ضوابط معاملة الحاكم عند أهل السنة والجماعة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         المبسوط فى الفقه الحنفى محمد بن أحمد السرخسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 24 - عددالزوار : 6890 )           »          ‏‪العقل في معاجم العرب: ميزان الفكر وقيد الهوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          كيف نتعامل مع الفوضى في المسجد؟؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          شكر الله بعد كل عبادة، عبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          الفتن والاختبارات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          الأرض المقدسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          سعة الأفق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الانشغال بما خلقنا له (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          الألفة والمحبّة بين المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          التغيير بيدك أولا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-06-2024, 06:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,300
الدولة : Egypt
افتراضي ضوابط معاملة الحاكم عند أهل السنة والجماعة




قراءة في كتاب – ضوابط معاملة الحاكم عند أهل السنة والجماعة (١)


  • يتفرد الكتاب بتفصيل الموقف الدقيق للرعية من الحاكم في كل أحواله مع بيان أحوال ذلك إذا أمر الحاكم بمشروع أو مباح أو واجب أو مندوب أو كان في أمر اجتهادي
  • الكتاب يعرض دقائق المسائل وتفصيل الأحكام الفقهية والمنطلقات العقدية في مسائل الحكم والإمامة
يعدّ الكتاب الذي بين أيدينا (ضوابط معاملة الحاكم عند أهل السنة والجماعة وأثرها على الأمة)، للشيخ الدكتور خالد ضحوي الظفيري، واحدا من أهم كتب العقيدة والفرق في مسألة نظام الحكم في الإسلام، وكتب السياسة الشرعية، وهو كتاب نفيس صادر عن عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، وهو عمدة في بابه، وأصله أطروحة لرسالة الماجستير للشيخ الظفيري -حفظه الله-، ويقع الكتاب في أكثر من 850 صفحة.
موجز الكتاب
يبدأ الكتاب بمقدمات وتعريف لمفردات عنوان الكتاب، وبيان أحكام الإمامة وأقسامها، وموقف الرعية من الحاكم، وأدلة وجوب السمع والطاعة، وما جاء عن السلف الصالح في ذلك، ويتفرد الكتاب في تفصيل الموقف الدقيق للرعية من الحاكم في كل أحواله، مع بيان أحوال ذلك إذا أمر الحاكم بمشروع (مباح - واجب - مندوب أو كان في أمر اجتهادي)، ثم موقف الرعية من الحاكم الكافر أصلا إذا أمر بما ليس فيه معصية، وموقفها منه إذا أمر بمعصية أو كفر، وموقف الرعية إذا أمر الحاكم بأمر فيه اعتداء وظلم، وتفصيل ذلك في بيان موقف المعتدى عليه في دينه، وعرضه، ونفسه، وماله، وموقف الرعية إذا أمر الحاكم بظلم الآخر، ثم موقف الرعية من أفعال الحاكم في نفسه إذا اقترف معصية فيما هو دون الكفر ونقصد بذلك البدعة والمعصية، وموقف الرعية من الحاكم إذا صدر منه الكفر، أو طرأ عليه الكفر وبيان حكم الخروج عليه، وشروط ذلك، وفي الباب الرابع ذكر المؤلف -حفظه الله- الآثار المترتبة على تحقيق منهج أهل السنة في معاملة الحكام من عدمها سلبًا وإيجابًا (الأثر الديني - الأثر الاجتماعي - الأثر الاقتصادي - الأثر السياسي)، ثم توصل المؤلف في الخاتمة إلى نتائج البحث مع ذكر بعض التوصيات المهمة.
تفصيل وبيان
ذكر المؤلف في مقدمة الرسالة منهجية البحث أنه حرص على ذكر الأدلة الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - في كل مسألة، ثم أردفها بذكر الآثار الواردة عن الصحابة الكرام، والتابعين الأعلام ومن بعدهم من الأئمة إلى عصرنا هذا، ولم يتوان عن نقل الإجماع لما ورد في المسائل المذكورة مع العزو والإحالة العلمية والتخريج، والنقل عن كبار العلماء كسماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز والشيخ الألباني والشيخ ابن عثيمين -رحمهم الله جميعا- والشيخ الفوزان -حفظه الله-، مع شرح غريب الألفاظ والترجمة لأغلب الأعلام الوارد ذكرهم في الرسالة، وتذييل البحث بالفهارس العلمية المتنوعة لخدمة القارئ والتسهيل على الباحث.
التعريف والمصطلح
وفي تعريف الإمامة والحكم اصطلاحا قال المؤلف: تنوعت عبارات العلماء في بيان معنى الإمامة وحدها، فمن تلك التعاريف: قول الجويني -رحمه الله تعالى-: «الإمامة: رياسة تامة، وزعامة عامة، تتعلق بالخاصة والعامة في مهمات الدين والدنيا»، وقال الخيربيتي -رحمه الله-: «وهي: رياسة عامة في الدين والدنيا، لا عن دعوى النبوة، فيخرج النبوة والقضاء». وقيل: «هي صفة حكميّة توجب لموصوفها تقديمه على غيره معنى ومتابعة غيره له حسا»، وقال صديق حسن خان -رحمه الله -: «وقيل: هي رياسة عامة لشخص من الأشخاص بحكم الشرع». وقيل: «رئاسة على كافة الأمة في الأمور الدينية والسياسية، ولا يكون أحد عليه طاعة من المخلوقين في ذلك ولا لأحد معه»، وقيل: «رياسة عامة لشخص واحد يختص به إمضاء الأحكام، مخصوصة على وجه لا تكون فوق يده يد»، وقال أيضًا: «هي نيابة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا». ولعل أجمع تلك التعاريف هو ما ذكره الخيربيتي، فتعريفه شمل تعريف الجويني لكنه ذكر ضابطاً يحترز به عن النبوة والقضاء، أما التعريفات الأخرى وإن كانت متقاربة في المعنى إلا أنها تركز على بيان مهمة الإمام أو مقتضيات الإمامة من السمع والطاعة والتقدم، وهي خارجة عن الحد.
ألقاب الإمام القائم بالإمامة والحكم
ثم ذكر المؤلف ألقاب الإمام القائم بالإمامة والحكم وهي: الخليفة، وهو أول لقب أطلق على المتولي على الناس بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ أطلق على أبي بكر -رضي الله عنه - لقب (خليفة رسول الله)، ومن الألقاب أيضا (أمير المؤمنين)، وكان الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أول من أطلق عليه هذا اللقب، ومنها لقب (الملك) وهو ما ذكره الله -عز وجل- عن داود وسليمان -عليهما الصلاة والسلام- على سبيل المثال، ولقب (السلطان): وهو مشتق من - السّليط - وهو الدهن لأنه يضيء بعدله وتدبيره على رعيته كما يضيء السليط على أهله بنوره. ثم ذكر المؤلف طرائق ثبوت الإمامة وهي إما بالنصّ عليها، أو بالعهد والاستخلاف، أو باختيار أهل الحل والعقد أو بالغلبة والقهر، ثم ذكر المؤلف أقسام الإمامة وهي على مطلبين، الأول: الإمامة العظمى وأحكامها، والثاني: الإمامة الصغرى وأحكامها.
مراجعات وتقييم
جعل المؤلف مبحثا لتقييم الرسائل السابقة في موضوع الإمامة، وتفصيل الملاحظات على ما ورد فيها، والموقف الصحيح من تلك المسائل، والرد على الفرق المخالفة لأهل السنة في باب الإمامة والحكم، ولا سيما في مسألة عزل الإمام إذا طرأ عليه الفسق، ومسألة الخروج على الحاكم الفاسق وسلّ السيف عليه، وإمامة الحاكم المتغلب، ومسألة ربط الحكم بإسلام الدار أو كفرها بإسلام الحاكم أو كفره، ومسألة الخروج باللسان، ومسألة ربط وجوب الطاعة بعدم أمر الحاكم بالمعصية، وحكم من يطيع الحاكم في معصية الله، ومسألة اشتراط القدرة في مقاتلة الحاكم الكافر.
أهل السنة والجماعة
بدأ المؤلف بتعريف أهل السنة وألقابهم (أهل السنة والجماعة - أهل الحديث - الفرقة الناجية - الطائفة المنصورة - السلفيون)، ثم كان التفصيل في موقف الرعية من الحاكم إذا أمر بما ليس بمعصية، وبيان وجوب السمع والطاعة من الكتاب والسنة والصحابة والتابعين، وقد نوّه المؤلف -حفظه الله- إلى أهمية الوفاء بالعهد وتحريم الغدر، وقاعدة درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وقاعدة الضرر يزال، وضوابط الإكراه وأنواعه، وتحريم طاعة الحكام في معصية الله.
ضوابط النصح للحاكم
وقد ذكرّ المؤلف في كتابه القيم ضوابط النصح للحاكم المسلم من وجوب الإخلاص في إسداء النصيحة، وأن تكون النصيحة سرّا بين الناصح والحاكم المنصوح، وأن يكون الناصح عالما بما يأمر به من معروف، وعالما بما ينهى عنه من منكر، وعارفا للأدلة الواردة في ذلك، وأن تكون النصيحة بالرفق واللين، وأن يتوفر في ذلك القدرة والاستطاعة فإن خاف الناصح على نفسه ولم يقو على ذلك، فلا ينبغي له أن يقدم على نصيحة السلطان؛ لأن المؤمن لا ينبغي أن يذل نفسه، وألا يحصل بإنكاره منكر أكبر من الذي أنكره.
الطاعة لهم بالمعروف
وأضاف المؤلف أن من الأمور التي يدخلها أهل العلم في مفهوم النصيحة: الطاعة لهم بالمعروف، والصبر على أذاهم، والدعاء لهم بالصلاح وحث الأغيار على ذلك، وترك الثناء عليهم بما ليس فيهم، وتنبيههم عند الغفلة وإرشادهم عند الهفوة، وإعلامهم بما فيه مصلحة لهم، وإبلاغهم بأهل الشر والفساد والبدع وبأخلاق عمالهم وسيرهم في الرعية، ومعاونتهم على الحق وعلى ما تكلفوا القيام به، ومجانبة الخروج عليهم، والبغض لمن رأى الخروج عليهم، وعدم سبهم ولعنهم والطعن عليهم والنهي عن ذلك، وعدم غشهم، ونصرتهم في جمع الكلمة عليهم، ومحبة ذلك وكراهية افتراق الأمة عليهم، ورد القلوب النافرة إليهم، ومحبة طاعتهم ورشدهم وعدلهم، ومحبة إعزازهم في طاعة الله وتوقيرهم.


اعداد: ذياب أبو سارة




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 08-06-2024, 06:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,300
الدولة : Egypt
افتراضي رد: ضوابط معاملة الحاكم عند أهل السنة والجماعة


ضوابط معاملة الحاكم عند أهل السنة والجماعة (٢)


  • أبدع المؤلف حفظه الله في بيان موقف المعتدى عليه من قبل الحاكم في أربعة مطالب تتعلق بنوع الاعتداء (الدين والعرض والنفس والمال)
  • أهل السنّة لم يواجهوا الحكام بالعواطف والآراء الزائفة وإنما اتبعوا ما يدينون الله به ومما دلّت عليه نصوص الشرع المطهرة
ذكرنا في الحلقة الأولى من هذا الكتاب الماتع تعريف الحكم والإمامة اصطلاحًا، والمراجعات، والتعريف بأهل السنة وألقابهم وضوابط النصح للحاكم، ونكمل فيما يلي استعراض بقية الفصول والأبواب.
موقف المعتدى عليه من قبل الحاكم
وقد أبدع المؤلف -حفظه الله- في بيان موقف المعتدى عليه من قبل الحاكم في أربعة مطالب تتعلق بنوع الاعتداء: (الدين والعرض والنفس والمال)، وقد أورد المؤلف في تفصيل ذلك ما يلي: فالاعتداء على الدين له أنواع كثيرة وحالات متنوعة، فقد يكون هذا الاعتداء متعلقاً بعقيدة المعتدى عليه، كأن يأمره باعتقاد مالا يحل اعتقاده، سواء أكان متعلقاً بالله -سبحانه- أم بكتابه أم برسوله أم بصحابة رسوله أم غير ذلك من مسائل الاعتقاد، وقد يكون هذا الاعتداء متعلقاً بفعل أو قول ما لا يحل فعله أو قوله، وهذا يتردد بين أن يكون معصية أو بدعة أو كفراً، كأن يأمره بحلق لحيته أو إسبال إزاره أو شرب خمر، أو أن يأمره بإقامة المولد النبوي أو بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، أو أن يأمره بسب الله أو إلقاء المصحف في القاذورات، وضرب الأمثلة على هذا تطول وتكثر.
الموقف الصحيح للرعية
وقد سبق أن بينت الموقف الصحيح للرعية من أمر الحاكم إياهم بمعصية الله أو كفر به، أو غير ذلك مما لا يحل فعله، ووضحت بالنصوص الشرعية وبأقوال السلف المرعية أنه لا طاعة لهم في ذلك إلا أن يُكره فينهض الإكراه له رخصة على الإقدام على المكره عليه، سواء أكان معصية أم كفرًا بحسب ما سبق بيانه، ولما كان الاعتداء من قبل الحاكم على دين الرعية لا يخلو من حالين حال يكون فيه الاعتداء على الدين محصوراً في مكان معين أو في عمل معين، وحال يكون فيها الاعتداء عاما على الدين؛ بحيث لا يستطيع من الرعية أن يقيم دينه على الوجه المطلوب.
الطاعة مع الاجتهاد في النصح
ففي الحالة الأولى يجب على الشخص أن ينتقل من ذلك المكان أو يترك ذلك العمل، فيفر ويهرب من تلك الأمكنة والوظائف حرصًا على سلامة دينه وابتغاء لمرضاة الله وطاعة لأمره؛ فإنه من يتق الله -سبحانه- ييسر له أمره، ويرزقه من حيث لا يحتسب، قال -تعالى-: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ }.
اعتداء الحاكم على الدين والعرض والمال
ثم ذكر المؤلف موقف المسلم إذا كان الاعتداء عاما من قبل الحاكم على الدين، وبين حكم الشرع بوجوب الهجرة فرارا بالدين، ومثاله ما حصل للإمام أحمد -رحمه الله- في مسألة خلق القرآن، حين اجتمع إليه بعض أهل بغداد في ولاية الواثق وشاوروه في ترك الرضا بإمرته وسلطانه، فقال لهم: عليكم بالنكرة في قلوبكم، ولا تخلعوا يدا من طاعة ولا تشقوا عصا المسلمين، ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين، وهذا ما يجب على الرعية إن اعتدى الحاكم على دينهم، وهذه هي مواقف السلف في ذلك، وكل خير في اتباعهم وكل شر في مخالفة طريقهم. أما إذا كان اعتداء الحاكم على العرض (الصائل)؛ فإن المسلم مطالب بالدفع عن عرضه بما يمكن، ولو بالقتال، ولا يجوز التمكين منه بحال، ودليله قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من قتل دون أهله فهو شهيد»، أما إذا كان بالشتم أو القذف فهذا لا يسوغ للمعتدى عليه القتال ولا حمل السلاح، بل بالمناصحة والمدافعة بالحسنى. أما اعتداء الحاكم على النفس، فإن كان دون القتل كالضرب والجلد وغير ذلك، فالحكم هنا وجوب الصبر والسمع والطاعة وتحريم المنازعة في الإمام أو الخروج عليه، وإن كان بالقتل والإهلاك وسفك الدم، فإنه يقاتل: «من قتل دون ماله فهو شهيد». وأما اعتداء الحاكم على المال فيجب فيه الصبر وعدم نزع اليد من الطاعة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع»، وكذا استئثار الحاكم بالمال دون الرعية، ولا التفات لقول ابن حزم المخالف.
الإكراه ودرء المفاسد
ثم تطرق المؤلف إلى حكم من أكرهه الحاكم على ظلم أحد أو الاعتداء على دين غيره؛ فإذا ثبت الإكراه بشروطه المعتبرة، وإن كان على معصية وتعدّ على العرض فعليهم الطاعة والصبر على ذلك، وينبغي عليهم النصح له، أما إقراره وتزيين عمله الباطل من إراقة دم أو ظلم مسلم ونحو ذلك فإنه لا يجوز، وهو مدعاة لسخط الله وعقوبته، ونبه المؤلف إلى ضرورة اعتبار القاعدة الفقهية في ذلك من ارتكاب أدنى المفاسد، وأخف الضررين. ثم بين المؤلف ثناء السلف على من لم يقاتل في الفتنة التي جرت بين علي وطلحة والزبير وبين على ومعاونة واعتزلوا القتال، ومن هؤلاء سعد بن أبي وقاص وأبو بكرة وأسامة بن زيد، ومحمد بن مسلمة وأبو هريرة وغيرهم.
موقف الرعية من أفعال الحاكم في نفسه
إن مما ابتلى الله به المسلمين -بسبب ذنوبهم- أن جعل عليهم في عدد من العصور والأزمان ولاةٌ وخلفاء من أهل البدع، منهم من كان داعياً إلى بدعته، فيمتحن الناس عليها ويعاقب من لم يعتقد أو يعمل بها، ومنهم من لم يكن إلى بدعته من الدعاة، وقد ذاق أهل السنّة -بسبب بعض هؤلاء الولاة- الأمرين، من انتشار البدعة ودروس السنة، حتى امتحنوا أهل السنّة على مقولة ضالة وبدعة قد تصل إلى حد الكفر، بل قد تكون كفراً ولا يقتضي ذلك تكفير مرتكبها كما فعل المأمون ثم المعتصم ثم الواثق من امتحان الناس ولا سيما العلماء على القول بخلق القرآن، كما سيأتي ذكره. ولكن أهل السنّة لم يواجهوا هؤلاء الحكام بعواطف عاصفة ولا بآراء زائفة، وإنما اتبعوا في معاملتهم لهؤلاء الولاة ما يدينون الله به مما دلّت عليه نصوص الشرع المطهرة، وما أثر عن سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان من أهل العلم والدين. ثم ذكر المؤلف حديث عوف بن مالك الأشجعي الله قال: سمعت رسول الله -[- يقول: «خيار أئمتكم الذين يحبونكم وتحبونهم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم»، قال: قلنا يا رسول الله: أفلا ننابذهم عند ذلك؟ قال: «لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، ألا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئاً من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله -تعالى-، ولا ينزعن يداً من طاعة»، وغير ذلك من الأحاديث الدالة على أن شرط الخروج على الولاة، ونزع اليد من الطاعة هو رؤية الكفر البواح الصريح الذي قام البرهان الشرعي على أنه كفر، ولا شك أن البدعة دون ذلك.
الموقف من الحاكم المبتدع
ولا يختلف الحكم من وجوب السمع والطاعة وعدم المنازعة في الولاية إذا ما كان الحاكم مبتدعًا ولكنه يسرّ بدعته ولا يظهرها ولا يدعو لها، بل هو أخف حالاً من المبتدع الداعية، فكانت طاعته وتحريم الخروج عليه من باب أولى وأحرى. قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: وأما من كان مبتدعًا بدعة ظاهرة أو فاجرًا فجورًا ظاهرًا فهذا إلى أن تنكر عليه بدعته وفجوره أحوج منه إلى أن يطاع فيما يأمر به، ومن حقوق الإمام على رعيّته أداء العبادات خلفه أو معه كالصلاة، والحج، والجهاد، والزكاة، وغير ذلك، ما دام الحاكم مسلماً، ولم يرتكب كفراً بواحاً يخرج به من الإسلام، ومن حقوق الولاة التي ينبغي التنويه بها حتى وإن كانوا مبتدعة-الدعاء لهم بالصلاح والرشاد، والاستغفار لهم والترحم عليهم، والنهي عن سبهم ولعنهم. وإذا نظرنا إلى موقف شيخ الإسلام إمام أهل السنة أحمد بن حنبل - رحمه الله - تجاه الخلفاء العباسيين في عهده ممن عرفت عنهم البدعة، نجد أنه كان يدعو لهم بالصلاح والهداية ولا يدعو عليه؛ لذلك لما قيل له -وقد أخرج إلى المعتصم يوم ضرب-: ادعُ على ظالمك. فقال: ليس بصابر من دعا على ظالمه.

اعداد: ذياب أبو سارة




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 65.54 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 63.41 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (3.26%)]