خضاب الشيب - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 590 - عددالزوار : 333971 )           »          اكتشف الأسباب الخفية وراء انتفاخ البطن! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          الكافيين: فوائده، أضراره، والكمية الآمنة للاستهلاك يوميًا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          التعايش مع اضطراب ثنائي القطب: دليلك لحياة متوازنة! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          7 أطعمة تقوي العظام! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          نصائح بعد خرم الأذن: دليلك الشامل للتعافي بسرعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          ما هي فوائد التبرع بالدم؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          متى يكون فقدان الوزن خطير؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          7أفكار لوجبات خفيفة للأطفال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          أضرار مشروبات الطاقة: حقائق صادمة! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-09-2022, 01:01 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,340
الدولة : Egypt
افتراضي خضاب الشيب

خضاب الشيب
محمد حمادة إمام




من عادات جل البشر - إن لم يكونوا جميعًا - أن يميلوا إلى إخفاء ما يعكر صفو حياتهم، ويكشف عيوبهم، وخاصة معالم الشيب التي تفننوا في العمل على إخفائها، وإخفاء الشيب؛ إما بنتفه، أو بخضابه، أو بغيرهما، وقد ورد النهي عن نتف الشيب على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تنتفوا الشيب؛ ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كانت له نورًا يوم القيامة..) [1].

أما الخضاب، فمن الناس من يلجأ إليه حفاظًا على ود الغواني، خاصة إذا كان مولعًا بهن، شغوفًا بأحاديثهن، فهو لا يود رؤية بِساطه الأخضر خلقًا باليًا، وزرعه حطامًا.

وقد يكون الخضاب اتباعًا لرخصة النبي صلى الله عليه وسلم فيه، فعن أنس ابن مالك رضي الله عنه قال: (يُكره أن ينتف الرجل الشعرة البيضاء من رأسه، ولحيته، قال: ولم يختضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما كان البياض في عَنفقته، وفي الصدغين، وفي الرأس نبذ" [2].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (إن اليهود والنصارى لا يصبغون، فخالفوهم) [3].

وورد أن مالك بن أسماء بن خارجة قال لجاريته: قومي اخضبي رأسي ولحيتي، فقالت: دعني، قد أعييت بما أرقعك، فقال مالك بن أسماء: من البسيط [4]:
عَيَّرتِني خَلقًا أبليتُ جِدَّتَه ♦♦♦ وهل رَأَيْتِ جديدًا لم يَعُدْ خَلقَا


وفي هذا يقول القائل: [5] [من الوافر]
وقائلةٍ تَقُولَ وقد رَأَتنْي
أرقعُ عَارِضي مِنَ القَتير[6]

عَليكَ الخِطْرَ عَلك أَنْ تُدني
إلى بِيضٍ تَرائبهُنَّ حُور[7]

فقلتُ لها: المشيب نذير عُمري
ولَسْتُ مُسَوِّدًا وَجْهَ النَّذيرِ



وهذا يحيى بن عبدالملك بن هزيل [8]، يعلل لخضابه بتعليل حسن أمام منكرته، [9] [من الكامل]:
لَما رَأَتْ شَعْري تَغَيَّر لونُه
وَرَأَتْه مُحْتجبًا وَرَاءَ حجابِ

قالت: خَضَبْتَ؟! فَقُلْتُ: شيبي إنَّما
لَبِسَ الحِدادَ عَلى ذَهاب شَبابي



ينكر ويُعاب على الشاعر خضاب شيبه، فيجيب بأن الرأس لبس هذا الصبغ حدادًا على فقد الشباب، تبعًا لعادة الأندلسيين في لبس البياض في الحداد.
وهذا ابن حمديس ينفر من الخضاب نفور الغواني من المشيب، فالخضاب يشعل نار غضبه، ويدمل جُرحه، إنه عيب على عيب، ولن يجني منه الربح، أو يرد عليه ما سلبه منه، فيقول: [10] [من الخفيف]
خل شيبي فَلَسْتُ أُدْمِلُ جُرْحًا ♦♦♦ بخضابٍ مِنْهُ فيَنغر جُرْحِي [11]

إلى أن يقول:
صبغةَ الله لَسْتُ أستر مِنْها
بيدي في القَذَال قُبْحًا بِقُبْحِ

كم مُعنى منه وكم من غريب
بالليالي ما بَيْنَ قَوْلٍ وشَرْحِ

وكأن الخِضَابَ دُهْمةُ لَيْل
تحتها للمشيب غُرَّةُ صُبْحِ


أبيات تدعو إلى اغتنام العمر قبل فوات الأوان، وتكشف عن عزوف الشاعر عن الخضاب، إذ إنه بالنسبة له عيب يظهر عيب الشيب الذي هو صبغة الله، التي يأبى سترها بخضاب، وهو من معنى قوله تعالى: ﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ ﴾ [البقرة: 138]، وفي الختام يجعل الخضاب ظلمة ليل تستر وتغطي غرة صبح المشيب، وهذا بيان برضاه عنه، وتكيُّفه معه، وفي موطن آخر يؤكد معنى البيت الأخير [12]، ومثل هذا المعنى عند مالك بن المرحل [13]، وابن الخطيب [14].


نُدرك مما سبق نفور بني آدم من الشيب، وتجهُّمهم لوجهه، ظنًّا منهم أنه نذير الموت، ودليل الفوت، وسبيل الهموم إلى النفس، ومنفر الغواني؛ مما حدا بكثير من الشيب إلى الخضاب، طمعًا في وصل الحسان، واستردادًا لذكرى الشباب، وعبق التصابي، ومع هذا فقد أبى كثير منهم ستر نوره بزور الخضاب، فبياضه صبغة الله التي لا تعد لها صبغة.


[1] انظر عون المعبود، برقم 4196، ص. ج. للألباني برقم 7463.

[2] انظر صحيح البخاري برقم 5444، 5448، صحيح مسلم بشرح النووي برقم 2341، العقد الفريد، ح3/49.

[3] انظر المراجع السابقة وأرقامها.

[4] الأخير، ح 3 / 49.

[5] انظر العقد الفريد، ح 3 / 51.

[6] القتير: رؤوس مسامير حلق الدروع، يشبه به الشيب إذا نقب في سواد الشعر، اللسان " ق.ت. ر.".

[7] " الخطر": نبات يختضب به سوادًا؛ اللسان " خ. ط. ر. ".

[8] هو " يحيى بن هزيل، أبو بكر، من أهل العلم والأدب والشعر، غلب عليه الشعر، فصار من المشهورين، وقد سمع الحديث من أحمد بن غالب وغيره، مات وهو ابن ست وثمانين، سنة خمس، أو ست، وثمانين وثلاثمائة، وكان مولده سنة خمس وثلاثمائة، وكان قد بلغ من الأدب والشعر مبلغًا مشهورًا"؛ انظر جذوة المقتبس، ص 381، 382 برقم 908، بغية الملتمس، ص 509، 510 برقم1496، معجم الشعراء الأندلسيين، ص465.

[9] التشبيهات من أشعار أهل الأندلس، ص 14، 15.

[10] ديوان ابن حمديس، ص 107.

[11] نغر عليه نغرًا، ونغر ينغر نغرانًا، وتنغر: غلى وغضب، اللسان " ن. غ. ر. ".

[12] انظر ديوانه، ص 3، وله في ص 540 أبيات يتمنى فيها وصل غانيته المخضبة بالسواد التي ترى الشيب عيبًا، منها:
من لي بطيب الوصل من غادة
وهي كعاب عندها الشيب عاب

تسود الحناء في كفها
عشقًا لمسود عذار الشباب


[13] انظر السحر والشعر؛ لابن الخطيب، ص 211، 212، والإحاطة، ح 3 / 316.

[14] انظر الصيب والجهام، ص 445، والإحاطة، ح 4 / 523، أولها:
سَرَقَ الدهْرُ شبابي من يدي ♦♦♦ ففؤادي مُشِعرٌ بالكَمَدِ





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 54.84 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 53.17 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.04%)]