وقفات مع اسم الله الرازق الرزاق - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         كيفية استعادة الرسائل المحذوفة على واتساب.. دليل خطوة بخطوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          من الساعة للسماعة.. كيفية حماية البيانات الشخصية على الأجهزة القابلة للارتداء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          كيفية إعادة ضبط جهاز Apple TV.. فى خطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          شروط استخدام خاصية تنظيف صورك بالذكاء الاصطناعى Clean up على آيفون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          لو هتشترى أونلاين .. نصائح لمستخدمى الإنترنت لحماية أنفسهم من الاحتيال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          الابتزاز الإلكترونى .. فهم المخاطر والاحتياطات اللازمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          كيف تحذف خلفيات صورك على آيفون باستخدام خاصية Clean Up"؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          كيف تنشئ قائمة تشغيل على تطبيق Spotify في وقت قياسي .. أعرف الخطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          محدش هيخدعك..تطبيق Google Photos هيقولك تفاصيل الصورة المعدلة بالذكاء الاصطناعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          5 خطوات بسيطة تحمى جهازك من الاختراق وبياناتك من الهجمات السيبرانية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-09-2025, 06:38 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,525
الدولة : Egypt
افتراضي وقفات مع اسم الله الرازق الرزاق

وقفات مع اسم الله الرازِق الرزَّاق

رمضان صالح العجرمي

1- أدلة ومعاني اسم الله الرازِق الرزَّاق.
2- الآثار الإيمانية لمطالعة اسم الله الرازِق الرزَّاق.
3- واجبات عملية من اسم الله الرازِق الرزَّاق.

الهدف من الخطبة:
التذكير بمعاني اسم الله الرازِق الرزَّاق، والآثار الإيمانية والثمرات المرجوة من مطالعة ذلك، مع بيان الواجبات العملية.

مقدمة ومدخل للموضوع:
أيها المسلمون عباد الله، نحن على موعد مع اسم من أسماء الله الحسنى، نتعرف على معانيه، ومظاهر هذا الاسم، والآثار الإيمانية والثمرات المرجوة من مطالعة هذا الاسم الحسن من أسماء الله الحسنى.

وهذا الاسم يعالج أكبر قضية شغلت الناس جميعًا، فهو علاج لأكثر شيء جعل الناس ينشغلون عن الله تعالى بداعي ما يسمى البحث عن "الرزق"، أو "لقمة العيش"، إنه اسم الله [الرازِق الرزَّاق]، اسم يبعث في النفس الطمأنينة والأمان، والثقة وراحة البال بأن أرزاق وأقوات الخلق مقدَّرة عند الله جل جلاله.

اسم يعالج أمراضًا كثيرةً من أمراض القلوب؛ مثل: الحسد، والحقد، فعندما يؤمن العبد إيمانًا جازمًا بأن الله الرزاق هو الذي تكفَّل بتقسيم الأرزاق على خلقه، يطمئن قلبه ويرضى.

واسم الله الرزاق ورد في القرآن الكريم مرة واحدة؛ في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ [الذاريات: 58].

وأما اسم الله الرازِق؛ فقد ذُكر في سُنة النبي صلى الله عليه وسلم؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله قد غلا السعر، فسعِّر لنا، فقال: إن الله هو المسعِّر، القابض الباسط الرازِق، إني لَأرجو أن ألقى ربي وليس أحدٌ يطلبني بمظلمة في دمٍ ولا مال))؛ [رواه الترمذي، وابن ماجه]، وقوله: ((إن الله هو المسعِّر))؛ أي: إن الغلاء والرخص هو أمر بيد الله تعالى، ((القابض))؛ أي: الممسك للرزق، ((الباسط الرازق))؛ أي: الموسع له.

وورد مجموعًا في خمسة مواضع من القرآن الكريم، ستأتي معنا في الخطبة الثانية.

معنى الرزَّاق: هو المتكفِّل بأقوات جميع الخلق، فليس يختص بذلك مؤمنًا دون كافر، ولا وليًّا دون عدو، فهو الذي يرزق الخلائق أجمعين، وهو الذي قدر أرزاقهم قبل خلق العالمين.

قال الخطابي رحمه الله: "الرزَّاق: ‌هو ‌المتكفل ‌بالرزق، والقائم على كل نفس بما يقيمها من قوتها، وسِع الخلق كلهم رزقُه ورحمته، فلم يختص بذلك مؤمنًا دون كافر، ولا وليًّا دون عدو، يسوقه إلى الضعيف الذي لا حِيل له ولا متكسب فيه، كما يسوقه إلى الجَلد القوي ذي المَرَّة السوي".

الوقفة الثانية: الآثار الإيمانية لمطالعة اسم الله الرازِق الرزَّاق:
أولًا: يوقن المؤمن بأن المتفرد بالرزق هو الله وحده لا شريك له؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ﴾ [فاطر: 3]، وقال تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ ﴾ [سبأ: 24].

ثانيًا: شمول رزق الله عز وجل:
فإن تعريف الرزق: يشمل كل ما تقوم به حياة كل كائن حي، ماديًّا كان أو معنويًّا، فالرزق أوسع مدلولًا من المال، فحضورك لمجلس ذكرٍ هذا رزق من الله تعالى، وقولك لكلمة طيبة هذا رزق من الله تعالى، وكونك تنصح أحدًا أو تتبسم في وجه أحد هذا رزق من الله تعالى.

وكل نوع من أنواع الرزق داخله أرزاق كثيرة، فكونك تصلي هذا رزق من الله، ثم كونك تصلي الصلاة في جماعة، ثم يرزقك الله تعالى الخشوع فيها، ثم المحافظة على النافلة، فهذه كلها أرزاق ساقها الله تعالى لك.

والمطر النازل من السماء من أنواع رزق الله؛ كما قال تعالى: ﴿ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [الجاثية: 5].

وخير الأرزاق وأوسعها على الإطلاق ما شهِد به النبي صلى الله عليه وسلم؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما رُزق عبدٌ خيرًا له، ولا أوسع من الصبر))؛ [رواه الحاكم].

وأعظم رزق يرزق الله به عباده يوم القيامة هو الجنة التي أعدها الله لعباده الصالحين؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا ﴾ [الطلاق: 11]، وقال تعالى: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ [آل عمران: 169، 170].

ثالثًا: سَعة رزق الله تعالى، وأن خزائنه لا تنفد؛ قال تعالى: ﴿ كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا ﴾ [الإسراء: 20]، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يد الله ملأى، لا يَغيضها نفقة، سحَّاء الليل والنهار، وقال: أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض، فإنه لم يغضِ ما في يده)).

ولك أن تتخيل: عشرون مليونَ نوعٍ يعيش على الأرض كلهم رزقهم على الله تعالى؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [هود: 6]، وقال تعالى: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [العنكبوت: 60].

رابعًا: اسم الله الرازق رسالة طمأنينة فلا تقلق، فإن الرزق مقدَّر قبل خلق السماوات والأرض:
رسالة طمأنينة لمن يقول: سيحدث انهيار اقتصادي، ويشتكي من غلاء الأسعار، وضيق المعيشة، ولن نجد ما نأكل ونعيش به، الله جل جلاله هو الرزَّاق.

فيجب العلم أن الله تعالى هو الذي قدَّر المقادير، وقسَّم الأرزاق، وحدَّد الآجال قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة؛ قال تعالى: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا ﴾ [الحديد: 22]؛ أي قبل خلق الأرض فهي مكتوبة ومقدَّرة؛ وقال تعالى: ﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾ [الذاريات: 22].

خامسًا: تقدير رزقك في بطن أمك يبعث فيك الطمأنينة، فلا تستعجل ولا تستبطئ؛ ففي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: حدَّثنا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: ((إن أحدكم يُجمع خلقُه في بطن أمه أربعين يومًا، ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغةً مثل ذلك، ثم يرسَل الملَك فينفخ فيه الروح، ويؤمَر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجَله، وعمله، وشقي، أو سعيد))، وعن أبي الدرداء رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((إن الرزق لَيطلب العبد كما يطلبه أجَله))؛ [رواه ابن حبان، وحسنه الألباني]، وعن ابن عمر رضي الله عنه، قال: ((كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأى تمرةً عائرةً، فأعطاها سائلًا وقال: لو لم تأتِها لأتتْكَ))؛ [رواه ابن حبان، وحسنه الألباني]، والعائرة: هي الساقطة على وجه الأرض، ولا يُعرف من صاحبها.

وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو أن ابن آدم هرب من رزقه كما يهرُب من الموت، لأدركه رزقه كما يدركه الموت))؛ [رواه أبو نعيم، وحسنه الألباني في صحيح الجامع]، وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: قالت أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم أمتعني بزوجي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وبأبي أبي سفيان، وبأخي معاوية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((قد سألتِ الله لآجالٍ مضروبة، وأيامٍ معدودة، وأرزاق مقسومة، لن يعجَّل شيئًا قبل حلِّه، أو يؤخر شيئًا عن حله، ولو كنتِ سألتِ الله أن يعيذكِ من عذاب في النار أو عذاب في القبر، كان خيرًا وأفضل))؛ [رواه مسلم].

سادسًا: اسم الله الرزَّاق يعالج أمراضًا كثيرة من أمراض القلوب؛ مثل: الحسد، والحقد، عندما يؤمن العبد إيمانًا جازمًا بأن الله الرزاق هو الذي تكفل بتقسيم الأرزاق، فإن الله هو الباسط القابض لا رازق سواه، ومن معانيه أنه يبسط الرزق لمن يشاء ويوسع عليه، ويضيِّق على من يشاء، وهذه قسمة الله لا يُسأل عما يفعل سبحانه، فالفقر ودرجاته قسمة الله، والغنى ودرجاته قسمة الله، فلا حول لنا ولا قوة، وإنما الحول لله؛ قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ ﴾ [النحل: 71]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ﴾ [الإسراء: 30]، قال تعالى: ﴿ كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا * انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 20، 21].

وهذا التفاوت لحِكَمٍ عظيمة:
منها: لو كان الناس كلهم على مستوى واحد في الأرزاق، لَما قامت الحياة، ولَتعطلت كثير من الأعمال؛ قال تعالى: ﴿ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [الزخرف: 32].

ومنها: أنه قد يكون ابتلاء؛ قال تعالى: ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ [المائدة: 48]، وقال تعالى: ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الملك: 2]، فالفقير يبتليه الله بالفقر؛ لينظر أيصبر أم لا، هل يرضى أم لا؟ ويبتلي الغني بالمال؛ لينظر هل يشكر أم لا؟ هل يؤدي حق الله في ماله أم لا؟ هل يراعي حق الفقراء والمساكين أم لا؟

ومنها: أن الله تعالى يعطي ويمنع بما يصلح عباده؛ قال تعالى: ﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ﴾ [الشورى: 27]، وجاء في الأثر: ((إن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا بالغِنى، ولو أفقرته لكفر، وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا القلة، ولو أغنيتُه لكفر)).

سابعًا: لن تموت نفسٌ حتى تستكمل رزقها: هوِّن على نفسك، واطلب المال من حلِّه؛ فعن أبي أمامة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن روح القدس نفث في رُوعي: أن نفسًا لن تموت حتى تستكمل أجلها، وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاءُ الرزق أن يطلبه بمعصية الله؛ فإن الله تعالى لا يُنال ما عنده إلا بطاعته))؛ [رواه أبو نعيم، وصححه الألباني].

رأى إبراهيم بن أدهم رحمه الله رجلًا مهمومًا، فقال له: أيها الرجل إني أسألك عن ثلاث تجيبني؟ قال الرجل: نعم، فقال له إبراهيم: هل يجري في هذا الكون شيء لا يريده الله؟ قال: لا، قال إبراهيم: أينقص من رزقك شيء قدره الله لك؟ قال: لا، قال إبراهيم: أينقص من أجلك لحظة كتبها الله في الحياة؟ قال: لا، فقال له إبراهيم: فعلَام الهم إذًا؟

نسأل الله العظيم أن يكفينا بحلاله عن حرامه، وأن يغنينا بفضله عمن سواه.

الخطبة الثانية

واجبات عملية من اسم الله الرازِق الرزَّاق.

أيها المسلمون عباد الله، خمس آيات في القرآن تكرر فيها وصف الله تعالى بأنه: [خير الرازقين]، وفي كل آية منها واجب عملي، وفي نفس الوقت هو أيضًا مفتاح من مفاتيح للرزق.

وقوله سبحانه وتعالى في وصف نفسه: (خير الرازقين)؛ لأن غير الله من البشر يرزق، وذلك بأن يكون سببًا في رزق غيره، لكن الرازق على الحقيقة هو الله، لأنه هو الذي أوجدها.

كما أن رزق المخلوق محدود ورزق الله شامل، ولأنه هو المالك لجميع الأرزاق، وغيره لا يملك معه شيئًا، ورزق الله دائم ورزق غيره مقطوع.

وخزائن الله تعالى لا تنفد ويعطيه للجميع المؤمن والكافر؛ سُئل أحد السلف: لمَ سُمِّيَ الله خير الرازقين؟ فأجاب: "لأنه إذا كفر به عبده لم يقطع رزقه عنه، وهو كافر به".

الآية الأولى: ﴿ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [المائدة: 114].

التطبيق: ادعُ الله تعالى واطلب منه الرزق، فمن أسمائه الحسنى: الرازِق الرزَّاق، فادعُ الله بهما، وقل: يا رازق، يا رزاق، ارزقني.

الآية الثانية: ﴿ وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [الحج: 58].

التطبيق: تقول لك: اطمئن، واطلب الرزق من حلاله، فرزقك مضمون، وقد نزلت هذه الآية في الصحابة لما أُمروا بالهجرة، تطمئنهم في قضية الأرزاق.

قال السعدي رحمه الله: "ويحتمل أن المعنى أن المهاجر في سبيل الله، قد تكفل برزقه في الدنيا، رزقًا واسعًا حسنًا، سواء علِم الله منه أنه يموت على فراشه، أو يُقتل شهيدًا، فكلهم مضمون له الرزق، فلا يتوهم أنه إذا خرج من دياره وأمواله، سيفتقر ويحتاج، فإن رازقه هو خير الرازقين، وقد وقع كما أخبر، فإن المهاجرين السابقين، تركوا ديارهم وأبناءهم وأموالهم، نصرةً لدين الله، فلم يلبثوا إلا يسيرًا، حتى فتح الله عليهم البلاد، ومكَّنهم من العباد فاجتبوا من أموالها، ما كانوا به من أغنى الناس".

الآية الثالثة: ﴿ أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [المؤمنون: 72]؛ أي: أم تسألهم على هدايتك لهم رزقًا؟ فرزقُ ربك خير وهو خير الرازقين، لأن رزقه دائم ورزق غيره مقطوع، ولأنه هو المالك لجميع الأرزاق، وغيره لا يملك معه شيئًا.

التطبيق: استغنِ بالله عن الناس؛ قال جعفر بن محمد رحمه الله: "من استغنى بالله، أحوج الله الناس إليه".

الآية الرابعة: ﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [سبأ: 39]؛ قال ابن كثير رحمه الله: "أي: مهما أنفقتم من شيء فيما أمركم به، وأباحه لكم، فهو يخلفه عليكم في الدنيا بالبدل، وفي الآخرة بالجزاء والثواب؛ كما ثبت في الحديث: ((يقول الله تبارك وتعالى: يا بن آدم، أَنفِق أُنفق عليك))؛ [متفق عليه]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من يومٍ يصبح العباد فيه، إلا ملَكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقًا خَلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعطِ مُمسكًا تلفًا))؛ [متفق عليه].

التطبيق: أنفق ولا تخشَ الفقر؛ وقد جاء في الحديث: ((أنفق بلالُ، ولا تخشَ من ذي العرش إقلالًا))؛ [رواه الطبراني من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، وصححه الألباني]، والمعنى: لا تخشَ أن يضيعك من يدبر الأمر من السماء إلى الأرض.

وتخيل: عندما تُحال بالدَّين من فقير إلى غني باذل، فإنك ستوافق على الفور ولله المثل الأعلى؛ ولذلك طمأنهم فقال: ﴿ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [سبأ: 39].

يقول الشيخ الشعراوي رحمه الله: "فإن الله قادر على أن يعطي الفقير كما أعطى الغني، لكنه يريد أن يتعايش الناس بوداد المعونة".

الآية الخامسة: ﴿ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [الجمعة: 11].

التطبيق: لا تنشغل عنه فرزقك مضمون؛ وفي الحديث القدسي: ((يقول الله: ابنَ آدم تفرغ لعبادتي، أملأ صدرك غنًى، وأسُد فقرك، وإلا تفعل، ملأت صدرك شغلًا، ولم أسد فقرك))؛ [رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه، وصححه الألباني].

نسأل الله العظيم أن يكفينا بحلاله عن حرامه، وأن يغنينا بفضله عمن سواه.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 61.45 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 59.78 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.72%)]