24-12-2022, 03:40 PM
|
|
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,282
الدولة :
|
|
الوحدة الدالة الدنيا أو المورفيم
الوحدة الدالة الدنيا أو المورفيم
أ.د. عبد الحميد النوري عبد الواحد
الفرق بين الوحدة الدالَّة والوحدة غير الدالَّة أنَّ الوحدة الأولى تحمل دلالة مفيدة، في حين أنَّ الوحدة الثانية هي وحدة غير دالّةَ، أو هي وحدة خالية من المعنى. والوحدة الدالَّة تشمل الأسماء والأفعال والصفات والظروف وغيرها. وأمّا الوحدة غير الدالَّة فتتمثَّل في الصوت أو الفونيم Phoneme الذي تتكوّن منه الكلمات، أو المفردات بجميع أنواعها.
والوحدة الدالّة الدنيا مثلما يوحي به اسمها هي أصغر الوحدات الدّالّة بإطلاق. ودلالتها قد لا تعبّر عن دلالة ذاتيّة من نحو ما نجده في الأسماء، أو الدلالة عن الحدث من نحو ما نجده في الأفعال. وإنّما هي تعبّر عن جملة من المقولات النحويّة والصرفيّة، وذلك من نحو التعريف والتنكير والجمع والإفراد، والتذكير والتأنيث، والمضارعة والمطاوعة والنفي والاستقبال وغيرها.
هذه الوحدات الدالّة الصغرى هي عبارة عن قرائن أو أمارات، تكون في الغالب لفظيّة تلحق الكلمة لتفيد معنى غير المعنى الموجود أصلا في الكلمة. ولتوضيح هذا لو أخذنا مثال الفعل المضارع "يكتبون"، لقلنا إنّ هذا الفعل يتكوّن من عدّة وحدات صغرى دالّة أو من عدّة مورفيمات Morphemes. وهذه الوحدات هي ياء المضارعة الدالة على المضارع، وواو الجمع التي هي ضمير متّصل ووظيفته فاعل، ونون المضارع المرفوع، هذا فضلاً عن المعنى المستفاد من الجذر أو الجذع "كتب".
هذه الوحدات هي ما تعبّر عنه اللسانيّات المعاصرة بالمورفيمات. والمورفيمات تنتمي إلى علم مخصوص هو المورفولوجيا Morphology. والمورفولوجيا لغة هي الشكل الظاهريّ أو الخارجيّ للأشياء، ومنها مورفولوجيا الإنسان، وتتعلّق بشكل الجسم والأطراف وشكل الجمجمة، ومنها مورفولوجيا القصّة أو الحكاية كالتي يتحدّث عنها بروب Propp في الحكاية الروسيّة.
والمورفولوجيا هي العلم الذي يقابل الصرف أو التصريف في تراثنا. وهو علم يهتمّ بدراسة أبنية الكلمات أو صيغها وتصاريفها واشتقاقاتها وتوليد الكلمات بعضها من بعض.
والمورفولوجيا تنقسم قسمين، قسم يتعلّق بالمورفولوجيا الاشتقاقيّة Derivational، من نحو اشتقاق كلمة من أخرى، كأن نتحدّث عن اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة مثلاً. وقسم يتعلّق بالمورفولوجيا الإعرابيّة Flexional، وهو يبحث في التغيّرات الطارئة على الكلمات أو الصيغ، كالحديث عن التكسير والتصغير والنسبة وغيرها.
وفي التحليل المورفولوجيّ قد لا يقتصر الأمر على المورفيمات التي أشرنا إليها، وإنّما قد يشمل كلّ الوحدات الدالّة. وذلك من نحو ما شاع عند بلومفيلد Bloomfield، الذي يقسّم المورفيم إلى نوعين، ألا وهما المورفيم الحرّ والمورفيم المقيّد. والمورفيم الحرّ هو ما يستقلّ بنفسه من نحو "قلم" و"كتاب" و"جَمَل"، وما شابه ذلك. وأمّا المورفيم المقيّد فهو المورفيم المتّصل الذي لا يجيء إلّا متّصلاً بغيره، سواء اتصالاً مباشراً أو غير مباشر، وذلك من نحو ما سبق أن أشرنا إليه.
والمورفيمات المتّصلة تلحق الكلمة في أوّلها أو في حشوها أو في طرفها. ويطلق علماء اللسان على النوع الأوّل السابقة Prefix، وذلك من نحو لام التعريف وسين الاستقبال ولام التأكيد وغيرها. ويطلقون على النوع الثاني الداخلة Infix، وذلك من نحو ياء التصغير وألف التكسير وتاء الافتعال وغيرها. وهم يطلقون على النوع الثالث اللاحقة Suffix، وذلك من نحو التاء والألف المقصورة في التأنيث وياء النسبة وغيرها. وهم يطلقون على هذه المورفيمات المختلفة مصطلح اللواصق Affixes.
ومن باب الملاحظة قد يكون المورفيم موجوداً بالفعل أو بالقوّة. وما هو موجود بالفعل فمن نحو ما ذكرنا، وما هو موجود بالقوّة، فهو من باب التقدير أو الافتراض، وذلك من نحو الضمير المستتر في الأفعال، أو علامة التنكير في الأسماء، أو البناء للفاعل في الأفعال وغيرها.
إنّ المورفولوجيا أو التحليل المورفولوجيّ لممّا يستفيد منه الصرف العربيّ أيّما استفادة لو تمّ توظيفه في معالجة مسائل الصرف، سواء تعلّق الأمر بتصريف الأسماء أو الأفعال، أو تعلّق بمجمل التغيّرات الطارئة على الكلمات.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|