|
ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() مواسم الخيرات؛ ماذا أحدثت فينا من أثر؟ عبدالسلام بن محمد الرويحي يكرِّر الله لنا مواسمَ الخيرات، ويمنحنا فيها من الأجور والخير والبركة ما لا يمنحنا في غيرها من بقية الأزمان. حاشَ لله أن يسوق إلينا مواسمَ الخير عبثًا! يأتي موسم وينقضي، ويعقبه آخر وينقضي، ويجعل الله محطات خلال العام؛ أشهرًا حرمًا، وأشهرَ حجٍّ، وموسم رمضان، وستًّا من شوال، وعشر ذي الحجة، وفريضة حج في العام، ويوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق، وشهر محرم، ويوم عاشوراء، فضلًا عن الأيام المستمرة الفاضلة؛ كيوم الجمعة، وصيام الاثنين والخميس، والأيام البِيض، كل هذه الأيام والمواسم من أجل تحقيق أمر واحد وغاية عظمى؛ هي غاية التقوى التي لا يمكن أن تتحقق إلا أن يكون هناك تغيير، وهذا التغيير لا يمكن أن يحدث إلا بإحداث زعزعة للنفس، وانتفاضة داخلية لها، من خلال توبة نصوحٍ، توبة حقيقية لا مجرد نطق بلا روح، بل توبة عملية فعلية، تتكون من منظومة من الاعتراف بالذنب أولًا، والإقلاع عنه، والعزم على عدم العود إليه، وإرجاع الحقوق لأصحابها. هذه المنظومة العملية هي التي يريدها الله. يريدنا أن نتوب ليتوب علينا: ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 27]، هذه التوبة هي التي تتحقق بسببها التقوى، وهي الغاية من تتابُعِ مواسم الخير. والمعيار لمعرفة تحقُّق تلك الغاية هي الحال بعدها؛ تأمل قوله تعالى: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 160]، التوبة أحدثت شيئًا عمليًّا هو الإصلاح، هذا الإصلاح كانت نتيجته أن العبادات أصبحت تُحقق غاياتها؛ فالصلاة تُحقق الصلة القوية بين العبد وربه، فتمنع كل ما يعكر تلك العلاقة، ويُضعف تلك الصلة: ﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45]. فلا فواحش قولية ولا فعلية، ولا منكرات عملية ولا قولية، وتلك ثمرة الصلاة. وحين لا يتحقق للمصلِّي هذا المراد من الصلاة، فلا بد أن في صلاته خللًا. والذكر لله لا بد أن تطمئن به القلوب: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]، فإن لم تطمئنَّ، فلا بد أن الذكر يشوبه شيء من عدم الإخلاص أو اليقين، أو عدم حضور القلب. وحين يُذكَر الله ولا ترتجف لذكره القلوبُ، ولا توجل ولا يزيد فيها منسوب الإيمان، فدلالة ذلك ضَعف في الإيمان: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال: 2]. هذا فيما يتعلق بجانب العلاقة مع الله سبحانه وتعالى، أما فيما يتعلق بالعلاقة بالآخرين، فالأمر لا يقل أهمية كذلك، فالله سبحانه جعل من غايات الدين تحقيقَ الأُخوة الدينية؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات: 10]، وهي أُخوة تنصهر فيها كل الاعتبارات البشرية، فلا اعتبار لجنسٍ أو لون أو نسب، وحين تقدم هذه الاعتبارات على الأخوة الدينية، فيعني أن هناك خللًا في التدين، وحين تنتهك هذه الأُخوة بما يهدمها، أو يُوهنها من خذلان للمسلم وترك نصرته، أو التطاول على عِرضه واستباحة غيبته، والسخرية منه، وهمزه ولمزه، وسوء الظن به، وغيرها من اعتداءات العِرض والدم والمال، فلا شكَّ أن هناك تدينًا مغشوشًا كان سببًا في إحداث مثل هذه الشُّروخ وهذا الوهن؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يَبِعْ بعضكم على بيع بعضٍ، وكونوا عبادَ الله إخوانًا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقِره، التقوى ها هنا - ويشير إلى صدره ثلاث مِرارٍ - بحسب امرئ من الشر أن يحقِرَ أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعِرضه))؛ [رواه الإمام مسلم]. وخلاصة القول: إن إحداث التغيير وتقويم المسار هو الغاية من مواسم الخير، وتعدد أوقات العبادة، ولحظات وساعات الإجابة.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |