|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() البِرُّ بالكبار عبدالله بن إبراهيم الحضريتي الحمد لله الذي خلق فسوَّى، والذي قدَّر فهدى، خلق الخلق متفاوتين؛ فمنهم الصغير والكبير، ومنهم الخيِّر والشرير، والعظيم والحقير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير؛ القائل في محكم تنزيله: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ﴾ [الروم: 54]. وأشهد أن سيدنا محمدًا عبدالله ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله؛ أما بعد: فسبحان من خلق الخلق بقدرته، وصرفهم في هذا الوجود والكون بعلمه وحكمته، وأسبغ عليهم الآلاء والنَّعماء بفضله وواسع رحمته! خلق الإنسان ضعيفًا خفيفًا، ثم أمدَّه بالصحة والعافية، فكان به حليمًا رحيمًا لطيفًا: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ﴾ [الروم: 54]. قوة الشباب التي يعيش بها أجمل الأيام والذكريات مع الأصحاب والأحباب. ثم تمر السنون والأعوام، وتتلاحق الأيام تلو الأيام، حتى يصير إلى المشيب والكِبر، ويقف عند آخر هذه الحياة، فينظر إليها فكأنها نسجٌ من الخيال، أو ضَرْبٌ من الأحلام، يقف في آخر هذه الحياة وقد ضعُف بدنه، وانتابتْهُ الأسقام والآلام، ثم بعد ذلك يُفجع بفراق الأحِبة والصحب الكرام؛ ﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ﴾ [الزمر: 30]. عباد الله: حديثنا اليوم سيكون عن المسنِّين، كبار السن في مجتمعنا؛ من الأهل والأقارب والجيران، وممن نخالطهم في المساجد والمجالس. الكبير أو المُسن هو من قارب أو جاوز الستين من عمره، وبلغ أرذل العمر حتى لا يعلم بعد علمٍ شيئًا، وصار في حاجة إلى رعاية وعناية، ومحبة ورحمة. أيها المسلمون: إن حقَّ المسن في مجتمعنا كبير، ومنزلته عظيمة؛ وقد أوصانا نبينا صلى الله عليه وسلم بهذه الفئة، فقال: ((ليس منا من لم يوقِّر كبيرنا، ويرحم صغيرنا))؛ [رواه الترمذي]، فالكبير قد عاش عمرًا طويلًا، وقضى شطر حياته في تربية أهله، وخدمة مجتمعه، فحقه علينا أن نبَرَّه ونوقره، ونُحسن صحبته. وقد جعل الإسلام برَّ الوالدين الكبار قربةً من أعظم القربات؛ فقال ربنا عز وجل: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 23، 24]. فكيف نكون بارِّين بأبوينا وهما في سن الضعف والحاجة؟ كيف نرد لهما جميلهما؟ كيف نكون مع كل كبير في مجتمعنا، نحترمه ونُجله ونقوم بحقه؟ إنه ميزان أخلاقنا، وامتحان إيماننا. أيها الأحبة: لقد وصَّانا نبينا صلى الله عليه وسلم بحسن معاملة الكبار؛ فقال: ((إن من إجلال الله إكرامَ ذي الشيبة المسلم))؛ [رواه أبو داود]. فإكرام الكبير ليس فضلًا نتطوع به، بل هو دَين وقُربة نتعبد بها لله. فاتقوا الله يا عباد الله، وأحسنوا إلى كباركم، وراعوا مشاعرهم، وخذوا بأيديهم، وكونوا لهم عونًا وسندًا، فغدًا ستكونون مكانهم، وسيصير أولادكم إليكم كما صِرتم أنتم إلى آبائكم. نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي سيد المرسلين، أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد:فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن المُسنين زينة المجتمع وتاج الأمة، وأن رعايتهم وبرَّهم سببٌ لبركة الأعمار، ونزول الأقدار، ورِفعة الدرجات. ومن أراد أن يبارك الله له في عمره ورزقه، فليكن واصلًا رحومًا بكباره وأرحامه. ثم صلُّوا وسلِّموا على خير البشر؛ فقد أمركم الله بذلك في محكم كتابه فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]. اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين؛ أبي بكر وعمر، وعثمان وعلي، وعن الصحابة أجمعين، ومن تبِعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنِّك وكرمك يا أكرم الأكرمين. اللهم اجعلنا ممن يوقِّرون كبارهم، ويرحمون صغارهم، ويكرمون شيوخهم، ويبَرون والديهم أحياءً وأمواتًا، اللهم أطِل أعمار كبارنا على طاعتك، واختم لهم بالصالحات، واجعل آخرَ كلامنا من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله. عباد الله، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90]، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدْكم، واستغفروه يغفر لكم، ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |