التعريفية بالإسلام من خلال توزيع الكتب والمطويات والرد على الاستفسارات المختلفة حول الدين الإسلامي، ويعتبر هذا المشروع من أفضل الطرق للدعوة إلى سماحة الإسلام، وقد قامت بعض المؤسسات الإسلامية بتطويره واستمراريته خلال العام بأكمله مثل الجمعية الإسلامية البرازيلية في غواروليوس التي تبنت مشروع "أصدقاء الإسلام" وهو فكرة للدكتور علي مظلوم أحد أبناء مدينة غواروليوس تقوم على دوام التواصل مع المجتمع البرازيلي من خلال برنامج تأهيلي داخل المركز الإسلامي للبرازيليين يتعلمون خلاله اللغات المختلفة إضافة لتعلم المشغولات اليدوية، والتي من خلالها يستطيعون اكتساب حرفة تساعدهم على العيش الشريف. خامسا - المسابقات الثقافية: تحرص الكثير من المؤسسات على إقامة المسابقات الثقافية والدينية بين أبناء الجالية وترصد لها جوائز قيمة مثل العمرة أو تذاكر سفر للبلاد الإسلامية وهي فرصة للتنافس وزيادة المعرفة بين أبناء الجالية المسلمة. سادسا - تكريم العلماء: تقوم بعض المؤسسات بتكريم المشايخ والعلماء خلال هذا الشهر الكريم وخصوصا القراء الذين يفدون من البلدان الإسلامية، ويقوم المجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية بالتعاون مع اتحاد المؤسسات الإسلامية في البرازيل والاتحاد الوطني الإسلامي وكذلك مسؤول بعثة وزارة الأوقاف المصرية في البرازيل بترتيب هذه الاحتفالات حيث تكون فرصة طيبة للتواصل وتبادل الخبرات بين الدعاة والمشايخ وكذلك زيادة التآلف والمحبة فيما بينهم. سابعا - الأطعمة: تتلون الموائد بالأطباق المختلفة والتي تجمع بين الشرقي والغربي وتعطى دليلا على تمازج الثقافات فتوجد الأكلات الشامية نظرا لأن أكبر عدد ممن هاجروا كانوا من هذه البلاد، والأكلات البرازيلية حاضرة أيضا على موائد الطعام وهي الأكلات المفضلة لمن ولد من أبناء المسلمين في هذه البلاد، ويعد طبق الفول المصري مكونا أساسيا في بعض الموائد، ويحرص الكثير من المسلمين أن يفطروا على التمر تحقيقا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتنتشر الحلوى الشامية بكافة أشكالها وألوانها، والحرص على هذه التقاليد والعادات من الأمور الأساسية التي تربط المسلم بذكرياته وحنينه لبلاد المسلمين. المسلمون في البرازيل خلال هذا العام يتطلعون إلى المشرق العربي بالعز والافتخار لنجاح ثورة شعوبه على الظلم وحصول بعض البلدان على حريتها، وهم يدعون في صلوات التراويح أن يرحم الله شهداء المسلمين وأن يرفع الله الظلم الواقع على بعض البلدان، وكذلك لاينسون إخوانهم في فلسطين والصومال بأن ييسر الله أمورهم وأن يعيد المسجد الأقصى المبارك إلى أحضان أمة الإسلام. والمسلمون هنا أيضا يسألون إخوانهم في العالم الإسلامي الدعاء المستمر لهم أن يثبتهم الله على دينه وسنة نبيه، فهنا بلاد تنتشر فيها الإباحية وثكثر الوسائل المادية التي تستهوي قلوب شبابنا فيقعون في المعاصي والمخالفات الشرعية لذلك فنحن بحاجة لكل دعاء وكل دعم لكي نبقى محافظين على هذا الدين رافعين لواءه حتى يتوفانا الله وهو عنا راض، تقبل الله من ومنكم الصيام والقيام وكل عام وأنتم بخير. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
مبارك عليك الشهر [18] أ. محمود توفيق حسين عندما تكون صاحب سوقٍ غذائي كبير في الحي يؤمُّهُ الناس وتستغل حلول الشهر الكريم في رفع أسعار المعروضات والتموينات وتكسب مكاسب طائلةً من زحامهم على صناديق المحاسبة عندك؛ لا تفكر بأنه موسمُ رفع الأسعار بل فكِّر في أنه موسم رفع الدرجات لا تفكِّر بأنه يأتي برزقه على الناس، وها هم يهجمون على أرفُفك كأنهم يدَّخرون للحصار بل فكِّر بأنه لم يأتِ لتستغلَّ فيه الناس، وفي امرأةٍ واحدة فقيرة، ردَّها عن الشراء سعر الطماطم الذي لم تقدر عليه وعادت لبيتها محزونة؛ لا تفكِّر بأنك تحب أن تكون مع أصحاب الأصفار الستة والسبعة من أساطين البيع وأن الإسلام لم يحدد نسبةً معينة للربح بل فكِّر في معيةٍ خيرٍ من تلك المعية: فكِّر في أن (التاجِر الصَّدُوق الأمِين معَ النَّبِيِّين والصدِّيقين والشُّهداء) كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. مبارك عليك الشهر وقد خرجت منه قَنوعاً |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
رمضان مشروع متطور طويل الأمد وصال تقة يُبذَر غرسه في رمضان، ولا تقطف الثمار إلا على أبواب الريَّان. ومن بين ما يجب أن يركز عليه هذا المشروع: • الخروج بالعبادة من العادة والروتين و"هذا ما وجدنا عليه آباءنا" إلى ((إنَّ الإيمانَ لَيَخْلَقُ في جَوْفِ أحدِكُمْ كَما يَخلَقُ الثَّوبُ، فاسْألُوا اللهَ تعالى أن يُجَدِّدَ الإيمانَ في قُلوبِكمْ))؛ صححه الألباني. • نفخ روح وأنفاس جديدة في العبادة. • تطوير العلاقة مع الله وإعادة صياغتها بالاهتمام بالجانب الرُّوحي والأعمال القلبية، وتطهير النفس من أمراض القلوب التي تجهض تطوُّر المشروع: (الحسد، الكِبْر، الرياء، الغرور، العُجب...)، وتأسيس علاقة جديدة مع كتاب الله فهمًا واستيعابًا وتدبُّرًا، والتعرف على أسماء الله وصفاته وأفعاله بمطالعة بعض الكتب المفسِّرة لأسماء الله الحسنى. • الحرص في ذلك على نفس واعية شفَّافة تقيِّم المرحلة، وتبحث عن الرُّوح أينها خلال كل مراحل المشروع. • محاسبة النفس بشكل مستمر. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
درجات الصيام الأمين الحاج محمد أحمد قسَّم بعضُ السلفِ الصيام إلى أربع درجات، هي: 1- صيام عوام العوام، وهو الصوم عن الأكل والشرب والجماع، مع الانغماس فيما سوى ذلك من المحرمات من الأقوال والأفعال. 2- صيام خواص العوام، وهو كالأول مع اجتناب المحرمات من الأقوال والأفعال. 3- صيام الخواص، وهو الصوم عن غير ذكر الله وعبادته. 4- صيام خواص الخواص، وهو الصوم عن غير اللهِ، فلا فطر لهم إلاَّ بعد يوم القيامة. ما على من أكل، أو شربَ، أو جامع ناسياً في نهار رمضان؟ ذهب أهل العلم في ذلك أربعة مذاهب، هي: 1- لا قضاء عليه ولا كفارة، وهذا مذهب الحسن البصري، ومجاهد، وأبي حنيفة، والشافعي، وداود، وأبي ثور، وإسحاق، وابن المنذر، وغيرهم. استدلَّ هذا الفريق بالأحاديث الآتية: "مَن أكل أو شرب ناسياً فلا يفطر، فإنما هو رزق رزقه الله"[1]. "إذا نسي فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه"[2]. "مَن أكل ناسياً وهو صائم فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه"[3]. "مَن أفطر في شهر رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة"[4]. 2- على مَن جامع ناسياً في نهار رمضان القضاء، دون الأكل والشرب، وهذا مذهب عطاء، والأوزاعي، والليث. 3- عليه القضاء في الأكلِ والشربِ، وهذا مذهب مالك وشيخه ربيعة. 4- عليه القضاء والكفارة في الجماع ناسياً، وهذا مذهب مالك. الذي يترجح لديَّ من الأقوال السابقة أنه لا قضاء على من أكل أو شرب ناسياً في نهار رمضان، وعليه أن يتمَّ صومَه؛ أما مَن جامع ناسياً فعليه القضاء؛ لأنَّ الجماع يمكن الاحترازُ منهُ؛ لأنَّه بين الرجل وزوجه، واللهُ أعلم. [1] رواه الترمذي، والدارقطني، والبيهقي، وغيرهم، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. [2] البخاري. [3] البخاري. [4] رواه الدارقطني بإسنادٍ صحيح أو حسن. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
رمضانيات سلطان بن معجب آل فلاح أقبل وجه السعد.. يا مرحباً، وحيا هلا به.. أَهْلاً وَسَهْلاً بِشَهْرِ الصَّوْمِ مُذْ بَزَغَتْ *** شَمْسُ النَّهَارِ وَوَلَّتْ هَـالَةُ الْبَدْرِ شَهْـرُ الصِّيَامِ هَلاَ فَالْكُلُّ مُنْتَظِـرٌ *** قُدُوْمَكَ الْفَذَّ فَاهْنَأْ يَا أَخَا الْبِشْـرِ جاء الخير وفتح بابه، فأين طُلابه. كم وكم انتظرناك يا رمضان ونحمد الرب أن أمد في الأعمار حتى نرحب بك.. وَأَهْلُكَ فِي انْتِظَـارِكَ مُذْ أَتَاهُمْ *** شَذَى عِطْـرٍ عَلَى كَفِّ الْبَشِيرِ حُق لنا أن نفخر وأن نعتز بقدومك يا شهر البركة. فقِيَامُـكَ لَيْسَ يُشْبِهُـهُ قِيَـامٌ *** وَلَيْسَ لأَجْـرِ صَوْمِكَ مِنْ نَظِيرِ يا لخسارة ويا لشقاوة من لم يفرح بقدوم رمضان لأنه قد يدخل رمضان ويخرج ولم يُغفر له. وقد قال قرة العيون صلى الله عليه وسلم: ((.. وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ..)). وَكَمْ للهِ مِنْ نَفَحَـاتِ فَضْـلٍ *** عَلَى مَنْ تَـابَ مِنْ ذَنْبٍ خَطِـيرِ إِلَهِي جُـدْ بِعَفْـوٍ وَارْضَ عَنَّا *** فَإِنَّـكَ غَافِـرُ الذَّنْبِ الْكَبِيـرِ * إلى نفسي المقصرة، وإلى من أراد لذة الطاعة والعبادة أقول: - كن من أصحاب النية الطيبة الصالحة في الصيام والقيام، والعبادة والتلاوة، فلو انقضى أجلُك كُتِبَ لك أجر نيتك. - إن كنت ممن بلغ هذا الشهر العظيم فأكثر من حمد الله - تعالى - على نعمته، فكم من طالبٍ بلوغه لم يبلغه. - احرص على كل لحظةٍ في هذا الشهر الكريم، فقد يكون آخر شهر في حياتك. - عليك بكثرة المناجاة والخضوع، والانكسار بين يدي مولاك. - جدد حياتك في رمضان، وأقبل على ربك في هذا الشهر العظيم. رَبَّـاهُ جِئْتُ إِلَى عَلْيَـاكَ مُعْتَرِفًـا *** بِمَـا جَنَتْـهُ يَـدِيْ أَوْ زَلَّـةُ الْقَدَمِ فَجُدْ بِعَفْـوٍ إِلَهِـيْ أَنْتَ ذُو كَـرَمٍ *** فَكَـمْ مَنَنْتَ عَلَى الْعَاصِيْنَ بِالنِّعَمِ وَاخْتِمْ لِعَبْدِكَ بِالْحُسْنَـى فَلَيْسَ لَهُ *** سِـوَاكَ يُنْقِـذُهُ مِنْ مَـوْقِفِ النَّدَمِ |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
مبارك عليك الشهر [19] أ. محمود توفيق حسين عندما يمرُّ عليك صاحبُ المعاملة الكبيرة الذي مهدت لهُ الأمور وسوَّيتها على نارٍ هادئة كي يقدم لك رشوةً لتنجز له مصلحته ويجلس في مكتبك في النهار.. يكلِّمُك بصوتٍ متودد وهو مبتسم ويطلب منك أن تأمر، و"الدنيا أخذ وعطاء"، و"لا يُخدَم بخيل"، و"معرفة الرجال كنوز".. ويرجو منك أن تعينه وتقف معه فتقول له إنك تجلس رائقاً خالي البال، بعيداً عن مَللِ المكاتب في المقهى الفلاني ليلاً، ويسعدك أن يأخذ قهوتهُ معك وقد اخترتَ هذا الموعد حتى يمكنك أن تأخذ الرشوة في غير وقتِ صيامك؛ لا تفكِّر بأنك تحفظ صيامك بل فكِّر في أن نيتك صريحةٌ في وقت الصيام على قبول الرشوة لا تفكِّر بأن العبرة بالوقت الذي سيقع فيه زبونك في الشبكة، وهو بعد المغرب بل فكِّر في أن الله مسخَ أصحاب السبت قرَدةً على ما كانوا يجمعونه يوم الأحد؛ وذلك بالحيلة التي احتالوها يوم السبت. |
شرح حديث: وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم
شرح حديث وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم الشيخ محمد بن إبراهيم السبر الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: متن الحديث: عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان، في حر شديد، حتى إن كان أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن رواحة». الشرح: هذا الحديث في الصحيحين. والنبي صلى الله عليه وسلم خرج بأصحابه في رمضان في أيام شديدة الحر، ومن شدة حر هذه الأيام، لم يصم من هؤلاء الذين خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا النبي صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن رواحة رضي الله عنه، فالجميع أفطروا، والنبي صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة صاماً، مما يدل على جواز الصيام في السفر، وإن كان هناك مشقة لكنها لا تصل إلا حد التهلكة. فيؤخذ من هذا الحديث الشريف: جواز فطر المسافر في رمضان. وأيضاً: جواز الصيام في السفر لمن لا يشق عليه ذلك، ولا توجد معه مضرة، أما يسير المشقة فهو موجود مع الصيام، في السفر خاصة مع وجود الحر. وأيضاً: الأخذ بالأسباب، والحذر من أسباب الضرر، وأنه لا ينافي كمال التوكل على الله تبارك وتعالى، ولذلك الإنسان يأخذ بالأسباب، وهي من تمام التوكل على الله تبارك وتعالى ولا تنافي التوكل. ومن الفوائد: ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من اجتهاد في العبادة والطاعة، رغم أنه صلى الله عليه وسلم غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فمن صام في السفر أجزأه، ولا يلزمه الإفطار إلا أن يشق عليه. ومن الفوائد: منقبة وفضيلة عبد الله بن رواحة الأنصاري رضي الله عنه، وعبد الله بن رواحة من السابقين الأولين من الأنصار، وأحد النقباء ليلة العقبة، وهو ممن شهد بدراً وما بعدها رضي الله عنه، وكان شاعراً مجيداً مدافعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم. ومن الفوائد التي ذكرها أهل العلم: أنه لا يضر الصائم أن يعلم الناس بصومه، من غير إظهار منه لذلك، إلا عند الحاجة إلى ذلك، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم». نسأل الله للجميع العلم النافع، والعمل الصالح، وصلى الله وسلم على نبينا محمد. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
احذر الفتور في رمضان والزم التذكر واليقظة وصال تقة احذر الفتور: فرحٌ بقدوم الشهر الكريم، همَّة ونشاط وكد ومجاهدة ووعود بأن نُريَ اللهَ منا ما يحب، ثم يمر اليوم واليومان، فإذا بتلك الرُّوح التي كانت بالأمس تتوقد همة وحيوية، أصبحت راكنة إلى الكسل والخمول والفتور والشعور بالضعف والثقل أثناء أداء الطاعات. وصار الانشغال بالسفاسف عن فعل الخيرات، والفوضى والهروب من العمل الجدي المنظم، وتلك النفس التي كانت معك بالأمس القريب شفافة وفيَّة، قد أصبح ديدنها مخادعتك وإيهامك بأنك تعملُ ولكنك في الحقيقة بطَّال فارغ.. وإذا بالعزيمة تصبح تسويفًا وتأجيلاً وأمانيَّ خدَّاعة. هي جبلَّة في النفس البشرية الخنوع، الراكنة إلى الراحة والبطالة، لكن ليكن الحذرُ مِن تفلت كل زمامها منك، ولتكن فترتك إلى سُنَّة جديدة، وعلى تسديد ومقاربة؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لكل عمل شرَّة، ولكل شرَّة فترة، فمن كانت فترته إلى سُنَّتي فقد أفلح، ومن كانت على غير ذلك فقد هلك))؛ صححه أحمد شاكر. قال ابن القيم رحمه الله: "تخلُّل الفترات للسالكين أمر لا بد منه، فمن كانت فترته إلى مقاربة وتسديد، ولم تُخرِجْه من فرض، ولم تدخله في محرَّم، رُجِي له أن يعود خيرًا مما كان". فلتكن الفزعة إلى التنويع في العبادات، فذلك يمنع الفتور ويجدِّد النشاط، ولنتذكر باستمرار عِظَم الهدف، وقلة الزاد وطول الرحلة، فتعلو الهمة من جديد، وتنبعث الرُّوح النشيطة والنفس التواقة للمعالي من جديد، ويتأجَّج الشوق إلى الجنة وإلى لقاء الجَوَاد الكريم العفوِّ الرحيم سبحانه. الزم التذكر واليقظة: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ﴾ [الأعراف: 201]. نزغ الشيطان سنَّة ماضية لا يسلم منها وليٌّ ولا مقرب، والنجاة والسلامة من الانسياق معه إنما تكون بالتذكر - حين طوافه بنا محاولاً الاستقرار بقلوبنا وتحريض الجوارح - بأنه لا يألو جهدًا في الإطاحة بنا في شباكه، وبتذكُّر ما شرع الله لنا تحرزًا منه، وبالتيقظ لمكره وكيده، والفزع إلى الله، والهروب إليه، استعاذة به سبحانه من كيدِه وشَرَكه.. والتذكر يحتاج يقظة وبصيرة وعزمًا وقوة، وقبل ذلك صدقًا مع النفس، وقربًا منها، واطلاعًا مستمرًّا على خفاياها، وشفافية في التعامل مع تقلباتها.. عزموا في ثبات، وتذكروا أوامر الله ووصاياه والدواء لهذا الداء، فأنجاهم الله من خواطرهم الشيطانية فهاجَرَتهم، وظهر لهم الحق أبلج ناصعًا، فعملوا بما تذكروا، فكان جزاؤهم من جنس العمل، وولَّد الثباتُ على الحق ثباتًا آخر على الهدى والتقوى.. |
رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
خواطر عن رمضان مصطفى برهام وقفتُ طويلاً بين يدَي آيات فرْض الصوم مِن سورة البَقرة، واستعدتُ في ذِهني كل ما سمعتُ وما قرأتُ عن الصوم، ووجدتُ في نفسي شوقًا ونهمًا إلى أنْ أسمع مزيدًا عن الصوم، ولا شكَّ في أنَّ هذا أحد الأدلة التي لا تُحصى على إعجاز القرآن، وعلى أنَّه سيظلُّ دائمًا وأبدًا غضًّا نديًّا إلى أن تقومَ الساعة، ولستُ أريد أن أعْرِض هنا لما جاءتْ به الآيات مِن بيان حِكمة الصَّوْم، وإيضاح ما يقود إليه مِن تقوى الله، والتدريب على الصَّبْر، والإحساس بالمراقبة، والحض على البِر، ولكنِّي أُريد أن أعرِض لبعض الخواطر التي تسْنَح لي بحلولِ رمضان، لنذكر مِن خلالها الفضلَ العظيم، والمنَّة الكُبرى، والرحمة الحانية التي تَفضَّل الله بها على عبادِه خلالَ هذا الشهر الكريم. ذكرى نزول القرآن: يقول الله تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾ [البقرة: 185]. فأخبر الله - سبحانه وتعالى - أنَّ شهر رمضان هو تلك الفترة الزمنيَّة التي بدأ فيها نزولُ القرآن لهداية البشريَّة، وذكر أنَّ مَن يشهد هذا الشهر مِن المؤمنين يجِب عليه صومُه، وبهذا يرتبط هذا الشهرُ في حياة المسلمين بذِكرى نزول القرآن، وإنَّ لكل أمَّة ذِكرياتٍ تعتزُّ بها، وتحتفل بها كلَّ عام، والله - جلَّ ذِكرُه - يجعل على رأس ذِكريات الأمَّة الإسلاميَّة ذِكرى نزول القرآن؛ ولذلك فهو يشرع لها صوم الشهر الذي بدأ نزول القرآن في ليلةٍ مِن لياليه؛ ليكون الاحتفال بهذه الذِّكْرى العظيمة احتفالاً عمليًّا يليق بجلالِ الذِّكْرى، يتعبَّد اللهُ فيه المؤمنين بعبادةٍ مِن أجلِّ العبادات تسْمو بأرواحهم، وتطهِّر نفوسَهم، وتجعلهم أهلاً لأن يفقهوا دِين الله، وأن يحتفِلوا بالقرآن الحفاوةَ التي تليق بمقامِه، وأنَّ هذه الحفاوة ليستْ لليلةٍ واحدة، وإنَّما تمتدُّ على مدار شهر كامِل يصوم فيه المسلِم نهارَه، ويقوم ليلَه إيمانًا واحتسابًا لله ربِّ العالمين؛ امتثالاً لأمره، وعبوديةً خالصة له، وإعلانًا عن حمْده وشُكره بأنْ مَنَّ على العالمين بالهداية في هذا الشهر بإنزال القرآن في ليلةٍ مِن لياليه، واختيار محمَّد بن عبدالله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ليكون مبلغًا لوحيه، وخاتمًا لأنبيائه ورُسله. وذِكرى نُزول الوحْي بالقُرآن يجب ألا تمرَّ في حياة المسلمين مرورًا عابرًا، يقفون عندَها بعض الوقت، ويتلون فيها قصَّةَ الوحي، وما كان مِن شأن نزول الآيات القرآنيَّة على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وشأن لِقاء جبريل - عليه السلام - به، وإنَّما هي ذِكرى يجب أن تُعيد إلى قلوبِ المسلمين الصورةَ القويَّة الواضِحة للإيمان بالله الواحِد الأحد، تلك الصُّورة المشرِقة التي تمثَّلت في حياة المسلمين الأوَّلين، والتي تحوّل الإيمان القوي بها مِن حياةٍ فارغة عابِثة لاهية، لا تكاد تجعَل للعَرَب في جزيرتهم شأنًا يُذكَر، أو خطرًا يتهيَّبه أعداؤهم، إلى حياةٍ عالية منتجِة جادَّة، علاَ فيها ذِكرهم، وأصبح لهم كيانٌ دولي يُخشَى خطرُه، بعد أنْ سما بهم الإيمان فوحَّدهم بعدَ الفرقة والتمزُّق، وجمع شملَهم تحت راية التوحيد، فظهرتْ ملكاتهم التي غمرَها الشِّرك قرونًا من الزمان، وفي قليلٍ مِن الزمان - وبفضْل من الله - يعمُّ النور الحق الأرض بأيديهم وهم ينطلقون في رُبوعها ينشرون الحقَّ والعدل، ويدْعون إلى الله. دعاء الصائم مُستجاب: بعد أن تَمضي بنا آياتُ فرْض الصوم مِن سورة البقرة موضِّحة أنَّ الله فرَض الصوم على الأمَّة الإسلاميَّة كما فرَضه على الأمم السابقة، وأنَّ هذا الصوم في أيَّام قليلة معدودة، وأنَّه سبحانه يَتَفَضَّل بالترخيص للمسافِر والمريض والضعيف بالإفطار، ثم يَقضي في أيام أخرى، ثم يتحدَّد زمَن الصوم تحديدًا واضحًا، فتذكر الآيات أنَّ هذا الزمن هو شهْر رمضان مِن كل عام، ثم تتجلَّى رحمة الله بتَكْرار ذِكر الرخصة للمسافِر والمريض تأكيدًا لتلك الرُّخصة، وإعلانًا بأنَّ اللَّه سبحانه رحيمٌ بعباده، لا يُريد بهم العنَتَ والمشقَّة والتعذيب، وإنَّما يُريد الخير واليسر والرحمة، ثم ينقطع سياقُ الحديث عن الصوم رغمَ أنَّ له بقيةً؛ ليقول الله تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186]. وفي هذه الآية التفاتٌ عن مخاطبة المؤمنين بأحكام الصِّيام إلى خِطاب الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - لنعلم الأمَّة ما يَنبغي أن تراعيَه في هذه العِبادة من الطاعة والإخلاص والتوجُّه إلى الله وحْده بالدُّعاء؛ لأنَّه سبحانه وحده الجديرُ بالإجابة، وتضَع الآية شروطًا ثلاثةً لإجابة الله دُعاءَ مَن يدعوه؛ أولها: أن يُعلن صاحب الحاجة عن حاجتِه بالتوجه إلى الله وحْدَه بالضراعة والدعاء، وهذا التوجُّه في حدِّ ذاته بالفزَع إلى الله وحْده، إنَّما هو براءةٌ معلَنة مِن قوَّة كلِّ قوي، ومن حوْل كلِّ ذي جاه أو سُلطان إلى حول الله وقوَّته، أو بعبارة أخرى: فإنَّ هذا التوجه لله وحده إنَّما هو قمَّة التوحيد أو قِمَّة العبادة كما يقول الرسولُ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الدُّعاءُ هو العِبادة))، وهذا الشرط هو ما يُعبِّر عنه القرآن بكلمتي: ﴿ إِذَا دَعانِ ﴾، ثم يأتي بعدَ ذلك الشرْط الثاني: ﴿ فَلْيَسْتَجِيبوا لي ﴾، وهو توجيهٌ إلى أنَّ الدعاء لا يُقبل حتى لو توجَّه به صاحبُه إلى الله ما لم يكُن مستجيبًا لله منفذًا لأوامره، مجتنبًا لنواهيه، ملتزمًا بشرعه وسُنَّة نبيِّه، والاستجابة هنا سلوكٌ ظاهري يُترجِم عن التزام العبد بتنفيذ أوامر الله، وأداء ما افترَضه عليه مِن عبادات، وربَّما أدَّى الإنسان كلَّ ذلك، ولكنَّه لم يكُن مخلصًا في أدائه، بمعنى أنَّه كان يؤدِّيها ليقال بيْن الناس: إنَّه طائع وأنه تقِي؛ ولهذا يأتي الشرْط الثالث لينقي العملَ مِن كل رِياء وغِش ونفاق، في قوله تعالى: ﴿ وَلْيُؤمِنُوا بي ﴾؛ أي: وليثقوا كلَّ الثقة في وُعودي، ولتكُن عبادتهم خالصةً لي حتى يكونوا جديرين إذا ما فزِعوا إليَّ بإجابة دُعائهم، وبهذا المعنى نصِل إلى أنَّ الصائم الذي يصوم إيمانًا واحتسابًا لله ربِّ العالمين، ممتثلاً لأوامره، تتحقَّق فيه الشروطُ الثلاثة فهو بهذه المثابة مستجابُ الدعاء. واجب المسلمين في رمضان: بعدَ هذين المعنيين اللَّذين أشرتُ إليهما يَنبغي ألا يتَّخذ الصائم من صيامه فرصةً للإهمال والتراخِي، ومبررًا للنِّزاع والاحتكاك، فإنَّ مِن شأن ذلك وجودَ الفرقة والبُغض والكراهية بيْن صفوف المسلمين. وواجبنا إذًا في شهر رمضان أن يتذكَّر كلُّ واحد مِن أفراد الأمَّة الإسلاميَّة أنَّه عضو فيها، وأنَّ شعار الإسلام هو أن يكون مؤديًا لفرائض دِينه، وفي مقدِّمة هذه الفرائض الصوم، وليراجع كلُّ واحد منَّا في يومه هذا ما يتردَّد في نفسه من عوامِل الإقدام على الصوم وعوامِل الإحجام عنه، وسيعلم بعدَ هذه المراجعة أنَّ عوامل الإحجام عنِ الصوم ترجِع إلى ضَعْف العزيمة، وسيطرة إغراء الشهوة على النفْس، وليس بإنسانٍ ناجِح في الحياة مَن تضعُف عزيمته أمامَ الإمساك عن بعض ما يشتهي فترةً من الوقت، وليستْ هذه بأمَّة تقِف في وجه الشدائد والأزمات تلك التي يضعُف أفرادها أمامَ ما يُغري النفس مِن مأكل أو مشرَب بياضَ نهاره. |
الساعة الآن : 05:30 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour