|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() تفسير قوله تعالى: ﴿ أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ... ﴾ سعيد مصطفى دياب قوله تعالى: ﴿ أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 162، 163]. يقارن الله تعالى بَينَ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَأَهْلِ الْكُفْرِ، بَينَ أَهْلِ الطَّاعَةِ وَأَهْلِ الْمَعْصِيَةِ، فلا يستوي من آمنَ باللهِ تَعَالَى وآثر طاعته وطلب رضوانه، ومن كفر باللهِ تَعَالَى تعمدَ معصيته فاستحقَّ سخطه. وقوله تعالى: ﴿ أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ..... ﴾: سؤالٌ المرادُ منه الإنكارُ على من توهَّم استواء الفريقين، وبينهما من تباين المنزلتين، وافتراق الحالتين كما بين السماء والأرض. وقيلَ المرادُ: أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ فَلَمْ يَغُلَّ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ حِينَ غَلَّ؟ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ بِاتِّبَاعِ الرَّسُولِ يَوْمَ أُحُدٍ، كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ بِتَخَلُّفِهِ وَهُمْ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ[1]. والراجح أنَّ اللَّفْظَ فِي هذِهِ الآيةِ عَامٌّ، يدخلُ فيه الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ، ومَنْ غلَّ ومَنْ تَرْكَ الْغُلُولَ. وَهَذِهِ الْآيَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ ﴾ [السجدة: 18]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ﴾ [ص: 28]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ ﴾ [الجاثية: 21]. والرضْوَانُ مَصْدَرٌ كَالْكُفْرَانِ، وَالْحِسْبَانِ، وفي: ﴿ رِضْوَان ﴾ قراءتانِ متواترتان بِضَمِّ الرَّاءِ، وَكَسْرِها وَهُمَا لغتانِ، والرِضْوَانُ: غايةُ الرِّضَا. و﴿ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ ﴾؛ أي: رَجَعَ به واحْتَمَلَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 29]، يَعْنِي: تَنْصَرِفُ مُتَحَمِّلَهُمَا وَتَرْجِعُ بِهِمَا، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَبَاؤُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 61]، قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: يَعْنِي انْصَرَفُوا ورجعوا، ولا يكون إِلا رجوعًا بشرٍّ. والسَّخَطُ: غضب يقتضي عقوبة. ﴿ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾؛ أَيْ: مَكَانُهُ الَّذِي يَأْوِي إِلَيْهِ هُوَ جَهَنَّمُ، وفي الكلام تهكُّم بهم، فإن المأوى في الأصل المكان الذي يُحْتَمَى فيه، وَبِئْسَ الْمَصِيرُ مصيرُ مَنْ كانت جَهَنَّمُ مَأْوَاهُ، وَعُلِمَ مِنْ تباين المنزلتين أَنَّ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ مَأْوَاهُ الْجَنَّةُ. ﴿ هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ ﴾: الضمير يعودُ على مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ وَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ: مَنَازِلُ، يَعْنِي: مُتَفَاوِتُونَ فِي مَنَازِلِهِمْ وَدَرَجَاتِهِمْ فِي الْجَنَّةِ وَدَرَكَاتِهِمْ فِي النَّارِ. وَقَتَادَةُ؛ أَيْ: ذَوُو دَرَجَاتٍ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ﴾ [الأنعام: 132]. وَقَوْلُهُ: ﴿ عِنْدَ اللَّهِ ﴾ تشريفٌ لأهل الطاعةِ، ووعيدٌ لمن سخط عليهم. ﴿ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ﴾: سيُجَازِي كُلًّا بِعَمَلِهِ، وما يستحقه من جزاءٍ وعقابِ. الأساليب البلاغية: من الأساليب البلاغية في الآية: السؤالُ في قوله تعالى: ﴿ أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ.... ﴾، المرادُ منه الإنكارُ على مَن توهَّم استواء الفريقين. وفي قوله تعالى: ﴿ أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ ﴾: اسْتِعَارَةٌ؛ حيث شَبَّهَ اللهُ تعالى شرعه بالدليل الذي يُفضي بمن اتَّبَعَهُ إلى رِضْوَانَ اللَّهِ تعالى؛ قالَ أبو حيان: وَهَذَا مِنَ الِاسْتِعَارَةِ الْبَدِيعِيَّةِ. جَعَلَ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ كَالدَّلِيلِ الَّذِي يَتْبَعُهُ مَنْ يَهْتَدِي بِهِ، وَجَعَلَ الْعَاصِيَ كَالشَّخْصِ الَّذِي أُمِرَ بِأَنْ يَتَّبِعَ شَيْئًا عَنِ اتِّبَاعِهِ وَرَجَعَ مَصْحُوبًا بِمَا يُخَالِفُ الِاتِّبَاعَ[2]. والطباق في: (رِضْوَانَ)، و (سَخَطٍ). فِي قولِهِ تعالى: ﴿ أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ ﴾: حَذْفُ إيجازٍ تَقْدِيرُهُ: أفمن اتَّبَعَ مَا يُفْضِي بِهِ إِلَى رِضْوَانَ اللَّهِ عَنْهُ، كَمَنْ اتَّبَعَ مَا يُفْضِي بِهِ إِلَى سخطِ اللَّهِ عليهِ؟ وضعُ الظاهرِ موضعَ المضمرِ في قوله: ﴿ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ﴾ لِما للفظ الجلالة من المهابة في النفوس. التنكير في لفظ: (سَخَطٍ) من قوله تعالى: ﴿ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ ﴾للتهويل؛ أي: بَاءَ بِسَخَطٍ عظيمٍ لا يكادُ يُوصَفُ. [1] البحر المحيط في التفسير (3/ 413) [2] البحر المحيط في التفسير (3/ 413).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |