|
ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() عيد الأضحى بين الروح والاحتفال: كيف نوازن؟ محمد أبو عطية أتي عيد الأضحى المبارك كلَّ عام ليملأ الأجواءَ بالفرح والتكبير، ويجمع الأُسر على المحبة والتواصل، ويوقِظ في النفوس معانيَ عظيمة من الإيمان والبذل والتضحية، إنه العيد الذي يحمل روحانيةً خالدة مستمدَّة من قصة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وفي الوقت نفسه يحمل طابعًا اجتماعيًّا واحتفاليًّا مبهجًا. لكن ... في زمن طغى فيه الشكل على الجوهر، والمظهر على المعنى، أصبح كثيرون يعيشون العيد كاحتفال اجتماعي فقط، مع غفلة عن معانيه الإيمانية العميقة. فكيف نوازن بين الفرح المشروع، والروحانية المطلوبة؟ وكيف نجعل من عيد الأضحى تجرِبةً متكاملة تشمل القلبَ والجسد، العبادةَ والبهجة، الفرد والمجتمع؟ الروحانية في عيد الأضحى: عيد الأضحى ليس مناسبةً عابرة، بل هو تتويج لأيام عظيمة؛ هي العشر الأوائل من ذي الحجة؛ التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من أيامٍ العمل الصالح فيهن أحبُّ إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: ولا الجهادُ في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء))؛ [أخرجه البخاري]. ثم يأتي يوم عرفةَ؛ اليوم الذي يُعتق الله فيه الرقاب من النار، ويختمه يوم النحر، أعظم أيام الله؛ كما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم. الروحانية في عيد الأضحى لا تنحصر في الأجواء فقط، بل تظهر في: • ذكر الله بالتكبير: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد. • التقرب بالأضحية: شعيرة عظيمة تعلِّمنا البذلَ والطاعة. • الصلاة والتضرع: صلاة العيد ومظاهر الطاعة تذكِّرنا بأن العيد ليس خاليًا من العبادة. • صِلة الرحم: وهي عبادة اجتماعية، تربِط القلب بالأهل والرَّحِم. كل ذلك يجعل من العيد موسمًا لتجديد الصلة بالله، ومناسبة للغسل الروحي من أدران الحياة اليومية. الاحتفال المشروع: فرحة لا تخرج عن الحدود: الإسلام لا يحرِّم الفرح، بل يدعو إليه؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا بكر، إنَّ لكل قوم عيدًا، وهذا عيدنا))؛ [متفق عليه]. فالفرح في العيد سُنَّة نبوية، والاحتفال جزء من شعائر الإسلام، لكن بشرط ألَّا يخرج عن الآداب والضوابط. الاحتفال المشروع يشمل: • اللباس الجميل: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتجمَّل للعيد. • التوسعة على الأهل: طعام، ونزهة، ولعب الأطفال. • إدخال السرور على الناس: خاصة الفقراء والمحتاجين. • التزاوُر وصِلة الرحم: تعزيز الروابط الاجتماعية. أما ما نراه اليوم من: • التفاخر المبالَغ فيه بالمظاهر. • الإسراف في الطعام والتبذير. • السهر في المعاصي واللهو الماجن. • الغفلة عن الصلاة والذِّكر في يوم العيد. فهذا يُفقد العيد روحَه، ويحوِّله إلى مناسبة دنيوية بحتة. كيف نُوازن بين الروح والاحتفال؟ التوازن هو ما يدعو إليه الإسلام في كل شيء؛ قال الله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ﴾[البقرة: 143]. في العيد، يمكننا تحقيق هذا التوازن عبر خطوات عملية: 1) ابدأ يومك بالله: • لا تجعلِ العيد يبدأ بالنوم أو الهاتف. • استيقظ لصلاة الفجر، ثم صلِّ صلاة العيد جماعةً. • كبِّر واذكر الله وأنت تمشي إلى المصلَّى، كما كان يفعل الصحابة. 2) انوِ نيةً صادقة في أضحيتك: • لا تجعل الأضحِيَة مجردَ عادة. • اجعلها قُربة لله، واتباعًا لسُنة إبراهيم عليه السلام. • وتذكر أن الله لا يريد اللحم ولا الدم، بل يريد التقوى. 3) افرح ... ولكن باعتدال: • أظهِر الفرح دون تكلف. • شارك أبناءك الفرحةَ، لكن علِّمهم أن العيد فرح الطاعة لا لهو الغفلة. • لا تجعل العيد مناسبةً للمعاصي باسم الاحتفال. 4) خصِّص وقتًا للقرآن والذكر: • لا تجعل يوم العيد يخلو من تلاوة القرآن أو ذكر الله. • كبِّر في بيتك، وسيارتك، ومع أطفالك. 5) اجعل العيد للجميع: • تذكَّر من لا يجد فرحًا: يتيمًا، أرملةً، مسكينًا، مريضًا. • قُم بتوزيع جزء من أضحيتك، أو اصطحب أبناءك لزيارة المحتاجين. • هذه الفرحة المجتمعية هي من أعظم معاني العيد. العيد تربية لا لحظة: ينبغي أن نعلِّم أبناءنا أن العيد ليس فقط لشراء الملابس والخروج للمطاعم، بل هو: • تقدير لنِعم الله. • احتفالٌ بنجاح الطاعة. • تطبيق لقِيم التضحية، والرحمة، والتكافل. يمكنك أن: • ترويَ لهم قصة إبراهيم عليه السلام، وكيف ضحَّى من أجل رضا الله. • تشرح لهم معنى الأضحية والتكبير. • تُشركهم في توزيع الأضحية وصِلة الرحم. وبهذا نربي جيلًا يفهم العيد كما أراد الله، لا كما رسمته الإعلانات والتقاليد العصرية. خاتمة: عيد الأضحى ليس صراعًا بين الروح والاحتفال، بل هو دعوة للتوازن: أن تفرح بقلب مؤمنٍ، وتضحِّي بنية خالصة، وتُسعد من حولك بروح مطمئنة. فلنحيِ العيد في بيوتنا كما أحياه النبي صلى الله عليه وسلم، فرحًا بالطاعة، وبهجةً بالتقوى، وتواصلًا بالمحبة. اجعل من عيدك لحظةَ تصالح مع الله، وتواصلٍ مع الناس، وتجديد لحياتك كلها على نهج الإيمان. وكل عام وأنتم بخير، وأضحى مبارك، وتقبَّل الله منكم ومنا صالح الأعمال.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |