زوجي يطلب الطلاق كثيرا

[ابوالوليد المسلم]

زوجي يطلب الطلاق كثيرا
الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل


السؤال:

♦ الملخص:
امرأة متزوجة تشكو زوجَها الذي يُسرع لطلاقها دون إبداء أي سبب، وتسأل: هل تبقى معه أو لا؟

♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


أنا متزوجة منذ خمس سنوات، لم أُرزق بأطفال، ومنذ نحو ثمانية أشهر، تغير زوجي كثيرًا؛ فأصبح ينام وحده معظم الأوقات، ويظل خارج البيت طويلًا، أحيانًا يقضي ليله كله خارج البيت، طلب مني الطلاق دون إبداء أي سبب، فطلبت منه إخباري بما أخطأت، لكنه اكتفى بقول: إنه لايستطيع الاستمرار معي، تجاهلت مقالته، وحاولت إرضاءه بكل السبل؛ لاعتقادي أن الأزمة الحالية هي السبب، وفعلًا تراجع واعتذر ... لكنه بعد أسبوع فقط وبدون سابق إنذار، فاجأني مرة أخرى بطلب الطلاق، أُصبتُ بصدمة كبيرة؛ لأننا لم نختلف أو نتخاصم، وقد أخبر الناس أنني نِعْمَ الزوجة، وأنه هو الطرف المخطئ، وهذه المرة كان مصرًّا، وباشرْنا بالفعل إجراءات الطلاق في المحكمة، ثم فُوجئتُ بطلب الصلح منه، فسامحته رغم الألم النفسي الذي عشته، ثم لم يمضِ شهر، حتى أخبرني أنه سيطلقني؛ لأنني ناقشته عن تأخره الدائم في الليل إلى الفجر وأحيانًا إلى الصباح، وغيابه عن البيت معظم الأوقات نهارًا كأي زوجة، حتى إنني اعتذرت، لكنه ظلَّ مصرًّا، فغضبت هذه المرة، وأخبرته أنه لا ينبغي التلاعب بالزواج والطلاق؛ فإما إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، هو الآن يماطل في أمر الطلاق؛ ففي ظني أنه يريدني أن أرفع دعوى الطلاق حتى أتنازل عن حقوقي، أتمنى منكم إرشادي ونصحي، فقد مَلَلْتُ تصرفه غير المسؤول، ومحاولاتي المتكررة لإنجاح زواجي دون جدوى، علمًا بأنني عرضت عليه زيارة مستشارٍ نفسي، لكنه رفض.



الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فملخص مشكلتكِ هو الآتي:
1- إدمان زوجكِ شرب الخمر.
2- سهره خارج البيت.
3- عدم قبوله للنصح.
4- شديد الغضب.
5- مطالبته لكِ بأن تطلبي منه الخلع دون سبب.

فأقول مستعينًا بالله سبحانه:
لعل مشكلتكِ في الآتي بإذن الله سبحانه:
الأول: النظر إليه على أنه مريض مسكين يحتاج للشفقة والدعاء له بإخلاص.

الثاني: الغالب أن سبب استمراره على الشرب من جلسائه، فلو تيسر لأهله انتشاله من رفقة السوء، وتعريفه على الصالحين - فهذا حلٌّ عظيم.

الثالث: وعظه وتخويفه بالموت والنار، وبيان حرمة الخمر، وأنها من كبائر الذنوب، ويكون الوعظ تارة مباشرة، وتارة بمقطع وعظي مؤثر، وتارة بمشاهد تبين حال المخمورين المزرية، وتبيِّن أضراره الصحية.

رابعًا: بإمكانكِ الذهاب لأهلكِ، والتظاهر بطلب الطلاق، وليس الخلع ما لم يترك الخمر نهائيًّا، ويتعهد بذلك، ويكتب ذلك عليه، ويُشهد عليه.

خامسًا: لم تذكري شيئًا عن صلاته، والغالب أن مَن يُدمنون شرب الخمر؛ إما أن يكونوا تاركين للصلاة، أو متساهلين بها جدًّا.

إذًا لا بد أن يُعالج تفريطه في الصلاة أولًا؛ لأن تركها كفر عند جمع من العلماء، وعند هؤلاء لا يجوز للمسلمة البقاء مع زوجها تارك الصلاة لكُفْرِهِ، أما التساهل بها، فمعصية عظيمة، وكلٌّ منهما سببٌ لارتكاب المعاصي الأخرى؛ لأن الصلاة كما قال سبحانه: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [العنكبوت: 45].

سادسًا: يبدو أنه لا يجد محبة لكِ؛ بدليل سهره خارج البيت، ومطالبته لكِ بأن تطلبي الخلع، وأخشى أن يكون وراء هذا السهر ومطالبته بأن تطلبي الطلاق أمورٌ أخرى غير سوية.

سادسًا: عليكِ بأهم العلاجات الشرعية وأقواها أثرًا؛ وهي:
1- الدعاء.
2- الاستغفار.
3- الاسترجاع.
4- الصدقة.

سابعًا: إن استمر - بعد كل هذه الجهود - على شربه، وخشيتِ على نفسكِ، أو كان متساهلًا بالصلاة، ولا تُطيقين العيش معه، ولا تجدين أسس الحياة الزوجية السعيدة؛ وهي السكن والمودة، والرحمة والاستعفاف - فاستخيري ربكِ في أمركِ، ولن يُخيِّبَكِ الله سبحانه، وسيدلكِ على الصواب الذي فيه خير لكما.

فرَّج الله كربتكِ، وهدى زوجكِ.

وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.