|
ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() متى تبدأ التربية؟ عماد حجازي الأولاد زينة الدنيا وبهجتُها، وهم أمانة الله لدينا، وفوق ذلك وقبله هم هِبَة الله المنعِم لنا، وصلاح الأبناء هو دعوة الصالحين وغايتهم؛ قال تعالى على لسان زكريا: ﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾ [آل عمران: 38]، وقال أيضًا: ﴿ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ﴾ [الأحقاف: 15]. وقد قيل: نِعَمُ الإلهِ على العباد كثيرةٌ ♦♦♦ وأجلُّهنَّ نجابةُ الأبناءِ ولأن شكر النعمة يكون مِن جنسها؛ أي: رعايتها حق الرعاية، فأداءُ شكر نعمة الأبناء يكون بتربيتهم تربيةً سليمة. إن التربية هي عملية بناء الطفل شيئًا فشيئًا إلى حد الكمال الإنساني، وهي واجب ديني؛ قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6]. قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "قوا أهليكم نارًا: علِّموهم وأدِّبوهم". قال الحسن: "يأمرهم وينهاهم، فيعلمهم الحلال والحرام، ويجنِّبهم المعاصي والآثام، إلى غير ذلك من الأحكام". قال السمرقندي: "قوا أهليكم نارًا؛ أي: بتعليمهم ما يُنجيهم منها". قال البيضاوي: "قوا أهليكم نارًا: بالنصح والتأديب". إن كثيرًا من الآباء والأمهات يبتهجون بالطفل ويلاعبونه ويدللونه، ولا ينتبهون لتربيته إلا مع ظهور أول مشكلة، التي ربما تكون في سن الخامسة أو السابعة أو التاسعة، وبعضهم ينتبه مع دخول طفله مرحلة المراهقة في الثانية عشرة، وهنا يكون ضاع حظٌّ عظيم من التربية، فقد كبر الغصن الغض، وصار شجرة تستعصي على التقويم! إن الغرس له مواسم، فإذا فات الموسم فاتتك الفرصةُ أن يخرج ما تغرسه قويًّا سليمًا معافًى؛ لأنه إذا غرستَه في غير موسمه، خرج ضعيفًا هزيلًا هشًّا. والسؤال هنا هو: إذا أردتُ ولدًا يكون قرة عين لي، وأردتُ تربيتَه، فمتى تبدأ التربية؟ يُذكر أن الإمام العابد سهلًا التستري كان يتعهد ولده وهو في صلبه، فيباشر إلى العمل الصالح رجاءَ أن يرزقه الله الولد الصالح، وكان يقول: "إني لأرعى أولادي قبل أن يُخرجهم الله إلى الدنيا". ويُحكى أن رجلًا ذهب إلى أحد العلماء يسأله: كيف تكون التربية؟ فسأله العالم: كم عمر ابنك الآن؟ فقال: أربعة أشهر، فقال العالم: لقد فاتَتْك التربية! والمقصود هنا أن تربية الأولاد تبدأ مبكرًا، قبل الإنجاب، بل وقبل الزواج. إن تربية الأولاد تبدأ بـ: • صلاح الوالد ودعائه ورجائه من الله تعالى أن يرزقه ذرية صالحة، فهو دعاء الأنبياء والصالحين: ﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [الصافات: 100]. ﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾ [آل عمران: 38]. ﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ﴾ [الفرقان: 74]. • اختيار الزوجة الصالحة واختيار الزوج الصالح، فمن المعلوم أن اختيار الأم الصالحة من حقوق الأبناء على الآباء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تخيَّروا لنُطَفكم، وانكحوا الأكْفاء، وأنكحوا إليهم))؛ رواه ابن ماجه. وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم: ((اختاروا لنطفكم المواضع الصالحة))؛ رواه الدارقطني. وقال أبو الأسود الدُّؤلي لبنيه: "قد أحسنت إليكم صغارًا وكبارًا وقبل أن تُولدوا، قالوا: وكيف أحسنتَ إلينا قبل أن نُولَد؟ قال: اخترتُ لكم الأم من لا تُسَبُّون بها". • وبعد الزواج وحتى يأذن الله بالحمل، يكون من تربية أولادنا دوام الذكر وتلاوة القرآن، وتحرِّي الرزق الحلال، فلا يدخل للجنينِ طعامٌ حرام، وتبعد الأم نفسها عن التوتر والقلق؛ فلقد أُثبِت أن الجنين يتأثر بما تتأثر به الأم. • وبعد أن يولد وخلال السنة الأولى، يبدأ الرضيع في الوعي تدريجيًّا، وهنا يكون قد برز لنا متربٍّ جديد في المنزل، نبدأ نمارس عليه عملية التربية؛ من تكوين سلوكيات، وغرس قيم، وملاعبة وملاطفة، وهنا ننبه إلى أمر خطير يغفل عنه الكثير من الآباء والمربِّين، وهو أن 80 % من القِيم التي يحيا بها الإنسان في حياته يتم تشكيلها في السنوات الخمس الأولى من العمر! فلنستعدَّ ولننتبه جيدًا، فإن ما يدخل مع اللبن لا يخرج إلا مع النَّفَس. إذا قلنا: إن مَحاور التربية هي المربي والمتربي والبيئة، ولكي تنجح التربية لا بد من تكامل هذه العناصر الثلاثة والعمل عليها جميعًا - فيجب علينا أن نعمل على تهيئة المربي والبيئة، إلى أن يصل المتربي ويعي، وحينها نبدأ نلقِّنه ونعلِّمه، وندرِّبه ونربِّيه. منطلقات في تربية الأبناء: • التربية مسؤولية الوالدين معًا. • التربية من جنس الدعوة إلى الله؛ فأنت في عبادة. • التربية لا بد أن تكون شاملة، متوازنة، مستمرة. • التربية ميماتها أربع: (المنزل، المسجد، المدرسة، المجتمع)، لكنَّ آكَدَها جميعًا هو المنزل. • صلاح الوالدين سرٌّ من أسرار النجاح في التربية. • لتكن نيتك في التربية مثمرة، بمعنى أنك تؤدي الواجب الشرعي، وأن تحصِّل الأجر والمثوبة، وأن ترى ثمرتها في الدنيا تعميرًا للأرض وصلاحًا. • التربية السليمة هي أنجع الطرق لتغيير حال الأمة، نعم هي طويلة الأمد، لكنها عميقة الأثر. • التربية بناء، وأهمُّ ما في البناء الأساس، وأهم في الأساس أن يكون على تقوى من الله، ﴿ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [التوبة: 109]. • التربية ليست موروثًا توارثناه قد فات زمانه، ولا اجتهادات تَحتمل الصواب والخطأ، ولا مجرد ثقافة نتنظر بها؛ إنما التربية علم وتدريب ومهارة، إلى جانب كونها رسالة ومسؤولية. • لن تنجح في التربية إلا إذا اعتبرت أن ابنك هو استثمارك، فهو أثرٌ بعد مماتك، وعمر بعد عمر، ورفيق في الجنة بإذن الله تعالى.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |