التفقه.. رحلة لا تنقضي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         كتاب الصيام والحج من الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 55 - عددالزوار : 74 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5027 - عددالزوار : 2173398 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4608 - عددالزوار : 1454387 )           »          خواطرفي سبيل الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 40 - عددالزوار : 10332 )           »          قلبٌ وقلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 40 - عددالزوار : 9577 )           »          البشريات العشر الثانية للتائبين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          معركة تشيرمانون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          إلى مَأدُبَةِ الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          من أعلام الإسلام الطفيل بن عمرو الدّوسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          كيف نحاور العلمانيين؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم يوم أمس, 11:23 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,778
الدولة : Egypt
افتراضي التفقه.. رحلة لا تنقضي

التفقه.. رحلة لا تنقضي

فيصل بن علي البعداني


العلم بحر لا ساحل له، كلما ركب الإنسان لججه رأى من عجائبه ما يوقن معه أنه لا يزال على شاطئه، فالحال كما قال تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}، وقال سبحانه: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}، ولذا فلا يزال طالب العلم صادق الطلب في رحلته ما بقيت له أنفاس، يتنقل بين مجالس الشيوخ ومظان الكتب، ويزداد مع الأيام يقينًا أن العلم أكبر من أن يحيط به فرد، وأوسع من أن تحصره جيل أو مدرسة أو جماعة. ومن أجل ذلك قيل: "من المهد إلى اللحد"، و: "مع المحبرة إلى المقبرة"، وقيل: "فكم ترك السابق للاحق"، وكم ورثت الأجيال اللاحقة من كنوز لم تكن تخطر للأوائل على بال.

ولعل من أعظم ما يقطع على المرء طريقه في هذا الميدان أن يغتر بظن الكمال، فيحسب أنه قد بلغ في فنٍ الغاية، أو ظفر بفهم الواقع إلى النهاية، أو أحاط بجانبٍ إحاطةً تغنيه عن الاستزادة، فيقعد عن الطلب، ويفتر عن المتابعة، فتذبل معارفه شيئًا فشيئًا، وتتآكل علومه على مر الأيام، ويضعف إدراكه للواقع من حوله، وإن كان قد بلغ في الماضي ما بلغ، وأتقن ما أتقن.

وتشتد الخطورة إذا أصاب هذا الداء داعيةً يتعامل مع واقع متجدد، فيظن أنه قد أحاط بمداخله ومخارجه، وملك زمام مساربه وتفرعاته، فأخذ يمضي يحاكم أحداث اليوم المختلف والمستقبل المتبدل إلى مقاييس الماضي، ويزن المتغيرات الحاضرة والأحوال المتبدلة بقوانين الأمس. وعندها فقل: ما أشد الخلل في هذا؛ فإن النفوس تتبدل قبل الأحوال، والأحوال تتغير قبل المعطيات، والمستقبل تطرق متغيراته الأبواب بسرعة لا تُجارى، فكيف يُتصور أن تُنزَّل عليه مقاييس مضت وانقضت؟! دون وعي بأن قوانين الأمس – مهما كانت متينة – لا تنطبق بحرفها على حاضر اليوم، فضلا عن غدٍ الأصل فيه التبدل ولما يأتِ بعد.

وليست هذه دعوة إلى القطيعة مع الماضي، أو إلغاء رصيد الأمة من العلم والتجربة؛ فالأمور متصلة ومتراكبة والثوابت باقية ما بقي الدهر، والأطر العامة الحاكمة لا تتغير، وإنما هي دعوة إلى التواضع في النظر، والانكسار أمام سعة العلم وتجدد الواقع، وحثٌّ على ملازمة التلقي والنهل بلهفة، وإدراك أن العلم متوالد، ينبت بعضه من بعض، ويُفتح في كل عصر من الفروع والأصول ما لم يكن معلوما من قبل. ولكل زمان رجاله وصفاته، ومن لم يشابه رجاله في صفاتهم، ولم يشاركهم في علومهم وأدواتهم، وإن بلغ في الماضي ما بلغ، فلن يكون منهم ولن يُكتب له أثر بين في عصرهم.

وختامًا، فإن من أعظم ما يورثه الاشتغال بالعلم أن يبقى المرء متواضعًا له، مستزيدًا منه، مستشعرًا قصوره مهما بلغ، مدركًا أن ما بين يديه غيض من فيض، وأن أبواب الفتح لا تزال مشرعة لمن أخلص وتجرّد. ومن لزم هذا المسلك حُفظ من الغرور، وأُعين على الاستزادة وعمق البصيرة، ووُفق للجمع بين أصالة الميراث وتجدد النظر. فالعلم لا ينفد، والزمان لا يكرر نفسه، والسعيد من بقي في رحاب الطلب متعلّقًا بربه، متوجهًا إليه أن يهديه سواء السبيل.

نسأل الله أن يرزقنا علما نافعا، وعملا صالحا، وبصيرة في الدين، وفهما لسنن الحياة، وتواضعا للحق حيث كان.
والله الهادي.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 46.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 44.71 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.60%)]