هل أنت تفاحة أم حنظلة ؟

[زارع المحبة]

بسم الله الرحمن الرحيم.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قبل مدة كتب أخي أبو محمود السوري موضوعا عنوانه .(هل أنت جزرة أم بيضة ؟) أما هذا الموضوع فلا علاقة له بذلك وإنما هي كلمات استفدت منها فأحببت أن أفيد بها إخواني .

قال النبي صلى الله عليه وسلم :

{ من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها }[1]

وقال أيضا:

{ يقال لصاحب القرآن : اقرأ وارتق ترتل ؛ كما كنت في الدنيا ؛ فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها } .

فمنزلتك في الجنة بقدر ما تحفظ من آيات , فمن حفظ 100 آية فهو في الرتبة أو الدرجة 100 من درجات الجنة , ومن حفظ أكثر من ذلك فهو في درجة أعلى من ذلك .
ولهذا كان التنافس في حفظ القرآن من أفضل أنواع القربات ؛ { وفي ذلك فليتنافس المتنافسون }.
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم الفرق بين المؤمن الذي يقرأ القرآن والمؤمن الذي لا يقرأ القرآن فقال:

{مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة[2]: ريحها طيب، وطعمها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا رئحة لها وطعمها حلو...ومثل المنافق كالحنظلة طعمها مر ورائحتها خبيثة ...}

لهذا يجب علينا أن نحرص على قراءة القرآن وتدبره والعمل بما فيه...
ولا يقولن أحدكم إن قراءة القرآن تصعب وتشق علي، ويجعل هذا سببافي عدم قراءته , بل ينبغي أن يجاهد نفسه في قراءة كتاب الله مهما كانت الظروف؛ وقد ورد في أجر من جاهد نفسه على قراءة القرآن قول النبي صلى الله عليه وسلم :

{ الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ}[3]

ومن أكرمه الله بحفظ كتابه أو بعض منه فينبغي له أن يتعاهده ويراجعه دائما فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :

{تَعَاهَدُوا الْقُرْآنَ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ الْإِبِلِ فِي عُقُلِهَا}

فاستمسك أيها المسلم بهذا القرآن وعض عليه بالنواجذ فهو القاعدة الكبرى لدين الإسلام والوسيلة العظمى لمعرفة شرائعه ,وها هو ذا بين يديك غضا طريا كما أنزل؛ فطيّب بقراءته نفسك ورطّب بكلماته لسانك ونوّر بتدبره قلبك وأصلح بالعمل به أمرك واشرح بنور حكمته صدرك , فهو لك في الدنيا صراط ومنهج , وهولك في الآخرة شفيع ومنجي.
فتمسكوا بكتاب ربكم ولا تكونوا عنه من الغافلين ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسعون ...
ولو نظرنا حولنا لوجدنا الكثير من الأماكن لا يوجد فيها من يحفظ القرآن حتى أن الكثير من المساجد عندما يأتي شهر رمضان الكريم لا يجدون من يتقدم ليؤم الناس لصلاة التراويح . وحتى أن بعضهم صار يقرأ من المصحف وهو يصلي! وهذا من هجر القرآن وعدم الاهتمام به , حيث أنهم لا يهتمون بالقرأن ولا يفكرون فيه ولا يقرؤونه إلا في رمضان , أما في غيره فيقرؤون الجرائد أكثر من قراءة القرأن ويسمعون الأغاني بدل سماع القرآن.

بل وصل الأمر في بعض الأماكن أنه حتى من يريد أن يحفظ لا يجد من يحفظ عليه , لا يجد معلما يَعرض عليه أو مُوجها يوجهه نحو الصواب ويبين له الخطأ .
هناك مناطق خلت تماما من القرآن وأهل القرآن , فلا معلم ولا متعلم , وتلك هي الطامة الكبرى والكارثة العظمى .
وإن مما يسرني ويسر كل مسلم أني حين أدخل هذا[4] المسجد في كل وقت وحين أجد مجموعة طيبة من الاخوة الكرام يحفظون القرأن ويراجعونه ويتدارسونه , فهذا والله أمر يثلج الصدر ويفرح القلب ويبهج النفس.
فاحمدوا الله على هذه النعمة واغتنموا هذا الفرصة فإنها فرصة ثمينة تفضل الله بهاعليكم .
ولا يقولن أحدكم لقد كبرت سني أو لدي من المشاغل الشيئ الكثير فإن تلك الأمور لا تعد أعذارا .
ولنتذكر أن أغلب الصحابة حفظوا القرآن وهم كبار ولديهم من الأشغال أكثر مما لدينا.
والله عز وجل يقول:

{ولقد يسرنا القرآن ...}

فالقرأن سهل ميسر لمن رغب فيه ؛ المهم هو أن تبدأ وسوف يسهل عليك الأمر شيئا فشيئا مع مرور الوقت .
بقي أمر لا بد من التنبيه إليه فحذاري من حفظ القرآن اعتمادا على المصحف فقط دون أخذ أو عرض عن معلم أوشيخ متقن يساعدك ويأخذ بيدك حتى لا تقع في اللحن أو التحريف أو التصحيف .
أما الحفظ من المصحف وحده فإن نتاجه خطيرة وهو باختصار ليس حفظا للقرأن وإنما تكسير وتحريف للقرآن .
لأن القرآن يؤخذ سماعا وليس كتابة .

هل من تعليق لديكم أو سؤال؟؟

ملاحظة:قد يرى البعض أن هذا الموضوع يناسبه القسم الاسلامي وليس قسم الحوارات , لا أعارضهم ؛ ولكن أرى أن هذا القسم هو أيضا قسم اسلامي , وإسلامي بامتياز , إسلامي اكثر حتى من القسم الذي عنوانه اسلامي ولا أدري ما بداخله[5]!؟

دمتم في رعاية الله وحفظه .

والســــــلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

[1]

[2](الاترج ثمر طيب الطعم والرائحة كالتفاح .


[3]) مسلم رقم 1329

[4] مسجد قريتنا

[5] ) منذ مدة طويلة جدا لم أزره وأتمنى أن يكون قد تحسن!