|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() تأملات في آية ((وترى الجبال تحسبها جامدة)) الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. قوله تعالى: ((وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب)) احتار المفسرون فيه، حتى المعاصرون المدركون لدوران الأرض. ففي كل من وجهي تفسيرها إشكال: 1. فبعضهم قال أن الآية تصف حال الجبال يوم القيامة، والسبب أن الآية تأتي في سياق الحديث عن القيامة: ((ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين (87) وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون (88) من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون (89) )). فسبقتها آية عن القيامة وتلتها آية عن القيامة، فالسياق مُشعر بأن مر الجبال كمر السحاب سيكون يوم القيامة قبل أن ينسفها الله نسفا. لكن هذا التفسير فيه إشكالان: فكيف يحسبها الناظر جامدة؟ ثم خاتمة الآية ((صنع الله الذي أتقن كل شيء)) تناسب الخلق والتنسيق في الدنيا، إذ لا يناسب وصف تغيير الأحوال وإزالة الجبال يوم القيامة بالصنع ولا بالإتقان، بل بالأمر المهول العظيم مثلا. 2. والبعض الآخر قال: بل الآية تتكلم عن حال الجبال في الدنيا ودورانها مع دوران الأرض، وبالتالي فهذه من آيات الإعجاز العلمي التي آمن بها المسلمون الأولون على ظاهرها وأدركنا بعد قرون دلالتها الفلكية. وهذا التفسير هو الأنسب لظاهر الآية. لكن الإشكال في هذا التفسير أنه لم يجب عن سبب ورود الآية في سياق الحديث عن القيامة. علل بعض العلماء بأن مناسبة الآية للسياق أن الله تعالى يري خلقه بها آية من آيات قدرته. إلا أن المعهود من سياق القرآن أنه أكثر انسيابية وترابطا في الانتقال من موضوع إلى موضوع. اليوم خطر ببالي فهم للآيات، يؤيد التفسير الثاني ولعله يجيب عن مسألة السياق: في قوله تعالى: ((ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين)) حركة عنيفة للخلق واضطراب بعد سكون طويل. فرمم العظام وفتات الأجساد سينقلب أجسادا حية تأتي إلى ربها داخرة، أي صاغرة مطيعة...مشهد مخيف يفزع القلوب إذ أنها تستذكر أنها تقدم على ربها بعملها لتحاسب عليه. هنا، قد يتشكك القارئ فيقول: هذه التربة الساكنة، هذه العظام وهي رميم، ستنقلب أجسادا حية تتحرك؟ فيقيم الله الحجة على الفور بآية مرئية معايَنة في عالم الشهادة لا في عالم الغيب: ((وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء)). فأنت أيها المتشكك يظهر لك من الجبال الجمود، بينما هي في حقيقتها تمر سريعا مر السحاب، وهذا أمر دنيوي قبل انخرام نظام الكون يوم القيامة الموعود. أَوَليس الذي أخبرك بحقيقتها المخالفة لظاهرها بقادر على تحريك التراب والعظام والفتات الجامدة ليبعث منها أجسادا حية يوم القيامة؟ أخطأت أيها الإنسان وظهر قصور عقلك وحواسك إذ ظننت الجبال جامدة في عالم الشهادة، فآمن بالذي كشف لك حقيقتها أنه قادر أيضا على تحريك الفتات في يوم القيامة الذي هو غيب بالنسبة لك الآن. فإذا ما خضع الإنسان وأقر، عاد السياق للحديث عن يوم القيامة الذي جاءت الآية برهانا له، واستكملت الآية الصورة بقوله تعالى: ((إنه خبير بما تفعلون))، في ختام آية الجبال نفسها...إذن، فالذين يحييهم الله ويحركهم من الأرض الساكنة كما يحرك الجبال الآن، سيأتونه سبحانه داخرين، وهو خبير بما فعلوا في الدنيا، فيجازيهم به: ((من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون (89) ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون (90) )). والله تعالى أعلم وأحكم. والسلام عليكم ورحمة الله. د/إياد قنيبي ![]()
__________________
![]() التعديل الأخير تم بواسطة ورد جوري ; 23-04-2014 الساعة 08:21 PM. |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |