|
ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
حوارٌ على صفيحٍ ساخنٍ
حوارٌ على صفيحٍ ساخنٍ هناء الحمراني بدأ النقاش بحلم مستقبلي.. وانتهى بِكَابوسٍ حقيقيٍ! تدور الحوارات بين الأزواج كنوعٍ مِنَ التواصل والتفاعل.. وهي مؤشِّرٌ إيجابي لوجود روحٍ في جسد الحب الذي يعيش بينهما، غير أنَّ الحوارات قد تتحوَّلُ في دورانها إلى رحى تطحن جميع الأطراف المشارِكة والمعنية فيه، وقد تُحَوِّلُ الحياة الزوجية إلى رمادٍ اشَّتدَّت به الريح في يوم عاصف، وقد تنتهي بالطلاق! إنَّ الحوار ضروري للتخطيط، وإعطاءِ كلِّ ذي حقٍّ حقَّه، ولتعديل سلوكيات الأبناء، وتطهير القلوب بالعتب والتفاهم حول ما حدث وأسبابه ومبرِّراته، ودراسة مشكلات كلِّ فردٍ مع أسرة الآخر، والمساعدة في اختيار الحلول الملائمة لها ولأي مشكلات أخرى.. غير أنَّ ثقافة الحوار لدينا -كأفرادٍ ومجتمعات- قد تُعاني من القصور أو التشويه؛ فالبعض يرى أنَّ الحوار طريق لإخضاع الآخر، وتسييره وفق هواه، فما أنْ يبدأ الزوجان بالحديث حول موضوع ما؛ حتى نجد أنَّ من يتبنَّى هذه الصورة يقوم بتسييس الحوار لصالحه، وربَّما استخدم سلطته لتحقيق هذا الهدف، أو أساء وجرَّح، وعدَّد المثالب والمعائب التي يرزح تحتها الآخر؛ حتى يَخضعَ مُذعناً خَجِلاً من قصوره أو تقصيره.. وآخرون يرون في الحوار محاولة لإخضاعهم هم لما يريده هذا الآخر! وكأنَّه وسيلة لإذلاله؛ فيرفض الانصياع.. أو التفاهم، ويُفضِّل الحلول المفتوحة، أو التي يقرِّرها هو مهما كانت سيئة، فالمهمُّ في رأيه ألا تكونَ الغلبة للطرف الثاني مهما كانت التضحيات.. وصِنْفُ آخر يرى في الحوار فرصة لإظهار شخصيته المرضية، وإشباع حاجاته في الصراخ واختلاق المشاكل.. أو يرى أنَّ الآخر لا يفتح مثل هذه الحوارات إلا بحثاً عن المشاكل؛ ولذلك يتعمَّد الهجوم لإنهاء الحوار قبل بدئه.. وصِنْفٌ رابع لا يرى في الحوار بأساً، ولكنَّه لا يَثِقُ في قدرات زوجه، ويراه غير مؤهَّل لإبداء رأي أو تكوين وجهة نظر.. وجميع هذه الأصناف لا تُساعد في تكوين حوارٍ زوجيٍّ سليم، خاصةً إذا كان مُحَاوِرُهُ من هذه الأصناف أيضاً.. ومحاولة تغيير الفكرة المشوَّهة للحوار لديهم صعبةٌ للغاية.. فـ(التغيير) بحدِّ ذاته يحتاج إلى جهد، وصراعُ القوي أصبح كابوساً يخاف منه الأزواج، ويرونَ أنَّ أيَّ تنازلٍ لأي سببٍ ولأي مصلحةٍ ما هو إلا ضعف يزيد من قوة شركائهم، ويوسِّع مساحة السيطرة التي يمتلكونها إنْ لم يكونوا قد سلبوه كل ما يملك من صلاحيات! والجدير بالذكر أنَّ صمت الآخر لا يعني ضعفه، بقدر ما قد يعني استياءه من التهميش ومحاولة السيطرة، وهذا ما لا يريده أيُّ زوج وزوجة ينشدان الاحترام المتبادل، والراحة النفسية لشركائهم.. فضلاً عن ذلك فإنَّ اتِّخاذ القرارات هو حق للزوجين، ما لم يصل الأمر إلى النزاع، ومن الجميل أنْ يطَّلع الأزواج على الحقوق الشرعية لكل منهما؛ حتى لا يتماديا في حواراتهما إذا كان الشرع قدْ حسم الأمر وأكَّد الحقَّ لأحدهما، فتسمية المولود مثلاً حق للأبوين، وعندما يحدث الخلاف فإنَّ الحق للأب، والنفقة بالمعروف هي بالتفاهم والتقدير بينهما، ولكن عند حدوث الخلاف فإنَّ النفقة حق للزوجة على زوجها، وهذا الاحتكام يقف أمام الحوارات غير المجدية، ويضع حداً لها بالحلول الشرعية.. وفي هذه الملاحظة دلالة على أهمية الثقافة الدينية، بالإضافة إلى مختلف مجالات الثقافة الأخرى التي تبصِّر الفرد بما له وما عليه من حقوق وواجبات.. وبعيداً عن كل هذا -وحرصاً على عدم السقوط بين حجري رحى الحوار- فإنَّ شيئاً من التنازل والمديح لرأي الآخر، واستخدام عبارات مثل: (أوافقك الرأي).. (جميل جداً).. (ما رأيك لو أضفنا إلى فكرتك كذا وكذا).. (أنت تمتلك قدرة رائعة على تحليل المشكلة).. (أتوقَّع أنَّ الحل هو ما قلته أنت)؛ تجعلُ من قائلها ربَّان السفينة، وقائد الحوار دون أن يشعر شريكه أو يمتعض من ذلك. ومن خلال هذه الطريقة يمكنهما الوصول إلى حلول وأفكار رائعة قد لا تكون رأي هذا أو ذاك، بل مزيجاً بينهما، وقد تنتهي بالكلام كما بدأت بالكلام، والمهم -إنْ لمْ نستطع الوصول إلى حلٍّ- هو ألا نخسر من نحب، وألا نُسيء إليه بسبب خطِّ سير الحوار المتعرِّج..
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |