أعراض اكتئاب أم احتراق وظيفي؟

[ابوالوليد المسلم]

أعراض اكتئاب أم احتراق وظيفي؟
أ. أحمد بن عبيد الحربي

السؤال:
♦ الملخص:
شاب ثلاثيني، يعول أكثر من أسرة، ويعمل عملًا حرًّا يُحبه، بدأ يشعر بقلة الرغبة في العمل، وكثرة الضغوطات، ويسأل: هل هذه أعراض اكتئاب أو احتراق وظيفي؟

♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شابٌّ في العقد الثالث من العمر، أعاني منذ أكثر من سنة قلةَ الرغبة في العمل، وإرهاقًا شديدًا يأتيني عندما أريد البدء في العمل، مع أن عملي حرٌّ، وأستمتع به جدًّا، الحمد لله الدخل ممتاز، لكني قبل سنتين انتقلت لمنزل آخر، وأصبحت التكاليف أكثر، فأصبحت أعمل كي أسدد تلك التكاليف، دون أن أدَّخر، أو أُقلِّل ساعات العمل، بفضل الله أعول أكثر من أسرة اضطرارًا، واللهَ أسأل أن يكتُب لي الأجر والثواب، ويتقبل مني، أسكن مع عائلتي، وجميعهم أفكارهم تختلف عن أفكاري؛ فبعضهم سلبي جدًّا، وبعضهم يشتكي من كل شيء، أصبحت لا أُطيق الجلوس مع أحد منهم، وطوال الوقت أكون بمفردي، والآن أصبحت أُجبر نفسي على العمل، وفي كثير من الأيام أقوم بتأجيل الأعمال؛ كسلًا وقلة رغبة في العمل، وهذا يسبب تراكم الأعمال عليَّ، توقفت عن العمل نصف شهر؛ ظنًّا مني أن هذا سيخفف الضغط عني، وكنت مرتاحًا في أيام التوقف، لكن بمجرد العودة للعمل عادت الضغوطات مرة أخرى، أنا أحب عملي، لكن لا أعلم، هل هذه أعراض اكتئاب، أو احتراق وظيفي؟ وماذا أفعل تجاه هذه الأعراض، هل أتجاهلها وأكمل العمل؟



الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فإن الضغوطات إذا حاصرت الإنسان، أرْهَقَتْهُ وكدَّرت خاطره، وبالتالي تَضعُف رغبته، ويقل حماسه في أعماله، لا سيما إذا كان يشعر بأن ما يؤديه من عَمَلٍ لا يفي باحتياجاته، وكذلك نقص المال يمنعه من الانطلاق في التنزُّه، والتَّوسعة على النفس في المباح، فيفقد جانبًا مهمًّا في التنفيس عن همومه، وطرد السآمةِ والْمَلَلِ.

ومما يُعينك على تخفيف الضغوطات، والتقليل من آثارها الانشغالُ بالأعمال الصالحة من الصلاة وقراءة القرآن، والذكر والدعاء، وممارسة هواية تُسليك وتهوِّن عليك؛ فإن ممارسة الهوايات واللهو المباح يروِّح عن النفس، ويصفِّي الخاطر، وكذلك الرياضة؛ فإن مزاولتها تبعث على السعادة، وابتعد عن العزلة قدر المستطاع؛ فإنها تعزِّز الكآبة، وتُثير الأحزان، وتجلب الذكريات السيئة.

كوِّن علاقات جيدة مع محيطك، وانْهَمِكْ في أنشطة إضافية تجد فيها حماسك، وربما ساهمَت في فتح باب رزقٍ ودخل إضافيٍّ لك.

المعرفة والاطلاع تُشعرك بقيمتك، وتملأ عقلك بما ينفع، وتجعل روحك مُشرقة.

المهم ألَّا تنطفئَ وتَنْكَفِئَ على نفسك.

واستحضر قيمة ما تفعله من رعاية لأسرتك، واستحضر النية والأجر في الصبر على مشاق الحياة؛ فإن هذه الدار دار ابتلاء واختبار.

وابتعد عما يزعجك، ويُذكي نار الألم في نفسك من نقاشات عقيمة، وأفكار سوداوية، وعامِلْ من حولك بالخُلُقِ الحسن، وتجنَّبِ العداوات والمصادمات، حتى تعيش مطمئنًّا ومرتاح البال.

ولا تنسَ تحريَ أوقات الإجابة، وبثَّ شكواك لرب العباد سبحانه، فهو الكريم الرحيم بعباده، تبارك وتعالى.

أسأل الله للجميع التوفيق والسعادة، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.