|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() بيع التلجئة[1] عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان التَّلجِئَةً: تَفْعِلَةٌ من الإِلْجَاء، والتَّلْجِئَةُ الإكراه، أَلْجَأَ فلانٌ فلانًا تَلْجِئَةً أَلْجَأَهُ واضْطَرَّه إلى أنْ يأتيَ أمرًا خلاف ظاهره وأحوَجَهُ إلى ذلك[2]. وعُرِّف اصطلاحًا بأن (يُظهِرَا بيعًا لم يَلْتَزِمَاه باطنًا خوفًا من ظالم دفعًا له)[3]. وعرَّفه الجُرجانيُّ بأنَّه: (العقد الذي يباشِرُهُ الإنسان عن ضرورةٍ ويصير كالمدفوع إليه)[4]. صورة المسألة: أن يخاف الرَّجل ظالمًا يأخذ ماله، فيتَّفق مع رجلٍ ليبيعَهُ مالَه ظاهرًا ليحتمِي به أو ليحتمِي عن الظالم، ولا يقصدان بهذا البيع الحقيقة، بل يقصدان الصوريَّة[5]. مثالها: أن يكون لثامرٍ قُدرَةٌ ومَنَعَةٌ وسلطَةٌ يستطيع بها أن ينتزع أرضًا لرجلٍ ضعيف اسمه أيمن، فيذهب مالك الأرض إلى رجلٍ قويٍّ له مَنَعَة ويخبره بما يخاف من هذا الظالم وأنَّه يريد أن ينقُل ملكيَّة الأرض له ظاهرًا لئلَّا ينتزعها الظَّالم منه، فيتَّفِقَا على ذلك سرًَّا، ويُظهِرَا أمام النَّاس أنَّ البيع تمَّ، فما حُكمُ هذا العقد؟ اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين: القول الأول: أنَّ البيع جائزٌ نافذٌ ولا أثَرَ للصُّوريَّة المتَّفَقِ عليها سِرًَّا، وبهذا قال الشافعيَّة[6]، وابن حزمٍ من الظاهريَّة[7]، وهي روايةٌ عن أبي حنيفة[8]. القول الثاني: أنَّ البيع باطلٌ ولا ينعَقِدُ، وبهذا قال الحنفيَّة[9]، والمالكيَّة[10]، والحنابلة[11]. استدل أصحاب القول الأول: بأنَّ المتعاوِضَين أتيا باللَّفظ عن قصدٍ واختيارٍ فلزمَهما البيع كحالِ الهازل، والشَّرط السَّابقُ للعقد لا يؤثِّر فيه[12]. واستدل أصحاب القول الثاني: بأنَّ المتعاقدَيْن وإن نَطَقَا باللَّفظ والصِّيغَة فإنَّهما لم يقصُدَا الحقيقة، فيُقاسُ حالُهما على حال المُكرَه[13]، وتدخل التَّلجِئَة في أحكام الإكراه، وكما أنَّ الهازل لا ينعقد بيعه ؛ فكذا من يعقِدُ تلجِئَةً بل هو أولى بالعذر، إذ له سببٌ صحيحٌ وغرضٌ بخلاف الهازل، وبه يجاب عن دليل القول الأول. الترجيح: الذي يظهر للباحث أنَّ القول الثاني هو القول الرَّاجح، لقوَّة تعليله، ولأنَّ حال الملجَأ أشدُّ من حال الهازِل فلأَن لا ينعقد بيعه من باب أَولى. هذا ما تيسَّر إيرادُه، وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. [1] ما جاء في هذه الورقات مُستلٌّ من رسالتي في مرحلة الدكتوراه بعنوان: (أوصاف عقود المعاوضات المؤثرة في التكييف دراسة وتحليلاً). [2] ينظر: تهذيب اللغة (11/ 131)، والنهاية في غريب الحديث والأثر (4/ 232)، ومختار الصحاح ص(279)، ولسان العرب (1/ 152). [3] الفروع مع تصحيح الفروع (4/ 49). [4] التعريفات للجرجاني ص(48)، وينظر: رد المحتار (5/ 273)، والتوقيف على مهمات التعاريف ص(88). [5] ينظر: المبسوط للسرخسي (24/ 122)، وبدائع الصنائع (5/ 176)، والنوادر والزيادات (9/ 231)، والمجموع شرح المهذب (9/ 334)، والفروع مع تصحيح الفروع (4/ 49)، وكشاف القناع (3/ 149). [6] ينظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي (5/ 105)، والعزيز شرح الوجيز (4/ 33). [7] ينظر: المحلى بالآثار (7/ 510). [8] ينظر: المبسوط (24/ 122)، وبدائع الصنائع (5/ 176). [9] ينظر: بدائع الصنائع (5/ 176)، ورد المحتار (5/ 273). [10] ينظر: النوادر والزيادات (9/ 231)، ولم أجد من نص عليها غير ابن أبي زيد القيراوني. [11] ينظر: الشرح الكبير على المقنع ت التركي (11/ 183)، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (11/ 16). [12] ينظر: أسنى المطالب (2/ 11)، والبيان في مذهب الشافعي (5/ 105). [13] ينظر: الشرح الكبير على المقنع (11/ 183).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |