مشاهدة النسخة كاملة : رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
ابوالوليد المسلم
13-04-2022, 09:28 AM
نحو رمضان مختلف (1)
لذة الحرمان
سعد الكبيسي
وسط عالم مادي يعج بالمتع والشهوات ونيل الحظوظ الدنيوية التي ترهق النفس والجسد معا، قبل وأثناء وبعد تحصيلها، يتراكم السيء من الآثار على العقل والقلب والروح والجسد على مدى شهور طويلة، لتأتي هنا محطة الاستراحة الربانية التي عنوانها الحرمان من خلال الصيام.
نعم، يكون الحرمان تربية وتهذيبا حيث تتزكى النفس بتقوية الإرادة لأخذ قرار الامتناع عن المألوف والمحبوب، وحيث يتزكى الجسد من خلال منح ماكنته قليلا من العطالة، ومنح القلب صفاء وتخففا ورقة مميزة.
في غير رمضان كان النهي النبوي عن أن نصوم الدهر بالتتابع، على عكس رمضان حيث نصومه كل يوم بالتتابع فهو هزة عنيفة تخرجك من مألوف العادات إلى شعائر جديدة ليلية ونهارية، تنقلك من حالة التراخي إلى حالة التحفز والسعي لتنال أعظم العطاء الروحي والنفسي والجسدي بالحرمان!!!
لقد ألفنا التعبد في العطاء بأن نصلي ونزكي ونحج ونذكر ونتحرك للعمل الصالح، لكن ان يكون التعبد هنا بالحرمان فهو أمر على عكس المألوف.
إنه حرمان لا يعلم صدقه وحقيته ودرجته الا الله، لذلك جعل ثوابه عنده.
إنه حرمان شامل عنوانه الحرمان من الطعام والشراب ومضمونه الحرمان من كل قول أوفعل مستنكر والا فلا حاجة لحرمان الجسد من حاجته، ما دامت النفس تقضى حاجتها بأن تنال ما تريد من محرم القول والفعل.
إنه حرمان مكروه لكنه ممزوج بلذة الظفر بنتائجه في تزكية الروح والجسد ليعلن الفرحة وشارة النصر مع أول تمرة تذهب الظمأ وتبل العروق.
إنه حرمان مؤقت لا أبدي من فجر الى مغرب ومن بداية شهر لآخره، فالمنع فيه وسيلة لا غاية، وأفضل الوسائل ما حقق الغايات بيسر وكمال، حيث التعسير غير مقصود ولا فضيلة فيه في تعاليم ديننا.
إنه حرمان يصاحبه التأمل في حر الأيام وعطش النهار بباب الريان المنتظر الذي أعلن احتكار دخوله لهم فحسب.
الناس في الحرمان مذاهب،
فهو حرمان إجباري عند قوم يعقبه عطاء مقبول ومرضي عندهم.
لكنه حرمان محبوب عند آخرين يعقبه عطاء جزيل وشكر عميق لهذا التوفيق.
إنه حرمان ليس من اختياراتنا وبطولاتنا فحسب، بل لأن الشياطين قد صدر الأمر بأن تصفد ودوافع الخير بأن تنتشر وتعين.
إنه حرمان كالنار تسري في الجسد تكويه لكنها تحرق كل ذنب مضى وكل كبيرة سلفت لتجعلها رمادا منثورا.
إنه حرمان وفي فهو يشفع لمن اختاره عند مالك الشفاعة والآمر بهذا الحرمان رب العالمين.
إن ذلك من عجائب التعبد أن يكون للحرمان لذة ....
ابوالوليد المسلم
13-04-2022, 09:32 AM
نحو رمضان مختلف (2)
علاقة جديدة
سعد الكبيسي
لقد تشرّف رمضان بإنزال القرآن فيه، وتشرفت ليلة التنزيل ليلة القدر منه بأن كانت خير الليالي، فالأزمنة والأمكنة المقدسة مهما بلغت قداستها فلن تكون بقداسة صفة من صفات الله تعالى، وكلامه سبحانه صفة من صفاته.
للقرآن في رمضان طعم آخر، لمن تلا وتدبر وعمل، فالشياطين مصفدة ومحبوسة، وملكات الفهم منطلقة ومتوقدة، وأدوات التفاعل والاستقبال في القلب جاهزة وراغبة، ودوافع العمل بالقرآن حاضرة وفاعلة، فلا تحرم نفسك من تلاوة تتدبر فيها، وتستقبل معاني القرآن لتعمل بها، وتتعلق بتلاوة سريعة سطحية لا تتيح فيها للسانك أن يتمهل، ولا لعقلك أن يتدبر، ولا لقبلك أن يتأثر، ولا لجسدك أن يعمل.
رمضان فرصة لبدء علاقة جديدة مع القرآن، فانكماش الشواغل المادية وتوافر المحفزات المعنوية يجعلنا نقرأ القرآن بنمط جديد، فلا نقصد التلاوة على حساب التدبر، ولا نقف عند التدبر إن تسنى لنا العمل بما تدبرناه، فالتلاوة والتدبر والعمل هي أركان الانتفاع التام بالقرآن، وإلا كانت الانتفاع قاصرا ومحدودا، فالله تعالى يعطيك الأجر على مقدار تحقيق هذه الثلاثة، وإن كان يعطي الأجر بكرمه سبحانه على التلاوة فقط بكل حرف عشر حسنات.
اقرأ معي قوله سبحانه: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ"، فاجعل تلاوتك على نية تحصيل الهدى والبينات والفرقان فهو المقصود النهائي والأكمل للانتفاع بالقرآن، فمن لم يحصل على الهدى والبينات والفرقان كان حظه من القرآن تلاوة حروفه دون تدبر معانيه والعمل بمقاصده ومراميه وفي كل ذلك خير.
لقد كان جبريل يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن مرة كل عام في رمضان ويعرض أي يختم، وما ذلك إلا لكون رمضان شهر القرآن، فاقترب منه أكثر تلاوة وتدبرا وعملا، واجعل للقرآن أولوية ومزيد عناية.
ارفع شعار النوع لا الكم في رمضان هذا وأنت تتلو القرآن، وراجع ما حفظته من القرآن لتستعين به في قيام ليلك.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر بآية فيها تسبيح سبَّح وإذا مر بسؤال سأل وإذا مر بتعوذ تعوذ، ولا يتسنى ذلك إلا للمتدبرين العاملين بما تدبروا، أما الذين يتلونه دون تدبر فقد حرموا أنفسهم من هذا الخير وإن أثيبوا على التلاوة فقط.
"كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ".
وقد جاء رجل لابن مسعود رضي الله عنه، فقال له: إني أقرأ المفصل في ركعة واحدة، فقال ابن مسعود: "أهذّاً كهذِّ الشِّعر؟! إن أقواماً يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع".
وقال الحسن البصري: "أنزل القرآن ليُعمل به، فاتخذ الناس تلاوته عملاً".
إنه القرآن نور، وموعظة، وهدى، وبينات، ورحمة، وشفاء، وروح، وذكرى، وبشرى، وبشارة، ونذارة، ورحمة، وفرقان، ومحكم، وبصائر، وبينات، ومبارك، وميسر، ومعجز، وفيه تبيان وتفصيل كل شيء، فاتل كتاب ربك ناويا أخذ حظك من كل هذا فيه، ولا يكن حظك قصد التعبد والتلاوة فقط.
فمعاً نحو انتفاع مختلف بالقرآن ...
ابوالوليد المسلم
14-04-2022, 11:09 AM
نظرات نفسية في الصيام (7)
الدكتور محمد كمال الشريف
كتب الله علينا الصيام لنتدرب على التقوى ونزداد منها لا لنتعذب بالجوع والعطش، فالمبالغة في الجوع والعطش ليست مطلوبة ولم يرد أنها تزيد من أجر المؤمن على صيامه، ثم إن رحمة الله تتجلى في أن جعل الصيام لساعات محدودة كل يوم بحيث يبقى الليل لنا نأكل ونشرب ونتمتع بما أحل الله لنا ..
لقد كتب الله علينا الصيام حيث نصبر على الامتناع عما تشتهيه أنفسنا من طعام وشراب وشهوة حلال، فإذا ما غربت الشمس أبيح لنا كل ذلك وامتلأت أنفسنا بالرضى عن أنفسنا وبالثقة إذ اكتشفنا أننا قادرون على التحكم بأنفسنا إلى حد معقول، أما نبينا صلى الله عليه وسلم الذي كان بالمؤمنين رؤوفاً رحيماً فقد سن لنا السحور وسن تأخيره، كما سن لنا التعجيل في الفطر عند الغروب، ونهانا عن الوصال في الصيام وهو أن يصل المؤمن صوم يوم بيوم يليه دون أن يفطر .. قال صلى الله عليه وسلم: "تسحروا فإن في السحور بركة" (رواه البخاري ومسلم)، وقال أيضــاً: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر" (رواه البخاري ومسلم) .
وقد وردت الأحاديث التي تؤكد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤخر سحوره إلى قبيل الفجر، فقد قال زيد بن ثابت رضى الله عنه: " تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نمنا إلى الصلاة. قيل: كم كان بينهما؟ قال: خمسون آيــة" (متفق عليه)، إذن كان الوقت بين سحورهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلاتهم الفجر مقدار قراءة أحدنا لخمسين آية من القرآن الكريم لا أكثر، وقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنان للفجر، فكان بلال رضى الله عنه يؤذن الأذان الأول قبيل الفجر بدقائق قليلة، إذ ما أن ينزل بلال من على السطح الذي كان يـؤذن منه، ويرقى المؤذن الثاني وهو ابن أم مكتوم حتى يكون الفجر قد طلع ويؤذن ابن أم مكتوم الأذان الثاني، ولنتأمل رحمة الله ورسوله بنا إذ قال صلى الله عليه وسلم: "إنَّ بلالاً يؤذن بليلٍ فكلوا واشربوا حتى يُؤَذِّنَ ابن أم مكتوم" ويقول ابن عمر رضي الله عنهما وهو يروي هذا الحديث: "ولم يكن بينهما إلاّ أن ينزل هذا ويرقى هذا" (رواه البخاري ومسلم) .
والذي بينه علم وظائف الأعضاء (الفيزيولوجيا) المعاصر حول المعاناة التي يمكن أن يسببها الجوع يتلخص في أن المعدة بعد أن تفرغ من الطعام الذي كان فيها، ويمضي على فراغها عدة ساعات تبدأ فيها تقلصات قوية تسمى "انقباضات الجوع" تترافق مع الإحساس النفسي بالجوع والرغبة في تناول الطعام، وهذه الانقباضات في المعدة تكون أشد ما تكون في الشباب والشابات ذوي الصحة الجيدة حيث المعدة لديهم نشيطة. كما إن انخفاض سكر الدم نتيجة الصيام يزيد من انقباضات الجوع هذه كثيراً ليحث الإنسان على تناول الغذاء وتأمين ما يحتاجه الجسم.. فإذا طال جوع الإنسان صارت انقباضات الجوع هذه انقباضات مؤلمة وصار اسمها "عضات الجوع"، وهي تظهر عادة بعد (12 – 24) ساعة من آخر وجبة، وهذا يختلف من شخص إلى آخر كعادة الأجسام في الاختلاف.. أما في حالة المجاعة أو الصيام المتواصل فإن عضات الجوع تشتد لتبلغ أقصاها في اليوم الثالث أو الرابع ثم تضعف تدريجياً في الأيام التالية ويتلاشى معها الإحساس بالجوع مع أن الإنسان لم يذق طعاماً، ويكاد يموت مـن الحرمان من الغذاء.
إن الجوع هو الإحساس الذي يدعو الكائن الحي إلى تناول الطعام، وقد وجد العلماء في الدماغ لدى البشر ولدى الحيوانات مركزاً صغيراً جداً إذا ما تنبه أحس الكائن بالجوع وأقبل على الطعام، وإذا ما خربه المرض أو استأصله الجراح فقد الإنسان أو الحيوان أي رغبة في الطعام فقداً نهائياً ومات جوعاً رغم أن الطعام الوفير أمامه .
إن بركة السحور وتعجيل الفطر يقللان من بلوغ الصائم مرحلة عضات الجوع المؤلمة، وتؤكدان أن المشقة ليست مطلوبة بحد ذاتها وأن الصائم لا ينقص أجره إن تسحر سحوراً جيداً يعينه على الصيام بأقل قدر من المشقة.
ابوالوليد المسلم
14-04-2022, 11:12 AM
نظرات نفسية في الصيام (8)
الدكتور محمد كمال الشريف
"وبالأسحــار هم يستغفــرون"
في بداية الدعوة الإسلامية كان قيام الليل فريضة على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وبعد أن حقق القيام والقرآن الذي يتلى فيه الغرض الذي فرض من أجله، وقام بغسل قلوب الكوكبة الأولى من الصحابة من أدران الجاهلية لتكون النـواة التي يقوم عليها المجتمع الإسلامي فيما بعد، بعد هذا خفف الله عن المؤمنين وصار قيام الليل سنة، ورمضان موسم من مواسم هذه السنة الرائعة.. قال صلى الله عليه وسلـم: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" (متفق عليه).
ولكن في عصرنا الحالي كثرت الدراسات الطبية والنفسية على نوم الإنسان وأهمية الهجوع والسكن كل ليلة لصحة الإنسان العقلية والجسدية، فلو حرم إنسان ما من النوم حرماناً تاماً عدة أيام لأصابه إرهاق ذهني شديد جداً وقد يبلغ به الأمر حد الهلوسة والتوهم .
أما من الناحية الجسدية فإنه أثناء النوم يتم ترميم ما اهترأ من جسم الإنسان خلال النهار، وأثناء النوم وبخاصة نوم الليل يتم النمو، إذ تزداد في الليل الهرمونات التي تحرض النمو والترميم في الجسد، وتزداد في النهار الهرمونات التي تنشط الجسم من أجل العمل والحركة واليقظة، وفي النهار يغلب معدل الاهتراء في الجسم معدل الترميم والبناء ليكون تعويض ذلك أثناء النوم في الليل.. قال تعالى: "ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون" (القصص 73) .
هل يعني هذا أن قيام الليل يكون على حساب صحة الإنسان العقليـة والجسديــة ؟
والجواب المتوقع هو: لا بالطبع، إذ لم يشرع الله لنا إلاّ الطيبات وما فيه صلاحنا ولم يحرم علينا إلاّ الخبائث وما فيه الضرر لنا.. ولكن أين تكمن المنفعة العاجلة في قيام الليل ؟
لقد كشفت دراسات الأطباء النفسيين في السنوات الأخيرة أن حرمان المريض المصاب بالاكتئاب النفسي من النوم ليلة كاملة وعدم السماح له أن ينام في النهار الذي يليها حتى يأتي الليل من جديد، هذا الحرمان من النوم له فعل عجيب في تخفيف الاكتئاب النفسي عند الإنسان وفي تحسين مزاجه حتى لو كان من الذين لم تنفع فيهم الأدوية المضادة للاكتئاب.
ثم تلا ذلك دراسات أخرى بينت أنه لا داعي لحرمان المريض من النوم ليلة كاملة كي يتحسن مزاجه، إنما يكفي حرمانه من النوم النصف الثاني من الليل ليحصـل على القدر نفسه من التحسن، والنصف الثاني من الليل هو الذي يكون فيه السحر الذي أثنى الله على من ينفقه في الاستغفار والقيام.. قال تعالى: "إن المتقين في جنات وعيون، آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين، كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون، وبالأسحار هم يستغفرون" (الذاريات 15- 18) .
فسبحان الذي جعل لنا في قيام الليل والتهجد في الأسحار جائزة فورية قبل الثواب الأخروي، وهي اعتدال المزاج وتحسنه لدى القائمين والمتهجدين، وعافية نفسية تجعلهم أكثر سعادة في الدنيــا قبل الآخــرة.
ابوالوليد المسلم
14-04-2022, 11:14 AM
نظرات نفسية في الصيام (9)
الدكتور محمد كمال الشريف
"الصــوم التــــزام"
لا يكون البقاء بلا طعام أو شراب أو شهوة من الفجر إلى الغروب، لا يكون صوماً ما لم ترافقه نية الصيام، وفي صوم الفريضة اشترط الفقهاء أن تسبق النية بداية الصوم، أي أن تكون قبل طلوع الفجر، إذ الأعمال بالنيات، ثم إن النية تجعل الصيام التزاماً يلتزم به المؤمن فيمتنع عن الطعام والشراب والشهوة من تلقاء نفسه ولا يحتـاج إلى رقيب عليه يتأكد من صيامه.
والقدرة على الالتزام والمحافظة على هذا الالتزام من علامات نضج الشخصية لدى الإنسان، كما إن الالتزام المتمثل بنية الصيام يجعل الامتناع عن الطعام والشراب والشهوة ابتغاء مرضاة الله أهون على النفس مما لو كان البقاء دون أكل وشرب ناتجاً عن مانع من خارج النفس، كأن يمنعك شخص من الوصول إلى الطعام والشراب مثلاً، إذ في هذه الحالة يكون الجوع والعطش أشد، وهذا ما بينته الاختبارات النفسية حيث وجدت أن "الالتزام يغير الدافــع"، وهي عبارة من علم النفس تعبر عن نتيجة لدراسات عديدة، في إحداها حضر الأشخاص الذين ستتم عليهم التجربة دون أن يأكلوا أو يشربوا لعدة ساعات قبل مجيئهم وذلك بناء على ما طلبه الباحثون منهم، ثم بعد وصولهم طلب الباحثون من بعضهم أن يبقى دون طعام أو شراب فترة أخرى -دون أي مقابل مالي أو غير مالي- وقبل هؤلاء أن يلتزموا بذلك، فكان صومهم عن الطعام والشراب لساعات أخرى التزاماً منهم وقراراً اتخذوه بحرية وإن كان استجابة لطلب من الباحثين، لكن كان لهم الحرية في أن يرفضوا ولا يلزموا أنفسهم بذلك.. أما بـاقي الأشخاص المجرب عليهم فلم يطلب منهم الالتزام بالبقاء دون طعام وشراب إنما تركهم الباحثون دون طعام وشراب وجعلوا الأمر يبدو لهم وكأنه غير مقصود. وفي نهاية التجربة أجريت على الجميع اختبارات نفسية لمعرفة شدة الجوع والعطش لديهم، فوجد أن الذين التزموا بالامتناع عن الطعام والشارب التزاماً كـانوا أقل جوعاً وأقل عطشاً من الذين تمت مماطلتهم بحيث صاموا الساعات نفسها لكن دون التزام منهم بذلك، كما تمت معايرة "الحموض الدسمة الحرة" في دمائهم جميعاً، وهي مواد تزداد في الدم كلما اشتد الجوع عند الإنسان، فوجد أنها كانت أقل ازدياداً عند الذين التزموا بالصيام التزاماً.. وهكذا كان للالتزام بالصوم أثـر حتى على رد فعل أجسامهم الفيزيولوجي نتيجة بقائهم دون طعام أو شراب الساعات الطويلة.
وفي دراسة أخرى: درس العلماء أثر الالتزام على العطش، فوجدوا أن العطش عند من التزم من تلقاء نفسه بالامتناع عن الماء كان أقل حتى في الاختبارات النفسية التي تكشف مدى انشغال النفس اللاشعوري بالعطش وبالرغبة في الماء.
إن الصوم صبر، والصبر في جوهره التزام ورضا بالحال التي يضعنا الله فيها، وبالصبر تهون المعاناة وتقل، لأن الرضا حتى بالمصائب يشبه الالتزام بها، كالذي منع نفسه من الطعام والشراب لأنه يريد الصيام لله تعالى، والذي ابتلاه الله بالفقر والمرض أو بفقد عزيز فصبر، فإنه امتنع عما حرمه الله منه امتناعاً عن رضاً وتسليم، وهو امتناع يشبه امتناع الصائم وإن كان الفرق بينهما في أن رفض المصاب وسخطه لا يغير من الواقع شيئاً بينما للصائم الحرية في أن يتم صومه احتساباً أو أن يقع في معصية الله فيفطر دون عذر، والامتناع الراضي يكون أقل إيلاماً للنفس مما لو تلقى المصيبة بتذمـر وسخط وغضب.
وهكذا يكون في صيامنـا كل عام في رمضان تدريباً لنا على الالتزام وزيادة لنا في النضج النفسي.
ابوالوليد المسلم
14-04-2022, 11:18 AM
نحو رمضان مختلف (3)
سعد الكبيسي
ريح مرسلة
لماذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون في رمضان فهو كالريح المرسلة؟ كما وصفه ابن عباس رضي الله عنه فقال: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ" رواه البخاري ومسلم.
والريح المرسلة هي الريح السريعة المنطلقة التي لا يوقفها شيء، ويعني التشبيه أن جوده صلى الله عليه وسلم كان سريعا مستمرا غير محدود، فيعطي قبل السؤال، ولا يتأخر عنه بعد السؤال، سواء كان هذا العطاء كميا أو نوعيا.
ما علاقة الجود برمضان؟ ولماذا كان الجود الأكبر فيه؟ لعل السبب في جملة أمور:
أولا: إن رمضان شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، والصدقة والجود والإنفاق سبب لنيل ذلك.
ثانيا: إن رمضان تعظم فيه الأجور والمثوبة، فهذا يدفع لمزيد من الجود.
ثالثا: إن القرب من القرآن في رمضان يحرك لتحقيق معاني القرآن وأوامره في الجود ورعاية المحتاجين.
رابعا: إن الجود في رمضان يجبر النقص المتوقع من الصيام، فقد يبتلى المسلم ببعض القول أو الفعل المنافي لمقاصد الصيام، فيأتي الجود هنا ليكمل النقص ويجبر المنكسر، كما تجبر صلاة النافلة صلاة الفريضة.
خامسا: إن رمضان مظنة وقت الحاجة والجوع المحتمل للصائمين من الفقراء، خصوصا أن هناك عيدا يعقب رمضان، والعيد فرحة وتوسعة، فسد حاجتهم في هذا الشهر أولى وأكثر طلبا.
سادسا: إن النفس في رمضان تتخفف من ذنوبها ومن كثرة طعامها وشرابها، فتزكو هذه النفس وتشف وترق وتصبح أكثر استعدادا للبذل والعطاء والجود.
سابعا: لأن الشياطين مصفدة في رمضان فإن نوازع الخير والجود تكون أسهل وأكثر فاعلية، فتنكمش خصال الأثرة والشح والبخل والخوف من الفقر وحب المال.
ثامنا: لا يقتصر الجود في رمضان على المال، بل الجود بالوقت والجهد والمعونة والشفاعة ورفع المعاناة والحاجة عن الناس، فالجود صور متعددة.
تاسعا: إن كرم الله على العبد بأن أتاح له أن يبلغ الشهر الكريم وأن يصومه ويقومه قويا صحيحا، يناسب مقابلة هذا الجود والكرم الرباني بجود العبد وكرمه وشكره.
عاشرا: إن رمضان شهر مميز في كل شيء في قرآنه وصلاته وصيامه وذكره ودعاءه، فناسب أن يكون مميزا في جوده وإنفاقه وكرمه.
تلك عشرة كاملة، فيا من أكرمك الله ببلوغ رمضان لا تحبس عطائك عن مستحقيه، ودع الناس تستقبل جودك كالريح المرسلة بصادق الدعاء والثناء ...
ابوالوليد المسلم
14-04-2022, 11:21 AM
نحو رمضان مختلف (4)
سعد الكبيسي
صلوات خاشعة
الخشوع لبُّ الصلاة ومن أهم مقاصدها العظيمة {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}.
ويتحقق هذا المقصد في رمضان بشكل أكبر وبمعينات أكبر من خلال التنبه للآتي:
أولا: في ليل رمضان صلاة وقيام، والليل موطن السكون والخلوة والتأمل، وكل هذه توفر إمكانا أكبر لخشوع أكثر كمالا وجمالا وعمقا.
ثانيا: في نهار رمضان صلاة وصيام حيث يتخفف الجسد مما يثقله ويصرفه عن كمال الخشوع، ففي النفس إقبال وفي الجسد انكسار وفي القلب راحة، توجه الملكات للاستغراق في خشوع أفضل وأتم.
ثالثا: رمضان شهر القرآن وطعم القرآن المختلف في الصلاة يخلق طعما مختلفا للخشوع فيها، فعلى قدر التدبر في القرآن في الصلاة سيكون قدر الخشوع المتحصل منها.
رابعا: ثمة هدية عظيمة من رب العزة والجلال أن تزاح الشياطين من طريق التعبد والصلاة والخشوع في رمضان، لتفسح المجال أمام الملائكة بأن ينفردوا بالتأثير على ملكات ونوازع الخير في النفس وسد منافذ الوسوسة.
خامسا: إن طمع المسلم أن يكون ممن يشمله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" سيكون حافزا عظيما نحو توجيه البال وحصر الهم وتكثيف الانشغال بالتوجه والإنابة والخشوع في هذا القيام، ليكون القيام أكمل والمغفرة أتم وأعظم.
سادسا: إن الخشوع لذة من لذات الصلاة ولذة من لذات النفس، حيث تلقي النفس أثقالها وهمومها وغمومها بين يدي ربها، فتكون الصلاة حينئذ محط راحة لا أداء واجب فحسب.
سابعا: قد نسقط الفريضة بأداء صلاة من حركات رتيبة، لا إقبال فيها ولا توجه، لكننا لن نقطف ثمراتها بدون وجود خشوع يحقق مقاصدها وآثارها، وهذا خطأ يقع فيه بعض العابدين فيغلبون الكم على النوع، ويحرصون على كثرة من الركعات دون أن يحرصوا على الخشوع فيها وتحقيق أهدافها ومقاصدها.
لنقرأ سوية قول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : ((إنَّ الرجل لينصرف وما كُتِب له إلاَّ عُشر صلاته، تُسعها، ثُمنها، سُبعها، سُدسها، خُمسها، رُبُعها، ثُلُثها، نِصفها)).
لنجعل رمضان هذا شهر الصلوات الخاشعة ما استطعنا الى ذلك سبيلا
ابوالوليد المسلم
14-04-2022, 06:51 PM
فرحة الصائم
فاطمة الأمير
كنتُ أَوَدُّ أن أُطيل بي وبكم في رحاب هذا الشهر المبارك، ولكنه أزمع على الرحيل، ومع رحيله بكيت وفرِحت معًا، شعور لا يعرِفه غير مَن ذاق السعادة الحقيقية في شهر رمضان، وعاش فيه أجمل ثلاثين يومًا.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: "قلوب المتقين إلى هذا الشهر تَحِن ومن ألَمِ الفراق تئنُّ"، وإنما فرحتي كانت بما خرجت به من شهر العطايا متطيبة متعطرة بنفحاته، خرجت بقلب جديد نقي أبدلَته العبادة من حال إلى حال.
ها هو الشهر قد مضى بكل ما فيه من خير وعطايا، وها هي الفرحة أتتك لتتوِّج قلوب الطائعين، وتقر أعين الدامعين الذين صاموا وقاموا وركعوا، وعددوا الختمات، وأخرجوا الصدقات، واجتهدوا في التقرب من ربِّ البريات، فصاموا وتعبدوا ثلاثين يومًا، وكوفِئوا بفرحة الصائم.
إخوتي في الله، يا مَن صامت جميع جوارحهم قبل صيام البطون، ها هي الفرحة أتت لتعانق أرواحنا وتملأها سكينةً وتزيدها طهرًا ونقاءً، سنشعر بعد آخر إفطار لنا بفرحة وسعادة تروي أنفسنا، وسنشعر أن أجسادنا كريشة خفيفة تُحلق عاليًا تريد أن تلامس أبواب السماء.
ومن شدة هذه الفرحة سنجد أنفسنا تسجد شكرًا لله أن أعاننا على الانتصار على أنفسنا، وأنه أنعم علينا بحسن العبادة هذا العام.
سنتساءل جميعًا عن هذا الشعور الذي لا تستطيع الكلمات وصفه، أهذه فرحة الصائم التي حدثنا عنها رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه؟
صِدقًا إنها فرحة الصائم بفطره، فلم أتخيَّلها بهذه الصورة، ولم أعهدها بهذا الجمال.
روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " «وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه تبارك وتعالى فرح بصومه» "؛ (رواه البخاري ومسلم).
قال ابن رجب رحمه الله: أما فرحة الصائم عند فطره، فإن النفوس مجبولة على الميل إلى ما يلائمها من مطعم ومشربٍ ومنكح، فإذا منعت من ذلك في وقت من الأوقات، ثم أُبيح لها في وقت آخر، فرِحت بإباحة ما منعت منه؛ فإن النفوس تفرح بذلك، وأما فرحه عند لقاء ربه، فيما يجده عند الله من ثواب الصيام مدخرًا، فيجده أحوج ما كان إليه؛ كما قال تعالى: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا } [المزمل: 20]
على عكس مَن فارقة رمضان وهو ما زال داخل غيبوبة جسدية وعقلية، ففي صبيحة يوم العيد سترى أناسًا وقد حفرت الغفلة والخزي خارطة طريق على وجوههم، معلنة عن شدة الندم، والأسف على ما فرطوا من أداء العبادات، فلقد مرَّ بهم الشهر بسرعة البرق، وكأن صبيحة يوم العيد هي أول أيام رمضان الذي كان بالأمس، فكان ما كان بينهما من تضييع العبادات.
أخي الصائم، أختي الصائمة، لن تنتهي العبادة بانتهاء شهر رمضان، ولن نودِّعه، بل سنجعل منه بداية حياة جديدة لنا.
انظروا إلى أحوال القلوب كيف تبدَّلت عند ابتداء شهر رمضان، وكيف استمرَّت على العبادة طيلة ثلاثين يومًا، أرأيتَ كيف كانت مجاهدة النفس فيها؟! وكم تركنا من أشياء كنا نفعلها، فجاء شهر رمضان؛ ليبدِّد ظلام القلوب ويمحو الشهوات، ويجذبنا نحو خالقنا أكثر.
أيعقل أن يكون الجسد الذي عبد ربه، وانقلب حاله فيه من الأسوأ إلى الأفضل في ثلاثين يومًا لا يقدر على أن يستمر في التذلل والخشوع والقُرب مِن الله إلى ما بعد رمضان!
لنستمر في صلاتنا فرائض ونوافلَ، ولنحافظ على جميع صلواتنا في المسجد، ولنعدد من الختمات، فلا نجعل من أنفسنا هاجرين للقرآن، ونحذر من أن نجعل مصحفنا يزين جزءًا من المنزل بوضعه وكأنه كقطعة ديكور، بل لنزين به قلوبنا وأرواحنا، ونجعله دائمًا من أولويات بداية يومنا، فخير ما نستفتح به يومنا هو وِردنا من القرآن، ولنحافظ على قيام الليل، فكلما افتقدنا وقوفنا لصلاة التراويح والتهجد، وكم كنا نطيل في السجدات - أسرعنا للوقوف بين يدي الله في قيام الليل، ولنكثر من إخراج الصدقات؛ فنحن أشد احتياجًا في إخراجها من آخذها، ولنجعل اللسان لا يتكلم إلا بالذكر، والتسبيح، والاستغفار، ولنصم آذاننا، ونُغلق أعيُننا، ولنُلجم ألسنتنا عن القيل والقال، ولنترك التجمعات التي تكثُر بها الغيبة والنميمة، فكلما سحبتنا رياح الفتن، ركبنا سفينة رمضان، واسترجعنا نفحاته الربانية، وكيف كنا فيه صائمين قولًا وفعلًا، ولنذكر أنفسنا أننا كنا من المجاهدين في شهر العطايا، فلا ننصاع لهواجس النفس والشيطان.
هيَّا نجعل رمضان هذا العام هو بداية حياة، وسبيلًا لتغيير أنفسنا، وتطهيرها من الأحقاد، والشهوات والأهواء.
ابوالوليد المسلم
14-04-2022, 06:54 PM
ميتة رمضان
ما من حي إلا وسوف يُدركه الموت، وما من عاقلٍ إلا ويحلم بحُسن خاتمته، فتلك الخاتمة هي التي سيجني منها سعادة الأبد، وما أحلى أن يختمَ الله لنا الحياة في رمضان ونحن نطيع الله، وما أجمل أن يختم عملك وأنت صائمٌ، وما أعظم الأجر الذي يناله صاحبُ تلك الخاتمة الجميلة، ففي الحديث الصحيح عن حذيفة رضي الله عنه قال: أسندت النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدري، فقال: «من قال: لا إله إلا الله ختم له بها، دخل الجنة، ومن صام يومًا ابتغاء وجه الله ختم له به، دخل الجنة، ومن تصدَّق بصدقة ابتغاء وجه الله، ختم له بها، دخل الجنة»؛ (رواه أحمد).
فأي فضلٍ ذلك الذي يحصل عليه من فاز بميتة رمضان؟
أعلمُ وتعلم أنه ليس كل أحد يُمكنه أن يحصل على تلك الهبة العظيمة وتلك الميتة الكريمة، فلتكن من عباد الله الصالحين المحافظين على تقوى الله في رمضان وخارج رمضان؛ لتكون أهلًا للفوز بتلك الأعطيات العظيمة.
واحذَر فقد مات عابثون ولاهون كُثر في رمضان وهم يعصون الله في أعظم أوقات الطاعة في العام، فمن تارك للصلاة، ومن مفطر، ومن زان، ومن سارق، ومن مدمن، ومن مشاهد للخبائث والفواحش، ومن لاهٍ وغافل، لم يراعوا لذلك الشهر العظيم حُرمته، فقبَضهم الله على شر أعمالهم، بينما الناس في خَلوتهم مع الله يبكون ويتضرعون طلبًا لعتق رقابهم، كان هؤلاء الغاوون يعبثون مع شياطين الإنس والجان، فاحذَر أن تكون واحدًا من هؤلاء؛ فتشقى شقاء الأبد.
_____________________________________________
الكاتب: هيام محمود
ابوالوليد المسلم
14-04-2022, 06:57 PM
أنت جميل
حين ترمي كل ألمٍ وراء ظهرك، ناظرًا إلى الأمام، واثقًا بالله أنه لن يخذلك؛ فأنت جميل.
حين تدعو الله بأن يخلصك من الذنوب، ويردك إليه ردًّا جميلًا؛ فأنت جميل.
حين تبتسم للناس بوجه طلق بشوش، فيه الرفق واللين؛ فأنت جميل.
حين تُسعد من حولك بالكلمة الطيبة، ولا ترد الإساءة بالإساءة؛ فأنت جميل.
حين تبادر بالتسامح والعفو؛ فأنت جميل.
حين تتفقد جارك المسكين باتصال أو زيارة، تتفقد حاله وأحواله؛ فأنت جميل.
حين تعمل بجدٍّ واجتهاد، ولا تغشُّ؛ فأنت جميل.
حين تقع عينك في الطريق على امرأة لا تحل لك، فتغض طرفك؛ فأنت جميل.
حين تكون قويًّا، ولا تعلق قلبك بغير الله؛ فأنت جميل.
حين يقع حب فتاة في قلبك، فتتقي الله فيها، وتأتي البيوت من أبوابها؛ فأنت جميل.
حين يوليك الله أمرَ قوم، فترفق بهم؛ فأنت جميل.
حين تقود سيارتك، وتجد أُناسًا في شمس حارة، لا يجدون ما يوصلهم إلا أنت؛ فأنت جميل.
حين يظلمك أحد، فتعفو وتُوكِل أمرك لله؛ فأنت جميل.
حين تود الزواج، وتبحث عن ذات الدين والخلق؛ فأنت جميل.
حين تكون زوجًا صالحًا تخاف الله في زوجتك؛ فأنت جميل.
حين تقرأ القرآن فتدمع عيناك من خشية الله؛ فأنت جميل.
حين تبادر تُدْخِل السرور على مسلم؛ فأنت جميل.
حين تنشر الود والخير؛ فأنت جميل.
حين تصلح بين الناس ناشرًا المودة؛ فأنت جميل.
حين ترى امرأة كبيرة في السن، أو رجلًا كبيرًا في السن واقفًا في إحدى المركبات العامة وأنت جالس في مقعد، ثم تقوم له لتجلسه في مكانك احترامًا وتقديرًا وأخلاقًا؛ فأنت جميل.
نعم، أنت جميل بالأخلاق؛ فكل الجمال في هذا الدين الإسلامي الحنيف، فجمال القلب وتمسكه بالفضائل والقيم الجميلة نابع من تمسكك بهذا الدين القيم.
أوَلَا تود أن تكون جميلًا؟!
إنك جميل بقيم الإسلام؛ فأحيوا القيم الفاضلة، فإن الإسلام قد جعلنا بهذا الدين أجمل الأمم؛ لأن قيم الإسلام أجمل قيم، فكن ذا قيم جميلة يا جميل.
أسأل الله أن يردنا إليه ردًّا جميلًا، وأن يحسن أخلاقنا.
__________________________________________________ _
الكاتب: أمل محمد
ابوالوليد المسلم
14-04-2022, 07:00 PM
صيام رمضان سبب للعتق من النار
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا كانت أول ليلة من رمضان، صُفدت الشياطين، ومردة الجن، وغُلِّقت أبواب النار، فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة، فلم يُغلق منها باب، ونادى مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك في كل ليلة»، (رواه بن ماجه (1642)، والحاكم (1532)[1].
وعن أنس رضي الله عنه قال: دخل رمضان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا رمضان قد جاءكم، شهر مبارك، فَرَضَ الله عز وجل عليكم صيامه، إذا كانت أول ليلة من رمضان صُفِّدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار، فلم يُفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة، فلم يُغلق منها باب، ونادى مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك في كل ليلة حتى ينقضي رمضان، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرمها فقد حُرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم»، (رواه ابن ماجهبرقم (1644)، وغيرُه[2].
وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان، فقال: «أيها الناس، قد أظلَّكم شهر عظيم، شهر مبارك، شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار»، (رواه ابن خزيمة برقم (1887)[3].
[1] صحيحٌ: قال الحاكم رحمه الله في "المستدرك" (1/ 582): حديث صحيح على شرط الشيخين.اهـ
وراجع: "صحيح وضعيف ابن ماجه" ـ عقب الرقم السابق ـ، والله أعلم.
[2] حسنٌ بشواهده: راجع: "الترغيب والترهيب" (2/ 99)، و"تحقيق المسند" (12/ 59).
[3] حسنٌ بشواهده: قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "التلخيص الحبير" (3/ 118): أخرجه بن خزيمة في "صحيحه"، وعلَّق القول بصحته، واعتُرض على استدلال الإمام به، والظاهر: أن ذلك من خصائص رمضان، ولهذا قال النووي استأنسوا به، والله أعلم.اهـ
قلت: وقد حسَّنه بعض العلماء؛ بكثرة شواهده، وعمل السلف بمدلوله، وتناقلهم له، والله أعلم.
__________________________________________________ _
الكاتب: فواز بن علي بن عباس السليماني
ابوالوليد المسلم
14-04-2022, 07:02 PM
اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك
هبة حلمي الجابري
دعوات كثيرًا ما كانَتْ تردِّدُها جدتي رحمة الله عليها بفطرتها النقية، أسمعها وأنا صغيرة ويقف عقلي الصغير عاجزًا عن فهمها وتفسيرها: (يكفيك شر المتداري والمستخبي)، وكبرت قليلًا فإذا بي أجد معناها في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم؛ فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كانَ مِن دُعَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِن زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ»؛ (رواه مسلم).
ومع مرور الأيام ومطالعة الدروس في مدرسة الحياة عرَفْتُ عِظَمَ هذه الكلمات وما وراءها من معانٍ نحن عنها غافلون رغم أننا بها محاطون، نراها ونسمعها فلا نعيها، ونمر عليها مرور الكرام وكأنها لا تعنينا.
نَعم نعيش في نِعَم الله، ووعدنا الله سبحانه وتعالى بالزيادة مع الشكر والطاعة؛ يقول ربنا عز وجل في كتابه الكريم: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7]، نتقلب ليلَ نهارَ في أنواع من النعم، وقد نغمض أعيننا عن كل ذلك ولا نرى إلا ما نظن أنه شر، رغم أنه قد يكون عين الخير، وبين طيات المحن نجد المنح.
ولكن تظل الدنيا دار ابتلاء، فيا ترى هل كتب الله علينا الابتلاء بالخير أم الشر؟ قال تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: 35]، وكل ذلك قد يأتي فجأة دون سابق إنذار.
أما نذكر ذلك الذي خرج من بيته يحمل آمالًا تبلغ الآفاق فإذا به يعود إليه محمولًا على الأعناق مريضًا عاجزًا عن الحركة كما كان، وتضيع تلك الآمال؟ فإذا خرجنا وعدنا سالمين فلنتذكر تلك النعمة، ولنستعذ بالله من زوال نعمته وتحوُّل عافيته.
ألا نتذكَّر ذلك العامل الذي طرد من عمله دون سبب، وذاك الذي أقعده المرض عن العمل وأنفق كل ما يدخره من الأموال فأصبح بعد الثراء لا يجد ما يسد به رمق جوع الصغار ويقترض من هذا وذاك؟! فحين نذهب للعمل، أو ونحن نشتري ما لذ وطاب فلنحمد الله على نعمه ونستعيذ بالله من زوال نعمته وتحوُّل عافيته.
أما رأينا بيتًا كان يعيش عيشة هانئة مطمئنة فإذا بحدث واحد يُبدِّل الأمن خوفًا، وقد يتفرَّق الأحباب؟
فحين يجلس الزوجان في ودٍّ ورحمة يغمر بيتهما التفاهم والمودة والرحمة والسكينة، فليستعيذا بالله من زوال نعمته وتحوُّل عافيته، فكم فرَّق الشيطان بين الأحباب لأتفه الأسباب!
وإذا كنا بين أبنائنا وهم يلعبون ويضحكون في صحة وعافية، فلندعو لهم ونستعيذ بالله من زوال نعمته وتحوُّل عافيته، فكم من مكلوم فقد ابنًا أو ابنة فغابت الفرحة عن قلبه، أو سقط أمامه صريع المرض يذبل أمامه وهو عاجز لا يدري كيف يخفف ألمه.
أما سمِعْنا عن بلد كان يعيش في أمن واستقرار فإذا بالحرب تدخل بلا استئذان، وتقضي على الأخضر واليابس، ويتبدَّل الحال وتضيع الأموال، يفر البعض ويقتل غيرهم، والباقي يعيش في خوف ولا يعرف ما تأتي به الأيام؟! فكل يوم حين نستيقظ فنجد أنفسنا آمنين في بيوتنا، معافين في أجسادنا، نملك قوت يومنا لا ننسى حينها أن يفيض قلبنا شكرًا وحمدًا لله، وأن نستعيذ بالله من زوال نعمته وتحوُّل عافيته.
بل أما رأينا طائعًا عابدًا تبدَّل حاله؟ تلك التي خلعت الحجاب وبدَّلت الجلباب بالضيق والقصير من الثياب، ونرى عجب العجاب من التي غطَّتْ وجهها بالمساحيق بعد أن كانت تستره بالنقاب!
هذا الذي أصبح يتكاسل عن الصلاة وبدَّل الأصدقاء الأتقياء الأنقياء بأصحاب المعاصي الأشقياء.
فإذا رأيناهم ورأينا أنفسنا على الطاعة فلا نغتر، ولنستعذ بالله من زوال نعمته وتحوُّل عافيته.
وهكذا في كل نعمة أسبغها الله علينا باطنة وظاهرة نتذكَّرها فنحمد الله عليها ونلهج بهذا الدعاء، سائلين المولى ألا تزول.
ثم ما يدرينا ما تصنعه بنا معاصينا؟
قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30]، وقال سبحانه: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام: 44]؛ أي: آيسون من كل خير.
فإلى متى سيمهلنا ربنا ويحلم علينا؟ هل سيعاقبنا بما كسبت أيدينا؟ قد يأتي العقاب بغتة ونحن على غفلة؛ فكان جديرًا بنا أن نعوذ بالله من فجاءة نقمته وجميع سخطه.
هذا وهذه وتلك وذاك صفحات من كتاب الحياة نجد فيها حالات من زوال النعم وحلول النقم أو تحول الحال من العافية في الدين والدنيا إلى البلاء ولكننا نتخطاها ولا نقف لنقرأها بإمعان، فيأتي هذا الدعاء ليذكرنا أن نتعلق بالله فالأمر كله بيديه، وعلينا أن نتوجه بقلوبنا إليه، ندعوه ليكفينا شر ما قد يكون في المقبل من الأيام من نقم وأسقام، ندرك يقينًا أن من كان مع الله فاز، فبيده وحده الأسباب وكم رد الدعاء من بلاء ونجَّى من شقاء، وحفظ الله به الأبدان والأموال، فلنكثر من هذا الدعاء: ((اللَّهُمَّ إنَّا نَعُوذُ بكَ مِن زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ)).
ابوالوليد المسلم
14-04-2022, 07:04 PM
فضل السحور وبركته
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
فلقد حث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أمته على السحور، وتناول شيء من المأكولات والمطعومات قبل الشروع في عبادة الصوم؛ وما ذاك إلا تقوية لأبدانهم، وإعانة على عباداتهم، مما يؤكد ويدل على أهمية وبركة السحور للصائم في شهر رمضان، وفي غير من الأيام والشهور؛ فعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تسحَّروا؛ فإن في السَّحور بركةً»؛ (أخرجه البخاري (١٩٢٣)، ومسلم (١٠٩٥)).
ومعنى قوله عليه الصلاة والسلام: ((تسحروا))؛ أي: تناولوا الطعام قبل وقت السحر، وهو قبيل طلوع الفجر الصادق.
وقوله عليه الصلاة والسلام: «فإن في السحور بركةً»؛ أي: زيادة في النماء والخير والاستقواء على صيام نهار رمضان، وفيه مزيد من الأجر والثواب؛ نظرًا لاتباع هديِ النبي صلى الله عليه وسلم، فالسحور يجمع بين البركة المادية والبركة المعنوية.
مفهوم السحور:
والسُّحور (بضم السين): هو الفعل نفسه من تناول أكل وطعام السحر.
والسَّحور (بفتح السين): هو اسم لما يتسحر به من طعام السحر وشرابه.
حكم السحور:
يستحب السحور للصائم، سواء كان الصوم صوم فرض أو صوم تطوع؛ لحديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تسحروا؛ فإن في السحور بركةً»؛ (أخرجه البخاري (١٩٢٣)، ومسلم (١٠٩٥)).
وعن زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه: ((أنهم تسحروا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قاموا إلى الصلاة، قلت: كم بينهما؟ قال: قدر خمسين أو ستين؛ يعني: آيةً))؛ (صحيح البخاري/ ٥٧٥)؛ أي: بمعنى بقدر ما يقرأ الرجل خمسين آيةً؛ ما يدل على القرب الزمني بين تناول السحور، وصلاة الفجر؛ ومما يؤكد هذا المعنى كذلك حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: ((أن نبي الله صلى الله عليه وسلم وزيد بن ثابت تسحرا، فلما فرغا من سحورهما، قام نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة، فصلى، قلنا لأنس: كم كان بين فراغهما من سحورهما ودخولهما في الصلاة؟ قال: قدر ما يقرأ الرجل خمسين آيةً))؛ (أخرجه البخاري/ ٥٧٥).
وفي الحديث إشارة إلى حسن عشرة النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضي الله تعالى عنهم جميعًا، وتواضعه لهم؛ حيث كان يأكل ويتسحر معهم صلى الله تعالى عليه وسلم.
• ومشروعية السحور محل إجماع بين العلماء، ولا خلاف بينهم فيه، ونقل الإجماع غير واحد من أهل العلم؛ ومنهم ابن المنذر، وابن قدامة، والنووي، وغيرهم.
وقت السحور:
يستحب تأخير السحور إلى آخر الليل وقريب الفجر؛ لحديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: ((أن نبي الله صلى الله عليه وسلم وزيد بن ثابت تسحرا، فلما فرغا من سحورهما، قام نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة، فصلى، قلنا لأنس: كم كان بين فراغهما من سحورهما ودخولهما في الصلاة؟ قال: قدر ما يقرأ الرجل خمسين آيةً))؛ (أخرجه البخاري/ ٥٧٥).
وكان الفرق بين الصلاة والسحور قدر خمسين آيةً؛ أي: بقدر قراءة خمسين آيةً على قراءتهم المعتادة.
ويستحب التسحر على تمر؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نعم سحور المؤمن التمر»؛ (رواه ابن حبان بإسناد صحيح).
الحكمة والغاية من السحور:
إن للسحور حكمًا كثيرة، ومقاصدَ جليلة، وغايات عظيمة؛ ومنها:
1- الاقتداء بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وسنته القولية والفعلية.
2- في السحور مخالفة لأهل الكتاب، بكونهم لا يتسحرون؛ والدليل على ذلك حديث عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب، أكلة السحر»؛ (رواه مسلم/ ١٠٩٦).
3- في السحور النماء والخير والبركة بأنواعها المادية والمعنوية، وتحصيل الأجر والثواب عند القيام به.
4- في السحور تقوية للبدن على صيام النهار، لا سيما في الأوقات الحارة من الأيام.
5- السحور سبب في إعانة العبد المؤمن على أداء الطاعات والعبادات لله عز وجل في نهار رمضان.
6- في السحور فوائد صحية عظيمة يعود نفعها على الصائم وهي كثيرة؛ ومنها: تنشيط الجهاز الهضمي، والمحافظة على مستوى السكر في الدم فترة الصيام، والحماية للجسد من الجفاف في نهار رمضان، وغيرها من الفوائد الصحية الكثيرة التي يذكرها أهل الاختصاص.
• ويحصل ويتحقق السحور بقليل الطعام والشراب وكثيره، ولو بجرعة من ماء؛ لحديث عبدالله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال: «تسحروا، ولو بجرعة ماء»؛ [الأرنؤوط/ تخريج المسند (١٧/ ١٥١)، إسناده حسن]، ولحديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «السحور كله بركة؛ فلا تدعوه، ولو أن يجرع أحدكم جرعةً من ماء، فإن الله عز وجل وملائكته يصلون على المتسحرين»؛ (الألباني/ صحيح الترغيب (١٠٧٠)، حسن لغيره)، ومعنى "صلاة الله عز وجل على عباده": أي: الثناء عليهم، و"صلاة الملائكة على العباد": أي: الدعاء والاستغفار لهم.
هذا ما تيسر إيراده، نسأل الله تعالى أن يجعله من العلم النافع والعمل الصالح، وأن يجعله لوجهه الكريم خالصًا، ونسأل الله العلي الأعلى من فضله العظيم.
والحمد لله رب العالمين.
__________________________________________________
الكاتب: د. كامل صبحي صلاح
ابوالوليد المسلم
15-04-2022, 11:32 AM
الإسراف في رمضان
قال تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا} [الأعراف: 31].
وقال سبحانه: {وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأنعام: 141].
قال سفيان بن عُينية في قوله تعالى: {وَلَا تُسْرِفُوا}: ما أُنفِق في غير طاعة الله يعتبر سرفًا وإن كان قليلًا".
وقال ابن كثير رحمه الله في قوله سبحانه: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا} [الفرقان: 67]: "أي ليسوا بمبذِّرين في إنفاقهم، فيَصرِفون فوق الحاجة، ولا بخلاء على أهليهم، فيقصِّرون في حقِّهم فلا يَكْفُونهم؛ بل عدلًا خيارًا، وخير الأمور أوسطها، لا هذا ولا هذا"[1].
وقال ابن عباس في قوله تعالى: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِي} نِ ﴾ [الإسراء: 27]: هم الذين يُنفِقون المال في غير حقه.
وقال مجاهد: "لو أنفق إنسان ماله كلَّه في الحق، لم يكن مبذِّرًا، ولو أنفَق مُدًّا في غير حق، كان مبذِّرًا"[2].
وفي حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كُلوا وتَصدَّقوا والبَسوا في غير إسرافٍ ولا مخيلة»[3].
والإسراف ظاهرة لقومٍ لا يرجون لله وقارًا، ولا يحترمون نِعَمَ الله عز وجل، وبدلًا من أن يكون شهر رمضان شهرَ الاقتصاد، والمحافظة على الأوقات، واغتنام اللحظات، نجد أن كثيرًا من المسلمين أسرَفوا في رمضان.
صور الإسراف:
1- الإسراف في الطعام والشراب: من الناس من يستعد لاستقبال رمضان بالطعام والشراب والخزين من السكر والزيت والأرز، وتُضيع المرأة وقتها الثمين في رمضان في إعداد الطعام الذي يبدأ من الظُّهر حتى أذان المغرب، وعند المدفع تجد المائدة مملوءةً بما لذَّ وطاب، وما زاد عن الحاجة، فيكون عُرضةً للإتلاف والرمي، وسبحان الله! استهلاك المسلمين يزيد في رمضان، وأوزان المسلمين تزيد في رمضان، فنخرج من الصيام وما حقَّقْنا معنى الصوم، ولا حصَّلنا التقوى.. يحدث هذا وملايين المسلمين في القارة الإفريقية جوعى، والمسلمون في فلسطين وقطاع غزة لا يجدون الكفاف.
وقد حذَّر النبيُّ صلى الله عليه وسلم من الشِّبع والتخمة، فقال: «ما ملأ آدميٌّ وعاء شرًّا من بطنه، بحسْبِ ابن آدم أُكُلاتٌ يُقِمنَ صُلبَه، فإن كان لا محالة فثُلُثٌ لطعامه، وثلُث لشرابه، وثلُث لنفَسِه»[4] ، وقال بعض السلف: (جمع الله الطبَّ كلَّه في نصف آية، هي {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا} [الأعراف: 31].
والتخمة في رمضان عند الإفطار تُفقِد المسلمَ حلاوة المناجاة، ولذَّةَ العبادة والذِّكر.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «من كثر أكلُه، لم يجد لذِكرِ الله لذةً».
وقال إبراهيم بن أدهم: "مَن ضبَط بطنَه ضبَط دينَه، وإن معصية الله بعيدة من الجائع، قريبةٌ من الشبعان".
وقال لقمان: "يا بُنيَّ، إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة، وخَرِسَتِ الحكمة، وقعَدت الأعضاء".
فيا عجبًا أن يتحوَّل شهر الصيام إلى شهر الطعام، وإذا أردتَ أن تعرف هل صُمتَ حقًّا، فعليك بأن تزن نفسك لتعرف وزنك الليله الأولى من رمضان، ثم انظر في ليلة العيد هل زاد وزنُك أو نقص؛ فهذا معيار لا يخطئ.
2- الإسراف في النوم: خاصة في النهار، والعجيب أن هؤلاء يسرفون في سهرٍ لا طائل من ورائه.. سهر ضائع في القيل والقال، وعلى المقاهي والسهرات الرمضانية وأمام التلفاز، ثم يأتي أحدهم بعد السهر الطويل ليتسحَّر، ثم ينام قبل الفجر، ولا يستيقظ إلا قرب العصر أو على مدفع الإفطار، فيحلم أنه صام رمضان، وهذا من عدم فقه المرء بلحظاتِ ودقائق رمضان الغالية، التي قال عنها القرآن: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 184]، تمرُّ كالبرق الخاطف أو كلمح البصر، ولا تُعوَّض أيامه ولياليه، ولله در القائل:
ألقاهُ شهرًا لكن في نهايتِه *** يمضي كطَيفِ خيالٍ قد لَمَحْناهُ
3- الإسراف في تضييع الأوقات: المسلمون اليومَ يتفنَّنون في ضياع أوقاتهم، وتسلية صيامهم فيما لا طائل من ورائه، أين نحن من السلف الصالح الذين كانوا يحرصون على أوقاتهم كحرصِنا على أموالنا، فلا يضيعون لحظة في غير طاعة؟! قال الحسن: (أدركتُ أقوامًا كان أحدهم أشحَّ على عمره منه على درهمه).
وحثَّ الرسول على استثمار الوقت، فقال: «اغتنم خمسًا قبل خمس، وعدَّ منها: فراغَك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك».
ابدأ يومك باسم الله، وحدِّد لنفسك أعمالك الأهمَّ فالمهم، وقسِّم الوقت المتاح على هذه الأعمال، ولا تؤجِّل عمل اليوم إلى الغد؛ فيتراكم عليك عملُ اليومين، وكن مثالًا في الحفاظ على الوقت، والاهتمام بالمواعيد، واعلم أن الواجبات أكثر من الأوقات، فعاوِن غيرَك على الانتفاع بوقته، وإن كان لك مهمة فأَوجِز في قضائها، وتَذكَّر أن الوقت هو الحياة.
فالوقتُ أثمَنُ ما عُنيتَ بحفظِه *** وأراه أسهلَ ما عليك يضيعُ
4- الإسراف في الكلام: هناك من الناس من يطلق لسانه في رمضان، ولا يحفظ للشهر حرمة، وغالبًا من تكلَّم كثيرًا أخطَأ كثيرًا، وقد حذَّر النبي من ذلك؛ فقد صح عنه أنه قال: «إن الرجل لَيتكلَّمُ بالكلمة لا يُلقي لها بالًا من سخط الله، فيزلُّ بها في النار سبعين خريفًا»[5].
وقال عطاء بن أبي رباح: (إن من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام، وكانوا يعدون فضولَه ما عدا كتاب الله أن تقرأه، وتأمر بمعروف، وتنهى عن منكر، وتنطلق بحاجتك في معيشتك التي لا بد منها.. أتُنكِرون أن عليكم كرامًا كاتبين؟!)[6].
وكتب عمر بن العزيز إلى بعض أصحابه: "أما بعدُ، فإن من أكثر ذِكرَ الموت رضي من الدنيا باليسير، ومَن عَدَّ كلامه من عمله، قلَّ كلامه إلا فيما ينفع، والسلام"[7].
واجب عملي: عليك بالاقتصاد في الطعام والشراب والنوم، وكن معتدلًا في كل شيء، وحافِظْ على وقتك.
[1] تفسير ابن كثير 6 /110.
[2] تفسير ابن كثير 5 /63.
[3] رواه النسائي في الصغرى (2560) وغيره بسند صحيح.
[4] رواه النسائي في الكبرى (6711).
[5] رواه البخاري (6478).
[6] إحياء علوم الدين 3 /96.
[7] سير أعلام النبلاء.
__________________________________________________ _
الكاتب: عصام محمد فهيم جمعة
ابوالوليد المسلم
15-04-2022, 12:05 PM
عزيمة من حديد
هبة حلمي الجابري
شهر رمضان بالنسبة لنا فرصة عظيمة لاختبار قوة العزيمة والإصرار، لكن بشرط أن يكون عندنا عزم على الإصلاح، والبعد عن كل سبب يمنعنا من التغيير، والابتعاد عن كل صاحب سوء أو أداة فساد، والحرص على مرافقة كل شخص يمكن أن يعيننا، ويساعدنا على الوصول إلى طريق السعادة والنجاة.
كثير منا يتمنى أن يتوب وأن يرجع عن المعاصي، يتمنى أن يعود للإقبال على الطاعة كما كان في الماضي، يتمنى أمورًا كثيرة، لكنَّ العزيمةَ صفرٌ!
كلها أمانيُّ لن تنتقل للواقع بدون إرادة وعزيمة صادقة؛ قال تعالى: { فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [محمد: 21]، وإن كانت هذه الأماني أول خطوة في طريق التغيير، لكن لا بد أن نكمل طريقنا ولا نقف عندها، فما كان التغيير يومًا بالأماني، وما دامت العزيمة من ورق، فليس هناك أمل، وحتى إذا كان لدينا عزيمة صادقة دون ترجمتها لفعلٍ، فما الفائدة؟!
إن الأمر لَتَحَدٍّ مع النفس، معركة بيننا وبين أنفسنا والشيطان، ونستطيع أن نربحها بكل بساطة لو كان عندنا إرادة، فلنغلق أعيننا ونتخيل فرحة الشيطان بهزيمتنا وانتصاره علينا، هذا وحده يكفينا حتى نحاول بكل قوتنا أن ننتصر عليه.
فماذا نفعل لتقْوَى عزيمتنا؟
حتى تقوى عزيمتنا لا بد أن نقوي صلتنا بالله سواء بالعبادات القلبية أو الفعلية؛ مثلًا:
1- تقوية عناصر الإيمان بالله وبصفاته العظيمة، وبقضائه وقدره، وصدق التوكل عليه، وحسن الظن به، والقراءة عن أسماء الله وصفاته ونشعر بمعناها.
2- تغيير نظرتنا للعبادات من مجرد تأديتها بشكل روتيني إلى الشعور بمعانيها؛ مثلًا نؤدي الصلاة ليس لمجرد التأدية، بل بانتظام وخشوع وخضوع لله، وهذه وسيلة تقوِّي إرادتك على مخالفة كثير من أهواء النفس، والصيام بالتزام تام واحتساب لله وسيلة لتقوية الإرادة، وهكذا في كل العبادات.
3- التزام الطاعة في كل ما أمر الله به، والبعد عن كل ما نهى الله عنه، وندرب أنفسنا عمليًّا على مقاومة أهواء النفس ومخالفة شهواتها، مع المسارعة إلى فعل الخير قبل وجود الموانع، أو قبل أن نشعر بالكسل بسبب الشيطان أو النفس.
4- كثرة الذكر، وتلاوة القرآن، والاستغفار، والدعاء.
5- الجد والحزم والانتظام والنظام، عن طريق تنظيم الوقت وعمل جدول مناسب، مع البدء بالأهم والتركيز عليه؛ حتى يصبح عادة نقوم بيها بشكل تلقائي وبكل سهولة.
6- عدم الحزن على ما فات، والنظر إلى الأمام دائمًا، مع جعل الأحلام مناسبة للقدرات، والبعد عما هو بعيد المنال مستحيل التنفيذ.
7- التفاؤل بالخير، والبعد عن التشاؤم، مع تمام حسن الظن في الله، واليقين بأننا نستطيع أن نتغير إذا استعنَّا بالله.
8- نضع دائمًا ابتغاء مرضاة الله عز وجل هدفًا أمامنا، مع التفكير في الجائزة العظمى؛ وهي الجنة وما أعده الله فيها للمتقين؛ ونتذكر دائمًا قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى } [النازعات: 40].
ليس هذا فقط، بل نحتاج إلى بعض المحفزات:
1- الاستعانة بالله، والتضرع، والانكسار، والافتقار الدائم المستمر بين يديه، وسؤال الله أن يعيننا على "ذكره وشكره وحسن عبادته"، وغيره من الأدعية.
2- الإكثار من الاستغفار، فمن لزمه، جعل الله له من كل همٍّ فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب، وبُورك في وقته وعمره.
3- التقوى، وذلك بامتثال أوامر الله وتجنب نواهيه، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾ [الطلاق: 4].
4- القراءة عن الجنة وجمالها، وما أعده الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين فيها.
5- القراءة عن الصحابة والسلف الصالح، وعن عبادتهم لله، وأخلاقهم، وزهدهم في الدنيا، وتعلقهم بالله.
6- مصاحبة أصحاب الهمم العالية، فصحبتهم لها تأثير عجيب في التغيير من واقع الإنسان وأخلاقه وسلوكه.
7- القراءة في كتب فضائل الأعمال وما أعده الله لكل عمل من ثواب؛ حتى يكون لك حافزًا للمسارعة في الأعمال الصالحة؛ مثلًا: فضل قراءة القرآن، فضل قيام الليل، فضل الذكر ...
8- كثرة الشكر والحمد لله عند حصول نعمة دينية؛ فالله هو من وفَّقنا لها وسهَّلها علينا، وحبَّبها إلى قلوبنا؛ قال تعالى: { لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ } [إبراهيم: 7].
لو عملنا بهذه الوصية في حياتنا، لحلَّت عندنا عقدًا كثيرة كنا نعاني منها، سواء أكانت تكاسلًا عن بعض الطاعات، أو حبًّا لبعض المعاصي، ثم نبدأ بعدها في أن نرتقي من حال لحال، باتباع هذا المنهج، وهو "التعود على المجاهدة".
التطبيق العملي:
جدد في قلبك الإيمان والتوبة دائمًا، واجعل لسانك رطبًا بذكر الله، مع البحث عن صديق يعينك على طاعة الله، وأداء العبادات في أوقاتها مع تخصيص وقت يوميًّا لـ:
• القراءة عن أسماء الله وصفاته.
• القراءة في وصف الجنة، وأنصحك بكتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح لـ"ابن قيم الجوزية".
• القراءة عن فضائل الأعمال، وأنصحك بكتاب الترغيب في فضائل الأعمال وثواب ذلك لـ"ابن شاهين".
ابوالوليد المسلم
15-04-2022, 12:14 PM
نحو رمضان مختلف (5)
صلوات خاشعة
سعد الكبيسي
الخشوع لبُّ الصلاة ومن أهم مقاصدها العظيمة {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}.
ويتحقق هذا المقصد في رمضان بشكل أكبر وبمعينات أكبر من خلال التنبه للآتي:
أولا: في ليل رمضان صلاة وقيام، والليل موطن السكون والخلوة والتأمل، وكل هذه توفر إمكانا أكبر لخشوع أكثر كمالا وجمالا وعمقا.
ثانيا: في نهار رمضان صلاة وصيام حيث يتخفف الجسد مما يثقله ويصرفه عن كمال الخشوع، ففي النفس إقبال وفي الجسد انكسار وفي القلب راحة، توجه الملكات للاستغراق في خشوع أفضل وأتم.
ثالثا: رمضان شهر القرآن وطعم القرآن المختلف في الصلاة يخلق طعما مختلفا للخشوع فيها، فعلى قدر التدبر في القرآن في الصلاة سيكون قدر الخشوع المتحصل منها.
رابعا: ثمة هدية عظيمة من رب العزة والجلال أن تزاح الشياطين من طريق التعبد والصلاة والخشوع في رمضان، لتفسح المجال أمام الملائكة بأن ينفردوا بالتأثير على ملكات ونوازع الخير في النفس وسد منافذ الوسوسة.
خامسا: إن طمع المسلم أن يكون ممن يشمله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" سيكون حافزا عظيما نحو توجيه البال وحصر الهم وتكثيف الانشغال بالتوجه والإنابة والخشوع في هذا القيام، ليكون القيام أكمل والمغفرة أتم وأعظم.
سادسا: إن الخشوع لذة من لذات الصلاة ولذة من لذات النفس، حيث تلقي النفس أثقالها وهمومها وغمومها بين يدي ربها، فتكون الصلاة حينئذ محط راحة لا أداء واجب فحسب.
سابعا: قد نسقط الفريضة بأداء صلاة من حركات رتيبة، لا إقبال فيها ولا توجه، لكننا لن نقطف ثمراتها بدون وجود خشوع يحقق مقاصدها وآثارها، وهذا خطأ يقع فيه بعض العابدين فيغلبون الكم على النوع، ويحرصون على كثرة من الركعات دون أن يحرصوا على الخشوع فيها وتحقيق أهدافها ومقاصدها.
لنقرأ سوية قول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : ((إنَّ الرجل لينصرف وما كُتِب له إلاَّ عُشر صلاته، تُسعها، ثُمنها، سُبعها، سُدسها، خُمسها، رُبُعها، ثُلُثها، نِصفها)).
لنجعل رمضان هذا شهر الصلوات الخاشعة ما استطعنا الى ذلك سبيلا ...
ابوالوليد المسلم
15-04-2022, 12:17 PM
نحو رمضان مختلف (6)
شياطين غير مصفدة
سعد الكبيسي
وعدنا الله تعالى بتصفيد شياطين الجنّ في رمضان، حيث الوسوسة في أضعف حالاتها ودافع الخير داخل المسلم في أعلى درجاته،
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَاب جَهَنَّمَ ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ" رواه البخاري ومسلم، وفي رواية مسلم: "وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ".
والتصفيد إما حبسهم وتقييدهم حقيقة، وإما تعبير مجازي عن ضعف وسوستهم بسبب كثرة الذكر والصيام والقيام وأعمال الخير.
لكن الله تعالى لم يعدنا بتصفيد شياطين الإنس، حيث تبقى شياطين الإنس تمارس وظيفتها بكل كفاءة واقتدار، بل ربما كان من خطتها أن تفسد عليك رمضان بكل ما تستطيع.
شياطين الإنس نجدهم في العمل والشارع والسوق وفي كل مكان، لكن وجودهم الحقيقي في زماننا أصبح في الفن الهابط والإعلام الفاسد الذي لا يحتاج إلى كثير كلام في بيان حقيقته ومظاهر الفساد الذي فيه.
لسنا ضد الفن والإعلام الهادف أو على الأقل الفن والإعلام في الممتع المباح، ولكننا ضد الفن والإعلام المحمل بكمّ هائل من الأفكار والسلوكيات والرسائل التي أصبح العاقل موقنا أنها ليست رسائل عبثية، تهدف لأغراض إنتاجية ربحية فقط بل تهدف لخلق متلق جديد ذي قيم جديدة.
لماذا أصبحت المتعة في ليل رمضان ونهاره هدفا كأنَّ المسلم في رمضان يحمل من العبء النفسي والبدني من صيامه وقيامه ما يحتاج معه إلى مزيد من المتعة والترفيه، في الوقت الذي الذي يريد الإسلام منه من خلال الصيام والقيام والقرآن والصدقة في رمضان أن يتطهر ويرتاح وتصفو نفسه وتتمتع بذلك وتسر.
أيها المسلم: تكفل الله لك بنصف الشياطين في رمضان فكن على حذر من النصف الآخر، وإن كيد الشيطان كان ضعيفا.
ابوالوليد المسلم
15-04-2022, 11:57 PM
صور منحرفة في شهر رمضان المبارك يجب تصحيحها
بسام الحمزاوي
أولاً. صورة الابن الذي يترك مائدة الطعام عند المغرب والأهل يجتمعون حولها لينزل لصلاة المغرب في المسجد معتبرًا أن هذا هو الدين، وبسب ذلك تنشأ يوميًا عند الإفطار خصومة وشحناء ويصير جو البيت متوترًا عند كل مغرب من رمضان مع أبويه، ثم يسأل: أليس هذا هو الدين؟ والجواب: لو أنَّ أبويك راضيان فلا حرج، ولكن المشكلة الخصومة المتكررة معهما مع أنّ البخاري أخرج [671] عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا وُضِعَ العَشَاءُ وَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَابْدَءُوا بِالعَشَاءِ»، وفي البخاري [5464] عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ تَعَشَّى مَرَّةً، وَهُوَ يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الإِمَامِ»، فكيف بهذا الشاب الطعام حاضر وغضب الوالدين حاضر إن ذهب، فما له يوتر جوَّ بيته وله رخصة في دين الله تعالى.
ثانيًا. صورة الأب الذي يحذر أهل بيته قبل حلول رمضان بأنه صائم ولا داعي أن يغضبه أحد حتى لا يبطش به، وكأنَّ الصوم مرحلة زمنية تفسد فيها الأخلاق؟!! مع أنَّ نبينا الكريم علمنا أنَّ رمضان شهر الحِلم، ومن صور الحلم كما في البخاري [1894] أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الصِّيَامُ جُنَّةٌ..، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ" المقصود كن حليمًا فإن استفزك إنسان وشتمك قابله بالحلم، فكيف بمن يتوعد؟!!
ثالثًا. صورة الزوجة التي إذا جاء رمضان استقبلت القبلة في قيام الليل وقصَّرت بحق الفراش مع زوجها لأنَّ معلمتها علمتها أن رمضان شهر القيام والقرآن، وهذا صحيح، ولكن نسيت معلمتها أن تفهمها أن قيام رمضان سنة مهمة وطاعة الزوج واجب، والواجب مقدم على السنة، ونسيت أن تحدثها ما أخرجه البخاري [5194] عن النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا بَاتَتِ المَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا، لَعَنَتْهَا المَلاَئِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ» يعني إذا كان للزوج حاجة منها وهي معرضة ومشغولة عنه ولو بقيام وقرآن.
رابعًا. صورة الزوج الذي لا تتتغير طلباته في رمضان، فإذا هو يرهق زوجته بعزايم رمضان الكثيرة، أو بمائدة طعام يومية مرهقة، أو بضيوف يأتون وضيوف يذهبون...إلخ، وكأن المرأة مطلوب منها في شهر رمضان أن تكون حبيسة المطبخ، ومشغولة بأمر البيت فقط دون أن يترك لها مجالاً لركعات القيام، وقراءة القرآن، ومناجاة في السحر...إلخ مع أن البخاري أخرج [37] عن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» وهذا للذكور والإناث، وبالمقابل لا بأس بدعوة الأهل والمعارف بالمعقول فمن فطر صائمًا فله مثل أجره.
خامسًا. صورة الموظف الذي يتأخر عن عمله ويعطل المراجعين، وإذا جاء كان مقطبًا لجبهته ينهر الناس ويعاملهم معاملة سيئة كل ذلك تحت اسم أنه صائم، وتغافل هذا المسكين عما أخرجه البخاري [1904] عن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ"، والرفث: الكلام الفاحش، وفي رواية للبخاري: "ولا يجهل" أي: لا يفعل شيئًا من أعمال الجهال، فالصوم في رمضان هو خلق فاضل، وسوء الأخلاق من أفعال الجهال والسفهاء.
سادسًا. صورة من يفهم أن شهر رمضان شهر بطالة نوم في النهار، وأكل وشرب بالليل، وهل كانت كبرى مواقع الإسلام كفتح مكة إلا في رمضان، وفي البخاري [6] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ»، واعتكافه عليه الصلاة والسلام في رمضان كما في البخاري [813]، فرمضان صيام وقيام وقرآن واعتكاف وعمرة فيه تعدل حجة...إلخ.
سابعًا. صورة من يظن أن الصوم يقتضي صرف الوقت في التسالي وتضييعه في الترهات: ولا أظن أني أحتاج لسرد أدلة تدل على خطأ هذا، مع أن الترفيه عن النفس والراحة والمزاح المعتدل كله لا حرج ولا إشكال فيه، ولكن الحذر من أن يكون هو الغالب.
اللهم أعنا على الصيام والقيام وغض البصر وحفظ اللسان وأدخلنا الجنة بسلام.
ابوالوليد المسلم
17-04-2022, 01:28 AM
معاشر العباد ها قد انتصف رمضان
معاشر العباد: قَالَ صلى الله عليه وسلم: ««وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ..»[1] (رواه الترمذي وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ) . ها قد انتَصَفَ رَمَضَانُ.. فما أجملَكم حينما استقبلتم المَوسِمَ العَظِيمَ، جَعَلَنَا الله جَمِيعًا فِيمَا نَستَقبِلُ مِن شَهرِنَا خَيرًا مِمَّا وَدَّعنَا..
أحسنتم والله حينما تسابقتم على أبواب الخير في هذا الشهر المبارك، من صَلاةٍ وَصَومٍ وَقِيَامِ لَيلٍ، وَصَدَقَةٍ وَإِحسَانٍ وَحُبٍّ لِلمَسَاكِينِ، وَرِفقٍ بِالنَّاسِ وَتَجَاوُزٍ عَنِ المُعسِرِينَ، وَصِلَةٍ لِلرَّحِمِ وَرَحمَةٍ، وَكَفٍّ لِلِّسَانِ عَنِ الشَّرِّ وَإِشغَالٍ لَهُ بِالتَّلاوَةِ وَالذِّكرِ.. ما أروع اصطحاب أبنائكم للطاعة ولن يخيب الله أملكم فيهم حين أكثرتم لهم من الدعاء: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ}[2]. حرصُكم على الأَمرٍ بِالمَعرُوفِ وَالنَهيِ عَنِ المُنكَر لن يضيع سدى بإذن الله في أمنكم واستقرار مجتمعكم {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[3].
معاشر اللاحقين بالعباد: ها هي أيام الشهر قد تتابعت، ولياليه الغر قد تلاحقت، هذه أيام رمضان، ها نحن على أبواب العشر الأواخر، وقفنا على الليالي العشر ونحن فقراء إلى رحمة الله، وقفنا نشكو تقصيرنا إلى الله، وقفنا وكلنا أمل وطمع في رحمة الله ألا يخيب رجاءنا، وأن يستجيب دعاءنا، وقفنا على أبواب عشر ما دخلت على رسول الله إلا شد مئزره وأيقظ أهله وأحيا ليله، صلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين.
بينها ليلة خير من ألف شهر، من قامها إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، عشر إذا دخلت على الأخيار والصالحين فروا إلى بيوت الله معتكفين ركعًا سجدًا، يبتغون فضلاً من الله ورضوانًا، سيماهم في وجوههم من أثر السجود..
معاشر العُباد: وصية لكم من كتاب الله وسنة رسول الله: اعلموا أن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، لا يقبل الله من العبادة إلا ما كان خالصًا لوجهه، يراد به ما عنده: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}[4]. أخلصوا لله النيات، وأخلصوا لله العبادات والطاعات، فلا يزال العبد بخير إذا تكلم تكلم لله، وإذا عمل عمل لله.
معاشر العباد: كم من قائم على أم حنون يسقيها دواءها، ويعالج جراحها وداءها، بلَّغه الله أجر المعتكفين، كم من قائم على أب ضعيف، شيخ كبير، يقضي حوائجه، ويرحم ضعفه، ويحسن إليه، ويجبر بإذن الله كسره، بلَّغه الله مقام المعتكفين، كم من قائم على زوجة سقيمة مريضة، يقوم عليها، بلَّغه الله أجر الاعتكاف بما كان من إحسانه إليها.
تخلف عثمان - رضي الله عنه وأرضاه - عن غزوة بدر _ والتي انتصر فيها المسلمون في السابع عشر من رمضان يوم الفرقان يوم التقى الجمعان _ تخلف رضي الله عنه بسبب زوجه التي كان يمرضها، رقية - رضي الله عنها وأرضاها - فعن عثمان بن عبد الله بن موهب قال: جاء رجل من مصر حج البيت فقال: يا ابن عمر إني سائلك عن شيء فحدثني أنشدك الله بحرمة هذا البيت، هل تعلم أن عثمان تغيب عن بدر فلم يشهدها؟ فقال: نعم، ولكن أما تغيبه عن بدر فإنه كانت تحته بنت رسول الله فمرضت، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمَهُ»[5].
فما جزاء الإحسان إلا الإحسان.
معاشر العباد: إياكم وحرق أعمالكم بألسنتكم من غيبة وسب وأذية.. ألزموها البر كما عُهد عنكم بالذكر والدعاء والقرآن والتسبيح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ترتفع درجاتكم وتعلو منازلكم..
معاشر العباد: تنوع العبادات في هذا الشهر دليل على التوفيق، وثمة قضية تؤرق الكثير من الصالحين وهي قطع الرحم.. فكونوا سابقين في وصلها قدوات صالحة في ذلك قالَ تَعَالَى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ}[6]. وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنَ الرِّفْقِ، فَقَدْ أُعْطِيَ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ حُرِمَ حَظَّهُ مِنَ الرِّفْقِ، فَقَدْ حُرِمَ حَظُّهُ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَحُسْنُ الْخُلُقِ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ، وَحُسْنُ الْجِوَارِ يَزِدْنَ فِي الْأَعْمَار، وَيُعَمِّرْنَ الدِّيَارَ»[7] رَوَاهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ»[8] (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
عِبَادَ اللهِ: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [9]، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد.
[1] صحيح؛ أخرجه الترمذي (3545)، وصححه الألباني في المشكاة (927).
[2] [إبراهيم: 40].
[3] [آل عمران: 110]
[4] [الكهف: 110]
[5] أخرجه البخاري(3130).
[6] [محمد: 22]
[7] صحيح؛ أخرجه أحمد (25259)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (117).
[8] أخرجه البخاري (2067)، ومسلم (2557)، من حديث أنس.
[9] [الأحزاب: 56].
__________________________________________________ ________
الكاتب: د. صغير بن محمد الصغير
ابوالوليد المسلم
17-04-2022, 11:11 AM
ونحن في أواخره...هل تغير شهر رمضان أم نحن تغيرنا؟!
عبد الكريم علي الخلف
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه:
فضائل رمضان:
رمضان شهر الرحمة والغفران؛ لذلك فإن المؤمنين في هذا الشهر مدعوون ليكونوا ضيوف الرحمن يطهروا أنفسهم وقلوبهم ويحرروها من حب الدنيا والتعلق بها؛ ليكونوا لائقين لهذه الضيافة الكريمة...
رمضان شهر القرآن: قال تعالى: [شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان].
والصوم فضله كبير وثوابه عظيم، ففي الحديث القدسي الذي رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: قال اللَّه عز وجل: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به).
وأخرج الإمام أحمد في مسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أعطيت أمتي خمس خصال في رمضان لم تعطها أمة قبلهم:
• خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك
• وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا
• ويزين الله عز وجل جنته كل يوم ثم يقول: يوشك عبادي الصائمون أن يلقوا عنهم المؤنة والأذى ويصيروا إليك
• ويصفد فيه مردة الشياطين فلا يخلصوا إلى ما كان يخلصون إليه في غيره
• ويغفر لهم في آخر ليلة. قيل يا رسول الله: أهي ليلة القدر؟ قال: لا، ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله.
ماذا يعني شهر رمضان المبارك؟
يرتبط رمضان في العديد من الدول الإسلامية بالعديد من الشعائر الدينية، مثل صلاة التراويح والاعتكاف في العشر الأخير من رمضان، وقيام ليلة القدر والتي هي خير من ألف شهر، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (التمسوها في الليالي الوترية) فيحتمل أن تكون ليلة السابع والعشرين أو التاسع والعشرين، وقيام هذه الليلة سبب لمغفرة الذنوب، ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).
ورمضان تضاعف فيه الأعمال: روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عمرة في رمضان تعدل حجة) وفي رواية: (تعدل حجة معي) أي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هل تغير رمضان أم نحن تغيرنا؟
بالتأكيد إن الزمان لم يتغير، وإن نفحات رمضان هي هي، ولكن نحن الذين تغيرنا، فالغاية من الصيام هي تحصيل التقوى كما ورد في الآية [لعلكم تتقون] ولكن همم الناس في تحصيل معاني التقوى مختلفة ومراتبهم في ذلك متفاوتة، فمنهم من جعله موسماً للازدياد من الطاعة والقربات، ومنهم من جعله موسماً لارتياد الأسواق ومتابعة المسلسلات...!
والقنوات الفضائية قد نذرت نفسها طوال العام لهذا الشهر، وأصبح رمضان وللأسف موسماً مهماً لعرض المسلسلات وبرامج المسابقات والجوائز...
وكذلك أصبحت الأسواق تتفنن في إغراء الناس بما لذ وطاب من المآكل والمشارب، وبهذا أفرغ هذا الشهر من مضمونه ألا وهو التقرب إلى الله بالطاعات والعبادات.
إن رمضان هذا العام هو ذاته رمضان في زمن المصطفى صلى الله عليه وسلم لم يتغير، ولكن نحن الذين تغيرنا...
رمضان فرصة للتغيير:
لنغير من واقعنا ومن بعض عاداتنا في هذا الشهر، قال تعالى: [إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم...] فهل نبدأ رحلة التغيير في حياتنا نحو الأفضل، أم يمر علينا رمضان كما مر في الأعوام السابقة...
إن اليوم الذي يمضي لا يرجع، ورمضان إذا مضى لا يعود، وما من أحد إلا سيندم على ما فات، إن كان فعل خيراً سيندم إن لم يكن قد استزاد، وإن فعل شراً سيندم لـمَ لـمْ يتب، قال تعالى: [حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت...].
لنحاول أن نجعل رمضان في هذا العام مختلفاً، وليكن همنا الأكبر فيه زيادة التقوى لنشعر أبناءنا بعظمة هذا الشهر وفضله، ولنلمس فيه معاني الصيام الحقيقية...
هل نشأ أطفالنا اليوم النشأة الرمضانية السليمة؟
إن أطفالنا هم ثروتنا القادمة وهم الذين سيحملوا راية العلم والإيمان في المستقبل إن شاء الله، وإن التحديات التي تواجهنا في تربية أطفالنا تحديات كبيرة في ظل هذه الهجمة الشرسة من وسائل الإعلام المرئية وغير المرئية كالأنترنت وغيره؛ لذلك ينبغي علينا قبل منعهم من متابعة البرامج في التلفاز وغيره أن نؤمن لهم البديل الإسلامي من البرامج الهادفة والمفيدة.
وإن تنشئة الولد التنشئة السليمة تبدأ منذ الصغر بتعويده على الصيام في سن السابعة وضربه عليه في سن العاشرة، واصطحاب الطفل المميز إلى المسجد في صلاة التراويح حتى يتعرض لنفحات رمضان الإيمانية.
هل نعيش اليوم فوضى فكرية وإيمانية؟
إن الفوضى الفكرية والأمية الإيمانية والخواء الروحي هي الأمراض التي قصمت ظهر الأمة فوقعت في براثن التخبط والخداع والانحراف، ولذلك يقول الإمام الغزالي رحمه الله: (الضمير المعتل والفكر المختل ليسا من الإسلام في شيء).
ونتيجة لهذه الفوضى تبلدت القلوب والمشاعر، وأصبح القلب لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً، قال تعالى: [كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون]
نحن الآن بحاجة إلى صحوة إيمانية وروحية في هذا الشهر الكريم؛ لتكون نقطة الانطلاق في هذا الشهر بداية لانطلاقة جديدة في بداية العام، اسأل الله سبحانه أن يجعلنا من عتقاء هذا الشهر الكريم من النار، إنه سميع مجيب، والحمد لله رب العالمين.
ابوالوليد المسلم
18-04-2022, 12:12 AM
من خواطر رمضان: الصوم الصحيح
عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
كثير من عامة الناس يحافظون على العبادات في أيام رمضان، وكأنهم يستنكرون أن يتركوا العبادتين: الصوم والصلاة، أو يفعلوا عبادة دون عبادة.
فتراهم يستنكرون أن يتركوا الصوم والصلاة، ويستنكرون أن يؤدوا الصوم دون الصلاة، أو يفعلوا شيئاً من المحرمات.
تجدهم في رمضان يتوبون ولكن توبة مؤقتة، فهم في أنفسهم عازمون على العودة إلى المعاصي. ففي رمضان يحافظون على الصلاة، ويتوبون عن الخمر أو عن الدخان مثلاً، أو عن الاستماع إلى الأغاني والملهيات ونحو ذلك، أو عن بعض الشعارات الباطلة أو عن الصور الخليعة، أو ما أشبه ذلك، ولكن يحدثون أنفسهم أنهم بعد شهر رمضان سيعودون إلى ما كانوا عليه ولهذا يتمنون انقضاء هذه الأيام وإذا أقبل رمضان حثوا أنفسهم، وتناولوا ما قدروا عليه من الخمر ومن غيرها حتى قال بعضهم:
دعاني شهر الصوم لا كان من شهر ولا صمت شهراً بعده آخر الدهر
و العياذ بالله... فهؤلاء ربما يفرقون بين رمضان وما بعد رمضان؛ فيستكثرون من تناول الحرام وفعله قبل أن يأتي شهر رمضان؛ لأنهم سيتركونه مدة هذا الشهر فقط، ثم يعودون إليه، حتى قال بعضهم:
إذا العشرون من شعبان ولّت *** فبادر بالشراب إلى النهــــــارِ
ولا تشرب بأقداحٍ صغــــــارٍ *** فإن الوقتَ ضاق على الصغارِ
فمثل هؤلاء لم يتأثروا بصومهم، فالإنسان يستعيذ بالله أن يكون من هؤلاء الذين ما نفعهم صومهم ولا زجرهم عن المحرمات، وإذا فعلوا شيئاً من العبادات فعلوها بنية الترك وإذا تركوا شيئاً من المعاصي تركوها بنية الفعل بعد أن ينفصل الشهر، كما قال شاعرهم وأميرهم:
رمضان ولّى هاتها يا ساقي *** مشتاقة تسعى إلى مشتاقِ
فهو ينادي ساقي الخمر بأن يأتي إليه بالشراب مسرعاً؛ لأن رمضان قد انقضى وولَّى وكأن الخمر حرام في رمضان حلال في غيره.
فالصوم الصحيح هو الذي يحفظ فيه الصائم صيامه؛ فيحفظ البطن وما حوى، والرأس وما وعى، ويذكر الموت والبلى، ويستعد للآخرة بترك زينة الحياة الدنيا، ويترك الشهوات التي أساسها شهوة البطن والفرج، ويذكر بعد ذلك ما نهاه الله عنه من الشهوات المحرمة في كل وقت. ويذكر أيضاً أن الصوم هو في ترك هذه الشهوات، فما شرع الله الصوم إلا لتقويم النفوس وتأديبها.
ابوالوليد المسلم
18-04-2022, 12:15 AM
لماذا في رمضان تزداد مصروفات الأسر ؟
اليوم، أصبح الطعام والشراب في حياة أغلب الناس نهماً وشرهاً، واتسمت حياة الكثيرين بالتكلف والإسراف في ولائمهم وأعيادهم وحياتهم.
حتى أصبحت أعيادنا مظاهر باهظة الثمن ورمضاناتنا في كل عام موسماً للسرف والترف، بدلاً من أن يكون عبادة وتهجداً.
فتحول الغذاء إلى خطر رهيب، وارتفعت صيحات التحذير من مستقبل ينذر بالأخطار وباتت الحاجة ماسّة للأمن الاجتماعي والاقتصادي والغذائي وترشيد الإنفاق والاستهلاك.
إنّ الإنسان كائن حيّ، يقوم بوظائف مهمة عبادة الله ثم إعمار الأرض وإقامة مبادئ العدل والخير. وهذا يجعله بحاجة إلى الطعام، كي ينمو ويعيش ويتحرك ويعمل ويحتاج إلى الماء، إذ لا يستطيع الإنسان البقاء حياً لمدة طويلة بلا ماء.
فاستجابة الكائن البشري لغريزة الطعام والشراب أمر فطري. كما أنّ المحافظة على القوام الغذائي المتنوع والمتوازن مع التوسط والاعتدال يمنح الإنسان في مراحل عمره جسماً قوياً وصحة دائمة وعمراً مباركاً ومديداً.
إذ لا يكفي الإنسان في طعامه وشرابه أن يتناول نوعاً واحداً، فلابد من توافر الاحتياجات الأساسية من مثل: الماء، والسكريات، والبروتينات والشحوم والدهون، والفيتامينات، وبعض العناصر المعدنية.
إنّ الإنسان إذا أكل ما يسُّد به جوعه، وشرب ما يُسكن به ظمأه، فإن هذا مطلوب عقلاً، ومندوب إليه شرعاً، لما فيه من حفظ النفس وصيانة الحواس.
يقول محي الدين مستو في كتابه ((الطعام والشراب بين الاعتدال والإسراف)):
إذا كانت التخمة تمرض وتميت، فإن الحرمان يُمرض النفس ويُفتر عن العبادة، أما الوسطية فإنها تنشط النفس وتظهر روحانيتها. فالاعتدال توسط بين التقتير والإسراف، وبين البخل والإنفاق الزائد عن الحلال في المأكل والمشرب.
وقد حث رسول الهدى عليه الصلاة والسلام على الاعتدال وحضّ على التقلل من الطعام والشراب، فقال عليه الصلاة والسلام: «الكافر يأكل في سبعة أمعاء والمؤمن يأكل في معىً واحد» (رواه مسلم) .
قال حاتم الطائي ذاماً كثرة الأكل:
فإنك إن أعطيت بطنك سُؤله *** وفرجك نالا مُنتهى الذم أجمعا
إنّ الاعتدال، إذن، هو التوسط بين الجوع والتخمة، بالتقليل من كمية الطعام والشراب، دون أن ينقص عن حاجة البدن والعمل. وفي ذلك فوائد جمّة منها: صحة الجسم، وجودة الفهم، وقوة الحفظ وقلة النوم، وخفة النفس. قال بعض الحكماء: أكبر الدواء تقدير الغذاء.
وفي المقابل، فإن الإقبال على الطعام بشره زائد، يجعل الأغذية عند النهمين المسرفين هدفاً وغاية، يبذلون من أجلها الأموال الباهظة، ويمضون أوقاتاً طويلة في الأسواق، يشترون ألوان الأطعمة. وهؤلاء الذين جعلوا همهم بطونهم وأهدافهم ملذاتهم وشهواتهم، يضنون بأموالهم عن مساعدة بائس أو إعانة فقير، فنتج عن ذلك بطون جائعة وأموال ضائعة.
فيا عجباً من مجتمع يُقيم الأفراح والولائم والمجتمعات المسلمة تعاني من الأحزان والمآتم، وقديماً قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه كلمته المشهورة: ما جاع فقير إلا بما تمتع غني.
ورد عن القاضي عياض رحمه الله قوله: إنّ كثرة الأكل والشرب دليل على النهم والحرص والشره وغلبة الشهوة، وهي مسبّبٌ لمضار الدنيا والآخرة وجالبٌ لأدواء الجسد وخثار النفس أي فتورها.
إنّ الإسراف في تناول الطعام والشراب يؤدي إلى اختزانها في الجسم، وتحولها إلى لحم وشحم وبدانة وبطنة، تقعد بالإنسان عن كثير من أعماله ونشاطاته. وقديماً قيل: البطنة تذهب الفطنة.
وقد أجمعت الأطباء على أنّ رأس الداء إدخال الطعام على الطعام، وقالوا: أكثر العلل إنما يتولد من فضول وزوائد الطعام.
إن مراتب الطعام والشراب (الغذاء) كما قسم ذلك ابن قيم الجوزية رحمه الله في كتابه ((الطب النبوي)) مراتب ثلاثة: مرتبة الحاجة، ثم مرتبة الكفاية، وأخيراً مرتبة الفضلة.
في رمضان تزداد مصروفات الأسر لمجابهة الشراهة الاستهلاكية ونهم التسوق والإنفاق المرتفع، إذ يتحول النوم إلى النهار، والأكل والزيارات والتجوال في الشوارع وارتياد المنتزهات إلى الليل ويستهلك الفرد في وجبتي الإفطار والسحور أضعاف ما كان يستهلكه في ثلاث وجبات قبل حلول رمضان المبارك. حتى أصبح مألوفاً في أمسيات شهر رمضان كثرة حالات الإسعاف بسبب التخمة على موائد الإفطار.
__________________________________________________ __
الكاتب: د. زيد بن محمد الرماني
ابوالوليد المسلم
18-04-2022, 11:41 AM
هل أتى إلينا رمضان؟
محمود عاشور
اهلا وسهلا بقدوم رمضان .
سؤال طرحته على نفسي وعقلي وقلبي وروحي وسمعي وبصري ولساني على جوفي على يدي وقدماي
على زوجتي واولادي
على اهلي واحبتي
على جيراني
على اصدقائي واخواني
هل اتى الينا رمضان ؟؟؟
سالت قلبي : هل اتى رمضان؟؟؟
ياقلب هل فتحت الباب لرمضان ؟؟؟
هل فرغته من الاغشاش؟
هل نظفته ؟
هل اخرجت الحقد والحسد والبغضاء والكبر والعجب والرياء ؟
رمضان لايأتيك وانت تضم هذه الاوساخ فيك ياقلبي
نظفها ليأتي رمضان
سألت بطني وجوفي : هل اتى اليكم رمضان ؟
رمضان لايأتي اليك وانت تأكل السحت من الربا والغش والسرقة واكل حقوق العباد واكل الارث وحقوق اخوتك واخواتك ؟
يابطن ابعد تلك الاشياء عنك حتى يأتيك رمضان .
سألت عقلي هل اتى اليكم رمضان ؟؟؟
اريد انصحك ياعقل ان رمضان لايأتي اليك وانت تخطط وتمكر وتكيد لتلحق الضرر بالناس
فتنة وضرر وتفريق بين المؤمنين
رمضان يريد منك ياعقل ان تفكر كيف تنفع العباد والبلاد
كيف تفكر بخالقك ومولاك
رمضان يريد منك ان تكون مبدعا لتنفع الخلق بابداعك وتخفف عنهم الالام وتكبر عندهم الامال .
سمعي واذناي هل وصل اليكم رمضان ؟؟؟
انصحك سمعي نصيحة نصح بها الامام الشافعي
ونفسك صن عن سماع القبيح
واقول لك ياسمع ان رمضان لا يحب الذين سمعون الغيبة والنميمة والافتراء واللعن والطعن والمجون والخوض بايات الله بغير حق
رمضان لايأتي لمثل هؤلاء
هل انت مستعد ياسمعْ لرمضان
هل فتحت له الابواب .
وانت يابصري وياعيناي هل رأيتم رمضان هل اتى اليكم ؟؟؟
واني لاعلم ان رمضان لايأتي
الى الذين ييتبعون عورات المسلمين وينظرون الى المحرمات والذين يبصرون القذاة في غيرهم ولايبصرون الجذع معترضا في اعينهم
انصحك يابصرْ ان تبتعد عن ذاك حتى ترى رمضان وخيراته وبركاته
انظر في بديع صنع الله يحبك رمضان بل ترى خيرا كثيرا منه .
وانت ايها اللسان
هل اتى اليكم رمضان ؟؟؟
انت الذي يحذر منك الجميع ويخافك الكثير انت الذي قال عنك الحبيب صلى الله عليه وسلم ( وهل يكب الناس في النار على وجوههم الا حصائد السنتهم
واعلم ايها اللسان ان رمضان لايحب اللذين يلعنون ويجرحون ويشتمون ويكفرون ويغتابون ويستهزؤون
يحب منك رمضان يالسان
الا تخوض في الاعراض ولاتخوض بما ليس لك به علم
لاتفتي بغير علم ولاتكثر من اللغو للتتصدر المجالس
يريد منك رمضان يالسان
ان تأمر بالمعروف بمعروف وتنه عن المنكر
ان تجبر خاطرا ويرف همة وتقوي عزيمة لاان تيئس عباد الله وتجعلهم يقنطون من رحمة الله
واريد ان اقول لك في النهاية
كلمة لاتلقي لها بالا ترفعك عند الله الترجات العلى
فيرضى رمضان ويأتي اليك
يالسان رحب برمضان حتى يأتي اليكم
وسالت يدي هل اتى اليكم رمضان
هل بادرت يايد بخدمة عباد الله هل ازلت الاذى عمن حولك
هل ابتعدت القتل والتدمير وكل الشرور والضرب والاذى بغير حق
يايد افرشي الطريق لرمضان بالورود والازهار والرياحين حتى يأتي
سألت قدماي هي وصل اليكم رمضان
هل انتما جاهزتين لاستقباله ؟؟؟
هل تنظفتم من الادران والاوساخ
رمصان لايحب من يمشي بالنميمة والغيبة والفتنة
ولايحب من يمشي الى المجون والفجور والفسوق
رمضان لايحب منكم ان تذهبوا الى اهل المعاصي
الا لامر بالمعروف او نهي عن المنكر
رمضان يريد منكما ان تسيرا لخدمة عباد الله وقضاء حوائجهم ودفع الظلم عنهم
يردكم رمضان ان تغبرا في سبيل الله وفي سبيل وعلاء كلمة الحق والعدل
اعلمتم ماذا يريد منكم رمضان حتى يأتي اليكم
فياقلب ويابطن وياعقل وياسمع ويابصر ويا لسان ويا يد وياقدم
هل انتم مستعدون ليأتي اليكم رمضان
واريد ان اقول لكم ان رمضان يحب القرآن واهل القرآن فقربوا القرآن اليكم حتى تكونوا من اهله فيأتيكم رمضان بل ويحبكم ويعطيكم الكثير
والسؤال يطرح نفسه على
كل البيوت والاسر والهيئات والمؤسسات
والقادة والعلماء والرؤساء والمرؤوسين
هل انتم مستعدون
هل اعددتم العدة وعبدتم الطريق ونظفتم افنيتكم
فالضيف لايأتي على القازورات والقمامة والاوساخ
بل رمضان نظيف معطر يحب المنظفين الممسكين المعطرين
اللهم اجعلنا منهم ومعهم نحن مع اهلينا واولادنا وذريتنا واخواننا والمسلمين اجمعين اللهم اجعلنا نغتنم منه الخير الكثير العتق والجنة والغفران وبلغنا فيه ليلة القدر ولاتحرمنا فيه من خير تنزله على عبادك في رمضان
اللهم امين واشرك بذلك من يقول امين
ابوالوليد المسلم
18-04-2022, 11:47 AM
شهر رمضان
محمد أكرم الندوي
قالوا: ما معنى شهر رمضان؟ قلت: هو شهر البركات والخيرات والسعادات والحسنيات، أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، ومصدر ما فيه من اليمن صيامه، ومن ثم أمر الله تعالى به: "فمن شهد منكم الشهر فليصمه". قالوا: اشرح لنا كون صيامه منبعا للهبات الربانية الجليلة والعطايا الرحمانية العظيمة.
قلت: ذهب عامة العلماء إلى أن مرد بركات الصيام إلى الجوع وتقليل الطعام، قال الإمام الغزالي في إحياء علوم الدين:" فروح الصوم وسره تضعيف القوى التي هي وسائل الشيطان في العود إلى الشرور، ولن يحصل ذلك إلا بالتقليل وهو أن يأكل أكلته التي كان يأكلها كل ليلة لو لم يصم، فأما إذا جمع ما كان يأكل ضحوة إلى ما كان يأكل ليلاً فلا ينتفع بصومه، بل من الآداب أن لا يكثر النوم بالنهار حتى يحس بالجوع والعطش ويستشعر ضعف القوي فيصفو عند ذلك قلبه ويستديم في كل ليلة قدراً من الضعف حتى يخف عليه تهجده وأوراده، فعسى الشيطان أن لا يحوم على قلبه فينظر إلى ملكوت السماء. وليلة القدر عبارة عن الليلة التي ينكشف فيها شيء من الملكوت وهو المراد بقوله تعالى "إنا أنزلناه في ليلة القدر" ومن جعل في قلبه وبين صدره مخلاة من الطعام فهو عنه محجوب. ومن أخلى معدته فلا يكفيه ذلك لرفع الحجاب ما لم يخل همته عن غير الله عز وجل.
ويؤكده ما ذكره ولي الله الدهلوي في حجة الله البالغة حيث يقول: اعلم أنه ربما يتفطن الإنسان من قبل إلهام الحق إياه أن سورة الطبيعة البهيمية تصده عما هو كماله من انقيادها للملكية، فيبغضها، ويطلب كسر سورتها، فلا يجد ما يغيثه في ذلك، كالجوع والعطش، وترك الجماع والأخذ على لسانه وقلبه وجوارحه، ويتمسك بذلك علاجا لمرضه النفساني.
ويشبه ما ذكراه كلام ابن القيم في زاد المعاد.
قالوا: فهل توافقهم فيما ذهبوا إليه؟
قلت: لا، قالوا: ففسر لنا ردك لقولهم، قلت: حاصل كلامهم أن الصوم عبارة عن الجوع وتقليل الطعام، ومن ثم نرى الإمام الغزالي يحث في شهر رمضان على المبالغة في تقليل الطعام والجوع ليعظم الانتفاع بالصوم وتتضاعف بركته.
قالوا: فما الذي أنكرت من ذلك؟
قلت: إن تقليل الطعام سنة من سنن الأنبياء والمرسلين وسائر الصالحين والأذكياء، وهم من أشد الناس كراهية للشبع، أخرج أبو عيسى بإسناد حسن عن المقداد بن معديكرب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لابد فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه. وأخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً كان يأكل كثيراً فأسلم فكان يأكل أكلاً قليلاً، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن المؤمن يأكل في مِعيٍ واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء.
فقلة الأكل من المستحسنات في عامة الأحوال، ولو لم يحقق الصيام إلا ما يستفاد من الجوع لما كان لشهر رمضان مزية، ولو كان صوم رمضان لا يقصد به إلا قلة الأكل لما قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر، أخرجه الشيخان عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه، وقال ابن عبدالبر: أحاديث تعجيل الإفطار وتأخير السحور، صحاح متواترة، وعند عبدالرزاق وغيره بإسناد صحيح عن عمرو بن ميمون الأودي قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أسرع الناس إفطارًا وأبطاهم سحورًا.
ثم إن شهر رمضان شهر يزاد فيه رزق المؤمن، فلو زيد الرزق في رمضان لكان الغرض الانتفاع به في ذلك الشهر والتقوي به، ومن ثم ترى المسلمين حتى فقراءهم في جميع بقاع الأرض يستكثرون من المطاعم والمشارب في شهر رمضان، فإنهم يأكلون أكثر وأفضل مما يأكلون في غير رمضان.
قالوا: فما ترى؟
قلت: كنت أميل أن سببه هو ترويض النفس وهو أقرب مما ذهب إليه الذين أنكرت كلامهم، ثم رأيت أن سبب ذلك هو حمل المسلمين على التمييز بين العبادة والعادة وعيا وإرادة.
قالوا: فما ترى الآن؟
قلت: اعلموا أن الله أحد، ومعنى ذلك أنه كامل بنفسه لايحتاج إلى غيره، له الأسماء الحسنى والنعوت العليا منذ الأزل، ما زال بصفاته قديما قبل خلقه، لم يزدد بكونهم شيئا لم يكن قبلهم من صفته، وإنما خلق الخلق رحمة منه، وخلق الإنسان وجعل له إرادة، ومكَّنه من أن يخضع إرادته لمرضاته أو لمرضاة ربه، ومرضاة الإنسان قد تنشأ من فطرته وعقله وذلك مما ينفعه، وقد تنشأ من هواه وذلك مما قد يضره، فإذا خضع الإنسان لإرادته جر إلى نفسه نفعا وضررا، وإذا خضع لأوامر ربه ابتغاء مرضاته لم يعقب ذلك إلا ما ينفعه، فإطاعة الله خير محض لا شر فيه، ونفع صرف لا ضرر فيه، لأن أوامره لا تعود بنفع إليه تعالى، وإنما تنفع العباد وتدر عليهم بالخيرات.
وقلت: إن إخضاع الإنسان نفسه لمرضاة الله (وهو الإسلام) ليس سهلا لما تنازعه الأهواء والشهوات وتشاده مشادة، فلا بد أن يلازم الإطاعة ويتشبث بها، وذلك بتنمية استشعار خوف الله فيه ومراقبته وإتيان أوامره واجتناب نواهيه، وهو المعبر عنه بالتقوى، فالتقوى طريق الإسلام الكامل لله رب العالمين، وفرض الله الصوم على عباده رحمة بهم لعلهم يتقون، فيأكل ويشرب ويأتي شهوته إذا أذن له الله ذلك، ويمتنع منه إذا نهاه الله عنه.
قالوا: هل بين ما ذهبت إليه وما ذهب إليه غيرك من المعاني من تعارض؟
قلت: لا، ولكن هذه المعاني يختلف بعضها عن بعض اختلافا، قالوا: فما يمنعك أن تجعل المعنى الذي فسرته هو الأصل، وأن تجعل المعاني الأخرى تابعة له؟ قلت: لا مانع، ولكن أكره مثل هذا التخليط، لأني من أحرص الناس على أن يقدم المعنى القرآني صافيا غير ممزوج.
ابوالوليد المسلم
19-04-2022, 12:14 AM
نظرات نفسية في الصيام (10)
الدكتور محمد كمال الشريف
10- "الصيام تهذيب نفسي"
يتفاوت الناس في فضل الله عليهم، ففيهم القوي وفيهم الضعيف، وفيهم الغني وفيهم الفقير، وفيهم صاحب الجاه والسلطان، وفيهم الشخص العادي الذي لا سلطان له؛ وعندما يعطي الله من فضله أحداً أكثر من غيره،قد ينسى هذا الإنسان أن قدرته وقوته، أو غناه أو سلطانه، إنما هو فضل من الله وامتحان واختبار له، أيشكر أم يكفر هذا الفضل، فإذا ما نسي ذلك غرته قدرته، وغره ماله، ودعاه ذلك إلى أن يتكبّر ويتجبّر على الآخرين، ناسياً قدرة الله عليه، وأن الله هو الجبار، وهو القاهر فوق عباده.
وفي رمضان، يصوم المؤمن، ويمضي الساعات الطويلة بلا طعام ولا شراب، فيشعر بشيء من الضعف في قوته، ويشعر بالحاجة إلى الطعام والشراب، ويسره أن تغيب الشمس، حتى يتمكن من أن يأكل ويشرب من جديد.. إن الصائم يستشعر بهذا ضعفه البشري، فيقل اغتراره بقوّته، وتتطهر نفسه من نزعة التجبر والعلو في الأرض، إذ كيف يتجبر وهو لم يصبر دون طعام وشراب أكثر من ساعات؟ ولعل هذا من الفوائد النفسية الهامة للصيام، لأنه يُرجع المغرور إلى الواقع، ويخلصه من عقدة التفوق والعلو التي أفسدت عليه نفسه.
كما أن الصوم، بما يترك في نفس الصائم من إحساس بالضعف، والحاجة إلى لقمة طعام، وإلى جرعة ماء، هذا الصوم يجعل للآيات الكريمة، التي وعدت المؤمنين في الجنة: الطعام والشراب، ضمن ما وعدتهم به من نعيم، يجعل لها أثراً كبيراً في النفس، أكبر مما يكون لو أن الإنسان الذي أنعم الله عليه، قد أمضى عمره كله دون أن يجوع أو يعطش، فكما أن الصحة تاج على رؤوس الأصحاء، لا يراه إلا المرضى، فإن الطعام والشراب نعمة من الله، لا يعرف قدرها إلا من جاع وعطش.
ابوالوليد المسلم
19-04-2022, 12:16 AM
نظرات نفسية في الصيام (11)
الدكتور محمد كمال الشريف
11 - الفطر على التمر
روى أبو داود والترمذي والدارقطني والبيهقي والحاكم في مستدركه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: "كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يفطر على رُطَباتٍ قبل أن يصليَ، فإِن لم تكن رطباتٌ فعلى تمراتٍ، فإِن لم تكن حَسَا حَسَوَاتٍ من ماء."
كما روى الترمذي والبيهقي والحاكم في مستدركه وقال: "هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه وله شاهد صحيح على شرط مسلم" عن سلمان بن عامر الضبي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور".
والرطب هو التمر الناضج الطازج، والرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا صام في موسم الرطب في الصيف أفطر على رطبات وفي غير موسمه أفطر على تمرات، فإن لم يجد الرطب أو التمر أفطر على الماء. وفي حرصه صلى الله عليه وسلم على الفطر على التمر مع تفضيل الرطب، وإلا على الماء، ما يشير إلى أن في التمر خاصية لا توجد في غيره، وهي في التمر الناضج في موسمه أي الرطب أقوى وأنفع، وقد شاركت عندما كنت أدرس الطب البشري في جامعة دمشق عامي 1976 و1977 في بحث علمي أجراه أستاذنا الدكتور محمد هيثم الخياط لمعرفة أثر الفطر على التمر على سكر الدم عند الصائم، فوجدنا سكر الدم المنخفض عند الغروب بسبب الصوم يرتفع خلال دقائق معدودة من تناول تمرة واحدة وقبل أن يمر الوقت الكافي لهضمها وامتصاص ما فيها من سكر، وكان الارتفاع في سكر الدم حوالي خمسة وعشرين بالمائة، أما ما تعجبنا منه فهو أن بعض الصائمين الذين كان سكر دمهم مرتفعاً فوق الحد الأعلى الطبيعي رغم صومهم أي كانوا مرضى بالداء السكري، انخفض سكر دمهم بشكل واضح وخلال دقائق قليلة من تناولهم لتمرة واحدة عند أذان المغرب. وكان أن طلبنا من عدد من زملائنا أن يحضروا إلى القسم المخبري في الجامعة صائمين على الريق ذات صباح بعد رمضان، وأخذنا عدة عينات من دمائهم: واحدة قبل أن يتناولوا التمرة ثم عدة عينات بفواصل زمنية بعد أن تناول كل منهم تمرة واحدة، وقمنا بمعايرة السكر والإنسولين في دمائهم.. فوجدنا الإنسولين يتضاعف عدة مرات خلال دقائق من تناول التمرة وفي الوقت نفسه يرتفع سكر الدم عندهم بنفس السرعة، وهذا يعني أن تمرة واحدة رفعت سكر الدم المنخفض ورفعت معه الإنسولين ليستفيد الجسم من ارتفاع السكر، كما فسر ذلك انخفاض سكر دم السكريين الذين أفطروا على تمرة، لأن الإنسولين يدخل السكر إلى الخلايا لتنتفع به وبالتالي يخفض مستواه في الدم. وكان تفسير أستاذنا لارتفاع السكر الفوري عند تناول التمر بأنه ناتج عن فعل هرموني مثل فعل هرمون الغلوكاكون الذي يرفع سكر الدم من الجسم نفسه حتى دون تناول أي سكر، ولعل هذا يفسر لنا كيف كان يكتفي الجندي المسلم في جيش العسرة بتمرة يمصها قليلاً ثم يخبؤها ليمصها من جديد عندما يشعر بالجوع مرة أخرى لأن الطعام معهم كان قليلاً جداً.
هذه دراسة تحتاج من الباحثين المسلمين أن يعيدوها وينشروها وربما أن يدرسوا أثر الرطب والتمر عموماً مع الماء على مزاج المرأة عند الولادة وبعدها، حيث تصاب الكثيرات بكآبة المزاج في الأيام التالية للولادة، وحوالي سدسهن يصبن بمرض الاكتئاب النفسي الذي يحتاج للعلاج الطبي الفعال، وقد أشارت الآيات الكريمة التي تحدثت عن ولادة مريم لعيسى عليه السلام إلى أكل الرطب وشرب الماء ساعة الولادة وأثره في المزاج حيث تقر عين الوالدة ولا تحزن، فقد قال تعالى:{فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً{23} فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً{24} وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً{25} فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً{26}} (مريم 23-26) والسري جدول ماء.
ولعل الدراسات تجرى على الرطب أو التمر الجديد لأن حرص النبي صلى الله عليه وسلم على الفطر على الرطب إن وجد وكذلك تشجيع عيسى عليه السلام لأمه لتأكل رطباً جنياً مما يشير إلى أن التمر يفقد هذه الخواص إن كان قديماً.
ابوالوليد المسلم
19-04-2022, 12:23 AM
أخطاء في الصوم
شرع الله الصوم لغاية عظيمة، هي تحصيل تقوى الله جل وعلا، وتزكية النفوس، وتهذيب الأخلاق، فليست الغاية من الصوم إدخال الضرر أو المشقة على العباد، وكلما كان الصوم موافقاً للأحكام الشرعية والآداب المرعية كلما كان أكثر ثمرة وأعظم أجراً، ومع الأسف الشديد فإن بعض الصائمين لا يلتزمون هذه الأحكام والآداب فتصدر منهم الأخطاء والمخالفات التي تؤثر على صومهم أو تنقص أجره وثوابه، وهناك بعض الأخطاء الشائعة التي ينبغي للصائم التنبه لها والحذر منها:
أولاً: عدم إدراك البعض لفضائل هذا الشهر الكريم، فيستقبلونه كغيره من شهور العام، وقصارى اهتمام بعضهم أن يستقبله بشراء الأطعمة والمشروبات بدلاً من الاستعداد للطاعة والاقتصاد ومشاركة الفقراء والمحتاجين.
ثانياً: التأفف من دخول شهر رمضان، وتمني ذهابه وسرعة زواله، وذلك لما يشعر به من ثقل الطاعة على نفسه والحدِّ من شهواتها، فلا يستشعر معنى التعبد وحلاوة الطاعة، وربما صام مجاراةً للناس وتقليداً وتبعية، فيكون بذلك قد حرم نفسه الاستفادة المثلى من هذا الشهر الكريم.
ثالثاً: عدم التفقه في أحكام الصيام وعدم السؤال عنها، فإن صوم رمضان فريضة وعبادة يجب على المسلم أن يعرف كيف يؤديها على الوجه الصحيح المقبول، فيعرف الأركان والواجبات والسنن والمكروهات والمفطرات.
رابعاً: عدم تجنب المعاصي أثناء صيامهم، فتجد الصائم يتحرز من المفطرات الحسية كالأكل والشرب والجماع لكنه لا يتحرز من الغيبة والنميمة واللعن والسباب والنظر إلى المحرمات، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» (رواه البخاري).
خامساً: ترك بعض السنن ظنًّا بعدم شرعيتها حال الصيام، كترك المضمضة والاستنشاق؛ خوفاً من وصول الماء إلى الحلق، مع أن المنهيَّ عنه إنما هو المبالغة التي يخشى معها وصول الماء إلى الجوف، فعن لقيط بن صبرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: «أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً» (رواه الترمذي وغيره) ، ومثل ذلك ترك السواك بعد الزوال؛ تحرجاً من الإثم، مع أن الصحيح أن السواك مشروع للصائم قبل الزوال وبعده.
سادساً: ومن هذا القبيل تحرج البعض من بلع الريق في نهار رمضان لظنه أنه إذا بلع بصاقه فقد فسد صومه، وهذا ليس بصحيح، إذ لم يثبت في الشرع أن بلع البصاق من المفطرات التي يبطل الصوم بها.
سابعاً: عدم تبييت النية لصيام الفرض من الليل أو قبل طلوع الفجر، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له» (رواه النسائي) ، وفي رواية: «من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له». والمشروع من ذلك أن يبيت النية في نفسه من غير تلفظٍ بها.
ثامناً: تعمد الأكل والشرب مع أذان الصبح أو بعده، والذي ينبغي على المسلم أن يحتاط لصومه، فيمسك بمجرد أن يسمع الأذان.
تاسعاً: تخصيص هذا الشهر بالطاعة والاستقامة دون غيره، فما أن ينقضي الشهر حتى يعود بعض الناس إلى ما كانوا قد اعتادوه من المعصية والمخالفات، وهو خطأ عظيم يدل على عدم إدراكهم لحقيقة شهر رمضان، وضعف تأثيره في نفوسهم، فإن رب الشهور واحد، والله جل وعلا حذر من معصيته ومخالفة أوامره ونواهيه في كل وقت، ولا يزال المرء يتقلب في منازل العبودية ومدارجها حتى يأتيه اليقين من ربه.
عاشراً: اتخاذ هذا الشهر فرصة للنوم والكسل في النهار وما يترتب عليه من إضاعة الصلوات أو تأخيرها عن وقتها، والسّهر في الليل على ما يسخط الله ويغضبه من لهو ولعب ومشاهدة القنوات، فتضيع بذلك على الإنسان أشرف الأوقات فيما لا فائدة فيه بل فيما يعود عليه بالضرر في العاجل والآجل.
حادي عشر: تحرج بعض الصائمين من أن يصبح جنباً وهو صائم، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم.
ثاني عشر: سوء الخلق وسرعة الغضب والطيش في نهار رمضان بسبب الجوع وخلاء البطن، مع أن المفترض أن يهذب الصوم أخلاق الصّائم، ويضبط مشاعره وانفعالاته متمثلاً قول المصطفى صلّى الله عليه وسلّم: «الصّوم جُنَّةٌ، فإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحدٌ، أو شاتمه، فليقل: إني صائم» (رواه البخاري ومسلم).
ثالث عشر: ما يلاحظ في أول الشهر من كثرة المصلين والمقبلين على العبادة وقراءة القرآن، ثم لا يلبث أن يتسلل الفتور إليهم فيخبو هذا الحماس في آخر الشهر الذي يفترض أن يضاعف فيه الجهد لما للعشر الأواخر من مزية على غيرها، وقد كان صلى الله عليه وسلّم «إذا دخل العشر الأواخر من شهر رمضات شدَّ المئزر، وأحيا الليل، وأيقظ أهله» (رواه ابن خزيمة في صحيحه).
منقول
ابوالوليد المسلم
19-04-2022, 08:17 PM
من القربات في رمضان: الدعاء
عبد العزيز بن حمود التويجري
لقد أمرنا الله بالدعاء ووعدنا بالإجابة:
قال تعالى في سورة غافر: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60]، والدعاء من أحب العبادات إلى الله جل جلاله، ففي الحديث الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس شيء أكرم على الله من الدعاء»؛ (رواه ابن ماجه).
وقد دعانا الله لأن نطلب منه ما نحتاجه:
ولو كان ذلك طعامنا وكسوتنا، فعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه عز وجل أنه قال: «يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعًا فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم، كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئًا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم، كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم، ما نقص ذلك من ملكي شيئًا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم، قاموا في صعيد واحد، فسألوني فأعطيت كل إنسان منهم مسألته، ما نقص ذلك مما عندي، إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أُوفيكم إياها، فمن وجد خيرا فليحمد الله عز وجل، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه»؛ قال سعيد: كان أبو إدريس الخولاني إذا حدث بهذا الحديث جثا على ركبتيه؛ (رواه مسلم).
وقد حضنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإكثار من الدعاء:
فالداعي رابح على كل حال؛ أجابه الله جل جلاله أم لم يجبه، فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة، إلا آتاه الله تعالى إياها، أو صرف عنه من السوء مثلها، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، فقال رجل من القوم إذا نكثر، قال: الله أكثر؛ رواه الترمذي، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم ينصب وجهه لله عز وجل في مسألة إلا أعطاها إياه، إما أن يعجلها له، وإما أن يدَّخرها له في الآخرة»؛ (رواه أحمد)، وكلما أكثرنا من الدعاء كانت الإجابة أرجى، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَن سره أن يستجيب الله له عند الشدائد، فليكثر من الدعاء في الرخاء»؛ (رواه الترمذي والحاكم).
والدعاء هو الوسيلة التي يمكننا أن نغير بها حياتنا:
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء»؛ (رواه الترمذي)، وفي الحديث الصحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته، ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل»؛ (رواه أبو داود والترمذي).
لذا فالدعاء هو الباب الوحيد الذي يُمكننا أن نغيِّر به قدرنا بإذن الله، وهو الذي نتصدى به للأزمات الصعبة والمشكلات المظلمة في حياتنا التي لا نجد منها مناصًا ولا مفرًّا أبدًا، ففي الحديث الحسن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر»؛ (رواه ابن حبان في صحيحه).
وعلى من أراد أن يستجيب الله دعاءه أن يلتزم بآداب الدعاء:
لكي ينال الإجابة، فكلما التزمنا بآداب الدعاء كلما اقتربنا من الحصول على الإجابة.
فما آداب الدعاء؟
أولًا: صورة الدعاء:
1- حمد الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: ففي الحديث الصحيح عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد إذ دخل رجل فصلى، فقال: اللهم اغفر لي وارحمني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجلت أيها المصلي، إذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو أهله، وصل عليَّ، ثم ادعه»، قال: ثم صلى رجل آخر بعد ذلك فحمد الله وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أيها المصلي، «ادعُ تُجَبْ»؛ (رواه أحمد وأبو داود والترمذي).
2- رفع اليدين بالدعاء: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله حيي كريم، يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرًا خائبتين»؛ (رواه أبو داود).
ثانيًا: حال القلب في الدعاء:
• الإخلاص لله بالدعاء: قال تعالى في سورة الأعراف: {وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} [الأعراف: 29]، وقال تعالى في سورة غافر: {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [غافر: 65].
• الظن الحسن بالله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل يقول أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني»؛ (رواه البخاري ومسلم).
• حضور القلب في الدعاء: قال تعالى في سورة النمل: ﴿ {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [النمل: 62]، وقال تعالى في سورة: {لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ} [الأعراف: 94]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {فإن الله لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل}؛ (رواه أحمد).
فالدعاء الذي يخرج من القلب الحي اليقظ المتضرع هو الأرجى للإجابة.
• اليقين بالإجابة: فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «القلوب أوعية، وبعضها أوعى من بعض، فإذا سألتم الله عز وجل يا أيها الناس فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة»؛ (رواه أحمد).
ثالثًا: مراعاة أوقات الإجابة وأحوالها:
فكلما راعينا الأحوال التي نجاب فيها أكثر من غيرها، والكلمات التي تكون أرجى في الإجابة، وكذلك الأماكن والأوقات، كلما فتح لنا باب الإجابة أكثر وأكثر، ومن ذلك:
• الدعاء في السجود: ففي الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أقرب ما يكون العبد من ربه عز وجل وهو ساجد، فأكثروا الدعاء»؛ (رواه مسلم).
• ثلث الليل الآخر: فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ينزل ربُّنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: «من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له» ؟؛ (رواه البخاري ومسلم)، وفي رواية لمسلم: إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه، ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيقول: «هل من سائل فيعطى؟ هل من داع فيستجاب له؟ هل من مستغفر يغفر له؟ حتى ينفجر الصبح»، وعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «أقرب ما يكون العبد من الرب في جوف الليل، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن»؛ (رواه أبو داود والترمذي).
• دبر الصلوات المكتوبات: فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله، أي الدعاء أسمع؟ قال: «جوف الليل الأخير، ودبر الصلوات المكتوبات»؛ (رواه الترمذي).
• الدعاء بين الأذان والإقامة: فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد»؛ (رواه أبو داود والترمذي)، وفي الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أن رجلًا قال: يا رسول الله إن المؤذنين يفضلوننا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قل كما يقولون، فإذا انتهيت فسل تعطه»؛ (رواه أبو داود والنسائي)، وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ساعتان تفتح فيهما أبواب السماء، وقلما ترد على داع دعوته عند حضور النداء والصف في سبيل الله»، وفي لفظ قال: «ثنتان لا تردان - أو قلما يردان - الدعاء عند النداء، وعند البأس حين يلحم بعض بعضًا»؛ (رواه أبو داود).
• ساعة من يوم الجمعة: قد تكون هي ساعة الخطبة والصلاة، وقد تكون آخر ساعة من نهار الجمعة أي قبيل المغرب، وقد تكون فيما سوى ذلك، المهم أن فيها ساعة مجابة، علمها من علمها وجهلها من جهلها، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «وفيها ساعة لا يدعو أحد ربه فيها بخير هو له قسم إلا أعطاه، أو يتعوذ من شر إلا دفع عنه ما هو أعظم منه»؛ (رواه الطبراني في الأوسط بإسناد جيد).
قال الألباني رحمه الله: ورأى بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أن الساعة التي ترجى بعد العصر إلى أن تغرب الشمس، وبه يقول أحمد وإسحاق وقال أحمد: أكثر الحديث في الساعة التي ترجى فيها إجابة الدعوة أنها بعد صلاة العصر، قال: وترجى بعد الزوال، ثم روى حديث عمرو بن عوف المتقدم، وقال الحافظ أبو بكر بن المنذر: اختلفوا في وقت الساعة التي يستجاب فيها الدعاء من يوم الجمعة، فروينا عن أبي هريرة قال: هي من بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ومن بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، وقال الحسن البصري وأبو العالية هي عند زوال الشمس، وفيه قول ثالث: وهو أنه إذا أذن المؤذن لصلاة الجمعة روي ذلك عن عائشة وروينا عن الحسن البصري أنه قال: هي إذا قعد الإمام على المنبر حتى يفرغ، وقال أبو بردة: هي الساعة التي اختار الله فيها الصلاة.
رابعًا: تحري اسم الله الأعظم:
ففي الحديث الصحيح عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، فقال: «لقد سألت الله بالاسم الأعظم الذي إذا سُئل به أعطى وإذا دُعي به أجاب»؛ (رواه أبو داود)، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بأبي عياش زيد بن الصامت الزرقي وهو يصلي وهو يقول: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت، يا حنان يا منان، يا بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد سألت الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى»؛ (رواه أحمد)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين: وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، وفاتحة سورة آل عمران الله لا إله إلا هو الحي القيوم»؛ (رواه أبو داود والترمذي)، وفي الحديث الصحيح: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعوة ذي النون إذ دعاه وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له»؛ (رواه الترمذي).
خامسًا: تجنب أن تضع الحجارة بأفعالك فتسد الطريق أمام دعائك فلا يجاب:
فهناك مجموعة من العقبات التي تقف حائلًا دون إجابة دعائك، ومن فضل الله علينا أن تلك العقبات تحت سيطرتنا ويمكننا تجنبها، ومنها:
1- المطعم الخبيث: فهو أكثر ما يمنعك إجابة دعواتك، فأطب طُعمتك لتكون مستجاب الدعوة؛ ففي الحديث الحسن: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51]، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172]، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام، وغُذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك» ؟؛ (رواه مسلم والترمذي).
2- العجلة: فالعجلة تمنعك الإجابة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي»؛ (رواه البخاري ومسلم)، وفي رواية لمسلم والترمذي: «لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله، ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجيب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء»، وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال العبد بخير ما لم يستعجل، قالوا: يا نبي الله وكيف يستعجل؟ قال: يقول قد دعوت ربي، فلم يستجب لي»؛ (رواه أحمد).
3- القلب المشغول: فالله لا يستجيب من القلب الذي يدعو وهو ساهٍ لاهٍ في شعاب الدنيا؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاهٍ»؛ (رواه الترمذي)، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «القلوب أوعية وبعضها أوعى من بعض، فإذا سألتم الله عز وجل يا أيها الناس فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة؛ فإن الله لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل»؛ (رواه أحمد).
4- رفع البصر عند الدعاء بالصلاة: ففي الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لينتهينَّ أقوام عن رفعهم أبصارهم عند الدعاء في الصلاة إلى السماء، أو ليخطفنَّ الله أبصارهم»؛ (رواه مسلم والنسائي).
5- الاعتداء في الدعاء، والدعاء بإثم أو قطيعة رحم: فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة، إلا آتاه الله تعالى إياها، أو صرف عنه من السوء مثلها، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، فقال رجل من القوم: إذا نُكثر، قال الله أكثر»؛ (رواه الترمذي).
فلا تطلب من الله إلا خيرًا، ولا تسلك لهذا الطلب إلا طريق الخير؛ حتى لا تضع الحجارة الكثيفة أمام دعائك فلا يستجيب الله لك.
وإن كان الدعاء هو عمل عظيم الأجر والأثر في كل وقت، فهو أعظم أجرًا وأثرًا في رمضان، فشهر رمضان هو الشهر الذي يرجى أكثر من غيره أن ترتفع فيه الدعوات، ويستجيب الله منا، فاستكثروا فيه من الدعاء، فلكل مسلم في كل يوم دعوة مجابة عند الفطر، غير ما في ليله من فضل عظيم.
ابوالوليد المسلم
19-04-2022, 08:19 PM
ليلك في رمضان
قال الحافظ ابن رجب: (واعلم أن المؤمنَ يجتمع له في شهر رمضان جهادانِ لنفسه: جهاد بالنِّهار على الصيام، وجهاد بالليل على القيام، فمن جمَع بين هذين الجهادين وُفِّي أجرَه بغير حساب).
ليلك.. ذاك البهيم الذي اعتاد جسدك أن يبحرَ في أعماق حلكتِه، ويتجرد من عقل قد كان طول اليوم سابحًا سبحًا طويلاً بين ركام الطمع والحرمان، يركض ركض الخائفين خلف قصاصات الأحلام، ويقف طويلاً على أطلال خلَّفتها الخيبات..، ها قد جاءك شهر الأنوار يُسَرِّجه، يملأ جنباته مسكًا فواحًا يعطره القرآن، ولؤلؤًا نداحًا تُثوِّره الأجفان..
دخن كثيف ذاك الذي يحجب قلبك عن زخات النور.. وطين لازب ذاك الذي يثقل جسدك المتهاوي على حافَات المتعة والانهماك وبراثن الوجع العميق.. آسِن قد صار من طول المكث في مستنقعات الحياة..
فانفُضْ عن عينيك الوسن، وقُمْ عانق الصفاء والنقاء، وامتزج مع السكون كي يغرد قلبك الحزين دعوة صادقة موشاة بدمع بريء.. دعوة يسجد فيها قلبُك سجود الشاكرين الطامعين في خزائن رحمة وجُودِ ربِّ رحيم كريم جَوَاد.. يغتسل فيها القلب قبل العين من أدران سوء الظن، ومن شُحِّ المجبولة على التقتير.. وتسرح الرُّوح الظَّمأى في ملكوت مجيب الدعوات، جاعل تواتر الفرج والشدة سنَّة كونية تقلبها بين الصبر والشكر، وتشحذها بالرجاء واليقين وحسن الظن بالله وبما عند الله..
ومضة:
إن عافت نفسك الدنيا وتلظَّت بجحيم الحياة، فاعرج بها إلى أبواب القائل سبحانه: ((من يدعوني فأستجيبَ له، من يسألني فأُعطيَه، من يستغفرني فأغفرَ له))، واسرِ بها بقِطع من الليل تعانق النقاء، ولا تلتفت إلا وأنت على الحوض تغرف غرفة لا تظمأ بعدها أبدًا.. أو على باب الريَّان بفضل كريم منان..
__________________________________________________ ____
الكاتب: وصال تقة
ابوالوليد المسلم
19-04-2022, 08:21 PM
مساجدنا حياة في رمضان
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد:
فإنه يُسعدُني أن أتقدَّم بهذا التصوُّر لمساجدِنا في شهر رمضان، سمَّيْتُه: (مساجدنا حياة)؛ لأن المسجدَ العامرَ بالعلمِ والإيمان به حياة القلوب، وتُنار به الأفئدة، وتُرْوَى به الأعضاء والجوارح.
ويأتي هذا التصوُّر لإحياء المساجد في رمضان، والأمة الإسلامية بها من المشاكلِ الكثيرُ، فالهدفُ أن يصبح المسجدُ - وخصوصًا في شهر رمضان؛ لقُرْب الناس من المساجد، واستعداد الناس للموعظة - وسيلةً ناجعة لأمراض الأمَّة، وما تعاني منه من مشاكل وأمراض.
وقد ركَّزْتُ في هذا التصوُّر على الجانب العلمي والثقافيِّ، المَنُوط بالمسجد، وسلَّطْتُ الضوءَ على أهمِّ المشاكل التي تُعاني منها مجتمعاتُنا الإسلاميَّة، وقد صُغْتُ ذلك بطريقةٍ تربويَّة: صياغة الأهدافِ، وذكر الوسائلِ، والإشارة إلى المصادرِ.
الهدف الأول: أن يصومَ المسلمون صيامًا صحيحًا، تتحقَّق فيه مقاصدُ الصيام الحقيقيَّة، بعيدًا عن التشدُّد والتكلُّف، ومُراعًى فيه المستجدَّات والنوازل التي ألمَّت بالمسلم في عصور الحَداثةِ والانفتاح.
الوسيلةُ: هنا يأتي دورُ (فقه الصيام)، هذا الفقه الذي بذل فيه الفقهاءُ مجهودًا ضخمًا.
ويتلخَّصُ دور الخطيب في الحديث عن فقه الصيام في الآتي:
♦ أن يعتمدَ على المصادر الموثوقة والأصليَّة، وأن يبتعد في بيانِ الحكم الشرعيِّ عن المصادر الجاهزة (وأغلبُها موجود على الإنترنت).
♦ أن يَذكرَ الحكمَ مرتبطًا بدليله، مبيِّنًا المقاصدَ الشرعية في كلِّ دليل.
♦ ألَّا يَغفلَ عن المستجدَّات المعاصرة، والنوازل التي ألمَّت بالمسلم في العصر الحديث.
♦ أن يركِّز على مقاصد الصيام، وأن يبتعدَ عن الآراء التي تعجز عن مخاطبةِ المسلم المعاصر.
♦ أن يعمِّق في الجمهور الاختيارَ على أساس الدليل، وأن يفتيَ بالأيسر إذا كان موافقًا للدليل، وأن يُوضِّح مسائلَ الخلاف.
المصدر:
♦ فقه الصيام: يوسف القرضاوي - محمد إبراهيم الحفناوي.
الهدف الثاني: تحديدُ المشكلات التي تعاني منها المجتمعاتُ الإسلامية، وصياغتها صياغةً دقيقة: محدَّدة الأهداف، واضحةَ المعالم.
وتبدو أهمُّ المشكلات التي تعاني منها مجتمعاتُنا في الآتي:
♦ مشكلات الانحلالِ الخُلُقي، وتفشِّي الرذائل.
♦ مشكلات هَدْر الأوقات، وضياع العمر.
♦ مشكلات الأسرة (الزوجية - تربية الأولاد).
♦ مشكلات تتعلَّق بعدم مراعاة الأولويَّات، والإسراف والتبذير في قضاء الحاجات.
♦ مشكلات تتعلَّق بالتبعيَّة والتقليد الأعمى للعادات والأعراف.
♦ مشكلاتٌ تتعلَّق بالعَلاقات المجتمعيَّة، وكيفية تحقيق السِّلْم المجتمعيِّ.
الوسيلة: هنا تأتي مجموعةٌ من الأخلاق التي حثَّنا عليها الإسلام، وأهمُّها:
♦ القَصْد والعفاف.
♦ الحياءُ.
♦ اختيارُ الأصدقاء.
♦ الرحمة.
♦ العلم والعقل.
♦ الإخاءُ.
♦ الانتفاعُ بالوقت، والاتِّعاظ بالزمن.
المصدر:
♦ خلقُ المسلم: محمد الغزالي.
♦ تربية الأولاد في الإسلام: عبدالله ناصح علوان.
الهدف الثالث: الارتقاء الإيماني.
فرمضانُ هو شهر الارتقاءِ الإيماني، والقُرْب من الله تعالى.
الوسيلة: الحديث عن هذه القيم:
♦ أهميَّة القرآن الكريم.
♦ أهميَّة التقوى.
♦ الشكر.
♦ محبَّة الله.
♦ وصفُ الجنة والنار.
المصدر:
♦ مختصر منهاج القاصدين: ابن قدامة المقدسي.
♦ رياض الصالحين: الإمام النووي.
هذه هي بعضُ القيم والسلوكيَّات والأخلاق القادرة على تحقيق: الفرد المسلمِ الصادق، والأسرة القويَّة، والمجتمع المُتماسِك.
ولا أنسى في نهاية هذا التصوُّر إلا أن أذكرَ بعضَ الوصايا المهمَّة:
♦ أولى وسائل حلِّ المشكلة الإحساسُ بها، ولا يستطيعُ الإمام أن يغيِّر إلا أن يستحضرَ خطورةَ المشاكلِ التي يعاني منها المجتمعُ المسلم.
♦ لا يَملِكُ الخطيب إلا البلاغَ، وبمقدار جُهدِنا وتحضيرنا نستطيعُ أن نُحدِثَ التغيير المنشودَ.
♦ القُدْوة من أهمِّ عوامل النجاح، ففعلُ رجلٍ في ألف رجلٍ، خيرٌ من قول ألف رجلٍ في رجلٍ.
♦ الأملُ في التغيير، فبدونِ الأمل تصبح كلماتُنا ميِّتةً لا روح لها.
♦ الدعاءُ سلاحُنا، والتوكُّلُ على الله ميدانُنا.
اللهَ أدعو أن يتقبَّل هذا العمل، وأن يجعلَه في ميزان حسناتِنا، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.
___________________________________________
الكاتب: حسام العيسوي إبراهيم
ابوالوليد المسلم
20-04-2022, 01:11 AM
صنع في رمضان!
كتبه/ سامح بسيوني
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فرمضان يصنعك: صناعة تجدد الإيمان، وتهيئ الإنسان للفوز بالرضوان، والعتق من النيران، صناعةُ تُصلِح القلوب وتُعالِج العيوب، صناعة تأذن لظلمة القلب أن ترحل، ولنور الإيمان أن يبزغ، ولربيع القلب أن يتدفق.
ففي شهر رمضان تتجلَّى تلك الغيوم القابعة على قلوبنا طيلة العام، فما مِن قلبٍ إلا وله سحابة كسحابة القمر تظلمه، فيحتاج إلى نور الإيمان كي يبدده، كما في الحديث الصحيح أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: "ما من القلوب قلب إلا وله سحابة كسحابة القمر بينما القمر مضيء إذ علته سحابة فأظلم إذ تجلت عنه فأضاء".
وها هو شهر رمضان قد جاءنا ليحقق التقوى في نفوسنا بصناعة قرآنية: "يا أيها الذين آمنوا كُتِب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون"، فالتقوى درة مفقودة، وغاية منشودة من أجلها شُرع الصيام، ومن أجلها حُقَّ لنا أن نسعى لصلاح قلوبنا قبل أبداننا، فالتقوى محلها القلب كما أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدره ثلاث مرات قائلًا: 'التقوى ها هنا".
ولذلك يعد هذا القلب هو محط الاهتمام الأول الذي يجب العناية به من أول يوم في رمضان؛ فبصلاحه يستقيم الإيمان، ويُصنع الإنسان على ما يرضي الرحمن؛ فنفوز حينئذٍ بالسعادة والرضوان، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يستقيم إيمانُ عبدٍ حتى يستقيم قلبه"؛ ولذلك فالمؤمن الصادق العاقل يجب أن يستغل هذا الشهر ببركاته ورحماته، وما فيه من طاعاتٍ في علاج ظلمة قلبه؛ لا أن يشغل نفسه فيه بما يُخططه له أعداء الأمة عبر أبواقهم الذين يأبون إلا أن يضيعوا تلك الفرصة على أبناء الأمة، ويريدون طبقًا لمخططات أسيادهم في الغرب أن يغرقوا أبناء الأمة في مستنقعات المسلسلات الرمضانية المدمِّرة للأخلاقيات والقِيَم والسلوكيات، والمُبْعِدَة لهم عن العودة إلى ربِّ الأرض والسماوات!
فسبحان الله!
الله العزيز الكريم الرحيم، يفتح لعباده أبواب جنانه في رمضان وييسر لهم سبل صلاح القلب، والعتق من النيران، ويغلق أبوابها دونهم، بينما أبواق أعداء الأمة يأبون إلا أن يصدوهم عن أسباب نجاتهم، ويمعنون في فتنتهم وتضييعهم، وتشكيكهم في أحكام دينهم!
وصدق الله تعالى إذ يقول في كتابه الكريم: "وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا"؛ فلننتبه لتلك الفرصة التي سرعان ما تنفلت من أيدينا -وقد مرَّ الثلث والثلث كثير-، فرمضان كما قال الله: "أيامًا معدودات".
فلنحرص على السبق في هذه الأيام، وأولى السبق هو سبق القلب إلى الله؛ الذي به يطيب المقام، ويستقيم الإيمان، وتحصل ثمرة الصيام والقيام والقرآن.
ولنحرص على قلوبنا مِن أسهم أعدائنا، ولنحفظها بغض أبصارنا، وحفظ ألسنتنا، وصيانة ديننا.
فاللهم خذ بأيدينا إليك، وأقبِل بقلوبنا عليك، وارزقنا قلوبًا مخمومة -أي: نقية-، وألسنة صادقة، واكتب لنا رضوانك، والعتق من نيرانك، والفوز بالدرجات العلا من جنانك.
اللهم آمين.
ابوالوليد المسلم
20-04-2022, 01:15 AM
العشر الأواخر فرصة للانطلاق
كتبه/ ياسر برهامي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فأعظم نعمة ينعم الله -عَزَّ وَجَلَّ- بها على عبدٍ مِن عباده أن يهديه للإسلام، وأن يوفقه للعمل بطاعته -سبحانه وتعالى- واتباع رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
أعظم نعمة أنعم الله بها على أمة الإسلام، الرحمة المهداة والنور والبرهان، الرحمة التي بُعِثَ بها النبي -صلى الله عليه وسلم- وبُعِثَ من أجلها، والنور والبرهان: الكتاب المبين؛ جعله الله -سبحانه وتعالى- حياةً للقلوب، وسببًا لسعادتها في الدنيا والآخرة، سببًا لنيل كل خير في هذه الدار وفي الدار الآخرة.
كذلك جعل الله -سبحانه وتعالى- القرآن الكريم نورًا للقلوب المؤمنة، وربيعًا لها، وذهابًا لهَمِّها وغَمِّها.
وحاجة الناس إلى القرب مِن الله -سبحانه وتعالى- أعظم مِن حاجتهم للطعام والشراب، بل والنَّفَس؛ حاجتهم وافتقارهم إلى أن يتأَلَّهُوا -إلى أن يتعبدوا- لله -عَزَّ وَجَلَّ-، أن يُؤَدُّوا حق الألوهية، أن يعرفوا حق ربهم -سبحانه وتعالى- ويؤدوه؛ حاجتهم إلى ذلك أعظم مِن كل حاجة؛ إذ لا حياة بغير العبودية، بأن تتوجه قلوبهم إلى الله -سبحانه وتعالى-.
لذا كان شهر رمضان، شهر الحياة، شهر القرآن: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (البقرة:185).
وإنما يَعرِفُ نعمة الله -سبحانه وتعالى- فَيَشكُرَها مَن ذاق معنى القرب مِن الله -عَزَّ وَجَلَّ-؛ بتلاوة القرآن وسماعه، والاهتداء بنوره، ومعرفة الفرقان الذي في القرآن العظيم، حتى يفرِّق بيْن الحق والباطل، وبيْن الهدى والضلال، وبيْن السُّنة والبدعة، وبيْن الإيمان والكفر؛ حين يحصل للعبد هذا الفرقان وتحصل له أنواع الهداية والبَيِّنات؛ عند ذلك يعرف قدر النعمة فيشكر الله -عَزَّ وَجَلَّ- حين يقول: "الله أكبر، ولله الحمد"، عندما يتم الله -عَزَّ وَجَلَّ- نِعمتَه بإكمال العِدَّة فإنه يقولها صادقًا مِن قلبه: "الله أكبر، ولله الحمد"؛ له الحمد -سبحانه وتعالى- على ما شَرَع لنا، وله الحمد -سبحانه وتعالى- على ما مَنَّ به علينا مِن إرسال رسوله -صلى الله عليه وسلم- وإنزال الكتاب عليه، (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا) (الكهف:1).
رمضان شهر الانطلاق والتحرر مِن أسر الشهوات والعادات؛ إن الإنسان فيه طاقات كامنة، فيه رغبات وإرادات يدفنها أكثر الناس، ويغيرون مسالكها؛ فلا يعرفون عن هذه الإرادات وهذه الطاقات في الانطلاق والارتفاع، لا يعرفون عن ذلك شيئًا! إنما يعيشون كما وصف الله -عز وجل-: (لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) (الأعراف:179).
شهر رمضان شهر تحرر مِن أسر العبودية لغير الله.
العبودية لله -عز وجل- هي سبب راحة الإنسان، خلق عليها، فطر عليها، خلق مِن أجلها: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات:56)، قال -عز وجل-: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (الروم:30).
إن الحواجز والعقبات التي تعترض طريق القلب في ارتفاعه وقربه مِن الله -عز وجل- عقبات كثيرة، أعظمها: الكفر والشرك والنفاق، ويليها بعد ذلك: البدع والضلالات التي هي فساد الاعتقاد، والتي في حقيقة الأمر هي منبعها الكفر والشرك والنفاق، وإن كثيرًا مِن الناس يضل بها، وهو يحسب أنه يُحسن صنعًا، ثم بعد ذلك الكبائر الباطنة: مِن الكِبْر والعلو، وإرادة الفساد، ثم بعد ذلك الكبائر الظاهرة: كالزنا، والسرقة، وشرب الخمر، وقتل النفس، ثم بعد ذلك الصغائر والذنوب: كلها حُجُب، كلها تمنع القلب مِن الانطلاق، ثم بعد ذلك فعل المكروهات، ثم بعد ذلك ترك ما هو أولى ومستحب، كل ذلك يحجب بدرجات متفاوتة، وإن كان مَن ترك المحرمات وفعل الواجبات نجا عند الله -سبحانه وتعالى-، لكن يفوته الربح!
والربح في التجارة مع الله -عز وجل- ربح عظيم: ألم تسمع قول الله -سبحانه وتعالى-: (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) (الأنعام:160)؟!
ألم تسمع قول الله -عز وجل-: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة:261)؟!
ألم تسمع قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً) (متفق عليه)؟!
ما أعظم مَن يتاجر مع الله -عز وجل-! (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ) (فاطر:29).
ألا يكفيك ما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).
عباد الله... الأعمال بالخواتيم؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ -يَعْنِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ- فَإِنْ ضَعُفَ أَحَدُكُمْ أَوْ عَجَزَ، فَلَا يُغْلَبَنَّ عَلَى السَّبْعِ الْبَوَاقِي) (رواه مسلم).
ليلة القدر خير مِن ألف شهر، مَن حُرم خيرها فقد حُرم.
كل ليلة مِن ليالي العشر ليلة فاضلة، والعبادة فيها عبادة فاضلة مضاعفة -إن شاء الله-، ومَن قام رمضان قام ليلة القدر، ومَن قام العشر الأواخر قام ليلة القدر، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أُرِيَها في العشر الأواخر، وتواطأت رؤيا أصحابه على أنها في العشر الأواخر، واعتكف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العشر الأواخر مواظِبًا على ذلك؛ التماسًا لهذه الليلة المباركة التي (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) (الدخان:4)، كما قال الله -سبحانه وتعالى-.
الله -سبحانه وتعالى- جعل الفضل لهذه الأمة بالمضاعفة في الحسنات لما علم مِن قلوبهم مِن حبهم لله -عَزَّ وَجَلَّ- وطاعتهم له، ورجائهم للقائه أكثر ممن كان قبلهم؛ فضاعف لهم في هذه المواسم، والأيام والليالي المباركة، حتى يسبقوا غيرهم فإنهم خير أُمَّةٍ أُخْرِجَت للناس، ودينهم خير دين، وكتابهم خير كتاب، ورسولهم خير الرسل، خير خَلْقِ الله -عَزَّ وَجَلَّ- على الإطلاق؛ أَيّ شرفٍ لهذه الأُمَّة، شرفها الله -عَزَّ وَجَلَّ- بهذه الخيرات، فسبحان الله! كيف يُعْرِض الأكثر عن هذا الخير؟!
اجتهدوا -عِبَادَ اللهِ- في الأيام والليالي القادمة، واعتبروا أن كل ليلة منها يمكن أن تكون ليلة القدر؛ فاعملوا على ذلك، ولعل الخير في إخفاء ليلة القدر، في أن يجتهد المسلمون في الليالي كلها، ولا يقوموا ليلة واحدة ويتركوا باقي الليالي، فإننا لاشك في حاجةٍ إلى العبادة، في حاجةٍ إلى تَنَفُّسِ قلوبِنا، في حاجةٍ إلى راحتها وسعادتها بالقرآن العظيم، في حاجةٍ إلى فضل الله ورحمته.
الله -سبحانه وتعالى- جعل في الصيام فرحة، وجعل في القيام فرحة، وجعل في الاعتكاف فرحة، جعل في كُلِّ طاعةٍ فرحة؛ لأنها مِن فضل الله ورحمته، (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) (يونس:58).
بقيتْ ليالي معدودة، سرعان ما تَمُرّ، كما مَرَّ معظم هذا الشهر الكريم، والعمر يَمُرُّ، والإنسان إن لم ينتبه لمرور الليالي والأيام والشهور والأعوام انقضى عمرُه مغبونًا فيه، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ) (رواه البخاري)، وقال: (اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ) (رواه الحاكم، وصححه الألباني)، هكذا أَمَرَ النبي -صلى الله عليه وسلم-.
اغتنموا ما بقي مِن هذه الأوقات الفاضلة، وأروا الله -سبحانه وتعالى- خيرَ ما عندكم، وهو -عَزَّ وَجَلَّ- يجزي مَن آمن بأحسن ما عمل، ويُكَفِّر عنه أسوأ الذي كانوا يعملون، وسبحانه وتعالى عَفُوٌ كَريمٌ يحب العَفْو، ومِن حُبِّهِ للعَفْوِ شرع لعباده أسباب العفو، وفتح لهم أبواب التوبة، خَلَقَ بابًا للتوبة قِبَل المغرب يسير الراكب فيه مسيرة أربعين أو سبعين عامًا، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-، لا يزال مفتوحًا للتوبة حتى تطلع الشمس منه، جعل أنبيائَه وخَاصَّةَ رُسُلِه تَوَّابين وأَوَّابين ومُنيبين.
ولأنه -سبحانه وتعالى- يحب التوبة قَدَّرَ الذنوب على عبادِه المؤمنين، ليتوبوا إليه، ليغفر لهم -عَزَّ وَجَلَّ-، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ) (رواه مسلم).
هو -سبحانه وتعالى- يغفر الذنوب: (وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ) (آل عمران:135)؛ فجَدِّدوا التوبة على الدوام، واستعينوا بالله -سبحانه وتعالى- على طاعته، فإياه نعبد وإياه نستعين، (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (الفاتحة:5).
لا توفيق لنا إلا بالله، (وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) (هود:88)، فأنتَ لا تكون إلا بالله، ولا ملجأ لك إلا إلى الله، قلبك لستَ تملكه، إنما هو بيد الله -عَزَّ وَجَلَّ-، بيْن إصبعين مِن أصابعه، يُقَلِّبُ قلوبَ العِبَاد كيف شاء، فأيّما قلب يريد أن يقيمه أقامه، وأيّما قلب يريد أن يزيغه أزاغه، يا مُقَلِّب القلوبِ ثَبِّت قلوبَنا على دينك.
نسأل الله -عَزَّ وَجَلَّ- أن يتم علينا نعمته، وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه.
ابوالوليد المسلم
20-04-2022, 02:34 PM
العشر الأواخر على الأبواب فهل من مشمر؟
رمضان أيامه تمر بسرعة ونحن في غفلة إلا من رحم الله، فما أحوجنا أن نشمر عن ساعد الجد، ونشحذ الهمم فيما تبقى من شهر رمضان؛ شهر الطاعة والمغفرة والرحمة والعتق من النيران.
هاهي العشر الأواخر من رمضان على الأبواب، أيام عظيمة امتن الله بها على الأمة المسلمة بأن أعطاها نفحات ربانية عطرة، فيها الأجر العظيم مع العمل والطاعة القليلة، وفيها أيضا ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.. هي خلاصة رمضان، وزبدة رمضان، وتاج رمضان قد قدمت، فيا ترى كيف نستقبل العشر الأواخر من رمضان؟
وإذا كان قد ذهب من هذا الشهر أكثره، فقد بقي فيه أجَلّه وأخيره، لقد بقي فيه العشر الأواخر التي هي زبدته وثمرته، وموضع الذؤابة منه، ولقد كان - صلى الله عليه وسلم - يعظّم هذه العشر، ويجتهد فيها اجتهادًا حتى لا يكاد يقدر عليه، يفعل ذلك – صلى الله عليه وسلم - وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر، فما أحرانا نحن المذنبين المفرّطين أن نقتدي به – صلى الله عليه وسلم - فنعرف لهذه الأيام فضلها، ونجتهد فيها؛ لعل الله أن يدركنا برحمته، ويسعفنا بنفحة من نفحاته، تكون سببًا لسعادتنا في عاجل أمرنا وآجله. روى الإمام مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يجتهد في العشر الأواخر، ما لا يجتهد في غيره".، وفي الصحيحين عنها قالت: "كان النبي – صلى الله عليه وسلم - يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر شمَّر وشدَّ المئزر".
فقد دلت هذه الأحاديث على فضيلة العشر الأواخر من رمضان، وشدة حرص النبي – صلى الله عليه وسلم - على اغتنامها والاجتهاد فيها بأنواع القربات والطاعات؛ فينبغي لكم -أيها المسلمون- أن تحرصوا على إيقاظ أهلكم، وحثهم على اغتنام هذه الليالي المباركة، ومشاركة المسلمين في تعظيمها والاجتهاد فيها بأنواع الطاعة والعبادة.
أيها الإخوة الصائمون:
لنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة، فقد كان إذا دخل العشر شدَّ مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله.
وإيقاظه لأهله ليس خاصًّا في هذه العشر، بل كان يوقظهم في سائر السنة، ولكن إيقاظهم لهم في هذه العشر كان أكثر وأوكد.
ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها"، "وكان إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله" (متفق عليه)
إنها ليالٍ معدودة وساعات محدودة، فيا حرمان من لم يذق فيها لذة المناجاة! ويا خسارة من لم يضع جبهته لله ساجدًا فيها!!
إنها ليالٍ يسيرة.. والعاقل يبادر الدقائق فيها؛ لعله يفوز بالدرجات العُلا في الجنان.. "وإنها ليست بجنة بل جنان".
لماذا نستغل العشر؟
إن المؤمن يعلم أن هذه المواسم عظيمة، والنفحات فيها كريمة؛ ولذا فهو يغتنمها، ويرى أن من الغبن البين تضييع هذه المواسم، وتفويت هذه الأيام، وليت شعري إن لم نغتنم هذه الأيام، فأي موسم نغتنم؟! وإن لم نفرغ الوقت الآن للعبادة، فأي وقت نفرغه لها؟!
أيها الصائمون:
تذكروا أنها عشر ليال فقط تمر كطيف زائر في المنام، تنقضي سريعًا، وتغادرنا كلمح البصر، فليكن استقصاركم المدة معينًا لكم على اغتنامها. - تذكروا أنها لن تعود إلا بعد عام كامل، لا ندري ما الله صانع فيه، وعلى من تعود، وكلنا يعلم يقينًا أن من أهل هذه العشر من لا يكون من أهلها في العام القادم، أطال الله في أعمارنا على طاعته. وهذه سنة الله في خلقه {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30]. وكم أهلكنا الشيطان بالتسويف وتأجيل العمل الصالح! فها هي العشر قد نزلت بنا، أبعد هذا نسوِّف ونُؤجل؟! - تذكروا أن غدًا تُوَفَّى النفوس ما كسبت، ويحصد الزارعون ما زرعوا، إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم، وإن أساءوا فبئس ما صنعوا. تذكروا أن فيها ليلة القدر التي عظّمها الله، وأنزل فيها كتابه، وأعلى شأن العبادة فيها، فـ"من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه" (أخرجه الشيخان). والعبادة فيها تعدل عبادة أكثر من ثلاث وثمانين سنة، قال تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3]. قال الإمام النخعي: "العمل فيها خير من العمل في ألف شهر سواها" فلو قُدِر لعابد أن يعبد ربه أكثر من ثلاث وثمانين سنة ليس فيها ليلة القدر، وقام موفَّق هذه الليلة وقُبلت منه، لكان عمل هذا الموفَّق خير من ذاك العابد، فما أعلى قدر هذه الليلة! وما أشد تفرطنا فيها! وكم يتألم المرء لحاله وحال إخوانه وهم يفرطون في هذه الليالي وقد أضاعوها باللهو واللعب والتسكع في الأسواق، أو في توافه الأمور!! يقول النبي صلى الله عليه وسلم : «وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرمها فقد حُرم الخير كله، ولا يُحرم خيرها إلا محروم» (رواه النسائي وابن ماجة وفي الصحيحين عن أبي هريرة) ، عن النبي قال: «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدَّم من ذنبه» وهذه الليلة في العشر الأواخر من رمضان؛ لقول النبي: «تحرُّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان» (متفق عليه).
فيا نائمًا متى تستيقظ؟! ويا غافلاً متى تنتبه؟! ويا مجتهدًا اعلم أنك بحاجة إلى مزيد اجتهاد، ولا أظنك تجهل هذه الآية «وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ» [التوبة: 105]. فماذا سيرى الله منكم في هذه العشر أيها المؤمنون؟! من رحمة الله بالعباد وهو الغني عنهم أن جعل أفضل أيام رمضان آخره؛ إذ النفوس تنشط عند قرب النهاية، وتستدرك ما فاتها رغبةً في التعويض، والعشر الأواخر هي خاتمة مسك رمضان، وهي كواسطة العقد للشهر لما لها من المزايا والفضائل التي ليست لغيرها.
وبعدُ فيا أيها الصائمون: معاشر المسلمين الموحدين: رمضان فرصة لنقف مع أنفسنا وقفات جادة صادقة، رمضان فرصة للإقبال على الله، رمضان فرصة لنعترف بتقصيرنا بين يديه، فرصة لنعرض حوائجنا له سبحانه فهو أرحم بنا من الوالدة بولدها.
فمن منا لم يذنب ؟ ومن منا لم تقع عينه فيماحرم الله؟ ومن منا لم يعق والديه؟ ومن منا لم يقع في مستنقع الغيبة والنميمة والسخرية والاستهزاء؟ ليس العيب أن نخطئ ولكن العيب أن نستمر في الخطأ دون محاسبة ورجوع صادق إلى الله سبحانه وتعالى.
أيها المؤمنون:
هل هناك أرحم من الله؟! هل هناك أكرم من الله؟! لا وألف لا، إذاً فهيا نمشي سويا إلى الأمام فهيا بنا جميعا نقبل إليه سبحانه فمهما بلغت الذنوب فالله سبحانه يبدلها حسنات إذا صدقناه في التوبة وفي محاسبة أنفسنا.
{إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الفرقان: 70].
عن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: قال الله تعالى: «يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة». (رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح).
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} [الزمر:53- 56 ].
وإن لمن الحرمان العظيم، والخسارة الفادحة، أن نجد كثيرًا من المسلمين، تمر بهم هذه الليالي المباركة، وهم عنها في غفلة معرضون، فيمضون هذه الأوقات الثمينة فيما لا ينفعهم، فيسهرون الليل كله أو معظمه في لهو ولعب، وفيما لا فائدة فيه، أو فيه فائدة محدودة يمكن تحصيلها في وقت آخر، ليست له هذه الفضيلة والمزية.
الله الله في هذه الأيام ، واستغلالها على أجمل وجه، الله الله في قيام الليل والتضرع بالأسحار.
أيها الأحبة الكرام: إن قيام الليل هو دأب الصالحين، وشعار المتقين، وتاج الزاهدين، كم وردت فيه من آيات وأحاديث! وكم ذُكرت فيه من فضائل! فكيف إذا كان في رمضان، وفي العشر الأواخر منه حيث ليلة القدر!!
وعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن» (رواه الترمذي وصححه).
القانتون المخبتون لربهـــــــــــم *** الناطقون بأصدق الأقـــــــوال
يحيون ليلهم بطاعة ربهــــــــــم *** بتلاوة وتضرع وســـــــــــؤال
وعيونهم تجري بفيض دموعهم *** مثل انهمال الوابل الهطــــــال
في الليل رهبان وعند جهادهــم *** لعدوهم من أشجع الأبطــــال
بوجوههم أثر السجود لربهـــــم *** وبها أشعة نوره المتلالـــــــــي
ولقد أبان لك الكتاب صفاتهـــم *** في سورة الفتح المبين العالي
وبرابع السبع الطوال صفاتهـــم *** قوم يحبهــــــــــــم ذوو إدلال
وبراءة والحشر فيها وصفهـــم *** وبهل أتى وبسورة الأنفـــــــال
أسأل الله أن يجعلني وإياكم من أهل الفردوس الأعلى، وأسأله بمنه وكرمه أن يعينني وإياكم على ذكره وشكره وحسن وعبادته، وأن يوفقني وإياكم لما يحب ويرضى....
عبادالله: صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه....
منقول
ابوالوليد المسلم
21-04-2022, 12:31 AM
ما هي وجبات السحور التي من تناولها تدفع عنه العطش في النهار
السحور بركة، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم به فقال: «تسحروا فإن في السحور بركة» ومعنى ذلك أن من يتسحر سيخف شعوره بالجوع والعطش، وهذا ليس مرتبطاً لا بكمية ولا بنوعية الطعام،
وقد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على سحور التمر فقال: «نعم سحور المؤمن التمر»، وقال صلى الله عليه وسلم: «السحور كله بركة فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة ماء فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين»،
والسنة تأخير السحور ؛ لأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم. ومع ذلك فهناك نصائح هامة عامة للسحور، منها: أن تكون وجبة السحور وجبة خفيفة قليلة الدهون، وعدم النوم بعد تناول وجبة السحور مباشرة.
وأما لتجنب الإحساس بالعطش، فيجب تجنب الأغذية الشديدة الملوحة، وتجنب التوابل والبهارات وخاصةً عند السحور ؛ لأنها تزيد الإحساس بالعطش، ويُستحسن تجنب استعمال الأغذية المحفوظة، أو الوجبات السريعة التحضير، كما ويجب شرب كمية كافية من الماء، مع عدم المبالغة في ذلك.
وبشكل عام فإن تناول المأكولات الطازجة خاصةً الفواكه والخضراوات، وشرب العصير واللبن، وتناول السلطات، كل ذلك مجتمعاً يُساعد في سحور طيب وصيام مبارك بإذن الله تعالى .
إذن: السحور وتأخيره، وتناول التمر والماء، والسلطة واللبن، والمأكولات الطازجة من فواكه وخضروات، وتجنب الدهن والملح، والتوابل والبهارات والمحفوظات. والله الموفق.
منقول
ابوالوليد المسلم
21-04-2022, 12:34 AM
العشر الأواخر من رمضان والهدي النبوي فيها..
محمد سيد حسين عبد الواحد
أما بعد فيقول رب العالمين سبحانه { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}
«وفى الصحيحين من حديث عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أن عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى مِنَ اللَّيْلِ قَامَ حَتَّى تتفطر رِجْلاَهُ قَالَتْ عَائِشَةُ فقلت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَصْنَعُ هَذَا وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ؟! فَقَالَ صلى الله عليه وسلم « يَا عَائِشَةُ أَفَلاَ أحب أن أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا ».
أيها الإخوة المؤمنون أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع دخول العشر الأواخر من رمضان من كل عام كان قدوتنا وأسوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد فى العبادة اجتهاداً كبيراً وينشط فى الطاعة نشاطاً عظيما وعند مسلم « كان النبى يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها»
فكان صلى الله عليه وسلم يخص هذه الليالى بأكثر من عبادة وقد ورد فى مسند الإمام أحمد أن رسول الله فى العشرين ليلة الأولى من رمضان كان يخلط بين الصلاة وبين النوم والمعنى أنه كان يقوم من الليل ويرقد وأنه صلى الله عليه وسلم يبقى على هذا الحال حتى تدخل عليه العشر الأواخر من رمضان فإذا دخلت عليه رأيت من رسول الله إقبالاً شديداً على العبادة بكل جوارحه ومشاعره وأركانه
تصف عائشة رضى الله عنها ما يكون عليه حال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فى العشر الأواخر من رمضان فتقول كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل ثم اعتكف أزواجه من بعده
كان يعتكف كل عام عشرة أيام فلما كانت آخر أعوامه صلى الله عليه وسلم ولما كان آخر رمضان اعتكف رسول الله عشرين يوماً
ومعنى الاعتكاف أيها المؤمنون تفريغ القلب مما سوى الله وحبس النفس على طاعة الله فى بيت من بيوت الله معنى الاعتكاف الانقطاع فى بيت من بيوت الله لذكر الله وللصلاة ولتلاوة القرآن وللدعاء وللاستغفار وللصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
ثم تواصل أم المؤمنين حديثها عن حال رسول الله فى العشر الأواخر فتقول: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله"
أما شد المئزر أيها المؤمنون فقيل إنه كناية عن عزيمة أكيدة وكناية عن قوة الإقدام على طاعة الله فى هذه الليالى المباركة
وقيل إن شد المئزر معناه أن يتفرغ المسلم للعبادة ولا ينشغل عنها بشئ وفى القرآن قول ربنا سبحانه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}
وقد ورد فى هذا المعنى أن الرسول عليه الصلاة والسلام فى العشر الأواخر من رمضان كان يؤخر الفطور إلى وقت السحور فكان يواصل الصيام إلى وقت السحر وأحياناً كان النبى يواصل الصيام أياماً متتالية بلا فطور ولا سحور اشتغالاً بذكر الله تعالى فلما أراد الناس أن يواصلوا الصيام أياماً بلا طعام ولا شراب تأسياً برسول الله أشفق عليهم رسول الله ونهاهم عن وصال الصوم أياماً وأذن للمستطيع من المسلمين وأراد الوصال أن يواصل إلى السحور فقط وقال :
«لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر فقال رجل من القوم أنت تواصل الصوم أياماً يا رسول الله فلماذا تمنعنا فقال الرسول عليه الصلاة والسلام : وأيكم مثلي! إني أبيت فيطعمني ربي ويسقيني» ..
وقيل إن شد المئزر معناه هجر الفراش واعتزال النساء ويقول بهذا المعنى عدد كبير من العلماء ..
وليس معنى أن شد المئزر هو اعتزال النساء أن نحسب أن اقتراب الرجال من أزواجهم فى العشر الأواخر من رمضان حرام .. اقتراب الرجال من أزواجهم فى أى وقت حلال حلال إلا فى أوقات مخصوصة منها أن تكون المرأة حائضاً أو نفساء..
وفى سورة البقرة يقول الله تعالى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}
ومن الأوقات التى يحرم فيها اقتراب الرجال من أزواجهم أن تكون صائماً فالصيام كما تعلمون هو إمساك عن شهوتى البطن والفرج بنية مخصوصة من طلوع الفجر وإلى غروب الشمس
ومن الأوقات التى يحرم فيها اقتراب الرجال من أزواجهم أن تكون محرماً بحج أو بعمرة وفى الآية يقول الله تعالى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ }
ومن الأوقات التى يحرم فيها اقتراب الرجال من أزواجهم أن تكون أخى معتكفاً فى بيت من بيوت الله تعالى ففى هذه الحال لا يحل للمرء أن يقرب زوجه كما فى قول الله تعالى
{ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}
هذه هى الغاية من شد المئزر تفرغ وانقطاع وحبس للنفس على الطاعة رجاء أن يتقبلها الحكيم العليم سبحانه وتعالى بالقبول الحسن
وأما إحياء رسول الله صلى الله عليه وسلم لليالى العشر الأواخر من رمضان بقيام الليل فليس معناه أن رسول الله كان يصلى الليل فى رمضان فقط بل كان الرسول يقوم من الليل فيصلى كل ليلة فى رمضان وفى غير رمضان فريضة وخصوصية خصه الله تعالى بها من بين أمته وأمرُُ أمره الله به وحده فى قوله تعالى {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا }
فكان قيام الليل كل ليلة من هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ثبت فيما صح عنه أنه صَلَّى مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تورمت رِجْلاَهُ فقيل له هون على نفسك فَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ فيقول صلى الله عليه وسلم « أَفَلاَ أحب أن أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا »
لكن قيام رسول الله الليل فى العشر الأواخر من رمضان كان يتخذ شكلاًَََ آخر شكلاً مغايراً لقيام السنة كلها.
وهو قيام الليل كله بهمة وقوة ونشاط غير مسبوق فكان رسول الله يأكل لقيمات يقمن صلبه ثم يقوم فيصلى ثم يحتسى رسول الله حسيات من الماء يروى بها ظمأه ثم يقوم فيصلى ثم يسبح رسول الله بحمد الله ويرطب لسانه بذكر الله ثم يقوم فيصلى ولا ينام رسول الله من الليل فى العشر الأواخر من رمضان إلا قليلاً وفيه صلى الله عليه وسلم وفيمن سار على هديه من المؤمنين والمؤمنات أنزل الله قوله : { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
أما إيقاظ الأهل للعبادة والصلاة فى العشر الأواخر من رمضان فهو صورة من صور أداء الأمانة التى علقها الله فى رقابنا تجاه أزواجنا وأبنائنا وبناتنا وهو عمل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هذه الليالى..
فقد ورد أن رسول الله فى العشر الأواخر من رمضان كان يبعث الخدم إلى بيوتات أزواجه ويقول « أيقظوا صواحب الحجر حَتَّى يُصَلِّينَ ، رُبَّ كَاسِيَةٍ فِى الدُّنْيَا ، عَارِيَةٍ فِى الآخِرَةِ »
ولم يكن رسول الله يكتفى بهذا بل كان صلى الله عليه وسلم يقرأ قول الله تعالى {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى } ثم يبعث رسول الله بعض خدمه إلى بيت فاطمة ابنته من يطرق الباب عليها وعلى زوجها عليَّاً ويقول : يقول لكما رسول الله ألا تقومان فتصليان ؟!
بل ورد ما هو أكبر من ذلك أيها المؤمنون لم يكن رسول الله فى العشر الأواخر من رمضان يدع أحدا من أحفاده وحفيداته يطيق القيام والصلاة فى الليل إلا أقامه يصلى ويشهد الخير مع المسلمين
هذا أيها المؤمنون هو هدى النبى صلى الله عليه وسلم فى كل ليلة من ليالى العشر الأواخر من رمضان يشد مئزره ويحيى ليله ويوقظ أهله , فهل لنا أن نتأسى برسول الله ؟ هل لنا أن نسير على خطى رسول الله ؟ هل لنا أن نحرص على الصالحات ونأمل فى الرحمات ونرجو رفع المنازل والدرجات كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم
«قَالَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ « يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ قَبْلَ أَنْ تَمُوتُوا وَبَادِرُوا بِالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ قَبْلَ أَنْ تُشْغَلُوا وَصِلُوا الَّذِى بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ بِكَثْرَةِ ذِكْرِكُمْ لَهُ وَكَثْرَةِ الصَّدَقَةِ فِى السِّرِّ وَالْعَلاَنِيَةِ تُرْزَقُوا وَتُنْصَرُوا وَتُجْبَرُوا. »
الخطبة الثانية
أما بعد فيقول ربنا سبحانه { حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}
بقى لنا فى ختام الحديث أيها المؤمنون أن نقول هكذا تبينت لنا سنة رسول الله فى العشر الأواخر من رمضان قيام وركوع وسجود تسبيح وتكبير وتحميد للواحد المعبود تعب ونصب وسهر وإقبال معدوم النظير على العبادة بكل صورها وألوانها , والسؤال لماذا كل هذا ؟ لماذا كل هذا السهر والتعب والنصب ؟
أقول : كان رسول الله يجتهد كل هذا الاجتهاد طمعاً وأملاً فى الله تعالى أن يبلغه وآله وصحبه وكل من سار على هديه من المؤمنين والمؤمنات ليلة القدر { وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ } العبادة فيها بأى صورة كانت صلاة أو ذكراً أو تلاوة أو فكراً هى فى ثوابها فى ليلة القدر خير من نفس العبادة فى ألف شهر ليس فيها ليلة قدر من حرم الخير فى هذه الليلة فقد حرم كما قال النبى صلى الله عليه وسلم
ليلة القدر أيها المؤمنون ليلة من ليالى العشر الأواخر من رمضان التى اختص الله بها أمة محمد صلى الله عليه وسلم من بين سائر الناس وقد ورد فيها قول رسول الله تحرّوا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان ليلة وإحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين أو سبع وعشرين أو تسع وعشرين
ليلة القدر هى ليلة المغفرة نسأل الله تعالى أن يبلغنا إياها قَالَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» »
ليلة القدر هى ليلة العفو ليلة التجاوز ليلة العتق من النار نسأل الله أن يجيرنا من النار ومن عذاب النار ومن كل عمل يقربنا إلى النار قالت عائشة يا رسول الله أرأيت إن أدركت ليلة القدر ماذا أقول فيها؟ قال «قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني» .
ابوالوليد المسلم
21-04-2022, 09:12 AM
صوم رمضان بين الصورة والحقيقة
أحمد عبد العال
العبادات في الإسلام تقوم على صور أو ظواهر وحقائق، ولا يتم كمال العبادة وتمامها إلا بوجود الظاهر والحقائق.
أما الظواهر أو الصور فيقصد بها أركانها وشروطها؛ كوقت أدائها وكيفية الأداء وسننها ومستحباتها.
وأما حقائق العبادة فيقصد بها الأمور الخاصة بروح العبادة، والغاية منها، والتي ينال بها المسلم القبول عند الله، ويكون عليها الجزاء الأوفى في الدنيا والآخرة؛ كالإخلاص البعيد عن الرياء، والخشوع البعيد عن الغفلة، وغيرها من الآداب والفضائل.
والحاجة الى الصورة والحقيقة في العبادات أمر معلوم من الدين بالضرورة.
قال الله تعالى " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ".
والناس في صيامهم لهذا الشهر المبارك فريقان:
الفريق الأول : مؤمن بحقيقة الصيام، مستشعر عظمة هذه العبادة وخلوصها لله عز وجل، وهو صيام سلف الأمة وصالحيها.
فهو يستقبل شهر الصيام منشرح الصدر، طيبَ النفس، وكله شوق إليه، متلذذا بصيامه وقيامه يرجو بذلك القرب من رضوان الله ورحمته.
وفي هؤلاء يقول عنهم المصطفى صلوات الله عليه وسلامه :"من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"
والفريق الثاني: يصوم رمضان ولكنه يشعر بأنه ضيف ثقيل يحول بينه وبين ما يشتهي من المطاعم والمشارب وسائر الملذات (لكن لا مناص من الصوم بصورته )، فتجده عبوسا قمطريرا ضائق النفس،متوتر الأعصاب، غضبه بين عينيه،،مشتت القلب حيران.
فبعضهم يأخذ اجازة من عمله ليصبح ليله سهرا، ونهاره نوماً، وربما فاتته بعض الصلوات المفروضة.
وبعضهم من يتتبع البرامج الرمضانية الهابطة من مسلسلات، وبرامج مسلية، أو قضاء أوقاته بالتوافه من الاقوال والاعمال.
وفي أمثال هؤلاء يصدق عليهم قوله عليه الصلاة والسلام : "ربَّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش،ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر".
فلنحرص أيها الكرام ان يكون صيامنا إيمانا واحتسابا، مع زيادة ارتباطنا بكتاب الله؛ قراءة وحفظا وتدبرا.
وتقبل الله طاعتكم.
ابوالوليد المسلم
21-04-2022, 09:15 AM
فوائد الصوم
عبد الله مسعود
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ وبعد: هذه حلقات من الجامعة الرمضانية في شهر الصيام، نبدؤها:
تمهيد:
فوائد الصوم
في الصيام طهرٌ لقلوبنا و صفاءٌ لأرواحنا ونقاءٌ لضمائرنا وقرب من خالقنا وبارئنا فالصوم جامعةٌ روحيةٌ كبرى فيها يتخلَّص العبد من كل ما علق به من أمراض و علل و أسقام فيها يتخلَّق العبد بالأخلاق الكريمة و العواطف النبيلة شعاره الحلم و العفو والصفح و كتم الغيظ ،و الانفاق و البذل و العطاء وهو كمال الايمان وتمام الاسلام .
ـ الصوم طاعةُ لله تعالى يُثاب الإنسان عليها ثواباً لا حدود له.
ـ يستحق الصائم دخول الجنة من باب الريان.
ـ الصيام كفارةٌ للذنوب من عام لآخر.
ـ الصيام يحقِّقُ التَّقوى التي هيَ امتثال الأوامر الإلهية واجتناب النواهي، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183] .
ـ الصيام مدرسة خُلُقيّة كبرى، يتدرّب المؤمن فيها على جهاد النفس ومقاومة الأهواء والأهوال والشدائد.
ـ الصوم يُعَوِّدُ على خلق الصبر.
ـ الصوم يُعَلِّم الأمانة ومراقبة الله في السر والعلن.
ـ الصوم يُقوِّي الإرادة ويشحذ العزيمة، ويساعد على صفاء الذهن واتقاد الفكر، قال لقمان لابنه: يا بنيّ إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة، وخرست الحكمة، وقعدت الأعضاء عن العبادة.
ـ الصوم يُعَلِّم النظام والانضباط.
ـ الصوم يُشعر بوحدة المسلمين الحسية بامتناعهم جميعاً عن المفطرات.
ـ الصوم يُنمّي في الإنسان عاطفة الرحمة والأخوّة والتضامن والتعاون.
ـ الصوم يجدّد حياة الإنسان بتجدد الخلايا وطرح ما شاخ منها. وإراحة المعدة وجهاز الهضم، وحِمْية الجسد بالتخلُّص من الفضلات والعفونات. قال صلى الله عليه وآله وسلم: «صوموا تصحُّوا».(1)
ـ الصوم جهادٌ للنفس وكسرٌ لحدِّ الشهوات والأهواء.
- عن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه، فَقَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم ، فَقَالَ: «مَنِ اسْتَطَاعَ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ».
[(الباءة) هي في اللغة الجماع ،وقيل المراد بالباءة هنا مُؤن الزواج.
(أغضُّ للبصر) أدعى إلى غض البصر.
(أحصنُ للفرج) أدعى إلى إحصان الفرج أي حفظه من الزنا.
(وجاء) قاطع للشهوة]
الصَّوْمَ مِنْ أَعْظَمِ أَرْكَانِ الدِّينِ وَأَوْثَقِ قَوَانِينِ الشَّرْعِ الْمَتِينِ بِهِ قَهْرُ النَّفْسِ الْأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ وَأَنَّهُ مُرَكَّبٌ مِنْ أَعْمَالِ الْقَلْبِ، وَمِنْ الْمَنْعِ عَنْ الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ وَالْمَنَاكِحِ عَامَّةَ يَوْمِهِ وَهُوَ أَجْمَلُ الْخِصَالِ . غَيْرَ أَنَّهُ أَشَقُّ التَّكَالِيفِ عَلَى النُّفُوسِ فَاقْتَضَتْ الْحِكْمَةُ الْإِلَهِيَّةُ أَنْ يَبْدَأَ فِي التَّكَالِيفِ بِالْأَخَفِّ، وَهُوَ الصَّلَاةُ تَمْرِينًا لِلْمُكَلَّفِ وَرِيَاضَةً لَهُ ثُمَّ يُثَنِّي بِالْوَسَطِ وَهُوَ الزَّكَاةُ وَيُثَلِّثُ بِالْأَشَقِّ وَهُوَ الصَّوْمُ وَإِلَيْهِ وَقَعَتْ الْإِشَارَةُ فِي مَقَامِ الْمَدْحِ وَالتَّرْتِيبِ قال تعالى:{وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ} [الأحزاب: 35]
(1) - ابن السني وأبو نعيم في الطب عن أبي هريرة وهو حديث حسن
ابوالوليد المسلم
21-04-2022, 09:20 AM
في حرمة رمضان وفِي جميل وعده
زهير سالم
وصام رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة رمضانات، منذ أن فُرض صوم رمضان في السنة الثانية من الهجرة.
وينظر من متّعه الله وبلّغه، خلفه فيرى نفسه قد صام رمضانات كثيرة ستين أو سبعين، فيرجو الله مؤملا مشفقا، وينظر أمامه فيتساءل: هل نختم رمضان بخير؟! وهل يكون لي بعد رمضان رمضان؟! اللهم يا رب رمضان بارك لنا في رمضان.
وكثير ما تقعد ببعض الناس الراحلة، فمع علو الهمة، وتوفر العزيمة، واستبداد الشوق إلى عيش فرحة الصائم الأولى ساعة فطره؛ يتلو المسكين لنفسه وعلى نفسه { وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين}.
كثيرة هي الأعذار التي تبيح الفطر للصائم والصائمةً، منها أعذار موجبة، ومنها أعذار مرخصة. وسواء كان العذر هذا وذاك، وسواء كان العذر عارضا، بحيث يكون بمكنة المعذور ان يقضي الصيام بصيام، أو كان قد أغلقت على المعذور عبادة الصيام فلم يبق له إلا الفدية يدفعها طعام مسكين..
فإن من حُرم من ذواق الصوم الجميل، لم يحرم ولا يحرم من بركة الفضائل والنفحات التي تحملها نسائم رمضان..
والعذر مهما تكن مشروعيته، ليس سببا لاستباحة رمضان، وكسر حرمته، والمجاهرة بما يضطر إليه المعذور من أكل وشرب وقد يكون عذره سفرا قريبا..
الحق للمعذور بكل أصناف العذر بأن يأكل ويشرب في نهارات رمضان، من غير مجاهرة ولا استعلان، وإنما يحفظ للشهر المبارك الفضيل الجميل حرمته ومكانته وهيبته..
ونشأنا في بيئة كنّا إذا ضُبطنا ونحن نأكل في أيام رمضان، ونحن أطفال صغار توجه إلينا عبارة المداعبة: مفطر؟!! لا تأكل أمام رمضان لكي لا يقلع لك أسنانك!!
فالحفاظ على الحرمة مع الترخص الإجباري أو المقدر، هو شأن أهل رمضان من الذين يدخلون الجنة من باب " الريان "
ومن جهة أخرى فإن ما يعد به رمضان من الفضل والرحمة والمغفرة والتقوى، وفضل ليلته التي هي خير من ألف شهر لا يحرم من كل ذلك مترخص بالأكل والشرب في نهار رمضان..
فكل القربات المقترنة بشهر رمضان تظل مشروعة بحق من اضطر إلى رخصة فترخص. ويبقى مشروعا في حقه القيام والذكر وتلاوة القرآن والتقرب من الله بجملة القربات شأنه شأن الصائم فهو وإن أفطر بعذره ممن تشملهم فضائل رمضان ونفحات رمضان، ما تعرض لها وحرص عليها، بالدعاء للقريب المجيب..
جميع حصائد الألسنة من كذب وغيبة وبهتان ونميمة والسعي بالفتنة، والسخرية من الناس؛ محرمة وهي من كبائر الفواحش في كل الأوقات، وهي في رمضان أشد حرمة ونكارة...ومن وجد عذرا شرعيا للإفطار في رمضان فإن عذره لا يشمل بكل تأكيد أن يمارس مثل هذه المهلكات...!! واعتد الإمام أحمد "الغيبة" من المفطرات، مستحضرا حديث المرأتين اللتين قيل لهما: قيئا فقاءتا دما عبيطا. وقال عنهما رسول الله صلى الله وسلم عليه " صامتا عمَّا أحل الله وأفطرتا على ما حرم الله ".
رمضان مظلة لفضل الله تجمعنا، ورمضان كله خير وبركة وعطاء ومواهب ومنّة ومن فاتته فريضة الإمساك عن الطعام والشراب فلا تفوتنّه بركات القيام والتلاوة والذكر والاستغفار والحضور مع الله..
الصائم في نهاره وليله كالمصلي القائم بين يدي الله؛ إلا أنه يدخل ويخرج ويتصرف وما أخنع العبد يكون بين يدي مولاه فيلهو عنه أو يأتي بما يغضبه..
وأجمل الصوم صوم القلب عن السوى...
اللهم اقسم لنا من خير رمضان أجمل ما قسمت لعبادك المصطفَين الاخيار
ابوالوليد المسلم
21-04-2022, 09:38 AM
هدايا رمضان
فؤاد البنا
▪لقد وهب الله رمضان للمسلمين منحة سنوية ثمينة، حيث يمكن القول بأنه بستان زاخر بالكثير من الثمار التي تنتظر من يحسن اقتطافها، ومتجر حافل بالهدايا الثمينة التي يمكن أن تمنح أصحابها الثراء الإيماني لو أحسنوا توظيفها. ومن أهم العناوين التي تُبرز هدايا رمضان:
▪تدريب الصائمين على الصبر الذي يجعل صاحبه قويا لا يتزعزع أمام النوائب والمصائب، ولا يتضعضع أمام الخطوب والتحديات، ويمنحهم نفاذ العزيمة التي لا تعرف التردد أو الانكسار، والإرادة التي لا يتسلل إليها الكلل أو الملل.
▪تقوية الوازع الإيماني حتى يصبح دولة تسكن ضمير الفرد ولا تفارقه في أي ظرف، بحيث لا ينسى المؤمن رقابة الله أمام النزعات النفسية والنزغات الشيطانية، ولا يضعف أمام الإغراءات والإغواءات التي تغزوه من خارج الذات.
▪تحرير الصائمين من أغلال العوائد التي لا يستطيعون الانفكاك منها في الظروف العادية، إذ أن الصيام يغير نمط حياتهم رأساً على عقب، ولا ينتهي الشهر حتى يكونوا أحراراً في اختيار ما يريدون من أفكار وفي السير ضمن ما يريدون من اتجاهات.
▪ القضاء على القوالب الجامدة والتخلص من نفسيات الاعتياد وفقدان طعم الإيمان، وبَعْث أسباب التجديد في الأرواح، حيث تنغمر في مختلف العبادات وتنغمس في أنوار التقوى التي تخرج من مشكاة الصيام.
▪إعادة الاعتبار للعبادات التي فقدت روحها وحيويتها؛ بسبب طول الأمد والذي يحوّل الشعائر التعبدية إلى ممارسات جوفاء خالية من الروح، حينما يغفل أصحابها عن المنهج النبوي في إقامتها، حيث يساعد رمضان في إعادتها إلى فردوس العبادات بعد أن ذبلت وتحولت إلى مجرد عادات جوفاء لا تأثير لها على السلوك، وإلى طقوس ليس لها ظل من حقيقة في الواقع .
▪إيقاظ مشاعر الرحمة المنطمرة في النفوس التي بلّدتها المعاصي وفي القلوب التي حجّرتها الآفات النفسية، ويبعث رمضان روح الوحدة والمساواة والتكافل بين المسلمين، بعد انغمارها في وسط الكثير من المشاعر والممارسات العصبوية.
▪إبراز شمولية الإسلام في تكوين الفرد وتربية المجتمع، حيث أن الإسلام ينظر إلى الفرد كشخص ذي ثلاثة أبعاد: البعد الجسمي، البعد الروحي، البعد العقلي، ومن يتأمل في كافة العبادات المطلوبة في شهر رمضان يجد أنها تُشبع هذه الأبعاد الثلاثة.
▪التربية على المزاوجة الدقيقة بين العقل والقلب، فكل العبادات المتصلة برمضان تحمل في طياتها جانبين: الأول: جانب العقل وذلك من خلال تحلّيه بالحضور وتحليته بالوعي، والأخر جانب القلب الذي لا بد من حضوره بالخشوع والإخلاص في الصيام والتفكر والتذكر والتصدق وقراءة القرآن، وفي المحصلة ستورث هذه الأمور أصحابها طاقة التقوى التي تستحيل إلى دولة تضبط سلوك صاحبها حتى لا يسقط أمام امتحان المحرمات ولا يتوانى عن القيام بالواجبات.
ابوالوليد المسلم
21-04-2022, 05:48 PM
روح العبادة
صالح المبارك
أثناء لقائي بمجموعة من الأصدقاء ثار حوار حول طرق يتبعها بعض الإخوة المدمنين على الشاي والقهوة (الكافئين) أو التدخين (النيكوتين) أثناء الصيام في شهر رمضان ، وذكر لي أحدهم أن هناك حبوب كافئين بطيئة الامتصاص يأخذها بعض مدمني القهوة مع السحور بحيث تعطي الجسم دفعات بطيئة ومستمرة من الكافئين فلا يشعر صاحبها بالصداع نتيجة نقص الكافئين خلال فترة الصوم. ثم تحول الحوار إلى لصقة النيكوتين التي يستعملها مدمنو التدخين والتي أيضا تعطي دفعات بطيئة ومستمرة من النيكوتين للمدمن الذي تعود على استمرار وجود النيكوتين في جسمه.
في البداية كان النقاش فقهيا: هل يجوز أم لا يجوز... قلت لمتحدثي: ما أعرفه هو أن ما دخل في الجوف قبل الفجر لا يُفَطّر ولكن إدخال شيء إلى الجوف عن طريق الحقن واللاصقات والقطرة وغيرها أمر آخر فصّل فيه العلماء... أنا لستُ فقيهاً ولا مفتياً ولا أريد الدخول في هذا الأمر لأني أرى أمراً لا يقل أهمية عن السؤال (هل يفطّر أم لا يفطّر؟) وهو روح الصيام والصبر على الطاعة والحرمان الطوعي لفترة محددة في اليوم ولأيام معدودة في السنة عن أشياء هي في الأصل مباحة (مع التنبيه أن التدخين ليس مباحاً). روح العبادة ومقاصد الشريعة لا تقل أهمية عن أحكامها فالصلاة ليست مجرد حركات مثل التمارين الرياضية ، والصوم بنيّة طاعة الله وتعبّده ليس مثل الصوم لتنزيل الوزن أو تحسين الصحة مع أن العبادة غالبا ما يكون فيها عنصر النفع الجسدي الذي نتحصله من التمارين والصوم الصحي.
إذا تأملنا أركان الإسلام الخمس: الركن الأول (شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) هو المدخل للإسلام ولكل عبادة. لكن لنتأمل الأركان الأربعة الأخرى فكلها تحتاج قوة إرادة وجهاد النفس ومغالبة الهوى. فأداء الصلاة في وقتها يأخذ صاحبها من مشاغله أو متعه أو يوقظه من نومه ليمثل بين يدي ربه في أوقات معينة. كم يكون أحدنا في جلسة اجتماعية ممتعة أو يستمتع ببرنامج مسلٍّ على التلفزيون أو مستلقٍ أو نائم أو منهمكاً في عمله أو دراسته ثم يأتي وقت الصلاة فيأخذه مما هو فيه ليؤدي واجبه لربه ، هواه يقول له ابقَ مستمتعاً بما أنت عليه ولتكن الصلاة لاحقاً فربما تنطبق عليه الآية (فويلٌ للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون) لكن ضمير الواجب يقول له: بل قم وأدِّ الصلاة في وقتها... إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا.
كذلك الصوم فهو معركة نفسية مع المغريات والشهوات: هل أنتصر عليها؟ في هذه المعركة يترك المسلم طعامه وشرابه وشهواته لساعات معدودة في اليوم طاعةً لله ، لا لمنفعة مادية ولا جسدية ولا نفسية... مع أن تلك المنافع قد تأتي مع الصوم ولكنها ليست الدافع للصوم بل هي استجابة لأمر الله تعالى كما قال في الحديث القدسي (.... يَتْرُكُ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ وشَهْوَتَهُ مِن أجْلِي الصِّيَامُ لِي، وأَنَا أجْزِي به).
كذلك في الركنين الآخرين مغالبة النفس والشهوات ففي الزكاة يدفع المسلم جزءاً من ماله لغيره استجابة لأوامر الله رغم ماجُبِلَ عليه الإنسان من حب المال (وإنه لحب الخير لشديد) ، وفي الحج يترك المسلم كل دنياه: بيته وأهله وماله ومكان ووسائل راحته... كي يقضي أياما يسير فيها بلباس الإحرام الذي يتساوى فيه الكبير والصغير والغني والفقير لا لغاية أو منفعة دنيوية بل طاعة لله.
تستطيع بالطبع أن تؤدي العبادات بعيداً عن روحها وربما يُجْزِئُك ذلك (أي أدّيتَ الفرض) حسب أقوال الفقهاء فتؤدي الصلاة حركات جسدية فحسب وذهنك غارقٌ في أمور الدنيا وتنهي صلاتك وأنت لا تدرك بماذا قرأت... وتستطيع أن تصوم رمضان بعيداً عن روح الصيام فينطبق عليك الوصف في الحديث الشريف (رُبّ صائمٍ ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش) وتحج وأنت لم تتخلَّ عن رفاهيتك وأطباق طعامك المفضلة (وربما حتى سيجارتك) وتقضي وقتك خلال أيام الحج في أحاديث جانبية مع الأصدقاء أو على وسائل التواصل الاجتماعي.
كل عبادة لها أحكامها وروحها... وهناك درجات لروحها نسعى لأعلاها فهناك من يسمو إلى الأعالي وهناك يقنع بالحد الأدنى وهناك ما بين هذا وذاك. فما أجمل وأحلى من أن يؤدي المسلم عبادته محسناً لأحكامها مدركاً لروحها وساعياً إليها ، ومستمتعاً بأدائها وهو يشعر بأنه متصلٌ بربه شاعرٌ بمراقبته (فإن لم تكن تراه فإنه يراك).
من جهة أخرى فالإدمان مشكلة نفسية أولاً قبل أن تكون عضوية فحين يصوم المرء صوماً صحيحاً لا تحايل فيه يصير انضباطه وقوة إرادته أقوى ويصبح أكثر قدرة على التحكم بالنفس ومغالبة الشهوات ، يقود نفسه ولا يتركها تقوده ، فما أقبح من أن يستعبد الإنسان شيء تافه كفنجان قهوة أو سيجارة وهو المخلوق الذي كرّمه الله بنعمة العقل والتمييز.
فيا صديقي الذي تسأل عن حكم بلع حبوب الكافئين أو لصقة النيكوتين وأنت صائم: لا تضيّع روح صيامك بالالتفاف حول الأحكام حتى ولو كان ذلك بطرقٍ يجيزها لك الفقهاء. صم عن الشهوات وجالد نفسك كي تشعر بحلاوة الأداء وتتحصّل على فرحتي الصائم: حين يفطر وحين يلقى ربه.
ابوالوليد المسلم
21-04-2022, 05:57 PM
مشاهد رمضانية، وشواهد إيمانية
عبدالحكيم الأنيس
هذه مشاهد رمضانية، وشواهد إيمانية، فيها إشراقات إحسانية، ونفحات إلهية:
موعظة أبي الدرداء في رمضان:
جاء في «تاريخ دمشق لابن عساكر» (47/ 133) -والنقلُ بتصرُّف-:
«عن عبدالله الأسدي قال: بينا أبو الدرداء في رمضان إذ سلَّمَ في بعض القيام -وكان أمَّ الناسَ في القيام- فالتفتَ إلى الناس فقال: يا أهلَ دمشق ألا تستحيون ممّا تصنعون؟ والله إنكم لإخواني في الدين، وجيراني في الدار، وأعواني على العدو، أفلا تستحيون ممّا تصنعون؟
تجمعون ما لا تأكلون.
وتبنون ما لا تسكنون.
وتأملون ما لا تدركون.
كالذين مِنْ قبلكم: جمعوا كثيرًا، وبنوا شديدًا، وأمّلوا بعيدًا.
فأصبح جمعُهم بورًا، وأصبحتْ بيوتُهم قبورًا، وأصبح أملُهم غرورًا».
***
الفتح على الأئمة في التراويح:
جاء في ترجمة أبي جعفر يزيد بن القعقاع المدني القارئ أحد الأئمة العشرة في حروف القراءات (ت: 127)، في «سير أعلام النبلاء» (5/ 288):
«كان يصلي خلف القراء في رمضان، يُلقنهم، يُؤمر بذلك، وجعلوا بعده شيبة».
***
الخلوة في رمضان:
جاء في ترجمة الإمام القدوة عالم البصرة عبدالله بن عون (ت: 151)، في «الطبقات الكبير» لابن سعد (9/ 263):
«كان في شهر رمضان لا يزيد على المكتوبة في الجماعة، ثمّ يخلو في بيته، وكان إذا خلا في منزله إنّما هو صامتٌ لا يزيد على الحمد لله ربّنا».
***
لا شعر في رمضان:
جاء في ترجمة أبي عمرو بن العلاء (70-154)، في «وفيات الأعيان» (3/ 468):
«كان أبو عمرو إذا دخل شهرُ رمضان لم يُنشد بيت شعرٍ حتى ينقضي».
***
الصدقة في رمضان:
جاء في «تاريخ دمشق لابن عساكر» (23/ 138):
«قال شقيق بنُ إبراهيم البلخي: أخذتُ التعاونَ والتوكلَ من إبراهيم بن أدهم، كنا جلوسًا عنده وذلك في شهر رمضان فأُهدي إليه "سلة تينٍ" فتصدَّق بها على المساكين والجيران.
قال شقيق: فقلنا له: يا أبا إسحاق لو تدع لنا شيئًا؟ فقال ألستم صوامًا؟ قلنا: بلى، قال: ليس لكم حياءٌ، ليس لكم رعةٌ -يعني الخوف- أما تخافون اللهَ بالعقوبة بطول أملكم إلى العشاء وسوء ظنِّكم بالله؟ -وذلك عند غيبوبة الشمس- ثم قال: ثقوا بالله وأحسنوا الظنَّ بالله، ما وعد اللهُ لعباده قال (ما عندكم ينفد وما عند الله باق)؟".
***
لا اضطجاع في رمضان:
جاء في ترجمة العلامة ابن اللبان: عبدالله بن محمد التيمي الأصبهاني (ت: 446)، في «تاريخ مدينة السلام» (11/ 375):
«أحد أوعية العلم... كان من أحسن الناس تلاوة للقرآن.
أدرك ابنَ اللبان شهرُ رمضان من سنة سبع وعشرين وأربع مئة وهو ببغداد، وكان يسكن درب الآجر مِن نهر طابق، فصلى بالناس صلاةَ التراويح في جميع الشهر، وكان إذا فرغ من صلاتهِ بالناس في كل ليلة، لا يزال قائمًا في المسجد يصلي حتى يطلع الفجر، فإذا صلى الفجر درَّس أصحابَه، وسمعتُه يقول: لم أضعْ جنبي للنوم في هذا الشهر ليلًا ولا نهارًا، وكان وردُه كل ليلة فيما يصلي لنفسه سبعًا من القرآن، يقرأه بترتيلٍ وتمهلٍ، ولم أر أجودَ ولا أحسنَ قراءةً منه».
***
كتابة مصحف في رمضان:
جاء في ترجمة المفتي الأوحد العالم العامل الزاهد إسحاق بن أحمد المعري (ت: 650)، في «سير أعلام النبلاء» (23/ 248):
« تصدَّر للإفادة والفتوى مدة، وتفقَّه به جماعةٌ، وكان قدوة في الورع، عُرضتْ عليه مناصب، فامتنع، وقال: في البلد مَن يقوم مقامي.
وكان يُدمن الصوم، ويتصدق بثلث جامكيته [راتبه]، ويؤثر رحمَهُ، وكان في كل رمضان يكتب ختمة ويوقفها».
***
تفسير القرآن كله في شهر رمضان:
قال ابن حجر في ترجمة العلامة ابن النقاش (ت: 763)، في «الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة» (5/ 325-326):
«محمد بن علي بن عبدالواحد بن يحيى بن عبدالرحيم الدكالي ثم المصري أبو أمامة ابن النقاش. ولد في نصف شهر رجب سنة 720 وأخذ القراءات عن البرهان الرشيدي، والعربية عن المحب ابن الصائغ، وأبي حيّان، وحفظ "الحاوي" الصغير، وكان يقول: إنه أول مَن حفظه بالقاهرة، وتقدَّم في الفنون.
وصنَّفَ:
شرح "العُمدة" في ثماني مجلدات.
وتخريج أحاديث "الرافعي".
وشرحًا على "التسهيل".
وشرحًا على "الألفية".
وكتابًا في الفروق.
وكتابًا في التفسير مُطولًا جدًّا. ذَكرَ في أوله أنَّ الحامل له عليه أنه شرَعَ في إلقاء التفسير في الجامع الأزهر في شهر رمضان فأكمله، فبلغه أنَّ بعضَ الناس استقصرَ علمَه، فشرعَ في إملاء تفسيرٍ على الفاتحة، فأقام فيه مدةً طويلةً، ثم شرعَ في كتابة التفسير، والتزم أنْ لا ينقل فيه حرفًا عن كتابٍ مِن تفسير أحدٍ ممن تقدَّمه».
***
ابوالوليد المسلم
21-04-2022, 06:03 PM
رمضان شهر الدعاء
محمد عدنان كاتبي
للدعاء معن كثيرة منها:
• الرَّغْبَةُ إلى الله تعالى، وهو من قولنا: دَعا يدعو دُعاءً ودَعْوَى
• وهو ما يُدْعَى به الله من القول، والجمع: أدعية
• وهو صوت المنادي،
• وهو أن يطلب الإنسان من الله سبحانه ما ينفعه ويكشف عنه ما يضره
وحقيقة الدعاء إظهار الافتقار إلى الله، والتبرؤ من الحول والقوة، وهو سمة العبودية وأساسها وروحها، واستشعار الذلة البشرية وضعفها، وفيه معن الثناء على الله، وإضافة الإحسان والجود والكرم إليه سبحانه.
والدعاء شأنه عظيم ونفعه عميم، ومكانته عالية في الدين فما استجلبت النعم بمثله، وما استدفعت النقم بمثله، ذلك لأنه يضمن توحيد الله سبحانه، وإفراده بالعبادة دون سواه، وهذا رأس الأمر وأصل الدين.
وشهر رمضان فرصة سانحة ومناسبة كريمة مباركة يتقرب فيها العبد إلى ربه بسائر القربات وعلى رأسها الدعاء، وذلك أنّ مواطن الدعاء ومظان الإجابة تكثر في هذا الشهر المبارك، فلا غرو أن يكثر المسلمون فيه من الدعاء
ولعل هذا السر في توسط آيات الصيام بالحث على الدعاء وبيان قرب المولى من عباده، وسرعة استجابته لدعائهم حيث يقول سبحانه: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)
وكلما عظمت معرفة العبد بربه، وقويت صلته به، كان دعاؤه إياه أعظم وانكساره بين يديه أشدّ، وهذا ما نجده من حال الأنبياء والرسل عليهم صلوات الله وسلامه، والصالحين من عباد الله ولا يخفى ما في سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام من المواقف الكثيرة التي كان عليه الصلاة والسلام يكثر فيها الدعاء واللجوء إلى الله سبحانه،
ففي رجوعه من الطائف يعلن انكساره لربه ويشكو له ضعف قوته وقلة حيلته، معلناً عبوديته التامة له: (اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين، أنت ربّ المستضعفين وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني أم إلى قريب ملكته أمري إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي، ولكنّ عافيتك أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أم الدنيا والآخرة من أن ينزل بي غضبك أو يحلّ على سخطك، لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك).
وفي غزوة بدر يمضي رسول الله صلى الله عليه وسلم الليل وهو في العريش يدعو الله حتى سقط عنه رداؤه وأشفق عليه صاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وكذلك في غزوة الخندق، وفي سائر الغزوات والمواقف.
ولهذا عدّ النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء عبادة، بل من أفضل العبادات وأكرمه على الله، فعن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أفضل العبادة الدعاء)، وقرأ: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس شيئ على الله أكرم من الدعاء)
والله سبحانه وتعالى يحب أن يسمع دعاء عباده ووقوفهم على بابه مع غناه عنهم، وهو سبحانه يدلهم على الطريق، ويأمرهم أن يدعوه ليكرمهم ويحسن إليهم، ويجيب دعاءهم، لأنه سبحانه لا يخيب عبداً دعاه،ولا يردّ مؤمناً ناجاه، ففي الحديث القدسي: (يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون في الليل والنهار،وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فاستغفروني أغفر لكم يا عبادي لو أنّ أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد، فسألوني فأعطيت كلّ واحد منهم مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر).
ومن فضل الله على عباده أن حثهم على الدعاء ووعدهم بالإجابة، فقال: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)، وفي الحديث الشريف عن سلمان الفارسي رضي الله عنهعن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (إنّ الله حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه أن يردهما صفراً)، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (ما من مسلم يدعو بدعوة، ليس فيها إثم أو قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إمّا أن يعجل له دعوته، وإمّا أن يدخرها له في الآخرة، وإمّا أن يصرف من السوء مثلها، قالوا يا رسول الله إذاً نكثر، قال: الله أكثر).
وللدعاء شروط آداب إذا تحققت تكون سبباً لإجابته، منها:
1. التوبة والبعد عن المعاصي، والاكثار من الأعمال الصالحة، فمما لا شكّ فيه أنّ اقتراف الذنوب، وترك الواجبات، سبب مهم لحجب الإجابة عن العبد، جاء في بعض الآثار: (لا تستبطئ الإجابة وقد سددت طرقها بالمعاصي).
2. إطالة السفر فيما أحلّ الله، فالسفر من دواعي إجابة الدعاء، لأن المسافر أكثر انكساراً لله تعالى، بطول غربته وبعده عن أهله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ثلاث دعوات مستجابات لا شكّ في هنّ: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده).
3. مدّ اليدين إلى السماء بانكسار وتضرع فقد ورد عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: (إنّ الله حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً).
4. الإلحاح في الدعاء والتضرع إلى الله بذلة وانكسار، والاكثار من مناجاته بلفظ الربوبية، يا ربّ، يا ربّ، وهذا من أعظم ما يطلب به استجابة الدعاء، فقد ورد عن عطاء، أنه قال: (ما قال العبد: يا ربّ يا ربّ ثلاث مرات إلا نظر الله إليه فذكر ذلك للحسن، فقال: أما تقرؤون القرآن ثمّ تلى قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ، رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا ۚ رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ، رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ، فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ ۖ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ۖ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ ﴾.
5. تحري الحلال في المطعم والمشرب والملبس، وقد كان سيدنا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه مستجاب الدعوة، ولما سئل عن السبب قال: (ما رفعت إلى فمي لقمة، إلا وأنا أعلم من أين مجيئها، ومن أين خرجت)، وقال وهب بن منبه: من سره أن يستجيب الله دعوته، فليطب طعمته).
6. التماس الأحوال والأوقات التي يستجاب فيها الدعاء، ومنها:
1. عندما يكون المسلم في الصلاة، وفي السجود خاصة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه ن أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم / قال: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء)، وفي آخر الصلاة بعد الصلوات الإبراهيمية، وقبل السلام فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنت أصلي والنبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر معه، فلما جلست بدأت بالثناء على الله، ثمّ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثمّ دعوت لنفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(سل تعطه، سل تعطه).
2. عندما يكون المسلم محرماً بالحج أو بالعمرة فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (الغازي في سبيل الله والحاج والمعتمر وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم)، وأفضل ما يكون الدعاء يوم عرفة، فهو يوم إجابة ورحمة من الله، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (خير الدعاء يوم عرفة، وخير ما قلته أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كلّ شيئ قدير)، كما يستحب الدعاء، ويستجاب في كل منسك من مناسك الحج، والأحاديث في ذلك كثيرة.
3. عندما يكون المسلم صائماً، فعن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثلاث دعوت لا ترد: دعوة الوالد، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر).
ومن الأوقات التي يستجاب فيها الدعاء
1. وقت السحر، وحين يبقى ثلث الليل الأخير، قال الله تعالى: (كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ(17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ينزل ربنا تبارك وتعالى حين يبقى ثلث الليل الأخير يقول: من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له).
2. يوم الجمعة، فقد ثبت في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة، فقال: (فيه ساعة لا لا يوافقها عبد مسلم قائم يصلي يسال الله شيئاً إلا أعطاه إياه)، (وللعلماء أقوال متعددة في هذه الساعة، منهم من قال: إنها عند صعود الإمام وخطبته، ومنهم من قال: إنها بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، ورجح الحافظ ابن حجر كلا القولين).
3. بين الأذان والإقامة، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (الدعاء لا يردّ بين الأذان والإقامة فادعوا).
4.بعد الصلوات المكتوبة، فعن أبي امامة الباهلي رضي الله عنه، قال: قيل: يا رسول الله أيّ الدعاء أسمع؟... قال: (جوف الليل الأخير، ودبر الصلوات المكتوبة)، كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذ ابن جبل (فعن مُعَاذٍ، أَنَّ رَسُول اللَّه ﷺ، أَخَذَ بِيَدِهِ وَقالَ: يَا مُعَاذُ واللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ، ثُمَّ أُوصِيكَ يَا مُعاذُ لاَ تَدَعنَّ في دُبُرِ كُلِّ صلاةٍ تَقُولُ: اللَّهُم أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ، وحُسنِ عِبَادتِك).
5.في شهر رمضان، وفي العشر الأواخر منه وفي ليلة القدر خاصة فقد ثبت في الحديث عن عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنها، قالت: قلت: يا رسول الله أرأيت إن علمت ليلة القدر، ما أقول؟ قال: (قولي: اللهمّ إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني).
فشهر رمضان من الأزمنة التي خصها الله باستجابة الدعاء، إذ هو موسم للقرب من الرحمن، والخضوع له، والتذلل بين يديه بالدعاء، وذلك أنّ الله سبحانه وتعالى، قد فتح للمؤمن في هذا الشهر أبواب الخير فاغتنمها، وتخلى عن المعاصي والرذائل، وتحلى بالطاعات والفضائل، وأعلن العبودية الخالصة لله تعالى، واخلص العمل له، وذلك بما أعانه الله عليه من تصفيد الشياطين، وفتح أبواب الرحمة والاستجابة، ولهذا كانت دعوة الصائم لا ترد فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، (إنّ للصائم عند فطره لدعوة لا تردّ، فكان عبد الله يدعو عند فطره: اللهم أسألك برحمتك التي وسعت كلّ شيء، أن تغفر لي)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا ترد دعوتهم، الصائم حين يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم، يرفعها الله فوق الغمام، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول الربّ: وعزتي وجلالي لأنصرنّك ولو بعد حين).
فالدعاء ينمي في المسلم شعوره بالعبودية لله عزّ وجلّ، ورمضان موسم الدعاء، وشهر الإجابة، فليحسن المؤمن استغلاله بالتضرع والانكسار، وكثرة الدعاء لله، وقد هيئت له الأسباب، وفتحت له أبواب الإجابة.
ابوالوليد المسلم
22-04-2022, 10:39 AM
لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر
الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعـد:
فمن السُنَّة وهدي النبي - عليه الصلاة والسلام - هو تعجيل الفطور وتأخير السحور، وهذا ما دلت عليه الأحاديث الصحيحة وتواتر ذلك في الأمة الإسلامية؛ فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ الساعدي - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: {لا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ}؛ (متفق عليه).
قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم [7 /208]: (فيه الحث على تعجيله بعد تحقق غروب الشمس، ومعناه لا يزال أمر الأمة منتظمًا وهم بخير ما داموا محافظين على هذه السُنَّة، وإذا أخروه كان ذلك علامة على فساد يقعون فيه).
فعلق خيرية الأمة بتعجيل الفطر؛ لأنها علامة على أنهم ملتزمون بسُّنَّة النبي -صلى الله عليه وسلم- كما أنهم رحماء بأنفسهم وأهليهم، فلا يُرهقون أبدانهم بما لا فائدة منه.
ويتحقق ذلك التعجُّل بشيء من التمر أو الماء بمجرَّد دخول وقت المغرب وهو أول الليل، كما في حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ»؛ (متفق عليه).
وعن بن أبي أوفى - رضي الله عنه - قال: ((كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفر فلما غابت الشمس قال لرجل: «انزل فاجدح لنا» ، فقال: يا رسولَ الله، لو أمسيت، قال: «انزل فاجدح لنا، قال: إنَّ علينا نهارًا» فنزل فجَدَحَ له فشرب، ثم قال: «إذا رأيتم الليل قد أقبل من ها هنا (وأشار بيده نحو المشرق)، فقد أفطر الصائم»؛ (متفق عليه).
قوله: (فاجدَح) بالجيم ثم الحاء المهملة، والجدح تحريك السويق ونحوه بالماء.
والمعنى: وإن لم يفعل شيئًا مما أُبيح للمفطر، بل بمجرد غروب الشمس، فقد انقضى وقتُ الصوم ويحكم بفطره وإنْ استمرَّ بصومه؛ لأن النبي - عليه الصلاة والسلام - نهى عن الوصال؛ أي وصال النهار بالليل في الصيام، فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ((إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان ينهى عن الوصال ويأمر بتبكير الإفطار وتأخير السحور))؛ مسند أبي يعلى.
فينبغي على الصائم المبادرة إلى الإفطار على لُقيمات يسكن بها جوعَه، ثم يقوم إلى الصلاة، ثم إن شاء عاد إلى الطعام حتى يقضي حاجته منه.
وهذا كان فعل النبي - عليه الصلاة والسلام - فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: (( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى رُطَبَاتٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فَتُمَيْرَاتٌ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تُمَيْرَاتٌ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ))؛ (رواه الترمذي وأبو داود وأحمد، وصححه الألباني).
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي [3 /311 ]: (أي المغرب، وفيه إشارة إلى كمال المبالغة في استحباب تعجيل الفطر).
وأما قوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة من الآية 178].
فالليل هنا غير داخل في الصيام؛ لأنه ليس من جنسه، حسب القاعدة الأصولية: الغاية تخالف المُغيا فإن كانت من جنسه دخلت فيه، وإلا فلا؛ [البحر المحيط 4 /459 التخصيص بالغاية]، وقول أبي العباس المُبَرد: إن الحد إذا كان من جنس المحدود دخل في جملته، وإن كان من غير جنسه لم يدخُل.
فاذا كان ما بعد الغاية - أي ما بعد حرف إلى - من جنس ما قبله، فهو داخل فيه وله حُكمه، مثل قوله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة من الآية 6].
فالمرافق داخلة في حكم الغسل؛ لأنها من جنس اليد، وإلى هنا بمعنى مع، ومن ذلك قولنا: (كُلِ الرغيفَ إلى آخره)، فآخر الرغيف يدخل في الأكل المذكور؛ لأن آخر الرغيف من جنس الرغيف.
وأما إن كانت الغاية مخالفة للمغيَّا وليست من جنسها، فإنها لا تدخل فيه ولا تأخذ حكمَه، مثل قوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}، فهنا (إلى) لانتهاء الغاية فلا يدخل الليل؛ لأنه ليس من جنس ما قبله، ومن ذلك قولنا: (اغسلْ وجهك من الذقَّن إلى الرأس)، فالرأس لا يكون داخلًا في الحكم؛ لأنه ليس جزءًا من الوجه.
قال الإمام الرازي في المحصول [3 /66]: (الغاية إما أن تكون منفصلة عن ذي الغاية بمفصل معلوم كما في قوله تعالى: (ثم أتموا الصيام إلى الليل)، أو لا تكون كذلك كقوله تعالى: {فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق}، فإن المرفق غير منفصل عن اليد بمفصل محسوس، أما القسم الأول فيجب أن يكون حكم ما بعد الغاية بخلاف حكمِ ما قبله؛ لأن انفصال أحدهما عن الآخر معلوم بالحس).
وفي تعجيل الفطر حِكَمٌ كثيرة؛ منها:
1- ترك التشبُّه بأهل الكتاب، فإنهم يؤخِّرون الفطر؛ كما جاء ذلك في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يَزَالُ الدِّينُ ظَاهِرًا مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ، إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُونَ»؛ (رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، وصحَّحه ابن خزيمة، وابن حبان).
قال المباركفوري في مرعاة المفاتيح [6 /476]: (إن هذه الملة الحنيفية سمحاء سهلة ليس فيها حرج، فيسهل قيامهم بها والمداومة عليها، بخلاف أهل الكتاب فإنهم شدوا على أنفسهم، فشدَّد الله عليهم، فغُلبوا ولم يقدروا أن يقيموا الدين؛ "لأن اليهود والنصارى يؤخرون"؛ أي الفطر إلى اشتباك النجوم وتبِعهم.... في زماننا).
2- فيه إحياءُ سُنَّةٍ من سنن النبي -صلى الله عليه وسلم- والخيرُ كلُّ الخيرِ في اتباع سُنته، فعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إِنَّا مَعَاشِرَ الأَنْبِيَاءِ أُمِرْنَا أَنْ نُعَجِّلَ الإِفْطَارَ، وَأَنْ نُؤَخِّرَ السَّحُورَ، وَأَنْ نَضْرِبَ بِأَيْمَانِنَا عَلَى شمائِلِنا في الصَّلاة»؛ رواه الطبراني في المعجم الكبير والضياء المقدسي في المختارة.
3- أنه علامة على أن الأمة بخير بتمسكها بسنَّة نبيِّها - صلى الله عليه وسلم -وترك اتِّباع أهل الغواية والضلالة من اليهود ومن أشبههم، فعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تزالُ أُمتي على سنتي ما لم تنتظر بفطرِها النجوم»؛ صحيح ابن خزيمة وابن حبان والحاكم.
4- الفوز بمحبة الله تعالى؛ لأن المعجِّل بالفطور محبوب عند الله عز وجل، فقد روى الإمام أحمد والترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجلَّ: أَحَبُّ عِبَادِي إِلَيَّ أَعْجَلُهُمْ فِطْرًا».
ولعل سبب محبته تعالى إياه لطاعته سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأنه إذا أفطر قبل الصلاة يؤدِّيها عن حضور قلب وطُمأنينة نفسٍ، ومن كان بهذه الصفة، فهو أحبُّ إلى الله تعالى ممن لم يكنْ كذلك؛ [شرح مصابيح السنة للبغوي 2 /517].
5- أقوى للصائم على العبادة بعدم الزيادة في النهار، وإدخال الليل فيه، وأبعد عن الغلو والتشدد؛ (والحكمة في ذلك ألا يزاد في النهار من الليل، ولأنه أوفق بالصائم وأقوى له على العبادة)؛ [فتح الباري لابن حجر 4 /173].
الخلاصة:
استحباب تعجيل الإفطار وتأخير السحور، وأنها من سُنَّة النبي - عليه الصلاة والسلام - ومن هديه وهدي أصحابه الكرام والتابعين لهم بإحسان، فقد أخرج الإمام عبدالرزاق الصنعاني وغيره بإسناد صحيح - عن عمرو بن ميمون الأودي - قال (كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْرَعَ النَّاسِ إِفْطَارًا وَأَبْطَأَهُ سُحُورًا).
وأن تعجيل الفِطر بعد تحقُّق غروب الشمس ونزول القرص، وعدم انتظار النجوم من الليل، هو السُنَّة، وهو المراد من الآية المذكورة، فغروب الشمس ونزول قرصها علامة انقضاء النهار ودخول أول الليل، والليل في كلام العرب عُقيب النهار، ومَبْدَؤُه من غروب الشمس؛ كما في لسان العرب لابن منظور.
فلنحرص على تطبيق هذه السُّنة المباركة، حتى ننال ما يترتب عليها من فضائل ومِنَحٍ ربانية، وننال أجر إحياء سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام، والله تعالى أعلم.
__________________________________________________ _
الكاتب: د. ضياء الدين عبدالله الصالح
ابوالوليد المسلم
22-04-2022, 10:41 AM
النصائح العشر لليالي العشر
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فليالي العشر الأواخر من رمضان هي أفضله؛ لأن فيها ليلة القدر التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه»؛ (متفق عليه) .
ولأن العبادة فيها من خير العبادة في ألف شهر؛ ولكي تتحقق الاستفادة منها كانت هذه النصائح العشر لعلها تُعين بعد توفيق الله سبحانه على حُسن الاستفادة من ليالي العشر.
1- أخلِص لله تمامًا، واتِّبع سُنة النبي صلى الله عليه وسلم، فلن يُقبَل أيُّ عملٍ بدونهما، قال سبحانه: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27]؛ أي: المخلصين، وقال عز وجل: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21].
وقد كان صلى الله عليه وسلم يعتكف فيها طلبًا لفضيلة ليلة القدر، فاقتدوا به صلى الله عليه وسلم، وأحيوا سُنة الاعتكاف؛ قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: كان صلى الله عليه وسلم إذا دخلت العشر، شدَّ مِئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهلَه؛ (رواه البخاري) .
2- ادعُ الله كثيرًا بالتوفيق والإعانة، فأنت ضعيف بدونها؛ قال سبحانه: {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ} [هود: 88].
3- تذكُّرك للموت، وأنك قد لا تدركها مرة أخرى - يدفعك لزيادة الاجتهاد في العشر؛ قال سبحانه: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرحمن: 26].
4- لا تُعجبك نفسُك بأي عمل وفَّقك الله له، وتذكَّر قوله سبحانه: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} [المؤمنون: 60، 61].
وتذكَّر قوله صلى الله عليه وسلم فيها: «هم الذين يصومون ويُصلون ويتصدَّقون، وهم يخافون ألا يُقبل منهم»؛ (رواه الترمذي) .
5- لا تشغل نفسك ولا غيرك برُؤى ليلة القدر، واعلم أن من قام العشر كلها فقد قام ليلة القدر.
6- إيَّاك أن تنشغل في لياليها بالأسواق أو القنوات، أو أي شاغل عنها، فهذا تفريط وحرمان.
7- لا تحرِص على العبادة في ليلة سبع وعشرين ثم تُقصر في غيرها، فهذا عمل الكسالى.
8- تذكَّر أن الصحيح أن ليلة القدر متنقلة في ليالي العشر، وهي غير ثابتة في ليلة واحدة.
9- لا تُلزم نفسك بالعمرة في ليلة سبع وعشرين لثلاثة أسباب؛ هي:
أ- لأن ليلة القدر غير ثابتة فيها.
ب- لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عمرة في رمضان تعدل حجة»، وهذا يعم أيَّ يومٍ من الشهر.
ج- لأنه في هذه الليلة زحامًا شديدًا، لا يتحقق معه الخشوع، بل ينشغل المعتمر بمدافعة الناس عن نفسه وعمن معه.
10- اسأل ربَّك سبحانه القبولَ، واخشَ من المحبطات ومنقصات الأجر؛ مثل: الرياء والسمعة والإعجاب.
تأمَّل كثيرًا في عمل نبي الله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام، فقد قاما بعمل عظيم جدًّا تتضاءل أمامه جميعُ الأعمال، فما هو؟
هو بناء الكعبة، ومع ذلك قالا بعد انتهائهما من بنائها بكل إخلاص وتواضع وخشية: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127].
حفِظكم الله، وتقبَّل منَّا ومنكم، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.
منقول
ابوالوليد المسلم
22-04-2022, 10:41 PM
الصيام تدريب على مراقبة الله عز وجل
إن الصيام عبادة وثيقة الصلة بما يرمي إليه الإسلام من النواحي الاجتماعية البعيدة المدى، وعظم تدبير الحياة، يقول المولى تبارك وتعالى: {وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 184].
وإن وجدنا صلة الصيام بتلك الأهداف تأتي من ناحيةٍ لم يألفها الناس، فلا غرابة في هذا مادمنا لا نهدف إلا إلى تعاليم القرآن الكريم نقتدي بهديها، ونتخذها رائدًا لنا في هذا الصدد.
فمن حكمة الصيام قمعُ النفس وتهذيبها بالجوع والظمأ؛ كي تكون أبعد عن الخضوع لهواها، والانقياد لشهواتها، وفي ذلك يقول المصطفي - صلوات الله وسلامة عليه -: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ فَضَيِّقُوا مَجَارِيهِ بِالجُوعِ وَالعَطَشِ».
وفي الصيام ترفع وتسامٍ عن مشتهيات النفس، وتنزه عن الأهواء والنزوات، وهذا من شأن الملائكة المقربين، الذين لا شهوة عندهم ولا غريزة، فالصائم حينئذ شبيه بالملائكة.
والصيام خير معين للإنسان على تقوى المولى تبارك وتعالى، والخشية منه؛ لأن النفس البشرية حين تكف عن الأشياء المباحة؛ خوفًا من الله - جل شأنه -، ورجاء في رحمته، وطمعًا في ثوابه، فإن ذلك سيقودها حتمًا إلى تجنب الحرام، وفي ذلك يقول المولى - عز وجل -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة : 183].
الصيام والتربية الخلقية:
إننا إذا استطعنا أن نُخضع أنفسنا لسلطان الصيام، فلا نأكل ولا نشرب، أي لا نزاول ما هو طبيعي لنا في كل يوم من الأيام العادية؛ فإننا بذلك نكون أقدر على كبح جماح أنفسنا عمَّا هو ليس مباحًا عادة؛ لأن الصيام يعد أسمى درجات التحكم في النفس، فليس في الحياة ما هو أقوى من الحاجة إلى الطعام والشراب.
فإذا استطعنا أن نقهر هذه الرغبة الطبيعية، كان لنا في ذلك تدريب قوي على التحكم في رغباتنا أيًّا كانت، وبذلك يصبح الصيام عاملاً من أقوى عوامل التربية الخلقية للإنسان، لأن الحياة الكريمة الكاملة لا تتحقق إلا بعد أن يكون الفرد قد صهرته الشدائد، فاحتمل المشاق والمكاره، وثبت أمامها ثبوت الشجاع في المعركة.
ولذلك جاء في الأثر: «اخْشَوْشِنُوا فَإِنَّ النِّعْمَةَ لاَ تَدُومُ» وهذا في الأيام العادية، أما في شهر رمضان فنخشوشن في صورة أقوى وأشمل؛ لنهز أنفسنا هِزة توقظنا من سباتنا، وننفض بها عن أنفسنا آثار الترف والانغماس، وإرضاء الرغبات والشهوات، ولنتخذ من رغباتنا التي تعوَّدنا إرضاءها كلما تحركت منها نفوسنا مطيةً ذلولاً نسيطر عليها، بدلاً من أن نخضع نحن لها.
أنواع الصيام:
لقد تناول الباحثون العصريون أنواع الصيام، وقسموها إلى أقسام حسب أغراضها العامة والخاصة، من قديم العصور إلى العصر الحديث، وحصروها في خمسة أقسام:
القسم الأول: صيام التطهير:
وهو الذي يكف الصائم عن الإلمام بالخبائث والمحظورات، من شهوات النفوس أو الأجسام.
القسم الثاني: صيام العطف:
وهو صيام الحداد في أوقات الحزن أو المحنة؛ ليشعر الصائم بأنه يذكر أحبابه الذاهبين أو الغائبين، ولا يبيح لنفسه ما حُرِمُوه بفقدان الحياة، أو فقدان النعمة، أو الحرية.
القسم الثالث: صيام التكفير عن الخطايا والذنوب:
وهو صيام تطوع من الصائم؛ ليعاقب نفسه على الذنوب التي ندم على وقوعها منه، واعتزامه التوبة منها، والتماس العذر فيها.
القسم الرابع: صيام الاحتجاج والتنبيه:
وهو صيام المظلومين، وأصحاب القضايا العامة، التي لا تلقى من الناس نصيبها الواجب من الاهتمام أو الإنصاف.
القسم الخامس: صيام الرياضة النفسية أو البدنية:
وهو الذي يتمكن الصائم بواسطته من السيطرة بإرادته على وظائف جسده، تصحيحًا لعزيمته، أو طلبًا للنشاط، واعتدال القامة.
وعند المقابلة بين أنواع الصيام تتضح لنا مزايا الصيام في الإسلام بين جميع هذه الأنواع؛ لأنه وافٍ بالشروط العامة للصيام المفروض بحكم الدين، لرياضة الأخلاق، وهو على ذلك صالح لمقاصد التطهير، العطف، والتوبة، والتكفير، وملتقى أمهات الفضائل، ومن أقوى عوامل التربية الخلقية.
الصيام تدريب على مراقبة الله عز وجل:
إن في الصيام تدريب على مراقبة المولى تبارك وتعالى، في السر وفي العلانية، وهذا التدريب - للإنسان - يكون أكثر وضوحًا في الصيام منه في سائر العبادات، فهو يغرس في نفس الصائم الصبرَ على طاعة الله - جل شأنه -، ويتعلم قوة الإرادة، وضبط وحكم النفس، التي تسرف في شهواتها طوال العام، ففي كثير من الأحيان يكون الطعام والشراب في متناول الصائم، وبين يديه بعيدًا عن أنظار الناس، ومع ذلك يكف عن تناولهما.
وما يفعل الصائم ذلك إلا خشية من الله - عز وجل -، وعلمه بأنه يراه ويسمعه ومطلع على أفعاله، وعلى سره وجهره، فيزداد إيمانه وخوفه، فلا يخاف غير الله - جل شأنه -، فينال رحمته ورضاه، بفضل تأثير هذه العبادة في نفسه، وهذا ما يفسر قول المولى - تبارك وتعالى - في الحديث القدسي: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ؛ يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ أَجْلِي».
وقد ذكر الإمام الغزالي في حكمة نسبة الصيام لله - عز وجل - معنيين: أحدهما: أن الصوم كفٌّ وترك، وهو في نفسه سر ليس فيه عمل يُشاهد، وجميع الطاعات بمشهد من الخلق، ومرأى من أعينهم، والصوم لا يراه إلا الله - عز وجل - فإنه في الباطن بالصبر المجرد.
والآخر: أنه قهر لعدو الله - عز وجل -، فإن وسيلة الشيطان - لعنه الله - الشهوات. وإنما تقوى الشهوات بالأكل والشرب، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ فَضَيِّقُوا مَجَارِيهِ بِالجُوعِ». فإذا كان الصوم على الخصوص قمعًا للشيطان، وسدَّ مسالكه ، وتضييقًا لمجاريه؛ استحق التخصيص بالنسبة إلى الله عز وجل.
فمن هذه الجوانب وغيرها من مزايا الصيام كانت صلته بأهداف الإسلام العليا في تدبير الحياة، وإن المتأمل في هذه المزايا ليلمح فيها ناحيتين متضادتين:
الأولى: وتتخذ طابعًا ماديًّا، فنرى أن مشتهيات النفس التي يمتنع الصائم عنها، هي من أهم ما تفضل المولى - تبارك وتعالى - به علينا من الآلاء والنِّعَم، وما أجدر الإنسان أن يدرك قيمتها، ويقوم بحق شكرها للخالق المنعِم - جل وعلا -، لأن النعم لا تُدرك قيمتُها إلا بفقدها، فالأعمى هو الذي يحس بجلال نعمة البصر، والمريض هو الذي يدرك عظمة الصحة، والإنسان لا يشعر بلذة الرخاء والرفاهية إلا إذا ذاق مرارة الحرمان والشدة، ولا يتذوق حلاوة النصر إلا مَن صُدم بقسوة الهزيمة.
وهذه هي سنة الحياة وطبيعتها؛ فالأشياء لا تتميز إلا بأضدادها، والصائم لا يعرف قيمة الطعام والشراب إلا عندما يذوق مرارة الجوع، وحرارة العطش، فيدرك نِعَم الله - عز وجل - فيجيء شكره على هذه النِّعَم صادقًا خالصًا من القلب، ولعل ذلك هو الذي جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرفض أن تصير بطحاء "مكة" له ذهبًا ويقول: «لاَ يَا رَبِّ، وَلَكِنْ أَشْبَعُ يَوْمًا، وَأَجُوعُ يَوْمًا، فَإِذَا جُعْتُ تَضَرَّعْتُ إِلَيْكَ وَذَكَرْتُكَ، وَإِذَا شَبِعْتُ شَكَرْتُكَ وَحَمَدْتُكَ».
الثانية: وتتخذ جانبًا روحيًّا معنويًّا، ويتضح هذا الجانب في تشبيه الصائم بالملائكة، لأن الإنسان مكوَّن من روح وجسد، فإذا استجاب الإنسان لغرائزه، وانغمس في شهواته مهملاً الجانب الروحي، كان إلى الحيوان الأعجم أقرب، أما إذا ارتقت نفسه، وعلت روحه، وسما بتصرفاته إلى كل ما يحقق غذاء روحه، بتحكمه في عواطفه، وقهر غرائزه أمام سلطان عقله وروحه، كان إلى الملائكة أقرب.
ونجد - أيضًا - الجانب الروحي في تأدب الصائم بصفة الصمدية، بالإضافة إلى تربية النفس، وكسر شهواتها بالجوع والحرمان.
إن الصيام عبادة تلتقي في هدفها مع أهداف القرآن الكريم، في تربية العقول والأرواح وتنظيم الحياة، ويوحد بين المسلمين في أوقات الفراغ والعمل، وأوقات الطعام والشراب، ويصبغهم جميعًا بصبغة الإنابة والرجوع إلى المولى - تبارك وتعالى -، ويرطب ألسنتهم بالتسبيح والتقديس، ويعفها عن الإيذاء وعن التجريح، ويسد على الناس باب الشر، ويغلق عليهم منافذ التفكير فيه، ويملأ قلوبهم بمحبة الخير والبر لعبادة الله - عز وجل -، وينشئ في قلوبهم خلق الصبر الذي هو عدة الحياة، وهكذا يريد الله - جل شأنه - أن يكون الإنسان.
الصيام من عناصر تكفير الذنوب:
لقد جعل المولى - تبارك وتعالى - الصيام عنصرًا مهمًّا من عناصر تكفير الذنوب، وذلك لما له من أثر كبير في تهذيب النفوس، وردعها، وكبح جماحها، فهو كفارة في القتل الخطأ يقول الله عز وجل: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُوا فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 92].
وهو كفارة في الظِّهَار، يقول المولى - تبارك وتعالى -: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3 - 4].
وهو كفارة في خطايا الحج،يقول المولى - تبارك وتعالى -: {فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِن الهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي المَسْجِدِ الحَرَامِ} [البقرة : 196]. أو صيد المُحرِم وقت إحرامه، يقول الله - عز وجل -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ} [المائدة : 95].
وهو كفارة في اليمين، يقول المولى - تبارك وتعالى -: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة : 89].
ثمرة العمل وجزاء الجهد:
ولما كانت النفس البشرية من طبيعتها التلهف على معرفة ثمرة عملها، وجزاء جهدها وكفاحها؛ فقد أوضح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجزاءَ الذي أعده المولى - تبارك وتعالى - للصائمين، الذين جاهدوا أنفسهم، وحاربوا شهواتهم، وألجموا أطماعهم، وخاضوا أشرس معركة أمام أهوائهم ونزعاتهم، فقال - صلوات الله وسلامه عليه -: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ .. يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ، فَيَقُومُونَ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ .. فَيَقُومُونَ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ، فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ».
إن الصيام يربي النفس على مراقبة الله - عز وجل -، فالصائم حقًّا إنما يصوم مراقبًا لله - جل شأنه -، الذي لا يخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، يقول سبحانه وعز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَخْفَى عَلَيهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ} [آل عمران: 5].
والخير كله في مراقبة المولى - تبارك وتعالى -، ومن ذلك الخير العدلُ في الحكم، والإنصاف من النفس، وصون العرض والأمانة، وجميع شعب الإيمان التي يحرص كل الحرص مَن راقب ربه - عز وجل - على كسبها؛ فيغتنم ويسلم ويكون محسنًا، فقد قال المصطفى - صلوات الله وسلامه عليه -: «الإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ».
اللهم وفقنا في هذا الشهر الكريم إلى ما تحبه وترضاه، وطهر قلوبنا، وأرشدنا إلى الخير، واهدنا سواء السبيل، وحقق لنا الأمن والأمان، إنك نعم المولى ونعم النصير.
_______________________________________________
الكاتب: محمد رجاء
ابوالوليد المسلم
22-04-2022, 10:45 PM
إنهم يغتالون فرحتنا برمضان!!
رياض بن محمد المسيميري
تسابقت القنوات الفضائية والأرضية في بث كل رذيلة على وجه الأرض، وتفننت في إغواء المُشاهد، وإرغامه على البقاء ذليلاً أمام شاشاتها؛ بفضل الإخراج المذهل، والإغراء المدهش الذي يجعل أعقل الناس مجنونًا!! وأحلمهم حيرانًا!!
التصنيفات: النهي عن البدع والمنكرات - ملفات شهر رمضان والعشر الأواخر -
يفرح المؤمنون الصادقون بإقبال شهر الصيام والقيام ، ولا تسعهم الأرض حين حلوله وشروعهم في صيامه وقيامه!!
أليس هو شهر القرآن والتلاوة والذكر؟! أليس هو شهر البر والصلة والصدقة؟! أليس هو شهر الاعتكاف وليلة القدر؟! أليس هو شهر الجهاد والفتوحات؟!
أليس هو شهر الاعتمار والجوار لبيت الله الحرام؟! إلى غير ذلك من المناقب والفرائد، والمزايا والخصائص التي لا يسع المقام لذكرها... فلله الحمد والمنة.
بيد أن هذه الفرحة برمضان وبهائه وجلاله سرعان ما تُذبح بتلك المخازي والمهازل، التي دأبت القنوات العربية على بثها طيلة الشهر الكريم، ودون خوف أو وجل من الله تعالى الذي يقول: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [البقرة: 40].
ولقد تسابقت القنوات الفضائية والأرضية في بث كل رذيلة على وجه الأرض، وتفننت في إغواء المُشاهد، وإرغامه على البقاء ذليلاً أمام شاشاتها؛ بفضل الإخراج المذهل، والإغراء المدهش الذي يجعل أعقل الناس مجنونًا!! وأحلمهم حيرانًا!!
ولقد تنافس المنتجون والمخرجون والفنانون في (اغتنام!!) موسم رمضان، وتقديم كل أسباب الإفساد والتضليل، والصد عن سبيل الله!! ونتج عن هذا الإنتاج المهول، والواقع المرير أن ركع الكثيرون أمام مشاهد الغانيات الفاتنات، والفاجرات العاهرات!!
وباع الأكثرون دينهم وأمانتهم، حين رضوا بأن يهتكوا حرمة الشهر الجليل، ويغضبوا الملك الجبار، وهم يتابعون بشغف وأشر وبطر أفلامًا عارية، وتمثيليات فاضحة، وبرامج مشبوهة ،وكأنهم في منأى من الحساب والعقاب والبعث والنشور!!
وبعد إحياء الليل كله أمام عبث الشاشات يتحلق المشاهدون (الأوفياء!!) و (العُباد الأتقياء!!) أمام موائد السحور؛ استعدادًا لصيام يوم جديد، لا حظَّ لهم منه إلا الجوع والعطش بخبر المعصوم - صلى الله عليه وسلم - الذي يقول: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ للهِ حَاجَةٌ بِأَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ». وفي رواية: «قَوْلَ الزُّورِ وَالجَهْلَ». فأي زور وأي جهل فوق هذا يا مسلمون؟؟ لمصلحة مَن تنتهك حرمة رمضان، ويُستخف بالملك الديان؟ لمصلحة مَن تفتن الشاشاتُ الجماهيرَ المسلمة وتضللهم؟!
إن أمتنا اليوم تعيش واحدة من أحرج مراحل حياتها، والأخطار تحدق بها من كل اتجاه، والأعداء يتربصون من كل جهة، فهل من الحكمة في قليل أو كثير، أو قبيل أو دبير أن نظل في هذه الغفلة القاتلة، وقد رأينا حواضر العالم الإسلامي يتساقطن في أيدي الأعداء واحدة بعد الأخرى؟! أجيبوا بربكم أجيبوا!! ثم أنيبوا إليه.. أنيبوا إن كنتم مؤمنين!!
ابوالوليد المسلم
22-04-2022, 11:00 PM
حال السابقين مع رمضان
لرمضان في حياة البشرية من الذكريات ما ليس لغيره ، فهو ضيف يهل زائرا كل عام ، فيستعد لمجيئه أهل السماء قبل أهل الأرض ، يفتح الله فيه باب الجنة ، ويغلق فيه باب الجحيم ، وتُصفد فيه الشياطين ، ويُنادي مناد : يا باغي الخير هلم ، ويا باغي الشر أقصر. فكيف كان حال السابقين مع رمضان؟
وكان رسولنا صلى الله عليه وسلم يتهيأ له بما لم يتهيأ به لغيره من الشهور ، فيضاعف فيه من العبادات ، وفعل الطاعات ، والإقبال على ربه ؛ حتى قبل مبعثه ، إذ اعتاد كل عام أن يصحب زاده ويصعد به إلى غار حراء ، يترفع عن الدنيا ، ويسمو إلى السماء ..
فلما اصطفاه الله سبحانه وتعالى رسولا ، وكان الاصطفاء في رمضان صار يقدر لهذا الشهر قدره ، ويقوم لله في ليله حتى تتفطر قدماه ؛ شكرا لله على هذا الاصطفاء ، كما اعتاد جبريل عليه السلام أن يهبط إليه كل يوم بأمر ربه فيدارسه القرآن الكريم ، فيزيده ذلك صفاء على صفائه ، وكرما على كرمه ، فقد ورد في كتب الصحاح أنه صلى الله عليه وسلم كان أجود ما يكون في رمضان ، وفي رواية أخرى ” أجود من الريح المرسلة ” حين يلقاه جبريل ، ويقول عبد الله بن عباس رضي الله عنه : “كان صلى الله عليه وسلم إذا دخل شهر رمضان أطلق كل أسير ، وأعطى كل سائل ..”
وسار على سنته السلف الصالح ، فكانوا إذا أهل عليهم رمضان شمروا عن ساعد الجد ، واجتهدوا في العمل الصالح طمعاً في مرضاة الله ورجاء في تحصيل ثوابه ، وتدارسوا القرآن كما تدارسه رسول الله ، وسهروا على تلاوته ليلا كما كان يسهر رسول الله ..
وهذه رسالة أكتبها على عجل أبين فيها كيف كان حال السابقين في رمضان ، وكيف كانوا يقضون أيامه وساعاته ، وكيف كانوا يحسنون الاستفادة من نفحاته خير إفادة ، لعلنا نستطيع أن نقتدي بهم في هذا الأمر فنفوز كما فازوا ، وننعم بلذة الطاعة كما نعموا ، داعيا الله سبحانه وتعالى أن يحشرنا معهم في رفقة النبي صلى الله عليه وسلم ” إخوانا على سرر متقابلين ” وأن يجعل هلال رمضان علينا هلال خير وبركة ، وأن يجعله بداية لإزالة الغمة عن سائر المسلمين ، وأن يرفع عنا ببركة رمضان البلاء والغلاء ، إنه نعم المولى ونعم المجيب.
ولتبدأ بالسابقين مع تلاوة قراءة القرآن الكريم في رمضان : فالقرآن كلام الله سبحانه ، يستمد عظمته وجلاله من عظمة الله عز وجل ، كما أنه المنهج الذي وضعه جل شأنه للإنسان ليسير عليه كي يحقق الغاية التي أوجده من أجلها ، ولذلك فإن دراسته هي السبيل لمرضاة الله وجلب الراحة والطمأنينة والسعادة في الدنيا والآخرة ..
ليس فقط بل هو مأدبة الله التي يدعو إليها من أحب من عبادة ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ” إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ مَأْدُبَةُ اللَّهِ ، فَتَعَلَّمُوا مِنْ مَأْدُبَتِهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ ، إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ حَبْلُ اللَّهِ وَالنُّورُ الْمُبِينُ وَالشِّفَاءُ النَّافِعُ ، عِصْمَةٌ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ ، وَنَجَاةٌ لِمَنِ اتَّبَعَهُ ، لاَ يَزِيغُ فَيَسْتَعْتِبُ ، وَلاَ يَعْوَجُّ فَيُقَوَّمُ ، وَلاَ تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ ، وَلاَ يَخْلَقُ عَنْ كَثْرَةِ الرَّدِّ ، فَاتْلُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْجُرُكُمْ عَلَى تِلاَوَتِهِ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ ، أَمَا إِنِّي لاَ أَقُولُ الم وَلَكِنْ بِأَلِفٍ وَلاَمٍ وَمِيمٍ” .
ولذلك عندما نتحدث عن حال السابقين مع رمضان، نجد أن السلف الصالح كانوا يتسابقون إلى تلك المأدبة، ويتنافسون فيها ، وخاصة في شهر رمضان المبارك الذي خصه الله سبحانه وتعالى دون شهور السنة بإنزاله على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، فهذا الأسود بن يزيد رضي الله عنه يُروى عنه أنه كان يعكف على القرآن في رمضان حتى يختمه كل ليلتين ، وكذلك كان يفعل سعيد بن جبير ..
وكان قتادة يختم القرآن في سبع، وإذا جاء رمضان ختم في كل ثلاثٍ، فإذا جاء العشر ختم كل ليلة.
وهذا محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله كان يجلس بعد صلاة القيام ليختم القرآن كل ثلاث ليالٍ .
وهذا مالك بن أنس رحمه الله إمام دار الهجرة كان إذا دخل عليه رمضان يقبل على تلاوة القرآن من المصحف ، ويترك كل شيء حتى مدارسة الحديث ، ومجالسة أهل العلم ..
وهذا سفيان الثوري رحمه الله كان إذا دخل عليه رمضان أيضا ترك كل مشاغل الدنيا ، وأقبل على قراءة القرآن ..
وكان الزهري رحمه الله إذا دخل عليه رمضان يفر من قراءة الحديث ، ومجالسة أهل العلم ، ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف.
وكان المازني البصري علامة زمانه في الفقه والنحو رحمه الله تعالى إذا دخل شهر رمضان لا ينشد بيتا من الشعر حتى ينتهي ، وإنما كان شغله قراءة القرآن ..
هكذا كان حال السابقين مع رمضان، فقد ترك هؤلاء فضائل الأعمال التي هي دون القرآن الكريم في المثوبة والأجر ، فما بالنا نحن لا نريد أن نعزم على ترك المحرمات والمكروهات في تلك الأوقات التي ينادينا فيها منادي السماء : أن يا باغي الخير أقبل ؟!!
كما كان الرجل من السلف الصالح يحرص على أن يُشرك أهله وأصحابه في ذلك الفضل، فهذا زبيد اليامي كان إذا حضر رمضان أحضر المصحف ، وجمع إليه أصحابه ..
وبعضهم كان يخصص ختمة لأولاده يجمعهم عليها ؛ لينشئوا على تعظيم رمضان وحب القرآن ..
ومنهم من كان يستغل الفترة من بعد الإفطار إلى صلاة العشاء ، وهي الفترة التي يقضيها الناس الآن في تسالي التلفاز في تلاوة القرآن ، ويجعل لنفسه ختمة مخصصة بهذه الفترة ، مثل سعيد بن جبير ، وساعدهم على ذلك أنهم كانوا يؤخرون صلاة العشاء في شهر رمضان تأخيرا شديدا ، كما قال ابن عساكر في تاريخ دمشق ، فهل من مشمر للحاق بهم ؟؟ ..
وفي خضم الحديث عن حال السابقين مع رمضان ، نرى أنه من العجب أن الملوك من السابقين كانوا يسابقون سائر العباد في ذلك المضمار ، ولا عجب فكان علو الهمة عند أحدهم يجعله يطمع في أن يكون صاحب المنزلة العالية في الآخرة كما كان صاحب الملك في الدنيا ، فهذا الوليد بن عبد الملك الخليفة الأموي يُذكر عنه أنه كان يختم القرآن في كل ثلاثٍ.. وكان المأمون الخليفة العباسي يكثر من قراءة القرآن في شهر رمضان حتى يكون في صوته بُحة ..
وهذا الحجاج رغم مشاغله في الثورات والفتوحات كان يعين له قارئا في رمضان يقرأ عليه القرآن الكريم ..
السابقون والتهجد لله سبحانه وتعالى في رمضان : التهجد أو قيام الليل دأب الصالحين ، حيث وصفهم الله سبحانه وتعالى بقوله : ” والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً ” وقال النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصف عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما : “إنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ “..
وهو سمة الذاكرين لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ” إِذَا أَيْقَظَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ مِنْ اللَّيْلِ فَصَلَّيَا أَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ جَمِيعًا كُتِبَا فِي الذَّاكِرِينَ وَالذَّاكِرَاتِ ..
وهو العلامة التي يعرف بها المتقون ، كما قال الله سبحانه وتعالى وهو يثني عليهم : ” إنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ “.
ولذلك كان السابقون حريصين على أداء تلك العبادة ( عبادة قيام الليل ) فهذا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان إذا هدأت العيون قام فيُسَمعُ له دوي كدوي النحل حتى يصبح ، وكان طاووس رحمه الله إذا اضطجع على فراشه يتقلب عليه كما تتقلب الحبة على المقلاة ثم يثب ويصلي إلى الصباح ، ثم يقول: طيّر ذكر جهنم نوم العابدين ، وكان الحسن رحمه الله يقول : ما نعلم عملاً أشد من مكابدة الليل ونفقة هذا المال ، فقيل له: ما بال المتهجدين من أحسن الناس وجوهاً؟ قال: لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم نوراً من نوره ، وكان عبد العزيز بن رواد إذا جن عليه الليل يأتي فراشه فيمد يده عليه ويقول: إنك للين ووالله إن في الجنة لألين منك ، ولا يزال يصلي الليل كله ، وكان الفضيل بن عياض يقول : إني لأستقبل الليل من أوله فيهولني طوله فأفتتح القرآن فأصبح وما قضيت نهمتي .
هذا كان حالهم في سائر الأيام فإذا ما جاءهم رمضان أكثروا من القيام ، وبالغوا في التهجد من الليل حتى كان بعضهم يقضي جُلّ الليل في التبتل إلى الله أسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد روى مالك في الموطأ عن عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنهما أنه قال : سمعت أبي يقول:” كنا ننصرف في رمضان من القيام فيستعجل أحدنا الخدم بالطعام مخافة الفجر “.
وهذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان إذا فرغ الناس من الصلاة بالمسجد أخذ إداوةً ( إناء يصنع من الجلد ) من ماءٍ ثم عاد إليه ، فلا يخرج منه حتى يصلي فيه الصبح .
وصار من السابقين من يختم القرآن في تهجده كل عشرة أيام ، ومنهم من يختمه في تهجده كل سبع ليال.
وحتى من تقدم بهم السن قد حرصوا على أخذ قسطهم من هذا الزاد ، حكا الوليد بن علي عن أبيه أن سويد بن غفلة كان يؤمنا في شهر رمضان في القيام ، وقد أتى عليه عشرون ومائة سنة ..
وبعضهم كان يتقاسم ليله مع أهله وأولاده ، قال أبو عثمان النهدي: تضيّفت أبا هريرة رضي الله عنه سبعاً ( أي نزلت عليه ضيفا ) فكان هو وامرأته وخادمه يقسمون الليل ثلاثاً ، يصلي هذا ثم يوقظ هذا ..
ولم ينتشر ذلك بين الصفوة فقط ، وإنما كان أمرا مألوفا لدى عامة الناس ، يقول نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما : سمعت ابن أبي ملكية يقول: كنت أقوم بالناس في شهر رمضان فأقرأ في الركعة الحمد لله فاطر ونحوها، وما يبلغني أنّ أحداً يستثقل ذلك .
وقال يزيد بن خصفة عن السائب بن يزيد : كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في شهر رمضان بعشرين ركعة ، وكانوا يقرءون بالمائتين ، وكانوا يتوكئون على عصيهم في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه من شدة القيام ..
وهذا المثنى بن سعيد يقول: أدركت هذا المسجد ( مسجد بني ضبيعة ) وإمامهم يصلي بهم في رمضان ، يختم بهم في كل ثلاث رجل يقال له عمران بن عصام، وصلى فيهم قتادة بعده ، فكان يختم في كل سبع ..
فهل نعجز عن أن نكون مثل هؤلاء ؟! كلا ! وإنما نحتاج فقط إلى قليل من العزم مع التفكر فيما ينتظر من يفعل مثل ذلك من النعيم الدائم في جنات عرضها كعرض السموات والأرض ..
ولا يفوتنا أن نذكر أن هؤلاء السابقين كانوا يحرصون على التدبر في فيما يقرءون ويسمعون ، ولم يكن همُّ أحدهم فقط كم قرأ في كل ركعة ، فهذا سعيد بن جبير كان يصلي بالناس في رمضان ، ويرجّع القراءة ، فربما أعاد الآية مرتين ..
وكذلك حرصوا على القراءة في الصلاة من ذاكرتهم دون مصحف ، وكانوا يكرهون القراءة للصلاة في المصحف ، وإن وردت عن البعض فيها إباحة ، فقد جاء في تاريخ بغداد عن سويد بن حنظلة البكري أنه مر بقوم يؤمهم رجل في المصحف في رمضان فكره ذلك ، ونحّى المصحف .
وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه أنه كان يكره أن يؤم الرجل الناس بالليل في شهر رمضان في المصحف ، وقال : هو من فعل أهل الكتاب ؛ ولأن ذلك ربما شغل القارئ عند التدبر فيما يقرأ ، ويكون كل تركيزه في متابعة القراءة ..
وللأسف هذا العادة انتشرت هذه الأيام مع كثرة الحفاظ ، فإذا كان عذر السابقين أنهم لم يجدوا الحفاظ من الكثير ، فما عذرنا نحن وحفاظنا يعدون بالآلاف المؤلفة؟! ..
ونذكر أيضا أن المقرئين الذين كانوا يؤمون الناس في الصلاة كانوا يحرصون على أن يجعلوا صلاتهم بالناس دون مقابل إلا من كان إماما راتبا من قبل الدولة ؛ طمعا في ثواب الله في الآخرة ، فقد أخرج ابن أبي شيبة من طريق معاوية بن قرة أنه قال : كنت نازلا على عمرو بن النعمان بن مقرن ، فلما حضر رمضان أتاه رجل بكيس دراهم فقال : إن الأمير مصعب بن الزبير يقرئك السلام ، ويقول : لم يدع قارئا إلا وقد وصل إليه منا معروف ، فاستعن بهذا ، فقال : قل له والله ما قرأنا القرآن نريد به الدنيا ، ورده عليه..
كما كانوا يلومون من يأخذ أجرة على صلاته بالناس ، فقد ورد أن رجلا أعمى كان يجالس سفيان الثوري فإذا كان شهر رمضان خرج إلى السواد ( القرى الزراعية ) فيصلي بالناس فيُكسى ويوهب له ، فقال سفيان : إذا كان يوم القيامة أثيب أهل القرآن من قراءتهم ، ويقال لمثل هذا : قد تعجلت ثوابك ، فقال له الرجل : يا أبا عبد الله تقول هذا لي وأنا جليس لك ؟ قال : إني أتخوف أن يقال لي يوم القيامة : إنه كان جليس لك أفلا نصحته.
وأنا أنصح كل قارئ بما نصح به سفيان الثوري صاحبه ، وأقول لهم : لا تستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير.
ولم يرض القراء بجعل قراءتهم ابتغاء ثواب الآخرة فقط ، بل حرصوا بصفتهم أهل القرآن على أن يتفوقوا على غيرهم في الاجتهاد في رمضان ، فهذا رجل يسمى ابن اللبان كان يصلي بالناس صلاة التراويح في جميع الشهر ، وكان إذا فرغ من صلاته بالناس في كل ليلة لا يزال قائما في المسجد يصلى حتى يطلع الفجر ، فإذا صلى الفجر دارس أصحابه ، وقد وصفه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد بقوله : وكان ورده كل ليلة فيما يصلي لنفسه سبعا من القرآن ، يقرأه بترتيل وتمهل ، ولم أر أجود ولا أحسن قراءة منه ..
وهذا البخاري كان يجتمع إليه أصحابه فيصلي بهم ، فإذا جاءه السحر أقبل يقرأ ما بين النصف إلى الثلث من القرآن ..
وما بعث الله نبيا إلى قوم إلا كانوا أكثرهم اجتهادا في فعل الصالحات ، وهكذا ينبغي أن يكون الأئمة الدعاة من بعدهم .
وأخيرا أقول : إنه كان من سنة السابقين في رمضان أن يأتوا بالأشربة في المساجد أوقات القيام والتهجد ، فيشرب منها الفقراء وغير الفقراء ، كما كانوا يقومون بتطييب المساجد في رمضان والجمع كي لا تتغير رائحتها بسبب طول المكث فيها فيملها الناس ، وقد ورد في تاريخ دمشق أن مولى لعمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يأخذ المجمر قدّامه إذا خرج إلى الصلاة في شهر رمضان ، فما أجملها من خلال !! وما أحسنها من فضائل..
رمضان وولاة الأمر من السابقين : إن الحاكم في الإسلام كما هو مطالب بأن ييسر لرعيته سبل المعاش والحياة الهانئة في الدنيا مطالب أيضا بأن يرشدهم إلى ما يثقل موازينهم في جنة الخلد يوم القيامة، وكما هو مطالب بأن ينجيهم من كوارث الدنيا وأوبائها وأمراضها مطالب أيضا بأن يساعدهم على أن ينجو من عذاب الله وغضبه في الآخرة ، تطبيقا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم ” الْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ” .
ولذلك كان ولاة الأمر من السابقين الصالح يقومون بدور مشكور في تشجيع الناس على ذلك ، ويحضونهم على قيام الليل في رمضان حضا ، ويجمعونهم في المساجد، ويرتبون لهم القراء ليصلوا بهم ، ومثال على ذلك ما جاء عن السائب بن يزيد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر أُبَي بن كعب وتميما الداري رضي الله عنهما أن يقوما للناس في رمضان ..
وفي رواية أخرى أنه جعل بالمدينة ثلاثة قراء يقرءون في رمضان، فأمر أسرعهم أن يقرأ بثلاثين آية ، وأمر أوسطهم أن يقرأ بخمس وعشرين ، وأمر أدناهم أن يقرأ بعشرين .. وكتب بذلك إلى سائر البلدان المسلمة ليتأسوا به ..
وجاء في تاريخ دمشق لابن عساكر أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يأمر الناس بقيام رمضان ، ويأمّر للرجال إماما ، وللنساء إماما ..
كما كان ولاة الأمر من السلف يوسعون على الناس في أرزاقهم إذا هل رمضان ، فقد ذكر الشعبي أن عمر رضي الله عنه زاد الناس مائة مائة ، يعني في عطاء كل واحد من جند المسلمين ، وكان قد جعل لكل نفس من المسلمين في كل ليلة من رمضان درهما من بيت المال يفطر عليه ، ولأمهات المؤمنين درهمين درهمين ، فلما ولي عثمان رضي الله عنه أقر ذلك وزاده ، واتخذ سماطا في المسجد أيضا للمتعبدين والمعتكفين وأبناء السبيل والفقراء والمساكين ..
هذا فضلا عن سعيهم للقضاء على كل ما ينقص من قدر رمضان ، أو يفسد على الناس جوهم الإيماني ، فقد ورد أن شاعرا يسمى النجاشي مر بآخر يسمى أبا سماك الأسدي في رمضان فدعاه إلى الشرب فأجابه ، فبلغ ذلك عليا رضي الله عنه فأخذ النجاشي وهرب أبو سماك ، فجلده علي رضي الله عنه ثم زاده عشرين على حد السكر ، فقال له : ما هذه العلاوة ، فقال : لجرأتك على الله في شهر رمضان وصبياننا صيام ..
وجيء إلى عمر رضي الله عنه برجل قد أفطر في رمضان فجعل يضربه ويقول : تفعل هذا وصبياننا صيام ، ثم نفاه إلى الشام ..
فلماذا لا يقوم ولاة أمر المسلمين الآن بتأديب كل من يتعدى على حرمة الشهر المبارك ، ويفسد على الناس طاعتهم ، ويوصون القائمين على الإعلام باتقاء الله فيما يعرض في الفضائيات من مفاسد في هذا الشهر المبارك قبل أن يأتي يوم القيامة فيحاسبون على أوزار الناس مع أوزارهم ، وليحرصوا على أن ينجوا بأنفسهم يوم لا ينفع لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، هذا اليوم الذي لو كان مع النفس البشرية ما في الأرض جميعا ومثله معه ما استطاعت أن تفتدي به من عذاب الله ..
السابقون والإنفاق في سبيل الله في رمضان : الصدقة تطفئ غضب الرب ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم ” ما من عبد مسلم يتصدق بصدقة من كسب طيب ـ ولا يقبل الله إلا طيبا ـ إلا كان الله آخذها بيمينه فيربيها كما يربي أحدكم فصيله حتى تبلغ التمرة مثل أحد ” ( وقال صلى الله عليه وسلم ” كل امرئ في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس ” وقال صلى الله عليه وسلم ” الصدقة تسد سبعين باباً من الشر ” ..
عرف السابقين كل هذا الفضل للتصدق والإنفاق في سبيل الله فأقبلوا عليه بنفس راضية ، بل وتسابقوا فيه وتنافسوا ، وكان أحدهم يرى نفسه أحوج إلى ثواب الصدقة من حاجة الفقير المسكين إليها ، قال الشعبي: ” من لم ير نفسه إلى ثواب الصدقة أحوج من الفقير إلى صدقته فقد أبطل صدقته وضرب بها وجهه “.
وكان ذلكم التسابق وهذا التنافس بينهم يزداد بحلول شهر رمضان اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان أكرم من الرياح المرسلة ، يقول يونس بن يزيد وهو يصف حال ابن شهاب الزهري المحدث الشهير : ” كان ابن شهاب إذا دخل رمضان فإنما هو تلاوة القرآن ، وإطعام الطعام ..
وهذا حماد بن أبي سليمان يُروى أنه كان يضيف في شهر رمضان خمسين رجلا كل ليلة ، فإذا كانت ليلة العيد كساهم ، وأعطى كل رجل منهم مائة درهم..
وكان إطعام الفقراء والجود عليهم سمة مألوفة عند الموسرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهذا واثلة بن الأسقع رضي الله عنه يقول : حضر رمضان ونحن في أهل الصفة فصمنا ، فكنا إذا أفطرنا أتى كل رجل منا رجلا من أهل السعة فأخذه فانطلق به فعشاه..
بل إن بعضهم كان يجود بإفطاره الذي يعده لنفسه ، فهذا أحمد بن حنبل يأتي إليه سائل فيدفع إليه رغيفين كان يعدهما لفطره ، ثم يُطوي ويصبح صائماً، كما ورد أيضا أن داوود الطائي ومالك بن دينار كانا يؤثران بفطورهما وهم صائمان..
وكان ابن عمر رضي لله عنهما يصوم ولا يفطر إلاَّ مع المساكين، فإذا منعهم أهله عنه لم يتعشَّ تلك الليلة، وكان إذا جاءه سائل وهو على طعامه أخذ نصيبه من الطعام وقام فأعطاه السائل ..
وكان الشافعي يقول: أحب للرجل الزيادة بالجود في شهر رمضان اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم، ولتشاغل كثيرٍ منهم بالصَّوم والصلاة عن مكاسبهم ..
وهذا السلطان ألب أرسلان يتفقد الفقراء في كل رمضان بخمسة عشر ألف دينار ( الدينار كان متوسط وزنه 4 جرامات ذهب ) أما صلاح الدين الأيوبي فذُكر أنه أقام بالقدس قبل حطين جميع شهر رمضان في صيام وصلاة وقرآن ، وكلما وفد عليه أحد من رؤساء الفرنج للزيارة فعل معه غاية الإكرام تأليفا لقلوبهم كما ذكر ابن كثير في البداية والنهاية ..
يتبع
ابوالوليد المسلم
22-04-2022, 11:00 PM
وهذا أحد الخلفاء العباسيين يرتب عشرين دارا للضيافة يفطر فيها الصائمون من الفقراء ، يُطبَخ لهم في كل يوم فيها طعام كثير ، ويحمل إليها أيضا من الخبز النقي والحلواء شيء كثير ، وذاك آخر ـ أحسبه المستنصر ـ كان يقف على أمواله ويقول : أترى أعيش حتى أنفقها كلها ، فكان يبني الربط والخانات والقناطر في الطرقات من سائر الجهات ، وقد عمل بكل محلة من محال بغداد دار ضيافة للفقراء لاسيما في شهر رمضان ..
وحكي أنه اجتاز راكبا في بعض أزقة بغداد قبل غروب الشمس من رمضان فرأى شيخا كبيرا ، ومعه إناء فيه طعام قد حمله من محلة إلى محلة أخرى ، فقال : أيها الشيخ لم لا أخذت الطعام من محلتك ، أو أنت محتاج تأخذ من المحلتين ؟ فقال : لا والله يا سيدي ، ولم يعرف أنه الخليفة ، ولكني شيخ كبير وقد نزل بي الوقت ، وأنا أستحي من أهل محلتي أن أزاحمهم وقت الطعام فيشمت بي من كان يبغضني ، فأنا أذهب إلى غير محلتي فآخذ الطعام ، وأتحين وقت كون الناس في صلاة المغرب فأدخل بالطعام إلى منزلي بحيث لا يراني أحد ، فبكى الخليفة المستنصر ، وأمر له بألف دينار ، فلما دفعت إليه فرح الشيخ فرحا شديدا ، حتى قيل : إنه انشق قلبه من شدة الفرح ، ولم يعش بعد ذلك إلا عشرين يوما ..
وفي عصرنا مثل هؤلاء الأثرياء الكثير والكثير ، وبإمكانهم أن يخلدوا ذكراهم بالنفقة في سبيل الله كما خلد هؤلاء ذكراهم فيفوزا بطيب الدارين الدنيا والآخرة ، فهلموا أيها الكرماء !!!!!
وأذكر أن جود السابقين وكرمهم في رمضان قد امتد ليصل إلى المساجين ، فقد جاء في تاريخ دمشق أن زياد بن عبيد الله ـ وكان أميرا على مكة في عهد العباسيين ـ قال لصاحب له : يا أبا العلاء قد حضر هذا الشهر المبارك ، وقد رققت لأهل السجن لما هم فيه من الضر ، وقد رأيت أن أصيرك إليهم فتلهيهم بالنهار ، وتصلي بهم بالليل ..
ولو نظر أهل الخير للمساجين في عصرنا نظرة هذا الرجل لهدى الله أكثرهم للخير ، ولحقق المجتمع من وراء هدايتهم الكثير والكثير ، لأنهم سيكونون عناصر خيرة وإيجابية بعد خروجهم من السجن ..
السابقون والاعتدال في الطعام والشراب في رمضان : نقل أبو حامد الغزالي عن بعض الصالحين قوله : ” إن الأكل من الدين، وعليه نبه رب العالمين بقوله وهو أصدق القائلين ” كلوا من الطيبات واعملوا صالحا ” وذلك لأن الأكل والشرب وسيلة التقوي على الحياة ، وبدون تلك الوسيلة لا يستطيع الإنسان عبادة ربه ، ولكي يؤدي الأكل تلك الوظيفة لابد من الاعتدال وعدم الإسراف فيه كما أمرنا الله سبحانه وتعالى في قوله عز وجل : ” كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ” ذلك لأن الإسراف يضر بصحة الإنسان بدلا من أن يفيدها ، ويجعل الطعام عليها نقمة لا نعمة.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم خير قدوة في هذا الأمر ، ونصح أصحابه وسائر المسلمين بالتوسط والاعتدال بعد أن بين لهم أن الطعام الكثير شر ما يدخل على معدة المرء فقال صلى الله عليه وسلم “: ما ملا آدمي وعاء شرا من بطنه حسب بن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن غلبته نفسه فثلث طعام وثلث شراب وثلث للنفس ” .
وإذا كان المسلم يحتاج إلى ما يقويه ويعينه على الصيام في وجبتي الإفطار والسحور فلا بأس له بذلك ، وقد ورد في زاد المعاد لابن القيم عن الزهري وكان من خيار التابعين أنه كان يأكل اللحم في رمضان ويقول : أكلُ اللحم يزيد سبعين قوة ، وذكر نافع مولى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن عبد الله إذا كان رمضان لم يفته اللحم ..
إلا أن ذلك ينبغي ألا يحول هذا الشهر المبارك إلى موسم لعرض الموائد التي ترهق كاهل الأسرة المسلمة ، وتجعلها تحتاج للاستدانة في أحايين كثيرة ، مع إن المفترض أن المسلم بصيامه يوفر وجبة كل يوم من الثلاث وجبات ، وبالتالي تكون نسبة التوفير فيه تعادل 33 % من نفقته اليومية ، ويمكن أن يستفاد بها في أوجه أخرى من أوجه الإنفاق ، ولعل هذا ـ والله أعلم ـ ما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عن شهر رمضان :” .. شهر يزاد فيه رزق المؤمن .. ” .
وهذان نموذجان أذكرهما للدلالة على اعتدال السابقين في تناول طعامهم وشرابهم في هذا الشهر المبارك ، النموذج الأول هو الخليفة العباسي المهتدي الذي حكم العالم الإسلامي في أوج مجده وغناه يقول عنه أبو العباس هاشم بن القاسم : “كنت عند المهتدي عشيَّةً في رمضان فقمت لأنصرف ، فقال: اجلس، فجلست، فصلى بنا، ودعا بالطعام ، فأحضر طبقا عليه أرغفة وآنية فيها ملح وزيت وخل فدعاني إلى الأكل فأكلت أكل من ينتظر الطبيخ فقال: ألم تكن صائماًً؟ قلت: بلى، قال: فكل واستوفِ ، فليس هنا غير ما ترى!..
والثاني هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي ورد عنه أنه كان في رمضان الذي قُتل فيه يتعشى ليلة عند الحسن ، وليلة عند الحسين ، وليلة عند عبد الله بن جعفر ، لا يزيد على لقم معدودة، ويقول : يأتي أمر الله وأنا خميص ، فعل ذلك وهو خليفة للمسلمين ..
ولا نطالب من وسّع الله عليه أن يتشبه في طعامه بعلي رضي الله عنه ولا بالمهدي في تقشفهما ، وإنما فقط أن يلتزموا بقول الله تعالى :” كلوا واشربوا ولا تسرفوا ” وألا يُذهبوا طيباتهم في الحياة الدنيا ، وألا يخرجوا بالصيام عن مقصده ، وألا ينسوا أن حولنا من المسلمين من لا يجدون ما يسدون به رمقهم ، ورسولنا صلى الله عليه وسلم كان يقول : ” ما آمن بي من بات شبعانا وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم ” .
السابقون وسنة الاعتكاف في رمضان : روى ابن ماجة في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” فِي الْمُعْتَكِفِ هُوَ يَعْكِفُ الذُّنُوبَ وَيُجْرَى لَهُ مِنْ الْحَسَنَاتِ كَعَامِلِ الْحَسَنَاتِ كُلِّهَا “.
وورد في الأثر ” من اعتكف يوما ابتغاء وجه الله جعل الله بينه وبين النار ثلاث خنادق أبعد مما بين الخافقين ” ([19]) وذلك لما فيه من خلو المرء بنفسه ، وابتعاده قليلا عن دوامة الحياة وضوضائها التي تلهي القلب وتشغله عن التفكر في مصيره ومآله بعد موته ..
وحرص النبي صلى الله عليه وسلم على سنة الاعتكاف مدة بقائه بالمدينة المنورة بعد هجرته ، فقد جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه: « أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى قبضه الله »وعن أنس رضي الله عنه أنه قال : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان مقيما يعتكف في العشر الأواخر من رمضان ، فإذا سافر اعتكف من العام المقبل عشرين».
وروي عن أنس رضي الله عنه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حان العشر الأواخر من رمضان طوى فراشه ، وشد مئزره ، واجتنب النساء ، وجعل عشاءه سحورا ..
واقتدى الصحابة ـ رجالا ونساء ـ بالنبي صلى الله عليه وسلم في المحافظة على سنة الاعتكاف ، فقد روي عن أبي سعيد الخدري أنه قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فسمعهم ( أي أصحابه ) يجهرون بالقراءة، وهو في قبة له، فكشف الستر، وقال: ” إذا كان أحدكم يناجي ربه، فلا يرفعن بعضكم على بعض القراءة ” .
وصار على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك السلف الصالح عبر التاريخ .. ، حتى رأينا من يذكر عنه : أنه ظل ستين سنة كاملة يعتكف في العشر الأخير من رمضان .
السابقون ومدارسة العلم وتدريسه في رمضان: العلم خير ما يرزق بها الإنسان ، ويعظم فضله إذا ما اقترن بالإيمان بالله سبحانه وتعالى ، كما قال ربنا عز وجل : ” يرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ” .
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: للعلماء درجات فوق المؤمنين بسبعمائة درجة ما بين الدرجتين مسيرة خمسمائة عام.
وهذا الفضل جعل السلف الصالح يقبلون على العلم تعلما وتعليما بشغف ، وكانت رغباتهم إليه تزداد في رمضان حيث يضاعف ثواب العمل الصالح ، فهذا ابن عباس رضي الله عنهما وهو أمير البصرة كان يغشى الناس في رمضان فما ينقضي الشهر حتى يفقههم ..
ولعل ابن عباس لم يتفرغ للقرآن في رمضان كما فعل الزهري ومالك لأنه كان رجلا أميرا يرى من المسئولية عليه أن يضاعف من جهده في تفقيه الناس ، أما مالك والزهري فكانا يعلمان الحديث تطوعا ، فرأيا أن من الأفضل أن يتفرغا لأنفسهما في هذا الشهر ، ويؤكد ذلك أن مالكا لما سئل عن ذلك قال : شهر أحب أن أتفرغ فيه لنفسي ..
ويؤيده أيضا ما قاله النووي في الأذكار : والمختار أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص ، فمن كان يظهر له بدقيق الفكر لطائف ومعارف فليقتصر على قدر يحصل له فهم ما يقرأ ، وكذا من كان مشغولاً بنشر العلم أو فصل الحكومات بين المسلمين أو غير ذلك من مهمات الدين والمصالح العامَّة للمسلمين فليقتصر على قدر لا يحصل له بسببه إخلال بما هو مرصد له ، ولا فوت كماله ، ومن لم يكن من هؤلاء المذكورين فليستكثْر ما أمكنه من غير خروج إلى حدّ الملل أو الهذرمة في القراءة ..
أخلاق السابقين في رمضان : وكان من هدي السابقين في رمضان أيضا الصبر على الصوم مهما كان شاقا ، فقد روي عن الأحنف بن قيس أنه قيل له : إنك شيخ كبير ، وإن الصيام يضعفك ، فقال : إني أعده لسفر طويل ، والصبر على طاعة الله سبحانه أهون من الصبر على عذابه..
كما كانوا يتصفون بالصراحة والشفافية مع النفس ، ومع الغير ، فلا يتردد أحدهم إذا وقع في الخطأ أن يقر بخطئه ، فهذا الصحابي سلمة بن صخر رضي الله عنه يقول : كنت امرأ أصيب من النساء ما لا يصيب غيري ، فلما دخل شهر رمضان خفت أن أصيب منها شيئا فيتبع بي حتى أصبح ، فتظاهرت منها حتى ينسلخ شهر رمضان ، فبينا هي تحدثني ذات ليلة إذ تكشف لي منها شيء ، فلم ألبث أن نزوت عليها ، فلما أصبحت خرجت إلى قومي فأخبرتهم ، فقلت لهم : امشوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : لا نمشي معك ، وما نأمن أن ينزل فيك قرآن ، أو يكون من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيك مقالة يلزمنا عارها ، ولنسلمنك بجريرتك ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته خبري ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنت بذاك يا سلمة ، فقلت : أنا بذاك وها أنذا صابر لأمر الله ، فاحكم بما شئت ، فقال لي : حرر رقبة ، فضربت صفحة رقبتي ، وقلت : والذي بعثك بالحق ما أصبحت أملك رقبة غيرها، قال : فصم شهرين متتابعين ، فقلت : وهل أصابني الذي أصابني إلا في الصوم ؟!! قال : فأطعم وسقا من تمر ستين مسكينا ، فقلت : والذي بعثك بالحق لقد بتنا ليلتنا هذه وحشى ، ما لنا طعام ، قال : فانطلق إلى صاحب صدقة بني زريق فليدفعها إليك ، فأطعم منها وسقا من تمر ستين مسكينا ، وكل بقيتها أنت وعيالك، فرجعت إلى قومي فقلت : وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي ، ووجدت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم السعة وحسن الرأي ، وقد أمر لي بصدقتكم ..
ومع حرصهم على الاجتهاد في فعل الخير في رمضان إلا أنهم كانوا يكرهون التكلف فيه ، جاء عن وهب بن جابر أنه قال : كنت في بيت المقدس فجاء مولى لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما فقال : إني أريد أن أقيم ها هنا شهر رمضان ، فقال له عبد الله : تركت لأهلك ما يقوتهم ؟ قال : لا ، قال : فارجع فاترك عندهم ما يقوتهم ، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت ..
كما كان من عادة السابقين عدم الهزل في رمضان ، والحرص على استغلال الأوقات ، فقد جاء في إحياء علوم الدين أن الحسن البصري مر بقوم وهم يضحكون فقال : إن الله عز وجل جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه لطاعته ، فسبق قوم ففازوا ، وتخلف أقوام فخابوا ، فالعجب كل العجب للضاحك اللاعب في اليوم الذي فاز فيه السابقون ، وخاب فيه المبطلون ..
هذا بالإضافة إلى حفظ سائر الجوارح عما نهى الله عنه ، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمآثم ، ودع أذى الخادم ، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صيامك ، ولا تجعل يوم فطرك ويوم صيامك سواء ، وكان أبو هريرة يقول: إذا كنت صائماً فلا تجهل ولا تساب ، وإن جُهِل عليك فقل: إني صائم ..
وكان من هدي السابقين أيضا ألا يسافروا في رمضان إلا إذا دعت الضرورة كي لا يرهق المسافر أو يضطر إلى الفطر فقد قدم رجل على عمر رضي الله عنه فقال : متى خرجت ؟ قال : في شهر رمضان ، قال : صدق من وصفك بالجفاء ألا أقمت حتى تفطر ثم تسافر ..
وأما عن السفر الضروري ، فأنقل ما ذكره ابن القيم في زاد المعاد : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سافر في رمضان فصام وأفطر وخيّر الصحابة بين الأمرين ، وكان يأمرهم بالفطر إذا دنوا من عدوهم ليتقووا على قتاله .
حال السابقين مع أولادهم في رمضان : دأب السلف على تدريب أطفالهم على الصيام فإذا شبوا ألفوه ، فقد جاء عن عكرمة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : كنا نأخذ الصبيان من الكتاب فيقومون بنا في شهر رمضان ، ونعمل لهم الخشكنانج ( حلوى من السكر ) ..
وبتلك التربية كان ينشأ الصبي فيرى الصيام سهلا ميسورا ، ولو تركوا دون تدريب وتوجيه حتى شبوا بحجة أنهم غير مكلفين لشق عليهم الأمر كما يحدث لبعض الشباب المسلم الآن ، فليكن لنا أسوة حسنة في سلفنا الصالح في توجيه أبنائنا وتربيتهم على خصال الخير.
بكاء من عجز عن الصوم من السابقين : إن السابقين كانوا يبكون إذا أدرك أحدهم رمضان وبه علة تمنعه الصيام ، فقد روي عن سعيد الجريري عن أبي نضرة قال : مرض رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فدخل عليه أصحابه يعودونه فبكى ، فقالوا : يا أبا عبد الله ما يبكيك ؟ ألم يقل لك رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” خذ من شاربك ثم اصبر حتى تلقاني ” فقال : بلى ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذات يوم وقد أهل شهر رمضان : ” لو يعلم العباد ما في شهر رمضان لتمنى العباد أن يكون شهر رمضان سنة “.
بكى المرضى لعجزهم عن الصيام وهم معذورون عند الله ، فما بال أصحاؤنا وما بال شبابنا وشباتنا ؟!! أما آن لهم أن يعرفوا فضل رمضان وصيامه ؟!!
وختاما، وسواء تعلق الأمر بحال السابقين مع رمضان، أو حالنا راهنا، أقول : الحمد لله على أن بلغنا رمضان ونحن أصحاء ، ونسأله سبحانه وتعالى أن يرزقنا التأسي برسوله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بسلفنا الصالح في استغلال أوقاته فيما يرفع درجاتنا ، وأن يوفقنا للعمل بما نعلم ، وأن يجعل تلك الكلمات التي كتبناها شاهدة لنا لا علينا ، وألا يجعلنا كالشمعة التي تحترق ليستضيء بها غيرها .
مسند أحمد : ج 6 / ص 388 .
شعب الإيمان للبيهقي :ج 8 / ص 140
سنن الدارمي : ج 10 / ص 191
صحيح البخاري :ج 21 / ص 406.
سنن أبي داود :ج 4 / ص 73.
الذاريات 15 :18.
إحياء علوم الدين :ج 1 / ص .354
صحيح البخاري : ج 8 / ص 253
أخرجه البخاري تعليقا ومسلم والترمذي والنسائي في الكبرى واللفظ لابن ماجة من حديث أبي هريرة.
أخرجه ابن حبان والحاكم وصححه على شرط مسلم من حديث عقبة بن عامر.
رواه الطبراني.
المؤمنون : 51.
الأعراف : 31
السنن الكبرى للنسائي : ج 4 / ص 177
جزء من حديث رواه ابن أبي خزيمة .
رواه الطبراني والبزار بإسناد حسن.
سنن ابن ماجه : ج 5 / ص 342
رواه الطبراني .
صحيح ابن حبان : ج 15 / ص 329
أخرجه أحمد وأبو داود وصححه ابن خزيمة .
المجادلة : 11 .
منقول
ابوالوليد المسلم
22-04-2022, 11:05 PM
كيف تكون من الذاكرين ؟
إن شرف الذكر ومنزلته يدعوانك لتكون من الذاكرين لله تعالى .. وها هي طريق الذاكرين عسى الله أن يجعلك من أهلها.
إن مما ينبغي لك أن تعرفه أن تعلم أنَّ على المسلم أن يُكثر من ذكر الله تعالى، ولا يفرِّط في ذلك؛ حتى لا يدخل في زمرة أهل الغفلة.
المحافظة على الصلوات الخمس
إنَّ المحافظة على الصلوات بداية طريق أهل الذِّكر، فإنَّ من حافظ على الصلوات الخمس بحدودها وخشوعها فقد نال نصيبًا كبيرًا من ذكر الله تعالى؛ فالصلاة قد اشتملت على أنواعٍ من الذِّكر، مع معانٍ لا توجد في غيرها من خضوعٍ وتذلُّلٍ وخشوع، لذلك فإنَّ الله تعالى ذمَّ المنافقين بقلَّة ذِكرهم له في الصلاة فقال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلًا} النساء: ١٤٢.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «تلك صلاة المنافق؛ يجلس يَرقُبُ الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان، قام فنقرها أربعًا، لا يذكر الله فيها إلاَّ قليلاً».
المحافظة على الأذكار دبر الصلوات
ورد في السنة النبوية الكثير من الأذكار، ولكلِّ ذِكرٍ موضعه الذي يُقال فيه، ومن هذه الأذكار أذكار الصلاة، والتي منها ما يُقال بعد الصلاة، فحافظ أخي على هذه الأذكار، وردِّدها بخشوع وتأنٍّ؛ فإنَّ الكثيرين يتهاونون بها، فترى أحدهم يسرع فيها لينصرف، والبعض ينصرف بدون أن يأتي بها! فعلى المسلم الحرص عليها حتى يكون من الذاكرين لله تعالى.
الإكثار من قراءة كتاب الله تعالى
تلاوة كتاب الله تاج الذِّكر وعنوان فضله .. وما ذكره الذاكرون بأفضل من قراءة كتابه العزيز .. قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول “الم” حرف، ولكن “ألف” حرف، و”لام” حرف، و”ميم” حرف» (رواه الترمذي/ صحيح الترمذي: ٢٩١٠).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ بمائة آية في ليلة؛ كُتب له قُنوت ليلة» (رواه أحمد والدارمي السلسلة الصحيحة (٦٤٤).. فاحرص أن تكون من أولئك الذين يتفقدون كتاب ربهم تعالى، ولا تكن من الهاجرين له .. وتأمَّل كم ستجد من الأجر وأنت تتلو كتاب الله تعالى، وقد أخبرك النبي صلى الله عليه وسلم أن ثواب الحرف الواحد؛ يُضاعف إلى عشر حسنات! فيما أيسر أن تكون من الرابحين الذاكرين لله تعالى.
المحافظة على الأذكار
وهذا باب عظيم يُدخِلك في جملة الذاكرين لله تعالى، وقد تعدَّدت أنواع الأذكار وصورها وفي جميعها الخير العظيم .. وليس صعبًا أن تكون من المحافظين على الأذكار، فما عليك إلاَّ أن تعزم على فعلها وتبدأ بتطبيقها في أمورك كلِّها. فإذا خرجت من منزلك قلت ذكر الخروج من من المنزل، وإذا ركبت سيارتك قلت ذِكر ركوب الدابة، وإذا دخلت الخلاء أو خرجت منه قلت ما جاء من الذِّكر في ذلك، وإذا أردتَ أن تتوضَّأ أو فرغت من الوضوء قلت ما جاء في ذلك من الذِّكر، وإذا لبست ثوبًا جديدًا قلت ما جاء من ذِكرٍ في ذلك.
وهكذا في كلِّ أمورك تحرص على المحافظة على الأذكار، ولا تضيِّع الفرصة في ذلك؛ فإنك إذا فعلت ذلك كنت من الذاكرين لله تعالى.
المحافظة على الأذكار التي ورد فضلها
هنالك جملة من الأذكار جاء الدليل بفضلها .. والثواب الجزيل على فعلها. قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم :«كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم» (رواه البخاري )
تلك بعض العلامات التي تُدرَك على طريق الذاكرين، فحاول أن تأخذ بنصيبك في ذلك، واعزم عزم الصادقين، واستعن بربك تبارك وتعالى فاسأله التوفيق والإعانة على سلوك طريق الذاكرين، وأن يجعلك من الذاكرين له كثيرًا، فإن وُفقت إلى ذلك فأنت على خيرٍ عظيم!!
المصدر : كتاب غيث القلوب ذكر الله تعالى - المؤلف أزهري أحمد محمود
منقول
ابوالوليد المسلم
24-04-2022, 01:59 AM
مهمات في الاعتكاف
عبد الله بن صالح القصير
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن الاعتكاف: هو لزوم مسجدٍ ليلةً أو يومًا فأكثر، قطعًا للعلائق عن الخلائق لله اشتغالًا بعبادة الخالق، فهو لزوم المسجد للعبادة.
♦ وهو مشروع في كل وقت؛ لما ثبت أن عمر رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إني كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، قال صلى الله عليه وسلم: «فأوفِ بنذرك فاعتكف عمر ليلة» (أخرجه البخاري)، وأخرج الطبراني بإسناد حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من اعتكف يومًا ابتغاء وجه الله تعالى، جعل الله بينه وبين النار ثلاث خنادق، كل خندق أبعد مما بين الخافقين».
♦ والاعتكاف في رمضان أفضل، وهو الذي لازمه النبي صلى الله عليه وسلم حتى توفاه الله؛ كما في البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام...الخ»، وأفضله العشر الأواخر من رمضان، لمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم، وتأكيده صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة المتواترة.
♦ والسنة أن يكون الاعتكاف في المسجد الجامع حتى لا يخرج المعتكف من المسجد الذي اعتكف فيه، وأن يكون حال الاعتكاف صائمًا في النهار، وأن لا يخرج إلا لما لابد منه من حاجة الإنسان اليومية، إما لأكل أو لقضاء حاجة، قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: «السنة في المعتكِف أن لا يخرج إلا لحاجته التي لابد منها، ولا يعود مريضًا ولا يمس امرأته، ولا اعتكاف إلا في المسجد جماعة، والسنة فيمن يعتكف أن يصوم»، أخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن عائشة، وروي معناه عن ابن عباس وابن عمر.
♦ وللمعتكِف أن يضع له فراشًا في المسجد ينام عليه وقت النوم حال اعتكافه؛ لما روي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اعتكف طُرح له فراش أو يوضع له سرير وراء أسطوانة التوبة.
♦ وبكل حال فالمقصود من الاعتكاف مزيد من الاجتهاد في العبادة من صلاة وتلاوة قرآن ودعاء وذكر، فينبغي للمعتكف أن يشتغل بما انقطع له من العبادة، وأن لا يجعل معتكفه منتدى للأصحاب والسُّمار، فإن ذلك خلاف السنة وخلاف مقصود الاعتكاف.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ابوالوليد المسلم
24-04-2022, 02:54 PM
الحث على إغتنام العشر الاواخر
لقد خص الله تعالى العشر الأواخر من رمضان بمزايا لا توجد في غيرها، وبعطايا لا سبيل في سواها لتحصيلها، وقد خصها النبي صلى الله عليه وسلم بأعمال لم يكن يفعلها في غيرها.. فمن ذلك:
أولا: كثرة الاجتهاد:
فكان صلى الله عليه وسلم يجتهد بالعمل فيها أكثر من غيرها، تقول عائشة رضي الله عنها: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره" رواه مسلم
وكان يحيي فيها الليل كله بأنواع العبادة من صلاة وذكر وقراءة قرآن، تقول عائشة رضي الله عنها: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجَدَّ وشدَّ المئزر" رواه مسلم
ثانيا: اغتنام جميع الوقت.
ثالثا الاعتكاف:
ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده".
والاعتكاف معناه شرعاً: "المقام في المسجد من شخص مخصوص على صفة مخصوصة".
والأصل أنه عزوف عن الدنيا وانقطاع للعبادة وتخلية للنفس عن التشاغل بغير الطاعات والقربات، فلا ينبغي أن يشتغل بشيء يفوت عليه قصده.
رابعا: تحري ليلة القدر
وقد أخفى الله عز وجل علم تعييين يومها عن العباد، ليكثروا من العبادة، ويجتهدوا في العمل، فيظهر من كان جاداً في طلبها حريصاً عليها، ومن كان عاجزاً مفرطاً، فإن من حرص على شيء جد في طلبه، وهان عليه ما يلقاه من تعب في سبيل الوصول إليه.
هذه الليلة العظيمة يُستحب تحريها في العشر الأواخر من رمضان، وهي في الأوتار أرجى وآكد، فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، ليلة القدر في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى)، وهي في السبع الأواخر أرجى من غيرها، ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أُروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر) رواه البخاري.
ثم هي في ليلة سبع وعشرين أرجى ما تكون، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليلة القدر ليلة سبع وعشرين) رواه أبو داود.
فعلى الراغبين في تحصيل هذه الليلة المباركة الاجتهاد في هذه الليالي والأيام، وأن يتعرَّضوا لنفحات الرب الكريم المنان، عسى أن تصيبكم نفحة من نفحاته لا يشقى العبد بعدها أبداً.
وإذا كان دعاء ليلة القدر مقبولا مسموعا مستجابا فعلى العبد أن يكثر من الدعاء والتضرع وسؤال خير الدنيا والآخرة، وقد سألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: "يا رسول الله، أرأيتَ إن وافقتُ ليلة القدر، ما أقول فيها؟" قال: (قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني) رواه أحمد.
فاستدركوا في آخر شهركم ما فاتكم من أوله، وأحسنوا خاتمته فإنما الأعمال بالخواتيم، ومن أحسن فيما بقي غفر له ما قد مضى، ومن أساء فيما بقي أخذ بما مضى وما بقي. وأروا الله من أنفسكم الجد في تحري الخير في هذا الثلث الأخير، واغتنموا ما فيه من الخير الوفير، وتعرضوا لنفحات الغفور الحليم.
اللهم بلغنا برحمتك رضاك، وبلغنا ليلة القدر، واجعلنا فيها من عتقائك من النار.
منقول
ابوالوليد المسلم
25-04-2022, 10:49 AM
السلوكيات الخاطئة التي يقع فيها الصائم
ظهرت بعض السلوكيات الخاطئة التي يمارسها البعض أثناء الصوم، وهي من العادات السيئة التي ينبغي للمسلم التخلص منها، ومن تلك السلوكيات الخاطئة:
كثرة النوم:
يجب على المسلم عدم إضاعة الوقت في النوم، سواء أثناء وقت الصوم أو غيره، لان الوقت هو رأس مال المسلم، ومضمار سباقه، وكنزه الثمين الذي ينبغي ألا يضيعَ منه، كما لا ينبغي أن يفوته فيما لا ينفعه، ولا يعود عليه بفائدة، ككثرة النوم في نهار الصائم، ففي النوم في النهار تضيع للفرائض المكتوبة، أو تأخريها عن وقتها، وفوات كثير من الطاعات والأوقات الفاضلة، فتضيع معها لذة الصيام، واستشعار حكمة مشروعيته، فيقضي المرء يومه دون أن يعيش حقيقة الصيام، ولا يدخل أثره إلى قلبه، فيجب على المسلم أن يقضي نهار صومه في قراءة القرآن، والتسبيح، وكثرة الذكر، والاستغفار، ومطالعة ما يفيده من الكتب النافعة، والعلوم المفيدة.
إضاعة الجماعة:
يجب على المسلم عدم إضاعة الجماعة، فهي من السلوكيات الخاطئة التي يقع فيها بعض الصائمين في أثناء الصوم، فإضاعة الجماعة لعذر الكسل أو النوم، أو الاشتغال بما لا يجدي نفعاً، وليعلم مضيع الجماعات أنه بذلك يضيع عليه الصلاة في أفضل بقاع الأرض وهي المساجد، وأن عظم الأجر مع كثرة الخُطا إلى المساجد، وأن الملائكة تدعو له وهو ما زال في انتظار الصلاة، ويصلون على الصف الأول في الجماعة، وأن الشياطين لا تستحوذ عليه، وأن من خرج إلى المسجد فهو ضامن على الله إن عاش رزق وكفي، وإن مات دخل الجنة.
كثرة الأكل:
يجب على المسلم عدم الإكثار من أكل الطعام لقوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31]، وقال تعالى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [الإسراء: 26- 27]. أصبح الصوم في أذهان كثير من الناس مقترناً بكثرة الأكل، وإنما افترضه الله على المسلمين ليضيقوا على الشهوة مساربها، ويضيعوا على النفس الأمارة مآربها.
السهر:
إن وقت المسلم وقت ثمين جدًّا، سواء أثناء وقت الصوم أو غيره، ولا مجال فيه للمسلم الجاد أن يقضيه في اللهو والسهر الفارغ الطويل، وفي السهر بالليل تضيع الفرائض بالنهار، أو تتأخر عن وقتها، أو يقل فيها الخشوع، ويفوّت المسلم على نفسه وقت البكور وما فيه من خير، وتضيع لذة الصيام، والشعور بالحكمة من مشروعيته من مجاهدة النفس، والشعور بالجوع، وتذكّر الفقراء والمحتاجين، وتذكر نعمة الله عليه بالطعام والشراب التي يتمتع بها طيلة العام، ثم تحجب عنه في هذه الأيام القليلة. وقال ابن مفلح: واعلم أن الزمان أشرف من أن يضيع منه لحظة، فكم يضيع الآدمي من ساعات، يفوته فيها الثواب الجزيل، وهذه الأيام مثل المزرعة، وكأنه قد قيل للإنسان: كلما بذرت حبةً أخرجنا لك ألفاً، هل يجوز للعاقل أن يتوقف عن البذر أو يتوانى؟ (الآداب الشرعية لابن مفلح (4/ 128).
الانشغال في إعداد الأطعمة:
يجب على المسلم عدم الانشغال في إعداد الأطعمة لإن الانشغال في إعداد أنواع الأطعمة المختلفة يضيع الوقت لدى الصائم، فالصوم ليس أكل وشرب، وانغماس في إعداد الأطعمة، وإنما هو عبادة وطاعة، وقرب من الله تعالى، فعلينا تفريغ أكبر قدر من الوقت للعبادة، وقراءة القرآن، وذكر الله عز وجل، والدعاء وغير ذلك، وهذا يخالف سر الصيام، وهو التخفف من المطعومات، لكن بعض الناس يحسب الفطور والغداء والعشاء، ثم يقضيه مرة واحدة، فيهيئ حتى تصبح بعض البيوت كأن فيها حرائق، يبدؤون بعد صلاة الظهر، هذا للإفطار، وبعضهم يبدأ من وقت الضحى؛ ليكون كمن أهدى بدنة في الساعة الأولى، فتجد البيت في حالة استنفار وطوارئ، ثم تُعرض الموائد، وهذا فيه ما فيه من: إشغال النفس عن مطلوبها وهو الله عز وجل، والتبذير والإسراف، وإرهاق أهل البيت، حيث يقضون معظم وقتهم في الطبخ بعيداً عن قراءة القرآن، والتسبيح، والاستغفار.
إضاعة الأوقات بسماع البرامج والألعاب:
يجب على المسلم عدم إضاعة الأوقات بسماع البرامج والألعاب أثناء الصوم، فوقت الصوم يجب ان يكون مخصص للعبادة والذكر والصلاة والدعاء، نجد بعض الصائمين من يلعب ألعاباً أقل أحكامها الكراهة، مثل لعب الكرة، وكذلك ألعاب يزعمون أنها مسلّية تضيّع الوقت، وتفني الساعات في غير منفعة.
تأخير الإفطار بلا عذر:
يجب على المسلم عدم تأخير الإفطار بلا عذر، فنجد بعض الصائمين يؤخرون الإفطار ومخالفين بذلك كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن كثير رحمه الله: وقوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] (يقتضي الإفطار عند غُرُوب الشمس حكماً شرعياً، عن أبي الدرداء رضي الله عنه رفعه قال: ثلاث من أخلاق النبوة: تعجيل الإفطار، وتأخير السحور، ووضع اليمين على الشمال في الصلاة (رواه الطبراني كما في (مجمع الزوائد) للهيثمي (2/ 108). وعن سهل بن سعد رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر» (قال الهيثمي: (رواه الطبراني في الكبير مرفوعا وموقوفا على أبي الدرداء والموقوف صحيح والمرفوع في رجاله من لم أجد من ترجمه)، وحسنه السيوطي في الجامع الصغير) (3443)، وصححه الألباني في (صحيح الجامع) (3038).
الفطر مع عدم التيقُّن من الغروب:
يجب على المسلم عدم الفطر مع عدم التيقُّن من الغروب، فنجد بعض الصائمين يتعجل الإفطار دون التيقن من غروب الشمس، مخالفين بذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان، فأخذا بضبعي فأتيا بي جبلاً وعراً، فقالا لي: اصعد، فقلت: إني لا أطيقه، فقالا: إنا سنسهله لك، فصعدت، حتى إذا كنت في سواء الجبل، إذا أنا بأصوات شديدة، فقلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عويّ أهل النار، ثم انطلق بي، فإذا أنا بقومٍ معلقين بعراقيبهم مشققة أشداقهم، تسيل أشداقهم دماً قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلة صومهم» (رواه النسائي في (السنن الكبرى) (2 /246) (3286)، وابن خزيمة (3 /237) (1986)، وابن حبان (16 /536) (7491) قال ابن حزم رحمه الله: من أكل شاكًّا في غروب الشمس أو شرب فهو عاصٍ لله تعالى، مفسدٌ لصومه (المحلى لابن حزم (6 /230)، وقال ابن القيم رحمه الله: إذا شك الصائم في غروب الشمس لم يجزله الفطر، ولو أكل أفطر( بدائع الفوائد لابن القيم (4 /384).
تعجيل السحور:
يجب على المسلم عدم تعجيل السحور، فنجد بعض الصائمين يتعجل في السحور، دون النظر إلى سنية تأخيره، مخالفين بذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أبي الدرداء رضي الله عنه رفعه قال: «ثلاث من أخلاق النبوة: تعجيل الإفطار، وتأخير السحور...» (رواه الطبراني كما في (مجمع الزوائد) للهيثمي (2/ 108)، وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه، قال: تسحرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قام إلى الصلاة. قلت: كم كان بين الآذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية (رواه البخاري (1921)، ومسلم (1097). وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: كنت أتسحر في أهلي، ثم تكون سرعتي أن أدرك السجود مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (رواه البخاري 1920)، فتأخير السحور هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي تعجيله مخالفة صريحة له.
__________________________________________________ _
الكاتب: د. محمود فتوح محمد سعدات
ابوالوليد المسلم
25-04-2022, 10:52 AM
استغلال الوقت في رمضان
إن الحمد لله، نحمَده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فهو المهتدِ، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
فإن مِن نِعم الله علينا الكثيرة: نِعمةَ الوقت والفراغ، التي هي أغلى وأثمن من الذهب والفضة، لمن أجاد استثمارها والانتفاع بها، والوقت هو حياة المسلم، ورأس مالِه في الدنيا على الحقيقة، فمن ضيَّع وقته فكأنما ضيع عمره، ومن قتَل وقته بما يضر أو لا ينفع فهو القاتل لنفسه حقيقة، ولِشرف الوقت أقسم الله تعالى به، بل سمى به بعض السور في كتابه؛ كالضحى، والليل، والفجر، والعصر.
روى البخاريُّ رحمه الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «نعمتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ مِن الناس: الصحةُ والفراغ» [1].
قال ابن الجوزي في شرح هذا الحديث: (قد يكون الإنسان صحيحًا ولا يكون متفرغًا؛ لشُغله بالمعاش، وقد يكون مستغنيًا ولا يكون صحيحًا، فإذا اجتمعا فغلَب عليه الكسلُ عن الطاعة فهو المغبون، وتمام ذلك أن الدنيا مزرعةُ الآخرة، وفيها التجارة التي يظهر ربحُها في الآخرة؛ فمَن استعمَل فراغَه وصحته في طاعة الله فهو المغبوط، ومَن استعملهما في معصية الله فهو المغبونُ؛ لأن الفراغ يعقُبُه الشُّغل، والصحة يعقُبُها السقم، ولو لم يكن إلا الهَرَم لكفى؛ كما قيل:
يسرُّ الفتى طولُ السلامة والبَقا *** فكيف ترى طولَ السلامةِ يفعَلُ
يردُّ الفتى بعد اعتدال وصحَّــة *** ينوءُ إذا رام القيامَ ويُحــمَـــــلُ
إخواني الصائمين، ليسأَلِ المسلمُ نفسه في كل يوم مِن هذا الشهر: ماذا قدَّم لنفسه مِن أعمال؟ وبماذا استغل أوقاتَه في هذا الشهر؟ هل قضاها بالطاعة والأعمال الصالحة؟ أو قضاها باللهو واللعب، والغفلة عما خُلِق له؟ أو عما جُعل له هذا الشهرُ الكريم مِن خيرٍ وبركة وطاعة؟ حقًّا، إنها ظاهرةٌ غريبة وعجيبة أن يكون أقوام في هذا الشهر يبحثون في كيفية تضييعه بأنواع اللهو واللعِب، والسهر وإضاعة الوقت، والعبَث في لياليه، ليبقى نهارَه نائمًا ليستعدَّ لليلة أخرى من اللهو واللعب، أهكذا شكرُ النعم؟! أهكذا استغلال شهر الطاعة والتوبة؟!
كم تتألَّم نفسك ويتقطع قلبك على ما تراه مِن كثير من المسلمين شبابًا أو نساءً أو رجالًا وهم يقضون الساعات والسهرات الأيام الكثيرة في شهر الخير والبركة، وليس في عمل صالح يقربهم إلى الله، وإنما في غفلة وإعراض عما جعَل اللهُ له لياليَ هذا الشهرِ الكريم!
حقًّا، إنها الغفلة، والإعراضُ عن النفحات الإلهية والرحمات الربانية في شهر الرحمة والمغفرة والرضوان؛ قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه: 124 - 126].
أخي الصائم، أختي الصائمة: احرِصْ على ما تبقى مِن هذا الشهر الكريم؛ باستغلال أيامه ولياليه، وعُدَّ الساعاتِ له كيما تستثمرَ فيه كل لحظة؛ فإن لله فيه نفحاتٍ ورحماتٍ، وما تدري لعل الله أن ينظرَ إليك فيها فيقول لك بعدها: اصنَعْ ما شئتَ؛ فإني قد غفرتُ لك، عن أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعًا: «افعلوا الخير دهرَكم، وتعرَّضوا لنفحاتِ رحمة الله؛ فإن لله عز وجل نفحاتٍ مِن رحمته، يُصيب بها مَن يشاء مِن عباده» [2].
أخي الحبيب، ألا تحبُّ أن تبلغ منازل الشهداء، أو تتقدم على درجة المجاهدين؟! ولا أظنك إلا كذلك، فاستمِعْ إلى هذه القصة التي يحكيها لنا أبو سلمة بنُ عبدالرحمن بن عوف، عن طلحة بن عبيدالله رضي الله عنه، قال: إن رجُلينِ مِن بَلِيٍّ قدِما على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان إسلامهما جميعًا، فكان أحدهما أشدَّ اجتهادًا من الآخر، فغزَا المجتهدُ منهما فاستُشهد، ثم مكث الآخرُ بعده سنةً، ثم توفي، قال طلحة: فرأيتُ في المنام بينا أنا عند باب الجنة إذا أنا بهما، فخرج خارجٌ من الجنة فأذِن للذي توفي الآخِرَ منهما، ثم خرج، فأذِن للذي استُشهد، ثم رجع إليَّ فقال: ارجع؛ فإنك لم يأنِ لك بعدُ، فأصبح طلحةُ يحدث به الناس، فعجبوا لذلك، فبلغ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وحدَّثوه الحديث، فقال: «مِن أيِّ ذلك تعجبون» ؟))، فقالوا: يا رسول الله، هذا كان أشدَّ الرجلين اجتهادًا، ثم استُشهد، ودخل هذا الآخر الجنة قبله؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أليس قد مكَث هذا بعده سنةً» ؟!، قالوا: بلى، قال: «وأدرك رمضان فصام وصلى كذا وكذا مِن سجدة في السنة» ؟!))، قالوا: بلى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فما بينهما أبعدُ مما بين السماءِ والأرض» [3].
أخي الصائمُ، إن للأعمال الصالحة في هذا الشهر الكريم متعةً ولذةً ربما ليست في غيره مِن الأوقات، ومِن هذه الأعمال: الاعتمار، فإذا أدَّاها المسلم على الوجه المطلوب كانت سببًا في مغفرةِ ذنوبه وحطِّ سيئاته؛ فعن أبي هريرةَ رضي الله عنه: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «العُمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما» [4]، وحث - عليه الصلاة والسلام - أمَّتَه على الإكثارِ منها، فقال: «تابِعوا بين الحجِّ والعمرة؛ فإن المتابعةَ بينهما تَنفي الفقرَ والذنوب، كما يَنفي الكِيرُ خبَثَ الحديدِ والذهبِ والفضة» [5]؛ (رواه ابن خزيمة في صحيحه).
والعمرةُ في شهر رمضان لها مزيَّةٌ خاصة؛ فإن ثوابها وأجرها أعظم من الثواب والأجر في غيره؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما رجَع النبي صلى الله عليه وسلم من حجته، قال لأم سنان الأنصارية: «ما منعك أن تحجي معنا»؟، قالت: كان لنا ناضحٌ فركبه أبو فلان وابنه، لزوجها وابنها، وترك ناضحًا ننضح عليه، قال حبيبٌ: قالت: أبو فلان - تعني زوجها - حج على أحدهما، والآخر يسقي أرضنا، قال: «فإذا كان رمضانُ، فاعتمري فيه؛ فإن عمرةً في رمضان حجةٌ» - وفي رواية - تقضي حجةً، أو حجةً معي))[6].
اللهم بارك لنا في أوقاتنا وأعمارنا، وتقبَّلْ منا صيامنا وسائر أعمالنا، وبلغنا منازل الشهداء، وأدخِلْنا الجنة مع الأبرار.
والحمد لله رب العالمين
وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمَّد وعلى آلِه وأصحابِه أجمعين
[1] البخاري: 6412.
[2] الطبراني في الكبير: 1/ 250، البيهقي في الشعب: 1083، أبو نعيم في الحلية: 1/ 221، وصححه الألباني في الصحيحة: 1890.
[3] أحمد: 1403، وابن ماجه: 3925، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه.
[4] البخاري: 1773، ومسلم: 1349.
[5] أحمد: 3669، والترمذي: 810، والنسائي: 2630، وصححه ابن خزيمة: 2512، وابن حبان: 3693، والألباني في الصحيحة: 1200.
[6] البخاري: 1782، ومسلم: 1256.
_____________________________________________
الكاتب: محمد بن محمود الصالح السيلاوي
ابوالوليد المسلم
26-04-2022, 01:29 AM
قيام الليل في رمضان
إن قيام الليل هو شرَف المؤمن؛ حيث تنزل أمين السماء جبريل على أمين الأرض محمدٍ صلى الله عليه وسلم، فقال: «يا محمد، اعمَل ما شئت فإنك مجزيٌّ عليه، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعِزه استغناؤه عن الناس»؛ (حسنه الألباني).
وقيام رمضان شرف على شرف، وذلك لشرف الزمان مع شرف العمل، وهو دأب الصالحين العابدين، فمُقل ومُستكثر، وحول صلاة القيام وعظيم أجرها، أهمس لك أخي الكريم بخمس عشرة همسة، لعلها تكون موقظة لي ولك إلى مزيد من الخير والحرص.
الهمسة الأولى: إن كان قيام الليل عمل فاضل وصالح في كل زمان، وهو في شهر رمضان أعظم أجرًا وأكثر تقربًا؛ حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه»؛ (رواه البخاري).
ففي الحديث عملٌ وشرطٌ ونتيجة، فالعمل هو قيام رمضان، والشرط هو (إيمانًا واحتسابًا)، بحيث يكون العمل خالصًا لله تعالى وموافقًا للشرع، والنتيجة مغفرة ما تقدم من الذنوب، فما أيسر العمل وأعظم الأجر لمن وفَّقه الله تعالى إليه.
الهمسة الثانية: إن شرعية قيام رمضان بدأت حين قام النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه بعض الليالي، ثم ترك ذلك إشفاقًا عليهم من أن تُفرض عليهم، ولما تُوفي النبي صلى الله عليه وسلم، أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أُبَي بن كعب وتميمًا الداري أن يقوما بالناس في شهر رمضان، فقيامه سنة مُتبعة.
الهمسة الثالثة: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قام مع الإمام حتى ينصرف، كُتب له قيام ليلة»؛ (رواه مسلم).
فهذا عمل يسير وثواب عظيم، فلربما ساعة ونحوُها تقومها مع الإمام حتى ينتهي من صلاته، يُكتب لك أجر الليل كله وكأنك راكع أو ساجد، فاحرِص ألا تنصرف من الصلاة حتى ينتهي الإمام؛ ليُكتب لك ذلك الفضل العظيم، وقد يُذكرك الشيطان لبعض شؤونك، فاصبر على صلاتك فهو خير كله، وسيتيسر أمرك بعد ذلك بإذن الله تبارك وتعالى.
الهمسة الرابعة: كن حريصًا على حضور القلب في صلاتك متدبرًا ما يقرؤه إمامك، وما يلفظه لسانك، فإن ذلك الحضور هو لُبُّ الصلاة وروحها، فجاهِد نفسك، فهو يحتاج إلى جهاد ومجاهدة.
الهمسة الخامسة: إن أمكن أن تقرأ تفسير ما سيقرؤه إمامك، فهذا خير عظيم؛ لتجمع بين العلم والعمل، ولو كانت القراءة مُجملة، وأيضًا في المختصرات؛ مثل كتاب: (زبدة التفسير) للشيخ الأشقر ونحوه، فهي طريقة جرَّبها الكثير وهي ناجحة ورائعة لمن جرَّبها، ولها أثر كبير على سلوك الإنسان، ويكون هذا برنامجًا له في رمضان، فيكون قرأ تفسير القرآن كله في شهر رمضان، فهذا مُخرَج جميل لهذا الشهر المبارك.
الهمسة السادسة: حال قراءة إمامك، اسأل عند آية الوعد، واستعِذ عند آية الوعيد عند سكتات الإمام، وكذلك حال قراءتك لنفسك داخل القيام أو خارجه، واجعل ذلك سجيةً لك، فما تعلم متى تكون الاستجابة.
الهمسة السابعة: خلال العشرين الأُوَل من الشهر، اجعل لك نصيبًا من آخر الليل تناجي به ربك وتسأله وتستغفره، فهي لحظات عظيمة تَطرَب النفس لذةً بها، كيف لا وهي تناجي خالقها وفاطرها ومن بيده الأمر كله، كيف لا وهذا العمل هو من سبب نجاتها بإذن الله تعالى.
فيا أخي الكريم، اجعل لك ولأسرتك من هذا نصيبًا ولو كان يسيرًا، فما أجمل أن يكون أهل البيت صغارًا وكبارًا في ذلك الوقت قيامًا وركوعًا وسجودًا داعين ومبتهلين، إن في هذا حياة القلوب وثباتها على دين الله تبارك وتعالى.
الهمسة الثامنة: سلْ نفسك: أين أنت من ثلث الليل الآخر، فإن الناس يتفاوتون في عزمهم واهتماماتهم، فقد يكون البعض مستثمرًا لهذا الوقت الفاضل الجليل بأعمال تُقربه إلى الله تعالى من صلاة ودعاء واستغفار، ونحو ذلك؛ لأن هذا الوقت هو لهذه الأعمال الصالحة، مؤجلًا الأعمال الأخرى لوقتها الذي هو لها، في نهاره أو في أول الليل ونحو ذلك، وقد يكون البعض ضيَّع تلك اللحظات الجوهرية الذهبية الغالية بأحاديث جانبية أو تصفُّحٍ لوسائل تواصل، وما أشبه ذلك، علمًا بأنه يستطيع تأجيل ذلك إلى وقت مفضول، لكنه لم يُوفق كما وُفق الأول، فمن أي الفريقين أنت؟ إنك في ثلث الليل الآخر تُنادى: هل من داعٍ فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ فأين الصنف الثاني من هذه النداءات، ولكنه التوفيق والحرمان، أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياك من الموفقين.
الهمسة التاسعة: احذر أن تقيدك خطاياك عن قيام الليل، فإن الذنوب قيود لصاحبها، فالانشغال قيد، والتسويف قيد، والتساهل قيد، وضَعفُ العزيمة قيد، وهكذا تتابع القيود على بعض الناس فلا يبرح أن قام الناس وهو لم يقُم، فاحذر تلك القيود واطلب ما يطلبه الحريصون، فالجميع بحاجة ماسة وضرورة.
الهمسة العاشرة: إن اللذة التي يجدها القائم بين يدي الله تعالى - خصوصًا في ثلث الليل الآخر - هي لذة عظيمة لا يُعادلها لذة من ملذات الدنيا، كيف لا وهي لقاء برب العالمين؟ كيف لا وهي مناجاة ودعاء من بيده مقاليد الأمور؟
حقًّا إنها لذة تصغُر وتتحطم عندها جميع الملذات، يعرف مَن تذوَّقها ذلك، فلنكن نحن جميعًا كذلك!
الهمسة الحادية عشرة: كيف كانت بيوت السلف في رمضان وغيره في ليلها ونهارها؟ إنه يُسمع لهم آثارٌ في التلاوة والعبادة، ويظهر ذلك على سلوكهم وأخلاقهم وورعهم وزهدهم ووجوههم؛ حيث إنهم تواصوا على ذلك، وما زالت بيوتٌ في زماننا ولله الحمد شبيهةً بذلك؛ حيث نزل عليهم توفيق الله تبارك وتعالى، ورزَقهم من حيث لم يحتسبوا، فابذل الأسباب في اللحاق بهم، فإن المجال مُتاح والأسباب قد تتهيَّأ إذا صدق الإنسان في عزيمته، فإن الله تعالى يُعينه ويُسدده!
الهمسة الثانية عشرة: على الوالدين الكريمين تشجيع الأولاد جميعًا على القيام وتحفيزهم ببيان الأجور لهم، وصُحبتهم إلى المساجد، وتربيتهم على صلاة النافلة في البيت، فإن هذا خيرٌ عظيم لهم جميعًا، مع الدعاء لهم بذلك، ومع الأحاديث الثنائية معهم حِيال القيام، فإنهم بذلك ينشؤون نشأة صالحة تكون سياجًا لهم عن كثير من الشرور!
الهمسة الثالثة عشرة: حاول واعزم أنك بعد رمضان ستستمر على شيء من قيام الليل، سواء في أوله أو وسطه أو آخره، فاجعل شهر رمضان انطلاقةً لك، فإن عمل الحسنة بعد الحسنة من علامات القبول؛ قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى} [محمد: 17]، وحيث إنك صليتَ إحدى عشرة ركعة طوال الشهر، وزدتَ ما كتب الله لك في العشر الأخيرة، فهذه توجد عندك العزيمة على الاستمرار في شيء من قيام الليل، فهو دأب الصالحين، وأرجو أن نكون جميعًا منهم.
الهمسة الرابعة عشرة: هل تعلم ماذا تفعل عشر دقائق قبل الفجر؟ إن فيها خيرًا كثيرًا، فيها الدعاء في ساعة الإجابة، وفيها ركعتان في ظُلمة الليل، وفيها الاستغفار، فتكون من المستغفرين بالأسحار، وغيرها كثير، وأحب العمل إلى الله تعالى أدومه وإن قلَّ، ولعل هذا القليل يكثُر مع مزاولته، فإن الحسنة تَجُر الحسنة الأخرى!
الهمسة الخامسة عشرة: يُشرع في صلاة الليل الجهر في القراءة ما لم يؤذِ أحدًا، ويكون جهرُه منشطًا له وطاردًا للسآمة والملل والمشقة، وداعيًا للتدبر والتأمل، وله أن يُراوح بين الجهر والإسرار حسب ما يكون مُلائمًا لقلبه.
وأخيرًا: إن قيام الليل من الأعمال الصالحة التي تحتاج إلى دُربة، ولكنه يسهُل مع التدريج والعمل، فحاول اللحاق بركب الصالحين، فهم ينادونك بقولهم: اركب معنا، فإن قيام الليل من دأبهم، فكن أحدهم.
وفَّقنا الله إلى كل خيرٍ، وزادنا جميعًا من فضله ورحمته، وإلى حلقة أخرى، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
منقول
ابوالوليد المسلم
26-04-2022, 01:32 AM
صلاة الفجر في المسجد (من دروس رمضان وأحكام الصيام)
أحمد علوان
الثمرات العشر لصلاة الفجر
1- النور التام يوم القيامة:
عن بريدة الأسلمي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بشِّر المشَّائين في الظُّلَم إلى المساجد، بالنور التام يوم القيامة» [1].
2- ركعتا الفجر خير من الدنيا:
عن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ركعتا الفجر خيرٌ من الدنيا وما فيها» [2]، يعني سنة الفجر، فإذا كانت ركعتا الفجر خيرًا من الدنيا وما فيها، فكيف بصلاة الفجر؟!
3- شهادة الملائكة:
قال تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر وصلاة العصر، قال: فيجتمعون في صلاة الفجر، قال: فتصعد ملائكة الليل، وتثبُتُ ملائكة النهار، قال: ويجتمعون في صلاة العصر، قال: فيصعد ملائكة النهار، وتثبت ملائكة الليل، قال: فيسألهم ربهم: كيف تركتم عبادي؟ قال: فيقولون: أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون» [3].
4- دخول الجنة والنجاة من النار:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لن يلِجَ النار أحدٌ صلى قبل طلوع الشمس، وقبل غروبها» - يعني الفجر والعصر[4]، وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم «مَن صلى البَرْدَيْنِ دخل الجنة» [5].
5- أجر قيام الليل:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى العشاء في جماعةٍ فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعةٍ فكأنما صلى الليل كله» [6].
6- دعاء الملائكة:
عن عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَن صلى الفجر ثم جلس في مصلاه، صلَّتْ عليه الملائكة، وصلاتهم عليه: اللهم اغفِرْ له، اللهم ارحَمْه» [7].
7- في ذمة الله وحِفظه:
عن جندب بن عبدالله رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى الصبح فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيءٍ فيدركه فيكبه في نار جهنم» [8].
8- أجر حجة وعمرة:
عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن صلى الغداة - (الفجر) - في جماعةٍ، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجةٍ وعمرةٍ تامةٍ تامةٍ تامةٍ» [9].
9- البراءة من النفاق:
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أثقل صلاةٍ على المنافقين صلاة العِشاء، وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا، ولقد هممت أن آمر بالصلاة، فتقام، ثم آمر رجلًا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجالٍ معهم حزمٌ من حطبٍ إلى قومٍ لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار» [10].
10- رؤية الله يوم القيامة:
عنجرير بن عبدالله، قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فنظر إلى القمر ليلةً - يعني البدر - فقال: «إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم ألا تُغلَبوا على صلاةٍ قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، فافعلوا» ، ثم قرأ: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: 39][11]...
وإذا أردتَ أن تصبح طيب النفس نشيطًا، فعليك بصلاة الفجر؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «يعقِدُ الشيطان على قافية رأس أحدكم ثلاث عُقَدٍ إذا نام، بكل عقدةٍ يضرب عليك ليلًا طويلًا، فإذا استيقظ فذكر الله انحلت عقدةٌ، وإذا توضأ انحلت عنه عقدتان، فإذا صلى انحلت العُقَد، فأصبح نشيطًا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان» [12].
أخي الصائم، لا تنسَ صلاة الضحى بعد شروق الشمس بقدر رمح - أي ما يعدل (20) دقيقة - فهي سنَّة مؤكدة عن رسول الله..
وجاء في فضل صلاة الضحى: عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقةٌ؛ فكل تسبيحةٍ صدقةٌ، وكل تحميدةٍ صدقةٌ، وكل تهليلةٍ صدقةٌ، وكل تكبيرةٍ صدقةٌ، وأمرٌ بالمعروف صدقةٌ، ونهيٌ عن المنكر صدقةٌ، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى» [13].
وهي وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة، حين قال: «أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ لا أدعهن في سفرٍ ولا حضرٍ: ركعتي الضحى، وصوم ثلاثة أيامٍ من الشهر، وألا أنام إلا على وترٍ» [14].
وإن زدتَ في عدد الركعات، فهو خيرٌ لك: عن نعيم بن همارٍ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يقول الله عز وجل: يا بن آدم، لا تعجزني من أربع ركعاتٍ في أول نهارك، أَكْفِكَ آخرَه» [15].
أقلها وأكثرها:
المتفق عليه أن أقل عدد لصلاة الضحى: ركعتان، أما أكثرها: فيرى المالكية والحنابلة أن أكثر صلاة الضحى ثمان ركعات، ويرى الحنفية والشافعية وأحمد - في رواية عنه - أن أكثرها اثنتا عشرة ركعة، ويسلم من ركعتين[16]، ثم الراحة قليلًا قبل ذهابك إلى العمل؛ حتى تستطيع أن تواصل يومك.
وصية عملية:
ما أجملَ أن تمكث في المسجد بعد صلاة الفجر، فتملأ هذا الوقت بالأذكار والاستغفار، وتلاوة القرآن، حتى تطلع الشمس، فهذا يعدِل حجةً وعمرة.
[1] أبو داود 561، والترمذي 223، وقال الألباني: صحيح.
[2] مسلم 725.
[3] مسند أحمد 9151، وإسناده صحيح.
[4] مسلم 634.
[5] متفق عليه.
[6] مسلم 656.
[7] مسند أحمد 125، وإسناده حسن.
[8] مسلم 657.
[9] الترمذي 586، وحسنه الألباني.
[10] مسلم 651.
[11] البخاري 554 ومسلم 633.
[12] متفق عليه.
[13] مسلم 720.
[14] أبو داود 1432، وصححه الأرناؤوط.
[15] أبو داود 1289، وقال الأرناؤوط: صحيح.
[16] انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية، ج27، ص225، 226 باختصار، الصادرة عن: "وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية" بالكويت، دار الصفوة - مصر، ط1/ من 1404 - 1427ه.
ابوالوليد المسلم
27-04-2022, 12:07 AM
فرغ وقتا للدعاء في رمضان واغتنم أوقات الإجابة
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ثلاثةٌ لا تُردُّ دعوتُهم: الإمامُ العادلُ، والصَّائمُ حتَّى يُفطر، ودعوةُ المظلُوم؛ تُحملُ على الغمام، وتُفتحُ لها أبوابُ السَّموات، ويقُولُ الرَّبُّ عزَّ وجلَّ: وعزَّتي، لأنصُرنَّك ولو بعد حينٍ»؛ (رواه أحمد، وقال مخرجوه: إسناده صحيح) .
وعند الترمذي: ((والصَّائمُ حين يُفطرُ)).
وللأسف، تجد كثيرًا من الناس مشغولين عن تفريغ وقتٍ للدُّعاء طوال نهار الصيام، لا يفكِّر أن يجلس وقتًا ولو قصيرًا يدعو الله تعالى ويطلب منه ما يريد.
ومن الصائمين أيضًا مَن ينشغل عند الفطر بالطعام، وترتيبِ الطعام...، ونسينا كذا، ونقص كذا، وأحضروا الماء...، وتجد حركةً وجلبَة في البيت...، أحدهم يذهب هنا وآخر يذهب هناك، وينسى الجميع أن يدعوا الله...، وينسى الأب أن يجمع أولاده للدعاء!
وهذه من الفرص العظيمة التي يغفل عنها الناس.
وقد كان بعض الصالحين يخصِّصون لرمضان دعوات، يلِحُّون عليها طيلة شهر رمضان، في السجدات وأدبار الصلوات، وقبل الإفطار وعند الإفطار، وفي الأسحار.
يقول أحدهم: فوالله الذي لا إله إلا هو، لا يأتي رمضان القادِم إلاَّ وقد أعطانا الله جميعَ حاجاتنا!
_____________________________________________
الكاتب: عبدالله سليمان السكرمي
ابوالوليد المسلم
27-04-2022, 12:17 AM
العشر الأواخر: الليالي الفاضلة
أحمد قوشتي عبد الرحيم
ما أحوج العبد في هذه الليالي الفاضلة للإكثار من سؤال ربه العون على الطاعة ، والإحسان فيها ، وتيسير السبل إليها ، وقبولها {إياك نعبد وإياك نستعين}
« اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك»
وما أحوجه أيضا للاستعاذة بالله من الصوارف والموانع التي تصرفه عن الطاعة في تلك الأوقات المباركة ، ومن أعظم تلك الصوارف : العجز والكسل والاشتغال بما لا يفيد .
«اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل»
وللغزالي كلمة موجعة في هذا الصدد حيث قال:
" فإن الله سبحانه إذا أحب عبدا استعمله في الأوقات الفاضلة بفواضل الأعمال ، وإذا مقته استعمله في الأوقات الفاضلة بسيء الأعمال ، ليكون ذلك أوجع في عقابه وأشد لمقته ، لحرمانه بركة الوقت وانتهاكه حرمة الوقت" الإحياء 1 / 188 .
ابوالوليد المسلم
27-04-2022, 12:34 PM
العودة للتهجد بعد التراويح
• هل ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يفيد بأن الجماعة يعودون لما يسمى صلاة التهجد بعد صلاة التراويح؟ وإن وجد فما هو النص؟
• وهل ثبت عن أحد من الخلفاء الراشدين الذين أمرنا بالاقتداء بسنتهم فعل ذلك؟
• ومتى بدأ العمل بهذه الصلاة؟
• وهل يصح اليوم أن يعبد الله بما لم يكن يُعبد به يومئذ؟
• وما حكم هذه الصلاة المستحدثة في رأي بعض الناس؟ أهي سنة أم بدعة؟
أفيدونا مشكورين بالدليل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فالسؤال فيه خمس فقرات:
الفقرة الأولى: حكم العود للتهجد بعد التراويح، جائز ولا حرج فيه والأفضل أن يكون بعد نوم لقوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79] ولايسمى تهجداً إلا بعد نوم، ولم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقوم من أول الليل ثم يعود بهذه الصفة، لكن هذا لا يعني المنع منه، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - قد أذن في قيام الليل مطلقاً ورغب فيه ولم يحدد له وقتاً معيناً لا يجوز تعديه، ولا عدداً معيناً لا يجوز تجاوزه، والله عز وجل يقول {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] فالليل كله وقت للصلاة، وعن أنس مرفوعاً: ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليقعد. متفق عليه، وهذا حديث صريح في الجواز، فإذا صلى المرء جزءاً من الليل ثم نام قليلاً ليرتاح وينشط جسده وخاصة في العشر الأواخر فلا بأٍس بذلك، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحي الليل في العشر الأواخر. متفق عليه.
أي يستغرق الليل كله كما قال النووي وغيره، وغاية ما في الأمر أن هؤلاء الذين يعودون عجزوا عن إحياء الليل كله، فقالوا نحيي ما نقدر عليه فنقوم جزءاً من أوله وندرك فضل آخره، وهذا لا حرج فيه فهو فعل لبعض الخير وترك لما عجز عنه أو ضعف عنه مما لا يجب في الأصل.
وقد كان الصحابة - رضي الله عنهم - يحيون الليل كله في رمضان كما ثبت بسند صحيح فيما رواه الإمام مالك عن محمد بن يوسف عن السائب بن يزيد أنه قال أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة قال وقد كان القارئ يقرأ بالمئين حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر. ومع البعد عن عصر النبوة والقرون الفاضلة ضعف الناس عن هذا فقاموا بعض الليل وحرصوا على إدارك آخره لأنه وقت ساعة الاستجابة كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة، وهذا جائز ولا يتصور فيه خلاف بين أحد من العلماء.
وصلاة التروايح قد بدأت في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث صلى بهم ليالي ثم ترك الصلاة بهم خشية أن تفرض عليهم، وصلى في بيته، ثم أحيا هذه السنة عمر مرة أخرى وجعل عليهم أبي بن كعب، ولو منعنا من مثل هذه الصورة للزم أنه لايجوز لمن صلى مع أبي أن يخرج من الصلاة ثم يعود قبل الفجر ليدرك معه ما بقي من الصلاة، وهذا ظاهر البطلان.
والخلاصة أن هذا جائز ولاحرج فيه وليس بدعة بل صاحبه مأجور غير مأزور لما سبق من الأدلة الصريحة الصحيحة.
والله أعلم.
__________________________________________
الكاتب:أ. د. عبدالله بن مبارك آل سيف
ابوالوليد المسلم
27-04-2022, 07:10 PM
أزف الرحيل!
محمد بن سعد آل زعير
دَنا الرحيلُ فقُوِّضِت الخِيامُ ونُقِضَ الغَزْلُ ولم يعد ذاك المنزلُ إلا أطلالاً دَارِسات ونُؤْياً مُتَثَلِّمِات([1])وأثافيًّا([2])قد تباعد بعضها كأن لم يُوقَد عليها نار ومَرَابِضُ الدوابِّ قد عَفتْها السَوَافِي([3])والأمطار.
هكذا كانت كأنها لم يلتقِ فيها خِلٌّ بِخِلِّه ولم يُصاف حبيبٌ مُحبَّهُ ولم تُودِّعْ والدة وَليدَها ولم تحتضِنْهُ بحرارة عند قدومه من الغُربة.
هكذا أقفرَت([4]) من كل شئ فأصبحت كأنها لم يشدُ بها شادٍ ولم يُغَرِّدْ فيها يَمامٌ.
بِوَجْزةَ أطلالٌ تَعفَّتْ رُسُومُها وَأقفرَتْ بعدَ الأنيسِ قَدِيمُها * * * * *
يا دارُ أمسَى دارِساً رَسْمُها وَحْشاً قفاراً ما بِها آهِـلُ قَـدْ جَرَّتْ الرِّيحُ بها ذَيْلَها واستـنَّ في أطلالِها الوَابلُ([5]) لقد أَزِفَ الرحيلُ ، نعم إنه يُلمِلمُ مَتَاعَهُ يُقلِّبُ أوراقه ليُرتِّبها حَسب الأهم، والأيدي تمتد إليه باستعطاف أن ابقَ وتَريَّث! فَنِعْمَ الضيف أنت وَنِعْمَ القَرينُ أنتَ، وَنِعْمَ الصاحِبُ الوفيُّ أنتَ!
فيكَ تنزَّلُ الرَّحماتُ، وفيك يَلطُفُ الباري بعباده، إن أيَّامَك لَجِدُّ غالية، نَسماتُها كالسّلسبيل على القلب عَذْباً، ودقائقها بالخير ملأى.
ما إن تَفلُتُ يدُهُ من يد واحد إلا تَلقَّفها آخر، يسترحمُه بأدب، أن ابقَ وتريَّثْ..فَنِعْمَ الضيف أنت…وَنِعْمَ الصاحِبُ الوفيُّ أنتَ… وهكذا من يَد شَخصٍ إلى آخر، ولكنه كالطود شامخاً، لا يجيب!!
تَرمُقُهُ النظرات ومِلءُ جُفونها العَبرات، تَلحَظُهُ العيون وهي تهمي الدمع الجُمان، تنظر إليه وهو يحزم حقائبه، ويُرتِّبُ دفاتره، وربما كانت هذه آخر حقيبة يَقْفِلها.
إنه قد عزم على الرحيل، وشمَّر للنهوض ليودِّع الأهل والمحبين، إنها ساعة في ظني لحزينة، بل مُفجعةٌ مؤلمةٌ، وليس أشدّ على النفس من الفراق والوداع.
كـأن سِناناً فارسيا أصابني على كَبِدي بَلْ لَوعةُ البينِ أوجعُ([6]) ******
إلى الله أشكو من فِراقك لوعةً طُويت لها مِنِّي الضُلوع على جَمْرِ ([7]) إنه لا يلتفت على استِعطافِ مسكين، ولا ينظر إلى مُقَلِ المُحب وقد شابَها الدمع الهَتون.
نعم لقد رحل وبقي المحبُّون والأهلونَ وغيرهم ولكن ماذا استفدنا من هذا الضيف الكريم؟
مِنْ شُعاعِهِ الوَّهاج، مِنْ مائِهِ الثَّجَّاجِ، مِنْ نبعِ حُبِّه الصافي الرَّقْراقِ، مِنْ كريم خِلالِه التي تَشُقُّ على العَادّ.
نَعمْ رحل وفي العين دمعةٌ، وفي القلب حُزن، وفي النفس جَوَى وحُرقةٌ…
نَعمْ أَزِفَ الرَّحِيلُ…بل رحل الضيف العزيز، وتركنا بلا ليلة مباركة تُسمى ليلة القدر، الليلة العظيمة التي مَنْ وُفِّق لها غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه، حَسبه شرفاً ويكفيه فخراً من ذاق طعمها!
تركنا ورحل بأيامه حُلوةِ المذاق، من صومٍ ولذة عبادة، وتعويدٍ للنفس على الصبر والمشقة، وعلى البذل والعطاء، ذهب بلياليه العِذاب، مناجاة وذكرا للرحمن، وتلاوة للكتاب تشرح الصدر بالإيمان، فَمُحِبُّوه كثير، وأخِلاؤه جَمعٌ غفير…إنهم ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ [الذاريات: 17]
لقد أقَضَّ مَضْجَعَهُم نارٌ تلظَّى، فلم يعد لجنوبهم خلود للنوم أو تلذُّذٌ بالفراش الناعم، اشتاقت نفوسهم إلى خير عظيم وَعَدَهم الله إياه، إنها جنة عرضها السموات والأرض، إن من صفاتهم في لياليه الغالية﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الذاريات: 18]. لقد لازمَ ذكرَ الله لسانُهم، والقيامُ والتهجُدُ أجسامَهم حتى تَكلَّلَتْ الأقدام، وتوجعتْ المفاصل والعِظام.
وذاك في ذات الإلـهِ وإنْ يشَأ يُبارك على أوصالِ شِلوٍ مُمَزَّعِ([8]) حتى إذا حانَ السَّحر، وأوشَكَ الصبح أن يَتَنفَّسَ، اغتنموا ما تبقى بالاستغفار، ليختموا عملهم بتوبة، سبحان الله هؤلاء الطائعون يختمون عباداتهم بالاستغفار، فكيف بمن يختم ليلته ويومه وشهره وسنته بلا استغفار ولا توبة؟!!
إنهم ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ [السجدة: 16]كأنهم على حَسَكِ السَّعْدَان([9]) يتقلبون يميناً وشمالاً، فلا يروقُ لهم نوم ولا هَجْعَة، فينهضون يَصُفُّون بين يدي الله﴿يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [السجدة: 16] خوفاً من ناره وطمعاً في رحمته وجنته، فماذا كان جزاؤهم؟ استمع إلى قوله تعالى بعدها: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [السجدة: 17].
إني ألحَظُهم يُعزِّي بعضهم بعضاً، ويُواسي الأخ أخاه على فراقه…
إنه قد رحل وتركهم فلا تجد فيهم إلا مُكبًّا على وجهه يبكي، وآخر يُكَتِّمُ الحسرات المؤلمات، وآخر لا يستطيع الكِتمان فتندُّ العين بالدمع جهراً… لماذا يا ترى؟ ألأِنّه رحَل؟…أم ماذا؟…إنهم يؤمنون بسنة الله وقضائه في هذه الحياة…
﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 26-27]
ولكن حُرقَتُهُم ولوعَتُهم وأساهُم والجوى الذي خيَّم عليهم مع فراقه هو: هل كانوا فيه من الفائزين؟ هل كانوا فيه من المقبولين؟ هل كانوا فيه ممَّن صامه وقامه ووُفِّق لليلة القدر إيماناً واحتساباً فَغُفِرَ له ما تقدم من ذنبه؟؟ أم كانوا غير ذلك؟؟
هل هم ممن سَيُدعون غدا يوم الحساب ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾ [الزمر: 73]؟؟!!([10])
([1]) النؤي: الحاجز حول الخيمة لئلا يدخلها المطر، المتثلم: المتهدم من جميع جوانبه.
([2]) الأثافي: هي الأحجار التي توضع عليها القدر، ومنه قولهم: رماه الله بثالثة الأثافي. قال ثعلب: أي رماه الله بالجبل، أي بداهية مثل الجبل، والمعنى: أنهم إذا لم يجدوا ثالثة الأثافي أسندوا قدورهم إلى الجبل.
([3]) عفا: محا، وعفت الرياح الآثار إذا مَحَتْهَا ودَرَسَتْهَا، السوافي: الرياح.
([4]) أقفرت: خَلَت.
([5]) الأبيات الثلاثة لعمر بن أبي ربيعة.
([6]) ذو الرَّمة.
([7]) أبو فراس الحمداني.
([8]) خبيب بن عدي (رضي الله عنه) عندما صلبته قريش تريد قتله.
([9]) حسك السعدان: نبات له ثمرة خَشْنَة تَعْلَق بأصواف الغنم، وهو الشوك.
([10]) كانت هذه الخاطرة لتسع خَلَوْنَ وعشرين من الشهر المبارك، لعام ألف وأربعمائة واثنين وعشرين من الهجرة الشريفة، على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم.
ابوالوليد المسلم
28-04-2022, 10:24 AM
ليلة القدر ومواسم المغفرة المستترة
لما اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى أن يكون الطريق إلى جنانه ورضوانه محفوفا بمكاره الأنفس ومجاهدة شهواتها، فتح لهم المواسم التي ينثر عليهم فيها فضائل إنعامه، والنفحات التي يغنم من التحف بنسماتها عاقبة دهره وأيامه، وجعل مواسم بذل المغفرة هذه على ضربين اثنين:
الضرب الأول: مواسم معروفة محددة بعلامات ثابتة، معَلًّمة بأمارات كونية يدركها الناس على اختلاف مضاربهم وتنوع مشاربهم، وذلك مثل الثلث الأخير من كل ليلة الذي ينزل فيه الله – تعالى في عظمته – إلى عباده فيقول: هل من سائل فأعطيه؟ هل من داع فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ ومثل شهر رمضان المبارك الذي جعله الله شهر سياحة دينية لهذه الأمة من كل عام يرفع به درجات المتقربين إليه ويحرر فيه الرقاب بتحريمها على النار، ومثل يوم عرفة والعشر الأول من شهر ذي الحجة.
الضرب الثاني: مواسم أخفاها الله تعالى في ما حولها من الشعائر والأزمنة واللحظات لئلا تفوز بها إلا الهمم العالية التي تخلص في طلب المغفرة من ربها، لا تألو في ذلك جهدا ولا تدخر سببا، وتتسنم طرق النجاة على وعورتها، ولا تتكل أو تتواكل في ذلك لعلمها بغلاء السلعة التي تطلب، وذلك مثل: الصلاة الوسطى التي نوَّه الله بفضلها وضرورة المحافظة عليها بأمرين اثنين جاءا متتابعين في سياق واحد؛ قال تعالى: { {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} } [البقرة: 238]؛ فالصلاة الوسطى هذه فسرت بخمس أقوال، تدور مع الصلوات الخمس، ليستفاد من ذلك أن الأجر المترتب على المحافظة عليها لا يحصل عليه يقينا إلا من واظب على الصلوات الخمس جميعها، ومثل ساعة الجمعة التي لا يوافقُها عبدٌ مؤمنٌ يسأل اللهَ شيئًا إلا أعطاه إيَّاه، ومثل ليلة القدر التي جعل الله أجر العبادة فيها أفضل من ثواب العبادة لمدة 83 سنة وثلاثة أشهر، وهو ما يقترب من أعلى رصيد من سني عمر يمكن أن يصله إنسان هذه الأزمان
قال المناوي: وفيوض مواهب الإنعام هذه تبدو لوامعها من فتحات أبواب خزائن الكرم والمنن في بعض أوقات من مدد الرحمة، فمن تعرض لها بجمع همة وحضور قلب حصل له منها دفعة واحدة ما يزيد على هذه النعم الدائرة في الأزمنة الطويلة على طول الأعمار، فإن خزائن الثواب بمقدار على طريق الجزاء وخزائن المنن النفحة منها تفرق فما تعطي على جزاء له مقدار ووقت معلوم، ووقت النفحة غير معلوم بل مبهم في الأزمنة والساعات، وإنما غيب علمها لنداوم على الطلب بالسؤال المتداول، كما في ليلة القدر وساعة الجمعة فقصد أن نكون متعرضين لها في كل وقت قياما وقعودا وعلى جنوبنا وفي وقت التصرف في أشغال الدنيا، فإن المداوم يوشك أن يوافق الوقت الذي تفتح فيه الخزائن فيظفر بسعادة الأبد.
وإذا ما ركزنا قليلا على ليلة القدر فسنجد أن هذه الليلة الفرد التي هي خير من عبادة عابد بلغ المائة عام وهو مستغرق للعمر في عبادة الله – على اعتبار أن البلوغ أدركه في سن السابع عشرة – لا شك أن هذه الليلة فرصة نادرة بل هي فرصة العمر بحق تفتح شراع المغفرة ممتدا إلى منتهاه لكل المذنبين والمقصرين ليعودو إلى الله، ويعوضوا بها ما ضيعوا من سني العمر ولحظاته، ولا غرو أن يخفي الله هذه الليلة بين الليالي لتكون حصرا على المجدين، فالدر مخزون في لب الأصداف في أعماق البحار، ولذا لن يظفر بها إلا من التمسها في جميع أوقاتها، احتياطاً واستظهاراً، وطلبا لها في جميع مظانها، ولعل ذلك هو سر الحكمة في إخفائها ليحصل الاجتهاد في التماسها في العشر الأخيرة كلها، ولينشط المسلم ببذل الجهد في العبادة والدعاء والذكر بخلاف ما لو عينت لها ليلة لاقتُصِر عليها وحسب وعطلت بقية الليالي.
وقد درس العلامة الحافظ ابن حجر العسقلاني النصوص والأقوال الواردة عن السلف في تحديد ليلة القدر دراسة مستفيضة قال في خلاصتها: "وقد اختلف العلماء في ليلة القدر اختلافا كثيرا وتحصل لنا من مذاهبهم في ذلك أكثر من أربعين قولا، كما وقع لنا نظير ذلك في ساعة الجمعة، وقد اشتركتا في إخفاء كل منهما ليقع الجد في طلبهما"، ثم سرد ستا وأربعين قولا ووجها في تحديد موعد ليلة القدر في كلام نفيس مليء بالاستدلالات والترجيحات والاعتراضات المطروحة على كل قول، ونسبته إلى من قال به من السلف والصحابة مع عزو جميع ذلك إلى مصادره وأسانيده، وهذا البحث القيم الذي استغرق من الحافظ ابن حجر أكثر من 15 صفحة في موسوعته الضخمة في شرح صحيح البخاري اختزل فيه خلاصة الأقوال المتعلقة بتحديد هذه الليلة بالقول: وأرجح الأقوال كلها أنها في وتر من العشر الأخيرة وأنها تنتقل كما يفهم من الأحاديث، وأرجاها أوتار العشر وأرجى أوتار العشر - عند الشافعية - ليلة إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين، وأرجاها عند الجمهور ليلة سبع وعشرين.
وأيا ما كان الحق في هذه الأقوال فإنه من الثابت عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أنه قال يوما لأصحابه رضوان الله عليهم: «خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت وعسى أن يكون خيرا لكم فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة»، (أخرجه أحمد في المسند، والبخاري في صحيحه)، فهذا النص صريح في أن النبي صلى الله عليه وسلم أنسيها فلم يكن يعلم تحديد موضعها من بين ليال العشر الأواخر، أحرى من دونه من الصحابة والتابعين فالصالحين ومن دونهم، وفيه أيضا التصريح بأن سترها ورفعها خير لنا، كذلك فإن المتأمل في النصوص الواردة في هذا السياق يجد أنها وإن ورد في بعضها حصر ليلة القدر في النصف من السبع الأواخر، أو في أوتار العشر الأواخر أو في السبع الأواخر أو في العشر الأواخر فإن نفس رواة هذه الأحاديث أثبتوا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشد المئزر ويحي الليل ويوقظ الأهل في العشر الأواخر كلها لا يفرق بين آحادها وأزواجها في الاجتهاد في العبادة، بل كان يرغب في قيام رمضان كله وينوه بعظيم الأجر لمن فعل
فديدن المسلم المتأسي بنبيه صلى الله عليه وسلم أن يجتهد في العبادة ويكثر من الطاعة في كل وقت وحين، وأن يجعلها هِجِّيراه وخصوصاً في شهر رمضان ويتأكد ذلك في العشر الأخيرة منه، فها هو النبي صلى الله عليه وسلم الذي غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، يقوم ويعتكف ويشد المئزر رجاء أن يدرك ليلة القدر؛ فكان – صلوات ربي وسلامه عليه - في بادئ الأمر يعتكف العشر الأوائل من أجلها، ثم اعتكف العشر الوسطى، ثم أتي فقيل له: إنها أمامه؛ أي في العشر الأواخر، فأقل ما يصح في حقنا ونحن المقصرون المذنبون أن نجعل العشر كلها ليلة القدر وإن استطعت فرمضان كله أو العام كله، هذا هو الأفضل من أجل أن نحتاط لإدراك فضل هذه الليلة العظيم؛ إذ إنها صفقة رابحة في كل الأحوال، وهذا ما يفسر أقوال سلفنا الصالح، فقد جاء عن الإمام مالك بن أنس وابن المبارك أنهما قالا: تحروا ليلة القدر في العشر كلها وترها وشفعها، وقد كان عبد الله بن مسعود يقول: من يقم الحول يصب ليلة القدر.
منقول
ابوالوليد المسلم
28-04-2022, 10:56 PM
انتهاء رمضان بين الحزن والفرح
موقع الشبكة الاسلامية
كل عام وأنتم بخير، وأسعد الله أيامكم، تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام، تقبل الله منا ومنكم الصدقات وقراءة القرآن، تقبل الله منا ومنكم الطاعات والعبادات وسائر الأعمال.
ها هو شهر رمضان قد مضى
مضى بأيامه الفاضلة، ولياليه العامرة.
مضى بعد أن كان بين أيدينا، وملء أسماعنا ونور أبصارنا، وبهجة قلوبنا.
بعد أن كان حديث منابرنا، وزينة منائرنا، وسمر مجالسنا، وحياة مساجدنا.
مضى بعد أن انفض سوق تجارته، وانتهى مضمار سباقه.
مضى حاملا معه صحائف أعمالنا، شاهدا فيها لنا أو علينا.
مضى بعد أن قسم الناس إلى ظالم لنفسه ومقتصد وسابق بالخيرات بإذن الله.
فليت شعري من أي الأقسام نحن؟.
لقد فاز في رمضان من جد واجتهد؛ ففاز بالرحمة والغفران، والعتق من النيران.
وخسر من خسر بسبب الغغفة والبطلان والذنوب والعصيان.
فليت شعري من الفائز فنهنيه، ومن الآخر فنعزيه؟
مضى رمضان فبكت قلوب المؤمنين حزنا على فراقه قبل أن تدمع عيونهم..
وحق للقلوب أن تحزن وللعيون أن تبكي وتدمع على فراق شهر الرحمة والتوبة والرضوان الغفران.
حق للقلوب أن تحزن وللعيون أن تدمع على شهر اكتحلت فيه بدموع المحبة والخوف والرجاء. وعزت جباهنا بالسجود والذل لرب الأرض والسماء.
حق للقلوب أن تحزن وللعيون أن تدمع على شهر الجد والاجتهاد.. بعد أن جعل القرآن حياتنا، والصلاة والوقوف بين يدي الله متعتنا، وذكر الله غذاءنا.
لكنني أقول أيها الإخوة
لئن كان من حقنا أن نحزن على فوات كل هذا الخير بفوات رمضان.. إلا أنه أيضا من حقنا أن نفرح:
نفرح بنعمة الإسلام التي لولاها ما عرفنا الله، ولا عرفنا رسول الله، ولا عرفنا رمضان، ولا عرفنا القرآن.
نفرح بنعمة الإسلام الدين الذي اختاره الله لنا واختارنا الله له بعد أن اختاره الله لنفسه فلا يقبل من أحد دينا سواه.. {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ}[آل عمران:19]، {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران:85]
نفرح بنعمة الله علينا، وبإحسانه إلينا وإتمام نعمته وإكمال فضله.. فأكرمنا ببلوغ رمضان، وأتم علينا نعمته بإكماله، وتفضل علينا بتوفيقه، فوفقنا فيه فصمنا الشهر كاملا، وقمنا الشهر كاملا، ودعوناه ورجوناه وأملنا خيره وبره وثوابه ونعماه.
ولماذا لا نفرح والله تعالى يقول: {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون}؟
ولماذا لا نفرح النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه»، «من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» ـ «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه»..
وقد صمنا بحمد الله، وقمنا بفضل الله، والتمسنا ليلة القدر قدر الطاقة والمستعان الله.
فاللهم اجعلنا ممن صام رمضان إيمانا واحتسابا، وقام رمضان إيمانا واحتسابا، وممن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا.
إن انقضاء رمضان ليس معناه انتهاء العبادة..
فإذا كان رمضان قد انتهى وزال فإن رب رمضان لا يزول ولا يحول، وإن كان رمضان مضى وفات فإن رب رمضان هو الحي الذي لا يموت.. وبئس العبد عبد لا يعرف ربه إلا في رمضان.
ليس معنى انتهاء رمضان نهاية الصوم، فإذا كان صوم الفريضة قد تم فهناك صيام النوافل (الاثنين والخميس، والست من شوال، وعاشوراء، وعشر ذي الحجة)
وإذا كان قيام رمضان قد انتهى، فإن قيام الليل لم ينته.. والأمر ما زال كما قال عليه لاصلاة والسلام [أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل].
وأما القرآن فليس هو بكتاب رمضان فقط، وإنما هو دستور الله لأمة الإسلام على مدار الأوقات والأيام والأزمان.
فيا أيها الأفاضل الكرام:
واصلوا طاعاتكم، وتابعوا قرباتكم، فإن من علامات قبول الطاعة الطاعة بعدها، فلا يكن آخر العهد بالقرآن ختمة رمضان، ولا بالقيام آخر ليلة من لياله، ولا بالجود والكرم آخر يوم فيه.. ولكن شمروا واستقيما على ما كنتم فيه في رمضان فـ {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون}.
إن انقضاء رمضان ليس معناه أن يعود الإنسان إلى سابق عهده قبله ويرجع إلى سالف ذنبه، ويطلق سمعه وبصره ولسانه، ويظهر سيء خلقه؛ فإن النكوص والارتداد على الأعقاب بعد زمن الطاعة من علامات الرد وعدم القبول.
يقول ابن رجب رحمه الله: "من استغفر بلسانه وقلبه على المعصية معقود، وعزمه أن يرجع إليها بعد الشهر ويعود، فصومه مردود وباب القبول عليه مسدود".
وقد حذرنا القرآن عن هذا المسلك غير الرشيد وهذا المسلك غير السديد فقال سبحانه: {ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا}. وقال سبحانه: {ولا تبطلوا أعمالكم}.
وهو تحذير للذين كانوا يحافظون على الصلوات في المساجد في رمضان فلما انتهى تركوها.
وإلى الذين كانوا يقرؤون القرآن في رمضان فلما مضى هجروه وأعادوا المصاحف إلى رفوفها.
وإلى الذين تركوا المحرمات ـ من شرب دخان وحشيش ومخدرات ومسكرات ـ فلما انتهى رمضان عادوا إليها وقارفوها.
وإلى الذين هجروا مشاهدة المحرمات وسماع الأغنيات طيلة رمضان فلما مضى عادوا إليها ووقعوا فيها.
إن الإسلام يعلمنا أن مواسم الطاعة لا تنتهي، كلما انقضى موسم أتى موسم، فإذا مضى موسم الصيام بدأ بعده مباشرة موسم الحج، وفي صحيح مسلم عن أبي أيوب الأنصاري عن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال فذلك صوم الدهر».
فكونوا ربانيين ولا تكونوا رمضانيين، ولا تقطعوا طاعاتكم وعباداتكم؛ فإن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل.
تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام والدعاء وسائر الأعمال.. وجعلنا وإياكم من المقبولين الفائزين.
ابوالوليد المسلم
29-04-2022, 05:11 PM
سلامة الأبدان في كمال الصيام (1)
كتبه/ علاء بكر
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فالصيام عبادة قديمة فَرَضَها الله تعالى على الأمم السابقة، أدَّاها مَن سبقنا مِن الرسل والنبيين، ومَن سار على نهجهم مِن اتباعهم المؤمنين الصالحين، قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون"، ومع أن الصيام عبادة محضة لله تعالى أمر بها ورتَّب عليها الثواب الجزيل، وجعل للصائمين بابًا في الجنة لا يدخل منه إلا أهل الصيام، يُنادَى عليهم منه، فإذا دخلوا أغلق دونهم فلا يدخل منه غيرهم؛ إلا أنه مما لا شك فيه أيضًا: أن للصيام فوائد بدنية ونفسية كثيرة وعظيمة ينالها أهل الصيام إذا أحسنوا صومهم، والتزموا بما ينبغي عليهم فيه، بل يعتبر الأطباءُ الصيامَ مدرسة لتقوية وتنشيط البدن، ومستشفى لعلاج العديد من الأمراض.
ومع التسليم بأن حديث: "صوموا تصحوا" لا يصح؛ فإن معناه صحيح، داخل في عموم قوله تعالى: "وأن تصوموا خير لكم"، وليس غريبًا أو جديدًا على الأسماع أن هناك في عالمنا الكثير من الكائنات الحية من غير البشر، تمارس صورًا من الصيام في حياتها وبصفة دورية، ولا تستغنَى عنه، بل جبلت وفطرت على ذلك؛ فهو غريزة فيها تجد فيه صلاحها ومنفعتها.
ففي فصل الشتاء تنخفض الحرارة ويقل الغذاء، فتمارس أنواعٌ من الكائنات الحية صومًا اختياريًّا، فتسكن بعض الحيوانات في جحورها بضعة أسابيع أو بضعة شهور تمتنع أو تقلل فيها من الحركة وتناول الطعام، ومن أشهرها: "الدب القطبي" الذي ينام ساكنًا قرابة خمسة أشهر مِن كل عام، ومنها: أسماك تدفن نفسها في قاع الماء الذي تعيش فيه لمدة زمنية، ومنها: برمائيات تدفن نفسها في الطين أو الرمل في فترة الشتاء، ومن أشهرها: الضفادع في بياتها الشتوي، وتصوم أنواع عديدة من الأسماك والطيور المهاجرة خلال فترة هجرتها إلى أماكن التزاوج و الدفء، وهناك حشرات تمر بمرحلة من التحوصل أو التشرنق بدون طعام أو حراك.
والعجيب: أن هذه الكائنات على اختلافها تعود -أو تخرج- بعد مدة صيامها تلك، وقد أصبحت أكثر حيوية ونشاطًا؛ فالدببة تخرج من بياتها الشتوي أقل وزنًا وأكثر نشاطًا، وأسرع حركة، والضفادع تخرج من بياتها لتملأ الدنيا انتشارًا ونقيقًا، والطيور المهاجرة ترجع أكثر نشاطًا وصداحًا، والحشرات تخرج من بياتها على صورة فراشات رشيقة تطير في الهواء.
وهذه الأمور المعلومة والمشاهدة في حياتنا بانتظام تعد في حقيقتها أمور فطرية تهتدي إليها وتمارسها هذه الكائنات على اختلافها بالغريزة، وتلعب دورًا مهمًّا في الحفاظ على الحياة واستمرار النوع، أي: أن هذه الصور من الصوم المنتظم عند هذه الكائنات ضرورية لحياتها، ومن هنا يأتي السؤال -والذي بالطبع يحتاج إلى الإجابة عنه-: هل للإنسان نصيب أو حاجة لهذه الصور من الصيام؟
لقد توالت الأبحاث والدراسات العلمية التي أجريت شرقًا وغربًا حول الصيام، وأكَّدت تلك الأبحاث والدراسات بما لا يدع مجالًا للشك: أن هناك فوائد ومنافع للصيام تعود على الإنسان بدنيًّا ونفسيًّا، وبالتالي حاجة الإنسان في كلِّ زمان ومكان للصوم، بل ربما كانت حاجة الإنسان في زماننا للصوم المنتظم أكثر من الأزمنة التي مضت لكثرة المأكولات الدسمة، وكثرة الملوثات.
ومن المعلوم: أن الجسم يقوم بإحراق المواد الغذائية المهضومة؛ للحصول على الطاقة اللازمة للحركة والعمل، وينتج عن هذا الاحتراق ذرات حرة من الأكسجين لها تأثير سيئ على جدران الخلايا وعلى الدهون في الجسم؛ إذ تسبب الكثير من الأمراض، وتبدي مظاهر الشيخوخة خاصة التجاعيد.
ويزيد الأمر سوءًا: أننا صرنا نأكل يوميًّا كميات كبيرة من أطعمة أغلبها دسمة مليئة بالدهون والمقليات، والحوادق والتوابل، ونتعرض إلى كميات ليست بالقليلة من الملوثات في الخضروات والفواكه بتأثير المبيدات والأسمدة، إلى جانب تلوث الهواء عبر أدخنة المصانع والشركات، وعوادم المركبات المتنوعة، والسيارات ووسائل النقل المختلفة، بل وتلوث مياه الشرب نتيجة إلى تزايد تلوث مصادرها.
ويقوم الجهاز الهضمي للإنسان يوميًّا، ولساعات طويلة بعمليات الهضم والامتصاص والإفراز، بدءًا من طحن الطعام في الفم، ونقله وتحريكه حتى إخراج فضلاته، وعمليات الهضم والتمثيل الغذائي لكل هذه المواد تستهلك جزءًا كبيرًا من طاقة الكبد الذي يلعب دورًا كبيرًا في مقاومة الأمراض من خلال تطهير الجسم من السموم الضارة من خلال معادلة سميتها وتسهيل عمليات إخراجها من الجسم حفاظًا عليه من أضرارها المدمرة.
كما أن هناك أنواعًا من المأكولات تحدث مشاكل عديدة في الجسم كالتي تسبب الحساسية: كالأسماك والبيض، والمانجو والفراولة، والموز والشكولاتة، وهناك وجبات كثيرة فيها دهون تضر الجلد حيث تتسبب في ظهور حب الشباب والدمامل والبثور والتهابات الجلد، وتزيد فرص حدوث ذلك بزيادة كميات المأكول منها، وتقل وتنقص احتمالات الإصابة بذلك بالتقليل منها.
ومما يزيد الأمر سوءًا: أن السموم التي تدخل الجسم مع تناول الأطعمة واستنشاق الهواء الملوث تظل داخل الجسم عادة ذائبة، وملتصقة بالدهون، وتتصف بكونها في تزايد وتراكم مستمر، تزيد بزيادة الدهون في الجسم وتنقص بنقصها.
ويزيد الأمر سوءًا: حال مرض الجسم فيصبح كثرة الطعام -خاصة غير المناسب لطبيعة المرض- عبئًا على الجسم حيث يستهلك من الجسم طاقة يحتاجها المريض في مقاومة المرض، ويستهلك الهضم والتمثيل الغذائي جزءًا من طاقة الجسم، ويقلل من دور الكبد الكبير في مقاومة أمراض الجسم؛ إذ إنه ينقي الدم ويطهره من السموم الضارة -كما ذكرنا-.
وتتسبب الأطعمة كثيرة الأملاح والكوليسترول في زيادة ضغط الدم في الشرايين، كما أن للإكثار من تناول المنبهات: كالشاي والقهوة تأثيره أيضًا على الشرايين، ويحدث اضطرابات في ضربات القلب، ولا ننسى أن الإكثار من الطعام عامة يسبب البدانة والسمنة بكل ما تجلبه من أمراض ومضاعفات سيئة على البدن، كما أن الإكثار من السكريات والنشويات يضر البدن عادة، ويضر مرضى السكر خاصة، ويزيد كذلك من العبء والحمل الملقى على البدن عامة وعلى البنكرياس خاصة.
فإذا صام الإنسان صيامًا منتظمًا لعدة أسابيع متتالية؛ فهو بذلك يسدي لجسمه خدمة جليلة، لها مردودها النافع على البدن كله، من جهة تقليل مرات وكميات الطعام التي يتناولها يوميًّا، ومن جهة إعطاء أجهزة وأعضاء الجسم المختلفة الراحة لساعاتٍ طويلةٍ يوميًّا؛ لاستعادة حيويتها ونشاطها الطبيعي من جديد، وهذا ظاهر وواضح.
وقد أجريت دراسات وأبحاث عديدة في الغرب على صيام المرء صيامًا كليًّا بالامتناع عن الطعام والشراب بالكلية، أو صيامًا جزئيًّا بالامتناع عن الطعام كلية، والاقتصار على شرب الماء فقط، لمدة 12 ساعة متصلة يوميًّا، ولمدة 4 أسابيع متتالية، فتوصل العلماء على فوائد ومنافع لهذا الصوم لا يسع المرء تجاهلها، وتؤكد على أهمية أن يصوم الإنسان بانتظام على فتراتٍ من العام؛ حفاظًا على صحته العامة وسلامته، وتجديدًا لحيوية أجهزة الجسم، واستعادة كمال نشاطها وقدراتها من حين لآخر.
فالإنسان إذا صام لساعات طويلة أثناء اليوم يبدأ الجسم في استهلاك وحرق المواد الغذائية المخزنة فيه، مثل: الجليكوجين والدهون؛ للحصول على الطاقة اللازمة للحركة والعمل، ثم يتجه إلى بعد ذلك إلى حرق واستهلاك أنسجته الداخلية، وعادة يبدأ الجسم باستهلاك الخلايا التالفة أو المريضة أو الهرمة، فإذا عاد لحالته الطبيعية من تناول الطعام عوَّض الجسم هذه الخلايا التالفة أو الضعيفة التي أحرقت واستهلكت بخلايا جديدة قوية نشيطة، فالصيام هنا أشبه بجراح يستأصل من الجسم خلال فترات الصيام الطويلة الخلايا الميتة والضعيفة، ويستبدلها عند العودة لتناول الطعام بخلايا صحيحة قوية، وفي هذا فائدة أيما فائدة للجسم.
وأثناء فترة الصيام لساعات طويلة يستريح الجسم خلالها من عمليات الهضم والتمثيل الغذائي، ويتوقف فيها بالتالي إنتاج ذرات الأكسجين الحرة ذات التأثير المدمر على خلايا الجسم؛ مما يساعد على الوقاية من الأمراض، ويؤخر من الدخول في مظاهر الشيخوخة، ويفقد الجسم بعضًا من وزنه الزائد، مع استعادة نشاط الجسم وحيويته من جديد.
ففي بعض التجارب وُجِد أن: تقليل الطعام لبعض الفئران بنسبة الثلث يزيد في أعمارها بنسبة تصل إلى 40 %، وتتأخر لديها علامات ومظاهر الشيخوخة وتتحسن حالتها الصحية البيولوجية بصورة أفضل، فتستطيع أن تعمل بعد ذلك بمعدلات عمل أعلى، ولفترة عمل أطول مقارنة في ذلك كله بالفئران الأخرى التي ظلت طوال فترة التجارب تأكل طعامها المعتاد كاملًا.
وأثبتت تجارب أخرى: أن الجهاز الهضمي يستريح طوال ساعات الصيام الطويلة من طحن الطعام وتحريكه ونقله ومن الإفراز والهضم والامتصاص، وهذه الراحة تعد بالفعل ضرورية للجهاز الهضمي -ولفترة طويلة نسبيًّا- تتاح للجهاز الهضمي فيها صيانة وترميم نفسه، وتتاح أيضًا: الفرصة لأجزائه المريضة أن تتداوي وتقاوم مرضها؛ هذا إلى جانب استفادة الجسم من الطاقة المتوفرة التي كان يبذلها الجهاز الهضمي طوال ساعات الأكل، إلى جانب تفرغ الكبد لتطهير الجسم من السموم في الدم حيث تزيد نسبة تطهير الكبد لسموم الجسم خلال ساعات الصيام بنحو (25 – 30) %، حيث إنه مع الصيام يتوفر جزء كبير من الدم الذي كان يذهب إلى الجهاز الهضمي عقب تناول الطعام.
كما وجد أيضًا: أن كثيرًا من حالات الأرق والقلق واضطرابات النوم التي تصاحب البعض؛ بسبب الإفراط في الطعام أو تناول أطعمة غير مناسبة، والتي قد تصل إلى حدِّ الحرمان من النوم الهادئ ليلًا بسبب حموضة في المعدة أو انتفاخ ومغص في الأمعاء ناتج عن عسر الهضم.
وبالطبع يساعد تلاشي ذلك كله بالصيام على أن ينام الإنسان في هدوء، كما تقل معاناة القلب؛ خاصة عند مرضى القلب حيث يقل العبء على القلب بقلة تعاطي السوائل والشاي والقهوة والماء، والتي تزيد من حجم الدم وتؤدي إلى زيادة العبء على القلب واضطراب ضرباته.
ولهذه المنافع والفوائد تبلورت فكرة استخدام الصوم كعلاج طبي خاصة للأشخاص الذين يعانون من السمنة والبدانة، وأمراض الجهاز الهضمي المختلفة، وأمراض الجهاز العصبي والسمنة، وأدَّى تراجع هذه الأمراض، بل والشفاء منها بالصيام إلى انتشار المصحات في الغرب التي تعد الصيام المنتظم وسيلة من وسائل علاج الحالات المذكورة، وغيرها.
ومع كل ما ذكرناه فيما سبق -وذكره كثيرون حول فوائد ومنافع الصيام للأبدان؛ السليمة منها والسقيمة، كل بحسبه- فإننا ننبه على: أن كمالَ هذه الاستفادة مرهون بكمال هذا الصيام، وكمال ما جاء في الإسلام من أحكام وآداب تناول الطعام عامة، وأحكام وآداب الصيام خاصة؛ لذا فعلى كل صائم أن يعلم أن صلاحه الدنيوي والديني هو في التزامه في صيامه بما جاء في الكتاب والسنة في هذا الشأن، مع الاقتداء في ذلك بما ورد من هديه صلى الله عليه وسلم في كل ما يتعلق بهذا الموضوع جملة وتفصيلًا؛ فخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
قال ابن القيم رحمه الله في كتابه القيم: (زاد المعاد) في (فصل: في هديه صلى الله عليه و سلم في الصيام) وكأنه معنا الآن وبيننا: (وللصوم تأثير عجيب في حفظ الجوارح الظاهرة والقوى الباطنة، وحمايتها عن التخليط الجالب لها المواد الفاسدة، التي إذا استولت عليها أفسدتها، واستفراغ المواد الرديئة المانعة له من صحتها، فالصوم يحفظ على القلب والجوارح صحتها، ويعيد إليها ما استلبته منها أيدي الشهوات).
ويضيف: (والمقصود أن مصالح الصوم لما كانت مشهودة بالعقول السليمة والفِطَر المستقيمة شرعه الله لعباده؛ رحمة لهم، وإحسانًا إليهم، وحمية وجُنَّة. وكان هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه أكمل الهدي، وأعظم تحصيل للمقصود وأسهله على النفوس).
وعن هديه صلى الله عليه وسلم في الانتظام في الصيام طوال العام إضافة إلى صيام شهر رمضان يقول ابن القيم رحمه الله: (كان صلى الله عليه وسلم يصوم حتى يقال لا يفطر، ويفطر حتى يقال لا يصوم، وما استكمل صيام شهر غير رمضان، وما كان يصوم في شهر أكثر مما يصوم في شعبان، ولم يكن يخرج عنه شهر حتى يصوم منه).
وللحديث بقية إن شاء الله.
ابوالوليد المسلم
29-04-2022, 05:14 PM
قصة تمرة!
كتبه/ سامح بسيوني
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فيأتي لنا رمضان كلَّ عام ليضبط لنا مفهومًا في غاية الأهمية؛ نحتاج أن نحيا عليه، ونغرسه في أبنائنا؛ لأن هذا المفهوم عليه مَدَار نُصْرَة دين الإسلام؛ هذا المفهوم قد نفهمه مع تلك التمرات التي نسارع في الإفطار بها مع أذان المغرب اتباعًا للنبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يفطر على رطبات، فإن لم يجد أفطر على تمرات.
فهذه التمرة التي نتلهف إليها مع أذان المغرب لنكسر الصيام هي في الحقيقة تمثِّل قصة أمة؛ أمة الإسلام المتميزة في عقيدتها، وفي شرائعها، وفي سلوك أفرادها؛ المتميزة في أخلاقها، المتميزة في اتباعها لأوامر نبيها، كما في الحديث الصحيح الذي يوجهنا فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يزال الدِّين ظاهرًا ما عجل الناس الفطر؛ لأن اليهود والنصارى يؤخرون".
انظر إلى حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تميُّز الأمة الإسلامية عن غيرها من الأمم؛ إذ يأمرنا بمخالفة سلوك اليهود والنصارى لأنهم يؤخرون الفطر؛ فأمرنا نحن بتعجيل الإفطار.
وهذه إشارة وتوجيه واضح من النبي صلى الله عليه وسلم، وبيان لمفهوم مهم في حياة المسلم، وهو: أن دين الإسلام هو الدِّين الحق، الدين المتميز كما قال الله عز وجل: "إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ"؛ فدين الإسلام هو دين التوحيد، وسورة الإخلاص التي نحفظها جميعًا ونكررها كثيرًا: "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ . اللَّهُ الصَّمَدُ . لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ . وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ" تمثِّل في الدِّين الإسلامي ركيزة أساسية، وهذه السورة تعدل ثلث القرآن.
وكذلك سورة الكافرون التي يحفظها الصغير والكبير منا، ونكررها كثيرًا، تمثِّل ركيزة مهمة في سلوك المسلم، تعدل ربع القرآن، فدين الإسلام دين متميز في عقيدته، متميز في اتباعه لأوامر نبيه صلى الله عليه وسلم، واتباع أوامر النبي هو السبيل لنصرة هذه الأمة، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: "لا يزال الدين ظاهرًا".
ونية الاتباع في أمر النبي صلى الله عليه وسلم ستكون سببًا في نصرة الدين وعزة المسلمين، والعكس بالعكس؛ لذلك يجب أن ننتبه للمحاولات المستمرة من أعداء الأمة؛ لتذويب عقيدة المسلمين، وهدم مفهوم اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في نفوس أبناء المسلمين، وأجيال المسلمين القادمة، وهم يعملون في أطروحات متتابعة، ومشاريع عالمية يدعمونها بمئات الملايين من الدولارات، مثل: مشروع الدين الإبراهيمي الذي يروِّجون له الآن، ويحاولون فيه أن يجمعوا الأديان كلها في دين واحد تحت مسمَّى الدين الإبراهيمي، والغرض الأساسي هو: تذويب عقيدة المسلمين، وسبحان الله نجد في كتاب الله ما يهدم هذا المشروع؛ فإن الله تعالى يقول: "إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ"، ويقول: "مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ".
فدين الإسلام دين متميز عن غيره من الأديان، ونحن لا بد أن ننتبه في محاولات تذويب هذه العقيدة المتميزة؛ التي هي سبب قوة وظهور المسلمين على غيرهم.
ومشروع التطبيع الثقافي الذي يُدعَم ويُفرض، هو محاولة لفرض التسليم على أجيال المسلمين، حتى يسلموا بعد ذلك بلادهم لليهود، وهم آمنون! وهذا يستدعي الانتباه، وإدراك مغزى ما يحدث أمامنا.
والمقصود: أن مفهوم تميُّز المسلمين أمر حتمي الضبط؛ عندنا في أنفسنا، وعند أبنائنا، وعند أجيالنا القادمة.
وقصة التمرة التي نتناولها عند الإفطار توضِّح لنا بجلاء ذلك المفهوم العظيم الذي نحتاج أن نغرسه في نفوسنا، ونفوس أبنائنا مِن بعدنا، ونفوس أجيال المسلمين المتتابعة.
ابوالوليد المسلم
29-04-2022, 05:17 PM
رمضان وصناعة التغيير (1)
كتبه/ عصمت السنهوري
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فرمضان محطة لصناعة التغيير؛ فقد جعل الله عز وجل رمضان مصنعًا للتغيير، فأحداث التغيير العظام التي مرت بها الأمة والتي كانت فيها حال الأمة بعدها ليس كحالها قبلها كانت في رمضان؛ فبدر الفرقان كانت نقطة تحول في حال أمة الإسلام في الجزيرة العرب.
والأمة بعد بدر ليست كالأمة قبلها، والصحابة بعد بدر ليسوا كالصحابة قبلها؛ بل صحابة بدر لهم شأن خاص، وكذلك مكة قبل الفتح ليست هي مكة بعد الفتح؛ مكة قبل الفتح كانت فيها الأصنام حول البيت تعبد، فلما جاء الفتح أزيلت عبادة الأصنام، والفتح كان في رمضان.
فرمضان محطة عظيمة لصناعة التغيير في الأمة عبر تاريخها، وإذا كان رمضان كذلك فحري بالإنسان أن يبنى من جديد، وأن يولد من جديد، وأن يكتشف نفسه من جديد في رمضان؛ فيصنع في نفسه تغييرًا، ويصنع لها مستقبلًا، وهذا التغيير صناعة جعل الله عز وجل مقوماتها موجودة في رمضان، فهذا موسم عظيم لصناعة التغيير.
التغيير يحتاج إلى محفزات، وهذه المحفزات تشحذ الهمم نحو المعالي وترتقي بالنفس نحو التغيير الى الأفضل، وهذه المحفزات مقومات تدفع الإنسان من داخله نحو التغيير دفعًا، وتُعلي همته وترقى بها إلى التغيير، وإلى أن يكون إنسانًا جديدًا؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلي عليه وسلم: "إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّياطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ".
فأبواب الجنة تفتح على الحقيقة لا على المجاز، وداعي الله ينادي: يا باغي الخير أقبل، وأبواب النار تغلق حقيقة؛ فكيف بإنسان يظل مصرًّا على أن يقذف بنفسه في النار، ويلهث خلف المعاصي والذنوب، وما زال في غفلة يترك لنفسه العنان تلعب به هنا وهناك بعيدًا عن القرب، بعيدًا عن الطاعة وعن رضا الرب عز وجل؟!
وإذا ضاعت من العبد فرصة لا يستطيع أن يجعل نفسه في سجل المعتوقين، وضاعت عليه ليلة وأخرى وثالثة؛ فلو ضاعت منه فرصة من العتق فما زال أمامه فرص أخرى فرمضان على مدار ثلاثين ليلة فيه عتق من النار.
دعوة عظيمة لأن يصنع الإنسان تغييرًا من نفسه؛ لأن يتغير تغيرًا إيجابيًّا حقيقيًّا.
ومن الفرص: ثلاثية المغفرة الله عز وجل، فقد منح الله العباد في رمضان ثلاثية عظيمة للمغفرة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه"، وقال: "مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه"، وقال: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه".
ومنها: أن فيه ليلة هي خير من ألف شهر، ليلة القدر كفيلة وحدها لأن تكون مصنعًا عظيمًا للتغيير، ولصناعة إنسان التقوى.
ليلة القدر من حرم خيرها فقد حرم.
محروم مَن لم يتغير في ليلة القدر.
محروم من لم يصنع لنفسه مستقبلًا حقيقيًّا في ليلة القدر.
ومنها: أن الأجور تتضاعف في رمضان.
كيف لعبدٍ يرى الأجور تتضاعف والحسنات تتضاعف، وهو ما زال في غيه، وهو ما زال في إخلاده إلى الأرض وإلى الشهوات.
العمرة فيه كحجة مع النبي صلى الله عليه وسلم عمرة يعدل ثوابها الحج مع النبي صلى الله عليه وسلم.
ومنها: أن في الجنة بابًا يسمى باب الريان لا يدخله إلا الصائمون، عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، قِيلَ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَإذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ، فَيَشْرَبُونَ مِنْهُ، فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا"، فهلا تاقت نفسك إلى ميلاد جديد؟!
وللحديث بقية إن شاء الله.
ابوالوليد المسلم
29-04-2022, 10:47 PM
أجمل ما في صدقة الفطر!!
زهير سالم
لن أتحدث عن الخلاف: في مادة الصدقة، هل تكون عينية أو نقدية؛ فذلك خلاف أخذ حقه من الحوار منذ قرون.
سأتحدث عن معنى آخر في صدقة الفطر، قلما انتبه إليه، المتحدثون..
ونحن نعلم أن الزكاة إنما تجب على من ملك نصاباً، وحال عليه الحول عنده..
ولكن الصدقة بشكل عام، وبالندب العمومي لها، وصدقة الفطر بالإيجاب الشرعي لها، لا نصاب لها.
يعني الكل مطالب بصدقة الفطر، وكل يخرج مما تصل إليه يده.
ومن الصور البديعة التي رسمها الفقهاء المبدعون، وأنا أعشق الفقهاء المبدعين، قالوا تمثيلاً: لو وجد فقيران، كل واحد منهما لا يملك إلا قوت يومه في العيد، يخرجانها..
يدفع الأول للثاني ما عنده، ويرد عليه الثاني بدفع ما عنده، ويحتسبانها عند الله صدقة فطر..
صدقة الفطر يخرجها الغني والفقير، يتصدق الفقير على من كان أفقر منه، أو على مثله. فلا تلووا ولا تعرضوا..
يا أيها الناس صونوا أعراضكم
صلوا أرحامكم
أطعموا جائعكم
علموا أطفالكم
اللهم أعط منفقا خلفاً.. وألهم ممسكا حتى يعلم" وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه"
يقول: كيف يخلفه عليَّ وأنا صاحب دخل محدود لا يزيد ولا ينقص: ويقول العارفون: يقيك زلة في نفسك أو فيمن تحبك، كانت ستكلفك ما لا تتصور!!
تعتنق المعاني في الإسلام فيحضر(داووا مرضاكم بالصدقة) والصدقة تدفع البلاء..
ومقدار صدقة الفطر الواجبة مقدر لمن يظل يقيس، وأنت حين تصلي تحب أن تغترف من العفو والمغفرة اغترافاً كن كذلك عندما تتصدق، اجعل بعض الزيادة تتسرب من بين أصابعك..
ادفع وانت تدعو يا غفار الذنوب.
يا رب
ابوالوليد المسلم
30-04-2022, 11:41 AM
كيف نكسب ليلة القدر؟
أيها المسلم الكريم:
الليلة هي ليلة التاسع والعشرين من رمضان المبارك، وقد تكون هي ليلة القدر، وهي من أعظم الليالي، قال تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3]، وهي الليلة التي مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ.
ومن الحرمان أن ترى بعض المسلمين يقضون هذه الفرصة النادرة فيما لا ينفعهم، فإذا جاء وقت القيام كانت أحوالهم ما بين نوم أو سمرٍ، أو غيبة، أو متابعة الأفلام والمسلسلات!
فيا ترى كيف نكسب ليلة القدر؟ كيف نُكْتَبُ من الفائزين بليلة القدر؟
ينبغي للمسلم الحريص على طاعة الله أن يهتم بهذه الليلة ويحرص على قيامها إيمانًا بها، وطمعًا في أجرها العظيم، وذلك:
أولًا: تطهير الظاهر والباطن: قال ابن رجب (رحمه الله): "يُستحبُّ في الليالي التي تُرجى فيها ليلة القدر التنظفُ، والتطيب، والتزين بالغُسل، والطيب، واللباس الحسن، ولا يَكْمل التزيُّن الظاهر إلا بتزيين الباطن؛ بالتوبة والإنابة الى الله تعالى".[1]
ثانيًا: الدعاء والصدقة: عند غروب الشمس ادعُ الله تعالى أن يعينك على قيام ليلة القدر، واحرص على أن تفطِّر صائمًا، وجهز صدقتك لهذه الليلة، ولا يفتر لسانك من دعائك بـ «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني»، وخاصة في الثلث الأخير من الليل.
ثالثًا: صلِّ صلواتك بخشوع: وحافظ على صلاة العشاء والفجر بجماعة، ولا تفوتك صلاةُ التراويح، وصلاة القيام، وتذكر قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ...». [2]
رابعًا: التفرغ للعبادة من غروب الشمس الى الفجر: وذلك بإغلاق الفضائيات، ومواقع التواصل الاجتماعي التي سرقت أغلب أوقاتنا، وقطع علاقاتك مع الناس، لأن الليلة ليست ليلة المسلسلات ولا ليلة التصفح في مواقع التواصل، ولا ليلة القال والقيل، بل هي ليلة القرآن، والدعاء، والصلاة، والاستغفار، فالعَمَلُ الصالح فيها خيرٌ مِنَ العَمَلِ في ألفِ شَهرٍ، فمحروم والله من فرّط في ليلة القدر ليلة العزِّ، ليلة الكنز، ليلة الفوز.
خامسًا: الاجتهاد ليلًا ونهارًا: فليلة القدر كنهارها فلا تغفل عن ذلك، فقد ذهب العلماء إلى اعتبار ليلة القدر كنهارها في لزوم الاجتهاد في العمل الصالح، قال الإمام الشافعي (رحمه الله): "أَسْتَحِبُّ أَنْ يَكُونَ اجْتِهَادُهُ فِي يَوْمِهَا، كَاجْتِهَادِهِ فِي لَيْلَتِهَا". [3]
فيا رب بلغنا ليلة القدر، ولا تحرِمنا نورها، وبركتها، وأجرها، وعتقها، واجعل لنا فيها دعوة لا ترد، وافتَح لنا فيها بابًا إلى الجنة لا يسد، واكتبنا فيها من عتقائك من النار، ووالدينا، وكل من نحب والمسلمين أجمعين يا رب العالمين.
ونسألك لنا وللمسلمين الحفظ، والسلامة، والعافية من كل داء، وحسن الختام، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
[1] لطائف المعارف لابن رجب (ص: 189).
[2] صحيح البخاري، كتاب فضل ليلة القدر - باب فَضْلِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ: (3/ 59)، برقم (2014)، وصحيح مسلم، كِتَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ وَقَصْرِهَا- بَابُ التَّرْغِيبِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ، وَهُوَ التَّرَاوِيحُ:(1/ 523)، برقم (760).
[3] المجموع شرح المهذب للنووي: (6/ 451).
_________________________________________________
الكاتب: د. محمد جمعة الحلبوسي
ابوالوليد المسلم
30-04-2022, 11:02 PM
رمضان وصناعة التغيير (2)
كتبه/ عصمت السنهوري
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
التغيير يحتاج إلى إزالة العوائق والمثبطات:
وقد جعل الله عز وجل شهر رمضان محطة لحجب المعوقات التي تعوق الإنسان نحو التغيير، وإزالة العقبات التي تمنعه من السير إلى الله عز وجل.
ومن هذه العقبات: الشيطان"؛ فهو عدو الإنسان الأكبر الذي بيَّن عز وجل أن عداوته للإنسان واضحة، وحذَّر الإنسان من اتباع خطواته، فقال: "وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ"، وقال: "إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ".
وجاء رمضان كفرصة لحجب هذا العائق وإزالته من أمام الإنسان لكي يغير من نفسه ويقبل على ربه، ففي الحديث: "وتصفد فيه الشياطين، وتسلسل فيه مردة الجن"؛ فالشياطين مصفدة، ومردة الجانّ مسلسلة؛ فهذا العدو الأكبر قد يسر الله عز وجل حجبه عنك في رمضان.
ومنها: النفس التي بين جنبي الإنسان توسوس له وتمنيه، وتسعى في صدِّه عن الطريق إلى الله عز وجل، ويأتي رمضان ليمنع هذه النفس ويكبح جماحها، فيصوم الإنسان ويمتنع عن الطعام والشراب.
وإذا أراد أن يأكل أو يشرب لا يمنعه شيء إلا مراقبته لله عز وجل، فتحجب النفس وتبعد عن وساوسها وخواطرها التي تأخذ بالإنسان إلى المعاصي والذنوب.
ومنها أيضًا: الروتين الذي يعيش فيه الإنسان عائق من العوائق التي تمنعه من السير إلى الله عز وجل، وتمنعه من صناعة التغيير في نفسه، فيأتي رمضان يغير هذا الروتين، والإنسان يعيش في نفس الأعمال بنفس الطريقة، فيأتي رمضان وكأنه دورة في إدارة الوقت، وإدارة الذات؛ إذ تتغير الأعمال الروتينية في حياته، وكذلك العادات يأتي رمضان ليعدلها، ويغير الروتين الذي اعتاده الإنسان؛ فتتغير حياة الإنسان.
والتغيير يحتاج إلى النظر في محل التغيير وهو القلب، ففي الحديث: "إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسادكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم"، فالقلب هو محل التغيير حقيقة، وهذا القلب إن جمعت فيه خيرًا وعملًا صالحًا صح وصلح، وإن جمعت فيه شرًّا وعملًا فاسدًا خبث وفسد؛ فلينظر الإنسان: ماذا يصب في قلبه؟ وماذا يجمع فيه؟ ويأتي رمضان ليكون سبيلًا للنظر إلى هذا، وإلى المصبات التي تصب فيه، فالذي يصب في القلب العين والأذن، واللسان، واليد، والقدم، وكأن رمضان دورة إلى أن يعدل الإنسان من المصبات التي تصب في قلبه، فيحفظ هذه الجوارح، وبالتالي يحفظ قلبه.
والتغيير يحتاج أيضًا إلى شروط، وهذه الشروط إن وجدت تكون نقطة تحول وبداية انطلاقة نحو صناعة التغيير في الإنسان، فمنها:
?- الرغبة والإرادة الصادقة في التغيير: قال الله عز وجل: "إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ"، فإذا أراد الإنسان بنفسه أن يتغير يعينه الله عز وجل، ويلهمه التوفيق والسداد إلى التغيير، فصدق الإرادة وصدق الرغبة في التغيير، سبيل إلى النجاح وإلى التوفيق والسداد في صناعة التغيير.
?- معرفة طرق التغيير الصحيحة: فلا بد للإنسان أن يعرف الطرق التي تكون سبيلًا إلى التغيير، فربما أراد التغيير دون أن يعرف كيف يتغير، فلا قيمة في رغبته وإرادته إن لم يتعلم كيف يتغير، وأولى طرق التغيير أن يحدد موقعه الذي هو فيه، وأن يضع لنفسه خطة للتغيير، ويحدد ماذا يريد؟ وإلى أي موقع آخر يريد أن ينتقل؟ ومع هذه الخطة محاسبة للنفس ومتابعة لها، فينتج من ذلك التغيير المنشود.
?- التطبيق السليم لطرق التغيير: فلربما يكون الإنسان لديه رغبة وإرادة صادقة، ومعرفة بطرق التغيير، ولكنه لا يطبِّق ولا يأخذ بالإجراءات، ولا يسعى إلى تطبيق هذه الطرق، فماذا تنفع الرغبة؟ وبماذا يفيد معرفة الطرق إذا لم يكن هناك تطبيق يحقق التغيير الحقيقي؟!
فالتغيير يحتاج إلى الإعانة من الله سبحانه وتعالى، وأعظم أسباب الإعانة: الدعاء والانكسار، والتذلل والخضوع، وإعلان الفقر والمسكنة والحاجة إلى الله عز وجل، وقد جعل الله عز وجل رمضان فرصة عظيمة لإمداد المعونة والعون منه سبحانه وتعالى إلى عباده، ويتأكد الدعاء في وقت الصيام، وبين الأذان والإقامة، وفي وقت السحر -وقت النزول الإلهي-، وفي ليلة القدر.
وهناك عوامل كثيرة يستجلب بها الإنسان المعونة من الله عز وجل؛ فهذا موسى صلى الله عليه وسلم لما خرج من مصر هاربًا فارًّا بنفسه، توجَّه إلى مدين ولم يجد مأوى ولا طعامًا، ولم يجد عملًا، ولكنه خضع وأعلن الفقر لربه، وقال: "رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ"؛ أعلن المسكنة والفقر إلى الله سبحانه وتعالى، واستجلب منه المعونة والتوفيق، فأعطاه الله عز وجل السكن، وأعطاه العمل، والطعام والشراب، والزوجة.
فكذلك أمامنا جميعًا فرصة في رمضان فرصة لصناعة تغييره باستجلاب المعونة والتوفيق من الله سبحانه وتعالى؛ فإن الله عز وجل قد ذكر وسط آيات الصيام قوله تعالى: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ"، والدعاء هو سلاح المؤمن الذي لا تخطئ سهامه.
فاللهم أصلح شأننا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، إنك ولي ذلك والقادر عليه.
ابوالوليد المسلم
30-04-2022, 11:05 PM
سلامة الأبدان في كمال الصيام (2)
كتبه/ علاء بكر
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فللانتظام في الصيام طوال العام فوائده ومنافعه، وهو أمر محمود مطلوب من العبد، مرغوب فيه، على أن يكون على أكمل صوم وأتمه، كما وردت أحكامه وآدابه في القرآن الكريم، والسنة المطهرة، وهذا باب واسع نذكر بعضًا مما يتيسر منه:
عدم الإسراف في الأكل والشراب:
وهذا تصديقًا وامتثالًا لقول الله تعالى: "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين"، وتنفيذًا لوصية النبي صلى الله عليه وسلم: "بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا بد فاعلًا؛ فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنَفَسِه".
ولا يَخْفَى ما في الإفراط في الطعام والشراب للصائم وغير الصائم مِن مَضَارٍّ، فكثرة الطعام والشراب يثقل عمل الجهاز الهضمي، وأثناء عملية هضم الطعام وامتصاصه يتوجَّه جزءٌ كبيرٌ من الدم في الجسم (نحو 25 % من الدم) إلى الجهاز الهضمي، ويقل الدم المتوجه للأطراف والمخ نسبيًّا؛ لذا يشعر الإنسان بعد الإكثار من الطعام والشراب بالوخم وثقل الحركة، وضعف الرغبة في العمل، والميل إلى الكسل، مع قلة التركيز.
وقد نبَّه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك بقوله: "ما ملأ ابن آدم وعاءً شرًّا من بطنه"؛ ولذا قيل قديمًا: "إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة"، ومع المبالغة في الشبع وامتلاء البطن تكون الدعة والخمول، والرغبة في الازدياد من الشهوات والمتع الحسية، وتنامي الرغبة في الاستجابة لوساوس الشيطان لابن آدم، وفي الحديث المرفوع: "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم"، وتقليل الطعام والشراب يضيق مجاريه وحركته؛ ولذا فمع الانتظام في الصيام لأسابيع، وتقليل مرات وكمية الطعام والشراب فيها تتحسن الحالة البدنية والذهنية، وتختفي متاعب الجهاز الهضمي؛ خاصة المعدة والقولون والكبد.
فإذا واظب العبد على الصيام بهذه الكيفية لأيامٍ عديدةٍ طوال شهور العام: كما في صيام الاثنين والخميس من كل أسبوع، أو صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصيام الست من شوال، ويوم عاشوراء، ويوم عرفة لغير الحاج، ونحو ذلك، مع صيام شهر رمضان بأكمله؛ قلل ذلك كله من انطلاق ذرات الأكسجين الحرة في الجسم بأضرارها الجسيمة على جدران الخلايا والدهون والبروتينات، والتي تعجل بظهور مظاهر وأعراض وأمراض الشيخوخة على الإنسان.
ويزيد من أهمية ذلك: أننا في عصر نتناول من الطعام والشراب، أكثر بكثيرٍ مما نستهلك في الحركة والعمل في ظلِّ عصر التكنولوجيا، والتقدُّم العلمي والتقني؛ مما يورثنا السمنة والبدانة التي أصبحت أحد أكبر مشاكل العصر إلى جانب أمراض البول السكري، والقلب والأوعية الدموية، وارتفاع ضغط الدم؛ هذا في وقت تزايدت فيه السموم الضارة التي تدخل أجسامنا نتيجة تلوث البيئة؛ فالهواء ملوث بعوادم المصانع ووسائل النقل، والمياه ملوثة بتلوث الأنهار، والنباتات ملوثة من الإفراط والتمادي في استخدام المبيدات والأسمدة والكيماويات في الزراعة، حتى زادت بيننا نِسَب الإصابة بالسرطانات، والفشل الكلوي والكبدي بما لم يُعرَف من قَبْل، وصارت فرص النجاة الميسرة والسهلة، وغير المكلفة تتمثَّل في الصيام المنتظِم، وتقليل الطعام وتحسين البيئة، ومنع التلوث بأنواعه، وممارسة الرياضة البدنية.
الإفطار على الرطب والماء:
كان من هديه صلى الله عليه وسلم الإفطار بعد صيام يومه على رطبات أو تمر، أو يحسو حسوات من الماء، وهذا فيه من الفوائد الكثير، فعن أنس رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم يكن فعلى تمرات، فإن لم تكن تمرًا حسا حسوات من ماء"، وعن سلمان بن عامر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أفطر أحدكم؛ فليفطر على تمر، فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور"، وفي الحديث كمال شفقته صلى الله على أمته ونصحه لهم؛ إذ (عند نهاية مرحلة الصيام -في نهاية يوم الصوم- يهبط مستوى تركيز الجلوكوز والأنسولين من دم الوريد البابي الكبدي، وهذا يقلل بدوره نفاذ الجلوكوز وأخذه بواسطة خلايا الكبد والأنسجة الطرفية: كخلايا العضلات، وخلايا الأعصاب، ويكون قد تحلل كل المخزون من الجليكوجين الكبدي أو كاد، وتعتمد الأنسجة حينئذٍ في الحصول على الطاقة من أكسدة الأحماض الدهنية، وأكسدة الجلوكوز المصنَّع في الكبد من الأحماض الأمينية والجليسيرول) (راجع: مشتاق لرمضان، إيهاب الشريف، وانظر: الرطب والنخلة، د. عبد الله عبد الرازق السعيد).
وهذا يتسبب في تكوين الأجسام الكيتونية الضارة التي تؤثِّر على حموضية الدم؛ لذا فإمداد الجسم سريعًا بالجلوكوز في هذا الوقت له فوائد مهمة، وفي الرطب والتمر نسبة عالية من السكريات تؤدي هذا الدور ببراعة؛ إذ تتراوح السكريات فيها ما بين 75 و87 % يشكل سكر الجلوكوز 55 % منها، والفركتوز 45 %، ويتحول هذا الفركتوز إلى جلوكوز بسرعة فائقة، ويتم امتصاصه مباشرة من الجهاز الهضمي ليلبي حاجة الجسم من الطاقة؛ خاصة الأنسجة التي تعتمد عليه أساسًا كخلايا المخ والأعصاب، وخلايا الدم الحمراء؛ علاوة على احتواء الرطب والتمر على نسبة من البروتينات والدهون، وبعض الفيتامينات والمعادن المهمة، وعليه يرتفع تركيز الجلوكوز بسرعة في دم الوريد البابي الكبدي فور امتصاصه، ويدخل إلى الكبد أولًا ثم خلايا المخ والدم، والجهاز العصبي والعضلي، وجميع الأنسجة الأخرى التي هيأها الله تعالى لتكون السكريات غذائها الأمثل والأيسر للحصول منها على الطاقة، وعليه يتوقف (تأكسد الأحماض الدهنية فيقطع الطريق على تكون الأجسام الكيتونية الضارة، وتزول أعراض الأعياء والضعف العام والاضطراب البسيط في الجهاز العصبي إن وجدت لتأكسد كميات كبيرة من الدهون، كما يوقف تناول الجلوكوز عملية تصنيع الجلوكوز في الكبد، فيتوقف هدم الأحماض الأمينية، وبالتالي حفظ بروتين الجسم) (المصدر السابق).
(وعلى العكس من ذلك لو بدأ الإنسان فطره بتناول المواد البروتينية أو الدهنية؛ فهي لا تُمتص إلا بعد فترة طويلة من الهضم والتحلل، ولا تؤدي الغرض في إسعاف حاجة الجسم السريعة للطاقة؛ فضلًا عن أن ارتفاع الأحماض الأمينية في الجسم نتيجة للغذاء الخالي من السكريات -أو حتى الذي يحتوي على كميات قليلة منه- يؤدي إلى هبوط سكر الدم؛ ولهذا يمكن أن ندرك الحكمة في أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإفطار على التمر، واستحبابه كذلك في السحور) (المصدر السابق)، ففي حديث أبي هريرة المرفوع: "نعم سحور المؤمن التمر".
وينبغي أيضًا: تجنب تناول الماء بغزارة في بداية الفطر الصيام، فيكفي أن يحسو العبد حسواتٍ من الماء، كما كان هديه صلى الله عليه وسلم، وهذا يذهب الظمأ ويطفئ حرارة الصوم، ويعد وينبِّه المعدة لاستقبال الطعام بعد طول توقف، ففي الحديث: "حسا حسوات من ماء"؛ يقال: حسا الرجل الحساء، أي: تناوله جرعة بعد جرعة، والحسوة: ملء الفم مما يحسى. والحسوة: الشيء القليل.
ومن أحكام الإسلام وآدابه التي فيها سلامة الأبدان وقوتها، وكمال استفادتها من الصوم دون الإضرار بالبدن:
تعجيل الإفطار ومنع الوصال:
فمِن السنة: تعجيل الصائم تناول إفطاره، وترك وصال الصيام عقب نهاية وقته بدخول الليل، ومعلوم أنه بعد ساعات الصيام الطويلة خاصة في فصل الصيف أو مع شدة الحر، أو عقب يوم من العمل الكثير المرهق يحتاج المرء إلى سرعة رفع معدل الجلوكوز المنخفض في الدم من جهة، وسرعة إيقاف آلية إنتاج الجسم للأجسام الكيتونية الضارة الناتجة من الحصول على الطاقة اللازمة للجسم من حرق الأحماض الدهنية والأمينية من جهة أخرى؛ لذا فمن الأهمية بمكان تعجيل الفطر، وأن يتناول الصائم بعض الأغذية الغنية بالسكريات البسيطة مع جرعات من الماء قبل أن يصلي صلاة المغرب.
ونظرًا لحاجة جسم الصائم للطعام فقد أثبتت التجارب العلمية أن درجة امتصاص جسم الصائم للطعام تكون عالية جدًّا في ذلك الوقت؛ لذا فهو يستفيد استفادة كاملة من كلِّ ما يتناوله عقب دخول وقت الإفطار، ولذا فهو لا يحتاج إلى كثيرٍ طعامٍ وقتها بقدر كون هذا الطعام غنيًّا بالسكريات؛ ولهذا ينصح الصائم بالاكتفاء بكميات قليلة من الطعام في إفطاره لكونها ستكون كافية مع سرعة وقوة الهضم والامتصاص لتحقيق التوازن المطلوب للجسم بسرعة، وتلاشي نتائج وآثار الصيام لساعات طويلة، بينما تسبب كثرة تناول الطعام في الإفطار حالة من الامتلاء والتخمة والخمول.
تناول طعام السحور متأخرًا:
من الأمور التي تخفف عن الجسم معاناة الصيام نهارًا تناول وجبة السحور ليلًا قبل أذان الفجر، وتأخير هذه الوجبة إلى قرب الأذان الصادق، ولا يخفى ما في ذلك من منافع؛ خاصة مع أخبر به النبي صلى الله من بركة السحور.
ويظهر أثر ذلك جليًّا في الفارق بين مَن صام ويصوم من غير سحور، وبين من صام ويصوم مع السحور، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن السحور بركة أعطاكموها الله فلا تدعوها"، وقال: "إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين"، وقال: "تسحروا ولو بجرعة من ماء"، وقال: "نعم سحور المؤمن التمر".
المداومة على استعمال السواك:
السواك عود من الأراك ونحوه تدلَّك به الأسنان ليذهب الصفرة ونحوها، ويستعمل في كل وقت، وهو أوكد في وقت الوضوء والصلاة، ففي الحديث: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة"، وأيضًا: "السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب".
وهو مِن سنن الفطرة، ويجوز في الصيام وغير الصيام، في أول اليوم أو آخره؛ لعموم الأدلة، قال ابن القيم: (وفي السواك عدة منافع: يطيب الفم، ويشد اللثة، ويقطع البلغم، ويصح المعدة، ويصفي الصوت، ويعين على هضم الطعام، ويسهل مجاري الكلام، وينشط للقراءة والذكر والصلاة، ويطرد النوم، ويرضي الرب، ويعجب الملائكة، ويكثر الحسنات) (زاد المعاد).
ويضيف ابن القيم: (ويستحب للمفطر والصائم في كل وقت لعموم الأحاديث، ولحاجة الصائم إليه؛ لأنه مرضاة للرب، ومرضاته مطلوبة في الصوم أشد من طلبها في الفطر؛ ولأنه مطهرة للفم، والطهور للصائم من أفضل أعماله، وأجمع الناس على أن للصائم أن يتمضمض وجوبًا واستحبابًا، والمضمضة أبلغ من السواك. والسواك لا يزيل الخلوف -أي: رائحة خلوف فم الصائم- فإن سببه -أي: الخلوف- قائم، وهو: خلو المعدة من الطعام، وإنما يزول أثره، وهو المنعقد على الأسنان واللثة أيضًا؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم علَّم أمته ما يستحب لهم في الصيام وما يكره لهم، ولم يجعل السواك من القسم المكروه، وهو يعلم أنهم يفعلونه، وقد حضهم عليه بأبلغ ألفاظ العموم والشمول، وهم يشاهدونه يستاك وهو صائم مرارًا كثيرة تفوت الإحصاء، ويعلم أنهم يقتدون به، ولم يقل لهم يومًا من الدهر لا تستاكوا بعد الزوال، وتأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع) (المصدر السابق). قال الشوكاني: (والحق أنه يستحب السواك للصائم أول النهار وآخره، وهو مذهب جمهور العلماء) (نيل الأوطار).
ويعد استخدام السواك مفيدًا لنظافة الفم والأسنان، إلى جانب الفوائد والمنافع الأخرى على الفم والأسنان؛ فالصيام: يعطي الفرصة لراحة الأنسجة المخاطية للفم من تلقي الإفرازات الهاضمة التي تطلقها الغدة اللعابية الفمية، كما يُوجِد الصيام الفرصة لبعض الخمائر الموجودة ضمن المفرزات اللعابية داخل الفم للقضاء على الجراثيم التي إذا تركت تحدِث بعض أمراض اللثة، وقد تسبب تخلخل الأسنان، كما تعطى الفرصة خلال الصيام لأنسجة الفم الرخوة التي تكون قد جرحت بتأثير الأطعمة الخشنة لترمم نفسها جيدًا بعيدًا عن الحوامض التي ينتجها الطعام في الفم.
كما تعطى الفرصة لفوهات أقنية الغدد اللعابية داخل الفم، وهي بالملايين لتأخذ بعض الراحة من عملها الدؤوب المستمر، مع ارتياح الأنسجة اللينة في باطن الفم واللسان من التعرُّض وامتصاص قطران السجائر وترسبه على اللثة، وقاع الفم وما بين الأسنان، وبالتالي تقليل فرص الإصابة بالسرطان في الفم والحنجرة والرئتين (مشتاق لرمضان).
ولا يخفى أن شهر رمضان فرصة ذهبية لكلِّ المدخنين للإقلاع عن التدخين نهائيًّا، والتخلص من رائحة الدخان الكريهة المزعجة، وذلك بالصبر على ترك التدخين ليلًا -وهو أهون- كما تركه طوال ساعات النهار الطويلة -وهو أصعب- وكان فيها معظم أعماله ونشاطه.
تجنب الغضب والانفعال والصخب والمخاصمة:
فمِن آداب الصيام: ترك اللغو والصخب والرفث والجهل، واجتناب الغضب من باب أولى، والغضب منهي عنه في رمضان وغيره، وفي الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: "فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم"، وفي الحديث: أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: "لا تغضب"، فردد مرارًا، فقال: "لا تغضب"، وفي الصحيحين من حديث سليمان بن صرد رضي الله عنه قال: استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم ونحن عنده جلوس، وأحدهما يسب صاحبه مغضبًا قد احمر وجهه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"، فقالوا للرجل: ألا تسمع ما يقول النبي صلى الله عليه و سلم؟! قال: إني لستُ بمجنون. وفي الحديث: "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب".
و ذلك أنه (إذا اعترى الصائم غضب، وانفعل وتوتر؛ ازداد إفراز الأدرنالين زيادة كبيرة، وقد يصل إلى 20 أو 30 ضعفًا عن معدله العادي أثناء الغضب الشديد أو العراك، فإن حَدَث هذا في أول الصوم أثناء فترة الهضم والامتصاص يؤدي إلى اضطراب هضم الغذاء وامتصاصه -زيادة على الاضطراب العام في جميع أجهزة الجسم-؛ ذلك لأن الأدرنالين يعمل على ارتخاء العضلات الملساء في الجهاز الهضمي، ويقلل من تقلصات المرارة، ويعمل على تضييق الأوعية الدموية الطرفية، وتوسيع الأوعية التاجية، كما يرفع الضغط الدموي الشرياني، ويزيد كمية الدم الواردة إلى القلب وعدد دقاته.
وإذا حدث الغضب والشجار في منتصف النهار أو آخره أثناء فترة ما بعد الامتصاص تحلل ما بقي من مخزون الجليكوجين في الكبد، وتحلل بروتين الجسم إلى أحماض أمينية، وتأكسد المزيد من الأحماض الدهنية؛ كل ذلك ليرتفع مستوى الجلوكوز في الدم فيحترق ليمد الجسم بالطاقة اللازمة في حال الشجار والعراك، وكذا تستهلك الطاقة بغير ترشيد، كما أن بعض الجلوكوز قد يفقد مع البول إن زاد عن المعدل الطبيعي، وبالتالي يفقد الجسم كمية من الطاقة الحيوية المهمة في غير فائدة تعود عليه، ويضطر إلى استهلاك الطاقة من الأحماض الدهنية التي يؤكسد المزيد منها.
وقد تؤدي إلى تولد الأجسام الكيتونية الضارة في الدم، كما أن الازدياد الشديد للأدرينالين في الدم يعمل على خروج كميات كبيرة من الماء من الجسم بواسطة الإدرار البولي، كما يرتفع معدل الاستقلاب الأساسي عند الغضب والتوتر نتيجة لارتفاع الأدرينالين والشد العضلي، وارتفاع الأدرينالين قد يؤدي لنوبات قلبية أو موت الفجاءة عند بعض الأشخاص المهيئين لذلك؛ نتيجة لارتفاع ضغط الدم وارتفاع حاجة عضلة القلب للأكسجين من جراء ازدياد سرعته، وقد يتسبب الغضب أيضًا في النوبات الدماغية لدى المصابين بارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين، كما أن ارتفاع الأدرنالين نتيجة للضغط النفسي في حالات الغضب والتوتر يزيد من تكون الكوليسترول من الدهن البروتيني منخفض الكثافة، والذي قد يزداد أثناء الصوم، وثبتت علاقته بمرض تصلب الشرايين؛ ولهذا وغيره -مما عُرِف ومما لم يُعرَف- وصَّى النبي صلى الله عليه وسلم الصائم بالسكينة وعدم الصخب والانفعال، أو الدخول في عراك مع الآخرين) (مشتاق لرمضان).
ابوالوليد المسلم
20-03-2023, 03:07 PM
رمضان دورة تدريبية رائدة في حسن تدبير العلاقات (1)
د. محمد ويلالي
انتشَر هذه الأيامَ ما يسمى بـ"الدورات التدريبية" التي يتوخَّى أصحابها التقوية والمهارة في مختلف المجالات والميادين: الاجتماعية والصحية، والتنشيطية والتقنية، والتدبيرية والتربوية، وفي ميدان سُبل السعادة، وقصص النجاح، وتحفيز العقل نحو الذكاء والعطاء، مما يُنفَق عليه أحيانًا آلاف من الدراهم للفرد الواحد الذي قد يَستسهل السفرَ إلى بلد آخرَ، من أجل أحد هذه التدريبات التي يُستدعى لها كبارُ الخبراء والمختصين.
ولعل بعضنا نسِي أن رمضان هو أحد أعظم المدرِّبين الذين شهِدتهم البشرية جمعاء، فلا يقتصر تدريبه على ميدان واحد، بل يشمل ميادينَ عديدة؛ منها: التعبديُّ، والتربوي، والاجتماعي، والصحي، والاقتصاديُّ، وغيرها، ولا يُحوجك إلى أن تُعِد العُدة للسفر إليه، بل هو يأتيك، فيَحُل ضيفًا عليك، ولا يطالبك بمقابل، بل يعرض عليك خدمتَه في دورة مجانية، ولا يفرض عليك نفسه باعتبار تخصُّص معيَّن، أو ميدان معين، أو بقصدِ جنس معين، أو بلد معين، بل يُفسِح خِدماته للمسلمين جميعًا - ذكورَهم وإناثهم، غنيَّهم وفقيرهم - وفي كل المجالات التي تُصلح دينَك ودنياك، قاصدًا أن تَغمُرك السعادةُ الحقيقية، وتَملأَ حياتَك النجاحاتُ التي تعتبر بمثابة شهادات عليها توقيعُ سيد المرسَلين صلى الله عليه وسلم عن ربِّ العالمين.
• ونريد أن يكون عنوان دورة رمضان التدريبية لنا في هذه السَّنة إن شاء الله: "رمضان: دورة تدريبية رائدة في حسن تدبير العلاقات".
• ولأن لكل دورة هدفًا، فإننا نريد أن يكون هدفنا المتوقَّع هذه السنة إن شاء الله: "غفران الذنوب مع نهاية شهر رمضان"، وهو هدف واضح، قابلٌ للقياس، وقابل للتنفيذ.
• أما أهمية هذا المدرب الربانيِّ، فتتجلى في استبشار النبي صلى الله عليه وسلم بقدومه، وتهنئة صحابته بإدراكه؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أَتاكُم رمضانُ، شهرٌ مُبارك، فَرَضَ الله عَزَّ وَجَلَّ عليكم صيامَه))؛ صحيح سنن النسائي.
ذلك أن رمضان شِحنة إيمانية قوية، تُمِدُّك بالجُرعات الكافية للاستمرار على طريق السعادة والنجاح إلى رمضانَ المقبل؛ كما بين الصلاة إلى الصلاة، وصلاة الجمعة إلى الجمعة الأخرى، والعمرة إلى العمرة.
وهذا الشعور هو الذي حمَل السلف على حب رمضان، فأكَنُّوا له ما يَستحقه من التوقير والتقدير، فأعَدُّوا له عُدته، واحترَزوا من كل عمل يَخدِش صفاءه، ويَحول دون أهدافه.
قال مُعَلَّى بن الفضل: "كانوا يدْعون الله ستة أشهر أن يُبلِّغهم رمضان، ثم يدْعونه ستة أشهر أن يَتقبَّله منهم".
وكان يحيى بن أبي كثير يقول: "اللهم سلِّمنا إلى رمضان، وسلِّم لنا رمضان، وتسلَّمه منا متقبَّلًا".
وقال ابن رجب: "بلوغُ شهر رمضان وصيامُه: نعمة عظيمة على مَن أقدَره الله عليه".
• وأما هدف الدورة - وهو السعي إلى غفران الذنوب مع نهاية الشهر إن شاء الله - فإن الله تعالى مهَّد له أسبابه، ويسَّر طريقه، وهيَّأ العوامل التي تساعد على تحقيقه؛ بحيث إنه لا مناص للمؤمن من أن ينجح في هذه الدورة، ولا عذر له في الرسوب، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((بَعُدَ مَن أدرَك رمضانَ فلم يُغفر له))؛ صحيح الترغيب.
وهي عواملُ يمكن تسميتها بالخارجية، كما طولِب المسلمُ بالاجتهاد في عوامل أخرى يمكن تسميتها بالداخلية.
• أما العوامل الخارجية المساعِدة على تحقيق هدف مغفرة الذنوب التي تسمى في موضوع الدورات التدريبية بـ"معينات الاشتغال"، فتُحددها دورة رمضان في أربعة عوامل:
1- فتح أبواب الجنة:
قال صلى الله عليه وسلم في رمضان: ((تُفتح فيه أبوابُ السماء))، وفي لفظ: ((تُفَتَّحُ فيه أبوابُ الجنة))؛ صحيح سنن النسائي.
2- إغلاق أبواب جهنم:
قال صلى الله عليه وسلم: ((تُغْلَقُ فيه أبوابُ الجحيم))، وفي لفظ: ((تُغَلَّقُ فيه أبوابُ النار))؛ صحيح سنن النسائي.
3- تصفيد الشياطين دفعًا لوسوستها وتشويشها على الصائمين:
قال صلى الله عليه وسلم: ((تُغَل فيه مَرَدَةُ الشياطين))، وفي لفظ: ((ويُصَفَّدُ فيه كُلُّ شيطان مَريد))، وفي لفظ آخر: ((وتُسَلْسَلُ فيه الشياطينُ))؛ صحيح سنن النسائي.
وفي صحيح سنن ابن ماجه يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا كانت أولُ ليلة من رمضان، صُفِّدَت الشياطينُ ومَرَدَةُ الجِنِّ))؛ قال الحَليمي: "يَحتمل أن يكون المراد أن الشياطين لا يَخلُصون من إفساد المؤمنين إلى ما يَخلُصون إليه في غيره؛ لاشتغالهم بالصيام الذي فيه قمع الشهوات، وبقراءة القرآن والذِّكر".
4- تخصيص غلاف غفرانيٍّ في كل ليلة من رمضان لعدد من المسلمين الفائزين:
قال صلى الله عليه وسلم: ((ولله عُتقاءُ من النار، وذلك في كُلِّ ليلةٍ))؛ صحيح سنن ابن ماجه.
• وأما العوامل الداخلية في طريق تحقيق هدف المغفرة، فتُحددها دورة رمضان في أربعة عوامل أيضًا:
1- الصيام الحقيقيُّ لرمضان:
قال صلى الله عليه وسلم: ((مَن صامَ رمضانَ إيمانًا واحْتِسابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذنبه))؛ متفق عليه، وهو سبيلٌ للتدريب على الصيام خارج رمضان.
• يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَن صام يومًا في سبيل الله، جعَل الله بينه وبين النار خَندقًا كما بين السماء والأرض))؛ صحيح سنن الترمذي.
• بل إن صيام يوم واحد ابتغاء وجه الله، كفيلٌ بأن يكون سببًا لدخول الجنة:
يقول صلى الله عليه وسلم: ((من قال: لا إله إلا الله؛ ابتغاء وجه الله - خُتِم له بها - دخل الجنة، ومن صام يومًا ابتغاء وجه الله - خُتِم له به - دخل الجنة، ومن تصدَّق بصدقة ابتغاء وجه الله - خُتم له بها - دخل الجنة))؛ صحيح الترغيب.
ويكفيك أن يأتي الصيام شفيعًا لك يوم القيامة، يدافع عنك يوم لا ينفعك أهلُك، ولا مالُك، ولا جاهُك، فيقول صيامك: ((أيْ رَبِّ، منَعتُه الطعام والشهوات بالنهار، فشفِّعْني فيه، فيَشفع))؛ صحيح الترغيب.
2- القيام الحقيقي لرمضان أن تؤدي صلاة التراويح بما تستحقه من الإخلاص والخشوع:
قال صلى الله عليه وسلم: ((مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه))؛ متفق عليه.
3- وضمن قيام رمضان، وجَب التركيز على ليلة القدر التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: ((للهِ فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر، مَن حُرِم خيرَها فقد حُرِم))؛ صحيح سنن النسائي.
فقُصِدت بحُسنِ القيام؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه))؛ متفق عليه.
4- استغلال رمضان في أنواع الطاعات، ومختلف أعمال البر؛ تأسِّيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ قال ابن القيم رحمه الله: "وكان مِن هدْيه صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان: الإكثار من أنواع العبادات.. فكان أجود الناس، وأجود ما يكون في رمضان، يُكثر فيه من الصدقة والإحسان، وتلاوة القرآن، والصلاة والذكر والاعتكاف، وكان يَخُصُّ رمضان من العبادة بما لا يَخص غيره به من الشهور".
لا تَقُلْ: أين طريقي؟ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
شِرْعَةُ الله الهدايهْ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لا تَقُلْ: أين نعيمي؟ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
جَنَّةُ الله كفايهْ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
• أما العلاقات التي يريد رمضان أن يُدربنا على حسن تدبيرها، فثلاثة أنواع: العلاقة مع الله تعالى، والعلاقة مع النفس، والعلاقة مع الغير، ونقتصر اليوم إن شاء الله تعالى على النوع الأول، وهو حسن تدبير العلاقة مع الله تعالى.
إن رمضان يُدربنا على توثيق الصلة بالله، ويُذكرنا برباط التوحيد بالعبادة، وذلك قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ﴾ [الأعراف: 172]، وهذا الجانب القلبيُّ الإيمانيُّ من المعادلة، وقوله تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، وهذا الجانب العمليُّ التعبُّدي، وهما جانبان متكاملان لا يَفترقان، غير أن أحدنا قد يصيبه من التقصير والتهاون ما يحتاج إلى ترميمٍ وإعادة نظرٍ، فيكون رمضان فرصة لإصلاح ما فسَد، وتدارُك ما نقص.
فالمسلم في رمضان لا يُحرِّك لسانه إلا بذكر الله، ولا يَنطِق إلا بما يرضي الله، ولا يترك الطعام والشراب إلا قصدًا لتقوى الله؛ فتتوثَّق الصلة بين العبد وربه، فيرتقي إلى درجة التخصيص التي بشَّر بها الله سبحانه في الحديث القدسي: ((يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، الصيام لي وأنا أَجزي به، والحسنة بعشر أمثالها))؛ متفق عليه.
ولذلك وجب أن يكون رمضان عبادة خالصة، يخلو فيها المؤمن بربِّه، فلا يجعله شهرَ ولائمَ وتسوُّقٍ، ولقاءات وأسفار، وشواطئ وبرامجَ تلفزية، ونكات ولعب؛ فذلك يَخدِش حقيقةَ الصيام، وما يَستوجبه من إرساء علاقة المحبة بين الصائم وربه؛ كان يحيى بن معاذ رحمه الله يقول: "ليس بصادقٍ مَن ادَّعى حبَّه ولم يَحفظ حَدَّه"، وكان عمرو بن قيس إذا دخل شهر شعبان أغلَق حانوته، وتفرَّغ لقراءة القرآن.
فهلَّا جعلنا رمضان شهرَ تصالُح مع الخالق الدَّيَّان، وسبيلًا لِمَلْءِ القلوب بالإيمان، وطريقًا لهجر الذنوب والعصيان!
فاللهم إنا نسألك أن تُهِلَّ علينا هلال رمضان باليُمْن والإيمان، والسلامة والإسلام، وأن تَجعله مناسبة لسعادة الدنيا والفوز بالجنة.
ابوالوليد المسلم
23-03-2023, 03:48 PM
إفطار جماعي على أرضية ملعب ستامفورد بريدج
كشَف نادي تشيلسي الإنجليزي لكرة القدم عن نيَّته لعقد إفطار جماعي للمسلمين خلال شهر رمضان المقبل، على أرضية ملعب (ستامفورد بريدج) الخاص بفريق كرة القدم للنادي الإنجليزي.
وأعلن نادي تشيلسي عن موعد الإفطار الجماعي عبر موقعه الرسمي، والمقرر له يوم الأحد الموافق 26 مارس، ووجه النادي الدعوة لجميع المسلمين لما وصفه بالإفطار المفتوح.
وأشار النادي إلى أنه ستتم دعوة عددٍ من المساجد المحلية، وأعضاء الجاليات الإسلامية في تشيلسي، بالإضافة إلى المشجعين وموظفي النادي من المسلمين.
وسيتعاون نادي تشيلسي في تنظيم الإفطار الجماعي مع مؤسسة الخيمة الرمضانية، وسيكون بذلك تشيلسي هو أول نادي من أندية الدوري الإنجليزي، يستضيف إفطارًا مفتوحًا على أرضية ملعبه.
وبدوره قال "سيمون تايلور" رئيس مؤسسة تشيلسي الخيرية عبر الموقع الرسمي للنادي: "يسعدني الإعلان عن الإفطار المفتوح بالتعاون مع مشروع الخيمة الرمضانية، ونحن فخورون للغاية بأن نكون أولَ فريق في الدوري الإنجليزي الممتاز يقوم بذلك."
وقال "عمر صالحة" المؤسس والرئيس التنفيذي لمشروع الخيمة الرمضانية: "يُشرفنا أن نُقيم يوم الإفطار المفتوح بالتعاون مع نادي تشيلسي، وذلك بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيسنا".
ومؤخرً أعلنت مؤسسةُ الإغاثة الإسلامية بالمملكة المتحدة عن شراكة جديدة مع بنك الطعام الخاص بنادي بيرنلي الإنجليزي لكرة القدم، من أجل توزيع 500 طرد غذائي للمحتاجين، في إطار حملة المساعدات الشتوية التي تقوم بها المؤسسة.
كما عقَدت مؤسسةُ الإغاثة الإسلامية في المملكة المتحدة شراكةً مع المؤسسة الخيرية الرسمية لنادي ليفربول لكرة القدم (LFC Foundation) ومسجد ليفربول، من أجل توزيع 500 صندوق غذائي على الأشخاص غير القادرين من جميع أنحاء مدينة ليفربول خلال الطقس البارد؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
23-03-2023, 03:51 PM
أتيت وكم انتظرتك!
نجلاء جبروني
أتيتَ يا رمضان وكم انتظرتُك! أتيتَ ونفسِي مُجهَدَةٌ، قد أثقلَتْني الذُّنوب، وأعيتني العيوب، قد بلغتُ يا ربِّ من الِكبَر، ومَرَّت أيامُ العُمُر، ولو اقترفتُ في كلِّ يومٍ ذنبًا، فبكم ذنبٍ ألقاك يا علَّامَ الغُيوب!
وعزَّتِك وجلالك، ما عصيتُك استخفافًا بحقِّك، ولا جُحودًا لنعمتِك، ولكن حَضَرني جَهلي، وغَابَ عني عِلمي، واستفزَّني عدوِّي، وإني عليها يا إلهي لنادمٌ، فاقبَلْ توبتي، وأقِلْ عَثرتِي، واعفُ عن زلَّتي، واغفر لي في شهر الغفران.
أتيتَ يا رمضان وكم أحتاجُك! أقبلتَ فأقبلَتِ الخيراتُ؛ فُتِّحَت أبوابُ الجِنان، غُلِّقت أبوابُ النيران، صُفِّدَت مردةُ الجانِّ.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أتاكُم رَمضانُ شَهرٌ مبارَك، فرَضَ اللَّهُ عز وجل عليكُم صيامَه، تُفَتَّحُ فيهِ أبوابُ السَّماءِ، وتغَلَّقُ فيهِ أبوابُ الجحيمِ، وتُغَلُّ فيهِ مَرَدَةُ الشَّياطينِ، للَّهِ فيهِ ليلةٌ خيرٌ من ألفِ شَهرٍ، مَن حُرِمَ خيرَها فقد حُرِمَ))[1].
أتيتَ يا رمضان: شهر الصيام:
"والصيام لا عِدْلَ له"؛ عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، مُرْني بعملٍ، قال: ((عليك بالصَّومِ؛ فإنَّه لا عِدْلَ له))، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، مرْني بعمل، قال: ((عليك بالصَّومِ؛ فإنَّه لا عدْلَ له))، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، مرْني بعملٍ، قال: ((عليك بالصَّومِ؛ فإنَّه لا مِثلَ له))[2].
والصيام من بين سائرِ الأعمال اختصَّه اللهُ تعالى لنفسه، يُضاعِفُ أجرَه لصاحبِه بغير حساب.
• دعوة الصائم لا تُردُّ، وللصائم فرحتان: في الدُّنيا يفرحُ بفطره، وفي الآخرة يفرح بثواب صومِه.
• يشفع للعبد يوم القيامة، وهو له جُنَّة ووقاية؛ يقيه في الدُّنيا من السيئات، ويحجُبُه في الآخرة عن النار.
قال صلى الله عليه وسلم: ((قال الله: كلُّ عملِ ابنِ آدمَ لهُ إلا الصيامَ؛ فإنَّه لي وأنا أجزي به، والصيامُ جُنَّةٌ، وإذا كان يومُ صومِ أحدِكُم فلا يَرْفُثْ ولا يَصْخَبْ، فإنْ سابَّه أحدٌ أو قاتَلَهُ فليقلْ: إنِّي امْرُؤٌ صائمٌ، والذي نفسُ محمدٍ بيدهِ، لَخُلُوفُ فمِ الصائمِ أطيبُ عندَ اللهِ من ريحِ المسكِ، للصائمِ فرحتانِ يفرحهما: إذا أَفطرَ فَرِحَ، وإذا لقي ربَّه فَرِحَ بصومِهِ))[3].
أتيتَ يا رمضان: شهر القرآن:
والقرآنُ كلامُ الله، من قرأ منه حرفًا، فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشر أمثالها.
قال صلى الله عليه وسلم: ((الصِّيامُ والقرآنُ يَشْفَعَانِ للعبدِ يومَ القيامةِ؛ يقولُ الصِّيامُ: أيْ ربِّ، منعتُهُ الطَّعَامَ والشهوةَ، فشفِّعْني فيه، ويقولُ القرآنُ: منعتُهُ النَّومَ بالليلِ، فشفِّعْنِي فيهِ، قال: فيشفعانِ))[4].
أتيتَ يا رمضان: شهر القيام:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن قام شهرَ رمضانَ إيمانًا واحتِسابًا، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ))[5].
أتيتَ يا رمضان: شهر الدعاء:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثُ دَعَواتٍ مُستجاباتٌ: دعوةُ الصائِمِ، ودعوةُ المظلُومِ، ودعوةُ المسافِرِ))[6].
يجتمعُ للصائم انكسارُ القلب، وذلُّ النفس، والتلبُّس بالطاعة، وكلُّها من أسباب الإجابة.
أتيتَ يا رمضان: شهر الصدقة:
والصدقة دالَّة على شرفِ نفسِ صاحبِها وعلى صدقِ إيمانِه؛ تقي مصارعَ السوء، تُكفِّر السيئاتِ، تطفئُ غضبَ الرَّبِّ، تزيدُ في الرِّزق، يربيها اللهُ لصاحبها حتى تصيرَ التمرةُ كالجبل؛ عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنه قال : "كان رسولُ اللَّهِ أجودَ النَّاسِ، وكان أجودُ ما يكونُ في رمضانَ حينَ يلقاهُ جبريلُ، وكان جبريلُ يلقاهُ في كلِّ ليلةٍ من شَهرِ رمضانَ فيدارسُهُ القرآنَ"، قال: "كان رسولُ اللَّهِ حينَ يلقاهُ جبريلُ عليه السَّلامُ أجودَ بالخيرِ منَ الرِّيحِ المرسلَةِ"[7].
أتيتَ يا رمضان: شهر الاعتكاف في المساجد؛ لزومًا للطاعة، وانقطاعًا للعبادة، وإصلاحًا للقلب، وتزكيةً للنفس؛ عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه: "كان رسولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يَعتكِفُ العشْرَ الأواخِرَ من رمضانَ"[8].
أتيتَ يا رمضان: شهر ليلة القدر:
((مَن قام ليلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تقدَّمَ مِن ذنبه))[9].
فاللهم بلِّغنا تلك النَّسَمَات، وارزقنا تلك الرَّحَمَات، واجعلنا ممن صامَ رمضان وقامَه فغفرتَ ذنبَه، وسترت عيبَه، وارزقنا فيه الفوزَ بالجنان والعتقَ من النيران.
[1] صحيح النَّسائي (2105)
[2] الترغيب والترهيب (2 /109)، [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما].
[3] صحيح البخاري (1904).
[4] صحيح الترغيب (984)، وإسناده حسن صحيح.
[5] صحيح النسائي (2201).
[6] صحيح الجامع (3030).
[7] صحيح النسائي (2094).
[8] صحيح البخاري (2025).
[9] صحيح النسائي (2201).
ابوالوليد المسلم
23-03-2023, 03:52 PM
أقبل رمضان شهر السمو الروحي
د. محمد خالد الفجر
أقبَل رمضانُ شهر الانطلاق والانعتاق من ذُلِّ المعاصي، إلى رحاب الطَّاعة والانطلاق في عالَم العبادة الرَّحب الذي يحيي نفوسًا مواتًا.
أقبَل رمضان شهر التَّآخي والوُدِّ، شهر كسرِ حواجزِ الانفصالِ بين النُّفوس البشريَّة، أقبل برحمةٍ من ربِّه خالقِ الكون الذي خلق البشر ليتعارفوا؛ فأقبل حاملًا أُسسَ التَّعارف التقيِّ النقيِّ.
أقبل شهرُ تذوقِ زيارة المساجد وعمارتها بالذِّكر، أقبل شهر خفقِ القلوب مع تردُّد نغمات القرآن الكريم تطرب الرُّوح المشتاقة إلى نداء ربِّها، فهي حنَّت إلى ذلك الصوتِ بعد طول غيابٍ، أقبل الشهرُ الذي يصلُها بموطنها الذي نزلت منه إلى تلك الدُّنيا الضيِّقة، فبصوت ربِّها يتجلَّى موطنُها الذي لا تساويه دنيا ضيقةٌ بكلِّ ما فيها.
أقبل الشهرُ الذي يزرعُ الأملَ والتَّفاؤل، ويربِّت على ذلك القلب الحزين أنِ اعلم أنَّ هذه الحياةَ متاعُ الغرور، وأن السِّباق إلى المغفرة والجنة التي عرضُها كعرض السَّماء والأرض، يخبرُك رمضانُ أن تكونَ ضمن هؤلاء الذين يمتنُّ عليهم اللهُ بفضل.
أقبل رمضان شهرُ العطاء والصَّدقات التي تمنح مؤدِّيَها لذَّةً لا تسطيع جُلُّ اللغات أن تحتويَها، أقبَل والنفس راضيةٌ ترقى بحُبِّ الآخر الفقيرِ والمسكين والمحتاج، تميلُ إلى فطرتها التي فطرها اللهُ عليها ألا تنعزل عن الناس، بل أن تكون من النافعين لعيال الله.
جاء شهرُ الدُّموع المطهِّرة المُنقية للرُّوح من غبار الغِيبةِ والنَّميمة، دموع تزرعُ فرحًا، وتزيل حزنًا، وتسمو بالأنفس، وترقى بالأرواح، وتطهِّر القلبَ فتجلو صورةَ الواقع، وأن كلَّ وسواسٍ يكسر القلبَ، ويزرع القنوطَ: يتحطم أمام تلك الدَّمعةِ الصادقة بين يدي ربٍّ كريم.
أقبل الشهرُ الذي يُري البشرَ كيف تُكبَّل الشياطين، وتَعجِز عن منع المصلِّي من التَّواصل مع ربِّه في بيوته، أقبل شهرٌ يَصغَر فيه الشيطانُ، ويجعله منكسرًا ذليلًا رغم كِبْرِه القديم.
أقبل شهر العزَّة؛ عزة أمةٍ تسجد سواسيةً، وتصومُ سواسيةً، وتُفطر سواسية، تُري العالَمَ أنَّ وحدتها ممكنةٌ، وقوتها واردة، وانبعاثها من الرماد لا يغادر مخيلة أبنائها.
أقبلَ عارِضًا للأمة أواصرَ صلتها، محييًا في أبنائها أنهم دعاةُ خيرٍ للإنسانية، همُّهم أن يكون البشرُ متساوين، يجمعون طعامَهم ويوزعونه على غيرهم، يسجدون - كبيرُهم وصغيرُهم، غنيُّهم وفقيرهم - لربٍّ واحد، لا فضل في تلك السجدةِ إلا بدرجات التَّقوى التي لا يعلمها إلا الخالقُ الذي يُسجَدُ له.
أقبل رمضانُ مذكِّرًا بأنَّ الزمنَ يمرُّ، وأنَّ كلَّ ما أنت فيه إلى زوالٍ صائرٌ، إلا تلك الحسنات التي تدوِّنها في صفحات الأيام... أتى رمضان مذكِّرا المحبَط أنَّ الفرصَ تُكرَّر، والعودةَ إلى السمو الرُّوحي لا تُغلَق في وجهها الأبواب.
أقبل رمضان ليذكِّر الغافل بأن الرحيم سبحانه لا يطرُد طارقًا لبابه، وأنه يناديه كلَّ يومٍ: استغفِرْني أغفرْ لك، سَلْ تعطَ، ادعُني أستجبْ لك.
أقبل رمضانُ مذكِّرًا بأنَّ السعادةَ في الرُّوح، وأنَّ طهارة الروح بالعبادة، وأن العبادةَ ترقى بها فوق المحسوس الطيني، وأعلى رقيٍّ يتحقق في هذا الشهر.
فيا باغيَ الخير أقبِل؛ فهذا شهرُ الخير والسموِّ الرُّوحي قد أقبَل.
ابوالوليد المسلم
23-03-2023, 03:53 PM
الصيام ودورة المراقبة
السيد مراد سلامة
أولًا: تعريف المراقبة:
إخوة الإسلام، المراقبة معناها: دوامُ علمِك بأن الله لا يَخفى عليه شيءٌ من أمرك؛ قال ابن المبارك لرجل: راقِب الله تعالى، فسأله عن تفسيرها، فقال: كن أبدًا كأنك ترى الله عز وجل[1].
يصوِّر الله تعالى لنا المراقبة الكاشفة لجميع الأحوال والأعمال في آية من كتابه العزيز، فيقول جل شأنه: ﴿ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [يونس: 61].
وسُئِل الحارث المحاسبي عن المراقبة، فقال: عِلم القلب بقُرب الله تعالى[2].
ثانيًا: الصيام دورة للمراقبة:
الصيام هو دورة مكثَّفة لتحقيق منزلة المراقبة، فالصوم يُعلِّم الصائم كيف يكون مراقبًا لله تعالى في جميع أحواله وأفعاله، فهو يَغرِس المراقبة ويُنميها في نفس الصائم، وإذا أردنا أن نَنظُرَ إلى ذلك عن كَثَبٍ، فتأمَّلوا عباد الله:
الامتناع عن الطعام والشراب الذي به قِوام البدن: كيف جعل الصومُ الصائمَ يَمتنع عنه وهو يستطيع أن يتناوله، فلو دخل الصائم حجرته وأغلَق عليه بابه، ثم أكل وشرِب، ثم خرج للناس يَتزيَّا بزي الصُّوَّام، ما كذَّبه أحد، ولا شكَّ في صيامه أحد، بل إنه ربما يكون وحْده، فينسى فيشرب أو يأكل، فتجده يتألَّم من ذلك، ويأتي المشايخ والعلماءَ؛ ليسألهم عن صحة صيامه، وهل عليه قضاء ذلك اليوم أم لا؟! ما الذي جعله يتألَّم ويتحرَّج من ذلك؟ إنها مراقبة الله تعالى في السرِّ والعلانية.
الامتناع عن الشهوة: ربما يكون الصائم في فراشه بجوار زوجِه الحسناء في أبهى صور الجمال، وعلى الرغم مِن تزيين الأمر له، وإثارة شهوته، فإنه يَعتصم بالله ويَضبط شهوته! ما الذي جعله يَمتنع عن شهوته؟ إنها المراقبة!
حفظ اللسان وسائر الأعضاء عن الذنوب والمعاصي؛ أي: صيام الجوارح:
من كان يقع في الغيبة أمسَك لسانه، ومن كان يشاهد المحرَّمات غضَّ طَرْفَه، ومن كان يستمع إلى الغناء والمُكاء، صان سمعَه.
ما الذي جعل منه إنسانًا تقيًّا؟ إنها المراقبة!
انظر إلى الفتيات وإلى النساء عامة، من كانت متبرجة غطَّت مفاتنها وكفَّت نفسها، ولم تخرج إلا وهي على قدم الحياء، ما الذي جعلها تتحوَّل إلى ذلك؟ إنها المراقبة!
حقًّا إن رمضان دورة مكثفة لتحقيق المراقبة لله تعالى، حتى أصبح الصائم يعبد الله تعالى كأنه يراه، فإن لم يكن يراه فإن الله يراه، وتلك قمة الإحسان التي خبَّر بها النبيُّ العدنان صلى الله عليه وسلم.
الموظف والعامل الذي كان يتعامل بالرِّشوة والمحسوبية، تراه في نهار رمضان قد خاف ربَّه ونزَّه يديه عن تلك المحرَّمات.
ما الذي جعله يكفُّ عن عادته؟ إنها المراقبة!
فالصوم هو دورة مكثفة؛ ليتخرج المسلم والمسلمة بعدها وقد حقَّق الإسلامَ والإيمان والإحسان.
فكم من تائبٍ قد كان ميلاده في رمضان! وكم من عاصٍ كانت بداية طاعته في رمضان!
وكم مِن مُفرِّط في الفرائض كانت بداية مواظبته عليها في رمضان!
ثالثًا: فضائل المراقبة:
واعلموا - عباد الله - أن للمراقبة ثمراتٍ وخيرات؛ فهي رافعة للدرجات، ماحية للسيئات، مُقرِّبة من ربِّ الأرض والسماوات، عاصمة من لُجَّة المعاصي والشهوات، وإليكم بيان ذلك:
1 - تُبعد العبد عن المعاصي، وتُقرِّبه من ظل عرش الله تعالى:
وهذه من أعظم الفضائل والثمرات؛ حيث إن المرقبة ما هي إلا جُنَّة تَحمي صاحبها من الوقوع في معصية الله، وهي حِصن يَلوذ به المسلم من عدوِّه، فتكون النتيجةُ العصمةَ الربانيَّة والمظلة الرحمانية؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((سبعة يُظلهم الله في ظلِّه يومَ لا ظلَّ إلا ظلُّه: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبُه معلَّق بالمساجد، ورجلان تحابَّا في الله اجتمَعا عليه وتفرَّقا عليه، ورجل دعتْه امرأة ذات منصبٍ وجمال، فقال: إني أخاف الله))[3].
فالباعث لهؤلاء السبعة هو الخوف والخشية من الله تعالى.
قال حميدٌ الطويل لسليمان بن علي: عِظني، فقال: لئن كنت إذا عصيتَ خاليًا، ظننتَ أنَّه يراك، لقد اجترأتَ على أمر عظيمٍ، ولئن كنتَ تظنُّ أنه لا يراك، فلقد كفَرتَ[4].
وقال ابن القيم رحمه الله: "وأرباب الطريق مُجمِعون على أن مراقبة الله تعالى في الخواطر، سببٌ لحفظها في حركات الظواهر، فمن راقَب الله في سرِّه، حَفِظه الله في حركاته في سرِّه وعلانيته"[5].
وقيل لبعضهم: متى يَهُشُّ الراعي غنمَه بعصاه عن مَراتع الهَلَكة؟ فقال: إذا علِم أنَّ عليه رقيبًا[6].
وإذا خلوتَ بريبةٍ في ظلمةٍ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
والنفسُ داعيةٌ إلى الطُّغيانِ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فاسْتَحْيِ مِن نظرِ الإلهِ وقلْ لها: http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
إن الذي خلَق الظلامَ يَراني http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وقال آخر:
إذا ما خلوتَ الدهرَ يومًا فلا تَقُلْ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
خلوتُ ولكن قلْ عليَّ رقيبُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ولا تَحسبنَّ الله يَغفُل ساعةً http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ولا أنَّ ما تُخفيه عنه يَغيبُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ألم ترَ أنَّ اليوم أسرعُ ذاهبٍ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وأنَّ غدًا للناظرين قريبُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
إن شابًّا وقع أسيرًا لشهوته، رأى فتاة فراوَدها عن نفسها، وقال لها: لا يرانا أحد؛ ومَن يرانا في ظلام كهذا غيرُ الكواكب؟! فقالت: وأين مُكوكِبُها؟ فقام وترَكها.
قال رجل للجنيد: بِمَ أستعين على غضِّ البصر؟ فقال: بعِلمك أن نظر الناظر إليك أسبقُ من نظرك إلى المنظور إليه[7].
وقال رجل لوُهَيب بن الوَرْد رحمه الله: عِظني! قال: اتَّقِ أن يكون الله أهونَ الناظرين إليك[8].
أتى رجل إبراهيمَ بن أدهم رضي الله عنه، فقال: يا أبا إسحاق، إني مُسرف على نفسي، فاعرِض عليَّ ما يكون لها زاجرًا ومُستنقذًا، فقال إبراهيم: إن قبِلت خمس خِصالٍ، وقدَرْتَ عليها، لم تَضرَّك المعصية، قال: هاتِ يا أبا إسحاق، قال: أما الأولى: فإذا أردت أن تعصيَ الله تعالى فلا تأكل من رزقة! قال: فمِن أين آكل وكلُّ ما في الأرض رزقه؟ قال: يا هذا، أَفَيَحْسُنُ بك أن تأكُلَ رِزقه وتَعصيه؟! قال: لا، هاتِ الثانية، قال: وإذا أردتَ أن تَعصيه فلا تسكن شيئًا من بلاده! قال: هذه أعظم! فأين أسكن؟! قال: يا هذا، أَفَيَحْسُنُ بك أن تأكل رزقه وتسكن بلاده وتَعصيه؟! قال: لا، هاتِ الثالثة، قال: وإذا أردت أن تَعصيه وأنت تأكل رزقه وتسكن بلاده، فانظر موضعًا لا يراك فيه، فاعْصِه فيه! قال: يا إبراهيم، ما هذا وهو يَطَّلِع على ما في السرائر؟! قال: يا هذا، أَفَيَحْسُنُ بك أن تأكُلَ رزقه وتسكن بلاده وتَعصيه، وهو يراك ويعلم ما تُجاهر به وما تَكتمه؟! قال: لا، هاتِ الرابعة، قال: فإذا جاءك مَلكُ الموت ليَقبِض رُوحَك، فقل له: أخِّرني حتى أتوب توبة نصوحًا، وأعمَل لله صالحًا، قال: لا يَقبل مني! قال: يا هذا، فأنت إذا لم تَقدِر أن تَدفع عنك الموت لتتوب، وتعلم أنه إذا جاءك لم يكن له تأخير، فكيف ترجو وجه الخلاص؟! قال: هاتِ الخامسة، قال: إذا جاءك الزَّبانِيَة يوم القيامة ليأخذوك إلى النار، فلا تذهب معهم! قال: إنهم لا يدعونني ولا يَقبلون مني، قال: فكيف ترجو النجاةَ إذًا؟! قال: يا إبراهيم، حَسْبي، حَسْبي، أنا أستغفر الله وأتوب إليه!
عن الأصمعي قال: كنت أطوف بالبيت، فرأيتُ أعرابيًّا يطوف، فذكر قصة أعرابية، قال: قلت: فبينك وبين مَن تهوى شيء؟ قال: لا، إلا ليلة فإني رُمْتُ منها شيئًا، فقالت: أما تَستحيي؟!
قلت: وممن أستحيي فلا يَرانا إلا الكواكب؟!
قالت: فأين مُكوكبُها؟![9].
2- تحسين العبادة وأداؤها على أكمل وجه:
ومن فضائل المراقبة تحسين الطاعة لله تعالى؛ لعِلم العبد بعِظَم الربِّ، وأن العظيم سبحانه جميل لا يَقبل إلا الجمال، ومن العمل إلا ما له وَصْفُ الكمال والجمال، وهذا ما نراه في مدرسة رمضان، فقد زيَّنوا الصيام بحفظ الجوارح، وزينوا الصيام بقراءة القرآن؛ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أن تَعبُد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك))؛ متفق عليه[10].
فالمرتبة الأولى عبادة شوق وطلب، فإن تعذَّر عبدتَ عبادة خوف وهربٍ، فالحديث صريح في أن مراقبة الله تدعو إلى تحسين العبادة؛ قال ابن منظور رحمه الله: "مَن راقَب الله أحسَن عمله"[11].
عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله يُحب إذا عمِل أحدكم عملًا أن يُتقنه))[12].
عن معاذ رضي الله عنه قال: يا رسول الله، أَوصني، قال: ((اعْبُد الله كأنَّك تراه، واعدُد نفسَك في الموتى، وإن شئتَ أنبأتُك بما هو أملكُ بكَ من هذا كلِّه))، قال: ما هو يا رسول الله؟ قال: ((هذا))، وأشار بيده إلى لسانه؛ رواه ابن أبي الدنيا.
3 - سبيل إلى جنة عالية:
من أعظم ثمرات المراقبة الجنة وما فيها من نعيم مقيم، فالله تعالى وصف لنا سكناها، فقال جل جلاله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ [الملك: 12].
وقال الله تعالى في وصف حال أهل الجنة: ﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ﴾ [الطور: 25 - 28].
وأعدَّ لهم جنتينِ، فقال سبحانه: ﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ [الرحمن: 46، 47].
4 - إجابة الدعاء:
لأننا بحاجة إلى الله، وليس منا أحد يستغني عن الله لحظةً واحدة، فحاجتنا إلى الله دائمةٌ، ومِن ثَمَّ فنحن نحتاج إلى إجابة الدعاء، وقضاء الحاجة، ونحتاج إلى المدد من الله، وإجابة الدعوات لا تكون إلا لمن راقَب ربه مراقبةً صادقةً، ولا أدل على إجابة الدعاء من قصة الثلاثة الذين آواهم المبيت أول المطر إلى الغار، دخلوا الغار وانحدَرت صخرة بأمر الله، فسدَّت عليهم الغار، فأصبحوا داخل صخرة مُصلتة، توسلوا إلى الله بمراقبتهم له.
• الأول: راقَب الله في والديه، فانفرج ثُلُثها.
• الثاني: راقَب الله في عِرض بنت عمِّه، فانفرَج ثُلُثها الثاني.
• الثالث: راقب الله في الأمانة فحفِظها ونمَّاها، فانفرج ثُلُثها الثالث.
ففرَّج الله عنهم كربهم بمراقبتهم له، راقبوه حال الرخاء، فأجاب دعاءَهم حال الشدة.
رابعًا: عقوبات من لم يراقب رب الأرض والسماوات:
1 - الجُرأة وعدم المراقبة صفة من صفات المنافقين:
قال تعالى: ﴿ وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا * يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ﴾ [النساء: 107، 108].
والمعنى: "يَستترون من الناس خوفًا من اطلاعهم على أعمالهم السيئة، ولا يستترون من الله تعالى ولا يَستحيون منه، وهو عزَّ شأنه معهم بعِلمه، مُطلع عليهم حين يُدبِّرون ليلًا ما لا يَرضى من القول، وكان الله تعالى محيطًا بجميع أقوالهم وأفعالهم، لا يَخفى عليه منها شيء"[13].
2 - الإفلاس يوم القيامة:
عن ثَوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لأعلمنَّ أقوامًا من أمتي يأتُون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تِهامة بيضًا، فيجعلها الله عز وجل هباءً منثورًا))، قال ثوبان: يا رسول الله، صِفهم لنا، جَلِّهم لنا أنْ لا نكون منهم ونحن لا نعلم، قال: ((أمَا إنهم إخوانكم، ومن جِلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خَلَوْا بمحارم الله انتهكوها))[14].
3 - الانتكاس عن الطاعة:
لَخَّص أحد علماء السلف رحمهم الله نتيجة ذنوب الخلوات في جملة وكأنها معادلة حسابية، فقال رحمه الله: (ذنوب الخلوات انتكاسات، وطاعات الخَلوات ثبات، فلو رأيت أحدًا ممن كان مشهورًا بالالتزام، معروفًا عند أهل الخير والإقدام، لو رأيته على حال أخرى، لو رأيته وقد تبدَّل حاله وانتكس، فاعلم أن الأمر لم يكن صدفة، ولم يأت بَغتةً، فإنه بارَز الله بالمعاصي في الخَلوات، حتى تكاثَرت على قلبه، فظهرت في العلَن).
وكان السلف رحمهم الله يعرفون صاحب معصية الخلوة، فإن لها شؤمًا يظهر في الوجه، ويظهر في ضَعف إقباله على الطاعات؛ قال أبو الدرداء لسالم بن أبي الجعد:
ليَحذر امرؤ أن تُبغضَه قلوبُ المؤمنين من حيث لا يشعر، قال: أتدري ما هذا؟! قلت: لا، قال: العبد يَخلو بمعاصي الله عز وجل، فيُلقي الله بُغضه في قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر![15].
خامسًا: الطريق إلى المراقبة:
أخي المسلم، فإن سألت عن الطريق الموصِّل إلى مراقبة الله تعالى، وكيف يكون العبد من أهلها؟ فإليك الطريق الذي سار عليه العارفون فوصلوا إلى قمة المراقبة والخوف من الله تعالى:
1- تعرَّف على الله تعالى بأسمائه وصفاته:
فالإيمان بأسماء الله تعالى: الرقيب، والحفيظ، والعليم، والسميع، والبصير، والتعبُّدُ لله تعالى بمقتضاها يورث مراقبة الله تعالى، فالرقيب الذي يَرصُد أعمال عباده، والحفيظ الذي يحفظ عباده المؤمنين، ويُحصي أعمال العباد، والعليم الذي لا تخفى عليه خافيةٌ من أمور عباده، والسميع المدرِك للأصوات، والبصير الذي يرى كل شيء؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، وقال: ﴿ إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴾ [هود: 57]، وقال: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [المجادلة: 7]، وقال: ﴿ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الإسراء: 1].
والإيمانُ بأنَّ الله تعالى سميع - يَمنع من أن يَصدُر عن المسلم كلامٌ يُسخط الله؛ إنَّ عائشة رضي الله عنها لَمَّا جاءت المجادِلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في غرفتها تشكو زوجها، غاب عن سمعها كثيرٌ من كلامها، فلما نزلت السورة قالت: "الحمد لله الذي وَسِعَ سمعُه الأصواتَ، لقد جاءت المجادِلةُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم تُكلمه وأنا في ناحية البيت ما أسمع ما تقول، فَأَنْزَلَ الله عز وجل: ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا ﴾ [المجادلة: 1]"[16].
قال ابن الجوزي رحمه الله: (الحقُّ عز وجل أقربُ إلى عبده من حبل الوريد، لكنه عامَل العبد معاملة الغائب عنه البعيد منه، فأمر بقصد بيته، ورفع اليدين إليه، والسؤال له، فقلوب الجهَّال تستشعر البعد؛ ولذلك تقع منهم المعاصي؛ إذ لو تحقَّقت مراقبتهم للحاضر الناظر لَكَفُّوا الأكفَّ عن الخطايا، والمتيقِّظون علِموا قُربه، فحضرتهم المراقبة، وكفَّتْهم عن الانبساط)[17].
2 - شهادة الجوارح يوم الفضائح:
قال تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ * وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ * فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ ﴾ [فصلت: 20 - 24].
وقال تعالى: ﴿ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [يس: 65].
أنا من خوفِ الوعيدِ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
في قيامٍ وقعودي http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
كيف لا أزداد خوفًا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وعلى النار وُرودي http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
كيف جَحدي ما تجرَّأْ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
تُ وأعضائي شُهودي http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
كيف إنكاري ذنوبي http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أم تُرى كيف جُحودي http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وعليَّ القول يُحصى http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
برقيبٍ وعتيدِ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وقال آخر:
العمرُ يَنقُص والذنوبُ تَزيدُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وتُقال عَثْراتُ الفتى فيَعودُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
هل يَستطيع جُحودَ ذنبٍ واحدٍ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
رجلٌ جوارحُه عليهِ شُهودُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
3 - شهادة الأرض:
تذكَّر أخي - إذا دعتْك نفسُك إلى معصية الله تعالى - أن الأرض التي أنت عليها رقيبةٌ شهيدة عليك، ستشهد عليك يوم القيامة؛ إن خيرًا فخيرٌ، وإن شرًّا فشرٌّ؛ يقول الله تعالى: ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ﴾ [الزلزلة: 1 - 5].
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: ﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾ [الزلزلة: 4]، فقال: ((أتدرون ما أخبارُها؟))، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((فإن أخبارَها أن تَشهَد على كل عبدٍ وأَمَةٍ بما عمِل على ظهرها، أن تقول: عمِلت كذا وكذا يوم كذا وكذا، قال: فهو أخبارُها))[18].
4 - تذكَّر أنك مراقَب مِن قِبَل ملائكة كِرام يكتُبون كل صغيرة وكبيرة:
يقول تعالى: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 16 - 18].
يقول الإمام القرطبي رحمه الله: "في الرقيب ثلاثة أوجه: أحدها: أنه المتتبِّع للأمور، الثاني: أنه الحافظ؛ قاله السُّدي، الثالث: أنه الشاهد؛ قاله الضَّحَّاك، وفي العتيد وجهان: أحدهما: أنه الحاضر الذي لا يَغيب، الثاني: أنه الحافظ المُعَد؛ إما للحفظ، وإما للشهادة"؛ انتهى[19].
ويقول الحافظ ابن كثير رحمه الله: "﴿ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ ﴾ [ق: 17]؛ يعني: الملَكينِ اللذينِ يكتبان عمل الإنسان، ﴿ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ﴾ [ق: 17]؛ أي: مترصد، ﴿ مَا يَلْفِظُ ﴾ [ق: 18]؛ أي: ابن آدم ﴿ مِنْ قَوْلٍ ﴾ [ق: 18]؛ أي: ما يتكلَّم بكلمة، ﴿ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]؛ أي: إلا ولها مَن يُراقبها مُعتد لذلك يكتبها، لا يترك كلمة ولا حركة، كما قال تعالى: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الانفطار: 10 - 12]"؛ انتهى[20].
ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "﴿ رَقِيبٌ ﴾ [ق: 18]: مراقِب ليلًا ونهارًا، لا يَنفكُّ عن الإنسان، ﴿ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]: حاضر، لا يمكن أن يَغيب ويُوكِّل غيره، فهو قاعد مراقِب حاضر، لا يفوته شيء"؛ انتهى[21].
ويقول جل شانه: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [هود: 18].
اللهم ارزقنا البصيرة في آياتك، وزِدنا بك علمًا، ولك حبًّا، ومنك خشيةً، فاللهَ نسأل أن يزيدنا إيمانًا مع إيماننا، وأن يجعلنا من المعتبرين بمواطن العِبر.
اللهم اجعل ما أنزلتَ علينا من الخير عطاءَ بركةٍ ونعمة، لا عطاء استدراجٍ ونِقمة.
اللهم اجعله عونًا لنا على طاعتك، واجعلنا ممن إذا أُعطِي شكر، وإذا أذنَب استغفر، وإذا ابتُلي صبَر.
[1] إحياء علوم الدين؛ للغزالي (4/ 397).
[2] إحياء علوم الدين؛ للغزالي (4/ 397).
[3] البخاري (620)، ومسلم (1031)، واللفظ له.
[4] إحياء علوم الدين؛ للغزالي (4/ 398).
[5] مدارج السالكين (2/ 66).
[6] شُعب الإيمان (2/ 266).
[7] إحياء علوم الدين؛ للغزالي (4/ 397).
[8] حِلية الأولياء وطبقات الأصفياء (8/ 142).
[9] المورد العذب المعين من آثار أعلام التابعين (1/ 44)، وبلاغات النساء؛ لأبي الفضل (ص 141).
[10] أخرجه أحمد (1/ 51، رقم 367)، ومسلم (1/ 36، رقم 8).
[11] لسان العرب (13/ 115- 117).
[12] أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (4/ 334، رقم 5312)، وحسَّنه الألباني في صحيح الجامع.
[13] التفسير الميسر (1/ 96).
[14] أخرجه ابن ماجه (2/ 1418، رقم 4245).
[15] الزهد؛ لأبي داود (1/ 236).
[16] صحيح، أخرجه أحمد (6 / 46).
[17] صيد الخاطر (236).
[18] أخرجه أحمد (2/ 374، رقم 8854)، والترمذي (4/ 619، رقم 2429).
[19] الجامع لأحكام القرآن (17/ 11).
[20] تفسير القرآن العظيم (7/ 398).
[21] تفسير القرآن للعثيمين (8/ 17).
ابوالوليد المسلم
23-03-2023, 03:54 PM
محدِّدات الوعي الرمضاني... !
حمزة آل فتحي
جعله الله - تعالى -شهر نهضة للنفوس وصحوة للقلوب، وزكاوة للعقول ونباهة. (وأن تصوموا خير لكم) سورة البقرة.
فاجعل منه مدرسة للوعي الإيماني والأخلاقي والفكري والاجتماعي.
وفي رمضانَ وعيٌ فوق وعيٍ// من الأفكار والنهج الجديدِ
الاستثمار الأمثل لرمضان يجعلك تفقه معناه الحقيقي، وأن حكمته ارتداء لباس التقوى وتاج الخشية (لعلكم تتقون) سورة البقرة.
في رمضان ترسخ وتبين أعلا درجات التجلي والخشوع، فكيف لعاقل تذويبها أو إهدارها.. ؟!
لا يصلُح الصيام عن الطعام والشراب وتسريح الجوارح في الفضائيات، ((العينان تزني وزناهما النظر)).
ينقص من صيامك بقدر ما تنقص من جوارحك، فإذا صام أحدكم فلتصم معه جوارحه وأركانه. ((من لم يدع قول الزُّور... )).
يخادعك من يملأ ليلك بالكوميديا الترفيهية والسوداء ليضحكك وينفس عليك.. ! ((ولا تركنوا إلى الذين ظلموا.. )) سورة هود.
تخيل كم من مناظر ترمي في القلب سهامها وأنت لا تبالي..، ! وسيأتي يوم شفرتها وشقوتها.. !
الوعي العبادي المزيف تشاهده في عناصر عمدت إلى أمركة الإسلام وعلمنة الشعائر(هم العدو فاحذرهم) سورة المنافقون.
من الوعي في رمضان إصلاح القلب وتزكية الروح وتقفّي عوامل ذلك. (قد أفلح من زَكَّاهَا) سورة الشمس.
لا تفسد قلبَك بالأحقاد، ولا لسانك بالكلام ولا صحتك بالإفراط الغذائي ((ما ملا ابن آدم وعاء شرا من بطنه.. )).
مجالسك وأصدقاؤك تخيّرهم من أطايب المسك فما شقيت أوقاتنا ولا أرواحنا إلا بسبب مجالسنا ومن نصادق، وفِي الحديث الصحيح: ((المرء على دين خليله فلينظر... )).
لتكن قراءتك للقرآن أشد من قراءتك الالكترونية.. فيساً وتويترا. وواتسا.. !
المكث الطويل في المساجد يضاعف طاعاتك ويحسّن من صفائك، ويحميك وأعضاءك.. !
كثيراً من وسائل الإعلام تلبس على الناس دينهم وتذهب حلاوة شهرهم، وتمنحهم ركاما من الشهوات والسهرات لتنسيهم هيبة الشهر وأن السوء فيه مضاعف.. ! ((فليس لله حاجةٌ في أن يدع طعامه... )).
سنية التراويح لا يعني البقاء عند تعاسات التلفاز ومشاهدة بعض المحرمات السيئة،،، (ودوا لو تُدهنوا فيدهنون) سورة القلم.
ليس من الحكمة والوعي استهلاله بضغائن وشحناء، أو مضاعفة السابق والواجب تصفية النفوس، وإعلان التسامح ((وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)) سورة آل عمران.
تعلّم من رمضان حب العبادة وفنون الصبر ورحمة المساكين وكسر حب المال، وتقوية الروابط الإيمانية.
ليكن صيامك تهذيبا لجوارحك وتراويحك رياضة على القيام، وقرآنك دربةً على ديمة الذكر.
لقيمات الإفطار تريك حقارة الدنيا، وهوانها عند الله والعقلاء، وتعزز المعنى الأخروي (وللآخرة خير لك من الأولى) سورة الضحى.
ساعة إيمانية خصيبة، ستدرك أنها خير من عشرات الموائد الزكية.
في رمضان لصوص لتشويه الشهر وسرقة بركته، وصرفك إلى كوكب التيه واللهو والسراب.. !
ليس حسنا إلقاء الأسرة إلى إشعاعات فضائية ملونة، ظاهرها المتعة وفِي غلوائها السم الزعاف وتبديل المفاهيم الشرعية.
عناصر ليبرالية وعلمانية تعلمن الدين وتسترخص رمضان وتعريه من روحانيته الحقيقية.. !
تستعرض في القرآن والتراويح معاني العزة والصبر والدرع الإيماني ومقارعة الكفار وجهاد النفس والشيطان، وتتعلم كثيرا من مكارم الأخلاق (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تُسألون) سورة الزخرف.
حلاوة رمضان تربطك لآخر الشهر وليس الأسبوع الأول لمن تفكر وتدبر ((فُتّحت أبواب الجنة)).
ربَّ صوام ليس لهم من صومهم إلا مجرد الإمساك الغذائي، وألسنتهم سليطة، وأعينهم خائنة، فأين هم من الصوم الحقيقي (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور) سورة غافر.
وفِي رمضان تعي فقرك واحتياجك الدائم إلى الله تعالى (أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد) سورة فاطر.
توحد أمة المليار بالصيام والقيام، ودوي القرآن ذريعة لمراجعة ذاتها، وتحقيق باقي الوحدة المتينة والمنتظرة (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهبَ ريحكم) سورة الأنفال
إذا كان رمضان شهر القرآن فأعد لهذا المعنى عدته تلاوة وتدبرا، وتفهما وتفكرا، وتفقها وتلذذا..!
وفق الله الجميع وتقبل منا صالح الأعمال،، آمين....
ابوالوليد المسلم
23-03-2023, 04:36 PM
فيلا بارك يستضيف إفطار للصائمين للمرة الأولى
أعلن نادي "أستون فيلا" الإنجليزي لكرة القدم عن عزمه لإقامة إفطار جماعي على أرضية ملعب (فيلا بارك) الخاص بالفريق خلال شهر رمضان المقبل.
وكشف نادي أستون فيلا عن موعد الإفطار الجماعي عبر بيان رسمي قال فيه: "يُسعدنا أن نعلن أن ملعب (فيلا بارك) سيستضيف إفطار مفتوحًا بالتعاون مع مؤسسة الخيمة الرمضانية يوم الأربعاء الموافق 5 من إبريل".
ومن جهتها تتخذ المؤسسة الخيرية لنادي أستون فيلا خطوات لدعم الموظفين والمشجعين المسلمين خلال شهر رمضان المبارك من خلال إقامة عددٍ من الفعاليات.
وفي تصريحات صحفية قال "محمد رحمان" المساعد الإداري بمؤسسة أستون فيلا الخيرية: "الإفطار المفتوح الذي يقام في فيلا بارك هو وسيلة رائعة لفتح أبواب النادي للجالية الإسلامية في مدينة برمنغهام".
كما أعلن نادي أستون فيلا عن تنظيمه ندوات صحية أسبوعية من أجل توعية المسلمين الصائمين للحفاظ على صحتهم خلال أوقات العمل.
وقال أحمد علي أحد أعضاء مؤسسة نادي أستون فيلا: "ستكون هذه هي المرة الأولى التي يستضيف فيها أستون فيلا إفطارًا للصائمين، وستكون فرصة رائعة جدًّا للاحتفال بشهر رمضان المبارك".
ويعتبر نادي أستون فيلا هو رابع نادٍ إنجليزي لكرة القدم يُعلن عن إقامته لإفطار جماعي خلال شهر رمضان الكريم بعد إعلان نادي "تشيلسي" مؤخرًا تحضيره لإفطار جماعي على ملعب (ستامفورد بريدج)، بالإضافة إلى نادي "كوينز بارك رينجرز"، ونادي "برايتون آند هوف ألبيون"؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
24-03-2023, 02:40 PM
التحضير لإطعام المئات خلال شهر رمضان بمدينة فيلادلفيا
أعلن بنكُ الطعام بمدينة "فيلادلفيا" أكبر مدن ولاية "بينسلفانيا" الأمريكية - عن استعداده لتوزيع العديد من المواد الغذائية يوميًّا على المحتاجين، سواء من المسلمين، أو من غيرهم خلال شهر رمضان المبارك.
وكان بنك الطعام في مدينة فيلادلفيا قد أطلق المبادرة الثالثة للإطعام خلال شهر رمضان تحت شعار: "التخلص من الجوع خلال شهر رمضان"، وهي عبارة عن برنامج لتوزيع 200 وجية غذائية يوميًّا 200 بهدف إطعام 6000 شخص طول شهر رمضان الكريم.
وبصفته الرئيس التنفيذي لبنك الطعام في فيلادلفيا، أشار "لوري جونز" إلى أن المبادرة الخيرية صُمِّمت خصيصًا لمواجهة ما يسمى بالانعدام الغذائي في ولاية بنسلفانيا، من خلال وجبات غذائية متكاملة وصحية تحت إشراف طهاة محترفون.
وفي سياق منفصل كان بنكُ الطعام الإسلامي في مدينة "سوري" الواقعة بمقاطعة" كولومبيا البريطانية" في كندا - قد أعلن عن سعيه لتلبية الطلب المتزايد على المواد الغذائية التي يوزِّعها مجانًا على المحتاجين، ومع اقتراب شهر رمضان المبارك يتوقع مسؤولو بنك الطعام زيادة الطلب على المواد الغذائية، وزيادة العدد اليومي للزوَّار أكثر من العام الماضي.
ومؤخرًا قام عددٌ من المتطوعين المسلمين بمدينة "ديترويت" أكبر مدن ولاية ميشيغان الأمريكية -بتحضير وتعبئة أكثر من 1000 حُزمة طعام مجانية لصالح المحتاجين، في إطار استعدادات المسلمين لأعمال الخير في شهر رمضان القادم، ويتعاون حوالي 80 متطوعًا من المساجد والمراكز الإسلامية في مدينة ديترويت مع منظمة الإغاثة الإسلامية؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
24-03-2023, 02:44 PM
لصوص رمضان
محمود مصطفى الحاج
كما يقولون: "السرقة حِرفة"، فدائمًا ما يكون هناك مَن يتربَّص بك كي يَسرق وقتك، وذِهنك، وتركيزَك، بل وأحيانًا يسرقك أنت؛ في دوَّامة مِن إثارة المشاعر، وعرض ما يُضعف النفس، يا صديقي، إنَّهم "لصوص رمضان"!
فعلى مَدار الشهر الكريم يلاحِظ الجميع كثرةَ المسلسلات والبرامج، والعروضِ والمسابقات، وغيرها من الملهيات التي تشتِّت الذِّهنَ، وتلهي الطائعَ عن الطاعة، فتشغل العينَ عن قراءة القرآن، وتربط اللِّسانَ عن ذِكر الله، وتثير الجسَدَ إلى ما هو محرَّم، وتضيِّع الوقتَ دون الاستفادة منه؛ فبدلًا من انتظار الأذان للصَّلاة أصبحنا ننتظر لقطات فاسِدة عبرَ شاشات مزينة، ومسامع محرَّمة، عبر أفواهٍ لا تنادي إلَّا لما حرَّم اللهُ ورسوله؛ يا صديقي، إنهم "لصوص رمضان"!
فهل ستستجيب لهؤلاء اللُّصوص؟!
إذًا، كيف نغلق بابَ رمضان الممتد بنفحاتٍ للخير والأجر، ونفتح أبوابَ الوِزر والمعصية؟! ألا نتذكَّر قولَ سيِّد الأنام صلى عليه الله وسلم حينما قال: ((إذا كان أوَّل ليلةٍ مِن رمضان فتِّحتْ أبوابُ الجنَّة فلم يُغلق منها باب، وغلِّقتْ أبوابُ جهنَّم فلم يُفتح منها باب، وصفِّدتِ الشياطينُ، وينادي منادٍ: يا باغي الخير أقبِل، ويا باغي الشرِّ أقصِر، ولله عُتقاءُ مِن النار، وذلك كله ليلة))؛ رواه الترمذي؟! فلا والله يا رسولَ الله، لن ننتبه إلَّا لما قلتَ، ولن نفعل إلَّا ما ذَكرتَ، خير الأفعال وأصدق القول قولُ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
السباق الرمضاني:
اجعلوا من رمضان سِباقًا للطَّاعة عبر مَسارات الصيام والقيام وليلة القَدْر والصَّدقات والزكاة والدروس الرمضانية... إلخ، سباق واحد لجوائز عدَّة، فلا تضيِّع على نفسك هذه الجوائز القريبة إليك، ولا تدَع قطارَ الحسرة ينال منك؛ بل ضيِّعِ الفرصةَ على مَن يتربَّصون بك كي يلهوك في كثير مِن الهزل والضياع.
تجنَّبوا شاشة التلفاز في شهرٍ سريع النفاد:
يختلف اهتمامُ المسلمين بالتلفاز في شهر رمضان الكريم؛ فمِنهم مَن يستغلُّ هذا الشهر للصيام والقيام والطاعات، والبعض الآخر ينتظر قدومَ رمضان لمتابعة التلفاز وما به مِن مغريات وملهيات؛ وذلك من خلال إعلانات تُذكِّر الناس بالمسلسلات الجديدة والبرامجِ وغيرها؛ مما يثير اهتمامَ ضعفاء النفوس ويجذبهم لمتابعة تلك الهراءات المحمَّلة بحبائل الشياطين؛ لذلك لا بدَّ مِن أن نستغلَّ التلفازَ ليكون مُعينًا لنا على الطَّاعة مِن خلال متابعة الدروس الرمضانيَّة الوسطيَّة، وسماع القرآن والتفاسير والأحاديث؛ كي نحقِّق معانيَ الصِّيام الصحيحة.
وقد أثبتت بعضُ الدراسات أنَّ هناك صِلة بين الإدمان على التلفاز وقلَّة الإنتاج والفاعليَّة والعمل عمومًا، فما بالكم بهذا الإدمان الذي يؤثِّر على طاعاتنا في شهر رمضان المعظَّم؟!
تقويم استخدامات الهواتف الذكية، والإنترنت ومواقع السوشيال ميديا في رمضان:
تشير دراسةٌ حديثة لشركة "الفيس بوك" إلى ارتفاع كبير لاستخدام الإنترنت والهواتف الذكية ومواقع السوشيال ميديا في منطقة الشرق الأوسط؛ وذلك خلال شَهر رمضان المعظم.
وتابعت الدِّراسة أنَّ أكثر من 70 % من سكَّان الشرق الأوسط يمتلكون هواتف ذكيَّة؛ ممَّا يجعل من الإنترنت والهواتف والمواقع حلقة تواصُل كبرى بين المسلمين خلالَ الشهر الكريم.
فيما أظهرت دراسةٌ أخرى قام بها باحثون مِن جامعة "نورث وسترن يونيفرسيتي" الأمريكية، ونشرت في مجلة "Sleep" العلمية - رابطًا بين الشعور بالجوع واستخدام الإنترنت والهواتف الذكية والمواقع وغيرها...
وبيَّنتِ الدراسة أن التعرُّض للضَّوء الأزرق المنبثق مِن هذه الأجهزة لمدَّة ثلاث ساعات يوميًّا يؤثِّر على تبديل مواد الجوع والجلوكوز في الجسم، ويتسبَّب في مشاكل في النَّوم؛ مما يؤثِّر على أنماط الاستهلاك الغذائي.
دراسة أخرى أَجْرَتها "فيسبوك آي كيو" أشارت إلى قضاء المستخدمين 57.6 مليون ساعة إضافيَّة على فيسبوك خلال شهر رمضان الكريم؛ وذلك في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
• كل هذه الدِّراسات والأرقام تضَع أمامَنا علامات استفهام عديدة متعلِّقة بحجم الأضرار الوخيمة التي قد تنتج عن الاستخدام السيِّئ لمثل هذه الأشياء، فضلًا عن الوقت الضَّائع الذي سيهدر الكثيرَ والكثير مِن الحسنات والمسرَّات المتاحة في الشهر الكريم؛ لذا وجب علينا التفكير والتمعُّن في كيف نستخدم ولِم نستخدم، وفي أيِّ الأوقات، أيضًا علينا تقويم استخداماتنا للهواتف والمواقع؛ كي لا نضيِّع الوقتَ الثمين في شهر رمضان؛ بل يوجد الآن العديد مِن التطبيقات والمواقع الإسلاميَّة الكثيرة والمفيدة؛ منها ما يذكِّر المسلم بأوقات الإفطار والسحور والقيام، ومنها ما يلقي الدروسَ وينشر الخيرَ، والتي ستكون بالتأكيد معينةً للمسلم في شهر رمضان الكريم.
حلقات السيئات "المسلسلات الرمضانية":
بكلِّ أسَف يُعدُّ شهر رمضان موسمًا للمسلسلات والأعمال الدراميَّة الرمضانية، والتي تُعد خِصِّيصى لهذا الشهر، وكل هذا بهدف جَذْب المسلمين وتلهيتهم وتشتيتِ انتباههم عن أداء واجباتهم في رمضان؛ فبمجرَّد مشاهدة المسلسلات المشتملة على المحرَّمات - كالتبرُّج والاختلاط ونحو ذلك - في نهار رمضان ينقص مِن أجر الصِّيام؛ بل قد تذهب بأجره كلِّه، وقد قال النبي صلَّى الله عَليه وسَلَّم: ((رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَه مِن صِيامه إلَّا الجُوعُ))؛ رواه ابن ماجه، فمشاهدة المسلسلات دليلٌ على عدَم تحقيق الغاية المُرادة مِن الصِّيام؛ وهي تقوى الله جلَّ وعلا، فإنَّ الصيام فُرِض لأجل تحقيق التقوى؛ كما قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].
أخيرًا:
ليتذكَّر الجميع سرعةَ مرور الأيام والأعوام، ولا بدَّ أن نعتبر ونتَّعظ مِن مرروها وسرعتها، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ﴾ [النور: 44]، فليسأل كلٌّ منَّا نفسَه:
• ماذا ستقدِّم في رمضان؟ هل أنت حقًّا مستعدٌّ للقاء الشَّهر الكريم؟
إذًا، أَعِدُّوا العدَّةَ، وشدُّوا الهِمَم، وليقف كلٌّ مِنَّا على أخطائه في رمضان السابق، ليحسِّن مِن نفسه وأسرته أثناء الشهر الكريم، وكما قال الشاعر:
أتى رمضانُ مَزرعةُ العبادِ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لتَطهير القلوبِ مِن الفسادِ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فأدِّ حقوقَه قَولًا وفعلًا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وزادَك فاتَّخذهُ للمعادِ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فمَن زرَع الحبوبَ وما سَقاها http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
تأوَّه نادمًا يومَ الحصادِ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
• فلا تتركوا "لصوص رمضان" يُفقدوننا رمضان آخر، وكما هم متيقظون لإبعادنا عن شعائرنا، لا بدَّ وأن نكون أكثرَ يقظة منهم في المحافظة على هذه الشَّعائر، وأكثرَ حِرصًا على إتقان وإخلاص العمَل في رمضان.
ابوالوليد المسلم
24-03-2023, 02:44 PM
الصوم والوقاية الصحية
د. زيد بن محمد الرماني
لقد أشارت كثير من الدراسات والأبحاث الطبية إلى حقيقة مفادها: الدخان دخان السجائر سمّ من السموم، شاع وعمّ - للأسف - جميع البلاد، وتعاطاه الملايين من شرق وغرب، وانتشرت تبعاً لهذا الكثير من الأمراض الفتاكة، حتى أصبحت أضرار التدخين الصحية حقيقة مُسلّم بها، لا تقبل النقاش.
المشكلة أنَّ أضرار التدخين الصحية طالت الجهاز الهضمي والجهاز العصبي وجهاز الدوران والجهاز البولي والعلاقة الجنسية والأطفال والأجنة.
يقول الجراح الأمريكي إريغارتس جراهام: لقد أصبحت متأكداً من أنَّ التدخين يزيد فرصة الإصابة بمرض السرطان عشرين ضعفاً.
والدراسات والحقائق والإحصاءات والأرقام مرعبة، مخيفة، في هذا المجال، حتى وصل الأمر في بعض الدول إلى أن يموت نتيجة التدخين والتبغ قرابة عشرون ألفاً بالقلب، وخمسة عشر ألفاً بالرئة وثلاثة وثلاثون ألفاً بالسرطان، وذلك كل سنة.
إذن: ما المطلوب. تقول د. أندره سوبيران: إنَّ العناية بالصحة تتطلب تجنب التدخين والابتعاد عن الأمكنة الملوثة بدخان التبغ.
تقول الأستاذة لولوة بنت صالح آل علي في كتابها الرائع ((الوقاية الصّحية على ضوء الكتاب والسنة)): لم تعد فوائد الصوم الصحية تخفى على أحد، فالشخص العادي أصبح يعرف هذه الحقيقة، ويلمس نتائجها، وينعم بآثارها الحسنة. ويؤكد هذا الدكتور غريب جمعة في قوله: الصيام يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم المرتفع؛ ولذلك فإنَّ نسبة المرضى الذين يترددون على عيادة الضغط تنخفض في شهر رمضان.
وللجهاز الهضمي الحظ الأوفر من فوائد الصيام؛ حيث يهيأ له الجو الروحي والصفاء والهدوء، وذلك راجع للتأثير المباشر للصوم على الجهاز الهضمي فيستريح فترة طويلة من إفرازات العصارات الهاضمة. ولذلك فالصيام يفيد في علاجات اضطرابات الأمعاء المزمنة المصحوبة بتخمّر المواد النشوية والبروتينية.
وهنا رسالة من د. ماك فادون للناس عموماً، وللمدخنين والمدخنات خصوصاً، حيث يقول: إنَّ كل إنسان يحتاج إلى الصوم، وإن لم يكن مريضاً؛ لأن سموم الأغذية والأدوية والسجائر تجتمع في الجسم فتجعله مريضاً، مثقلاً، قليل النشاط.
شهر رمضان فرصة ذهبية لذلك يقول د. روبرت بارتلو: لا شك في أنَّ الصوم من الوسائل الفعالة في التخلص من الميكروبات.
ابوالوليد المسلم
24-03-2023, 02:45 PM
قبسات من نور رمضان
محمد عادل فارس
يأتي رمضان كل عام فيحمل بين جنباته الطهر والإيمان، والخيرات والبركات، والدروس والعبر.
1- أعظم مزية لهذا الشهر العظيم أنه شهر نزول القرآن الكريم. فحين خصّه الله - تعالى -بالعبادة العظيمة عبادة الصوم، قال، بما يشير إلى حكمة هذا الاختصاص:( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبيّنات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه).
وحين ذكر الليلةَ الأعظم في رمضان، ليلة القدر، ذكر تشريفها بنزول القرآن (إنّا أنزلناه في ليلة القدر).
ولا عجب فالقرآن ليس كلاماً يقرأ فحسب، بل هو (بيّنات من الهدى والفرقان)، فالهدى كل الهدى فيه: الهدى في العقيدة والتصور، والهدى في شؤون الفرد والمجتمع والدولة والعالم كله...والفرقان بين الحق والباطل، بين النور والظلمات، بين الشرع والهوى.
وفي الشهر الذي نزل فيه القرآن يطيب للمؤمن أن يُقْبل على هذا الكتاب العظيم، أشدّ مما يقبل عليه في أي شهر آخر، يتلوه حق تلاوته، يتدبر آياته، يطهّر قلبه ونفسه بضيائه، يعيد النظر فيما يحمله في نفسه من عقائد وتصورات وقيم وأحكام وأخلاق... فما وجده موافقاً لهذا الكتاب حمد الله عليه، ووطّن نفسه على المزيد من التمسك به، وما وجده على غير هذا صحّحه بما يقتضيه هذا الكتاب.
وقد اختار الله - تعالى -لنبيّه شهر رمضان من كل سنة ليراجعَ ما كان نزل عليه من القرآن فكان جبريل ينزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كل رمضان فيدارسه القرآن "أي يسمعه منه كأنه يتثبّت من حفظه" وفي هذا إشارة قوية إلى أن رمضان موسم للإكثار من تلاوة القرآن الكريم.
وفي صحيح البخاري: (( كان جبريل يلقى النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ [حتى ينقضي الشهر] يعرض عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم – القرآن)).
ومن الأحاديث النبوية التي تربط بين الصيام والقرآن:
عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (( الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة. يقول الصيام: أي ربِّ، منعتُه الطعام والشهوات بالنهار فشفِّعني فيه، ويقول القرآن: منعتُه النوم بالليل فشفِّعني فيه. قال: فيشفَّعان)).
2- مما يلفت الانتباه أن صيغة فرضية الصيام كانت بقوله - تعالى -: ( يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام) الآية 183 من سورة البقرة.
وفي الآية 216 من السورة نفسها: (كُتب عليكم القتال وهو كُرْهٌ لكم)، وفي هذا التماثل في التعبير إشارة قوية إلى أن هذه الفرضية كتلك. فحين يكون موسم الصيام فهو فرض، وحين تقوم أسباب الجهاد فهو فرض كذلك -وفق تفصيلات يذكرها الفقهاء- ولا عجب بعدئذ أن يلتزم المسلمون صيام شهر رمضان، على مرّ العصور، إلا من كان معذوراً، أو كان إيمانه كمن يعبد الله على حَرْف!. ولا عجب كذلك أن يكون رمضان موسماً للجهاد فتشهد أيامه معارك من أعظم معارك الإسلام.
ففي أول رمضان بعد الهجرة عقد النبي - صلى الله عليه وسلم - أول لواء للجهاد في الإسلام، في سرية مقاتلة بقيادة أسد الله وأسد رسوله: حمزة بن عبد المطّلب - رضي الله عنه -.
وفي رمضان من السنة الثانية للهجرة كانت غزوة بدر الكبرى التي سمّاها الله - تعالى -: يوم الفرقان!.
وفي رمضان من السنة الثامنة للهجرة كان الفتح المبين فتح مكة المكرمة.
وعلى مرّ التاريخ كان "رمضان" يشهد بين حين وآخر معركة فاصلة. فعلى سبيل المثال كانت معركة البويب في رمضان 13هـ، وفتحت القدس في رمضان 16هـ، وكانت معركة بلاط الشهداء في رمضان 114هـ، وكانت معركة الزلاقة التي انتصر فيها جيش المرابطين بقيادة يوسف بن تاشفين على الفرنجة في رمضان 478هـ، وكانت معركة عين جالوت التي انتصر فيها المظفر قطز على التتار في رمضان 658هـ.
3- ولا نجد في النص القرآني عبارة صريحة تربط بين رمضان والإنفاق في سبيل الله من الزكوات والصدقات، لكننا نجد ذلك في سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد كان الصحابة يرون أثر هذه المدارسة القرآنية في مسلك النبي - صلى الله عليه وسلم -. فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس، وكان أجودَ ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن. فلَرسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حين يلقاه جبريل، أجودُ بالخير من الريح المرسلة". متفق عليه.
ونعلم جميعاً أن من الإنفاق المطلوب من المسلم في رمضان صدقة الفطر.
وكأن المسلمين، شعوراً منهم بفضل الإنفاق في رمضان، يكثرون من الصدقات فيه، بل إن كثيراً من أغنيائهم يدفعون زكاة أموالهم في هذا الشهر الفضيل.
4- وبمثل ذلك جاءت السنة النبوية لتبين فضل النوافل، لا سيما قيام الليل، في رمضان.
فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدَّم من ذنبه)) متفق عليه.
وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره، وفي العشر الأواخر منه ما لا يجتهد في غيره" رواه مسلم.
ويتأكد هذا في ليلة القدر.
فعن أبي هريرة - رضي الله عنه -: ((من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً، غُفر له ما تقدّم من ذنبه)) متفق عليه.
5- ولعل ما يجمع ذلك كله ويزيد عليه، هو أن الصيام، الذي هو العبادة المميزة لرمضان، قد شرع لتحقيق التقوى (يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون). سورة البقرة: 184.
فالتقوى هي الغاية من العبادة عامة، ومنها الصوم: (يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون).
وكما ذكرت التقوى في الآية الأولى من آيات الصيام، ذكرت كذلك في الآية الأخيرة من هذه الآيات: (كذلك يبيّن الله آياته للناس لعلهم يتقون) سورة البقرة: 187.
6- وفي أجواء نزول القرآن والصوم والتقوى يكون الدعاء المستجاب. فإنه مما يلفت الانتباه أن آية الدعاء جاءت من ضمن آيات الصيام. قال - تعالى -: (وإذا سألك عبادي عنّي فإني قريب. أجيبُ دعوة الداعِ إذا دعانِ فلْيستجيبوا لي ولْيؤمنوا بي لعلهم يرشُدون) سورة البقرة: 186.
وتأتي أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - لتؤكد الارتباط بين الصيام والدعاء المستجاب، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( ثلاثة لا تُردّ دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم يرفعها الله دون الغمام يوم القيامة وتفتح لها أبواب السماء ويقول: بعزتي لأنصرنّك ولو بعد حين)) رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه.
وعن عبد الله بن عمرو قال:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن للصائم عند فطره دعوةً لا تُرَدّ" رواه ابن ماجه.
اللهم أعنّا على الصيام والقيام وغضّ البصر وحفظ اللسان، وتقبّل منا إنك أنت السميع العليم.
ابوالوليد المسلم
24-03-2023, 02:46 PM
المغتالون لرمضان!
وليد بن عبده الوصابي
نفرَح برمضان كما يَفرَح الناس به، ونَستبشر به كمسلمين، فاتَّحدنا في الفرح، واختلفنا في الهدف والمقصد؛ فمنَّا مَن يفرَح برمضان؛ لأنه شهر القرآن والطاعة، ولِما ورَدت فيه من الفضائل والمزايا العظيمة، وهذا هو فرح المؤمنين الذين بشَّرهم النبي صلى الله عليه وسلم بقدومه، قائلًا: ((أتاكم شهر رمضان، شهرٌ مبارك)).
فالنفوس إليه مشتاقة، والقلوب إليه مُتلهفة، والعيون فيه باكية، والأنفس خاشعة، يزداد فيه المؤمن من طاعة ربِّه، ويُسابق ليحوز الجنان، ويَحظى بالنظر إلى الرحيم الرحمن.
كيف وقد كان بعضهم يُغلق تجارته في رمضان؛ ليتفرَّغ للصلاة والصيام والقيام تفرغًا تامًّا؟!
لكنَّ فريقًا منا يَفرَح برمضان فرحًا دنيويًّا؛ لِما فيه من زيادة المطعومات، وأنواع المشروبات، وكثرة النوم، والإقبال على المسلسلات، وغيرها من الغَفلات!
وهؤلاء هم المغتالون لرمضان، الطاعنون له في خاصرته، وهم الذين يدخل عليهم رمضانُ ويَخرُج وهم كما هم؛ لا يُغيِّرون أخطاءَهم، ولا يُبدلون سيئاتهم، بل ربما فقَدوا بعضًا من حسناتهم، وضاعَفوا آثامَهم!
رمضان يشكو هؤلاء الذين اتخذوه مَطيَّة لشهواتهم، ومنفذًا للذَّاتهم، يَمرَحون في لَعبهم، ويَسرَحون في لَهوهم.
نهارهم نائمون، وليلهم صاخبون على أنواع الألعاب والأعطاب؛ من مسلسلات، وأضاحيك، وغيرها من أحابيل الشيطان!
إن القنوات الفضائية شغَلت الناس عن رمضانهم، فجعلوا من رمضان ميدانًا للسباق، ولكنَّه سباق دنيويٌّ، وجعلوا منه مَرتعًا للسهرات، ولكنَّها سهرات بعيدة عن القرآن وطاعة الرحمن!
ترى القنوات الإنشادية والغنائية والشعرية وغيرها - تبذُل كلَّ جهودها لتتم عملياتها المشبوهة في شهر رمضان، شهر العبادة والغفران؛ ﴿ أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [فاطر: 8]، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
حتى إن بعض القنوات الإسلامية لم تَسلَم من هذا الدَّخَن والدَّغَل والدَّخَل!
يا هؤلاءِ، ارجعوا إلى باريكم، وعُودوا إلى خالقكم؛ فهو يناديكم باسم الإيمان، ويُبين لكم ثمرة الصيام، قائلًا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]، اقْرأها مرات ومرات، وأمْعِن النظر فيها: ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾، باللهِ عليكم، أي تَقوى تَكسِبونها من هاتِه الغَفلات الليلية، والنومات النهارية؟!
أين فائدة الصوم التي أثَّرت في أرواحكم؟!
أين ثمرة القيام المؤثرة في نفوسكم؟!
أين؟! أين؟!
اقرؤوا سيرة سلفِكم الصالحِ، كيف كانوا يفرحون برمضان، ويُكرمونه الإكرام اللائق به؛ نهارهم صائمون لا نائمون، وليلهم قائمون لا لاعِبون!
اقرؤوا سِيَرهم، وانظروا حالهم مع القرآن الذي أُنزل في رمضان!
كم ختمة ختَموها في رمضان بتدبُّر وخشوع، وبكاء وخضوعٍ!
أجسامهم كأجسامكم، ولكنهم تفوَّقوا علينا بالجِد والاجتهاد، والانتصاب بين يدي رب العباد، فطهَّروا قلوبهم ونحن غشَشناها، وزكوا نفوسَهم ونحن دسَسناها!
نسأل الله تزكيةَ نفوسنا، والنأيَ بها عما يَشغَلُها عن باريها، وأن يُهيئ لنا من أمرنا رشدًا.
والله الموفق.
ابوالوليد المسلم
24-03-2023, 02:46 PM
حفظ الجوارح عن المعاصي
د. إبراهيم بن فهد بن إبراهيم الودعان
حفظ الجوارح عن المعاصي
في رمضان وغيره
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كُتِب على ابن آدم نصيبُه من الزنا مُدرِكٌ ذلك لا محالة، فالعينانِ زناهما النظر، والأذنانِ زناهما الاستمتاع، واللسانُ زناه الكلام، واليدُ زناها البطش، والرِّجل زناها الخطى، والقلبُ يَهوَى ويتمنَّى، ويُصدِّق ذلك الفرجُ ويُكذِّبه))؛ متفق عليه[1].
يتعلق بهذا الحديث فوائد:
الفائدة الأولى: يجبُ على المؤمن أن يحفظَ أعضاءه مِن فعل الحرام؛ حتى لا يقع في الزنا الحقيقيِّ، وبخاصةٍ في هذا الشهر الكريم، وقد نبَّه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث إلى أنواع؛ منها:
فأولها: زنا العينين: وهو النظرُ إلى المحرَّمات كلِّها، وبخاصة ما يُؤدِّي إلى الوقوع في الزنا.
وثانيها: زنا الأذنين: وهو الاستماعُ إلى الحرامِ؛ كاستماع الأغاني المحرَّمة وغير ذلك.
وثالثها: زنا اللسان: وهو الكلام المحرَّم؛ كالنطق بالكلام الفاحش ومعاكسة النساء ونحوه.
ورابعها: زنا اليدين: كإيذاءِ الناس باليدين؛ كالبطش بهم وضربهم، وكل منكر يُرتكب باليدين، وبخاصة ما يوصل إلى الزنا الحقيقي؛ كمعاكسة النساء برسائل الجوال أو البلوتوث أو عن طريق الشبكة.
وخامسها: زنا القدمين: وهو استعمالها في معصية الله تعالى؛ كالمشي بهما في المعاكسات، أو للزنا الحقيقي، أو المشي بهما للإفسادِ في الأرض وانتهاك الحرمات.
الفائدة الثانية: سَمَّى النبي صلى الله عليه وسلم هذه المعاصي زنا؛ وذلك للتنفير منها وتقبيحها، وبيان خطرها؛ حتى لا يتساهل الناس فيها؛ ومنها: أنها قد تؤدي إلى الزنا الحقيقي، فما كان موصلًا إليه ووسيلة للوقوع فيه، استحق أن يسمَّى باسمه.
الفائدة الثالثة: قد يجتمع أنواعٌ من زنا الأعضاء في بعض الأعمال وبخاصة في عصرنا هذا؛ فمن ذلك:
أولًا: استخراج الصور الموجودة في الجوَّالات عن طريق البرامج المتخصصة، فيجتمع في هذا زنا اليدين والعينين، كما أن فيه تجسسًا وكشفًا للعَوْرات، وإشاعة للفاحشة، ونشرًا للرذيلة، وإيذاءً للمؤمنين.
ثانيًا: نشر الصور المحرَّمة المخلَّة بالأدب والسلوك، وتوزيعها عن طريق المجلات أو الفضائيات أو الجرائد بأنواعها، أو عن طريق البلوتوث أو الشبكة العنكبوتية، وكل هذا حرام لا يجوز فعله.
[1] رواه البخاري 5/ 2304 (5889)، ومسلم 4/ 2047 (2657)، وهذا لفظه، وليس في البخاري ذِكرُ: الأذنان، واليد، والرجل.
ابوالوليد المسلم
24-03-2023, 03:14 PM
رقمنة رسائل التهنئات
(تهنئة شهر رمضان نموذجًا)
أ. د. هاني علي سعيد
في الأدب العربي وتراثه التليد فنٌّ عريق لا يمكن تجاهل قراءته من متخصص أو هاوٍ، بدعوى سطوة الشعر وهيمنته في عصوره الأولى، هذا الفن هو فن الرسائل بنوعيها: الإخوانية، أو الشخصية، التي تشتمل على رسائل: التهنئة، والتعزية، والاستعطاف، والخوف، والرجاء، وكل ما من شأنه أن يُظْهِر عواطف الناس، ومكنونات نفوسهم، أما النوع الآخر، فهو الرسائل الديوانية أو السلطانية، وبها تُدار شؤون الدول، وقد أُنشئ لها ديوان خاص بها هو ديوان الإنشاء أو الكتابة، وبرز كُتَّاب في التراث العربي ظلت سطورهم التي سطَّروها حافظة لمجد براعتهم في فن الكتابة؛ منهم عبدالحميد الكاتب، الذي كان يسميه الجاحظ "عبدالحكيم الكاتب"؛ لبراعته المتناهية في الكتابة، ومنهم أيضًا: ابن وهب، وعمرو بن مسعدة، وعبدالملك بن الزيات، وسهل بن هارون، وغيرهم، وقد أُلِّفت كُتُبٌ تحمل في عنواناتها دليلًا على مضمونها من الرسائل أو مؤلفيها؛ منها: "رسائل ابن المقفع"، "رسائل الجاحظ"، "رسالة التوابع والزوابع"، "رسالة الغفران"، "رسائل بديع الزمان الهمذاني"...
الآن تحولت الرسائل الشخصية إلى ضرب من ضروب الرسائل الآلية، التي تستعين بها المؤسسات المختلفة من بنوك، وسفارات، وشركات الطيران؛ ليردوا بها على العملاء، إما لندرة الموظفين المخصصين لهذا الغرض، أو لتخلي هذه المؤسسات عن مسؤولياتها تجاه عملائها، خاصة لو كانت في بلاد بلا رقابة إدارية.
أنا لن أتطرق إلى البعد غير الأخلاقي، الذي صِرْنا نرضى به ونمارسه ببلادة منقطعة النظير، كأن ترسل رسالة لأحدهم فيرد عليك برسالة محولة، أو بتلك الرسائل الإلكترونية الجاهزة، التي تشبه في قبحها (الورد البلاستيك) في غرفة بستاني، لكني أتطرق إلى البعد الأدبي، خاصة إذا كان كاتب الرسالة ممن يعرف دقائق اللغة، ولا أقول أديبًا، بل يكفي قدرته على التعبير عما بداخله بلغة سليمة، إن تلك الأصوات التي تتراكم في مفردات ثم في جمل وتراكيب، ليست حبرًا على ورق، أو مجرد ضربات صماء على لوحة مفاتيح عقيمة، لا، إنها أرواح تتناسل وتتقارن وتتلاقح، فتصير النفوس أكثر سعادة، وتستحيل الأحقاد الكامنة في الصدور بذورَ حبٍّ، فربما بكلمة واحدة اشتملت عليها رسالتك إلى أخيك، أو صديقك، أو أستاذك، أو إلى من تود التواصل معه من الناس - مبددة لكل ما تخفيه النفس من تحاسد أو تباغض .
إن رقمنة الرسائل لم ينسف فقط المكون الأدبي في هذه الرسائل، لو كان يجوز أن نطلق عليها (رسائل)، وإنما أفقدها جانب الذوق، وأورث أصحابها مرضًا نفسيًّا، تخيل أن ترسل رسالة لأحدهم ولا تذكر فيها اسمه، ويشعر فيها بالامتهان، وأنك أرسلت له رسالة عامة مما ترسل للعامة والدَّهْمَاء والغوغاء، فإذا به يتحول إلى غول؛ فيُقْسِم أيمانات مغلظة في نفسه أنه لن يرد على رسالتك، بل لن يبادلك التهنئة في أي مناسبة، ولا أجافي الحقيقة إن قلت: وعنده حق؛ لأنك ببساطة لو كانت هذه الرسالة لرئيسك في العمل لَما أقدمت على إرسالها بهذا الشكل المزري، وهو بُعْدٌ أخلاقي مشين، ونفاق مستشرٍ في تواصلنا مع الآخرين.
إننا نتحول بشكل أو بآخر إلى (عبيد)، لا أقصد عبيدًا للآلة، فهذا تحقق من نصف قرن تقريبًا، ولكن صرنا عبيدًا في مشاعرنا، تشكلها المصلحة، حتى مع أقرب الناس، وخُذْ علاقة الزوج بزوجته مثالًا على ذلك، دون الدخول في التفاصيل، التي تزيدنا بؤسًا حين نقرؤها، رغم أننا نمارسها كل يوم.
في واقعة حقيقية أخبرني زميل أن لديه رقمًا لواتساب مخصصًا لتخزين مثل هذه الرسائل الجاهزة في المناسبات المختلفة؛ ليكون أسرعَ في تحويلها، هو طبعًا يقول هذا الكلام لي من باب الفخر، وأنه رجل عملي وليس لديه القدرة على إضاعة وقته في هذه التفاهات ... وأنا أستمع إليه والألم يعتصرني، ولسان حالي: كفَّ عن الناس (أرفك)، إن كنت ما سترسله لهم عبئًا لهذه الدرجة، فصدقني، حفيٌّ بك أن تمتنع عن إرسال شيء، فهم ليسوا أغبياء، وإنما يتسرب إليهم من أسطرك الممجوجة ما تحمله نفسك من قبح.
وأخيرًا: فرسالتي إلى الأحباب جميعًا: عطَّر الله شهركم بذكركم له سبحانه، وشملكم لطفه وغفرانه، ولا صرف قلوبكم - في شهره - إلا إليه، وأضاع جُلَّ آمالكم إلا أملكم فيه ...
أما عن أجمل رسالة على الإطلاق وصلتني؛ تهنئة بهذا الشهر المبارك، فإنها رسالة أمي: "كل شهر وأنت حسك في الدنيا" ... (الحس) ما تحمله هذه الكلمة من دفء ودلالات أجملها: أن تعيش وحس أحدهم يتردد فيك، ينسرب في خلاياك، صدقني هذا هو السلام النفسي، الذي لو افتقدت كل شيء إلاه لكفاك.
ابوالوليد المسلم
24-03-2023, 03:16 PM
ورشة عمل ترفيهية للأطفال استقبالًا لرمضان في أونتاريو
أقامت الجاليةُ الإسلامية بمدينة "لندن" جنوب غرب مقاطعة "أونتاريو" الكندية - ورشة عملٍ ترفيهية للأطفال المسلمين احتفالًا بقدوم شهر رمضان الكريم.
وتهدف ورشة العمل إلى نشر التعاليم والعبادات الإسلامية للأطفال المسلمين، ومعرفة المزيد عن شهر رمضان الكريم، بالإضافة إلى عددٍ من الأنشطة الترفيهية الأخرى.
وخلال ورشة العمل تعلَّم الأطفال المسلمون تصميم عددٍ من الأشكال الزخرفية ذات الطابَع الإسلامي، باستخدام الأوراق والحجاز بطرق يدوية، كما تعلموا كيفية كتابة أسمائهم باللغة العربية.
وبصفتها مديرةَ ورشة العمل قالت "داليا الترك" لموقع "CBC.ca": "شهر رمضان ليس مجرَّد شهر للصيام عن الطعام فقط، لكن الله عز وجل فرَضه علينا لنشكُرَه على نِعمه الكثيرة وكذلك للإحساس بالآخرين أيضًا".
وقالت "دنيا زيادة" إحدى الفتيات المسلمات المشاركات في ورشة العمل: "الورشة كانت ممتعة ومفيدة جدًّا، تعلَّمنا خلالها الكثير عن شهر رمضان الكريم، وقُمنا بصُنع عددٍ من الأشكال التي ترمز إلى رمضان مثل الهلال".
وأضافت دنيا: "رمضان هو أحد الأوقات المفضلة لي خلال العام؛ لأن الصيام يجعلنا نشعُر بأننا أقربُ إلى الله عز وجل، كما أن الأوقات التي نقضيها مع عائلاتنا خلال شهر رمضان تكون رائعة جدًّا"؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
25-03-2023, 10:51 PM
قوانين اقتصادية في شهر رمضان
د. زيد بن محمد الرماني
الصوم تربية لروح المسلم وأخلاقه حتى يشعر الغني بحاجة الفقراء والجوعى فيزداد إيمانه بالله ويقينه بضرورة أداء حق الفقراء في أمواله، بل ويزيد على ذلك الحق عندما يشعر بألم الجوع والعطش.
ومن الأسف أن استسلم بعض الناس لبعض العادات السيئة الدخيلة على شهر رمضان والتي تتمثل في طريقة الإنفاق الاستهلاكي. فعندما يأتي شهر رمضان نرى أن أغلبية من المسلمين يرصدون ميزانية أسرية أكبر بكثير إن لم تكن ضعف الميزانية في الأشهر العادية، وتبدأ بمضاعفة استهلاكها. ويكون النهار صوماً وكسلاً، والليل طعاماً واستهلاكاً غير عادي.
إن الطعام الزائد في الليل وبإفراط يؤدي إلى فقدان الكثير من تلك الفوائد بل قد ينعكس ذلك بشكل سلبي على صحة الإنسان، فإذا أكل كثيراً في الليل يصبح كسلاناً بسبب تخمّر الطعام في جهازه الهضمي.
والنصيحة التي يمكن أن نوجهها إلى المسلمين هي عدم التفريط وعدم الإفراط في تناول الطعام في ليالي رمضان والتزام الوسطية والاعتدال، ذلك أن أحد أسباب الكارثة التي حلّت بنا اليوم هي البطر والإفراط في الاستهلاك والتبذير والبعد عن الدّين والقيم.
إن رمضان هو محاولة لصياغة نمط استهلاكي رشيد وعملية تدريب مكثف تستغرق شهراً واحداً تفهم الإنسان أن بإمكانه أن يعيش بإلغاء الاستهلاك استهلاك بعض المفردات في حياته اليومية ولساعات طويلة كل يوم. إنه محاولة تربوية لكسر ((النهم الاستهلاكي الذي أجمع علماء النفس المعاصرين أنه حالة مرضية، وأن مجال علاجه في علم النفس وليس في علم الاقتصاد)). وإن كان يصيب بتأثيراته أوضاع الاقتصاد وأحواله.
فالإسراف والتبذير في الاستهلاك يعتبر سوء استخدام للموارد الاقتصادية والسلع التي أنعم الله على العباد لينتفعوا بها وهو عمل يذمه الإسلام ذمّاً كبيراً، حيث وصف الله المسرفين والمبذرين بأنهم إخوان الشياطين، لما لهذا العمل من آثار سيئة لا تقتصر على صاحبها الذي مارس الإسراف بل تمتد لتشمل المجتمع والعالم.
إن الإنسان أهم بكثير من أي نموذج أو نظرية أو تفسير، هذا ما اكتشفه علماء الاقتصاد أخيراً، فالإنسان هو الذي يقرّر مستوى رفاهه ودرجة ثرائه، وكل الأمر متوقف على قراره وسلوكه، فبإمكانه إن أراد أن يكون معتدل الاستهلاك فيصبح حجم الوفر لديه بما يمكنه أن يصبح ثرياً، وبإمكانه إن كان نهم الاستهلاك كما هو حال الفرد في أغلب المجتمع الغربي أن يأكل ثروته.
وهكذا فمفتاح حل الأزمات إنما يكمن في التربية الاستهلاكية، ولذلك عادت مفردات التدبير والتوفير وحسن التصرف في المال، تشق طريقها إلى الدراسات الاقتصادية الحديثة.
ووجدنا من الاقتصاديين مَنْ يقول: لقد تحدثنا كثيراً عن قوانين الاقتصاد، ورسمنا المزيد من المنحنيات والمعادلات، ولكننا نسينا المتغير الأكبر الذي يقرر صلاحية أو عدم صلاحية كل ما تحدثنا عنه وتوقعناه وهو الإنسان.
ابوالوليد المسلم
25-03-2023, 10:51 PM
دعوات في رمضان
هشام محمد سعيد قربان
دمعة في السحر:
عسى دمعة لي تقبلُها بكرمك
فتغفر لي ما كان
وتمسح خطئي
تقبل توبتي
وتُؤَمِّن خوفي
تثبِّت قدمي
ترُدُّني بها إليك
ترضى بها عنِّي
فتقرِّبني وتكرمني
تُصلِحني ومَن أُحب
تُحسن ختامي ومنقلَبي
مناجاة بعد التراويح:
ألهِب ظهرَك بسياط الحَسرة
بلِّل خدَّيك بدموع الندم
يا حسرتاه إن فاتني الرَّكب!
وا خسارتاه إن قُبلوا ورُددت!
يا ربِّ أنا عبدُك عاصٍ ومذنب
متطفِّل على مائدةِ كرمك
يفرُّ من ذنبه إليك
ليس لي سواك
إلى من تَكلُني؟
لا مهربَ لي إلا إليك
لا منجى لي منك إلا أنت
يا رب
يا رب!
خير ما تقوم به ليلة القدر:
قلب حاضر
مقرٌّ بذنبه
خجِلٌ مِمَّن ستَرَه
مفتقِرٌ لله
واثقٌ في رحمته
متَّهِم نيته
محتقِرٌ عملَه
محسنٌ الظنَّ بربه
باكٍ على ما كان
وجِلٌ مما حصل
نادمٌ على جرأته
متذلِّل عند باب مولاه
منطَرِح على أعتابه
راجٍ عفوَه ونوالَه
ابوالوليد المسلم
25-03-2023, 10:52 PM
القران في رمضان
خميس النقيب
منذ ساعات كنا نقول أهلاً رمضان وها نحن - الان - نقول مهلاً رمضان، وبعد ساعات سنقول وداعاً رمضان، هكذا الزمن يدور والحياة تسير والسفر إلى الله طويل والزاد مع العباد قليل وربك يخلق ما يشاء ويختار وكل شيء عنده بمقدار...
فاغتموا شهركم وأطيعوا ربكم وأكثروا زادكم..
عيشوا مع القران، فما أحلى كلام الله.. !!
كلام الله تعالى أشرف ما يخطر بالبال، وأطهر ما يمر بالفم، وأجمل ما تنطق به الشفتان، وأسمى ما يتعلق به العقل الواعي، وأفضل ما يستقر في العقل الباطن.
قال الحسن البصري - رحمه الله تعالى -: "تفقدوا الحلاوة في ثلاثة أشياء: في الصلاة، وفي الذكر، وفي قراءة القرآن، فإن وجدتم وإلا فاعلموا أن الباب مغلق".
قالوا: "شرف العلم بشرف ما تعلّق به"، فكيف إذا تعلّقت العبادة بالقرآن العظيم؟: أشرف الكتب وأكملها، وقد أعلى الله مكانه، وأيّد بالحق سلطانه، أفصح كتبه كلاماً، وأحسنها نظاماً: (وإنه لكتاب عزيز* لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد) فصلت
والارتباط بين شهر رمضان والقرآن العظيم ارتباطٌ محكم وثيق، ففي أيّامه ولياليه نزل الروح الأمين بالقرآن العظيم ليكون هدى للناس قال - تعالى -: ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) البقرة
وقد حثّ الله - سبحانه وتعالى - عباده المؤمنين على أن يكون لهم شأن مع القرآن الكريم، فيردوا حياضه، ويستروحوا في رياضِهِ، ويتنسموا عبيره ويأنسوا بكَنَفِه، فها هو يخاطبهم في محكم كتابه: ( ورتل القرآن ترتيلا) المزمل
قال الإمام ابن كثير عند تفسير هذه الآية: "اقرأه على تمهل، فإنه يكون عوناً على فهم القرآن وتدبره، وكذلك كان يقرأ صلوات الله وسلامه عليه".
إن القرآن الكريم هو كلام الله المنزل على قلب رسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهو معجزته الخالدة: وفي الأثر عن علي بن أبي طالب أنه روى حديثاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنه ما ذكره عن القرآن أنه: "كتاب الله فيه نبأ ما كان قبلكم، وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة ولا يشبع منه العلماء ولا يخلق على كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا: (.. إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ) الجن من قال به صدق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم"
والإسلام منهج حياة بالقائد القرآني، وهو الرسول - صلى الله عليه وسلم - ثم المنهج الربَّاني وهو الكتاب والسُّنَّة، ثم بالجِيل الإيماني الذي يَقتدي بالرسول القرآني، ويطبِّق المنهج الرباني.
بأخلاق القرآن كان - محمد بن عبد الله - نبياً عظيماً "قران يمشي على الأرض"، وبأخلاق القران كانت أمة - محمد بن عبد الله - خير أمة اخرجت للناس ( كنتم خير امة اخرجت للناس).
أحسن الحديث تتطلع إليه الأنفس وتلين له الجلود وتخشع له القلوب، الله - تعالى - يقول: ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) الزمر
والله - عز وجل - قد وصَف عباده عندما يقرؤون كتاب الله: ( لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا) كيف؟
لا يَسمعونه سَماع الصُّم، لا يقرؤونه قراءة المنافقين، كيف؟ رُبَّ تالٍ للقرآن والقرآن يلعنه، يقْرَأ آيات الصدق ويكْذِب، ويقرأ آيات الإخلاص ويُشْرِك، ويقرأ آيات العدل ويظلم، رُبَّ تالٍ للقرآن والقرآن يلعنه.
لكن عباد الرحمن عندما يَجلسون مع القرآن فلَهُم آذان مصْغِية، ولهم قلوب واعية، ولهم أعْين راعية، ترعَى حدود الله - عز وجل - فلا تتعدَّاها.
كتاب الله - عز وجل - أنزله على قلب رسوله؛ ليقرأه على الناس على مكث لتخشع قلوبهم، وتتطهَّر صدورهم، وتتزكَّى نفوسهم، وتتألَّق عقولهم؛ ليتعرَّفوا على ربهم وخالقهم ورازقهم - سبحانه وتعالى -.
القرآن فيه آيات الله وأسمائه وصفاته، فيه صفات المؤمنين والكافرين والمنافقين، ومصاير هؤلاء، فيه الجنة والنار، فيه الوعد والوَعِيد، فيه الترغيب والترْهيب، فيه الأمر والنَّهْي، قال - تعالى -: ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) النحل
نعم هدي وبشري ورحمة للمسلمين …. !!
كيف لا، وهو رُوحٌ تسْري في الأمَّة؟! ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) الشورى
كيف لا، وهو حياة تَنْعم بها الأمَّة؟! ( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا) الأنعام
كيف لا، وهو شفاء؟! ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ) الإسراء
كيف لا، وهو سبيل الهداية لِمَا يُصْلِح البلاد والعباد؟! ( إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) الإسراء.
كيف لا، وهو حَبْل الله المَتِين، ونُورُه المبين، وصراطه المستقيم، مَن قال به صدَق، ومن حَكَم به عدَل، ومن عَمل به أُجِر، ومن دَعا إليه هُدِى إلى صراط مستقيم؟!
لكل مؤلِّف كتاب، ولكلِّ شاعر ديوان، ولكل فيْلسوف منْطِق، وكلٌّ يقدِّم لِعَمله قائلاً: "إنْ كان هناك تقصير فمن نفسي وان كان غير ذلك فمن الله"، أمَّا كتاب الله فالأمْر فيه يَختلف؛ إنه - سبحانه - يقدِّم له بقوله: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ) البقرة
كيف لا وقد تأثَّر به المشْرِك حين سمع القرآن فقال: إنَّ له لَحلاوة، وإنَّ عليه لطلاوة، وإنَّ أعْلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يَعْلو ولا يُعْلَى عليه.
كيف لا وقد سَمعه أهل الكتاب فخشعت قلوبُهم، ودمعت أعينهم، وآمنوا بالله ورسوله؛ ( وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) المائدة
كيف لا وقد سمِعَتْه الجن ( فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا) الجن
( فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ ) الأحقاف
وتحوَّلوا إلى دُعاة لهذا المنهج؛ ( يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) الأحقاف
كيف لا وقد سَمِعه الجماد، فخشَع من خشية الله؛ ( لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) الحشر
لذلك فالأولى بالمؤْمن الحق ان ُّ يتأثَّر ويزداد إيمانًا؛ ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) الأنفال
أكثر الناس تأثرا به بعد رسول الله هو عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كيف؟
يُرْوَى أنَّ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان يَسِير في طرقات المدينة، وإذا به يرى طفلاً صغيرًا ذاهبًا إلى المسجد؛ ليحْفظ كتاب الله، وكان هذا الفتى يمشِي كعادة الفِتْية لاهيًا ولاعبًا في طريقه، لكنَّه كان يردِّد آيات الله التي سيَقوم بتسميعها لمعلِّمه في المسجد، وإذا بأذُنِ عمر بن الخطاب تَسمع هذه الآية من هذا الصبي الصغير: ( إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ) الطور. فسقط عمر بن الخطاب من سماعها علي الأرض مغشيًّا عليه، وكلما كلَّمَه أحد قال: ( إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ)، الطور يا ربِّ ارْحم عمر بن الخطاب، يا رب ارحم عمرَ بن الخطاب، وظل مريضًا في فراشه لمدَّة شهر.
ما يعزز مضاعفة الأجر في رمضان هو نزول القرآن الكريم فيه جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، ومدارسة جبريل القرآن للرسول - صلى الله عليه وسلم - في شهر رمضان، فهناك إذاً فضل لتلاوة القرآن الكريم في رمضان.
إنّه القرآن العظيم، والنور المبين، رحمة الله للعالمين، فحريّ بالمسلم أن يبذل من أجله ويستغل دقائق عمره لخدمته، ويتميّز بعبادته لله به في رمضان لتصلح بذلك كل شؤونه، وينال شفاعة الله له بسببه يوم القيامة، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((اقْرَؤوا القرآنَ، فإنه يأتي يومَ القيامةِ شفيعًا لأصحابه). صحيح
كان ّ جبريل - عليه السلام - كان يدارس الرسول - صلى الله عليه وسلم - القرآن في شهر رمضان، وكان - صلى الله عليه وسلم - يكون عند ذلك أجود ما يكون، كان كالريح المرسلة المحمّلة بالخير العظيم، وعليه فيستحبّ للمسلم تقوية علاقته بالقرآن الكريم تلاوة وفهماّ وتدبراً، والاستفادة من ساعات الليل حيث الهدوء والسكينة.
كان الإمام مالك متى دخل رمضان يترك الحديث ومجالسة أهل العلم وينشغل بالقرآن، أمّا سفيان الثوري فكان متى دخل رمضان ترك جميع العبادة وانشغل بالقرآن، فلا عجب في ذلك، فرمضان هو شهر نزول القرآن، وفيه ليلة هي خير من ألف شهر تكريماً ورفعاً لقدر القرآن الكريم، وهي ليلة القدر، فينبغي أن يكون للقرآن تميّز خاص في شهر رمضان.
تجتمع عبادتان في شهر رمضان عبادة الصيام وعبادة تلاوة القرآن، وهما تشفعان لصاحبهما يوم القيامة للحديث الشريف ((الصيامُ والقرآنُ يشفعانِ للعبدِ يومَ القيامَةِ، يقولُ الصيامُ: أي ربِّ إِنَّي منعْتُهُ الطعامَ والشهواتِ بالنهارِ فشفِّعْنِي فيه، يقولُ القرآنُ ربِّ منعتُهُ النومَ بالليلِ فشفعني فيه، فيَشْفَعانِ)) [صحيح].
اللهم اجعل القران الكريم ربيع قلوبنا وشفاء صدورنا وذهاب همنا وغمنا …
اللهم اجعله والصيام شفيعًان لنا ….
ابوالوليد المسلم
25-03-2023, 10:53 PM
بين يدي رمضان (3)
بوعلام محمد بجاوي
حكاية الخلاف في ليلة نزول القرآن:
قال الطَّبريُّ أبو جعفر محمد بن جرير (ت: 310): وقوله: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ﴾ [الدخان: 3] أقسم - جلَّ ثناؤه - بهذا الكتاب، أنَّه أنزله في ليلة مباركة، واختلف أهلُ التأويل في تلك الليلة، أي ليلة مِن ليالي السَّنة هي؟
فقال بعضهم: هي ليلة القدر...
وقال آخرون: بل هي ليلة النصف من شعبان؛ اهـ[1].
ولم يسم القائل، ولم يذكر روايةً، والظاهر أنه أخذها من تفسيرٍ لـ: عكرمة أبي عبدالله مولى ابن عباس (ت: 104) في الآية بعدها: ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ [الدخان: 4]؛ لأنَّ الضمير يعود عليها ﴿ لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ﴾ [الدخان: 3]، ويأتي الكلام عنها.
قال القرطبي أبو عبدالله محمد بن أحمد (ت: 671): وقال عكرمة: الليلة المباركة هاهنا: ليلة النِّصف مِن شعبان.
والأول أصح؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾ [القدر: 1]؛ اهـ[2].
الظاهر أنَّه تبع ابن عطية أبا محمد عبدالحق بن غالب (ت: 542) قال: وقال عكرمة وغيره: الليلة المباركة هي النِّصف من شَعبان؛ اهـ[3].
وكأنَّه حمَل المطلَق أو المبهم ﴿ لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ﴾ [الدخان: 3] على المقيد والمفسر ﴿ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾ [القدر: 1].
وقال الطبريُّ: والصواب مِن القول في ذلك قول مَن قال: "عُني بها ليلة القدر"؛ لأنَّ الله - جلَّ ثناؤه - أخبر أن ذلك كذلك؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ﴾ [الدخان: 3] خَلْقَنا بهذا الكتاب الذي أنزلناه في الليلة المباركة عقوبتنا أن تحلَّ بمَن كفر منهم، فلم يثب إلى توحيدنا، وإفراد الألوهة لنا؛ اهـ[4].
استدلَّ بعود الضمير ﴿أَنْزَلْنَاهُ ﴾ على "القرآن" بدليل قوله: ﴿ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ﴾ على أنَّ المراد ليلة القدر؛ لأنهَّا الليلة التي نزَل فيها القرآن: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾ [القدر: 1]، ولأنَّ القرآن نزَل في شهر رمضان: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185]، وكأنَّ المخالف يُنكر عود الضمير في: ﴿ أَنْزَلْنَاهُ ﴾ على القرآن.
وذكر أبو شامة - كما يأتي قريبًا - توجيهَ هذا القول بأنَّ القرآن نزَل في ليلة القدر لـمَّا وافقت ليلةَ النِّصف من شَعبان بناء على أنهَّا تتنقل في جميع الشُّهور ولا تختص بشهر رمضان، أمَّا آية البقرة فالمقصود: شَهر رمضان الذي أُنزل في شأنه وفضله القرآنُ.
وعليه ليس الخلاف بين "ليلة القدر" و"ليلة النِّصف من شَعبان" كما ذكر الطبريُّ وغيره، وإنما بين "نزوله في شَعبان" وبين "نزوله في رمضان"؛ ولهذا يُحكى الخلاف في "آية الدخان" دون "آية القدر"، لكن جواب أبي شامة - وأيضًا ابن العربي - ينبني على أنَّ المخالف يَنفي نزولَ القرآن في "ليلة القدر".
وعلى هذا المخالفُ:
♦ يحَمل آيةَ القدر على غير القرآن؛ ولا قائل به إلَّا أن يلزم به.
♦ ويحمل آيةَ البقرة على غير نزول القرآن.
الخلاصة: الخلاف لا يثبت سندًا، ثمَّ عكرمة - كما سبق - يَروي عن ابن عبَّاس أنه نزل في ليلة القدر، ويُروى عنه - لكن بسند منقطع - أيضًا، ولا معنى له؛ إذ لا خلاف في عود الضمير في سورة القدر على القرآن، وفي أنَّ ليلة القدر في رمضان، وفي آية البقرة على أن المراد نزول القرآن، وإنما الخلاف في معنى نزوله، بين نزوله جملة، وبين ابتداء نزوله، فليتَ الطبريُّ ترك حكايةَ الخلاف.
قال ابن العربي أبو بكر محمد بن عبدالله (ت: 543): وجمهور العلماء على أنها "ليلة القدر".
ومنهم مَن قال: إنها "ليلة النِّصف من شَعبان"، وهو باطل؛ لأنَّ الله تعالى قال في كتابه الصادق القاطع: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185]، فنصَّ على أنَّ ميقات نزوله رمضان، ثم عبَّر عن زمانيَّة الليل هاهنا بقوله: ﴿ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ﴾ [الدخان: 3]، فمَن زعم أنه في غيره فقد أعظَم الفريةَ على الله، وليس في ليلة النِّصف من شَعبان حديث يعوَّل عليه، لا في فضلها، ولا في نسخ الآجال فيها، فلا تلتفتوا إليها؛ اهـ[5].
وقال أبو شامة أبو القاسم عبدالرحمن بن إسماعيل (ت: 665): قال الله تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ﴾ [الدخان: 3]، وقال - جلَّت قدرته -: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾ [القدر: 1]، فـ "ليلة القَدر" هي: الليلة المباركة، وهي في شَهر رمضان جمعًا بين هؤلاء الآيات؛ إذ لا منافاة بينها، فقد دلَّت الأحاديثُ الصحيحة على أن "ليلة القدر" في شهر رمضان، وأمر النَّبي صلى الله عليه وسلم بالْتِماسها في العشر الأخير منه[6]، ولا ليلة أبرك مِن ليلةٍ هي خيرٌ مِن ألف شهر، فتعيَّن حمل قوله سبحانه: ﴿ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ﴾ على "ليلة القدر"، كيف وقد أرشد إلى ذلك قوله تعالى: ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ [الدخان: 4]، فهو موافِق لمعنى تَسميتها بـ "ليلة القدر"؛ لأنَّ معناه التقدير، فإذا ثبت هذا، علمت أنه قد أَبْعَدَ مَن قال: الليلة المباركة هي ليلة النِّصف من شَعبان، وأن قوله تعالى: ﴿ أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185] معناه: أنزل في شأنه وفضل صيامه وبيان أحكامه، وأن "ليلة القدر" توجد في جميع السَّنة لا تختص بشهر رمضان؛ بل هي منتقلة في الشهور على مرِّ السنين، واتَّفق أن وافقت زمن إنزال القرآن ليلة النِّصف من شَعبان.
وإبطال هذا القول متحقق بالأحاديث الصَّحيحة الواردة في بيان ليلة القدر وصفاتها وأحكامها؛ اهـ[7].
♦ ♦ ♦ ♦ ♦
﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ﴾ [القدر: 2]
قال البخاريُّ محمد بن إسماعيل (ت: 256): قال [سفيان] ابن عيينة (ت: 198): ما كان في القرآن ﴿ مَا أَدْرَاكَ ﴾ فقد أعلمه، وما قال: ﴿ وَمَا يُدْرِيكَ ﴾ فإنَّه لم يعلمه؛ اهـ[8].
أخرجه ابن حجر أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت: 852) في "تغليق التعليق"[9] من طريق ابن أبي حاتم[10]: "ثنا" أبي، "ثنا" محمد ابن أبي عمر العدني قال: قال سُفيان - يعني ابن عيينة -: كل شيء في القرآن ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ ﴾ فقد أخبره به، وكل شيء ﴿ وَمَا يُدْرِيكَ ﴾ [الأحزاب: 63] فلم يخبره به.
والطَّبري في التفسير (23/ 207 - ط: هجر): حدَّثنا [محمد] ابن حميد [الرازي: متروك] قال: "ثنا" مهران [بن أبي عمر] عن سفيان.
وعزاه السيوطيُّ عبدالرحمن بن الكمال (ت: 911) في الدرِّ المنثور إلى تفسيرَي: ابن أبي حاتم أبي محمد عبدالرحمن بن محمد (ت: 327) وابن المنذر أبي بكر محمد بن إبراهيم (ت: 319)[11].
وجعله السمعانيُّ أبو المظفر منصور بن محمد (ت: 489) من تفسير ابن عباس[12].
والمقصود تعظيم شأن هذه الليلة، كما هو الحال في: اليوم الآخر (الحاقة، القارعة، يوم الفصل، يوم الدين) وجهنم (سقر، هاوية، الحطمة) وكتب أعمال المؤمنين والكفار - أو موضعهما - (سجين، علِّيون) وعظيم مخلوقات الله (الطارق) وعظيم الأعمال العتق (العقبة).
♦ ♦ ♦ ♦ ♦
﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ [القدر: 3]
المقصود أن ثواب الأعمال فيها أكثر من ثواب العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر[13].
قال ابن كثير أبو الفداء إسماعيل بن عمر (ت: 774): وهذا القول بأنهَّا أفضل مِن عبادة ألف شهر - وليس فيها ليلة القدر - هو اختيار ابن جرير، وهو الصواب لا ما عداه، وهو كقوله صلى الله عليه وسلم: ((رباط ليلة في سبيل الله خير مِن ألف ليلة فيما سواه من المنازل))؛ رواه أحمد [470، 558 (مكرر)، وفيه "يوم" بدل "ليلة"، وأخرجه من طريق آخر (442)]؛ اهـ[14].
قال الطبريُّ أبو جعفر محمد بن جرير (ت: 310): وأشبه الأقوال في ذلك بظاهر التنزيل قول مَن قال: عمَل في ليلة القدر خير من عمل ألف شهر، ليس فيها ليلة القدر، وأما الأقوال الأخر، فدعاوى معان باطِلة، لا دلالة عليها مِن خبر ولا عقل، ولا هي موجودة في التنزيل؛ اهـ[15].
والمحروم مَن حُرم العمل، وانشغل عنه بالمباح أو الحرام في الأيام الفاضلة، فكم يضيِّع مَن ضيَّع ليلة القدر.
♦ ♦ ♦ ♦ ♦
﴿ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ﴾ [القدر: 4]
قال ابن كثير: أي: يكثر تنزل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها، والملائكة يتنزَّلون مع تنزل البركة والرَّحمة كما يتنزَّلون عند تلاوة القرآن ويحيطون بحِلَق الذِّكر، ويضَعون أجنحتَهم لطالب العلم بصدقٍ تعظيمًا له.
وأما الروح: فقيل: المراد به هاهنا جبريل عليه السلام، فيكون مِن باب عطف الخاص على العام، وقيل: هم ضرب من الملائكة؛ اهـ[16].
﴿ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ﴾:
له احتمالان:
الاحتمال الأول: متعلق بما قبله.
المعنى: تتنزَّل الملائكة بما يُقضى في السَّنة كلها.
قال الطبريُّ: اختلف أهلُ التأويل في تأويل ذلك:
فقال بعضهم: معنى ذلك: ﴿ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ ﴾ وجبريلُ معهم - وهو الروح - في ليلة القدر، ﴿ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ﴾ [القدر: 4]، يعني: بإذن ربهم مِن كلِّ أمرٍ قضاه الله في تلك السَّنة؛ من رزق وأجَل وغير ذلك... فعلى هذا القول منتهى الخبر، وموضع الوقف: ﴿ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ﴾؛ اهـ[17].
يروى عن:
قتادة بن دعامة السدوسي (ت: 117 أو 118):
تفسير عبدالرزاق (3666) عن مَعمر [بن راشد]، عن قتادة في قوله تعالى: ﴿ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ ﴾ [القدر: 4، 5] قال: يقضى فيها ما يكون في السَّنة إلى مثلها؛ المقصود ﴿ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ﴾، أمَّا قوله: ﴿ سَلَامٌ هِيَ ﴾ فلها - عنده - معنى مستقل كما يأتي.
تفسير الطَّبري (24/ 547، 548) حدَّثنا [محمد] ابن عبدالأعلى [الصنعاني] قال: "ثنا" [محمد] ابن ثور، عن مَعمر [بن راشد]، عن قتادة في قوله: ﴿ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ﴾ [القدر: 4]، قال: يقضى فيها ما يكون في السَّنة إلى مثلها.
يشهد له قولُه تعالى في سورة الدخان: ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ [الدخان: 4]، المقصود قَضاء السَّنة.
يروى عن:
عبدالله بن عباس (ت: 68):
تفسير الطَّبري (21/ 11) حدثني محمد بن معمر قال: "ثنا" أبو هشام [المغيرة بن سلمة المخزومي] قال: "ثنا" عبدالواحد [بن زياد العبدي] قال: "ثنا" [أبو سهل] عثمان بن حكيم قال: "ثنا" سعيد بن جبير قال: قال ابن عباس: "إنَّ الرجل ليمشي في الناس وقد رفع في الأموات، قال: ثمَّ قرأ هذه الآية: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ [الدخان: 3، 4] قال: ثمَّ قال: يفرق فيها أمر الدنيا من السنة إلى السنة.
أبي عبدالرحمن [عبدالله بن حبيب] السلمي (ت: 73):
تفسير مجاهد (ص: 597) أخبرنا [أبو القاسم] عبدالرحمن [بن الحسن الهمذاني] قال: "نا" إبراهيم [بن الحسين بن علي الهمذاني] قال: "نا" آدم [بن أبي إياس] قال: "نا" ورقاء [بن عمر اليشكري]، عن حصين بن عبدالرحمن، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبدالرحمن السلمي، قال: "يفرق (يدبر: رواية ابن فضيل) في ليلة القدر أمر السَّنَة إلى مثلها من قابل".
سعيد بن منصور (1962) "نا" سويد بن عبدالعزيز [متروك] قال: "نا" حصين.
تفسير الطَّبري (21/ 8) حدَّثنا الفضل بن الصباح قال: "ثنا" محمد بن فضيل، عن حصين.
شعب الإيمان (3390) أخبرنا أبو عبدالله الحافظ [الحاكم]، حدَّثنا أبو العباس الأصم، حدَّثنا أحمد بن عبدالجبار، حدَّثنا ابن فضيل، عن حصين.
وأخرجه سعيد بن منصور (1961) "نا" خالد بن عبدالله، عن حصين، عن أبي عبدالرحمن السلمي [لم يذكر سعد بن عبيدة].
مجاهد بن جبر (ت: 104):
تفسير مجاهد (ص: 597) "أنا" [أبو القاسم] عبدالرحمن [بن الحسن الهمذاني] قال: "نا" إبراهيم [بن الحسين بن علي الهمذاني] قال: "نا" آدم [بن أبي إياس] قال: "ثنا" ورقاء [بن عمر اليشكري]، عن [عبدالله] ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال في ليلة القدر: يفرق كل أمر يكون في السَّنة إلى مثلها مِن السنة الأخرى؛ مِن المعايش والمصائب كلها، إلَّا الحياة والموت.
تفسير الطَّبري (21/ 8) حدثني محمد بن عمرو قال: "ثنا" أبو عاصم [الضحاك بن مخلد] قال: "ثنا" عيسى [بن ميمون]:
وحدثني [أبو محمد] الحارث [بن محمد - صاحب المسند] قال: "ثنا" الحسن [بن موسى الأشيب] قال: "ثنا" ورقاء، عن ابن أبي نجيح.
استثنى: الحياة والموت.
سعيد بن منصور (1960) "نا" جرير [بن عبدالحميد]، عن منصور [بن المعتمر] قال: قلتُ لمجاهد: ما تقول في هذا الدعاء: "اللهمَّ إن كان اسمي في السُّعداء فأثبته فيهم، وإن كان في الأشقياء فامحُه منه، واجعله في السعداء"؟ فقال: حسَن.
ثمَّ مكثتُ حولًا فسألتًه عن ذلك؟ فقال: ﴿ حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ [الدخان: 1 - 4]، قال: يُفرق في ليلة القدر ما يكون من السنة مِن رزق أو مصيبة، فأمَّا الشقاء والسعادة، فإنه ثابت لا يتغيَّر.
من طريقه البيهقي في القضاء والقدر (258).
الطَّبري (21/ 9 - 13/ 561 - 562) حدَّثنا [محمد] ابن حميد [الرازي: متروك] قال: ثنا جرير.
الطَّبري (13/ 561) حدَّثنا [محمد] ابن بشار قال: "ثنا" أبو أحمد [محمد بن عبدالله الزبيري] "ثنا" سُفيان [الثَّوري] عن منصور؛ مختصرًا.
استثنى الشقاء في النار والسعادة في الجنة.
وجمع بينها - الحياة والموت، السعادة والشقاء - في تفسير: ﴿ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ﴾ [الرعد: 39]، والمقصود القضاء ليلة القدر قد يتغيَّر إلَّا ما استثني؛ أي: إنَّ التقدير في ليلة القدر يكون موافقًا لِما هو عليه في اللَّوح المحفوظ، فمن قُدِّر له فيها أنه يموت في يوم مِن أيام تلك السنة فلن يتخلَّف، وكذا من قدِّر فيها أنه مِن الأشقياء في النار أو السعداء في الجنة فلن يتخلّف، ويأتي الكلام عنه.
الحسن بن أبي الحسن البصري (ت: 110):
الطَّبري (21/ 7) (24/ 544 - 545) حدثني يعقوب [بن إبراهيم القيسي] قال: "ثنا" [إسماعيل] ابن علية قال: "ثنا" ربيعة بن كلثوم قال: قال رجل للحسن - وأنا أسمع -: رأيتُ ليلةَ القدر في كل رمضان هي؟ قال: نعم، واللهِ الذي لا إله إلَّا هو إنها لفي كلِّ رمضان، وإنها لليلة القدر، ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ [الدخان: 4]؛ فيها يَقضي الله كلَّ أجَل وعمل ورزق، إلى مثلها.
ربيعة بن كلثوم: قليل الحديث[18].
قتادة بن دعامة السدوسي (ت: 117 أو 118):
عبدالرزاق (2801) عن مَعمر [بن راشد]، عن قتادة في قوله تعالى: ﴿ لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ﴾ قال: هي ليلة القدر، ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ [الدخان: 4]؛ فيها يُقضى ما يكون من السَّنة إلى السنة.
تفسير الطَّبري (21/ 9) حدَّثنا [محمد] ابن عبدالأعلى [الصنعاني] قال: "ثنا" [محمد ابن ثور]، عن مَعمر [بن راشد]، عن قتادة قال: "هي ليلة القدر، فيها يُقضى ما يكون من السَّنة إلى السنة".
تفسير الطَّبري (21/ 8 - 9) حدَّثنا بشر [بن معاذ العقدي] قال: "ثنا" يزيد [بن زريع] قال: "ثنا" سعيد [ابن أبي عروبة]، عن قتادة: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ﴾ [الدخان: 3]؛ ليلة القدر، ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ [الدخان: 4]، كنَّا نحدث أنَّه يفرق فيها أمر السَّنة إلى السنة.
أبو مالكغزوان الغفاري (تابعي، يروي عن البراء بن عازب وابن عباس):
تفسير الطَّبري (21/ 8) حدَّثنا [محمد] ابن بشار قال: "ثنا" عبدالرحمن [بن مهدي] قال: "ثنا" سُفيان [الثَّوري]، عن سلمة [بن كهيل]، عن أبي مالك [غزوان الغفاري] في قوله: ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ [الدخان: 4]، قال: أمر السَّنة إلى السنة؛ ما كان مِن خلقٍ أو رِزق أو أجَل أو مصيبة، أو نحو هذا.
تخصيص الآية بـ "الحُجَّاج" (من يَحج تلك السنة):
سعيد بن جبير (ت: 95):
تفسير الطَّبري (24/ 544) [حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء]، ثنا وكيع [بن الجراح]، عن سُفيان [بن سعيد الثَّوري]، عن محمد بن سوقة، عن سعيد بن جبير: "يؤذَن للحُجَّاج في ليلة القدر، فيكتبون بأسمائهم وأسماء آبائهم، فلا يغادِر منهم أحد، ولا يزاد فيهم، ولا ينقص منهم".
ابوالوليد المسلم
25-03-2023, 10:53 PM
ونحوه:
عكرمة مولى ابن عباس (ت: 106):
عبدالرزاق (2802) عن [سفيان بن سعيد] الثَّوري، عن محمد بن سوقة، عن عكرمة قال: سمعته يقول: يؤذن للنَّاس بالحجِّ ليلةَ القدر، فيُكتبون بأسمائهم - قال محمد: وأظنُّه قال: وأسماء آبائهم - لا يغادر أحدًا ممن كتب تلك الليلة، ولا يزاد فيهم ولا ينقص منهم، ثم قرأ عكرمة: ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ [الدخان: 4].
مقصودهما - والله أعلم - التمثيل لا الحَصر.
تخصيص الآية بـ "الموت" (من يموت تلك السنة):
عمر [بن عبدالله] مولى غفرة (ت: 145): [لا يصح].
تفسير الطَّبري (21/ 7) حدثني يونس [بن عبدالأعلى]، قال: أخبرنا [عبدالله] ابن وهب قال: قال عبدالحميد بن سالم، عن عمر مولى غفرة قال: "يقال: ينسخ لملك الموت مَن يموت ليلة القدر إلى مثلها؛ وذلك لأن الله عز وجل يقول: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ﴾ [الدخان: 3]، وقال: ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ [الدخان: 4]، قال: فتجد الرجلَ ينكح النساءَ، ويغرس الغرس واسمه في الأموات".
منقطع؛ ابن وهب يقول: "قال عبدالحميد بن سالم"، وعبدالحميد مجهول، لم يذكر في الرواة عنه غير: الزبير بن سعيد الهاشمي[19].
ويروى أن المقصود ليلة النِّصف من شَعبان:
تفسير الطَّبري (21/ 9، 10) حدَّثنا الفضل بن الصباح والحسن بن عرفة قالا: "ثنا" الحسن بن إسماعيل البجلي، عن محمد بن سوقة، عن عكرمة في قول الله تبارك وتعالى: ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ [الدخان: 4]، قال: في ليلة النِّصف مِن شَعبان، يبرم فيه أمر السَّنة، وتنسخ الأحياء من الأموات، ويكتب الحاج فلا يزاد فيهم أحد، ولا ينقص منهم أحد.
لأجل هذه الرِّواية حكى الطبريُّ الخلافَ في آية الدخان بين "ليلة القدر" و"ليلة النِّصف من شَعبان" وسبق الكلام عنها.
الحسن بن إسماعيل البجلي: ليس له غير هذه الرواية.
وفي أخبار القضاة (3/ 149) لوكيعٍ أبي بكر بن خلف (ت: 306): أخبرني يحيى بن إسماعيل البجلي في كتابه أنَّ الحسن بن إسماعيل البجلي حدَّثهم قال: حدَّثنا مطلب بن زيد قال: حدَّثنا عبيد القاضي، عن محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري أنه قال: لما سد أبواب المسجد ذهب عليٌّ رضي الله عنه ليخرج، فأخذ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بيده فقال: ((إنّ هذا المسجد لا يحلُّ لأحدٍ أن يجنب فيه غيري وغيرك)).
ويُروى فيه حديث مرفوع:
تفسير الطَّبري (21/ 10) حدثني عبيد بن آدم بن أبي إياس قال: "ثنا" أبي قال: "ثنا" الليث [بن سعد]، عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب [الزهري]، عن عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تقطع الآجال من شَعبان إلى شَعبان؛ حتى إنَّ الرجل لينكح ويولَد له، وقد خرج اسمه في الموتى)).
خاص بـ "الآجال".
مرسل: عثمان بن محمد بن الأخنس: يروي عن المقبري عن أبي هريرة، وله عنه مناكير[20].
وعليه لا خلاف في أنَّ "ليلة القدر" يقضى ويقدَّر فيها ما يكون في السّنة، وإنما المقصود الخلاف معنى ﴿ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ﴾ [القدر: 4].
مسألة: تغير التقدير ليلة القدر:
وهذا راجع لمِعنى قوله تعالى: ﴿ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾ [الرعد: 39]، هل المقصود التقدير أو القرآن؟
عبدالله بن عباس (ت: 68) [لا يصح]:
تفسير الطَّبري (13/ 560) حدثني المثنى [بن إبراهيم]، قال: "ثنا" عمرو بن عون قال: أخبرنا هشيم [بن بشير]، عن [محمد بن عبدالرحمن] ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: ﴿ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾ [الرعد: 39]، قال: يقدِّر الله أمرَ السَّنة في ليلة القدر، إلَّا الشقاء والسعادة، والموت والحياة.
وأخرجه من طرق عن ابن أبي ليلى ليس "فيه ليلة القدر" (13/ 559، 560).
وبدونها أخرجه عبدالرزاق (1387)عن الثَّوري، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ﴾ [الرعد: 39]قال: إلَّا الشقوة والسعادة، والحياة والموت.
ابن أبي ليلى: ضعيف[21].
وأخرج عبدالرزاق (2/ 273 - رقم 1386) عن مَعمر [بن راشد]، عن قتادة في قوله تعالى: ﴿ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ﴾ [الرعد: 39]، قال ابن عباس: هو القرآن، كأنَّ الله يمحو ما يشاء ويثبت، ويُنسي نبيَّه صلى الله عليه وسلم ما شاء، ويَنسخ ما شاء ويُثبت ما شاء، وهو المحكَم ﴿ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾ [الرعد: 39]، قال: جملة الكتاب وأصله.
منقطع.
مجاهد بن جبر (ت: 104):
تفسير الطَّبري (13/ 561) حدَّثنا أحمد [بن إسحاق الأهوازي]، قال: "ثنا" أبو أحمد [الزبيري محمد بن عبدالله بن الزُّبير]، قال: "ثنا" سُفيان [بن سعيد الثَّوري]، عن منصور [بن المعتمر]، عن مجاهد:
قال: "ثنا" سعيد بن سليمان قال: "ثنا" شريك، عن منصور، عن مجاهد: ﴿ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ﴾ [الرعد: 39]، قال: ينزل الله كلَّ شيء في السنة في ليلة القدر، فيَمحو ما يشاء من الآجال، والأرزاق، والمقادير، إلَّا الشقاء والسعادة، فإنهما ثابتان.
أبو أحمد الزُّبيري محمد بن عبدالله: ثقة ثبت إلَّا أنَّه قد يُخطئ في حديث الثَّوري[22].
الطَّبري (13/ 561) حدَّثنا عمرو بن علي قال: ثنا أبو عاصم [الضحاك بن مخلد]، قال: "ثنا" سُفيان [الثَّوري]، عن منصور [بن المعتمر]، عن مجاهد، في قوله: ﴿ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ﴾ [الرعد: 39]، قال: إلَّا الحياة والموت، والسَّعادة والشَّقاوة، فإنَّهما لا يتغيَّران.
حدَّثنا عمرو قال: "ثنا" عبدالرحمن [بن مهدي]، قال: "ثنا" معاذ بن عقبة، عن منصور، عن مجاهد مثله. حدَّثنا ابن بشار قال: "ثنا" أبو أحمد قال: "ثنا" سُفيان، عن منصور، عن مجاهد مثله.
معاذ بن عقبة: ذكر في هذا الأثر وفي حديث غريب في المعجم الأوسط (3485) عنه عن زياد بن سعد، لعلَّ الصواب: مصاد بن عقبة[23].
ومصاد بن عقبة: قليل الحديث، وروى عنه ثلاثة، ذكره ابن حبَّان في الثِّقات، وقال: مستقيم الحديث على قلَّته؛ اهـ[24].
الطَّبري (13/ 561) قال [محمد بن بشار] "ثنا" أبو أحمد [الزُّبيري]، قال: "ثنا" سُفيان [بن سعيد الثَّوري]، عن منصور، قال: قلت لمجاهد: إن كنت كتبتني سعيدًا فأثبتني، وإن كنت كتبتني شقيًّا فامحُني قال: الشَّقاء والسعادة قد فُرغ منهما.
وينظر روايات أخرى عنه في تفسير آية الدخان.
ويروى أن ذلك في العاشر من رجب:
قيس بن عباد:
تفسير الطَّبري (13/ 571) حدَّثنا محمد بن عبدالأعلى قال: "ثنا "محمد بن ثور قال: "ثنا" المعتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: "ثني" رجل، عن أبيه، عن قيس بن عُبَاد أنه قال: العاشِر من رجب هو يوم يمحو الله فيه ما يشاء.
الرجل: لعله النضر بن عبدالله بن مطر القيسي.
وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان (3466) أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدَّثنا محمد بن علي الوراق، حدَّثنا أبو النعمان [عارم محمد بن الفضل]، حدَّثنا معتمر بن سليمان.
شعب الإيمان (3467) من طريق عبيدالله بن نضر القيسي، حدَّثنا أبي [النضر بن عبدالله بن مطر القيسي]، عن جدِّي، عن قيس بن عباد.
وابن عساكر في فضل رجب (5) من طريق مهدي بن ميمون، عن النضر بن عبدالله، عن أبيه، عن قيس بن عباد.
قيس بن عباد: ذكره عبدالباقي بن قانع (ت: 351) في معجم الصحابة، لكنه تابعي[25].
ويُروى حديث مرفوع أنَّ ذلك في الساعة الأولى من آخر الليل.
تفسير الطَّبري (13/ 570) حدثني محمد بن سهل بن عسكر قال: "ثنا" [سعيد بن الحكم] ابن أبي مريم قال: "ثنا" اللَّيثُ بن سعد، عن زيادة بن محمد، عن محمد بن كعب القرظي، عن فضالة بن عُبيد، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الله يفتح الذكر في ثلاث ساعات يبقين من اللَّيل؛ في الساعة الأولى منهنَّ ينظر في الكتاب الذي لا ينظر فيه أحدٌ غيره، فيمحو ما يشاء ويُثبت))، ثم ذكر ما في الساعتين الآخرتين.
تتمَّته: ((ثم يَنزل في الساعة الثانية إلى جنَّة عدن - وهي داره التي لم ترها عين، ولم تخطر على قلب بشَر، وهي مسكنه، ولا يسكنها معه مِن بني آدم غير ثلاثة: النبيين، والصديقين، والشهداء، ثمَّ يقول: طوبى لِمن دخلَكِ، ثمَّ ينزل في الساعة الثالثة إلى السماء الدنيا بروحه وملائكته، فتنتفض، فيقول: قومي بعزَّتي، ثم يطلع إلى عباده، فيقول: هل مِن مستغفر أغفر له؟ وهل مِن داعٍ أجيب؟ حتى تكون صلاة الفجر، ولذلك يقول: ﴿ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ﴾ [الإسراء: 78] يشهده اللهُ وملائكة الليل والنهار)).
تفسير الطَّبري (13/ 570) حدَّثنا موسى بن سهل الرملي قال: "ثنا" آدم [بن أبي إياس]، قال: "ثنا" الليث [بن سعد]، قال: "ثنا" زيادة بن محمد، عن محمد بن كعب القرظي، عن فضالة بن عُبيد، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الله يَنزل في ثلاث ساعات يبقين من الليل، يَفتح الذِّكرَ في الساعة الأولى الذي لم يره أحد غيره، يَمحو ما يشاء ويُثبت ما يشاء)).
أخرجه الدارمي في الرد على الجهمية (128)، وابن خزيمة في التوحيد (199) من طريق سعيد بن الحكم بن أبي مريم، عن الليث.
والدارقطني في النزول (ص: 151 - 152) من طريق يحيى بن بُكير، عن الليث.
واللالكائي (756) من طريق كاتب الليث أبي صالح عبدالله بن صالح، عنه.
زيادة بن محمد: ضعيف، متروك[26].
ومن مناكيره هذا الحديث، ذكره الذَّهبيُّ أبو عبدالله محمد بن أحمد (ت: 748) بتمامه - تبعًا للعقيلي- ثم قال: فهذه ألفاظ منكرة لم يأتِ بها غير زيادة؛ اهـ[27].
وقال العقيلي أبو جعفر محمد بن عمرو (ت: 322): والحديث في نزول الله عزَّ وجل إلى السماء الدنيا ثابت فيه أحاديث صحاح، إلَّا أنَّ زيادة هذا جاء في حديثه بألفاظ لم يأتِ بها الناسُ، ولا يتابعه عليها منهم أحد؛ اهـ[28].
وللآية تفسير آخر، وأنَّ المراد: القرآن المحكَم والمنسوخ.
الاحتمال الثاني: متعلق بما بعده.
أي: ﴿ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ ﴾ [القدر: 3، 4]؛ فهي سلام مِن جميع الشرور، أو "من كل امرئ سلام"، من كل ملك سلام على المؤمنين.
والكلام عنه في "الآية بعدها".
♦ ♦ ♦ ♦ ♦
﴿ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [القدر: 5]
قال السمعاني أبو المظفر منصور بن محمد (ت: 489): ﴿ سَلَامٌ هِيَ ﴾ فيه قولان:
أحدهما: أنَّ المراد منه تَسليم الملائكة على مَن يَذكر اللهَ تعالى في تلك الليلة.
والقول الثاني: ﴿ سَلَامٌ ﴾، أي: سلامة، والمعنى: أنَّه لا يعمل فيها داء ولا سِحر، ولا شيء من عمل الشياطين والكَهنة؛ اهـ[29].
التفسير الأول: تَسليم الملائكة على المُحْيِين لليلة القَدر بالذكر.
وله صورتان:
الأولى: مستقل عن ﴿ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ﴾:
الأخرى: متعلق بـ ﴿ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ﴾، ويكون المعنى: مِن كل امرئ - أي ملَك - سلام.
قال الطبريُّ: وقال آخرون: ﴿ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ﴾ [القدر: 4]: لا يلقون مؤمنًا ولا مؤمنة إلَّا سلَّموا عليه...
حدثت عن يحيى بن زياد الفراء قال: "ثني" أبو بكر بن عياش، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس: أنه كان يقرأ: (من كل امرئ سلام) وهذه القراءة مَن قرأ بها وجه معنى: (من كل امرئ): مِن كلِّ ملَك، كان معناه عنده: تنزَّل الملائكة والروح فيها بإذن ربِّهم مِن كلِّ ملَك يسلِّم على المؤمنين والمؤمنات.
ولا أرى القراءةَ بها جائزة؛ لإجماع الحجَّة مِن القرَّاء على خلافها، وأنها خلاف لما في مصاحف المسلمين؛ وذلك أنه ليس في مصحف من مصاحف المسلمين في قوله (أمر) ياء، وإذا قُرئتْ: (من كل امرئ) لحقتها همزة، تصير في الخط ياء.
والصواب مِن القول في ذلك: القول الأول الذي ذكَرناه قبل، على ما تأوله قتادة[30]؛ اهـ[31].
رُوي هذا التفسير عن:
الشَّعبي عامر بن شراحيل (ت: 103 أو 104) [لا يصح]:
سعيد بن منصور (2498) "نا" هشيم [بن بشير]، عن أبي إسحاق [عبدالله بن ميسرة] الكوفي، عن الشعبي، قوله ﴿ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [القدر: 4، 5]، قال: تسليم الملائكة ليلة القدر على أهل المساجد حتى يَطلع الفجر.
أبو إسحاق الكوفي: عبدالله بن ميسرة يدلِّس هشيمٌ اسمَه، ضعيف، متروك[32].
منصور بن زاذان (ت: 128) [لا يصح]:
سعيد بن منصور (2497) "نا" خلف بن خليفة قال: سمعتُ منصورَ بن زاذان يذكر في قوله ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [القدر: 4، 5]، قال: ليلة القدر، تنزل الملائكةُ في تلك الليلة من حيث (حين) تغيب الشمس إلى أن يطلع الغد، يمرُّون على كلِّ مؤمن، ويلقون كلَّ مؤمن: السلام عليك يا مؤمن، السلام عليك يا مؤمن.
قال سعيد [بن منصور]: فقلت له: عن الحسن؟ فقال: لا.
خلف بن خليفة: سبق أنه اختلط.
الخلاصة: الآثار كلها ضعيفة.
التفسير الثاني: خير كلها ليس فيها شر.
ثمَّ منهم مَن قال متعلق بـ: ﴿ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ﴾ [القدر: 4]، أي: ﴿ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ* سَلَامٌ ﴾ [القدر: 4، 5]، ومنهم مَن جعلها مستقلَّه عن ﴿ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ﴾:
عبدالرحمن بن أبي ليلى (ت: 83) [لا يصح]:
تفسير الطَّبري (24/ 549) حدَّثني موسى بن عبدالرحمن المسروقي قال: "ثنا" عبدالحميد الحماني [ضعيف]، عن الأعمش، عن المنهال [بن عمرو]، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى في قوله: ﴿ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ* سَلَامٌ هِيَ ﴾ [القدر: 4، 5] قال: لا يَحدث فيها أمر.
مجاهد بن جبر (ت: 104) [لا يصح]:
سعيد بن منصور (2499) "نا" عيسى بن يونس، "ثنا" الأعمش، عن مجاهد في قوله: ﴿ سَلَامُ هِيَ ﴾ قال: هي سالِمة لا يَستطيع الشيطانُ أن يُحدث فيها شرًّا، ولا يُحدث فيها أذًى.
قال أبو حاتم محمد بن إدريس (ت: 277): إنَّ الأعمش قليل السماع من مجاهد، وعامة ما يروي عن مجاهد مدلَّس؛ اهـ[33].
تفسير الطَّبري (24/ 549) حدَّثنا أبو كريب [محمد بن العلاء]، قال: "ثنا" وكيع [بن الجراح]، عن إسرائيل [بن يونس بن أبي إسحاق]، عن جابر [بن يزيد الجعفي]، عن مجاهد: ﴿سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ [القدر: 5]، قال: مِن كل أمر سلام.
جابر بن يزيد الجعفي: متروك متَّهم[34].
تفسير يحيى بن سلام (1/ 493) حدَّثنا عبدالوهاب بن مجاهد، عن أبيه قال: ﴿ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ* سَلَامٌ هِيَ ﴾ [القدر: 4، 5] خير كلها، ﴿حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾، يعني: ليلة القدر.
عبدالوهاب بن مجاهد: ضعيف متروك[35].
قتادة بن دعامة السدوسي (ت: 117 أو 118):
تفسير عبدالرزاق (3667) عن معمر، عن قتادة في قوله تعالى: ﴿ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ* سَلَامٌ هِيَ ﴾ [القدر: 4، 5]، قال: خير هي حتى مَطلع الفجر.
المقصود: ﴿ سَلَامٌ هِيَ ﴾ أمَّا قوله تعالى: ﴿ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ﴾ فمحمول عنده على القَضاء كما سبق.
تفسير الطَّبري (24/ 548، 549) حدَّثنا [محمد] ابن عبدالأعلى [الصنعاني]، قال: "ثنا" [محمد] ابن ثور، عن معمر، عن قتادة: ﴿ سَلَامٌ هِيَ ﴾ قال: خير، ﴿ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾.
تفسير الطَّبري (24/ 549) حدَّثنا بشر [بن معاذ العقدي]، قال: "ثنا" يزيد [بن زريع]، قال: "ثنا" سعيد [ابن أبي عروبة]، عن قتادة ﴿ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ* سَلَامٌ هِيَ ﴾ [القدر: 4، 5]، أي: هي خير كلها إلى مَطلع الفجر.
عبدالرحمن بن زيد بن أسلم (ت: 182):
تفسير الطَّبري (24/ 549) حدَّثني يونس [بن عبدالأعلى] قال: أخبرنا [عبدالله] ابن وهب قال: قال [عبدالرحمن] ابن زيد [بن أسلم] في قول الله: ﴿ سَلَامٌ هِيَ ﴾ قال: ليس فيها شيء، هي خير كلها ﴿ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾.
الخلاصة: صحَّ عن قتادة وعبدالرحمن بن زيد بن أسلم.
قال الطبريُّ: وقوله: ﴿ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾: سلام ليلة القدر مِن الشرِّ كله مِن أولها إلى طلوع الفَجر مِن ليلتها، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويل؛ اهـ[36].
يتبع...
[1] تفسير الطبري (21/ 5، 6).
[2] تفسير القرطبي (19/ 100).
[3] المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (7/ 569).
[4] تفسير الطبري (21/ 6).
[5] أحكام القرآن (4/ 1690).
[6] يأتي الكلام عنها.
[7] المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز ص: 9 - ط: صادر.
[8] صحيح البخاري (2/ 92)، ط: محب الدين الخطيب.
[9] تغليق التعليق (3/ 204، 205).
[10] وهو من جملة المفقود من تفسير ابن أبي حاتم.
[11] الدر المنثور في التفسير بالمأثور (12/ 148، 149، - سورة الأحزاب الآية: 63 - ط: هجر.
[12] تفسير السمعاني (6/ 34).
[13] تفسير السمعاني (6/ 261).
[14] تفسير ابن كثير (8/ 443).
[15] تفسير الطبري (24/ 546).
[16] تفسير ابن كثير (8/ 444).
[17] تفسير الطبري (24/ 547).
[18] ميزان الاعتدال (2/ 45) - ترجمة: 2755.
[19] ميزان الاعتدال (2/ 540، 541) - ترجمة: 4774.
[20] ميزان الاعتدال (3/ 52) - ترجمة: 5557.
[21] ميزان الاعتدال (3/ 613 - 616 - 7825).
[22] تقريب التهذيب 487 - ترجمة: 6017.
[23] أثبت المزي في الرواة عن زياد بن سعد "مصاد بن عقبة"، وقال في الحاشية: كان فيه معاذ بن عقبة، وهو وهم؛ تهذيب الكمال (9/ 476) - هامش: 1، وعمدته المصادر المتقدمة: الجرح والتعديل (8/ 440)، الثقات (7/ 497)، المؤتلف والمختلف للدارقطني (4/ 2180)، طبقات الأسماء المفردة من الصحابة والتابعين وأصحاب الحديث 107، الإكمال لابن ماكولا (7/ 198).
[24] الثقات (7/ 497).
[25] معجم الصحابة (2/ 354) - ترجمة: 894، وأخرج له حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذكره ابن حبان (5/ 308، 309) - ترجمة: 4980، والعجلي (2/ 221) - ترجمة: 1534 في التابعين.
[26] ميزان الاعتدال (2/ 98) - ترجمة: 2988.
[27] ميزان الاعتدال (2/ 98) - ترجمة: 2988.
[28] الضعفاء (2/ 451، 452) - ط: حمدي السلفي.
[29] تفسير السمعاني (6/ 262).
[30] حمل ﴿ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ﴾ [القدر: 4] على القَضاء الكوني.
[31] تفسير الطبري (24/ 547، 548).
[32] ميزان الاعتدال (2/ 511) - ترجمة: 4641.
[33] العلل (5/ 471 - مسألة: 2119.
[34] ميزان الاعتدال (1/ 379 - 384) - ترجمة: 1425.
[35] ميزان الاعتدال (2/ 682، 683) - ترجمة: 5324.
[36] تفسير الطبري.
ابوالوليد المسلم
25-03-2023, 10:54 PM
العشر الأواخر
د. مرشد معشوق الخزنوي
نحن في أهمِّ عشرة أيَّام في السَّنة كلِّها، أيَّام مبارَكة وطيِّبة، وتعدُّ مِن أعظم وأكبر نِعم المولى علينا، ونِعمُه علينا كثيرة لا تُعدُّ ولا تحصى، ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾ [إبراهيم: 34]، ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النحل: 18]، ومن أعظم نِعَم المولى علينا وفضلِه أنْ بلَّغَنا هذه العشرَ المباركة، فقد حُرِم منها الكثيرون.
كَمْ كُنْتَ تَعْرِفُ مِمَّنْ صَامَ فِي سَلَفٍ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
مِنْ بَيْنِ أَهْلٍ وَجِيرَانٍ وَإِخْوَانِ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أَفْنَاهُمُ المَوْتُ وَاسْتَبْقَاكَ بَعْدَهُمُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
حَيًّا فَمَا أَقْرَبَ القَاصِي مِنَ الدَّانِي http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
هذه ليالي العَشر الأواخر مِن رمضان؛ حيث تبدأ من ليلة الحادي والعشرين منه، وتنتهي بخروج رمضان، ومِن عظيم قدرها أنَّها الليالي التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحييها كلَّها بالعبادة، وفيها ليلة القَدر التي هي "خير مِن ألف شَهر".
إنَّها أيَّام المرحمة، أيام العِتق مِن النيران، والشقيُّ مَن لم تشمله الهبةُ الربَّانيَّة؛ وذلك الخسران المبين، فلتكن لنا فُرصة ثمينة لأنفسنا وأهلينا، فما هي إلا ليالٍ مَعدودة، ربما يُدرك الإنسان فيها نفحة مِن نفحات المولى فتكون سعادة في الدنيا والآخرة.
إنَّها ليالٍ كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يخصها بعناية واجتهادٍ كبيرين، ويجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها مِن العبادة والحِرص على فِعل الخير؛ فقد ورد في الصَّحيحين عن عائشة رضي الله عنها، قالت: "كان رسولُ الله إذا دخل العشر شدَّ مئزرَه، وأحيا ليلَه، وأيقظ أهلَه"، وقد بلغ مِن حرصه صلى الله عليه وسلم على هذه الأيَّام المباركات أنَّه كان يطرق البابَ على فاطمة وعليٍّ ليلًا؛ كما ورد في الصَّحيحين، فيقول لهما: ((ألَا تقومان فُتصلِّيان؟)).
ففي قول عائشة رضي الله عنها عن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: "وشدَّ مئزره"؛ كناية عن الاستعداد للعِبادة، والاجتهاد فيها زيادة على المُعتاد، ومعناه التشمير في العبادات، كما يقال: شدَدتُ لهذا الأمر مئزري؛ أي: تشمَّرتُ له وتفرَّغتُ، وقيل: هو كناية عن اعتزال النِّساء، وتركِ الجِماع؛ وهذا هو الأقرب، وبذلك فسَّره السَّلفُ والأئمَّةُ المتقدمون؛ منهم سفيان الثَّوري، وورد تفسيره بأنه لم يأوِ إلى فراشه حتى يَنسلخ رمضان؛ ففي رواية الطَّبراني عن أنس بن مالك رضي الله عنه - وفي سنده ضعف - أنَّه قال: "كان إذا دَخَلَ العشر الأواخر من رمضان، طوى فراشَه، وشدَّ مِئْزَره، واعتزل النساءَ، وَجَعَلَ عشاءه سحورًا".
وقولها: "أحيا الليل"؛ أي: استغرق معظمَه، وكان يُحيي ليلَه بالقيام والقراءةِ والذِّكر بقلبه ولسانه وجوارحه؛ لشرفِ هذه الليالي، وقد جاء في الصَّحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "لا أعلم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآنَ كلَّه في ليلة، ولا قام ليلةً حتى الصباح، ولا صام شهرًا كاملًا قط غير رمضان".
وقولها: "وأيقظ أهلَه"؛ أي: أيقَظَ أزواجَه للقيام والذِّكرِ والدُّعاء، ومِن المعلوم أنَّه صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهلَه في سائر السَّنة، لكن كان يوقِظهم لقيام بعض الليل؛ ففي صحيح البخاريِّ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ ليلة فقال: ((سبحان الله! ماذا أنزل الليلة مِن الفِتنة؟! ماذا أنزل من الخزائن؟! مَن يوقِظ صواحب الحُجرات؟ يا رُبَّ كاسية في الدنيا عارية في الآخِرة))، لكن إيقاظه صلى الله عليه وسلم لأهله في العَشر الأواخر مِن رمضان كان أبرز منه في سائر السَّنةِ؛ ففي سنن الترمذي عن عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلَّم يوقِظ أهلَه في العشْر الأواخر من رمضان".
وقد روى المروذي عن أمِّ سلمة قالت: "لم يكن صلَّى الله عليه وسلم إذا بَقي مِن رمضان عشرة أيام يدَع أحدًا يطيق القيامَ إلَّا أقامه".
• ومِن أعظم ما يَقوم به المسلم في هذه العشر: الاعتكاف، والاعتكاف في معناه اللغوي: لزوم الشَّيء، والعكوف عليه، وحَبس النَّفس عليه؛ قال تعالى: ﴿ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ ﴾ [الأنبياء: 52]، مع أنَّها أصنام، وسمَّى فعلهم عكوفًا، وأيضًا: ﴿ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا ﴾ [طه: 97]؛ هذا كلام موسى عليه السلام للسَّامري، مع أنه في الشرِّ وسمِّي اعتكافًا، فيقال: عكف واعتكف: إذا لزم المكانَ، أمَّا المقصود بالاعتكاف في اصطلاح الشرع، فهو: "المُكثُ في المسجد بنيَّة التقرُّبِ إلى الله سبحانه وتعالى".
وهي عبادة شرِعتْ للتقرُّب إلى الله سبحانه وتعالى؛ بالتفرُّغ لعبادته وذكرِه، وتسبيحه واستغفاره، وقراءة القرآن، وبالانقطاع عن النَّاس والتخفُّفِ من الشواغل؛ تزكيةً للنَّفس، وتنقية للقلب والروح؛ إذ إنَّ مدار الأعمال على القلب؛ كما في الحديث الذي أخرجه البخاريُّ ومسلم عن النُّعمان بن بَشير رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ألا وإنَّ في الجسد مضغة إذا صلَحَتْ صلح الجسدُ كلُّه، وإذا فسَدَتْ فسد الجسدُ كلُّه؛ ألا وهي القلب))؛ ولذلك ذَكَر ابنُ رجب الحنبلي في لطائف المعارف تعريفَ بعض العلماء للاعتكاف بقوله: "حقيقته: قَطع العلائق عن الخلائق، للاتصال بخدمة الخالق".
• وهو سنَّةٌ عند جمهور الفقهاء في كلِّ الأزمنة والأوقات، وهو سنَّة مؤكَّدة في العشر الأواخر من رمضان؛ لأنه صلى الله عليه وسلم داوَم عليه إلى وفاته؛ فقد أخرج البخاريُّ ومسلم عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلَّى الله عليه وسَلَّم: "أنَّ النَّبي صَلَّى الله عليه وسَلَّم كان يعتكف العشرَ الأواخر من رمضان حتى توفَّاه الله، ثمَّ اعتكف أزواجُه من بعده".
وفي صحيح مسلم عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى اللهُ عَليه وسلم اعتَكفَ العَشرَ الأوَّل مِن رمضانَ، ثُمَّ اعتَكفَ العَشرَ الأوسَطَ في قُبَّةٍ تُركيَّةٍ على سُدَّتها حَصيرٌ، قال: فَأخَذَ الحَصيرَ بيَدِهِ فَنَحَّاها في ناحيَةِ القُبَّةِ، ثُمَّ أطلعَ رأسَه فَكلَّم النَّاسَ فَدَنَوا مِنهُ فَقال: ((إنِّي اعتَكفتُ العَشرَ الأوَّلَ ألتَمِسُ هَذِه الليلةَ، ثُمَّ اعتَكفتُ العَشرَ الأوسَطَ، ثُمَّ أُتيتُ فَقيل لي: إنَّها في العَشرِ الأواخِرِ؛ فمَن أحَبَّ مِنكم أن يَعتَكِفَ فَليَعتَكِف))، فاعتَكفَ النَّاسُ معَه.
• وهي فضيلة نُسيتْ مِن قِبَل كثير مِن المسلمين؛ فقد قال الإمام الزهريُّ رحمة الله عليه: "عجبًا للمسلمين! تركوا الاعتكافَ مع أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله عزَّ وجل".
• واتَّفق جمهورُ العلماء على أنَّ الاعتكاف يُسنُّ في كلِّ وقت في رمضان أو غيره، وأفضله في رمضان، وآكدُه ما كان في العشر الأواخر منه، ولا حدَّ لأقلِّه مِن حيث مدَّته عند بعض العلماء، ويرى آخرون أن أقلَّه يوم، أو يوم وليلة.
• ويصحُّ الاعتكاف من كلِّ إنسان مسلمٍ عاقل بالغ أو مميز، سواء أكان ذكرًا أو أنثى، ويجب أن يكون المعتكِفُ طاهرًا من الحدَث الأكبر (الجنابة)، وأن يكون الاعتكاف في مَسجد تُقام فيه الصلاة.
ويَبطل الاعتكاف بحصول أحد الأمور التالية:
1 - الجِماع إذا كان مرتكبه عامدًا عالمًا ذاكرًا؛ لقول الله تعالى: ﴿ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ﴾ [البقرة: 187].
2 - الخروج من المسجد، ولا يبطله الخروج لقَضاء حاجة (دورة المياه)، أو للوضوء والاغتسال الواجب، أو للأكل والشُّرب إن لم يَستطع إحضارَه إلَّا بالخروج، أو لعلاجٍ من مرَض شديد.
3 - الحيض والنفاس بالنِّسبة للمرأة عند أكثر العلماء.
ابوالوليد المسلم
27-03-2023, 12:24 AM
أخطاء في السحور
الشبكة الإسلامية
https://static.islamway.net/uploads/articles/download%20(1)(1).jpg
من الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين فيما يتعلق بالسحور الأخطاء التالية:
1- ترك السحور، وهذا خلاف السنة؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان من هديه تناول طعام السحور إذا أراد صيام فرض أو نفل.
وقد حث صلى الله عليه وسلم على تناول طعام السحور، يقول عليه الصلاة والسلام: «تسحروا؛ فإن في السحور بركة» متفق عليه، ويقول عليه الصلاة والسلام: «فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب، أكلة السحر» (رواه مسلم).
2- التبكير في تناول طعام السحور وتقديمه في منتصف الليل، وهذا خلاف السنة أيضًا؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال في هذا الشأن: «عَجِّلوا الإفطار، وأخِّروا السحور» (رواه الطبراني وصححه الألباني).
3- الاستمرار في الأكل والشرب مع أذان الصبح وهو يسمع النداء؛ إذ الواجب على العبد أن يحتاط لصومه، فيمسك بمجرد أن يسمع أذان المؤذن.
منقول
ابوالوليد المسلم
28-03-2023, 05:52 PM
طول القرع يفتح الأبواب
هشام محمد سعيد قربان
درس من رمضان
رمضانُ شهر الصوم والصبر، منبع لكثير من الدروس والعِبر للمتأمِّلين.
نشهد فيه يومًا بعد آخَرَ تغييرًا لكثير ممَّا أَلِفْنا واعتدنا، تغييرًا يؤثِّر على أجسادنا وأرواحنا أفرادًا ومجتمعاتٍ.
في مدرسة الجوع تربية وترقيق للنفس، وتلطيف متدرِّج للمشاعر، ودواء للكبر.
ويحلو العيش في أحضان المصاحف كما لم يَحْلُ من قبلُ.
أما مكابدة القيام وسماع القرآن في ركَعات معدودات، فله أثر في النفوس عجيب بنوره، وتخلُّله في أعماق القلوب.
لعل بعضنا يتساءل عن هذا التغيُّر والتحوُّل، ما سِرُّه؟
إن لها أسرارًا كثيرة تتلخَّص في التهيئة والتوفيق الإلهيِّ.
فمردة الشياطين محبوسة في هذا الشهر خاصة، والممارسة المجتمعية المشهودة دافع ومحفِّز للجميع.
لكن هنالك أمر يعرفه البعض، وقد يخفى على الآخرين.
إنه طول المكث على أبواب القلوب، ومداومة القرع عليها.
إن مثل أنفسنا كأبواب ثقلت مصاريعها، وصدئت وجفت مفاصلها، وغفل بوّابها.
فيأتي رمضان بالصوم والصلاة والذكر وسماع القرآن والطاعات والدعاء؛ ليجد هذه الأبواب التي اعتادت أن توصد طويلاً، فيقرعها أو تقرعها كل هذه الطاعات، كلٌّ من جهة وجانب.
تقرع الأبواب الثقيلة المغبرة، وما من مجيب، يعلو صوت القارع، ويصرخ، وتكلُّ يمينه وشماله، ولا سامع ولا مجيب!
يعود القرع ليلة بعد أختها، يعود بعد تلاوة حزب بعد حزب بعد حزب، ولا حس ولا أثر.
ويعود القرع بلا كلل ولا ملل، ويتفكّك قليل من الصدأ، ويتساقط على الأرض، ويتصاعد بعض الغبار المتراكم، ولكن الأبواب لم تزل صمَّاء موصدة، يا للعجب! أهذه أبواب أم طباق قبور مهجورة؟!
لا ييئس الطارق من القرع، ويعود ليلة بعد ليلة، ويطيل قرعه ومكثه عند الأبواب وشده لمقبضها، ويتفكك المزيد من صدأ المفاصل، ويتساقط عنها الغبار.
ويكاد اليأس يُضعفُ القارع، ولكن فجأة، وبلا مقدِّمات يتحرّك باب من هذه الأبواب، وتسمع له صريرًا مخيفًا، فيهبُّ القارع إليه، ويجذبه إليه بقوة، فيفتح قليلاً، ويتسلل النور إلى ما خلف الأبواب، ويدخلها بعد ظلمة طال زمنها، ويدخل مع النور هواء نقيّ، ويجذب القارع الباب؛ ولكنه لا يفتح أكثر من هذا المقدار.
يعود القرع بعد ساعات، ويواصل القارع شدَّه للباب وجذبه ليفتحه؛ ولكن الباب عنيد لا يستجيب، ولا يكفي ما فتح من الباب للدخول.
يعود القرع في الليلة القادمة، وتقرع الأبواب قرعًا فيه إلحاح ولهفة وشوق، فيفتح الباب على مصراعيه، وتنهمر دموع الفرح، ويعود للنفوس الفرح بالله، والأنس بكتابه، والتلذذ بقربه.
تعلّم من رمضان أن طول المكث عند أبواب النفس، ومداومة قرعها بالطاعات المختلفة والدعاء والذكر وسماع الآي وتلاوتها مع التدبر - باب عظيم من أبواب التوكل، به تَلِين الأنفس، وتصبح طيِّعة مطيعة، ويستقيم حالها، وتسعد في العاجلة والآجلة.
هذا درس مبارك من رمضان، شهدناه بأنفسنا، وتعلّمناه، وقطفنا بعض ثماره، وذقنا حلاوتها؛ فحريٌّ بنا الإفادة منه في رمضان، وسؤال الله استدامة بركته بعد رمضان.
والله ربنا ومولانا في كل حال وحين، وهو نعم المولى ونعم النصير.
ابوالوليد المسلم
28-03-2023, 05:53 PM
باحثون: الإسراف في شراء الأطعمة الرمضانية ينافي الحكمة من الصيام
عماد عنان
http://fiqh.islammessage.com/Files/largearticle17955table_154370946.jpg
سلوكيات باتت تمثل ظاهرة مجتمعية مع اقتراب شهر رمضان كل عام، تتمثل في الإسراف في شراء كافة أنواع الطعام والشراب استعدادا لهذا الشهر العظيم، فتكتظ المراكز التجارية والتسويقية بالمسلمين الراغبين في الحصول على أكبر حصيلة ممكنة من الأطعمة والمؤن المستخدمة طيلة الشهر ، وكأن الحياة ستتوقف بعد ذلك.
ورغم ما يحمله شهر رمضان من معاني الزهد والتعفف والصوم عن الملذات والشهوات إلا أنه في المقابل بات يمثل الشهر فرصة سنوية لتناول كافة أنواع الأطعمة، فبدلا من أن يتحول رمضان إلى شهر صوم وقلة في استهلاك الطعام والشراب بات الشهر الأكثر استهلاكا لمثل هذه المنتجات في تناقض أثار الكثير من التساؤلات حول فهم واستيعاب المسلمين لفحوى وروح هذا الشهر المبارك.
الدكتور عبدالحليم منصور، عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، أوضح أن هذه الظاهرة تعد من الإسراف والتبذير، وهو المنهي عنه في الكتاب والسنة، فقال تعالى: }وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ? إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ{(الأعراف31)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله كره لكم ثلاثا: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال"
منصور لـ "الملتقى الفقهي" كشف أن هذه السلوكيات لم تقتصر على الغني ميسور الحال وفقط، بل إن فقراء المسلمين أيضًا لهم نصيب منها، مشيرًا إلى أن الإسراف كما يكون من الغني فإنه يكون من الفقير، ولهذا قال سفيان الثوري رضي الله عنه: "ما أنفقت في غير طاعة الله فهو سرف، وإن كان قليلاً"، وكذا قال ابن عباس رضي الله عنه: "من أنفق درهماً في غير حقه فهو سرف".
وأضاف عميد كلية الشريعة بأن الإسراف صفة من صفات الكافرين؛ يقول تعالى: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ} (127) سورة طه. وهو صفة من صفات الجبارين الذين يملكون بأيديهم السلطة والمال، يقول تعالى: {وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ}(يونس:83)، قال تعالى: {وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ} (151) سورة الشعراء.
وأوضح أن الإسراف والتبذير، يلتقيان في معنى الإنفاق بغير طاعة، ولكنَّ الإسراف أعمُّ من التبذير؛ لأنَّ التبذيرَ معناهُ التفريقُ, وأصلُه إلقاءُ البذر في الأرض, واستُعير لكلِّ مضيّعٍ مالَهُ، يقول تعالى: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} (الإسراء:27)، كما يلتقي والإسراف والسفه في معرض الغفلة والطيش وخفة النفس ونقصان العقل، وإنَّ ما يحصل من السفيه في إنفاق المال بما لا يُرضي الله ليُبيِّن الحقيقةَ في أنَّ السفه سببٌ من أسباب الإسراف.
بدوره أشار الباحث الدكتور محمود الحاج، أن الحكمة من الصيام هي شعور المسلمين بحاجة الضعفاء والمساكين، وليس المزيد من الإسراف والتبذير فيما لا فائدة منه؛ لذا فإنَّ الاهتمام بالمأكولات والمشروبات أمر يهدِّد استفادة المسلمين من حِكمة الصيام، مشيرًا: "أنَّ الله فرض صيام رمضان ليتعوَّد المسلم على الصَّبر وقوَّة التحمُّل؛ حتى يكون ضابطًا لنفسه، قامعًا لشهوته، متَّقيًا لربِّه، قال تعالى: } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ{ [البقرة: 183]".
وأضاف فضيلته أنَّ مما يبعث على الأسف ما نراه من إسراف كثيرٍ من الناس في الطعام والشراب في هذا الشهر؛ حيث إن كميات الأطعمة التي تَستخدمها كلُّ أسرة في رمضان أكثر منها في أي شهر من شهور السنة! إلَّا مَن رحم الله، وكذلك فإنَّ المرأة تقضي معظم ساعات النهار داخل المطبخ لإعداد ألوان الأطعمة وأصناف المشروبات!
وقد سئل بعض السلف: لمَ شُرع الصيام؟ فقال: ليذوق الغَنيُّ طعمَ الجوع فلا ينسى الفقير.
ابوالوليد المسلم
28-03-2023, 05:54 PM
كيف تقلل الشعور بالعطش خلال رمضان؟
يزداد الشعور بالعطش خلال شهر رمضان بسبب فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة حيث يمتد الصيام لأكثر من 14 ساعة.
فكيف نساعد أجسامنا على الاحتفاظ بالمياه ومقاومة الشعور بالعطش؟
1ـ لا غني عن شرب الماء خلال فترة الإفطار لتعويض الجسم عما فقده من سوائل, يمكنك أيضا إضافة شرائح الليمون الطازجة او أوراق النعناع والزنجبيل المبشور.
2ـ الاعتدال في إضافة الملح للطعام والتقليل منه قدر الإمكان.
3ـ تجنب تناول المخللات خاصة في طعام السحور.
4ـ اروي عطشك بالماء بدلا من العصائر المحلاة بالسكر.
5ـ تناول الكثير من الماء بين الإفطار والسحور حتى لو لم تشعر بالعطش.
6ـ الإكثار من تناول الخضروات والفواكه الطازجة خاصة التي تحتوي على نسبة عالية من الماء كالبطيخ والخيار.
7ـ تناول الزبادي أو كوب من اللبن البارد على طعام السحور.
8ـ تجنب الأطعمة المقلية والأطعمة الغنية بالدهون والأطعمة الحريفة.
9ـ تجنب المياه الغازية فهي تسبب الاتفاخ بسبب احتوائها على الكربون الذي يمنه الجسم من امتصاص السوائل.
منقول
ابوالوليد المسلم
28-03-2023, 05:54 PM
في رمضان.. أغلق هاتفك وافتح مصحفك
مي عباس
http://woman.islammessage.com/Files/largearticle14788hqdefault.jpg
جاءه الموت، فسقط الهاتف من يديه، لم تنفعه التطبيقات الكثيرة، ولا أغنت عنه الصداقات الوهمية العديدة، ربما لم يدعوا له حتى بالمغفرة والرحمة.
جاءه الموت، فسبقه القرآن إلى القبر نورا، منحه القرآن ثباتا، رأى رفعة درجاته، كان يقرأ ويرتقي بعدد الآيات التي حفظها واستقرت في قلبه.
ماذا لو عاد به الزمن؟..
ترى.. هل يظل هائما مضيعا لوقته ممسكا بهاتفه يبحث عن تسلية، ويتنقل من فتنة لفتنة، ومن إثم لفجور؟!
ترى.. هل يطيل الجدل والمعارك اللفظية والشتائم، ويملأ قلبه كراهية تجاه مخالفيه، ويهدد ويتوعد ويسب الآباء والأمهات؟.
ترى.. هل يربط تفاصيل حياته بالآخرين، فيختلق أحداثا حتى يُصورها ويعرضها لهم، ويتزين أمامهم بماله وجماله وأعماله وربما حتى عباداته؟!
الموت هو الموت.. لم يختلف الموت بعد ثورة الاتصالات، ولا يصحبك العالم الافتراضي إلى دار الحق، ولا يقرب الإنترنت بين الأحياء والموتى، لكننا أصبحنا نتعامل مع هواتفنا وكأنها جزء منا، وكأنها الرفيق الوفي الذي لن يفارق، وهو أول ما يفارق.
لكن رمضان – مع الأسف- لم يعد رمضان، ولم تعد المقاومة تقتصر على مقاطعة المسلسلات والبرامج التافهة التي تسرق الأوقات الغالية، لأن سارق الوقت الأكبر لا يفارق الأيدي والأبصار، أخطر ما في الهاتف أنه يصاحب المرء في كل مكان، يدخل معه سريره، ويجلس أمام عينيه على مائدة الطعام، ويدخل معه المسجد، لا تمر بضعة دقائق حتى يفتحه ويتفقده يشتت عقله وقلبه، ويشحن قلبه دوما بقصص الآخرين ومشكلاتهم وإنجازاتهم وصورهم.
يرافقنا الهاتف إلى كل مكان، إلا القبر.
لا شك أن الإنترنت وثورة الاتصالات منحت فرصا عظيمة للتطور الذاتي، والتعلم، والتواصل، والعمل، ولا أقصد أن أصورها كشيطان يسلبنا إيماننا ويفسد حياتنا، فهذا غير صحيح، لأنها نعم كبرى سنسأل عنها أمام الله، وتمكين من الله للناس.
فليست المشكلة في هذا التمكين، ولكن المشكلة في طريقة استغلاله، المشكلة في سيطرته على حياتنا وعقولنا، المشكلة في الإسراف " إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ". الأعراف: 31.
رمضان فرصة لإعادة التوازن إلى حياتك..
هو شهر القرآن.. فافصل هاتفك كثيرا، وألغي تفعيل أغلب تطبيقاتك، وأقبل على التلاوة والتدبر.
لن يزيد رمضانك خيرا، ولن يثقل ميزان حسناتك بنشر صور إفطارك ونزهاتك على فيس بوك وإنستجرام.
لكنه يزداد خيرا بصلة رحم حقيقية، وعون للمسلم فيما أهمه، وانقطاع عن الناس تبتلا إلى الله وذكرا للقائه.
(http://www7.0zz0.com/2017/10/17/13/502148649.jpg)
ابوالوليد المسلم
28-03-2023, 05:55 PM
أعظم ما يستقبل به المسلم رمضان
د. عبدالعزيز بن فوزان الفوزان
http://main.islammessage.com/media_bank/image/2010/9/4/1_201094_10131.jpg
إن التوبة الصادقة إلى الله - عز وجل - من جميع الذنوب والسيئات تعد من أعظم ما يستقبل به المسلم هذا الشهر المبارك فـ(كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون)، ولا شك أن التوبة واجبة على المسلم في كل وقت ومن كل ذنب، لكنها في مثل هذا الموسم الفاضل المبارك آكد وأوجب، وصاحبها أحرى بالقبول والإجابة، وأن تكفر سيئاته، وتقال عثراته، وتمحى زلاته, بل وأن تبدل سيئاته حسنات بفضل الله - عز وجل -, ولذلك وصيتي لإخواني وأخواتي أن يبادروا بالتوبة إلى الله - عز وجل - من جميع ما سلف من الذنوب والمعاصي.
ابوالوليد المسلم
30-03-2023, 07:01 PM
هل تريد بيتا في الجنة؟
الحمد لله الغفور الذي ستر بستره وأجمل، الشكور الذي عم ببره وأجزَل، الرحيم الذي أتم إحسانه على المؤمنين وأكمل، الواحد الأحد القدوس الصمد الأول المنفرد بالعز والكمال، فلا ينتقص عزُّه ولا يتحول، الحي العليم القدير السميع البصير المتكلم بكلام قديم لا يتغير ولا يتبدل، أحمده على ما أنعم وأكرم وتفضل، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمدًا عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه الذي أوحى إليه الكتاب ونزَّل، ونهج للمتقين طريق الهداية وسهَّل.
كم يسعى الإنسان ويشقى في هذه الحياة الدنيا؛ ليبني له بيتًا فيها، فيخسر من ماله وجهده وفكره ووقته ما لا يخطر على بال، ثم هذا البيت معرض للبِلى والزوال، والحرق والهدم، والتشقق والتصدع، وإن سلم البيت من ذلك كله، فلن يسلم صاحبه من الموت، فكلٌّ مسافر مع قافلة الراحلين؛ كما قال الله عز وجل: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النساء: 78].
ويكون هذا الشخص قد تحمل الهموم والغموم والأرق والقلق، ولربما سكب ماء وجهه طلبًا للقرض والدَّين، وسائلًا الإمهال والتأجيل، وفي النهاية هو يعلم أن هذا كله عرضٌ زائل ومتاعٌ حقير، لذلك المؤمن تسموا نفسه ويتشوق ليبني له بيت وقصر في الجنة، وبيوت وقصور الجنة ليست كبيوتنا وقصورنا، وصف بيوت الجنة كما جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْجَنَّةُ بناؤها لَبِنَةٌ من فضة، ولبنةٌ من ذهب، ومِلاطُها المسكُ الأَذْفَرُ، وَحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وتُرْبَتُهَا الزعفرانُ، من يدخلها يَنْعَمُ لا يَبْأسُ، ويَخْلُدُ لا يموتُ، لا تبلى ثيابهم، ولا يَفْنَى شَبَابُهُمْ» [1].
فإن سألت يا عبد الله: كيف أحصل على هذا البيت؟ وما الأفعال والأقوال التي بها تُنال الآمال، ببيوت وارفة الظلال في جنة جلَّت عن مثل ومثال، وتعالت عن حيز الفكر والخيال، بإذن الله الكبير المتعال؟ وإليك هذه الأعمال.
الإيمان بالله والعمل الصالح:
قال الله تعالى: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} [سبأ: 37]؛ قال ابن كثير رحمه الله: «أي في منازل الجنة العالية آمنون من كل بأسٍ وخوف وآذى ومن كل شر يُحذر منه»[2].
الحمد والاسترجاع حال وقوع المصيبة في الولد:
ومن موجبات القصور في الجنة أن تكون من أهل الحمد الذين يحمدون في السراء، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ الله لملائكته قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا قَالَ؟ قَالُوا: اسْتَرْجَعَ وَحَمِدَكَ، قَالَ: أَبَنُوا لَهُ بَيْتًا في الجنة وسموه بيت الحمد» [3].
تقوى الله:
قال تعالى: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ} [الزمر: 20]؛ قال ابن كثير: «أي مساكن عالية طباق بعضها فوق بعض»[4].
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مِنْ زَبَرْجَدٍ وَيَاقُوتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أَيْ هِيَ جَامِعَةٌ لِأَسْبَابِ النُّزْهَةِ.
الغدو إلى المسجد والرواح:
ومن أسباب الحصول على بيت في الجنة: المحافظة على صلاة الجماعة، فالله سبحانه كريم يكرم زائره، ويغدق عليه العطاء، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ أَوْ رَاحَ، أَعَدَّ اللهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ نُزُلًا كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ» [5].
• وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: والنُّزُل (بضم النون والزاي): المكان الذي يُهيأ للنزول فيه، (وبسكون الزاي): ما يُهيأ للقادم من الضيافة ونحوها[6].
• وقال ابن عثيمين رحمه الله: «وظاهرُ الحديث أن من غدا إلى المسجد أو راح، سواء غدا للصلاة أو لطلب علم، أو لغير ذلك من مقاصد الخير - أن الله يكتب له في الجنة نزلًا»[7].
سدُّ فُرجة في الصلاة:
أحبتي في الله: من الأمور التي يستهين بها كثير من الأخيار، وقد رتَّب عليها النبي المختار صلى الله عليه وسلم الأجر العظيم والثواب الكريم، سد الفُرج في الصلاة، فمن سد فرجة بنى الله له بيتًا في الجنة؛ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَدَّ فُرْجَه بَنَى اللهُ لَهُ بَيتًا فِي الْجَنَّة، وَرَفَعَهُ بِهَا دَرَجَة»[8].
فكيف يزهد في هذا الأجر من الإخوان، وإن سد الفرجة ليستغرق نحو ثوان؟!
صلاة اثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة:
ومن أسباب حصول القصور في الجنة أن يثابر ويواظب المسلم على اثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة، وهنَّ السننُ المؤكدة عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ ثَابَرَ عَلَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنَ السُّنَّةِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ، أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ»[9].
صلاة الضحى أربعًا وقبل الظهر أربعًا:
إخوة الإسلام ومن موجبات الجنان صلاة الضحى، وصلاة أربع ركعات قبل الظهر؛ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى الضُّحَى أَرْبَعًا، وَقَبْلَ الْأُولَى أَرْبَعًا بُنِيَ لَهُ بِهَا بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ»[10].
قال الألباني: والمراد بالأولى: صلاة الظهر فيما يبدو لي، والله أعلم.
قراءة سورة الإخلاص عشر مرات:
وهذا أمر يسير وأجره عظيم أن تقرأ سورة الإخلاص عشر مرات، فيبني لك رب الأرض والسماوات بيتًا في الجنة: عَنْ أَبِيهِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ صَاحِبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَرَأَ: قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ حَتَّى يَخْتِمَهَا عَشْرَ مَرَّاتٍ، بَنَى اللهُ لَهُ قَصْرًا فِي الْجَنَّةِ»، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إِذًا نَسْتَكْثِرَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اللهُ أَكْثَرُ وَأَطْيَبُ» [11].
[1] أخرجه أحمد (2/ 445، رقم 9742)، وهناد في الزهد (1/ 106، رقم 130)، والترمذي (4/ 672، رقم 2526) قال الألباني: (صحيح) انظر حديث رقم: 3116 في صحيح الجامع
[2] تفسير ابن كثير (3/ 714).
[3] أخرجه: الترمذي (1021) وقال: «حديث حسن غريب» صَحِيح الْجَامِع: 795، الصَّحِيحَة.
[4] تفسيره (4/ 64).
[5] أخرجه البخاري (662)، ومسلم (669).
[6] الفتح (2/ 183).
[7] شرح رياض الصالحين (3/ 202).
[8] أمالي المحاملي (36/ 2)، الصحيحة (1892)، تعليق الألباني هذا إسناد صحيح،
[9] أخرجه ابن أبى شيبة (2/ 19، رقم 5975)، والترمذي (2/ 273، رقم 414) [صحيح الجامع: 6183].
[10] المعجم الأوسط (4753)، تعليق الألباني حسن، صحيح الجامع (6340)، الصحيحة (2349).
[11] أحمد (15648)، تعليق الألباني حسن، صحيح الجامع (6472)، الصحيحة (589).
__________________________________________________ _____________
الكاتب: السيد مراد سلامة
ابوالوليد المسلم
30-03-2023, 07:03 PM
الدنيا بحر عميق غرق فيه ناس كثير
الحمد لله الذي جعل القرآن هداية للمقبلين، وجعل تلاوته بخضوع تهل دمع الخاشعين، وأنزل فيه من الوعيد ما يهز به أركان الظالمين، وأخبَر فيه أن الموت نهايةٌ لعالمين، وأننا بعد الموت للحساب مبعوثين، وأننا سنحاسب عما كنا فاعلين، وسنقف بذل وخضوع بين يدي رب العالمين، {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ} [الفجر: 23]، {وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ} [إبراهيم: 49].
ليس هناك فرقٌ بين ملك معظم وإنسان مهين، هذا جزاء من أخلص العمل لله ربِّ العالمين، وهذا عطاء رب الأرباب مالك يوم الدين.
سبحانه من إلهٍ عظيم، أعزَّ الحق وأخرس المبطلين، سبحانه عدد ما دعاه عباده المساكين، سبحانه عدد ما انهمرت دموعُ المنيبين، سبحانه جوَاد كريم قوي متين.
يَا مَنْ سَيْنَأَى عَنْ بَنِيـــهْ ** كَمَا نَأَى عَنْهُ أَبُـــــوهُ
مَثِّلْ لِنَفْسَكَ قَوْلَهُـــــــمْ ** جَاءَ الْيَقِينُ فَوَجِّهُوهْ
وَتَحَلَّلُوا مِنْ ظُلْمِــــــــهِ ** قَبْلَ الْمَمَاتِ وَحَلِّلُـوهْ
عن عبد الرحمن بن عبد الله، عن الحسن، قال: «قال لقمان لابنه: يا بني إن كنت تريد البقاء ولا بقاء، فاجعل خشية الله عز وجل غطاءك فوق رأسك، ووطاءك، فلعلك أن تنجو وما أراك بناجٍ، يا بني إن الدنيا بحر عميق قد غرق فيه ناسٌ كثير، فليكن سفينتك فيها تقوى الله وحشوها الإيمان بالله، وشراعها التوكل على الله، ومجاذيفها التسبيح والتهليل[1]، ولعلك أن تنجو وما أراك بناج، يا بني إن كنت لا توقن بالبعث، فإذا نمت فلا تستيقظ، فإنك كما تستيقظ فكذلك تبعث، يا بني اذكر الله عند همك إذا هممت، وعند يدك إذا أقسمت، وعند لسانك إذا حكمت»[2].
أخي المسلم، اشتملت تلك الكلمات الجامعة على دُرر من الوصايا التي هي قوارب النجاة للعبد في الدنيا والآخرة، وهاك البيان:
خشية الله تعالى على كل حال: فقال له: قال لقمان لابنه: يا بني إن كنت تريد البقاء ولا بقاء، فاجعل خشية الله عز وجل غطاءك فوق رأسك ووطاءك، فلعلك أن تنجو وما أراك بناجٍ، فأوصاه بتلك المنزلة العالية والمقامة السامية ألا وهي خشية الله تعالى على كل حال.
إن من صفات أولي الألباب التي ذكرها الله في كتابه الخوف والوجل والخشية من سطوته وعقابه؛ يقول جل جلاله: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ} [الرعد: 21]، وهو من أجل منازل الطريق وأنفعها للقلب، وهو فرض على كل مكلف، والوجل، والخوف والرهبة ألفاظ متقاربة غير مترادفة، وللعلامة ابن القيم رحمه الله كلام جميل في كتابه مدارج السالكين: يقول رحمه الله: قال أبو القاسم الجنيد: الخوف توقُّع العقوبة على مجاري الأنفاس، وقيل: الخوف قوة العلم بمجاري الأحكام، وهذا سبب الخوف لأنه نفسه، وقيل الخوف: هروب القلب من حلول المكروه عند استشعاره، والخشية أخص من الخوف، فإن الخشية للعلماء بالله؛ قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28].
فهي خوف مقرون بمعرفة، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إني أتقاكم لله وأشدكم له خشية» [3]، وقال ذو النون: الناس على الطريق ما لم يزل عنهم الخوف، فإذا زال عنهم الخوف ضلوا الطريق.
وقال حاتم الأصم: لا تغترَّ بمكان صالح، فلا مكان أصلح من الجنة، ولقي فيها آدم ما لقي، ولا تغترَّ بكثرة العبادة، فإن إبليس بعد طول العبادة لقي ما لقي، ولا تغتر بكثرة العلم، فإن بلعام بن باعوراء لقي ما لقي وكان يعرف الاسم الأعظم، ولا تغترَّ بلقاء الصالحين ورؤيتهم، فلا شخص أصلح من النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينتفع بلقائه أعداؤه المنافقون.
والخوف ليس مقصودًا لذاته، بل هو مقصود لغيره قصد الوسائل، ولهذا يزول بزوال المخوف، فإن أهل الجنة لا خوف عليهم ولا هم يحزنون [4].
أولًا: إن الجنة مأوى الخائفين:
يقول سبحانه: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: 40-41].
يقول ابن كثير رحمه الله: أي: خاف القيام بين يدي الله عز وجل، وخاف حكم الله فيه، ونهى نفسه عن هواها إلى طاعة مولاه، {فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}؛ أي متقلبة ومصيره ومرجعه إلى الجنة الفيحاء[5].
بل إن الله ضاعف له الجزاء وأكرم له المثوبة، فأعدَّ له من الجنة جنتين، وفضلهما عن غيرهما بأمور كثيرة؛ يقول سبحانه وتعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 46-47].
فهاتين الجنتان تفضلان غيرهما بفضائل ومميزات أعد الله تلك الفضائل لمن خاف مقام ربه عز وجل، بل إن الجزاء أعظم وأكبر أن يعدَّه عَادٌّ؛ يقول سبحانه: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 16-17].
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: «أعدت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أُذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر»، قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17][6].
ثانيًا: أن تكون في ظل عرش الرحمن:
إن الخائف دائم الدمعة، لا قرار له إلا في دار القرار، فإن غزارة الدمع تطفئ حرارة الشهوات، وتكف المرء عن معصية ربه، لذا كان جزاؤه أن يكون في ظل عرش الرحمن؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وذكر منها: ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه» [7].
ثالثًا: من فوائد الخوف والوجل والخشية الأمانمن عذاب الله:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله[8].
يقول المناوي - رحمه الله -: (عينان لا تمسهما النار أبدًا، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله)؛ قال الطيبي: قوله: عين بكت... إلخ، كناية عن العالم العابد المجاهد مع نفسه؛ لقوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28]؛ حيث حصر الخشية فيهم غير متجاوزة عنهم، فحملت النسبة بين العينين عين مجاهدة مع النفس والشيطان، وعين مجاهدة مع الكفار، والخوف والخشية مترادفان [9].
إن عينًا ذرفت الدمع خشية من الله، لهي ناجية ولو كان هذا الدمع طفرة ثم ولت، أو مرة في العام ثم أدبرت؛ قال سفيان الثوري رحمه الله: البكاء عشرة أجزاء، فواحد منها لله، والتسعة كلها رياء، فإذا جاء ذلك الجزء الذي لله تعالى في السنة مرة واحدة، نجا صاحبه من النار إن شاء الله.
رابعًا: ومن فوائد الخوف من الله تعالى أن الله لا يُبقي في النار أحدًا ممن خافه في يوم من الأيام:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فيما يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ جَلَّ وَعَلَا أنه قَالَ: «وَعِزَّتِي لَا أَجْمَعُ عَلَى عَبْدِي خَوْفَيْنِ وَأَمْنَيْنِ، إِذَا خَافَنِي فِي الدُّنْيَا أَمَّنْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِذَا أَمِنَنِي فِي الدُّنْيَا أَخَفْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» [10].
فالعاقل من خشي ربه في السر والعلن، وخافه في الدنيا حتى يؤمنه في الآخرة، ويفر إليه في دار المفر، حتى يُسكنه غدًا دار المستقر، ويكون حاله في خوفه ووجله كما وصف الله عباده بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} [المؤمنون: 57-61]، فهم يصلون ويصومون ويزكون ويحجون، ولكنهم قد ملأ الخوف قلوبهم، فهم خائفون ألا يتقبل الله منهم.
[1] التهليل : قول لا إله إلا الله.
[2] الدعاء للطبراني - (ج 4/ ص 394).
[3] أخرجه مسلم ح 1108.
[4] مدارج السالكين ج 1 ص 559، و569.
[5] تفسير ابن كثير، ج 4، ص 469.
[6] أخرجه البخاري ح 3072 ومسلم ح 189.
[7] أخرجه البخاري ح 629.
[8] أخرجه الترمذي ح 1639 واحمد ح 17252 و قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 4113 في صحيح الجامع.
[9] فيض القدير ج 4 ص 368.
[10] حديث حسن رواه ابن حبان في صححه برقم 2494 وصححه الألباني في الصحيحة ح 2666.
ابوالوليد المسلم
31-03-2023, 05:49 PM
أول إفطار جماعي في رمضان في هونغ كونغ منذ 2019
تجمَّع المئات من مسلمي "هونغ كونغ" في القاعة الرئيسية لمسجد كولون بمدينة "كولون" أول مرة للإفطار معًا في شهر رمضان المبارك منذ عام 2019، بسبب الإجراءات الاحترازية لفيروس كورونا COVID-19 وقتها.
https://i.imgur.com/sUBckdn.jpg
ومنذ الثانية صباحًا تجمع عددٌ من المسلمين المتطوعين لإعداد وجبة الإفطار وتجهيز القاعة الرئيسية والمسجد لاستقبال المسلمين، وبعد الإفطار صعد المسلمون إلى قاعة الصلاة في الطابق العلوي لأداء صلاة العشاء والتراويح.
وفي تصريحات لجريدة "Hong Kong Free Press" قال "محمد علي ديالو" عضو إدارة المسجد: "قمنا بجهدٍ كبير لاستقبال المسلمين خلال شهر رمضان المبارك، ووصل عددُ المصلين بمسجد كولون في أول يوم في رمضان إلى أكثر من 1700 مصلٍّ".
قال "كيه كيه خان" مسلم من أصل باكستاني وُلد في هونغ كونغ: "سعيدٌ جدًّا برؤية أعداد كبيرة من المسلمين يتجمعون للإفطار بعد ثلاث سنوات بسبب فيروس كورونا".
وقال يوسف المنصوري عضو إدارة مسجد كولون: "رمضان شهر العبادة والتجمع لطاعة الله عز وجل في المساجد، وهذا ما افتقدناه خلال استمرار انتشار فيروس كورونا".
ويُعد مسجد كولون واحدًا من المساجد الرئيسة الخمسة في هونغ كونغ، حيث يتسع لحوالي 3500 مُصلٍّ، ويقع بالقرب من منتزه كولون، ويُعد أكبر مسجد في مدينة كولون.
وتشير التقارير الصحفية إلى أن أعداد المسلمين في هونغ كونغ تتجاوز 300 ألف مسلم، بنسبة 4.1% من تعداد السكان الإجمالي؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
31-03-2023, 06:01 PM
مسلمو مدينة سينسيناتي يوزعون 30 ألف وجبة إفطار خلال رمضان
يستضيف المركزُ الإسلامي بمدينة "سينسيناتي" بولاية "أوهايو" الأمريكية - حدثًا لتعبئة وتوزيع 30000 وجبة إفطار خلال شهر رمضان المبارك، تحت إشراف وتنفيذ مؤسسة الإغاثة الإسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية.
https://i.imgur.com/KKjzRH2.jpg
ويشارك في تعبئة وتوزيع وجبات الإفطار أكثرُ من 100 متطوع، ويهدف الحدث الخيري إلى إفطار عددٍ كبير من الصائمين في مدينة سينسيناتي، خصوصًا الأسر والأفراد الأقل دخلًا أو معدومي الدخل.
ويسعى فرعُ مؤسسة الإغاثة الإسلامية في منطقة "West Chester Township" بولاية أوهايو - إلى توزيع عشرات الآلاف من وجبات الإفطار خلال شهر رمضان المبارك في أكثر من مكان.
وتتضمن الوجبات الغذائية الفولَ والأرز والصويا والخضروات، وعددًا من الفيتامينات لكبار السن.
وقال سماح صدقي مسؤول المشاركة التطوعية بالحدث: "جميع المتطوعين من الشباب المسلمين صائمون، لذلك يساعدون المحتاجين وهم في قمة إحساسهم بالجوع والعطش".
وفي سياق منفصل كان بنكُ الطعام بمدينة "فيلادلفيا" أكبر مدن ولاية "بينسلفانيا" الأمريكية - قد أعلَن عن استعداده لتوزيع العديد من المواد الغذائية يوميًّا على المحتاجين في فيلادلفيا، سواء من المسلمين، أو من غيرهم خلال شهر رمضان المبارك، في إطار المبادرة الثالثة للإطعام خلال شهر رمضان تحت شعار: "التخلص من الجوع خلال شهر رمضان"، وهي عبارة عن برنامج لتوزيع 200 وجية غذائية يوميًّا 200 بهدف إطعام 6000 شخص طول شهر رمضان الكريم؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
01-04-2023, 10:36 AM
صديقي رمضان
علي الطنطاوي
صديق عزيز، لقيته وأنا طفل في دمشق ثم افتقدته وأنا شاب أذرع الأرض وأضرب في بلاد الله، ففرحت بلقائه وأحببته، وألمت لفقده وازداد حنيني إليه، فأين أنت ياصديقي رمضان؟
كنت أرقب قدومه، وأحسب له الأيام والليالي على مقدار ما يحسن طفل من الحساب، فإذا جاء فرحت به وضَحِكت له روحي؛ لأني كنت أرى الدنيا تضحك له وتفرح بقدومه.
كنت أبصره في المدرسة؛ فالمدرسة في رمضان مسجد ودرسها تلاوة وذكر وأهلوها أحبه، ما فيهم مدرسٌ يقسو على طلابٍ وطلابٌ يكرهون المدرس؛ لأن رمضان وصل النفوس بالله فأشرق عليها من لدنه النور فذاقت حلاوة الإيمان، ومن ذاق حلاوة الإيمان لم يعرف البغض ولا الشر ولا العدوان.
كنت أراه في الأسواق فالأسواق تعرض بضاعة رمضان وتفيض عليها روح رمضان، فتمحو الغش من نفوس أهلها محواً، ويملؤها خوف الله ورجاؤه، وتقف ألسنتهم عن الكذب؛ لأنها جرت بذكر الله واستغفاره، وهانت عليهم الدنيا حين أرادوا الله والدار الآخرة؛ فغدا الناس آمنين أن يغشهم تاجر أو يخدعهم في مال أو متاع.
ويمضي النهار كله على ذلك، فإذا كان الأصيل، ودنا الغروب تجلى رمضان على الأسواق بوجهه فهشت له وجوه الناس وهتفت باسمه ألسنة الباعة، فلا تسمع إلا أمثال قولهم: الصايم في البيت بركة ، الله وليك ياصايم ، الله وليك ومحمد نبيك ،ثم لا ترى إلا مسرعاً إلى داره حاملاً طبق الفول المدمس أو المسبحة أو سلال الفاكهة أو قطع الجرادق، ثم لا تبصر إلا مراقباً المنارة في دمشق ذات الثمانين منارة كبيرة,، أو منتظراً المدفع، فإذا سمع صيحة المؤذن أو طلقة المدفع دخل داره، والأطفال يجتمعون في كل رحبة في دمشق ليسمعوها فيصيحوا: أذن … أذن… أذن… ثم يطيروا إلى منازلهم كالظباء النافرة.
رمضان يؤلف بين القلوب المتباينة:
وكنت أبصر رمضان يؤلف بين القلوب المتباينة، ويجلو الأخوة الإسلامية رابطة المسلم أخو المسلم فتبدو في أكمل صورها، فيتقابل الناس عند الغروب تقابل الأصدقاء على غير معرفة متقدمة، فيتساءلون ويتحدثون ثم يتبادلون التمر والزبيب، ويقدمون الفطور لمن أدركه المغرب على الطريق فلم يجد ما يفطر عليه تمرات أو حبات من الزبيب، هينة في ذاتها تافهة في ثمنها ولكنها تنشئ صداقة وتدل على عاطفة وتشير إلى معنى كبير.
وكنت أنظر إلى رمضان وقد سكن الدنيا ساعة الإفطار، وأراح أهلها من التكالب على الدنيا والازدحام على الشهوات، وضم الرجل إلى أهله وجمع الأسرة على أحلى مائدة وأجمل مجلس وأنفع مدرسة؛ فوا شوقاه إلى موائد رمضان وأنا الغريب المنفرد في مطعم أجنبي، لا أجد فيه صائماً ولا أسمع فيه أذاناً ولا أرى فيه ظلاً لرمضان.
فإذا انتهت ساعة الإفطار بدأ رمضان يظهر في جلاله وجماله وعظمته في المسجد الأموي أجل مساجد الأرض اليوم وأجملها وأعظمها، حاشا الحرمين وثالثهما، وكنت أذهب إلى المسجد بعد المغرب وأنا طفل؛ فأراه عامراً بالناس ممتلئاً بحلق العلم كما كان عامراً بهم ممتلئاً بها النهار بطوله، فأجول فيه مع صديقي سعيد الأفغاني خلال الحلقات نستمع ما يقول المدرسون والوعاظ، وأشهد ثريّاته وأضواءه وجماعته.
ومِن صنع الله لهذا المسجد أن صلاة الجماعة لا تنقطع فيه خمس دقائق من الظهر إلى العشاء الآخرة في أيام السنة كلها لوجوده في وسط البلد ولكثرة مرتاديه، وقد بقي ذلك إلى اليوم على ضعف الدين في النفوس وفساد الزمان.
وإن أنسى لا أنسى تلك الثريا الضخمة ولم يكن قد مدّ إليها الكهرباء، فكانت توقد مصابيحها -وهي أكثر من ألف- بالزيت واحداً بعد واحد يشعلها الحسكيون؛ وهم يطيفون بها على سلاليم قصيرة من الخشب فيكون لذلك المشهد أثر في النفس واضح، ثم يكون العشاء وتقوم من بعده التراويح ولها في الأموي منظر ما رأيت أجلَّ منه ولا أعظم إلا الصلاة حول الكعبة في مسجد الله الحرام؛ فإن ذلك يفوق الوصف، ولا يعرف قدره إلا بالعيان.
التراويح في الجامع الأموي
وليس يقل من يصلي التراويح في الأموي عن خمسة آلاف أصلاً، وقد يبلغون في الليالي الأواخر الخمسة عشر والعشرين ألفاً، وهو عدد يكاد يشك فيه من لم يكن عارفاً بحقيقته، ولكنه الواقع، يعرف ذلك الدماشقة ومن رأى الأموي من غيرهم.
وحدِّث عن الليالي الأواخر في دمشق ولا حرج, وبالغ ولا تخش كذباً؛ فإن الحقيقة توشك أن تسبقك مبالغة، تلك هي ليالي الوداع يجلس فيها الناس صفوفاً حول السدّة بعد التراويح، ويقوم المؤذنون والمنشدون فينشدون الأشعار في وداع رمضان بأشجى نغمة وأحزنها، ثم يردّد الناس كلهم:
يا شهرنا ودعتنا عليك السلام ! ياشهرنا هذا عليك السلام.
ويتزلزل المسجد من البكاء حزناً على رمضان؛ وسَحَر رمضان ! إنه السِّحر الحلال,إنه جنة النفس ونعيمها في هذه الدنيا، وإني لأقنع من جنات الفردوس أن تكون مثل سحر رمضان؛ فأين ذهب رمضان؟ وأنَّى لي بأن تعود أيامي التي وصفت لأعود إليه؟
ذم المنازل بعد منزلة اللوى والعيش بعد أولئك الأيام
إني لا أشتهي شيئاً إلا أن أعود طفلاً صغيراً؛ لأستمتع بجوِّ المسجد في رمضان، وأنشق هواءه, وأتذوق نعيمه، لم أعد أجد هذا النعيم, وما تغّيرت أنا أفتغيرت الدنيا؟
إني لأتلفت أفتش في غربتي عن رمضان، فلا ألقاه لا في المسجد ولا في السوق ولا في المدرسة؛ فهل مات رمضان ؟ إذن فإنا لله وإنا إليه راجعون.
لقد فقدت أنس قلبي يوم فقدت أمي، وأضعت راحة روحي يوم افتقدت رمضان؛ فعلى قلبي وأمي ورمضان وروحي رحمة الله وسلامه!
ابوالوليد المسلم
05-04-2023, 04:31 PM
مسلمو بروكلين يطعمون المحتاجين خلال شهر رمضان
تتعاون مؤسسةُ الإغاثة الإسلامية في حي "بروكلين" مع بنك الطعام بمدينة "نيويورك" بالولايات المتحدة الأمريكية، من أجل جمعٍ وتوزيع عددٍ من الوجبات الساخنة وصناديق الطعام، والمواد الغذائية على مستحقيها خلال شهر رمضان المبارك.
وقام عددٌ من الشباب المسلم المتطوع بالمساعدة في جمع وتوزيع الوجبات والمواد الغذائية على المحتاجين أمام مركز شباب المجتمع الإسلامي الأمريكي بحي "Bensonhurst" بمدينة نيويورك.
ويهدف الحدث الخيري إلى مساعدة مَن يعانون نقصًا في الطعام، من خلال توزيع الوجبات الغذائية على مستحقِّيها، وعلى أفراد الجالية المسلمة في شهر رمضان.
وفي تصريحاتها لشبكة "Spectrum News" التليفزيونية قالت "سبحة طاهر" إحدى المسلمات المتطوعات في الحدث: "ممتنةٌ جدًّا للمشاركة في هذا الحدث الخيري الذي يساعد الأُسر التي تعاني نقصًا في الطعام".
وأشارت كيشا عبدالمتين إحدى المشرفات على الحدث الخيري - إلى أن مؤسسة الإغاثة الإسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية، تهدف إلى توزيع حوالي 75000 وجبة غذائية على مستحقِّيها خلال هذا الشهر.
وقال "مالك حسن" المدير التنفيذي لمركز شباب المجتمع الإسلامي الأمريكي بحي "Bensonhurst": "يحتوي مركز الشباب بالفعل على مخزن طعام، ويُمكن لأي شخص الدخول إليه خلال أوقات العمل وأخذ ما يكفيه".
يستضيف المركزُ الإسلامي بمدينة "سينسيناتي" بولاية "أوهايو" الأمريكية - حدثًا لتعبئة وتوزيع 30000 وجبة إفطار خلال شهر رمضان المبارك، تحت إشراف وتنفيذ مؤسسة الإغاثة الإسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي سياق منفصل يستضيف المركزُ الإسلامي بمدينة "سينسيناتي" بولاية "أوهايو" الأمريكية - حدثًا لتعبئة وتوزيع 30000 وجبة إفطار خلال شهر رمضان المبارك، تحت إشراف وتنفيذ مؤسسة الإغاثة الإسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية، بمشاركة أكثرُ من 100 متطوع، بهدف إفطار عددٍ كبير من الصائمين في مدينة سينسيناتي، خصوصًا الأسر والأفراد الأقل دخلًا أو معدومي الدخل؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
05-04-2023, 04:35 PM
مسلمو قرية يوروكوفو في بلغاريا يسعدون بافتتاح مسجد جديد
قام الدكتور "مصطفى حاجي" مفتي جمهورية بلغاريا - بافتتاح المسجد الجديد بقرية "يوروكوفو" الواقعة في بلدية "ياكورودا" في مقاطعة "بلاجوفجراد" جنوب غرب بلغاريا.
https://i.imgur.com/XjpHRMU.png
وفتح مسجدُ قرية يوروكوفو أبوابه بعد 4 سنوات من أعمال البناء، وحضر افتتاحَ المسجد عددٌ من المسؤولين والأئمة إلى جانب مسلمي قرية يوروكوفو.
وتجمَّع الحضورُ بعد الافتتاح على مائدة إفطار واحدة ضمت حوالي 500 مسلم، كما شارك عددٌ من الأطفال المسلمين في افتتاح المسجد بتلاوات للقرآن الكريم وبعض الأناشيد.
وبدوره هنَّأ الدكتور مصطفى حاجي مفتي جمهورية بلغاريا مسلمي قرية يوروكوفو بالمسجد الجديد، وحثَّهم على الصلاة دائمًا داخل المسجد.
وبصفته رئيسًا لبلدية "ياكورودا" قام "بيدي عثمان" بتوجيه التهنئة إلى مسلمي قرية يوروكوفو لافتتاح المسجد الجديد، وإلى جميع المتبرعين والمسهمين في افتتاحه.
ومن الجدير بالذكر أن الدكتور مصطفى حاجي مفتي جمهورية بلغاريا، كان قد افتتح مسجدًا جديدًا بقرية "Shivarovo" بعد ترميمه ببلدية روين في مقاطعة بورغاس جنوب شرق بلغاريا، في شهر أكتوبر الماضي وسط حضور عددٍ كبير من الشخصيات الإسلامية والمسؤولين والمسلمين، ويعود تاريخ بناء المسجد إلى ثلاثة قرون تقريبًا، وتَم بدءُ ترميم مسجد قرية "Shivarovo" في عام 2016، ليتم افتتاحه من جديد بدعمٍ من إدارة الإفتاء في جمهورية بلغاريا وتبرُّعات المسلمين؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
06-04-2023, 06:40 PM
مسلمو تتارستان يساعدون الأطفال المرضى والأسر الفقيرة في رمضان
أطلقت الإدارةُ الإسلامية لجمهورية "تتارستان" مشروعَها الخيري السنوي تحت شعار "رمضان شهر الخير"، الذي يتضمَّن جمع أموال الزكاة لمساعدة الأطفال المرضى من ذوي الحالات الخطيرة، ومساندة الأُسر الفقيرة خلال شهر رمضان المبارك.
وأعلنت الإدارةُ الإسلامية لجمهورية تتارستان عن جمع تكاليف علاج 5 أطفال ممن يعانون من أمراض خطيرة، وكذلك تَم مساعدة أكثر من 90 أسرة من ذوي الدخل المنخفض، وإفطار عددٍ من الصائمين خلال أول عشرة أيام من شهر رمضان.
وفي العام الماضي نجحت الإدارةُ الإسلامية لجمهورية تتارستان في مساعدة 20 طفلًا من ذوي الأمراض الخطيرة خلال شهر رمضان المبارك، وتسعى الإدارة الإسلامية إلى معادلة الرقم هذا العام أو الزيادة عليه.
وتقوم الإدارةُ الإسلامية لجمهورية تتارستان كلَّ عام بإطلاق المشروع الخيري، من أجل جمع أموال الزكاة لمساعدة الفقراء والمرضى ومن يستحقون، بالتعاون مع مؤسسة الزكاة الخيرية التابعة للإدارة الإسلامية، وكذلك المساجد والمراكز الإسلامية والجمعيات والمؤسسات الخيرية.
ومؤخرًا قامت مؤسسةُ الزكاة التابعة للإدارة الإسلامية في جمهورية تتارستان - بتوزيع عددٍ كبير من الوجبات الساخنة على المحتاجين والمشردين وكبار السن، في ظل الطقس القارص بمدينة "قازان" عاصمة جمهورية تتارستان، بالتعاون مع الفعالية الخيرية رواد "مشروع الأيدي الماهرة والقلب الطيب".
وتجدر الإشارة إلى أن مؤسسة الزكاة تقيم عشاءً خيريًّا كلَّ أسبوع لِما يقرُب من 150 شخصًا من المحتاجين، وخلال عام 2022 وزَّعت مؤسسة الزكاة وجبات غذائية على 3000 شخص تقريبًا، ومنذ 2016 تمكَّنت مؤسسة الزكاة من توزيع وجبات على ما يقرُب من 29000 شخص؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
06-04-2023, 06:46 PM
جمال بشرتك في شهر رمضان
يظن البعض أن الصيام يؤثر سلبا على البشرة، وهو أمر غير صحيح بالمرة، فعلى الرغم من أن نقص تناول المياه يضر بالبشرة، إلا أن التعويض الصحيح بعد الإفطار يعادل هذا الأمر، كما أن الصيام ينقي الجسم من السموم ويساعد على التخلص من الوزن الزائد والدهون التي تؤثر أيضا على صحة الجلد.
وإليكِ هذه النصائح الهامة لبشرة نضرة في رمضان:
1ـ الاهتمام بتنظيف البشرة بشكل يومي سواء بمواد طبيعية أو مستحضرات مخصصة، وترطيب الوجه والأطراف.
2ـ استخدام الماء الفاتر عند الاستحمام عوضا عن الساخن للوقاية من جفاف البشرة.
3ـ من المهم شرب الماء بمعدل من 8- 12 كوب بين الإفطار والسحور.. الماء أفضل بكثير من كل المشروبات الأخرى، وتجنبي المياه الغازية والمحلاة.
4ـ تناول الفواكه والخضراوات لاحتوائها الفيتامينات والأملاح المهمة.
5ـ احرصي على النوم ليلا ولو قليلا.
6ـ تجنبي التعرض للشمس، وضعي الكريم الواقي حتى وأنت تجسلين في الظل.
7ـ رمضان فرصة للابتعاد عن الماكياج وإراحة البشرة من أضراره، وتذكري أن كثرة السجود والاستغفار يظهر أظرها نورا على الوجه وراحة في القلب.
منقول
ابوالوليد المسلم
06-04-2023, 06:46 PM
فانوس رمضان .. بهجة للصغار وحرفة للكبار ومكسب للتجار
أحمد عبد الظاهر
http://main.islammessage.com/Files/largearticlefanosssssssssssssss.jpg
تختلف عادات الشعوب المسلمة في الاحتفال بشهر رمضان، حيث أن لكل مجتمع ما يميزه ويضفي عليه الخصوصية.
وفي مصر ما أن يقترب شهر رمضان حتى ترى الشوارع تزدان بالفوانيس، باختلاف أشكالها وألوانها وأسعارها، ويقبل الآباء على شرائها لإدخال البهجة والسرور على أبنائهم، بل أن منها كبير الحجم الذي يصلح كهدية بين العائلات.
تجارة رائجة
وتعتبر تجارة الفوانيس من الأعمال الرائجة والمربحة في شهر رمضان، حيث تجتهد الورش والعمال والفنيين في صناعة الفانوس التقليدي الذي يغلب عليه الطابع الإسلامي، وإن كان قد تأثر كثيرا بسبب إغراق الأسواق بالفوانيس الصينية البلاستيكية، إلا أن الفانوس التقليدي يبقى له روقنه وبهائه.
تاريخ الفانوس
عرف المصريون الفانوس في السنوات الأولى من دخول الإسلام مصر، وكانوا يستخدمونه في الإضاءة ليلاً للذهاب إلى المساجد وزيارة الأصدقاء والأقارب.
تفنن الصانع المصري والذي اتخذ من مناطق بعينها مرتعاً لصناعته ومنها منطقة باب الخلق التى يتمركز فيها شيوخ الصناعة وأشاوستها والمتخصصين فى إعداد الفانوس فى أشكال شتى وأنماط متعددة لكل منها إسم معين، وفي الفوانيس كبيرة الحجم كان الحرفي يحرص على تسجيل إسمه عليها، فأصغر فوانيس رمضان حجماً يسمى (فانوس عادي أو بز) وهو فانوس رباعي الشكل وقد يكون له باب – ذو مفصلة واحدة – يُفتح ويًغلق لوضع الشمعة بداخله، أو يكون ذو كعب ولا يتعدى طوله العشرة سنتيمترات، أما أكبرها فيسمى (كبير بأولاد) وهو مربع عدل وفي أركانه الأربعة فوانيس أخرى أصغر حجماً، و (مقرنس أو مبزبز كبير) وهو بشكل نجمة كبيرة متشعبة ذات إثنى عشر ذراعاً.
ومن الفوانيس ما هو (عدل) ويتساوى إتساع قمته مع قاعدته، ومنها ما هو (محرود) وتنسحب قمته بضيق نحو قاعدته ومن ثم فقد تعددت أسماء الأشكال الأخرى لفانوس رمضان، فمنها: مربع عدل – مربع محرود – مربع برجلين - مسدس عدل – مسدس محرود – أبو حشوة (وله حلية منقوشة من الصفيح أسفل شرفته – مربع بشرف (أي له شرفة منقوشة من الصفيح حول قمته) – أبو لوز ويُطلق عليه فانوس فاروق أو فانوس أبو شرف وهو يُشبه فانوس بز لكنه أكبر منه فى الحجم – أبو حجاب – أبو عرق – مقرنص الذى تكون جوانبه على شكل المقرنصات الموجودة بالمساجد – شقة البطيخة (مربع أو مدور) – شمسية بدلاية - البرلمان - تاج الملك، ومن الفوانيس ما يتخذ شكل الترام والقطار والمركب والمرجحية وهذه يعلق بها عدد من فوانيس البز الصغيرة لتدور حولها مشابهة لمراجيح الموالد والمواسم والأعياد.
استيراد الفوانيس
وقد ظهرت أشكال جديدة ودخيلة من الفوانيس، والتى يتم استيرادها من الصين وتايوان وهونج كونج، وهي مصنوعة - ميكانيكياً – من البلاستيك وتتخذ أحجام تبدأ من الصغير جداً والذي قد يُتخذ كميدالية مفاتيح ومنها الأحجام المتوسطة والكبيرة نسبياً، وتُضاء جميعها بالبطارية ولمبة صغيرة، وتكون أحياناً على شكل عصفورة أو جامع أو غير ذلك من الأشكال التى تجذب الأطفال، ومزودة بشريط صغير يُردد الأغانى والأدعية الرمضانية، فضلاً عن بعض الأغانى الشبابية المعروفة للمغنيين الحاليين.
ولا شك أن هذه الأنواع الدخيلة تُهدد الصناعة المحلية التى تميزت بإنتاج الفانوس الشعبي ذو القيم الجمالية الأصيلة والذى يحمل رموز وإبداعات الشعب المصري عبر التاريخ، حيث وصلت فاتورة استيراد الفوانيس العام الماضي إلى 30 مليون جنيه ويتوقع بعض الاقتصاديين أن تصل إلى 35 مليون جنيه (7 ملايين دولار تقريباً).
مظاهر رمضان بالقاهرة بدأت مبكراً والفانوس الصيني بدى متفوقاً من خلال أشكاله وأحجامة وسعرة التنافسي حيث بدأت المحال التجارية في مصر عرض فوانيس شهر رمضان المبارك مبكراً ابتهاجا بقدوم الشهر الكريم.
ابوالوليد المسلم
06-04-2023, 06:47 PM
اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا في رمضان
هناء المداح
http://woman.islammessage.com/Files/largearticle147625508.jpg
ها هم شياطين الإنس الذين يعملون في مجال التمثيل، وتقديم البرامج التافهة في شهر رمضان الفضيل؛ يصرون على تنفيذ خطتهم بكل ما أوتوا من وسائل؛ لسرقة شهر رمضان الكريم من المسلمين، وتضييعه، وتفويته عليهم بإلهائهم بمواد درامية، وبرامج تدمر، وتهدم القيم، وتضرب الثوابت، والأخلاق، بزعم الترويح عن الصائمين، وتسليتهم، وإضحاكهم، منفقين أموالا طائلة، تزداد كل عام بشكل يصعب وصفه، وكأن العرب والمسلمين لا يعانون أزمات، وكوارث على المستويات كافة، ولا ينقصهم سوى الترفيه بتلك الأعمال الفنية المدمرة!..
منذ عشر سنوات تقريبا، وشهر رمضان الكريم يتعرض إلى مؤامرة خسيسة من جانب القائمين على الفن، وإنتاج وتقديم البرامج التافهة، الساخرة، أو التي تقوم على فكرة المقالب، ونصب الفخاخ للمشاهير، لإضحاك المشاهدين عليهم، وهم خائفون، مرعوبون، أو وهم يشتمون، ويصرخون!!..
والمثير للدهشة، والألم في الوقت نفسه، أن تلك الأعمال المنحطة التي لا جدوى منها، ولها أضرار عدة، وآثار سلبية – خاصة على النشء - تحظى بمشاهدة الكثير من المسلمين في كل مكان، وبالتالي تكثر الإعلانات التي تعرض بعض السلع والمنتجات خلال فواصلها ، لتعريف الناس بها، وجذب انتباههم إليها، ليشتروها، فيحقق أصحاب الإعلانات، ومن يعرضونها في أعمالهم مكاسب مادية هائلة، ولا يخسر سوى المشاهد الذي يضيع وقته، ويقصر في أداء الطاعات، والعبادات، ويمر الشهر المعظم عليه من دون أن يستشعر لذة الطاعة والقرب من الله فيه، وربما يخرج من هذا الشهر بمزيد من الذنوب، والسيئات – لاسيما وأن المشاهد الإباحية، الخليعة، والتعري، والسفور، والتلفظ بألفاظ بذيئة صار – ومن كل أسف - من ثوابت، ومعالم تلك الأعمال الفنية الهابطة..
لذا أناشد كل مسلم فطرته سليمة ألا يعطي لهؤلاء الذين لا يتقون الله، ولا يراعون حرمة شهر رمضان الكريم فرصة ليحققوا مكاسب مادية كثيرة، وشهرة زائفة عن طريق مشاهدته تلك الأعمال ،؛ لأنهم أولا وأخيرا لا يهمهم سوى حصد الجوائز في المهرجانات المختلفة بعد انتهاء هذا الشهر، والحصول على مبالغ مالية تكفي لحل أزمات كثيرة يعانيها المسلمون في بقاع عدة..
لنتجاهلهم تماما، وننشغل بفعل الطاعات، والخيرات في هذا الشهر المبارك؛ عسى أن نفوذ بثواب صيامه، وقيامه، وننعم بمغفرة، ورضا الله، ورحمته بإذنه تعالى.
ابوالوليد المسلم
06-04-2023, 06:47 PM
تهجد رمضان في المساجد.. ومشكلة سلس البول
ولاء حسن
تعاني الكثير من السيدات خاصة من كبار السنّ من مشكلة "سلس البول" التي قد تمنعهن من الصلاة بصورة مريحة، أو بشكل منتظم خاصة خلال شهر رمضان عندما تصبح عبادة التهجد والقيام في المسجد أمراً تهفو إليه النفوس طمعاً في الأجر والثواب عند الله تعالى.
وحتى تستطيع كل امرأة كبيرة في السنّ أن تتجاووز مشكلة سلس البول المزعجة ولا تمثل بالنسبة لها أي قلق فيما يتعلق بالطهارة المستمرة والحفاظ على الوضوء للتمكن من أداء الصلوات في المسجد خلال الشهر الفضيل، نعرض بعض السطور القادمة لعل أن تكون فيها الأسباب وطرق الوقاية والعلاج.
يُعرف سلس البول بكونه مشكلة شائعة ومُحرجة جدًا تصيب الملايين من الناس خاصة النساء.
ويقصد بمصطلح سلس البول فقدان السيطرة على المثانة بشكل يسمح بتمريرٍ لا إرادي للبول، في حين تتراوح شدة هذه المشكلة من تسرب بسيط للبول عند العطاس أو السعال إلى رغبة ملحة وطارئة بالتبول لدرجة قد لا تجعل المريض يصل إلى دورة المياه في اللحظة المناسبة.
أنواعه:
لا يقتصر سلس البول على نوع واحدٍ فقط، بل توجد أنواع عديدة منه ومنها:
سلس البول التوتري يكون تسرب البول في هذه الحالة ناجمًا عن زيادة الضغط داخل أو حول المثانة. ويحدث هذا عند الضحك أو السعال أو العطاس أو رفع الأشياء الثقيلة.
سلس البول الفيضي ينتج هذا النوع من سلس البول عند عدم إفراغ المثانة بشكل كامل (احتباس البول المزمن) مما يسبب تسربًا متكررًا للبول.
سلس البول الكُلي وهو السلس الناجم عن عدم قدرة المثانة على تخزين البول مطلقًا، مما يؤدي إلى تسرب البول المتكرر أو تمريره باستمرار.
سلس البول الإلحاحي في هذه الحالة يتسرب البول بشكل يتبع شعور المريض برغبة ملحة ومستعجلة إلى التبول الفوري.
مع التنويه إلى إمكانية إصابة المريض بأكثر من نوعٍ، مثل الإصابة بسلس البول التوتري والإلحاحي في الوقت ذاته.
أسبابه:
لا يمكن اعتبار سلس البول مرضًا بحدّ ذاته، بل يعدّ عرضًا من أعراض مشكلة أكبر، فقد ينتج عن عدة أسباب مختلفة. وتسهيلًا للأمر، سوف نقوم بتقسيم الأسباب التي تجعل من سلس البول مؤقتًا أو مستمرًا.
أسباب سلس البول المؤقت:
تعمل العديد من المشروبات والأطعمة والأدوية كمدراتٍ البول، أي أنها تقوم بتحفيز المثانة وزيادة كمية البول فيها ومثال ذلك: الكحول، والكافيين، والمشروبات الغازية، والمحليات الصناعية، وشراب الذرة، والأطعمة الحارة أو الحلوة أو الحامضة خاصة الحمضيات، والأدوية الخاصة بأمراض القلب وضغط الدم والمسكنات ومرخيات العضلات، وتناول الفيتامينات بكميات كبيرة وخاصة فيتاميني b و c.
كما يمكن أن ينتج سلس البول عن الإصابة بعدوى الجهاز البولي، وتفسير ذلك هو تسبب العدوى بإزعاج المثانة وتحفيزها؛ مما يسبب رغبة ملحة بالتبول وأحيانًا تسرّب البول. ومن علامات وأعراض عدوى الجهاز البولي الأخرى الشعور بالحرقة عند التبول واتصاف البول برائحة كريهة.
يعتبر الإمساك أحد مسببات سلس البول المؤقت، وذلك بسبب اشتراك المثانة والمستقيم بالعديد من الأعصاب المتماثلة بحكم موقعهما المتقارب. إذ يعمل البراز الصلب الموجود في المستقيم على تحفيز تلك الأعصاب وجعلها مفرطة النشاط مؤديًا إلى زيادة الرغبة في التبول.
أسباب سلس البول المستمر:
الحمل: قد تؤدي التغيرات الهرمونية التي يسببها الحمل وزيادة وزن الرحم إلى الإصابة بسلس البول التوتري.
الولادة: نقصد هنا الولادة الطبيعية بشكل خاص والتي يمكن أن تسبب ضعفًا في العضلات اللازمة للتحكم في المثانة، كما يمكن أن تسبب ضررًا في الأعصاب المغذية للمثانة والأنسجة المحيطة، مؤدية إلى هبوط قاع الحوض، وهنا تُدفع المثانة والرحم والمستقيم إلى الأسفل مما قد يؤدي إلى تغيّر موقعها الطبيعي وبروزها من فتحة المهبل.
التقدم بالعمر: يمكن أن تسهم الشيخوخة في التقليل من قدرة المثانة على التخزين وإضعاف عضلاتها.
انقطاع الطمث: يعمل هرمون الإستروجين على المحافظة على سلامة وصحة بطانة المثانة والإحليل. وبشكل بديهي وبسبب انخفاض مستوى ذلك الهرمون بعد انقطاع الطمث؛ تتدهور تلك البطانة بشكل يعمل على تفاقم حدوث سلس البول.
تضخم البروستات: خاصة في الرجال المتقدمين بالعمر.
الانسداد: وذلك بسبب إعاقة التمرير الطبيعي للبول عبر المسالك البولية ومن أمثلة مسببات الانسداد؛ الأورام والحصى.
الاضطرابات العصبية: وتشمل كلًا من التصلب اللويحي، ومرض باركنسون، والسكتة الدماغية، وسرطانات الدماغ، وإصابات الحبل الشوكي … إلخ، جميعها تتعارض مع إرسال الإشارات العصبية التي تتحكم في المثانة مسببة سلس للبول.
يجب عليك الذهاب إلى الطبيبة إذا كنت تعانين من أي نوع من أنواع سلس البول آنفة الذِكر، كما لا يجب عليك الشعور بالإحراج من التحدث إلى طبيبتك حول المشكلة والأعراض؛ لأنها مشكلة شائعة ومنتشرة بين الكثير من الناس.
أيضًا وبذهابك إلى الطبيبة فإنك تكونين قد بدأت الخطوة الأولى في السعي وراء إيجاد الحلول المناسبة لعلاج المشكلة.
يتم تشخيص المريض عادة بعد الاستشارة الطبية، حيث يقوم الطبيب بسؤال المريض عن الأعراض المصاحبة، وقد يقوم أيضًا بإجراء فحص الحوض (في النساء) وفحص المستقيم (في الرجال).
كما يمكن أن تقترح الطبيبة على المريضة أن تقوم بتدوينٍ يومي لكمية السوائل التي تتناولها وعدد المرات التي تحتاج فيها المريض إلى التبول.
العلاج
لا توجد وسيلة وحيدة لعلاج سلس البول، إلا أن هناك مبدأ قويًا واحدًا هو أنَ الأدوية والجراحة تأتي بعد اتخاذ الخطوات الأولى، لذا يتوم الطبيبة في البداية باقتراح بعض الوسائل البسيطة ورؤية دورها في تحسين المشكلة ومنها:
تغيير نمط الحياة المعتاد: وذلك بتخفيف الوزن (إذا كان زائدًا)، والامتناع عن تناول الكافيين والكحول والأطعمة الحمضية.
تمارين قاع الحوض: حيث تقوم الطبيبة المختصة بتعليم المريضة كيفية القيام ببعض التمارين التي تعمل على تعزيز عضلات قاع الحوض.
تدريب المثانة: وهنا أيضًا تعلّم الطبيبة المختصة المريضة اتباع بعض الوسائل اللازمة، مثل زيادة فترة الانتظار ما بين الرغبة في التبول وتمرير البول.
يمكن أن تُتَبعَ الوسائل السابقة كوسائل وقائية أيضًا لمنع حدوث سلس البول.
ابوالوليد المسلم
06-04-2023, 06:48 PM
الصوم والإقلاع عن التدخين
محمود إسماعيل شل
إن شهر رمضان الكريم بما يحمل من رسالة عملية تربوية في التقوى والتهذيب والتغيير إلى الأفضل هو مناسبة قيمة للتخلي عن العادات السيئة؛ فهو بمثابة ثورة تصحيح على جميع المسارات الحياتية، وهو فرصة ثمينة لتنظيم الحياة وتخليصها من الفوضى والرتابة والجمود لمن أراد ذلك.
كما يُعَدّ شهر رمضان اختبارًا عمليًّا يتعلم المسلم كيف يهذب من سلوكياته وأفكاره، ويعيد النظر في بعض عاداته وتقاليده ومألوفاته، كذلك تقوية الإرادة الذاتية، وحسن المراقبة لله في كل الأعمال.
والتدخين من الأمور التي لا يُقِرّها الدين، فضلاً عن العقل السليم، والتدخين فيه من الأضرار ما لا يُعَدّ ولا يحصى على الصحة، والنفس، والمال.
وأكدت الأبحاث العلمية أن هناك علاقة وثيقة بين التدخين وكل من سرطان الرئة - وتليف الكبد - وأمراض الشريان التاجي - الذبحة الصدرية - سرطان الفم، والبلعوم، والحنجرة، وأمراض أخرى عديدة.
وتذكر الإحصائيات أعدادًا بالملايين في العالم يفتك بها التدخين سنويًّا، وتتراوح أعمارهم بين 34 - 65 عامًا.
ولم يسلم من التدخين حتى الأجنة في بطون أمهاتها!!
فكيف تقلع عن التدخين؟
يمكنك اتباع الخطوات التالية:
1 - قرَّر بشكل قاطع أنك تريد الإقلاع عن التدخين، فإن ذلك كما يقول الله تعالى: "مِنْ عَزْمِ الأُمُور".
2 - حدِّد موعد الإقلاع عن التدخين، وليكن في أقرب فرصة، ولا تسمح لنفسك بالتأجيل حتى لا يؤثر ذلك على شخصيتك وقرارك.
3 - استعن بالله وادعه مخلصًا أن يمنحك القوة والتوفيق لتحقيق ذلك، قال النبي (صلى الله عليه وسلم): "وإذا استعنت فاستعن بالله".
4 - ضع أمام عينيك دائمًا أخطار التدخين وعواقبه الوخيمة، وتذكَّر أن الله سيسألك عن الصحة، والعمر، والمال.
5 - حاول أن تجد رفيق لك من المدخنين (قريب – صديق – زميل)؛ لتتعاهدا معًا على ترك التدخين، فهذا أدعى للخير، ويزيدك إصرارًا على ترك التدخين، والمرء بإخوانه لا بنفسه فقط، قال الله تعالى: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَان"، وقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "من دل على خير فله أجر مثل فاعله".
6 - احذر أصدقاءك الذين يحاولون تنحيتك عن الإقلاع عن التدخين، وتذكَّر حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل".
7 - أبلغ زوجك وأهلك ومن تثق بهم بقرارك، فإنهم سيكونون مصدر دعم مهم لك إن شاء الله.
8 - قرِّر أن تقتطع مبلغ المال الذي كنت تصرفه على التدخين للتبرُّع به للفقراء واليتامى بشكل يومي؛ لأن الله تعالى يقول: "وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا".
9 - استثمر الصيام في تدعيم قرارك؛ فكن أكثر قربًا لله ومراقبة له لقوله تعالى : "مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَمَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَة".
10 - سيتولد لديك صراع داخلى للعودة إلى التدخين؛ فتذكر قول الله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُون"، ولا تنس قول الله تعالى: "وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم".
11 - اذهب لطبيب الأسنان واطلب منه أن يزيل كل رواسب وأوساخ التدخين من أسنانك؛ للتخلص من آثاره ورائحته الكريهة، ثم استعمل السواك والفرشاة والمعجون، وتذكَّر قول النبي (صلى الله عليه وسلم): "السواك مطهرة للفم مرضاة للرب".
12 - تذكر أنك في شهر الصوم، وأن ذلك يقتضي ترك الخبائث والمنكرات، والتدخين من الخبائث والمضار التي يجب تركها قال تعالى : وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِث".
13 - اعلم أن غالبية الانتكاسات تحدث خلال الأشهر الثلاثة الأولى بعد الامتناع عن التدخين، فعليك أن تكون مستعدًّا لمواجهة كل الظروف التي كانت تدعوك للتدخين، مثل: حالات (القلق - والتوتر – الانزعاج – إرضاء الآخرين)، وابحث عن وسائل معقولة ومشروعة؛ لأن التدخين لا يساعد المخ على حل أي مشكلة، وتذكَّر أن من يتقِ الله يجعل له مخرجًا.
14 - عليك ألا تخلط بين التدخين والارتياح أو الإبداع؛ لأن الأبحاث والدراسات أكدت غير ذلك.
15 - تذكَّر أن قوة الإرادة والعزيمة التي تتجلى في الصيام والامتناع عن المفطرات والشهوات هي عون كبير جدًّا على الإقلاع عن التدخين والتخفيف من آثاره الانسحابية إلى حد كبير؛ فاستعن بالصبر والصلاة، ولا تدع الفرصة تفوتك في رمضان.
16 - بعد إقلاعك عن التدخين ستشعر باضطرابات في النوم أو تعب أو توتر، وتأفف أو جفاف بالفم.. هذه أعراض طبيعية في البداية؛ لأن الجسم ما زال متعلقًا بالنيكوتين؛ خذ قسطًا من الراحة، ولا ترهق نفسك في هذه الفترة، وامتنع عن تناول القهوة والشاي والمشروبات الغازية المحتوية على الكافيين بعد الإفطار، وجرِّب تمارين الاسترخاء والراحة النفسية، وخذ حمامًا دافئًا قبل النوم، واستشر طبيبًا إذا دعت الضرورة، واستعن على تلك الصعوبات بكل ما يمكن أن يقويك: (حسن الصلة بالله سبحانه، التقوى، والعبادة - الدعم العائلي – الإرادة القوية).
17 - تجنب الأماكن التي يكثر فيها التدخين والمدخنون، وتذكر قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه".
18 - إن كنت ممن يرون أن شرب السيجارة حلال، فلما لا تُسَمِّ الله قبل بداية كل سيجارة كأي شراب أحله الله عز وجل؟
19 - وإن كنت ممن يرون أن شرب السيجارة حلال، فلماذا لا تحمد الله بعد نهاية كل سيجارة كأي شراب أحله الله؟
20 – إذا كنت ممن يرون أن السيجارة نعمة، فلماذا دائمًا تَطَؤُها بالحذاء عندما تنتهي من شربها؟
21 – إذا كانت السيجارة شيئًا عاديًّا، فلماذا لا تشربها أمام والديك أو رؤسائك في العمل؟
22 - إذا كنت ترى أن السيجارة متعة خاصة، فلماذا لا تعلمها أولادك أو توصيهم بها؟
23 – خذ قرارك بصدق، وتأكد أن الله سيكون في عونك، وفقك الله.
ابوالوليد المسلم
07-04-2023, 04:40 PM
مبادرة بعنوان "الإفطار للجميع" لمساعدة الصائمين في بريطانيا
أطلقت الجمعيةُ الإسلامية الخيرية "Human Appeal" في بريطانيا مبادرة بعنوان (Iftar for All - الإفطار للجميع)، بالتعاون مع إحدى العلامات التجارية للأطعمة.
وتهدف المبادرةُ إلى مساعدة أصحاب الدخل المنخفض والمحتاجين من المسلمين الصائمين في شهر رمضان المبارك في ظلِّ ارتفاع تكاليف المعيشة، من خلال توفير وجبات إفطار وطرود غذائية لهم ولأسرهم.
وبصفته نائبَ المدير التنفيذي لجمعية Human Appeal قال "Owais Khan": "يسعدنا جدًّا أن نتعاون خلال شهر رمضان لبَدء مبادرة خيرية شاملة، من أجل دعم المحتاجين والصائمين في المملكة المتحدة، بالإضافة إلى زيادة الوعي للحد من إهدار الطعام".
وأعرَبت راشيل تشامبرز إحدى مسؤولي العلامة التجارية عن فخرها بالتعاون مع جمعية Human Appeal، من خلال المبادرة الخيرية من أجل مساعدة الصائمين والمحتاجين في شهر رمضان.
وقالت راشيل تشامبرز: "نسعى دائمًا لنشر ثقافة عدم إهدار الطعام، خصوصًا أثناء المناسبات والاحتفالات التي تزيد فيها الأطعمة عن الحاجة، ويُمكننا توفيره بالطبع لصالح المحتاجين والفقراء".
وتابعت راشيل تشامبرز: "نأمُل أن تساعد هذه المبادرة حقًّا بعض العائلات في جميع أنحاء المملكة المتحدة، سواء كانوا يشاركون وجبة الإفطار مع أُسرهم، أو يكافحون من أجل شراء الطعام خلال هذه الأوقات الصعبة".
وتحتوي الطرود الغذائية على مجموعة من الأطعمة القابلة للتخزين، مثل الحِمِّص والتمر، وبعض الحبوب المجففة.
يذكر أنه تَمَّ تأسيس Human Appeal قبل ثلاثة عقود، وتحديدًا عام 1991م، عندما قامت مجموعة من الطلاب البريطانيين المسلمين بتأسيس الجمعية الإسلامية الخيرية "Human Appeal"، ومَقرُّها مدينة مانشستر شمال غرب إنجلترا، متَّحدين لتحقيق هدف مشترك يتمثل في التكاتف لِمد يد العون للجميع، وعلى مدار 30 عامًا لبَّت الجمعية الخيرية الإسلامية نداءات المحتاجين، من خلال العديد من مشاريع التنمية المستدامة في أكثر من دولة، سعيًا منها لترسيخ القيم الإسلامية والإنسانية لمساعدة أكبر عددٍ مُمكن من الناس؛ ليعيشوا حياة كريمة في جميع أنحاء العالم.
وتهدف الجمعية إلى الإسهام في إزالة الفقر والمعاناة، مستمدين هذا من القيم الإسلامية، وتكريس جهود الجمعية للعمل الإنساني الاحترافي، وصولًا إلى التفوق في كافة المشروعات، من أجل تقديم دعم فعَّال للفئات الأكثر ضعفًا؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
07-04-2023, 11:25 PM
كم بقي على الأذان؟
كلمة نسمعها كثيراً، من الأطفال - وربما بعض الشباب -، خاصة بعد صلاة العصر، وهي تعبر عن الرغبة في الأكل والشرب بعد ساعات من المنع.
وما هي إلا دقائق ثم يرفع صوت الحق، فإذا بالأيدي تتلقف الماء للشرب وتنطلق عملية الالتهام للطعام.
صورة جميلة تظهر الفرحة الكبيرة بإعلان نهاية يوم من الصيام، ومنشأ هذه الفرحة هو الفطر بعد الصيام، فما كان ممنوعاً أصبح مسموحاً، بل من السنة التعجيل بالفطر.
ألا فما أحلى تلك الفرحة المرتسمة على وجوه الصائمين، وإياك أن توبخَ أو تلومَ أيًّا منهم، فتلك طبيعة النفس البشرية، بل افرح معهم، ألم تسمع قول حبينا صلى الله عليه وسلم: «للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه»؟. فإذا فرحنا الآن الفرحة الأولى، فنحن نرجو الثانية.
وما أسعدنا حين يتكرر هذا الفرح بشكل يومي ولمدة شهر كامل، أسألك بالله كيف ستكون النفوس حين تمارس الفرح بشكل يومي ولمدة شهر كامل؟
يا الله.. كم نحتاج إلى الفرح في زمان كثرت فيه دواعي الحزن والألم، كم نحتاج للفرح في زمن كثرت فيه الفتن، كم نحتاج للفرح لتطهير القلوب والنفوس، كم نحتاج للفرح لنرسم لوحة جميلة لمستقبلنا ومستقبل أجيالنا الواعدة والحالمة، فافرح كل يوم، ولتُفرح غيرك، وتدعُ ربك ليحقق لك الفرحة الثانية.
إن هذا الفرح المتكرر والمستمر لا يوجد إلا في رمضان فقط.
فشكراً رمضان
رواه البخاري وغيره، واللفظ للبخاري في صحيحه 1904.
_________________________________________________
الكاتب: د. جمال يوسف الهميلي
ابوالوليد المسلم
08-04-2023, 06:33 PM
صيامي الأول (قصة قصيرة)
د. محمد علي السبأ
عبقٌ نفيسٌ ممزوجٌ بخليط مُقدَّس من الذكريات الرمضانية، تلك الذكريات التي رُسِمت كأحلى لوحة تزيِّن جدار الزمن، تعود إليها بين كل وقتٍ وآخر؛ لتعيش لحظاتٍ مع كميةٍ من المشاعر الآنفة، ويمرُّ عليك شريطٌ من الماضي الجميل، ذلك الذي شكَّلتْه إحدى أهم مراحل حياتك، وطبعَتْ عليه صورة المظاهر الرمضانية بكل تفاصيلها، وفي خِضَمِّها تخوض أنت تجربتك الأولى، والتي تأبى إلَّا أن تكون واحدةً من ذكريات ماضيك الرمضاني.
لن أنسى ذلك اليوم الذي عاد فيه أبي من عمله، يحمل كيسًا يحتوي على بعض المواد الغذائية التي اعتدنا على رؤيتها في شهر رمضان، فهي وإن كانت متوافرة في سائر الأيام، إلَّا أن لها في رمضان نكهة خاصة، ومنظرًا فريدًا، يجعلها مختلفة عنها في غيره، فهل ذلك يعود إلى شكلها، أم إلى طريقة تحضيرها، أم إلى رائحتها، أم إلى مظاهر تبادلها والتعامل معها؟ لعلَّ الأمر يعود إلى كل تلك التفاصيل، وهذا - في الحقيقة - هو ما شكَّل لديَّ الذكريات التي أتكلم عنها الآن، والتي لا تفارقني كلما مرَّ عليَّ رمضان أو تجدَّد طيفه.
يعالج أبي محتويات الكيس، ويخرجها واحدة تلو الأخرى، وأنا أقف أمامه بكل كبرياء؛ فقد فعلتُ اليوم شيئًا لا يفعله إلا الكبار، وها أنا ذا أُثبتُ ذلك، رغم تلك المسحة الظاهرة للجوع على وجهي، إلَّا أني رفضتُ محاولات أمي بتناول بعض الطعام، أو احتساء جرعاتٍ من الماء، ومن ثَمَّ أواصل صيامي بعدها ولا ضير... لقد أدركتُ حينها أن تلك المحاولات ستعيدني إلى مصافِّ الصغار، وأنه ليس من اللائق عليَّ (صوم العصافير)، ولا أخفيكم يا أصدقائي أن وخز معدتي كان أكثر إلحاحًا عليَّ للاستجابة لمحاولات أمي، ولكن لم يمرَّ عليَّ إغراء أشدُّ من رائحة الطعام، وهو يغزوني في عقر أنفي قبل موعد الإفطار بسويعات، حينها – حقًّا - أكاد أعود بالأثر مستجيبًا لمحاولات أمي، مع أنها قد انتقلت معي إلى مرحلة (التصبير)؛ إذْ لم يتبقَّ إلَّا القليل على موعد الأذان، بينما أنا (أرابط) في موقعي المُفضَّل بجانب قدور الطعام مع أمي في المطبخ، وهي تحضِّر الطعام وتعالج صيامي الأول، وأنا لا أقصِّر في إسعادها تارةً، وفي تضايقها أخرى... ماذا يمكنني أن أفعل؟ أنا بحاجة للمزيد مما يجب عليَّ معرفته وبشكلٍ آنيٍّ، ولا أعتقد أن ذلك كثيرٌ عليَّ؛ فأنا صائم، وما يهمني هو ما كنت أودُّ معرفته من أمي أولًا بأول: كم الساعة الآن؟ كم تبقى من الوقت للأذان؟ ما هو الإفطار؟ وما هو العشاء؟ هل حضَّرتِ لنا المكرونة؟ هل هناك طبق مهلبية؟ وبالطبع، لم أقصِّر في مساعدة أمي - كمراقب أطباق - حيث أنبهها على الناضج منها، وأجهِّز لها متطلبات المائدة، ومكانها، وصحون الفطور، وأسألها دومًا عمَّا بقي أو نسيناه، فأنا لا أريد أي نقص، فهذا رمضان، وأنا صائم!
ابوالوليد المسلم
10-04-2023, 03:16 PM
رمضان فرصتك أيها المدخن
معاشر عمار بيت الله:
الله جل جلاله أحل لعباده الطيبات وأباحها لهم، لأنه يعلم أن فيها منافع لهم، وكرِه لهم الخبائث وحرمها عليهم، لأنه سبحانه يعلم أن فيها الضرر على أبدانهم ومن تم على حياتهم.
ومن الخبائث التي لا يَشُكُّ عاقل في ضررها وخُبثها، ولا في آثارها السيئة على حياة الإنسان، التدخين، الذي عم وانتشر بين الصغار والكبار، الأغنياء والفقراء، المرضى والأصحاء، بل حتى النساء، لم يسلمن من هذه الآفة الخطيرة، حتى صار المدخنون يضايقون ويؤذون الأبرياء من غير خجل ولا حياء.
وهذا هو موضوع المقال معاشر الصالحين والصالحات: التدخين، ولماذا هذا الموضوع؟ لأننا في هذا الشهر العظيم، شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، وعامة المسلمين، كل من موقعه وكل حسب طاقته يبحث عن التقرب إلى الله بالطاعات واجتناب المعاصي، وخاصة المدخنون، فأغلبهم في حاجة إلى من يأخذ بأيديهم إلى رحاب رحمة الله الغفور الرحيم فيجتنبوا هذه الآفة.
وسأتناول هذا الموضوع من خلال العناصر التالية:
• أسبابه.
• الدلائل على خبثه وضرره وتحريمه.
• ثم نصيحة.
العنصر الأول:
أسبابه:
لعل من أبرزِ الأسبابِ الكامنة وراء التدخين، وإصرارِ البعض على عدم الإقلاع عنه رغم آثاره السلبية:
• ضعف الوازع الديني، - التقليد، - بعض الاعتقادات الخاطئة، - الفراغ، - الصحبة والبيئة المحيطة، - التفكك الأسري، - الإعلام.
وكلها تؤدي الى تعاطي التدخين أولا، ثم الى انحرافات عديدة كالخمر والمخدرات وغيرها.
العنصر الثاني: الدلائل على خبثه وضرره وتحريمه:
فهو والله الذي لا إله إلا هو لمضر بالدين والبدن والمال والمجتمع، فكم من تحذيرات طبية وكم من فتاوى، صَدرت ببيان أضراره وقُبحه وخُبثه، بل وتحريمه...
ومن كان في شك من هذا، فليُزل الشك باليقين، وليسمع لهذه الأدلة:
وقبل أن أُسمعكم الدليل الأول، دعني أسألك أيها المسلم: حين تُشعِل السيجارة هل تقول بسم الله؟ أو حين تُنهِي التدخين هل تقول الحمد لله؟ لا تستطيع.
وأين ترمي السيجارة لما تنتهي؟ تقول تحت رجلك.
ومستحيل كذلك أن تدعو اللهَ أو تذكرَه أو تقرأَ القرآنَ وأنت تدخن؟ لماذا؟
اسمعوا الجواب:
الدليل الأول: اسمعوا عافانا الله وإياكم من كل داء، يقول ربنا: {الذين يتبعون الرسول النبيء الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث}.
ومن تأمل هذه الآية وجد أن تحريم الخبائث جاء في سياق الاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم، بمعنى أن من شروط اتباعك لهذا النبي، ومن دلائل حبك له أن تترك الخبائث، ومنها التدخين.
وقال تعالى في آية أخرى: {وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} [النساء: 2]، فالتدخين من أي النوعين نصنفه، أمن الطيبات هو أم من الخبائث؟
الثاني: من ضرر التدخين وخُبثه، أنه يُدمر الصحة ويُهلك أجهزة الجسم الداخلية ويُتلفها: يُسبب إتلافَ الرئتين، وانسدادَ الشرايين، وأمراضَ القلب القاتلة، وتلفاً لخلايا المخ، ويُصيب الجسمَ بالسرطانِ القاتلِ بكل أنواعه: (سرطانِ الفم، سرطانِ اللسان، سرطان البلعوم، سرطان الرئة، سرطان المعدة).
ومن عنده شك في هذا، فليسأل الأطباء وأهل الاختصاص، ليسمع العجائب والمصائب.
فكم من إنسان أنهكَ التدخينُ جسمَه، وأفسدَ صحتَّه، وجرَّ عليه من الأمراضِ مالا يعلمها إلا الله.
فالمُدخن يشتري السجائر مُتعمِّدا ومتأكدا من ضررها، ومُدركا لأنواع السموم الموجودة بها، ومتيقنا أنها سبب في هلاكه، وهذا هو القتل العمد للنفس والانتحار البطيء، وقد نهى الله تعالى عن إهدار قيمة الحياة ومصادرتها لأضعف الأسباب فقال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29].
فالجسد بكل ما فيه أمانة، ولا يحق العبثُ فيه ولا إضرارُه ولا إفسادُه أو إهلاكُه.
الثالث: الإسراف والتبذير، يقول ربنا: {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [الإسراء: 26، 27].
وفي الحديث الصحيح أن الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله يكرهُ لكم قيلَ وقالَ، وكثرةَ السؤالِ، وإِضاعةَ المالِ».
أليس في التدخين إسراف، تبذير، إضاعةٌ وإتلاف للمال؟ وأيُّ إضاعة أعظمُ من إحراقِ المالِ بالنار؟ فلو رأينا شخصا يَحرِق المال بالنار، لحكمنا عليه بالجنون، فكيف بمن يَحرق ماله وجسمه وصحته جميعا بالنار؟
الناس يبحثونَ عن الصحةِ والمال ويتعبون في ذلك، وأنت ........ بطوعِك واختيارِكَ تبذر المال وتجلُب لك الأمراض.
ألم تعلم أن المالَ نعمة، وأن الصحةَ نعمة، وأنك ستُسأل عنهما بين يدي الله، قال ربنا: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: 8].
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة، حتَّى يسألَ عن أربع، عن عمره فيما أفناه، وعن جسده فيما أبلاه، وعن علمه ما عمل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه».
فما جوابك إذا سألك ربك عن هذا الضياع والتبذير؟
فوالله لو لم يكن في التدخين إلا التبذير لكفى به تحريما.
الرابع: قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: 58].
فكم من شخص آذيته وأزعجته بسبب التدخين في البيت، في العمل، في الشارع وسط الناس، حين تملأ فمك من دخان السيجارة، ثم تنفثه في وجوه الغير، من غير احترام لهم ولا مبالاة بحقهم.
وفي المسجد، كم من صف في الصلاة افتُتن فيه المصلون بسبب رائحة انطلقت من فم مدخن فأصابت الجميع بالتقزز والاشمئزاز، وكانت سببا في إلحاق الأذى والضرر بعباد الله دون ذنب جنوه، إلا مُجاورةَ هذ المدخن في الصلاة.
الخامس: هناك من يتأسى بك، شباب أطفال صغار، أبناؤك إن كنت والدا، تلاميذ إن كنت مدرسا، يقتدون بك، وقد ينضموا إلى صفوف المدخنين، فتَفسُدُ أخلاقهم، وتسوءُ نشأتُهم فينحرفوا، وأنت السبب.
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح: «... ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيءٌ».
فكن أسوة في الخير، ولا تكن أسوة في الشر.
العنصر الثالث: نصيحة
نصيحة أولى: يا من ابتليت بهذه العادة الخبيثة، أرى من تمام عقلك ومروءتك أن تفتح قلبك لمن يدلك على عيوبك، ويفتح لك نافذة الخلاصِ من داء يقلقك في حياتك.
فأنا أدعوك بدافع النصيحة الخالصة، ألا تخدعك نفسك وتستهويك بأن التدخين يفرج همك، أو ينسيك آلامك، أو يسعدك في حياتك، أو يسليك في وحدتك، أو يشعرك بالفرحة في مجاملة أصدقائك المدخنين.
بادر بالتوبة وعاهد الله من الآن، أن تترك التدخين طاعة لله وحبا في رسوله صلى الله عليه وسلم وكذلك حفاظا على صحتك ومالك، تفُزْ في الدنيا بحياة طيبة، وتنعم في الآخرة مع الطائعين.
فهذه فرصتُك العظيمة، وخاصة في هذا الشهر العظيم للتغلب على ذلك الصنم، ذلك الخبث والتخلص منه.
من الآن اصدق في نيتك وتوكل على الله: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران: 159]، ولا تلتفت لنداءات النفس والأصحاب، الذين يُصورون لك أن الأمر خطير أو أنك لا تُطيق تركه، فلقد تركه غيرك ممن منَّ الله عليهم بذلك، وما ازدادوا إلا صحة وعافية بفضل الله.
تيقن أنه من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، فهو سبحانه سيعينك ويمدُّك بكل أسباب الانتصار على هذا البلاء.
التجأ إليه سبحانه وأنت في شهر الدعاء، فالصائم له دعوةٌ لا ترد، تضرع إليه في السجود، وفي كل أوقات الإجابة، وخاصة قبل أو عند الإفطار، عسى الله أن يَمُنَّ عليك برحمته ويُبعدَ عنك كلَّ سوء وكل مصيبة.
واعلم أنك إن أقلعتَ عن التدخين فأنت المستفيد، وإن أصررتَ فأنت الخاسر.
نصيحة ثانية:
يا باعة السجائر، قولوا لي بربكم هل ترضون أن تشيع الأمراض الفتاكة في بيوتكم وأهليكم؟ لا أظنكم ترضون بذلك... فكيف ترضونه لغيركم؟
فأمتنا بحاجة إلى الأصحاء الأقوياء العقلاء، فهل ساهمتم في بناء هذه الأمة؟ لا، بل العكس، فأنتم تسعون في إعانة الأعداء عليها لهدم صحتها، وإضعاف قواها، وإفساد عقولها.
وإذا قلنا بحرمة التدخين فبيعه وثمنه كذلك حرام.
ففي الحديث الصحيح، أن النبي صلى اله عليه وسلم قال:«لَعن اللهُ اليهودَ، حُرِّمت عليهم الشحومُ فباعوها، وأكلوا أثْمانَها، وإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ إذا حَرَّمَ أكلَ شيءٍ حَرَّمَ ثَمَنَه».
فاتَّقوا الله في أنفسكم وفي المسلمين، ولا تكونوا سببا في إهلاك إخوانكم وقتلهم فربنا يقول: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32].
وختاما:
أسأل الله جل في قدرته في هذا اليوم العظيم، وفي هذا الشهر الكريم، وفي هذا البيت، لكل من نوى ترك التدخين والسجائر وعزم على ذلك من الآن، أسأل الله بأسمائه الحسنى وبصفاته العُلى أن يُعينه على ذلك، وأن يجعل تركَه له كفارةً ومغفرة، وأن يَرزقه الفردوس الأعلى من الجنة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
_________________________________________________
الكاتب: الرهواني محمد
ابوالوليد المسلم
13-04-2023, 02:37 PM
قرى ومدن القرم تتزين بموائد الإفطار الجماعية يوميًّا خلال رمضان
تُقيم الإدارةُ الإسلامية في جمهورية شبه جزيرة القرم - عددًا من موائد الإفطار الجماعية والفعاليات الرمضانية الإسلامية والثقافية والاجتماعية، في المساجد والمدارس والجمعيات الإسلامية في أكثر من منطقة في شه جزيرة القرم.
وتهدف موائدُ الإفطار الجماعية إلى تجميع المسلمين في المدن والقرى على مائدة إفطار واحدة، وتقوية العلاقات والروابط فيما بينهم، ونشر العبادات والقيم الإسلامية والأخلاق والتسامح بين الناس.
ويتجمع يوميًّا خلال شهر رمضان أكثر 250 شخصًا بمقر "مدرسة أزوفسك للعلوم الإسلامية" في جمهورية شبه جزيرة القرم، لتناول وجبة الإفطار معًا، والاستماع للدروس الشرعية وبعض الأنشطة الثقافية الأخرى.
ويقيم المكتبُ الفرعي للإدارة الإسلامية بمدينة "سيفاستوبول" عددًا من موائد الإفطار الجماعي في مناطق (تافريتشيسكي، تشيرفونوي، ساكي، أورلوفكا، ماماشاي، ناخيموفسكي، كراسنوجفارديسكوي، كورمان).
كما يقيم المكتبُ الفرعي للإدارة الإسلامية في منطقة "تافريشيسكي" بالتعاون مع السكان المسلمون - إفطارًا جماعيًّا بمنطقتي (Bakhchisarai، Dzhankoy)، وبعض الدروس العلمية عن قيمة الصيام وأهمية رمضان، وأنواع العبادات الأخرى التي تؤدَّى خلال شهر رمضان المبارك.
وفي مدينة "لينينسكي" يتجمع عددٌ كبير من المسلمين يوميًّا حول موائد الإفطار الجماعية في المساجد الإسلامية للإفطار والصلاة معًا.
كما يستضيف مسجد "Kebir-Cami" أحد المعالم المعمارية البارزة، وأقدم مباني مدينة "سيمفيروبول" عاصمة جمهورية القرم - إفطارًا جماعيًّا كلَّ يوم في شهر رمضان، ومن المقرر أن يستمر هذا الحدث حتى نهاية الشهر المبارك.
ومنذ أول يوم في شهر رمضان يتجمع المسلمون في قرية "Belokamenoe" بمنطقة "Bakhchisarai" للإفطار معًا، وسط أجواء رمضانية يسودها الحب والتسامح؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
13-04-2023, 02:40 PM
فرطت يا قلبي
تهاني سليمان
يا قلبي، مضتِ السنون، وكل عام يُقبِل رمضان تشتاق وتقول: رمضاني هذا العام مختلف...
فيكرمك الله، فيدخل عليك رمضان، ثم ما تلبث فينفرط العقد من بين يديك...
آهٍ يا قلبي، كم بكينا معًا تصرُّم العمر! كم جلست تحدثني عن حالك، وكم تحسرتُ معك على فوات الفرص!
يا قلبُ، أما آنَ لي ولك أن نتحرك؛ أن ننتفض ونستيقظ من سُبات السنين...
يا قلبي، تتسرب الأيام من بين أيدينا، وليس لك غيري، وليس لي غيرك، أحتضن تيهك، وتحتضن ضياعي.
يا حبيب، كلُّ ما أخشاه أن تُغْمَض الجفون، وأيامنا سواسية لا جديد فيها، مغبون أنت على ما مضى...
الكل راحلون، وأنا وأنت سنرحل يا قلبي مع الراحلين.
سيأتي ذلك اليوم، لا شكَّ في ذلك.
لكن عِدْني أن يأتي ذلك اليوم يا رفيقي وحالي وحالك قد تبدَّل.
عِدْني ألَّا نفرِّط من جديد.
عدني أن نحيا حياة جديدة.
يا قلبي، سيدخل علينا - إن شاء الله - رمضان جديد.
لا تعرف، ولا أعرف، كيف سيكون حالنا حينها.
أرجوك، لنجعله يدخل علينا وقد عقدنا الاتفاق على الْمُضيِّ نحو التغيير؛ التغيير الذي نحيا به سعادة الدنيا والآخرة...
يا قلبي، سأُذكِّرك دومًا بهدفنا في الحياة، سأجتهد أن تتصل بكل ما يقويك وما يزكيك...
فاجتهد أنت أن تحييَ روحي لنعيش حياة طيبة...
ليكن أول ما سنقوم به أنا وأنت حين يطل علينا رمضان أن نستبشر بفضل الله، ونتفاءل بكرمه، ونستقبل نِعَمَه وألطافه بفرح، ونشكره ونحمده كثيرًا، ونسبحه كثيرًا.
ثم يا قلبي، لنفتش معًا عن تلك الجوانب التي كانت تنفرط منا، وتتفلت في أعوامنا السابقة، ونتمسك بها هذه المرة، لندعو وندعو بالثبات؛ فبعون الله وتوفيقه لن تنفرط ثانية، لنجتهد...
لندخل رمضان بقلبٍ تائب تظلله غمامة التوبة، وتمطره سُقيا النعيم في ظلال القرآن الوارفة...
القرآن ... ثم القرآن...
هو الكنز...
فلنحافظ عليه قراءة وتدبرًا وعملًا وصحبة...
ما زال لدينا بضعة أيام يا قلبي لنستعد لنستقبل رمضان ونعد له العُدة.
حتى لو لم يتبقَّ غير يوم واحد لدخول رمضان، نستطيع يا قلبي أن نتحرك، نستطيع أن نجدد ونستحضر النوايا ونعددها في رمضان، ونبدأ بأعمال صالحة نتدرج فيها شيئًا فشيئًا.
لندخل رمضان يا قلبي وقد عَلَتْ هِمَّتنا، وازداد حبنا وشوقنا للعبادة...
قلبي الحبيب، ماذا تبقى لي ولك سوى أن نبدأ وأن نصبر ونصابر في طريق السالكين إلى الله بقلوبهم، ولنهاجر إليه في رمضاننا هذا، ونهجر الشواغل التي تحول بيننا وبين التلذذ بالطاعات، فهجرة إلى الله في رمضان ليست كسواها؟
يا رب، بلغنا رمضان وبلِّغ المسلمين جميعًا، في فضل منك وعفوٍ وعافية...
ابوالوليد المسلم
13-04-2023, 02:42 PM
إني امرؤ صائم
كمال عبدالمنعم محمد خليل
الأخلاق هي عنوان رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقد وصفه ربُّه سبحانه وتعالى بقوله: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، وفرض الله تعالى العبادات لتكون مُهذِّبةً للنفس مزكيةً لها، فالصلاةُ تنهى عن الفحشاء والمنكر، والزكاة تُطهِّر النفس من الشُّحِّ والبخل والأثرة، والحج يُربِّي النفس على التضحية بالوقت والجهد والمال من أجل نيل مغفرة الله تعالى، ومحو الذنوب، ليعود الحاجُّ من عبادته كيوم ولدته أمُّه، والصوم تدريب على كبح جماح هذه النفس عن الحلال في نهار رمضان، وعن الحرام ليلًا ونهارًا، فهو تدريبٌ شاقٌّ لا يجتازه إلَّا مَنْ عَلَتْ هِمَّتُه، وعزم على الوصول إلى هدفه؛ فتسمو أخلاقُه، وتترفَّع عن الدنايا من القول والعمل.
والمسلم بوجه عام يخرج من بيته وهو على يقين أنه قد يتعرَّض لموقف يغضبه، أو يفقده اتِّزانه الانفعالي، وقد يدفعه إلى الوقوع فى الإثم من القول أو الفعل، فهو يتعامل مع طبائع مختلفة من البشر؛ لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم له هدي من القول وهو خارج من بيته، روى أصحاب السُّنَن الأربعة، واللفظلأبي داودعنأُمِّ سلمة رضي الله عنها، قالت:مَا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْتِي قَطُّ إِلَّا رَفَعَ طَرْفَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ أَوْ أُضَلَّ، أَوْ أَزِلَّ أَوْ أُزَلَّ، أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ، أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ"، قال الشيخ محمد شمس الحق العظيم آبادي في كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود: (أن أَضِلَّ)؛ أي: عن الحق، وهو من الضلال، خلاف الرشاد والهداية، (أو أُضَل) بصيغة المجهول من الإضلال؛أي: يُضلني أحد، أو بصيغة المعلوم، (أو أَزِلَّ) بفتح الهمزة وكسر الزاي وتشديد اللام، من الزلَّة، وهي ذنبٌ من غير قصدٍ تشبيهًا بزلَّة القدم، (أو أُزَلَّ) من الإزلال معلومًا ومجهولًا، (أو أَظلِمَ)؛ أي: أحدًا (أو أُظلَمَ)؛ أي: من أحد، (أو أَجهَل) على بناء المعروف؛ أي: أفعل فعل الجُهَّال من الإضرار والإيذاء وغير ذلك، (أو يُجهَل عليَّ) بناء المجهول؛ أي: يفعل الناس بي أفعال الجُهَّال من إيصال الضرر إليَّ)؛ انتهى.
وإذا تكلمنا عن عبادة الصيام تحديدًا نجد أن الوصول إلى التقوى هو الهدف الأسمى من تلك العبادة؛ لذلك خُتِمَتْ آياتُ الصيام بقوله تعالى: ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]، وممَّا يُساعد فى تحقيق هذا الهدف كفُّ اللِّسان عن اللغو والرفث والفحش من القول والسباب واللعن، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ...".
وإذا تدبَّرنا هذا الحديث نجد أنه يحثُّ على تجنُّب مبادلة المسيء إساءته، ويؤثر الإعراض عنه بطريقة تجعله يكفُّ عن الاستمرار في الإساءة، فهو من ناحية يقولها يُذكِّر بها نفسَه أنه في وقت عبادة تمنعه عن الرد على المسيء، ومن ناحية أخرى تجعل المسيء يفيء ويتذكَّر أنه في وقت يجب أن يترفَّع فيه عن هذا الخطأ الذي وقع فيه، وقد تكلَّم الفقهاء في هذا الحديث خاصةً في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فليقل: "إني صائم"، هل يجهر بها الصائم، أمْ يُردِّدُها في نفسه؟
قال بعضهم: يجهر بها ليسمعها الذي يسُبُّ ويشتم ليرتدع، وقال آخرون: يُردِّدُها في نفسه سِرًّا، وتوسَّط البعضُ في قولهم: يجهر بها إن كان فرضًا، ويُسِرُّ بها إن كان نفلًا.
وسواء أخذنا بهذا القول أو ذاك فإن النتيجة التي نريد أن نصل إليها واحدة؛ وهي الإعراض عن الجاهلين، وعدم الردِّ عليهم بما يعلنونه من السباب وفحش القول، وقول الصائم: "إني صائم" إظهارٌ للسبب الذي من أجله امتنع عن الردِّ، فهو لم يردَّ الإساءة لضعفه وعجزه؛ وإنَّما امتنع عن الردِّ امتثالًا لقول رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه الجملة "إني صائم" يتذكَّرُها الصائم في كل أحواله لتزيد عنده المراقبة لله تعالى، فتتزكَّى نفسُه بهذه الفريضة، وقد يظهر الصائم هذه العبارة تصرفًا عمليًّا، فيعرض عن مواطن الزَّلَل، ويصون جوارحَه عن كل ما ينقص أو يفسد عبادة الصيام، قال الشاعر:
إذا لم يكن في السَّمْع مني تصامم https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وفي مُقْلتي غض وفي منطقي صمت https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فحظِّي إذن من صومي الجوع والظَّما https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وإن قلتُ إني صُمْتُ يومًا فما صُمْت https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
اللهُمَّ تقبَّل مِنَّا صالح الأعمال، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ابوالوليد المسلم
13-04-2023, 03:11 PM
الآلاف يحضرون الإفطار الجماعي بمدينة بريستول
حضر الآلافُ من المسلمين وغيرهم من سكان مدينة "بريستول" جنوب غرب إنجلترا - مائدة الإفطار الكبيرة التي نظَّمتها الجالية الإسلامية في بريستول.
وللمرة الأولى هذا العام تُقام مائدتان للإفطار بمدينة بريستول الإنجليزية؛ حيث تستضيف كلية "College Green" مائدة إفطار أخرى يوم الجمعة القادم الموافق 14 إبريل.
ويهدف الإفطارُ الجماعي إلى جذب جميع الناس من مدينة بريستول، لنشر أهمية شهر رمضان لدى المسلمين، وكذلك الإجابة عن أسئلتهم حول الصيام والشعائر الإسلامية في رمضان.
وفي تصريحات صحفية لموقع "BBC" قال محمد الشريف أحد مؤسسي مائدة الإفطار الكبيرة في بريستول: "إنها فرصة رائعة للجمع بين سكان المدينة خلال شهر رمضان المبارك".
وبصفته عمدة مدينة بريستول قال "مارفن ريس": "إنه لأمرٌ مميز أن نرى المسلمين في بريستول يقيمون إفطارًا كبيرًا وسط المدينة، ومن الرائع أيضًا أن نكون قادرين على الوجود على مائدة الإفطار الأخرى في كلية "College Green" يوم الجمعة القادم بحضور العديد من الأشخاص من جميع أنحاء بريستول".
وأضاف ريس: "هذه فرصة للاستمتاع بضيافة الجالية الإسلامية، والالتقاء معهم، وتناوُل الطعام، ومعرفة المزيد عن بعضنا البعض، وكذلك عن أهمية شهر رمضان".
بدأ الإفطارُ الكبير خلال شهر رمضان في بريستول للمرة الأولى عام 2017 وسيلةً للتواصل مع أبناء مدينة بريستول، ونشر التعاليم الإسلامية بين الناس.
ومؤخرًا أطلقت الجمعيةُ الإسلامية الخيرية "Human Appeal" في بريطانيا مبادرة بعنوان: (Iftar for All) الإفطار للجميع، بالتعاون مع إحدى العلامات التجارية للأطعمة، وتهدف المبادرةُ إلى مساعدة أصحاب الدخل المنخفض والمحتاجين من المسلمين الصائمين في شهر رمضان المبارك في ظلِّ ارتفاع تكاليف المعيشة، من خلال توفير وجبات إفطار وطرود غذائية لهم ولأُسَرهم؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
14-04-2023, 06:06 PM
130 مسلمًا جديدًا على مائدة إفطار واحدة في تتارستان
أقامت الإدارةُ الإسلامية لجمهورية "تتارستان" مائدة إفطار جماعية لــ 130 مسلمًا جديدًا تتراوح أعمارهم ما بين 17 و70 عامًا، بمقر مجمع "Tugan Avylym" بمدينة "قازان" عاصمة جمهورية تتارستان.
وحرَصت الإدارةُ الإسلامية في تتارستان على إقامة مائدة إفطار جماعية للمسلمين الجدد، بعد أن اجتازوا "الدورة المكثَّفة لتعليم أساسيات الإسلام" الموسم الحادي عشر، تلك الدورة التي بدأت 25 فبراير، وانتهت 1 إبريل.
وخلال الدورة المكثفة لتعليم أساسيات الإسلام، تعلَّم المسلمون الجدد قراءة القرآن الكريم، وتلقَّوْا دروسًا في السيرة النبوية الشريفة، وتعلَّموا الوضوء، بالإضافة إلى دروس الحج والصيام والصلاة والزكاة.
وحضر مائدة الإفطار عددٌ من الشخصيات الإسلامية البارزة في جمهورية تتارستان، ومسؤولو الدورة المكثفة لتعليم أساسيات الإسلام، والمسلمون الجدد الذين أتَوْا من عدة مناطق؛ منها: (أزناكيفو، ألميتيفسك، قازان، بيستريتسوف، لايشيفو).
وبصفته رئيسَ القسم الاجتماعي في الإدارة الإسلامية لجمهورية تتارستان - تحدَّث "إيغول خانوم بكتيميروفا" عن أهمية تطبيق المعلومات المكتسبة من الدورة المكثفة في الحياة اليومية، والسعي دائمًا لتقوى الله عز وجل، مشيرًا إلى فضائل العبادات خلال شهر رمضان.
ووجَّه المسلمون الجددُ الشكرَ إلى جميع القائمين على الدورة المكثفة لأساسيات الإسلام، مشيرين إلى أن الدورة أحدثت تغييرًا إيجابيًّا في حياتهم اليومية.
وفي نهاية اليوم تسلَّم المسلمون الجدد شهادات تُثبت اجتيازهم للاختبارات النهائية للدورة المكثفة لتعليم أساسيات الإسلام.
ومؤخرًا انتهت فعاليات الموسم العاشر من الدورة المكثفة لتعليم أساسيات الإسلام في تتارستان، بمقر المعهد الإسلامي الروسي بمدينة قازان؛ حيث نجح مسؤولو الدورة في تعليم 100 شخص أساسيات الإسلام، بما في ذلك العقيدة الإسلامية، وقراءة القرآن الكريم.
ومن الجدير بالذكر أن الدورة المكثفة لتعليم أساسيات الإسلام في جمهورية تتارستان، أُقيمت أول مرة عام 2018، بوصفها جزءًا من الأنشطة المخصصة للمسلمين الجدد، ودرس خلالها حوالي 1078 شخصًا حتى الآن؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
16-04-2023, 04:25 PM
نادي بولتون الإنجليزي يستضيف إفطارًا جماعيًّا للصائمين
استضاف نادي "بولتون واندرز" الإنجليزي لكرة القدم مائدةَ إفطار جماعية للمسلمين أمس الثلاثاء على أرضية ملعب نادي بولتون الخاص بالفريق، بمدينة بولتون شمال غرب إنجلترا، بالتعاون مع مؤسسة الخيمة الرمضانية.
وعبر بيانٍ له على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي تويتر - رحَّب نادي بولتون بالمسلمين وغيرهم على مائدة الإفطار الجماعية، وبعض الأنشطة الثقافية والترفيهية الأخرى.
وفي تصريحات صحفية لجريدة بولتون نيوز قال متحدث باسم نادي بلوتون: "نحن نستضيف مائدة الإفطار الجماعية بوصفها جزءًا من برنامجنا الاجتماعي".
ومع أنه تَم الترويج للإفطار الجماعي في نادي بولتون الإنجليزي في غضون أقل من 24 ساعة فقط قبل بدئه، فإنه تَم حجزُ جميع المقاعد المتاحة بالكامل، وتَم فتحُ أبواب النادي قبل صلاة المغرب، واستمتع الحضور بتلاوات للقرآن الكريم داخل ملعب النادي، وبعد الإفطار صلى المسلمون صلاة العشاء والتراويح على أرضية الملعب، كما أُتيحت الفرصة للمشاركين من غير المسلمين لمعرفة المزيد عن الإسلام والمسلمين وشهر رمضان والصيام.
ومؤخرًا قام نادي أستون فيلا الإنجليزي باستضافة إفطار جماعي في 5 إبريل على أرضية ملعب "فيلا بارك" الخاص بالفريق، بالإضافة إلى تنظيم ندوات صحية أسبوعية، من أجل توعية المسلمين الصائمين للحفاظ على صحتهم خلال أوقات العمل.
كما استضاف نادي "تشيلسي" الإنجليزي مؤخرًا إفطارًا جماعيًّا على ملعب (ستامفورد بريدج)، بالإضافة إلى نادي "كوينز بارك رينجرز"، ونادي "برايتون آند هوف ألبيون"؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
18-04-2023, 03:32 PM
أقدم مسجد في كندا يوزع الطعام والملابس للمحتاجين في رمضان
قام مسجد الرشيد الواقع بمدينة "إدمونتون" عاصمة مقاطعة "ألبرتا" الكندية، بتوزيع عدد من الوجبات الغذائية والملابس على المحتاجين مجانًا، خلال شهر رمضان.
وشارك في الفعاليَّة الخيريَّة عددٌ من المتطوعين المسلمين بمقر "Boyle Street Plaza"؛ أحد المراكز الاجتماعية والثقافية في إدمونتون؛ حيث قاموا بمساعدة العشرات من الأشخاص ممن هم في أمسِّ الحاجة للمساعدة، بالإضافة لإقامة أنشطة ثقافية واجتماعية متنوعة لجميع أفراد الأسرة.
وبدورها قالت "مريم لاري" منسقة الاتصالات في مسجد الرشيد: "بالنسبة لنا رمضان هو شهر الخير والطاعة، ونشر التسامح والخير بين الناس، ومشاركة الأنشطة الخيرية مع الجميع".
وأضافت لاري: "من المهم جدًّا بالنسبة لنا توصيل المساعدات لمن يستحقونها، والتواصل مباشرة معهم، فنحن دائمًا نحب أن نفعل ذلك".
ومن الجدير بالذكر أن مسجد الرشيد يقيم هذا الحدث الخيريَّ كلَّ عام خلال شهر رمضان بمدينة إدمونتون؛ بهدف دعم المحتاجين.
ويُعَدُّ مسجد الرشيد بمدينة إدمونتون أقدمَ مسجد في كندا؛ حيث يرجع تاريخ افتتاحه إلى 12 من ديسمبر 1938م، كما يعد المسجد واحدًا من أكبر المؤسسات الإسلامية متعددة الخدمات في كندا؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
25-04-2023, 10:47 PM
مينيابوليس أول مدينة أمريكية تسمح برفع أذان الصلوات الخمس عبر المكبرات
أصدَر مجلس مدينة "مينيابوليس" الواقعة في ولاية "مينيسوتا" بالولايات المتحدة الأمريكية - قرارًا تاريخيًّا بالسماح برفع أذان الصلوات الخمس عبر مكبرات الصوت.
وكان مجلس المدينة قد صوَّت بالإجماع للسماح برفع الأذان خمس مرات يوميًّا عبر المكبِّرات بعد موافقة أغلبية أعضائه على المقترح، لتصبح مدينة مينيابوليس أول مدينة أمريكية تُصدر هذا القرار في التاريخ.
وفي السابق كان المسلمون في مدينة مينيابوليس يرفعون الأذان من الساعة السابعة صباحًا حتى العاشرة مساءً، وفقًا للقرار الصادر من مجلس المدينة في إبريل 2022، مما كان يتعذَّر عليهم رفع أذان الفجر، وأحيانًا العشاء أيضًا في بعض الفترات من العام، وحينها كان يعتمد المسلمون على أجهزة ضبط الوقت، وبعض التطبيقات الإلكترونية لتنبيههم لأوقات الفجر والعشاء.
وعبر بيانه الرسمي أبدى مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (cair)ترحيبه بالقرار الصدار من مجلس مدينة مينيابوليس، بالإضافة إلى سعادته بحضور اجتماع مجلس المدينة والتصويت على القرار.
وبصفته المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية في مينيسوتا اعتبر "جيلاني حسين" قرار السماح برفع أذان الصلوات الخمس قرارًا تاريخيًّا، ووجَّه الشكر إلى أعضاء مجلس المدينة، داعيًا مجالسَ جميع المدن الأمريكية إلى اتِّخاذ نفس القرار.
وتشير بعض التقارير لعام 2020 إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تشهد ارتفاعًا ملحوظًا في أعداد المساجد والمراكز الإسلامية التي وصل عددُها إلى 2769 مسجدًا في عام 2020، بزيادة 31% عن 2010 التي كانت تقدَّر بـ 2106 مساجدَ.
كما تشير الإحصاءات الرسمية لعام 2022 إلى زيادة أعداد المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 1,2% بواقع 3,5 مليون مسلم تقريبًا؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
26-04-2023, 06:03 PM
حملة تثقيفية عن رمضان وتعزيز الجهود الإنسانية في شيكاغو
أطلقت مؤسسةُ "GainPeace" المتخصصة في تثقيف الجمهور حول الإسلام - حملة لتثقيف الناس حول شهر رمضان المبارك والإسلام، وتعزيز جهود العمل الإنساني بين الناس، بمنطقة شيكاغو الكبرى وسط غرب الولايات المتحدة الأمريكية.
وتقام الحملة التثقيفية تحت شعار "رمضان - تأمل وإحسان"، بالتعاون مع مجلس المنظمات الإسلامية في مدينة شيكاغو (CIOGC)، والمجلس الإسلامي للغذاء والتغذية في أمريكا (IFANCA).
وتقوم المؤسسات الإسلامية بنشر لوحات إعلانية كبيرة في الطرقات، بهدف توعية وتثقيف الناس حول شهر رمضان المبارك والإسلام، وإتاحة الفرصة للحصول على نسخة مجانية من القرآن الكريم، بالإضافة إلى تعزيز العمل الإنساني المشترك بين الناس.
وتشير المؤسسات الإسلامية إلى أن حوالي مليون شخص يشاهدون اللوحات الإعلانية المعلقة على الطريق السريع 294 في شيكاغو الخاصة برمضان شهريًّا.
وأشار الدكتور سبيل أحمد مدير مركز GainPeace إلى أن المؤسسة تسعى إلى مساعدة الأُسر غير القادرة خلال شهر رمضان، من خلال توزيع ما يقرُب من 8000 صندوق غذائي، واستضافة موائد الإفطار الرمضانية، بالشراكة مع عددٍ من المساجد والمراكز الإسلامية في مناطق عدة من شيكاغو.
كما تجهِّز مؤسسة GainPeace لتنظيم فعالية المسجد المفتوح بأكثر من مسجد في جميع أنحاء شيكاغو، لإتاحة الفرصة للناس للتعرف على الإسلام وشهر رمضان، والتواصل فيما بينهم.
وبدوره أكَّد عبدالله ميتشل المدير التنفيذي لمجلس المنظمات الإسلامية في مدينة شيكاغو - أهميةَ الأنشطة الإسلامية والاجتماعية خلال شهر رمضان، بالتعاون مع المساجد والمؤسسات الإسلامية.
ومن الجدير بالذكر أن مؤسسة GainPeace سبق لها إطلاق حملة توعية وتعليم لتعريف الناس برمضان تحت اسم "رمضان - شهر الشفاء والأمل للإنسانية" عام 2021، بالتعاون مع الدائرةُ الإسلامية لأمريكا الشمالية، ومجلس المنظمات الإسلامية في مدينة "شيكاغو"، وتمكَّنوا من نشر اللوحات الإعلانية الكبيرة في الطرقات بمدينة شيكاغو، وكذلك توزيع الكتيبات والمطويات والهدايا والورود، والحديث مع الناس عن الإسلام؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
09-03-2024, 03:26 PM
الاستعداد لشهر رمضان
خلدون بن محمود بن نغوي الحقوي
"إن لله نفحاتٍ من رحمته يُصيب بها مَن يشاء مِن عباده"
مقدمة:
إن الحمد لله، نحمَده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ أما بعد:
فإنه قد جَرَتْ عادة العلماء - قديمًا وحديثًا - أنهم قبل الشروع في بيان أحكام عبادة ما، أو حض على خير ما - أنهم يذكرون فضائله، ومرغبات عمله؛ مما يشحذ الهمم للإقبال عليه، والدخول فيه بهمة المغتنم الساعي لتحصيل هذا الخير، فإنَّ ذِكْرَ محاسن الشيء وفضائله سببٌ لمحبته، وتعظيم شأنه.
وإنه بمناسبة قرب دخول شهر رمضان المبارك، فقد حرصت على تسطير شيءٍ مما يتعلق بفضائل هذا الشهر الكريم؛ ما يحث على التهيؤ له، ومن ثَمَّ ذكرت نُبذة يسيرة مما ينبغي الاعتناء به استعدادًا لدخول هذا الشهر المبارك، ودرءًا لوقوع التقصير فيه؛ فإن الأمر كما في الحديث: ((افعلوا الخير دهرَكم، وتعرَّضوا لنفحات رحمة الله؛ فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها مَن يشاء مِن عباده، وسَلُوا الله أن يستر عوراتكم، وأن يُؤمِن روعاتكم))[1].
فمن نِعَمِ الله تعالى على العباد أنْ جَعَلَ لهم مواسم للطاعات، تعظُم فيها الحسنات، وتُرفع فيها الدرجات، وتنزل فيها الرحمات، وتعُمُّ فيها الخيرات، فالسعيد من اغتنم هذه المواسم فكانت له خيرَ زادٍ إلى دار البقاء؛ كما قال تعالى: ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾ [البقرة: 197]، فالإنسان لا يدري لعلها لا تأتيه مرة أخرى، أو يدركها وهو مشغول بظرف خاص يمنعه من اغتنامها كما ينبغي؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((اغتنم خمسًا قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سُقْمِك، وفراغك قبل شُغلِك، وشبابك قبل هَرَمِك، وغِناك قبل فقرك))[2].
ومن أعظم هذه المواسم التي ينبغي أن يحرص المسلم عليها، ويستعد لها غاية الاستعداد - شهر رمضان الذي تتنزل فيه البركات والخيرات بما لا يكون في غيره من الشهور، فشهر رمضان هو شهر تلاوة القرآن، والقيام للرحمن؛ قال تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [البقرة: 185]، وفيه ليلة القدر: العمل فيها يعدِل العمل في ألف شهر مما سواها؛ قال تعالى: ﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ [القدر: 3]، مَن قامها إيمانًا بها واحتسابًا لأجرها، غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: ((مَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه))[3].
فعلى المسلم أن يهيئ نفسه ويروِّضها لاغتنام أيامه ولياليه، والإكثار من الأعمال الصالحة فيه؛ من الصيام والقيام، وتلاوة القرآن، والصدقة، وإفطار الصائمين، وإعانة المحتاجين، وصلة الأرحام، وتمرين الصغار على الصيام، وغير ذلك مما يظهر للمُتَتَّبِع.
هل أنت مستعد لاستقبال شهر رمضان؟
أخي الفاضل، إذا أردت أن تعرف مدى استعدادك لشهر رمضان، فأجِبْ عن الأسئلة التالية:
• هل تُحِسُّ من الآن بفرحة لقرب شهر رمضان؟
• هل سألت ربك بإلحاح أن يبلغك إياه، ويوفِّقك لحسن صيامه وقيامه؟
• هل تأملت قوله سبحانه: ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21]، وعرَفت أن الهدف من الصيام ليس مجرد أمر تعبدي محض، بل فيه من الحِكَمِ الكثيرُ؛ كتحصيل التقوى، وشكر الله على نعمة القرآن؟
• هل حاسبت نفسك على تقصيرك في أشهر رمضان الماضية؛ حيث لم تغتنمه كما ينبغي؟
• هل وضعت خطة مناسبة لاغتنام هذا الشهر الفضيل؟
من فضائل شهر رمضان:
1- أنزل القرآن فيه؛ قال تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [البقرة: 185].
2- فيه ليلة القدر؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [القدر: 1 - 5].
3- صيامه أحد أركان الإسلام الخمس؛ كما في الحديث: ((بُنِيَ الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان))[4].
4- نزل فيه أعظم الكتب السماوية؛ كما في الحديث: ((أُنزِلت صحف إبراهيم أول ليلة من شهر رمضان، وأنزلت التوراة لستٍّ مَضَينَ من رمضان، وأُنزل الإنجيل لثلاث عشرة مضت من رمضان، وأنزل الزبور لثماني عشرة خلت من رمضان، وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان))[5].
5- تُصفَّد فيه الشياطين، وتُغلَق أبواب النار، وتُفتح أبواب الجنة، ولله فيه عتقاء من النار كل ليلة؛ كما في الحديث: ((دخل رمضان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا رمضان قد جاءكم، شهر مبارك، فرض الله عز وجل عليكم صيامه، إذا كانت أول ليلة من رمضان صُفِّدت الشياطين ومَرَدَةُ الجن[6]، وغُلِّقت أبواب النار، فلم يُفتَح منها باب، وفُتحت أبواب الجنة، فلم يُغلَق منها باب، ونادى منادٍ: يا باغِيَ الخير أقْبِلْ، ويا باغيَ الشر أقْصِرْ، ولله عتقاء من النار - وذلك في كل ليلة - حتى ينقضي رمضان، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرِمها، فقد حُرِمَ الخير كله، ولا يُحرم خيرها إلا محروم))[7][8].
6- من صام الشهر غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه؛ كما في الحديث: ((من صام رمضان إيمانًا[9] واحتسابًا[10]، غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه))[11][12].
7- من فاتته المغفرة في رمضان، فقد رغِمَ أنفه[13]؛ كما في الحديث: ((رغِم أنفُ رجلٍ ذُكِرْت عنده فلم يصلِّ عليَّ، ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يُغفر له، ورغم أنف رجل أدرك والديه عند الكِبَرِ - أحدهما أو كليهما - ثم لم يدخل الجنة))[14].
8- سبب لتكفير الذنوب من العام إلى العام؛ كما في الحديث: ((الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان - كفَّارات لِما بينهن إذا اجتُنبتِ الكبائر))[15].
9- سبب للسبق إلى الجنة؛ كما في الحديث: ((كان رجلان من بَلِيٍّ - حي من قضاعة - أسلما مع النبي صلى الله عليه وسلم، واستُشْهِد أحدهما، وأُخِّرَ الآخر سنةً، قال طلحة بن عبيدالله: فأُرِيت الجنة، فرأيت المؤخَّر منهما أُدخل قبل الشهيد، فتعجبت لذلك، فأصبحت، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم - أو ذُكِرَ ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أليس قد صام بعده رمضان، وصلى ستة آلاف ركعة - أو كذا وكذا ركعةً - صلاة السنة؟))[16].
10- الصيام والقرآن سببان للشفاعة يوم القيامة، وهما يجتمعان في رمضان؛ كما في الحديث ((الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب، منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفِّعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل، فشفعني فيه، قال: فيشفعان))[17].
مهمات ووسائل لاغتنام هذا الشهر الفاضل؛ أهمها:
1- إخلاص النية لله سبحانه وتعالى؛ حيث ننوي الصيام إيمانًا واحتسابًا وليس عادات وطقوسًا.
2- التوبة الصادقة؛ فعلى الرغم من وجوب التوبة في كل وقت وحين، ومن أي ذنب قد يقترفه العبد، إلا أنها تعد في شهر رمضان المبارك أوجب؛ إذ إنه موسم من مواسم الخير والطاعات، وفي الحقيقة فإن المعاصي والذنوب تعد سببًا لعدم التوفيق إلى الطاعات والعبادات، بل قد يُحرم المرء بسببها لذة القرب من الله، والالتزام بأوامره، وإن الكرامة والمنزلة عند الله علامتها التقوى؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13].
3- معرفة قيمة الوقت؛ إذ إن الكثير من الأوقات الثمينة تضيع بسبب الجهل بقيمتها؛ ولذلك لا بد للمسلم من اغتنام كل دقيقة في الأعمال الصالحة، وشهر رمضان المبارك من أثمن الأوقات وأسرعها فوات؛ كما قال سبحانه واصفًا شهر رمضان: ﴿ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 184]، فموسم رمضان أيامه قليلة سريعة الذهاب، فلا بد اغتنامها حتى لا يقع الندم على تضييعها بعد فوات الأوان، أو يحصل التضجر منها بسبب الغفلة عن أهميتها أو عدم التهيؤ لها.
4- تعلُّم أحكام الصيام؛ فالجهل بأحكام الصيام وآدابه وشروطه من الأسباب التي قد تحرم المسلم من الأجر والثواب، ولربما صام من لديه عذر شرعي يوجب إفطاره، ولربما صام العبد ولم يَنَلْ من صيامه إلا الجوع والعطش؛ لجهله بأحكام الصيام.
5- تلاوة القرآن، ومدارسته، خاصة ليلًا، وإن لقارئ القرآن بكل حرف عشر حسنات.
6- الحذر من الغفلة عن وقت السَّحر؛ فهو وقت نفيس للاستغفار؛ قال تعالى عن عباده المتقين: ﴿ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الذاريات: 18].
7- الجود؛ الجود والنفقة على الفقراء والأقارب والجيران، ودلَّ لهذا - ولما سبقه – الحديث: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان يَعرِض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، فلَرسولُ الله صلى الله عليه وسلم - حين يلقاه جبريل - أجودُ بالخير من الريح المرسلة[18]))[19].
8- التقليل من الطعام؛ وهذا ليس من جهة ما يحصل عادة من التوسع في الطعام في شهر رمضان -كمًّا ونوعًا - على وجه الإسراف، وإنما من جهة أن الإفراط في تناول الطعام يؤدي إلى التكاسل عن أداء الطاعات، وعدم الخشوع عند الوقوف بين يدي الله سبحانه وتعالى؛ جاء في الحديث أنه قال صلى الله عليه وسلم لرجل تجشَّأ عنده: ((كُفَّ جُشاءَك عنا؛ فإن أطولكم جوعًا يوم القيامة أكثرُكم شبعًا في دار الدنيا))[20]، وفي الحديث أيضًا: ((ما ملأ ابن آدم وعاءً شرًّا من بطن، حسب ابن آدم أُكُلات يُقِمْنَ صُلْبَه، فإن كان لا محالة؛ فثُلُثٌ طعام، وثلث شراب، وثلث لنَفَسِه))[21].
9- أدب عند الانتهاء من الإفطار: عندما تنتهي من الإفطار - والأكل والشرب عمومًا - فعليك بحمد الله؛ فهذا سبب لرضا الله تعالى؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لَيرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها))[22]، وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام: ((من أكل طعامًا ثم قال: الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام، ورَزَقَنِيهِ من غير حَولٍ مني ولا قوة، غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه))[23].
10- كثرة الجلوس في المسجد؛ فأنت في صلاة طالما انتظرت الصلاة.
11- الدعاء؛ فهذا الشهر من أفضل أوقات الدعاء، واحرِص على ساعات الإجابة في آخر الليل، وبين الأذان والإقامة، وعند الإفطار، وعصر الجمعة ونحوها، وأكْثِرْ منه ولا تمل؛ فإن لك بدعائك إحدى ثلاث: إما أن تُعطى ما سألت، وإما أن يدفع الله عنك من الشر بقدر دعائك، وإما أن تُدَّخر لك تلك الدعوات حسنات يوم القيامة؛ كما جاء في الحديث الصحيح.
12- عليك بالإكثار من النوافل؛ فهي من المكملات للفرائض، وذلك كالسنن الرواتب، وصلاة الضحى، والوِتر، وقيام الليل وغير ذلك.
13- اجعل لك مع أولادك حلقة قرآنية يومية - ولو قصيرة - من حفظ أو تلاوة، مع شيء يسير من التفسير أو من الفوائد المتعلقة من كلام أهل العلم؛ يقول أبو هريرة رضي الله عنه: "إن البيت لَيتَّسِع على أهله، وتحضُره الملائكة، وتهجُره الشياطين، ويكثُر خيره - أن يُقرأ فيه القرآن، وإن البيت ليضيق على أهله، وتهجُره الملائكة، وتحضُره الشياطين، ويقل خيره – ألَّا يُقرأ فيه القرآن"[24].
14- المرأة في رمضان: على المرأة أثناء خدمتها في بيتها أن تحتسب أجر هذه الخدمة عند الله؛ فإن طاعة المرأة لزوجها هو سبب لدخول الجنة أو سبب لدخول النار؛ قال صلى الله عليه وسلم لإحدى النساء: ((فإنه جنتك ونارك))؛ يعني عن الزوج[25]، وكذا ينبغي على المرأة الفطنة - أثناء عملها في بيتها - أن تشغل لسانها بذكر الله تعالى، ولا سيما ما كان مما لا يحتاج إلى كثير من التركيز؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: ((كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم))[26].
15- احرِص على صدقات السر - ولو كانت قليلة - فصاحبها تحت ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل.
16- احرص على صلاة التراويح وإتمامها مع الإمام؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف، فإنه يعدل قيام ليلة))[27].
17- العادات المحرمة في رمضان: مَن كان مُبتلًى بالدخان، أو بسماع الأغاني، أو النظر المحرم، فليغتنم هذا الشهر المبارك، وليَصُمْ معه سمعه وبصره وجوفه عما حرم الله، فوالله إنه من الجرأة والوقاحة بمكان أن يُقبِلَ المسلم على شهر الخير والمغفرة، فيدخل في الصيام والقيام وجواله مليء بما حرم الله صورًا وسماعًا، فعينه في هذا الشهر ما زالت تزني بالنظر لما حرم الله، وأذنه ما زالت تزني بالسماع للأغاني، وما خَفِيَ كان أعظم؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من لم يَدَعْ قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه))[28].
فهذا شهر خير وبركة قد فُتِحت فيه أبواب الخير، فلا تكن ممن يسعى في إغلاقها على نفسه، وأُغلِقت فيه أبواب الشر، فلا تكن ممن يسعى في فتحها على نفسه.
عادات سيئة في شهر رمضان:
• كثرة النزاعات والخصومات، مع أن المفترض أن يهذب الصوم أخلاق الصائم، ويضبط مشاعره وانفعالاته، وتأمل كيف جَمَعَ الحديث الشريف بين فضل الصوم؛ حيث يَدَعُ المسلم طعامه وشرابه وشهوته من أجل الله؛ ثم قال: ((وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفُث ولا يصخَب، فإن سابَّه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم))[29]، فقد جمع بين صيام الباطن وصيام الظاهر.
• التبذير في الطعام والإقبال بنَهَمٍ على مختلف المأكولات وأماكن بيعها، والاستهلاك غير المعقول.
• كثرة النوم في نهار رمضان، وما يترتب عليه من ضياع الصلوات أو تأخيرها عن وقتها.
• طول السهر في الليل على ما يسخط الله ويغضبه من لهوٍ ولعب، ومشاهدة القنوات الفضائية أو بالأحرى الفضائحية، فتضيع بذلك على الإنسان أشرف الأوقات فيما لا فائدة فيه، بل فيما يعود عليه بالضرر في العاجل والآجل.
• عدم السحور؛ فقد حث الشرع المطهَّر على تناول وجبة السحور؛ لِما فيها من البركة والإعانة على الصوم؛ كما في الحديث: ((السحور أكله بركة؛ فلا تَدَعُوه، ولو أن يجرع أحدكم جُرعةً من ماء؛ فإن الله عز وجل وملائكته يصلون على المتسحِّرين))[30].
• تعجيل السحور؛ وهذا يخالف الهدي النبوي في تأخير السحور؛ حيث أوصى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بتعجيل الفطر وتأخير السحور.
• إقبال في بداية الشهر على العمل الصالح وفتور في آخره، والمفترض العكس، وأنه ينبغي أن يضاعف فيه الجهد؛ لِما للعشر الأواخر من مَزِيَّة على غيرها – لا سيما ليلة القدر - وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينشَط فيها أكثر من غيرها.
تنبيهات ولطائف:
• لا تبالغ في خطتك في رمضان فتعجز، ولا تقصِّر فتندم، بل اعرف قدراتك واستعِن بالله، وتذكر دومًا الوصية النبوية لمعاذ رضي الله عنه: ((لا تَدَعَنَّ في دُبُرِ كل صلاة تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك))[31].
• احذر البطَّالين والمقصِّرين، لا تنظر إليهم ولا لِهِمَمِهم، بل نافسِ المسارعين السابقين إلى الخير؛ أصحاب الهمم.
• كن داعيًا إلى الخير مبشِّرًا به، وسخِّر خبراتك في الدعوة إلى الله وإلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وليكن جوَّالك وسيلة نشر الخير من بطاقات دعوية تحتوي على المعلومات الصحيحة النافعة.
• حافظ على الفرائض في المساجد، ولا سيما صلاة العشاء؛ فهي أولَى من المحافظة على جماعة التراويح في المسجد.
• ليكن تأثرك بالقرآن هو الأصل، وذلك من خلال استحضارك عظمة المتكلم به، وأنه كلام الرب أنزله إلينا، وعلى لسان خيرة الناس، وفيه الأحكام النافعة، والآداب العالية، والقصص الحق ذوات العِبر العجيبة، ولا يكن همُّك التباكي عند قنوت الإمام؛ فإن أغلبهم يتكلَّفون الدعاء والسجع والتباكي، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
• لو كان لك اختيار بين القيام أول الليل أو القيام آخره؛ فآخره أولى، لكن مع المحافظة عليه في جماعة؛ فإنها سُنة المسلمين.
• ابتعد عن كثرة التنقُّل خلف القراء في المساجد، بل اثبُت خلف من تراه متقنًا، وتحسبه يخشى الله، ويحضر قلبك عند قراءته.
• احرص على التبكير إلى الجماعات لا سيما في هذا الشهر الفضيل.
• إن وجود برنامج لك في قراءة القرآن خلال الشهر غاية في الأهمية، ولا تترك الأمر وفق ما تيسر.
• من صفات الموفَّقين كثرة استغفارهم، ويعاتبون أنفسهم عند تقصيرهم، ويُكثرون من الاستغفار وذِكْرِ الله، فكلما فعلوا سيئة، أتْبَعوها بحسنة لتمحوها.
• في ذهابك وإيابك، وانتظارك، وقيادتك سيارتك: اشغَل لسانك بأنواع الذكر لله رب العالمين؛ فإنك بذلك تملأ ميزانك بالحسنات من غير تعب؛ وتذكَّر دائمًا الحديث القدسي: ((وأنا معه إذا ذكرني))[32].
• إن لحظات الأسحار لحظات عظيمة ينزل فيها الرب جل وعلا إلى السماء الدنيا؛ فاحرص على أن تكون من الموفَّقين الذين يسألون الله في ذلك الوقت الفضيل.
• احرص على إخفاء أعمالك الصالحة؛ فإن ((الله يحب العبد التقيَّ، الغنيَّ، الخفيَّ))، إلا لو قصدت بإظهارها تشجيع الناس على الخير.
• احذر من لصوص رمضان؛ فإن إقبال المسلمين على مشاهدة المسلسلات في رمضان هو ليس من باب الترفيه عن النفس، وإنما هو من الخيبة والخسران؛ حيث يُهدر المسلم وقته الذي ينبغي له فيه اكتساب الحسنات فيقوم فيه باكتساب السيئات، والله تعالى لم يُعْطِنا السمع والبصر لننظر ونسمع ما حرم علينا، بل الأعجب من ذلك أن يتابع المسلم في هذه المسلسلات حثالة الناس من أهل الكفر والفسق والزنا، فينشغل بهم ويحبهم، ويتعلق قلبه بهم، والمرء يوم القيامة مع من أحب؛ كما في الحديث المعروف، وإن هذه المشاهدة لما حرَّم الله تنقص أجر الصيام، بل قد تذهب بأجره كله؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع))[33]، فمشاهدة المسلسلات دليل على عدم تحقيق الغاية المرادة من الصيام؛ وهي تقوى الله جل وعلا؛ فإن الصيام فرض لأجل تحقيق التقوى؛ كما قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].
• كان السلف الصالح يستعدون لاستقبال شهر رمضان المبارك بالدعاء؛ قال يحيى بن أبي كثير رحمه الله[34]: "كان من دعائهم: اللهم سلِّمني إلى رمضان، وسلِّم لي رمضان، وتسلَّمه مني متقبلًا"[35]، وقال شاب للحسن البصري: أعياني قيام الليل، فقال: "قيَّدتْكَ خطاياك"[36].
[1] حسن، الطبراني في الكبير، حديث برقم (720) (1/ 250) من حديث أنس مرفوعًا، الصحيحة (1890).
[2] صحيح، الحاكم (7846) عن ابن عباس مرفوعًا، صحيح الجامع (1077).
[3] صحيح البخاري (1802) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا.
[4] البخاري (8)، ومسلم (16) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا.
[5] صحيح، الطبراني في الأوسط (3740) عن واثلة رضي الله عنه مرفوعًا، وصححه الألباني في صحيح السيرة (ص 90).
وفي البخاري (2/ 711) عن ابن عباس رضي الله عنهما في ليلة القدر: ((التَمِسُوا فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ))، قال الشيخ الألباني رحمه الله: "هذا موقوف، وقد رفعه أحمد وغيره، وهو مخرَّج في سلسلة الأحاديث الصحيحة" (رقم 1471).
[6] فائدة:
"قال القرطبي بعد أنْ رجَّح حملَه على ظاهره: فإنْ قيل كيف نرى الشرور والمعاصي واقعة في رمضان كثيرًا؛ فلو صُفدت الشياطين لم يقع ذلك؟! فالجواب:
إنها إنما تَقِلُّ عن الصائمين الصومَ الذي حُوفظ على شروطه ورُوعيت آدابُه، أو المصفدُ: بعضُ الشياطين كما تقدم في بعض الروايات - يعني: رواية الترمذي والنسائي - وهم المردةُ لا كلُّهم، أو المقصود: تقليلُ الشرور فيه، وهذا أمر محسوس؛ فإنَّ وقوعَ ذلك فيه أقلُّ مِن غيره، إذ لا يلزم من تصفيد جميعهم ألَّا يقع شرٌّ ولا معصية؛ لأنَّ لذلك أسبابًا غير الشياطين؛ كالنفوس الخبيثة والعادات القبيحة والشياطين الإنسية"؛ [تحفة الأحوذي (3/ 292)].
[7] الجامع الصحيح للسنن والمسانيد (7/ 260).
[8] فائدة: يقول الحافظ ابنُ رجب رحمه الله:
"قال بعضُ العلماء: هذا الحديث أصلٌ في تهنئة الناسِ بعضِهم بعضًا بشهر رمضان، كيف لا يُبَشَّرُ المؤمنُ بفتح أبوابِ الجنان؟! كيف لا يُبَشَّرُ المذنب بغلق أبواب النيران؟! كيف لا يُبَشَّرُ العاقلُ بوقت يُغلُّ فيه الشياطين؟! من أين يُشبِهُ هذا الزمانَ زمانٌ؟!"؛ [لطائف المعارف (ص 348)].
[9] "أي: مؤمنًا بالله، ومصدقًا بأنه تَقَرُّبٌ إليه"؛ عون المعبود (3/ 309).
[10] "أي: طلبا للثواب"؛ عون المعبود (ج 3/ ص 309).
[11] البخاري (38)، ومسلم (175)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا.
[12] فائدة:
"قال النووي: إنَّ المكفِّرات إنْ صادفتِ السيئاتِ تمحها إذا كانت صغائر، وتخففها إذا كانت كبائر، وإلَّا تكون موجبةً لرفع الدرجات في الجنات"؛ تحفة الأحوذي (3/ 293).
[13] "أي: لصق أنفُه بالتراب: كنايةً عن حصول الذل"؛ تحفة الأحوذي (8/ 442).
[14] مسلم (2551)، أحمد (8538) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا.
[15] مسلم (233) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا.
[16] حسن، أحمد (8399) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[17] صحيح، أحمد (6626) من حديث ابن عمرو رضي الله عنه مرفوعًا، صحيح الجامع (3882).
[18] "يعني أنه في الإسراع بالجود أسرع من الريح، وعبر بالمرسلة إشارة إلى دوام هبوبها بالرحمة، وإلى عموم النفع بجوده كما تعم الريح المرسلة جميعَ ما تهب عليه"؛ فتح الباري (ج 1/ ص 6).
[19] الجامع الصحيح للسنن والمسانيد (29/ 353).
[20] حسن، ابن ماجه (3350) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا، صحيح الجامع (4491).
[21] صحيح، مسند أحمد (17186)، إرواء الغليل (1983).
[22] صحيح مسلم (2734) من حديث أنس رضي الله عنه مرفوعًا.
[23] حسن، أحمد (15632) من حديث أنس رضي الله عنه مرفوعًا، صحيح الجامع (6086).
[24] صحيح موقوفًا، مسند أبي يعلى (3352) بتحقيق الشيخ حسين أسد رحمه الله.
[25] صحيح، أحمد (27352)، صحيح الجامع (1509).
[26] البخاري (6682)، ومسلم (2594) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا.
[27] صحيح، الترمذي (1327) من حديث أبي ذر رضي الله عنه مرفوعًا، صحيح الجامع (2417).
[28] صحيح البخاري (1804) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[29] البخاري (1805) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا.
[30] صحيح، أحمد (11086) من حديث أبي سعيد رضي الله عنه مرفوعًا.
[31] صحيح، أبو داود (1522) عن معاذ مرفوعًا، صحيح الجامع (7969).
[32] البخاري (6970) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا.
[33] صحيح، أحمد (9685) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا، صحيح الجامع (3488).
[34] ثقة من أتباع التابعين (فـ 129 هـ).
[35] لطائف المعارف (ص 349).
[36] صفة الصفوة (2/ 139).
ابوالوليد المسلم
11-03-2024, 11:31 AM
هلال رمضان .. قطايف تاريخية
منير عتيبة
https://islamonline.net/wp-content/uploads/2024/03/Untitled-design-2024-03-11T114353.767-489x275.jpg
كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) عندما يشاهد هلال رمضان يقول:”مرحباً بالمطهر” ويكرر هذا القول ثلاث مرات، فسألوه عن ذلك فقال: “إن شهر رمضان يطهر من المعاصي والذنوب.
هذه بعض القطائف في التاريخ الإسلامي المرتبطة برؤية هلال رمضان عبر العديد من المراحل والفترات المختلفة في التاريخ الإسلامي:
كان القاضي عبد الله بن لهيعة قاضي الفسطاط أول من خرج في القرن الثاني للهجرة لرؤية الهلال بجبل المقطم (سنة 155هجرية). واستمر القضاة يخرجون لرؤية الهلال حيث تعد لهم دكة عرفت بـ “دكة القضاة” توضع على مكان مرتفع بالجبل ليرصدوا الهلال.
كانت القاهرة الفاطمية تقيم مهرجانًا كبيرًا حيث يخرج الخليفة الفاطمي بملابسه الفخمة من باب الذهب -وهو أحد أبواب القصر الفاطمي- وحوله الوزراء بملابسهم المزركشة وخيولهم المطهمة بسروجها الذهبية، وفى أيديهم الرماح والسيوف المطلية بالذهب والفضة والأعلام الحريرية الملونة، وأمامهم الجند وتتقدمهم الموسيقى، وقد تبارى الجميع في معالم الزينة على حوانيتهم، فيسير الركب من بين القصرين إلى أن يدخل باب الفتوح، ثم يدخل باب النصر عائداً إلى باب الذهب، وفى أثناء الطريق توزع الصدقات على الفقراء والمساكين.
في عهد المماليك كانوا يشاهدون الهلال من منارة مدرسة المنصور قلاوون بالنحاسين لوقوعها أمام محكمة الصالحية، وهي مدرسة الصالح نجم الدين أيوب، فإذا تحققوا من رؤيته أضيئت الأنوار على الدكاكين، وخرج قاضى القضاة في موكبه تحفه الفوانيس بالشموع والمشاعل حتى يصل إلى داره.
يصف الرحّالة المغربي “ابن بطوطة” كيف كان أهالي مدينة أبيار يستقبلون الهلال (سنة 727هـ) فيقول: ولقيت قاضيها عز الدين المليجي الشافعي، وحضرت عنده يوم الركبة وهم يسمون بذلك يوم ارتقاب هلال رمضان، وعادتهم فيه أن يجتمع وجهاء المدينة وفقراؤها بعد العصر من اليوم التاسع والعشرين من شعبان بدار القاضي، ويقف على الباب نقيب المتعممين وهو ذو شارة وهيئة حسنة لاستقبال الوافدين، فإذا أتى أحد الفقهاء أو الأعيان تلقاه ذلك النقيب ومشي بين يديه مقدمًا إياه قائلاً: “بسم الله سيدنا”.. فيسمع القاضي ومن معه فيقومون له ويجلسه النقيب في الموضع اللائق به.. فإذا تكاملوا هناك ركب القاضي وركبوا معه وتبعه جميع من في المدينة من الرجال والنساء والصبيان حتى يصلوا إلى موضع مرتفع خارج المدينة، وهو مرتقب الهلال فإذا ما رأوه يعودون إلى المدينة بعد صلاة المغرب، وبين أيديهم الشمع والمشاعل والفوانيس، ويوقد أهل الحوانيت الشمع بحوانيتهم ويصل الناس مع القاضي إلى داره ثم ينصرفون.
في أول أيام رمضان سنة 859هـ (1454م) كان السلطان المملوكي “خوش قدم” يجرب مدفع ألماني أهدى إليه، فتصادف انطلاق المدفع عند غروب الشمس، فظن أهل القاهرة أن ذلك إيذان بالإفطار، وفى اليوم التالي توجه مشايخ الحارات لتقديم الشكر للسلطان فأمر باستمرار المدفع في رمضان، وأصبح بعد ذلك يطلق في الإفطار والسحور.
في الإسكندرية أقام نابليون سنة 1798 بطارية مدفع فوق كوم الناضورة مزودة ببكرة تتصل ببطارية بمرصد حلوان بحيث يتم إسقاط الكرة ساعة الغروب فيحدث عنها صوت، وقد أصبح هذا الصوت مدفع الإفطار، وأطلق على الكرة “كرة الزوال” أي زوال الشمس.
ابوالوليد المسلم
11-03-2024, 11:38 AM
أطول وأقصر عدد ساعات الصيام فى رمضان 2024 بدول العالم
الأحد، 10 مارس 2024 10:00 م
كتبت شروق جمال
https://img.youm7.com/large/202403100636153615.jpg إفطار
خلال ساعات نستقبل شهر رمضان المعظم، والذي تشير التوقعات الفلكية إلى أنه سيكون 30 يومًا، وبالنسبة لعدد ساعات الصوم المتوقعة فتحدده خطوط العرض وطول النهار في كل دولة، فكلما كانت الدولة أقرب إلى القطب الشمالي كانت ساعات الصيام فيها أطول، وكلما ابتعدت عن خط الاستواء باتجاه الجنوب كان النهار أقصر.
والدول التي ستصوم أكثر من 13 ساعة هي: مصر والسعودية وقطر والإمارات والكويت والبحرين وسلطنة عمان والأردن وسوريا ولبنان وفلسطين، وكذلك تركيا وإيران، مع اختلاف بضع دقائق سواء بالزيادة أو النقصان بين كل دولة وأخرى.
وموروني في جزر القمر هي التي ستصوم أقصر عدد ساعات بواقع 13 ساعة و4 دقائق، بينما ستصوم الرباط في المغرب أطول عدد ساعات بواقع 14 ساعة و23 دقيقة، حيث سيكون النهار بها أطول.
وخارج العالم العربي، سيكون المسلمون في أوسلو أصحاب أطول ساعات صوم بـ15 ساعة و15 دقيقة، يليهم المسلمون في لندن الذين يصومون 14 ساعة و11 دقيقة.
https://img.youm7.com/ArticleImgs/2024/3/10/123813-عدد-ساعات-الصوم.jpeg
عدد ساعات الصوم
وتعتبر فترة الصيام في رمضان هذا العام هي الأقصر منذ سنوات، وذلك بسبب قصر النهار في فصل الشتاء، والذي يؤدي بدوره إلى انخفاض فترة الصيام.
ونستدل من ذلك أن أول يوم صيام سيكون أقصر ساعات صيام، بينما اليوم الأخير من رمضان سيكون أطول ساعات رمضان، وحسب التوقعات الفلكية فإن الأربعاء الموافق العاشر من أبريل سيكون أول أيام عيد الفطر المبارك.
ابوالوليد المسلم
11-03-2024, 09:45 PM
أهلًا رمضان
أ. د. زكريا محمد هيبة
ساعاتٌ ونستقبل رمضان، هذا الشهر المبارك، فهيَّا نستعد له.
• قبل دخول الشهر أو في اليوم الأول، اتَّصل بأرحامك، بقطع النظر عن كونك الكبير أو الصغير، فخيرُكم البادئ، فخيركم البادئ: ((الرَّحِمُ مُعلَّقة بالعرش، تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله))؛ [صحيح مسلم].
• الصلوات في جماعة، لا سيما المغرب، أفْطِرْ على تمرات، وصلِّ المغرب في المسجد: ((صلاة الجماعة تفضُل صلاة الفذِّ بسبع وعشرين درجةً))؛ [صحيح البخاري].
• تعامَلْ مع القرآن بشكل استثنائي في هذا الشهر، إذا كنت هاجرًا لتلاوة القرآن، فتعالَ الآن، ومن كان وِرْدُهُ صفحةً فَلْيَجْعَلْهُ صفحتين، واعلم بأن الجزء الكامل لن يأخذ منك أكثر من عشرين دقيقة: ((من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: الـم حرف، ولكن "ألف" حرف، و"لام" حرف، و"ميم" حرف))؛ [صحيح الترمذي].
• صلِّ ركعتين في جوف الليل بعشر آيات أو مائة آية، فمن ((قام بعشر آيات لم يُكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كُتب من القانتين، ومن قام بألف آية كُتب من الْمُقَنْطِرين))؛ [صحيح أبي داود]، واعلم أن سورة الواقعة مع سورة الإخلاص تُدخِلك في زمرة القانتين.
• ضَعْ في أحد المساجد كيلو من التمر، فمن يُفطِر على تلك التمرات تأخذ أجر صائم: ((من فطَّر صائمًا، كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيءٌ))؛ [رواه الترمذي، حديث حسن]، واعلم بأن كيلو التمر الواحد به أكثر من مائة حبة؛ أي: إنك على موعد مع إفطار أكثر من ثلاثين صائمًا بهذا الكيلو.
• تصدَّق ولو بجنيه، أعرف أن الجنيه لا يشتري شيئًا، لكن لا تستهِنْ به: ((إن الله ليُرْبِي لأحدكم التمرة واللقمة، كما يُربي أحدكم فَلُوَّه - الجمل الصغير - أو فصيله، حتى تكون مثل أُحُدٍ))؛ [صحيح البخاري].
• على مائدة الإفطار، اجتمع مع أسرتك على آية أو حديث، تكون مائدة للحوار مع مائدة الإفطار: ((بلِّغوا عني ولو آية))؛ [رواه البخاري].
• قلِّل من مشاهدة المسلسلات، خاصة الهابطة؛ فهي مَضْيَعة للوقت، مبدِّدة للحسنات: ((لا تزول قدما عبدٍ يومَ القيامة حتى يُسأل عن عمره فيما أفناه...))؛ [صحيح الترمذي].
• حاول أن تفطر مع والديك أو أحدهما طيلة الشهر، فإن عجزت فخصِّص لهما أيامًا: ((رغِم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف من أدرك أبويه عند الكِبَرِ، أحدهما أو كليهما، فلم يدخل الجنة))؛ [صحيح مسلم].
• ضَعْ تحت وسادتك مسبحة، إذا دخلت سريرك، أمْسِكْ بها وسبِّح حتى تخلد للنوم: ((من قال: سبحان الله وبحمده، غُرست له نخلة في الجنة))؛ [رواه الترمذي].
• عملك جزء من عبادتك، فلا تتخذ الشهر ذريعة للتقصير في العمل؛ رُوِيَ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى رجلًا في المسجد منقطعًا للعبادة، فسأله: من أين تأكل؟ فأخبره أن له أخًا يحتطب في الجبل فيبيع ما يحتطبه، فيأكل منه ويأتيه بكفايته، فقال له: أخوك أعْبَدُ منك.
• لا تستفز مشاعر إخوانك البسطاء بنشر مأكلك ومشربك على وسائل التواصل الاجتماعي؛ فالجدران تستر ما لا تراه، واحمَد ربك على كريم فضله مهما كان بسيطًا؛ قال الأحنف بن قيس: "جنِّبوا مجالسنا ذكر النساء والطعام؛ إني أُبغض الرجل أن يكون وصَّافًا لفَرْجِهِ وبطنه".
ابوالوليد المسلم
11-03-2024, 10:13 PM
فرحة رمضان في بريكوفيكا
يستقبل مسلمو قرية "بريكوفيكا" الواقعة بمدينة "بيهاتش" في البوسنة والهرسك - شهرَ رمضان المبارك باحتفال تحت عنوان: (فرحة رمضان في بريكوفيكا)، بحضور الشيخ "أمير إف. ماهيتش" كبير الأئمة بمنطقة "كوزاراتش"، وعددٍ كبيرٍ من الأئمة وأعضاء الجالية الإسلامية.
https://i.imgur.com/yN43coW.jpg
وفي بداية الحفل رحَّب الشيخ "نظيف-آف. هوروزوفيتش" إمام قرية "بريكوفيكا" - بجميع الحضور، وأكَّد أهميةَ شهر رمضان المبارك للمسلمين.
وخلال كلمته ركَّز الشيخ "أمير إف. ماهيتش" على أهمية استغلال فرصة شهر رمضان المبارك، لِما له من فوائدَ عظيمة في الدنيا والآخرة، والانشغال بعبادة الله سبحانه وتعالى، والابتعاد عن المعاصي والذنوب.
وقال الشيخ "أمير إف. ماهيتش": "خلال زياراتي لبعض المدن الأوروبية، وجدتُ أنه يتعيَّن على المسلمين السفر 20 أو 30 أو 50 كيلو مترًا للوصول إلى المسجد، بينما نحن هنا المساجد على أعتاب منازلنا، وهذه نعمة كبيرة نشكُر الله عز وجل عليها، وعلينا أن نملأَ المساجد خلال الصلوات الخمس وصلاة القيام".
كما أشار الشيخ "أمير إف. ماهيتش" إلى أن شهر رمضان المبارك هو شهر العبادة والانسجام داخل المجتمع الإسلامي، وهو أمرٌ ضروري للفرد المسلمين والمسلمين جميعًا.
ومؤخرًا أقامت الجاليةُ الإسلامية في قرية "بريكوفيكا" بمدينة "بيهاتش" في البوسنة والهرسك - ورشةَ عملٍ لطلاب المدراس المسلمين، عن كيفية تنمية السلوك المحمود لدى الأطفال في سن المدرسة، وكيفية رفع ثِقتهم بأنفسهم، من أجل تحقيق أفضل النتائج الممكنة في الدراسة والحياة عمومًا.
وفي نهاية الشهر الماضي أقام مجلسُ الجالية الإسلامية في مدينة "جابلانيكا" في البوسنة والهرسك - محاضرة تحضيرية لشهر رمضان القادم، في إطار سلسلة محاضرات ما قبل رمضان التي تُقيمها الجالية الإسلامية في البوسنة والهرسك في أكثر من مدينة؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
12-03-2024, 04:56 PM
انطلاق مشروع "رمضان شهر الخيرات" في تتارستان
أطلقت الإدارةُ الإسلامية لجمهورية "تتارستان" مشروعَها الخيري السنوي "رمضان شهر الخيرات"، الذي يُقام كلَّ عام خلال شهر رمضان المبارك، بهدف دعم الأطفال والكبار المصابين بأمراض خطيرة، والأُسر ذات الدخل المنخفض، والمحتاجين.
كما يقوم مسؤولو مشروع رمضان شهر الخيرات بتحضير عددٍ من وجبات الإفطار وتوزيعها على الصائمين والمحتاجين، إلى جانب توفير عددٍ من المواد الغذائية الأساسية لهم.
وفي العام الماضي نجح مشروع رمضان شهر الخيرات في تقديم المساعدة إلى 23 طفلًا من المصابين بأمراض خطيرة، ممن تتراوح أعمارهم ما بين 2 وحتى 18 عامًا، كما نجح المشروع في مساعدة 20 طفلًا آخرين خلال عام 2024.
كما نجح المشروع خلال العام الماضي في تقديم المساعدة إلى 29 شخصًا من الكبار المصابين بأمراض خطيرة، بالإضافة إلى مساعدة 20 آخرين خلال عام 2024.
ويخصِّص مسؤولو مشروع رمضان شهر الخيرات توزيع ما لا يَقل عن 500 طرد غذائي هذا العام، وخلال العام الماضي نجح المشروع في توزيع أكثر من 4.5 طن من المواد الغذائية خلال العام الماضي؛ حيث استفاد منها أكثرُ من 625 من ذوي الدخل المنخفض.
وتخطِّط إدارةُ مشروع رمضان شهر الخيرات لإقامة إفطار جماعي كبير في النصف الثاني من شهر رمضان، بمشاركة 700 متطوع شاب، بالإضافة إلى إقامة عددٍ كبير من موائد الإفطار في عددٍ من المدن، وفي العام الماضي أُقيمت 41 مأدبة إفطار خيرية في مدينة قازان ومناطق مختلفة من جمهورية تتارستان، واستفاد منها حوالي 4900 شخص من المحتاجين.
ومن الجدير بالذكر أن الإدارةَ الإسلامية لجمهورية "تتارستان" تقيم مشروع "رمضان شهر الخيرات" خلال شهر رمضان من كل عام، بالتعاون مع مؤسسة الزكاة الخيرية التابعة للإدارة الإسلامية، وكذلك المساجد والمراكز الإسلامية والجمعيات والمؤسسات الخيرية؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
13-03-2024, 02:56 PM
مسجد يقدم 250 وجبة إفطار يوميًّا خلال رمضان بمدينة لندن الكندية
https://i.imgur.com/tDOR0Et.jpg
أعلن مسجدُ مدينة "لندن" جنوب غرب مقاطعة "أونتاريو" الكندية - عن تحضير وتقديم حوالي 250 وجبة إفطار مجانية يوميًّا خلال شهر رمضان المبارك، بمساعدة عددٍ من المتطوِّعين والطُّهاة.
وبصفته أمينَ صندوق مجلس إدارة المسجد قال "هاشم رمضان" في تصريحات صحفية لجريدة "cbc.ca": "نقوم بإعداد وتقديم وجبات الإفطار يوميًّا لخدمة الناس من المسلمين وغيرهم".
ويقوم المسجد بدعوة الطلاب وسائقي سيارات الأجرة والأفراد، وأي شخصٍ محتاج - للحضور لتناول الوجبات التي تشمل ثلاثة أطباق مختلفة كل أسبوع.
وقال "علي شبار" مدير التوعية في المسجد: "من المهم للغاية أن نساعد ونشعُر بالناس الذين ليس لديهم الوقت أو الإمكانية لطهي الطعام، وخاصة من الطلاب، لذلك نحن نرحِّب بانضمام أي شخص لمائدة الإفطار الخاصة بنا، سواء كان مسلمًا أو غير مسلم".
وأضاف علي شبار: "تحضير وتقديم وجبات الإفطار خلال شهر رمضان مهم جدًّا في توطيد العلاقات مع أبناء مجتمع مدينة لندن، وكذلك سد الحاجة على طلبات الوجبات التي تزيد كلَّ عام".
وفي شهر رمضان الماضي قامت مجموعةٌ من الطلاب والمتطوِّعين المسلمين من أعضاء رابطة الطلاب المسلمين بجامعة ميموريال بمدينة "سانت جون" الكندية - بإعداد وجبات الإفطار يوميًّا خلال شهر رمضان وتوزيعها على زملائهم الصائمين داخل الجامعة.
كما قام مسجدُ الرشيد الواقع بمدينة "إدمونتون" عاصمة مقاطعة "ألبرتا" الكندية - بتوزيع عددٍ من الوجبات الغذائية والملابس على المحتاجين مجانًا، خلال شهر رمضان الماضي؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
16-03-2024, 11:59 AM
الإفطار من غير عذر
الشيخ عبدالعزيز السلمان
يَحْرُمُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ عَاقَلٍ تَنَاوُلُ مُفَطِّرٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ؛ لِمَا وَرَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ رُخْصَةٍ وَلا مَرَضٍ، لَمْ يَقْضِهِ صَوْمُ الدَّهرِ كُلَّهِ وَإِنْ صَامَهُ»، وَعَنْ أَبِِي أُمَامَةَ البَاهِلِي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولَ: «بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ أَتَانِي رَجُلانِ، فَأَخَذَا بَضَبْعَيَّ، فَأَتِيَا بِي جَبَلًا وَعْرًا، فَقَالا: اصْعَدْ، فَقُلْتُ: إِنِّي لا أُطِيقُهُ، فَقَالا: إِنَّا سَنُسَهِّلُهُ لَكَ، فَصَعَدْتَ حَتَّى إِذَا كُنْتَ فِي سََرَاةِ الجَبَلِ إِذَا بَأَصْوَاتٍ شَدِيدَةٍ، قُلْتَ: مَا هَذِهِ الأَصْوَاتُ؟ قَالا: هَذَا عُوَاءُ أَهْلِ النَّارِ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِي، فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ مُعَلَّقِينَ بِعَرَاقِيبِهِمْ، مُشَقَّقَةً أَشْدَاقهُم، تَسِيلُ أَشْدَاقهُم دَمًا قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَؤُلاءِ؟ قَالَ: الذين يُفْطِرُونَ قَبْلَ تَحِلَّةِ صَوْمِهِمْ»؛ الحَدِيثِ رَوَاهُ ابنُ خُزَيْمَةَ، وابْنُ حِبَّانِ في صَحِيحِهِمَا.
وَمِمَّا يَحْرُمَ عَلَى الصَّائِمِ الأَكْلُ وَالشُّرْبُ بَعْدَ تَبَيُّنِ الفَجْرِ الثَّانِي؛ لِقَوْلِهِ تَعَالى: ﴿ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ﴾ [البقرة: 187].
فَمَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ مُخْتَارًا ذَاكِرًا لِصَوْمِهِ أَبْطَلَهُ؛ لأَنَّهُ فَعَلَ مَا يُنَافِي الصَّوْمَ لِغَيْرِ عُذْرٍ.
ابوالوليد المسلم
17-03-2024, 02:24 PM
من آداب الصيام
الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
لا يتم الصوم إلا باستكمال ستة أمور:
الأول: غضُّ البصر وكفه عن الاتساع في النظر إلى كل ما يُذَم ويُكره.
الثاني: حفظ اللسان عن الهذيان، والغيبة والنميمة، والكذب.
الثالث: كف السمع عن الإصغاء إلى كل مُحَرَّم أو مكروه.
الرابع: كف بقية الجوارح عن الآثام.
الخامس: ألا يستكثرَ من الطعام.
السادس: أن يكون قلبه بعد الإفطار مضطربًا بين الخوف والرجاء؛ إذ ليس يدري أيقبل صيامه فهو من المقرَّبين، أو يردّ عليه فهو من الممقوتين؟ وليكن ذلك في آخر كل عبادة[1].
اللهُمَّ اجعلنا ممَّن صام الشهر، واستكمل الأجر، وأدرك ليلة القدر، وفاز بجائزة الرب - تبارك وتعالى - آمين يا رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
[1] "موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين" ص59 - 60.
ابوالوليد المسلم
18-03-2024, 01:35 PM
مدن وملاعب بريطانيا تتزيَّن بفعاليات الإفطار المفتوح خلال شهر رمضان
تتعاون "مؤسسة الإغاثة الإسلامية" في بريطانيا مع "مؤسسة الخيمة الرمضانية" وعدد من الأندية الرياضية والمؤسسات المختلفة في تنفيذ مشروع الخيمة الرمضانية للإفطار الجماعي في جميع أنحاء إنجلترا، واسكتلندا، وويلز، وأيرلندا الشمالية خلال شهر رمضان.
https://i.imgur.com/6wUD0pD.png
ويقام مشروع الخيمة الرمضانية هذا العام تحت شعار "التراث: الماضي والحاضر والمستقبل"، الذي يهدف إلى تسليط الضوء على التراث الإسلامي الغني وتأثيره الدائم في المجتمعات.
وفي تصريحات صحفية قال "عمر صالحة" المؤسس والرئيس التنفيذي لمشروع الخيمة الرمضانية: "على مدى أكثر من عقد من الزمن، نجح مشروع الخيمة الرمضانية في ربط وجَمْع أكثر من مليون شخص من جميع الخلفيات خلال فعاليات المبادرة السنوية للإفطار المفتوح التي تسلط الضوء على المساهمات الرائعة للعلماء المسلمين.
وبدوره قال "طفيل حسين" مدير منظمة الإغاثة الإسلامية في المملكة المتحدة، والشريك الخيري لمشروع الخيمة الرمضانية: "يسعدنا مرة أخرى أن نتعاون مع مشروع الخيمة الرمضانية هذا العام".
وأضاف "طفيل حسين": "إن الالتقاء بالناس ومشاركتهم وجبة الإفطار بعد يوم من الصيام سيكون أمرًا مميزًا للغاية، ونرحب بالجميع خلال الإفطار المفتوح الذي سيقام في أماكن مميزة في جميع أنحاء البلاد".
وأول مرة يقام الإفطار المفتوح هذا العام في أكثر من 10 مدن مختلفة؛ وهي: "لندن - مانشستر - برمنغهام – بلاكبيرن - بلفاست - برايتون - كامبريدج - كارديف - دندي - نيوكاسل - جيتسهيد - شيفيلد - ويست بروميتش - ويندسور".
وسيقام الإفطار الجماعي هذا العام في 8 ملاعب تابعة لأندية كرة القدم البريطانية؛ وهي:
• ملعب فيلا بارك، نادي أستون فيلا.
• ملعب الاتحاد، نادي مانشستر سيتي.
• ملعب جي تك كوميونيتي، نادي برينتفورد.
• ملعب إيوود بارك، نادي بلاكبيرن روفرز.
• ملعب ذا هاوثورنز، نادي وست بروميتش ألبيون.
• ملعب أميكس كوميونيتي، نادي برايتون وهوف ألبيون.
• ملعب ماتريد لوفتوس رود، نادي كوينز بارك رينجرز.
• ملعب كارديف سيتي، نادي كارديف.
ويستضيف مشروع الخيمة الرمضانية لعام 2024 ما يصل إلى 29 إفطارًا جماعيًّا مفتوحًا خلال 29 يومًا بحضور عدد من المتحدثين الرئيسيين والضيوف من الشخصيات المميزة.
أُسِّسَت مؤسسة الخيمة الرمضانية الخيرية عام 2013 بهدف جمع المجتمعات معًا خلال شهر رمضان المبارك وتعريف الناس بالشهر الكريم، من خلال الأنشطة الثقافية والإبداعية والخيرية.
ومن الجدير بالذكر أن مؤسسة الخيمة الرمضانية والإغاثة الإسلامية في بريطانيا كانتا قد تعاونتا العام الماضي في تنفيذ أكثر من إفطار مفتوح على أرضية نادي "بولتون واندرز" الإنجليزي لكرة القدم بمدينة بولتون شمال غرب إنجلترا، وملعب "فيلا بارك" الخاص بنادي أستون فيلا الإنجليزي لكرة القدم، وملعب "ستامفورد بريدج" الخاص بنادي تشيلسي الإنجليزي لكرة القدم، وعدد من الأندية الأخرى؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
18-03-2024, 05:24 PM
100 شخص يشاركون في الإفطار الجماعي بولاية كونيتيكت الأمريكية
استضافت الجاليةُ الإسلامية في ولاية "كونيتيكت" شمال شرق الولايات المتحدة الأمريكية - إفطارًا جماعيًّا للمسلمين وغيرهم، بهدف إتاحة الفرصة للجميع للتعرف على شهر رمضان المبارك.
وأُقيم الإفطارُ الجماعي بمقر مدرسة "نيوينجتون" الثانوية، وحضَره أكثرُ من 100 شخص من المسلمين وغير المسلمين المهتمين بالتعرُّف على الإسلام وشهر رمضان المبارك.
كما تضمَّن الحدث جلسةً للنقاش حول عددٍ من الموضوعات الإسلامية، وكذلك إتاحة الفرصة لعرض الأسئلة والاستماع إلى إجابتها، بالإضافة إلى تبادُل سُبل التواصل بين المسلمين وغيرهم، والتنسيق لحضور فعاليات إسلامية أخرى.
وبصفته رئيس الجالية الإسلامية بولاية "كونيتيكت"، وجَّه الدكتور "رضا منصور" التحية لجميع الحضور، كما أكَّد خلال كلمته أهميةَ تحسين علاقة العبد مع الله عز وجل خلال شهر رمضان المبارك.
وبدورها أشارت "مها عبد الله" إحدى مشرفات الحدث - إلى أن الإفطار الجماعي يُمثل أهميةً كبيرة للأُسر المسلمة في ولاية "كونيتيكت"، وفرصة للالتقاء بالعائلات والأصدقاء الذين يعيشون بعيدًا، إلى جانب التواصل مع الجيران من غير المسلمين وتعريفهم بالإسلام.
ومؤخرًا فتح مسجدُ النور بمدينة "لويفيل" أكبر مدن ولاية "كنتاكي" الأمريكية - أبوابَه أمام مجتمع مدينة لويفيل، لتعريفهم بالإسلام والمسلمين عن قُربٍ، من خلال التعليم والتوعية والمناقشات، بالتعاون مع مؤسسة "GainPeace" المتخصصة في تثقيف الجمهور حول الإسلام؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
19-03-2024, 01:08 PM
ندوة حول تأثير الصيام على الصحة النفسية
استضاف المركزُ الثقافي بمدينة "موستار" ندوةً علمية بعنوان: "شهر رمضان فرصة لتحسين الصحة النفسية"، بحضور عددٍ من المتخصصين والمهتمين بموضوع الندوة.
https://i.imgur.com/9P4MyDU.jpg
وتُقام الندوةُ في إطار البرنامج الأكبر لمدينة موستار "رمضان في موستار"، وكأحد أهم الأنشطة التي يُشرف عليها قسمُ الزواج والأسرة بمجلس الجالية الإسلامية في البوسنة والهرسك، والذي يهدف إلى المساهمة في فَهْم أهمية الصيام لجسم الإنسان وصحته.
وبصفته مساعدَ كبير الأئمة بمدينة موستار قال "Kenan-ef. Ovčina": "الصيام وسيلة لبناء الانضباط الذاتي الذي يؤدي إلى تحسين الصحة العقلية، وكذلك فرصة مهمة لتحسين العلاقات الأسرية والإنسانية مع الأقارب والأصدقاء، وتحسين العلاقة مع الله عز وجل، من خلال التقرُّب إليه بالعبادات والأعمال الصالحة؛ مما يجعل الصحة النفسية للفرد في أفضل حالٍ".
وأضاف "Kenan-ef. Ovčina": "الهدف من هذه الندوة العلمية هو تأكيدُ أهمية فرضية الصيام والصلاة، وكذلك قراءة القرآن الكريم وحفْظه في تحسين الصحة النفسية لدى المسلمين".
ومؤخرًا أقام مسلمو قرية "بريكوفيكا" الواقعة بمدينة "بيهاتش" في البوسنة والهرسك - احتفالًا لاستقبال شهرَ رمضان المبارك: (فرحة رمضان في بريكوفيكا)، بحضور الشيخ "أمير إف. ماهيتش" كبير الأئمة بمنطقة "كوزاراتش"، وعددٍ كبيرٍ من الأئمة وأعضاء الجالية الإسلامية.
كما أقام مجلسُ الجالية الإسلامية في مدينة "جابلانيكا" في البوسنة والهرسك - محاضرةً علمية وتحضيرية لشهر رمضان، في إطار سلسلة محاضرات ما قبل رمضان التي تُقيمها الجالية الإسلامية في البوسنة والهرسك في أكثر من مدينة؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
24-03-2024, 10:41 AM
مشاهد رمضانية وشواهد إيمانية
هذه مشاهدُ رمضانية، وشواهدُ إيمانية، فيها إشراقاتٌ إحسانية، ونفحاتٌ إلهية:
موعظة أبي الدرداء في رمضان:
«عن عبدالله الأسدي قال: بينا أبو الدرداء في رمضان إذ سلَّمَ في بعض القيام -وكان أمَّ الناسَ في القيام- فالتفتَ إلى الناس فقال: يا أهلَ دمشق ألا تستحيون ممّا تصنعون؟ والله إنكم لإخواني في الدين، وجيراني في الدار، وأعواني على العدو، أفلا تستحيون ممّا تصنعون؟
تجمعون ما لا تأكلون.
وتبنون ما لا تسكنون.
وتأملون ما لا تدركون.
كالذين مِنْ قبلكم: جمعوا كثيرًا، وبنوا شديدًا، وأمّلوا بعيدًا.
فأصبح جمعُهم بورًا، وأصبحتْ بيوتُهم قبورًا، وأصبح أملُهم غرورًا»[1].
****
الفتح على الأئمة في التراويح:
جاء في ترجمة أبي جعفر يزيد بن القعقاع المدني القارئ، أحد الأئمة العشرة في حروف القراءات (ت: 127):
«كان يصلِّي خلفَ القراء في رمضان، يُلقنهم، يُؤمر بذلك، وجعلوا بعده شيبة»[2].
****
الخلوة في رمضان:
جاء في ترجمة الإمام القدوة عالم البصرة عبدالله بن عون (ت: 151):
«كان في شهر رمضان لا يزيدُ على المكتوبة في الجماعة، ثمّ يخلو في بيته، وكان إذا خلا في منزله إنّما هو صامتٌ لا يزيدُ على: الحمد لله ربّنا»[3].
****
لا شعر في رمضان:
جاء في ترجمة أبي عمرو بن العلاء (70-154):
«كان أبو عمرو إذا دخل شهرُ رمضان لم يُنشِدْ بيتَ شعرٍ حتى ينقضي»[4].
****
الصدقة في رمضان:
«قال شقيق بنُ إبراهيم البلخي: أخذتُ التعاونَ والتوكلَ من إبراهيم بن أدهم، كنا جلوسًا عنده وذلك في شهر رمضان فأُهدي إليه "سلة تينٍ" فتصدَّقَ بها على المساكين والجيران.
قال شقيق: فقلنا له: يا أبا إسحاق لو تدع لنا شيئًا؟ فقال ألستم صوامًا؟ قلنا: بلى، قال: ليس لكم حياءٌ، ليس لكم رعةٌ -يعني الخوف- أما تخافون اللهَ بالعقوبة بطول أملكم إلى العشاء وسوء ظنِّكم بالله؟ -وذلك عند غيبوبة الشمس- ثم قال: ثقوا بالله وأحسنوا الظنَّ بالله، ما وعدَ اللهُ لعباده قال (ما عندكم ينفد وما عند الله باق)؟"[5].
****
لا اضطجاع في رمضان:
جاء في ترجمة العلامة ابن اللبان: عبدالله بن محمد التيمي الأصبهاني (ت: 446):
«أحد أوعية العلم... كان مِنْ أحسن الناس تلاوة للقرآن.
أدرك ابنَ اللبان شهرُ رمضان من سنة سبع وعشرين وأربع مئة وهو ببغداد، وكان يسكنُ درب الآجر مِنْ نهر طابق، فصلى بالناس صلاةَ التراويح في جميع الشهر، وكان إذا فرغ من صلاتهِ بالناس في كلِّ ليلة، لا يزال قائمًا في المسجد يصلي حتى يطلع الفجر، فإذا صلى الفجرَ درَّسَ أصحابَه، وسمعتُه يقول: لم أضعْ جنبي للنوم في هذا الشهر ليلًا ولا نهارًا.
وكان وردُه كل ليلة فيما يصلي لنفسه سُبعًا من القرآن، يقرأه بترتيلٍ وتمهلٍ، ولم أر أجودَ ولا أحسنَ قراءةً منه»[6].
****
كتابة مصحف في رمضان:
جاء في ترجمة المفتي الأوحد العالم العامل الزاهد إسحاق بن أحمد المَعرَّي (ت: 650):
« تصدَّرَ للإفادة والفتوى مدة، وتفقَّه به جماعةٌ، وكان قدوةً في الورع، عُرِضتْ عليه مناصب، فامتنع، وقال: في البلد مَنْ يقوم مقامي.
وكان يُدمِنُ الصوم، ويتصدقُ بثلث جامكيته [راتبه]، ويؤثرُ رحمَهُ، وكان في كل رمضان يكتبُ ختمةً ويوقفها»[7].
****
تفسير القرآن كله في شهر رمضان:
قال ابنُ حجر في ترجمة العلامة ابن النقاش (ت: 763):
«محمد بن علي بن عبدالواحد بن يحيى بن عبدالرحيم الدكالي، ثم المِصري، أبو أمامة ابن النقاش. ولد في نصف شهر رجب سنة (720)، وأخذَ القراءات عن البرهان الرشيدي، والعربيةَ عن المُحبِّ ابن الصائغ، وأبي حيّان، وحفظَ "الحاوي" الصغير، وكان يقولُ: إنه أولُ مَنْ حفظَه بالقاهرة، وتقدَّم في الفنون.
وصنَّفَ:
• شرح "العُمدة" في ثماني مجلدات.
• وتخريج أحاديث "الرافعي".
• وشرحًا على "التسهيل".
• وشرحًا على "الألفية".
• وكتابًا في الفروق.
• وكتابًا في التفسير مُطولًا جدًّا. ذَكَرَ في أوله أنَّ الحاملَ له عليه أنه شرَعَ في إلقاء التفسير في الجامع الأزهر في شهر رمضان فأكملَه، فبلغه أنَّ بعضَ الناس استقصرَ علمَه، فشرعَ في إملاء تفسيرٍ على الفاتحة، فأقامَ فيه مدةً طويلةً، ثم شرعَ في كتابة التفسير، والتزمَ أنْ لا ينقل فيه حرفًا عن كتابٍ مِنْ تفسيرِ أحدٍ ممَّنْ تقدَّمَهُ»[8].
[1] تاريخ دمشق لابن عساكر (47/ 133) -والنقلُ بتصرُّف-:
وفي «تفسير القرطبي» (13/ 11): «وقال أبو الدرداء رضي الله عنه وقد أشرف على أهل حمص: يا أهل حمص! هلم إلى أخٍ لكم ناصحٍ، فلما اجتمعوا حوله قال: ما لكم لا تستحون ...». فكأنه كان يكرِّر هذه الموعظة.
[2] سير أعلام النبلاء (5/ 288).
[3] الطبقات الكبير لابن سعد (9/ 263).
[4] وفيات الأعيان (3/ 468).
[5] تاريخ دمشق لابن عساكر (23/ 138).
[6] تاريخ مدينة السلام (11/ 375).
وقال التاج السبكي في «طبقات الشافعية الكبرى» (5/ 72-73): «عبدالله بن محمد بن عبدالرحمن بن أحمد بن عبدالله بن محمد أبو محمد الأصفهاني المعروف بابن اللبان.
قال فيه الخطيب: أحد أوعية العلم وأهل الدين والفضل.
سمع بأصبهان أبا بكر المقري وغيره، وببغداد أبا طاهر المخلص، وبمكة أبا الحسن أحمد بن إبراهيم بن فراس، وتفقه على الشيخ أبي حامد، ودرس على القاضي أبي بكر الأصلين، وحدَّث، وسمع منه الخطيب.
قال: وكان من أحسن الناس تلاوة للقرآن، ومن أوجز الناس عبارة في المناظرة، مع تدين جميل، وعبادة كثيرة، وورع بيّن، وتقشف ظاهر، وحسن خلق، وسمعته يقول: حفظت القرآن ولي خمس سنين.
وله كتب كثيرة مصنفة».
[7] سير أعلام النبلاء (23/ 248).
[8] الدُّرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة (5/ 325-326).
__________________________________________________ _
الكاتب: أ.د. عبدالحكيم الأنيس
ابوالوليد المسلم
24-03-2024, 03:50 PM
ندوة “نظامي الأوقاف والزكاة من منظور مقاصدي”
عقدت ندوة بعنوان “نظامي الأوقاف والزكاة من منظور مقاصدي” ضمن البرنامج الحواري الرمضاني (وآمنهم من خوف)، الذي تنظمه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في قطر للموسم العاشر وذلك مساء الخميس 21 مارس 2024 بجامع الإمام محمد بن عبد الوهاب وبمشاركة نخبة من العلماء.
شارك في الندوة كل من الدكتور الشيخ خالد بن محمد آل ثاني مدير الإدارة العامة للأوقاف، والدكتور سلطان الهاشمي أستاذ الفقه وأصوله بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة قطر، والدكتور عبد الفتاح محمد سعد، أستاذ بكلية الدراسات الإسلامية في جامعة حمد بن خليفة، والدكتور سالم الشيخي عضو المجلس الأوروبي للإفتاء وأدار الحوار الدكتور يحيى النعيمي .
وتحدث في بداية الندوة الدكتور خالد بن محمد بن غانم آل ثاني مدير الإدارة العامة للأوقاف بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في قطر، وأوضح أن الزكاة والوقف وجهان لعملة واحدة تتكامل فيها الأهداف والغايات والمقاصد، وأشار إلى أن المقاصد الشرعية للوقف والزكاة متعددة ومتجددة وبلغ فيها العلماء مبالغ بعيدة، إذ أصدروا فيها الكتب والمجلدات فصارت حجة لكل شخص يريد أن يخوض في أسرار الأحكام الشرعية والمقاصد المتجددة.
وقال الدكتور خالد آل ثاني أن العلماء وجدوا أن المقاصد الشرعية سواء للزكاة أو الوقف تصب في خمسة أمور سميت بالضروريات الخمس، وتشمل الدين والنفس والعرض والنسل والمال، منوها بأن الزكاة والأوقاف يقصدان جميع الضروريات الخمس ويعملون على الحفاظ عليها لأنها تشمل جميع الناس.
وبين الدكتور خالد آل ثاني الفروقات بين الزكاة والأوقاف فالزكاة فريضة وركن من أركان الإسلام و لها وقت معين ومقدار معين ومصارفها محددة في القرآن الكريم، أما الوقف فهو سنة قولية وفعلية وتقريرية من سنن النبي صلى الله عليه وسلم ويعود أجره للإنسان في حياته وبعد مماته، وليس للوقف مدة معينة ويمكن صرفه في أي وقت وكذلك ليس هناك مقدار للصرف.
وتحدث الدكتور سلطان الهاشمي، أستاذ الفقه وأصوله بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة قطر، عن اجتماع الزكاة والوقف في أمر الإحسان إلى الإنسان، فالزكاة طريقها الإحسان للإنسان بطريق الواجب، والأوقاف الإحسان إلى الإنسان بطريق التبرع، لكنهما في نفس الوقت مهمان في سد كفاية وحاجة الإنسان، وكذلك هما سبب من أسباب القضاء على الفقر إذا أحسن تطبيقهما.
وأوضح د. الهاشمي أن الزكاة هي تزكية للنفس وتطهير لمال المزكي بتخليصه من حق الغير بمجرد أن يبلغ هذا المال نصابه وتتحقق فيه شروط الزكاة، فإذا بلغ المال نصابه أصبح للغير حقا في هذا المال، والمال هما لا يطهر إلا بتخليصه من الحق الذي أصبح حقا للفقراء بمجرد توافر شروط الزكاة فيه.
وأشار د. الهاشمي إلى تطهير نفس المزكي من البخل والشح، لأن البعض يرى أن هذا المال عزيز وحبيب إلى النفس، {وتحبون المال حبا جما } (الفجر :20)، فإذا بلغ نصابه وكان هذا المال مقدار الزكاة يبلغ مليونا أو مليونين أو ثلاثة، فالزكاة تطهرهم من البخل ومن الشح، كذلك الزكاة فيها عصيان لأمر الشيطان، كما في قوله تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } (البقرة : 268) .
ولفت د. الهاشمي إلى أن الزكاة أيضا لها أثر اجتماعي وهي من المقاصد المهمة للزكاة، في الشفقة والرحمة على الفقراء والمساكين المحتاجين وسد حاجتهم، بل ربما إذا علم الفقير أن كلما زاد مال الغني وأصبح أكثر ثراءً فإن هذا المال سيعود عليه بالإنفاق، وكذلك هذا فيه نوع من كسر الحاجز النفسي بين الفقير والغني، لأن الفقير دائما ينظر إلى الغني على أن هذا عنده المال والجاه وكذا، وهو فقير لا حول له ولا قوة، فنجد أن هذه الأمور يدخل فيها الحسد ونوع من البغض، فمجرد أن ينفق الغني المال ينكسر هذا الحاجز بين الفقير والغني، لأنه هذا الأمر فيه نوع من الشفقة والرحمة عليهم.
ونبه الدكتور الهاشمي إلى مصارف الوقف كثيرة إلا أنه عند الحديث عن الضروريات الخمس فيجب أن ندخل التعليم ضمن هذه الضروريات ، ونحن بأمس الحاجة في يومنا هذا إلى إدخال الوقف على التعليم، واستشهد بالأوقاف المخصصة لجامعة هارفرد والمقدرة بمليارات الدولارات.
ومن جانبه أكد فضيلة د. سالم الشيخي، عضو المجلس الأوروبي للإفتاء، أن مقاصد الوقف والزكاة من العوامل المؤثرة في صناعة الاجتهاد، وأن نظام الوقف ضمن المنظومة الإسلامية يعد نظاما ماليا اجتماعيا مستقلا، ساهم عبر تاريخ المسلمين الطويلة في تقوية وترسيخ البنية الاجتماعية داخل المجتمع المسلم على أسس من التكافل والتعاون والتعاضد.
وأضاف الدكتور الشيخي إلى ان الوقف يساهم بشكل مباشر في تحقيق معاني الإخوة التي أرساها النبي صلى الله عليه وسلم لوصف المجتمع المسلم حين قال: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى” (متفق عليه).
وأضاف: أما عن مقاصد الوقف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية فللوقف مقاصد تتعلق بالكليات الخمس في الشريعة، فعند القول بأن من مقاصد الوقف ما يتعلق بالكليات الخمس، فإننا نحدد بوضوح المسار الاجتهادي للمجتهد في النظر لهذه المسائل، وهذه المقاصد ليست حكما عاما، وإنما هي في بعدها الأصولي والاجتهادي تعد من المقاصد الخاصة المؤثرة لإنتاج الأحكام والاجتهاد في كل زمان ومكان.
وشدد الدكتور الشيخي أن المجتهد إذا أراد ان ينظر إلى مسألة تتعلق بالوقف فإنه مرتبط بدوائر ثلاث في مقاصد الشريعة يتقيد بها عند النظر في المسائل الاجتهادية المتعلقة بالزكاة والوقف.
وأوضح أن هناك مقاصد عامة للشريعة ومقاصد خاصة بالزكاة ومقاصد جزئية تتعلق ببعض المفردات، كأخذ كرائم الأموال ولذلك الحديث عن مقاصد الوقف ينبغي ان يكون مؤثرا عند الاجتهاد والنظر في مسائل الوقف.
وأضاف الدكتور الشيخي أما المقاصد الخاصة بالجانب الاجتماعي بالنسبة للوقف منها ما يتعلق بتقوية أواصر العلاقات الخاصة بين المسلمين من ذوي الارحام وذوي القربى خاصة ما يعرف بالوقف الأهلي، ومنها ما يتعلق بحفظ كرامة الفقير الذي يتحاشى الوقوع في مذلة السؤال، وسنجد أن الأوقاف تسد هذا الأمر وتحقق هذا المقصد، كما ان التعاون والتكافل الذي يظهر بين الأغنياء والفقراء في المجتمع المسلم الأوقاف مظهر من مظاهره.
ثم عرج الدكتور الشيخي على المقاصد الاقتصادية وما يتيمز به نظام الوقف حيث جمع بين أمرين غريبين : بين أمر ادخار المال وأمر استثماره في نفس الوقت، وإذا أضفنا إليه مقصد التأبيد لأصول الأوقاف وجدنا أنها ستكون من عوامل الإنتاج للإيرادات والمدخرات وكثير من قضايا الإنتاج في المجتمع الإقتصادي.
ونبه الدكتور الشيخي للفوائد المتحققة من الناحية الثقافية والعلمية مستشهدا بتاريخ الأوقاف العلمية في تاريخ المسلمين وتأثير ذلك على أداء العلماء حيث كانت الأوقاف تغطي كافة احتياجات العلماء وفقا للتخصصات ووفقا للمذهب الفقهي وبذلك يتحقق مقصد الاستقلال لأهل العلم مما يؤثر بشكل مباشر في حفظ الدين وبلاغه، كذلك الأوقاف التي تتعلق ببناء الجامعات والمعاهد والأكاديميات ولم يكن الوقف محصور بالجامعات الدينية بل شملت العلوم الدنيوية وتدرس فيها الطب والهندسة ونحو ذلك، كما أن الأوقاف يمكن أن تساهم في إنشاء مراكز البحوث ومراكز صناعة الرأي العلمي القائمة على البحث والتحليل مستشهدا بانتقال فكرة الوقف العلمي من الحضارة الإسلامية إلى الحضارة الغربية.
من جانبه تحدث الدكتور عبد الفتاح محمد سعد الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية، جامعة حمد بن خليفة عن الزكاة بكونها عبادة مطهرة للمال وتحقق الكثير من المقاصد، من بينها تقليل الفوارق في الثروة والدخل على مُستوى المُجتمع، وتقليل الشحناء وحل الكثير من القضايا الاجتماعية.
وأوضح الدكتور عبدالفتاح إلى تميز الحضارة الإسلامية في هذا الباب وأن نظام الأوقاف انتقل من الحضارة الإسلامية إلى أوروبا بعد استفاقتها من ظلمتها، وكثير من الجامعات الكبرى في أوروبا وأمريكا استنسخت الحضارة الوقفية الإسلامية التي انتقلت إلى تلك المجتمعات وتقدمت فيها تقدما كبيرا.
وأضاف: عندما ننظر إلى العالم الإسلامي والدول الإسلامية يجب أن نسجل أمرا مهما، أن دول فيها أغلبية مسلمة تتذيل قائمة الدول الأكثر فقرا، كما أن هناك دولا ذات أغلبية مسلمة في أعلى الدول الأكثر مديونية، بل أن هناك منها ما تواجه خطر ارتفاع منسوب المياه بارتفاع درجات الحرارة على مستوى العالم، لتواجه خطر الفناء، كما أن معدل دخل الفرد في عدد ليس بقليل من الدول الإسلامية لا زال متواضعاً وفي حالة هشاشة.
وأشار الدكتور عبدالفتاح إلى الحاجة إلى خطط زكوية ووقفية، كل في دولته وفي مكانه، بتحديد كيفية تخريج كل فقير ومسكين إلى حال أخرى، ضمن خطة تغير حاله، وهي من القضايا التي تحتاج إلى دراسات واحصاءات، وأن هناك حاجة إلى التنسيق بين مؤسسة الزكاة ومؤسسة الوقف مع بقية المؤسسات في الدولة التي تعمل على الضمان الاجتماعي.
منقول
ابوالوليد المسلم
25-03-2024, 01:56 PM
مسلمو ايبسويتش يُفطِّرون 600 صائم
عقَدت الجاليةُ الإسلامية في مدينة "ايبسويتش" جنوب شرق "إنجلترا" - إفطارًا جماعيًّا بمقر مسجد ايبسويتش؛ حيث رحَّب مسؤولو الحدث بحوالي 600 شخص من الصائمين، وغير المسلمين الذين حضروا للتعرف على الإسلام والمسلمين.
https://i.imgur.com/IS7RwT5.jpeg
وفي تصريحات صحفية لهيئة الإذاعة البريطانية "BBC" قال "Nurul Chowdhury" مدير الإفطار الجماعي: "من الرائع أن نرى الجميع يأتون إلينا ويشاركوننا وجبةَ الإفطار، وكل الغرف كانت مليئة بالأشخاص بالفعل".
وأضاف "Nurul Chowdhury": "المسجد ليس ملكًا لأحد، وأبوابنا ستَظَل مفتوحةً للجميع في كل الأوقات، ونحاول استغلال جميع الفُرص لدعوة الناس لمشاركتنا عددًا من الفعاليات داخل المسجد والاستماع إلينا.
وقالت "Kate Hodgetts" إحدى المسلمات الحاضرات للإفطار الجماعي: "من الجميل جدًّا أن نرى كلَّ هؤلاء الناس يتجمعون في مكان واحدٍ، ويتناولون وجبة الإفطار مع بعضهم".
وخلال الخُطَب والكلمات التي ألقاها المتحدثون خلال الحدث، وسبقت وجبة الإفطار - تَمَّ حثُّ الناس على المبادرة في فعل الخيرات دومًا، ولا سيما في شهر رمضان المبارك.
وفي وقت سابق أعلنت "مؤسسة الإغاثة الإسلامية" في بريطانيا - عن تعاوُنِها مع "مؤسسة الخيمة الرمضانية"، وعددٍ من الأندية الرياضية والمؤسسات المختلفة في تنفيذ مشروع الخيمة الرمضانية للإفطار الجماعي في جميع أنحاء إنجلترا، وأسكتلندا، وويلز، وأيرلندا الشمالية خلال شهر رمضان.
ومؤخرًا استضافت الجاليةُ الإسلامية في ولاية "كونيتيكت" شمال شرق الولايات المتحدة الأمريكية - إفطارًا جماعيًّا للمسلمين وغيرهم، بهدف إتاحة الفرصة للجميع للتعرف على شهر رمضان المبارك.
كما أعلن مسجدُ مدينة "لندن" جنوب غرب مقاطعة "أونتاريو" الكندية - عن تحضير وتقديم حوالي 250 وجبة إفطار مجانية يوميًّا خلال شهر رمضان المبارك، بمساعدة عددٍ من المتطوِّعين والطُّهاة؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
26-03-2024, 03:16 PM
لأول مرة 300 شخص يتناولون إفطار رمضان بملعب ويست بروميتش ألبيون
اجتمع أكثرُ من 300 شخص في ملعب "The Hawthorns" الخاص بفريق "ويست بروميتش ألبيون" الإنجليزي - للمشاركة في الإفطار الجماعي خلال شهر رمضان الذي يُقام أول مرة داخل الملعب.
https://i.imgur.com/fsfz9kG.jpeg
وتعاون نادي ويست بروميتش ألبيون مع "مؤسسة الخيمة الرمضانية"، ومؤسسة الإغاثة الإسلامية بالمملكة المتحدة - لتنفيذ مشروع الخيمة الرمضانية والإفطار الجماعي، بوصفه واحدًا من 29 إفطارًا جماعيًّا كبيرًا في إنجلترا، وأسكتلندا، وويلز، وأيرلندا الشمالية خلال شهر رمضان، بحضور عددٍ من المتحدثين الرئيسيين والضيوف، والشخصيات المميزة.
وعبر منصة X قالت مؤسسة ألبيون "The Albion Foundation": إن الإفطار الجماعي الذي أُقيم أول مرة على أرضية ملعب The Hawthorns، قد لقي نجاحًا كبيرًا بحضور أكثر من 300 شخص، لذلك نشكُر لجميع الحاضرين الذين انضمُّوا إلينا وتناولوا وجبة الإفطار معنا".
وبدوره أشار "عمر صالحة" المؤسس والرئيس التنفيذي لمشروع الخيمة الرمضانية - إلى أن الإفطار الجماعي الذي يُقام في أماكن مختلفة في بريطانيا، يُقام تحت شعار "التراث: الماضي والحاضر والمستقبل"، ويهدف إلى تسليط الضوء على التراث الإسلامي الغني وتأثيره الدائم في المجتمعات.
وبصفته مديرَ مؤسسة الإغاثة الإسلامية في المملكة المتحدة، أكَّد "طفيل حسين" أن الجميع كان مرحَّبًا بهم في الإفطار الجماعي بملعب The Hawthorns، وأشار إلى أهمية مشاركة الإفطار مع كل هؤلاء الأشخاص من المسلمين وغيرهم بعد ساعات الصيام.
ويُقام الإفطار الجماعي هذا العام في 8 ملاعب رياضية تابعة لأندية كرة القدم البريطانية؛ وهي: ملعب فيلا بارك، نادي أستون فيلا، ملعب الاتحاد، نادي مانشستر سيتي، ملعب جي تك كوميونيتي، نادي برينتفورد، ملعب إيوود بارك، نادي بلاكبيرن روفرز، ملعب ذا هاوثورنز، نادي وست بروميتش ألبيون، ملعب أميكس كوميونيتي، نادي برايتون وهوف ألبيون، ملعب ماتريد لوفتوس رود، نادي كوينز بارك رينجرز، ملعب كارديف سيتي، نادي كارديف.
ومن الجدير بالذكر أنه أول مرة يُقام الإفطار المفتوح هذا العام في أكثر من 10 مدن مختلفة؛ وهي: "لندن - مانشستر - برمنغهام – بلاكبيرن - بلفاست - برايتون - كامبريدج - كارديف - دندي - نيوكاسل - جيتسهيد - شيفيلد - ويست بروميتش - ويندسور"؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
26-03-2024, 03:31 PM
حال السلف في رمضان
د. شريف فوزي سلطان
أقصد بالسلف رضي الله عنهم: الصحابةَ والتابعين وتابعي التابعين، أو أهل القرون الثلاثة الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالخير والفضل؛ ففي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم: "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم"، فهؤلاء هم الذين حملوا راية الدين، ونشروه شرقًا وغربًا وشمالًا وجنوبًا، لم يكونوا يبحثون عن راحة البال ولا عن الجلوس في القصور، ولكنهم بحثوا عن الحق وحملوا هم هذا الدين، حين تنظر في أحوالهم تتذكر قول الله تعالى: ﴿ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴾ [النور: 37].
فاتباع منهجهم في كل شيء في العقيدة والعبادة والمعاملة والأخلاق والسلوك، مطلب أساسي وبُغية كلِّ إنسان يريد أن يصل إلى الحق.
فكل خير في اتباع من سلف https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وكل شر في ابتداع من خلف https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وكما قال الإمام مالك رحمه الله: "لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها"[1].
تعال أُخَيَّ ننظر أحوال السلف في رمضان محاولين التشبه بهم والسير على منهاجهم.
فتشبَّهوا إن لم تكونوا مثلهم https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
إن التشبهَ بالكرام فلاحُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أولًا: حال السلف مع الصيام.
ثانيًا: حال السلف مع القيام.
ثالثًا: حال السلف مع القرآن.
رابعًا: حال السلف مع الإنفاق في سبيل الله.
خامسًا: حال السلف مع الاعتكاف.
أولًا: حال السلف مع الصيام:
من تأمل حال السلف في صيامهم رأى العجب العجاب، واستشعر تقصيرنا في طاعة الله، فالسلف رضي الله عنهم كان صيامهم عن كل شيء سوى الله تعالى، فصامت جوارحهم عن معصية الله، فصام اللسان عن الغيبة والنميمة والكذب والفحش، وصامت العينان عن النظرة المحرمة، وعن التطلع إلى ما في أيدي الغير، وصامت الأذنان عن سماع الغيبة والنميمة والأغاني ونحوها، وصامت اليدان عن لمس الحرام أو البطش بالحرام، وصامت القدمان عن المشي إلى الحرام.
أما من صام عن الطعام والشراب فقط، فهذا صام عن الحلال، فما صام ولا عرف الصيام، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "رُبَّ صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر"[2].
قال جابر رضي الله عنه: "إذا صمتَ فليصُم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودعْ أذى الجار، وليكن عليك سكينة ووقار يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء"[3].
وقال عمر بن الخطاب: "ليس الصيام من الطعام والشراب وحده، ولكن من الكذب والباطل واللغو والحلف".
وقال أبو ذر: "إذا صمت فتحفَظ ما استطعت"، وقال غيره: "الصائم في عبادة ما لم يغتب"[4].
ثانيًا: حال السلف مع القيام:
فمع أن رمضان شهر القيام إلا أنك تجد كثيرًا من الناس يحافظون على صلاة القيام ويملؤون المساجد، ثم ليالي قلائل ولا تراهم، ولم يكن هذا من هدي السلف الصالح رضي الله عنهم، فقيام الليل دأب الصالحين وتجارة المؤمنين، ففي الليل يخلُون بربهم ويتوجهون إلى خالقهم، يشكون إليه أحوالهم ويسألونه من فضله؛ قال سعيد بن المسيِّب رحمه الله: إن الرجل ليصلي بالليل، فيجعل الله في وجهه نورًا، يحبه عليه كل مسلم، فيراه من لم يره قط، فيقول: إني لأحب هذا الرجل.
قيل للحسن البصري رحمه الله: ما بال المتهجدين بالليل أحسن الناس وجوهًا؟ قال: لأنهم خَلَوْا بالرحمن، فألبسهم من نوره.
أخذ الفضيل بن عياض رحمه الله بيد الحسن بن زياد فقال له: يا حسين: ينزل الله تعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، فيقول: كذب من ادعى محبتي فإذا جنَّ الليل نام عني!! أليس كل حبيب يخلو بحبيبه؟[5] وعن مالك عن عبد الله بن أبي بكر قال: سمعت أبي يقول: كنا ننصرف في رمضان من القيام، فيُستعجل الخدم بالطعام، مخافة الفجر[6].
أمر عمر بن الخطاب أُبيَّ بن كعب وتميمًا الداري رضي الله عنهم أن يقوما بالناس في شهر رمضان، فكان القارئ يقرأ بالمِئِين، حتى كنا نعتمد على العُصيِّ من طول القيام، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر"[7].
واعلم رحمك الله أنك إذا فرطت في قيام رمضان فأنت محروم، حرمتك ذنوبك وخطاياك، فجدِّد التوبة، وأعلِ الهمة، واستشعر الأجر، واستعن بالله.
يا رجال الليل جِدُّوا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
رُب داع لا يُردُّ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لا يقوم الليل إلا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
من له عزم وجِدُّ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ثالثًا: حال السلف مع القرآن:
من رأى السلف وأحوالهم مع القرآن وجد عجبًا ولِمَ لا؟ وهو شهر القرآن، قال تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ ﴾ [البقرة: 185]، ولهذا كان جبريل يلقي النبي صلى الله عليه وسلم في كل ليلة يدارسه القرآن"[8].
واعلم أن المؤمن يجتمع له في شهر رمضان جهادان لنفسه: جهاد بالنهار على الصيام، وجهاد بالليل على القيام، فمن جمع بين هذين الجهادين ووفَّى حقوقهما وصبر عليهما، وُفِّي أجره بغير حساب؛ قال كعب: ينادي يوم القيامة منادٍ إن كل حارث يُعطي بحرثه ويُزاد، غير أهل القرآن والصيام يُعطون أجورهم بغير حساب[9]؟
قال ابن مسعود رضي الله عنه: ينبغي لقارئ القرآن أن يُعرف بليله إذا الناس ينامون، وبنهاره إذا الناس يفطرون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبِورعه إذا الناس يخلطون، وبصَمته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون، وبحزنه إذا الناس يفرحون"[10].
وقال وُهيب بن الورد: قيل لرجل: ألا تنام؟ قال: إن عجائب القرآن أطرْن نومي[11]، وأنشد ذو النون المصري:
منع القرآن بوعده ووعيده https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
مُقَلَ العيون بليلها لا تَهجع https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فهِموا عن الملك العظيم كلامه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فهمًا تزِلُّ له الرقاب وتخضَع https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وقد كان للسلف رحمهم الله اجتهادٌ ملاحظ في قراءة القرآن في رمضان، بل لم يكونوا يشتغلون فيه بغيره؛ كان الأسود بن يزيد: يختم القرآن في كل ليلتين، وفي غير رمضان في كل ست ليال، كان الزهري إذا دخل رمضان يقول: إنما هو قراءة القرآن وإطعام الطعام، وقال ابن الحَكم: كان مالكٌ رحمه الله إذا دخل رمضان يفرُّ من قراءة الحديث، ومجالسة أهل العلم، ويُقبل على قراءة القرآن.
قال عبد الرزاق: كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن.
وقال سفيان: كان زبيد اليامي إذا حضر رمضان أحضر المصاحف، وجمع إليه أصحابه[12].
قال ابن رجب الحنبلي: "وإنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك، فأما في الأوقات المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها، فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن، اغتنامًا للزمان والمكان"[13]، وهذا قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة.
رابعًا: حال السلف مع الانفاق في سبيل الله:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، فلَرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود من الريح المرسلة"[14].
قال الإمام الشافعي رحمه الله: "أحب للرجل الزيادة بالجود في شهر رمضان اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم، ولتشاغل كثير منهم بالصوم والصلاة عن مكاسبهم"[15].
وسُئل بعض السلف: لِمَ شرع الصيام؟ قال: ليذوق الغَني طعم الجوع، فلا ينسى الجائع[16].
ويقول يونس بن يزيد: كان ابن شهاب إذا دخل رمضان، فإنما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام"[17].
وكان ابن عمر لا يُفطر إلا مع اليتامى والمساكين، وربما علم أن أهله قد ردُّوهم عنه، فلم يفطر في تلك الليلة[18].
خامسًا: حال السلف مع الاعتكاف:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره، ويجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها"[19].
"وظل النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر حتى توفاه الله"[20].
وكان السلف رضي الله عنهم إذا دخلت العشر رفعوا الهمة إلى أعلاها، وبذلوا الطاقة إلى منتهاها، كيف لا والعشر آخر السباق، فالسعيد من اغتنم مواسم العمر قبل ذهابه وحاسِب نفسه قبل قراءة كتابه.
كانت عائشة رضي الله عنها تعتكف مع النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت لا تدخل بيتها إلا لحاجة الإنسان، وكانت تقول: إن كنت لأدخل البيت للحاجة، والمريض فيه، فما أسأل عنه إلا وأنا مارة"[21].
[1] رفقاً أهل السنة بالسنة: العباد، نقلاً عن الاعتصام للشاطبي.
[2] صحيح الترغيب والترهيب.
[3] رواه البخاري.
[4] لطائف المعارف.
[5] حلية الأولياء / أبو نعيم
[6] أخرجه مالك في الموطأ.
[7] رواه البيهقي من حديث السائب بن يزيد.
[8] رواه مسلم.
[9] لطائف المعارف / ابن رجب.
[10] أخلاق حملة القرآن / الآجري.
[11] لطائف المعارف / ابن رجب، وصفة الصفوة / ابن الجوزي.
[12] انظر: لطائف المعارف.
[13]السابق.
[14] رواه مسلم.
[15] لطائف المعارف / ابن رجب.
[16] السابق.
[17] مجالس رمضان العثيمين.
[18] بين يدي رمضان / محمد أحمد اسماعيل المقدم.
[19] رواه مسلم.
[20] رواه البخاري عن عائشة.
[21] رواه مسلم.
ابوالوليد المسلم
27-03-2024, 10:03 AM
رمضان.. مضى نصف الزمن
بالأمس القريب كنا نعد العدة لاستقبال شهر رمضان المبارك ونحن نردد: (أهلاً رمضان)، وها هو شطر رمضان قد انصرم في لمح البصر ليتركنا نردد: (مهلاً رمضان!).
إن انقضاء هذه الأيام الفاضلة دون أن يشعر بها أحد يذكرنا بقول الله جل وعلا ﴿ {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} ﴾ [البقرة: 184]، الذي يذكِّر فيه المسلمين بأن هذه الأيام التي سيحرمون فيها أنفسهم من الطعام والشراب والجماع إنما هي أيام قليلة، و"كل ما يُعَدُّ يُدرَك" كما يقولون، وأيضاً في قول الله جل وعلا ﴿ {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} ﴾ [البقرة: 184] دليل على أنها أيام سرعان ما تنقضي، ليُهَنَّأ المغتنمون والمستثمرون لها، ويُعزَّى المفرطون والمضيعون لها.
(مضى نصف الزمن) عبارةٌ عادةً ما يقولها المراقبون لامتحانات الطلاب؛ يقولونها في حزم تنبيهاً لهم حتى لا تدركهم الغفلة؛ فيمضي الزمن كله لتجمع أوراق امتحاناتهم دون أن يجيبوا عن الأسئلة، أو على الأقل دون أن يحرزوا من الدرجات ما يضمن لهم النجاح. وهنا يتبين وجه الشبه؛ إذ إن شهر رمضان هو امتحان واختبار، يتبين فيه المتفوقون من الراسبين، والفائزون من الخاسرين، والمجتهدون من المهملين، ويحصل فيه البعض على الجوائز والمنح والعطايا القيمة، بينما يحصل البعض الآخر على رصيد وافر من الذنوب والسيئات؛ لذا قال النبي عليه الصلاة والسلام منبهاً المسلمين، ومحذراً من تضييع الفرصة الثمينة: «وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ»[1].
(مضى نصف الزمن) عبارة تُقال أيضاً لتدلل على أن الفرصة ما زالت سانحة لتعويض ما فات من وقت دون استثمار أمثل، وجبر التقصير الذي حصل في النصف الأول؛ فالأعمال بالخواتيم، والعبرة بالنهايات. قال ابن تيمية رحمه الله: (العبرة بكمال النهايات، لا بنقص البدايات)، وقال الحسن البصري رحمه الله: (أحسن فيما بقي؛ يُغفر لك ما مضى)، وقال بعضهم: (إذا لم تحسن الاستقبال، لعلك تحسن الوداع).
وقد رُوي أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه اجْتَهَدَ قَبْلَ مَوْتِهِ اجْتِهَادًا شَدِيدًا، فَقِيلَ لَهُ: لَوْ أَمْسَكْتَ أَوْ رَفَقْتَ بِنَفْسِكَ بَعْضَ الرِّفْقِ؟ فَقَالَ: (إِنَّ الْخَيْلَ إِذَا أُرْسِلَتْ فَقَارَبَتْ رَأْسَ مُجْرَاهَا، أَخْرَجَتْ جَمِيعَ مَا عِنْدَهَا، وَالَّذِي بَقِيَ مِنْ أَجْلِي أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ)، قَالَ الراوي: فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ)[2].
إنَّ كلَّ أيام رمضان أيام مباركة تُهيأ فيها الأجواء للخير، بفتح أبواب الجنان، حتى لا يُوصد منها باب، وإغلاق أبواب النيران، حتى لا يُفتح منها باب، وتصفيد مردة الشياطين، كما في الحديث: «إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ. وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ»[3]، ولكنّ النصف الثاني من رمضان هو بلا شك أهم وأغلى من النصف الأول؛ إذ فُضِّل عليه بليلة القدر التي تُعد العبادة فيها خيراً من عبادة ألف شهر (83 سنة و4 أشهر)، والمحروم هو من حُرم خيرها، كما أخبر بذلك النبي عيه الصلاة والسلام.
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في النصف المتبقي من رمضان، ولا سيما العشر الأواخر منه؛ فقد كان عليه الصلاة والسلام «إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله»[4]، وهذا دليل على كمال الاستعداد النفسي والروحي والبدني لمقبل الأيام الفاضلة؛ أعاننا الله جميعاً على اغتنامها، وتقبلها منا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم وباركَ وأنعم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
[1] رواه الترمذي (3545)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
[2] سير أعلام النبلاء (2 /393).
[3] رواه الترمذي (682)، صحيح الجامع (759).
[4] متفق عليه.
______________________________________________
الكاتب: علي صالح طمبل
ابوالوليد المسلم
27-03-2024, 02:06 PM
مسلمو سراييفو يوزعون مئات الطرود الغذائية على الصائمين والمحتاجين في رمضان
يقوم مكتبُ الرعاية الاجتماعية بمدينة "سراييفو" التابع للمشيخة الإسلامية في البوسنة والهرسك - بتوزيع عددٍ كبيرٍ من الطرود الغذائية والقسائم المالية ووجبات الإفطار الرمضانية على الصائمين والفئات الأكثر احتياجًا.
https://i.imgur.com/Sxig7AY.jpeg
ونجح مكتبُ الرعاية الاجتماعية وعددٌ من المتطوعين في توزيع أكثر من 300 طرد غذائي ووجبات الإفطار أمام مسجد الاستقلال بمدينة سراييفو عاصمة البوسنة والهرسك، بالتعاون مع مؤسسة "Human Appeal" الإنسانية الأسترالية، ومؤسسة "رحمة" الإنجليزية.
وبصفتها إحدى المشرفات على الأنشطة الرمضانية التي يقوم بها مكتبُ الرعاية الاجتماعية بمدينة سراييفو - أكَّدت "أميلا بردار" أن الطرود الغذائية تذهب لمستحقِّيها من الصائمين أو غير القادرين والمحتاجين، بهدف مساعدتهم خلال الشهر الكريم.
وأشارت "أميلا بردار" إلى أنه سيتم توزيع الطرود الغذائية ووجبات الإفطار من خلال توصيلها للمحتاجين وكبار السن حتى منازلهم، أو أمام مسجد الاستقلال بالتعاون مع الأئمة والمتطوعين.
وأكد "فريد إف" أحد مُنسِّقي مكتب الرعاية الاجتماعية أن هذه الأنشطة الاجتماعية والخيرية التي تُقام في شهر رمضان المبارك، تُعد فرصة خاصة للتراحم والتعاطف وعمل الخير.
وقالت "أفنديجا غانيتش" إحدى المشرفات على الحدث الخيري: "غالبًا ما تكون الفئات الأكثر احتياجًا من كبار السن، ومَن يعانون من مشكلات صحية، ونحن نتطلع دائمًا إلى مساعدة هؤلاء، خصوصًا أثناء شهر رمضان المبارك".
ومن الجدير بالذكر أن المشيخة الإسلامية في البوسنة والهرسك تقوم دائمًا بتنفيذ أنواع مختلفة من أنشطة الدعم للفئات الأكثر احتياجًا في المجتمع، من خلال مكاتب الرعاية الاجتماعية على مدار العام، وخاصة في شهر رمضان؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
28-03-2024, 02:11 PM
600 شاب يفطرون على مائدة واحدة أمام مسجد كونييتش
نظَّمت شبكةُ الشباب التابعة لمجلس الجالية الإسلامية في مدينة "كونييتش" في البوسنة والهرسك - إفطارًا جماعيًّا للشباب، وحضرة حوالي 600 شاب مسلم أفطروا معًا أمام مسجد مدينة كونييتش.
https://i.imgur.com/VblM57S.png
كما حضر الإفطارَ الجامعي عددٌ من الشباب المسلمين من مدن (موستار - ستولاك - جابلانيكا - فيسوكو - سراييفو - غورايد - أوستيكولينا - دوني فاكوف)، وأماكن أخرى.
بدأ برنامجُ الإفطار الجماعي بتلاوة بعض آيات الذكر الحكيم للشيخ "كريم نوهانوفيتش"، تلتها كلمتان دعويتان عن فضل صيام شهر رمضان المبارك لإمام مسجد مدينة كونييتش ومنسِّق الشباب بمجلس الجالية الإسلامية، إلى جانب بعض الأناشيد الرمضانية.
وأعرَبت شبكة الشباب بمجلس المجتمع الإسلامي في كونييتش عن سعادتها وامتنانها لتنظيم الإفطار الجماعي الذي لَقِيَ نجاحًا كبيرًا على مستوى المشاركة، وأشارت الشبكة إلى أن الإفطار الجماعي فرصة للتعرف على بعضنا، كما وجَّهت الشبكة الشكرَ إلى جميع المشاركين في التنظيم والمسهمين من المسؤولين والمتطوِّعين.
ويشار إلى أن مجلس الجالية الإسلامية في البوسنة والهرسك، يُقيم أكثر من إفطار جماعي طول شهر رمضان المبارك في مختلف المدن، بمشاركة المئات من الشباب ومعلِّمي التربية الإسلامية والأئمة والمسلمين وغيرهم؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
01-04-2024, 02:26 PM
المئات يحضرون موائد الإفطار الجماعية في مدن ومناطق بلغاريا
تنظِّم الجاليةُ الإسلامية في جمهورية "بلغاريا" عددًا من موائد الإفطار الجماعية في أكثر من مدينة ومنطقة في بلغاريا، وبمشاركة الشخصيات الإسلامية البارزة، وبحضور المئات من المسلمين وغيرهم.
ونظَّمت الجاليةُ الإسلامية في مدينة "Madan" بمقاطعة "سموليان" أقصى جنوب بلغاريا - إطفارًا جماعيًّا حضره أكثرُ من 1500 شخص، على رأسهم المفتي العام لجمهورية بلغاريا الدكتور "مصطفى حاجي"، والمفتي الإقليمي لمقاطعة سموليان الشيخ "نجمي دابوف"، ورئيس قسم التعليم في مكتب المفتي العام السيد "أمير فليتي"، وعددٌ من المسؤولين.
وبعد الإفطار ألقى الدكتور مصطفى حاجي محاضرة عن فضل شهر رمضان المبارك، مؤكدًا أن الشهر الكريم يُعد بداية جديدة لتحسين علاقة المؤمن بربِّه، وفرصة مهمة يجب على المؤمن استغلالُها.
كما نظَّمت الجالية الإسلامية في قرية "برانيتشفو" الواقعة بمدينة "Kaolinovo" شمال شرق بلغاريا - حفلَ إفطار جماعي حضَره حوالي 700 شخص، وبمشاركة الشيخ "فيدات أحمد" رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في بلغاريا، والشيخ "أحمد حسنوف" نائب مفتي جمهورية بلغاريا، وعددٌ من المفتين الإقليميين من شمال شرق بلغاريا.
وخلال كلمته أشار الشيخ فيدات أحمد إلى أن شهر رمضان يُتيح الفرصة للمسلمين لتعزيز وَحدتهم وتعاوُنِهم، وهو أمرٌ مهمٌّ في بناء مجتمع مستقر.
ومن برانيتشفو إلى مدينة "سيليسترا" شمال شرق بلغاريا؛ حيث نظَّمت الجاليةُ الإسلامية هناك إفطارًا جماعيًّا حضره حوالي 250 شخصًا بمشاركة الشيخ "بيهان محمد" نائب مفتي بلغاريا، والشيخ "مدثر محمد" مفتي مدينة سيليسترا، والشيخ "عاكف أكيفوف ويوسيل حسنيو" مفتي منطقة دوبريتش وروس، إلى جانب رؤساء بلديات مدينة سيليسترا.
وخلال كلمتهما أكد الشيخ بيهان محمد والشيخ مدثر محمد فوائدَ الصيام والشهر الكريم للفرد والمجتمع المسلم، بالإضافة إلى تأكيد مواصلة دعم مثْل هذه الفعاليات.
نصل إلى مدينة "كارجلي" جنوب بلغاريا؛ حيث تجمَّع أكثر من 600 شخص خلال فعاليات الإفطار الجماعي الذي أُقيم بحضور الشيخ "بيهان محمد" نائب مفتي بلغاريا، والشيخ "بصرى إمينفندي" مفتي مدينة كارجلي، وعددٍ من المسؤولين والأئمَّة.
وخلال كلمته تحدَّث الشيخ بيهان محمد عن الدروس التي يجب أن نتعلَّمَها خلال شهر رمضان، وتَمنَّى للجميع التوفيقَ والقبول في أداء العبادات والتقرب إلى الله.
وقبل بداية الشهر الكريم كانت مدينة كارجلي قد أقامت احتفالًا خاصًّا للأطفال المسلمين لاستقبال شهر رمضان المبارك، بحضور الشيخ "بصري أمينفندي" والسيد "إيرول ميوميون" رئيس بلدية مدينة كارجلي، وعددٍ من المسؤولين والمسلمين، وأُقيم الاحتفال في المسجد القديم في بمنطقة "فيليكو تارنوفو"، وشارك فيه حوالي 500 طالب وطالبة من أبناء المسلمين، من بينهم 40 طفلًا من منطقة "فيليكو تارنوفو" مع آبائهم، بالإضافة إلى المشاركين في دورات القرآن الكريم، وأطفال من المرحلة الابتدائية؛ حيث أبدعوا في إلقاء عددٍ من القصائد والأناشيد، وتقديم بعض العروض؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
01-04-2024, 05:02 PM
الحث على الاجتهاد في العشر الأخيرة من رمضان
الشيخ عبدالعزيز السلمان
يُستحب الاجتهادُ والحرص على مداومة القيام في العشر الأواخر من رمضان، وإحياؤها بالعبادة واعتزال النساء وأمر الأهل بالاستكثار من الطاعة فيها، لما ورد عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وشد المئزر؛ متفق عليه.
وعنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر منه ما لا يجتهد في غيره)؛ رواه مسلم.
وأخرج الطبراني من حديث علي - رضي الله عنه - (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله في العشر الأواخر من رمضان، وكل صغير وكبير يُطيق الصلاة).
وفي الترمذي عن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت (لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم إذا بقي من رمضان عشرة أيام يدع أحدًا من أهله يطيق القيام إلا أقامه).
ابوالوليد المسلم
01-04-2024, 05:16 PM
ندوة حول قيم شهر رمضان ببلدة سارنده جنوب ألبانيا
أقام مكتبُ الجالية الإسلامية في بلدة "سارنده" الواقعة بمقاطعة "فلوره" جنوب جمهورية ألبانيا - ندوةً علمية حول قِيم شهر رمضان المبارك، بمشاركة السيد "Bujar Spahiu" رئيس الجالية الإسلامية في ألبانيا، والسيد "Bledar Mulaj" مفتي مدينة سارنده، وكل من السيد "Bledar Ali" مفتي مدينة "دلفينا"، والسيد "Mikel Hazizolli"، إلى جانب عددٍ من الأئمة والمسلمين.
وخلال كلمته الافتتاحية وجَّه السيد "Bledar Mulaj" الشكر إلى جميع الحاضرين للمشاركة في الندوة، كما ركَّز بإيجاز على أهمية الاستفادة من الأجواء الرمضانية واستغلال العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك.
وبدروه أشاد السيد "Bujar Spahiu" بالمجهودات الرائعة والمثمرة على مرِّ السنين التي يقوم بها مكتبُ الجالية الإسلامية في بلدة سارنده ومدينة دلفينا، وكلٌّ من السيد "Bledar Mulaj" والسيد "Bledar Ali".
وخلال الندوة قدَّم المحاضرين تفسيرًا للآية رقم 183 من سورة البقرة: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]؛ حيث ركَّز السيد "Bujar Spahiu" على شرح مصطلح التقوى، وكيف يصل الفرد المسلم إلى درجات عالية من تقوى الله عز وجل.
وفي ختام الندوة أقام مكتبُ الجالية الإسلامية في سارنده إفطارًا جماعيًّا لجميع الحضور؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
02-04-2024, 10:05 AM
مائدة الزاهدين
سهام علي
ما أطيبها من مائدة، إنها هدية المولى عز وجل لعباده أعدها الله سبحانه وتعالى للمنيبين التائبين العابدين الذين يرجون رحمته ويخشون عذابه إنها شهررمضان، مائدة الرحمن التي اشتملت على ألذ ما يشتهي العبد النقي سليم الفطرة، التواق للتسامي والارتقاء والتحليق في عالم الروحانيات والاستعلاء على عالم المادة وعبودية الجسد، فمنح الخالق سبحانه عباده هذه الفرصة الذهبية لتطهير النفوس والقلوب بالتزود من هذه المائدة الفاخرة التي تميزت بخير زاد كما في قوله تعالى : " {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادالتَّقْوَىٰ } " (البقرة:197)
و إذا كان رمضان يحمل أجمل الأوصاف فإذا وصفناه بشهر التقوى لكان الأنسب لأن المولى سبحانه هو القائل "لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"عقب أمره بصوم رمضان
فالمنعم الكريم الذي وهب الهدية وأطلق عليها الوصف فبأي حديث بعده نؤمن!
فلنلبي ونستجيب ونسأل المولى أن يرزقنا السداد والرشاد ومالنا لا نسأله وهو القائل " {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} "(غافر:60)وهو الواعد بالقرب من كل متقرب خاصًة في الشهر المبارك الذي خصه بالفضل العظيم والأجر الكريم لمن عرف للشهر حقه والتخصيص من قبل الله سبحانه وتعالى من باب الكرم والعطاء، والمؤمن الفَطِن هو الذي يسارع ويبادر وينافس لينال من هذا العطاء وفي مثل هذا فليتنافس المتنافسون، فأمرنا سبحانه بإصلاح نفوسنا وتهذيبها ثم يمنحنا الجوائز فأي كرم أعظم من ذلك، إنها عطاءات الرب الوهاب الرحيم المانح لعباده الفرصة تلو الفرصة، وكما هو معروف في قول رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم :( «من صَامَ رَمَضَانَ، إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ» )
الراوي : أبو هريرة (المصدر : صحيح البخاري رقم [38])
لكن ما هو الصوم الذي يحقق للمسلم كل هذه المثوبة وماذا يعني؟ هل هو مجرد الامتناع عن الطعام والشراب والشهوات؟، إن كثيرًا ما يمنع البشر منها بأمر من طبيب أو معالج لكن المعنى أسمى من ذلك بكثير إنه الاغتراف غرفًا من مائدة الزاهدين، مائدة رمضان، مائدة التقوى، التقوى في الأقوال، التقوى في الأفعال، التقوى عند الكلام، التقوى عند الصمت، التقوى المتمكنة من القلب، التقوى العاقلة لا المغيبة، التقوى القادرة لا تقوى العاجزين، التقوى الواعية لا تقوى المنقادين، التقوى العالمة لا تقوى الجاهلين .
فما هي التقوى إذن ؟ لها تعريفات كثيرة من أشهرها الخشية من الجليل والعمل بالتنزيل والرضا بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل
اللهم نسألك باسمك الأعظم الذي إذا دُعيت به أجبت وإذا سُألت به أعطيت أن تؤتي نفوسنا تقواها وأن تُزَكِها فأنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها.
ابوالوليد المسلم
03-04-2024, 03:40 PM
200 شاب يتجمعون على مائدة إفطار واحدة بمدينة سازين في رمضان
أقامت شبكة شباب مجلس الجالية الإسلامية في مدينة "سازين" شمال غرب "البوسنة والهرسك" الإفطار الجماعي الثالث على التوالي في شهر رمضان المبارك والذي جمع أكثر من 200 شاب مسلم.
وتجمَّع الشباب المسلمون من مناطق بيهاتش وبانيا لوكا في البوسنة والهرسك، إلى جانب مجموعة من الشباب الآخرين من كرواتيا وسلوفينيا والنمسا وبعض الشباب الذين يتعاونون مع شبكات الشباب الإسلامية في مجتمعاتهم.
ويقام الإفطار الجماعي تحت شعار "وجهة نظر" الذي يهدف إلى استيعاب وجهات نظر الآخرين، ومحاولة تفهُّمهم والتحاور معهم دون التعصب لرأي واحد أو وجهة نظر واحدة.
وخلال كلمته أعرب الشيخ "حافظ محمد إيف. كوديتش" مفتي مدينة "بيهاتش" عن سعادته بمشاركة الشباب مائدة الإفطار خلال شهر رمضان المبارك، وأثنى على جميع الأئمة والعلماء الحاضرين، مؤكدًا دعمه لمثل هذه الأنشطة التي تقام تحت رعاية شبكات الشباب الإسلامية في البوسنة والهرسك.
كما أعرب المتحدثون والمحاضرون والأئمة عن دعمهم ورضاهم التام عن المشاركات والأنشطة الشبابية تحت مظلة شبكة شباب الجالية الإسلامية التي من شأنها الارتقاء بأخلاقهم ومستواهم على الصعيد الاجتماعي والعلمي.
وأكد الشباب المنظمون للحدث أنهم ينتظرون شهر رمضان كل عام بصبر كاد ينفد، باعتباره فرصة رائعة للقاء الأحِبَّة والتواصل الاجتماعي، كما أشاروا إلى أن الإفطار الجماعي في مدينة سازين يترك انطباعًا إيجابيًّا كل عام.
وفي الفترة الأخيرة نظَّمت شبكةُ الشباب التابعة لمجلس الجالية الإسلامية في مدينة "كونييتش" في البوسنة والهرسك - إفطارًا جماعيًّا للشباب، وحضره حوالي 600 شاب مسلم أفطروا معًا أمام مسجد مدينة كونييتش؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
03-04-2024, 03:48 PM
موائد رمضان تشهد لهم
د. منال محمد أبو العزائم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فإن الصوم عبادة روحانية عظيمة، وفيها من تزكية الروح والبدن كما ليس في غيرها، والصائم يصيبه الجوع والعطش، ولكنه يصبر احتسابًا للأجر والتقرب من الله، ثم يمضي في صيامه، ويزداد تعبه ومعاناته، التي يتجاوزها بالتصبر بالقرآن والصلاة، والذِّكر والنوم والراحة، وغيرها من العبادات والمباحات، وينتظر أذان المغرب حتى يبل عروقه بالماء، ويشفي عطشه، وفي هذا الانتظار تربية له؛ حتى يُحِسَّ بمعاناة الفقراء والجوعى، كما أن فيه تطهيرًا للنفس وتزكية لها بتعلُّم الصبر على طاعة الله، ومشاهدة النفس لأجلها.
ويمضي يوم الصائمين بسلام، وفي نهاية اليوم يبدأ الناس في الاستعداد للإفطار، فتجد أبسطة الإفطار قد فُرِشت في الطُّرُقات، وأمام المنازل والمساجد، وتجد كثيرًا من الطيبين قد أحضروا صواني الأكل، مليئة بمختلف الأصناف وأطيبها، وبينها صحون البلح، وأباريق اللبن والماء، لم يُوقِفْهم عن ذلك غلاء الطعام ولا قِلَّتُه، يفعلون ذلك عن طِيب نفسٍ؛ طمعًا في مرضاة الله، وتحصيلًا لأجر إفطار الصائمين؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((من جهَّز غازيًا، أو جهز حاجًّا، أو خَلَفَه في أهله، أو أفطر صائمًا، كان له مثل أجورهم، من غير أن ينقص من أجورهم شيء))[1]، وتجد في تلك الأثناء الناس قد اجتمعوا وتلاقوا بالترحاب، ثم جلسوا متقابلين على تلك المفارش ينتظرون الأذان، ويتبادلون الابتسامات ويسأل بعضهم عن أحوال بعض، وكأنهم ضيوف الرحمن على موائد في الجنة.
وعندما يحين المغرب يلقي المؤذن أذان المغرب بصوته العذب، فيُنصت له الحضور، ويرددون وراءه أذكار الأذان، ويُتبعونها بأدعية الإفطار، ثم بما شاؤوا من الدعاء، فدعاء الصائم يُرجى منه الخير الكثير؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((للصَّائمِ عندَ فطرهِ دعوة لا تُرَدُّ))[2]، ويفرح الصائمون بإتمام الصوم وبفطرهم، كما يتطلعون للأجر والقبول من الله؛ قال صلى الله عليه وسلم: (للصائم فرحتان: فرحة حين يُفطِر، وفرحة حين يلقى ربه))[3].
وبعد الأذان يأخذ كل منهم تمرة ليبدأ بها إفطاره مصحوبة بقليل من الماء أو الحليب، وبعد الإفطار يقوم الناس لصلاة المغرب ويصطفون في أدب وحياء من الله في المساجد، ثم تبدأ الصلاة في خشوع وسكينة تَغْشيان تلك الجموع المصطفة، ويُتمُّون صلاتهم وأذكارهم بتُؤَدَةٍ، ثم يرجعون لحصائرهم لجمع الأواني وتنظيفها، ويرجعون لبيوتهم في أمن وسلام بعد أن يودع بعضهم بعضًا، ويحملون حصائرهم وصوانيهم، ليعودوا بها في الغد، فيا لهم من كرماء طيبين، تشهد لهم أبسطتهم وصوانيهم، وتحدِّث موائدهم عن جودهم وسخائهم وحُسْنِ خلقهم، كما تشهد لهم مساجدهم بصلاتهم وقيامهم، ويشهد لهم الأشهاد بذلك!
نسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنهم، ويجعلهم قدوة لغيرهم من المسلمين، ويزيدهم من فضله، ويجزيهم خير الجزاء، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
[1] أورده المنذري في الترغيب والترهيب (1/ 152)، وحكمه عليه: إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما.
[2] ذكره ابن عساكر في معجم الشيوخ (1/ 307)، وحكمه عليه: حسن غريب.
[3] أخرجه البخاري (7492) واللفظ له، ومسلم (1151).
ابوالوليد المسلم
05-04-2024, 05:02 PM
مِن فوائد الصِّيام
الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
فرَض الله الصيام على الأمة الإسلامية رحمةً بها، وإحسانًا إليها؛ ليُكَفِّر به سيئاتِهم، ويرفع به درجاتِهم، ويضاعِف به حسناتِهم، ولِما فيه من فوائدَ عظيمةٍ تعود على الفرد والمجتمع، لا يحيط بها قلمُ كاتب، أو تعبيرُ بليغ، وإنما يتكلم الإنسان في ذلك بحسب ما بلغه، فالصيامُ بعد كونه ركنًا من أركان الإسلام، وعبادةً من أبلغ العبادات وأهمها - فيه امتثالٌ لأمر الله، وطلبٌ لرضاه، وتعرُّضٌ لفضله، فهو من أكبر الدروس العملية التي تُعِدُّ الصائمَ الصادق للتقوى؛ فهو مُرَبٍّ للإرادة، ومُرَوِّضٌ للروح، يغرس في نفس المؤمن ملَكةَ الصبر على الطاعات، والصبر عن المخالَفات، والصبر على أقدار الله المؤلِمة، من مرضٍ، أو فقر، أو شدة تنزل بالعبد، إذا أخلَص النِّيَّة فيه لله - تعالى.
وبهذه المناسبة، فإنَّني أنصح إخواني المسلمين الصائمين الذين ابتُلوا بشُرب الدخان، الضار بصحتهم وأبدانهم وأموالهم، ودينهم ودنياهم وآخرتهم، أن يتسلوا عنه بالصوم، وأن يتركوه لله؛ فإنَّ مَن ترَك شيئًا لله، عوَّضه الله خيرًا منه، وألا يصوموا عن الحلال ثم يفطروا على الحرام.
نسأل الله لنا ولهم وللمسلمين عمومًا العصمةَ والعافية والتوفيق والهداية.
والصوم طُهرة وزكاة للجسَد، يُطَهِّر الإنسانَ من الذنوب، ويزيل عنه آثارَ الشح والبخل والخُيَلاء، ويُطَهِّر جسمَه من آفات فضلات الأطعمة والأشربة، وفي الحديث الشريف: ((لكلِّ شيء زكاة، وزكاة الجسَد الصوم))؛ رواه ابن ماجه.
ومِن فوائد الصَّوم الاجتماعيَّة: المُساواةُ فيه بين الأغنياء والفُقَراء، والخاصَّة والعامَّة، وفي مُشارَكة الأغنياء للفُقراء في الجُوع إشعارٌ لهم بلزوم العطف عليهم، وأداء حقوقهم التي فرَضَها الله في أموالهم إلى الفقراء.
ففي الصَّوم إعلامُ الغني بحال الفقير، وإشعار الطاعم الكاسي بالجائع العاري، وفي هذا ما فيه من الخير الكثير للناس أجمعين.
وفي الصوم تنظيم الأمة في المعيشة، وإشعار بوحدة المسلمين، وجمْع شملِهم على الحق والهدى، فجميعُ المسلمين يمسكون عن الطعام والشراب في وقت واحد، ويفطرون في وقت واحد، إذا كانوا في إقليم واحد، لا يَتَقَدَّم أحد منهم على أحد، ولا يتأخر عنه.
وفي الصوم يتَمَثَّل الصدق والأمانة في العبادة؛ لأنه أمرٌ موكول إلى نفس الصائم وأمانته وعفته وشرفه، ولا رقيب عليه فيه إلا الله - تبارك وتعالى - لذا فقد جَعَلَ الله عملَ العبدِ له الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، إلاَّ الصيامَ، فقد اختَصَّه لنفسه، ولا يعلم مقدارَ ثواب الصيام إلا اللهُ؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((قال الله - تعالى -: كلُّ عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها، إلا الصيام، فإنه لي، وأنا أجزي به))؛ متفق عليه.
وللصوم فوائدُ صحيةٌ؛ فإن المعدة بيت الداء، والحمية رأس الدواء، وقد قال كثير من الأطباء: إنَّ في الصوم أمانًا من كثير من الأمراض المزمنة، ولا سيما السل والسرطان الجلدي والدملي، وأمراض المعدة، وفي الحديث: ((صوموا تصِحُّوا))؛ رواه الطبراني في "الأوسط"، ورواته ثقات[1]؛ فهو يحفظ الصحة، ويذيب الفضلات المؤذية.
ومن فوائد الصيام: أنه يضيق مجاريَ الدم، التي هي مجاري الشيطان، فإنَّ الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فتسكن بالصيام وساوسُ الشيطان، وتنكسر حدةُ الشهوة والغضَب.
وبالصوم تعرف نِعَم الله عليك معرفةً صحيحة؛ فإن الشيء لا يعرف حقًّا إلا عند فَقْدِه.
وبالصوم تعرف ضعفك وحاجتك إلى ربك، ومَن عرَف ضعفه واحتياجه زالتْ عنه الكبرياء الكاذبة، فيعرف قدره، ورحم الله امرَأً عرَف قدره.
وفي الصوم تشبُّهٌ بالروحانيين من ملائكة الله المقرَّبين، الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يُؤمرون، يُسَبِّحون الليل والنهار لا يفترون، ولا يأكلون ولا يشربون.
وبالصيام يزيد الإيمان، ويستعين العبد على كثير من العبادات، من صلاة وقراءة، وذكر وصدقة، ودعاء واستغفار وتوبة، ويردع النفس عن الوقوع في الأمور المحرَّمة، فهو من أعظم الحسنات المذهِبة للسيئات، فهو جامِع لمصالِح الدين والدنيا والآخرة، وذلك فضْل الله يُؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
[1] انظر: "الصيام في الإسلام"، للشيخ محمد محمود الصواف، ص 13، 14، و"لطائف المعارف"، لابن رجب ص163، و"الرياض الناضرة"، لابن سعدي، ص 15.
ابوالوليد المسلم
06-04-2024, 01:10 PM
قيام ليلة القدر أفضل من عبادة ألف شهر
د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
قال تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [القدر: 1 - 5].
تفسير الآيات:
يخبر الله تعالى أنه أنزل القرآن ليلة القدر، وهي الليلة المباركة التي قال الله عز وجل:﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ﴾ [الدخان: 3]،وهي ليلة القدر، وهي من شهر رمضان، كما قال تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185].
قال ابن عباس رضي الله عنهما، وغيره: أنزل الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا، ثم نزل مفصلا بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم قال تعالى معظما لشأن ليلة القدر التي اختصها بإنزال القرآنالعظيم فيها، فقال: ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾أي: أنها أفضل من عبادة ألف شهر ليس فيها ليلة القدر.
وقوله: ﴿ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ﴾أي: يكثر تنزل الملائكة في هذه الليلة؛ لكثرة بركتها، والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة، كما يتنزلون عند تلاوة القرآن ويحيطون بحلق الذكر، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم تعظيما له.
وأما الروح فالمراد به هاهنا جبريل عليه السلام، وهذا من باب عطف الخاص على العام.
وقوله: ﴿ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ﴾ أي: سلام هي من كل أمر، وقيل: هي سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءا، أو يعمل فيها أذى.
وقال قتادة، وغيره: تقضى فيها الأمور، وتقدر الآجال والأرزاق، كما قال تعالى: ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ [الدخان: 4].
قوله تعالى: ﴿ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ أي: تسلم الملائكة ليلةَ القدر على أهل المساجد حتى يطلع الفجر.
وقال قتادة، وابن زيد في قوله: ﴿ سَلَامٌ هِيَ ﴾يعني هي خير كلها، ليس فيها شر إلى مطلع الفجر[1].
ما يستفاد من الآيات:
1-القرآن أُنزل جملة واحدة في ليلة القدر إلى السماء الدنيا.
2-العبادة في ليلة القدر أفضل من العبادة ألف شهر ليس فيها ليلة القدر.
3-عظم شأن ليلة القدر حيث تتنزل فيها الملائكة، فتسلم على أهل المساجد حتى يطلع الفجر.
[1] انظر: تفسير ابن كثير (8/ 441-445).
ابوالوليد المسلم
08-04-2024, 02:03 PM
مسلمات القرم يُقمن إفطارًا خيريًّا لمساعدة مرضى الأطفال
أقام المركزُ النسائي الثقافي الإسلامي بمدينة "سيفاستوبول" التابع للإدارة الإسلامية بجمهورية شبه جزيرة القرم - إفطارًا خيريًّا بمدينة "سيمفيروبول"، وشارَك في الإفطار حوالي 200 امرأة مسلمة من جميع أنحاء شبه جزيرة القرم.
https://i.imgur.com/fIpfsMP.jpg
وتناول الإفطارَ الخيري موضوعان أساسيان، هما: (الأمومة، ودور المرأة المسلمة في العالم)، ويَهدِف الإفطارُ إلى إقامة مَعرضٍ للمشغولات والمصنوعات اليدوية، وجمع الأموال من خلالها لمساعدة الأطفال المصابين بأمراض خطيرة، بالإضافة إلى بناء دار للأطفال.
وخلال المعرض الخيري تَمَّ تقديم مجموعة متنوعة من المشغولات والمنتجات المصنوعة من قِبَل الأطفال والكبار، إلى جانب مشاركة عددٍ من أساتذة الفنون الزخرفية والتطبيقية من شبه جزيرة القرم.
https://i.imgur.com/lFB48HO.jpg
وخلال كلمتها قالت الدكتورة "زينيف أبلاييفا" رئيسة المركز النسائي الثقافي الإسلامي: "اليوم هو يوم سعيد بالنسبة لنا، ويُسعدني أن أرحِّب بجميع نسائنا الرائعات اللاتي اجتمعنَ معًا في الإفطار والمعرض الخيري، ونحن بوصفنا منظِّمين للإفطار نريد بشكلٍ خاص تسليطَ الضوء على أهمية المرأة في المجتمع، ودعْمها ومنْحها الفرصةَ للتطور والتعلم، وأبواب المركز النسائي الثقافي الإسلامي مفتوحة للجميع".
كما تضمَّن الإفطارُ برنامجًا تعليميًّا وثقافيًّا للمشاركات، بالإضافة إلى عرض عددٍ من الفيديوهات التي تشرَح أنشطة المركز النسائي الإسلامي، كما تَم تقديم هدايا قيِّمة لجميع الفتيات والسيدات من المنظِّمين والرعاة، وفي ختام الحدث تَم إهداءُ عددٍ من رحلات العمرة للأُمهات المسلمات.
ومؤخرًا أقام المركزُ النسائي الثقافي الإسلامي بمدينة "سيفاستوبول" التابع للإدارة الإسلامية بجمهورية شبه جزيرة القرم ومدينة سيفاستوبول - ندوةً علمية بعنوان: "القيم العائلية: أهمية التربية الدينية والأخلاقية في الحفاظ على مؤسسة الأسرة"؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
09-04-2024, 10:01 AM
السحور .. فضائل وثمرات
https://static.islamway.net/uploads/articles/%D8%B3%D8%B3.jpeg
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد:
فإن السحور مِنحة ربَّانية، ورخصة إلهية، ونِعمة فعليه، ووصية نبوية، وعطية ثمينة، وجائزة للصائمين سَنيَّة، مَن عمل به أُجِر وحصل له الكثير من الخيرات، ومن تركه غُبِن وحُرِم الكثير من البركات.
إن السحور يرفعُ من الدرجات، ويحط به من السيئات، وهو فضلٌ من الله - عز وجل - يَهدي إليه مَن يشاء.
وهو أحد تلك العبادات العظيمة العجيبة، التي يرى البعض أنها مربوطةٌ بأسبابها ومقوماتها - كما سنرى - ولعل مِن أعظمها:
الحرص على إقامة شرع الله - عز وجل - ولا سيما ما يتعلَّق بالصيام، وما فيه من العبادات - كما ينبغي، وتنفيذ حدوده - عز وجل - على الوجهِ الأكمل، وتحقيق الصيام وإتمامه على أقربِ وجهٍ ممكن من الكمال، أو ما يُدانيه.
وهو يجدِّدُ النشاط للعبادة التي تعقُبُه، وهي الصيام، ويَزيد من عنايةِ الصائمين بالصيام، ويصرِفُهم عن الأفكار الخبيثة، والوساوس الدنيَّة، التي يمكن أن تساورَهم عند صيامِهم، ويبعث جوارحَهم وقلوبهم، إلى ما يُرضي الله عز وجل، وما فيه الخيرُ لهم في دِينهم ودنياهم.
وهو إلى ذلك يقتضي محبةَ العباد له عز وجل، ويقرِّبُهم إليه، إلى غيرِ ذلك مما يمكِنُ استنباطُه من الأدلَّة الصحيحة، وبالقواعد المنضبطة، لكل مَن يسَّر اللهُ له ذلك، أو شيء منه.
إذًا السحور: عبادةٌ عظيمة وهَبها الله - عز وجل - لعبادِه المسلمين، وجمَّل بها أولياءَه المخلِصين، وهو مَسخَطة للشيطان، ومَرضاة للرحمن، وهو من أعظمِ الأسباب الشرعية التي يُستعان بها على إتمام الصِّيام والطاعات، وأوثقِ العُرى التي تقوِّي صاحبَها على ترك الطعام والملذات، وهو يأخذ بيدِ الصائم ليتمَّ صومَه برشاد، وينهيَه بسَداد، وهو يَزيد في القوة، وهو من السنَّة، ومن خصائص هذه الأمَّة، أنعم الله - عز وجل - بها على هذه الأمَّة تمييزًا لها وتكريمًا عن سائر الأمم.
كما أنه تشريفٌ للصائم من وجه، وتكليفٌ له من وجه آخر، ولا يدرك شأوَه متهاونٌ فيه، ولا بركتَه مفرِّطٌ فيه، وهو إحدى تلك الصور الجمالية، التي تبرز - وبوضوح - الحنيفية السَّمحة، والرِّفق بأهلها، وله من المعاني الساميةِ والقِيَم الغالية، ما لو استحضرها الصائمُ، لكان منه أمر آخر؛ ولذلك فهو يستوجبُ - منا - الحمدَ والثَّناء، والشُّكر لربِّ الأرض والسماء.
وقد أخَذ به الرسولُ صلى الله عليه وآله وسلم، وعمِل به، وعاش في أكنافه الصائمون، وعمل به المخلِصون المتَّبِعون، وكانوا يحفِلون به في كل مكان، فرِحين مسرورين؛ طمعًا في الفوز بما ورَد فيه من الفضائل والثِّمار، وهنا - كمثال - يكمُنُ أحدُ أهمِّ الفروق الكبيرة بين من دأب يطالع السنَّة ويحفَظُها، وينظر لها، وبين مَن يعمل بها، وتظهرُ آثارُها في كلِّ حركاته وسكناته.
والفِطر والسحور فيهما أتى ** فضلٌ عن الرسول نصًّا ثبتَا
قولاً وفعلاً آمرًا مرغِّبَـــــــــا ** فلا تكُنْ عما ارتضاه راغبَــا
ولذلك لا بدَّ من تربية الأمَّةِ؛ رجالها ونسائِها، صغارها وكبارِها، وتنشئتهم على هذه الطاعة، ومعرفة الأسباب والعوامل التي تُضعِفُ العملَ به أو تمنَعُه، للحذَرِ منها والبُعد عنها، أو الأسباب التي تقوِّي الأخذَ به وتُعِين على العمل به، للحرص عليها، والأخذ بها؛ لشحذِ الهمم لطاعة الله - عز وجل - وحتى تحفظ الصائمَ عن تخطِّي محارم الله عز وجل.
فأسألُ الله ألا يحرمَنا وإياكم منها، وأن يوفِّقَنا؛ لنكون ممن سدِّد لاستغلالها على أتمِّ وجهٍ وأكملِه، وكما يحب ربُّنا ويرضى.
وقد رأينا أن نعيش في مراتعِ ثمراتها وفضائلها، ونتفيَّأ ظلالها التي وردت في السنَّة النبوية.
السحور أمرنا به:
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «تسَحَّروا؛ فإن في السَّحور بركةً» [1].
فقوله: (تسحَّروا) صيغةُ أمر، فيها دليلٌ على أن الصائمَ مأمورٌ بالسحور، وفيها حضٌّ منه صلى الله عليه وآله وسلم لأمَّتِه على السحور، وأمرهم به، وترغيبهم فيه.
وهذا الأمرٌ للاستحبابِ والندب بالإجماع، وليس للوجوب، والصارفُ له عن الوجوب فعلُه صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومن الصوارف مواصلةُ النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم بالصحابةِ رضي الله عنهم في الحادثةِ المشهورة[2].
قال الحافظ: "السحور ليس بحتمٍ؛ إذ لو كان حتمًا ما واصل بهم صلى الله عليه وآله وسلم؛ فإن الوصال يستلزم ترك السحور، سواء قلنا: الوصال حرام أو لا"[3].
وممن حكى الإجماع على عدم وجوبه:
القاضي عياض حيث قال: "أجمع الفقهاءُ على أن السحور مندوبٌ إليه ليس بواجب"[4].
وقال ابن المنذر: "وأجمعوا على أن السحور مندوبٌ إليه"[5].
وقال النووي: "وأجمع العلماء على استحبابِه، وأنه ليس بواجبٍ"[6].
وقال ابن الملقِّن: "أجمع العلماءُ على استحباب السحور، وأنه ليس بواجب"[7].
ونفى ابنُ قُدامةَ الاخلاف في ذلك - أصلًا - فقال كما في المغني: "ولا نعلَمُ فيه بين العلماء خلافًا"[8]؛ [أي: في استحبابِه].
السحور يُعِين الصائم على الصيام:
عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «استعينوا بطعام السَّحر على صيام النهار..» [9].
السحور رحمة من الله يرحَمُ به المتسحر:
عن السائب بن يزيد - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يرحمُ الله المتسحِّرين» [10].
السحور من خصائص هذه الأمة:
عن عمرِو بن العاص - رضي الله عنه -: أن رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «فصلُ ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب: أَكْلةُ السَّحر» [11].
الله يصلي وملائكتُه على المتسحِّرين:
عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن الله وملائكتَه يصلُّون على المتسحِّرين» [12].
وعن أبي سعيدٍ الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «السحور كله بركة، فلا تدَعوه ولو أن يجرَعَ أحدُكم جرعةً من ماء؛ فإن الله - عز وجل - وملائكتَه يصلُّون على المتسحِّرين» [13].
السحور بركة[14]:
عن سَلْمان الفارسي - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «البركة في ثلاث: الجماعات، والثَّريد، والسحور» [15].
وعن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن الله - عز وجل - جعل البركة في السحور والكيل» [16].
وعن رجل - رضي الله عنه - من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، أن رجلًا دخل على النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم وهو يتسحَّر، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إن السحورَ بركةٌ أعطاكموها الله - عز وجل - فلا تدَعوها» [17].
وقال عبادة بن نسي: " وكان يقال: تسحَّروا ولو بماء؛ فإنه كان يقال: إنها أكلة بركة"[18].
المراد من البركة:
وقد اختلف العلماء في هذه البركة، وما يُراد منها، وسوف أنقُلُ ما وقفتُ عليه من ذلك:
فقيل: هذه البركة هي القوةُ على الصيام[19].
وقيل: هي في زيادةِ الأوقات المختصة بالفضل، وهذا منها؛ لأنه في السَّحر[20].
وقيل: ما يتَّفق للمتسحِّر من ذِكر أو صلاة أو استغفار، وغيره من زيادات الأعمال التي لولا القيامُ للسحور، لكان الإنسان نائمًا عنها وتاركًا لها، وتجديد النية للصوم؛ ليخرج من الاختلاف، والسحور بنفسه بنية الصوم، وامتثال الندب طاعة وزيادة في العمل[21].
وقيل: امتثال أمرِ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم[22].
وقيل: الزيادة في إباحة الطعام والشراب لِمن أراد الصيام؛ وذلك أنه كان في بَدْءِ الأمر أن الصائم إذا نام حرم عليه الطعام، ثم أباح اللهُ تعالى الأكل والشُّرب إلى طلوع الفجر[23].
وقيل: اتباع السُّنة ومخالفة أهل الكتاب[24].
وقيل: زيادة في القدرة على صوم النهار، والتقوِّي به على العبادة وزيادة النشاط، وتخفيف المشقة[25]، قال النووي: "هذا هو الصوابُ المعتمَدُ في معناه"[26].
وقال الحافظ: "البركة في السحور تحصل بجهات متعددة: وهي اتباع السُّنة، ومخالفةُ أهل الكتاب، والتقوِّي به على العبادة، والزيادة في النشاط، ومدافعة سوء الخُلق الذي يُثيره الجوع، والتسبُّب بالصدقة على من يسأل إذ ذاك، أو يجتمع معه على الأكل، والتسبُّب للذِّكر والدعاء وقت مظنَّة الإجابة، وتدارك نية الصوم لمن أغفلها قبل أن ينام"[27].
وقال ابن دقيق العيد: "وهذه البركة يجوز أن تعود إلى الأمور الأخروية؛ فإن إقامة السُّنة توجب الأجر وزيادته، ويحتمل أن تعود إلى الأمور الدنيوية؛ لقوةِ البدن على الصوم، وتيسيرِه من غير إجحاف به"[28].
وقال ابن عثيمين: "بركة السحور المراد بها البركة الشرعية، والبركة البدنية، أما البركة الشرعية فمنها: امتثال أمرِ الرسولِ صلى الله عليه وآله وسلم، والاقتداء به صلى الله عليه وآله وسلم، وأما البركةُ البدنيَّة فمنها: تغذيةُ البَدَن، وقوَّته على الصوم"[29].
وقال - رحمه الله -: "ومن بركتِه: أنه معونة على العبادة؛ فإنه يُعِين الإنسان على الصيام، فإذا تسحَّر كفاه هذا السحور إلى غروب الشمس، مع أنه في أيام الإفطار يأكل في أول النهار، وفي وسَط النهار، وفي آخر النهار، ويشرب كثيرًا، فيُنزل الله البركةَ في السحور، يكفيه مِن قبل طلوع الفجر إلى غروب الشمس"[30].
السحور: الغدَاء المبارك:
عن خالد بن معدانَ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «هلُمَّ إلى الغدَاء المبارك» يعني السحور[31].
وعن العِرباض بن ساريةَ - رضي الله عنه - قال: دعاني رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى السحور في رمضان، فقال: «هلُمَّ إلى الغَدَاءِ المبارَك» [32].
فضيلة السحور بالتمر:
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «نِعْمَ السحور التمرُ» [33].
السُّنة تأخير السحور:
عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «بَكِّروا بالإفطار» - وفي أحاديث أُخَر: «عجِّلوا - وأخِّروا السحور» [34].
وعن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال: (تسحَّرْنا مع النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم ثم قام إلى الصلاة، قلت: كم كان بين الأذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آيةً)[35].
وعن أبي ذَرٍّ - رضي الله عنه -: قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تزالُ أُمَّتي بخير ما عجَّلوا الفِطر وأخَّروا السحور» [36].
ففي هذه الأحاديث الحضُّ على تعجيل الإفطار، وتأخير السحور، وثَمَّ أحاديث أخرى كثيرة، تؤكِّد هذا وتؤيِّده، تراجع في مظانِّها.
ولقد استحبَّ الأئمة - كالشافعي وأحمد وإسحاق رحمهم الله وغيرهم -: تأخيرَ السحور[37]، وهو اختيارُ شيخِ الإسلام ابن تيمية - في غير ما موضعٍ من كتبه - وتلميذه ابن القيم، وغيرهم من المحقِّقين من العلماء.
وسنَّ في الإفطار أن يُعجَّلا ** وأخِّر السحور نصًّا انْجَلا
وبهذا نصِلُ إلى ختام ما أردنا ذِكرَه وايضاحه، وبيانه وجمعه، ونسأل الله - عز وجل - أن ينفَعَنا بها، وجميعَ المسلمين، والحمدُ لله رب العالمين.
[1] أخرجه البخاري رقم: (1823)، ومسلم رقم: (1095).
[2] أخرجها البخاري رقم: (1864)، ومسلم رقم: (1103)، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، أن أبا هريرة - رضي الله عنه - قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عن الوصالِ في الصوم، فقال له رجل من المسلمين: إنك تواصل يا رسول الله؟! قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: ((وأيُّكم مِثلي، إني أبِيتُ يُطعمني ربي ويسقين))، فلما أبَوْا أن ينتهوا عن الوصال واصَل بهم يومًا، ثم يومًا، ثم رأوا الهلال، فقال: ((لو تأخَّر لزِدْتُكم))، كالتنكيل لهم حين أبَوْا أن ينتهوا)).
[3] فتح الباري (4/139).
[4] عمدة القارئ (16/338).
[5] الإجماع (ص: 48).
[6] شرح مسلم (7/206).
[7] الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (5/188).
[8] المغني (3/108).
[9] أخرجه ابن ماجه رقم: (1693)، والحاكم (1/425)، وضعفه الألباني في الضعيفة رقم: (2758).
[10] أخرجه الطبراني رقم: (6550).
[11] رواه مسلم (1096)، وانظر: صحيح أبي داود رقم: (2029) الأم.
[12] أخرجه ابن حبَّان رقم: (3467)، وقال شعيب الأرناؤوط: "حديث صحيح"، وحسنه الألباني في الصحيحة (4/212) رقم: (1654).
[13] رواه أحمد (3/12 -44) وإسناده قوي، وقال شعيب الأرناؤوط: "صحيح، وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة أبي رفاعة".
[14] وانظر: حديث أنس المتقدم، وحديث أبي سعيد - رضي الله عنهما.
[15] أخرجه الطبراني في الكبير رقم: (6004)، والبيهقي في "الشعب" رقم: (7520) وفيه ضعف، لكن له شواهد؛ انظر: الصحيحة (3/36) رقم: (1045).
[16] أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (1/413)، وحسنه الألباني في الصحيحة (3/182) رقم: (1291).
[17] أخرجه أحمد (5/370)، وقال شُعيب الأرناؤوط: "إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابيه"، وصححه الألباني في صحيح الجامع.
[18] الآحاد والمثاني (5/228) لأبي بكر الشيباني.
[19] إكمال المعلم شرح صحيح مسلم (4/17) للقاضي عياض، والمفهم لِما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (4/173) للقرطبي.
[20] إكمال المعلم شرح صحيح مسلم (4/17) للقاضي عياض.
[21] إكمال المعلم شرح صحيح مسلم (4/17) للقاضي عياض، والمفهم لِما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (4/173) للقرطبي، وشرح مسلم (7/206) للنووي.
[22] مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (19/ 362).
[23] بحر الفوائد المشهور بمعاني الأخبار (ص: 178)، لأبي بكر الكلاباذي البخاري.
[24] شرح السيوطي لسنن النسائي (4/134)، وسبل السلام (3/312) للصنعاني.
[25] شرح السيوطي لسنن النسائي (4/134)، والمجموع (6/ 360) للنووي، وسبل السلام (3/312) للصنعاني، وبحر الفوائد المشهور بمعاني الأخبار (ص: 177).
[26] شرح مسلم (7/206).
[27] فتح الباري (4/140).
[28] إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (1/90).
[29] مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (19/ 362).
[30] شرح رياض الصالحين (3/ 336).
[31] أخرجه النسائي في السنن الصغرى (1/304)، وقال الألباني: "وهذا إسنادٌ صحيح مرسل، وله شواهد كثيرة مسندة في "السنن" وغيرها، وصحح بعضَها ابنُ خزيمة، وابن حبَّان وغيرهما، وقد كنتُ ذكرتُ بعضها في "صحيح أبي داود" برقم (2030)"؛ انظر: الصحيحة (6/1204) رقم: (2983).
[32] وقال الألباني: "حديثٌ صحيح، وصحَّحه ابن خزيمة، وابن حبَّان"؛ انظر: صحيح أبي داود - الأم - رقم: (2030)، وذكر له شواهد.
[33] أخرجه الطبراني رقم: (6549)، صححه الألباني في صحيح الجامع، ثم رأيتُه ضعَّفه في مواضع من كتبه، ومن آخرها الضعيفة (3/495) رقم: (1326).
[34] انظر: الصحيحة (4/272) رقم: (1773).
[35] أخرجه البخاري رقم: (1821).
[36] أخرجه أحمد (5/147)، وقال شعيب الأرناؤوط: "إسناده ضعيف"، وقال الألباني: "مُنكَر بهذا التمام"؛ إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (4/32).
[37] انظر: بدائع الصنائع (2/105)، ومواهب الجليل (2/397)، ومغني المحتاج (1/435)، ونهاية المحتاج (3/177)، والمغني (3/169)، وكشاف القناع (2/331)، وشرح منتهى الإرادات (1/455).
_______________________________________________
الكاتب: بكر البعداني
ابوالوليد المسلم
14-02-2025, 11:51 AM
https://al-forqan.net/wp-content/media/media/articles/images/jpg_1592.jpg
المالاويـــــون فـــي شهـــر رمضــــان
يفرح المسلمون في مالاوي بقدوم شهر رمضان كغيرهم من المسلمين في بقاع الأرض؛ وذلك لإقامة ركن الدين وهو الصوم، قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (البقرة: 185).؛ فينتظر المسلمون في أواخر شهر شعبان استطلاع هلال رمضان بواسطة القائمين على جمعية مسلمي مالاوي، ويتشوف المسلمون بالسماع إلى (راديو إسلام) وهي الإذاعة الإسلامية الوحيدة في مالاوي، وهي المنبر الإعلامي الوحيد للمسلمين؛ فما أن يبدأ شهر رمضان حتى يهرع المسلمون إلى المساجد لصلاة القيام، ويصلون عشرين ركعة، ويوترون بثلاث بعدها.
ومن اللافت للنظر في أدائهم لصلاة التراويح السرعة في الصلاة، حتى إنك لا تكاد تميز قراءة الإمام؛ وذلك حتى ينتهوا من الصلاة في أوجز وقت, وهذا مخالف لهدي الرسول[ الذي يجب على المسلمين الالتزام به.
المظاهر الرمضانية:
المظاهر الرمضانية في مالاوي لا توجد إلا تقريبا في المساجد الكبيرة، من ذلك إطعام الصائمين بالتمر والخبز وغيره، أما ما عدا ذلك فلا يوجد أي مظاهر لشهر رمضان، حتى إنه في بعض المناطق التي لا يوجد بها مسلمون أو بها مسلمون قليلون لا يعرف الناس أي مظاهر من مظاهر الاحتفاء بشهر رمضان.
ولا تثريب علي إذا ذكرتُ أنه في القرى النائية في الجبال تجد المسلمين قد لا يعرفون بدخول شهر رمضان؛ وعليه فلا يصومون؛ وهذا ناتج عن أسباب منها: الفقر ومنها: الجهل بالدين وعدم الاكتراث.
إطعام الطعام
قال تعالى : {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا}(الإنسان : 8 -9).
ومن المظاهر الجيدة التي تدل على روح التواصل والمحبة بين المسلمين في مالاوي ما تراه في بعض المساجد سواء في القرى أم في المدن؛ حيث يتجمع النساء بعد العصر وكل واحدة تأتي بما تستطيعه من بيتها من طعام، فيجهزون طعام الإفطار، ومنه السويق، وهو مشروب يصنع من دقيق الذرة مع قليل من السكر، مع الماء على النار ثم يترك ليبرد ويُشرب. ويصنع أيضًا من دقيق الأرز وهو أجود.
ومن طعامهم أيضا البطاطا الحلوة المسلوقة في الماء، أو السيما، وهي عجين دقيق الذرة، وتؤكل هكذا نيئة (أي عجيناً).
وعليه يقل في طعامهم اللحم والأرز وما شابه؛ لأن الناس يغلب عليها الفقر والحاجة والله المستعان؛ ولهذا كان حرص شيخنا (وحيد بالي) المشرف على جمعية آفاق المستقبل على إطعام الطعام في رمضان على الإفطار بالمساجد؛ فندخل القرية، ونعد الطعام (اللحم والأرز) ثم نطعم المسلمين بالمسجد عقب أذان المغرب في رمضان؛ مما كان له أكبر الأثر في نفوس فقراء المسلمين والحمد لله على توفيقه.
لابد من إمام يؤمهم في صلاة التراويح بالمسجد:
ومن الجدير بالذكر أن مسلمي مالاوي كغيرهم يحبون الدين والعلم، ويرفعون شأن أهله، ففي القرى النائية يستقدمون (الشيخ) أو (الإمام)ويدفعون له ما يستطيعون، أو يبحثون عمن يدفع له من القادرين والموسرين نظير أن يؤمهم في الصلوات، ولاسيما في شهر رمضان في صلاة التراويح؛ وإلا فإنهم قد لا يجدون من يصلي بهم؛ لأنه لا يوجد في القرية من يحفظ ولو قصار السور لإقامة الصلاة.
وحتى من يستقدمونه لا يصلي إلا بقصار السور، وقد يكررها في الركعات نظرا لقلة محفوظاتهم وضعفها، بل يوجد بعض الأئمة الذين يقرؤون دائما في الركعة الثانية من كل ركعتين سورة الإخلاص، ففي الأولى سورة قصيرة وفي الركعة الثانية سورة الإخلاص حتى ينتهي من صلاة العشرين ركعة، ثم يوتر بثلاث.
ثم يتكرر العمل في كل ليلة، وهذا يدفعني إلى القول: بأنه لابد من الاهتمام بالمدارس القرآنية ومد يد العون لها، بالنفقات العينية والمادية، وأنه لا يكتفى ببناء مسجد بل لابد من كفالة إمام يقوم بالدعوة فيه، مع متابعة الإمام باستمرار للوقوف على أدائه.
ومن باب قول النبي صلى الله عليه وسلم : «لا يشكر الله من لا يشكر الناس» أذكر بالخير القائمين على جمعية آفاق المستقبل وعلى رأسهم الشيخ الفاضل وحيد بالي حفظه الله لاهتمامهم بهذه المسألة ألا وهي: كفالة الأئمة المحليين للمساجد التي تبنيها الجمعية؛ فإن بناء مسجد فقط في إفريقيا كلها لا يكفي، بل لا بد من توفير الداعية المحلي المؤهل، مع متابعته باستمرار حتى لا يترك المسجد، ويظل يتلقى كفالته وراتبه.
اعداد: أبو عاصم البركاتي المصري
ابوالوليد المسلم
05-03-2025, 09:26 PM
رمضان فى فلسطين.. صلاة فى القدس وفطار فى تكية الخليل كنافة وقطايف وتمور
منة الله حمدى
https://img.youm7.com/large/20250305030417417.jpg رمضان في فلسطين
يأتى شهر رمضان بالعديد من الطقوس الروحانية والعادات التى تختلف من بلد لآخر، حسب البيئة وتقاليد الشعوب، إلا أنها جميعا مرتبطة بالرحمة والخير والود وإدخال الفرحة فى قلوب المسلمين.
وفى ظل ما تمر به فلسطين وغزة تحديدا من آلام، نجد أن هذا الشعب الصابر يصر على أن يسعد نفسه ومن حوله فى شهر الرحمة والقرآن، رمضان فى فلسطين له طعم ونكهة تختلف، يتميز بالتراحم والود والمحبة وصلة الرحم، بالإضافة للشعائر الدينية والعبادات، كما أن هناك اهتمام أكثر بعائلات الشهداء وعائلات الجرحى والأسرى الأرامل المطلقات والأيتام.
https://img.youm7.com/ArticleImgs/2025/3/5/640926-رمضان-في-فلسطين.png
رمضان في فلسطين
في البداية يستعد الفلسطينيون لرمضان قبل رؤية الهلال ببضع أيام، حيث تتزين المساجد والبيوت وتنظف الشوارع وتنصب الشوادر فى الأسواق لبيع ياميش رمضان والتمور والأكلات الخاصة بالشهر الكريم، وتستعد الجمعيات الخيرية بشراء مستلزماتها، التى توزع على أهالى الشهداء والمعتقلين والفقراء والبسطاء.
أما ليلة رؤية الهلال فلها احتفالها الخاص، حيث تجد كل الشوارع خالية تنتظر سماع إعلان رؤية الهلال وبعدها مآذن المساجد تصدح بالقرآن الكريم فى كل مكان، ويستعد الجميع لصلاة التراويح فتفرش الحصائر وتضاء المصابيح، وتجد الأطفال فى الشوارع تلعب بالألعاب النارية حتى يمر المسحراتى بطبلته الصغيرة فينادى على الجميع بأسمائهم، فتتعالى الأصوات بالفرحة.
الإفطار داخل الديوان العائلى
رمضان بالتحديد يعتبر شهر الاحتفالات، الاهتمام يكون دائما بتجمع العائلات والأسر فى الأحياء وإقامة الولائم الكبيرة التى يتجاوز عددها 200 شخص يوميا، حيث تقوم الأهالى بتوزيع وجبات الطعام والحلوى على الجيران فى البيوت.
وهناك عادة مهمة هى التجمع داخل الديوان، وهو يشبه المضيفة فى بيوت الريف المصرى، يتجمع فيه كبار العائلة ساعة الإفطار كل منهم يأتى بصينيته عليها ما لذ وطاب، ويتبادلون الطعام كى ينتشر الود والرحمة بينهم.
توزيع التمور والقطائف على الأبواب طول شهر رمضان
لشهر رمضان حلاوة ومذاق حلو كالتمور التى توزع فيه، سواء فى المساجد أو الشوارع على المارة أو فى الأطباق والصوانى فى البيوت، ولأهل فلسطين عادة جميلة لا توجد فى أى دولة أخرى، حيث تجد أطباق الحلوى والقطائف والكنافة النابلسي والتمور فى صوانى تضعها الأمهات وربات الأسر على مناضد خارج أبواب البيوت والمنازل ليتناولها ويتذوقها المارة، فتجد الشوارع ممتلئة بصوانى القطائف المغطاه بالشاش الأبيض، وبهذا الجميع يطيب فمه بما لذ وطاب فى الشهر الكريم بعد صيامه.
رمضان فى القدس
يأتى إلى الفلسطينيون من جميع أنحاء البلد للصلاة فى القدس ولو ركعة واحدة فى رمضان، ويتزاحمون بالآلاف، ويتسابقون على الصلاة فيها، حيث تعج مدينة القدس بالناس فى ساحات المسجد، وساعة الإفطار والسحور تجد الزحام وأصوات الباعة والولائم وأعمال الخير فى كل مكان فى مدينة القدس كاملة.
https://img.youm7.com/ArticleImgs/2025/3/5/531191-رمضان-في-فلسطين..png
رمضان فى فلسطين
رمضان في مدينة الخليل
أما مدينة سيدنا إبراهيم عليه السلام "الخليل"، التى يقال إنها لا يبيت فيها جائع عبر التاريخ، يوجد فيها تكية الخليل وهى منذ أزل بعيد، وهذه التكية تطعم من هم فى الخليل، وتطعم الذين يأتون من خارج الخليل بشكل يومى، وفى شهر رمضان الكريم تتضاعف الوجبات.
الأكلات الفلسطينية في رمضان
وعن الأكلات الفلسطينية التى لا تخلو منها المائدة الرمضانية منها طعمية الحمص الساخنة، ومسبحة الحمص، والمخلل وهريسة الفلفل الأحمر بالليمون والخل، والزعتر وزيت الزيتوت، والزيتون الأسود والسلطة الخضراء، هذه المقبلات التى لا تخلو مائدة فلسطينية من صنف واحد منها أو اثنين على الأقل، أما عن الأطباق الرئيسية فتأتى شوربة الخضار، المقلوبة، المسخن، الكسكسى الحادق، المنسف، الملخية الورق المحمرة فى الزيت ومسقية فى الشوربة، أو الملوخية بالطريقة المصرية، واللحوم والدجاج.
العصائر والحلويات
أما عن العصائر فتشتهر فلسطين بالخروب هو المشروب الأول على المائدة الرمضانية، يليه قمر الدين ثم التمر هندى والعرق سوس، أما ياميش رمضان والجوز واللوز والحلوى الشرقية ومنها العوامة، والكنافة النابلسية، والقطائف بالجبنة والمكسرات، وعن السحور لا تخلو المائدة من الزعتر وزيت الزيتون والخبيز الفلسطينى.
ابوالوليد المسلم
13-03-2025, 04:53 PM
في تجربة استثنائية.. جامعة ستانفورد تجمع طلابها حول موائد الإفطار
نظَّمت جامعةُ ستانفورد في ولاية "كاليفورنيا" الأمريكية - إفطارًا مفتوحًا وصلاة التراويح، بمشاركة طلاب مسلمين وغير مسلمين، في إطار الاحتفاء بشهر رمضان المبارك، وتُنظَّم الفعاليةُ بدعمٍ من اتحاد الطلاب المسلمين، واتحاد الطلاب بجامعة ستانفورد.
وتوافَد أكثر من 500 شخص من المسلمين وغيرهم إلى ساحة Old Union لحضور الإفطار المفتوح، بمشاركة بعض الهيئات المجتمعية الأخرى؛ حيث كان في استقبالهم عددٌ من المتطوِّعين الذين تولَّوْا تجهيز الطاولات، واستقبال المتحدِّثين، وتوزيع الوجبات، والتحضير للصلاة.
بدأت الفعالية في الساعة الخامسة مساءً بكلمات ترحيبية وقراءة آيات من القرآن الكريم، أعقَبها رفعُ أذان المغرب وتناوُل وجبة الإفطار، بعدها تلا "براء عبد الغني" عضو اتحاد الطلاب المسلمين بجامعة ستانفورد دعاءَ الإفطار، وأشار إلى أهم الأنشطة الرمضانية والمجتمعية خلال شهر رمضان المبارك، ويأتي في مقدمتها تقديمُ وجبات الإفطار والسحور لنحو 300 طالب مسلم يوميًّا، وأشاد بمبادرات الجامعات الداعمة للطلاب المسلمين.
ومن جانبها أكَّدت "أميرة اشتيوي" المديرة المشاركة للعلاقات العامة بجامعة ولاية ميشيغان - أن رمضان يُعد فرصة لتقوية الإيمان وتعزيز الروابط المجتمعية، وأوضحت أنها تُشرف على الاتصالات الخاصة بفعاليات رمضان بجامعة ولاية ميشيغان، من خلال نشرات إخبارية ورسائل يومية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي إطار تعزيز التواصل الطلابي أطلقَت "أميرة اشتيوي" مبادرة "رمضان حول العالم"، التي تَعرِض تجاربَ رمضان لمختلف الجنسيات داخل الجامعة، بهدف تعريف الطلاب بالثقافات الإسلامية المتنوعة.
ولم يقتصِر الحضورُ على الطلاب المسلمين، بل شهِد الإفطار المفتوح مشاركةَ طلاب غير مسلمين، حرَصوا على التعرف على أجواء الشهر الفضيل والدين الإسلامي؛ حيث أشارت "بيتي ياو لو" الطالبة في السنة الأولى إلى أن فعالية الإفطار المفتوح في ستانفورد كانت أضخمَ من أي تجربة رمضانية سابقة خاضَتها، بينما حضرت زميلتها "ساشا تشانج" دون معرفة مسبقة عن رمضان، مُعربة عن رغبتها في التعرف أكثر على العقيدة والثقافة الإسلامية.
كما شارَك الطالب "خورخي راموس" في الإفطار برُفقة صديقه وزميله في السكن "مرتضى إحساني"، وعلَّق قائلًا: "أحببتُ رؤية هذا الجانب مِن هُوية إحساني، وكان الجميع مرحِّبين للغاية، بالتأكيد سأحضر المزيد من فعاليات رمضان مستقبلًا"؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
13-03-2025, 11:28 PM
رمضان في ميلتون.. موائد إفطار جماعية ومبادرات خيرية
مع حلول شهر رمضان المبارك يُجسِّد المجتمعُ الإسلامي بمدينة "ميلتون" في مقاطعة "أونتاريو" الكندية - القِيمَ الإسلامية والعطاء والصدقة، والأنشطة الخيرية والاجتماعية، والتواصل خلال هذا الشهر الفضيل، ويشكِّل رمضان فرصةً لتعزيز الترابُط المجتمعي بين المسلمين وبعضهم، وبين المسلمين وغيرهم؛ حيث تنظِّم الجمعيات والهيئات الإسلامية في مدينة "ميلتون" ومنطقة "هالتون" - العديدَ من الفعاليات المتنوعة.
وقبل رمضان تستعدُّ المساجدُ والمراكز الإسلامية في منطقة "هالتون" لاستضافة عددٍ من الفعاليات الرمضانية؛ حيث يتم تنظيمُ موائد الإفطار والأنشطة الإسلامية والاجتماعية، وفي هذا السياق يلعَب المركزُ الإسلامي المجتمعي في مدينة "ميلتون" دورًا بارزًا في دعم المجتمع خلال الشهر الكريم.
ويستضيف المركزُ الإسلامي المجتمعي في مدينة "ميلتون" وجبات إفطار جماعية أيام الجمعة والسبت والأحد، مقدِّمًا أطباقًا من المطبخ الجنوب آسيوي والعالمي، ضمن أجواء رمضانية مميزة، كما وجَّه المركز دعوةً مفتوحة إلى جميع أفراد المجتمع للحضور والتعرف على الإسلام عن قُرب، والإجابة عن أيةِ تساؤلاتٍ قد تكون لديهم.
في مدينة "بيرلينجتون" المجاورة لمدينة "ميلتون"، تعمَل جمعية هالتون الإسلامية على دعم الأُسَر المحتاجة، من خلال حملات جمْع التبرعات، وتوزيع صناديق الطعام الرمضاني التي تحتوي على مواد غذائية أساسية، كما توفِّر الجمعية مركزًا لجمع التبرعات في مسجد هالتون لاستقبال المساعدات الغذائية ومستلزمات النظافة.
وبالنسبة "لنصرت قلندري" أحد سكان مدينة "ميلتون"، يُمثل رمضان فرصة لتوطيد العلاقات الأُسرية والمجتمعية؛ حيث يقول: "طول الشهر الكريم نستضيف الأهل والأصدقاء والجيران خلال وجبات الإفطار؛ مما يجعل التحضير والطهي جزءًا أساسيًّا من يومنا"، ويشمَل الإفطارُ أطباقًا متنوعة؛ مثل الباكورا والكاتشوري، والسمبوسة ولفائف الدجاج، بالإضافة إلى الحلويات كفطائر التمر.
وأشارت "فاطمة باتيل" بمدينة "ميلتون" إلى أن رمضان يمثِّل فرصةً لتعزيز القيم الإنسانية، وتقول: "يعلِّمنا رمضان ضبطَ النفس والتعاطف مع الغير، فهو ليس مجرَّدَ امتناعٍ عن الطعام، بل هو شهرٌ للتقرب إلى الله، والبُعد عن السلوكيات السيئة، ومدِّ يد العون للآخرين"؛ المصدر: شبكة الألوكة.
يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
18-03-2025, 10:14 AM
محطات رمضانية
على هامش حفل الاستقبال الذي أقامته جمعية إحياء التراث الإسلامي في الأسبوع الأول من شهر رمضان، التقى رئيس قطاع الإعلام والتدريب م.سالم الناشي عددا من المشايخ، الذين تحدثوا عن فضائل شهر رمضان وأهم العبادات والآداب التي يجب أن يوليها المسلم اهتمامه في هذا الشهر، وكانت اللقاءات بمثابة محطات ووقفات تربوية وإيمانية بين فيها المشايخ أهمية شهر رمضان المبارك وفضله.
النجدي: رمضان شهر الدعاء
كانت البداية مع رئيس اللجنة العلمية بجمعية إحياء التراث الإسلامي الشيخ: د. محمد الحمود النجدي، وبسؤال الشيخ عن كيفية استغلال شهر رمضان في أداء أفضل الطاعات التي تقرب إلى الله -سبحانه وتعالى-، قال: بلا شك أن شهر رمضان هو شهرٌ مبارك، وهذه التسمية هي تسمية نبوية قال - صلى الله عليه وسلم -: «أتاكم شهر رمضان، شهرٌ مبارك» والمبارك هو كثير البركة، فرمضان تجتمع فيه أمهات العبادات، يكون فيه أولًا الصيام الذي هو ركنٌ من أركان الإسلام {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، شهر رمضان فيه قراءة القرآن وتلاوة آيات الله في الليل وفي النهار، في الليل في صلاة التراويح والقيام، وفي النهار في الختمات وفي مراجعة المصحف، شهر رمضان هو شهرٌ يغلب على أكثر المسلمين إخراج الزكاة فيه، فتكثر فيه الأعمال الخيرية والصدقات ودفع الزكاة للمحتاجين في الداخل والخارج. رمضان شهر الدعاء
وأضاف النجدي، إنَّ شهر رمضان هو شهر الدعاء؛ حيث يجتهد المسلم بالدعاء في أثناء الصيام؛ فكما جاء في الحديث أن دعوة الصائم لا ترد، كذلك يجتهد في الدعاء في صلاة الوتر وفي صلاة الليل، وغيرها من الأوقات، شهر رمضان العمرة فيه تعدل حجة مع النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ولذلك يتنافس الناس في أداء العمرة في رمضان، ولا ننسى أيضًا أن شهر رمضان هو شهر التواصل بين الأرحام؛ فالناس يتواصلون ويزور بعضهم بعضًا، هناك كثيرٌ من الخلافات بين الأقارب يعني سبحان الله! تُنسى في هذا الشهر ويحصل التوافق والتواصل بين الأرحام، فنسأل الله -عزوجل- أن يستعملنا جميعا في طاعته، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته إنه -سبحانه وتعالى- سميعٌ مجيب الدعاء. العيناتي: الدعاء عبادة يغفل عنها المسلمون
كما التقى الناشي رئيس جمعية آفاق الخير الشيخ جاسم العيناتي، الذي عبر عن سعادته بهذا اللقاء وقال: إن شهر رمضان شهرٌ مبارك كما أخبرنا النبي - صلى الله عليه وسلم -، يجمع بين الأهل والأحبة والأصحاب المتحابين في الله، وقد جعل الله في هذا الشهر من الخيرات والبركات ما لا يعد ولا يحصى. https://al-forqan.net/wp-content/uploads/2025/03/محطات-العيناتيب-300x191.jpg
وأضاف، بالرغم من أنَّ رمضان شهرٌ عظيم والناس يتعبدون فيه بالصيام والقيام وقراءة القرآن إلا أنهم ينسون عبادة عظيمة ويغفلون عنها، ألا وهي عبادة الدعاء، ففي رمضان فريضة الصيام مفروضة عليك وتبتغي بها الأجر من الله ، وهو -سبحانه وتعالى- فاتح لك أبواب الخير والرحمة ولذلك تجد آيات الصيام في القرآن في وسطها {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون}، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في الحديث الصحيح: «ثلاثةٌ لا تُردُّ دعوتُهم: الصَّائمُ حتَّى يُفطرَ، والإمامُ العادلُ، ودعوةُ المظلومِ يرفعُها اللهُ فوق الغمامِ وتُفتَّحُ لها أبوابُ السَّماءِ ويقولُ الرَّبُّ: وعزَّتي لأنصُرنَّك ولو بعد حينٍ». الدعاء هو العبادة
وأكد العيناتي أهمية الدعاء؛ فقال: الدعاء حقيقة كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - هو العبادة، قال - صلى الله عليه وسلم -: «الدُّعاءُ هو العبادةُ، ثمَّ قرأ {وَقال رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ}»، فأنت في أي وقت تستطيع أن تدعو الله -عزوجل-، ولكن علينا أن نتعلم هذه العبادة العظيمة وهي الدعاء، فالله -سبحانه وتعالى- أمرنا أن نذكر أسماءه الحسنى عند الدعاء قال -تعالى-:»ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها» وكما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «دعوةُ ذي النُّونِ؛ إذ دعا بها في بَطنِ الحوتِ: لا إلهَ إلَّا أنتَ سُبْحانَكَ، إنِّي كنتُ مِن الظالمينَ، فإنَّه لن يَدعُوَ بها مسلمٌ في شيءٍ إلَّا استجابَ له»، دعوة لا ترد! فيقدم الإنسان هذه الدعوة ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - كما أخبر - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «من أراد منكم أن يجتهد في الدعاء فليصل علي، وليقل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل ابراهيم في العالمين إنك حميدٌ مجيد ثم ليدع ما شاء». الدعاء للوالدين
ومن الأدعية الجميلة أنك تدعو لوالديك ولنفسك: «اللهم اغفر لي ولوالدي، اللهم ارحمهما كما ربياني صغيرا»، وكذلك تدعو لأهلك وأبنائك، وتدعو للمسلمين والمسلمات، كما ثبت في حديث حسن صحيح: «مَنِ استغفَر للمؤمنين والمؤمناتِ كتَب اللهُ له بكلِّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ حسنةً»، فإذا قلت اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات طلعت بمليارات الحسنات، فأنا أقول باب الدعاء - ولا سيما ونحن في شهر رمضان وأنت صائم - مهم جدا في فترة زمنية يهملها كثير من المسلمين، وهي وقت السحور وفي الثلث الأخير من الليل يقول - صلى الله عليه وسلم -:ينزلُ اللهُ كلَّ ليلةٍ إلى السماءِ الدنيا، حين يبقى ثلثُ الليلِ الآخرِ، فيقولُ: من يدعوني فأستجيبُ له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرُني فأغفرُ له» ونزول الله -تعالى- نزول يليق بجلاله -سبحانه-!، حقيقة شهر رمضان شهر خير وبركة أسال الله -تعالى- أن يعيده علينا وعلى الأمة الإسلامية بالخير واليمن والبركات. عدم الدعاء بالإثم وقطيعة الرحم
كذلك في الدعاء يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : «ما مِن أحدٍ يَدعو بدعاءٍ إلَّا آتاه اللهُ ما سألَ أو كفَّ عنه من السُّوءِ مثلَه ما لم يدْعُ بإثمٍ أو قَطيعةِ رَحمٍ»، فلا تدع على الناس ولا على أهلك ولا على أحبائك وأصدقائك، وكذلك لا نستعجل الإجابة من الله -تعالى-، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «يُسْتَجابُ لأحَدِكُمْ ما لَمْ يَعْجَلْ، يقولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي» وكذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - حثنا في الدعاء أن ندعو بخير فلا ندعو إلا بالخير. السلطان: محطات إيمانية وتربوية
كما التقى الناشي مدير إدارة الكلمة الطيبة الشيخ: د. خالد سلطان السلطان، الذي قال: أولاً أنا سعيد جدا بهذا اللقاء؛ حيث ألتقي قامة كبيرة، تلميذ مع أستاذه، فأنت يا أبا عبدالله أول من تعلمت منك دورة الكتابة الصحفية وهذا تاريخ لا ينسى وبصمة موجودة، أسال الله أن يأجرك، ولك خريجون كثيرون ما شاء الله في الحقل الإعلامي. https://al-forqan.net/wp-content/uploads/2025/03/محطات-السلطان-300x191.jpg
رمضان والأسرة المسلمة
وبسؤال د. السلطان عن شهر رمضان وتوجيهه للأسرة في هذا الشهر، قال: دعنا نقف في هذه القضية -رمضان والأسرة- محطات عدة سريعة. المحطة الأولى: التعاون على الطاعة
وهي التي ذكرها ربنا -سبحانه وتعالى- في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}، فشهر رمضان أيها الوالد وأيتها الوالدة فرصة كبيرة لتتعاونوا فيه مع بعضكم بعضا حتى تسيروا في طريق المغفرة، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ»، فنحن في شهر المغفرة، فأنت أيها الوالد وأيتها الوالدة عليكم أن تعطوا جرعة علمية لأبنائكم في بيان الأحكام عن شهر رمضان والترغيب في أعمال البر والإحسان، وعليكم أن تكونوا قدوة لأبنائكم، قدوة في هذا العمل والطريق الذي ينتهي بكم إلى المغفرة بإذن الله -سبحانه وتعالى- ولقاكم مع الله -تعالى. المحطة الثانية: التغيير
المحطة الثانية: هي محطة تغير الحال، فالكون في رمضان يتغير، يعني خروج هلال شهر رمضان يغير الكون؛ فتفتح فيه أبواب السماء وأبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النيران، وتصفد فيه الشياطين ومردة الجن، كل ليلة ينادي مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، كل هذا تغير كوني، فالأب والأم أكيد لديهم معالم لابد أن يغيروها داخل البيت، وفي أنفسهم وأبنائهم في العلاقة التي بينهم، فهي فرصة لتجديد العلاقات بين الوالدين والأبناء وتغيير الأمور السلبية، تغيير في الأبناء من ترك القرآن وهجره ومن ترك الصلوات وقضية الذهاب للمسجد الوالد والأبناء، في المحافظة على الصلاة في أوقاتها، والتعاون على البر والتقوى، فلابد أن يكون هناك نوع من التغير. المحطة الثالثة: القرب من الأهل
وهي تكاد تكون سنّة مفقودة، وهي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجلس مع نسائه كل ليلة، وكانت تأتية فاطمة -رضى الله عنها- ويستقبلها - صلى الله عليه وسلم -، فرمضان فرصة لتكون قريبا من أهلك، فلا مانع من أن تقدم مع كل جلسة سؤالا، أو تجري لهم مسابقة خفيفةولابد أن يشارك الجميع، المقصود من ذلك القرب من الأبناء وتفقدهم، بعض الناس كل يوم يفطر في مكان فلا يعطي أهله وأبناءه حقهم، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «إن لأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه»، وكما قال - صلى الله عليه وسلم -: «خَيرُكم خَيرُكم لأهلِه، وأنا خَيرُكم لأهلي»، فاجعل رمضان خيرية لك ولأهل بيتك وعيالك وأفراد أسرتك، وللعلم لن يفوتك شيء إذا ما ذهبت للأسواق والدواوين فاجعل الأمر بقدر، ولكن ركز على وجودك في البيت مع أهلك وبيتك. السلطان: إحياء التراث خرّجت أجيالا مفخرة للوطن
قال مدير إدارة الكلمة الطيبة د. خالد سلطان السلطان: جمعية إحياء التراث الإسلامي من الجمعيات العريقة، وبصماتها موجوده ولا ينكرها أحد؛ لأن لها فضلا بعد الله -سبحانه وتعالى- في تخريج أجيال من شباب الكويت من هذه الجمعية المباركة الذين حماهم الله في عقيدتهم وأخلاقهم وآدابهم، حتى أصبحوا نماذج يحتذى بها في دولة الكويت، لقد تخرج في هذه الجمعية أئمة وخطباء ووعاظ وطلبة علم، ومنهم على مستوى المشايخ الذين دخلوا في لجان الإفتاء بالجهات الرسمية، مثل بيت الزكاة أو الهيئات الأهلية في لجان الرقابة الشرعية في البنوك والمصارف الإسلامية، فهم -في الحقيقة- مواطن فخر لهذه الجمعية. الياسين : تجاوز عدد الذين أسلموا أكثر من 300 شخص في ظل الإمكانات المحدودة للجمعية
https://al-forqan.net/wp-content/uploads/2025/03/محطات-الياسين-300x191.jpg
كما التقى الناشي رئيس جمعية البلاغ المبين: الشيخ نبيل الياسين، الذي تحدث عن أهداف الجمعية وجهودها خلال شهر رمضان قائلاً: جمعية البلاغ المبين الكويتية أنشئت في شهر أكتوبر 2023 قبل نحو سنة وأربعة أشهر من الآن، وتتركز أهداف الجمعية في دعوة الجاليات غير المسلمة في الكويت إلى الإسلام، وتثقيف المسلمين المقيمين بأمور دينهم، ولله الحمد حققت عددا من الإنجازات خلال هذه الفترة القصيرة؛ حيث تجاوز عدد الذين أسلموا من خلالها أكثر من ثلاثمائة شخص في ظل الإمكانات المحدودة للجمعية، كما إن من الأهداف الرئيسة العمل داخل الكويت، والدعوة إلى الله -تعالى- بالحكمة والموعظة الحسنة، وبيان سماحة الإسلام للناس وأنه ليس دين عنف ولا تطرف، كذلك من الجهود المميزة للجمعية أنها تقوم على نشر المصاحف المفسرة والكتيبات بمختلف اللغات، وخلال فترة قريبة بإذن الله -تعالى- سنقوم بنشر المنصة المترجمة للتفسير المسموع؛ حيث يمكن للمتصفح أن يختار القارئ الذي يريده ويسمع مثلا سورة الفاتحة، فيترجمها باللغة التي يختارها، فإن شاء الله خلال شهور سننشر ثماني أو تسع لغات لتفسير القرآن المسموع، والجمعية لديها أنشطة كثيرة ولله الحمد، تحتاج إلى الدعم الدعوي فضلا عن الدعم المادي، فنحتاج إلى وجود دعاة بلغات مختلفة، وهم يحتاجون إلى رواتب. المسباح : جمعية الماهر بالقرآن وعلومه من الجمعيات المتخصصة في مجال القرآن الكريم
ومن الشخصيات التي التقاها الناشي رئيس جمعية الماهر بالقرآن الشيخ جاسم المسباح، الذي استعرض خلال لقائه بالناشي جهود الجمعية خلال شهر رمضان قائلاً: جمعية الماهر بالقرآن وعلومه من الجمعيات المتخصصة في مجال القرآن الكريم، ولما كان شهر رمضان هو شهر القرآن؛ لذلك ركزت الجمعية جهودها خلال هذا الشهر على عدد من الأنشطة والبرامج الخاصة بشباب الحلقات، من خلال مراجعة المحفوظ أو ما نسميه باليوم القرآني، يتم فيه مراجعة ما حفظه الشباب الخاتمون وفق برنامج مميز في مراجعة المحفوظ وكذلك التجويد وحسن الأداء، كما أقمنا دورات خاصة بالارتقاء بمستوى الشباب لنؤهلهم للإمامة في مساجد وزارة الشؤون الإسلامية خلال شهر رمضان، ومن خلال التعاون الجيد مع الوزارة قام عدد من شباب الجمعية بالإمامة في صلاة التراويح وفق جدول مدروس في المناطق المختلفة. https://al-forqan.net/wp-content/uploads/2025/03/محطات-جاسم-300x191.jpg
وأضاف المسباح، لدينا أيضًا حلقات نسميها (الماهر الصغير) فيها من يحفظ عشرة أو خمسة عشر أو عشرين أو خمسة وعشرين جزءًا، ومنهم من ختم القرآن الكريم، ونقوم بتهيئتهم لحسن التلاوة والمراجعة ومن ثم الصلاة فيتشجع هؤلاء الطلبة، كما إن عندنا أيضًا حلقات للطلبة المتميزين في السند والقراءات، ففي بعض المساجد يصلى فيها برواية شعبة أو قالون أو ورش، وأحيانا يطلب في بعض المساجد الطلبة المتميزين. الديحاني: إحياء التراث مفخرة لدولة الكويت
https://al-forqan.net/wp-content/uploads/2025/03/محطات-2-188x300.jpg
قال مدير عام الهيئة العامة للعناية بطباعة القرآن الكريم والسنة النبوية وعلومهما ونشرهما د. فهد صياح الديحاني: جمعية إحياء التراث جمعية مباركة، امتد نفعها إلى مشارق الأرض ومغاربها، ونفتخر بأن يوجد جمعية كويتية يصل نفعها إلى أقاصي العالم؛ فالجمعية مفخرة لدولة الكويت، ومفخرة لكل محب للعمل الخيري والعمل الإنساني، ونحن ما زرنا بلدا إلا ووجدنا نفع أهل الكويت عن طريق هذه الجمعية المباركة في كل البلدان حتى في بعض المناطق النائية التي قد يتصور المرء أن اليد الكويتية ما وصلت إليها، ولكن نجد عن طريق هذه الجمعية المباركة إما مسجدا، وإما بئرا، وإما عملا خيريا كويتيا عن طريق هذه الجمعية، فحقيقة الجمعية على ثغر كبير وعلى عمل جبار لا يمكن أبدًا أن توفي الكلمات حقها في الثناء على ما يقومون به، ولكن الله -عزوجل- يعرف جهودهم ويعرف ما يقومون به، وعند الله -عزوجل- الجزاء، أسأل الله -عزوجل- أن يجزيهم عنا وعن المسلمين خير الجزاء. النجدي: جهود إحياء التراث يرى آثارها كل مسلم
https://al-forqan.net/wp-content/uploads/2025/03/محطات-3-300x191.jpg
قال رئيس اللجنة العلمية بجمعية إحياء التراث الإسلامي: الشيخ د.محمد الحمود النجدي: جهود جمعية إحياء التراث الإسلامي في العمل الدعوي والخيري والإنساني يلمس ويرى آثارها كل مسلم في الداخل والخارج، ولله -سبحانه وتعالى- الحمد والمنة أن وفق الإخوة إلى إقامة المشاريع الإسلامية النافعة داخل البلاد وخارجها، بإقامة المساجد ودور القرآن الكريم ودعم حلقات التحفيظ في أنحاء العالم، وكذلك نشر العلم النافع من خلال طباعة المكتبة الإسلامية أو مكتبة طالب العلم بأجزائها الثمانية بما فيها من أمهات الكتب الشرعية النافعة، وأيضا دعم طباعة المصاحف في أنحاء العالم وتوزيعها، فضلا عن الأعمال الإغاثية التي تقوم بها الجمعية عند حلول الكوارث والزلازل والفيضانات، وكذلك ما تقدمه من دعم للفقراء والمحتاجين في شتى أنحاء العالم.
اعداد: المحرر المحلي
ابوالوليد المسلم
18-03-2025, 11:08 PM
تحت مظلة رمضان.. مسلمو ميدلسكس وأفراد المجتمع على مائدة إفطار واحدة
استضاف المركزُ الإسلامي في مقاطعة ميدلسكس (mcmc) بمدينة "بيسكاتاواي" بولاية ولاية "نيوجيرسي" الأمريكية - إفطارَه الرمضاني السنوي الذي جمع المسلمين وأفرادًا من المجتمع المحلي للتعرُّف على تعاليم الإسلام، والانضمام إلى المسلمين في هذه المناسبة الرمضانية.
وشهِدت صالةُ الألعاب الرياضية التابعة للمركز الإسلامي حضورَ مئات الضيوف الذين شارَكوا في فعاليات ثقافية متنوعة، شَمِلت طاولةً للخط العربي، ورُكنًا للكتب والمراجع الدينية؛ حيث أُتيح للزوَّار الاطلاعُ على نُسخ من القرآن الكريم وملخصات حول تعاليم الدين الإسلامي، كما سلَّطت الضوء على دور المرأة في الإسلام.
قبل موعد الإفطار فتح المركز أبوابَه أمام الزوَّار لجولات تعريفية قدَّمت لمحة عن العبادات الإسلامية؛ مثل: الصلاة اليومية، ودور المركز الإسلامي في حياة المسلمين هناك، كما استعرَض المشرفون أنشطةَ أكاديمية النور، وهي مدرسة إسلامية معتمدة وتابعة للمركز توفِّر التعليم من مرحلة ما قبل الروضة وحتى الصف الثاني عشر.
وأوضح "عبد الله سميث" إمام المسجد أن هذا الحدث السنوي يهدف إلى تعزيز التفاهم بين المسلمين وغيرهم، وتعريف المجتمع المحلي بالمركز الإسلامي وبالمسلمين، وقال: "هذا الإفطار هو دعوة مفتوحة للجميع، لاكتشاف ثقافتنا ومعتقداتنا وممارساتنا، ما يُسهم في بناء جسور التواصل والتفاهم".
وفي حديثه عن الصيام أضاف سميث: "الصيام ليس مجرَّد الامتناع عن الطعام والشراب، بل هو فرصة للتقرُّب من الله والتأمل، فعندما يضَع الإنسان احتياجاته الجسدية جانبًا، يجد وقتًا أكبر للتفكير في القيم الإنسانية".
من جانبها قالت الدكتورة "سوزي إسماعيل" إحدى المتحدثات في الفعالية: إن الصيام يحمِل فوائد صحية، لكنه يختلف تمامًا عن الامتناع عن الطعام دون وعي، موضِّحة أن "الصيام في رمضان ليس تجويعًا، بل تجربة تهدف إلى ضبط النفس وتعزيز التقوى".
واختُتِمت الفعالية بإجابة الدكتورة "سوزي إسماعيل" و"عبد الله سميث" عن أسئلة الحضور حول الشعائر الإسلامية، قبل أن يُرفع أذان المغرب عند الساعة 7:07 مساءً؛ حيث أفطَر الصائمون بتناوُل التمر والماء، ثم أَدَّوْا الصلاة قبل تناوُل وجبة الإفطار معًا؛ المصدر: شبكة الألوكة.
ابوالوليد المسلم
24-03-2025, 10:32 AM
الصدقة بالدعاء
تمر مواسم القربات وبيننا أحبة مشغولون بأوجاعهم أو أمراضهم أو فقدهم
أحبة نزلت بهم أخبار مؤلمة
وأحداث محزنة
أدهشتهم عن الدعاء
وعقلت ألسنتهم عن الشكوى
وخنقتهم من الكلام
تصدقوا عليهم بدعوات الغيب
اسألوا الله أن يربط على قلوبهم
وينزل عليهم السكينة
هبوا لهم دعوات ملحة
لحظة فارقة
رآك الله قد آثرت أخاك بالدعوات ومنحته رغم خصاصتك بكثرة الطلبات
والصدق والمناجاة
الله يحب الرحماء بعباده
ما يدريك وأنت مشغول تقول:
يارب اربط على قلب فلان بفقد ولده
يارب أنزل السكينة على فلان في مرضه
يارب رد على فلان غائبته
يارب فرج عن فلان كربته..
فيقول الله لك.
برحمتك بعبادي ودعائك أحللت عليك رحمتي.
ياله من فضل
حين تأتي يوم القيامة
وقد فرج الله كربا عظيما عن أخيك
بدعوة صادقة منك
لم يعلم بها
فصلحت حياته كلها بدعوتك
وجعل الله ذلك الخير كله في ميزان حسناتك...
تصدقوا عباد الله
اقسموا من خيرات دعواتكم للقانع والمعتر والمكلوم والمضطر
وأيم الله
إن في الناس مبهوتون لفقد ولد أو حبيب
قد بكمت ألسنتهم فلا يطيقون الكلام
فخذوا مكانهم في محاريب الدعاء
يارب أنزل السكينة قي قلوب المحزونين
وأذهب الغم والكرب عن المكروبين
لا يكشف الكرب غيرك.
منقول
vBulletin® v3.8.5, Copyright ©2000-2025, Jelsoft Enterprises Ltd.