ما لا يحتاج إليه العامي من الدرس الفقهي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         فواصل للمواضيع . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 28 - عددالزوار : 112 )           »          البشريات العشر الأولى للتائبين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          خواطرفي سبيل الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 35 - عددالزوار : 6920 )           »          قلبٌ وقلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 35 - عددالزوار : 6476 )           »          وتبقى الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 155 )           »          الإمام الأوزاعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          قولَ الحقِّ لم يدع لي صديقاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          الدعاء والذكر عند قراءة القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 74 )           »          صور من تأذي النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 25 - عددالزوار : 7288 )           »          سمك العنبر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-01-2023, 12:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,118
الدولة : Egypt
افتراضي ما لا يحتاج إليه العامي من الدرس الفقهي

ما لا يحتاج إليه العامي من الدرس الفقهي
شوقي عبدالله عبّاد


يلعب الدرس الفقهي دورًا عظيمًا في حياة المسلم قديمًا وحديثًا، وهذا من فضل الله على هذه الأُمَّة، وهو من باب حفظ الدين، والقائمون على هذه الدروس على خير عظيم؛ لأنهم داخلون في عموم قول الله تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت: 33]، وعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلُّون على مُعَلِّم الناس الخير))[1]، ومن هذا المنطلق، فإن العناية بالدرس الفقهي عمومًا من الواجبات الوقتية لخطاب الدعوة الإسلامية المعاصرة؛ وذلك لحاجة المسلمين لمثل هذه الدروس، كل المسلمين الرجال والنساء، والصغار والكبار، سواء كانوا في بلاد المسلمين أو خارجها، وقد ساعدت التقنية الحديثة على انتشار هذه الدروس بشكل أكبر مما مضى.

العناية بهذه الدروس تكون من عدة زوايا، أهمها- والتي نحن بصدد الحديث عنها هنا- هي زاوية محتوى الدرس الفقهي، وإعادة صياغة هذا المحتوى صياغةً تلائم احتياجات العصر، وهذا من صميم العمل في خدمة الدين.

إن إعادة صياغة محتوى الدرس الفقهي يتضمَّن أول ما يتضمن ربط الموضوعات الفقهية بواقع عامة الناس[2] وحياتهم، وضرب أمثلة وتشبيهات وأقيسة على أمور حياتية يعيشونها، والابتعاد قدر المستطاع عن أمثلة من واقع مضى وزمن انتهى، أو استعمال أقيسة لا يعرفها لا المستمع ولا حتى الأستاذ نفسه، وإنما يرد استعمالها بِناءً على الكتاب الفقهي المتناول أو المتن، ولعلي أضرب أمثلةً تفصيليةً حتى يتَّضِح المراد.

المسائل الفقهية المتعلقة بالرقيق (العبيد والإماء أو المكاتبة)، وهذه مسائل كثيرة تجدها مبثوثةً في أبواب الفقه المختلفة سواء كانت عبادات أو معاملات أو أنكحة أو جنايات أو مواريث (الفرائض)، هذه المسائل دُوِّنت في كتب الفقه الإسلامي في زمن كان الرِّقُّ موجودًا، والعبيد والإماء يُشْتَرَون ويُباعون ويُعتَقون ويُحَرَّرون، وجزى الله فقهاءنا خير الجزاء على هذا الإرث الكبير، أمَّا اليوم فليس للرِّقِّ وجود في الحياة، فالإسهاب في تفصيل هذه المسائل قد لا يفيد المستمع أو المشاهد.

إن أفضل وسائل حفظ العلم "العمل به"، وأنَّى لأحد أن يعمل بمثل هذه المسائل؟! حيث إن الجميع سواء المُعلِّم أو المُتعلِّم قد يُولَدون ويموتون دون العمل بشيء من هذا القبيل، والسبب هو عدم وجود الرِّقِّ في الوقت الحاضر؛ وعليه فالأَولى صرف الوقت في مسائل فقهية أخرى يحتاج إليها المسلم؛ كأحكام المعاصر من المعاملات المالية (وما يرتبط بها من أحكام الزكاة التي تعتبر أحد أركان الإسلام) والمعاملات الطبية وأحكام الأوبئة (وما يرتبط بها من أحكام العبادات والأنكحة)، وكذلك فقه الجاليات المسلمة والهجرة التي ارتفعت نسبتها في الآونة الأخيرة.

إن ما كان (معاملات معاصرة) قبل عقْد من الزمان قد لا يكون كذلك اليوم؛ لأن المستجدَّ في عالم الأعمال (Business) وعالم الطب والسياسة الشرعية يسير بوتيرة عالية بسبب التطور التقني الحادث، فقبل عدة سنوات تجد بعض الفقهاء كان يعقد درْسًا أو دورةً في المعاملات المالية المعاصرة، ومن يستمع لها في الوقت الراهن أو يشاهدها عبر مواقع التواصُل الاجتماعي، يرى أن ما تمَّ شرحُه من معاملات لم تعد تتسم بـ (المعاصرة) بل بـ (القِدَم) وهناك ما هو أحدث منها، خُذْ مثلًا أحكام الكمبيالات والشيكات التي كانت قبل عدة سنوات من ضمن المعاملات المالية المعاصرة؛ بل أحكام البطاقات الائتمانية، بينما في الوقت الحاضر تم تجاوُز هذا كله عبر العملات الرقمية أو البتكوين، وكذلك مسألة (الإيجار المنتهي بالتمليك) فقد استجد من صور لهذه المسألة لم تكن معروفة في السابق؛ مما قد يُؤثِّر على الحكم الشرعي حِلًّا وحُرْمةً، وقل مثل ذلك في أحكام ما يُسمَّى بـ (طفل الأنابيب) لاستحداث صور جديدة في التخصيب لم تكن موجودة في السابق، وهذه مجرد أمثلة يمكن القياس عليها، ومن العجائب أن ما ذكرناه هنا من أمثلة لمعاملات معاصرة لن تكون كذلك بعد فترة من الزمن.

ولا يَستدركنَّ علينا مُستدرِك بوجود أبحاث ودراسات في هذه المواضيع؛ لأن كلامنا هنا حول الدرس الفقهي لعامة الناس وتعليم أحكام الدين، فالمطلوب تعليم الناس أحكام المعاملات المرتبطة بحياتهم اليومية، ونشر تلك الأحكام وشرحها للجميع، حتى تكون العامة على بيِّنة من أمرها، وإذا وَجَدَ المعلم أو الشيخ أن هناك صعوبةً في تصوُّر هذه المسائل و"الحكم على الشيء فرعٌ من تصوُّره"، فعندئذٍ لا ضير أن يتمَّ الاكتفاء بنَشْر فتاوى العلماء الموثوقين أو المجامع الفقهية الموثوقة، في هذه القضايا مع صياغة الصعب منها ليسهل على المتعلمين والمشاهدين، فهذا أفضل من صرف أوقات في أبواب ليس لها وجود، ومثل موضوع الرِّقِّ مسائل الرضاع، فإن الإرضاع كان في وقت دعت الحاجة إليه، أمَّا اليوم فقد استغنى الكثير عنه بطرق أخرى، فالإسهاب في تفاصيل هذا الباب قد لا يكون ذا فائدة كبيرة للمستمع بالرغم من أن باب الرضاع لا يزال له وجود في بعض الأماكن مقارنة بالرِّق الذي ليس له وجود على وجه البسيطة، ووجود الرضاع في مكان ما قد لا يكون بسبب قلة ذات اليد؛ بل بسبب فوائده الصحية، وما برامج "تشجيع الرضاعة الطبيعية" وبرامج "التغذية التكميلية"[3] عنا ببعيدة، والحاصل أن الحاجة للتفصيل في الأحكام تكثر أو تقل (أو قد تنعدم) بحسب حاجة الناس إليها.

إن المسائل المتعلقة بالرقيق والإرضاع مجرد أمثلة، وإلا فإن أشباهها كثير ومعروف لدى مَنْ طالَعَ كتب الفقه بجميع المذاهب، ومع ذلك فإن هذه المسائل وما شابهها قد يُحتاج إليها في إحدى حالتين:
الأولى: الظرف الزماني أو المكاني: إذا وجدت حالات تستدعي الإرضاع فلا بُدَّ من شرح هذا الباب والتفصيل فيه حتى يعرف الناس في تلك البيئة حكم الإسلام فيما يمارسون من سلوكيات في هذا الجانب وما يدَعون، وهذا يشبه تفصيل الفقهاء فيما يتعلق بما يجزئ من الأضحية وما لا يجزئ، لحاجة عامة المسلمين في موسم عيد الأضحى لهذا الإسهاب، فإذا انتهى الموسم فالحاجة إلى هذه الأحكام تقلُّ أو تنعدم، قال الأزهري وهو من أئمة اللغة، وحديثه عن إجزاء الجذع من بهيمة الأنعام في الأضحية: "أما الجذع فإنه يختلف في أسنان الإبل والخيل والبقر والشاء، وينبغي أن يُفسَّر قول العرب فيه تفسيرًا مشبعًا لحاجة الناس إلى معرفته في أضاحيهم وصدقاتهم وغيرها"[4]؛ بل هناك مسائل داخل الموضوع الفقهي الواحد قد لا يحتاج إليها العامي، خذ مثلًا ما يتعلَّق بذكاة الجنين الميت بعد ذكاة أمه[5].

الثانية: قياس مسائل أخرى على ما في هذه المسائل (مثل قياس بنوك الحليب على الإرضاع الطبيعي)، وهذا ما لا يحتاج إليه العامة؛ بل طلبة العلم المتخصصون؛ لحاجتهم إلى إعمال القياس في مسائل فقهية بِناءً على ما ورد من نصوص في الرِّق أو الإرضاع، فيحتاجون إلى الاطِّلاع على ما خطَّتْه يَراعةُ الفقهاء في مثل هذه الأبواب.

وفي الأخير، فإن عدم صياغة المحتوى للدروس الفقهية المعاصرة، لن يؤدي إلى ضعف الملكة الفقهية فقط؛ بل إلى الجمود على أبواب ومتون فقهية، هذا الجمود -في حد ذاته- علة أخرى ينبغي على أهل العلم والدعوة أن يتفادَوا حدوثَها حتى لو كانت على مستوى العوام؛ لأن الجمود ومن صوره عدم صياغة محتوى فقهي مناسب للوقت الحاضر سيكون لا محالة عائقًا أمام انتشار التديُّن الصحيح، ناهيك عن عزوف محتمل من قبل العامة عن التفقُّه في الدين؛ لأنه لا يُتَوَقَّع من عامي يحضر الدرس بالمسجد أو يشاهده على قناة تليفزيونية أو حتى يستمع إليه، لا يُتَوقَّع منه أن يواصل التفقُّه في أحكام الدين فضلًا عن أن يطبق هذه الأحكام؛ ما دام يستمع لأحكام لا تمتُّ إلى حياته بصِلَةٍ.

[1] أخرجه الترمذي من حديث أبي أمامة.

[2] المقصود بالعامي في هذا المقال كل من لم يكن متخصصًا شرعيًّا، وبهذا يدخل فيه المتعلمون من أصحاب التخصصات العلمية الأخرى؛ كالهندسة والطب ونحوهما.

[3] الغذاء والتغذية: الكتاب الطبي الجامعي، منظمة الصحة العالمية، 2005، ص 119.

[4] لسان العرب (8/ 43).

[5] تنوير العينين بأحكام الأضاحي والعيدين، ص 567.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 52.73 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 51.06 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.17%)]