شيطان الجشع - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5022 - عددالزوار : 2159979 )           »          كتاب الصيام والحج من الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 27 - عددالزوار : 39 )           »          شوقًا لغزة! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4602 - عددالزوار : 1440630 )           »          مرصد الأحداث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          الطوفان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          ظاهرة «عصابة أبو شباب»: حين يُولَد «الاستثناء» من قلب الفوضى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          الجهاد فريضة ماضية المنظور الشرعي للمقاومة في فلسطين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          جهاد الدَّفع بين التأصيل الفقهي والتجسيد الفلسطيني في غزة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          استشراف حرب الإبادة في قطاع غزة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-11-2022, 03:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,487
الدولة : Egypt
افتراضي شيطان الجشع

شيطان الجشع

لبنى شرف









عِشق المال بلاءٌ يذهَب بالعقول، الكل يركُض خلف المال فاغرًا فاه الذي لا يملؤه إلا الترابُ؛ يريد أن يلتهم الدنيا التهامًا، فلا عين تشبع، ولا نفس تقنع.





يقول أبو الحسن الندوي: "تضخَّمت معدة الحرص في الإنسان؛ حتى صارت لا يُشبِعها مقدارٌ من المال، وتولد في الناس غليلٌ لا يُروى، وأُوار لا يشفى، وأصبح كل واحد يحمل في قلبه جهنم لا تزال تبتلع وتستزيد، ولا تزال تنادي: هل من مزيد؟ هل من مزيد؟"؛ ["ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟" 212].





مالٌ يميل إليه المَرءُ من صغرٍ

وكلما شبَّ شبَّ الحبُّ في الكبِدِ


لو يجمع اللهُ ما في الأرض قاطبةً

عند امرئٍ لم يقلْ: حسبي فلا تزِدِ








المعاملات المالية، والنظريات الاقتصادية التي وضعها البشر، توحي بأن المال هو الرُّوح السارية في الجسم والمجتمع، والحافزُ الأكبر على العمل، وأن الهمَّ الأكبر هو إنشاء المشروعات الأكثر ربحًا، لا الأكثر نفعًا، سواء أكانت مشروعات غذائية، أم دوائية، أم صناعيةً، أم تعليمية، أم عقارية... إلخ؛ بل وحتى مراكز استشارية، أو تدريبية.





تفتَّقت أذهانهم عن شيء اسمه: "نظام المرابحة"، لا أراه سوى نظامٍ يعكس مدى جشع البشر في استغلال حاجاتِ الناس للحصول على ربح مضمونٍ دون جهد أو عناء، وليست الغاية منه التيسير أو التخفيف؛ فإن احتاج شخصٌ شراءَ شيء من أصول المعاش والحاجات ولم يستطع دفع الثمن، قسَّطوه عليه مع زيادة تختلف بحسب جشع البائع؛ أما إن كان يملك دفع الثمن كاملًا، دفعه دون زيادة، وكأنه نظام يكافئ الغنيَّ ويعاقب الفقير، ومع هذا يتهافت الناس على الشراء بنظام المرابحة؛ حتى وإن كان ما يرغبون في شرائه من زخارف الدنيا والكماليات وفضول الحياة، ويُثقلون كواهلهم بالأقساط مدى الزمان.





سمعت امرأة - أظنها أرملةً - ذات مرة تقول: إنها ما لجأت طَوالَ حياتها إلى الشراء بالتقسيط بنظام المرابحة؛ فإن كان معها مالٌ اشتَرَت، وإلا صبرت حتى ييسِّر الله لها، وقد تمكَّنت بفضل الله من امتلاك بيتٍ يأويها وأولادَها.





كم من الناس مَن هم على شاكلة هذه المرأة؟ وكم من الناس من يقنع بالبساطة في المعيشة، وتحمُّل شيء من متاعب ومشاقِّ الحياة؛ لكيلا يدع أحدًا يستغله بجشعه؟





رأيت القناعةَ رأسَ الغِنى

فصِرْت بأذيالها ممتسكْ


فلا ذا يراني على بابه

ولا ذا يراني به منهمكْ


فصرت غنيًّا بلا درهمٍ

أمُرُّ على الناس شِبْه المَلِكْ








كم يضيق الناس، ويشقُّ بعضُهم على بعض من أجل هذا المال الذي أعمى البصائر، وأمات الضمائر! وكم انكشفت في المال دعاوى الوَرَع! وكم موطنٍ كشفت فيه الفلوس معادن النفوس!





إن قلَّ مالي فلا خِلٌّ يصاحبني

وفي الزيادة كلُّ الناس خِلَّاني


كم من عَدُوٍّ لأجل المال صاحَبَني

وكم صديقٍ لفقد المالِ عاداني!








عندما اخترعوا تأجيل شيء من المهر، ماذا كانت غايتهم من ذلك؟ ولماذا لم يقنعوا بما دفعه الخاطب من مهرٍ معجَّل، وألزموه بمهر مؤجَّل يدفعه ولو بعد حين! على كل حال فقد أرضى هذا الاختراعُ جشعَ البَشَر؛ فجعلوا المَهر مهرين منفصلين: المهر المعجَّل (أي: المقدَّم) شيء، والمهر المؤجَّل (أي: المؤخَّر) شيء آخر، وجعلوا الصَّدَاق الذي هو عربون مودَّة ومحبَّة، وفيه معنى الصدق والصداقة، جعلوه بجشعهم وكأنه عربون شراء سلعة من السلع، أو ثمن يدفع في صفقة تجارية.





وبلغ الجشعُ بإخوة لم يرحموا ضعفَ أختهم وفقرَها أن يتركوها تعيش من أموال الزكاة بعد أن حرَموها من حقِّها في ميراث أبيها، وقَصص أكلِ حقِّ النساء والأيتام والصغار في الميراث لا تُحصى، بعد أن غارت التَّقوى في القلوب، وسكن شيطانُ الجشع النفوس.





المال يفْرِق بين الأمِّ والولد

فذاك أدنى نسيبٍ عند كلِّ يدِ


عهدي به خادمًا كالعبد نَملِكُه

فما لعينِي تراه سيدَ البلدِ؟








في حديثي مع إحداهن عن مشروعٍ كانت تريد البَدْءَ به، وجدت أن جلَّ اهتمامِها كان منصبًّا على ما سيدره عليها من مال، وما ستجنيه من أرباح، فقلت لها: ولماذا لا تنوين نفعَ الناسِ أيضًا من وراء هذا المشروع؟ وقد كانت تنوي صناعة الصابون، وهو سلعة يحتاجها كلُّ إنسان، ولكن يبدو أن المال الذي يدغدغ العواطف، ويزغلل الأبصار قد صار غاية الغايات، ومنتهى الآمال، ومبلغ السعادة في هذه الحياة.





وحتى المِهن الإنسانية لم تسلَم من جشع البشر؛ فما أكثرَ الذين يعملون في مجال الطبابة ممن لا هَمَّ لهم سوى جَنْيِ الدراهم، وهي على قلوبهم كالمراهم، وأما راحة الناس من الأوجاع، ورحمتهم من الآلام، وشفاؤهم من الأسقام، فلا يشغل بالَهم؛ فالمهم عندهم أن تمتلئ جيوبُهم، ولو افتقر المرْضى، أو ماتوا من الوجع والمرض، ويبدو أننا بحاجة في هذا الزمان إلى البحث عن الطبِّ النبيل لا البديل، ورحم الله الطبيبَ الذي قال: اللهم الأجرَ قبل الأجرة؛ فلله درُّه ما أزكى نفسَه، وما أنبل خُلُقَه!





ولله در أصحاب المروءات! من لا ينسون من عطاء الله أهلَ الفاقة والحاجات.






ملأتُ يدي من الدنيا مرارًا

فما طمع العواذلُ في اقتصادي


ولا وجبت عليَّ زكاةُ مالٍ

وهل تجِبُ الزكاةُ على جَوَادِ؟


بذَرْت المالَ في أرض العطايا

فأصبحَت المكارمُ مِن حصادي


ولو نِلْتُ الذي يهواه قلبي

لوسَّعْتُ المعاشَ على العبادِ






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 55.39 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 53.73 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.01%)]