|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ﴿ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الأنفال: 53] نورة سليمان عبدالله من سُنَن الله في خلقه ألَّا يُبدل نعمه بنقم إلا بسبب ارتكاب الذنوب، واجتراح السيئات، فإذا لم يتلقَّ الناس نعمه- عز وجل- بالشكر والطاعة، وقابلوها بالكفر والعصيان، بدَّل نعمتهم بنقم جزاءً وفاقًا. كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11]. قال الفخر الرازي: قال القاضي: معنى الآية أنه- تعالى- أنعم عليهم بالعقل والقدرة وإزالة الموانع وتسهيل السبل، والمقصود أن يشتغلوا بالعبادة والشكر، ويعدلوا عن الكفر، فإذا صرفوا هذه الأحوال إلى الفسق والكفر، فقد غيَّروا نعمة الله- تعالى- على أنفسهم، فلا جرم استحقوا تبديل النعم بالنقم، والمنح بالمحن. فجُحُود نعم الله سبب لنزول عذابه- نعوذ بالله برحمته من عذابه- وللّه الحكمة في ذلك والعدل والإحسان إلى عباده، حيث لم يعاقبهم إلا بظلمهم، وحيث جذب قلوب أوليائه إليه، بما يذيق العباد من النكال إذا خالفوا أمره. فالأمم تكون صالحة ثم تتغيَّر أحوالها ببطر النعمة فيعظم فسادها، فذلك تغيير ما كانوا عليه؛ فإذا أراد الله إصلاحهم أرسل إليهم هداة لهم، فإذا أصلحوا استمرَّت عليهم النعم مثل قوم يونس وهم أهل (نينوَى)، وإذا كذَّبوا وبطِروا النعمة غيَّر الله ما بهم من النعمة إلى عذاب ونقمة. فالله قد يسلب النعم بفعل المعصية عقوبة لفاعليها، فهو سبحانه لا يُغيِّر ما بهم حتى يحدثوا أحداثًا يعاقبهم الله عليها، فيغير ما بهم، ويكون الإحداث سببًا للتغيير. ففعل الذنوب والإصرار عليها، أنها تزيل النعم، وتحل النقم، فما زالت عن العبد نعمة إلا بذنب، ولا حلَّت به نقمة إلَّا بذنب. قال ابن القيم رحمه الله: إذا أنعم عليك ثم سلبك النعمة فإنه لم يسلبها لبخل منه، ولا استثار بها عليك، وإنما أنت السبب في سلبها عنك، فإن الله لا يُغيِّر ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم، فما أُزيلت نعمُ الله بغير معصيته. وقال: لا تزال الذنوب تزيل عنه نعمةً نعمةً حتى يُسلَب النعم كلها، وبالجملة فإن المعاصي نار النعم تأكلها، كما تأكل النارُ الحطب عياذًا بالله من زوال نعمته وتحويل عافيته. وقال رحمه الله: النعم نوعان: مستمرة ومتجددة: فالمستمرة شكرها بالعبادات والطاعات. والمتجددة شُرِع لها سجود الشكر، شكرًا لله عليها، وخضوعًا له وذلًّا، في مقابلة فرحة النعم وانبساط النفس لها، وذلك من أكبر أدوائها، فإن الله لا يحبُّ الفرحين ولا الأشرين، فكان دواء هذا الدواء الخضوع والذل والانكسار لرب العالمين، وكان في سجود الشكر من تحصيل هذا المقصود ما ليس في غيره. وفي سجود كعب حين سمع صوت المبشِّر دليل ظاهر أن تلك كانت عادة الصحابة؛ وهي سجود الشكر عند النعم المتجددة والنقم المندفعة. وقال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: من لم يعرف قدر النعم سُلِبها من حيث لا يعلم. وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله: من استعان بنعم الله على معاصيه فقد كفر نعمة الله وبدَّلها كفرًا، وهو جدير أن يسلبها: إذا كنت في نعمة فارْعَها ![]() فإن المعاصي تُزيل النِّعَم ![]() ودوام عليها بشكر الإله ![]() فشكر الإله يزيل النقم ![]() وفي الختام اعلم أخي المسلم أنه يجب على العبد أن يلاحظ نفسه إذا رأى النعم تترى عليه وهو مُقصر، فليعلم أن هذا استدراج من الله عز وجل، فليقلع عن المعصية، وليتُب إلى الله قبل أن يؤخذ بالعقوبة- كما قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله-. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |