عقد الثقة المفقود .. كيف نصنع توازنًا جديدًا في مجتمع الشكوك؟ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير آيات الصيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 5 - عددالزوار : 514 )           »          اجعلوا من استباق الخيرات في هذا الشهر خير عدة، وأعظم عون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          ذكرى سقوط القدس بيد الصليبيين – لتاريخ المؤلم للمدينة المقدسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          قناديل على الدرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 37 - عددالزوار : 11875 )           »          شهر رمضان فرصة لتقارب الصفوف وسد الخلل والتناصح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          صفحات مطوية من القضية الفلسطينية قبل قيام دولة إسرائيل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 32 - عددالزوار : 10821 )           »          النجاح عبر بوابة الفشل الذكي .. 4 شروط تحول الإخفاق إلى إنجاز (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          “الحياة معاناة”.. حتى نتعامل مع حياتنا علينا أن نفهمها أولا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          ثلاثية بناء الطالب : البيت والمدرسة والمجتمع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          دور الأنشطة المدرسية في تطوير الطالب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى الحوارات والنقاشات العامة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم اليوم, 05:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,616
الدولة : Egypt
افتراضي عقد الثقة المفقود .. كيف نصنع توازنًا جديدًا في مجتمع الشكوك؟

عقد الثقة المفقود .. كيف نصنع توازنًا جديدًا في مجتمع الشكوك؟
عبدالله حسين النعمة


5 بنود تبني عقد الثقة
من الثقة إلى “العصبية” وبناء الحضارة
خاتمة

يدين متشابكتان مع تشققات واضحة، تشير إلى الصراع والتعافي، في خلفية غير واضحة تعزز من تأثير الصورة.

كانت الثقة يومًا ما بسيطة وفطرية. كانت كلمة الرجل ميثاقًا، ووعده عقدًا، وأبواب البيوت والجيران مفتوحة لبعضها البعض. كانت هذه “الثقة الفطرية” هي الزيت الذي يسهل حركة المجتمع، والغراء الذي يمنحه تماسكه. لكن المدن كبرت، وتشعبت الحياة، وتباعدت المسافات بين القلوب حتى وإن تقاربت الأجساد. ومع كثرة التجارب السلبية وقصص الخداع، بدأ ذلك النسيج الأبيض بالتمزق، ونشأت بيننا شيئًا فشيئًا “ثقافة شكوك”، وهو شكٌ له ما يبرره في كثير من الأحيان.

فما العمل؟ هل نستسلم لهذا الواقع ونتحسر على زمن البساطة؟ أم ندعو دعوة حالمة لعودة ماضٍ قد لا يعود بشروطه نفسها؟

إن الحل لا يكمن في الحنين للماضي، بل في الشجاعة على بناء مستقبل مختلف. الحل هو الانتقال الواعي من “الثقة الفطرية“ التي تآكلت، إلى “الثقة الواعية“ التي يجب أن نصنعها بأيدينا صناعةً. هذه الثقة الجديدة لا تُمنح تلقائيًا، بل تُكتسب وتُبنى بوعي، عبر عقد اجتماعي جديد، واضح البنود، وملزم أخلاقيًا.
5 بنود تبني عقد الثقة

لبناء هذه الثقة الجديدة، نحتاج إلى ميثاق له بنود واضحة مستمدة من عمق ثقافتنا:

بند الوضوح والبيان (لا غرر ولا جهالة): الشفافية في ثقافتنا أعمق من مجرد نشر التقارير. إنها شرط لصحة “التعاقد” الأخلاقي. فالمشروع الذي يكتنفه الغموض يشبه العقد التجاري الذي فيه “غرر”، وهو باطل روحانيًا قبل أن يكون فاشلًا إداريًا.
بند الشورى والأمر الجامع (وشاورهم في الأمر) : المشاركة المجتمعية ليست مجرد “أفضل ممارسة إدارية”، بل هي تطبيق لمبدأ “الشورى” القرآني. هذا الربط يرفعها من إجراء اختياري إلى امتثال لأمر إلهي، ويجعل تجاهلها خرقًا للمنهجية الربانية في إدارة الشأن العام.
بند الأمانة والمسؤولية (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته) : هذا الحديث الشريف هو أقوى إطار للمساءلة. هو يذكر القائم على المشروع بأنه ليس مجرد “مدير”، بل هو “راعٍ” مؤتمن على موارد ووقت وطموحات “رعيته”، وهم أفراد المجتمع.
بند تفقد الأحوال وصلة الرحم المجتمعية: التواصل الفعال في منظورنا ليس مجرد اجتماعات دورية. إنه “تفقّد للأحوال” و”صلة رحم” مع المجتمع. هذه المصطلحات توحي بالاهتمام الشخصي الحقيقي، والسؤال عن الحال، وهو ما يبني علاقة دافئة لا علاقة عمل جافة. ولعل لدينا، والحمد لله، عادات عميقة في ثقافة تهنئة الزواج، تقديم العزاء لأهل الميت. هي ليست عادات، وإنما هي غراء يقوي المجتمع. فالمحافظة عليه واجب.
بند حفظ الكرامة (لا منّ ولا أذى) : ربما يكون هذا هو البند الجوهري. وهو مستقى مباشرة من قوله تعالى: “قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى”. هذا البند ينص على أن “طريقة” تنفيذ المشروع لا تقل أهمية عن المشروع نفسه. يجب أن يشعر المستفيد بأنه شريك مُكرّم، لا مُتلقٍ للمنة..

من الثقة إلى “العصبية” وبناء الحضارة

قد يسأل سائل، وهو محق في سؤاله: ولماذا كل هذا الجهد لصناعة الثقة في عصر الشكوك؟ أليست هناك تكلفة ومخاطرة في استخدام هذا العقد استخدامًا سيئًا من بعض ذوي القلوب المريضة؟

الجواب: بلى، وهذا صحيح. فالثقة الواعية لا تعني السذاجة، وبناء الجسور لا يعني إهمال الحراسة.

ولكن الحكمة الحقيقية تقتضي ألا ننظر إلى تكلفة الثقة بمعزل عن التكلفة الباهظة لـ”ممارسات نظام الشك“. إن تكلفة الشك ليست مجرد شعور سيء، بل هي نظام متكامل له تبعاته المدمرة: تكلفته هي تآكل العلاقات، وبطء إنجاز المشاريع، وموت المبادرات في مهدها خوفًا من الخيانة، وتضخم البيروقراطية والإجراءات الرقابية التي تخنق الإبداع. وفي النهاية، فإن التكلفة الأعظم لنظام الشك هي أنه يساهم حتمًا في تفتيت “العصبية المجتمعية“ التي هي روح الأمة وصمام أمانها.

فالمطلوب إذن ليس ثقة عمياء ولا شكًا مُقعدًا، بل هو التوازن. أن ننظر بعين الحكمة والنظرة الاستراتيجية التي تدرك أن حفظ الكيان الكامل للمجتمع يتطلب منا الشجاعة على إعادة بناء جسور الثقة، لأنها شريان الحياة. والآليات التي ذكرناها في “عقد الثقة الواعية” – من شفافية ومساءلة وحفظ للكرامة – ليست مجرد أدوات لبناء الثقة، بل هي أيضًا صمامات أمان تقلل من تكلفة سوء استغلالها.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 47.52 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.85 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.51%)]