متزوج من خمسة أشهر، وأريد الطلاق

[ابوالوليد المسلم]

متزوج من خمسة أشهر، وأريد الطلاق
أ. يمنى زكريا



السؤال:
أنا في أوائل الثلاثينيَّات، وأكبر زوجتي بعشر سنين، تزوَّجتُ منذ 5 أشهر (زواج صالونات) كما يُقال، وزوجتي مِن قرية ريفية، ولذلك اخترتها؛ لأن الريف لديهم الأصول والمبادئ!

لم نتكلَّمْ كثيرًا وقت الخطبة؛ نظرًا لعاداتهم، ولم نتفاهمْ وقتها، وفي المحادثات الهاتفية كانتْ تحدثُ المشاكل، والخِصام، وعدم التفاهُم.

وذات مرة سافرتُ إلى بلدتها أيام الخطبة، فلم ترضَ أن تقابلني، وجلستُ مع والديها، وقد اعتذرَا كثيرًا عن عدم استقبالها لي؛ لأنها مُتعَبة، وغاضبة، وحسَّاسة قليلًا.

رجعتُ إلى البيت، وفكَّرتُ في هذا الموقف، ولكني لم أتخذْ مَوْقفًا ساعتَها، وهذه أول أخطائي!

أنا أعلم المشكلة منذ أول أسبوع في الزواج؛ فهي متسلِّطة، وتريد فرضَ شخصيتها بطرقٍ بدائية وواضحة، وقد سبَّتني بوالدي، وأظهرتْ أنها مجنونة، وستُشعل النار في البيت، ووسوف تُكَسِّر أي شيء أمامها، وتركتِ البيتَ في أول أسبوع، وذهبتْ لأهلها، ثم أرجعها أخوها!

كنتُ مَصْدومًا جدًّا، فهل هذه هي الأخلاق التي تركتُ مِن أجْلِها بنات الحَضَر، وذهبتُ للريف؟! ولكن الحمد لله على كلِّ حال.

المهم صدقتُ أنها عصبية ومجنونة في بادئ الأمر، ولكني كل يوم في مشاكل، كانتْ تُخطِئ فيَّ، وكل مرة تفتح الباب، وتنزل، ويُشاهدني الناس والأهل؛ لأني أعيش في بيت العائلة، وتقول لي: طلقني، أرجعني إلى أهلي، أكرهك! وكلامًا جارحًا في رجولتي!

وذات مرة - بعد حوالى شهر - قلتُ لها: ارجعي إلى أهلِك؛ فإني سوف أطلِّقك، فأنتِ أسوأ امرأةٍ في الوجود، فوجدتُها تغيَّرتْ 180 درجة، وأَتَتْ تُقَبِّل على رأسي، وتقول لي: اعملْ ما تريده فيَّ!

لم يحدثْ جديد، كل يومين تحدث مشكلة، وتتصل بوالدي المُسن، وتشكو له أمورًا تافهة؛ لأنها تعلم أنه ساعَدَني في الزواج، وله كلمة عليَّ، مع أنها هي المخطئة، إلَّا أن والدي يجعلني أُقَبِّل رأسها!

عملي كله مُعتَمِد على السفر، قد يكون يومًا، أو أكثر من ذلك، متنقلًا بين المحافظات، وهي لا يهمها أن تصحوَ لتحضرَ لي الإفطار، ولا أن تقول لي: "مع السلامة"، وقد فعلتْ ذلك بضع مرَّات بعد رجاء كبير، كما أنها لا تهتم بنظافة البيت، ولا أي شيء سِوى المسلسلات، والأكل، والنوم! وأنا أقول: ليس مهمًّا؛ فهي امرأة كسول، والله يصبِّرني على ذلك.

سافرتُ 4 أيام، وكالعادة سافرتُ ونحن متشاحنانِ، ولما رجعتُ وجدتُها عابسةً، ولا تريد أن تعملَ لي أي شيء، وهذه عادتُها عندما تكون غاضبةً تُعاقبني بعدم خِدمتي في أيِّ شيء، حتى الأكل والشرب، وكانت تنام في غرفة أخرى!

هي كسول منذ أول الزواج، وحتى طلبات البيت، كنتُ أنا مَن يشتريها! وبعد مُعاناة طويلة فهمتُ أنها ليستْ مجنونةً، ولا عصبية، وهي تمثِّل ذلك لأَجْلِ أن تتسلَّط عليَّ؛ لأنها مُعقَّدة مِن أبيها المسيطر على أمِّها جدًّا، واكتشفتُ أن أخواتها يُسَيْطِرْنَ سيطرة تامة على أزواجهنَّ!

فكرتُ جديًّا في الطلاق إن لم ترجعْ عمَّا هي فيه؛ لأنها تحتاج مَوْقفًا يهزُّ كيانها!

تركتِ البيتَ منذ أسبوع وهي عند أهلها، ووالدي يضغط عليَّ حتى أرجعها إلى البيت لأنها حامل، وأنا لا أريد ذلك، حاولتُ أنْ أتَّصل بها لأرجعها، لكنها أغلقتْ هاتفها، وتحاول كسري لأذهب أنا لأعيدها، فما التصرف السليم في موقفي هذا؟

وشكرًا لكم.


الجواب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أيها الأخ الفاضل، نُرحِّب بك في شبكة الألوكة، ونسأل الله أن يمنَّ عليك بالاستقرار الأُسْري، وأن يقرَّ عينيك بزوجتك وابنك القادم - إن شاء الله.

أخي الفاضل، سأُحاول أن أكون حياديَّة قدْر المُستطاع؛ لأنَّ صاحب المشكلة غالبًا ما يُركِّز على عيوب وسلبيات الطرف الآخر، ويجب أن أكون كذلك؛ لأني لا أسمع إلا مِن طرفٍ واحدٍ، فسامحني، ولا تغضب مني!

أخي الكريم، دعنا نُحَلِّل الموقف بأن نعطي مثالًا: فالإنسانُ عندما يريد أن يخرجَ في رحلةٍ لبضعة أيام، يُرتِّب لها جيدًا، ويدرس الطريق، ويبحث عنْ وسيلة الانتقال المناسبة، ويجهِّز مُستلزماته، ويكتب أغراضه التي يحتاجها؛ حتى لا ينسى شيئًا، فكيف الحال إذا أراد أن يتزوَّج؟! أليستْ زوجتك هي أم أبنائك؟ فكيف يكون اختيارُك لأم أبنائك؟! فالزواجُ هو رحلة العمر التي تمتد - بإذن الله - إلى نهاية العمر.

أنتَ ذكرتَ أنكما متزوجانِ منذ خمسةِ أشهر فقط! وحدث هذا الكمُّ مِن الخلافات والمشاحنات بينك وبين زوجتك، وصلتْ إلى تركها البيت وهي حامل، وذهبت إلى أهلها!

مع كلِّ هذا ما علينا إلا قول: (قدَّر الله وما شاء فعل)، ولكني أطلب منك أن:
• تجلس مع نفسك جلسة صادقة، تُحَكِّم فيها عقلَك وضميرك، وأيضًا قلبك، وتكتب أخطاءك مع زوجتك بصِدْقٍ، واكتب أيضًا حسناتها وسلبياتها.

• ثم ضَعْ خطوات عمليَّة وجادَّة لإصلاح عيوبك.

• ثم أدعوك أن تتصلَ بزوجتك مرة أخرى، وتُحاول أن تصل إليها، وتتناقش معها دون تدخُّل الأهل؛ حتى لا تتضخمَ المشاكلُ، وتحدَّث معها عن مستقبل ابنكما، وكم سيُعاني إذا تشتَّت الأسرةُ، وأن الأبناء أمانة؛ كما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته))!

• أن تجعلَ حِلمك وصبرك يسبقُ غضبك عند مُناقشتك لها، وتذكَّر معها الذكريات الجميلة بينكما، وتعاهَدَا على فتْحِ صفحةٍ جديدةٍ ناصعة البياض والإشراق - إن شاء الله، وحدِّدا معًا الخطوط العريضة لمستقبل أسرتكما، وكنْ لها حبيبًا ومُخلصًا وبشوشًا في وجهها.

• تذكَّر أن اختلافَ البيئات والجذور يُؤدِّي إلى اختلافات كثيرةٍ في وجهات النظر، ومن الصعب أن يندمجَ الإنسان اندماجًا كليًّا في مجتمع آخر بسهولةٍ؛ فحاولْ أن تحتويَها.

• ولا تنسَ أبدًا الدعاء، والتضرُّع إلى الله أن يُصلِح لك زوجك، وأن يجمعكما على خير، وابتعدْ عن المعاصي، وأكثر مِن الاستغفار.

• ولتعلمْ كل زوجةٍ أن الله تعالى جعل القوامة بيدِ الرجل؛ كما قال تعالى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ﴾ [النساء: 34]، وأَمَرها بأن تُطيعَه، وتتقي الله فيه، وتُحسن التبعُّل، كما نوصي الزوج بألَّا يُقابل إساءتها بإساءةٍ أخرى؛ فقد قال الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: ((استوصوا بالنساء خيرًا)).

• وأحبُّ أن ألمحَ هنا - أخي الفاضل - إلى أن ذَهابك إليها والتحدُّث معها لا ينقص مِن قدْرِك، ولا كرامتك، ولا رجولتك شيئًا إطلاقًا، فقط استحضِرِ النيةَ لله في أنك تُريد الحفاظ على بيت مسلم يقوم على تعاليم الإسلام.

واللهَ أسأل أن يُصلِحَ لك زوجتك، ويقر عينك، ويجمع بينكما على خيرٍ، ويعود الهدوء إلى عُشِّكما الجميل مرة أخرى.