|
الملتقى العام ملتقى عام يهتم بكافة المواضيع |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الوسطية
![]() الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، ياربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك، سبحانك اللهم لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله، خير نبيٍ أرسله، أرسله الله إلى العالم كله بشيراً ونذيراً، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد؛ صلاة وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين، وأوصيكم - أيها المسلمون - ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى. أما بعد، فيا عباد الله! إن من أبرز سمات هذا الدين الذي شرف الله عز وجل به الأسرة الإنسانية جمعاء الوسطيةَ. والوسطيةُ تعني: الالتزام بميزان العدل؛ أي الالتزام بميزان الحقيقة دون شرود عن هذا الميزان، ولا تطفيف له، وهذه الوسطية هي من أبرز ما وصف الله سبحانه وتعالى به عباده الذين شرفهم الله بالإسلام، تقرؤون في ذلك جميعاً قول الله سبحانه وتعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَما جَعَلْنا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلاّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 2 / 143] ، إعلان من بيان الله عز وجل أن الله سبحانه وتعالى أكرم هذه الأمة بالوسطية، أي متّعها بالالتزام بميزان العدل، وكما قلت لكم: المراد بالعدل: الوقوف على الحقيقة، دون ابتعاد عنها، ولا مغالاة فيها. وانظروا يا عباد الله كيف جسّد البيان الإلهي ظاهرة الوسطية: أي العدل هذه فيما بيَّنه بعد ذلك قائلاً: {وَما جَعَلْنا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلاّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى} [البقرة: 2 / 143] أمر الله عز وجل نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يتوجه إلى القبلة التي كان يتجه إليها أهل الكتاب من قبل، هذه هي ظاهرة العدل والوسطية، فليس في الإسلام مجانفة عن الشرائع الأخرى، وليس فيه شعور بالعصبية التي تميل عن الحق، أمر الله رسوله أن يتوجه رَوْحاً من الزمن إلى قبلة أهل الكتاب، ثم إنه أمر، بما يتضمن هذا، أهلّ الكتاب أن يتوجهوا هم الآخرون بالمقابل إلى الكعبة المشرفة، وكلا الأمرين صادر من الله سبحانه وتعالى، فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو إمام الوسطية في الأسرة الإنسانية جمعاء، فقد كان توجهه إلى القبلة الأولى، ثم توجهه إلى القبلة الثانية استجابة لهذا الوصف، بل لهذه السمة التي وصف الله عز وجل بها أمة المصطفى عليه الصلاة والسلام ولو أن الآخرين هم أيضاً فعلوا ما فعله رسول الله استجابة لأمر الله، لتلاقى الطرفان على الوسطية. وانظروا في هذا أيضاً إلى قول الله سبحانه وتعالى: {قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلاّ نَعْبُدَ إِلاّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} [آل عمران: 3 / 64]، هذه الوسطية التي ربّانا عليها الإسلام، والإسلام - كما قلت لكم - هو الدين الأوحد الذي شرف الله عز وجل به الأسرة الإنسانية جمعاء، وما اختلف الناس في أمر هذا الدين إلا لما شردوا عن الوسطية، إلا لما شردوا عن ميزان الدال على الحقيقة، شردوا عن هذا الميزان ابتعاداً أو غالوا فيه، وطففوا هذا الميزان تطفيفاً، ربّانا إسلامنا على المنهج العدل، على أن نتبع الحقيقة التي دل عليها كتاب الله، والتي رسّخ الدليل عليها وبيّنه مزيداً من التبيين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ربانا هذا الدين على أن نحب الأنبياء والصالحين، بل وضع أمامنا طريقاً لا نهاية له لمحبتهم، ولكن على أن لا يخدش هذا الحب إيماننا بوحدانية الله سبحانه وتعالى، نحبهم في الله، ولا نحبهم مع الله سبحانه وتعالى. ربانا إسلامنا هذا على أن نَعْلم للصالحين من أصحاب رسول الله رضوان الله عليهم ومن آل بيت رسول الله رضوان الله عليهم المزايا التي ميزهم الله عز وجل بها، وأن نتقرب إلى الله عز وجل بتعظيمهم وتبجيلهم، على أن لا نغالي، فنَعْلم أن المعصومين إنما هم الرسل والأنبياء فقط، وليس بعد الرسل والأنبياء من هو معصوم قط. ربانا إسلامنا على العدل، الذي شرّفنا بصفة الوسطية على أن نحب آل بيت رسول الله، كيف لا، وهم المنسوبون إليه؟ كيف لا، وهم الذين تشرفوا بأن حَوَتْهم محبة الله سبحانه وتعالى عن طريق محبة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟ وأن تكون محبتهم ملء قلوبنا، لكن على ألا نغالي، وعلى ألا نبتعد عن الوسطية، فنعتقد أن في آل بيت رسول الله من بلغوا مبلغاً لم يبلغه مَلَك مقرّب، ولا بني مرسَل، معاذ الله. هذا هو الغلو الذي حذرنا الله منه، وحذرنا نبينا منه، وحذرنا آل بيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم منه، ربانا إسلامنا الوسطي أن نبجّل الأولياء في كلا حالتي الحياة والموت، وأن نزور القبور كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنه في الوقت ذاته حذرنا من الشطط، حذرنا من سوء الأدب، وإن كانت الزيارة لقبر نبي من الأنبياء أو ولي من الأولياء، فلا نعقد بقبورهم الخِرَق ونحو ذلك، ولا نضيء عند قبورهم الشموع، نقف موقف الوسطية كما أمر الله سبحانه وتعالى، وكما نبهنا المصطفى صلى الله عليه وسلم ، ولو أن المسلمين التزموا بهذا الميزان العدل، ووقفوا تحت شرف هذا الشعار الذي شرفنا الله عز وجل به إذ قال: {وَكَذَلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} [البقرة: 2/143] لما رأينا بين المسلمين صورة لتهارج، ولما رأينا في حياة المسلمين مظهراً لفتنة، ولما رأيناهم يقارع بعضهم بعضاً بسمة التكفير أو التضليل أو التبديع أو نحو ذلك، ولما رأينا مذهباً يطمع في مذهب آخر أن يتأبطَه وأن يقضيَ عليه. الغلو هو الذي جرّنا إلى هذا، أجل أيها الإخوة، الغلو هو الذي يدفع أصحابه إلى أن يختلفوا اختلافاً أسماء لأشخاص من آل بيت رسول الله وهميين يبنون لهم في ظلام ليل دامس دون شعور قبوراً وهمية، وبعد حين يبنون لهم قباباً خضراء في سبيل أن يضعوا أيديهم على بقاع حول هذه المنطقة كلها، ويجعلوا منها منطلقاً لمقارعة مذهب لمذهب، ويجعلوا منها منطلقاً من أجل كيد، ومن أجل إثارة فتنة، لولا الغلو الذي حذر من كتاب الله، والذي ابتعد عنه رسول الله، والذي ابتعد عنه أصحاب رسول الله وآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما رأينا هذه المجانفة وهذا الابتعاد عن الوسطية. يا عباد الله إذا كان الباري عز وجل يقول لأهل الكتاب هذا الكلام المغموس باللطف، هذا الكلام المنطلق من ساحة العدل والوسطية يقول لهم: {قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلاّ نَعْبُدَ إِلاّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} [آل عمران: 3/64] بالك بالحوار الذي ينبغي أن يسري بين المسلمين بعضهم مع بعض، وإن اختلفت فيما بينهم المذاهب والفِرَق؟ لماذا يكون هذا الاختلاف؟ لماذا توضع الأيدي على بقاع معينة من أرضنا الإسلامية عن طريق اختلاف قباب خضراء لا وجود لحقيقة في داخلها؟ من أجل أن تكون هذه البقعة منطلقاً بعد ذلك لفتنة، لفتنة بين مَن؟ بين مسلمين ومسلمين. لماذا؟ الجواب معلوم عندما يتحول الدين الذي شرفنا الله عز وجل به إلى غذاء للأنانية، إلى غذاء للعصبية، يضيع الدين الذي خاطبنا الله عز وجل به، ويَحُل محل ذلك الأنا، تَحُل محل ذلك العصبية للذات، أنا أقول هذا الكلام من منطلق مبدأ شرَّفنا الله عز وجل به، ورُبِّيت عليه منذ نعومة أظفاري، ألا وهو أن تكون صلتنا ما بيننا نحن الأسرة الإنسانية جمعاء بقطع النظر عن وحدة الدين، صلة تحاور، صلة تناصح، صلة وئام، فكيف عندما تكون الجماعة الذين ننظر إليهم من حولنا تمتد بيننا وبينهم جسور الإسلام والإيمان؟ أقول: إياكم ومهايع الفتنة. إياكم وأن تلعبوا بالنار، لَئن كانت الساسة في شغل شاغل، وفي ظروف لا تسمح لهم بالتحذير، فنحن المسلمون لنا ظروف أخرى نستطيع أن نشير إلى مكان الخطر، نستطيع أن نشير إلى الجامعة التي تجمع هذه الأمة، التي ينبغي أن نقف تحت مظلتها، دعونا نقف تحت مظلة قباب حقيقية، قبة لا إله إلا الله، ما ينبغي أن نختلق قباباً خضراء وهمية من أجل أن تكون غداً منطلقاً لفتنة، من أجل أن تكون منطلقاً لنيران العصبية، كلنا غداً سيقف بين يدي الله عز وجل، ما الذي يشعره أولئك الإخوة من نقص في إسلامنا؟ حب آل بيت رسول الله؟ هل فينا من يستطيع أن يزعم أنه مسلم، وأنه سيلقى ربه غداً مسلماً دون أن يكون حب آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ملء قلبه؟ نحن نعيش على غذاء يقربنا إلى الله لا ثاني له: بعد حب الله حب رسول الله، وبعد حب رسول الله حب آل بيت رسول الله ومن ثم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. لكنا حبنا لآل بيت رسول الله لم يضيق علينا واسعاً، لم يجعل أفئدتنا تُقْفل من أجل أن نطرد محبة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أفئدتنا، ربانا إسلامنا، ربانا مولانا وخالقنا، ربانا حبيبنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن تكون قلوبنا أوعية متسعة لحب الله أولاً ثم لحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثانياً ثم لحب آل بيته وأصحابه البررة الكرام. أليس هو القائل: ((اللهَ اللهَ في أصحابي، لا تتخذوهم غرضاً من بعدي))؟ أيها الإخوة: أسأل الله عز وجل أن يوفقنا لأن نكون حراساً على هذه الوسطية التي متعنا الله عز وجل بها، وأن نجعل من تربيتنا الإسلامية غذاء لهذه الوسطية، وآمُل أن يكون في وعي هذه الأمة لاسيما في هذه البلدة ما ينبهها إلى الخطر الداهم، ما ينهها إلى نشاط يتحرك باسم الإسلام، ولكنه يبتغي شيئاً آخر، يبتغي إثارة فتنة، يبتغي مقارعة مذهب بمذهب تحت مظلة دين واحد، اجعلوا من وعيكم حارساً لهذه الحقيقة. أما قادتنا، فلا أدري ماذا أقول، لعلهم في شغل شاغل بسبب الظروف المدلهمة التي جعلتهم في دوامة وحيرة، وقاتل اللهُ السياسةَ عندما تحجب عن المبدأ، وقاتل الله لسياسة عندما تمتطي الدين لمصلحتها، ولكني أملك أن أدعو الله لنا ولقادتنا أن يبين لنا النهج السديد، وأن يأخذ بنواصينا جميعاً إلى ما في وحدة الأمة، وأسأل الله سبحانه وتعالى لسائر المسلمين على اختلاف فئاتهم، وعلى اختلاف فِرَقهم أن يُعِدُّوا العدة للقاء الله، ولقاء الله قريب، والموت حاجز غير حصين، فإذا عرفنا أن لنا وقفة بين يدي الله ذابت العصبية، وذابت مشاعر الأنانية أياً كانت وأياً كان نوعها. أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم. |
#2
|
||||
|
||||
![]() السلام عليكم ورحمه الله وبركاتة موضوع رائع وقيم تقبل الله منك اخى الكريم abdalll صالح الاعمال وجعلها بميزان حسناتك وننتظر كل جديد لك بالتوفيق |
#3
|
||||
|
||||
![]() |
#4
|
||||
|
||||
![]() ![]() ![]() جزاكم الله خيرا على مروركم الرااائع ![]() ![]() |
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |