|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ضعف التربية والمتابعة الدعوية كتبه/ محمد صادق فإن الدعوة إلى الله ليست حماسة لحظية تشتعل ثم تخبو، بل هي مسيرة ممتدة تحتاج إلى بناء راسخ وتربية متواصلة، ومن أعظم ما يُضعِف الهم الدعوي أن يُترك الشاب بعد شرارة البداية دون متابعة أو توجيه أو صحبة تُعينه، فيظل يُواجِه وحده تقلبات النفس ومحن الطريق، حتى تفتر همته شيئًا فشيئًا دون أن يشعر. إن غياب النقد البنَّاء والمتابعة التربوية يفضي إلى تكلس دعوي، وضعف داخلي، وتراجع مؤلم في روح الرسالة. التحليل التربوي: التربية الدعوية ليست ترفًا، بل هي زاد الطريق؛ فهي: - تُبقِي على حرارة الهمة في قلب الداعية. - تُرشِده في الفتن وتُصحِّح انحراف النية. - تُنقِيه من شوائب النفس والعُجب والرياء. - تفتح له باب المجاهدة الجماعية لا العزلة الفردية. أما غياب المتابعة فينتج عنه: - تضخم الأنا الدعوي أو ذبول الحماس. - تكرار الأخطاء بلا تصحيح. - انقطاع الصلة بالمعين التربوي. - تحوُّل الدعوة إلى جهد آلي بلا روح. التأصيل الشرعي: جاءت النصوص لتؤكد أن التربية والصحبة ركن أساس في طريق الدعوة؛ قال الله -تعالى-: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ) (الكهف: 28)؛ فهو أمر للنبي -صلى الله عليه وسلم- نفسه بالصحبة التربوية الصادقة، فكيف بغيره؟ وقال -صلى الله عليه وسلم-: (الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ) (رواه أبو داود، وصححه الألباني)، فالصحبة تؤثر في الدين والهمة والمنهج. وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَجَلِيسِ السَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ) (متفق عليه)، فالجليس الصالح قد يمنحك علمًا، أو همة، أو حتى نسيمًا من ذكر الله يقويك حين تضعف. وقال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: "كان الرجل منا إذا تعلَّم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن" (موسوعة الأخلاق والزهد والرقائق لابن أبي الدنيا). وهذا نموذج للتربية العملية والمتابعة في التعليم. وقصة عمر بن الخطاب وجاره الأنصاري -رضي الله عنهما-، إذ كانا يتناوبان حضور مجالس النبي -صلى الله عليه وسلم- فيُبلِّغ أحدهما الآخر بما سمع، صورة عملية للتعاهد التربوي. الآثار النفسية والعملية لغياب التربية: داخليًّا (نفسيًّا): - شعور بالوحدة وفقدان السند، مما يُسرِّع الانهيار أمام الفتن. - ولادة الشك الذاتي بسبب غياب النصح والتصويب. - الميل إلى الانسحاب الصامت والاكتفاء بالمشاهدة دون عطاء. خارجيًّا (عمليًّا): - فتور سريع بعد الحماسة الأولى. - ضعف الصمود أمام الابتلاءات. - تضخم الأنا الدعوي دون تهذيب. - انحراف المقاصد والنيات. - انطفاء الشعلة تدريجيًا حتى تختفي. المعالجة التربوية: - الدعوة مشروع حياة لا لحظة انطلاق، والبناء التربوي يتطلب: - صحبة صادقة وناصحة. - مربِّيًا يتعهد الداعية بالتوجيه والتزكية. - مشاركة قلبية لا شكلية في محاضن الإيمان. - جلسات لتجديد النية والمحاسبة والتعاهد الروحي. فمن اعتمد على حرارة البداية بلا تزكية مستمرة، سقط عند أول فتنة، والمسير إلى الله لا يُقاس بالبدايات، بل بالثبات. خلاصة تربوية: - من يعمل في الدعوة بلا بناء نفسي وعلمي وإيماني مستمر، كمن يبني بيتًا على الرمال؛ مهما بدا جميلًا في البداية، تسقطه أول ريح. - إن الدعوة إلى الله ليست لحظة انطلاق، بل مشروع حياة، وهذا المشروع لا يقوم إلا على: (تربية روحية متواصلة - صحبة ناصحة - مجال عملي يتجدد فيه القلب والعقل). - إذا خلت البيئة الدعوية من التربية، ذبلت النفوس وتكسرت العزائم، وإذا وُجدت الصحبة التربوية، ثبتت القلوب وأزهرت الدعوة. سؤال للتأمل: مَن الذي يتابع قلبك الآن؟ ومَن الذي يصحح لك الطريق إذا ملت؟
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |