|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() قال شيخ الاسلام احمد بن تيمية قدس الله روحه بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبى بعده الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله منشرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ونشهدان لا اله الا الله وحده لا شريك له ونشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآلهوسلم اما بعد فهذه كلمات مختصرات فى اعمال القلوب التى قد تسمى المقامات والاحوال وهيمن اصول الايمان وقواعد الدين مثل محبة الله ورسوله والتوكل على الله واخلاص الدينله والشكر له والصبر على حكمه والخوف منه والرجاء له وما يتبع ذلك اقتضى ذلك بعض مناوجب الله حقه من اهل الايمان واستكتبها وكل منا عجلان فأقول هذه الاعمال جميعها واجبة على جميع الخلق المأمورين فىالاصل باتفاق أئمة الدين والناس فيها على ثلاث درجات كما هم فى اعمال الابدان علىثلاث درجات ظالم لنفسه ومقتصد وسابق بالخيرات فالظالم لنفسه العاصي بترك مأمور او فعل محظور والمقتصد المؤدي الواجبات والتارك المحرمات والسابق بالخيرات المتقرب بما يقدر عليه من فعل واجب ومستحب والتارك للمحرموالمكروه وان كان كل من المقتصد والسابق قد يكون له ذنوب تمحى عنه إما بتوبة واللهيحب التوابين ويحب المتطهرين واما بحسنات ماحية واما بمصائب مكفرة وإما بغير ذلكوكل من الصنفين المقتصدين والسابقين من اولياء الله الذين ذكرهم فى كتابه بقوله إلا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون فحد اولياءالله هم المؤمنون المتقون ولكن ذلك ينقسم الى عام وهم المقتصدون وخاص وهم السابقون وان كان السابقون هم اعلى درجات كالانبياء والصديقين وقد ذكر النبى صلى الله عليه و آله وسلم القسمين فى الحديث الذي رواه البخاري عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم انه قال يقول الله من عادى لى وليا فقد بارزنى بالمحاربة وما تقرب الي عبدي بمثل اداء ما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع بهوبصره الذي يبصر به ويده التى يبطش بها ورجله التى يمشى بها فبى يسمع وبي يبصر وبىيبطش وبى يمشى ولئن سألنى لأعطينه ولئن استعاذنى لاعيدنه وما ترددت عن شىء انا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت واكره مساءته ولابد له منه واما الظالم لنفسه من أهل الايمان فمعه من ولاية الله بقدر إيمانه وتقواه كما معه من ضد ذلك بقدر فجوره إذ الشخص الواحد قد يجتمع فيه الحسنات المقتضية للثواب والسيئات المقتضية للعقاب حتى يمكن ان يثاب و يعاقب وهذا قول جميع اصحاب رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم وأئمة الاسلام وأهل السنة والجماعة الذين يقولون أنه لايخلد فى النار من فى قلبه مثقال ذرة من ايمان وأما القائلون بالتخليد كالخوارج والمعتزلة القائلين أنه لا يخرج من النار من دخلها من أهل القبلة وأنه لا شفاعة للرسول ولا لغيره فى أهل الكبائر لا قبل دخول النارولا بعده فعندهم لا يجتمع فى الشخص الواحد ثواب وعقاب وحسنات وسيئات بل من اثيب لا يعاقب ومن عوقب لم يثب ودلائل هذا الأصل من الكتاب و السنة و إجماع سلف الامة كثير ليس هذا موضعه وقد بسطناه فى مواضعه . وينبنى على هذا أمور كثيرة ولهذا من كان معه إيمان حقيقى فلابد أن يكون معه من هذه الأعمال بقدر إيمان هو إن كان له ذنوب كما روى البخارى فى صحيحه عن عمر بنالخطاب رضي الله عنه أن رجلاً كان يسمى حماراً وكان يضحك النبى صلى الله عليه وسلم وكان يشرب الخمر ويجلده النبى صلى الله عليه وآله وسلم فأتى به مرة فقال رجل لعنةالله ما اكثر ما يؤتى به الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبى صلى الله عليهوسلم لا تلعنه فانه يحب الله ورسوله . فهذا يبين ان المذنب بالشرب وغيره قد يكون محبا لله ورسوله وحب الله ورسوله اوثقعرى الايمان كما ان العابد الزاهد قد يكون لما فى قلبه من بدعة ونفاق مسخوطا عليه عند اللهورسوله من ذلك الوجه كما استفاض فى الصحاح وغيرها من حديث أمير المؤمنينعلى ابن ابى طالب وابي سعيد الخدري وغيرهما عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم انهذكر الخوارج فقال يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية اينما لقيتموهم فاقتلوهم فان فى قتلهم أجراً عند اله لمن قتلهم يوم القيامة لئن ادركتهملاقتلنهم قتل عاد . وهؤلاء قاتلهم اصحاب رسول الله صلى اله عليه وسلم مع أمير المؤمنين على إبن أبىطالب بأمر النبى صلى الله عليه وسلم وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيهم فى الحديث الصحيح فرقة من المسلمين يقتلهم ادنى الطائفتين الى الحق . ولهذا قال أئمة الإسلام كسفيان الثوري وغيرهإن البدعة أحب الى ابليس من المعصية لأن البدعة لا يتاب منهاوالمعصية يتاب منها ومعنى قولهم إن البدعة لا يتاب منها إن المبتدع الذي يتخذ دينا لم يشرعه الله ولا رسوله قد زين له سوء عمله فـرآه حسنـاً فهولا يتوب ما دام يراه حسنا لان اول التوبة العلم بأن فعله سىء ليتوب منه او بأنه تركحسنا مأمورا به أمر ايجاب أو استحباب ليتوب ويفعله فما دام يرى فعله حسناً وهو سيءفى نفس الأمر فانه لا يتوب . ولكن التوبة منه ممكنة وواقعة بأن يهديه الله ويرشده حتى يتبين له الحق كما هدىسبحانه تعالى من هدى من الكفار والمنافقين وطوائف من أهل البدع والضلال وهذا يكون بأن يتبع من الحق ما علمه فمن عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم كما قال تعالى والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم وقال تعالى ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم وأشد تثبيتا واذا لآتيناهم من لدنا أجراً عظيما ولهديناهم صراطا مستقيما وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) وقال تعالى : ()اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّور) وقال تعالى : (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ) وشواهد هذا كثيرة فى الكتاب والسنة وكذلك من اعرض عن اتباع الحق الذي يعلمه تبعا لهواه فان ذلك يورثه الجهل والضلالحتى يعمى قلبه عن االحق الواضح كما قال تعالى : ( فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) وقال تعالى : (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً ) وقال تعالى : (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ * وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) وهذا استفهام نفى وانكار أي وما يدريكم انها اذا جاءت لا يؤمنون وانا نقلب افئدتهم وابصارهم كما لم يؤمنوا به اول مرة على قراءة من قرأ انها بالكسر تكون جزما بأنها اذا جاءت لا يؤمنون ونقلب افئدتهم وابصارهم كما لم يؤمنوا به اول مرةولهذا قال من قال من السلف كسعيد بن جبير ان من ثواب الحسنة الحسنة بعدها وان من عقوبة السيئة السيئة بعدها . وقد ثبت فى الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم انهقال عليكم بالصدق فان الصدق يهدى الى البر وان البر يهدى الى الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا واياكم والكذب فان الكذب يهدى الىالفجور وان الفجور يهدى الى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً فأخبر النبى صلى الله عليه وسلم أن الصدق أصل يستلزم البر وأن الكذبيستلزم الفجور . وقد قال تعالى إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم ولهذا كان بعض المشائخ إذا أمر بعض متبعيه بالتوبة وأحب أن لا ينفره ولا يشعب قلبه أمره بالصدق ولهذا كانيكثر فى كلام مشائخ الدين وائمته ذكر الصدق والإخلاص حتى يقولون قل لمن لا يصدق لايتبعني ويقولون الصدق سيف الله فى الأرض وما وضع على شيء الا قطعه ويقول يوسف بن أسباط وغيره ما صدق الله عبد الا صنع له وأمثال هذا كثير . والصدق والإخلاص هما فى الحقيقة تحقيق الإيمان والإسلام فان المظهرين الإسلامينقسمون الى مؤمن ومنافق والفارق بين المؤمن والمنافق هو الصدق فان أساس النفاق الذي يبنى عليه هو الكذب ولهذا إذا ذكر الله حقيقة الإيمان نعتة بالصدق كما فى قوله تعالى (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا اسلمنا الى قوله انما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وانفسهم فى سبيل الله اولئك هم الصادقون وقال تعالى للفقراء المهاجرين الذين اخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله هم الصادقون) . فأخبر أن الصادقين فى دعوى الإيمان هم المؤمنون الذين لم يتعقب إيمانهم ريبةوجاهدوا فى سبيـله بأموالهم وأنفسهم وذلك إن هذا هو العهد المأخوذ على الأولينوالآخرين كما قال تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) قال ابن عباس ما بعث الله نبيا إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه وامره ان يأخذ الميثاقعلى امته لئن بعث محمد وهم احياء ليؤمنن به ولينصرنه . وقال تعالى لقد ارسلنا رسلنا بالبينات وانزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وانزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسلهبالغيب ان الله قوي عزيز فذكر تعالى انه انزل الكتاب والميزان وانه انزل الحديد لاجل القيام بالقسط وليعلم الله من ينصره ورسله ولهذا كان قوام الدين بكتاب يهدىوسيف ينصر وكفى بربك هاديا ونصيرا والكتاب والحديد وان اشتركا فى الانزال فلا يمنع أن يكون أحدهما نزل من حيث لم ينزل الآخر حيث نزل الكتاب من الله كما قال تعالىتنزيل الكتـاب مـن الله العزيز الحكيم وقال تعالى : (الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) وقال تعالى : (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ) والحديد أنزل منالجبال التي خلق فيها .
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |