|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() دليل مرتبة الإحسان د. فهد بن بادي المرشدي قال المصنف رحمه الله: (وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾ [النحل: 128]، وقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ * إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [الشعراء: 217 - 220]، وقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا ﴾ [يونس: 61]. الشرح الإجمالي: (والدليل) على مرتبة الإحسان من القرآن: (قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾، فأثبت الإحسان في قوله: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾، وهذا يشمل مرتبة الإحسان، ومقامي الإحسان، فالمقام الأول: أن تعبد الله كأنك تراه، والمقام الثاني: فإن لم تكن تراه فإنه يراك، (و) الدليل على المقام الثاني، وهو استحضار رؤية الله عز وجل للعبد: (قوله: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ ﴾، والمعنى: اعتمد بقلبك وفوض جميع أمورك إلى من يراك وأنت قائم في صلاتك وعبادته، (و) الذي يرى ﴿ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ﴾؛ أي: تقلبك مع المصلين، والمراد بالتقلب: الركوع والسجود والقيام، فهو معك يسمع ويرى تغير أحوالك في العبادة من قيام وركوع وسجود، فإن توكلت عليه فإنه كافيك، وهذا فيه إثبات رؤية الله عز وجل لعباده؛ (و) دليل آخر على المقام الثاني، وهو: (قوله) تعالى مخطابًا النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ ﴾، يعني: ما تكون في حالٍ من الأحوال، ﴿ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ ﴾؛ أي: وما تتلو من أنواع تلاوتك للقرآن، وأحوال ذلك في الصلاة، وخارج الصلاة، وأنت على جنبك، وأنت قائم، أحوال ذلك، ﴿ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ ﴾، أنت وأمتك، ويشمل عمل القلب وعمل الجوارح وعمل الأقوال، ﴿ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا ﴾، أي: مشاهدين لكم مراقبين لأعمالكم سامعين لأقوالكم، وهذا هو الشاهد من الآية، وهو إثبات شهود الله عز وجل على أحوال العبد، وأنه يراه، وأنه مطلع عليه سبحانه وتعالى، لا تخفى عليه من شؤون العبد خافية، قال: ﴿ إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ﴾ [يونس: 61]، يعني: إذ تدخلون وتشرعون فيه من الأعمال، وهذا فيه تمام شمول علم الله عز وجل، واطلاعه على حال العبد، وهو دليل على المقام الثاني من مقامات الإحسان: (فإن لم تكن تراه فإنه يراك)[1]. الشرح التفصيلي: قال المصنف: (والدليل قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾، فذكر الله جل وعلا هنا معيته للذين اتقوا، ولمن هم محسنون، وهذه المعية تقتضي في هذا الموضع شيئين: الأول: أنه جل وعلا مطلع عليهم، عالم بهم، محيط بأحوالهم، وهذه المعية العامة لكل المخلوقين. والثاني: أنه جل وعلا معهم بتأييده، ونصره، وتوفيقه. وهذه المعية هي المعية الخاصة بالمتقين والمحسنين، وهذا وجه الاستدلال من الآية؛ حيث دلت الآية على أن الله مع المحسنين معية خاصة، وهي معية النصرة والتأييد والتوفيق، وهذا يدل على فضل المحسنين الذين اتقوا الله جل وعلا [2]. ثم ذكر: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ * إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾، وفي هذه الآية ذكر رؤية الله جل وعلا لنبيه حال عبادته، وأنه يراه في جميع أحواله؛ حين يقوم، وتقلُّبَه في الساجدين، وهذا دليل المقام الثاني من ركن الإحسان، وهو قوله: (فإن لم تكن تراه فإنه يراك) [3]، ووجه الدلالة فيها على المقصود: من حيث المعنى الذي حوته؛ حيث إنها حوت معنى الإحسان الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم. وقال أيضاً: (وقوله تعالى ﴿ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ﴾ [يونس: 61]، ووجه الاستدلال هنا: قوله تعالى: ﴿ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ﴾، وشهود الله جل وعلا بما يعمله العباد من معانيه: رؤيته جل وعلا لهم، فالله جل وعلا شهيد عليهم، يرى أحوالهم على تفصيلاتها، فيرى أعمالهم، ويسمع كلامهم، ويبصر أعمالهم جل وعلا، وهذا الاستدلال ظاهر؛ لأن الإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تراه فإنه يراك[4]، فالأدلة على مرتبة الإحسان التي أوردها المصنف، منها: التصريح بمدح المتصف به في الآيتين الأوليين في قوله: (وهو محسن)، وقوله: ﴿ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾، ومنها: التصريح بمقام المراقبة في الآيتين الأخيرتين في قوله: ﴿ الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ ﴾، وقوله: ﴿ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ﴾؛ أي: إذ شرعتم تعملون فيه ودخلتم به، وفي بعض نسخ رسالة "ثلاثة الأصول" زيادة: (وقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 3]، ووجه الدلالة من هذه الآية على مرتبة الإحسان هو ذكر التوكل المشتمل على تفويض الأمر إلى الله، وإنما يفوض الأمر إلى الله من عبَدَه مشاهدًا أو مراقبًا، فإنه إن لم يكن عابدًا لله على مقام المشاهدة أو المراقبة، لم يكن مفوضًا أمره إليه عز وجل، وهذه هي حقيقة الإحسان، فبان وجه دلالة الآيات على هذه المرتبة [5]، وكل هذه الآيات تدل على مقام الإحسان، وأن الله سبحانه وتعالى يرى عبده في جميع أموره، وفي جميع أحواله، فهو حاضر يسمع كلام العبد ويرى مكانه، ويعلم سره وعلانيته، فإذا استحضر العبد ذلك كان من أسباب إقباله على ربه، وصدقه في عبادته، وتكميله للعبادة، والمؤمن يؤمن بأن الله جل وعلا يراه ويشاهده، ولكن فرق بين الإيمان بهذا الأمر، وبين الشعور به واستحضاره [6]. [1] ينظر: شرح ثلاثة الأصول، صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ (169)؛ وحصول المأمول بشرح ثلاثة الأصول، عبدالله بن صالح الفوزان (142). [2] ينظر: شرح ثلاثة الأصول، صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ (169)؛ وشرح الأصول الثلاثة، صالح بن فوزان الفوزان (225)؛ وحصول المأمول بشرح ثلاثة الأصول، عبدالله بن صالح الفوزان (141). [3] شرح ثلاثة الأصول، صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ (170). [4] المصدر السابق. [5] تعليقات على ثلاثة الأصول، صالح بن عبدالله العصيمي (42). [6] شرح الأصول الثلاثة، عبدالرحمن بن ناصر البراك (34).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |