الاستشفاء بالقرآن - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         كتاب الصيام والحج من الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 19 - عددالزوار : 22 )           »          واتساب يستخدم وضع الإضاءة المنخفضة لمكالمات الفيديو.. كيف يعمل؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          هل يعانى هاتف أيفون 16 من مشكلات فى عمر البطارية؟ إليكم ما نعرفه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          استكشف مزايا أنظمة شبكة Wi-Fi مقارنة بأجهزة التوجيه التقليدية فى منزلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          كوالكوم تلغي إنتاج نظام Windows المصغر على أجهزة الكمبيوتر بهذا المعالج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          تطبيق ChatGPT متوفر الآن لنظام Windows.. اعرف التفاصيل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          ما تخافش لو اتسرق منك.. 3 مزايا جديدة من جوجل تساعدك على استعادة هاتفك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          Android 15 متاح الآن لهواتف Pixel.. كيفية التحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          علامات إدمان الأطفال للهواتف الذكية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          هل سقط الماء على اللاب توب؟ إليك كيفية إصلاحه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-09-2025, 06:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,266
الدولة : Egypt
افتراضي الاستشفاء بالقرآن

الاستشفاءُ بالقرآنِ

د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم

الحمدُ للهِ الذي جعلَ القرآنَ ضياءً، وصيّره للمؤمنين رحمةً وشفاءً، وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحده لا شريكَ له ابتداءً وانتهاءً، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى اللهُ وسلّمَ عليه وعلى آلِه وصحبِه الحاملين لشرعِه لواءً.

أما بعدُ: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].

أيها المؤمنون!
القرآنُ كتابٌ مباركٌ؛ لا يُحصى خيرُه، ولا يُحَدُّ نفْعُه، ولا تَفنى بركتُه؛ قد أكَّدَ بركةَ هذا الكتابِ مَن أنزلَه هدايةً للناسِ ورحمةً للمؤمنين في أربعةِ مواضعَ من كتابِه العزيزِ؛ ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأنعام: 155]. هذا وإنَّ من جوانبِ بركةِ القرآنِ العظيمِ التي أكَّدَها المولى في ثلاثٍ من آياتِه كونَه شفاءً لأسقامِ العبادِ، كما قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 57]. فقد أودعَ اللهُ في كتابِه خاصيةَ الشفاءِ حين وصفَه بأنه شفاءٌ، ولم يَصِفْهُ بالدواءِ الذي ربما تخلَّفَ عنه الشفاءُ. وخَبَرُ اللهِ -تعالى- حقٌّ لا يتخلَّفُ، ولا يلحقه شكٌّ أو ريبٌ، ومن أصدقُ من اللهِ حديثًا؟ قال ابنُ القيِّمِ: "ولم يَصِفْ اللهُ في كتابِه بالشفاءِ إلا القرآنَ والعسلَ؛ فهما الشفاآنِ؛ هذا شفاءُ القلوبِ من أمراضِ غَيِّها وضلالِها وأدواءِ شُبهاتِها وشهواتِها، وهذا شفاءٌ للأبدانِ من كثيرٍ من أسقامِها وأخلاطِها وآفاتِها... وتأمل ‌إخبارَه -‌سبحانه ‌وتعالى- ‌عن ‌القرآن بأنه نفسَه شفاءٌ، وقال عن العسلِ: ﴿ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ ﴾ [النحل: 69]، وما كان نفْسُه شفاءً أبلغُ ممَّا جَعَلَ فيه شفاءً".

أيها المسلمون!
إنَّ وصفَ اللهِ لشفاءِ القرآنِ عامٌ لأدواءِ العبادِ الروحيةِ -وهي الأخطرُ والأصعبُ- والجسديةِ على ما رجّحَه المحققون من أهلِ العلمِ. "فلمْ يُنزِلِ اللهُ -سبحانه- ‌من ‌السماءِ ‌شفاءً قطُّ أعمَّ ولا أنفعَ ولا أعظمَ ولا أنجعَ في إزالةِ الداءِ من القرآنِ". "فالقرآنُ هو الشِّفاءُ التَّامُّ من جميعِ الأدواءِ القلبيَّةِ والبدنيَّةِ، وأدواءِ الدُّنيا والآخرةِ. وما كلُّ أحدٍ يُؤهَّلُ ولا يُوفَّقُ للاستشفاءِ به. وإذا أَحسنَ العليلُ التَّداويَ به، ووضَعَه على دائه بصدقٍ وإيمانٍ، وقبولٍ تامٍّ، واعتقادٍ جازمٍ، واستيفاءِ شروطِه- لم يُقاومْه الدَّاءُ أبدًا. وكيف ‌تُقاوِمُ ‌الأدواءُ كلامَ ربِّ الأرضِ والسَّماءِ، الذي لو نزلَ على الجبالِ لصدَّعَها، أو على الأرضِ لقطَّعَها؟ فما من مرضٍ من أمراضِ القلوبِ والأبدانِ إلا وفي القرآنِ سبيلُ الدِّلالةِ على دوائه، وسببِه، والحِمْيةِ منه، لمن رزقِه اللهُ فهْمًا في كتابِه". وشرطُ الانتفاعِ بشفاءِ القرآنِ إنما يحصلُ بقدْرِ يقينِ العبدِ وإيمانِه بذلك؛ معالِجًا كان أو معالَجًا؛ فقد ربطَ اللهُ شفاءَ القرآنِ بذلك، كما قال -تعالى-: ﴿ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ﴾ [فصلت: 44]، وقال: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾ [الإسراء: 82]. وذلك اليقينُ يقضي بجزمِ شفاءِ القرآنِ، وحضورِ القلبِ، وتكرارِ الاستشفاءِ به، وانتظارِ الفرجِ المُتَيَقَّنِ، وعدمِ اليأسِ مع تَأَخُّرِ الشفاءِ، فإنْ تخلَّفَ أحدُها بشكٍّ أو غفلةٍ أو يأسٍ لم يحصلِ الشفاءُ. قال ابنُ عثيمينَ: "لو أنَّ أحدًا من الناسِ قرأَ بالقرآنِ وهو غافلٌ أو شاكٌّ في منفعتِه فإنِّ المريضَ لا ينتفعُ بذلك، وكذلك لو قرأَ القرآنَ على المريضِ والمريضُ شاكٌّ في منفعتِه فإنِّه لا ينتفعُ به، فلا بدَّ من الإيمانِ من القارىءِ والمقروءِ عليه بأنَّ ذلك نافعٌ، فإذا فَعَلَ هذا مع الإيمانِ من كلٍّ من القارىءِ والمقروءِ عليه انتفعَ به".

عبادَ اللهِ!
لئن كان القرآنُ كلُّه شفاءً للأسقامِ فإن لبعضِ سورِه وآياتِه مزيدَ خصيصةٍ في التداوي. ومن أعظمِ ما يُستشفى به من القرآنِ سورةُ الفاتحةِ؛ فإنَّ من أسمائها الشفاءَ والرُّقيةَ. روى أَبِو سَعِيدٍ الخدريُّ -رضيَ اللهُ عنه-: أَنَّ رَهْطًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم انْطَلَقُوا فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا، حَتَّى نَزَلُوا بِحَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يضيِّفوهم، فلُدغ سَيِّدُ ذَلِكَ الْحَيِّ، فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ قَدْ نَزَلُوا بِكُمْ، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ، فَأَتَوْهُمْ فَقَالُوا: يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ، إِنَّ سَيِّدَنَا لُدغ، فَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ، فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ شَيْءٌ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، وَاللَّهِ إِنِّي لَرَاقٍ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تضيِّفونا، فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا، فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنَ الْغَنَمِ، فَانْطَلَقَ فَجَعَلَ يَتْفُلُ وَيَقْرَأُ: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2]. حَتَّى لَكَأَنَّمَا ‌نُشِطَ مِنْ ‌عِقَال، فَانْطَلَقَ يَمْشِي مَا بِهِ قَلَبَةٌ، قَالَ: فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اقْسِمُوا، فَقَالَ الَّذِي رَقَى: لَا تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ، فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا، فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ، فَقَالَ: "وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟ أَصَبْتُمُ، اقْسِمُوا واضربوا لي معكم بسهمٍ" رواه البخاريُّ. وسُوَرُ القواقلِ الثلاثِ زادٌ من الاستشفاءِ القرآنيِّ العظيمِ لم يكنِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَعُهُ كلَّ ليلةٍ حين يأوي إلى فراشِه، وحين يَشتكي، فعن عائشةَ -رضيَ اللهُ عنها- أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشِه كلَّ ليلةٍ، جَمَعَ كفيْه ثمَّ نَفَثَ فيهما، فقرأَ فيهما: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1]، و﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾ [الفلق: 1]، و﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴾ [الناس: 1]، ثمَّ ‌يَمسحُ بهما ‌ما ‌استطاعَ من جسدِه، يبدأُ بهما على رأسِه ووجهِه، وما أقبلَ من جسدِه، يفعلُ ذلك ثلاثَ مراتٍ (رواه البخاريُّ). وقالت: كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يَقرأُ على نفسِه بالمعوذاتِ ويَنفثُ، فلمّا اشتدَّ وجعُه كنتُ أقرأُ عليه، وأمسحُ بيدِه رجاءَ بركتِها (رواه البخاريُّ). وسورةُ البقرةِ ذاتُ بركةٍ في الحفظِ والشفاءِ سيما آيةُ الكرسيِّ وآخرِ آيتينِ منها، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرؤوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ؛ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، ولا يستطيعها ‌الْبَطَلَةُ (أي: السحرة) " رواه مسلمٌ. ولآيةِ الكرسيِّ منها شأنٌ حفيٌّ في الحفظِ كما أخبرَ أبو هريرةَ -رضيَ اللهُ عنه- رسولَ الله حين سألَه عن أسيرِه الشيطانيِّ سارقِ الصدقةِ قائلًا: "قَالَ لِي: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ، فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ من أوَّلِها حتى تختمَ: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [البقرة: 255]. وَقَالَ لِي: لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ ‌حَافِظٌ، وَلَا ‌يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ" رواه البخاريُّ. وختامُ سورةِ البقرةِ كفايةٌ من كلِّ المؤذياتِ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن قرأَ بالآيتيْنِ من آخرِ سورةِ البقرةِ في ليلةٍ ‌كَفَتاه" رواه البخاريُّ ومسلمٌ.

الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ.
أما بعدُ، فاعلموا أن أحسنَ الحديث كتابُ اللهِ...

أيها المؤمنون!
إنَّ اليقينَ بشفاءِ القرآنِ ذو أثرٍ في برءِ الداءِ وذهابِه، ذاك ما أفصحَ اللهُ عنه بقولِه، وصدّقَه استشفاءُ الموقنين، وليس بعدَ حديثِ اللهِ حديثٌ. ومن أخبارِ استشفاءِ الموقنين بكلامِ ربِّ العالمين ما حدَّثَ به ابنُ القيِّمِ عن نفسِه إذ يقولُ: "ولو أحسنَ العبدُ التداويَ بالفاتحةِ لرأى لها تأثيرًا عجيبًا في الشفاءِ. ومكثتُ بمكةَ مدةً ‌تَعتريني أدواءٌ، ولا أجدُ طبيبًا ولا دواءً، فكنتُ أعالجُ نفسيَ بالفاتحةِ، فأرى لها تأثيرًا عجيبًا. فكنتُ أصفُ ذلك لمن يشتكي ألمًا، وكان كثيرٌ منهم يَبْرأُ سريعًا". وكم من طبيبٍ حدَّثَ عن شفاءِ مريضِه الميؤسِ من شفائه حين استشفى بالقرآنِ، والواقعُ شاهدٌ على ذلك. فالأمراضُ وإنْ تفاوتَ خطرُها عند الخلقِ كلُّها عند اللهِ في الهُونِ سواءٌ، وشفاؤها كلِّها على اللهِ هيِّنٌ؛ إذ لا شيءَ يُعجزُه. فإمِّا أنْ يَذهبَنَّ بالداءِ كُليِّةً، أو يجعلَ بقاءَه خيرةً لعبدِه حين تَعَلَّقَ بكتابِه موقنًا بشفائه؛ ليُعظِمَ ثوابَه، ويُرَضِّيَه بقَدَرِه، ويُذيقَه حلاوةَ الصبرِ والرضا وانتظارِ الفرجِ وانهمارِ الأجرِ العظيمِ يومَ الدينِ، ويَجعلَ القرآنَ له سلوةً؛ تُذْهِبُ الآلامَ وتُخفِّفُها. قال طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ: " كَانَ يُقَالُ: إِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ عِنْدَ الْمَرِيضِ، وَجَدَ ‌لِذَلِكَ ‌خِفَّةً. فَدَخَلْتُ عَلَى خَيْثَمَةَ، وَهُوَ مَرِيضٌ، فَقُلْتُ: إِنِّي أَرَاكَ الْيَوْمَ صَالِحًا، فَقَالَ: إِنَّهُ قُرِئَ عِنْدِي الْقُرْآنُ".

أيها المسلمون!
وطريقةُ الاستشفاءِ بالقرآنِ القائمِ على يقينِ القلبِ وحضورِهِ تكونُ بالتلاوةِ والاستماعِ والإنصاتِ والتفكُّرِ والرُّقيةِ من المريضِ على نفسِه أو من غيرِه وتَكرارِ ذلك، وذلك باختيارِ السُّوَرِ الواردةِ في السنةِ أو الآياتِ المناسبةِ للحالِ؛ كآياتِ السحرِ للمسحورِ، والعينِ للمَعْيونِ، واليقينِ للمُرْتابِ، والفرجِ للمكروبِ وتَعَسُّرِ الولادةِ، والرزقِ عند ضيقِ الرزقِ، والنصرِ عند المعاركِ، والسكينةِ للخائفِ والمُضطربِ، كما قرَّرَ أهلُ العلمِ. قال ابنُ القيِّمِ: "وكان شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميّةَ - رحمَه اللهُ - إذا اشتدّتْ عليه الأمورُ قرأَ ‌آياتِ ‌السّكينةِ. وسمعتُه يقولُ في واقعةٍ عظيمةٍ جرتْ له في مرضِه، تَعجِزُ العقولُ والقُوى عن حملِها ــ من محاربةِ أرواحٍ شيطانيّةٍ ظهرتْ له إذ ذاك في حالِ ضعفِ القوّةِ ــ قال: فلمّا اشتدَّ عليَّ الأمرُ قلتُ لأقاربي ومَن حولي: اقرؤوا ‌آياتِ ‌السّكينةِ، قال: ثمَّ أقلعَ عنِّي ذلك الحالُ، وجلستُ وما بي قَلَبةٌ. وقد جرَّبتُ أنا قراءةَ هذه الآياتِ عند اضطرابِ القلبِ مما يَرِدُ عليه، فرأيتُ لها تأثيرًا عظيمًا في سكونِه وطُمأنينتِه".
تداويتُ بالقرآنِ صدقًا ورغبةً
ونعمَ كتابُ اللهِ للسُّقْمِ شافيا
إذا مسَّني داءٌ رجعتُ لآيِهِ
لِتقطعَ همًَّا في الفؤادِ مُدَوِّيا
وأُبصِرُ نورًا كلَّما قُمتُ أرتجي
شفاءً ورَوْحًا للهدايةِ تاليا
وفيه هُدى قلبي وريحانُ مُهجتي
ودربُ أمانٍ في المخاوفِ باديا
فحسبي كتابُ اللهِ زادًا وسَلْوةً
أُناجي به ربِّي ونِعمَ المُناجيا



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 55.82 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 54.15 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.00%)]