بيع الحاضر للبادي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         من بطولات الضفادع البشرية المصرية.. العمليات البحرية ضد ميناء إيلات (1-2)‏ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 106 )           »          تجديد الإيمان بآيات الرحمن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 6 - عددالزوار : 1940 )           »          أثر العربية في نهضة الأمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 8435 )           »          العقيدة اليهودية والسيطرة على العالم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 749 )           »          نصائح وضوابط إصلاحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 60 - عددالزوار : 30506 )           »          شرب النبيذ في السنة النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          مختصر شروط صحة الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          حكم من ترك أو نسي ركنا من أركان الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          تفسير قوله تعالى: {أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير. (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          دور الصحابة رضي الله عنهم في حفظ القرآن مدونا ومكتوبا في السطور (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-09-2025, 12:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,470
الدولة : Egypt
افتراضي بيع الحاضر للبادي

بيع الحاضِر للبادي[1]

عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان

الأصل فيه قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «لا يبيعُ حاضرٌ لبادٍ»[2]، والحاضر: من كان من أهل الحَضَرِ وهم أهل المدن والقرى، وعكسه البادي: وهو المُقِيْمُ في البادية[3].

صورة المسألة: أن يأتي بادٍ بسِلعةٍ نالها من غَنَمِهِ – مثلًا - إلى الحَضَر يريد بيعها بسعر يومها وهو يجهل قيمتها فيعرِضُ عليه الحاضِرُ أن يتولَّى له بيع سلعته بالتَّدريج ليبيعها بثمنٍ أعلى ممَّا سيحصل عليه إن دخل بنفسه[4].

مثالها: أن يأتي زيدٌ بحطبٍ ونحوه حصل عليه من البريَّة إلى الحَضَر قاصدًا بيعها في ذلك اليوم، ولا يَعلَمُ كم قيمتُه، فيعرض عليه عبد العزيز أن يبيع عنه هذه السِّلعة، قائلا له: إنَّك إن دخلت وبعِتها بيعةً واحدةً غَلَبَك النَّاس على ثمن الحطب، فدعني أبيعه لك شيئًا فشيئًا لأحصل لك على ثمنٍ أعلى[5].

واختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: أنَّ العقد صحيحٌ مع الإثم، ولا يفسخ العقد بهذا، وبه قال الحنفيَّة[6]، والشافعيَّة[7]، وهو روايةٌ عن الإمام أحمد[8] اختارها ابن قدامة[9].

القول الثاني: أنَّ العقد محرَّمٌ، والبيع فاسدٌ، وبهذا قال المالكيَّة[10]، والحنابلة على الصحيح من المذهب[11]، وابن حزمٍ من الظاهريَّة[12].

القول الثالث: أنَّ البيع صحيحٌ ولا حرمة فيه، وهو قول مجاهدٍ[13]، وهو روايةٌ عن أحمد[14].

دليل أصحاب القول الأول:
الدليل الأول: العمومات الدالَّة على حلِّ البيع، وهذه صورةٌ من صور البيع، ولا دليل على بطلانه.

الدليل الثاني: حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «لا يبيع حاضِرٌ لبادٍ دَعُوا النَّاس يرزق الله بعضهم من بعضٍ»[15].

وحديث أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: نُهِيْنَا أن يبيع حاضرٌ لبادٍ[16].

وجه الدلالة: أنَّ نهي النبيِّ صلى الله عليه وسلم يُحمَلُ على الحرمة، وذلك للضَّرر الذي يقع على أهل السُّوق من بيع الحاضر للبادي، ولمَّا كان النَّهي لا يتوجَّه إلى أصل البيع جاز مع الحرمة.

ونوقش: بأنَّ النَّهي يقتضي الفساد، وذلك موجبٌ لإبطال البيع إذ وقع خلافُ ما نهى عنه الرَّسول صلى الله عليه وسلم[17].

وأجيب عنه من وجهين:
الوجه الأول: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال بعد نهيه المذكور: «دَعُوا النَّاس يرزق الله بعضهم من بعضٍ»، فقوله هذا دالٌّ على انعقاد البيع، إذ رتَّب أَثَرَ البيع على هذه الصُّورة، وأثبت وقوع الضَّرر، ولو كان غير منعقدٍ لَمَا وجد للعقد أثرٌ[18].

الوجه الثاني: أنَّ (البيع غير مفسوخٍ بدلالة الحديث نفسه، لأنَّ البيع لو كان يكون مفسوخًا لم يكن في بيع الحاضر للبادي إلا الضَّرر على البادي من أن تحبس سلعَتُه، ولا يجوز فيها بيع غيره حتى يَلِيَ هو أو بادٍ مثله بيعها، فيكون كمُكْسِدٍ لها، وأحرى أن يرزق مشتريه منه بارْتِخَاصِه إيَّاها بإكسادها بالأمر الأول من ردِّ البيع وغرَّة البادي الآخر، فلم يكن ها هنا معنى يخالِفُ يمتَنِعُ فيه أن يرزق بعض النَّاس من بعضٍ، فلم يجز فيه والله أعلم إلا ما قلت من أنَّ بيع الحاضر للبادي جائزٌ غير مردودٍ والحاضر منهيٌّ عنه)[19].

ويمكن أن يناقش: بأن هذا تعليلٌ للنَّهي، فكأنَّه قال: لأجل ألَّا يمنع الحاضر أخاه المشتري من الاسْتِرخاص، فليس النَّهي موجَّهًا إلى قضيَّة واقعةٍ أمام النبيِّ صلى الله عليه وسلم حتى يقال انعقد البيع أم لم ينعقد، بل هو نهيٌ عامٌّ.

دليل أصحاب القول الثاني:
الدليل الأول: حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «لا يبيع حاضِرٌ لبادٍ دَعُوا النَّاس يرزق الله بعضهم من بعض»[20].

وحديث ابن عمر أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى أن يبيع الحاضِرُ للبادي[21].

ووجه الدلالة منهما: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحاضر للبادي، والنَّهي يقتضي الفساد، فإن انعقد فقد انعقد على خلاف الشَّرع، وقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «من عَمِلَ عملًا ليس عليه أمرنا فهو رَدٌّ»[22]، فعُلِمَ أنَّ البيع لا يصحُّ بل هو فاسدٌ مفسوخٌ[23].

ونوقش: بأنَّ النَّهي ها هنا لم يتعلَّق بأمرٍ في البيع، وإنما مُتَعَلَّقُه أمرٌ خارجٌ عن ماهيَّة البيع، وهو الضَّرر على أهل السُّوق، وما كان هذا سبيلُه فلا يقتضي بطلان العقد، وإنَّما يُحمَل النَّهي فيه على التَّحريم مع صحَّة العقد[24].

الدليل الثاني: أنَّ في هذا البيع إضرارًا بأهل السُّوق، وقد علَّل النبيُّ صلى الله عليه وسلم نهيه عن بيع الحاضر للبادي بذلك، وقد قال: «لا ضَرَرَ ولا ضرار»[25] فدلَّ ذلك على بطلان بيع الحاضر للبادي.

ونوقش: بأنَّ النَّهي وُجِّه إلى معنى غير البيع -كما تقدَّم- ووقوع الضَّرر لا يمنع صحَّة البيع، والأصل أنَّ البيع حلالٌ بقول الله تعالى: ﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ ﴾ [البقرة: 275]، فعلى مدَّعي البطلان الدليل، وما ذكرتموه من الدليل لا حجَّة فيه على البطلان، وحاصِلُهُ الحُرْمَة وقد قلنا بها، ووقوع الضَّرر لا يوجب فساد البيع، ألم تروا إلى شراء المشتري للسِّلعة المعيبة فإنَّه ومع وقوع الضرر عليه فلا قائل ببطلان البيع مع أنَّه أولى لوقوع الضَّرر فيه على معيَّنٍ.

دليل أصحاب القول الثالث:
أنَّ النَّهي منسوخٌ، قال مجاهد: (إنَّما نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضرٌ لبادٍ لأنَّه أراد أن يصيب المسلمون من غُرَّتِهم فأمَّا اليوم فلا بأس)[26].

ونوقش: بأنَّ الصَّحابة رضوان الله عليهم أخذوا بالحديث حتى بعد وفاة النبيِّ صلى الله عليه وسلم، روي ذلك عن عمر بن الخطاب وأنسٍ وابن عباسٍ وأبي هريرة وطلحة رضوان الله عليهم، ولا مخالِف لهم من الصَّحابة[27]، والنَّسخُ يحتاج إلى دليلٍ، وأخْذُ هؤلاء الصَّحابة الجِلة مع عدم المخالف لهم وعدم الدليل دافعٌ لدعوى النَّسخ[28].

الترجيح:
يظهر للباحث والله أعلم: أنَّ القول الأول القاضي بصحَّة البيع مع الحرمة هو الأقرب، لأنَّ النَّهي لم يتوجَّه إلى ذات البيع وإنَّما إلى أمرٍ خارجٍ عنه، ولموافقته للأصول والقواعد العامَّة الدالَّة على أن الأصل في العقود الصحَّة.

سبب الخلاف:
يظهر أنَّ سبب الخلاف راجعٌ إلى مسألة أخرى وهي: ضابط النَّهي المقتضي للفساد، وهل كلُّ منهيٍّ عنه فهو فاسدٌ أم لا.

هذا ما تيسَّر جمعه وإيراده، وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

[1] ما جاء في هذه الورقات مُستلٌّ من رسالتي في مرحلة الدكتوراه بعنوان: (أوصاف عقود المعاوضات المؤثرة في التكييف دراسة وتحليلًا).

[2] تقدم تخريجه في ص(194).

[3] ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 398)، ولسان العرب (4/ 197).

[4] هذه الصورة المذكورة تنطبق الشروط التي قررها فقهاء المذاهب الأربعة، ينظر: تبيين الحقائق (4/ 68)، وحاشية ابن عابدين (5/ 102)، والبيان والتحصيل (9/ 350)، والتاج والإكليل (6/ 250)، وروض الطالب للمقري مع أسنى المطالب (2/ 38)، ومغني المحتاج (2/ 388)، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (11/ 183) وما بعدها، وكشاف القناع (3/ 184)، والمحلى بالآثار (7/ 380).

[5] وذكر بعض الحنفية صورة مغايرة لهذه الصورة وهي:
أن يكون للحاضر سلع يمتنع من بيعها للحاضرة وإنما يبيعها لأهل البادية ليغلي عليهم في السعر ينظر: بدائع الصنائع (5/ 232)، وفتح القدير (6/ 478)، فعلى هذه الصُّورة: البائع هو الحاضر بخلاف الأولى، وقد رجَّح متأخِّرو الحنفيَّة أنَّ الصحيح تفسير النَّهي على الصورة المذكورة أولًا لموافقتها لتفسير ابن عباسٍ كما سيأتي، ينظر: تبيين الحقائق (4/ 68)، وحاشية ابن عابدين (5/ 102).

[6] ينظر: تبيين الحقائق (4/ 68)، وحاشية ابن عابدين (5/ 102).

[7] ينظر: الأم للشافعي (8/ 187) و(8/ 629)، وأسنى المطالب (2/ 38).

[8] ينظر: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (11/ 183-184).

[9] ينظر: الكافي في فقه الإمام أحمد (2/ 14).

[10] ينظر: المنتقى شرح الموطأ (5/ 104)، والتاج والإكليل (6/ 251)، وشرح مختصر خليل للخرشي (5/ 83)، وهذا إن كانت السلعة قائمة، فإن كانت السلعة قد فاتت فلا شيء، واختلفوا هل يؤدَّب مطلقًا أم يؤدب إن اعتاد.

[11] ينظر: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (11/ 184)، وشرح المنتهى (2/ 24)، وذكر المرداوي عن أحمد رواية أخرى أن البيع صحيح مع الكراهة فقط، وقد حمله الإمام في هذه الرواية -إن صحت- على أن النهي غير باقٍ وإنما كان في أول الإسلام.

[12] ينظر: المحلى بالآثار (7/ 380).

[13] ينظر: المحلى بالآثار (7/ 383).

[14] ينظر: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (11/ 185).

[15] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب البيوع، باب تحريم بيع الحاضر للبادي برقم (1522) (3/ 1157).

[16] متفق عليه: أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب البيوع، باب لا يشتري حاضر لباد بالسمسرة برقم (2161) (3/ 72)، ومسلم في صحيحه، كتاب البيوع، باب تحريم بيع الحاضر للبادي برقم (1523) (3/ 1158).

[17] ينظر: المعونة على مذهب عالم المدينة ص(1033) والبيان والتحصيل (9/ 380)، والمبدع شرح المقنع (4/ 79)، ومطالب أولي النهى (3/ 56).

[18] ينظر: الأم للشافعي (8/ 187).

[19] قاله الإمام الشافعي في الأم (8/ 629).

[20] تقدم تخريجه قريبًا عند ذكر أدلة القول الأول.

[21] تقدم تخريجه قريبًا عند ذكر أدلة القول الأول.

[22] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور برقم (1718) (3/ 1343) من حديث عائشة رضي الله عنها.

[23] ينظر: المحلى بالآثار (7/ 383).

[24] ينظر: بدائع الصنائع (5/ 232)، وأسنى المطالب (2/ 38).

[25] أخرجه مالك في موطئه من حديث عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم به، كتاب الأقضية، باب القضاء في المرفق برقم (31) (2/ 745) وهو مرسل إذ أن يحيى المازني تابعي وقد تقدم في ص(137) تخريجه وبيان صحته.

[26] المحلى بالآثار (7/ 383)، وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (18/ 200).

[27] ينظر: المحلى بالآثار (7/ 382).

[28] ينظر: الحاوي الكبير (5/ 347)، ووقع في هذه الطبعة: (وأما من ترك الحديث وجعله [مفسوخًا]..)، وفي هذه العبارة خَلَلٌ، ولأجل ذلك رَجَعْتُ إلى رسالةٍ علميَّةٍ في جامعة أم القرى لتحقيق كتاب البيع من قبل الطالب: محمد مفضل مصلح الدين فوجدته أثبته بلفظ: (منسوخًا)، وذكر أنه الموافق للمخطوط، وهو الأصوب والأقرب للسِّياق، ينظر (3/ 1196).






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 58.84 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.18 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.83%)]