|
ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() رثاء الشباب في الشعر محمد حمادة إمام بكاء الشباب، وتمني عودته، وذكرى التصابي بكى شعراء الأندلس الشباب، بعد أن حرمهم المشيب من متع الحياة، ومبهاجها، وقطع عنهم لذات الصبا وأطايبه، وحبسهم وحبس عنهم المحبب إليهم، فندبوا حينئذ أيامه الخوالي. وأخذوا في آهاتهم وتأوهاتهم، حتى ثابوا إلى رشدهم، وأيقنوا أن موت الشباب، هو المصير المحتوم للبشر أجمعين. جاءت صور رثاء الشباب متقاربة في الصور الكلية، متفاوته فيما تحوي من صور جزئية، وأساليب، أو طرائق التعبير عنها، كل حسب ثقافته، ومدى نهله من حسناته وسيئاته. يقول أبو عمرو بن العلاء: ما بكت العرب شيئًا ما بكت الشباب، وما بلغت ما يستحقه وقال الأصمعي: أحسن أنماط الشعر المراثي، والبكاء على الشباب. وقال عبد الله بن عباس: " الدنيا العافية والشباب الصحة.. "[1] يرى البشر أن الشباب عنوان الصحة، ودليل الفتوة، والقوة النفسية والعقلية والبدنية. فإذا ما بان - بلا رجعة - كانت صور رثائه تفطر لوعة، وتفيض حسرة وأسى. قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ما شبهت الشباب إلا بشيء كان في كمي فسقط. قال الشاعر: [2] [من الكامل] شَيْئان لو بَكَتْ الدماءَ عليهما ![]() عَيْنَاكَ حَتّى يُؤْذنَا بذَهابِ ![]() لم يَبْلُغَا المِعْشارَ من حَقَّيْهما ![]() فَقْدُ الشَّبابِ وفُرْقَةُ الأَحْبابِ ![]() وهذا ابن عبد ربه - وكان خدن الصبا وإلفه - يبكي شبابا، ودعه وداعا بقيت منه بعض توابعه وآثاره مصورا أيام لهوه وتصابيه، فيقول: [3] [من المنسرح] كُنْتُ أليفَ الصِّبا فَوَدّعَني ![]() وَدَاعَ مَنْ بَانَ غَيْرَ مُنْصرِفِ ![]() أيّام لَهْوي كظلِّ إِسْحلةٍ ![]() وذا شبابي كرَوْضةٍ أُنُفِ [4] ![]() شبه ابن عبد ربه، أيام لهوه بظل شجر يستاك به، أو يتخذ منه الرحل، في سرعة التبدد والانقشاع، وعدم الدوام، وشبابه بالروضة التي لم ترع، وفي هذا، يكشف عن أنه لم يستمتع بشبابه، كما كان يشتهي، وهو من رائع الخيال. وها هو - أيضًا - في موطن آخر، يشبه العيش في الشباب بظل الغمام واللهو فيه بطيف المنام، فيقول: [5] [من الكامل] قالوا شبابك قد مضت أيامه ![]() بالعيش قُلْتُ: وَقَدْ مَضَتْ أيّامي ![]() لله! أيّةُ نِعْمةٍ كَان الصِّبا ![]() لو أَنّها وُصِلَتْ بِطُولِ دَوَامِ ![]() حَسَرَ المَشِيُب قناعه عن رأسه ![]() وصَحَا العَوَاذلُ بَعْدَ طُولِ مَلاَمِ ![]() فكأنّ ذاكَ العيشَ ظِلُّ غَمَامةٍ ![]() وكأنَّ ذَاكَ اللهوَ طَيْفُ مَنَامِ ![]() يوحي هذا التصوير بحبه للشباب، ويوضح تحسره على فراقه، وضيقه بالمشيب، الذي أيقظ العواذل، وفيه - كذلك - بيان بقصر أيام المتعة والسرور متمنيا دوامها، متعجبا من سرعة زوالها. ومعاني هذه الأبيات، تضاهي معاني بيتين، لأحد الأعراب، يندب فيهما أيام الشباب، متعجبا من قصرها. فيقول: [6] [من الكامل] لله أيّامُ الشباب وعَصْرُه ![]() لَوْ يُسْتَعارُ جديده فَيُعارُ ![]() ما كانَ أَقْصَرَ لَيْلَهُ ونَهَارَه ![]() وكذاكَ أيّامُ السُّرورِ قِصَارُ ![]() يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |