ولكنه أخلد إلى الأرض - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 730 - عددالزوار : 201970 )           »          تحت العشرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 112 - عددالزوار : 53014 )           »          فضل الصلاة على النبي – صلى الله عليه وسلم – (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          تمكين الصغار من مس المصحف والقراءة منه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          فضل صلاة الضحى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 468 - عددالزوار : 147722 )           »          وما خرفة الجنة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          تحريم صرف الخشية لغير الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          أوقات إجابة الدعاء والذين يستجاب دعاؤهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          وما المفردون؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16-09-2022, 02:55 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,741
الدولة : Egypt
افتراضي ولكنه أخلد إلى الأرض

ولكنه أخلد إلى الأرض
عبدالحكيم فرحي
















قال لي بنبرةٍ متقطعة وهو يُغالبه البكاءُ: كنت آمنًا في سِربي، مطمئنًّا في عيشي، يأتيني رزقي رغدًا بإذن ربي، وبينما أنا في زحمة هذه الحياة، إذ طرَق مسامعي خبرٌ غيَّر مسارَها، وقلَبها رأسًا على عقب، فما كان هذا الأمر موضعَ تفكيرٍ أو تخمينٍ حتى في الأحلام، فما بالك أن تسمع وترى ذلك عِيانًا؟! انقلَبت الموازين، وصِرت مُشتَّتَ الذهن، ضعيفَ القوى، خائر الأنفاس، أُحاول جمعها، لكن عبثًا تعود لسالف عهدها، فتتفرَّق شذَرَ مذَرَ، أتحسَّسُ: هل أنا في حُلم، أم أنا الحلم نفسه؟ فأَجزِم قطعًا أني لستُ في حلمٍ، بل أسمع وأرى هذا الواقع المرير، وهذا الرسول الذي قد ندَب جلَّادًا صلفًا جِلْفًا، يُلهب ظهري بالسوط، لا يكفُّ عن الضرب، لا يَتعب، لا يَفتُر، لا ينام، أيُّ جسم هذا؟! كأنه جاء من قوم عاد أو قوم ثمود، كيف لظهرٍ هزيلٍ؛ كساقِ نَبتة الشعير لا تَقوى على الوقوف في وجه نسيمٍ عليل - أن تنهالَ عليه رياحُ السِّياط بُكرةً وعَشيًّا؟! لا أَملِك أمرَ نفسي؛ فهي في يد الجلَّاد!







رأيته وقد نحَتتِ العَبرات في خده طريقًا، وأبَتْ إلا أن تعبر رغمًا عن أنفه، ثم تصاعَدت تنهيدات عميقة تُنبئ عن ألَمٍ منقطع النظير، قلت له: ثم ماذا حَلَّ بك بعدُ؟!







قال بعد أن مسح العَبرات من خده:



تمضي الأيام - بل الشهور - متباطئةَ السير، شديدة العقاب، فنفسي القديمة وَدَّعْتُها ولوَّحت لها من بعيد، وأنا أَذوب وأحترق كالشمعة في جُنح الظلام، تركتُها حتى لا تُعَذَّبَ وتُقتل مرتين، أَعيش في حيرة وقلق مستمرين، أَتيه بفكري في عوالِمَ لا حدودَ لها، أَنوي الرجوع، فتَضيع مني الطريق المرة تِلو الأخرى، يظهر لي بصيصٌ من النور، فأتنفس الصُّعَداء، لكنني أشعر بهذا النَّفَس المتصاعد يُمزِّق قلبي شِلوًا شِلوًا، نار الحزن تَفتك بي، ودائي عظيم، وألمي دَفين، لكن حسبُك بريح خفيفة تُعَرِّيه، فأَزداد لَوعةً واحتراقًا، وضيقًا واختناقًا، ما ألِفتُ مثل هذه الأخبار التي تنزل عليَّ كالصاعقة، فتَحرق كلَّ نابتة، أو كبُركانٍ ثائرٍ لا يُبقي ولا يَذَر!







يا سيدي، حدَّثتُك وناجيتُك، وأَسررتُ لك بكل ما يقضُّ مَضجعي، فلا تبخلْ عليَّ وكنْ لي ناصحًا أمينًا.



ربَّتُّ على كتفه وقلت له: ما أقسى ما نزل! وما أفظع ما لاقيتَ! لكن استعنْ بالصبر، وحاوِل أن تنسى ما وَسِعَك ذلك!







قال لي: يا سيدي، كيف أنسى وهذا الصوت يرن في أُذني كل وقتٍ وحين؟! كيف أنسى ونفسي تَشرذمتْ وضاعت منها بُوصلة الأمل؟! كيف أنسى وهذا الجُرح لا يريد أن يَندمل؟! كيف تريدني أن أَصنع بشبحٍ يطاردني صبحًا وعشيًّا، بُكرة وأصيلًا، لا يتركني لحظة، ولا يَفتُر عني غَمضة، يُرافقني كالظل أينما حَللتُ وارتَحلتُ؟!







قلت له وأنا أضع كلتا يدي على كتفه: لا تنظر إلى الوراء حيث ظلمة الليل، ولكن ارقُبْ نور الفجر، هذا النور الذي يُبدد ظلام الليل البهيم، هذا النور الذي يرسُم معالم الطريق، هذا النور الذي يُمِدُّكَ بإكسير الحياة، فتعيش سعيدًا بعد أن كنتَ في مستنقع التعاسة البئيس، فَقُمْ ووَارِ الثَّرَى على ما أَلَمَّ بِكَ بعد أن تُحنِّطَه وتُكبِّر عليه أربعًا!







قال لي - وقد طأطأ رأسه، ولم يَقْوَ على رفْعه -: يا سيدي، إن نفسي تَضيق ولا قِبَل لي بما قلتَ، فأنا تفلَّتَ من قاموسي شيءٌ اسمه الحياة، وصِرتُ أطلبُ الموت والخلاص لِما أُكابده، أرقُب الثواني، وأنتظر متى تكون ساعة الحسم!







مكثتُ معه وقتًا طويلًا أنصَحه وأرشده، وأحْنو عليه، وأُطيِّب خاطره، وأَنثُر بذور الأمل في أرضه، لكنها قاحلة، حاولتُ أن أَرفَعه؛ حتى يرقُب الحياة بمنظارٍ آخرَ، ولكنه أخلَد إلى الأرض!





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 47.49 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.82 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.51%)]