|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() آداب المجالس د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري الحمد لله ذي الجلال والإكرام، حي لا يموت قيُّوم لا ينام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، الحليم العظيم الملك العلام، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله سيد الأنام، والداعي إلى دار السلام، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان؛ أما بعد: فأوصيكم يا عباد الله ونفسي بتقوى الله عز وجل، اتَّقوا في كلِّ قولٍ وعملٍ واعتقادٍ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]. أيها المؤمنون، تكثرُ في أيامنا هذه وفي أيام الإجازات الجلسات بكافة أشكالها؛ جلساتٌ عائليةٍ وأُسْريِةٍ وجلساتُ أصحابٍ وخِلَّان، جلساتٌ تبهج النفس وتدخل السرورَ على القلب، وترضي الرحمن، خصوصًا إذا كانت تجمعُ بين المتفرقين والمتباعدين من ذوي الأرحام والأقارب، ولا سيما إذا كان اللقاء على مائدةِ أفراحٍ تجمع بين عروسين، أو عقيقةِ مولودٍ جديد، أو وَكِيْرةٍ بمناسبة السكن الجديد، أو تُحْفَةٍ ونقيعةٍ لقدوم مسافرٍ، أو وضيمةٍ لمصابٍ بمصيبةٍ، أو مأدبةٍ للأصحاب، كل هذه المناسبات حضورها من حقِّ المسلم على المسلم؛ حيث قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وإذا دعاكَ فأجِبه)، وما أجملَ في هذه الجلسات أن تُتَبَادلَ فيها مشاعرُ المحبة والودِّ والإخاء وصفاء القلوب، قبل أن تُتَبَادلَ فيها أطرافُ الحديث الأخرى، والإنسان اجتماعيٌّ بطبعه ويحبُّ مؤانسةَ الناسِ ومجالسَتَهم، والتباسطَ إليهم ومداولةَ الأحاديثِ معهم، والسؤالَ عن أحوالهم وأخبارهم، وسماعَ قصصِ السابقين، وخِبْراتِ المتخصصين، وفكاهات المواقف الغريبة والطرائف العجيبة مما يواجهه الإنسان في أحداث واقعه ويومياته، وقد يكون في هذه المجالس وصايا يستفيدُ منها الحاضرون، أو حِكمٌ يستنبطها الجالسون، أو فوائدَ يتناقلها المتحدثون. ومن أجملِ المجالس يا عباد الله: المجالسُ التي تجمعُ أفراد الأسرة الواحدة: أبٌ وأمٌّ وإخوةٌ، يجتمعون على شاطئ بحرٍ، أو بساتين غناء، أو حتى بين جدارِ الغرفة الواحدة، تجتمعُ الأفئدةُ لتأنَس ببعضها بعيدًا عن كل الأجهزة الحديثة، إلى متى ونحن قريبون بعيدون، وإلى متى ونحن حاضرون غائبون، أبناؤنا وبناتُنا يحتاجون إلى من يتحاورُ معهم ويقتربُ من مشكلاتهم، ويبثُّ لهم حنانَ الأمومة والأبوَّة مهما كَبُر الأولادُ، وعلى الأقل تعليمهم الآداب الشرعية والسلوكية، الأجداد والجدات مع كِبَرِ سنهم يفرحون أن يجلِس معهم الأبناء والبنات والأحفاد والحفيدات، يفرحون بأن يُسْتَمَعَ إليهم عن ماضيهم وخبراتهم، والصعوبات التي واجَهوها في ماضي حياتهم، وأهلُ الحيِّ الواحد وجماعةُ المسجدِ الواحد، يتسامرون لحل مشكلاتهم في حيِّهِم، ويتعاونون في إعمارِ مسجدهم، كلٌّ يتحملُ شيئًا من المسؤولية، فهذا يتكفلُ بالماء، وذاك يتكفلُ بالنظافة والتطييب، وآخرُ يتكفلُ بحلقات التحفيظ والمسابقات، وآخر يتكفلُ بالصيانة والمتابعة، وآخرُ يتكفلُ بالتواصل بالتنسيق مع أهل الحيِّ من زيارةِ مريضٍ أو تشييع جنازةٍ، أو حضورِ زواجٍ، أو مباركةٍ لساكنٍ جديد، كلُّ ذلك يُتداوَلُ في جلسات السَّمر والمؤانسة، فتقضى أوقاتها لا أقول بجدِّيةٍ صارمةٍ، وإنما بأريحيةٍ مبهجةٍ يتذاكرها الحاضرون مع مرور الأزمان. ألا رُبَّ ضيفٍ طارقٍ قد بَسَطْتُهُ ![]() وآنستُهُ قبلَ الضِّيافَةِ بالبِشْرِ ![]() وجدتُ له فضلًا عليَّ بقصْدِهِ ![]() إليَّ وبِرًّا زاد فيه على برِّي ![]() كلنا أيها الأحبة يُحب الجلوس مع أصحابه وخِلَّانه ومَن هم في أعمارهِ، وهذا شيءٌ فطري لكل إنسان، لكن لنعلم أيها الكرامُ أن للمجالس آدابًا شرعيةً وعرفيةً لا بد من مراعاتها، من ذلكم ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم: ((ما من قومٍ يقومونَ من مجلسٍ لا يذكرونَ اللهَ فيهِ، إلا قامُوا عن مثلِ جيفةِ حمارٍ، وكان لهم حسرةٌ))، وكانَ يُعَدُّ لرسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في المجلسِ الواحدِ مائةَ مرَّةٍ من قبلِ أن يقومَ: ربِّ اغفِر لي وتُب عليَّ، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الغَفورُ، نستأنسُ مع أصحابنا لكن نستشعرُ معيةَ ربنا، فنذكرهُ بألسنتنا لعله يكونُ مانعًا لنا بأن نتجاوز في مجالسنا ما لا يرضيه عنا جلَّ جلاله، وإذا كان لكَ الخِيارُ يا عبد الله فيمن تجالس، فاستمع للمثالِ الذي ضرَبه لنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (إنَّما مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ، والْجَلِيسِ السَّوْءِ، كَحامِلِ المِسْكِ، ونافِخِ الكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ: إمَّا أنْ يُحْذِيَكَ، وإمَّا أنْ تَبْتاعَ منه، وإمَّا أنْ تَجِدَ منه رِيحًا طَيِّبَةً، ونافِخُ الكِيرِ: إمَّا أنْ يُحْرِقَ ثِيابَكَ، وإمَّا أنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً)، وإن لم يكن لك الخيار في مجالسٍ دُعيت لها لوليمةٍ فأجبت، فإن لم تكن موجهًا لهذا المجلسِ، فلا تكن مشاركًا في الإثم من غيبةٍ أو نميمةٍ أو استهزاءٍ، أو احتقارٍ أو كَذبٍ، أو نحو ذلك مِن لغو الكلام. ومن الآداب الشرعية للمجالس يا عباد الله: لا يحلُّ لرجلٍ أن يفرِّق بين اثنينِ إلَّا بإذنِهما، ويجلس الإنسانُ حيث انتهى به المجلس، فلا يبحث عن تصديرٍ، ومَن قامَ مِن مَجْلِسِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ، فَهو أحَقُّ بهِ، ولا يتناجى اثنانِ دونَ صاحبِهما، فإنَّ ذلك يُحزِنُه، ومَنِ اسْتَمع إلى حَديثِ قَوْمٍ وهُمْ له كارِهُونَ، أوْ يَفِرُّونَ منه، صُبَّ في أُذُنِهِ الآنُكُ يَومَ القِيامَةِ، ونَهَى الرسولُ صلى الله عليه وسلم أنْ يُقَامَ الرَّجُلُ مِن مَجْلِسِهِ ويَجْلِسَ فيه آخَرُ، ولَكِنْ تَفَسَّحُوا وتَوَسَّعُوا، فقد قال جل جلاله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [المجادلة: 11]. بارَك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعني وإياكم بما فيهما من آيات وحكمةٍ، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات من كل ذنب وخطيئة، استغفروه إنه غفورٌ رحيم. الخطبة الثانية الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه سبحانه، وأشهد أنَّ نبينا محمدًا عبد الله ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلَّى اللهُ وسلَّم وباركَ عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه.أيها المؤمنون، إن أفضل المجالس التي نجلسها هي المجالس التي تُعْمَرُ بذكر الله تعالى وتلاوة كتابه والتفقه في دينه، (ما اجتمعَ قومٌ في بيتِ من بيوتِ اللهِ يتلون كتابَ اللهِ ويتدارسونه بينهم، إلا غشيتْهم الرحمةُ ونزلتْ عليهم السكينةُ، وحفَّتْهم الملائكةُ وذكرَهم اللهُ فيمن عنده)، فأَحْيُوا مجالسكم يا عباد الله بذكر الله تَسعدوا وتغنَموا. ولا نقبلُ في مجالسنا يا عباد الله الخوضَ في دين الله عز وجل أو أولياء الله الصالحين؛ استهزاءً أو سخريةً أو احتقارًا، أو حتى أضحوكةً؛ قال الله عز وجل: ﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ﴾ [النساء: 140]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنعام: 68]. فلا بدَّ أن تتوجه مجالسنا فيما يُفيد وينفع، وإذا اتَّجهت الأحاديث إلى الـمَرَحِ وما يُضحِك، فلا غضاضةَ في ذلك ولا حرج، إلا أن يكون الحديثُ فيما لا يُرضي اللهَ عز وجل، ولنتذكر قول الله عز وجل: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]. ومن آداب المجلس الذوقية يا عباد الله: إذا تحدثت مع قومٍ فلا تُقبل على واحدٍ منهم، ولكن اجعل لكل واحدٍ منم نصيبًا من النظرات، وإياك أن تُصدِر من الحركات بيدك ما يُلفِتُ الانتباه، ويُخلُّ بالأدبِ العام؛ كوضعها في الأنفِ أو الأذنِ مثلًا، واستمع إلى حديثِ الناس بإصغاءٍ والتفاتٍ، ولا تقاطع حديثهم، فمن الأدب أن تنظر بعينيك ملتفتًا بوجهك إلى من يتحدثُ معك، واعملوا عباد الله بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من إنسانٍ يكون في مجلس فيقول حين يريد أن يقوم: سبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، إلا غُفِرَ له ما كان في ذلك المجلس)).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |